|
ملتقى المواضيع العامة منتدى المواضيع العامة والنقاش الهادف |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
النظام البنكي الفاسد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اليوم موضوعنا طويل حبتين, ويتطلب من القارئ الكريم الصبر والتركيز راح أحاول أبسط بعض الأمور الاقتصادية الأساسية نبدأ بهذا التساؤل, والإجابة ستكون مقدمة موضوعنا: ما هو المال؟ ما هي فكرته؟ وكيف بدأ في حياة الناس؟ منذ بداية حياة البشر كان الناس يسعون للحصول على حاجاتهم الأساسية. فكانوا يذهبون للصيد للحصول على اللحوم والأسماك والطيور. ويقومون بالزراعة للحصول على بقية الأشياء. ويقومون ببناء مساكنهم ورعاية حيواناتهم وصناعة أسلحتهم لكن ليس الجميع متفرغون لعمل كل هذه الأشياء, قد أكون مشغولا طول اليوم بصيد الأسماك ولكني أريد أن آكل اللحم, أو ربما كان عندي اللحم لكن أريد أكله مع الخبز أو الأرز هنا بدأ الناس باستخدام أسلوب "المقايضة"؛ أنا صياد سمك وأنت مزارع, سأعطيك ثلاث سمكات فتعطيني كيسا من القمح, وهكذا في بقية الحِرَف, فأبني لك منزلا صغيرا مثلا, وتعطيني بقرة بعد ذلك تطور الأمر وأراد الناس أن تتم المقايضة بشيء أفضل, فالأغذية مثلا ليست موجودة على الدوام ويجب استهلاكها في فترة بسيطة, وحتى لو قايضت الغذاء بسلاح مثلا فالسلاح قد ينكسر أو يصدأ, وحتى لو لم يحصل ذلك فليس كل الناس يحتاجون إلى الأسلحة دائما فصار الناس يبحثون عن شيء متوفر ولا تتغير حالته ولا قيمته يتمكنون من مقايضته بأي شيء في أي وقت ويتمكنون من تخزينه وحفظه لفترات طويلة جدا جدا. فوجد البشر أن أفضل شيء يحمل هذه المواصفات هو "الذهب". إنه متوفر في الطبيعة بشكل معقول, ولا يتأثر بعامل الزمن. فصار الناس يستخدمون الذهب لتبادل الخدمات والسلع بينهم. هذه المقدمة تشرح كيف نشأت فكرة الأموال. الآن سنشرح كيف نشأت فكرة البنوك عن طريق مثال تخيلي. في إحدى القرى كان هناك تاجر ثري, لديه الكثير من الذهب. وبسبب كثرة أمواله كان لديه مخزن كبير يخزن فيه الذهب ويضع عليه الحرس. بعض التجار الآخرين في القرية أعجبتهم فكرة الخزينة وحراستها وأرادوا أن يُأمِّنوا أموالهم عند هذا التاجر. ذهبوا إليه وطلبوا منه أن يحفظ لهم أموالهم في خزينته. فوافق التاجر على الفور, لكنه طلب منهم أن يدفعوا له مبلغا دوريا مقابل هذه الخدمة, فوافق التجار وأصبحوا يدفعون للتاجر مقابل حفظه أموالهم. وبسبب سمعة هذا التاجر في القرية, كان يأتيه الناس ليتدينوا منه, فكان يعطيهم قطع الذهب ويطلب منهم أن يعيدوها بعد فترة ولكن بمبلغ أكبر كثمن لهذه الخدمة, فيحصل ذلك بعد توقيع اتفاق بين التاجر والمحتاج. بعد ذلك اقترح التاجر على المقترضين طريقة أخرى في الاقتراض, فبدلا من حمل الذهب والمخاطرة في التنقل به وحفظه, اقترح عليهم أن يعطيهم بدل الذهب "صك مديونية" يذكر فيه التاجر أنه مديون لحامل هذا الصك بمبلغ كذا, والتاجر مشهور ومعروف في كل القرية, فإذا ذهب الشخص إلى تاجر القماش مثلا يستطيع أن يعطيه صك المديونية هذا وسيقبله منه تاجر القماش, وإذا أراد تاجر القماش ماله فيمكنه أن يأتي للتاجر ويأخذ الذهب من الخزينة إن شاء, ويستطيع أيضا أن يستخدم نفس الصك مع بائع آخر. فقبل طالبوا القروض بهذه الطريقة الجديدة لأمانها وسهولتها, وصارت صكوك المديونة تتبادل ما بين الناس والذهب موجود في الخزينة ولا يصرف منها إلا نادرا, بل إنه يزداد بسبب الفائدة التي يطلبها من المقترضين. وكان التاجر يقرض الناس بضمانة مقدار الذهب الموجود عنده, فأصبح يعتذر للبعض عن إقراضهم بسبب أن كل الذهب الموجود لديه مرهون لدى الناس بصكوك المديونية. لكن التاجر لاحظ شيئا مهما جدا. لقد لاحظ أنه من بين كل تسعة أشخاص يقترضون منه هناك فقط شخص واحد يرفض طريقة صك المديونية, لأنه يريد هذه الأموال ليستخدمها خارج القرية, وهناك التجار لا يعرفون هذا التاجر فلن يعترفوا بهذا الصك وسيطلبون الذهب. وبناء على هذه الملاحظة خطرت للتاجر فكرة خطيرة؛ قرر أنه بناء على هذه الملاحظة يستطيع إقراض تسعة أشخاص نفس المبلغ لأن واحدا منهم فقط سيطالب بهذا المبلغ, فإذا كان لديه ألف قطعة ذهبية مثلا, فسوف يقرض بناء عليها تسعة أشخاص تسعة آلاف قطعة ذهبية كديون على ورق, وستتضاعف ثروته تسعة أضعاف في وقت قياسي. فقط عندما يطالب كل المدينون بأموالهم كذهب ستحصل الكارثة, لكن ذلك لم يحصل, واستمر الناس في الاقتراض بشكل كبير, كبير جدا لدرجة أن بقية التجار الذين أودعوا أموالهم لديه بدأوا يشكون أنه يستخدم أموالهم في إقراض الناس. فذهب التجار للتاجر للتأكد من ذلك, فطمأنهم التاجر وفتح لهم الخزينة وأراهم أن أموالهم لم تمس. فطلبوا منه شرح الأمر وكيف استطاع اقراض هذه المبالغ الطائلة, فشرح لهم الفكرة فأعجبتهم فطلبوا منه أن يشركهم في هذه العملية, فيقرض الناس بضمانة أموالهم المحفوظة عنده ويشاركوه في الأرباح, فوافق التاجر على ذلك. وكانت الأمور تسير على ما يرام, إلى أن انتشرت القصة بين الناس والبائعين فهرع البائعون إلى التاجر يريدون ذهبهم فلم يتمكن التاجر من إعطائهم الذهب لأن معظمها كانت أموالا وهمية فحصلت الكارثة وأفلس التاجر وضاعت حقوق البائعين وانهار اقتصاد القرية. هذه القصة تحاكي الواقع الحالي في عدة أمور. التاجر وخزينته هو... البنك والنظام البنكي التجار الصغار هم... أصحاب الودائع الذهب هو... العملة الصعبة أو الاحتياطي النقدي, كان في السابق الذهب أما الآن فهو الدولار والين واليورو صك المديونية هو... العملة المُعوَّمة, مثل الريال السعودي والريال القطري والدرهم الإماراتي والجنيه المصري فالريال السعودي مثلا والدينار البحريني هما شكل من أشكال الدولار, وهذا ما يفسر أن قيمة الريال مقابل الدولار ثابتة دائما 3.75 وأيضا قيمة الريال ثابتة أمام الدينار البحريني 10 ريال قد تختلف هذه القيم قليلا وفي حالات نادرة بناء على أمور اقتصادية متخصصة لا أفهمها لكنني هنا أشرح الأمور العامة فقط, فالدينار الكويتي مثلا مرتبط بعدة عملات صعبة "سلة عملات" وهذا ما يفسر تغير قيمته المستمرة أمام الريال ولهذا السبب أيضا دائما نسمع أن الأجانب يضرون بالاقتصاد بسبب تحويلهم لمبالغ ضخمة لخارج البلاد, لأنهم لن يحولوها كريال بل ستتحول لعملة صعبة, يعني سيكون هناك استنزاف حقيقي للعملة الصعبة في البلد, مما يؤثر سلبا على الاقتصاد القائم على هذه الفكرة. في معظم دول العالم يكون الإقراض بنفس الطريقة, بنسبة 9:1 وهذا ما يفسر القدرة الهائلة للبنوك على إقراض كل الشعب لو لزم الأمر ولا ترد البنوك أحدا في هذا الأمر, فالبنك الذي رأس ماله مليار يمكنه أن يقرض الناس تسعة مليارات وهو يضحك وستعود عليه بعد فترة تسعة مليارات مع فوائدها أيضا بدل ما كانت قبل خمس سنوات مليارا واحدا فقط. طبعا في بعض الدول تصل النسبة إلى 30:1 مما يسبب فقاعة ضخمة يؤدي انفجارها إلى كارثة اقتصادية في البلد وهذا ما يفسر أن البنوك هي أكثر قطاعات المجتمع ثراء وبشكل فاحش, مع أن البنوك لا تقدم للمجتمع أي خدمة سوى الإقراض, وكل فئات المجتمع المنتجة مدينة لهذا القطاع الذي لا يبذل أي جهد حقيقي في بناء المجتمع على عكس البقية. والأمر المهم الآخر أيضا في سهولة إعطاء القروض هو أنك بمجرد توقيع اتفاق مع البنك بدفع مبلغ 100,000 ريال مثلا فإن هذا العقد يعتبر كأنه ورقة عملة بقيمة مئة ألف ستصرف للبنك فورا من البنك المركزي وذلك على أساس ضمان الدفع الذي قدمته, سواء برهن الراتب أو برهن عقاري, والمبلغ الذي سيحوله البنك في حسابك ليس من خزينة البنك وقرضك هذا لم ينقص من ميزانية البنك شيئا, إنها أموالك صرفت لك من البنك المركزي لذلك فإن أي بنك على استعداد أن يقرض كل الشعب بكل سهولة, وهو لا يكف عن التسويق للقروض. ولا يعطيك البنك الموافقة على القرض إلا بعد موافقة شركة التأمين, فالقروض مُأمّنة, فإذا توفي المقترض فإن شركة التأمين تدفع للبنك بقية المبلغ, وإذا قام بدفع الفوائد فتتشارك مع البنك فيها, أي أن البنك لا يخسر في القروض أبدا. نأتي الآن على موضوع مهم جدا وهو الأرباح الأرباح مختلف في تسميتها, قد نسميها ربا أو باللغة الإنجليزية Usury "يوجري", ويسميها البنكيون هامش ربح لن نختلف في التسمية والشرعية, فليس هذا موضوعنا, سنتكلم في الموضوع من ناحية اقتصادية عملية, واسمها الاقتصادي هو "خلق الديون" Debt Creation ديت كرييشن فلنتخيل أن لدينا في المنتدى مبلغا من المال كميزانية (عشرة آلاف مثلا), يزداد هذا المبلغ مع الوقت بسبب خدمات معينة يقدمها المنتدى فيحصل مقابلها على المال(ألف ريال سنويا على سبيل المثال), فعملية الإقراض والتبادل ستكون كلها على أساس هذه الميزانية, فالقروض هي جزء من الميزانية ومنطقيا لا يمكن أن يكون الجزء أكبر من الكل, لكن في عالم البنوك هذا المنطق معكوس, فيمكن أن يكون الجزء أكبر من الكل, أي أن يكون مجموع القروض أكبر من الميزانية نفسها, والسبب في ذلك هو خلق الديون فالميزانية في المنتدى هي عشرة آلاف والديون عشرة آلاف ومئة, بسبب الأرباح على القروض, في هذه الحالة يحتاج المقترضون من المقرضين أن يمهلوهم عاما ليسددوا ديونهم من الميزانية الجديدة, ولذلك توصف القروض بأنها "أكل من مال المستقبل" ولأن الديون أكبر من الميزانية فسيعجز الناس عن السداد وينهار الاقتصاد فما الحل؟ هناك حلان لهذه المشكلة يمكن تطبيق أحدهما أو كليهما إما تخفيض نسبة الربح أو إطالة مدة القرض فإذا تم تخفيض النسبة فلن تكون الزيادة كبيرة جدا بحيث يمكن تحمل تبعاتها في فترة بضع سنوات أو أن يتم إطالة مدة القرض لتكون هناك فرصة للمدين أن يسدد من إضافات السنوات القادمة على الميزانية وهذا هو تفسير ازدهار القروض العقارية بالنسب المرتفعة نسبيا والطويلة جدا, قد تصل إلى 30 عاما وهذا هو أيضا تفسير تخفيض البنوك لنسب الفوائد على القروض بين فترة وأخرى, وهذا ليس عرضا خاصا ولا خدمة من البنك ولا تنافسا بين البنوك بشكل أساسي, إنها نتيجة حتمية لاستخدام طريقة خلق الديون أو الفوائد أو الربا أو هامش الربح.. سمه ما شئت وسنرى في الأيام القادمة نسبا منخفضة أكثر وأكثر والغرض من ذلك هو تلافي عجز المقترض التام عن السداد. هذا ما في جعبتي من بعض القراءات والمشاهدات أتمنى أني وفقت في إيصال الفكرة حسب ما فهمته منها وهناك تفاصيل أخرى لم أستوعبها فلم أطرحها وعذرا على الإطالة تحياتي |
2015- 3- 18 | #2 |
مُتميزة بقسم الفنون الأدبية
|
رد: النظام البنكي الفاسد
يعطيكك العافيية رضوان موضوع جميل :)
|
2015- 3- 18 | #3 |
أكـاديـمـي فـعّـال
|
رد: النظام البنكي الفاسد
موضوع في وقته استاذ رضوان
لكن بالفعل يحتاج كوب شاي"كشري"امخمخ عليه لأن في الاخير تهت راح اطبع مقولتك الرائعة وافهمها واناقشها مع اخي ..لأنه دائما يقنعني أن عمل البنوك غير ربوي ..فهو يقدم خدمات عظيمة..منها تحويل المبلغ لمدينة اخرى او دولة اخرى ..ومنها الصرافات .....الخ شاكرة لك هذا الجهد الجميل والاسلوب الاجمل بارككم الله |
2015- 3- 18 | #4 |
:: المشرفة العامة سابقاً ::
الأقسام العامة |
رد: النظام البنكي الفاسد
^
ايس كلام الخلاصه ان فيه شيء اسمه لعبة البنوك ( هذا ما تم استنتاجه بواسطة الشيء الذي يقع في رأسي الله يغنينا عنهم و عن قروضهم اللي نزعت بركة اموال المسلمين اثاريها نهيبه في نهيبه يعطيك العافيه مشرفنا |
2015- 3- 18 | #5 |
أكـاديـمـي مـشـارك
|
رد: النظام البنكي الفاسد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته [/CENTER]اليوم موضوعنا طويل حبتين, ويتطلب من القارئ الكريم الصبر والتركيز راح أحاول أبسط بعض الأمور الاقتصادية الأساسية نبدأ بهذا التساؤل, والإجابة ستكون مقدمة موضوعنا: ما هو المال؟ ما هي فكرته؟ وكيف بدأ في حياة الناس؟ منذ بداية حياة البشر كان الناس يسعون للحصول على حاجاتهم الأساسية. فكانوا يذهبون للصيد للحصول على اللحوم والأسماك والطيور. ويقومون بالزراعة للحصول على بقية الأشياء. ويقومون ببناء مساكنهم ورعاية حيواناتهم وصناعة أسلحتهم لكن ليس الجميع متفرغون لعمل كل هذه الأشياء, قد أكون مشغولا طول اليوم بصيد الأسماك ولكني أريد أن آكل اللحم, أو ربما كان عندي اللحم لكن أريد أكله مع الخبز أو الأرز هنا بدأ الناس باستخدام أسلوب "المقايضة"؛ أنا صياد سمك وأنت مزارع, سأعطيك ثلاث سمكات فتعطيني كيسا من القمح, وهكذا في بقية الحِرَف, فأبني لك منزلا صغيرا مثلا, وتعطيني بقرة بعد ذلك تطور الأمر وأراد الناس أن تتم المقايضة بشيء أفضل, فالأغذية مثلا ليست موجودة على الدوام ويجب استهلاكها في فترة بسيطة, وحتى لو قايضت الغذاء بسلاح مثلا فالسلاح قد ينكسر أو يصدأ, وحتى لو لم يحصل ذلك فليس كل الناس يحتاجون إلى الأسلحة دائما فصار الناس يبحثون عن شيء متوفر ولا تتغير حالته ولا قيمته يتمكنون من مقايضته بأي شيء في أي وقت ويتمكنون من تخزينه وحفظه لفترات طويلة جدا جدا. فوجد البشر أن أفضل شيء يحمل هذه المواصفات هو "الذهب". إنه متوفر في الطبيعة بشكل معقول, ولا يتأثر بعامل الزمن. فصار الناس يستخدمون الذهب لتبادل الخدمات والسلع بينهم. هذه المقدمة تشرح كيف نشأت فكرة الأموال. الآن سنشرح كيف نشأت فكرة البنوك عن طريق مثال تخيلي. في إحدى القرى كان هناك تاجر ثري, لديه الكثير من الذهب. وبسبب كثرة أمواله كان لديه مخزن كبير يخزن فيه الذهب ويضع عليه الحرس. بعض التجار الآخرين في القرية أعجبتهم فكرة الخزينة وحراستها وأرادوا أن يُأمِّنوا أموالهم عند هذا التاجر. ذهبوا إليه وطلبوا منه أن يحفظ لهم أموالهم في خزينته. فوافق التاجر على الفور, لكنه طلب منهم أن يدفعوا له مبلغا دوريا مقابل هذه الخدمة, فوافق التجار وأصبحوا يدفعون للتاجر مقابل حفظه أموالهم. وبسبب سمعة هذا التاجر في القرية, كان يأتيه الناس ليتدينوا منه, فكان يعطيهم قطع الذهب ويطلب منهم أن يعيدوها بعد فترة ولكن بمبلغ أكبر كثمن لهذه الخدمة, فيحصل ذلك بعد توقيع اتفاق بين التاجر والمحتاج. بعد ذلك اقترح التاجر على المقترضين طريقة أخرى في الاقتراض, فبدلا من حمل الذهب والمخاطرة في التنقل به وحفظه, اقترح عليهم أن يعطيهم بدل الذهب "صك مديونية" يذكر فيه التاجر أنه مديون لحامل هذا الصك بمبلغ كذا, والتاجر مشهور ومعروف في كل القرية, فإذا ذهب الشخص إلى تاجر القماش مثلا يستطيع أن يعطيه صك المديونية هذا وسيقبله منه تاجر القماش, وإذا أراد تاجر القماش ماله فيمكنه أن يأتي للتاجر ويأخذ الذهب من الخزينة إن شاء, ويستطيع أيضا أن يستخدم نفس الصك مع بائع آخر. فقبل طالبوا القروض بهذه الطريقة الجديدة لأمانها وسهولتها, وصارت صكوك المديونة تتبادل ما بين الناس والذهب موجود في الخزينة ولا يصرف منها إلا نادرا, بل إنه يزداد بسبب الفائدة التي يطلبها من المقترضين. وكان التاجر يقرض الناس بضمانة مقدار الذهب الموجود عنده, فأصبح يعتذر للبعض عن إقراضهم بسبب أن كل الذهب الموجود لديه مرهون لدى الناس بصكوك المديونية. لكن التاجر لاحظ شيئا مهما جدا. لقد لاحظ أنه من بين كل تسعة أشخاص يقترضون منه هناك فقط شخص واحد يرفض طريقة صك المديونية, لأنه يريد هذه الأموال ليستخدمها خارج القرية, وهناك التجار لا يعرفون هذا التاجر فلن يعترفوا بهذا الصك وسيطلبون الذهب. وبناء على هذه الملاحظة