ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام (https://vb.ckfu.org/index.php)
-   منتدى كلية الآداب بالدمام (https://vb.ckfu.org/forumdisplay.php?f=63)
-   -   [ اللغة العربية ] : تجمع طآلبات اللغة العربية " المستوى الثآمن " :) (https://vb.ckfu.org/showthread.php?t=291342)

*ياس* 2012- 5- 13 12:03 AM

رد: تجمع طآلبات اللغة العربية " المستوى الثآمن " :)
 
Beam universes

شيكي ع الخاص

*ياس* 2012- 5- 13 12:29 AM

رد: تجمع طآلبات اللغة العربية " المستوى الثآمن " :)
 
شوفي هذا المحاضرات بس ؟


المحاضرة : العاشرة
(ج) الرؤية الواقعية الفنية للواقع
في البداية لابد أن نفرق بين الرؤى الثلاث :
الرؤية الواقعية الفنية : لا تلغي الواقع , وتبحث عن بديل مثالي له , بل تتصل بالواقع اتصالا مباشرا, وتبصر به بوصفه حركة مضطربة تموج بالجدل .
الرؤية الرومانتيكية :تلغي الواقع , وتبحث عن بديل له .
الرؤية الكلاسيكية : ترى الواقع من وجهه الظاهري , وتسجله كما هو ماثل للعيان .
الرؤية الواقعية الفنية للواقع: تبصر الرؤية الواقعية بالواقع الذي تصنعه عناصر وروافد كثيرة متخالفة ومتجانسة , فتتجاوز تسجيل ظاهرة , بل تغوص في أعماقه تستكنه حقيقته . وهي لاتصوغ حقيقته صياغة تسجيلية مباشرة بل تستغل كل وسائل الأداء الفني من الرمز التاريخي , ومن الأسطورة ذات المغزى والدلالة وغيرها من الوسائل .إنها رؤية ملتزمة , تتعمق الواقع , وتكشف أبعاده , ثم تقول كلمتها فيه بما تراه تحقيقا لصالح الجماعة وسعادة الإنسان.
وتكشف قصيدة للشاعر ” عبد العزيز المقالح ” ” مأرب يتكلم ” أبعاد بوادر تحول في الشعر اليمني إلى الرؤية الواقعية .
يقول : أهرام مصر بعد رحلة الصمت الحزين ثارت
تكلمت على شواطئ السنين حتى أبو الهول الصموت آثر أن يمزق الستار تدحرجت من فمه الأحجار ألقى بصمته للرمل والرياح أطلق للحنجرة السجينة الجناح وحوله تكلمت أحجار بعلبك وصوت ” أوراس ” العظيم يهز جدران النجوم يدق أبواب الفلك وتدمر الصامتة الرمال والأحجار تذبح صمتها
تطعمه للنار تنشب في جدرانه الأظفار ونينوى وكل صامت تكلما لم يبق غيري صامتا على طريق العصر واجما جذور صمتي اللعين أنبتت السجون والجماجما وهأنا ... بموجة النيران والدما غسلت وجهي الحزين مزقت وجه الصمت والعدم
أطلقتها من قبضة الألم أرسلتها حزينة النغم هل تسمعين : هذه الصخور صوت الذي يثور
صوت الذي يغادر القبور صوت الذي يعبر جسر الصمت والوجوم
يجرب التحليق والكلام يزرع في الخرائب الشاحبة الرسوم بعض زهور الحب والسلام
يحدثنا الشاعر عن التحول التاريخي في اليمن الذي وضعته الثورة على بدايته , فقد خرجت اليمن من صمتها التاريخي للحاق بواقع العصر وحركة تطوره في المنطقة العربية برمتها .
لقد كانت رؤية الشاعر لحركة التاريخ وحتميته هي ما أمكنه من فهم طبيعة ما حدث في الواقع اليمني المعاصر. فاليمن وأقطار أخري ضاعت في الزمن , ولكن هاهي ذي مصر التي رمز لها بأبي الهول , ولبنان ( بعلبك) وسوريا ( تدمر) والعراق ( نينوى) والجزائر (أوراس) قد ثارت , ووجدت بذلك طريقها إلى الخلاص , وآن الأوان لتحرك اليمن وتغسل وجهها بالدماء والنار . وهكذا تنفذ رؤية الشاعر في أعماق الواقع لكي تبصر بالحتمية التاريخية التي تحدد حركته ومساره.
نلاحظ في القصيد تلاحم الشاعر مع موضوعه ( الوطن) فيتكلم بلسان اليمن , فكأن صوته الذي مزق حجب الصمت , هو نفسه صوت اليمن التي خرجت من عزلتها , لتبدأ مسيرتها التاريخية.
وقد كشف الالتحام بين الشاعر وواقعه عن رؤية جدلية للواقع الذي شاء أن ينطلق .
ولكن هل وجد هذا الصوت استجابة , وحدث الانطلاق؟
يجيب الشاعر في قصيدته ” مقتطفات من خطاب نوح بعد الطوفان“ : قلت لكم من قبل أن يثور ماء البحر قبل أن تعربد الأمواج
وقبل أن يغيب وجه الأرض قلت لكم : الداء والعلاج لم تحفلوا لم تسمعوا كنتم هناك في الغيوم , في الأبراج
يتحدث الشاعر بلسان النبي نوح موظفا قصة الطوفان الذي أغرق الناس إلا قلة بعد أن يئس من إصلاحهم , وهو بذلك يسقط مهمة النبي في قومه على الشاعر , كما يسقط قصة الطوفان على بلاده , فكلاهما رفع صوته محذرا , ولكن القوم لم يستجيبوا.
ولكن الشاعر لم ييئس , بل راح يهيئ كل وسائل النجاة ويدعوهم إلى سفينته قبل أن يحل الطوفان: لكن صوتي ضاع في الرياح سفينتي تاهت بها الأمواج
فأبحرت خالية إلا من الأحزان والملاح
ويأتي الطوفان على كل شيء , فتخرب وتدمر كل ما هو مثمر وجميل , فيقف نوح – أو المقالح – المثقل بالأحزان للكارثة المدمرة التي كان من الممكن تجنبها , لهذا يلوم قومه الذين وقعوا في قبضة الإعصار: قلت لكم والمد لم يزل بعيدا والبحر لم يزل بعيدا
أن تفتحوا عيونكم على الخطر أن تجمعوا السادة والعبيدا
أن تصنعوا من شوقكم , من حبكم نشيدا لتصعدوا به إلى القمر
لقد أبصر الشاعر بالخطر المحدق النابع من الداخل , وقد نبه قومه إليهما , ولكنهم أشاحوا النظر عنه , ولم يروا خطرا , بل اتهموا الشاعر , وسخروا منه تماما كقوم نوح عليه السلام , لقد خانتهم الرؤية , ومات الضمير , فكانت الكارثة : لا سفن البحر ولا الفضاء تنقذكم من قبضة القضاء فقد طغى الطوفان وكان ياما كان
وهكذا تتجاوز رؤية الشاعر السطح الخارجي للواقع لكي تنفذ إلى العوامل المتحركة في باطنه , وإلى العوامل الخارجية التي يتحرك في إطارها , وقد وضعها الشاعر في إطار فني استثمر قصة الطوفان لها لكي تستوعب هذه الرؤية .
وهكذا نجد أن الشاعر قد رأى رؤية واقعية جدية , وعبر عنه تعبيرا فنيا , إنه موقف ملتزم تحدد عن طريق الفن .
والمقالح واحد من بين شعراء آخرين مثلوا الاتجاه الواقعي الفني , الذين يمثلون البراعم الواعدة بشعر يلحق بروح العصر معنى ومبنى , أو التزاما فنيا .

