L U X U R Y
2011- 8- 10, 06:56 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
مادفعني إلى كتابة هذا الموضوع , هو طلب أحد الأشخاص
بأن أطرح هذا الموضوع , لِ تعم الفائدة الجميع "
فَ دعائنا له [ جزاه الله عنا كل خير , وَ رزقه رضا الرب وَ الجنّة ]
هذه سهام لصيد القلوب ، أعني تلك الفضائل التي تستعطف بها القلوب ، وتستر بها العيوب وتستقال بها العثرات ، وهي صفات لها أثر سريع وفعّال على القلوب ، ف إليك أيها المحب سهاماً سريعة ما أن تطلقها حتى تملك بها القلوب ف احرص عليها ، وجاهد نفسك على حسن التسديد للوصول للهدف واستعن بالله .
- الوسيلة الأولى : الإبتسامة ,
قالوا : هي كالملح في الطعام ، وهي أسرع سهم تملك به القلوب ، وهي مع ذلك عبادة وصدقة ، ( فتبسمك في وجه أخيك صدقة ) كما في الترمذي ، وقال عبد الله ابن الحارث :
( ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
- الوسيلة الثانية : البدء بالسلام ,
سهم يصيب سويداء القلب ليقع فريسة بين يديك لكن أحسن التسديد ببسط الوجه والبشاشة ، وحرارة اللقاء ، وشد الكف على الكف ، وهو أجر وغنيمة فخيرهم الذي يبدأ بالسلام ، قال عمر الندي : (خرجت مع ابن عمر فما لقي صغيراً ولا كبيراً إلا سلم عليه) ، وقال الحسن البصري : (المصافحة تزيد في المودة) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ) . وفي الموطأ أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء ) قال ابن عبد البر : هذا يتصل من وجوه حسان كلها .
- الوسيلة الثالثة : الهدية ,
ولها تأثير عجيب فهي تذهب بالسمع والبصر والقلب ، وما يفعله الناس من تبادل الهدايا في المناسبات وغيرها أمر محمود بل ومندوب إليه على أن لا يكلف نفسه إلا وسعها ، قال إبراهيم الزهري : (خرّجت لأبي جائزته فأمرني أن أكتب خاصته وأهل بيته ففعلت ، فقال لي تذكّر هل بقي أحد أغفلناه ؟ قلت لا قال بلى رجل لقيني فسلم علي سلاماً جميلاً صفته كذا وكذا ، اكتب له عشرة دنانير ) انتهى كلامه .
انظروا أثّر فيه السلام الجميل ، فأراد أن يرد عليه بهدية ويكافئه على ذلك .
- الوسيلة الرابعة : الصمت وقلة الكلام إلا فيما ينفع ,
وإياك وارتفاع الصوت وكثرة الكلام في المجالس ، وإياك وتسيد المجالس ، وعليك بطيب الكلام ورقة العبارة ( فالكلمة الطيبة صدقة ) كما في الصحيحين ، ولها تأثير عجيب في كسب القلوب والتأثير عليها حتى مع الأعداء فضلاً عن إخوانك وبني دينك ، فهذه عائشة_ رضي الله عنها _ قالت لليهود :( وعليكم السام واللعنة) فقال لها رسول الله_ صلى الله عليه وسلم _ : ( مهلاً يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمر كله ) متفق عليه ، وعن أنس _ رضي الله عنه_ قال ، قال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ : ( عليك بحسن الخلق وطول الصمت فو الذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما ) أخرجه أبو يعلى والبزار وغيرهما . قد يخزنُ الورعُ التقي لسانه …… حذر الكلام وإنه لمفوه ,
- الوسيلة الخامسة : حسن الاستماع وأدب الإنصات ,
وعدم مقاطعة المتحدث فقد كان رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ لا يقطع الحديث حتى يكون المتكلم هو الذي يقطعه، ومن جاهد نفسه على هذا أحبه الناس وأعجبوا به بعكس الآخر كثير الثرثرة والمقاطعة ، واسمع لهذا الخلق العجيب عن عطاء قال : ( إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن يولد ).
