تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هام جدا لمقرر الحديث2


خمائل الورد
2013- 3- 12, 02:34 AM
السلام عليكم ورحمة الله بركاته

يا مستوى سادس شكل هالمادة يبي لها كتاب لأن الدكتور ما صرح بأن المحتوى يكفي وكمان

قال أننا راح ندرس من الكتاب الذي أحضره معاه في المحاضرة التمهيدية
وراح أعرضها لكم هنا كاملة تقريبا كما أن ما فأجاني أنني فتحت واجب المادة في البلاك بورد القديم
ووجدت أسئلة الدكتور الثلاثة من كلامه كله في المحاضرة الأولى وكانت ولا كلمة منها موجودة في المحتوى
يعني بصريح العبارة لابد من الكتاب أوشرحه وهذا ما سأفعله في هذا الموضوع سأحاول عرض المحاضرات الخاصة بهذه المادة
وأرجوا تعاونكم معي ومساعدتي في عرضها واللي بيساعد يعطينا خبر هنا ثم يعرض المحاضرة وجوزيتم خيرا

والآن أنا سأبدأ بعرض المحاضرة التمهيدية
مادة الحديث2
المرجع الرئيسي
كتاب
سبل السلام
شرح بلوغ المرام

لمحمد بن اسماعيل الأمير الصنعاني


المتوفى عام ( 1182هـ ) .




في الأصل بلوغ المرام لأبن حجر شرحه الإمام الصنعاني وسمى شرحه سبل السلام
وقد حققه أكثر من واحد من أهل العلم وونشرته أكثر من دار من دور النشر
فهناك طبعة لدار الكتاب العربي وهي بتحقيق الدكتور محمد العوضي ( عرضها الدكتور )
وهناك طبعة بتحقيق محمد صبحي حلاق وتقع في خمسة مجلدات ( عرضها )
وقد صدر منها الإصدار الثالث للطبعة الأولى عام 1429 هـ عن دار ابن الجوزي في المملكة العربية السعودية
بفروعها في الرياض وجدة والدمام والإحساء
وقد استحسنت هذه الطبعة وأنصح طلابي وطالباتي بالتعامل معها
حيث سأحيل على الصفحات الواردة فيها في الأيام القادمة أثناء المحاضرات الفعلية



أهداف المقرر ومحتواه


أولا : أهدافه .



يهدف هذا المقرَّر إلى تزويد كل من الطالب والطالبة القدرة على :-

قراءَة الأحاديث النبوية الشريفة قراءَة سليمة ؛ خالية من اللحن .
شرح غريب ألفاظ الأحاديث النبوية الشريفة .
تحليل جملة مختارة من الأحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بالأحكام الشرعية للنكاح ، والطلاق ، وأمور هامَّة أخرى .
ثانيا : محتواه .







يحتوي هذا المقرَّر على دراسات لجملة مختارة من الأحاديث النبوية الشريفة الواردة في كتب : النكاح ، والطلاق ، والجامع ؛ التي اشتمل عليها مؤلَّف : (بلوغ المرام ) لأبي الفضل ؛ شهاب الدين ؛ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ؛ المتوفى عام (852هـ).





المراجع المساعدة :


- فتح الباري شرح صحيح البخاري ؛ لابن حجر العسقلاني .


- المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ؛ للنووي .


- نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار ؛ للشوكاني .



المواقع الإلكترونية :



موقع المكتبة الشاملة ــ موقع شبكة السنة النبوية وعلومها .



والكتاب المقرر في سبل السلام هو المجلد الثالث


الجزء السادس والذي يبدأ بكتاب النكاح



استغرق حوالي 150 صفحة من صفحات الكتاب يقع ما بين الصفحة الخامسة إلى الصفحة 154


وكتاب النكاح مكون من 7 أبواب وهي :


أحكام النكاح – الكفاءة والخيار – عشرة النساء – الصداق - الوليمة – القسم بين الزوجات – الخلع


يشتمل على 95 حديث نبوي شريف


من الحديث رقم 912 إلى الحديث رقم 1006 ( 6 محاضرات تقريبا )



ثم كتاب الطلاق وهو الكتاب التاسع بعد كتاب النكاح وعدده 29 صفحة يقع بين الصفحة 155 إلى الصفحة 183


وهو يشتمل على 15 حديث نبوي شريف من الحديث رقم 1007 إلى الحديث رقم 1021 ( محاضرتين إلى ثلاث )



ننطلق إلى المجلد الرابع يحوي الجزئين السابع والثامن وفيه كتاب الجامع : وهو الكتاب الثامن عشر من كتب بلوغ المرام



سنبدأ بصفحة 131 وهو يقع في 198 صفحة أي ما يقرب من 200 صفحة من صفحة 131 إلى صفحة 328 وهو مكون من 6 أبواب أسردها فيما يأتي :


1- باب الآدب


2- باب البر والصلة


3- باب الزهد والورع


4- باب الترهيب من مساوئ الأخلاق


5- باب الترغيب في مكارم الأخلاق


6- باب الذكر والدعاء


ويشتمل على 127 حديث نبوي شريف

خمائل الورد
2013- 3- 12, 03:32 AM
وهنا راح تلاقون مجلدات كتاب سبل السلام شرح بلوغ المرام:21:

alaeda
2013- 3- 12, 05:50 AM
الله يجزاك خير،،،،،،،،،ويرفع قدرك

رجوى*
2013- 3- 12, 06:20 AM
في ميزان حسناتك ي الغلا:11:
متميزه عضوة ومشرفة:43:

شموع الامل1432
2013- 3- 12, 08:06 AM
الله يجزاكم خير جميع :2:

عشق القصيد
2013- 3- 12, 10:25 AM
وعليكم السلام والرحمه
اذكر المحتوى يكفي
بس اسئله الامتحان لا والله مآآش كانت صعبه
اللي اذكره من الاسئله
يجيب الباب هذا فيه كم حديث ؟
والحديث هذا يرجع لي اي باب درسناه ؟
من اخرج الحديث ؟
سنه الوفاة للراوي الحديث ؟
واللي قتلني جد الحديث ماهو ترتيبه في هذا الباب الاول ولا الثاني :7:
عطيتكم فكرهه عشان ماتنكبون مثلنا
والله يوفقكم وفالك الدرجات الزينه .

خمائل الورد
2013- 3- 12, 10:42 AM
يسلمووووووو أسعدني مروركم من هنا يالغالين و الله يجزاكم خير الجزاء على دعواتكم الحلوة :16:

عشق هذا اللي قاعدة أأأأأأنبه له الدكتور يستعمل شرحه والكتاب في الأسئله والمحتوى ما يكفي في هالمادة :4:

المطوع خالد
2013- 3- 12, 02:46 PM
وعليكم السلام ورحة الله وبركاته

ماشاء الله تبارك الله مجهود رائع اختي

الله يوفقك في الدنيا والاخره ، جزاكي الله خير

خمائل الورد
2013- 3- 12, 06:10 PM
وهنا المحاضرة الأولى

وترى اللي أنا كاتبه عندها مهم أقصد الجزء الكتاب ورقم الحديث

لأن عشق القصيد قالت فوق أن الدكتور جاب أسئلة عليها

وهالمحاضرة من الكتاب ومضيفة عليها شرح الدكتور تقريبا كله

فيه أمور تركتها من شرحه شفت مالها داعي أضيفها



المحاضرة الأولى

المجلد الثالث : الجزء السادس / كتاب النكاح وهو الكتاب الثامن من كتب هذا السفر العظيم ( سبل السلام )

1 - مدخل إلى باب أحكام النكاح ؛
1/1 تعريفُ النكاح .
2/1 أصلُ مشروعيتِه .
3/1 فوائدُه .
2 - دراسة لثلاثة أحاديث من باب أحكام النكاح ؛
1/2 حديث { يا معشر الشباب } .
2/2حديث { تنكح المرأة لأربع}
3/2حديث { بارك الله لك }.


كتاب النكاح

مدخل :

النكاح لغة الضم والتداخل ويستعمل في الوطء:
وفي العقد قيل مجاز من إطلاق اسم المسبب على السبب وقيل إنه حقيقة فيهما وهو مراد من قال إنه مشترك فيهما.
وكثر استعماله في العقد فقيل إنه فيه حقيقة شرعية ولم يرد في الكتاب العزيز إلا في العقد.
اختلف العلماء فمنهم من قال أن النكاح يطلق على الوطء والعقد من باب المجاز ومنهم من قال أنه يطلق عليهم من باب الحقيقة وكل ما ورد في القرآن الكريم من لفظ النكاح فالمراد به العقد إلا في قوله تعالى :{وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح } ؛ فإنَّ المراد به الحُلُم ، وفي قوله تعالى :{فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره}؛ فإنَّ المراد به الوطء
والعلماء لهم تفريق بين حالات ورود الوطء والعقد بلفظ النكاح قالوا يفرق بينهما حسب السياق فإذا قيل نكح فلان ابنة فلان فإن المراد به العقد وإذا قيل نكح فلان امراته فإن المراد به الوطء

النكاح شرعا : الزواج ؛ وهو عقد بين ذكر وأنثى على استمتاع كل منهما بالآخر وإنشاء أسرة صالحة في مجتمع مسلم .
[2/1] : أصل مشروعية النكاح
الأصل في مشروعيته : الكتاب والسنة والإجماع ؛
• فمن الكتاب قوله تعالى :{ فانكحوا ما طاب لكم من النساء} .
• ومن السنة ؛ قوله صلى الله عليه وسلم :{ يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءَة فليتزوج} .
• ومن المعلوم أنَّ المسلمين مجمعون على مشروعيته .
[3/1] : فوائد النكاح ( الزواج)
شرع الله تعالى لعباده النكاح ( أي الزواج) ليجلب لهم منافع عظيمة ويدفع عنهم مفاسد جسيمة ؛ وهي في الحالتين لا تُعَدُّ ولا تُحصى ؛ وسأذكر فيما يأتي بعضها :
1. تحصين فرجي الزوجين عن ممارسة الحرام .
2. سكن كل من الزوجين للآخر وتحصيلُه مودته ورحمته !
3. إنشاء أُسرة صالحة ومجتمع نقي سليم .
4. تحقيق التكامل بين دوري الزوجين ؛ كسبا وإنفاقا وتربية .




ص : 5-7) [1/2] : الحديث الأول ( ح1/ 912
مهم >>(وهو الحديث رقم 912 من الصفحة 5-7 من الجزء السادس من المجلد الثالث من المرجع الرئيس )

عَنْ عَبْدِ الله بنِ مَسْعودٍ رَضيَ الله تَعَالى عَنْهُ قالَ: قالَ لَنَا رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "يَا مَعْشَرَ الشبّابِ مَنِ اسْتطاعَ مِنكم الباءَةَ فَلْيَتَزَوَجْ فإنّهُ أَغَضُّ للْبَصَر وَأَحْصَنُ للْفرج، وَمَنْ لمْ يستطعْ فَعَلَيْهِ بالصَّوْمِ فإنّهُ لَهُ وِجَاءٍ" مُتّفقٌ عَلَيْهِ.
اسم الصحابي الراوي للحديث : عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .

معاني أهم مفردات الحديث :
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة) بالباء الموحدة والهمزة والمد (فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه لو وجاء) بكسر الواو والجيم والمد (متفق عليه).
معشر : جماعة يجمعهم أمر واحد ؛ كالشباب أو الشيوخ . وهـــــو جمع لا واحد له من لفظه كطلاب جمع له مفرد من لفظه وهو طالب ، ويجمع على معاشر .كعالم ليس له مفرد من لفظه ويجمع على عالمين
الشباب (والشُبَّان) : جمع شاب ، ويمتد من سن البلوغ إلى سن الأربعين . وقع الخطاب منه للشباب لأنهم مظنة الشهوة للنساء.
الباءَة : لغة : الجماع ؛ واصطلاحا : مؤنةُ النكاح (من مهر ونفقة).
واختلف العلماء في المراد بالباءة والأصح أن المراد بها الجماع فتقديره من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنة النكاح فليتزوج
أغَضُّ : أدعى إلى غض البصر؛ أي خفضِه عن النظر المحرَّم
أحصن : أدعى إلى إحصان الفرج؛ أي حفظِه وتحصيل عصمته
ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنته فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر مائه كما يقطع الوجاء.
وِجاء : الوِجاءُ : هو رضُّ عروق الخصيتين حتى تنفضخ ؛ لتذهب بذلك شهوة الجماع ؛ فيكون شبيها بالخِصاء ( وهوسَلُّ الخصيتين).
ووقع في رواية ابن حبان مدرجاً تفسير الوجاء بأنه الإخصاء وقيل الوجاء رض الخصيتين والإخصاء سلبهما ونزعهما من مكانهما .
والمراد أن الصوم كالوجاء.
وقع الخطاب منه للشباب وليس للشيوخ لأن الشباب مظنة الشهوة للنساء.
بعض الفقهاء قالوا أن الأمرهنا بالتزوج يقتضي وجوبه وقد اشترطوا : القدرة على تحصيل مؤنته والقدرة على ممارسة الجماع وإلى الوجوب ذهب داود وهو رواية عن أحمد.
وقال ابن حزم: وفرض على كل قادر على الوطء إن وجد أن يتزوج أو يتسرى فإن عجز عن ذلك فليكثر من الصوم وقال: إنه قول جماعة من السلف.
وذهب الجمهور إلى أن الأمر للندب مستدلين بأنه تعالى خير بين التزوج والتسري بقوله: {فواحدة أو ماملكت أيمانكم} والتسري لا يجب إجماعاً فكذا النكاح لأنه لا تخيير بين واجب وغير واجب إلا أن دعوى الإجماع غير صحيحة لخلاف داود وابن حزم.
وذكر ابن دقيق العيد أن من الفقهاء من قال بالوجوب على من خاف العنت وقدر على النكاح وتعذر عليه التسري وكذا حكاه القرطبي فيجب على من لا يقدر على ترك الزنا إلا به. ثم ذكر من يحرم عليه ويكره ويندب له ويباح.
فيحرم على من يخل بالزوجة في الوطء والإنفاق مع قدرته عليه وتوقانه إليه.
ويكره في حق مثل هذا حيث لا إضرار بالزوجة.
والإباحة فيما إذا انتفت الدواعي والموانع.
ويندب في حق كل من يرجى منه النسل ولو لم يكن له في الوطء شهوة لقوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "فإني مكاثر بكم الأمم" ولظواهر الحث على النكاح والأمر به.
وقوله: "فعليه بالصوم" إغراء بلزوم الصوم وضمير عليه يعود إلى "من" فهو مخاطب في المعنى.
.فمن لم يستطع الجماع لعجزه عن توفير مؤنة النكاح فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر مائه كما يقطعه الخصاء لأن المخصي لا يمني ولا يحدث منه إمكانية الحمل وخطورته
وإنما جعل الصوم وجاء لأنه بتقليل الطعام والشراب يحصل للنفس إنكسار عن الشهوة ولسر جعله الله تعالى في الصوم فلا ينفع تقليل الطعام وحده من دون صوم.
(+واستدل به الخطابي على جواز التداوي لقطع الشهوة بالأدوية وحكاه البغوي في شرح السنة ولكن ينبغي أن يحمل على دواء يسكن الشهوة ولا يقطعها بالأصالة لأنه قد يقوى على وجدان مؤن النكاح بل قد وعد الله من يستعف أن يغنيه من فضله لأنه جعل الإغناء غاية للاستعفاف )ولأن أهل العلم اتفقوا على منع الجب والإخصاء فلحق بذلك ما في معناه.
بعض ما يؤخذ من الحديث :
1. يمكن تحقيق العفة بالزواج ، ويمكن تحقيقها – أيضا – بالصوم .
2. الحث على تحقيق العفة بالزواج ؛ وذلك لمن امتلك مؤنته وقدر على الجماع واشتهاه .
3. من طرق تحقيق العفة : الصوم ؛ وذلك لأنَّه يضعف شهوة الجماع مثلما يضعفها الوجاء !
4- من لم يستطع الزواج : يُستحبُّ له الصوم ولا يستحب له الزواج بالاستدانة وبتكليف نفسه ما لا يطيق وفيه أنه لا يتكلف للنكاح بغير الممكن كالاستدانة. .
5- وفيه الحث على تحصيل ما يغض به البصر ويحصن الفرج متوافق مع قوله تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم )
واستدل به العراقي على أن التشريك في العبادة لا يضر بخلاف الرياء لكنه يقال إن كان المشرك عبادة كالمشرك فيه فإنه لا يضر فإنه يحصل بالصوم تحصين الفرج وغض البصر وهذا متوافق تماما مع قوله تعالى : ( واللذين هم لفروجهم حافظون ).
6-وفيه توجيه الخطاب للشباب وهم الذكور يدل على أن المهر والنفقة واجبان على الزوج لا على الزوجة

(+ وأما تشريك المباح كما لو دخل إلى الصلاة لترك خطاب من يحل خطابه فهو محل نظر يحتمل القياس على ما ذكر ويحتمل عدم صحة القياس.
نعم إن دخل في الصلاة لترك الخوض في الباطل أو الغيبة وسماعها كان مقصداً صحيحاً.
واستدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء لأنه لو كان مباحاً لأرشد إليه لأنه أسهل وقد أباح الاستمناء بعض الحنابلة وبعض الحنفية.
وَعَنْ أَنَس بنِ مَالكٍ رضيَ الله عَنْهُ: أَنّ النبيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم حَمِدَ اللَّهَ وأَثنى عَلَيْهِ وقالَ: "لكني أَنا أُصَلِّي وَأَنَامُ وأَصُومُ وأُفْطِرُ وأَتَزوَّجُ النّساءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتي فَلَيْس مني" مُتّفقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ أَنَس بنِ مَالكٍ رضيَ الله عَنْهُ: أَنّ النبيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم حَمِدَ اللَّهَ وأَثنى عَلَيْهِ وقالَ: "لكني أَنا أُصَلِّي وَأَنَامُ وأَصُومُ وأُفْطِرُ وأَتَزوَّجُ النّساءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتي فَلَيْس مني" مُتّفقٌ عَلَيْهِ) هذا اللفظ لمسلم وللحديث سبب وهو أنه قال أنس: "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسألون عن عبادته صلى الله عليه وآله وسلم فلما أُخبروا كأنهم تقالوها فقالوا: أين نحن من رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، فقال أحدهم: أمّا أنا فإني أصلي الليل أبداً وقال آخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال آخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليهم فقال: أنتم قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ولكني أنا أصلي وأنام وأصوم ــــ الحديث".
وهو دليل على أن المشروع هو الاقتصاد في العبادات دون الانهماك والإضرار بالنفس وهجر المألوفات كلها وأن هذه الملة المحمدية مبنية شريعتها على الاقتصاد والتسهيل والتيسير وعدم التعسير: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}.
قال الطبري: في الحديث الرد على من منع استعمال الحلال من الطيبات مأكلا وملبساً.
قال القاضي عياض: هذا مما اختلف فيه السلف فمنهم من ذهب إلى ما قاله الطبري ومنهم من عكس واستدل بقوله تعالى: {أذهبتكم طيباتكم في حياتكم الدنيا}.
قال: والحق أن الآية في الكفار وقد أخذ النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بالأمرين، والأولى التوسط في الأمور وعدم الإفراط في ملازمة الطيبات فإنه يؤدي إلى الترفّه والبطر ولا يأمن من الوقوع في الشبهات فإن من اعتاد ذلك قد لا يجده أحياناً فلا يستطيع الصبر عنه فيقع في المحظور.
كما أن من منع من تناول ذلك أحياناً قد يفضي به إلى التنطع وهو التكلف المؤدي إلى الخروج عن السنة المنهي عنه ويرد عليه صريح قوله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرجها لعباده والطيبات من الرزق}.
كما أن الأخذ بالتشديد في العبادة يؤدي إلى الملل القاطع لأصلها.
وملازمة الاقتصار على الفرائض مثلاً وترك النفل يفضي إلى البطالة وعدم النشاط إلى العبادة وخيار الأمور أوسطها.
وأراد صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بقوله: "فمن رغب عن سنتي" عن طريقتي "فليس مني" أي ليس من أهل الحنيفية السهلة بل الذي يتعين عليه أن يفطر ليقوى على الصوم وينام ليقوى على القيام وينكح النساء ليعف نظره وفرجه.
وقيل: إن أراد من خالف هديه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم وطريقته أن الذي أتى به من العبادة أرجح مما كان عليه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فمعنى "ليس مني" أي ليس من أهل ملّتي لأن اعتقاد ذلك يؤدي إلى الكفر.
وعنه قالَ: كانَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يَأمُرُنَا بالبَاءَة وَيَنْهَى عَنِ التّبَتُل نهْياً شَديداً وَيَقُولُ: "تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْودُودَ فإني مُكاثِرٌ بكُمُ الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ القِيامَةِ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحّحَهُ ابنُ حِبّانَ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ أَبي داودَ والنسائي وابنِ حِبّانَ مِنْ حديث مَعْقِلِ بنِ يسار.
(وعنه) أي عن أنس (قال: كانَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يَأمُرُنَا بالبَاءَة وَيَنْهَى عَنِ التّبَتُل نهْياً شَديداً وَيَقُولُ: "تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْودُودَ فإني مُكاثِرٌ بكُمُ الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ القِيامَةِ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحّحَهُ ابنُ حِبّانَ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ أَبي داودَ والنسائي وابنِ حِبّانَ مِنْ حديث مَعْقِلِ بنِ يسار).
التبتل الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعاً إلى عبادة الله.
وأصل البتل القطع ومنه قيل لمريم البتول وفاطمة عليها السلام البتول لانقطاعهما عن نساء زمانهما ديناً وفضلاً ورغبة في الآخرة.
والمرأة الولود كثيرة الولادة ويعرف ذلك في البكر بحال قرابتها.
والودود المحبوبة بكثرة ما هي عليه من خصال الخير وحسن الخلق والتحبب إلى زوجها.
والمكاثرة المفاخرة وفيه جوازها في الدار الآخرة ووجه ذلك أن من أُمّتُهُ أكثر فثوابه أكثر لأن له مثل أجر من تبعه.)

[2/2] : الحديث الثاني ( ح4 / 915 ، ص 10 – 11 )
مهم >>(وهو الحديث رقم 915 من الصفحة 10-11 من الجزء السادس من المجلد الثالث من المرجع الرئيس )

وَعَنِ أَبي هُريرة رضيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنِ النبيِّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "تُنْكحُ الْمَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لمالها ولِحَسَبها ولِجَمَالها وَلدينها: فَاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَدَاكَ" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ مَعَ بَقيّةِ السّبْعَةِ.
اسم الصحابي الراوي للحديث : هو أبو هريرة ؛ عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه .
معاني أهم مفردات الحديث :
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: تنكح المرأة) أي: الذي يرغب في نكاحها ويدعو إليه خصال أربع
تنكح المرأة لأربع: أي : يُرغَب في نكاحها ؛ لأربع خصال . (لمالها وحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه)
. لحسبها : أي : للعز والشرف لها ؛ أو لأهلها
الحديث إخبار أن الذي يدعو الرجال إلى التزوج أحد هذه الأربع وآخرها عندهم ذات الدين فأمرهم صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أنهم إذا وجدوا ذات الدين فلا يعدلوا عنها
. فاظفر بذات الدين : أي : فز بها واسبق غيرك إلى الحصول عليها
(+وقد ورد النهي عن نكاح المرأة لغير دينها فأخرج ابن ماجه والبزار والبيهقي من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً: "لا تنكحوا النساء لحسنهن فلعله يرديهن ولا لمالهن فلعله يطغيهن وانكحوهن للدين، ولأمة سوداء خرقاء ذات دين أفضل".
وورد في صفة خير النساء ما أخرجه النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قيل: يا رسول الله أي النساء خير؟ قال: التي تسره إن نظر وتطيعه إن أمر ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره".
والحسب هو الفعل الجميل للرجل وآبائه.
وقد فسر الحسب بالمال في الحديث الذي أخرجه الترمذي وحسنه من حديث سمرة مرفوعاً: "الحسب المال؛ والكرم التقوى".
إلا أنه لا يراد به المال في حديث الباب لذكره بجنبه فالمراد فيه المعنى الأول.
ودل الحديث على أن مصاحبة أهل الدين في كل شيء هي الأولى لأن مصاحبهم يستفيد من أخلاقهم وبركتهم وطرائقهم ولا سيما الزوجة فهي أولى من يعتبر دينه لأنها ضجيعته وأم أولاده وأمينته على ماله ومنزله وعلى نفسها.)
وقوله:.
تَرِبَتْ يداك : أي : التصقت يداك بالتراب من شدة الفقر ؛ وهذه العبارة جاءَت في كلام العرب على صورة الدعاء وهي خارجة مخرج ما يعتاده الناس في المخاطبات لا أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قصد بها الدعاء لكنهم يريدون بها الحث على فعل الشيء وعدم التفريط فيه ولا يريدون بها الدعاء !
تنكح المرأة لأربع : فإعراب تنكح فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع
والمرأة نائب فاعل مرفوع ثم قال لمالها ثم قال لحسبها ولم يقل وحسبها بل اتى باللام ولجمالها ثم ذكر اللام قبل كل خصلة من الخصال الأربع وتكرير اللام في الخصال الأربع يفيد بأن كل واحده من هذه الخصال مستقلة عن الأخرى في الغرض المقصود
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• أنَّ الرجل في العادة يختار لنفسه الزواج من المرأة المتصفة بواحدة من هذه الصفات الأربع المذكورة في الحديث !
• أنَّ ثلاثة أصناف من الراغبين بالزواج مخطئون في اختيارهم لصفات الزوجة وصنفا واحدا رابعا هو المصيب في اختياره .
• الحث على الزواج من ذات الدين والفوز بها ؛ لما لذلك من عواقب حميدة على الزوجين والأسرة والمجتمع .
• أنَّ التلفظ بالعبارات التي جرت على ألسنة العرب مما ظاهره الدعاء ومدلوله الذم ( مثل : تربت يداك ، وثكلتك أُمُّك ) لا بأس به ؛ شرط أن لا يقصد قائلها حقيقتها ومدلولها من الذم والتقبيح !

الحديث الثالث (ح 5 /916 ، ص 11 – 12 )

مهم >>(وهو الحديث رقم 916 من الصفحة 11-12 من الجزء السادس من المجلد الثالث من المرجع الرئيس )

وَعَنْهُ أَنّ النبيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كانَ إذا رَفّأَ إنساناً إذا تزوجَ قالَ: "باركَ اللَّهُ لك وباركَ عَلَيكَ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا في خَيْرٍ" رَوَاهُ أَحْمَدُ والأرْبَعَةُ وَصَحّحَهُ الترْمذي وابنُ خُزَيْمَةَ وابنُ حِبّانَ.
معاني أهم مفردات الحديث :
(وعنه) أي: أبي هريرة (أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كان إذا رفأ) بالراء وتشديد الفاء فألف مقصورة
رَفَّـأ إنسانا إذا تزوَّج : أي : هنَّأه بزواجه .
الرِّفاء : الموافقة والسكون والطمأنينة ؛ من رَفَأ الثوب أي : أصلحه .
(إنساناً إذا تزوج قال: "باركَ اللَّهُ لك وباركَ عَلَيكَ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا في خَيْرٍ" رَوَاهُ أَحْمَدُ والأرْبَعَةُ وَصَحّحَهُ الترْمذي وابنُ خُزَيْمَةَ وابنُ حِبّانَ).
بارك الله لك: أي : وضع البركة فيك ؛ والبركة هي دوام الخير الإلهي في الشيء وزيادته فيه (حسيا ومعنويا) .
خير : كلمة جامعة لأسباب السعادة كلها ؛ من حسن عشرة ، ورغد عيش ،وحصول إنجاب ، وصلاح خلفة .

الرَّفَاءُ الموافقة وحسن المعاشرة وهو من رفأ الثوب وقيل: من رفوتُ الرجل إذا سكنت ما به من ورع.
فالمراد إذا دعا صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم للمتزوج بالموافقة بينه وبين أهله وحسن العشرة بينهما قال ذلك.
وقد أخرج بقيّ بن مخلد عن رجل من بني تميم قال: كنا نقول في الجاهلية بالرفاء والبنين فعلمنا رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فقال قولوا: الحديث.
وأخرج مسلم من حديث جابر: أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال له: تزوجت؟ قال: نعم قال: "بارك الله لك" وزاد الدارمي: "وبارك عليك".
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• استحباب دعاء المسلم لأخيه المسلم ؛ لاسيما في المناسبات السارة.
• عقد الزواج صفقة هامة في حياة المتزوج ! لذا علينا الدعاء له بالبركة .
• استبدال دعاء أهل الجاهلية للمتزوج (وهو قولهم له : بالرِّفاءِ والبنين ) بدعاء أفضل منه ؛ وهو الدعاء النبوي ( المذكور في الحديث) .

نصيحة :
• يُسَنُّ للرجل إذا دخل على عروسه الأخذ برأسها ، ثمَّ الدعاء بهذه الكلمات : { اللهم بارك لي في أهلي ، وبارك لأهلي فيَّ ، وارزقني منهم }.

وفيه أن الدعاء للمتزوج سنّة فيسن له أن يفعل ويدعو بما أفاده حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا أفاد أحدكم امرأة أو خادماً أو دابة فليأخذ بناصيتها وليقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
وَعَن عبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعودٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: عَلّمَنَا رسولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم التّشَهُّدَ في الحاجَةِ: "إن الحمْدَ للَّهِ نحْمدُه ونستْعَيِنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بالله مِنْ شرور أَنْفُسِنَا، مَنْ يهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هاديَ لَهُ، وَأَشْهدُ أَنْ لا إله إلاَّ اللَّهُ وَأَشْهدُ أَنَّ مُحَمّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ" وَيَقَرَأُ ثَلاثَ آياتٍ، رَوَاهُ أَحمدُ والأرْبعةُ وَحَسّنَهُ الترْمذيُّ والحاكمُ.

خمائل الورد
2013- 3- 12, 06:13 PM
أنا بنزل المحاضرة الثانية مين اللي بينزل المحاضرة الثالثة ؟؟؟؟؟:31:

خمائل الورد
2013- 3- 13, 12:18 AM
المحاضرة الثانية
باب النكاح
باب عشرة النساء
يشتمل على 14 حديث نبوي شريف
من الحديث رقم 954 إلى الحديث رقم 967

24 صفحة من صفحات الكتاب المقرر
المجلد الثالث , الجزء السادس من الصفحة 79 إلى 102
من الاصدار الثالث للطبعة الثانية لدار ابن الجوزي بتحقيق محمد صبحي حلاق

عناصر المحاضرة :
ا – مدخل إلى باب عِشرةِ النساء .
.
2 – دراسة لأربعة أحاديث من باب عشرة النساء .

[1] مدخل إلى باب عِشْرةِ النساء

[1/1] : المراد بحسن العِشْرة .
[2/1] : حثُّ الإسلام على حسن عشرة النساء .
[3/1] : بعض حقوق كل من الزوجين على الآخر .

[1/1] : المراد بحسن العِشْرة
= العشرة لغة :هي المخالطة ؛ مأخوذة من العشيرة .
= حسن العشرة شرعا :وجود الألفة والمودة والتراحم بين الزوجين !
[2/1] : حثُّ الإسلام على حسن عشرة النساء .
قال تعالى :{ وعاشروهنَّ بالمعروف } ، وقال سبحانه :{ ولهنَّ مثل الذي عليهنَّ بالمعروف}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي}

كان الإمام البخاري رحمه الله باستمرار يتزين ويرتدي أحسن الثياب ويخرج للناس فسألوه عن اهتمامه بنفسه واهتمامه بتشذيب لحيته وحرصه على أن يشتم منه ريح طيبة فقال لهم : إني أتزين لزوجتي فقالوا له عجبا فقال لهم ألم تسمعوا لقول الله تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) فإذا كان الرجل يطلب من زوجته التزين والتأنق والتطيب فهي أيضا تستحق منه ذلك



[3/1] : بعض حقوق كل من الزوجين على الآخر .
1. معاشرة كلِّ واحد منهما للآخر بالمعروف .
2. حرص كل واحد منهما على سلامة الآخر وصحته الجسمية والنفسية ، ومراعاته لمشاعره وأحاسيسه.
3. توقير كل واحد منهما للآخر ، واحترامه له ، وتعاونه معه .
4. حفظ كل واحد منهما لكرامة الآخر وكرامة وأهله .
5. مشاركة كل واحد منهما للآخر في أفراحه وأتراحه ، وآماله وآلامه .

[2] دراسة لأربعة أحاديث من باب عشرة النساء

[1/2] : الحديث الأول ( ح3 / 956 ، ص : 82 – 84 )
[2/2] : الحديث الثاني ( ح 5 / 958 ، ص : 86 – 87 )
[3/2] : الحديث الثالث ( ح 6 / 959 ، ص : 87 – 89 )
[4/2] : الحديث الرابع ( ح 8 / 961 ، ص : 90 – 92 ) ( ح يعني رقم الحديث وص رقم الصفحة )
باب عشرة النساء
بكسر العين وسكون الشين المعجمة أي عشرة الرجال أي الأزواج النساء أي الزوجات.

[1/2] : الحديث الأول ( ح3 / 956 ، ص : 82 – 84 ) وهو الحديث الثالث من هذا الباب

وَعَنْ أَبي هُرَيْرَة رضيَ الله عَنْهُ عَنِ النبيِّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "مَنْ كانَ يُؤمِنُ باللَّهِ واليومِ الآخِر فَلا يُؤذِ جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْراً فإنهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ وإن أَعْوجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تقيمُهُ كَسَرْتَهُ وإنْ تَركْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بالنسَاءِ خَيْرَاً" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللّفْظُ للبُخَاريِّ. وَلمسْلم: "فإن اسْتَمْتَعْتَ بها اسْتَمْتَعْتَ بها وبها عِوَجٌ، وإنْ ذَهَبْتَ تُقيمُهَا كَسَرْتهَا وَكَسْرُهَا طَلاقُهَا".
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بالله والْيَوْمِ الآخَر فلا يُؤْذِ جَارَهُ واسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْراً فإنّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ) بكسر الضاء المعجمة وفتح اللام وإسكانها واحد الأضلاع (وإنَّ أعْوَجَ شْيءٍ مِنَ الضِّلَعِ أَعْلاهُ فإنْ ذَهَبَتْ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فاسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْراً) أي اقبلوا الوصية فيهن والمعنى أني أوصيكم بهن خيراً أو المعنى يوصي بعضكم بعضاً فيهن خيراً (متفق عليه واللفظ للبخاري، ولمسلم "فإنِ اسْتَمْتَعْتَ بها اسْتَمْتَعْتَ بها وبها عِوَجٌ) هو بكسر أوله على الأرجح (وإنّ ذَهَبْتَ تُقيمُهَا كَسَرْتها وكَسْرُهَا طَلاقُهَا
معاني أهم مفردات الحديث :
= استوصوا : لِيوصِ بعضكم بعضا خيرا في نسائكم .
= ضلع : مفرد أضلاع ؛ وهي العظام المنحنية المُكوِّنة للقفص الصدري في جسم الإنسان .
= تُقيمُه : تجعلُه مستقيما .

الحديث دليل على عظم حق الجار وأن من آذى الجار فليس بمؤمن بالله واليوم الآخر وهذا إن كان يلزم منه كفر من آذى جاره إلا أنه محمول على المبالغة لأن من حق الإيمان ذلك فلا ينبغي لمؤمن الاتصاف به.
وقد عدّ أذى الجار من الكبائر فالمراد من كان يؤمن إيماناً كاملاً وقد وصى الله على الجار في القرآن.
وحدّ الجار إلى أربعين داراً كما أخرج الطبراني أنه: "أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل فقال: يا رسول الله إني نزلت في محل بني فلان وإن أشدهم لي أذى أقربهم إليَّ داراً فبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكراً وعمر وعلياً رضي الله عنهم يأتون في المسجد فيصيحون على أن أربعين داراً جار ولا يدخل الجنة من خاف جاره بوائقه".
وأخرج الطبراني في الكبير والأوسط: "إن الله ليدفع بالمؤمن الصالح عن مائة بيت من جيرانه" وهذا فيه زيادة على الأول والأذية للمؤمن مطلقاً محرمة قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا وإثماً مبيناً} ولكنه في حق الجار أشدّ تحريماً فلا يغتفر منه شيء وهو كل ما يعد في العرف أذى حتى ورد في الحديث: "أنه لا يؤذيه بقتار قدره إلا أن يغرف له من مرقته ولا يحجز عنه الريح إلا بإذنه وإن اشترى فاكهة أهدى إليه منها".
وحقوق الجار مستوفاة في الإحياء للغزالي.
وقوله: "واستوصوا" تقدّم بيان معناه وعلله بقوله: فإنهن خلقن من ضلع يريد خلقن خلقاً فيه اعوجاج لأنهن خلقن من أصل معوج والمراد أن حواء أصلها خلقت من ضلع آدم كما قال تعالى: {وخلق منها زوجها} بعد قوله: {خلقكم من نفس واحدة}.
وأخرج ابن إسحاق من حديث[اث] ابن عباس[/اث]: "إن حواء خلقت من ضلع آدم الأقصر الأيسر وهو نائم".
وقوله: "وإن أعوج ما في الضلع" إخبار بأنها خلقت من أعوج أجزاء الضلع مبالغة في إثبات هذه الصفة لهن.
وضمير قوله: "تقيمه وكسرته" للضلع وهو يذكر ويؤنث وكذا جاء في لفظ البخاري: تقيمها وكسرتها، ويحتمل أنه للمرأة ورواية مسلم صريحة في ذلك حيث قال: "وكسرها طلاقها".
والحديث فيه الأمر بالوصية بالنساء والاحتمال لهن والصبر على عوج أخلاقهن وأنه لا سبيل إلى إصلاح أخلاقهن بل لا بد من العوج فيها وأنه من أصل الخلقة وتقدم ضبط العوج هنا.
وقد قال أهل اللغة؛ العوج: بالفتح في كل منتصب كالحائط والعود وشبههما وبالكسر ما كان في بساط أو معاش أو دين ويقال: فلان في دينه عوج بالكسر.
بعضُ ما يؤخذُ من الحديث :
• حثُّ المؤمن على الإحسان إلى جاره وعدم أذِيَّتِه بأيِّ نوع من أنواع الأذى ( الحسية ، والمعنوية ) .
• الحثُّ على الإحسان إلى النساء ، والبُعدِ عن الإساءِة إليهِن .
• الإشارةُ إلى عدم جدوى استخدامِ العنف مع المرأة (ابتداء) ، وأنَّ الحكمةَ تقتضي مداراتِها والرِّفقِ بها ، والتلطفِ معها ، وتقبُّلِ ما جُبِلت عليه .
• محاولة جعل المرأة صالحة بطلاقها هي كمحاولة جعل الضلع الأعوج مستقيما بالضغط عليه ؛ فالألم في الحالتين حاصل ! وتحقيق الإصلاح فيهما غير مضمون . قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : ( فاتقوا الله في النساء فأنكم أخذتموهن بأمانة الله وأستحللتم فروجهن بكلمة الله سبحانه وتعالى )


[2/2] : الحديث الثاني ( ح 5 / 958 ، ص : 86 – 87 )

وَعَنْ أَبي سَعيد الخُدْريِّ رضيَ الله عَنْهُ قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنّ شرَّ النّاس عِنْدَ الله مَنْزلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إلَيْهِ ثمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا" أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
الصحابي الراوي للحديث : هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه
معاني أهمِ مفردات الحديث :
= يُفضي إلى امرأته : أي يجامعها ؛ فالإفضاء يُراد به الجماع .
(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنَّ شَرَّ النّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزلَةً يَوْمَ الْقَيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ) من أفضى الرجل إلى المرأة جامعها أو خلا بها جامع أو لا، كما في القاموس (وتُفْضِي إليْهِ ثُمَّ ينْشُرُ سِرَّهَا") أي وتنشر سره (أخرجه مسلم) إلا أنه بلفظ "إن من أشر الناس".
ينشر سرها : أي ينشر ما يجري بينهما عند فعل الجماع .
قال القاضي عياض: وأهل النحو يقولون: لا يجوز أشر وأخير وإنما يقال هو خير منه وشرّ منه قال: وقد جاءت الأحاديث الصحيحة باللغتين جميعاً وهي حجة في جوازهما جميعاً وأنهما لغتان.
والحديث دليل على تحريم إفشاء الرجل ما يقع بينه وبين امرأته من أمور الوقاع ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري من المرأة فيه من قول أو فعل ونحوه.
وأما مجرّد ذكر الوقاع فإذا لم يكن لحاجة فذكره مكروه لأنه خلاف المروءة وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".
فإن دعت إليه حاجة أو ترتبت عليه فائدة، بأن كان ينكر إعراضه عنها أو تدعي عليه العجز عن الجماع أو نحو ذلك فلا كراهة في ذكره كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إني لأفعله أنا وهذه" وقال لأبي طلحة: "أعرستم الليلة" وقال لجابر: "الكيس الكيس".
كذلك المرأة لا يجوز لها إفشاء سره؛ وقد ورد به النص أيضاً.
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• لكلا الزوجين أسرار متعلقة بعيوب جسمه ، أو بسلوكه الجنسي أثناء الجماع ؛ والواجب عليهما سترها عن الناس .
• أسرار الجماع أمانة يجب على كلا الزوجين حفظها؛ ويحرم عليهما إفشاؤها .
• من أفشى (من الزوجين ) شيئا من أسرار الجماع ؛ انحطت منزلته عند الله تعالى يوم القيامة.

[3/2] : الحديث الثالث ( ح 6 / 959 ، ص : 87 – 89 )

وَعَنْ حَكيم بنِ مُعَاويَةَ عَنْ أَبيهِ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قال: "تُطْعِمُها إذا أَكَلْتَ، وَتَكْسُوهَا إذا اكْتسَيْتَ، وَلا تَضْرِبِ الْوَجْهَ ولا تُقَبِّحْ، وَلا تَهْجُرْ إلا في الْبَيْتِ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو داودَ والنَّسَائيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَعَلّقَ الْبُخَاريُّ بَعْضَهُ، وَصَحّحَهُ ابنُ حِبّانَ وَالْحَاكِمُ.
ترجمة حكيم بن معاوية :
هو حكيمُ بنُ الصحابي الجليل معاويةَ بنِ حَيْدَةَ ؛ روى عن أبيه وروى عنه ولدُهُ بَهْز .

(وعن حكيم بن معاوية) أي ابن حيدة بفتح الحاء المهملة فمثناة تحتية ساكنة فدال مهملة ومعاوية صحابي روى عنه ابنه حكيم وروى عن حكيم ابنه بَهْز بفتح الموحدة وسكون الهاء فزاي (عن أبيه رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ما حق زوج أحدنا) ما للاستفهام ومحلها الرفع على الأبتداء حق خبر ما وكلمة زوج هكذا بعدم التاء هي اللغة الفصيحة وجاء زوجة بالتاء (عليه؟، قال: "تُطْعِمَهَا إذا أَكَلْتَ وتكْسُوهَا إذا اكْتَسَيْتَ ولا تَضْربِ الْوَجْهَ ولا تُقَبِّحْ ولا تَهْجُرْ إلا في الْبَيْتِ" رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وعلق البخاري بعضه).
لا تقبح : لا تقل لها قبَّحك الله ، ونحو ذلك من كلام السب والشتم .
= لا تهجر : لا تترك الدخول عليها والإقامة عندها ؛ فالهجر هنا : من الهجران بمعنى البعد ؛ وهذا هو تفسير (الهجر) عند الجمهور. أما غيرهم فقد فسر هجره لها بتفاسير أخرى :
منهـا : أن يترك جماعها .
ومنها: أن يجامعها ويترك كلامها.
ومنها: أن يجامعها ويولِيها ظهره .

بعض ما يؤخذ من الحديث :
• نفقة الزوجة وكسوتها واجبتان على الزوج ؛ وذلك وفق استطاعته.
• النهي عن ضرب وجه الزوجة ؛ حرصا على كرامته وسلامته من التشوهات المنفرة .
• النهي عن سب الزوجة وإسماعها ما تكره من كلام وتقبيح.
• إذا أراد الرجل هجر زوجته في المضجع تأديبا لها ؛ فليفعل ذلك في البيت حيث يعيشان ، وليس بالتحول إلى بيت آخر ، ولا بتحويلها هي إليه .

حيث قال: "باب هجر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نساءه في غير بيوتهنّ".
ويذكر عن معاوية بن حيدة رفعه: "ولا تهجر إلا في البيت" والأول أصح (وصححه ابن حبان والحاكم).
دل الحديث على وجوب نفقة الزوجة وكسوتها.
وأن النفقة بقدر سعته لا يكلف فوق وسعه لقوله: "إذا أكلت" كذا قيل وفي أخذه من هذا اللفظ خفاء.
فمتى قدر على تحصيل النفقة وجب عليه أن لا يختص بها دون زوجته ولعله مقيد بما زاد على قدر سدّ خلته لحديث "ابدأ بنفسك" ومثله القول في الكسوة.
وفي الحديث دليل على جواز الضرب تأديباً إلا أنه منهي عن ضرب الوجه للزوجة وغيرها وقوله: لا تقبح أي لا تسمعها ما تكره وتقول: قبحك الله ونحوه من الكلام الجافي.
ومعنى قوله: "لا تهجر إلا في البيت" أنه إذا أراد هجرها في المضجع تأديباً لها كما قال تعالى: {واهجروهن في المضاجع} فلا يهجرها إلا في البيت ولا يتحوّل إلى دار أخرى أو يحوّلها إليها.
إلا أن رواية البخاري التي ذكرناها دلت أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم هجر نساءه في غير بيوتهن وخرج إلى مشربة له.
وقد قال البخاري: إن هذا أصح من حديث معاوية.
هذا وقد يقال دل فعله على جواز هجرهن في غير البيوت وحديث معاوية على هجرهن في البيوت ويكون مفهوم الحصر غير مراد واختلف في تفسير الهجر.
فالجمهور فسروه بترك الدخول عليهن والإقامة عندهن على ظاهر الآية وهو من الهجران بمعنى البعد.
وقيل: يضاجعها ويوليها ظهره.
وقيل: يترك جماعها.
وقيل: يجامعها ولا يكلمها.
وقيل: من الهجر الإغلاظ في القول.
وقيل: من الهجار وهو الحبل الذي يربط به البعير أي أوثقوهن في البيوت قاله الطبري واستدل له ووهاه ابن العربي.

[4/2] : الحديث الرابع( ح 8 / 961 ، ص : 90 – 92 )

وَعَنْ ابنِ عَبّاسٍ رضي اللَّهُ عَنْهما قالَ: قالَ رسول اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إذا أَرَادَ أَنْ يأتيَ أَهْلَهُ قالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللهُمَّ جَنِّبْنَا الشيّطانَ وَجَنِّبِ الشّيْطانَ مَا رَزَقْتَنَا فَإنّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ في ذلك لَمْ يَضُرَّهُ الشّيْطَانُ أَبَداً" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.
اسم الصحابي الراوي للحديث : هو عبد الله بن عباس رضي الله عنهما .

معاني أهم مفردات الحديث :

(وَعَنْ ابنِ عَبّاسٍ رضي اللَّهُ عَنْهما قالَ: قالَ رسول اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إذا أَرَادَ أَنْ يأتيَ أَهْلَهُ قالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللهُمَّ جَنِّبْنَا الشيّطانَ وَجَنِّبِ الشّيْطانَ مَا رَزَقْتَنَا فَإنّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ في ذلك لَمْ يَضُرَّهُ الشّيْطَانُ أَبَداً" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ).
لو : للتمني .
يأتي أهله : أي : يجامع زوجته ؛ والأصل في الأهل أنهم القرابة .
جنِّبنا الشيطان : أي أبعده منا .
الشيطان : هو في اللغة : مأخوذ من (شطن) بمعنى بعُدَ ؛ والعرب يطلقونه على كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب ؛ والمقصود به هنا : إبليس اللعين ؛ الذي تمرد على الله عز وجل؛ فطرده سبحانه من رحمته ؛ وقصته مشهورة .
ما رزقتنا : الرزق لغة : الحظ ؛ وهو عام لكل ما يُنْتَفَع به ؛ والمقصود به هنا : الولد المتحصِّل من هذا الجماع .
لم يضُرَّه الشيطان : أي : لم يصبه ضرر الشيطان ؛ لا في بدنه ولا في دينه .

هذا لفظ مسلم والحديث دليل على أنه يكون القول قبل المباشرة عند الإرادة وهذه الرواية تفسر رواية: "لو أن أحدكم يقول حين يأتي أهله" ــــ أخرجها البخاري ــــ بأن المراد حين يريد وضمير جنبنا للرجل وامرأته.
وفي رواية الطبراني: جنبني وجنب ما رزقتني بالإفراد.
وقوله: لم يضره الشيطان أبداً أي: لم يسلط عليه.
قال القاضي عياض: نفي الضرر على جهة العموم في جميع أنواع الضرر غير مراد وإن كان الظاهر العموم في جميع الأحوال من صيغة النفي مع التأبيد وذلك لما ثبت في الحديث من أن كل ابن آدم يطعن الشيطان في بطنه حين يولد إلا مريم وابنها فإن في هذا الطعن نوع ضرر في الجملة مع أن ذلك سبب صراخه. قلت: هذا من القاضي مبني على عموم الضرر الديني والدنيوي.
وقيل: ليس المراد إلا الديني وأنه يكون من جملة العباد الذي قال تعالى فيهم: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} ويؤيد هذا أنه أخرج عبد الرزاق عن الحسن وفيه: فكان يرجى إن حملت به أن يكون ولداً صالحاً وهو مرسل ولكنه لا يقال من قبل الرأي.
قال ابن دقيق العيد: يحتمل أنه لا يضره في دينه ولكن يلزم منه العصمة وليست إلا للأنبياء.
وقد أجيب بأن العصمة في حق الأنبياء على جهة الوجوب وفي حق من دُعِيَ لأجله بهذا الدعاء على جهة الجواز فلا يبعد أن يوجد من لا يصدر منه معصية عمداً، وإن لم يكن ذلك واجباً له.
وقيل: لم يضره لم يفتنه في دينه إلى الكفر، وليس المراد عصمته عن المعصية.
وقيل: لم يضره مشاركة الشيطان لأبيه في جماع أمه، ويؤيده ما جاء عن مجاهد: أن الذي يجامع ولا يسمي يلتف الشيطان على إحليله فيجامع معه، قيل: ولعل هذا أقرب الأجوبة.
قلت: إلا أنه لم يذكر من أخرجه عن مجاهد ثم هو مرسل ثم الحديث سيق لفائدة تحصل للولد ولا تحصل على هذا ولعله يقول إن عدم مشاركة الشيطان لأبيه في جماع أمه فائدته عائدة على الولد أيضاً.
وفي الحديث استحباب التسمية وبيان بركتها في كل حال وأن يعتصم بالله وذكره من الشيطان والتبرك باسمه والاستعاذة به من جميع الأسواء.
وفيه أن الشيطان لا يفارق ابن آدم في حال من الأحوال إلا إذا ذكر الله.
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• يسنُّ للمسلم قول ( بسم الله *) عند كلِّ أمر ذي قيمة ، ومنها : عند الجماع ؛ ليحصل على ثواب الذِّكْرِ ويجلب لنفسه وولده البركة.
• من الأذكار** والأدعية المستحبَّة ؛ القول عند الجماع : ” اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا ” ؛ فهو دعاء مأثور، جالب للوقاية والحفظ من الشيطان وشروره .

خمائل الورد
2013- 3- 13, 12:18 AM
المحاضرة الثانية
باب النكاح
باب عشرة النساء
يشتمل على 14 حديث نبوي شريف
من الحديث رقم 954 إلى الحديث رقم 967

24 صفحة من صفحات الكتاب المقرر
المجلد الثالث , الجزء السادس من الصفحة 79 إلى 102
من الاصدار الثالث للطبعة الثانية لدار ابن الجوزي بتحقيق محمد صبحي حلاق

عناصر المحاضرة :
ا – مدخل إلى باب عِشرةِ النساء .
.
2 – دراسة لأربعة أحاديث من باب عشرة النساء .

[1] مدخل إلى باب عِشْرةِ النساء

[1/1] : المراد بحسن العِشْرة .
[2/1] : حثُّ الإسلام على حسن عشرة النساء .
[3/1] : بعض حقوق كل من الزوجين على الآخر .

[1/1] : المراد بحسن العِشْرة
= العشرة لغة :هي المخالطة ؛ مأخوذة من العشيرة .
= حسن العشرة شرعا :وجود الألفة والمودة والتراحم بين الزوجين !
[2/1] : حثُّ الإسلام على حسن عشرة النساء .
قال تعالى :{ وعاشروهنَّ بالمعروف } ، وقال سبحانه :{ ولهنَّ مثل الذي عليهنَّ بالمعروف}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي}

كان الإمام البخاري رحمه الله باستمرار يتزين ويرتدي أحسن الثياب ويخرج للناس فسألوه عن اهتمامه بنفسه واهتمامه بتشذيب لحيته وحرصه على أن يشتم منه ريح طيبة فقال لهم : إني أتزين لزوجتي فقالوا له عجبا فقال لهم ألم تسمعوا لقول الله تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) فإذا كان الرجل يطلب من زوجته التزين والتأنق والتطيب فهي أيضا تستحق منه ذلك



[3/1] : بعض حقوق كل من الزوجين على الآخر .
1. معاشرة كلِّ واحد منهما للآخر بالمعروف .
2. حرص كل واحد منهما على سلامة الآخر وصحته الجسمية والنفسية ، ومراعاته لمشاعره وأحاسيسه.
3. توقير كل واحد منهما للآخر ، واحترامه له ، وتعاونه معه .
4. حفظ كل واحد منهما لكرامة الآخر وكرامة وأهله .
5. مشاركة كل واحد منهما للآخر في أفراحه وأتراحه ، وآماله وآلامه .

[2] دراسة لأربعة أحاديث من باب عشرة النساء

[1/2] : الحديث الأول ( ح3 / 956 ، ص : 82 – 84 )
[2/2] : الحديث الثاني ( ح 5 / 958 ، ص : 86 – 87 )
[3/2] : الحديث الثالث ( ح 6 / 959 ، ص : 87 – 89 )
[4/2] : الحديث الرابع ( ح 8 / 961 ، ص : 90 – 92 ) ( ح يعني رقم الحديث وص رقم الصفحة )
باب عشرة النساء
بكسر العين وسكون الشين المعجمة أي عشرة الرجال أي الأزواج النساء أي الزوجات.

[1/2] : الحديث الأول ( ح3 / 956 ، ص : 82 – 84 ) وهو الحديث الثالث من هذا الباب

وَعَنْ أَبي هُرَيْرَة رضيَ الله عَنْهُ عَنِ النبيِّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "مَنْ كانَ يُؤمِنُ باللَّهِ واليومِ الآخِر فَلا يُؤذِ جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْراً فإنهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ وإن أَعْوجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تقيمُهُ كَسَرْتَهُ وإنْ تَركْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بالنسَاءِ خَيْرَاً" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللّفْظُ للبُخَاريِّ. وَلمسْلم: "فإن اسْتَمْتَعْتَ بها اسْتَمْتَعْتَ بها وبها عِوَجٌ، وإنْ ذَهَبْتَ تُقيمُهَا كَسَرْتهَا وَكَسْرُهَا طَلاقُهَا".
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بالله والْيَوْمِ الآخَر فلا يُؤْذِ جَارَهُ واسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْراً فإنّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ) بكسر الضاء المعجمة وفتح اللام وإسكانها واحد الأضلاع (وإنَّ أعْوَجَ شْيءٍ مِنَ الضِّلَعِ أَعْلاهُ فإنْ ذَهَبَتْ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فاسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْراً) أي اقبلوا الوصية فيهن والمعنى أني أوصيكم بهن خيراً أو المعنى يوصي بعضكم بعضاً فيهن خيراً (متفق عليه واللفظ للبخاري، ولمسلم "فإنِ اسْتَمْتَعْتَ بها اسْتَمْتَعْتَ بها وبها عِوَجٌ) هو بكسر أوله على الأرجح (وإنّ ذَهَبْتَ تُقيمُهَا كَسَرْتها وكَسْرُهَا طَلاقُهَا
معاني أهم مفردات الحديث :
= استوصوا : لِيوصِ بعضكم بعضا خيرا في نسائكم .
= ضلع : مفرد أضلاع ؛ وهي العظام المنحنية المُكوِّنة للقفص الصدري في جسم الإنسان .
= تُقيمُه : تجعلُه مستقيما .

الحديث دليل على عظم حق الجار وأن من آذى الجار فليس بمؤمن بالله واليوم الآخر وهذا إن كان يلزم منه كفر من آذى جاره إلا أنه محمول على المبالغة لأن من حق الإيمان ذلك فلا ينبغي لمؤمن الاتصاف به.
وقد عدّ أذى الجار من الكبائر فالمراد من كان يؤمن إيماناً كاملاً وقد وصى الله على الجار في القرآن.
وحدّ الجار إلى أربعين داراً كما أخرج الطبراني أنه: "أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل فقال: يا رسول الله إني نزلت في محل بني فلان وإن أشدهم لي أذى أقربهم إليَّ داراً فبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكراً وعمر وعلياً رضي الله عنهم يأتون في المسجد فيصيحون على أن أربعين داراً جار ولا يدخل الجنة من خاف جاره بوائقه".
وأخرج الطبراني في الكبير والأوسط: "إن الله ليدفع بالمؤمن الصالح عن مائة بيت من جيرانه" وهذا فيه زيادة على الأول والأذية للمؤمن مطلقاً محرمة قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا وإثماً مبيناً} ولكنه في حق الجار أشدّ تحريماً فلا يغتفر منه شيء وهو كل ما يعد في العرف أذى حتى ورد في الحديث: "أنه لا يؤذيه بقتار قدره إلا أن يغرف له من مرقته ولا يحجز عنه الريح إلا بإذنه وإن اشترى فاكهة أهدى إليه منها".
وحقوق الجار مستوفاة في الإحياء للغزالي.
وقوله: "واستوصوا" تقدّم بيان معناه وعلله بقوله: فإنهن خلقن من ضلع يريد خلقن خلقاً فيه اعوجاج لأنهن خلقن من أصل معوج والمراد أن حواء أصلها خلقت من ضلع آدم كما قال تعالى: {وخلق منها زوجها} بعد قوله: {خلقكم من نفس واحدة}.
وأخرج ابن إسحاق من حديث[اث] ابن عباس[/اث]: "إن حواء خلقت من ضلع آدم الأقصر الأيسر وهو نائم".
وقوله: "وإن أعوج ما في الضلع" إخبار بأنها خلقت من أعوج أجزاء الضلع مبالغة في إثبات هذه الصفة لهن.
وضمير قوله: "تقيمه وكسرته" للضلع وهو يذكر ويؤنث وكذا جاء في لفظ البخاري: تقيمها وكسرتها، ويحتمل أنه للمرأة ورواية مسلم صريحة في ذلك حيث قال: "وكسرها طلاقها".
والحديث فيه الأمر بالوصية بالنساء والاحتمال لهن والصبر على عوج أخلاقهن وأنه لا سبيل إلى إصلاح أخلاقهن بل لا بد من العوج فيها وأنه من أصل الخلقة وتقدم ضبط العوج هنا.
وقد قال أهل اللغة؛ العوج: بالفتح في كل منتصب كالحائط والعود وشبههما وبالكسر ما كان في بساط أو معاش أو دين ويقال: فلان في دينه عوج بالكسر.
بعضُ ما يؤخذُ من الحديث :
• حثُّ المؤمن على الإحسان إلى جاره وعدم أذِيَّتِه بأيِّ نوع من أنواع الأذى ( الحسية ، والمعنوية ) .
• الحثُّ على الإحسان إلى النساء ، والبُعدِ عن الإساءِة إليهِن .
• الإشارةُ إلى عدم جدوى استخدامِ العنف مع المرأة (ابتداء) ، وأنَّ الحكمةَ تقتضي مداراتِها والرِّفقِ بها ، والتلطفِ معها ، وتقبُّلِ ما جُبِلت عليه .
• محاولة جعل المرأة صالحة بطلاقها هي كمحاولة جعل الضلع الأعوج مستقيما بالضغط عليه ؛ فالألم في الحالتين حاصل ! وتحقيق الإصلاح فيهما غير مضمون . قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : ( فاتقوا الله في النساء فأنكم أخذتموهن بأمانة الله وأستحللتم فروجهن بكلمة الله سبحانه وتعالى )


[2/2] : الحديث الثاني ( ح 5 / 958 ، ص : 86 – 87 )

وَعَنْ أَبي سَعيد الخُدْريِّ رضيَ الله عَنْهُ قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنّ شرَّ النّاس عِنْدَ الله مَنْزلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إلَيْهِ ثمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا" أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
الصحابي الراوي للحديث : هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه
معاني أهمِ مفردات الحديث :
= يُفضي إلى امرأته : أي يجامعها ؛ فالإفضاء يُراد به الجماع .
(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنَّ شَرَّ النّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزلَةً يَوْمَ الْقَيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ) من أفضى الرجل إلى المرأة جامعها أو خلا بها جامع أو لا، كما في القاموس (وتُفْضِي إليْهِ ثُمَّ ينْشُرُ سِرَّهَا") أي وتنشر سره (أخرجه مسلم) إلا أنه بلفظ "إن من أشر الناس".
ينشر سرها : أي ينشر ما يجري بينهما عند فعل الجماع .
قال القاضي عياض: وأهل النحو يقولون: لا يجوز أشر وأخير وإنما يقال هو خير منه وشرّ منه قال: وقد جاءت الأحاديث الصحيحة باللغتين جميعاً وهي حجة في جوازهما جميعاً وأنهما لغتان.
والحديث دليل على تحريم إفشاء الرجل ما يقع بينه وبين امرأته من أمور الوقاع ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري من المرأة فيه من قول أو فعل ونحوه.
وأما مجرّد ذكر الوقاع فإذا لم يكن لحاجة فذكره مكروه لأنه خلاف المروءة وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".
فإن دعت إليه حاجة أو ترتبت عليه فائدة، بأن كان ينكر إعراضه عنها أو تدعي عليه العجز عن الجماع أو نحو ذلك فلا كراهة في ذكره كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إني لأفعله أنا وهذه" وقال لأبي طلحة: "أعرستم الليلة" وقال لجابر: "الكيس الكيس".
كذلك المرأة لا يجوز لها إفشاء سره؛ وقد ورد به النص أيضاً.
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• لكلا الزوجين أسرار متعلقة بعيوب جسمه ، أو بسلوكه الجنسي أثناء الجماع ؛ والواجب عليهما سترها عن الناس .
• أسرار الجماع أمانة يجب على كلا الزوجين حفظها؛ ويحرم عليهما إفشاؤها .
• من أفشى (من الزوجين ) شيئا من أسرار الجماع ؛ انحطت منزلته عند الله تعالى يوم القيامة.