خطرت للتاجر فكرة خطيرة؛ قرر أنه بناء على هذه الملاحظة يستطيع إقراض تسعة أشخاص نفس المبلغ لأن واحدا منهم فقط سيطالب بهذا المبلغ, فإذا كان لديه ألف قطعة ذهبية مثلا, فسوف يقرض بناء عليها تسعة أشخاص تسعة آلاف قطعة ذهبية كديون على ورق, وستتضاعف ثروته تسعة أضعاف في وقت قياسي. فقط عندما يطالب كل المدينون بأموالهم كذهب ستحصل الكارثة, لكن ذلك لم يحصل, واستمر الناس في الاقتراض بشكل كبير, كبير جدا لدرجة أن بقية التجار الذين أودعوا أموالهم لديه بدأوا يشكون أنه يستخدم أموالهم في إقراض الناس. فذهب التجار للتاجر للتأكد من ذلك, فطمأنهم التاجر وفتح لهم الخزينة وأراهم أن أموالهم لم تمس. فطلبوا منه شرح الأمر وكيف استطاع اقراض هذه المبالغ الطائلة, فشرح لهم الفكرة فأعجبتهم فطلبوا منه أن يشركهم في هذه العملية, فيقرض الناس بضمانة أموالهم المحفوظة عنده ويشاركوه في الأرباح, فوافق التاجر على ذلك. وكانت الأمور تسير على ما يرام, إلى أن انتشرت القصة بين الناس والبائعين فهرع البائعون إلى التاجر يريدون ذهبهم فلم يتمكن التاجر من إعطائهم الذهب لأن معظمها كانت أموالا وهمية فحصلت الكارثة وأفلس التاجر وضاعت حقوق البائعين وانهار اقتصاد القرية. هذه القصة تحاكي الواقع الحالي في عدة أمور. التاجر وخزينته هو... البنك والنظام البنكي التجار الصغار هم... أصحاب الودائع الذهب هو... العملة الصعبة أو الاحتياطي النقدي, كان في السابق الذهب أما الآن فهو الدولار والين واليورو صك المديونية هو... العملة المُعوَّمة, مثل الريال السعودي والريال القطري والدرهم الإماراتي والجنيه المصري فالريال السعودي مثلا والدينار البحريني هما شكل من أشكال الدولار, وهذا ما يفسر أن قيمة الريال مقابل الدولار ثابتة دائما 3.75 وأيضا قيمة الريال ثابتة أمام الدينار البحريني 10 ريال قد تختلف هذه القيم قليلا وفي حالات نادرة بناء على أمور اقتصادية متخصصة لا أفهمها لكنني هنا أشرح الأمور العامة فقط, فالدينار الكويتي مثلا مرتبط بعدة عملات صعبة "سلة عملات" وهذا ما يفسر تغير قيمته المستمرة أمام الريال ولهذا السبب أيضا دائما نسمع أن الأجانب يضرون بالاقتصاد بسبب تحويلهم لمبالغ ضخمة لخارج البلاد, لأنهم لن يحولوها كريال بل ستتحول لعملة صعبة, يعني سيكون هناك استنزاف حقيقي للعملة الصعبة في البلد, مما يؤثر سلبا على الاقتصاد القائم على هذه الفكرة. في معظم دول العالم يكون الإقراض بنفس الطريقة, بنسبة 9:1 وهذا ما يفسر القدرة الهائلة للبنوك على إقراض كل الشعب لو لزم الأمر ولا ترد البنوك أحدا في هذا الأمر, فالبنك الذي رأس ماله مليار يمكنه أن يقرض الناس تسعة مليارات وهو يضحك وستعود عليه بعد فترة تسعة مليارات مع فوائدها أيضا بدل ما كانت قبل خمس سنوات مليارا واحدا فقط. طبعا في بعض الدول تصل النسبة إلى 30:1 مما يسبب فقاعة ضخمة يؤدي انفجارها إلى كارثة اقتصادية في البلد وهذا ما يفسر أن البنوك هي أكثر قطاعات المجتمع ثراء وبشكل فاحش, مع أن البنوك لا تقدم للمجتمع أي