الإنسانة المثالية

[ماجد دودين]

الإنسانية المثالية

* ليتك تصدقني أن مشكلة الفتاة في عصرنا أنها تبحث عن زوج أما مشكلتي أنا أني لا أجد زوجة!!
* ما هذا الهذيان الفلسفي الذي يحمل في طياته بذور غرور قاتل فمن تكون حتى تطلق الأحكام بصورة لا يقوم عليها دليل... أنا أوافقك أن مشكلتك أنك لا تجد زوجة فربما يكون لك رأي خاص في الإنسان التي تريدها رفيقة دربك وشريكة عمرك؛ ولكني لا أوافقك أن مشكلة الفتاة في عصرنا أنها تبحث عن زوج... فالأرض تدور حول الشمس... ولا يمكن أن يحدث العكس فالرجل شاء أم أبى يجب أن يدور في فلك المرأة لأنها الجزء الروحي الجسدي المكمل لدورة حياته وعلى كل صعيد.
* ما تقوله صحيح إلى حد بعيد ولكن الفرق أني أرفض أن أبدا دورة حياتي بفقاعة تنطفئ بعد لحظة أو ومضة من عمر الزمن... أرفض أن أكون مثـل ذلك النحات الأسطوري العجيب الذي لم تعجبه أي فتاة في عصره فأضاع نصف العمر ينحت شكلاً حسياً للإنسانة المثالية التي يهوى ويريد...
 وبعد ما يقرب من ثلاثين عاماً ينجز عمله الدقيق المتقن الرائع... ويدعو الآلهة- كما تقول الأسطورة- أن يتحول هذا الشكل الحجري الجامد إلى كتلة تفيض بالحيوية والحس والحياة... وتستجيب الآلهة لطلبة ويطير فرحاً وينتشي سروراً فقد ظن أنه ملك كل مفاتيح السعادة ولم يكن يعلم ذلك المسكين أنه وإن استطاع أن يصمم الجمال في الجزء الخارجي... في الشكل والمظهر فلم يكن بإمكانه النفاذ إلى الجوهر وإحداث الجمال فيه.. لقد جرت الرياح بما لا تشتهي سفنه... فقد كانت محبوبته "منحوتته" إنسانة شرسة شكسة من المحال أن يعيش معها كائن بشري فما المخرج وكيف الخلاص؟
يدعو الآلهة أن تعود من جديد شكلاً حجرياً جامداً... ويُستجاب لطلبه... ويُحضر كالبرق مطرقة ويضرب التمثال بصورة هستيرية حتى أحاله إلى كومةٍ ترابية هامدة وتلقنه التجربة درساً قاسياً...
ببساطة أنا رجل واحد من رجال هذه الدنيا...
أريد مبدئياً امرأة واحدة من كل نساء هذه الدنيا...
فكيف يجب أن تكون وما هي صفاتها؟
أريدها إنسانة أقبلها أما لابني قبل أن تكون زوجة لي لأن أي إنسانة تصلح أن تكون زوجة ولكن هل كل إنسانة تصلح أن تكون أما؟!
أريدها زوجة وأما تعرف كيف تبني.. كيف تبرني.. تكون الاسم والرمـز واللحن والوطن والحب والنغم والشجن والمودة والرحمة والسكن والحق والخير والجمال والصورة والفكرة والنظرة والقلب والعقل والضمير والسمو والعلياء وكل معاني البراءة والنقاء والعطاء والحياء...
إذا نظرت إليها تسّرني... إذا أمرتها بخير تطيعني...
إذا أقسمت عليها بحق تبرني... وإذا غبت عنها تحفظني في نفسها ومالي...
إن بيت الزوجية مملكة أنا ملكها... مملكة تكليف وتشريف معاً.. ومن حقي أن أبحث عن ملكة مناسبة...
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) سورة الروم

************************************************** *************

[اورجوان]

تسلم يمينك على ما خطته من هذه الابداعات

يعطيك العافية

تحياتي