ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام (https://vb.ckfu.org/index.php)
-   مكتبة الملتقى (https://vb.ckfu.org/forumdisplay.php?f=71)
-   -   القراءة فعل محبة (https://vb.ckfu.org/showthread.php?t=757984)

شَمـس 2016- 6- 17 01:14 PM

القراءة فعل محبة
 

" القراءة فعل محبة " غادة السمان


أعتقد أن الذين أكدوا أن أُسس المعرفة أو الثقافة، أو أية أُسس مهما كانت، تمثلها بالضرورة تلك المؤلفات الكلاسيكية التي نجدها في كل قائمة لـ " أفضل" الكتب، مخطئون بشكلٍ محزن. أنا أعلم أن هناك جامعات عديدة يقوم منهاجها الدراسي برمته على أساس تلك القوائم المُنتقاة.
ورأيي أن على كل إنسان أن يضع أسسه الخاصة به. وإذا كان المرء فرداً مستقلاً فذلك لأنه استثنائي. ومهما كانت المادة التي تؤثر بحيوية في شكل ثقافتنا، فإن على كل إنسان أن يُقرر لنفسه أيّ العناصر منها يُدخلها في نسيج قَدَرَه الخاص. والأعمال العظيمة التي ينقيها أصحاب العقول الأكاديمية تمثل اختياراتهم الخاصة، فمن طبيعة أولئك المثقفين أن يؤمنوا بأنهم مرشدونا وناصحونا المعيّنون. وقد يحدث في الوقت المناسب، إذا ما تُركنا لنستخدم أدواتنا الخاصة، أن نشاركهم وجهات نظرهم. لكن الطريقة الأضمن لدحر تلك النهاية هي إفشاء قراءة القوائم المُنتقاة من الكتب ــ المُسماة بحجارة الأساس. على المرء أن يبدأ بالزمن الذي يعيش. عليه أن يتعرف أولاً إلى العالم الذي يعيش ويساهم فيه. ينبغي ألاَ يخشى قراءة أكثر أو أقل مما ينبغي. يجب أن يتعامل مع قراءاته كما يتعامل مع طعامه أو تمريناته الرياضية. والقارئ الجيد سوف ينجذب إلى الكتب الجيدة. سوف يكتشف من مُعاصريه ما هو الملهم أو المثمر، أو فقط ما هو الممتع، في أدب الماضي. يجب أن يستمتع بالخروج بهذه المكتشفات وحده، وبطريقته الخاصة، إن ما يحتوي قيمة، سحراً، جمالاً، حكمة، لا يمكن ان يضيع أو يُنسى. لكن الأشياء تفقد قيمتها كلها، سحرها، جاذبيتها كلها، إذا جُرَّ المرءُ إليها جراً من شعره. ألم تلاحظ، بعد العديد من معاناة أحزان القلب وخيبة الأمل، أنّك عندما توصي بكتاب لصديق كلما قلّ كلامك عنه كان ذلك أفضل؟ إنكَ لحظة تُغالي في مديح كتاب إنما توقظ النفور عند مَنْ يستمع إليك. على المرء أن يعلم متى يعطي الجُرعة ومقدارها ــ وما إذا كان يجب تكرارها أم لا. وكثيراً ما اُشير إلى أن حكماء الهند أو التيبت يُمارسون منذ عصور بعيدة الفن الراقي في إحباط همم أشد مُريديهم المحتمَلين حماسة. وهذه الاستراتيجية نفسها يمكن أن تطبق في مجال قراءة الكتب. فعندما تُحبط همة أحد بالطريقة الصحيحة، أي، بوضع الغاية الصحيحة في الحسبان، فإنك تضعه على الطريقة الصحيحة بسرعة أكبر. إن المهم في الأمر ليس نوعية الكتب، والتجارب، التي على المرء أن يحصل عليها، بل ما يضع فيها من عنده. إن أحد الأشياء الدقيقة غموضاً في الحياة ما نسميه بالتأثيرات. ولا شك في أن التأثيرات تأتي في ظل قانون الجاذبية. ولكن يجب أن نضع في الحسبان أننا حين ننجذب في اتجاه معين فذلك أيضاً لأننا دفعنا نحو ذلك الاتجاه، ربما دون أن نعلم. ومن الواضح أننا لسنا تحت رحمة كل تأثير يحدث. ولا نحن دائماً على علمٍ بالقوى والعوامل التي تؤثر فينا من فترة إلى أخرى. بعض الأشخاص لا يعرفون أبداً أنفسهم أو الدوافع التي تتحكم في سلوكهم. إنه في الواقع، حال معظم الناس. وبالنسبة إلى آخرين. الحس بالمصير شديد الوضوح، والقوة، بحيث لا يتوفر لهم أيّ خيار: إنهم يحدثون التأثيرات اللازمة لتحقيق غاياتهم. إنني أستخدمُ كلمة " يُحدثون" عمداً، لأنه في أمثلة مُذهلة معينة اضطر الفردُ بالمعنى الحرفي إلى إحداث التأثيرات اللازمة. إننا هنا نقف على أرض غريبة. والسبب الذي حداني إلى تقديم هذا العنصر
المبهم هو أنه، فيما يخص الكتب، وكما هو حال الأصدقاء، والعشاق والمغامرين والمستكشفين، كل شيء مختلط بصورة معقدة. إن الرغبة في قراءة كتاب غالباً ما تحفزها حادثة غير متوقعة على الإطلاق. فأولاً، إن كل ما يحدث لإنسان متجانس. والكتب التي يختار أن يقرأ ليست استثناءً. قد يقرأ
" سيَرْ" بلوتارك أو خمس عشرة معركة عالمية حاسمة" لأن عمة خرفةً
أجبرته على ذلك. وقد لا يقرأها إذا كان يكره هذه العمه.
ومن بين آلاف العناوين التي تمر أمام ناظريه، حتى في وقت مبكر من الحياة، كيف يحدث أن ينقاد نحو مؤلفين معينين وينقاد آخر نحو غيرهم؟ إن الكتب التي يقرأها تحددها شخصية المرء نفسه. فإذا تُرك وحده في غرفة مع كتاب، كتاب واحد، فلن يعني ذلك أنه سيُقُبل على قراءاته لأن ليس لديه شيء أفضل يفعله. فإذا سبب له الكتاب المللَ فسوف يتركه على الرغم من أنه قد يُصاب بالجنون من رغبته في أن يفعل شيء أفضل. بعض الأشخاص، عندما يقرؤون يتكبدون عناء البحث في كل مرجع مُشار إليه في الحاشية السفلية؛ في حين أن آخرين لا يُلقون نظرة واحدة إلى الحاشية السفلية. بعض الأشخاص قد يقومون برحلات شاقة لكي يقرؤوا كتاباً أسرهم عنوانه وحده. إن مغامرات نيقولاس فرمل واستكشافاته فيما يخص سفر إبراهيم اليهودي تشكل صفحة من صفحات الأدب الذهبية كما كنت أقول، إن ملاحظة عابرة يُلقيها صديق ولقاء غير متوقع، وحاشية، ومرض، ووحدة، ومنعطفات غريبة للذاكرة، وألف شيء وشيء يمكن أن يدفع المرء للسعي وراء كتاب. واحياناً يكون المرء عرضة للاقتراحات، والتلميحات، والإشارات كلها. وفي مرات أخرى يتطلب الأمر متفجرات لجعل المرء يقف على قدميه ويتخذ خطوة.
.......
لقد تعلمت شيئاً عن الأسلوب، عن فن الرواية، عن التأثيرات وكيف تولد.
وأفضل شيء، تعلمت أن هناك حقاً لغزاً يكتنف إبداع الكتب الجيدة.
فمثلاً، إن قول إن الأسلوب هو الإنسان، لا يعني أي شيء. حتى عندما نحصل على الإنسان فإننا لا نحصل على أي شيء. إن الطريقة التي يكتب بها الإنسان، ويتكلم بها
ويسير بها، والتي يفعل بها كل شيء، فريدة من نوعها ومبهمة. الشيء الهام، والواضح
هو أن الإنسان عادة يتغاضى عنه، ليس التساؤل حول هذه المسائل
بل الإصغاء إلى ما سيقوله الإنسان،
إفساح المجال لكلماته كي تؤثر فيك، تغيرك، تجعلك ذاتك الحقيقية أكثر فأكثر.
.......
أصعب شيء في الحياة هو أن يتعلم المرء ان يفعل حصراً ما هو
في صالحه، ما هو حيوي حصراً.
.......

إن اللورد إ. غرام هاو، مؤلف كتاب "رقصة الحرب" يأمر قائلاً:
"تزايدوا وتضاعفوا!" وبعبارة أخرى، وهي المفضلة لديّ، ينصح "أبدعوا وتشاركوا!"
وعلى الرغم من القراءة قد لا تبدو للوهلة الأولى عملاً إبداعياً، إلا أنها
بالمعنى الأعمق كذلك.
.......


فئات القراء التي وضعها كولريدج:

ـ الإسفنج: الذين يستوعبون كل ما يقرؤون، ويُعيدونه وهو في حالته نفسها
تقريباً، ولكن أقذر قليلاً.

ـ الساعات الرميلة: الذين لا يحتفظون بأي شيء، ويكتفون بالمرور
على الكتاب تزجية للوقت.
- المتوترون: وهم الذين لا يحتفظون إلا بقايا مما قرأوا.
- مالكوا الجواهر: وهم نادرون وقيّمون، يستفيدون مما يقرؤون ويُمكّنون الآخرين من
الاستفادة أيضاً منه.
إن غالبيتنا تنتمي للفئة الثالثة، إذا لم نقل لأيضاً إلى إحدى الفئتين الأوليتين.
نادرون حقاً هم مالكوا الجواهر!

.......

الطريقة التي يقرأ بها المرء كتاباً هي الطريقة التي يقرأ بها الحياة.

.......

تشكل الكتب جزءاً لا يتجزأ من الحياة كالأشجار والنجوم. وأنا لا أجلّها بحد ذاتها. لا أضع
المؤلفين في أيّ خانة خاصة، أو متميزة؛ إنهم كالأشخاص الآخرين، لا أفضل، ولا أسوأ،
إنهم يستغلون القُدرات التي وُهِبوا، كما يفعل أيّ نوع آخر من الكائنات البشرية.
وإذا كنت أدافع عنهم بين حين وآخر ـ كصنف ـ فذلك لأني أؤمن بأنهم، في مجتمعنا
على الأقلّ، لم يُحققوا المرتبة أو الاعتبار الذي يستحقون. والعظماء منهم،
على وجه الخصوص، يُعاملون دائماً تقريباً معاملة أكباش فداء.

.......
يقول كريشنامورتي " لا يهم من يتكلم، المهم يكمن في المغزى الكامل لما قيل"
طبعاً، فَهمُ المغزى لما قيل، وجعله خاصاً بالمرء نفسه، يعتمد برمته على الفرد.
.......

دائماً يشير الإصبع المتحرك إلى الأعمق، ليس تحذيراً، بل حباً.
الكتابة بخط اليد على الجدار ليست غامضة ولا مهددة لمن يستطيع أن يترجمها.
الجدران تنهار، وتنهار معها مخاوفنا وترددنا. لكن آخر جدار ينهار هو ذاك الذي يطوق
الذات داخله. ومن لا يقرأ بعينيّ الذات لا يقرأ أبداً. العين الداخلية تخترق الجدران كلها.
وتفك طلاسم الخطوط كلها، تترجم " الرسائل" كلها. إنها ليست عيناً قارئة أو مُخمنة
بل عين واشية؛ لا تتلقى النور من الخارج بل تصدر نوراً. نوراً وفرحاً. وعبر النور والفرح
ينفتح العالم، ينكشف ليبدو كما هو :
جمال يفوق الوصف، وخلق لا ينتهي.

.......
إن بعض المؤلفين يعطون، في عملهم الأول " الناجح"، صورة شاملة عن أنفسهم بحيث مهما قالوا لاحقاً تبقى تلك الصورة، وتهيمن، وغالباً ما تطمس الصور اللاحقة
كلها. الشيء نفسه يحدث أحياناً في لقائنا الأول مع شخص آخر. فتأثير شخصية
الآخر يكون من القوة وتبدو في تعليقاته حيث أن تلك الصورة الأولى تبقى بعد ذلك وإلى الأبد، مهما تغير ذلك الشخص، أو أظهر جوانب أخرى منه. أحياناً يكون من حسن الحظ أن يستعيد المرء تلك الصورة الشاملة الأصلية؛ وفي أحيانٍ أخرى
يكون ظلماً صرفاً ينزل على من نُحب.
.......
يسأل رايدر هاغارد وسط سرده " ماهي المخيلة؟"،
ويُجيب " لعلها ظل الحقيقة غير الملموس، لعلها فكر الروح! "
.......
الواقعي صاحب روح ضعيفة. إنه لا يرى إلا ما يُمثل أمامه، كحصان يضع غمامة
.......
"فلنهذب أطراف أصابعنا، ونقاط تلامسنا مع العالم.."
.......
نضع قدماً في القبر. ليس لدينا غاية محددة أو هدف، ولا حرية التخلي عن الهدف أو
الغاية. إننا، أو معظمنا، نسير ونحن نائمون، ونموت حتى دون أن نُغمض عيوننا.
إذا استمتع الناس بعمق بما يقرؤون فلن يكون لديهم عذر بالكلام هكذا لكنهم يقرؤون
كما يعيشون – بلا هدف، بالمصادفة، بضعف، بتردد. فإذا كانوا نائمين، فإن ما قرؤوا
يجعلهم يستغرقون أعمق فأعمق في النوم. وإذا كانوا فقط متكاسلين، يُصبحون أكثر
كسلاً. وإذا كانوا متبلدين، يُصبحون أسوأ متبلدين، وما إلى ذلك وحده اليقظ بكل
معنى الكلمة قادر على الاستمتاع بقراءة كتاب باستخلاص ما هو حيوي.

.......

إن إحدى فضائل الأشخاص الذين يُلهموننا أنهم دائماً يتركون الطريق مفتوحة.
إنهم يوحون، ويُثيرون، ويُشيرون. إنهم لا يمسكوننا من أيدينا ويقودوننا.
.......

كم من مرة يأتي شخص " أجنبي " ويعلمنا كيف نُعطي مؤلفينا حقهم!
.......

والكتاب من دون قارئ متحمس، الذي هو في الحقيقة نظير المؤلف وغالباً منافسه
الأشد سرية، يموت. والإنسان الذي ينشر الكلمة الطيبة ليس فقط يطيل عُمر الكتاب
بل أيضاً من عملية الإبداع نفسها. إنه ينفخ الروح في القرّاء الآخرين،
ويدعم روح الإبداع في كل مكان.

.......

إن عالمية الفكِر سامية وراقية. لا شيء، يعجز عنه الإدراك أو الفهم.
ما يخذلنا هو الرغبة في المعرفة، الرغبة في القراءة والتأويل، الرغبة في إضفاء معنى
على كل فكرة يتم التعبير عنها. اللامبالاة:
إنها الإثم الأعظم في حق الروح القُدُس. حين يخدرنا ألم الحرمان، بأشكاله كلها،
وبالصيغ العديدة، التي يظهر بها، نلجأ إلى الإبهام. إن الإنسانية، بمعناها الأعمق،
يتيمة – ليس لأنها نُبِذَتْ، بل لأنها ترفض بعناد أنْ تلاحظ أصلها القدسُي. إننا نلغي
كتاب الحياة في العالم الآخر لأننا نرفض أن نفهم ما كتبنا هنا والآن ...
ـــــ

هنري ميلر ـ الكتب في حياتي




:love080:




Abdullrahman1 2016- 10- 12 10:45 AM

رد: القراءة فعل محبة
 
كلام جميل شكرا لك

شَمـس 2016- 10- 16 02:45 AM

رد: القراءة فعل محبة
 


أهلاً بك ،يسعدني حضورك



الوجدان2 2016- 11- 21 11:13 AM

رد: القراءة فعل محبة
 
فعلا

الوجدان2 2016- 11- 21 11:14 AM

رد: القراءة فعل محبة
 
الله يعطيك العافية

أحلى نوتيلا 2016- 12- 21 01:54 PM

رد: القراءة فعل محبة
 
كلام جميل شكرا لك

شَمـس 2017- 1- 21 11:00 AM

رد: القراءة فعل محبة
 
الله يعافيكم :106:

عرش الغرام 2017- 1- 23 10:48 PM

رد: القراءة فعل محبة
 
شـــــــــــــــــمس

جهودك امتداد لااسمك يسلمووو

عسى شمس ما تغيب


أصعب شيء في الحياة هو أن يتعلم المرء ان يفعل حصراً ما هو
في صالحه، ما هو حيوي حصراً.
.......

شَمـس 2017- 1- 24 05:11 AM

رد: القراءة فعل محبة
 
شكراً للطفك
تسلمين وأهلاً بك
:106:

نوررالشرقيه 2017- 5- 20 02:56 AM

رد: القراءة فعل محبة
 
��


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 12:16 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه