ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام - محاضرات الشعر العربي الحديث 1+2+...+4+5 إلى آخره تعاوني جميعاً بتنزيل المحاضرات

اللهم صلِ على محمدِ وَآلِ محمد
===
:

لعيوووووووونكم حبوبات ^_^

التأملات النفسية في ديوانِ همس الجفون لميخائيل نعيمة
--
لمْ يفسح المجال لشعر التأملات النفسية في العصرِ الجاهلي بينما انشغل الناس في العصر الإسلامي بعالمهم الروحي وَأخذوا بالتكاليفِ وَالعباداتِ الدينية, فأنصرفوا عن التأملِ النفسي وَفي العصر العباسي يُصبح التصّوف عالماً فكرياً شديد التعقيد وَتكلم الفلاسفة عن الجسد ِ وَالروح وَالميعاد يقول ابن شبل البغدادي:

بربك أيُّهَا الفُلك المُدار ** أقصد ذا المسير أم اضطرار
أهذا الداءُ ليس لهُ دواءُ ** وَهذا الكسر ليس لهُ انجبار

وَلعلّ شاعراً لمْ يكثر من تأمل كُل مامن حوله مثل المتنبي وَفي العصر الحديث اعتنى الشُعراء بتحليل النصوص وَالعواطف مع بدء الإتجاه الرومانسي من هولاء الشاعر عبدالرحمن شكري الذي بدأ في بعض قصائده وَكأنهُ عالم نفسي يُحلل وَيشرح وَيصف الداء ومن هولاء أيضاً الشاعر ميخائيل الذي ولد 1889م تعلم في مدرسة روسية في لبنان , انتقل بعدها لكلية المعلمين , هاجر إلى الوِلايات المُتحدة وَدرس القانون , وَأسس مع جبران وَصحبهُ الرابطة القلمية يشرحُ أفكاره الفنية وَالنقدية في كتابه" الغربال" .
حمل حملةً شعواء على أغراض الشعر التقليدية , طبق مقاييس التحديث على شعره خالي من العنف وَهو في ذلك يفترق عن إيليا وَجبران إنه يضي في الحياة ناعماً راضياً بكل ماقسمت لهُ المقادير يقول :

ذمك الأيام لاينفعك ** فهي لا أُذن لك لاتسمعك
لا وَلاعين ترى عقرباً ** في دياجير الأسى تلسعك
لا وَلاقلبُ يرق وَإن ** جفّ من طول البكا مدمعك

وَكان يرى أن الدُنيا تقوم على الخيرِ وَالشر معاً يقول:

سمعت في حُلمي وَياللعجبِ ** سمعتُ شيطاناً يُناجي ملاك

وَتتكرر الفكرة في شعره يقول:

دخل الشيطان قلبي فرى فيه ملاك
وبلمحِ الطرف مابينهُما اشتد العِراك
ذا يقول البيت بيتي فيعيدُ القول ذاك
وَأنا أشهدُ مايجري وَلا أُبدي حراك

وَقد تمر بشاعرنا لحظات يأس وَشك يقول:

ألقيتُ دلوي بين الدلاء
وَقُلت علّني أحظى بماء
فعادل دلوي مع الدلاء
ليس فيهِ إلاّ الرجاء

وَنحنُ لم نخلق لذوق ثمار الخير الحشلوة وحدها وَإنّما لنتذوق الخيرِ وَ الشر يقول :
أتردى رداء المنونِ ** وَ أداوي الأسى بالظنونْ
كل فكري سوادْ ** كل قلبي سهادْ
كل دَربْي قتاد ** كل عيشي كفاح

لكنهُ لم يلبث أن يندم على ماباح بهِ من هموم وَتعود إليه طمأنينة وَرِضاه يقول:

سقفُ بيتي حديد ** رُكن بيتي حجر
فاعصفي يارياحْ ** وَانتحب ياشجر
واسبحي ياغيوم ** واهطلي بالمطر
واقصفي يارعود ** لستُ أخشى خطر

وَهو في ذلك يصدرُ عن إيمان عميق بعالمِ الروح إنهُ شاعر لهُ أحلام صوفية وَلذلك تطمأن نفسه إزاءِ محن الحياة , وَ تحت كُل هذا الرضا بهذهِ الحياة التي قسمها مبدع الكون بِـشّرها وَخيرها ترزخ الآلآم البشر , إنهُ دائماً يشعر بالرغبةِ في أن ينفلت من الأرضِ إلى عالمهِ الروحي وَيُعلن ذلك في قصيدته آفاقُ القلب يقول :

وَرحتُ أجوب ما أستتر ** من الدُنيا وَماظهر
وَأبحثُ في غبار العـــــ ** ــيش عن خزفِ وَصدف
أراهُ بفكرهِ دُرر

وَهذهِ الطمأنينة تنطوي على القلقِ النفسي يقول في قصيدة التائه:

أيّا خالقي رُحماك ** بيما برت يداك
إنّ لمْ أكن صداك ** فصوتُ من أنا ؟

وَنراهُ يؤمن إيماناً عميقاً بخلودِ الروح يقول:

تناثري تناثري ** يابهجة النظر
يامرقص الشمسِ ** وَياأرجوحة القمر
يارمز فكرِ حائر ** وَرسم روحِ ثائر
تناثري تناثري

وَحتى عندما يأتيهِ الموت الذي لامفّر منه وَلاخلاص يقبلهُ شاعرنا راضياً لأنهُ ينتقل بهِ لحياة أُخرى يقول:

عودي إلى حُضن الثرى ** وَجددي العهودَ
وَأنسي جمالاً قد ذوا ** ماكان يعودَ

فالموت ليس فناء لكنهُ دورة شديدة للحياة فهو يستقبلُ برضا وَسعادة يقول:

غداً أعيدُ بقاء الطين للطينِ ** وَأُطلق الروح من سجنِ التخامين

إن يصدر عن شعور متصّوف الذي لايُرهب مابعد الدُنيا يقول:
والله هو العالم شيء واحد وكل مانراهُ من مظاهر خارجية هي ظواهر الحقيقة واحدة لأبتلى وَيقول:

إيهُ يانفسي
أنت لحنُ فيّ قد رنَّ صَداهْ
وقّعتْك يدُ فَنّانٍ خفِّي لا أره
أنتِ ريحُ وَنسيمُ أنتِ موجُ أنتِ بحرُ
أنتِ برقُ أنتِ رعدُ أنتِ ليلُ أنتِ فجرُ
أنتِ فيضُ من إله .

:

دعواتكم للجميع وَلي بالموفقيه وَهطولِ الخيراتِ ,.

دمتم حبوبات:)