خدمة سوى الإقراض, وكل فئات المجتمع المنتجة مدينة لهذا القطاع الذي لا يبذل أي جهد حقيقي في بناء المجتمع على عكس البقية. والأمر المهم الآخر أيضا في سهولة إعطاء القروض هو أنك بمجرد توقيع اتفاق مع البنك بدفع مبلغ 100,000 ريال مثلا فإن هذا العقد يعتبر كأنه ورقة عملة بقيمة مئة ألف ستصرف للبنك فورا من البنك المركزي وذلك على أساس ضمان الدفع الذي قدمته, سواء برهن الراتب أو برهن عقاري, والمبلغ الذي سيحوله البنك في حسابك ليس من خزينة البنك وقرضك هذا لم ينقص من ميزانية البنك شيئا, إنها أموالك صرفت لك من البنك المركزي لذلك فإن أي بنك على استعداد أن يقرض كل الشعب بكل سهولة, وهو لا يكف عن التسويق للقروض. ولا يعطيك البنك الموافقة على القرض إلا بعد موافقة شركة التأمين, فالقروض مُأمّنة, فإذا توفي المقترض فإن شركة التأمين تدفع للبنك بقية المبلغ, وإذا قام بدفع الفوائد فتتشارك مع البنك فيها, أي أن البنك لا يخسر في القروض أبدا. نأتي الآن على موضوع مهم جدا وهو الأرباح الأرباح مختلف في تسميتها, قد نسميها ربا أو باللغة الإنجليزية Usury "يوجري", ويسميها البنكيون هامش ربح لن نختلف في التسمية والشرعية, فليس هذا موضوعنا, سنتكلم في الموضوع من ناحية اقتصادية عملية, واسمها الاقتصادي هو "خلق الديون" Debt Creation ديت كرييشن فلنتخيل أن لدينا في المنتدى مبلغا من المال كميزانية (عشرة آلاف مثلا), يزداد هذا المبلغ مع الوقت بسبب خدمات معينة يقدمها المنتدى فيحصل مقابلها على المال(ألف ريال سنويا على سبيل المثال), فعملية الإقراض والتبادل ستكون كلها على أساس هذه الميزانية, فالقروض هي جزء من الميزانية ومنطقيا لا يمكن أن يكون الجزء أكبر من الكل, لكن في عالم البنوك هذا المنطق معكوس, فيمكن أن يكون الجزء أكبر من الكل, أي أن يكون مجموع القروض أكبر من الميزانية نفسها, والسبب في ذلك هو خلق الديون فالميزانية في المنتدى هي عشرة آلاف والديون عشرة آلاف ومئة, بسبب الأرباح على القروض, في هذه الحالة يحتاج المقترضون من المقرضين أن يمهلوهم عاما ليسددوا ديونهم من الميزانية الجديدة, ولذلك توصف القروض بأنها "أكل من مال المستقبل" ولأن الديون أكبر من الميزانية فسيعجز الناس عن السداد وينهار الاقتصاد فما الحل؟ هناك حلان لهذه المشكلة يمكن تطبيق أحدهما أو كليهما إما تخفيض نسبة الربح أو إطالة مدة القرض فإذا تم تخفيض النسبة فلن تكون الزيادة كبيرة جدا بحيث يمكن تحمل تبعاتها في فترة بضع سنوات أو أن يتم إطالة مدة القرض لتكون هناك فرصة للمدين أن يسدد من إضافات السنوات القادمة على الميزانية وهذا هو تفسير ازدهار القروض العقارية بالنسب المرتفعة نسبيا والطويلة جدا, قد تصل إلى 30 عاما وهذا هو أيضا تفسير تخفيض البنوك لنسب الفوائد على القروض بين فترة وأخرى, وهذا ليس عرضا خاصا ولا خدمة من البنك ولا تنافسا بين البنوك بشكل أساسي, إنها نتيجة حتمية لاستخدام طريقة خلق الديون أو الفوائد أو الربا أو هامش الربح.. سمه ما شئت وسنرى في الأيام القادمة نسبا منخفضة أكثر وأكثر والغرض من ذلك هو تلافي عجز المقترض التام عن السداد. هذا ما في جعبتي من بعض القراءات والمشاهدات أتمنى أني وفقت في إيصال الفكرة حسب ما فهمته منها وهناك تفاصيل أخرى لم أستوعبها فلم أطرحها وعذرا على الإطالة تحياتي ........ [/SIZE] أخي العزيز رضوآن .. مآذآ فعلت بـ عقلي .. !! .. من الحمآسة أحضرت ورقة وقلمـ وقمت بشرح موضوعكـ بـ التفصيل .. صراحة أهنئكـ ماشآءالله تستحق لقب أستاذ وبـ درجة مآجستير .. .. شرحكـ وافي وجميل ومبسط > لكن لابد من الورقة والقلمـ .. بـ النسبة Debt Creation حقيقة .. هذه العملية الأقتصادية مخيفة جدآ .. فـ هي قد تسبب مثلمآ ذكرت كارثة وعجز مالي لـ البنك في تسديد ديونهـ لـ العملاء .. بـ الذات عند تحويل مبالغ طائلة لـ الخارج .. حقيقة موضوعكـ ذكرني بـ فيلمـ أمريكي .. ( to big to fall ) أنصحكـ بـ متابعتهـ .. يتحدث عن فترة من الفترات التي مرت بهآ الولايات المتحدة الأمريكية بـ عجز مالي واقتصادي قوي جدآ ... وطريقة رواية الفيلمـ مالية بحتة لكن هي شيقة في أحداثهآ .. وفي محاولة حل العجز الأقتصادي الذي ضرب كثيرآ من البنوك الأمريكية الكبيرة والمعروفة .. .. سلمت يدآكـ أستآذي رضوآن .. طرح فأأئق الروعة في شرح العملية الأقتصادية ( خلق الديون ) .. .. |
2015- 3- 18 | #6 |
اصدقاء الملتقى
|
رد: النظام البنكي الفاسد
معلومات قيمة
سلمت رضوان عالطرح |
2015- 3- 18 | #7 |
:: المراقب العام ::
الساحة العامة |
رد: النظام البنكي الفاسد
|
2015- 3- 18 | #8 | |
:: المراقب العام ::
الساحة العامة |
رد: النظام البنكي الفاسد
اقتباس:
تكلمت فقط عن الآلية من ناحية خلق الديون وهي قضية لا يختلف عليها اثنان ومسلم بها من الاقتصاديين أما من ناحية الخدمات فالبنك يقدم خدمات متنوعة وهي أساس إنشائه كما شرحت في المثال لكن ماهي مدخولات البنك من الخدمات، 25 ريال لعملية التحويل، 12 ريال لعملية بيع الأسهم وأشياء من هذا القبيل لا تشكل شيئا بتاتا مقابل مدخول خلق الديون ولو اكتفى بها البنك لما كان ليضاهي المؤسسات العلمية والصناعية والصحية في الميزانية فهذه المؤسسات تقدم للمجتمع أضعاف أضعاف ما يقدمه البنك من خدمات وتفوقها عليه ماليا هو الأمر المنطقي العفو وأنا أشكر لك حضورك وإضافتك |
|
2015- 3- 18 | #9 |
:: المراقب العام ::
الساحة العامة |
رد: النظام البنكي الفاسد
|
2015- 3- 18 | #10 |
:: المراقب العام ::
الساحة العامة |
رد: النظام البنكي الفاسد
اقتباس:
وشكرا لكلامك الطيب ما عليك زود حمستيني أشوف الفلم أزمة الاقتصاد الأمريكي في تلك السنة تطلبت 22 سنة ليستعيد ملاك الأسهم خسارتهم فيها شكرًا لتواجدك أختي ياسمين أنرتي |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
النظام الاجتماعي في الإسلام * ... *`•.¸.•´ * *. * | Turning point | اجتماع 7 | 26 | 2015- 5- 19 03:03 AM |
[ استفسار ] اسئلة التقنية المعلومات | رقة انثى * | المستوى الأول - كلية الأداب | 12 | 2014- 12- 21 11:59 PM |