عرض مشاركة واحدة
قديم 2012- 4- 23   #3
هيبة وجودي
متميزه في ملتقى التعليم عن بعد - الدراسات الاسلاميه
 
الصورة الرمزية هيبة وجودي
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 69103
تاريخ التسجيل: Sat Jan 2011
المشاركات: 2,271
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 62644
مؤشر المستوى: 138
هيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to all
بيانات الطالب:
الكلية: الاداب
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات اسلامية
المستوى: المستوى السابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
هيبة وجودي غير متواجد حالياً
رد: محتوى غقيدة 2 جهد ام افنان

المحاضـرة السادسة
تابع العلاقة بين الإيمان والإسلام
عناصر المحـــاضرة :
1 ـ القول الثاني: أن مسمى الإيمان والإسلام واحد .
2 ـ أدلة هذا القول .
القول الثاني: أن مسمى الإيمان والإسلام واحد :
القول الثاني: أن مسمى الإيمان والإسلام واحد : وممن نقل عنه ذلك الإمام البخاري ، وابن عبد البر وقال:
(أكثر أصحاب مالك على أن الإسلام والإيمان شيء واحد) ، وقال أيضاً:
(وعلى القول بأن الإيمان هو الإسلام، جمهور أصحابنا وغيرهم من الشافعية والمالكية ، وهو قول داود وأصحابه، وأكثر أهل السنة والنظر، المتبعين للسنة والأثر)ـومن أبرز أدلتهم على قولهم :
أولا :قول الله عز وجل: (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) أي غير بيت منهم .
ثانيا : قول ابن عبد البر : إن الإيمان الذي دعا الله العباد له، وافترضه عليهم هو الإسلام الذي جعله ديناً، وارتضاه لعباده، ودعاهم إليه، وهو ضد الكفر الذي سخطه، فقال:
القول الثاني: أن مسمى الإيمان والإسلام واحد :
(ولا يرضى لعباده الكفر) ، وقال: (ورضيت لكم الإسلام ديناً). وقال: (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه) .
فمدح الله الإسلام بمثل ما مدح به الإيمان، وجعله اسم ثناء وتزكية، فأخبر أن من أسلم فهو على نور من ربه وهدى، وأخبر أنه دينه الذي ارتضاه .
ـ ألا ترى أن أنبياء الله ورسله، سألوه إياه :
ـ فقال إبراهيم خليل الرحمن وإسماعيل ذبيحه: (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) .
ـ وقال يوسف: (توفني مسلماً وألحقني بالصالحين) .
ـ وقال تعالى: (وقل للذين أوتوا الكتاب والأمين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا).
ـ وقال في موضع آخر: (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم) إلى قوله
القول الثاني: أن مسمى الإيمان والإسلام واحد :
(ونحن له مسلمون فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا) .
فحكم الله بأن من أسلم، فقد اهتدى، ومن آمن فقد اهتدى ، وبذلك سوَّى بين الإيمان والإسلام ) .
ومقصود الإمام هنا: أن مسمى الإيمان والإسلام واحد لما يأتي :
ـ أن الله عز وجل مدح الإسلام بمثل ما مدح به الإيمان .
ـ أخبر أنه دينه الذي ارتضاه .
ـ أمر أهل الكتاب والأمين بالإسلام كما أمرهم بالإيمان.
ـ أخبر أن الرسل والأنبياء، دعوا إلى الإسلام، وسألوه إياه .
فلابد أن يكون كل مسلم مؤمناً.
القول الثاني: أن مسمى الإيمان والإسلام واحد وأدلته :
ثالثا : قال الله عز وجل:
ـ (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) والعبادة هي الصلاة والزكاة وغيرهما .
ـ وقال: (إن الدين عند الله الإسلام) .
فالصلاة والزكاة من الإيمان، وقد سماها الله ديناً، وأخبر أن الدين عند الله الإسلام، فقد سمى الله الإسلام بما سمى به الإيمان، وسمى الإيمان بما سمى به الإسلام، وبمثل ذلك جاءت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم ..
