|
سوالف تقنية - كيف تفوقت بعض الشركات على غيرها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في عالم التجارة هناك عدة أفكار واستراتيجيات يلزم معرفتها لخوض المنافسة. لا يكفي فقط أن تكون لديك المعرفة والقدرة المادية.
وهذا ما يفسر تفوق بعض الشركات في أوقات معينة، ثم خبوء نجمها وظهور شركات أخرى، ويكون السبب فكرة بسيطة لم تلتفت لها الشركة القديمة
مثلا شركة مايكروسوفت، كانت هي عملاق التقنية في منتصف التسعينات، بسبب اكتساح منتجها Windows 95 الأسواق وتفوقه (في المبيعات) على Apple Macintosh و Linux
مع أن نظام ماكنتوش نظام مبدع وشركة أبل هي أول من قدم الفأرة للاستخدام في الأجهزة الشخصية، ونظام لينوكس نظام رخيص أو حتى مجاني وفي نفس الوقت قوي جدا جدا وتكاد تكون مشاكله معدومة، وهو النظام المستخدم لدى الشركات في خوادم الاتصال بالإنترنت مثلا، بسبب سرعته وجودته العالية.
إذا مالذي حصل؟ نظام ويندوز كان مليئا بالمشاكل وبطيئا وغالي الثمن لكنه اكتسح المبيعات
السبب هو أن مايكروسوفت راهنت على نقطة وفازت بالرهان، راهنت على سهولة الاستخدام. نظام ويندوز بشكل خاص، وبرمجيات مايكروسوف بشكل عام معروفة بسهولة استخدامها، يُصطلح على هذا المبدأ بـ User Friendly
شعوب العالم كانت حديثة عهد بالتقنية وكان الرهان على السهولة في الصميم
أذكر في بداية الألفية جربت تركيب نسخة من Linux وكانت عملية معقدة، بعدها بعدة سنوات جربت مرة أخرى وكانت أسهل، لكن في كل الأحوال مشكلة هذه الأنظمة هو قلة البرامج المدعومة، على خلاف ويندوز، مما يجعلها مقتصرة على الاستخدام المؤسسي المتخصص
بعد ذلك بقرابة العشر سنوات أو أقل، وبعد تعود الناس على التقنية لم تعد السهولة هي أهم ما يبحث عنه الناس
وهذا ما أتاح المجال لشركات أخرى للظهور بقوة، وهما Google و Apple
شركة أبل اعتمدت على جمال التصميم وقوة الأداء والتقنية المتقدمة فاكتسحت شركة نوكيا في مجال الأجهزة، لكن في مجال أنظمة التشغيل ليس الأمر بهذه السهولة بسبب اعتماد هيكلة الشركات على أنظمة مايكروسوفت، واستبدالها يتطلب الكثير من العمل.
أما شركة قوقل فتفوقت بشكل كبير على شركتي Microsoft و !Yahoo تحديدا في تصفح الإنترنت
قوقل راهنت على نقطة مهمة جدا للناس وفازت بالرهان، راهنت على الخفة والسرعة
في محرك بحث ياهو تظهر الكثير من الإعلانات والروابط والصور التي لم يأتِ المستخدم لرؤيتها، بالإضافة إلى أن الكثير من الدول لديها خدمة انترنت بطيئة، فكانت قوة قوقل هنا، تفتح محرك البحث فيظهر لك شعار قوقل مع خانة البحث مع القليل من الروابط الخفيفة فقط، مما جعل الناس تلجأ له وتترك المحركات الأخرى مما جعلها في طي النسيان، مثل محركات AltaVista و Mamma و Lycos و HotBot بالإضافة إلى Yahoo التي لا تزال موجودة لكن ليس بنفس قوتها السابقة كأشهر محرك بحث.
كما تفوقت قوقل على مايكروسوفت في مجال برنامج التصفح
في السابق كانت هناك عدة متصفحات، مثل Netscape Navigator وغيرهم، ويمكن تركيبهم على الويندوز، لكن سر كثرة استخدام Internet Explorer هو أنه موجود مسبقا في نظام الويندوز فلا حاجة لتركيب متصفح آخر. بالإضافة إلى أنه حتى مع تركيب متصفح آخر فإن Explorer هو الافتراضي حسب إعدادات ويندوز، ولو كتبت عنوان موقع في خانة عنوان الملفات فستتحول الصفحة إلى متصفح Internet Explorer تلقائيا. ولكن تم إزالة هذه الخاصية من النسخ الجديدة لويندوز بسبب مشاكل مع شركات التصفح الأخرى حسب ما سمعت.
هنا كانت مهمة قوقل صعبة، كيف تتفوق على هذا المتصفح على أرضه وفي نظام تشغيله، فكان الرهان ذكيا جدا وتفوق على رهان مايكروسوف السابق
اعتمدت مايكروسوفت في Internet Explorer (كما هو الحال أيضا في برامج Office) على طريقة تشغيل معينة، وهي أنه عند تشغيل البرنامج يتم تحميل جميع القوائم من البداية، وهو ما يسبب البطء الشديد في البرنامج عند بداية التشغيل، لكن القوائم تكون متوفرة وسريعة الوصول للمستخدم أثناء استخدام البرنامج
أما قوقل ففعلت العكس تماما لأنها رأت أنه هو الصحيح، فعند تشغيل Google Chrome تفتح صفحة البداية فقط ولا يتم تحميل القوائم في الذاكرة، مما يجعله سريعا جدا في التشغيل والتصفح
ولا يقوم بتحميل القوائم إلا في حال طلبها المستخدم
يمكن رؤية ذلك عمليا عند القيام بحفظ ملف من الإنترنت، ففي متصفح Internet Explorer تظهر نافذة الحفظ بسرعة لأن النظام قام بتحميلها منذ بداية التشغيل مع القوائم الأخرى، أما متصفح كروم فظهور القائمة يأخذ وقتا أطول لأنها لم تكن محملة في الذاكرة، والفكرة هي أن قوقل رأت ألا تحمل إلا ما يحتاجه المستخدم، فيكون البطء عند طلب القائمة فقط وليس عند كل تشغيل وطوال فترة التصفح.
وجدت نفس النقطة أيضا في برنامج Photoshop، نسخة البرنامج المعدة لنظام ويندوز تأخذ وقتا طويلا جدا في التشغيل بسبب تحميل جميع القوائم أيضا، لكن في إحدى المرات قام أحد أصدقائي بتشغيل البرنامج من جهاز MacBook من شركة Apple فكان التشغيل سريعا جدا وأخذ بضعة ثوانٍ فقط، وكان رأيه أن ذلك بسبب سرعة الجهاز الكبيرة، لكن في اعتقادي أن السبب هو أن نسخة ماكنتوش اعتمدت فكرة قوقل، وهي أنه لا يتم تحميل القوائم إلا عند الطلب، فكان تشغيل البرنامج سريعا جدا مقارنة بنسخة ويندوز.
فالفكرة من ذلك هو أنه من المهم معرفة طبيعة السوق والمؤثرات الخارجية والداخلية لاختيار المنهج الصحيح للدخول في المنافسة والفوز بها وعدم الخوف من الأفكار الجديدة والمختلفة
بقلمي وحسب فهمي القاصر في التقنية
عذرا على الإطالة
وشكرا لكل من مر من هنا 
|