المحاضرة الحادية عشرة
الشكل والمعمار للقصيدة في الشعر اليمني الحديث
لعل أبرز محاولات التجديد التي استهدفت الشكل الموسيقي
للقصيدة , الشاعر والكاتب المسرحي اليمني ” علي أحمد باكثير“ الذي حاول تطويع الشعر العربي للشكل والأداء المسرحيين , ثم استفاضت على أيدي : السياب , و البياتي , ونازك الملائكة , في شكل القصيدة . ولم يكن اليمن بمعزل عن هذا التجديد في الشكل الموسيقي للقصيدة , فقد خرج الشعراء من الإطار العمودي للقصيدة , ومن الوحدة الموسيقية للبيت المفرد ومن القافية الرتيبة , إلى إطار السطر ثم الجملة الموسيقي , حيث تصبح للقافي في نهاية الجملة أو السطر جمالية خاصة , تختلف كل الاختلاف عنها في القالب القديم.
وأول من حاول الخروج على شكل البنية الموسيقية التقليدي للقصيدة العربية والانتقال إلى الشكل الجديد , هو الشاعر: أحمد الشامي . وقد استغرقت محاولته سنوات حتى تمكن من الخروج من عباءة القالب الموسيقي القديم . بدأ الشاعر سنة 1950 اتجاهه إلى الشكل المنوع المنضبط , ونعني به شكل القصيدة التي تُقسم إلى وحدات موسيقية , وتنوع القوافي داخل كل واحدة , وتظل كل وحدة مرتبطة في نهايتها الموسيقية مشتركة موحدة في نهايات كل الوحدات .
وهذ التنوع المحدود المنضبط استكشفه شعراء أبولو , واستخدموه في قصائدهم لقد مثلت محاولة الشاعر أحمد الشامي هذه التجربة في قصيدته ” ندم ” وفيها يقول : لا قد رجعت إلى الصواب وتلك غضبة ثائر
نزفت عواطفه فهاجت ثورة عمياء طائشة كبركان غضوب
يا ويحها لم ترع حرمة ذلك الحب الطهور
فطغت وآذنت قدس حرمته وعاش بالمشاعر والقلوب استخدم الشاعر تفعيلات البحر الكامل , فالجملة الأولى تتكون عشر تفعيلات ( متفاعلن) بينما نجد الجملة الثانية من تسع تفعيلات , ثم تعود الجملتان فتلتزمان في النهاية بالقافية والروي.
وفي مرحلة تالية , يخرج الشاعر من ذلك الالتزام , ويقتحم الشكل الجديد ؛ ففي سنة 1954 كتب الشاعر عددا من القصائد
التي تمثل هذه النقلة , منها قصيدته ” النور الشهيد ” وفيها يقول :
حطمت مصباحي والليل يرزح تحت وطأته الوجود
وخنقت صوتي في فمي وصهرت لحني في دمي
وكسرت قيثاري والكون يصغي للنشيد
ونحرت أحلامي الجميلة وارتميت على التراب ابكي بلا دمع
وأنوح بالصمت البليغ وأريق سؤر الروح فوق حطام آمال الشباب
وأذيب لحن الثكل فوق رفات أشلاء الرباب
نلاحظ تحرك الشاعر في هذا المقطع – خلا البيتين الأخرين – بكل مرونة من دون تقيد بقافية مشتركة أو حرف روي , ومن دون تقيد بالتوازن الكمي الموسيقي , أما السطران الأخيران فقد عاد فيهما الشاعر إلى القالب التقليدي .
ولكن التجديد ليس مخالفة شكلية لنظام الأبيات التقليدي, لذلك نقول إن هذه القصيدة لم تضع قدم الشاعر على أرض التجربة الجديدة في جوهرها لأن القالب الموسيقي الجديد إنما يعكس روحا قد تخلصت نهائيا من النفس الموسيقي القديم , وليس الأمر مجرد مخالفة شكلية لنظام الأبيات التقليدي .بدأ الشاعر سنة 1959 مرحلة جديدة في مغامرة الشاعر مع الشكل الجديد , نلحظ فيها بداية تحول حقيقي نحو النفس الموسيقي الجديد , ففي هذه السنة كتب الشاعر قصيدة بعنوان ” لعنة المعركة“ أعقبها في سنة 1960 بقصيدة بعنوان ” دنيا ”, والجزء الأول من قصيدته الطويلة ” من اليمن“ التي قسم الثاني في سنة 1965 , وفي هذه القصائد نقلة واضحة نحو امتلاك النفس الموسيقي للشكل الشعري الجديد , ولكن الشاعر لا يبلغ مرحلة النضج الكامل الذي يمتلك فيه النفس الموسيقي الجديد للقصيدة روحا أو شكلا .ولكن الشاعر أحمد الشامي لم يخلص وجهه للشكل الجديد , بل ظل يكتب القصيدة التقليدية , وهو يتفق مع شاعر يمني آخر هو ” محمد الشرفي ” .
معمار القصيدة : ونعني به منهج الشاعر في بناء القصيدة . فما هي العلاقة بين جماليات الشكل الموسيقي للقصيدة وجماليات معماريتها ؟ لابد من أن نذكر أن القصيدة التقليدية تحتفل بموسيقية البيت الواحد الذي يشكل وحدة مستقلة قائمة بذاتها , مما جعلها تشكل مجموعة من الوحدات المستقلة, التي لايربط بينها إلا رابط شكلي وهو القافية والروي , فمنهجها تراكمي . أما الشكل الجديد فيفرض منهجا آخر في بناء القصيدة حيث يصبح السطر الشعري جزءا من التكوين الكلي للقصيدة موسيقيا ومعنويا , والقصيدة الجديدة منهجها تطوري .
فما الفرق بين المنهجين؟
- المنهج التراكمي : إضافة وحدات متجانسة بعضها إلى بعض.
ويمتلك هذا المنهج خاصة تجعل من المستطاع في القصيدة التقليدية قراءة البيت المفرد مستقلا عن القصيدة , ويمكن لقارئها أن يقفز من بيت لآخر.
اما المنهج التطوري :فيقوم على الترابط العضوي بين الأجزاء المكونة للكل في خط صاعد , وخاصة التطور في المنهج البنائي لا تسمح بذلك . بل تفرض على القارئ الاستمرار في اتجاه , حتى يتكامل البناء المعنوي لكل فقرة من فقرات القصيدة ثم للقصيدة بوصفها كلا .
يشكل خروج اليمنيين من الإطار التقليدي للقصيدة بعد عصور مديدة من الإبداع في هذا الإطار , إلى الشكل الجديد للقصيدة وإلى تحقيق منهجها البنائي حدثا له خطره ووزنه لأنه يدل على أن هؤلاء الشعراء قد استطاعوا أن يدركوا المغزى الحضاري لاستخدام المنهج التطوري في بناء قصائدهم.وهنا لابد من الإشارة إلى أن القصائد التي كتبت في الإطار التقليدي , ولكنها من حيث منهجها البنائي لم تكن تراكمية صرفا, وهي القصائد ذات الطابع القصصي , من مثل قصيدة ” محمد سعيد جرادة ” ” وادي الخطايا“ , فالحدث فيها متتابع مما حقق لها نوعا من التسلسل والترابط بين جزئيات القصيدة.
لقد حقق البردوني في قصائده التي تحكي قصة نوعا من الترابط والتسلسل بين الأجزاء . قصيدة ( نهاية حسناء ريفية – فارس الأطياف – أصيل القرية).