القول الثاني: أن مسمى الإيمان والإسلام واحد :
رابعا :قالوا : ومما يدلل على تحقيق قولنا ، الحديث الذي روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويثبتونه أن الله يقول:(أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقالُ خردلة من إيمان، ومثقالُ برة، ومثقالُ شعيرة).
فقد أخبر الله - تبارك وتعالى - أن في قلوبهم إيماناً، وأخرجوا به من النار، وهم أشر أهل التوحيد، الذين لا يزول عنهم اسم الإسلام، وليس في قلوبهم إيمان يستوجب الخروج من النارودخول الجنة .
ومقصودهم هنا الرد على من أخرج أهل الكبائر من الإيمان، وقال: إنهم مسلمون وليسوا بمؤمنين، فيقال لهم: كيف تنفون عنهم الإيمان مع إثباتكم أن من في قلبه ذرة من إيمان - من أهل الكبائر - يخرج من النار؟ .
إذاً هذا يثبت أن مسمى الإيمان والإسلام واحد فلم ينتف عنهم إطلاق الإيمان وهم أدنى المسلمين ، إذ من يخرج من النار فلابد أن يكون مسلماً مؤمناً ولا فرق.
القول الثاني: أن مسمى الإيمان والإسلام واحد :
خلاصة الترجيح بين ما سبق:
الرأي الراجح كما يتضح من العرض السابق أن مسمى الإيمان يختلف عن مسمى الإسلام وذلك للأدلة التالية:
1 ـ أن أصل الإيمان التصديق، والخضوع والانقياد تابع، وأصل الإسلام الخضوع والانقياد، ومنه الأركان الخمسة، لذلك نجد في أكثر النصوص إطلاق الإيمان على الباطن، والإسلام على الظاهر، ومن ذلك حديث جبريل عليه السلام المشهور.
2 ـ لم يرد في النصوص الوعد بالجنة على الإسلام المطلق، كما في الإيمان المطلق.
3 ـ لم يرد في النصوص أن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله (قول القلب)، يدخل في مسمى الإسلام، كما ورد في دخول أعمال القلب والجوارح في الإيمان، وإن كان يلزم الإسلام جنس تصديق.
4 ـ لا يعرف في النصوص نفي الإسلام عمن ترك شيئاً من الواجبات، أو فعل الكبائر كما ورد في الإيمان.
القول الثاني: أن مسمى الإيمان والإسلام واحد :
ـ ومما سبق نعلم أن الأدلة صريحة في اختلاف مسماهما، ومع ذلك فهناك استعمالات وحالات تجعلهما يتفقان ومن ذلك:
أ ـالإيمان الكامل، لابد أن يكون معه إسلام كامل، أما الإسلام الكامل فلا يلزم منه الإيمان الكامل ولكن لابد أن يكون معه أصل الإيمان.
ب ـ يمكن أن يقال إن المسلم الممدوح هو المؤمن الممدوح، وذلك كمدح الأنبياء بالإسلام .
ج ـ كما يشتركان في الخطاب بالإيمان أمراً أو نهياً من أحكام وحدود ومواريث وغيرها، لأن الخطاب بالإيمان يشمل كل الداخلين فيه سواء كان معهم أصل الإيمان أو كماله .
د ـفي حال الافتراق يكون معناهما واحد، وعند الاجتماع يفترقان في المعنى .والله أعلم .


المحاضرة السابعة
حــكم مرتكب الكبيرة
عناصر المحـــاضرة

عناصر المحـــاضرة :
ـ من أقوال الناس في حكم مرتكب الكبيرة .
ـ قول أهل السنة في مرتكب الكبيــرة .
ـ أدلة أهل السنة على حكم مرتكب الكبيرة .
من أقوال الناس في حكم مرتكب الكبيرة
ـ من أقوال الناس في حكم مرتكب الكبيرة :
إن بـابَ التكفير وعدَم التكفير ، بابٌ عَظُمَت فيه الفتنةُ والمحنة، وكثُرَ فيه الافتراق ، وتشـتَّتـت فيـه الأهواءُ والآراءُ، وتعارضَـت فيـه دلائِلُ الناس، فالنـاسُ فيـه علـى طرفـين ووسـط:
ـ فالمرجئة يقولون:
لا يضرُّ مع الإيمـان ذنـبٌ، كمـا لا ينفـع مـع الكفـر طاعـة. فهـؤلاء في طـرَفٍ، والخوارج في طرَف مناقض ، فإنهم يقولون: نكفِّرُ المسلمَ بكل ذنبٍ كبير.