- الوسيلة السادسة : حسن السمت والمظهر ,
وجمال الشكل واللباس وطيب الرائحة ، فالرسول _ صلى الله عليه وسلم _ يقول : ( إن الله جميل يحب الجمال ) كما في مسلم . وعمر ابن الخطاب يقول :( إنه ليعجبني الشاب الناسك نظيف الثوب طيب الريح ) ، وقال عبد الله ابن أحمد ابن حنبل :( إني ما رأيت أحداً أنظف ثوبا و لا أشد تعهدا لنفسه وشاربه وشعر رأسه وشعر بدنه ، ولا أنقى ثوبا وأشده بياضا من أحمد ابن حنبل) .
- الوسيلة السابعة : بذل المعروف وقضاء الحوائج ,
سهم تملك به القلوب وله تأثير عجيب صوره الشاعر بقوله :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم … فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
بل تملك به محبة الله عز وجل كما قال _ صلى الله عليه وسلم_ : ( أحبُ الناس إلى الله أنفعهم للناس ) ، والله_ عز وجل_ يقول : { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } .
إذا أنت صاحبت الرجال فكن فتى , مملوك لكل رفيق
وكن مثل طعم الماء عذبا وباردا , على الكبد الحرى لكل صديق
عجباً لمن يشتري المماليك بماله كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه، ومن انتشر إحسانه كثر أعوانه .
- الوسيلة الثامنة : بذل المال ,
فإن لكل قلب مفتاح ، والمال مفتاح لكثير من القلوب خاصة في مثل هذا الزمان ، والرسول _ صلى الله عليه وسلم يقول : ( إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلى منه خشية أن يكبه الله في النار ) كما في البخاري .
صفوان ابن أمية فر يوم فتح مكة خوفا من المسلمين بعد أن استنفذ كل جهوده في الصد عن الإسلام ، والكيد والتآمر لقتل رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ، فيعطيه الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ الأمان ويرجع إلى النبي _ صلى الله عليه وسلم _ ، ويطلب منه أن يمهله شهرين للدخول في الإسلام ، فقال له رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ بل لك أربعة أشهر ، وخرج مع رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ إلى حنين والطائف كافراً ، وبعد حصار الطائف وبينما رسول الله _ صلى الله عليه وسلم ينظر في الغنائم يرى صفوان يطيل النظر إلى وادٍ قد امتلأ نعماً وشاء ورعاء . فجعل عليه _ الصلاة والسلام _ يرمقه ، ثم قال له : يعجبك هذا يا أبا وهب؟
قال: نعم ، قال له النبي _ صلى الله عليه وسلم _ : هو لك وما فيه .
فقال صفوان عندها : ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي ، اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
لقد استطاع الحبيب _ صلى الله عليه وسلم _ بهذه اللمسات ، وبهذا التعامل العجيب أن يصل لهذا القلب بعد أن عرف مفتاحه .
فلماذا هذا الشح والبخل ؟ ولماذا هذا الإمساك العجيب عند البعض من الناس ؟ حتى كأنه يرى الفقر بين عينيه كلما هم بالجود والكرم والإنفاق .
-الوسيلة التاسعة : إحسان الظن بالآخرين والاعتذار لهم ,
فما وجدت طريقا أيسر وأفضل للوصول إلى القلوب منه ، فأحسن الظن بمن حولك ، وإياك وسوء الظن بهم ، وأن تجعل عينيك مرصداً لحركاتهم وسكناتهم ، فتحلل بعقلك التصرفات ويذهب بك كل مذهب ، واسمع لقول المتنبي :
إذا ساء فعل المرءِ ساءت ظنونه … وصدق ما يعتاده من توهم
عود نفسك على الاعتذار لإخوانك جهدك فقد قال ابن المبارك :( المؤمن يطلب معاذير إخوانه ، والمنافق يطلب عثراتهم ) .
- الوسيلة العاشرة : أعلن المحبة والمودة للآخرين ,
فإذا أحببت أحداً أو كانت له منزلة خاصة في نفسك فأخبره بذلك ؛ فإنه سهم يصيب القلب ويأسر النفس ،ولذلك قال _ صلى الله عليه وسلم _ :( إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه ) كما في صحيح الجامع ، وزاد في رواية مرسلة : ( فإنه أبقى في الألفة وأثبت في المودة) ، لكن بشرط أن تكون المحبة لله ، وليس لغرض من أغراض الدنيا كالمنصب والمال ، والشهرة والوسامة والجمال ، فكل أخوة لغير الله هباء ، وهي يوم القيامة عداء ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) .
والمرء مع من أحب كما قال صلى الله عليه وسلم - يعني يوم القيامة - ، إذا فإعلان المحبة والمودة من أعظم الطرقِ للتأثير على القلوب . فإما مجتمع مليء بالحب والإخاء والائتلاف ، أو مجتمع مليء بالفرقة والتناحر والاختلاف، لذلك حرص_ صلى الله عليه وسلم _ على تكوين مجتمع متحاب فآخى بين المهاجرين والأنصار، حتى عرف أن فلانا صاحب فلان ، وبلغ ذلك الحب أن يوضع المتآخيين في قبر واحد بعد استشهادهما في إحدى الغزوات.، بل أكد _ صلى الله عليه وسلم _ على وسائل نشر هذه المحبة ومن ذلك قوله_ صلوات الله وسلامه عليه _ : (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ) كما في مسلم .
وللأسف ، فالمشاعر ، والعواطف والأحاسيس الناس منها على طرفي نقيض ، فهناك من يتعامل مع إخوانه بأسلوب جامد جاف مجرد من المشاعر والعواطف، وهناك من يتعامل معهم بأسلوب عاطفي حساس رقيق ربما وصل لدرجة العشق والإعجاب والتعلق بالأشخاص . والموازنة بين العقل والعاطفة يختلف بحسب الأحوال والأشخاص ، وهو مطلب لا يستطيعه كل أحد لكنه فضل الله يؤتيه من يشاء .
-الوسيلة الحادي عشر : المداراة ,
فهل تحسن فن المداراة ؟ وهل تعرف الفرق بين المداراة والمداهنة ؟ روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: ( أن رجلا استأذن على النبي_ صلى الله عليه وسلم _ ، فلما راءه قال: بئس أخو العشيرة ، فلما جلس تطلق النبي _ صلى الله عليه وسلم _ في وجهه وانبسط إليه ، فلما انطلق الرجل ، قالت له عائشة : يا رسول : الله حين رأيت الرجل قلت كذا وكذا ، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه ، فقال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ : يا عائشة متى عهدتني فاحشاً ؟ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس لقاء فحش ه) ، قال ابن حجر في الفتح :( وهذا الحديث أصل في المداراة ) ،ونقل قول القرطبي: ( والفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معا، وهي مباحة وربما استحبت ، والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا ) .
إذا فالمداراة لين الكلام ، والبشاشة للفساق ، وأهل الفحش والبذاءة ، أولاً اتقاء لفحشهم ، وثانيا لعل في مداراتهم كسباً لهدايتهم بشرط عدم المجاملة في الدين ، وإنما في أمور الدنيا فقط، وإلا انتقلت من المداراة إلى المداهنة فهل تحسن فن المداراة بعد ذلك ؟ كالتلطف والاعتذار والبشاشة والثناء على الرجل بما هو فيه لمصلحة شرعية ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( مداراة الناس صدقة ) أخرجه الطبراني وابن السني ، وقال ابن بطال :( المداراة من أخلاق المؤمنين ، وهي خفض الجناح للناس ، وترك الإغلاظ لهم في القول ، وذلك من أقوى أسباب الألفة )
للشيخ : إبرآهيم بن عبدالله الدويش "
مادفعني إلى كتابة هذا الموضوع , هو طلب أحد الأشخاص
بأن أطرح هذا الموضوع , لِ تعم الفائدة الجميع "
فَ دعائنا له [ جزاه الله عنا كل خير , وَ رزقه رضا الرب وَ الجنّة ]
هذه سهام لصيد القلوب ، أعني تلك الفضائل التي تستعطف بها القلوب ، وتستر بها العيوب وتستقال بها العثرات ، وهي صفات لها أثر سريع وفعّال على القلوب ، ف إليك أيها المحب سهاماً سريعة ما أن تطلقها حتى تملك بها القلوب ف احرص عليها ، وجاهد نفسك على حسن التسديد للوصول للهدف واستعن بالله .
- الوسيلة الأولى : الإبتسامة ,
قالوا : هي كالملح في الطعام ، وهي أسرع سهم تملك به القلوب ، وهي مع ذلك عبادة وصدقة ، ( فتبسمك في وجه أخيك صدقة ) كما في الترمذي ، وقال عبد الله ابن الحارث :
( ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
- الوسيلة الثانية : البدء بالسلام ,
سهم يصيب سويداء القلب ليقع فريسة بين يديك لكن أحسن التسديد ببسط الوجه والبشاشة ، وحرارة اللقاء ، وشد الكف على الكف ، وهو أجر وغنيمة فخيرهم الذي يبدأ بالسلام ، قال عمر الندي : (خرجت مع ابن عمر فما لقي صغيراً ولا كبيراً إلا سلم عليه) ، وقال الحسن البصري : (المصافحة تزيد في المودة) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ) . وفي الموطأ أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء ) قال ابن عبد البر : هذا يتصل من وجوه حسان كلها .
- الوسيلة الثالثة : الهدية ,
ولها تأثير عجيب فهي تذهب بالسمع والبصر والقلب ، وما يفعله الناس من تبادل الهدايا في المناسبات وغيرها أمر محمود بل ومندوب إليه على أن لا يكلف نفسه إلا وسعها ، قال إبراهيم الزهري : (خرّجت لأبي جائزته فأمرني أن أكتب خاصته وأهل بيته ففعلت ، فقال لي تذكّر هل بقي أحد أغفلناه ؟ قلت لا قال بلى رجل لقيني فسلم علي سلاماً جميلاً صفته كذا وكذا ، اكتب له عشرة دنانير ) انتهى كلامه .
انظروا أثّر فيه السلام الجميل ، فأراد أن يرد عليه بهدية ويكافئه على ذلك .
- الوسيلة الرابعة : الصمت وقلة الكلام إلا فيما ينفع ,
وإياك وارتفاع الصوت وكثرة الكلام في المجالس ، وإياك وتسيد المجالس ، وعليك بطيب الكلام ورقة العبارة ( فالكلمة الطيبة صدقة ) كما في الصحيحين ، ولها تأثير عجيب في كسب القلوب والتأثير عليها حتى مع الأعداء فضلاً عن إخوانك وبني دينك ، فهذه عائشة_ رضي الله عنها _ قالت لليهود :( وعليكم السام واللعنة) فقال لها رسول الله_ صلى الله عليه وسلم _ : ( مهلاً يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمر كله ) متفق عليه ، وعن أنس _ رضي الله عنه_ قال ، قال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ : ( عليك بحسن الخلق وطول الصمت فو الذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما ) أخرجه أبو يعلى والبزار وغيرهما . قد يخزنُ الورعُ التقي لسانه …… حذر الكلام وإنه لمفوه ,
- الوسيلة الخامسة : حسن الاستماع وأدب الإنصات ,
وعدم مقاطعة المتحدث فقد كان رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ لا يقطع الحديث حتى يكون المتكلم هو الذي يقطعه، ومن جاهد نفسه على هذا أحبه الناس وأعجبوا به بعكس الآخر كثير الثرثرة والمقاطعة ، واسمع لهذا الخلق العجيب عن عطاء قال : ( إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن يولد ).
- الوسيلة السادسة : حسن السمت والمظهر ,
وجمال الشكل واللباس وطيب الرائحة ، فالرسول _ صلى الله عليه وسلم _ يقول : ( إن الله جميل يحب الجمال ) كما في مسلم . وعمر ابن الخطاب يقول :( إنه ليعجبني الشاب الناسك نظيف الثوب طيب الريح ) ، وقال عبد الله ابن أحمد ابن حنبل :( إني ما رأيت أحداً أنظف ثوبا و لا أشد تعهدا لنفسه وشاربه وشعر رأسه وشعر بدنه ، ولا أنقى ثوبا وأشده بياضا من أحمد ابن حنبل) .
- الوسيلة السابعة : بذل المعروف وقضاء الحوائج ,
سهم تملك به القلوب وله تأثير عجيب صوره الشاعر بقوله :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم … فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
بل تملك به محبة الله عز وجل كما قال _ صلى الله عليه وسلم_ : ( أحبُ الناس إلى الله أنفعهم للناس ) ، والله_ عز وجل_ يقول : { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } .
إذا أنت صاحبت الرجال فكن فتى , مملوك لكل رفيق
وكن مثل طعم الماء عذبا وباردا , على الكبد الحرى لكل صديق
عجباً لمن يشتري المماليك بماله كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه، ومن انتشر إحسانه كثر أعوانه .
- الوسيلة الثامنة : بذل المال ,
فإن لكل قلب مفتاح ، والمال مفتاح لكثير من القلوب خاصة في مثل هذا الزمان ، والرسول _ صلى الله عليه وسلم يقول : ( إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلى منه خشية أن يكبه الله في النار ) كما في البخاري .
صفوان ابن أمية فر يوم فتح مكة خوفا من المسلمين بعد أن استنفذ كل جهوده في الصد عن الإسلام ، والكيد والتآمر لقتل رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ، فيعطيه الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ الأمان ويرجع إلى النبي _ صلى الله عليه وسلم _ ، ويطلب منه أن يمهله شهرين للدخول في الإسلام ، فقال له رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ بل لك أربعة أشهر ، وخرج مع رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ إلى حنين والطائف كافراً ، وبعد حصار الطائف وبينما رسول الله _ صلى الله عليه وسلم ينظر في الغنائم يرى صفوان يطيل النظر إلى وادٍ قد امتلأ نعماً وشاء ورعاء . فجعل عليه _ الصلاة والسلام _ يرمقه ، ثم قال له : يعجبك هذا يا أبا وهب؟
قال: نعم ، قال له النبي _ صلى الله عليه وسلم _ : هو لك وما فيه .
فقال صفوان عندها : ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي ، اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
لقد استطاع الحبيب _ صلى الله عليه وسلم _ بهذه اللمسات ، وبهذا التعامل العجيب أن يصل لهذا القلب بعد أن عرف مفتاحه .
فلماذا هذا الشح والبخل ؟ ولماذا هذا الإمساك العجيب عند البعض من الناس ؟ حتى كأنه يرى الفقر بين عينيه كلما هم بالجود والكرم والإنفاق .
-الوسيلة التاسعة : إحسان الظن بالآخرين والاعتذار لهم ,
فما وجدت طريقا أيسر وأفضل للوصول إلى القلوب منه ، فأحسن الظن بمن حولك ، وإياك وسوء الظن بهم ، وأن تجعل عينيك مرصداً لحركاتهم وسكناتهم ، فتحلل بعقلك التصرفات ويذهب بك كل مذهب ، واسمع لقول المتنبي :
إذا ساء فعل المرءِ ساءت ظنونه … وصدق ما يعتاده من توهم
عود نفسك على الاعتذار لإخوانك جهدك فقد قال ابن المبارك :( المؤمن يطلب معاذير إخوانه ، والمنافق يطلب عثراتهم ) .
- الوسيلة العاشرة : أعلن المحبة والمودة للآخرين ,
فإذا أحببت أحداً أو كانت له منزلة خاصة في نفسك فأخبره بذلك ؛ فإنه سهم يصيب القلب ويأسر النفس ،ولذلك قال _ صلى الله عليه وسلم _ :( إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه ) كما في صحيح الجامع ، وزاد في رواية مرسلة : ( فإنه أبقى في الألفة وأثبت في المودة) ، لكن بشرط أن تكون المحبة لله ، وليس لغرض من أغراض الدنيا كالمنصب والمال ، والشهرة والوسامة والجمال ، فكل أخوة لغير الله هباء ، وهي يوم القيامة عداء ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) .
والمرء مع من أحب كما قال صلى الله عليه وسلم - يعني يوم القيامة - ، إذا فإعلان المحبة والمودة من أعظم الطرقِ للتأثير على القلوب . فإما مجتمع مليء بالحب والإخاء والائتلاف ، أو مجتمع مليء بالفرقة والتناحر والاختلاف، لذلك حرص_ صلى الله عليه وسلم _ على تكوين مجتمع متحاب فآخى بين المهاجرين والأنصار، حتى عرف أن فلانا صاحب فلان ، وبلغ ذلك الحب أن يوضع المتآخيين في قبر واحد بعد استشهادهما في إحدى الغزوات.، بل أكد _ صلى الله عليه وسلم _ على وسائل نشر هذه المحبة ومن ذلك قوله_ صلوات الله وسلامه عليه _ : (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ) كما في مسلم .
وللأسف ، فالمشاعر ، والعواطف والأحاسيس الناس منها على طرفي نقيض ، فهناك من يتعامل مع إخوانه بأسلوب جامد جاف مجرد من المشاعر والعواطف، وهناك من يتعامل معهم بأسلوب عاطفي حساس رقيق ربما وصل لدرجة العشق والإعجاب والتعلق بالأشخاص . والموازنة بين العقل والعاطفة يختلف بحسب الأحوال والأشخاص ، وهو مطلب لا يستطيعه كل أحد لكنه فضل الله يؤتيه من يشاء .
-الوسيلة الحادي عشر : المداراة ,
فهل تحسن فن المداراة ؟ وهل تعرف الفرق بين المداراة والمداهنة ؟ روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: ( أن رجلا استأذن على النبي_ صلى الله عليه وسلم _ ، فلما راءه قال: بئس أخو العشيرة ، فلما جلس تطلق النبي _ صلى الله عليه وسلم _ في وجهه وانبسط إليه ، فلما انطلق الرجل ، قالت له عائشة : يا رسول : الله حين رأيت الرجل قلت كذا وكذا ، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه ، فقال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ : يا عائشة متى عهدتني فاحشاً ؟ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس لقاء فحش ه) ، قال ابن حجر في الفتح :( وهذا الحديث أصل في المداراة ) ،ونقل قول القرطبي: ( والفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معا، وهي مباحة وربما استحبت ، والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا ) .
إذا فالمداراة لين الكلام ، والبشاشة للفساق ، وأهل الفحش والبذاءة ، أولاً اتقاء لفحشهم ، وثانيا لعل في مداراتهم كسباً لهدايتهم بشرط عدم المجاملة في الدين ، وإنما في أمور الدنيا فقط، وإلا انتقلت من المداراة إلى المداهنة فهل تحسن فن المداراة بعد ذلك ؟ كالتلطف والاعتذار والبشاشة والثناء على الرجل بما هو فيه لمصلحة شرعية ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( مداراة الناس صدقة ) أخرجه الطبراني وابن السني ، وقال ابن بطال :( المداراة من أخلاق المؤمنين ، وهي خفض الجناح للناس ، وترك الإغلاظ لهم في القول ، وذلك من أقوى أسباب الألفة )
للشيخ : إبرآهيم بن عبدالله الدويش "