[3/2] : الحديث الثالث ( ح 6 / 959 ، ص : 87 – 89 )

وَعَنْ حَكيم بنِ مُعَاويَةَ عَنْ أَبيهِ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قال: "تُطْعِمُها إذا أَكَلْتَ، وَتَكْسُوهَا إذا اكْتسَيْتَ، وَلا تَضْرِبِ الْوَجْهَ ولا تُقَبِّحْ، وَلا تَهْجُرْ إلا في الْبَيْتِ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو داودَ والنَّسَائيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَعَلّقَ الْبُخَاريُّ بَعْضَهُ، وَصَحّحَهُ ابنُ حِبّانَ وَالْحَاكِمُ.
ترجمة حكيم بن معاوية :
هو حكيمُ بنُ الصحابي الجليل معاويةَ بنِ حَيْدَةَ ؛ روى عن أبيه وروى عنه ولدُهُ بَهْز .

(وعن حكيم بن معاوية) أي ابن حيدة بفتح الحاء المهملة فمثناة تحتية ساكنة فدال مهملة ومعاوية صحابي روى عنه ابنه حكيم وروى عن حكيم ابنه بَهْز بفتح الموحدة وسكون الهاء فزاي (عن أبيه رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ما حق زوج أحدنا) ما للاستفهام ومحلها الرفع على الأبتداء حق خبر ما وكلمة زوج هكذا بعدم التاء هي اللغة الفصيحة وجاء زوجة بالتاء (عليه؟، قال: "تُطْعِمَهَا إذا أَكَلْتَ وتكْسُوهَا إذا اكْتَسَيْتَ ولا تَضْربِ الْوَجْهَ ولا تُقَبِّحْ ولا تَهْجُرْ إلا في الْبَيْتِ" رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وعلق البخاري بعضه).
لا تقبح : لا تقل لها قبَّحك الله ، ونحو ذلك من كلام السب والشتم .
= لا تهجر : لا تترك الدخول عليها والإقامة عندها ؛ فالهجر هنا : من الهجران بمعنى البعد ؛ وهذا هو تفسير (الهجر) عند الجمهور. أما غيرهم فقد فسر هجره لها بتفاسير أخرى :
منهـا : أن يترك جماعها .
ومنها: أن يجامعها ويترك كلامها.
ومنها: أن يجامعها ويولِيها ظهره .

بعض ما يؤخذ من الحديث :
• نفقة الزوجة وكسوتها واجبتان على الزوج ؛ وذلك وفق استطاعته.
• النهي عن ضرب وجه الزوجة ؛ حرصا على كرامته وسلامته من التشوهات المنفرة .
• النهي عن سب الزوجة وإسماعها ما تكره من كلام وتقبيح.
• إذا أراد الرجل هجر زوجته في المضجع تأديبا لها ؛ فليفعل ذلك في البيت حيث يعيشان ، وليس بالتحول إلى بيت آخر ، ولا بتحويلها هي إليه .

حيث قال: "باب هجر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نساءه في غير بيوتهنّ".
ويذكر عن معاوية بن حيدة رفعه: "ولا تهجر إلا في البيت" والأول أصح (وصححه ابن حبان والحاكم).
دل الحديث على وجوب نفقة الزوجة وكسوتها.
وأن النفقة بقدر سعته لا يكلف فوق وسعه لقوله: "إذا أكلت" كذا قيل وفي أخذه من هذا اللفظ خفاء.
فمتى قدر على تحصيل النفقة وجب عليه أن لا يختص بها دون زوجته ولعله مقيد بما زاد على قدر سدّ خلته لحديث "ابدأ بنفسك" ومثله القول في الكسوة.
وفي الحديث دليل على جواز الضرب تأديباً إلا أنه منهي عن ضرب الوجه للزوجة وغيرها وقوله: لا تقبح أي لا تسمعها ما تكره وتقول: قبحك الله ونحوه من الكلام الجافي.
ومعنى قوله: "لا تهجر إلا في البيت" أنه إذا أراد هجرها في المضجع تأديباً لها كما قال تعالى: {واهجروهن في المضاجع} فلا يهجرها إلا في البيت ولا يتحوّل إلى دار أخرى أو يحوّلها إليها.
إلا أن رواية البخاري التي ذكرناها دلت أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم هجر نساءه في غير بيوتهن وخرج إلى مشربة له.
وقد قال البخاري: إن هذا أصح من حديث معاوية.
هذا وقد يقال دل فعله على جواز هجرهن في غير البيوت وحديث معاوية على هجرهن في البيوت ويكون مفهوم الحصر غير مراد واختلف في تفسير الهجر.
فالجمهور فسروه بترك الدخول عليهن والإقامة عندهن على ظاهر الآية وهو من الهجران بمعنى البعد.
وقيل: يضاجعها ويوليها ظهره.
وقيل: يترك جماعها.
وقيل: يجامعها ولا يكلمها.
وقيل: من الهجر الإغلاظ في القول.
وقيل: من الهجار وهو الحبل الذي يربط به البعير أي أوثقوهن في البيوت قاله الطبري واستدل له ووهاه ابن العربي.

[4/2] : الحديث الرابع( ح 8 / 961 ، ص : 90 – 92 )

وَعَنْ ابنِ عَبّاسٍ رضي اللَّهُ عَنْهما قالَ: قالَ رسول اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إذا أَرَادَ أَنْ يأتيَ أَهْلَهُ قالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللهُمَّ جَنِّبْنَا الشيّطانَ وَجَنِّبِ الشّيْطانَ مَا رَزَقْتَنَا فَإنّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ في ذلك لَمْ يَضُرَّهُ الشّيْطَانُ أَبَداً" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.
اسم الصحابي الراوي للحديث : هو عبد الله بن عباس رضي الله عنهما .

معاني أهم مفردات الحديث :

(وَعَنْ ابنِ عَبّاسٍ رضي اللَّهُ عَنْهما قالَ: قالَ رسول اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إذا أَرَادَ أَنْ يأتيَ أَهْلَهُ قالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللهُمَّ جَنِّبْنَا الشيّطانَ وَجَنِّبِ الشّيْطانَ مَا رَزَقْتَنَا فَإنّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ في ذلك لَمْ يَضُرَّهُ الشّيْطَانُ أَبَداً" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ).
لو : للتمني .
يأتي أهله : أي : يجامع زوجته ؛ والأصل في الأهل أنهم القرابة .
جنِّبنا الشيطان : أي أبعده منا .
الشيطان : هو في اللغة : مأخوذ من (شطن) بمعنى بعُدَ ؛ والعرب يطلقونه على كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب ؛ والمقصود به هنا : إبليس اللعين ؛ الذي تمرد على الله عز وجل؛ فطرده سبحانه من رحمته ؛ وقصته مشهورة .
ما رزقتنا : الرزق لغة : الحظ ؛ وهو عام لكل ما يُنْتَفَع به ؛ والمقصود به هنا : الولد المتحصِّل من هذا الجماع .
لم يضُرَّه الشيطان : أي : لم يصبه ضرر الشيطان ؛ لا في بدنه ولا في دينه .

هذا لفظ مسلم والحديث دليل على أنه يكون القول قبل المباشرة عند الإرادة وهذه الرواية تفسر رواية: "لو أن أحدكم يقول حين يأتي أهله" ــــ أخرجها البخاري ــــ بأن المراد حين يريد وضمير جنبنا للرجل وامرأته.
وفي رواية الطبراني: جنبني وجنب ما رزقتني بالإفراد.
وقوله: لم يضره الشيطان أبداً أي: لم يسلط عليه.
قال القاضي عياض: نفي الضرر على جهة العموم في جميع أنواع الضرر غير مراد وإن كان الظاهر العموم في جميع الأحوال من صيغة النفي مع التأبيد وذلك لما ثبت في الحديث من أن كل ابن آدم يطعن الشيطان في بطنه حين يولد إلا مريم وابنها فإن في هذا الطعن نوع ضرر في الجملة مع أن ذلك سبب صراخه. قلت: هذا من القاضي مبني على عموم الضرر الديني والدنيوي.
وقيل: ليس المراد إلا الديني وأنه يكون من جملة العباد الذي قال تعالى فيهم: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} ويؤيد هذا أنه أخرج عبد الرزاق عن الحسن وفيه: فكان يرجى إن حملت به أن يكون ولداً صالحاً وهو مرسل ولكنه لا يقال من قبل الرأي.
قال ابن دقيق العيد: يحتمل أنه لا يضره في دينه ولكن يلزم منه العصمة وليست إلا للأنبياء.
وقد أجيب بأن العصمة في حق الأنبياء على جهة الوجوب وفي حق من دُعِيَ لأجله بهذا الدعاء على جهة الجواز فلا يبعد أن يوجد من لا يصدر منه معصية عمداً، وإن لم يكن ذلك واجباً له.
وقيل: لم يضره لم يفتنه في دينه إلى الكفر، وليس المراد عصمته عن المعصية.
وقيل: لم يضره مشاركة الشيطان لأبيه في جماع أمه، ويؤيده ما جاء عن مجاهد: أن الذي يجامع ولا يسمي يلتف الشيطان على إحليله فيجامع معه، قيل: ولعل هذا أقرب الأجوبة.
قلت: إلا أنه لم يذكر من أخرجه عن مجاهد ثم هو مرسل ثم الحديث سيق لفائدة تحصل للولد ولا تحصل على هذا ولعله يقول إن عدم مشاركة الشيطان لأبيه في جماع أمه فائدته عائدة على الولد أيضاً.
وفي الحديث استحباب التسمية وبيان بركتها في كل حال وأن يعتصم بالله وذكره من الشيطان والتبرك باسمه والاستعاذة به من جميع الأسواء.
وفيه أن الشيطان لا يفارق ابن آدم في حال من الأحوال إلا إذا ذكر الله.
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• يسنُّ للمسلم قول ( بسم الله *) عند كلِّ أمر ذي قيمة ، ومنها : عند الجماع ؛ ليحصل على ثواب الذِّكْرِ ويجلب لنفسه وولده البركة.
• من الأذكار** والأدعية المستحبَّة ؛ القول عند الجماع : ” اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا ” ؛ فهو دعاء مأثور، جالب للوقاية والحفظ من الشيطان وشروره .

خمائل الورد
2013- 3- 13, 01:59 PM
المحاضرة الثالثة


باب النكاح :


باب الصداق


يشتمل على 11 حديث نبوي شريف


من الحديث 968 إلى الحديث 978


ويستغرق 16 صفحة من الكتاب المقرر


المجلد الثالث الجزء السادس من الصفحة 103 إلى الصفحة 108


من اصدار دار ابن الجوزي بتحقيق محمد صبحي حلاق


عناصر المحاضرة :
ا – مدخل إلى باب الصَّداق .
2 – دراسة لأربعة أحاديث من باب الصَّداق .

[1] مدخل إلى باب الصَّداق :

[1/1] : المرادُ بالصَّداق.
[2/1] : أَشهرُ أسمائِه .
[3/1] : أَصلُ مشروعيتِه .
[4/1] : مِقدارُه .


باب الصداق
الصداق لغة بفتح الصاد المهملة وكسرها مأخوذ من الصدق لإشعاره بصدق رغبة الزوج في الزوجة وفيه سبع لغات
[2/1] : أشهرُ أسمائِه .
وله ثمانية أسماء يجمعها قوله:
[شع] صداق ومهر نحلة وفريضة
حباء وأجر ثم عقر علائق[/شع]
والصِّدق : مطابقة الأمر للواقع .
الصّداقُ شرعا : هو العِوَضُ الذي يَقَدَّمُ للمرأة قبل عقد النكاح أو بعده مقابل استباحة الزوج بِضعها بالحلال
[3/1] : أصل مشروعيتِه .
كان الصداق في الشرائع السابقة على الإسلام يقدم للأولياء ! فشرع الإسلام تقديمه للزوجات ؛ وهو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع والقياس .
وكان الصداق في شرع من قبلنا للأولياء كما قال صاحب المستعذب على المذهب.
فهو ثابت بالكتابفي عدة مواضع ، منها قوله تعالى : { وءاتوا النساء صدقاتهن نحلة}.
وهو ثابت بالسنة المطهرة : بقوله – صلى الله عليه وسلم - وفعله وتقريره ؛ وسيأتي بعد قليل ذكر بعض الأحاديث بهذا الشأن قال صلى الله عليه وسلم لمن أراد النكاح وهو لا يملك شيء : ( ألتمس ولو خاتم من حديد )


وهو ثابت بإجماع أهل العلم على مشروعيته .
وهو ثابت بالقياس ؛ باعتبار أنَّ النكاح لا بد له من الاستباحة ، والاستباحة لا بد لها من عوض .
[4/1] : مقدارُه .
لم يرد في النصوص الشرعية تحديد لمقدار الصداق ؛ غير أنَّ الشريعة السمحة التي أتت بالتيسير على الناس في كل أمورهم ،أتت باستحباب التخفيف في المهر؛ دون تحديد لأكثره أو أقلِّه

[2] دراسة لأربعة أحاديث من باب الصَّداق
[1/2] : الحديث الأول ( ح1 / 968 ، ص : 103 - 105 )
[2/2] : الحديث الثاني ( ح 2/ 969 ، ص : 105– 107)
[3/2] : الحديث الثالث ( ح 3 / 970 ، ص : 107– 108 )
[4/2] : الحديث الرابع ( ح 5 / 972 ، ص : 110 – 112) (ح رقم الحديث , ص رقم الصفحة )

[1/2] : الحديث الأول ( ح1 / 968 ، ص : 103 - 105 )
عَنْ أَنسٍ رضيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النْبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "أَنّهُ أَعْتَقَ صَفِيّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صدَاقَهَا" مُتّفقٌ عَلَيْهِ.
ترجمة صفية :
هي أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب من سبط هرون بن عمران كان والدها أحد زعماء يهود بني النظير كانت تحت كنانة ابن أبي الحقيق وقبل مقتله يوم خيبر سنة ست للهجرة ووقعت صفية في الأسر سبية فاصطفاها رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فأعتقها وحررها وتزوّجها جبرا لخاطرها وجعل عتقها صداقها وماتت سنة 50 هـ وقيل غير ذلك.
معاني أهم مفردات الحديث :
أعتق : أي حرَّر وخلَّص من الرَّق .
بعضُ ما يؤخذُ من الحديث :
• الحديث دليل على رأفة النبي – صلى الله عليه وسلم – ورحمته ؛ فزواجه من صفية فيه جبر لخاطرها المكسور بفقدها لأبيها وزوجها وحريتها؛ وهي النسيبة التي ينتهي نسبها إلى هارون بن عمران .
• الحديث دليل على صحة جعل العتق صداقا ؛ لمن قال بجواز ذلك. .- وفي هذه المسألة خلاف بين أهل العلم - .

[2/2] : الحديث الثاني ( ح 2/ 969 ، ص : 105– 107)

وَعَنْ أَبي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ رَضي اللَّهُ عَنْهُ أَنّهُ قالَ: "سأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَمْ كانَ صَدَاقُ رَسُول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم؟ قالَتْ: كَانَ صَدَاقُهُ لأزْوَاجِهِ اثِنْتي عَشَرة أُوقِيّةً وَنَشّاً، قالَتْ:أَتَدْري مَا النّشُّ؟ قالَ: قلْتُ: لا قالَتْ: نِصْفُ أُوقِيّةٍ، فَتِلكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ؛ فَهَذا صَداقُ رَسُولِ اللَّهُ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لأزْوَاجِهِ" رَوَاهُ مُسْلمٌ.

ترجمة أبي سلمة :
(وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه) هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي يُقالُ : إنَّ اسمَهُ كنيتُه أحد الفقهاء السبعة المشهورين بالفقه بالمدينة في قول من مشاهير التابعين وأعلامهم يقال إن اسمه كنيته.
وهو كثير الحديث واسع الرواية سمع عن جماعة من الصحابة وأخذ عنه جماعة مات سنة (104هـ) وهو في سبعين سنة
(قال: سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه تعالى وعلى آله وسلم: كم صداق رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية) بضم الهمزة وتشديد المثناة التحتية (ونَشّاً) بفتح النون وشين معجمة مشددة.
معاني أهمِ مفردات الحديث :
أوقية : أي أوقية الحجاز ؛ وهي أربعون درهما .
(قالت: أتدري ما النّشُ؟ قال: قلت: لا. قالت: نصف أوقية فتلك خمسمائة درهم فهذا صداق رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لأزواجه. رواه مسلم).
نَشَّا : أي : عشرون درهما ؛ لأن النش نصفُ أوقية .
خمسُمِائَة درهم :قيَّمها المتخصصون فوجدوها تعادل (140) ريالا عربيا سعوديا .

المراد في الحديث أوقية الحجاز وهي أربعون درهماً وكان كلام عائشة هذا بناء على الأغلب وإلا فإن صداقها هذا المقدار وأم حبيبة أصدقها النجاشي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأربعة آلاف درهم وأربعة آلاف دينار إلا إنه كان تبرعاً منه إكراماً لرسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ولم يكن عن أمره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم.
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• بيان مقدار صداق الرسول – صلى الله عليه وسلم – لزوجاته ؛ وأنه (500) درهم – وهذا باعتبار الأعم الأغلب* - .
• استحباب تخفيفِ الصداق وتيسيره ؛ اقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم - .
• كراهية المغالاة في الصداق تفاخرا أو بطرا أو تشبُّها بالآخرين .
الصداق حق للزوجة** ؛ ثابت في السنة النبوية المطهرة
وقد استحب الشافعية جعل المهر خمسمائة درهم تأسياً.
وأما أقل المهر الذي يصح به العقد فقد قدّمناه أما أكثره فلا حدّ له إجماعاً قال تعالى: {واتيتم إحداهن قنطاراً}.
والقنطار قيل إنه ألف ومائتا أوقية ذهباً وقيل ملء مسك ثور ذهباً وقيل سبعون ألف مثقال وقيل مائة رطل ذهباً.
وقد كان أراد عمر قصر أكثره على قدر مهور أزواج النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ورد الزيادة إلى بيت المال وتكلم به في الخطبة فردّت عليه امرأة محتجة بقوله تعالى: {واتيتم إحداهن قنطاراً} فرجع وقال: كلكم أفْقَه من عمر.

[3/2] : الحديث الثالث ( ح 3 / 970 ، ص : 107– 108 )

وَعَنِ ابنِ عَبّاسٍ قالَ: لمّا تَزوَّجَ عَليٌّ فَاطمةَ قالَ لهُ رسولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "أَعْطِهَا شَيْئاً" قالَ: مَا عِنْدي شيءٌ، قالَ: "فَأَيْنَ دِرْعُكَ الحُطَمِيَّةُ؟" رَوَاهُ أَبُو داوُدَ والنّسَائيُّ وَصَحّحَهُ الحاكِمُ.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما تزوّج عَليٌّ فاطمَة رضي الله عنها
التعريف بفاطمة – رضي الله عنها - :
هي أصغر بنات الرسول – صلى الله عليه وسلم –.هي سيدة نساء العالمين تزوّجها علي رضي الله عنه في السنة الثانية من الهجرة في شهر رمضان وبنى عليها في ذي الحجة ولدت له الحسن والحسين والمحسن وزينب ورقية وأم كلثوم وماتت بالمدينة بعد موته صلى الله عليه وآله وسلم بثلاثة أشهر وقد بسطنا ترجمتها في الروضة الندية

(قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أعْطِهَا شيّئاً" قال: ما عندي شيء قال: "فأَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيّةُ؟") بضم الحاء المهملة وفتح الطاء نسبة إلى حطمة من محارب بطن من عبد القيس كانوا يعملون الدروع (رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم).
معاني أهمِ مفردات الحديث :
درعك : أي درع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ؛ والدرع : لباس من حديد يقي المحارب أذى السلاح .
الحطمية : نسبة إلى قبيلة (حُطَمةَ ) التي كانت مشهورة بصناعة الدروع .

بعض ما يؤخذ من الحديث :
• ينبغي تقديم شيء للزوجة قبل الدخول بها ؛ تقديرا لها ، وجبرا لخاطرها ؛ وتعبيرا لها عن الرغبة فيها .
• استحباب تخفيف الأب مهر ابنته عند تزويجها؛ اقتداء بفعل الرسول – صلى الله عليه وسلم – عندما زوَّج ابنته .
• لا يُشترط في الصداق أن يكون من النقود بل يمكن أن يكون من المتاع (كالدرع) ونحوه .
فيه دليل على أنه ينبغي تقديم شيء للزوجة قبل الدخول بها جبراً لخاطرها وهو المعروف عند الناس كافة ولم يذكر في الرواية هل أعطاها درعه المذكور أو غيرها.
وقد وردت روايات في تعيين ما أعطى عليٌّ فاطمة رضي الله عنهما إلا أنها غير مسندة...
[4/2] : الحديث الرابع ( ح 5 / 972 ، ص : 110 – 112)

وَعَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابن مَسْعُودٍ: "أَنّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّج امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرضْ لَهَا صَدَاقاً وَلَمْ يَدْخُلْ بهَا حَتى مَاتَ؟ فَقَالَ ابنُ مَسْعُودٍ: لَهَا مِثْلُ صَداقِ نسَائهَا لا وَكْسَ وَلا شَطَطَ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا المِيرَاثُ، فَقَامَ مَعْقِلُ بنُ سِنَانٍ الأشْجَعِيُّ فَقَالَ: قَضَى رسُولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في بَرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ ــــ امْرَأَةٍ مِنّا ــــ مِثْلَ مَا قَضَيْتَ، فَفَرحَ بها ابنُ مَسْعُودٍ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالأرْبَعَةُ وَصَحّحَهُ التِّرمذيُّ وَحَسّنَهُ جَمَاعَةٌ.
ترجمة علقمة :
(هو علقمة بنُ قيسٍ النخعي أبي شبل بن مالك من بني بكر بن النخع روى عن عمر ابن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما وهو تابعي جليل اشتهر بحديث ابن مسعود وصحبته وهو عم الأسود النخعي مات سنة إحدى وستين هجرية
معاني أهمِ مفردات الحديث :
لم يفرض : أي: لم يقدِّر .
وكس :الوكس هو النقص .
شطَطَ : الشطط هو الجوْرُ ، أو مجاوزة القدر في كل شيء .
لا وكسَ ولا شَطَطَ : أي : لا نقصان ولا زيادة .
بَروع بنت واشق : امرأة من قبيلة أشجع ؛ تزوجها هلال بن أمية.

(عن ابن مسعود سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امرأَةً ولم يَفْرضْ لها صَداقاً ولم يَدْخُلْ بهاحتى ماتَ فقال ابن مسعود: لها مثل صداقِ نِسائِها لا وَكْسَ) بفتح الواو وسكون الكاف وسين مهملة هو النقص أي لا ينقص من مهر نسائها (ولا شَطَطَ) بفتح الشين وبالطاء المهملة وهو الجور أي لا يجار على الزوج بزيادة مهرها على نسائها (وعليها العِدَّةُ ولها الميراثُ فقام معقل) بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف (ابن سنان) بكسر السين المهملة فنون فألف فنون (الأشجعي) بفتح الهمزة وشين معجمة ساكنة ومعقل هو أبو محمد شهد فتح مكة ونزل الكوفة. وحديثه في أهل الكوفة وقتل يوم الحرة صبراً (فقال: قضى رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في بَرْوَع) بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وفتح الواو فعين مهملة (بِنْتِ واشق) بواو مفتوحة فألف فشين معجمة فقاف (امرأة منا) بكسر الميم فنون مشددة فألف (مثل ما قضيت ففرح بها ابن مسعود. رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي وحسنه جماعة) منهم ابن مهدي وابن حزم وقال: لا مغمز فيه لصحة إسناده ومثله قال البيهقي في الخلافيات.
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• المرأة تستحق المهر كاملا *حتى ولو مات زوجها قبل دخوله بها.
• المرأة ترث زوجها ؛ حتى ولو مات قبل دخوله بها.
• تجب العِدَّة على المرأة إذا مات زوجها ؛ حتى ولو لم يكن دخل بها.
• إذا لم يُسَمِّ الزوج لزوجته مهرا معينا ؛ فإنها تستحق مهر مثلها من قراباتها من غير نقص ولا زيادة .

المطوع خالد
2013- 3- 13, 02:46 PM
ماشاء الله تبارك الله

الله يجزاكي كل خير اختي

الله يوفقك دنيا و آخره

عشق القصيد
2013- 3- 13, 02:53 PM
جهد جبار ومتعوب عليه
الله يسعدكك

خمائل الورد
2013- 3- 14, 02:51 AM
المحاضرة الرابعة
باب النكاح:
باب الوليمة
يشتمل على 15 حديث نبوي شريف
من الحديث979 إلى الحديث 993
ويستغرق 20 صفحة من صفحات الكتاب المقرر
المجلد الثالث الجزء السادس
من الصفحة 119 إلى الصفحة 138
عناصر المحاضرة

ا – مدخل إلى باب الوليمة .
2 – دراسة لأربعة أحاديث من باب الوليمة .
[1] مدخل إلى باب الوليمة
[1/1] : المرادُ بالوليمة .
[2/1] : المرادُ بوليمة العرس .
[3/1] : مقدار الوليمة .
[4/1] : آداب تناول الطعام .
المراد بالوليمة :
الوليمة لغة :مشتقة من الوَلْم بفتح الواو وسكون اللام وهو الجمع لأن الزوجين يجتمعان قاله الأزهري وغيره والفعل منها أولم،
الوليمة اصطلاحا : تقع على كل طعام يتخذ لسرور حادث
ووليمة العرس : ما يتخذ عند الدخول وما يتخذ عند الإملاك وهي المرحلة الاولى . والمرحلة الثانية مرحلة الدخول أو البناء على الزوجة ويقول أهل اللغة إن تسميتها بالبناء بالزوجة خطأ إنما تسمى بالبناء على الزوجة

[3/1] : مقدار الوليمة.
أقلُّ الوليمة للموسر شاة ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : { أولم ولو بشاة } .
ولا حدَّ لأكثر الوليمة ؛ لكن الاعتدال فيها مطلوب ؛ والتوسع فيها ينبغي أن لا يتجاوز الحد المعقول ؛ وإلا عُدَّ تبذيرا . ومعلوم أنّ الله تعالى نهى عن التبذير وذمَّ المبذرين ؛ فقال سبحانه : { ولا تبذر تبذيرا ، إنَّ المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا} .
وأمَّا المعسر ؛ فيكفيه ما يتيسَّرُ له من طعام يقدمه للناس إشهارا للنكاح ؛ فقد ثبت في الصحيح أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – أولم على بعض نسائه بمدين من شعير ، وأولم على أخرى بتمر وإقط وسمن .
مدين من شعير أي بحوالي كيلو غرام ونصف الكيلو من الشعير لأن المد الواحد هو ربع صاع والصاع هو ثلاثة كيلو غرامات المد كيلو إلا ربع والمدين كيلو ونصف

[4/1] : آداب تناول الطعام .
يمكن لمن يتتبع هذه الآداب في الأحاديث الواردة بهذا الباب استخلاص أهم ِّ هذه الآداب ؛ وهي :
• النهي عن الجلوس للأكل متكئا .
• وجوب (وقيل استحباب) التسمية عند الأكل؛ بقول (بسم الله) أو ( بسم الله الرحمن الرحيم) ؛ ومن نسي فليقل:(بسم الله أوَّلَهُ وآخِرَه)
• وجوب الأكل باليمين ؛ وحرمة الأكل بالشمال إلا لعذر .
• استحباب الأكل مما يلي الآكِل .
• استحباب الأكلِ من جوانب الإناء ( الصحن) لا من وسطه لأن البركة تنزل في الوسط فينبغي أن تبقى هذه البركة لتنتقل إلى الجوانب .
• كراهية ذم الطعام ، أو وصفه بعيب معيَّن .
• يستحب لمن اشتهى الطعام المقدَّم إليه الأكل منه؛ ولمن عافه تركه.