ـ والمعتزلةُ يقولون: يَحبَطُ إيمانُهُ كُلُّه بالكبيرَةِ، فلا يبقى مَعَهُ شيءٌ من الإيمانِ ويخرج منه ولكن لا يدخل في الكفر، وهو في منزلة بين المنزلتين ، وبقولهم بخروجه من الإيمان أوجبوا له الخلودَ في النارِ .
ـ والخوارج يقولون: يخرجُ مِنَ الإيمان ويدخُلُ في الكفر .
فالمعتزلة موافقون للخوارج هنا في حكم الآخرة على أن مركب الكبيرة مخلد في النار ، لكن قالت الخوارج نسميه كافرا ، وقالت المعتزلة نسميه فاسقا ، فالخلاف بينهم لفظي فقط .
وقول المرجئة والخوارج والمعتزلة باطل فاسد ، ومن خلال حجج أهل السنة وأدلتهم يظهر بطلان قولهم .

ـ قول أهل السنة في مرتكب الكبيــرة
ـ قول أهل السنة في مرتكب الكبيــرة :
وأهل السنة على أن مرتكب الكبيرة لا يكفر ، ولا يخلد في النار إذا مات موحدا ولم يستحل .
جاء في الطحاوية قوله :
(إن المجمع عليه أن أَهْلَ قبلَتنَا مُسلمين مؤمنينَ، ما داموا بما جاءَ بهِ النبيُّ e مُعتَرِفينَ، ولَهُ بِكُلِّ ما قالَهُ وأخبرَ مُصَدِّقين) ، وقال رحمه الله :
( وأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا يخلدون، إذا ماتوا وهم موحدون، وإن لم يكونوا تائبين بعد أن لقوا الله عارفين مؤمنين، وهم في مشيئته وحكمه: إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله، كما ذكر عز وجل في كتابه:
( وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) ،وإن شاء عذبهم في النار بعدله، ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته ، يقول رحمه الله: ( وأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا يخلدون )، أهل الكبائر أي: أصحابها المقارفون لها، الواقعون فيها.
ـ قول أهل السنة في مرتكب الكبيــرة
والكبائر جمع كبيرة، والكبيرة هي : الذنوب التي ورد في الشرع عليها حد أو ذكرت لها عقوبة في الآخرة، أو ختم لصاحبها بغضب أو **** أو تبري .
فكل ما ورد فيه حد أو وعيد خاص فإنه من الكبائر، مثل الزنا والسرقة والغيبة والنميمة والغش والحقد والحسد والكبر، والكلام على أهل هذه الذنوب الواقعين فيها المقارفين لها الذين لم يتوبوا منها، أما من تاب تاب الله عليه، فالتوبة -ولله الحمد- تجب ما قبلها، وتجعل الإنسان كما لو لم يقع في الذنب، فتمحى الذنوب ولا يسأل عنها، وهذا من فضل الله وعظيم كرمه وواسع إحسانه بعبده أنه إذا تاب تاب عليه.
والتوبة ليس لها حد ولا منتهى، بل الله جل وعلا يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ما لم يبلغ الإنسان الغرغرة أو تخرج الشمس من مغربها، عند ذلك يوصد باب التوبة.
ومعنى ( لا يخلدون) أي: لا يبقون فيها بقاء أبدياً، الخلود المنفي هنا هو خلود البقاء الذي لا خروج معه، واعلم أن الخلود نوعان: خلود بمعنى طول البقاء في النار، وهذا قد يكون لبعض أهل الكبائر من أهل الإسلام.
والقسم الثاني من الخلود: الخلود الذي لا خروج منه؛ فهو بقاء أبدي سرمدي لا ينقطع.
