(ذلك تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا) وقفة قرآنية ..
نقرأ هذه الآية كل جمعة ، نمر عليها كما نفعل دائماً ، دون وعي وإدراك وتمعن للمعنى وللقصد القراني ..
لقد كان اكبر حجة عند أعداء الدين هو : كيف يكون خلف الشر ! خير .. كيف تكون افعال الله كلها خير وأنت ترى الموت ،والمرض ،والكوارث تنزل وتحل بالبشر ..!!؟ أين الله عن كل هذا ( والعياذ بالله )
إن هناك أمور تراها للوهلة الاولى فترى فيها الشر ، بل إنك لا ترى فيها إلا الشر المطلق .. ثم تمر عليك الأيام لتدرك بعد ذلك كم كنت احمق عندما فكرت هكذا ..
إن حكمة الله خلف كل شيء في هذه الدنيا .. قد يُحرم من الولد ، أو قد يموت بين يديه من المرض أو الدهس أو القتل ، فيشعر بأن الموت ينهش قلبه ،ويفتت كبدهُ ،على فلذة كبده.. وهو لا يعلم كم سوف يُعاني من عقوق هذا الولد ، بل قد يكون سبباً مباشراً لموته قال الله عز وجل :
(َفانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا)
هذا هو الظاهر قتل .. وطفل برئ .. ووالد سوف يعيش دهرهُ حزناً عليه .. لكن انظر ماذا يقول الله على لسان الخضر عليه السلام :
(وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا)
(فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا)
قد يحل بالناس الفقر ، والمرض ، والكوارث .. وهم لا يعلمون أن في كل هذا الشر خير قد حجبه الله عنهم يقول الله عز وجل :
(َفانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ..)
هنا قطع رزق ، وتخريب لكن انظر الى حكمة الله
(َمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا..)
قد يقع عليك الظلم من أقرب الناس لك .. من مديرك ..من أهلك ولا تجد عوناً ولا نصير فتظن الله قد تخلى عنك .. وأنت لا تعلم أن الله قد يُهيأ لك في قادم الايام من ينصرك ويقف الى جوارك دون مقابل وأنت ايضا لا تعلم عنه يقول الله عز وجل :
(فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا)
ثم بين الله اسباب هذا الفعل :
(وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا)
ذلك تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا قد لا تصبر ..!! بل قد تغضب ..!! بل قد تعترض على قضاء الله !!؟ وهذا ما حصل مع نبي من أنبياء الله عز وجل هو نبي فكيف بناء نحن ..
والله اعلم .. وهذا مجرد فهم شخصي للآية ...
وكل عام وانتم من اهل المغفرة والخير