عرض مشاركة واحدة
قديم 2011- 9- 18   #4
Mo0oly.B
متميزة في ملتقى السعادة والنجاح
 
الصورة الرمزية Mo0oly.B
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 73539
تاريخ التسجيل: Thu Mar 2011
المشاركات: 8,023
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 9263
مؤشر المستوى: 144
Mo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: ~~كُلِيــة ـإلعِــلُــوــمْ ـالإِدَآآرِيـَـهــ وَ تـَخْــطِــيــطْ ~~
الدراسة: انتساب
التخصص: ~~ ـإِدَآآرَةْ ـأَعْــمَــآآآلْ ~~
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
Mo0oly.B غير متواجد حالياً
Icon21 رد: فضاء الجسد "الجنس الثالث"



مرحباً بالرجل الذي يريدون! 4

الهرمونات الذكرية اختياري؛ حتى لو كانت كل ميولي وصفاتي أنثوية.
الهرمونات الذكرية اختياري؛ حتى أصبح ذكراً، ضمن الملايين السفلة الذين يحكمون العالم بعنجهية وغرور.
الهرمونات الذكرية اختياري؛ من أجل أمي وأختي والعائلة والناس والمجتمع والدولة والعالم كله، ما عداي أنا!
لتتحول العصافير المغردة داخلي إلى شظايا، وأصير أنا إنساناً قتلته النقائض، وفتته عار كونه يريد أن يصبح الأنثى التي يريد، في واقع يرفع الذكر على الأنثى..
مرحباً إذن بالراحة الأبدية، بعد خمسة عشر عاماً مرت من عمري ضعيفاً هشّاً مندهشاً غريباً وحيداً صامتاً، أدير معاركي مع نفسي في صراع شرس لم يرحمني لإثبات هويتي.. أخيراً سأعلن انضمامي لعالم الرجال الأنذال لأصبح واحداً منهم، وأتناسى ما كان يحدث في جسدي من تحولات شفافة طرية.
أخيراً سأكون حجراً من حجارة أعمدة القوة التي لا ترضى إلا بالقنابل ألفاظاً، وبالمدافع ألسنة؛ لتبسط جناح الغدر، والقوة المزيفة على العالم وفوق رؤوس النساء.
آه.. ما أشد عبثية الحياة، إنها جرثومة غير عذراء، جعلتني أتقبلها لتحفر في ذاكرتي السلوكيات والضغوط التي جعلتني مرفوضاً في كلا المجتمعين الذكوري والأنثوي..
عن غير قصد مني كنت، وعن غير رغبة سأكون؟!
ليكن الاختيار إذن للأقوى الذي حكمته مفاهيم مغلوطة عن الفرق بين الرجل والمرأة، وما أملته نفسي الحائرة علي...
قررت الدخول بصدري إلى المعركة، وأصبحت أمي تنفق كل ما تجود به أيامها على تلك الهرمونات باهظة الثمن!
وبمرور الأيام لاحظت أن تلك الأدوية لم تفلح كثيراً باستثناء أن صوتي مال إلى الخشونة قليلاً، وبدأ شعر الوجه بالظهور والقليل منه على الجسم، وازداد طولي قليلاً، وانخفض صدري قليلاً!
مـن ذاق عـرف...
لا أزال أدرس في المنزل، مبتعداً عن نظرات الآخرين، وأصبحت أكثر نضوجاً، وصرت أستمتع أكثر وأكثر بالصمت والقراءة.. أصبحت لدي قدرة وموهبة في تحويل المعاناة إلى إبداع..
لم تقف مأساتي في طريقي؛ بل كانت معلماً صارماً لا يرحم.. أجبرتني الوحدة على التعمق في القراءة والبحث في شتى بحار العلم، فتوسعت آفاقي، وأدركت بأني يمكن أن أقاوم أعراض مرضي التقليدية - الصعوبة في حفظ المعاني، وصعوبة التعبير عن النفس والدفاع عنها، والأخطاء اللغوية والإملائية - بالانخراط في المعرفة، والعمل الجاد، والإيمان بالله.
من هنا بدأت، ومن هنا كان التحدي الذي لم يمنع أن أتكئ أحياناً على سواعد أمي وأختي الجميلة سحر.