ـ قول أهل السنة في مرتكب الكبيــرة
وهذا لا يكون إلا لأهل الكفر والشرك.
ومن الخلود الأول: خلود قاتل النفس؛ فإن الله سبحانه وتعالى توعده بالخلود فقال:
( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ) ، فالخلود في هذه الآية هو الخلود الذي بمعنى طول المكث لا الخلود الذي لا خروج معه؛ فإن النصوص قد دلت على أن المسلم المؤمن الذي يقول: لا إله إلا الله مآله إلى الجنة مهما أذنب، فمن كان من أهل التوحيد والإخلاص ودخل النار، فلا بد أن يخرج .
وقد تواترت النصوص الدالة على عدم كفر مرتكب الكبيرة، وعدم خلوده في النار إن دخلها، ما لم يستحل، وهذا من الأصول الاعتقادية المجمع عليها بين أهل السنة .
أدلة أهل السنة على حكم مرتكب الكبيرة
أدلة أهل السنة على حكم مرتكب الكبيرة : استدل أهل السنة على عدم كفر مرتكب الكبيرة وعدم خلوده في النار بأدلة كثيرة منها :
الدليل الأول: نصوص تدل على أن من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، وعلى أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ومنها:
1 ـ قوله تعالى:
(إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (فحكم بأن الشرك غير مغفور للمشرك، يعني إذا مات غير تائب منه لقوله: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) مع آيات غير هذه تدل على أن التائب من الشرك مغفور له شركه، فثبت بذلك أن الشرك الذي أخبر الله أنه لا يغفر: هو الشرك الذي لم يتب منه، وأن التائب مغفور له شركه، وأخبر أنه يغفر: ما دون الشرك لمن يشاء، يعني لمن أتى ما دون الشرك، فلقي الله غير تائب منه .
أدلة أهل السنة على حكم مرتكب الكبيرة
2 ـومنها قوله - صلى الله عليه وسلم – في رواية أبي هريرة:" أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة ".
3 ـ وحديث معاذ المشهور وفيه قوله صلى الله عليه وسلم " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً " .
4 ـ وروى مسلم من حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم ".. ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئاً لقيته بقرابهامغفرة " .
قال الإمام ابن رجب " فمن جاء مع التوحيد بقراب الأرض، وهو ملؤها أو ما يقارب خطايا لقيه الله بقرابها مغفرة، لكن هذا مع مشيئة الله عز وجل، فإن شاء غفر له، وإن شاء أخذه بذنوبه ثم كان عاقبته أن لا يخلد في النار بل يخرج منها ثم يدخل الجنة “.
أدلة أهل السنة على حكم مرتكب الكبيرة
الدليل الثاني: نصوص فيها التصريح بعدم دخول الموحد النار أو خلوده فيها - إن دخل - مع تصريحها بارتكابه الكبائر ومنها:
1 ـ حديث أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أتاني جبريل عليه السلام فبشرني أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة قلت: وإن زنى وإن سرق قال: وإن زنى وإن سرق " .
قال النووي رحمه الله: " وأما قوله صلى الله عليه - وإن زنى وإن سرق فهو حجة لمذهب أهل السنة أن أصحاب الكبائر لا يقطع لهم بالنار، وأنهم إن دخلوها أخرجوا منها وختم لهم بالخلود بالجنة).
2 ـ حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال: " تبايعوني على ألا تشركوا بالله شيئاً، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب شيئاً من ذلك فعوقب به فهو كفارة له، ومن أصاب شيئاً من ذلك فستره الله عليه، فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإنشاء عذبه " .
أدلة أهل السنة على حكم مرتكب الكبيرة
قال النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم " ومن أصاب شيئاً من ذلك " إلى آخره المراد به ما سوى الشرك وإلا فالشرك لا يغفر له " ثم ذكر من فوائد الحديث (الدلالة لمذهب أهل الحق أن المعاصي غير الكفر لا يقطع لصاحبها بالنار إذا مات ولم يتب منها، بل هو بمشيئة الله تعالى إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه ) .