[2] دراسة لأربعة أحاديث من باب الوليمة
[1/2] : الحديث الأول ( ح1 / 979 ، ص : 119 - 122) .
[2/2] : الحديث الثاني ( ح 2/ 980 ، ص : 122 – 125) .
[3/2] : الحديث الثالث ( ح 7 / 985 ، ص : 130) .
[4/2] : الحديث الرابع ( ح 10 / 988 ، ص : 132 – 133) .

[1/2] : الحديث الأول ( ح1 / 979 ، ص : 119 - 122 )

عَنْ أَنَسٍ بنِ مَالِكٍ رَضيَ اللَّهُ عنْهُ أنَّ النّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم رَأَى على عَبْدِ الرَّحْمن بنِ عَوْفٍ أَثَر صُفْرَةٍ فَقَالَ: "ما هَذا؟" قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إني تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلى وزن نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: "بَارَكَ اللَّهُ لكَ أَوْلِمْ وَلَوْ بشَاةٍ" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ واللفْظُ لمُسْلمٍ.
الصحابي الراوي للحديث :
هو أنس بنُ مالك – رضي الله عنه -.
معاني أهم مفردات الحديث :
صفرة : أي أثر زعفران .
على وزن : أي : على مقدار .
نواة من ذهب : هي وحدة وزن كانت معروفة لدى العرب وقتها .
أولِم : اتَّخِذْ وليمة ؛ أي اصنع طعاما بمناسبة زواجك .
ولو بشاة : أي : وعلى الأقل أن تكون وليمتك بواحدة من الغنم ؛
فإن لو هنا : للتقليل ؛ والشاة : هي مفرد شاء أو شياه ؛ أي غنم .وتصغر على شويهه

جاء في الروايات بيان الصفرة بأنها ردغ من زعفران وهو بفتح الراء ودال مهملة وغين معجمة أثر الزعفران.
"فإن قلتَ" قد علم النهي عن التزعفر فكيف لم ينكره صلى الله تعالى عليه وآله وسلم؟ قلتُ: (هذا مخصص للنهي بجوازه للعروس).
وقيل: يحتمل أنها كانت في ثيابه دون بدنه بناء على جوازه في الثوب وقد منع جوازه فيه أبو حنيفة والشافعي ومن تبعهما.
والقول بجوازه في الثياب مروي عن مالك وعلماء المدينة واستدل لهم بمفهوم النهي الثابت في الأحاديث الصحيحة كحديث أبي موسى مرفوعاً: "لا يقبل الله صلاة رجل في جسده شيء من الخلوق".
وأجيب بأن ذلك مفهوم لا يقاوم النهي الثابت في الأحاديث الصحيحة وبأن قصة عبد الرحمن كانت قبل النهي في أول الهجرة وبأنه يحتمل أنه الصفرة التي رآها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كانت من جهة امرأته تعلقت به فكان ذلك غير مقصود له، ورجح هذا النووي وعزاه للمحققين وبنى عليه البيضاوي.
وقوله: على وزن نواة من ذهب قيل المراد واحدة نوى التمر قيل: كان يومئذ ربع دينار، ورد بأن نوى التمر يختلف فكيف يجعل معياراً لما يوزن.
وقيل إن النواة من ذهب عبارة عما قيمته خمسة دراهم من الورق وجزم به الخطابي واختاره الأزهري ونقله عياض عن أكثر العلماء ويؤيده أن في رواية البيهقي وزن نواة من ذهب قومت خمسة دراهم.
وفي رواية عند البيهقي عن قتادة: قومت ثلاثة دراهم وثلثاً وإسناده ضعيف لكن جزم به أحمد وقيل في قدرها غير ذلك.
وعن بعض المالكية أن النواة عند أهل المدينة ربع دينار.
والحديث دليل أنه يدعى للعروس بالبركة وقد نال عبد الرحمن بركة الدعوة النبوية حتى قال: فلقد رأيتني لو رفعت حجراً لرجوت أن أصيب ذهباً أو فضة. رواه البخاري عنه في آخر هذه الرواية وفي قوله:
"أولم ولو بشاة" دليل على وجوب الوليمة في العرس وإليه ذهب الظاهرية قيل: وهو نص الشافعي في الأم ويدل له:
بعضُ ما يؤخذُ من الحديث :
• كراهية تطيب الرجل بالزعفران أوبما يترك أثرا على الوجه .
• استحباب تخفيف المهر حتى ولو كان المتزوج غنيا .
• استحباب الدعاء للمتزوج .
• مشروعية وليمة العرس ؛ ففيها إعلان للنكاح وابتهاج بحصوله .
• أقلُّ الوليمة للموسر شاة .

ما أخرجه أحمد من حديث بريدة أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال لما خطب عليّ فاطمة: "لا بد من وليمة" وسنده لا بأس به وهو يدل على لزوم الوليمة وهو في معنى الوجوب.
وما أخرجه أبو الشيخ والطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة مرفوعاً: "الوليمة حق وسنة فمن دعي ولم يجب فقد عصى" والظاهر من الحق الوجوب.
وقال أحمد: الوليمة سنة.
وقال الجمهور: مندوبة.
وقال ابن بطال: لا أعلم أحداً أوجبها وكأنه لم يعرف الخلاف واستدل على الندبية بما قال الشافعي: لا أعلم أمر بذلك غير عبد الرحمن ولا أعلم أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ترك الوليمة رواه عنه البيهقي فجعل ذلك مستنداً إلى كون الوليمة غير واجبة ولا يخفى ما فيه.
واختلف العلماء في وقت الوليمة هل هي العقد أو عقبه أو عند الدخول وهي أقوال في مذهب المالكية.
ومنهم من قال عند العقد وبعد الدخول.
وصرح الماوردي من الشافعية بأنها عند الدخول قال السبكي: والمنقول من فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها بعد الدخول وكأنه يشير إلى قصة زواج زينب بنت جحش لقول أنس: أصبح ــــ يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم ــــ عروساً بزينب فدعا القوم، وقد ترجم عليه البيهقي "باب وقت الوليمة".
وأما مقدارها فظاهر الحديث أن الشاة أقل ما تجزىء إلا أنه قد ثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم أولم على أم سلمة وغيرها بأقل من شاة وأولم على زينب بشاة.
وقال[اث] أنس[/اث]: لم يولم على غير زينب بأكثر مما أولم عليها.
إلا أنه أولم على ميمونة بنت الحارث لما تزوجها بمكة عام القضية ــــ وطلب من أهل مكة أن يحضروا فامتنعوا ــــ بأكثر من وليمته على زينب وكأن أنساً يريد أنه وقع في وليمة زينب بالشاة من البركة في الطعام ما لم يقع في غيرها فإنه أشبع الناس خبزاً ولحماً فكأن المراد لم يشبع أحداً خبزاً ولحماً في وليمة من ولائمه صلى الله عليه وآله وسلم أكثر مما وقع في وليمة زينب رضي الله عنها.

[2/2] : الحديث الثاني ( ح 2/ 980 ، ص : 122– 125)

وَعَنِ ابنِ عُمَرَ رضيَ اللَّهُ عنهما قالَ: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا دُعِي أحَدُكُمْ إلى وَلِيمَةٍ فَلْيَأتهَا" مُتّفقٌ عَلَيْهِ، ولمُسْلِمٍ: "إذا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْساً كانَ أَوْ نَحْوَهُ".
(وَعَنِ ابنِ عُمَرَ رضيَ اللَّهُ عنهما قالَ: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا دُعِي أحَدُكُمْ إلى وَلِيمَةٍ فَلْيَأتهَا" مُتّفقٌ عَلَيْهِ، ولمُسْلِمٍ) أي: عن ابن عمر مرفوعاً: (إذا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْساً كانَ أَوْ نَحْوَهُ).
الحديث الأول دال على وجوب الإجابة إلى الوليمة والثاني دال على وجوبها إلى كل دعوة ولا تعارض بين الروايتين وإن كانا عن راو واحد.
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• مشروعية وليمة العرس .
• وجوب إجابة الدعوة إلى الوليمة .

وقد أخذت الظاهرية وبعض الشافعية بظاهره فقالوا: تجب الإجابة إلى الدعوة مطلقاً.
وزعم ابن حزم أنه قول جمهور الصحابة والتابعين.
ومنهم من فرق بين وليمة العرس وغيرها فنقل ابن عبد البر وعياض والنووي الاتفاق على وجوب إجابة وليمة العرس وصرح جمهور الشافعية والحنابلة بأنها فرض عين ونص عليه مالك.
وعن البعض فرض كفاية وفي كلام الشافعي ما يدل على وجوب الإجابة في وليمة العرس وعدم الرخصة في غيرها فإنه قال: إتيان دعوة الوليمة حق والوليمة التي تعرف وليمة العرس وكل دعوة دعي إليها رجل وليمة فلا أرخص لأحد في تركها ولو تركها لم يتبين أنه عاص كما تبين لي في وليمة العرس.
وفي البحر للمهدي حكاية إجماع العترة على عدم وجوب الإجابة في الولائم كلها.

• جواز ترك الإجابة إلى الوليمة لأعذار ذكرها الشارح نقلا عن ابن دقيق العيد ( انظر : مج3 ، ج6 ، ص 123 ، سطر 14 – 17).

هذا وعلى القول بالوجوب فقد قال ابن دقيق العيد في شرح الإلمام:
وقد يسوغ ترك الإجابة لأعذار: منها أن يكون في الطعام شبهة أو يخص بها الأغنياء أو يكون هناك من يتأذى بحضوره معه أو لا يليق لمجالسته أو يدعوه لخوف شره أو لطمع في جاهه أو ليعاونه على باطل أو يكون هناك منكر من خمر أو لهو أو فراش حرير أو ستر لجدران البيت أو صورة في البيت أو يعتذر إلى الداعي فيتركه أو كانت في الثالث كما يأتي فهذه الأعذار ونحوها في تركها على القول بالوجوب وعلى القول بالندب بالأولى.


[3/2] : الحديث الثالث ( ح 7 / 985 ، ص : 130)

وَعَنْ أَنَسٍ قالَ: أَقَامَ النّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بَيْنَ خَيْبَرَ والمدينة ثَلاثَ لَيَالٍ يُبْنى عَلَيْهِ بِصَفِيّةَ فَدَعَوْتُ الْمُسْلمينَ إلى وَلِيمَتِهِ فَمَا كان فيها مِنْ خُبْز ولا لَحْمٍ، وَمَا كان فِيها إلا أنْ أمَرَ بالأنْطاعِ فَبُسِطَتْ فَأُلْقِيَ عَلَيْهَا التّمْرُ والأقِطُ وَالسّمْنُ" مُتّفقٌ عَلَيْهِ واللَّفْظُ للبُخاريِّ.
معاني أهمِ مفردات الحديث :
= يُبْنى عليه بصفية : أي : يُبْنى عليه خباء جديد بسبب صفيـــــــــة؛ قال الرازي في مختار الصحاح : (بنى) على أهله يَبْني : زفَّها (بناء)؛ وكأنَّ الأصل فيه أنَّ الداخل بأهله كان يضربُ عليها قبَّة ليلة دخوله بها ؛ فقيل لكل داخل بأهله (بانٍ) .
= الأَنْطاعِ : جمع نِطْع ( بفتح النون وكسرها) ؛ وهو بساط من جلد .
= الأَقِـطُ : شيء يُتَّخذُ من المخيض الغَنميِّ .
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
• مشروعية وليمة العرس حتى للمسافر.
• إجزاءُ الوليمةِ بما تيسَّر من طعام ؛ نظرا للحاجة أو للسفر .

(وعن أنس رضي الله عنه قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين خيبرَ والمدينةِ ثلاثَ ليال يُبْنَى) مغير الصيغة (عليه بصفية) أي يبنى عليه خباء جديد بسبب صفية أو بمصاحبتها (ودَعَوْتُ المسلمين إلى وليمته فما كان فيها من خبر ولا لحم وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع فبسطت فألقى عليها التمر والأقط).

وفي القاموس الأقط ككتف وإبل شيء يتخذ من المخيض الغنمي ويسمى في بعض البلدان بالجميد وفي بعضها الكشك يؤتى باللبن ويغلى حتى تتبخر منه نسبة المياة الموجودة في هذا اللبن ثم يؤخذ ويشكل على شكل مستطيلات أو كور ثم يجفف ويؤكل وقن الحاجة وإذا أرادوا الطبخ به يذاب في الماء وأحيانا يذاب في الماء ثم يضاف إلى الأرز المسلوق بماء اللحم ويسمى في بعض الدول المنسف (والسمن) ومجموع هذه الأشياء يسمى حيسا (متفق عليه واللفظ للبخاري) فيه إجزاء الوليمة بغير ذبح شاة والبناء بالمرأة في السفر وإيثار الجديدة بثلاثة أيام وإن كانوا في السفر.

بعض ما يؤخذ من الحديث :
• مشروعية وليمة العرس حتى للمسافر.
إجزاءُ الوليمةِ بما تيسَّر من طعام ؛ نظرا للحاجة أو للسفر

[4/2] : الحديث الرابع ( ح 10 / 988 ، ص : 132 – 133)

وَعَنْ عُمَرَ بنِ أبي سَلَمَةَ قالَ: قالَ لي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "يَا غُلامُ سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بَيَميِنِكَ، وكُلْ ممّا يَلِيكَ" مُتّفقٌ عَلَيهِ.

معاني أهمِ مفردات الحديث :
= غلام : الغلام :هوالطفل من سن الولادة وحتى سن البلوغ ؛ وقد أطلق على الأجير والعبد من باب الاستعارة .
= سمِّ الله : أي : قل بسم الله .
= كل مما يليك : أي : كل مما يُقارِبُكَ ؛ فالوَلْيُ هو القرب .

بعض ما يؤخذ من الحديث :
• وجوب التسمية عند الأكل ؛ للأمر بها.( وقيل إنها مستحبة) !
• استحباب الجهر بالتسمية ؛ لإسماع الآخرين وتنبيهِهم عليها .
• وجوب الأكل باليمين ؛ للأمر به .
• وجوب الأكل مما يلي الآكل ؛ للأمر به .

الحديث دليل على وجوب التسمية للأمر بها وقيل: إنها مستحبة في الأكل ويقاس عليه الشرب.
قال العلماء: ويستحب أن يجهر بالتسمية ليسمع غيره وينبهه عليها فإن تركها لأي سبب نسيان أو غيره في أول الطعام فليقل في أثنائه: بسم الله أوله وآخره، لحديث أبي داود والترمذي وغيرهما. قال الترمذي: حسن صحيح أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال:
"إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله فإن نسي أن يذكر الله في أوله فليقل بسم الله أوله وآخره".
وينبغي أن يسمي كل واحد من الآكلين فإن سمى واحد فقط فقد حصل بتسميته السنة، قاله الشافعي.
ويستدل بأنه صلى الله عليه وآله وسلم أخبر أن الشيطان يستحل الطعام الذي لم يذكر اسم الله عليه فإن ذكره واحد من الآكلين صدق عليه أنه ذكر اسم الله عليه.
وفي الحديث دليل على وجوب الأكل باليمين للأمر به أيضاً ويزيده تأكيداً: أنه صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بأن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله وفعل الشيطان يحرم على الإنسان.
ويزيده تأكيداً: أن رجلاً أكل عنده صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بشماله فقال: كل بيمينك فقال لا أستطيع قال: لا استطعت ما منعه إلا الكبر فما رفعها إلى فيه. أخرجه مسلم ولا يدعو صلى الله عليه وآله وسلم إلا على من ترك الواجب.
وأما كون الدعاء لتكبره فهو محتمل أيضاً ولا ينافي أن الدعاء عليه للأمرين معاً.
وفي قوله: وكل مما يليك دليل أنه يجب الأكل مما يليه وأنه ينبغي حسن العشرة للجليس وأن لا يحصل من الإنسان ما يسوء جليسه مما فيه سوء عشرة، وترك مروءة.
فقد يتقذر جليسه ذلك لا سيما في الثريد والأمراق ونحوها إلا في مثل الفاكهة.

خمائل الورد
2013- 3- 14, 02:52 AM
يسلمووووووووووووووو يا مطوع ويا عشوقه لكن وين ألاقي الفزعة :24:

الساهره
2013- 3- 15, 06:49 PM
:2:تسلمي يالغاليه الله يوفقك يارب

الساهره
2013- 3- 15, 07:13 PM
تفضلوا المحاضره الثالثه

http://www.gulfup.com/?vM0ucq

خمائل الورد
2013- 3- 16, 01:39 AM
الساهرة يا حبي لك يا عسل :43:

ما قصدت محتوى الباور بوينت تبع الدكتور لما قلت مين اللي ينزل لنا المحاضرة الثالثة

أنا قصدت شرح الدكتور والجزئيات التي يشير لها الدكتور من الكتاب

يا عمري خلاص أنا نزلت الثالثة والرابعة وقريب إن شاء الله أنزل الخامسة

:16:

خمائل الورد
2013- 3- 16, 01:41 AM
والفزعة لما طلبتها أبي باقي المحاضرات بنفس طريقتي

أو الفزعة في المواد الباقية :16:

خمائل الورد
2013- 3- 17, 04:09 AM
:16:

الساهره
2013- 3- 17, 04:09 AM
:3:هلابك يالغاليه والله ماقصرتي انا انشالله راح اساعدك وفالنا النجاح

خمائل الورد
2013- 3- 17, 04:09 AM
هلابك يا الساهرة :43:

خمائل الورد
2013- 3- 17, 04:11 AM
تسلمي يا قلبي أنا قريب إن شاء الله بنزل المحاضرتين الخامسة والسادسة :10:

الساهره
2013- 3- 17, 04:13 AM
:2:انا انشاءالله راح انزل الثامنه والتاسعه باذن الله

خمائل الورد
2013- 3- 17, 04:15 AM
الله يجزاك ألف خير يا عسل وأنا راح أرسل لك هنا الكتاب والمحتوى الخاص بهالمحاضرتين:43:

خمائل الورد
2013- 3- 17, 04:26 AM
الساهرة يا عسل صافي راح تلاقين في المرفقات الكتاب المقرر الخاص بالمحاضرتين السابعة والثامنة

وهوكتاب الطلاق لأني راح أنتهي إن شاء الله من كتاب النكاح في الست محاضرات الأولى على خطة الدكتور

أما الست محاضرات الأخيرة فكتاب ثالث هو كتاب الجامع وتراها كلها من مجلدات سبل السلام

وراح أرسل لك المحتوى الخاص بهالمحاضرات أما المحاضرات المسجلة راح تلاقيها كلها فوق في الموضوع المثبت للمستوى السادس راح أرسل لك رابطه بعد شوي

خمائل الورد
2013- 3- 17, 08:17 PM
المحاضرة الخامسة
باب النكاح :
باب القسم بين الزوجات
يشتمل على عشرة أحاديث النبوية الشريفة
من الحديث 994 إلى الحديث 1003
ويستغرق هذا الباب 10 صفحات من الكتاب المقرر
المجلد الثالث الجزء السادس صفحة 139 إلى الصفحة 148
طبعة دار ابن الجوزي تحقيق محمد صبحي حلاق
عناصر المحاضرة

ا – مدخل إلى باب القَسْمِ بين الزوجات .
2 – دراسة لأربعة أحاديث من باب القَسْمِ بين الزوجات .

[1] مدخل إلى باب القسم بين الزوجات
[1/1] : المرادُ بالقسم بين الزوجات .
[2/1] : مجالات القسم بين الزوجات .
[3/1] : مقدار القسم بين الزوجات .
[4/1] : حكم القسم بين الزوجات .

[1/1] : المرادُ بالقسم بين الزوجات.
= القسم لغة : قال الرازي في مختار الصحاح :“ (القَسْم) بالفتح: مصدر قَسَمَ الشيء فانقسم ؛ وبابه ضربَ ، والموضع (مَقْسِم) مثل مجلِس ؛ و(القِسم) بالكسر : الحظ والنصيب من الخير ”.
= القسم بين الزوجات شرعا : هو إعطاءُ الزوجِ كلّ واحدة من زوجاته نصيبها وأداؤه حقها عليه .

[2/1] : مجالات القسم بين الزوجات .
• الإنفاق عليهن ؛ ويتضمن الطعام والشراب والكسوة ونحوها .
• حسن عشرتهن ؛ وتتضمن الملاطفة والمباسطة في الكلام – ويجوز له مودة إحداهن أكثر من غيرها ! إذا كانت أكثرهن طاعة له ، وتعاونا معه ،وحفظا له في غيبته وماله - .
• الطواف عليهن َّ؛ أي بزيارة كل واحدة منهن وإن كان ذلك من غير جماع .
• المبيت عندهنَّ ؛ وهو عماد القسم ؛ حيث يأوي الرجل إلى منزله ؛ فيسكن إلى زوجته – كما قال تعالى :{ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها} ، وينام بجوارها على فراشه .

[3/1] : مقدار القسم بين الزوجات .
قسم الرجل بين زوجاته مرتبط ارتباطا تاما ومباشرا بقدرته واستطاعته ( ماديا ومعنويا ) ؛ فلا يجب عليه ما لا يطيقه ؛ والنصوص الشرعية في هذا المجال كثيرة ؛ منها :
• قول الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } .
• وقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – { تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت} .

[4/1] : حكم القسم بين الزوجات .
يرى كثيرون من أهل العلم أن قسم الرجل بين زوجاته واجب عليه في أمور ، وغير واجب عليه في أمور أخرى !
= فهو واجب عليه فيما يتعلق بالأمور المادية ؛ كالنفقة وحسن العشرة والطواف والمبيت ونحو ذلك .
= وهو غير واجب عليه ( وإنما مستحب له) فيما يتعلق بالميل القلبي ؛ وما يرتبط به من المحبة، وما ينشأ عنه من ميل إلى الجماع ورغبة فيه ؛ لأنها أمور خارجة عن إرادة المخلوق وسيطرته ؛ ....

فالقلوب خاضعة لله تعالى وحده يقلبها كيف يشاء :
قال تعالى : { واعلموا أنَّ الله يحول بين المرء وقلبه } .
وقال عز وجل :{ لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم } .
وفي قوله سبحانه { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل } نهي عن كامل الميل ! مما يدل على جواز بعضه ! والله تعالى أعلم .
- اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك –

[2] دراسة لأربعة أحاديث من باب القسم بين الزوجات.
[1/2] : الحديث الأول ( ح2 / 995 ، ص : 141) .
[2/2] : الحديث الثاني ( ح 5/ 998 ، ص : 143 – 144) .
[3/2] : الحديث الثالث ( ح 7 / 1000، ص : 145) .
[4/2] : الحديث الرابع ( ح 9 / 1002 ، ص : 146 – 147) .

[1/2] : الحديث الأول ( ح2 / 995 ، ص : 141) .
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُ أنَّ النّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "مَنْ كانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إلى إحْداهُمَا جاءَ يَوْمَ القيامَةِ وَشِقُّهُ مائلٌ" رَوَاهُ أَحْمَدُ والأرْبعَةُ وَسَنَدَهُ صحيحٌ.
الصحابي الراوي للحديث :
هو أبو هريرة – رضي الله عنه -.
# معاني أهم مفردات الحديث :
= شِقُّه : قال الرازي في مختار الصحاح :“ (الشِقُّ) نصف الشيء“ .
= مائل : أي غير مستقيم .
# بعضُ ما يؤخذُ من الحديث :
• التحذير من الظلم في القسمة بين الزوجات.
• التنبيه على أهمية العدل في القسمة بين الزوجات .
• استحباب عدم تعديد الزوجات لمن لا يتوقع من نفسه القدرة على العدل بينهنَّ ؛ فالله تعالى يقول: { فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة}.
• من لم يعدل بين نسائه ناله بعض العذاب يوم القيامة .

الحديث دليل على أنه يجب على الزوج التسوية بين الزوجات ويحرم عليه الميل إلى إحداهن وقد قال تعالى: {فلا تميلوا كل الميل} والمراد الميل في القسم والإنفاق لا في المحبة لما عرفت من أنها مما لا يملكه العبد.
ومفهوم قوله: {كل الميل} جواز اليسير ولكن إطلاق الحديث ينفي ذلك ويحتمل تقييد الحديث بمفهوم الآية.

[2/2] : الحديث الثاني ( ح 5/ 998 ، ص : 143 – 144) .

وَعَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّ سَوْدَةَ بنْت زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ وَكانَ النّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يَقْسِمُ لِعائِشَةَ يَوْمَهَا ويومَ سَوْدَةَ" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.
ترجمة سَودَةَ :
هي أم المؤمنين ؛ سَودَةُ بنتُ زَمْعَة – رضي الله عنها -؛ ثاني زوجات النبي – صلى الله عليه وسلم – تزوجها بمكة بعد وفاة خديجة – رضي الله عنها -. يقال أنها لمَّا أسنَّت خشيت أنْ تُطلق ؛ فقالت يا رسول الله : لا تطلقني ، واجعل يومي لعائشة فقبل ؛ فنزل قوله تعالى : { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جُناح عليهما أن يصلحا صلحا والصلح خير } . توفيت بالمدينة سنة (54هـ) .


(وعن عائشة رضي الله عنها أن سودة بنت زمعة) بفتح الزاي والميم وعين مهملة وكان صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم تزوج سودة بمكة بعد موت خديجة وتوفيت بالمدينة سنة أربع وخمسين (وهبت يومها لعائشة وكان النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة. متفق عليه).
زاد البخاري: "وليلتها" وزاد أيضاً في آخره: "تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم" أخرجه أبو داود وذكر فيه سبب الهبة بسند رجاله رجال مسلم: "أن سودة حين أسنت وخافت أن يفارقها رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالت: يا رسول الله يومي لعائشة فقبل ذلك منها" ففيها وأشباهها نزلت: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً}.
وأخرج ابن سعد برجال ثقات من رواية القاسم بن أبي بزة مرسلاً: "أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم طلقها يعني سودة فقعدت على طريقه وقالت: والذي بعثك بالحق ما لي في الرجال حاجة ولكني أحب أن أبعث مع نسائك يوم القيامة فأنشدك بالذي أنزل عليك الكتاب هل طلقتني بوجدة وجدتها عليّ؟ قال: لا. قالت: فأنشدك الله لما راجعتني، فراجعها قالت: فإني جعلت يومي لعائشة حِبة رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم".
وفي الحديث دليل على جواز هبة المرأة نوبتها لضرتها ويعتبر رضا الزوج لأن له حقاً في الزوجة فليس لها أن تسقط حقه إلا برضاه.
واختلف الفقهاء إذا وهبت نوبتها للزوج فقال الأكثر: تصح ويخص بها الزوج من أراد وهذا هو الظاهر وقيل: ليس له ذلك بل تصير كالمعدومة وقيل: إن قالت له: خصَّ بها من شئت جاز، لا إذا أطلقت له.
قالوا: ويصح الرجوع للمرأة فيما وهبت من نوبتها لأن الحق يتجدد.

بعض ما يؤخذ من الحديث :
• جواز هبةِ المرأةِ نوبَتَها لِضُرَّتِها ؛ مع أخذ رضا الزوج بعين الاعتبار ؛ لأنَّ حقه فيها لا يسقط إلا برضاه
• حكمة أمِّ المؤمنين سودة – رضي الله عنها - ؛ وحفاظها على شرف كونها إحدى زوجات النبي – صلى الله عليه وسلم – .


[3/2] : الحديث الثالث ( ح 7 / 1000، ص : 145) .
عَنْ عَائشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالَتْ: "كان رسولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا صلىَّ الْعَصْرَ دَارَ عَلى نِسائِه ثمَّ يَدْنُو مِنْهُنَّ" الحديثَ.
معاني أهمِ مفردات الحديث :
= دارَ على نسائه : أي : طاف عليهن وزارهن في بيوتهن .
= يدنو منهنَّ : أي يقترب منهن ويداعبهنَّ بلمس وتقبيل من دون جماع .
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• إثبات حسن عشرة النبي - صلى الله عليه وسلم – لنسائه ؛ حيث كان يطوف عليهِنَّ يوميا ! مجاملة لهنَى وملاطفة .
• يحسن بمن تعدَّدت زوجاته الطواف عليهن يوميا ، بعد صلاة العصر ؛ اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم – .
• جواز دخول الرجل على من لم يكن يومَها من نسائه .
(وعن عروة قال: قالت عائشة رضي الله عنها: يا ابْنَ أختي كانَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لا يُفَضِّلُ بَعْضَنا على بَعْضٍ في القَسمْ مِنْ مُكْثِهِ عندنا وكان قلَّ يوم إلا وهو يَطْرُقُ علينا جميعاً فيدنو من كل واحدةٍ من غَيْر مَسيسٍ) وفي رواية بغير وقاع فهو المراد هنا (حتى يبلغ التي هو يومها فيبيت عندها. رواه أحمد وأبو داود واللفظ له وصححه الحاكم).
فيه دليل على أنه يجوز للرجل الدخول على من لم يكن في يومها من نسائه والتأنيس لها واللمس والتقبيل.
وفيه بيان حسن خلقه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم وأنه كان خير الناس لأهله.
وفي هذا رد لما قاله ابن العربي وقد أشرنا إليه سابقاً أنه كان له صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ساعة من النهار لا يجب عليه القسم فيها وهي بعد العصر قال المصنف: لم أجد لما قاله دليلاً وقد عين الساعة التي يدور فيها الحديث الآتي وهو قوله:
(ولمسلم عن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا صلى العصرَ دارَ على نسائِهِ ثم يدنون مِنْهُنَّ) أي دنو لمس وتقبيل من دون وقاع كما عرفت.