ونورد نموذجا من شعر البردوني نستخلص من خلاله طبيعة المنهج التراكمي في معمار القصيدة لتكون مثالا لظاهرة عامة يشترك فيها مع غيره من الشعراء.
يقول البردوني في قصيدة ” أنا وأنت ”
يابن أمي أنا وأنت سواء وكلانا غباوة وفسولة
أنت مثلي مغفل , نتلقى كل أكذوبة بكل سهولة
ونسمي بخل الرجال اقتصادا والبراءات غفلة وطفولة
ونسمي شراسة الوحش طغيانا , ووحشية الأناس بطولة
ونقول: الجبان في الشر أنثى ووفير ا لشرور وافى الرجولة
ونرى أصل ”عامر“ تربة الأرض و“سعدا“ نرى النجوم أصوله
فننادي : هذا هجين وهذا فرقدي الجدود سامي الخؤولة
نزعم الانتقام حزما وعزما وشَروب النجيع حر الفحولة
يابن أمي شعورنا لم يزل طفلا , وها نحن في خريف الكهولة
كم شغلنا سوق النفاق فبعنا واشترينا بضاعة مرزولة
لا تلمني , ولم ألمك, لماذا؟ يحسن الجهل في البلاد الجهولة
يتجلى المنهج التراكمي من خلال:
- من خلال الأبيات التي يوشك كل منها أن يكون كيانا معنويا قائما بذاته , وهي تدور في فلك معنوي واحد , وليس لواحد منها تقدم أو تأخر بالضرورة , فمن حق أي بين أن يحل في أي مكان من القصيدة من دون أن يفقد قيمته .
أما المنهج التطوري في بناء القصيدة فإنه يعكس النظرة الواقعية للواقع , وهو أكثر ملاءمة للتعبير عن الرؤية الواقعية الفنية للواقع, في حين يتوافق المنهج التراكمي مع المواقف المثالية في جوهرها سواء أكانت الرؤية فيها كلاسيكية أو رومانتيكية.
بدأ اتجاه الشعر اليمني إلى الشكل الجديد منذ أوائل الخمسينات على يد الشاعر ” أحمد الشامي“ الذي اصطنع الشكل الجديد في قصائده إلا أنها لم تكن تطورية في بنائها وذلك لغلبة الرؤية الرومانتيكية عليها. يقول الشاعر في قصيدته ” أمل“: في هوة اليأس حيث الأفاعي السود تنفث بالسموم وهياكل الآمال ترسف في الهموم والخير يجأر موثقا
والشر يزأر محنقا أشعلت نبراسي
وجثوت أوقده بزيت عواصفي وأصد عنه مطبقات مخاوفي
والقلب يخفق حائرا والروح يصرخ ثائرا
وكما يطل البدر من خلف السحاب ويداعب الأفق المصفد بالضباب
طلعت تباشير الصباح فشفت تباريح الجراح
كيف تحرك الشاعر في هذا المقطع؟ نجد الشاعر في هذا المقطع قد انتقل من النقيض إلى النقيض , قفزا , وكأن هذا التحول قد تم فجأة ,كان الشاعر غارقا في هوة اليأس , وإذا به في النهاية يظهر وقد التأمت جراحه , فتهلل واستقبل تباشير الصباح , وهذا التغير في الحالة الشعورية ليس من طبيعة التجربة الإنسانية , فالانتقال من حال إلى حال نقيضة لا يتم إلا بمبررات نفسية قوية , ومن خلال رؤية للواقع بوصفه صراعا بين متناقضات, فاليأس والأمل ليسا متجاوران بل متصارعان , لذلك نقول إن الانتقال من حال اليأس إلى حال التفاؤل والأمل لايتم إلا بعد المرور بحركة تطور نفسي تدعمها مبررات من صلب الواقع نفسه.إن ما يمكن أن يقال عن هذا المقطع من القصيدة : إننا نفتقد فيه الحركة النفسية التي كانت كفيلة – لو أن الشاعر تحراها – بأن تجعل من هذا المقطع بناء معنويا .
فهذا المقطع من القصيدة يمثل القصيدة كلها وقد حققت الشكل الموسيقي الجديد للقصيدة من دون تحقيق المنهج التطوري في أسلوبها المعماري , ولعل غلبة الرؤية الرومانتيكية على الشاعر في هذه القصيدة هو ماحال دون تحقيق هذا المنهج .
إن ماحققه رواد التجربة من الشعراء المعاصرين في اليمن , يدل على أنهم على بداية الطريق الصحيح .يعد الشاعر ” عبد العزيز المقالح“ أكثر الشعراء المعاصرين في اليمن إدراكا لطبيعة القصيدة الجديدة من حيث الشكل والمبنى , فضلا عن رؤيته الواقعية الفنية الواضحة في معظم ما أنتج من شعر.نقدم مثالا على ذلك قصيدته عصر يهوذا يقول الشاعر في المقطع الأول مصورا لحدث تاريخي :
وكان يهوذا هناك يقبل رأس المسيح
ويشرب نخب الإله وفي كل رشفة كأس يصلي
يناجي .. يصيح يعيش الإله
يعيش الرسول وشعب الرسول الذبيح ويقرأ مستغرقا في خشوع
حكايات من صلبوا في الطريق وفي عينه يرقص الحزن
تبكي الدموع وفي صوته يتعالى حريق يمثل المقطع مشهدا من حدث تاريخي , يصور فيه يهوذا من أخلص حواريي المسيح , يأكل على مائدته في العشاء الأخير .ثم يسلمه في الصباح لطالبيه , ويقبض الثمن , مدفوعا إلى هذا بالحقد الذي ملأ قلبه, وعن هذا يحدثنا في المقطع الثاني:
وعند الصباح يموت النهار
ويرقد فوق الصليب الرسول
وخلف السجون يعاني , يموت الإله
وتغرق روما بأحزانها , بالذهول
وندمي المسامير والشوك وجه الحياة
ويبدو هناك يهوذا بقصر الزعيم
يغني , يدق الطبول
”يعيش الزعيم العظيم
يعيش الذي شد كل الجباه
إلى الشمس , شد عيون الحفاة“
وفي جنبه يرقص الحقد , يطفو المرح
وفي شفتيه طحالب تنمو
وفي صوته يتلوى الفرح
الشاعر هنا يبين تطور الحدث التاريخي الذي صوره في المقطع الأول , لقد كشف يهوذا – في هذا المشهد – النقاب عن وجهه المخادع , وصورته المزيفة , فإذا هو منافق وخائن لسيده, إنها الفاجعة وهذا ما كان .وفي المقطع الثالث , يسقط الحدث الذي بسطه على الواقع, فيقول مصورا ماهو كائن :
مشيت مشيت بأقدام قلبي لعلي أحس على الأرض صدقا
لعلي أعانق حقا مشيت مع الشمس غربا
رحلت مع الفجر شرقا وجدت يهوذا هنا يأكل الجائعين
ويسمع أقوالهم في شجاعة وكان هناك يداعبهم خائفين
ويأكل أحلامهم في براعة يهوذا هنا , وهناك الأمين
وصاحب كل الطقوس المباعة ونحن البضاعة
ونحن الجموع المضاعة نغير لون الوجوه
نغير أدوارنا كل يوم ليرضى الزعيم لكي لا نتوه
ويلقي بنا غاضبا في الجحيم
انتهت قصة يهوذا في التاريخ بكل ما تحمله من دلالة , ولكن يهوذا كان فردا , وصار في العصر الراهن السمة المميزة للناس. كذب ونفاق وتلون وخيانة هي السمات المميزة للجماهير الضائعة. لقد صار نموذج يهوذا بكل أبعاده هو النموذج السائد في هذا العصر حتى ليمكن أن يقال إنه عصر يهوذا, وهكذا أسقط الشاعر الواقعة التاريخية الفردية على الواقع الراهن كله , وهنا يرتفع صوت الشاعر إزاء حقيقة هذا العصر الأليمة كما ترامت له , فيقول:
كفرت بهذا الزمان بكل الزمان كفرت بصمت الكهوف
بلون الحروف بهذي القصيدة بكل قصيدة بكل عقيدة
بدين يهوذا بعصر يهوذا بما تكتبون بما تقرؤون
تعالوا لكي تصلبوني لكي تنقذوني فإني كفرت بعصري
بنفسي بإنسان عصري فلا ترحموني فلا ترحموني
كثف الشاعر رؤيته للواقع في هذا المقطع , فبدأ بإعلان كفره بهذا الزمان, ثم تصاعد بهذا الكفر حتى شمل الزمان كله وشمل الناس كلهم , حتى لقد كفر بنفسه , وهنا تبدأ مأساة العصر قمتها , حيث يصبح الصلب والإعدام يمثلان الخلاص الوحيد للإنسان.
وعلى هذا النحو تصبح أجزاء القصيدة المختلفة ممثلة لمراحل تطور الحدث ببعديه التاريخي والواقعي وتصاعده – من خلال الشعور الإنساني – نحو قمة المأساة .
المحاضرة الثانية عشرة
المعجم الشعري والتراكيب :
نحن نعلم أن الشعر تعامل خاص مع اللغة في مفرداتها وتراكيبها , فاللغة بمفرداتها وتراكيبها تأخذ في الشعر وضعا خاصا , وتؤدي وظيفة خاصة , بل إن كل شاعر أصيل يكون له تعامله الخاص مع اللغة ومن ثم يكون الحديث عن معجمه الشعري وعن ميزاته الأسلوبية الخاصة . كما أن المعجم الشعري والتراكيب اللغوية تتأثر إلى حد بعيد بنوعية التجربة التي يعبر عنها الشاعر , أو بنوعية رؤيته . بمعنى أن نوعية الرؤية تفرض نوعية خاصة في المعجم الشعري وفي التراكيب اللغوية المستخدمة في الشعر.فالرؤية الكلاسيكية تتعامل مع اللغة – مفردات وتراكيب – عن الرؤية الرومانتيكية , والرؤية الواقعية تتعامل مع اللغة بطريق تختلف عن الرؤيتين السابقتين . إن رحلة الشعر اليمني فنيا من الرؤية الكلاسيكية إلى الرؤية الرومانتيكية ثم الرؤية الواقعية كانت متعاصرة , وكذلك كانت رحلة في عالم المعجم الشعري والتراكيب اللغوية في الشعر. فكان هناك :
أولا : المعجم التقليدي والأبنية والتراكيب الخطابية العالية النبرة, ولكن هذا ليس عاما ؛ فالشعراء يتفاوتون في مدى استعانتهم في هذا المعجم بالمعجم الشعري التقليدي في الشعر العربي القديم . وكذلك الشأن في الأبنية والتراكيب.
فعلى حين يجتمع في شعر الزبيري والموشكي كثير من مفردات المعجم الشعري القديم والتراكيب المألوفة , نجد هذا المعجم يتضاءل في شعر البردوني إلى حد بعيد وإن ظلت هياكل الأبنية التقليدية قائمة .فالموشكي مثلا حين يقول :
ستقرع بعد اليوم من ندم سنا إذا ما فؤاد الشعب باح بما جنا
ولبى أباة الضيم أصوات هاتف بهم أسمعت أصواته الإنس والجنا
نلاحظ تعويل الشاعر على صور من الأبنية اللغوية الشعرية لها أصداء واضحة في محفوظنا من التراث الشعر العربي , وترتبط المفردات بأبنية القديمة ,والزبيري حين يقول:
تطل عليه الشمس عميا كليلة كأن مسا من السحر مغربا
فتراكيب البيت تستدعي صورا قديمة من مثل قول المتنبي : تمر بك الأبطال كلمى هزيمة .
فالشاعران يعولان على معجم الشعر القديم وأبنيته اللغوية وتراكيبه بما يبين طريقة تعامل الشاعر مع اللغة , وهو في تعويله على الموروث القديم , يتجنب مغامرة خلق اللغة الخاصةأما البردوني , فالغالب عليه استعانته بالأبنية والتركيب دون المعجم , إنه يقف في منتصف الطريق : رجل في الماضي ورجل في الحاضر , إنه شاعر محير وموقفه الشعري نفسه محير , وكان قادرا على تجاوز حيرته بالانطلاق نحو المنطلقات الجديدة . فهو حين يقول :
والتقوا يغسلون بالنار دنياهم ويحمون بالدم الأوحالا
وأضاءوا والليل يبتلع الشهب وأم الهلال تطوي الهلال
فتناغى ومض المآذن, ماذا ؟ أي فجر أشيم فيه بلالا!
والرؤى تسأل الرؤى ضج الصمت , واستفسر الخيال الخيالا
من أطلوا كصحو نيسان يكسون الربى الجرد خضرة واخضلالا
ومضى الثائرون يفدون شعبا يَتَحَدون باسمه الآجالا
كالقلاع الجهنميات ينقضون , يرمون بالجبال الجبالا
ويشبون ثورة رمت التاج وهبت تتوج الأجيالا ففي الأبيات ألفاظ قليلة تنتمي بصيغتها إلى الاستخدام الشعري القديم ” الجرد“ و“ الاخضلال“ و“ أشيم“ , ولكننا نجد تراكيب خاصة غير مألوفة ( يغسلون بالنار دنيانا – الليل يبتلع الشهب – تناغي ومض المآذن- ضجيج الصمت – القلاع الجهنميات ).فهاهنا قد أنشأ الشاعر علاقات جديدة بين المفردات في كل تركيب , فاكتسبت التراكيب خصوصية وجدة. ومع هذا فإننا لو رددنا البصر فيها مرة بعد مرة لأستدعت أمثالها في الشعر القديم , مما يجعلنا نقول : إن البردوني أقام بناء على أساس من خطة معمار قديم , ولكنه يستخدم عناصر خاصة في البناء.ولكنه يتخلص من هذا الطابع في قصائده التي تعكس رؤيته الرومانتيكية .
ثانيا : المعجم الرومانتيكي والتراكيب الهامسة الذي راج في الشعر العربي في حقبة الثلاثينات والأربعينات على أيدي الشعراء الرومانتيكيين وشعراء المهاجر , وقد تسرب هذا المعجم إلى كثير من الشعراء في اليمن ( أحمد الشامي – البردوني – الحضراني – علي محمد لقمان – لطفي جعفر أمان - ) وتبدى فيه خفوت في نبرة الشعر وهدوء النفس , وكأن الشعر غدا حديث الذات إلى ذاتها .يقول لقمان:
يابحر لا تعذل ولا تعتب ولا يروعك انتفاخ الشراع
هذا هو الشاعر في الموكب يحلو له ياصاحبي الاندفاع
ويقول جعفر أمان:
وغفونا , وتمنينا زمانا لا نفيق أي دنيا غرقت في الكون في صمت عميق
سعرت أنفاسنا الولهى بنيران الرحيق ودفنا في عناق كل ما فيه حريق
ويقول كذلك:أراك هنا تشعين وجها مديد الضياء مديدا يعانق كل الدنا ومنديلك القرمزي الشفيف يرف على نسمات السنا وينشر فوق دروب العبير
طيوبا منابتها أرضنا فأهفو إليك أفتح كل نوافذ قلبي
لعطر الضياء أمد اشتياقي
ويقول الحضراني:
أهيب بالمقلة أن ترعوي عن غيها والقلب أن يستفيق فقد كفى الأحشاء ما تنطوي عليه من جرح وحزن عميق جئت وفي قلبي جراح الوجود وفي جفوني قلق الراحل