الدليل الثالث: نصوص فيها التصريح ببقاء الإيمان والأخوة الإيمانية مع ارتكاب الكبائر ومنها :
1 ـ قوله تعالى :
(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ) .

أدلة أهل السنة على حكم مرتكب الكبيرة
استدل أهل السنة بهاتين الآيتين على أن المؤمن لا يكفر بارتكابه الكبائر، لأن الله - عز وجل - أبقى عليه اسم الإيمان مع ارتكابه لمعصية القتل ووصفهم بالأخوة وهي هنا أخوة الدين.
2 ـ قوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء) الآية .
قال ابن الجوزي:
(دل قوله تعالى (من أخيه) على أن القاتل لم يخرج من الإسلام) ، واستدل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بهذه الآية على أن الأخوة الإيمانية ثابتة مع ارتكاب المعاصي.
أدلة أهل السنة على حكم مرتكب الكبيرة
الدليل الرابع: شرع الله - عز وجل - إقامة الحدود على بعـض الكبائر:
لعل هذا من أقوى الأدلة على فساد مذهب من يكفر مرتكب الكبيرة ،إذ لو كان السارق والقاذف وشارب الخمر، والمرتد سواء في الحكم لما اختلف الحد في كل منها، قال الإمام أبو عبيد رحمه الله :
(ثم قد وجدنا الله - تبارك وتعالى - يكذب مقالتهم، وذلك أنه حكم فيالسارق بقطع اليد، وفي الزاني والقاذف بالجلد، ولو كان الذنب يكفر صاحبه ما كان الحكم على هؤلاء إلا بالقتل لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من بدل دينه فاقتلوه).
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (بل القرآن والنقل المتواتر عنه، يبين أن هؤلاء لهم عقوبات غير عقوبة المرتد عن الإسلام، كما ذكر الله في القرآن جلد القاذف والزاني، وقطع يد السارق، وهذا متواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كانوا مرتدين لقتلهم) .
أدلة أهل السنة على حكم مرتكب الكبيرة
الدليل الخامس: نصوص صريحة في خروج من دخل النار من الموحدين بالشفاعة وبغيرها:
وهذا – أيضاً – من الأدلة الواضحة على عدم كفر مرتكب الكبائر وعدم خلوده في النار، إذ لو كان كافراً لما خرج من النار. والأدلة في هذا بلغت مبلغ التواتر، ونقل التواتر جمع من العلماء منهم الإمام البيهقي وابن تيمية في الإيمان الأوسط ، وابن أبي العز الحنفي في الطحاوية ، وأحاديث الشفاعة المصرحة بخروج الموحدين من النار قاطعة في معناها بالإجماع، وهي قاطعة في ألفاظها.. لورودها عن عشرين صحابياً أو تزيد في الصحاح والسنن والمسانيد، وأما شواهدها بغير ألفاظها فقاربت خمسمائة حديث .
ومن هذه الأحاديث:1 ـ حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: " يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير " وفي رواية " من إيمان " مكان "من خير" .
أدلة أهل السنة على حكم مرتكب الكبيرة
2ـ ومن ذلك أحاديث شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم – في أهل الكبائر الذين دخلوا النار أن يخرجوا منها فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" لكل نبي دعوة مستجابة، فتَعجَّل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً ” .
3 ـ ومن الأحاديث في هذا الباب حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال:
" يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون في نهر الحيا – أو الحياة - فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية ”.
إلى غير ذلك من الأحاديث الصريحة التي تثبت صحة حكم أهل السنة في مرتكب الكبيرة ، وفساد رأي غيرهم .

المحاضرة الثامنة
الولاء والبراء وعلاقتهما بالإيمان
عناصر المحـــاضرة

عناصر المحـــاضرة :
ـ التعريف بالولاء والبراء .
ـ الفرق بين المداهنة والمداراة وأثرهما على الولاء والبراء .
ـ علاقة الولاء والبراء بالإيمان .
ـ نماذج من الولاء والبراء .
ـ هل يدخل في الموالاة معاملة الكفار في الأمور الدنيوية ؟
ـــ من صور الموالاة التي تناقض الإيمان .
