ثامر الحمدان
2012- 2- 2, 10:00 PM
أبو تمام وسرعة البديهة (http://3geeli.blogspot.com/2012/01/blog-post_16.html)
من أبرز شعراء العربية الشاعر الكبير أبو تمام حبيب بن أوس الطائي رحمه الله تعالى , فهو الشاعر الحكيم ...
إمتدح أبوتمام أحمد بن المعتصم بقصيدة سينية وحين قال هذا البيت :
إقدام عمروٍ في سماحة حاتمٍ ... في حلم أحنف في ذكاء إياسِ
قاطعه أحد الحاضرين قائلاً : إنَّ الأمير فوق ما وصفت ولم تزد أن شبهته بأجلاف العرب !
فأطرق أبوتمام قليلاً ثم قال :
لا تنكروا ضربي له من دونه ... مثلاً شروداً في الندى والباسِ
فالله قد ضرب الأقل لنوره ... مثلاً من المشكاةِ والنبراسِ
وكان من الحاضرين الفيلسوف الكندي فتناول الصحيفة التي كتب أبوتمام فيها قصيدته فلم يجد البيتين فقال متفرساً : إن هذا الرجل سيأكل الذكاء دماغه و لن يعيش طويلاً .. وصدقت فراسة الكندي فقد مات أبو تمام بعدها بخمس واربعين ليلة .
وأعود لبيت أبي تمام والأسماء التي ذكرها :
الأول : أبو ثور عمرو بن معد كرب الزبيدي رضي الله تعالى عنه صحابي جليل لقب بفارس العرب لشجاعته وفروسيته , وشهرة سيفه " الصمصامة " قد جاوزت شهرة كثير من الفرسان.
شارك في فتوحات الشام والعراق , جعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بألف رجل حين سأله سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه مدداً قبيل معركة القادسية ..
أستشهد رضي الله تعالى عنه في معركة نهاوند ..... هو القائل :
ليس الجمال بمئزرٍ ... فاعلم وإن رديت بردا
إن الجمال معادنٌ ... ومناقبٌ أورثن حمدا
الثاني : أبو عدي حاتم بن عبدالله الطائي , فارس شجاع وجواد كريم عاش في الجاهلية وضرب به المثل في الجود والكرم هو القائل :
وإني لعبد الضيف مادام ثاوياً ... وما في إلا تلك من شيمة العبد
كان يوقد النار في الليل ليهتدي إليه من ضل طريقه , ومن كرمه كان يقول لغلامه إذا أتيت بضيف فأنت حر :
أوقد فإن الليل ليل قر ...والريح يا موقد ريح صر
عسى يرى نارك من يمر ... إن جلبت ضيفاً فأنت حر
وقال :
لعمري لقدماً عضني الجوع عضةً ...فآليتُ ألا أمنع الدهر جائعا
فقولا لهذا اللائمي اليوم اعفني ... فإن أنت لم تفعل فعض الأصابعا
ومن كرمه : أتاه ضيف ولم يكن عنده شي من الأنعام فذبح فرسه وقدمها للضيف !
قال :
أماوي إن المال غادٍ ورائحٌ ... ويبقى من المال الأحاديث والذكرُ
أ ماوي إني لا أقول لسائلٍ ...إذا جاء يوماً حلَّ في مالنا نزرُ
أ ماوي إما مانع فمبين ... وإما عطاءٌ لا ينهنه الزجرُ
أ ماوي ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت نفس وضاق بها الصدرُ
قال النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءته سفانة بنت حاتم رضي الله عنها : خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق .
الثالث : أبو بحر الأحنف بن قيس التميمي رحمه الله تعالى عالم كبير وحكيم بليغ ضرب به المثل في الحلم , أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ووفد على أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ...
قال رجل للأحنف وأراد عيبه بما سدت قومك ؟ قال الأحنف : بتركي من أمرك ما لايعنيني كما عناك من أمري ما لايعنيك !