أود لو زالت أمامي السدود أو تستقر النفس في الساحل
نلاحظ أن بعض الشعراء قد استخدموا الشكل الجديد , وظل معجم القصيدة وتراكيبها رومانتيكية , ويصادفنا مفردات ( الشاعر في الموكب – وتمنينا زمانا لا نفيق – أنفاسنا الولى – نيران الرحيق – تشعين – المنديل القرمزي الشفيف – يرف – نسمات السنا – دروب العبير – عطر الضياء – جراح الوجود – قلق الراحل ) , وهي من ألفاظ الرومانتيكيين , وهم على اتفاقهم في مناحي التجربة الشعرية وفي وسائل التعبير عنها ظل لكل واحد منهم نفسه الخاص المميز له. ولهذا المعجم وهذه التراكيب دور أساسي في إثارة المشاعر الرهيفة , وهذا راجع إلى العلاقات الجديدة التي ينشئها الشاعر بين المفردات , ومن ثم كانت ” نيران الرحيق – نسمات السنا – عطر الضياء , وهي تراكيب تولد صورا تتجاوز الواقع وتعلو عليه وتصبح بديلا عنه . ثالثا: معجم الرؤية الواقعية وتراكيبها:من البدهي ألا يصلح المعجم الكلاسيكي أو الرومانتيكي , وكذلك التراكيب , للتعبير عن الرؤية الواقعية . فالنظرة الواقعية تتعامل مع اللغة بوصفها الوجود نفسه , إنها ليست تصويرا للواقع بل هي الواقع نفسه بكل مافيه من جدل وحركة , والشعر إنما يعيد بناء الكون عن طريق اللغة . وبالنظر في معجم الرؤية الواقعية الفنية يتبين لنا أن الشاعر لا يستخدم الأبنية التقليدية الخاصة بالشعر القديم فيما يستخدم من مفردات , بل الغالب فيه استخدام الأبنية العامة المألوفة في الكتابة العصرية , وبهذا يقترب المعجم من الواقع ويصبح تمثيلا حقيقيا له .تخلص معجم الرؤية الواقعية من الصيغ أو الأبنية اللغوية ذات النبرة العالية , والإثارة الحسية الناعمة , وظل مخلصا للواقع فيما يتدوال من مفردات , وكذلك الأمر بالنسبة للتراكيب , تختلف عما سبقها , وغدت تتكلم بصوت مسموع .والقصيدة ليست تقريرا عن الواقع بل رؤية فنية للواقع , ومن هنا تحمل كل مفردة وظيفة فنية , نستطيع من خلالها أن نفسر ما يصادفنا من رموز أو إشارات رمزية أو أساطير , فمثل هذه العناصر حين ترد في السياق إنما ترد لتصب شحنتها التعبيرية في السياق ,وتشارك في البناء الكلي . وإذا نظرنا في الشعر اليمني وجدنا من الشعراء من يستخدمون معجما شعريا وتراكيب لغوية لا تدين بشيء للمعجم والأبنية التقليدية , ومن هؤلاء الشعراء ” عبده عثمان – الشرفي – المقالح – عبد السلام ناجي – أحمد الشجني – أحمد الماخذي ” ينطلق هؤلاء من رؤى واقعية , يختلفون في مدى تحقيق الوجه الفني لهذه الرؤى ؛ فبعضهم يسجل الواقع تسجيلا حرفيا , وهذا يجافي طبيعة الرؤية الواقعية الفنية للواقع (عبده عثمان ), لأن الرؤية الفنية تشترط التفاعل بين الشاعر والواقع شرط أساسي (عبد العزيز المقالح – الشرفي – عبد الله سلام).ونقدم قصيدتين للشاعر عبده عثمان ( الأصوات من الداخل )و(الباحثون عن وجوههم) لنبين الفرق بينهما في مدى نجاح الشاعر في توظيف المعجم والتراكيب توظيفا فنيا , وفي مدىتحويل هذا المعجم وهذه التراكيب إلى وحدات بنائية لا يمكن الاستغناء عنها في القصيدة . فالقصيدة الأولى طويلة , يستطرد فيها الشاعر , وكان بمقدور الشاعر أن يوظفه توظيفا فنيا ناجحا لتعميق الرؤية , ولكن حال دون تحقيق هذه الوظيفة أن المعجم والتراكيب جميعا كثيرا ما كانت تسجيلية صرفا للحقائق والوقائع المطروحة والمعروفة.ولنقرأ القصيدة للشاعر ” عبده عثمان“:
وجدت نفسي شاخصا وذاهلا أواه عند باب خيمة تمسك بي ثكالى
ويمسك اليتم واليتيمة كم طال عند أهلها النواح في حلك الليل تغنى للصباح
وكل من بها ياكم تكوموا من قلة الدفا قالت وأكدت تلك الليالي في الشتاء
كم جاعوا , كم وكم ماتوا, يموتون جوعا وظمأ على طريق الفجر في الصحرا
وعندما هبت الرياح من جديد بعنفها الجديد مطلقة قواها والسموم
تريد أن تأتي على بقية الخيام
لو نظرنا في التراكيب ( وجدت نفسي – طال عند أهلها النواح – وكل من بها – قلة الدفا – قالت وأكدت – تأتي على بقية الخيام )وهي تراكيب من الحياة اليومية , ولا تفجر أي دلالات شعورية خاصة , ومن ثم غلبة الطابع التسجيلي , وفقد الشعر فيها نبضه و حيوته وانفجاراته المثيرة , نتيجة لمحدودية الوظيفة التي أداها المعجم وما تكون منه من تراكيب , وانحصارها في مجرد نقل المعلومة , ثم اتسعت رقعة القصيدة على حساب التكثيف والتركيز اللذين يميزان معجم الشعر وتراكيبه . أما القصيدة الثانية , فإننا نرى الشاعر يتعمق الموقف ويغوص في أغواره , إنها عن لحظة الشعور بالإحباط والخذلان الداخلي والإنكسار بل الموت بلا ثمن:
ونسحب أوصالنا كالسكارى ونبحث عن موقع ليس فيه سوانا نذم الزمان ونهجو رياح الليالي
فنسقط من شرفات الخيال وتمضي تحدق في وأمضي أحدق فيك
ولستُ الغريب ولستَ الغريب لأصرخ: ما اسمك؟
لأصرخ: ما اسمك؟ وأردف: من أي أرض أتيت؟ فكأسك كأسي
ونشرب من قربة واحدة ونلبس نفس الثياب ونطرق في مأتم واحد
وتلف في نظرات العيون لنا أسئلة أنحمل في الناس صيحة ؟ ولكننا لا نصيح
كانك لست الطعين كأني لست الجريح أنصلب سرا؟
وأواه أواه أين الصليب؟ وأين أنا؟ أين هم؟ أين أنت؟ وهيهات أين مكان المسيح ؟
بداية نحس بالهزيمة والانكسار ( نسحب أوصالنا) , ثم تتوالى إلى جزئيات الصورة لكي تؤكد هذا الإحساس وتعمقه .إن الفرق بين القصيدتين على مستوى المعجم الشعري والتراكيب, وكل شيء يوظف توظيفا فنيا , وكل حرف يرتبط بالمعنى العام الذي تعبر عنه القصيدة , وتتكامل فيما بينها في رسم الصورة الكلية.وكلمة أخيرة : إن الرؤية الفنية للواقع في الشعر تقتضي نوعا خاصا من التعامل مع المعجم ومع الأبنية اللغوية والتراكيب حتى يتحقق شرط الفن في التعبير إلى جانب الموقف الملتزم