التعريف بالولاء والبراء ... والفرق بين المداهنة والمداراة وأثرهما على الولاء والبراء
أولا : التعريف بالولاء والبراء :
الــولاء : مصدر وَلِيَ بمعنى قرب منه ، والمراد به هنا : القرب من المسلمين بمودتهم ، وإعانتهم ، ومناصرتهم على أعدائهم والسكنى معهم .
والـبراء : مصدر بَرى ، بمعنى قطع ، ومنه بَرَى القلم بمعنى قطعه ، والمراد هنا : قطع الصلة مع الكفار ، فلا يحبهم ، ولا يناصرهم ، ولا يقيم في ديارهم إلا لضرورة .
الفرق بين المداهنة والمداراة وأثرهما على الولاء والبراء :
المداهنة : هي ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومصانعة الكفار والعصاة من أجل الدنيا والتنازل عما يجب على المسلم من الغيرة على الدين .
ومثاله : الاستئناس بأهل المعاصي والكفار ومعاشرتهم وهم على معاصيهم أو كفرهم ، وترك الإنكار عليهم مع القدرة عليه .
قال الله تعالى :
( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ . كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ . تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) .

والفرق بين المداهنة والمداراة وأثرهما على الولاء والبراء
أما المداراة : فهي درء المفسدة والشر بالقول اللين ، وترك الغلظة أو الإعراض عن صاحب الشر إذا خيف شره أو حصل منه أكبر مما هو ملابس له .
مثاله : الرفق بالجاهل في التعليم ، وبالفاسق في النهي عن فعله وترك الإغلاظ عليه ، والإنكار عليه بلطف القول والفعل ولا سيما إذا احتيج إلى تأليفه .
وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها ، ( أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال : بئس أخو العشيرة . وبئسابن العشيرة، فلما جلس تطلق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في وجهه وانبسط إليه ، فلما انطلق الرجل قالت عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله حين رأيت الرجل قلت كذا وكذا ، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه . فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : يا عائشة متى عهدتني فحاشًا ، إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره ) ، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم دارى هذا الرجل لما دخل عليه مع ما فيه من الشر لأجل المصلحة الدينية ، فدل على أن المداراة لا تتنافى مع الموالاة إذا كان فيها مصلحة راجحة من منع الشر والتأليف أو تقليل الشر وتخفيفه .
علاقة الولاء والبراء بالإيمان
وهذا من مناهج الدعوة إلى الله تعالى ، ومن ذلك مداراة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم للمنافقين في المدينة خشية شرهم وتأليفًا لهم ولغيرهم .
ـ وهذا بخلاف المداهنة فإنها لا تجوز إذ حقيقتها مصانعة أهل الشر لغير مصلحة دينية وإنما من أجل الدنيا .
ـ علاقة الولاء والبراء بالإيمان :
يرتبط الولاء والبراء بالإيمان ارتباطا وثيقا ، فهو دليل إيمان المؤمنين ، وشرط صحة قصد المحسنين ، وفيما يأتي نوجز هذه العلاقة في محورين رئيسين ، هما :
الأول : الولاء والبراء من حقوق التوحيد ، والتوحيد أصل الإيمان :
يجب على المسلم أن يوالي في الله وأن يعادي في الله وأن يحب في الله ، وأن يبغض في الله ، فيحب المسلمين ويناصرهم ويعادي الكافرين ويبغضهم ويتبرأ منهم . قال تعالى في وجوب موالاة المؤمنين : قال تعالى :
( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) .

علاقة الولاء والبراء بالإيمان
ـ وقال : ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) .
ـ وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) .
ـ وقال تعالى : ( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْعَشِيرَتَهُمْ ) .
ويتضح من هذه الآيات الكريمات ، وجوب موالاة المؤمنين ، وما ينتج عن ذلك من الخير ، ووجوب معاداة الكفار والتحذير من موالاتهم وما تؤدي إليه موالاتهم من شر .
الثاني : أن الولاء والبراء أوثق عُرَى الإيمان :
إن للولاء والبراء في الإسلام مكانة عظيمة ، فهما أوثق عرى الإيمان ، ومعناه توثيق عرى المحبة والألفة بين المسلمين ومفاصلة أعداء الإسلام .
وقد روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : ( أوثق عُرى الإيمان ، الموالاة في الله والمعاداة في الله ، والحب في الله والبغض في الله ) .
نماذج من الولاء والبراء

نماذج من الولاء والبراء :
قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام :
( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) .
وقال تعالى في موالاة الأنصار لإخوانهم المهاجرين :
( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .

هل يدخل في الموالاة معاملة الكفار في الأمور الدنيوية ؟
هل يدخل في الموالاة معاملة الكفار في الأمور الدنيوية ؟
دلت النصوص الصحيحة على جواز التعامل مع الكفار في المعاملات الدنيوية كمسائل البيع والشراء والإيجار والاستئجار والاستعانة بهم عند الحاجة والضرورة على أن يكون ذلك في نطاق ضيق وأن لا يضر بالإسلام والمسلمين .
ـ ( فقد استأجر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أرَيْقط هاديًا خِرِّيتًا ) ، والخريت هو الخبير بمعرفة الطريق .
ـ ( ورهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه عند يهودي في صاع من شعير ) ( وأجر علي رضي الله عنه نفسه ليهودية يمتح لها الماء من البئر فمتح لها ست عشرة دلوًا كل دلو بتمرة )
ـ ( واستعان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم باليهود الذين كانوا في المدينة في قتال المشركين ) ، ( واستعان بخُزاعة ضد كفار قريش ) .
وهذا كله لا يؤثر على الولاء والبراء في الله على أن يلتزم الكفار الذين يقيمون بين المسلمين بالآداب العامة ، وأن لا يدعوا إلى دينهم .
من صور الموالاة التي تناقض الإيمان
من صور الموالاة التي تناقض الإيمان ما يلي:
(أ) من أقام ببلاد الكفر رغبة واختياراً لصحبتهم، فيرضى ما هم عليه من الدين، أو يمدحه، أو يرضيهم بعيب المسلمين، فهذا كافر عدو لله ورسوله، لقوله تعالى: ( لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ) .
(ب) من أطاع الكفار في التشريع والتحليل والتحريم، فأظهر الموافقة في ذلك، فهو كافر وخارج عن الملة، وسنورد بعض النصوص القرآنية في هذا الشأن.
يقول تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) .
ويقول عز وجل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ ) .
من صور الموالاة التي تناقض الإيمان
فهذا النوع من الموالاة كان سبباً في ردة أولئك القوم ، يقول القاسمي في تفسيره: -
" ذلك إشارة إلى ما ذكر من ارتدادهم، " بأنهم " أي لسبب أنهم " قالوا " أي المنافقون " الذين كرهوا ما نزل الله " أي اليهود الكارهين لنزول القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم " سنطيعكم في بعض الأمر " أي بعض أموركم، أو ما تأمرون به ، كما أوضح ذلك قوله تعالى: ( أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ ).
فتلك الآية الكريمة قررت أن بعضاً من الطاعة لأولئك الكفار هي ردة عن دين الإسلام، كموافقتهم في عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم، أو المظاهرة على محمد صلى الله عليه وسلم كما جـاء مفصلاً في كتب التفسير ".
ولما استفتي الشيخ يوسف الدجوي مسألة التجنيس الشامل للمعتقدات ، كان من جوابه ما يلي: - " إن التجنس بالجنسية الفرنسية، والتزام ما عليه الفرنسيون في كل شيء حتى الأنكحـة والمواريث والطلاق ومحاربة المسلمين والانضمام إلى صفوف أعدائهم معناه الانسلاخ من جميع شرائع الإسـلام،ومبايعة أعدائه على ألا يعودوا إليه ولا يقبلوا حكماً من أحكامه بطريق العهد الوثيق، والعقد المبرم ” .
من صور الموالاة التي تناقض الإيمان
(ج) من الموالاة العملية التي تناقض الإيمان: التشبه المطلق بهم، أو التشبه بهم فيما يوجب الكفر والخروج عن الملة.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالكفار فقال: - " من تشبه بقوم فهو منهم " .