من جميل أقوله :عجبتُ لمن جرى في مجرى البول مرتين كيف يتكبر؟!
سئل الأحنف : من أحلم أنت أم معاوية رضي الله عنه ؟
قال الأحنف : تالله ما رأيتُ أجهل منكم معاوية يقدر فيحلم وأنا أحلم ولا أقدر فكيف أقاس عليه أو أدانيه ؟!
وهو القائل :ثلاثة لاينتصفون من ثلاثة شريف من دنيء وبر من فاجر وحليم من لئيم.
الرابع : القاضي إياس بن معاوية المزني رحمه الله تعالى تابعي جليل وعالم كبير إشتهر بحدة الذكاء وسرعة البديهة ...
من عجائب أخباره أنه كان في مكان فحدث ما يدعو إلى الخوف وهناك ثلاث نساء لايعرفهنَّ فقال : هذه ينبغى أن تكون حاملاً , وهذه مرضعاً , وهذه عذراء ! وكن كما قال !
فسُئل عن ذلك فقال : عند الخوف لايضع الإنسان يده إلا على أعز ما له ويخاف عليه , ورأيت الحامل قد وضعت يدها على جوفها فاستدللت بذلك على حملها , ورأيت المرضع وضعت يدها على ثدييها , والعذراء وضعت يدها على فرجها !
ما تقدم إشارة وتعريف بالأسماء التي ذكرها أبو تمام في بيت الشعر مع أنّ شهرتهم قد طارت في الآفاق ويعرفها عموم الناس قبل خواصهم .
فهل صدق أؤلئك المعترضون على أبي تمام بأن الأمير فوقهم ؟
أم أنه النفاق الإجتماعي لذوي المناصب والأموال .
وهذا التزلف والنفاق لأهل الدنيا حاصل في كل زمان ومكان , فتارة تسمع أن فلاناً أشجع من عمرو! وتارة تسمع أنّ فلاناً أكرم من حاتم ! .
رقم : سعيد بن صالح بن علي الحمدان
منقول
من أبرز شعراء العربية الشاعر الكبير أبو تمام حبيب بن أوس الطائي رحمه الله تعالى , فهو الشاعر الحكيم ...
إمتدح أبوتمام أحمد بن المعتصم بقصيدة سينية وحين قال هذا البيت :
إقدام عمروٍ في سماحة حاتمٍ ... في حلم أحنف في ذكاء إياسِ
قاطعه أحد الحاضرين قائلاً : إنَّ الأمير فوق ما وصفت ولم تزد أن شبهته بأجلاف العرب !
فأطرق أبوتمام قليلاً ثم قال :
لا تنكروا ضربي له من دونه ... مثلاً شروداً في الندى والباسِ
فالله قد ضرب الأقل لنوره ... مثلاً من المشكاةِ والنبراسِ
وكان من الحاضرين الفيلسوف الكندي فتناول الصحيفة التي كتب أبوتمام فيها قصيدته فلم يجد البيتين فقال متفرساً : إن هذا الرجل سيأكل الذكاء دماغه و لن يعيش طويلاً .. وصدقت فراسة الكندي فقد مات أبو تمام بعدها بخمس واربعين ليلة .
وأعود لبيت أبي تمام والأسماء التي ذكرها :
الأول : أبو ثور عمرو بن معد كرب الزبيدي رضي الله تعالى عنه صحابي جليل لقب بفارس العرب لشجاعته وفروسيته , وشهرة سيفه " الصمصامة " قد جاوزت شهرة كثير من الفرسان.
شارك في فتوحات الشام والعراق , جعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بألف رجل حين سأله سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه مدداً قبيل معركة القادسية ..
أستشهد رضي الله تعالى عنه في معركة نهاوند ..... هو القائل :
ليس الجمال بمئزرٍ ... فاعلم وإن رديت بردا
إن الجمال معادنٌ ... ومناقبٌ أورثن حمدا
الثاني : أبو عدي حاتم بن عبدالله الطائي , فارس شجاع وجواد كريم عاش في الجاهلية وضرب به المثل في الجود والكرم هو القائل :
وإني لعبد الضيف مادام ثاوياً ... وما في إلا تلك من شيمة العبد
كان يوقد النار في الليل ليهتدي إليه من ضل طريقه , ومن كرمه كان يقول لغلامه إذا أتيت بضيف فأنت حر :
أوقد فإن الليل ليل قر ...والريح يا موقد ريح صر
عسى يرى نارك من يمر ... إن جلبت ضيفاً فأنت حر
وقال :
لعمري لقدماً عضني الجوع عضةً ...فآليتُ ألا أمنع الدهر جائعا
فقولا لهذا اللائمي اليوم اعفني ... فإن أنت لم تفعل فعض الأصابعا
ومن كرمه : أتاه ضيف ولم يكن عنده شي من الأنعام فذبح فرسه وقدمها للضيف !
قال :
أماوي إن المال غادٍ ورائحٌ ... ويبقى من المال الأحاديث والذكرُ
أ ماوي إني لا أقول لسائلٍ ...إذا جاء يوماً حلَّ في مالنا نزرُ
أ ماوي إما مانع فمبين ... وإما عطاءٌ لا ينهنه الزجرُ
أ ماوي ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت نفس وضاق بها الصدرُ
قال النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءته سفانة بنت حاتم رضي الله عنها : خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق .
الثالث : أبو بحر الأحنف بن قيس التميمي رحمه الله تعالى عالم كبير وحكيم بليغ ضرب به المثل في الحلم , أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ووفد على أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ...
قال رجل للأحنف وأراد عيبه بما سدت قومك ؟ قال الأحنف : بتركي من أمرك ما لايعنيني كما عناك من أمري ما لايعنيك !
من جميل أقوله :عجبتُ لمن جرى في مجرى البول مرتين كيف يتكبر؟!
سئل الأحنف : من أحلم أنت أم معاوية رضي الله عنه ؟
قال الأحنف : تالله ما رأيتُ أجهل منكم معاوية يقدر فيحلم وأنا أحلم ولا أقدر فكيف أقاس عليه أو أدانيه ؟!
وهو القائل :ثلاثة لاينتصفون من ثلاثة شريف من دنيء وبر من فاجر وحليم من لئيم.
الرابع : القاضي إياس بن معاوية المزني رحمه الله تعالى تابعي جليل وعالم كبير إشتهر بحدة الذكاء وسرعة البديهة ...
من عجائب أخباره أنه كان في مكان فحدث ما يدعو إلى الخوف وهناك ثلاث نساء لايعرفهنَّ فقال : هذه ينبغى أن تكون حاملاً , وهذه مرضعاً , وهذه عذراء ! وكن كما قال !
فسُئل عن ذلك فقال : عند الخوف لايضع الإنسان يده إلا على أعز ما له ويخاف عليه , ورأيت الحامل قد وضعت يدها على جوفها فاستدللت بذلك على حملها , ورأيت المرضع وضعت يدها على ثدييها , والعذراء وضعت يدها على فرجها !
ما تقدم إشارة وتعريف بالأسماء التي ذكرها أبو تمام في بيت الشعر مع أنّ شهرتهم قد طارت في الآفاق ويعرفها عموم الناس قبل خواصهم .
فهل صدق أؤلئك المعترضون على أبي تمام بأن الأمير فوقهم ؟
أم أنه النفاق الإجتماعي لذوي المناصب والأموال .
وهذا التزلف والنفاق لأهل الدنيا حاصل في كل زمان ومكان , فتارة تسمع أن فلاناً أشجع من عمرو! وتارة تسمع أنّ فلاناً أكرم من حاتم ! .
رقم : سعيد بن صالح بن علي الحمدان
منقول