غـــازي عبد الرحمن القصيبـــي
يمثّل غازي القصيبي مرحلة من مراحل التحوّل في شعر الخليج ، فهو قد بدأ رومانسياً بديوانه ( أشعار من جزيرة اللؤلؤ ) ثم تطوّر فنّه, ولكن لم يتخلّ عن رومانسيته نهائياً ، فاستمرّ يراوح بينها وبين الرؤية الواقعيّة . وهذا التطوّر في حدّ ذاته يصوّر لنا جيل المعاناة في الخليج ، الجيل الذي عاش مرحلة التحوّل الحضاري بكلّ أبعادها ، فاغترب اغتراباً معنوياً حقيقياً ..
فالحدود بين منطقة الخليج مازالت شديدة المرونة .. مفهوم الغربة والاغتراب :
إنها الغربة التي يحسّها ، فتتكرّر كلمة الاغتراب مرة ومرة ومرّات في القصيدة .
الغربة :لو جئت عن بعد تطالعني ، تلوّح بالذّراع
ويبدو أن الغربة هنا حسّية معنويّة في وقت واحد ، بمعنى أن الرحلة إلى بلد آخر له تقاليده المختلفة جعلته يشعر بالوحدة والوحشة ، والقصائد غير مؤرّخة .. ولكن أكبر الظن أنها قيلت في الفترة الزمنية التي كان يدرس فيها بالقاهرة ومن هنا كانت الأبيات التالية :