يقول ابن تيمية عن هذا الحديث:-
" وهـذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله: ( وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ).
فقد يحمل هذا على التشبيه المطلق، فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنه منهم، في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفراً، أو معصية أو شعاراً لهم، كان حكمه كذلك ، وبكل حال يقتضي تحريم التشبه ”.
يقول القاضي عياض: - " وكذلك نكفر بكل فعل أجمع المسلمون أنه لا يصدر إلا من كافر، وإن كان صاحبه مصرحاً بالإسلام مع فعله ذلك كالسعي إلى الكنائس والبيع مع أهلها بزيهم، من شد الزنانير، وفحص الرؤوس، فقد أجمع المسلمون أن هذا الفعل لا يوجد إلا من كافر. "
من صور الموالاة التي تناقض الإيمان
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:-
"من بنى ببلاد الأعاجم، فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة. "
ويعلق ابن تيمية على أثر عبد الله بن عمرو فيقول: - " وهذا يقتضي أنه جعله كافراً بمشاركتهم في مجموع هذه الأمور، أو جعل ذلك من الكبائر الموجبة للنار، فتكون المشاركة في بعض ذلك معصية ”.
(د) من الموالاة العملية التي تناقض الإيمان: - إقامة مؤتمرات وتنظيم ملتقيات من أجل تقرير وحدة الأديان، وإزالة الخلاف العقدي، وإسقاط الفوارق الأساسية فيما بين تلك الديانات، وذلك من أجل توحيد هذه الملل المختلفة على أساس الاعتراف بعقائدهم وصحتها، وقد يطلقون على هذه الوحدة المزعومة بين الديانات الثلاث (الإسلام والنصرانية واليهودية) ما يسمى بالديانة الإبراهيمية، أو الديانة العالمية.
من صور الموالاة التي تناقض الإيمان
وقد نشأت هذه الدعوات المضللة في أحضان التنصير، والصهيونية العالمية ، كما كان للبهائية مشاركة في إيجاد دين يوافق عليه الجميع .
ـ ويأتي " النظام الدولي الجديد " عاملاً رئيساً في إحياء تلك الشجرة الخبيثة، كما هو ظاهر في مثل هذه الأيام القريبة، من كثرة المؤتمرات والملتقيات التي تسعى إلى وحدة و" خلط " الديانات.
إن الدعوة إلى وحدة الأديان كفر صريح، لما تتضمنه من تكذيب للنصوص الصحيحة الظاهرة، والتي تقرر – قطعياً – بأن دين الإسلام الكامل، والذي أتم الله به النعمة، ورضيه لنا ديناً، أنه هو الناسخ لما سبقه من ديانات اعتراها التحريف والتبديل، قال تعالى: ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ).
من صور الموالاة التي تناقض الإيمان
كما أن الدعوة إلى وحدة الأديان فيها إنكار لأحكام كثيرة معلومة الدين بالضرورة، منها:
ـ استحلال موالاة الكفار، وعدم تكفيرهم، وإلغاء الجهاد في سبيل الله تعالى وتوابعه.. الخ.
وقد حرم الله تعالى موالاة الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، فقال سبحانه:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء) .
وخص سبحانه الولاية بقوله تعالى: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ) .
ويقول القاضي عياض: -
" ولهذا نكفر من دان بغير ملة المسلمين من الملل، أو شك، أو صحح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك الإسلام، واعتقده، واعتقد إبطال كل مذهب سواه، فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك“ .
من صور الموالاة التي تناقض الإيمان
ـ وتتضمن دعوة وحده الأديان تجويزاً وتسويغاً لاتباع غير دين الإسلام: وهذا كفر يناقض الإيمان، فمن اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخَضِرُ الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر.
يقول ابن تيمية: -
" ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام، أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر، وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكَفََر ببعض الكتاب" .

التعديل الأخير تم بواسطة هيبة وجودي ; 2012- 4- 23 الساعة 02:01 PM