[4/2] : الحديث الرابع ( ح 9 / 1002 ، ص : 146 – 147)

وَعن عائشة – رضي الله عنها قَالَتْ: "كانَ رسولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذَا أرَادَ سَفَراً أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَتَهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا مَعَهُ" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.

. معاني أهمِ مفردات الحديث :
أقرَعَ : أي :استعمل القُرْعَةَ ؛ وهي معروفة ولها كيفيات متعددة بحسب أعراف الناس وعاداتهم ، وغالبا ما تستعمل لفض النزاع وليس في حال التراضي والاتفاق .
سهمُها : أي : نصيبُها ؛ قال الرازي في مختار الصحاح :“....والسَّهم
أيضا : النصيب ” .
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• يُعَدُّ إقراع الرسول - صلى الله عليه وسلم – بين زوجاته عند السفر من مكارم أخلاقه ؛ وإلا فإنَّ القَسْم َ في السفر غيرُ واجب .
• استحباب استعمال الزوج القرعة بين زوجاته إذا أراد سفرا وأراد إخراجَ إحداهن معه .
التدليل على اعتبار القرعة بين الشركاء ونحوهم
وأخرجه ابن سعد وزاد فيه عنها: "فكان إذا خرج سهم غيري عرف فيه الكراهية".
دل الحديث على القرعة بين الزوجات لمن أراد سفراً وأراد إخراج إحداهن معه وهذا فعل لا يدل على الوجوب.
وذهب الشافعي إلى وجوبه.
وذهبت الهادوية إلى أن له السفر بمن شاء وأنه لا تلزمه القرعة قال: لأنه لا يجب عليه القسم في السفر وفعله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إنما كان من مكارم أخلاقه ولطف شمائله وحسن معاملته فإن سافر بزوجة فلا يجب القضاء لغير من سافر بها.
وقال أبو حنيفة: يجب القضاء سواء كان سفره بقرعة أو بغيرها.
وقال الشافعي: إن كان بقرعة لم يجب القضاء وإن كان بغيرها وجب عليه القضاء ولا دليل على الوجوب مطلقاً ولا مفصلاً.
والاستدلال بأن القسم واجب وأنه لا يسقط الواجب بالسفر جوابه أن السفر أسقط هذا الواجب بدليل أن له أن يسافر ولا يخرج منهن أحداً فإنه لا يجب عليه بعد عوده قضاء أيام سفره لهن اتفاقاً.
والإقراع لا يدل الحديث على وجوبه لما عرفت أنه فعل.
وفي الحديث دليل على اعتبار القرعة بين الشركاء ونحوهم.
والمشهور عن المالكية والحنفية عدم اعتبار القرعة قال القاضي عياض: وهو مشهور عن مالك وأصحابه لأنه من باب الحظ والقمار.
وحكي عن الحنفية إجازتها اهـ.
واحتج من منع من القرعة بأن بعض النساء قد تكون أنفع في السفر من غيرها فلو خرجت القرعة للتي لا نفع فيها في السفر لأضر بحال الزوج.
وكذا قد يكون بعض النساء أقوم برعاية مصالح بيت الرجل في الحضر فلو خرجت القرعة عليها بالسفر لأضر بحال الزوج من رعاية مصالح بيت الرجل في الحضر.
وقال القرطبي: تختص مشروعية القرعة بما إذا اتفقت أحوالهن لئلا يخص واحدة فيكون ترجيحاً بلا مرجح قيل: هذا تخصيص لعموم الحديث بالمعنى الذي شرع لأجل الحكم. والجري على ظاهره كما ذهب إليه الشافعي أقوم.

ستوب
2013- 3- 18, 03:55 PM
الله يوفقك الله يوفقك
وربي متفشل منك ماعرف اساعدك :40:

خمائل الورد
2013- 3- 21, 07:08 AM
المحاضرة السادسة
كتاب النكاح:
1-باب الكفاءة والخيار
يشتمل على 13 حديث من الحديث رقم 941 إلى الحديث رقم 953
ويستغرق 12 صفحة من صفحات المقرر
المجلد الثالث الجزء السادس من الصفحة 57 إلى الصفحة 78

2-باب الخلع
يشتمل على ثلاثة أحاديث من الحديث رقم 1004 إلى الحديث 1006رقم
ويستغرق 6 صفحات من صفحات المقرر المجلد الثالث الجزء السادس
من الصفحة 149 إلى الصفحة 154 من اصدار دار ابن الجوزي

بعد النظر في درجات أحاديث البابين وجدت ما يأتي :

إن أحاديث باب الكفاءة والخيار الثلاثة عشر منها 7 أحاديث ضعيفة وحديثان حسنان و4 أحاديث صحيحة ولذلك سنقوم بدراسة حديثين صحيحين من أحاديث هذا الباب
وأحاديث باب الخلع الثلاثة منها حديثين ضعيفين وحديث واحد صحيح وسنقوم بدراسته إن شاء الله

والحديثان الصحيحان في باب الكفاءة والخيار أحدهما يتعلق بالكفاءة والأخر يتعلق بالخيار

عناصر المحاضرة:

ا – مدخل إلى باب الكفاءَة والخيار ودراسة لحديثين منه .
[1/1] مدخل إلى باب الكفاءَة والخيار .
[2/1] دراسة لحديثين من باب الكفاءَة والخيار .
2– مدخل إلى باب الخلع ودراسة لحديث منه .
[1/1] مدخل إلى باب الخلع .
[2/1] دراسة لحديث من باب الخلع .







[1/1] مدخل إلى باب الكفاءَة والخيار

[1/1/1] : المرادُ بالكفاءَة في النكاح.
الكَفاءَة لغة : هي المساواة والمماثلة ؛فالكُفءُ هو المساوي والمثل؛ ومنها قوله ـ صلى الله عليه وسلم – { المسلمون تتكافأ دماؤهم } أي : تتساوى . والكفاءَة في النكاح : هي المساواة بين الزوج والزوجة في أهلية كل واحد منهما للارتباط بالآخر ارتباط زواج ونكاح .
[2/1/1] : الشيء المعتبر في (الكفاءَة في النكاح).
الشيءُ المعتبر ُفي (الكفاءَة في النكاح)هو الدين ؛ فلا يحل تزوُّجُ مسلمة بكافر ؛ إجماعا .

فالكفاءَة في الدين عند النكاح معتبرة؛ ولا عبرة بالكفاءَة في غيره مهما كان! فلا عبرة مثلا بكفاءَة الأنساب* :
حيث صح أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمر فاطمة بنتَ قيس بنكاح أسامة مولاهُ بنِ مولاه ؛ وهي قرشية .
كما صح أنَّ بلالا الحبشي – رضي الله عنه – نكح هالةَ بنتَ عوف أُختَ عبدِ الرحمن بنِ عوف .
كما صح – أيضا – أنَّ عمرَ بنَ الخطاب – رضي الله عنه – عرض ابنته حفصة على سلمان الفارسي .

[3/1/1] : المراد بالخيار في النكاح .
الخيار لغة : هو طلب خير الأمرين .
والخيار في النكاح : هو اختيار أحد الأمرين المتعلقين بالنكاح ؛ إما الإبقاء عليه أو فسخه ( لعيب ما في أحد الزوجين ) .
ولعلَّ مما يجدر ذكره أن عقد الزواج إذا توفرت أركانه واستوفيت شروطه أصبح ملزما لطرفي العقد ؛ ولم يبق لأي منهما سوى خيار العيب . قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : { ثلاث جدهن جد ، وهزلهن جد : النكاح والطلاق والرجعة } .

[1/2/1]الحديث الأول ( ح2 / 942 ، ص : 60)

وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: "أَنَّ النّبيَ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ لَها: انْكِحِي أُسَامَةَ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

# ترجمة فاطمة :

وفاطمة قرشية فهرية أخت الضحاك بن قيس وهي من المهاجرات الأول كانت ذات جمال وفضل وكمال جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن طلقها أبو عمرو بن حفص بن المغيرة بعد انقضاء عدّتها منه فأخبرته أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباها فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أمّا أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة بن زيد ــــ الحديث" فأمرها بنكاح أُسامة مولاه ابن مولاه وهي قرشية وقدّمه على أكفائها ممن ذكر ولا أعلم أنه طلب من أحد أوليائها إسقاط حقه.

# بعضُ ما يؤخذُ من الحديث :
• عدم اعتبار الكفاءَة في النسب.
• التأكيد على أن لا عبرة في الكفاءَة بغير الدين.
• التأكيد على اعتبار الكفاءَة في الدين والتقوى ؛ قال تعالى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } .

وكأن المصنف رحمه الله أورد هذا الحديث بعد بيان ضعف الحديث الأول للإشارة إلى أنه لا عبرة في الكفاءة بغير الدين كما أورد لذلك قوله:



[2/2/1] : الحديث الثاني ( ح 4/ 944 ، ص : 61 – 64) .

وَعَنْ عَائشَةَ رضيَ اللَّهُ عَنْها قالَتْ: "خُيِّرَتْ بريرَةُ عَلى زَوْجِهَا حين عَتَقَتْ" مُتّفقٌ عَلَيْهِ في حديثٍ طويلٍ، ولمُسْلمٍ عنها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أن زوجها كان عبداً. وفي رواية عنها: كان حراً والأوَّلُ أَثْبَتُ، وَصَحَّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عِنْدَ الْبُخَاريِّ أَنّهُ كانَ عَبْداً.
(وَعَنْ عَائشَةَ رضيَ اللَّهُ عَنْها قالَتْ: "خُيِّرَتْ بريرَةُ عَلى زَوْجِهَا حين عَتَقَتْ" مُتّفقٌ عَلَيْهِ في حديثٍ طويلٍ، ولمُسْلمٍ عنها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أن زوجها كان عبداً. وفي رواية عنها: كان حراً والأوَّلُ أَثْبَتُ) لأنه جزم البخاري أنه كان عبد الله ولذا قال: (وَصَحَّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عِنْدَ الْبُخَاريِّ أَنّهُ كانَ عَبْداً).
ورواه علماء المدينة وإذا روى علماء المدينة شيئاً رأوه فهو أصح.
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
خُيِّرَت : قال الرازي في مختار الصحاح :“ خيَّره بين الشيئين : أي فوض إليه الخيار ” – بفتح الخاء وكسرها .

# ترجمة بريرة :
هي أمة اشترتها عائشة – رضي الله عنها – ثم أعتقتها ؛ فصارت مولاة لها ؛ وكانت زوجة لعبد أسود أسمه مغيث ؛ يقال أنـــه كان يتبعها في سكك المدينة باكيا ؛ لفرط محبته لها . وقد خيرها الرسول – صلى الله عليه وسلم – أي : أعطاها حق البقاء مع زوجها أو فـسـخ العقد والانفصال عنه لأنه لم يزل عبدا فيما هي أصبحت بالعتق حرة.

بعض ما يؤخذ من الحديث :
• أنَّ الكفاءَة في الحرَّية معتبرة للزوم النكاح لا لصحته ؛ إذ لو كان النكاح لا يصح بفقد الحرية لتم فسخه بمجرد عتق بريرة ولما أعطيت حق الخيار بالبقاء في عصمة مغيث أو مفارقته .*
• جواز بيع أحد الزوجين الرقيقين دون الآخر .
• أنَّ بيع الأمة المُزوّجة لا يكون طلاقا .
• أنَّ عتق الأمة المُزوّجة لا يكون طلاقا ولا فسخا .

وأخرجه أبو داود من حديث ابن عباس بلفظ: "إن زوج بريرة كان عبداً أسود يسمى مغيثاً فخيرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمرها أن تعتد".
وفي البخاري عن ابن عباس: "ذاك مغيث عبد بني فلان يعني زوج بريرة".
وفي أخرى عند البخاري: "كان زوج بريرة عبداً أسود يقال له مغيث".
قال الدارقطني: لم تختلف الرواية عن عروة عن عائشة أنه كان عبداً. وكذا قال جعفر بن محمد عن أبيه عن عائشة.
قال النووي: يؤيد قول من قال كان عبداً قول عائشة: كان عبداً فأخبرت وهي صاحبة القصة بأنه كان عبداً. فصح رجحان كونه عبداً قوّة وكثرة وحفظاً.
والحديث دليل على ثبوت الخيار للمعتقة بعد عتقها في زوجها إذا كان عبداً وهو إجماع.
واختلف إذا كان حرّاً فقيل لايثبت لها الخيار وهو قول الجمهور قالوا: لأن العلة في ثبوت الخيار. إذا كان عبداً هو عدم المكافأة من العبد للحرة في كثير من الأحكام فإذا عتقت ثبت لها الخيار من البقاء في عصمته. أو المفارقة لأنها في وقت العقد عليها لم تكن من أهل الاختيار.
وذهبت الهادوية والشعبي وآخرون إلى أنه يثبت لها الخيار. وإن كان حراً. احتجوا بأنه قد ورد في رواية: أن زوج بريرة كان حراً. وردّه الأولون بأنها رواية مرجوحة لا يعمل بها.
قالوا: ولأنها عند تزويجها لم يكن لها اختيار. فإن سيدها يزوجها وإن كرهت فإذا أعتقت تجدد لها حال لم يكن قبل ذلك.
قال ابن القيم: "في تخييرها ثلاثة مآخذ وذكر مأخذين وضعفهما ثم ذكر الثالث وهو أرجحها وتحقيقه أن السيد عقد عليها بحكم الملك حيث كان مالكاً لرقبتها ومنافعها والعتق يقتضي تمليك الرقبة والمنافع للمعتق وهذا مقصود العتق وحكمته فإذا ملكت رقبتها ملكت بضعها ومنافعها ومن جملتها منافع البضع فلا يملك عليها إلا باختيارها فخيرها الشارع بين الأمرين البقاء تحت الزوج أو الفسخ منه وقد جاء في بعض طرق حديث بريرة: "ملكت نفسك فاختاري".
قلت: وهو من تعليق الحكم وهو الاختيار على ملكها لنفسها فهو إشارة إلى علة التخيير وهذا يقتضي ثبوت الخيار إن كانت تحت حرّ.
وهل يقع الفسخ بلفظ الاختيار؟ قيل: نعم كما يدل له قوله في الحديث: "خيرت".
وقيل: لا بد من لفظ الفسخ.
ثم إذا اختارت نفسها لم يكن للزوج الرجعة عليها وإنما يراجعها بعقد جديد إن رضيت به ولا يزال لها الخيار بعد علمها ما لم يطأها لما أخرجه أحمد عنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا عتقت الأمة فهي بالخيار ما لم يطأها إن تشأ فارقته وإن وطئها فلا خيار لها وأخرجه الدارقطني بلفظ: "إن قاربك فلا خيار لك" فدل أن الوطء مانع من الخيار وإليه ذهب الحنابلة.
واعلم أن هذا الحديث جليل قد ذكره العلماء في مواضع من كتبهم في الزكاة وفي العتق وفي البيع وفي النكاح وذكره البخاري في البيع وأطال المصنف في عدة ما استخرج منه من الفوائد حتى بلغت مائة واثنتين وعشرين فائدة فنذكر ما له تعلق بالباب الذي نحن بصدده.
(منها) جواز بيع أحد الزوجين الرقيقين دون الآخر، وأن بيع الأمة المزوجة لا يكون طلاقاً وأن عتقها لا يكون طلاقاً ولا فسخاً.
وأن للرقيق أن يسعى في فكاك رقبته من الرق، وأن الكفارة معتبرة في الحرية.
قلت: قد أشار في الحديث إلى سبب تخييرها وهو ملكها نفسها كما عرفت فلا يتم هذا وأن اعتبارها يسقط برضا المرأة التي لا ولي لها. ومما ذكر في قصة بريرة أن زوجها كان يتبعها في سكك المدينة يتحدر دمعه لفرط محبته لها قالوا: فيؤخذ منه أن الحب يذهب الحياء وأنه يعذر من كان كذلك إذا كان بغير اختيار منه فيعذر أهل المحبة في الله إذا حصل لهم الوجد عند سماع ما يفهمون منه الإشارة إلى أحوالهم حيث يغتفر منهم ما لا يحصل عن اختيار كالرقص ونحوه.
قلت: لا يخفى أن زوج بريرة بكى من فراق محبه فمحب الله يبكي شوقاً إلى لقائه وخوفاً من سخطه كما كان رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يبكي عند سماع القرآن وكذلك أصحابه ومن تبعهم بإحسان. وأما الرقص والتصفيق فشأن أهل الفسق والخلاعة لا شأن من يحب الله ويخشاه فأعجب لهذا المأخذ الذي أخذوه من الحديث وذكره المصنف في الفتح ثم سرد فيه غير ما ذكرناه وأبلغ فوائده إلى العدد الذي وصفناه وفي بعضها خفاء وتكلف لا يليق بمثل كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

باب الخلع
[2] مدخل إلى باب الخلع ودراسة لحديث منه

[1/1/2] تعريف الخُلْع :
= الخلع في اللغة : بضم المعجمة وسكون اللام هو فراق الزوجة على مال، مأخوذ من خَلَعَ الثوبَ ؛ لأن المرأة لباسُ الرجل مجازا وضم المصدر تفرقة بين المعنى الحقيقي والمجازي والأصل فيه قوله تعالى: {وإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت
. قال الرازي في مختار الصحاح : ” .. خلع امرأته خُلْعا , وخالعت المرأة بعلها : أرادته على طلاقها ببدل منها له فهي (خالِع ) والاسم ( الخُلْعَة ) وقد (تخالعا) و(اختَلعَت) فهي ( مختَلِعة) ” .
= والخلع شرعا : هو فراق الزوجة على مال ؛ أي : فراق الزوج زوجته مقابل مال أو نحوه يأخذه منها أو من غيرها ؛ فراقا لا رجعة فيه إليها إلا برضاها وبعقد جديد .
[2/1/2] حكم الخُلع :
الخلع جائز ، والأصل في جوازه الكتاب والسنة وإجماع الأمة :
أما الكتاب ؛ فقوله تعالى : { فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به } .
وأما السنة ؛ فقوله – صلى الله عليه وسلم – لثابت بن قيس :{ اقبل الحديقة وطلقها تطليقة } – وسيأتي بيان القصة بتمامها – .
[3/1/2] اشتراط النشوز لصحة الخلع :
اختلف فيه أهل العلم ؛ فقال أبو حنيفة والشافعي وأكثر أهل العلم : لا
يشترط ؛ بل يصح الخلع مع التراضي بين الزوجين , وقال آخرون بل يشترط لصحته أن تكون المرأة ناشزا، واستدلوا بقصة ثابت هذه ؛ فإن طلب الطلاق نشوز.
[4/1/2] اعتبار الخلع طلاقا واعتباره فسخا :
ذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد وكثيرون من أهل العلم ؛ إلى أن الخلع طلاق ؛ لأنه لفظ لا يملكه إلا الزوج ؛ فكان طلاقا !
وذهب ابن عباس وكذلك الشافعي إلى أنه فسخ وليس طلاقا ؛ لأنها أُمِرت أن تعتد بحيضة واحدة .



[2/2] دراسة لحديث من باب الخلع


عن ابن عباس – رضي الله عنه – أن امرأة ثابت بنِ قيس أتت النبي – صلى الله عليه وسلم – فقالت : يا رسول الله ؛ ثابتُ بنُ قيْسٍ ما أعيبُ عليه في خُلق ولا دين ، ولكنِّي أكره الكفر في الإسلام ؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : { أتردين عليه حديقته } ؟ فقالت : نعم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : { اقبل الحديقة وطلقها تطليقة} , رواه البخاري .وفي رواية له :“ وأمره بطلاقها ” .
ولأبي داود والترمذي ، وحسَّنه : أن امرأة ثابتِ بنِ قيس اختَلَعَت منه ، فجعل النبي – صلى الله عليه وسلم – عدتها حيضة . .
وفي روايةِ عَمْرو بْن شُعَيْبٍ عن أبيه عَنْ جَدِّه عِنْدَ ابنِ مَاجَهْ: "أَنَّ ثابتَ بن قَيْسٍ كانَ دَميماً وَأَنَّ امْرَأَتَهُ قالَتْ: لَوْلا مَخَافَةُ اللَّهِ إذا دَخَلَ عَليَّ لَبَصَقْتُ في وَجْهِهِ". ولأحْمَدَ مِن حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبي حَثْمَةَ: "وَكَانَ ذلكَ أَوَّلَ خُلْعٍ في الإسْلامِ".
# ترجمة ثابت بن قيس :
هو خزرجي أنصاري من أعيان الصحابة ، كان خطيبا للأنصار وللرسول - صلى الله عليه وسلم – ، شهد أُحدا وما بعدها ، وشهد له النبي - صلى الله عليه وسلم – بالجنة . أما امرأته ؛ فقيل هي زينب بنتُ عبد الله بنِ أبي بنِ سلول ، وقيل هي جميلة , وقيل غير ذلك .
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
= أكره الكفر في الإسلام : أي أكره من الاستمرار في العيش معه زوجة له الوقوع فيما يقتضي الكفر من النشوز وبغض الزوج ونحوهما .
= حديقته:أي بستانه ؛ ففي الرواية أنه كان تزوجها على حديقة نخل .
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
• شرعية الخلع وصحته .
• جواز أخذ العِوَضِ من المرأة , وأوجبه بعضهم ؛ ليتوافق مع قوله تعالى:{ فلا جناح عليهما فيما افتدت به } .
• يأخذ الزوج من زوجته المُخْتَلِعَة ما كان أعطاها ؛ بلا زيادة عليه .
• استحباب خلع المرأة إذا ما طلبت هي ذلك .

(عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابتِ بنِ قَيْسٍ) سماها البخاري جميلة ذكره عن عكرمة مرسلاً وأخرج البيهقي مرسلاً أن اسمها زينب بنت عبد الله بن أبّي بن سلول وقيل غير ذلك (أتَتِ النّبيَ صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسولَ اللَّهِ ثابتُ بنُ قَيْسٍ) هو خزرجي أنصاري شهد أحداً وما بعدها وهو من أعيان الصحابة كان خطيباً للأنصار ولرسول لله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وشهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة (ما أعيبُ) روى بالمثناة الفوقية مضمومة ومكسورة من العتب وبالمثناة التحتية ساكنة من العيب وهو أوفق بالمراد (عليه في خُلُقٍ) ضم الخاء وضم اللام ويجوز سكونها (ولا دِينٍ ولكني أَكْرَهُ الكُفْرَ في الإسلامِ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟" فقالتْ: نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً" رواه البخاري. وفي رواية له: وأمره بطلاقها، ولأبي داود والترمذي أي: من حديث ابن عباس وحسنه: "أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عدّتها حيضة).
قولها: أكره الكفر في الإسلام أي أكره من الإقامة عنده أن أقع فيما يقتضي الكفر.
والمراد ما يضاد الإسلام من النشوز وبغض الزوج وغير ذلك أطلقت على ما ينافي خلق الإسلام الكفر مبالغة ويحتمل غير ذلك.
وقوله: "حديقته" أي بستانه ففي الرواية أنه كان تزوجها على حديقة نخل.
الحديث فيه دليل على شرعية الخلع وصحته وأنه يحل أخذ العوض من المرأة.
واختلف العلماء هل يشترط في صحته أن تكون المرأة ناشزة أم لا.
فذهب إلى الأول الهادي والظاهرية واختاره ابن المنذر مستدلين بقصة ثابت هذه فإن طلب الطلاق نشوز.
وبقوله تعالى: {إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله} وقوله: {إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}.
وذهب أبو حنيفة والشافعي والمؤيد وأكثر أهل العلم إلى الثاني وقالوا: يصح الخلع مع التراضي بين الزوجين وإن كانت الحال مستقيمة بينهما ويحل العوض لقوله تعالى: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً} ولم تفرق.
ولحديث: "إلا بطيبة من نفسه" وقالوا: إنه ليس في حديث ثابت هذا دليل على الاشتراط والآية يحتمل أن الخوف فيها وهو الظنّ والحسبان يكون في المستقبل فيدل على جوازه وإن كان الحال مستقيماً بينهما وهما مقيمان لحدود الله في الحال.
ويحتمل أن يراد أن يعلما ألا يقيما حدود الله ولا يكون العلم إلا لتحققه في الحال كذا قيل.
وقد يقال إن العلم لا ينافي أن يكون النشوز مستقبلاً والمراد إني أعلم في الحال أني لا أحتمل معه إقامة حدود الله في الاستقبال وحينئذ فلا دليل على اشتراط النشوز في الآية على التقديرين.
ودل الحديث على أن يأخذ الزوج منها ما أعطاه من غير زيادة.
واختلف هل تجوز الزيادة أم لا فذهب الشافعي ومالك إلى أنها تحل الزيادة إذا كان النشوز من المرأة قال مالك: لم أزل أسمع أن الفدية تجوز بالصداق وبأكثر منه لقوله تعالى: {لا جناح عليهما فيما افتدت به}.
قال ابن بطال: ذهب الجمهور إلى أنه يجوز للرجل أن يأخذ في الخلع أكثر مما أعطاها وقال مالك: لم أر أحداً ممن يقتدي به منع ذلك لكنه ليس من مكارم الأخلاق.
وأما الرواية التي فيها أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم: "أما الزيادة فلا" فلم يثبت رفعها.
وذهب عطاء وطاوس وأحمد وإسحاق والهادوية وآخرون إلى أنها لا تجوز الزيادة لحديث الباب.
ولما ورد من رواية: "أما الزيادة فلا" فإنه قد أخرجها في آخر حديث الباب البيهقي وابن ماجه عن ابن جريج عن عطاء مرسلاً ومثله عند الدارقطني وأنها قالت لما قال لها النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "أتردّين عليه حديقته؟" قالت: وزيادة، قال النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "أمّا الزيادة فلا" الحديث ورجاله ثقات إلا أنه مرسل.
وأجاب: من قال بجواز الزيادة أنه لا دلالة في حديث الباب على الزيادة نفياً ولا إثباتاً.
وحديث: "أما الزيادة فلا" تقدّم الجواب عنه بأنه لم يثبت رفعها وأنه مرسل وإن ثبت رفعها فلعله خرج مخرج المشورة عليها والرأي وأنه لا يلزمها لا أنه خرج مخرج الإخبار عن تحريمها على الزوج.
وأما أمره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بتطليقه لها فإنه أمر إرشاد لا إيجاب كذا قيل.
والظاهر بقاؤه على أصله من الإيجاب ويدل له قوله تعالى: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} فإن المراد يجب عليه أحد الأمرين وهنا قد تعذر الإمساك بمعروف لطلبها للفراق فيتعين عليه التسريح بإحسان.
ثم الظاهر إنه يقع الخلع بلفظ الطلاق وأن المواطأة على ردّ المهر لأجل الطلاق يصير بها الطلاق خلعاً.
واختلفوا إذا كان بلفظ الخلع فذهبت الهادوية وجمهور العلماء إلى أنه طلاق وحجتهم أنه لفظ لا يملكه إلا الزوج فكان طلاقاً ولو كان فسخاً لما جاز على غير الصداق كالإقالة وهو يجوز عند الجمهور بما قل أو كثر فدل أنه طلاق.
وذهب[اث] ابن عباس[/اث] وآخرون إلى أنه فسخ وهو مشهور مذهب أحمد ويدل له أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أمرها أن تعتدّ بحيضة.
قال الخطابي: في هذا أقوى دليل لمن قال إن الخلع فسخ وليس بطلاق إذا لو كان طلاقاً لم يكتف بحيضة للعدّة.
واستدل القائل بأنه فسخ أنه تعالى ذكر في كتابه الطلاق قال: {الطلاق مرتان} ثم ذكر الافتداء ثم قال: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره}.
فلو كان الافتداء طلاقاً لكان الطلاق الذي لا تحل له إلا من بعد زوج هو الطلاق الرابع وهذا الاستدلال مروي عن ابن عباس فإنه سأله رجل طلق امرأته طلقتين ثم اختلعها قال: نعم ينكحها فإن ينكحها فإن الخلع ليس بطلاق، ذكر الله الطلاق في أوّل الآية وآخرها والخلع فيما بين ذلك فليس الخلع بشيء ثم قال: {الطلاق مرتان} ثم قرأ: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره}.
وقد قرّرنا أنه ليس بطلاق في منحة الغفار حاشية ضوء النهاء ووضحنا هناك الأدلة وبسطناها.
ثم من قال إنه طلاق يقول إنه طلاق بائن لأنه لو كان للزوج الرجعة لم يكن للافتداء بها فائدة.
وللفقهاء أبحاث طويلة وفروع كثيرة في الكتب الفقهية فيما يتعلق بالخلع ومقصودنا شرح ما دل عليه الحديث على أنه قد زدنا على ذلك ما يحتاج إليه.
(وفي رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عند ابن ماجه أن ثابت بن قيس كان دميماً وأن امرأته قالت: لولا مخافَةُ اللَّهِ إذا دَخَلَ عَليَّ لَبَصَقْتُ في وَجْهِهِ).
وفي رواية عن ابن عباس أن امرأة ثابت أتت رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فقالت: يا رسولَ اللَّهِ لا يَجْتَمِعُ رَأسِي ورَأسُ ثَابتٍ أبداً إني رفعتُ جانِبَ الخبِاءِ فَرَأَيْتُهُ أَقْبَلَ في عِدَّةٍ فإذا هُوَ أَشَدُّهُم سَواداً وأقصرُهُمْ قامة وأَقْبَحُهُمْ وَجْهاً. الحديث فصرح الحديث بسبب طلبها الخلع.
(ولأحمد من حديث سهل بن أبي حَثْمَةَ) بفتح الحاء المهملة فمثلثة ساكنة (وكان ذلك أوّلَ خُلْعٍ في الإسلام) أنه أول خلع وقع في عصره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم وقيل إنه وقع في الجاهلية وهو أن عامر بن الظّرب بفتح الظاء المعجمة وكسر الراء ثم موحدة زوج ابنته من ابن أخيه عامر بن الحارث فلما دخلت عليه نفرت منه فشكا إلى أبيها فقال: لا أجمع عليك فراق أهلك ومالك وقد خلعتها منك بما أعطيتها. زعم بعض العلماء أن هذا كان أول خلع في العرب

د يما
2013- 3- 26, 05:37 PM
مشكورررررررررررررررررين

خمائل الورد
2013- 4- 3, 06:14 AM
يالساهرة الله يسامحك انتظرت المحاضرتين السابعة والثامنة اللي تكفلتي بعملهم وشكلك نسيتي منها :24:

خمائل الورد
2013- 4- 6, 11:22 PM
هنا تتمة المحاضرات

v
v
v


المحاضرة السابعة

الكتاب التاسع
كتاب الطلاق

الكتاب التاسع من كتب هذا السفر العظيم سبل السلام

ويستغرق 29 صفحة من صفحاته ويشتمل على 15 حديثا من الأحاديث الواردة فيه

من الحديث السابع بعد الألف إلى الحديث الحادي والعشرين بعد الألف

و بين المحقق درجات هذه الأحاديث فأفاد أن تسعة منها فقط هي أحاديث نبوية شريفة صحيحة

وقد ذكر أن الحديث الأول ضعيف والثاني صحيح والثالث صحيح
والرابع ضعيف والخامس حسن والسادس حسن والسابع حسن لغيرة لأن سنده ضعيف
والثامن صحيح والتاسع صحيح والعاشر صحيح والحادي عشر صحيح
والثاني عشر حسن لغيرة والثالث عشر صحيح لكنه معلول والرابع عشر صحيح والخامس عشر صحيح

المجلد الثالث الجزء السادس منه من الصفحة 155 إلى الصفحة 183 طبعة من الإصدار الثالث من دار ابن الجوزي

عناصر المحاضرة :

[1]
مدخل إلى كتاب الطلاق
[2]
دراسة لثلاثة أحاديث من كتاب الطلاق

[1] مدخل إلى كتاب الطلاق

[1/1] تعريف الطلاق لغة وشرعا
الطلاق لغة : هو حَلُّ الوثاقِ ؛ مشتق من الإطلاق وهو الإرسالُ والتركُ ؛ وفلان طلق اليدين بالخير : أي كثيرُ البذلِ والإرسال لهما بفعل ذلكَ الخير .
الطلاق شرعا : هو حلُّ عقدةِ التزويجِ ؛ قيل إنه لفظ جاهلي ورد الإسلام بتقريره .


[2/1] أصل مشروعية الطلاق
الطلاق مشروع بالكتاب والسنة والإجماع والقياس .
= فقد دلت نصوص القرآن وهي كثيرة على مشروعيته ؛ منها قوله تعالى : { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } .
= كما دلت نصوص السنة وهي كثيرة على مشروعيته ؛ منها قوله – صلى الله عليه وسلم – : { إذا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أو لِيُمْسِكْ } .
= وقد أجمع علماء الأمة على مشروعيته .
= وهو مشروع بالقياس أيضا ؛ فالزواج الذي يتم بالعقد لتحقيق مصالح مشروعة ؛ ينفسخ بالطلاق للغرض نفسه .
تجري عليه عدة أحكام :
قسم بعض العلماء الطلاق إلى أربعة أحكام وقال بعضهم هي خمسة فالحرام وذلك إذا طلق الرجل زوجته وهي في حالة حيض أو حالة نفاس أو حالة طهر جامعها فيه أو طلقها ثلاثا بكلمة واحدة واستدامة النكاح فيه واجبة وبمقابل الحرمة هو مباح أصلا إذا كانت هناك مصلحة تتحقق بحصوله الطلاق البدعي والمكروه إذا كانت تسير على ما يرام بين الزوج والزوجة والعشرة بينهما حاصلة بالمعروف ومستمرة دون أي مشاكل فإن الطلاق يصبح مكروها الواقع بغير سبب مع استقامة الحال وهذا هو القسم المبغوض مع حله وقال بعضهم هو مستحب في حال حصل من الزوجة تقصير أو تضرر أي منهما من استدامة الحياة مع الأخر وأوجبه بعضهم في حال إذا تركت المرأة بعض الواجبات الشرعية أو كانت هناك ملحوظات على تصرفاتها الشرفية وما يتعلق بالعفة وذهب الجمهور إلى أنها مستحبة فقط قالوا: لأن ابتداء النكاح لا يجب فاستدامته كذلك فكان القياس قرينة على أن الأمر للندب

[3/1]حكمة مشروعية الطلاق
يحرص الإسلام على استمرار الحياة الزوجية واستقرار الأسرة ؛ لأن في ذلك استقرارا للمجتمع , كما يحرص – أيضا – على وضع علاج لأية خلافات قد تنشب بين الزوجين ؛ لذلك شرع الإصلاح بالوعظ وإلا فبالهجر , وإلا فبالضرب التأديبي ؛ وإلا فبالتحكيم .
قال تعالى :{ واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا}.
وقال تعالى:{فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا

يوفق الله بينهما } . .
ولم يعالج الإسلام المشاكل الزوجية بالطلاق إلا في حـال استدامتها واستحالة استمرار العشرة الزوجية في ظلها ؛ فجاء علاجه للمشاكل الزوجية بالطلاق من باب ( آخر العلاج الكيّ ) ، وعلى قاعدة العمل بقوله تعالى : { وإن يتفرقا يُغْنِ الله كلاّ من سَعَتِهِ } .
وحتى بعد وقوع الطلاق ؛ فإن الإسلام يجعله رجعيا لمرتين ؛ ليتيح الفرصة لكلا الزوجين لمراجعة النفس والعودة للاجتماع ، ولا يجعله طلاقا غير رجعي إلا في حال اتساع دائرة المشاكل اتساعا خطيرا !!

[2] دراسة لثلاثة أحاديث من كتاب الطلاق
[1/2]
الحديث الأول (ح3/ 1009 ، ص 161 – 164 )

عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : كان الطلاق على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر وسنتين من خلافة عمرَ طلاقَ الثلاثِ واحدة ؛ فقال عمر : إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ؟ فأمضاه عليهم . رواه مسلم.
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
أناة : أي : مهلة .
أمضيناه عليهم : أي : لو أنفذنا عليهم طلاق الثلاث فألزمناهم بأنها ثلاث طلقات لا واحدة لمنعهم ذلك عن تتابع الطلقات
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
التشريع الأصلي : أنَّ إيقاع الطلقات الثلاث دفعة واحدة (بكلمة واحدة أو بكلمات ثلاث) يحسب طلقة واحدة فقط .
اجتهاد عمر – رضي الله عنه – في اعتبار إيقاع الطلقات الثلاث دفعة واحدة على أنه ثلاث طلقات ؛ ردعا للناس عندما كثر منهم فعل ذلك .

الحديث ثابت من طرق عن ابن عباس.
قال الشارح - رحمه الله – ( مج3/ج6/ ص 161-163) :

وقد استشكل أنه كيف يصح من عمر مخالفة ما كان في عصره صلى الله عليه وآله وسلم ثم في عصر أبي بكر ثم في أول أيامه. – صلى الله عليه وسلم – ثم في عصر أبي بكر ثم في أول أيامه ؟
وظاهر كلام ابن عباس أنه كان الإجماع على ذلك.

.. وأجيب عنه بستة أجوبة : .. الثالث : أن هذا الحديث ورد في صورة خاصة ؛هي قول المطلق : أنتِ طالق أنتِ طالق أنتِ طالق ، وذلك أنه كان في عصر النبوة وما بعده ، وكان حال الناس محمولا على السلامة والصدق ؛ فيُقبَلُ قولُ من ادعى أن اللفظ الثاني تأكيد للأول لا تأسيسُ طلاق آخر ، ويُصَدَّقُ في دعواه . فلما رأى عمرُ تغير أحوال الناس وغلبة الدعاوى الباطلة ؛ رأى من المصلحة أن يُجرى المتكلم على ظاهر كلامه ، ولا يُصَدَّق في دعوى ضميره . وهذا الجواب ارتضاه القرطبي , وقال النووي : هو أصح الأجوبة ” .

فائدة : اختلفت آراء أهل العلم في : من أوقع الطلقات الثلاث بكلمة واحدة (بقوله : ”أنت طالق ثلاثا ” ، ونحوها) أو بكلمات لم يتخللها رجعة ولا نكاح ( بقوله ” أنت طالق ثم طالق ثم طالق ” أو بأن يقول : ” أنت طالق ” ثم يقول : ” أنت طالق ” ثم يقول : ” أنت طالق“ ) ؛ هل تلزمه الثلاث أم واحدة فقط ؟ على أقوال أشهرها :
قول جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة : تلزمه الطلقات الثلاث ؛ فلا تحل له مطلقته إلا بعد أن تنكح زوجا غيره وتعتد منه .
قول ابن عباس وابن مسعود وعطاء وابن تيمية وابن القيم وآخرين: لا يلزمه إلا طلقة واحدة فقط

[2/2]
الحديث الثاني (ح8/ 1014 ، ص 170 – 171 )

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال :{ إنَّ الله تعالى تجاوز عن أُمتي ما حدَّثت به أنفُسَها ما لم تعمل أو تكلَّم } متفق عليه .
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
= تجاوز : أي : صفح .
= ما حدثت به أنفسها : أي : ما أخبرت به أنفسها ؛ والمقصود :ما يخطر بقلب الإنسان من وساوس .
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
• صفح الله تعالى عن العبد فيما يتعلق بالهواجس والوساوس وخطرات النفس ؛ لأنها أمور لا إرادية !
• أنَّ الإنسان مؤاخذ بما يتكلم به وبما يفعله .
• عدم وقوع الطلاق بمجرد حديث النفس ( وهو قول الجمهور) .
• من كتب الطلاق وقع طلاقه ؛ لأنه عزم بقلبه وعمل بكتابه ( وهو قول الجمهور وشَرَطَ مالك الإشهاد على ذلك ) .

[3/2]
الحديث الثالث (ح9/ 1015 ، ص 171 – 173 )

عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال :{ إنَّ الله تعالى وَضَعَ عن أُمَّتي الخطأَ والنسيان َ وما استُكْرِهوا عليه } حديث صحيح ؛ رواه ابن ماجة والحاكم ، وصححه ابن حبّان والألباني وأحمد شاكر وغيرهم .
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
= وضع عن أمتي : أي : أسقط عنها .
= الخطأ : أي : الفعل غير المُتعمَّد .
= النسيان : أي : ما يضاد الذكر والحفظ .
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
• صفح الله تعالى عن العبد وتجاوزه عنه فيما يتعلق بالأفعال غير المتعمدة ، وكذلك الصادرة عن غفلة منه وعدم تذكر ، والصادرة تحت وطأة الإكراه .
عدم وقوع طلاق الخاطىء - وهو من صدر منه لفظ الطلاق عن غير قصد - ( وهو قول الجمهور أنه لا يقع طلاق الخاطىء و وخالفهم الحنفية بأنه يقع.)
• عدم وقوع طلاق المكره ( وهو قول الجمهور وخالفهم الحنفية بأنه يقع ) .

خمائل الورد
2013- 4- 6, 11:23 PM
المحاضرة الثامنة

تابع كتاب الطلاق
دراسة لأربعة أحاديث من كتاب الطلاق

[1] الحديث الأول (ح10/ 1016 ، ص 173 – 175 )

عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : إذا حرَّم امرأتَه ليس بشيء . وقال لقد كان لكم في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أُسوة حسنة. رواه البخاري .
ولمسلمٍ عن ابن عباس : إذا حرَّم الرجلُ امرأته فهو يَمين يُكَفِّرُها .
معاني أهمِ مفردات الحديث :
= ليس بشيء : أي : ليس بطلاق ؛ لا أنه لا حكم له أصلا .
= إذا حرَّم الرجلُ امرأته : أي : إذا قال لها ” أنت عليَّ حرام ”
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• أنَّ تحريم الزوجة بالقول ” أنت عليَّ حرام ” لا يكون طلاقا ؛ كما دلت له رواية البخاري .
• أنَّ تحريم الزوجة بالقول” أنت عليَّ حرام ” هو يمين يلزم فيه كفارة يمين ؛ كما دلت له رواية مسلم .
تلاوة ابن عباس لقوله تعالى : {لقد كان لكم في رسول الله أُسوة حسنة } فيه إشارة إلى إلغاء التحريم ؛أي :أن تحريم الإنسان على نفسه شيئا مباحا لا يجعل ذلك الشيء حراما ؛ فإن الله تعالى أنكــرعلى رسوله تحريم ما أحل الله له .. فقد أخرج النسائي بسند صحيح عن أنس – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كانت له أمة يطَؤُها فلم تزل به حفصة وعائشة حتى حرَّمها ؛ فأنزل الله تعالى : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم ، قد فرض الله لكم تَحِلَّةَ أيمانِكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم } ؛ التحريم : 1 – 2 .
فائدة : اختلف أهل العلم في مسألة قول الرجل لزوجته : ” أنت عليَّ حرام ” هل قوله هذا لغو أم طلاق أم يمين أم ظهار أم غيرها ؟ على أقوال كثيرة !
قال الشارح - رحمه الله – ( مج3/ج6/ ص 174- 175 ) :
” والمسألة اختلف فيها السلف من الصحابة والتابعين والخلف من الأئمة المجتهدين ، حتى بلغت الأقوال إلى ثلاثة عشر قولا أصولا وتفرعت إلى عشرين مذهبا ؛ الأول : أنه لغو لا حكم له في شيء من الأشياء ؛ وهو قول جماعة من السلف ، وهو قول الظاهرية ... وهذا القول أقرب الأقوال المذكورة وأرجحها عندي ؛ فلم أسرد منها شيئا سواه ” .
ومن الأقوال المشهورة التي لم يذكرها الشارح :
= أنه يمين يلزم فيها كفارة اليمين (المذكورة في سورة المائدة:89 ): وهذا هو قول أبي بكر , وعمر, وابن مِسعود , وابنِ عباس وهو مذهب الأئمة الثلاثة ؛ أبي حنيفة ومالك والشافعي .
= أنه ظهار - أي كقوله لزوجته ” أنت علي كظهر أمي ” – يلزم فيه كفارة الظهار ؛ وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد .
[2] الحديث الثاني (ح11/ 1017 ، ص 175 – 176 )
عن عائشة – رضي الله عنها – أن ابنة الجَوْنِ لما أُدخِلَت على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ودنا منها قالت :أعوذ بالله منك ؛ فقال { لقد عُذت بعظيم ، الحقي بأهلك } رواه البخاري.
# قصة ابنة الجوْن :
ذكرها الشارح : مج3 ج6 ص 175 – 176 .

اختلف في اسم ابنة الجون المذكورة اختلافاً كثيراً وقيل اسمها عمرة.
أخرج ابن سعد من طريق عبد الواحد بن أبي عون قال: قدم النعمان بن أبي الجون الكندي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، أزوّجك أجمل أيم في العرب كانت تحت ابن عم لها فتوفي وقد رغبت فيك؟ قال: نعم قال: فابعث من يحملها إليك فبعث معه أبا أسيد الساعدي قال أبو أسيد: فأقمت ثلاثة أيام ثم تحملت بها معي في محفة فأقبلت بها حتى قدمت المدينة فأنزلتها في بني ساعدة ووجهت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في بني عمرو بن عوف فأخبرته الحديث.
قال ابن أبي عون: وكان ذلك في ربيع الأول سنة سبع ثم أخرج ذلك من طريقين.
وفي تمام القصة قيل لها: استعيذي منه فإنه أحظى لك عنده وخدعت لما رئي من جمالها وذكر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حملها على ما قالت.
قال: إنهن صواحب يوسف وكيدهن.
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
• أنَّ قول الرجل لامرأته ” الحقي بأهلك ” طلاق .
• والحديث دليل على أنَّ قول الرجل لامرأته ” الحقي بأهلك ” طلاق وهو كناية طلاق خفية فإذا قالها بنية الطلاق كان قوله طلاقا .
فائدة : قسم بعض أهل العلم الألفاظ التي يقع بها الطلاق إلى ألفاظ صريحة وألفاظ كنايات ( خفية وظاهرة ) :
أما الصريحة : فهي لفظ الطلاق ، وما اشتق منه .
وأما الكناية الخفية : فكقول الرجل لزوجته : ” الحقي بأهلك ” و “ لست لي بزوجة ” .. إلخ
وأما الكناية الظاهرة : فكقوله : ”تزوجي من شئت“و“ أنت بائن“ إلخ

[3] الحديث الثالث (ح14/ 1020 ، ص 180)

عن عمرو بنِ شعيب عن أبيه عن جده – رضي الله عنهما – قال قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –:{ لا نذر لابنِ آدم فيما لا يملكُ ، ولا عِتقَ له فيما لا يملكُ ، ولا طلاق له فيما لا يملكُ } ، أخرجه أبو داود والترمذي وصححه ، ونُقِلَ عن البخاري أنه أصحُّ ما ورد فيه - أي في الباب - .
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
• عدم جواز تصرف الإنسان فيما لا يملك .
• لا ينعقد النذر إلا في شيء يملكه الناذر وقت نذره .
• عدم تحقق العتق إذا كان المعتق غير مالك للرقيق المُعْتَق .
• عدم وقوع طلاق من طلق امرأة ليست زوجة له .
فائدة : اختلف الأئمة الأربعة في مسألة : من قال ” إن تزوجت فلانة فهي طالق ” هل يقع طلاقه ( المعلق ) أم لا ؟ على ثلاثة أقوال :
1. قال الشافعي وأحمد : لا يقع طلاقه .
2. قال أبو حنيفة : يقع طلاقه .
3. قال مالك : يقع طلاقه إن خص امرأة بعينها ، ولا يقع إن عمم (أي قال : كل امرأة أتزوجها فهي طالق )

[4] الحديث الرابع (ح15/ 1021 ، ص 180 - 183)
عن عائشة – رضي الله عنها – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : { رُفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصغير حتى يَكْبَرَ ، وعن المجنون حتى يَعقِل أو يفيق } ؛ رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي ، وصححه الحاكم ، وأخرجه ابن حِبان .
معاني أهمِ مفردات الحديث :
= رُفع القلم عن ثلاثة : أي : رفع قلم الملائكة الكتبة ؛ بمعنى : أُزيل التكليف والمؤاخذة على التقصير عن ثلاثة أنواع من الناس .
= يكبر : أي : يبلغَ ؛ وقيل : يطيقَ الصيام ويحصي الصلاة .
= المجنون : أي : زائل العقل ؛ فيدخل فيه السكران .
= يفيق : أي : يعود إليه عقله .
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• أن هؤلاء الثلاثة المذكورين في الحديث لا يتعلق بهم تكليف ؛ فلا يؤاخذون على ما قد يبدر منهم من تقصير .
• عدم وقوع طلاق النائم ( الذي يهذي في نومه ).
• عدم وقوع طلاق المجنون .
• عدم وقوع طلاق الصبي الصغير ؛ الذي لا تمييز له . – أما الصبي العاقل المميز ففي وقوع الطلاق منه خلاف بين العلماء - .
فائدة : اختلف أهل العلم في طلاق السكران على قولين :
1. أنه يقع ؛ وهذا قول علي وابن عباس وجماعة من الصحابة ، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي .
2. أنه لا يقع ؛ وهذا قول عثمان وزيد وجابر وعمر بن عبد العزيز وجماعة من السلف ، وهو مذهب أحمد وأهل الظاهر .

خمائل الورد
2013- 4- 6, 11:23 PM
المحاضرة التاسعة
الكتاب الثامن عشر من كتب هذا السفر العظيم سبل السلام
كتاب الجامع
يقع في المجلد الرابع في الجزء الثامن منه
ويبدأ بالصفحة 131 من طبعة دار ابن الجوزي بتحقيق محمد صبحي حلاق
وهذا الكتاب يتكون من ستة أبواب هي :
1- باب الآدب
2- باب البر والصلة
3- باب الزهد والورع
4- باب الترهيب من مساوئ الأخلاق
5- باب الترغيب في مكارم الأخلاق
6- باب الذكر والدعاء
ويشتمل على 127 حديث نبوي شريف ويستغرق حوالي 200 صفحة تقريبا
لهذا الكتاب ست محاضرات
أولاً : باب الأدب :

الأدب : هو مصدر أدُب بضم الدال ومصدر أدِب بكسر الدال أي صار أديبا والمقصود قول ما يحمد قوله وفعل ما يحمد فعله أو هو بعبارة أخرى الأخذ بمكارم الأخلاق .
يشتمل على 16 حديث :

دراسة حديثين من باب الأدب
[1] الحديث الأول
(ح1/ 1356 ، ص 131 – 137 )
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – { حَقُّ المُسلِمِ على المسلِمِ سِتٍّ :إذا لقيتَهُ فسلِّمْ عليه ، وإذا دعاك فأَجِبْهُ , وإذا استنصحكَ فانصَحْهُ , وإذا عطس فَحَمِدَ الله فَشَمِّتـْهُ , وإذا مَرِضَ فَعُدْهُ , وإذا ماتَ فاتـْبَعْهُ . رواه مسلم .
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
= حق : المراد به : أي : ما لا ينبغي تركـُه , ويكون فعله إما واجباً أو مندوباً ندباً مؤكداً شبيها بالواجب الذي لا ينبغي تركه .
= فسلِّمْ عليه : أي : قل له السلام عليك , أي : اسم الله ( السلام ) عليك ؛ والمعنى : أي أنت في حفظ الله ؛ كما يُقال : الله معك ، والله يَصْحَبُك . وقيل : ليس المقصود بالسلام هنا اسم الله(السلام) بل المقصود به السلامة ؛ والمعنى : أي : سلامة الله ملازمة لك .
= استنصحك : أي : طلب منك النصيحة .
= فشمِّتـْه : أي : أزل عنه شماتة الأعداء بالدعاء له .
= فعدهُ : أي : زُرْهُ في مرضه .
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
• أنَّ هذه الأمور المذكورة هي حقوق المسلم على المسلم .
• إذا لقيته فسلم عليه". والأمر دليل على وجوب الابتداء بالسلام، وقال بعض العلماء أن الابتداء بالسلام سنة وأن رده فرض وفي صحيح مسلم مرفوعاً الأمر بإفشاء السلام. وأنه سبب للتحاب،
والسلام: اسم من أسماء الله تعالى فقوله: السلام عليكم أي أنتم في حفظ الله. كما يقال: الله معك، والله يصحبك، وقيل: السلام بمعنى السلامة أي سلامة الله ملازمة لك.
• وأقل السلام أن يقول: السلام عليكم، وإن كان المسلم عليه واحداً يتناوله وملائكته،
• أنَّ الأمر بالسلام ( فسلم ) دليل على وجوب الابتداء به ؛ خلافا لمن قال بأن ردَّ السلام هو الواجب وأما الابتداء به فهو سنة .
• يؤخذ من مفهوم (حق المسلم على المسلم ) : أن الذميَّ ليس له حق في إلقاء السلام عليه .
• أنَّ إجابة الدعوة إلى وليمة العرس واجبة ، وإلى غيرها من الولائم المباحة مندوبة
"إذا دعاك فأجبه" ظاهره: عموم حقية الإجابة في كل دعوة يدعوه لها، وخصها العلماء بإجابة دعوة الوليمة ونحوها، والأولى أن يقال إنها في دعوة الوليمة واجبة وفيما عداها مندوبة، لثبوت الوعيد على من لم يجب في الأولى دون الثانية..
• أنَّ بذل النصيحة لمن يطلبها واجب ، وأما بذلها لمن لم يطلبْها فغير واجب ؛ لكنه مندوب لكونه من الدلالة على الخير والمعروف قوله: "إذا استنصحك" أي طلب منك النصيحة "فانصحه" دليل على وجوب نصيحة من يستنصح، وعدم الغش له، وظاهره: أنه لا يجب نصحه إلا عند طلبها، والنصح بغير طلب مندوب، لأنه من الدلالة على الخير والمعروف.
وجوب تشميت العاطس الحامد .
فيه دليل على وجوب التشميت للعاطس الحامد. وأما الحمد على العاطس فما في الحديث دليل على وجوبه، وقال النووي: إنه متفق على استحبابه. من حديث أبي هريرة: "إذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقاً على كل مسلم يسمعه أن يقول: يرحمك الله".

• يؤخذُ من مفهوم الحديث : أنه لا يُشَمَّتُ غيرُ المسلم .
ومفهوم الحديث أنه لا يشمت غير المسلم كما عرفت، وقد أخرج أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة من حديث أبي موسى قال: كان اليهود يتعاطسون عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يرجون أن يقول لهم يرحمكم الله، فيقول: "يهديكم الله ويصلح بالكم". ففيه دليل أنه يقال لهم ذلك، ولكن إذا حمدوا.
• عِظَمُ نعمةِ الله سبحانه على العاطس ؛ فإنه سبحانه أذهب عن العاطس الضرر بنعمة العطاس ، ثم شرع له الحمد الذي يثاب عليه . إشارة إلى عظمة فضل الله على عبده فإنه أذهب عنه الضرر بنعمة العطاس، ثم شرع له الحمد الذي يثاب عليه ثم الدعاء بالخير لمن شمته بعد الدعاء منه له بالخير،
قال الشارح رحمه الله ( سبل السلام : مج4 ج8 ص 136) :
” ولما كان العاطس قد حصل له بالعطاس نعمة ومنفعة بخروج الأبخرةِ المحتقنةِ في دماغه التي لو بقيت فيه أحدثت أدواء عَسِرَة ؛ شُرِعَ له حمدُ الله على هذه النعمة مع بقاء أعضائه على هيئتها والتئامها بعد هذه الزلزلة التي هي للبدن كزلزلة الأرض ” .
• وجوب عيادة المسلم للمسلم ( معروفا كان أو غيرَ معروف ، قريبا كان أو غيرَ قريب) – وذهب الجمهور إلى أنها مندوبة –
يؤخذُ من مفهوم الحديث : أنه لا يُعاد الذمي ؛ إلا أنه قد ثبت أنه – صلى الله عليه وسلم – عاد خادمـه الذمي فأسلم ببركـة عيادتـه لـــه وكذلك زار عمَّه أبا طالب في مرض موته وعرض عليه كلمة الإسلام .
• وجوب تشييع جنازة المسلم (معروفا كان أو غيرَ معروف) .
فوائد متعلقة بالسلام :
= السلام مشروع بالكتاب والسنة :
قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها } , وقال سبحانه :{ وإذا حُييتُم بتحية فحيوا بأحسَنَ منها أو ردوها } . وقال - صلى الله عليه وسلم – : { لا
تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على
شيء إذا فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكم } .
= أقل السلام : السلام عليكم ؛ فإن كان المسلـَّمُ عليه واحدا تناوله (السلام ) وملائكته .
= أكمل السلام : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
= السلام المُجزىء : السلام عليك , سلام عليك , السلام عليكم .
= إذا كان المسلـَّمُ عليه واحدا : كان رد السلام واجبا وجوبا عينيا في حقه .
= إذا كان المسلـَّمُ عليهم جماعة : كان رد السلام فرض كفاية في حقهم.
= يسن إلقاء السلام عند الانصراف .
= يسن إلقاء السلام عند دخول البيت .
= يسن إلقاء السلام عند دخول بيت خالٍ .
= يسن إلقاء السلام عند دخول مسجد خالٍ ؛ بأن يقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .
= يكره إلقاء السلام على امرأة أجنبية إلا أن تكون عجوزا .
= يكره إلقاء السلام على من هو منشغل بتلاوة القرآن الكريم .
= يكره إلقاء السلام على من هو منشغل بذكر الله سبحانه.
= يكره إلقاء السلام على من هو منشغل بالتلبية .
= يكره إلقاء السلام على من هو منشغل بوعظ الناس .
= يكره إلقاء السلام على من هو منشغل بإلقاء خطبة على الناس .
= يكره إلقاء السلام على من هو منشغل بتعليم الناس الحديث .
= يكره إلقاء السلام على من هو منشغل بالاستماع لخطبة أو موعظة أو نحوهما
من آداب السلام :
1. أن يسلم الراكب على الماشي .
2. أن يسلم الماشي على القاعد .
3. أن يسلم الصغير على الكبير .
4. أن يسلم القليل على الكثير.
5. ما ورد في الحديث الصحيح ( سنن أبي داود) : { إذا لقي أحدكم صاحبه فليسلم عليه ، فإن حال بينهما شجرة أو جدار ثم لقيه فليسلم عليه } .
فوائد متعلقة بالنصيحة :
= النصيحة عماد الدين :
فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – {الدين النصيحة ، قلنا لمن يا رسول الله ، قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم } رواه مسلم .
= النصيحة فرض كفاية .
فوائد متعلقة بتشميت العاطس:
= التشميت فرض كفاية .
= كيفية الحمد , وكيفية تشميت العاطس ، وكيفية جواب العاطس : جاءَت فيما أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عنه – صلى الله عليه وسلم – { إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله ، وليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمُكَ الله ، ولْيقل هو : يهديكم الله ويصلح ُ بالكم } – بالكم : أي : شأنكم - .
= يكره تشميت من لم يحمد الله تعالى ؛ لكن يستحب لمن حضر مـن عطس فلم يحمد أن يذكره الحمد لِيَحمَدَ فيشمتَه ، وهو من باب النصح والأمر بالمعروف .

من آداب العاطس : ما أخرجه الحاكم والبيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعا { إذا عطس أحدكم فليضع كفيه على وجهه ، وليخفض بها صوته } .
= يشمت الرجل الرجل والمرأة العجوز.
= لا يشمت الرجل المرأة الشابة ولا تشمته .
= ويشرع التشميتَ ثلاثا إذا كرّر العُطاسَ ولا يزاد عليها : لما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة مرفوعا :{ إذا عطس أحدكم فليشمتْهُ جليسه ، فإن زاد على ثلاث فهو مزكوم ، ولا يُشَمَّتُ بعد ثلاث } .
فوائد متعلقة بعيادة المريض :
= يسن عند عيادة المريض الدعاء له :
ومن الدعاء المأثور بهذا الخصوص ؛ ما جاء في صحيحي البخاري ومسلم عن عائشة ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان يعود بعض أهله ، يمسح بيده اليمنى ، ويقول : { اللهم ربَّ الناس ، أذهب الباس ، اشْف أنت الشافي ، لا شافي إلا أنت ، شفاء لا يغادر سَقـَما } .
= من آداب زيارة المريض :
- سؤاله عن حاله ، وتطييب نفسه بالتنفيس في أجله .
- عدم إطالة الجلوس عنده .
فوائد متعلقة باتباع الجنازة :
= اتباع الجنازة حق للميت :
فمن الخير للمسلم أن يتبعها قضاء لحق أخيه المسلم ، وقال بعض الفقهاء بأن اتباعها حق لأهل الميت أيضا .
= اتباع الجنازة عمل نبيل يؤجر المسلم عليه أجراً كبيرا :
ففي الصحيحين ؛ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : { من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان ؛ قيل وما القيراطان ؟ قال : مثل الجبلين العظيمين } .
= من آداب اتباع الجنازة :
1. الإقلاع عن الحديث في أمور الدنيا .
2. ترك التبسم والضحك .
3. خفض الصوت .
الخشوع وتذكر الموت


[2] الحديث الثاني

(ح16/ 1371 ، ص 157- 158)

عن عمرو بنِ شعيب عن أبيه عن جده – رضي الله عنهم – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –:{ كل واشرب والبس وتصدق ؛ في غير سَرَفٍ ولا مَخِيلَة } ، أخرجه أبو داود ، وأحمد ، وصححه الحاكم ، وقال المنذري رواته ثقات محتج بهم في الصحيح .
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
= سرف : حقيقة الإسراف : مجاوزة الحد في كل فعل أو قول ، وهو في الإنفاق أشهر .
= مخيلة : أي : التكبر .
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• تحريم الإسراف في المأكل .
• تحريم الإسراف في المشرب .
• تحريم الإسراف في الملبس .
• تحريم الإسراف في التصدق .
• تحريم الخيلاء والكبر.
فائدة :
قال الشارح رحمه الله ( سبل السلام : مج4 ج8 ص 136) : ” والحديث مأخوذ من قول الله تبارك وتعالى : { وكلوا واشربوا ولا تسرفوا } .. قال عبد اللطيف البغدادي : هذا الحديث جامع لفضائل تدبير الإنسان نفسه ، وتدبير مصالح النفس والجسد في الدنيا والآخرة ؛ فإن السرف في كل شيء مضر بالجسد ، ومضر بالمعيشة ، ويؤدي إلى الإتلاف ، فيضر بالنفس إذا كانت تابعة للجسد في أكثر الأحوال ، والمخيلة تضر بالنفس حيث تكسبُها العُجب ، وتضر بالآخرة حيث تُكسب ُ الإثم ، وبالدنيا حيث يكسبها المقت من الناس ” .

خمائل الورد
2013- 4- 6, 11:24 PM
المحاضرة العاشرة
الباب الثاني في كتاب الجامع :
باب البر والصلة
يشتمل على 14 حديثا


باب البــر والصلــة:
البِر: بكسر الموحدة هو التوسع في فعل الخير. والبر بفتحها التوسع في الخيرات وهو من صفات الله تعالى.
والصِلة: بكسر الصاد المهملة مصدر وصله كوعده، في النهاية: تكرر في الحديث ذكر صلة الأرحام وهي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والتعطف عليهم والرفق بهم والرعاية لأحوالهم، وكذلك إن تعدّوا وأساءوا، وضد ذلك قطيعة الرحم. ا هــــ.
دراسة لحديثين من باب (البر والصلة)
[1] الحديث الأول
(ح1/ 1372 ، ص 159 – 161 )
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : { من أحبَّ أن يُبسَطَ له في رزقه , وأن يُنْسَأَ له في أثَرِهِ؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ} . أخرجه البخاري .
# المحدث الذي أخرج هذا الحديث : هوالإمام البخاري – رحمه الله -
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
= يُبْسطَ له في رزقه : أي : يُوَسع له في رزقه.
= ينسأ له : أي : يُؤَخَّر له ؛ من الإنساء وهو التأخير.
= في أثره : أي : في أجله ؛ وقد سُميَ الأجُلُ أثراً لأنه يتبع العمر
= فليصل رحمه : المقصود بصِلَةُ الرَّحِم : هي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسبِ والأصهارِ ، والتعطفِ عليهم ، والرفقِ بهم ، والرعاية لأحوالهم ، وكذلك إن بعدوا وأساءُوا ـ وبالطبع ؛ فإن ضِدَّ ذلك قطيعةُ الرحم ـ .
= تنبيه :
- من : اسم شرط جازم .
- أحب : فعل الشرط .
- فليصل رحمه : جواب الشرط .
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
• أنَّ صلة الرحم سبب في زيادة الرزق .
• أنَّ صلة الرحم سبب في البركة في العمر .
• أنَّ ظاهر الحديث يتعارض مع قوله تعالى : { فإذا جاء أجلُهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } ؛ وقد جمع العلماء بينهما من وجهين لعل أرجحهما أن الزيادة في العمر ليست على حقيقتها وإنما هي كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق للطاعة وعمارة الوقت بالعمل الصالح النافع في الآخرة.
وقد أورد الشارح رحمه الله - في هذا كلاما جميلا ؛ فلبُراجَع في ( سبل السلام : مج4 ج8 ص 160 – 161 ) .
((قال ابن التين: ظاهر الحديث أي حديث البخاري معارض لقوله تعالى: {فأذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} قال: والجمع بينهما من وجهين.
أحدهما: أن الزيادة كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة، وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة، وصيانته عن تضييعه في غير ذلك، ومثل هذا ما جاء أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تقاصر أعمار أمته بالنسبة إلى أعمار من مضى من الأمم فأعطاه الله ليلة القدر.

وحاصله أن صلة الرحم تكون سبباً للتوفيق للطاعة والصيانة عن المعصية فيبقى بعده الذكر الجميل فكأنه لم يمت. ومن جملة ما يحصل له من التوفيق العلم الذي ينتفع به من بعده بتأليف ونحوه، والصدقة الجارية عليه، والخلف الصالح.
وثانيهما: أن الزيادة على حقيقتها وذلك بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر، والذي في الآية بالنسبة إلى علم الله كأن يقال للملك مثلاً: إن عمر فلان مائة إن وصل رحمه وإن قطعها فستون وقود سبق في علمه أنه يصل أو يقطع، فالذي في علم الله لا يتقدم ولا يتأخر والذي في علم الملك هو الذي يمكن فيه الزيادة والنقص، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} فالمحو والإثبات بالنسبة إلى ما في علم الملك وما في أم الكتاب أما الذي في علم الله سبحانه فلا محو فيه البته ويقال له القضاء المبرم ويقال للأول القضاء المعلق ...انتهى كلامه.
ويعلق الشارح عليه قائلا :والوجه الأول أليق فإن الأثر ما يتبع الشيء فإذا أخر حسن على أن يحمل على الذكر الحسن بعد فقد المذكور والله تعالى أعلم . ))

# فائدة :
= الرحم في الأصل هو وعاء في بطن المرأة ينبت فيه الجنين ؛ ولذلك سميت القرابة من جهة الولادة رحماً .
= وقد تعددت أقوال العلماء في الرحم الواجب صلتها ؛ ما هي ؟ فقيل هو القريب المَحْرَم ، وقيل هو : كل قريب ( محرما كان أو غيره) ، وقيل : هو كل وارث .

[2] الحديث الثاني

(ح12/ 1383 ، ص 178- 180)
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : { من نفَّس عن مسلم كُرْبَة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسَّر على مُعسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العَبدِ ما كان العبدُ في عون أخيهِ } . أخرجه مسلم.
# المحدث الذي أخرج هذا الحديث : هو الإمام مسلم – رحمه الله -
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
= نفس : أي : أزال .
= كربة : أي : شدة عظيمة أوقعت صاحبها في الهم والغم .
= ستر مسلما : أي : أخفى ذنبه ولم يكشفه للآخرين ؛ لكونه ممن لم يعرفوا بالشر والفسق .
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
• بيان فضيلة تفريج الكرب عن المسلم .
• بيان فضيلة التيسير على المسلم المعسر .
• بيان فضيلة الستر على المسلم .
• بيان فضيلة إعانة المسلم لأخيه المسلم .
• أن الله تعالى يجازي العبد من جنس فعله ؛ فمن ستر سُتِر عليه ومن يسرَ يسِّر عليه ومن أعان أُعين .
• أن الله تعالى بفضله وكرمه جعل الجزاء في الدنيا والآخرة في حق الميسر على المعسر , وفي حق الساتر للمسلم .
• أن الله تعالى بفضله وكرمه أخَّر جزاء تفريج الكربة ليكون في الآخرة وذلك لعظم أهوال يوم القيامة.
• هذا حديث جليل عظيم القدر ؛ اشتمل على أربعة مسائل هامة ؛ أوردها الشارح - رحمه الله - في ( سبل السلام : مج4 ج8 ص 178 – 180 )؛ فلتُراجَع هناك .
- وهذه هي وضعتها لكم هنا ما يحتاج تراجعون الكتاب * - *
- ((الحديث فيه مسائل:
- الأولى: فضيلة من فرّج عن المسلم كربة من كرب الدنيا، وتفريجها إما بإعطائه من ماله1- إن كانت كربته من حاجة، أو 2- بذل جاهه في طلبه له من غيره أو 3- قرضه،4- وإن كانت كربته من ظلم ظالم له فرجها بالسعي في رفعها عنه أو تخفيفها، 5- وإن كانت كربة مرض أصابه أعانه على الدواء إن كان لديه أو على طبيب ينفعه، وبالجملة تفريج الكرب باب واسع فإنه يشمل إزالة كل ما ينزل بالعبد أو تخفيفه.
- الثانية: التيسير على المعسر هو أيضاً من تفريج الكرب، وإنما خصه لأنه أبلغ، وهو إنظاره لغريمه في الدين أو إبراؤه له منه أو غير ذلك، فإن الله ييسر له عليه أموره ويسهلها له لتسهيله لأخيه فيما عنده له. والتيسير لأمور الآخرة بأن يهون عليه المشاق فيها ويرجح وزن الحسنات ويلقي في قلوب من لهم عنده حق يجب استيفاؤه منه في الآخرة المسامحة وغير ذلك.
- ويؤخذ منه أن من عسر على معسر عسر عليه، ويؤخذ منه أنه لا بأس على من عسر على موسر لأن مطله ظلم يحل عرضه وعقوبته.
- الثالثة: من ستر مسلماً اطلع منه على ما لا ينبغي إظهاره من الزلات والعثرات فإنه مأجور بما ذكره من ستره في الدنيا والآخرة، فيستره في الدنيا بأن لا يأتي زلة يكره اطلاع غيره عليها، وإن أتاها لم يطلع الله عليها أحداً، وستره في الآخرة بالمغفرة لذنوبه وعدم إظهار قبائحه وغير ذلك، وقد حث صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على الستر فقال في حق ماعز: "هلا سترت عليه بردائك يا هزَّال".
- وقال العلماء: وهذا الستر مندوب لا واجب فلو رفعه إلى السلطان كان جائزاً له ولا يأثم به. قلت: ودليله أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لم يلم هزالاً ولا أبان له أنه آثم، بل حرضه على أنه كان ينبغي له ستره، فإن علم أنه تاب وأقلع حرم عليه ذكر ما وقع منه ووجب عليه ستره، وهو في حق من لا يعرف بالفساد والتمادي في الطغيان؛ وأما من عرف بذلك فإنه لا يستحب الستر عليه بل يرفع أمره إلى من له الولاية إذا لم يخف من ذلك مفسدة، وذلك لأن الستر عليه يغريه على الفساد ويجرّئه على أذيّة العباد ويجرىء غيره من أهل الشر والعناد؛ وهذا يعد انقضاء فعل المعصية.
- فأما إذا رآه وهو فيها فالواجب المبادرة لإنكارها والمنع منها مع القدرة على ذلك، ولا يحل تأخيره، لأنه من باب إنكار المنكر، لا يحل تركه مع الإمكان.
- وأما إذا رآه يسرق مال زيد فهل يجب عليه أخبار زيد بذلك أو ستر السارق؟ الظاهر أنه يجب عليه إخبار زيد، وإلا كان معيناً للسارق بالكتم منه على الإثم والله تعالى يقول: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}.
- وأما جرح الشهود والرواة والأمناء على الأوقاف والصدقات وغير ذلك فإنه من باب نصيحة المسلمين الواجبة على كل من اطلع عليها، وليس من الغيبة المحرم بل من النصيحة الواجبة وهو مجمع عليه.
- الرابعة: الإخبار بأن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، فإنه دال على أنه تعالى يتولى إعانة من أعان أخاه، وهو يدل على أنه يتولى عونه في حاجة العبد التي يسعى فيها، وفي حوائج نفسه فينال من عون الله ما لم يكن يناله بغير إعانته، وإن كان تعالى هو المعين لعبده في كل أموره، لكن إذا كان في عون أخيه زادت إعانة الله، فيؤخذ منه أنه ينبغي للعبد أن يشتغل بقضاء حوائج أخيه فيقدمها على حاجة نفسه لينال من الله كمال الإعانة في حاجاته.))

خمائل الورد
2013- 4- 7, 12:04 AM
المحاضرة الحادية عشر
الباب الثالث من باب كتاب الجامع
باب الزهد والورع
يشتمل على 11 حديثا
باب الزهــد والــورع:
الزهد: هو قلة الرغبة في الشيء، وإن شئت قلت: قلة الرغبة عنه..
والورع: تجنب الشبهات خوف الوقوع في محرّم، وقيل: تجنب الشبهات، ومراقبة الخطرات.
دراسة لحديثين من الباب الثالث
باب (الزهد والورع)
[1] الحديث الأول
(ح1/ 1386 ، ص 184 – 189 )
عن النُّعمانِ بنِ بشيرٍ – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول – وأهوى النعمان بإصْبَعَيْهِ إلى أُذُنيه - : { إنَّ الحلال بَيِّنٌ , وإن الحرام بين , وبينَهما مُشْتَـبِهاتٌ ، لا يَعْلمُهُن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات اسْتَبْرَأَ لدينه وعِرضِه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام : كالراعي يرعى حول الحمى يُوشِك أنْ يقع فيه ، ألا وإنَّ لكلِّ مَلِكٍ حِمىً ، ألا وإنَّ حِمى الله مَحارمُهُ ، ألا وإنَّ في الجسد مُضْغَةً إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجسدُ كُلـُّه ، وإذا فَسَدَتْ فسَد الجسدُ كُلـُّه، ألا وَهِيَ القلبُ } متفق عليه .
# اسم الصحابي الراوي للحديث : النُعمانُ بنُ بشيرٍ – رضي الله عنه –

عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول: ــــ وأهوى النعمان بأصبعيه إلى أذنيه ــــ "إن الحلال بيِّن (وإنّ) الحرامَ بيِّن وبينهما مشتبهاتٌ) ويروى "مشبِّهات" بضم الميم وتشديد الموحدة، ومشبهات بضمها أيضاً وتخفيف الموحدة (لا يعْلمهُنَّ كثيرٌ من النّاس فَمِن اتّقى الشّبُهات فقدِ استبرأَ) بالهمزة من البراءة أي حصل له البراءة من الذم الشرعي وصان عرضه من ذم الناس (لدينه وعرضه ومنْ وقع في الشبهات وقع في الحرام) أي يوشك أن يقع فيه، وإنما حذفه لدلالة ما بعده عليه، إذ لو كان الوقوع في الشبهات وقوعاً في الحرام لكانت من قسم الحرام البيِّن، وقد جعلها قسماً برأسه، وكما يدل له التشبيه بقوله: (كالرَّاعي يرْعى حول الحمى يوشك أَنْ يقعَ فيه، أَلا وإنَّ لكُلِّ ملكٍ حمى، أَلا وإن حِمَى الله محارمُهُ، أَلا وإنَّ في الجسدِ مُضغةً إذا صلحتْ صلح الجسدُ كُلُّهُ وإذا فسدت فسَدَ الجسَدُ كُلُّهُ؛ ألا وهي القلبُ" متفق عليه).
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
= الحلال بين :أي : قد بينه الله تعالى ورسوله ؛ فلا يخفى حِلُّه .
= الحرام بين :أي : قد بينه الله تعالى ورسوله ؛ فلا تخفى حُرمتُه .
= مُشْتَـبِهاتٌ ، ويروى (مُشَبَّهات ) و( مُشْبَهات) : أي : غير واضحات ؛بمعنى أنه خفي دليل حِلها ودليل حرمتها ؛ فصارت مترددة بين الحِلِّ والحُرمة .
= اسْتَبْرَأَ : حصل له البراءَة .
= .. وعِرضِه : عرض الإنسان هو موضع المدح والذم منه ؛ أي الأمور التي بذكرها يرتفع أو يسقط ، ومن جهتها يُحْمَدُ أو يُذم .
= اسْتَبْرَأَ لدينه وعِرضِه : أي : حصل له البراءَةُ من الذم الشرعي ، وصان عرضَه من ذم الناس .
= .. وقع في الحرام : أي : يوشك أن يقع في الحرام ؛ إذ لو كان الوقوع في الشبهات وقوعا في الحرام لكانت الشبهات من قسم الحرام البين .
= يُوشِك : أي : يَقْرُبُ .
= لكل ملك حمى : أي : مكان اختص به نفسه ، وحظر على الآخرين دخوله وحماه منهم ؛ فمن دخله عوقب ، ومن أراد النجاة وهي" إخبار عما كانت عليه ملوك العرب وغيرهم، فإنه كان لكل واحد حمى يحميه من الناس ويمنعهم عن دخوله، فمن دخله أوقع به العقوبة ومن أراد نجاة نفسه من العقوبة لم يقربه خوفاً من الوقوع فيه، وذكر هذا كضرب المثل للمخاطبين، ثم أعلمهم أن حماه تعالى: الذي حرّمه على العباد.

لم يقترب منه خشية الوقوع فيه والتعرض للعقوبة .
= وإنَّ حِمى الله مَحارمُهُ : أي : ما حرَّمه الله تعالى من المعاصي كالزنى ، والقتل ، ونحوهما .
= أَلا : (همزة استفهام مع لا النافية ) تستعمل للتنبيه مع التأكيد على تحقق ما بعدها .
= مضغة : هي القطعة من اللحم ؛ سُمِّيت بذلك لأنها تمضغ في الفم لصغرها .
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• الإخبار عن الحلال بأنه بيِّن ؛ إعلام بحل الانتفاع به في وجوه النفع .
• الإخبار عن الحرام بأنه بيِّن ؛ إعلام بوجوب اجتنابه.
• يؤخذ من عبارة ” فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ ” أنَّ ما خفي دليله واشتبه أمره في الحل أو الحرمة ؛ فالورع تَرْكُه .
• يؤخذ من عبارة ” ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ” الإرشادُ إلى البعد عن ذرائع الحرام وإن كانت غيرَ محرمة ؛ لأن الوقـــوع
فيهــا يُقَرِّبُ من الوقوع في الحرام ؛ فمن احتاط لنفسه لا يقرب الشبهات لئلا يدخل في المعاصي .
• مدار صلاح الجسد وفساده على القلب ؛ فإنْ صلح القلبُ صلح الجسد وإن فسد فسد .
# فوائد :
= قال الشارح - رحمه الله - ( سبل السلام : مج4 ج8 ص 184 –185) : ” أجمع الأئمة على عظم شأن هذا الحديث ، وأنه من الأحاديث التي تدور عليها قواعد الإسلام .
قال جماعة : هو ثلث الإسلام ؛ فإن دَوَرانَه عليه وعلى حديــــث : { إنما الأعمال بالنيات } ، وعلى حديث : { من حسن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه } .
قال أبو داود : إنه يدور على أربعة ؛ هذه ثلاثة ، والرابع حديث : { لا يؤمنُ أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه } ، وقيل الرابع حديث { ازهد في الدنيا يحبُّك الله ، وازهد فيما في أيدي الناسِ يُحبُّكَ الناس } .. ”
= الأشياء من حيث الحلُّ والحرمةُ ثلاثة أقسام :
أ - حلال واضح حِلُّه : بينه الله تعالى ورسوله ؛ نحو قوله تعالى : { أُحِل لكم صيد البحر } وقوله تعالى : { فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا} وقوله - صلى الله عليه وسلم - : { هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته } ..
ب- حرام واضحة حرمته : بينه الله تعالى ورسوله ؛ نحو قوله تعالى : { حُرِّمت عليكم الميتة } وقوله تعالى : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } وقوله - صلى الله عليه وسلم - : { كل المسلم على المسلم حرام ؛ دمه وماله وعرضه } ..
ج- متشابه يحتمل الأمرين ( الحل والحرمة ) ؛ قد اشتبه على المسـلم
بأي القسمين السابقين يلحق . وهو المشار إليه بعبارة { لا يعلمهن كثير من الناس } الدالة على أنه يعلمهن بعض الناس ؛ وهم بالطبع الراسخون في العلم ؛ فهؤلاء إذا اجتهدوا فألحقوا بعض المشتبهات بالحلال صار حلالا أو بالحرام صار حراما ؛ فإذا لم تتبين لهم الأدلة فإن الورع يقتضي الترك ؛ عملا بقوله صلى الله عليه وسلم { فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه } .


[2] الحديث الثاني

(ح3/ 1388 ، ص 190- 192)
عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : أخذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بِمَنْكِبَيَّ فقال : { كُنْ في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابرُ سبيل ٍ} وكان ابن عمر – رضي الله عنهما – يقول :” إذا أمسيتَ فلا تنتظرِ الصباحَ وإذا أصبحت فلا تنتظرِ المساءَ ، وخذ من صحتك لسَقَمِكَ , ومن حياتك لموتِكَ ” . أخرجه البخاري .
# المحدث الذي أخرج هذا الحديث : هوالإمام البخاري– رحمه الله -
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
= بِمَنْكِبَيَّ : يروى بالإفراد والتثنية ؛ وهو مَجْمَعُ العضُدِ والكتف .

= غريب : الغريب هو من لا مسكنَ له يأويه , ولا سكنَ يأنسُ به , ولا بلدَ يستوطنُ فيه .
= عابر سبيل : هو المسافر الذي لا يستقرّ حتى يصل إلى وطنه . والمقصود بالسبيل : هو الطريق .
= لسَقَمِكَ : أي : لمرضك .
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
• الأمر (كن) للإرشاد , و (أو) ليست للشك بل للتخيير أو الإباحة ؛ والمعنى : قدِّر نفسك ونزِّلها منزلة من هو غريب أو عابر سبيل .
ويحتمل أن تكون (أو) للإضراب ؛ والمعنى : بل كن في الدنيا كأنك عابرُ سبيل ؛ لأن الغريب قد يستوطن بلدا بخلاف عابرِ السبيل ، فهمه قطع المسافة إلى مقصده ؛ والمقصدُ هنا إلى الله تعالى : { وأنَّ إلى ربِّك المنتهى } .
• الحض على الزهد في الدنيا والرغبة عنها .
قال الشارح - رحمه الله - ( سبل السلام : مج4 ج8 ص 191) : ” وفي هذا الحديث إشارة إلى الزهد في الدنيا ، وأخذ البُلغةِ منها والكفاف ؛ فكما لا يحتاج المسافرُ إلى أكثرَ مما يبلِّغُه إلى غايـــــــة
سفره ، فكذلك المؤمنُ لا يحتاج في الدنيا إلى أكثرِ مما يبلغُه ُ المحلَّ ”
• كلام ابن عمر – رضي الله عنهما – ” إذا أمسيتَ فلا تنتظرِ الصباحَ وإذا أصبحت فلا تنتظرِ المساءَ ” المدرج في الحديث ؛ فيه حض للمؤمن على الاستعداد أبداً للموت ؛ وذلك يكون بالعمل الصالح .وفيه حض له – أيضا - على تقصير الأمل ؛ فإذا أصبح فليبادر بالعمل الصالح دون تأخير إلى المساء وإذا أمسى فليبادر به دون تأخير إلى الصباح وليوطن نفسه على أن الأجل قد يدركه في أية لحظة .
• كلام ابن عمر – رضي الله عنهما – ” وخذ من صحتك لسَقَمِكَ , ومن حياتك لموتِكَ ” المدرج في الحديث ؛ فيه حض للمؤمن على اغتنام أيام صحته بالمبادرة إلى الأعمال الصالحة ؛ فإنه لا يدري متى ينزل به مرض يحول بينه وبين فعل الطاعات ، وكذلك لا يدري متى تنزل بساحته المنية فيحول الموت بينه وبين العمل .
• وما أجمل أن نتذكر في هذا المقام قولَه – صلى الله عليه وسلم -: { بادروا بالأعمال سبعاً ؛ ما تنتظرون إلا فقرا مُنْسِياً ، أو غنى مُطغياً ، أو مرضا مُفسِداً ، أو هرما مُفنداً ، أو موتا مُجهِزاً ، أو الدجال فإنه شرُّ مُنْتَظَر ٍ ، أو الساعة والساعةُ أدهى وأمرُّ ! } .

روضه الجنان
2013- 4- 7, 01:05 AM
يعطيكـ العاااااااااافيهـ

خمائل الورد
2013- 4- 7, 03:13 AM
المحاضرة الثانية عشر
الباب الرابع في كتاب الجامع
باب (الترهيب من مساوئ الأخلاق)
من الصفحة 208 إلى الصفحة 267
يشتمل على 37 حديثا
دراسة لثلاثة أحاديث من الباب الرابع
باب (الترهيب من مساوىء الأخلاق)

[1] الحديث الأول
(ح2/ 1398 ، ص 211 – 214 )

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : { ليس الشديدُ بالصـُّرَعـَةِ ؛ إنَّما الشديدُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عند الغَضَبِ } متفق عليه .
# الصحابي الراوي للحديث : هو أبو هريرة – رضي الله عنه –
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
= الصـُّرَعـَة : على زنة هُمَزَةٍ ؛ أي : كثير الصرع ِ لغيره - ( فهو قوي بدنيا ، ولقوته يصرع الناس كثيرا ) - .
= الشديد : هو من عنده شدة ؛ أي : قوة معنوية ؛ تمكنه من إمســـاك
نفسه (عند الغضب) عن الشر وكفها عن الانتقام ممن أغضبها .
= الغضب : حقيقة الغضب حركة النفس إلى خارج الجسد لإرادة الانتقام ؛ فهو استجابة لانفعال يتميز بالميل إلى الاعتداء .
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
• قوة الإنسان الحقيقية لا تكمن في قوته البدنية وإنما تكمن في قوته المعنوية ؛ فليس القوي من يصرع الأقوياء وإنما القوي من يملك زمام نفسه عند الغضب فيمنعها عن قول الحرام أو فعله ويمنعها عن الظلم والاعتداء .
• الإرشاد إلى أنَّ من أغضبه أمر فأرادت نفسه المبادرة إلى الانتقام ممن أغضبه ؛ أن يجاهدها ويمنعها عما أرادت .
# فوائد :
• للشارح – رحمه الله – كلام جميل بهذا الشأن ؛ تحدث فيه عن داء الغضب وصور فيه حال الإنسان إذا غضب على من هو دونه وحاله إذا غضب على من هو فوقه , وحاله إذا غضب على من هو نظيره . ثم ذكر دواءَ هذا الداء في الأحاديث النبوية .
فَلْيُراجَع كلامه في : ( سبل السلام : مج4 ج8 ص 212 –213).

وهذه هي الجزئية التي أشار لها الدكتور في الكتاب
((والغضب غريزة في الإنسان فمهما قصد أو نوزع في غرض ما اشتعلت نار الغضب وثارت حتى يحمّر الوجه والعينان من الدم، لأن البشرة تحكي لون ما وراءها، وهذا إذا غضب على من دونه واستشعر القدرة عليه، وإن كان ممن فوقه تولد منه انقباض الدم من ظاهر الجلد إلى جوف القلب فيصفّر اللون، وإن كان على النظير تردّد الدم بين انقباض وانبساط فيحمرّ ويصفرّ، والغضب يترتب عليه تغير الباطن والظاهر كتغير اللون والرعدة في الأطراف وخروج الأفعال على غير ترتيب، واستحالة الخلقة حتى لو رأى الغضبان نفسه في حالة غضبه لسكن غضبه حياء من قبح صورته واستحالة خلقته، هذا في الظاهر، وأما في الباطن فقبحه أشدّ من الظاهر، لأنه يولد حقداً في القلب وإضمار السوء على اختلاف أنواعه، بل قبح باطنه متقدم على تغير ظاهره، فإن تغير الظاهر ثمرة تغير الباطن، فيظهر على اللسان الفحش والشتم، ويظهر في الأفعال بالضرب والقتل وغير ذلك من المفاسد.
وقد ورد في الأحاديث دواء هذا الداء. فأخرج ابن عساكر موقوفاً "الغضب من الشيطان والشيطان خلق من النار، والماء يطفيء النار فإذا غضب أحدكم فليغتسل" وفي رواية "فليتوضأ" وأخرج ابن أبي الدنيا "إذا غضب أحدكم فقال: أعوذ بالله سكن غضبه" وأخرج أحمد "إذا غضب أحدكم فليسكت" وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان: "إذا غضب أحدكم فليجلس فإذا ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع" وأخرج أبو الشيخ "الغضب من الشيطان فإذا وجده أحدكم قائماً فليجلس وإن وجده جالساً فليضطجع".))

• الغضب المنهي عنه هو الغضب في غير الحق .
قال الشارح - رحمه الله - : ” والنهي في الغضب متوجه إلى الغضب في غير الحق . وقد بوب البخاري ( باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله)، وقد قال تعالى : { يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم } ، وذكر خمسة أحاديث في كل منها غضبه صلى الله عليه وسلم في أسباب مختلفة مرجعه إلى أن كل ذلك كان لأمر الله تعالى ، وإظهار الغضب فيه منه صلى الله عليه وسلم ليكون أَوْكَدَ . وقد ذكر تعالى في قصة موسى وغضبه ( لمَّا عُبِدَ العجلُ ) وقال:{ ولما سكت عن موسى الغضبُ } .“

[2] الحديث الثاني
(ح7/ 1403 ، ص 225- 227)
عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : { سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر } متفق عليه .
# الصحابي الراوي للحديث : هو عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – .
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
= سباب : مصدر سَبَّ ؛ والسبُّ لغة : الشتم والتكلم في عرض الإنسان .
= المسلم : المراد به : المسلم الكامل الإسلام ؛ الذي ظاهره الاستقامة واجتناب المعاصي .
= فسوق : مصدر فَسَقَ ؛ وهو لغة : الخروج , وشرعا : الخروج من طاعة الله .
= قتاله : أي : مقاتلته .
= كفر : المراد به : كفر النعمة والإحسان وأُخُوة الإسلام ؛ وليس المراد به حقيقة الكفر الذي هو خروج عن ملة الإسلام . وسماه كفرا للتحذير والزجر , ولأنه فعل كفعل الكافر الذي يقاتلُ المسلمَ .
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
• شتم المسلم المستقيم والتكلم في عرضه بما يعيبه فعل محرَّم. شرعاً
أما الفاسق المجاهر بالمعاصي فذهب أكثر أهل العلم إلى جواز سبه ؛ إذ لا حرمة له بدليل الحديث الذي أخرجه مسلم : { كلُّ أمتي معافى إلا المجاهرون } ؛ وهم الذين جاهروا بمعاصيهم .
وللشارح – رحمه الله – في هذا المقام كلام جميل فَلْيُراجَع كلامه في:( سبل السلام : مج4 ج8 ص 226 ) .

وهذه هي الجزئية التي أشار لها الدكتور في الكتاب
((والأكثر - أي أكثر أهل العلم - يقولون بأنه يجوز أن يقال للفاسق: يا فاسق، ويا مفسد، وكذا في غيبته بشرط قصد النصيحة له أو لغيره بيان حاله أو للزجر عن صنيعه لا لقصد الوقيعة فيه، فلا بد من قصد صحيح إلا أن يكون جواباً لمن يبدأه بالسب فإنه يجوز له الانتصار لنفسه لقوله تعالى: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} ولقوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "المتاسبان ما قالا فعلى البادي ما لم يعتد المظلوم" أخرجه مسلم ولكنه لا يجوز أن يعتدي ولا سيبه بأمر كذب. قال العلماء: وإذا انتصر المسبوب استوفى ظلامته وبريء الأول من حقه وبقي عليه إثم الابتداء والإثم المستحق لله تعالى، وقيل: بريء من الإثم ويكون على البادي اللوم والذم لا الإثم. ويجوز في حال الغضب لله تعالى لقوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لأبي ذر:"إنك امرؤ فيك جاهلية" وقول عمر في قصة حاطب دعني أضرب عنق هذا المنافق وقول أسيد لسعد: إنما أنت منافق تجادل عن المنافقين ولم ينكر صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم هذه الأقوال وهي بمحضرة.))

• يؤخذ من مفهوم الحديث جواز سب الكافر (وهذا إذا كان حربيا ، أما إذا كان معاهدا فلا يجوز سبه لأن في سبه أذية له والشرع ينهى عن أذية المعاهد) .
• من قاتل أخاه المسلم مستحلا قتله فقد كفرٌ بذلك كفرا مخرجا من الملة ؛ أما من قاتله دون استحلال لقتله فقد كَفَرَ كُفْرَ نعمة وإنكار لأخوة الإسلام ؛ ولم يخرج بذلك من الملة ، وقد أطلق عليه الكفر مجازا .

[3] الحديث الثالث
(ح15/ 1411 ، ص 235 – 239)

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:{ أتدرون ما الغيبة ؟} ، قالوا : الله ورسوله أعلمُ ، قال : { ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكْرَهُ} ، قيل : أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقول ُ ؟ قال : { إن كان فيه ما تقول فقد اغتَبْتَهُ ، وإن لم يَكُنْ فيه فقد بهتَّهُ } أخرجه مسلم .
# الصحابي الراوي للحديث : هو أبو هريرة – رضي الله عنه –
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
= الغيبة : مشتقة من الغيب بمعنى : ذِكْرُ الغائب بما يكرهه .
أخاك : أي: أخُ الدين ؛ قال تعالى : { إنما المؤمنون إخوة } .
= أفرأيتّ : أي : أخبرني .
= بهتَّهُ : بهته بهتا وبُهتانا ؛ أي : قال عنه ما لم يفعل .
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
• كأن هذا الحديث سيق لتفسير الغيبة المذكورة في قوله تعالى : { ولا يغتب بعضُكَم بعضا } .
• دل الحديث على حقيقة الغيبة وبيَّنَ معناها الشرعي ؛ وهو أنها { ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكْرَهُ} .
• في قوله { أخاك} دليل على أن غير المؤمن تجوز غيبتُه ؛ فمن ليس بأخ ٍ كاليهودي والنصراني وسائر أهل الملل , ومن قد أخرجته بدعته عن الإسلام لا غيبة له .
• في التعبير بالأخ جذب للمغتاب عن غيبته لمن يَغْتابُ؛ لأنه إذا كان أخاه فالأولى الحُنُوُّ عليه ، وطيُّ مساويهِ ، والتأول لمعايبِه ؛ لا نشْرُها بذِكرِها .
• في قوله { بما يكره}ما يُشعر بأنه إذا كان لا يكرهُ ما يُعاب ُبه ( كأهل الخلاعة والمجون ) فإنه لا يكون غيبة ً.
# فوائد :
• تحريم الغيبة معلوم من الشرع ومتفق عليه ؛ وإنما اختلف العلماءُ هل هو من الصغائر أو من الكبائر ؟
وقد نقل الإمام القرطبي – رحمه الله – الإجماع على أنها من الكبائر ؛ مستدلا بقوله صلى الله عليه وسلم { إن دماءَكم , وأعراضَكم , وأموالَكم , عليكم حرام }.
• استثنى العلماء من الغيبة المحرمة أمورا ستة ؛وقد ذكرها الشارح؛ فلْيُراجَع كلامه في : ( سبل السلام : مج4 ج8 ص238–239).

وهذه هي الجزئية التي أشار لها الدكتور في الكتاب
((والأحاديث في التحذير من الغيبة واسعة جداً دالة على شدّة تحريمها.
واعلم أنه قد استثنى العلماء من الغيبة أموراً ستة:
الأولى: التظلم فيجوز أن يقول المظلوم فلان ظلمني وأخذ مالي أو أنه ظالم، ولكن إذا كان ذكره لذلك شكاية على من له قدرة على إزالتها أو تخفيفها ودليله قول هند عند شكايتها له صلى الله عليه وآله وسلم من أبي سفيان إنه رجل شحيح.
الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر بذكره لمن يظن قدرته على إزالته فيقول: فلان فعل كذا، في حق من لم يكن مجاهراً بالمعصية.
الثالث: الاستفتاء بأن يقول للمفتي: فلان ظلمني بكذا فما طريقي إلى الخلاص عنه، ودليله أنه لا يعرف الخلاص عما يحرم عليه إلا بذكر ما وقع منه.
الرابع: التحذير للمسلمين من الاغترار، كجرح الرواة والشهود ومن يتصدّر للتدريس والإفتاء مع عدم الأهلية، ودليله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "بئس أخو العشيرة" وقوله صلى الله عليه وآله وسلم "أما معاوية فصعلوك" وذلك أنها جاءت فاطمة بنت قيس تستأذنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم وتستشيره وتذكر أنه خطبها معاوية بن أبي سفيان وخطبها أبو جهم فقال: "معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، ثم قال: انكحي أسامة" الحديث.
الخامس: ذكر من جاهر بالفسق أو البدعة كالمكاسين وذوي الولايات الباطلة، فيجوز ذكرهم بما يجاهرون به دون غيره، وتقدّم دليله في حديث "اذكروا الفاجر".
• السادس: التعريف بالشخص بما فيه من العيب كالأعور والأعرج والأعمش ولا يرد به نقصه وغيبته،
وجمعها ابن أبي شريف في قوله:
الذم ليس بغيبة في ستة
متظلم ومعرّف ومحذِّر
ولمظهر فسقاً ومستفت ومن
طلب الإعانة في إزلة منكر.))

خمائل الورد
2013- 4- 8, 01:56 AM
المحاضرة الثالثة عشر
الباب الخامس (الترغيب في مكارم الأخلاق)
من كتاب الجامع
يشتمل على 19 حديثا

دراسة لحديثين من الباب الخامس

باب الترغيب في مكارم الأخلاق
مبدأ التخلي والتحلي فالتخلي عن مساوئ الأخلاق والتحلي بمكارمها إشارة إلى فطنة المؤلف رحمه الله حيث رتب أحاديث البابين الرابع والخامس من كتاب الجامع وفق هذا المبدأ فقد عنون للباب الرابع بالترهيب من مساوئ الأخلاق وأورد تحته 37 حديثا تنهى عن الأخلاق القبيحة وعنون للباب الخامس بعنوان الترغيب في مكارم الأخلاق وأورد تحته 19 حديثا ترغب كلها بالاخلاق الفاضلة
الترهيب : مأخوذة من رهب أي خاف وعلى هذا فالترهيب هو التخويف
الترغيب : مأخوذة من رغب أي حرص على شيء وطمع فيه وعلى هذا فالترغيب هو التحريص على الشيء والتطميع فيه
[1] الحديث الأول
(ح6/ 1439 ، ص 273 – 274 )
عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : { الحَياءُ مِنَ الإيمَانِ} متفق عليه .
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
= الحياءُ :
• تعريفه لغة : تغيرٌ وانكسار يلحقُ الإنسان منْ خوف ما يُعابُ بهِ .
• تعريفه شرعا : خُلُقٌ يبعثُ على اجتناب القبيح، ويمنعُ من التقصير في حقِّ ذي الحقِّ .
• أقسامه :
1. حياءٌ غريزي ؛ موجود لدى الإنسان بالفطرة .
2. حياءٌ كسبي ؛ يكتسبه الإنسان بالتعلم .
قال القرطبي في (المفهم شرح مسلم ) : ” وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – قد جُمِعَ له النوعان من الحياء : الغريزيِّ والمكتسبِ , وكان في الغريزي أشدَّ حياءً من العذراءِ في خدرها ، وكان في المكتسب في الذُّرْوَةِ العليا .

بعض ما يؤخذ من الحديث :
• الحياء في الأصل فطري في المسلم لكنه يحتاج إلى التعلم والنية الخالصة ليكون على وِفْقِ الشرع .
• الحياء من الإيمان ؛ لأنه يمنع صاحبَه من ارتكاب المعاصي كما يمنعُه الإيمان ؛ فالمستحيي يقلع عن المعاصي بتأثير الحياء ؛ والمؤمن يقلع عن المعاصي بتأثير الإيمان .
حياء المسلم منقبة ، ويجلب له الخير ؛ فقد أخرج البخاري من حديث عمران بن حصين :{الحياءُ خيرٌ كلُّه ولا يأتي إلا بخير ٍ }


[2] الحديث الثاني
(ح14/ 1447 ، ص 283- 286)

عن تَميمٍ الدَّارِيِّ – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : { الدِّينُ النصيحةُ – ثلاثاً -} قلنا : لمن هي يا رسولَ الله ؟ قال :{ للهِ , ولكِتابِهِ ، ولِرسولِهِ , ولأَئِمةِ المسلمين َ وعامَّتهمْ } أخرجه مسلم .
# ترجمة الصحابي الراوي للحديث : هو أبو رُقَيَّةَ ، تميمُ بنُ أوسِ بنِ خارجةَ . نُسِبَ إلى جده (دارٍ ) ، وقيل (الديريُّ) نسبة إلى دير كان فيه قبل الإسلام ، وكان نصرانيا فأسلم سنة تسع ٍ (9هـ) ، كان عابدا كثير التهجد ؛ قام ليلة بآية حتى أصبح – وهي قوله تعالى :{ أم
حَسِبَ الذين اجترحوا السيئاتِ أنْ نجعلـَهُم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً مَحياهُم ومَماتُهُم ساءَ ما يحكمون} الجاثية : 21 –، سكن المدينة ثم انتقل منها إلى الشام ، ليس له في صحيح مسلم إلا هذا الحديث ، وليس له في صحيح البخاري شيء ، وليس في الصحيحين والموطأ داريٌّ ولا ديرِيٌّ إلا هو ( أي : تميم – رضي الله عنه - ) .
# معاني أهمِ مفردات الحديث :
= الدين : معناه لغة الطاعة ؛ والمقصود به هنا دين الإسلام .
= النصيحة : اسم مأخوذ من الفعل (نَصَحَ) بمعنى أخْلَصَ ؛ فهي كلمة جامعة معناها إرادة الخير للمنصوحِ له، وهي خلاف الغش .
= الدين النصيحة : أي : عِماد الدين وقوامُه النصيحة !
= ثلاثا : أي : قالها ثلاث مرات .
= لمن هي : أي : من يّسْتَحِقُّها .
# بعض ما يؤخذ من الحديث :
• عماد دين الإسلام وقوامه النصيحة ؛وما تكرار جملة {الدين النصيحة} ثلاث مرات إلا للتدليل على أهمية النصيحة .
• في الحديث دليل على أن النصيحة تُسمّى دينا وإسلاما ، وأن الدين يقع على العمل كما يقع على القول .
• النصيحة لله : تكون بالإيمان بوحدانية الله تعالى وتفرده في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ( وذلك بإقرار أنواع التوحيد الثلاثة واعتقادها والعمل بها ) وبطاعته سبحانه واجتناب معاصيه ، وبالحب فيه تعالى والبغض فيه ، وبموالاة من أطاعه سبحانه ومعاداة من عصاه ، وبغير ذلك مما يجبُ له سبحانه . وجميع هذه الأشياء راجعة إلى العبد في نصيحة نفسه ، والله تعالى غني عن نُصح الناصحين .
• النصيحة لكتاب الله : تكون بالإيمان بأنه كلام الله تعالى المنزل على رسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – بواسطة جبريل عليه السلام ، وبتعظيمه والاعتقاد التام بأنه الكتابُ العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , وبتحليل ما أحلَّه وتحريم ما حرَّمه , وبالتدبر لمعانيه والقيام بحقوق تلاوته , وبالاتعاظ بمواعظه والاعتبار بزواجره والاهتداء بما فيه , وبتنزيهه عن التحريف لأنه محفوظ بحفظ الله تعالى له { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } مع دفع الشُبَهِ عنه – لمن قدر على ذلك - .
• النصيحة لرسول الله – صلى الله عليه وسلم - : تكون بتصديقه بما جاء به وأنه رسول الله تعالى إلى الثقلين عامة ( الجن والإنس) وأنه خاتم الأنبياء فلا نبي بعده ، وباتـِّباعه فيما أَمَرَ بِهِ ونَهى عنهُ , وبمحبته وتعظيمِ حقـِّه وتوقيرِه واحترامِه حيَّا وميِّتا ، وبمعرفة سنته النبوية والعمل بها ونشرها والدُّعاءِ إليها والذبِّ عنها .
• النصيحة لأئمة المسلمين : تكون بإعانتهم على الحق , وطاعتِهم فيه , وبالصلاة خلفهم , وبامتثال أمرهم (ما لم يأمروا بمعصية) , وباجتناب نهيهم (ما لم ينهوا عن طاعة) , وبالوفاء بعهدهم وعـــدم
الخروج عليهــــم حتى وإن ظهر منهم بعض تقصير (ما لم يصل الأمر إلى كفر بواح), وبالجهاد معهم والقيام في وجه من نقض عهدهم وخرج عليهم .
• وإذا أريد بأئمة المسلمين العلماء : فتكون نصيحتهم بقبول أقوالِهم , وبالاقتداء بهم , وبتعظيم حقهم وحفظ فضلهم .
• النصيحة لعامة المسلمين : تكون بتعليمهم ما جهلوه ، وبإرشادهم إلى مصالحهم في دنياهم وأخراهم ، وبأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، وبرحمة صغيرهم وتوقير كبيرهم وكف الأذى عنهم , ونحو ذلك .

# فوائد :
• هذا الحديث حديث جليل ؛ ولمَّا عدَّه بعض العلماء في الأحاديث الأربعة التي تدور عليها قواعد الإسلام ؛ قال الإمام النوويُ – رحمه الله – (في شرحه لصحيح مسلم ) : ليس الأمر كما قالوه ؛ بل عليه مدار الإسلام .[ والأحاديث الأربعة تقدم ذكرها في المحاضرة الحادية عشرة – في الشريحتين :10 – 11] .
• النصيحة مفيدة للمنصوح ؛ بجلبها الخير له بتوجيه الناصحين , وهي مفيدة للناصح ؛ بجلبها الأجر والثواب له ؛ فالدال على الخيــــر كفاعله .
• النصيحة فرض كفاية ؛ يُجْزىءُ فيها من قام بها وتسقط عن الباقين
• النصيحة لازمة على قدر الطاقة البشرية ؛ إذا علم الناصح أنه يُقْبلُ نُصحُهُ ويطاعُ أمرُهُ ، وأمِنَ على نفسه المكروه ؛ فإن خشيَ أذىً فهو في حِلٍّ وسَعَةٍ , والله تعالى أعلم .
• قال الفُضَيلُ بنُ عياض – رحمه الله تعالى – مبينا فضل النصيحة : ” ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام ، وإنما أدركوا عندنا بسخاء النفس , وسلامة الصدر ، والنصحِ للأُمَّة ” .

خمائل الورد
2013- 4- 8, 01:56 AM
المحاضرة الرابعة عشر
الباب السادس من كتاب الجامع
باب (الذكر والدعاء)
يشتمل على 30 حديثا
دراسة لحديثين من الباب السادس
باب الذكر والدعاء
الذكر: مصدر ذكر وهو ما يجري على اللسان والقلب، والمراد به ذكر الله "والدعاء": مصدر دعا وهو الطلب، ويطلق على الحث على فعل الشيء، نحو دعوت فلاناً استعنته. ويقال: دعوت فلاناً سألته. ويطلق على العبادة وغيرها.
واعلم أن الدعاء ذكر الله وزيادة؛ فكل حديث في فضل الذكر يصدق عليه، وقد أمر الله تعالى عباده بدعائه فقال: {ادعوني استجب لكم} أخبرهم بأنه قريب يجيب دعاءهم فقال: {وإذ سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}.
[1] الحديث الأول
(ح3/ 1455 ، ص 294 – 296 )
عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: { ما جلس قومٌ مجلساً يذكُرونَ اللهَ إلا حفَّتهُم الملائكةُ ، وغشيتهمُ الرحمةُ ، وذكرهمُ الله فيمن عِندَهُ } أخرجه مسلم.
الصحابي الراوي للحديث : هو أبو هريرة – رضي الله عنه – .
المحدث الذي أخرج الحديث : هو الإمام مسلم – رحمه الله تعالى-.
معاني أهمِ مفردات الحديث :
= يذكرون الله : الذكرُ: مصدرُ ذَكَرَ ؛ وهو ما يجري على اللسان والقلـب ؛ والمراد بـه ذكـرُ اللـه سبحانـه بالتسبيـحِ والتحميـدِ والتهليـلِ
والتكبيرِ , وتلاوةِ القرآن الكريم , ونحوِ ذلك . والذكرُ حقيقة في ذكرِ اللسان , ويُؤجَرُ عليه الذاكر ؛ فإن انضافَ إلى الذكرِ باللسانِ الذكرُ بالقلبِ فهو أكمَلُ ؛ ولذلك فإنّ الذكرَ على ثلاثِ درجات :
الأولى : ذكرٌ يتواطأُ عليه القلب واللسان ؛ وهو أعلاها وأفضلها .
الثانيـة : ذكر بالقلب وحده .
الثالثة : ذكرٌ باللسان وحده .
حفتهم الملائكة :أي : أحاطت بهم واستدارت عليهم .
غشيتهم الرحمة : أي : غطتهم الرحمة .
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• فضيلة الاجتماع على الذكر .
• فضيلة مجالس الذكر والذاكرين ؛ ومن هذه الفضائل :
1. أن الملائكة تحضرها بعد التماسِهم لها ؛ ويؤيد هذا ما أخرجه البخاري في صحيحه :{ إن لله ملائكةً يطوفون في الطرقِ يلتمسون أهل الذكرِ؛ فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تعالى تنادَوْا هَلمّوا إلى حاجتِكُم , قال : فيحفُّونهم بأجنحتهم إلى السماءِ الدُّنْيا } الحديث .
2. أنها سببٌ في نزول رحمة الله تعالى على الذاكرين
3. أنها سببٌ في ذكر الله تعالى لعباده الذاكرين ؛ كما قال تعالى : { فاذكُروني أذكُرْكُمْ } - البقرة:152 - .
فوائد : * دلَّ القرآن الكريم على فضل الذكر ؛ فمن ذلك : الآية السابقة , وقوله تعالى : { وَلَذِكْرُ الله ِ أكْبَرُ } - العنكبوت : 45 - .
• للشارح رحمه الله تعالى كلام جميل في بيان فضـــل الذكر ؛ أورده في ( سبل السلام : مج4 ج8 ص 296 ) فَليُراجَع هناك .
• وهذه هي الجزئية التي أشار لها الدكتور في الكتاب
((وورد في الحديث ما يدل على أن الذكر أفضل الأعمال جميعها وهو ما أخرجه الترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم من حديث أبي الدرداء مرفوعاً "ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟" قالوا: بلى قال: "ذكر الله".
• ولا تعارضه أحاديث فضل الجهاد وأنه أفضل من الذكر، لأن المراد بالذكر الأفضل من الجهاد ذكر اللسان والقلب والتفكر في المعنى واستحضار عظمة الله، فهذا أفضل من الجهاد، والجهاد أفضل من الذكر باللسان فقط.وقال ابن العربي: إنه ما من عمل صالح إلا والذكر مشترط في تصحيحه فمن لم يذكر الله عند صدقته أو صيامه فليس عمله كاملاً، فصار الذكر أفضل الأعمال من هذه الحيثية، ويشير إليه حديث "نية المؤمن خير من عمله".))
• للذكرِ فوائد جليلة ! وهي كثيرة جدا ؛ منها :
• أنه يرضي الرحمن ويطرد الشيطان !
• أنه يُزيل عن القلب الهم والغم ويَجلب له الفرح والسرور !
• أنه أيسر العبادات من حيث الجهد ومن أفضلها من حيث الأجر !
• أنه يُقَوي بدن الذاكر ؛ فينجز معه ما لا ينجزه بدونه !وقد علم الرسول – صلى الله عليه وسلم – ابنته فاطمة وزوجها علياً التسبيح والتحميد والتكبير ( كلَّ واحد منها ثلاثا وثلاثين مرة) لمَّا شكت إليه ما تلقى من مشقة الطحن , والسقي , والخدمة المنزلية ، وقال : { إنه خيرٌ لكما من خادم } .
[2] الحديث الثاني
(ح18/ 1470 ، ص 311- 314)
عن شدّاد بنِ أوْسٍ – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : { سيدُ الاستغفارِ أن يقولَ العبدُ : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدُكَ ، وأنا على عهدِكَ ووعدكَ ما استطعت ُ ، أعوذُ بكَ من شرِّ ما صنعتُ أبوءُ لك بنعمتك علي ، وأبوءُ بذنبي فاغفر لي , فإنَّه لا يغفر الذنوب إلا أنتَ } أخرجه البخاري .
وتمام الحديث : { من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يُمسيَ فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يُصبحَ فهو من أهل الجنة } .
# الصحابي الراوي للحديث : هو شدّاد بنُ أوْسٍ – رضي الله عنه
معاني أهمِ مفردات الحديث :
= سيِّدُ الاستغفار : السيد هو في الأصل الرئيس الذي يُقْصَدُ إليه في الحوائج ، ويُرْجَعُ إليه في الأمور ؛ ولمَّا كان هذا الدعاء جامعا لمعاني التوبة استُعيرَ له اسم السيد ؛ ففيه الإقرار لله تعالى بالربوبية والألوهية .. .
= وأنا عبدك : جملةٌ مؤكدةٌ لقوله { أنت ربي } , ويحتملُ أنها بمعنى : وأنا عابدك .
= وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت : أي : وأنا على ما عاهدتــُك
عليه وواعدتُكَ من الإيمان بك , وإخلاص الطاعة لك بقدر استطاعتي ، ومتمسكٌ به.
وقيل إن المراد بالعهد : العهد الذي أخذه الله على عباده حيث أخرجهم أمثال الذَرِّ , وأشهدهم على أنفسهم : { ألست بربِّكم } ؛ فأقرّوا له بالربوبية , وأذعنوا له بالوحدانية .
= أعوذ بك : أي : أعتصم بك وألتجىءُ إليك .
= أبوءُ لك بنعمتك علي : أي: أعترف بها وأُقِرُّ .
= وأبوءُ بذنبي : أي أعترف به وأقر .
بعض ما يؤخذ من الحديث :
• جمع هذا الدعاء العظيم من معاني التوبة والتذلل لله سبحانه ما ليس في غيره من أحاديث التوبة والاستغفار ؛ ولذلك سماه النبي – صلى الله عليه وسلم – سيد الاستغفار .
• اشتمل هذا الحديث على إقرار العبد المؤمن بعدة أمور ؛ منها :
1. الإقرار بالربوبية لله تعالى ؛ { اللهم أنت ربي } .
2. الإقرار بالتوحيد لله تعالى ؛ { لا إله إلا أنت } .
3. الإقرار بان الله تعالى هو الخالق ؛ { خلقتني } .
4. الإقرار بالعبودية لله تعالى ؛ { وأنا عبدك } .
5. الإقرار بالالتزام بالوفاء بالعهد الذي أخذه الله تعالى على عباده بقوله تعالى : { وإذ أخذ ربُّك من بني آدم من ظهورهم ذريَتَهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين } - الأعراف : 172– ؛ { وأنا على عهدك ووعدك } .
6. الإقرار بالعجز والقصور عن الوفاء بالعهد , وعن القيام بالواجب من حقِّه تعالى ؛ { ما استطعت } .
7. يؤخذ من قوله : { أعوذ بك من شر ما صنعتُ } : الاستعاذة بالله تعالى من شر السيئات ؛ نحو: ما ورد في حديث خطبة الحاجة : { نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا } .
8. يؤخذ من قوله : { أبوءُ لك بنعمتك علي } : الاعتراف بنعمته تعالى على عباده والإقرار بها مع عدم تقيـيدها ؛ لتشمل كلَّ النعم .
9. يُؤْخذ من قوله { وأبوء بذنبي فاغفر لي } : الاعتراف بالذنب أولا ثم طلب الغفران ثانيا هو من أحسنِ الخطاب وألطفِ الاستعطاف ؛ وهو منهج أبي البشر آدم - عليه السلام - ؛ قال تعالى :{ربنا ظلمنـا
أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونَنَّ من الخاسرين } – الأعراف : 23 - .
• يؤخذ من قوله : { فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت } : حصر الغفران في الله تعالى وحده .
# فوائد :
• الدعاء : مصدر دعا ؛ وهو الطلب . ودعوت الله دعاءً : أي: ابتهلت إليه بالسؤال , ورغبت فيما عنده من الخير .
الدعاء نوعان : دعاء عبادة (أو ثناء) , ودعاء مسألة (أو طلب)
• للدعاءِ آداب ؛ وهي كثيرة ؛ منها :
1. الإخلاص لله تعالى ؛ عملا بقوله تعالى: { وادعوه مخلصين له الدين } – الأعراف : 29 - .
2. تجنب الحرام ؛ في المأكل والمشرب والملبس وغيرها.
3. الوضوء واستقبال القبلة .
4. الثناء على الله جل جلاله والصلاة على رسوله الأمين – صلى الله عليه وسلم - .
التأدب والخشوع وإظهار المسكنة والخضوع ؛عملا بقوله تعالى:
{ ادْعُوا ربَّكُم تَضَرُّعاً وخُفْيَةً } – الأعراف : 55 - .
6. السؤال بعزم ورغبة مع حضور القلب وحُسْن الرجاءِ .
7. اختيار أوقات الإجابة ، واغتنام الأحوال الشريفة كحالة السجود , ونزول الغيث .
8. الدعاء بلسان الذِّلة والافتقار لا بلسان الفصاحة والطلاقة .
وأخيرا : عدم استعجال الإجابة ؛ ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة ؛أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : { يُسْتَجابُ لأحدكم ما لم يَعْجَل ؛ يقول : دعَوْتُ فلم يُسْتَجَبْ لي } .
• إذا كان من المستحب للمؤمن الدعاء ؛ عملا بقوله تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } – غافر : 60 – فإنَّ من المستحب له أيضا اختيار أوقات إجابة الدعاء ؛ والتي منها :
1. ليلة الجمعة , ويومها , وساعتها .
2. شهر رمضان ، وليلة القدر .
3. يوم عرفة .
4. عند النداء بالصلاة , وبين الأذان والإقامة .
5. جوف الليل , ودُبُرَ الصلوات المكتوبات .
6. قال الإمام ابن القيم – رحمه الله - :“ الدعاءُ من أقوى الأسباب في دفع المكروه , وحصول المطلوب ، وهو عدو البلاء ؛ يُدافعه ويعالجه ، ويمنع نزوله ، ويرفعه إذا نزل ، أو يخففه إذا نزل ؛ وهو سلاح المؤمن .. ولكن .. الدعاء قد يتخلف أثره عن الداعي : إما لضعفه في نفسه ، بأن يكون الدعاء لا يحبه الله ؛ لما فيه من العدوان ، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وقت الدعاء , وإما لحصول مانع من الإجابة ؛ من أكل الحرام ، ورين الذنوب على القلوب , واستيلاء الغفلة والشَّهوة ” .
• قال الشارح - رحمه الله تعالى – ” واعلم أنه قد ورد من حديث أبي سعيد عند أحمد مرفوعا : إنه لا يضيع الدعاء بل لابد من إحدى خلال ثلاث :
1. إما أن يعجل الله له دعوته .
2. وإما أن يدَّخِرها له في الآخرة .
3. وإما أن يصرف عنه من السوء مثلـَها . ”
أسأل الله تعالى لنا جميعا قبول الدعاء وإصلاح الأعمال .



تمت بحمد الله

دعواتكم

روضه الجنان
2013- 4- 24, 01:12 AM
جزاكـ الله خير
وجعله ف ميزان حسناتكــ