أرضي هنـــاك مع الشواطئ والمزارع والسّهول
في موطن الأصداف والشّمس المضيئة والنخيل
من الواضح أن الأبيات تبرز الرمز الخالد للخليج ، الشاطئ ، وشراعه والنخلة إلى جواره ، وأشعة الشمس تحتضن الصورة كلها في طمأنينة ووداعة وصفاء .الحب عنده :
والحب عنده وعند الرومانسيين – رمز للأمل- الذي يبحث عنه ولا يراه .
العزم بالعودة .. يتمثّل في الأبيات التالية : الضوء لاح فديت ضوءك في السواحل يا "منامة"
فـــــــوق الخليج أراك زاهية الملامح كابتسامة
المــــــــــــرفـأ الغافي وهمسته يهنئ بالسّلامة
ونــــــــــداء مئذنة مضوأة ترفرف كالحمامة
إن هذه المرحلة توجز المضمون الرومانسي ففيها الغربة والروحية والحنين الجارف واللوعة تمتزج جميعها .
المدينة في شعره :
المدينة تسمو فيها العواطف بدلاً من الحياة المادية . وجنته الدنيوية التي يرسمها خياله : "واحة وارفة الظل" ..
تجربة الاغتراب ببعديها المكاني والزماني مازالت مستمرّة :
أين أمضـي ؟ يسؤالاً لم يــزل ظامئاً يقرع سمع الأبــــــــد
هذه الرحلة ما أغربــــــــها أترى ندري مداها في غـــد؟
يعجز العلم وتعيا الفلسفـــة في جواب نشتهي أن نعرفـه
على الرغم من رحلات الشاعر إلى أقصى الأرض والتطور الحضاري الذي شهدته الإنسانية ، إلا أنه في أعماقه مازال يرتبط بالبادية التي يستمدّ صوره منها .
وتتكرّر كلمة الصحراء مرّة ومرّات .. ولا تأتي الواحة في قصيده إلا في خياله ..
وهو شاعر مرتبط بالتراث ..
بلا موعد
رأيتك ضعت مع المشهد
بلا موعد
تلفت أبصرتني في الطريق
وطالعت في خطوي المجهد
ضلال الغريب وخوف الغريق
فأومض ثغرك عن بسمتين
وفي لمحتين
طواني الضباب فلم أهتد
إلى مقصدي
وهذه محاولة تجمع بين حرية الشاعر والتزامه بالتناسق في التوزيع الموسيقي ..
مازال الشاعر برغم حياته الطويلة في الغربة عاجزاً عن التكيّف في البيئة الأجنبيّة .
ومازال الشاعر يزاوج بين تيّارين .. الرومانتيكي الحالم ، والواقعي .. الذي يركّز على ( داعية الألم ) وكنت أمس بقـــربي نخلة نثرت على هجير حياتي الظل والرطـبَ
لم يجد الشاعر الذي خرج من البادية ومازالت تعيش في أعماقه غير النخلة وهي رمز العطاء في البادية .. ويستمرّ الشاعر الذي اغترب سنوات طويلة .. مرتبطة بجذور الصحراء .
رجعت إليك مهموماً لأني لم أجد في الناس
من يؤمن بالناس ..
رجعت إليك محروما ً ، لأن الكون أضلاع
بلا قلب ..
إن الرؤية الواقعية هنا تختلف عن البداية الرومانتيكيّة ومن هنا اختلفت الموسيقى التصويرية وهذا هو المذاق الجديـد التزامه بقضايا الوطن :
في قصيدته بعنوان ( الهنود الحمر ) يتناول قصة الهنود الحمر الذي اجتاحهم البيض نتيجة تخلّفهم الحضاري وأوهامهم التي عاشوا فيها ، ولم يبق منهم سوى نقوش تملأ المتاحف أو بقايا من سلالتهم ، ثم تأتيه رجفة وهو ينكأ جراحنا :.
قل يا أخي، هل يبصر السواح يوماً ما حضراتنا بقايا ؟ ملء المتاحف أو سبابا
مفهوم الموت والحياة :
القضية الثانية تتصل بفكرة انطفاء الحياة ، وقد خصّص ديواناً لرثاء شقيقه نبيل أسماه (في ذكرى نبيل )
أخي كنت والدنيـا كيـان يضمّــنا أخي أنت والدنيا كيان تصدّعـــا
أخي كنت والأحـلام ترقص بيننا أخي أنت والأحلام تجثم ركّعــا
أخي كنت والكاسات تطفح نشـوة أخي أنت والكاسات تقطر أدمعا
وهي أبيات فيها الإحساس بالزمن وما في دورانه من تحوّل في طبيعة الأشياء إلى التصدّع والانهيار تتميز أغاني الوداع التي نظمها الشاعر في رثاء بعض أهله, تتميز بأمرين :
الأول: الأسلوب الإنشائي والحركة في الصورة:( سلاما أيها الموت , أتيت رأيت وامتدت , يداك ومادت الدنيا , وأطبق بعدها الصمت).
الأمر الثاني : هو هزيمة الحياة أمام الموت (أيهزمنا الموت,
يهزم حتى المحبة الإخاء؟ علام إذن يانبيل الحياة؟
موقف غازي من الحضارة الغربيّة:
غازي لا يرفض الحضارة الغربيّة ، ولكنه يرفض أن نفقد خصائصنا الذّاتية "ينبغي أن نتأمل هذه الحضارة فنقتبس منها علومها ونلم بتراثها الفكري إلماماً لا يقتضي الاقتباس ثم ننظر إلى جوانبها اللا إنسانية فنرفضها . ولعلّ في مثل هذه النظرة المتوازنة ما يعنيننا على أن نبني من جديد في بلادنا حضارة كـحضارتنا القديمة التي كانت تقود العالم كلّه .
إبراهيم العريّض
"رائد الرومانسيّة الخليجيّة”
كان شعراء الخليج يسيرون في خطوات وئيدة متتبعين قافلة الشعر العربي منذ أكثر من ألف عام ، واقفين بالشعر الخليجي العربي في الثلاثينات والأربعينات عند حدود المناسبات .
وكان الإحساس قويّاً بأن هذه اللغة بدا عليها الإنهاك من كثرة الاستعمال ، وبضيق المجرى الذي يسير فيها الشعر العربي حتى ليقع الحافر على الحافر .
نشأة العريّض الأدبيّة :
استطاع أن يخترق حاجز المكان وحاجز الزمان ذلك هو إبراهيم العريّض , شاعر البحرين ..
الذي استطاع من بعد أن يمدّ جناحيه على الحياة الأدبية جيلاً كاملاً .
إصداراته :
الأساليب الشعريّة ..
أسلوبه :
أسلوب الشاعر المتعبّد الذي دعاه بالأسلوب الغنائي .. وأسلوب الشاعر البحاثة الذي دعاه بالأسلوب التحليلي .. والشاعر المتعبّد هو الشاعر الرومانسي .. بينما الأسلوب التحليلي هو أسلوب أصحاب الإتجاه الواقعي .
مراحله الشّعرية :
مرّ العريض بمرحلتين واضحتين وإن لم يكن بينهما فارق زمني طويل .
المرحلة الأولى / مرحلة "العرائس" ... وهو اسم ديوانه
المرحلة الثانية / مرحلة "شموع" وهي أيضاً ترجع إلى اسم ديوانه أسلوبه الحواري :
الأسلوب الحواري أحد الأساليب التي التفت إليها العريّض ، وكما أن عمر كان نقلة من الأساليب الجاهلية ، كذلك كان موقف علي محمود طه في مصر، وإبراهيم العريض في الخليج كلاهما نقلة من عصر الإحياء إلى عصر أدبي جديد .
نظرته للمرأة :
كانت المرأة رمزاً , أو تجريداً للفـنّ .