كانت القراءة بالنسبة لي كلمة غائمة المفهوم، غامضة الدلالة، واسعة النطاق، يصعب أن يحدها تفسير معين، ولكني شغفت بها، فوجدت من خلال قراءاتي أن القيم والمفاهيم والمعلومات والعقائد والفلسفات والأخلاق، وكل المكونات الثقافية للقراءة تبقى صوراً تجريدية ذهنية، ما لم تظهر على أرض الواقع، وتتجسد في مصداقية علمية ومادية أشعر بها وأتحسسها.
وعلى الرغم من أن فكرة القراءة في حد ذاتها لم تكن تروقني إلا أن إصراري على تجاوز محنتي كان الشعاع الذي ينير لي دروبي؛ فولجت إلى عالم القراءة بشغف خاص تغلغل داخل روحي، لتتوهج به كلما نثرت الكلمات المقروءة في طريقها لتصقلني بتجارب الآخرين وخبراتهم.
وهكذا وقعت في غرام القراءة، وأدركت أهمية أن تكون لي مكتبتي الخاصة، وأصدقاء من كل أنحاء العالم، أنعم بصحبتهم الصامتة.. أصدقاء من مختلف الاتجاهات والمشارب، يصبون - بلا سخط - أجزاء من أرواحهم داخل روحي..
ووجدتني بعد وقت قصير واقعاً في إشكالية محيرة: ماذا أقرأ؟ تلك المشكلة كانت بالنسبة لي أعمق وأكبر من أن أوجزها بكلمات تعطيها التفسير الصحيح , حيث تخضع العملية لمدى إقبالي على قراءة العلوم والآداب المختلفة، والتبحر في قراءتها بدون ملل.
أأقرأ كل ما تميل إليه نفسي بدون تنظيم أو ترتيب؟
وهل على أن أتمثل ما أقرؤه فكراً وسلوكاً؟
وأن أبشر بما أقرأ للآخرين الذين لا وجود لهم في حياتي؟
أم إنه يجب أن أقرأ لنفسي، ولنفسي فقط؟
التهام كل ما وقع تحت يدي من معارف كان قراراً صائباً، غزوت مكتبة أختي سحر التي تضم مئات الكتب وبلغات أربع، نظراً لتخصصها في دراسة اللغات.
ما أجمل أن تقرأ.. وما أروع أن تفتح صناديق مغلقة!
كنت كلما رأيت أختي سحر تقرأ - وأنا صغير - أعتقد أنها مجنونة، وأتساءل: ماذا تقرأ؟ وماذا ستفعل بكل هذا العدد الكبير من الكتب؟ وهل صديقاتها يفعلن مثلها؟
لم أرها يوماً أمام المرآة، وكانت دوماً تقول لي: اقرأ تتعرف عل نفسك أكثر، وتعش معها بسلام...
كانت الفتيات في مثل عمرها يحلمن برجال يحملوهن على أحصنة بيضاء ويفكرن بتوم كروز، ويعلقن صور العندليب الأسمر, ويطلقن على أنفسهن أسماء من نوع العاشقة س والمفتونة ص، وكان محمود درويش فتى أحلامها... ومرسيل خليفة مطربها المفضل، وعبد الناصر ثائرها الأوحد.. تعلق صورهم في كل مكان...
كانت سحر محط ثقة وحب أبي وأمي، لم تشغلهما يوماً بقصص البنات العادية، ولم نجد يوماً تحت وسادتها رسائل حب وغرام.. عشقت القراءة، وهامت بالفلسفة والتصوف والشعر واللغات، وأحبت شعبيات نجيب محفوظ، وتجليات حافظ الشيرازي، ونمنمات محمد راسم!
أعانتني بعقلها الواسع على اجتياز حواجز الخوف من الآخرين، وفهم نفسي، والتصالح معها. كثيراً ما كانت تأخذني في أحضانها وتهمس: سامحك الله يا أبي.
ومع رحلاتي وصولاتي مع أصدقائي الكتاب والشعراء والعلماء والسياسيين أدركت أن الوقت الذي أضعته من عمري وأنا بعيد عن هذا العالم الضوضائي الصامت المذهل كان طويلاً.. تغيرت أجزائي وتجمعت أشلائي المبعثرة مع كل كتاب؛ لأصبح أقوى على مواجهة حياتي. وعلى الرغم من قراءاتي الكثيرة والمتنوعة فإن نطقي للأحرف لم يتحسن كثيراً، وما أزال أجد صعوبة في نطق بعض الكلمات..


  رد مع اقتباس