كاملين ؟
شنو الناقص ؟

حزن الليل 2012- 5- 13 01:11 AM

رد: تجمع طآلبات اللغة العربية " المستوى الثآمن " :)
 
بنات الحين احنا النحو مع فايزه اخذنا الاخبار بالالف والذي والللام ودكتوره فوزيه يقولون مااخذوه وشلون يعني والاختبار اصلا موحد انا ساله فايزه قالت اي موحد
طيب الزبدة اذاكر باب الاخبار والا لا لانه صعب ومالي خلقه بصراحه اذاكره ولا يجي

نبراس العلم 2012- 5- 13 03:04 AM

رد: تجمع طآلبات اللغة العربية " المستوى الثآمن " :)
 
4 مرفق
ملزمة المسرحية بالنثر مع محاضرة قضية الفصحى والعامية
وبالمرفقات تجدين ملازم منهج النثرد/منى:oao:

نبراس العلم 2012- 5- 13 03:29 AM

رد: تجمع طآلبات اللغة العربية " المستوى الثآمن " :)
 
Beam universes ابي منك ايميل دكتورة حنان الحارثي وشكرا لتعاونك تعبتك معي:d5:


حزن الليل 2012- 5- 13 03:42 AM

رد: تجمع طآلبات اللغة العربية " المستوى الثآمن " :)
 
بنات الحين احنا النحو مع فايزه اخذنا الاخبار بالالف والذي والللام ودكتوره فوزيه يقولون مااخذوه وشلون يعني والاختبار اصلا موحد انا ساله فايزه قالت اي موحد
طيب الزبدة اذاكر باب الاخبار والا لا لانه صعب ومالي خلقه بصراحه اذاكره ولا يجي

strobrry 2012- 5- 13 04:13 AM

رد: تجمع طآلبات اللغة العربية " المستوى الثآمن " :)
 
بنات الله يخليكم ممكن تحددون لنا الابيات الحفظ في الادب السعودي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

Butterfly1434 2012- 5- 13 09:51 AM

رد: تجمع طآلبات اللغة العربية " المستوى الثآمن " :)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *ياس* (المشاركة 6402316)
Beam universes

شيكي ع الخاص

ارسلتها
وهي بالاساس كلها موجودة .. ولو بحثتي زين لقيتها:sm12:
بآلتوفيق

Butterfly1434 2012- 5- 13 09:52 AM

رد: تجمع طآلبات اللغة العربية " المستوى الثآمن " :)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نبراس العلم (المشاركة 6405629)
beam universes ابي منك ايميل دكتورة حنان الحارثي وشكرا لتعاونك تعبتك معي:d5:


ماعندي ايميل حنون:060:

Butterfly1434 2012- 5- 13 09:59 AM

رد: تجمع طآلبات اللغة العربية " المستوى الثآمن " :)
 
ابيات الحفظ في الادب السعودي
هم بس في محاضرات الأولى , والدكتورة موضحتهم بالعرض نفس اللي نحفظهم
نزلتهم هنا من قبل بداية الترم بموضوع للعضوة القرار الأخير اذا ماخاب ظني
المهم انهم موجودين هنا
وهم نفس اللي بالعرض اللهم زيادة بسيطه


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 08:24 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه