الرفيق1
2014- 5- 8, 10:54 AM
جددت وزارة التربية والتعليم رفضها القطعي لقبول المنتسبين في الجامعات السعودية الذين تقدموا للعمل على وظيفة معلم، وهذه ليست المرة الأولى التي ترفض فيها الوزارة توظيف حاملي مؤهلات الانتساب. وعلى أثرها طالب خريجو الانتساب في عدة جامعات سعودية، وزارة التربية والتعليم بالاعتراف بشهاداتهم ومساواتهم بالطلبة المنتظمين، مشيرين إلى أنهم اجتازوا اختبارات القياس، وبالمقابل هناك طلبة منتظمون لم يستطيعوا تجاوز هذا الاختبار، مما يدل ــ من وجهة نظرهم ــ على أنهم أكفاء ولا تنقصهم المهنية، إضافة إلى ذلك انخراط الأغلبية منهم في دراسة دبلوم التربية الخاصة.
ونحن نقدر لطلابنا اجتهادهم ومثابرتهم وتمكنهم من الحصول على مؤهلات جامعية وما فوق الجامعية وهم على رأس أعمالهم، إلا أن المطالبة بوظائف وإرغام الوزارات المعنية على قبولهم ليس من حقهم، فالمؤهل شيء والوظيفة شيء آخر، وليس معنى أنك تحمل مؤهلا أن لك الحق في التنقل بين وظائف الدولة. وكلامي هذا ليس مقتصرا على خريجي الانتساب، بل أعني جميع المؤهلات التي لم تأخذ الحد والكم والوقت الكافي، ويطالب حاملوها بوظائف تمس حياة وعقول وسلوك الناس، مثل وظائف المعلمين والأطباء والقضاة.
أنا مع التربية والتعليم فيما ذهبت إليه من رفض خريجي الانتساب وعدم تمكينهم من وظيفة معلم، فقد يُقبل من يحمل مؤهلا جامعيا عن طريق الانتساب في الأعمال الإدارية والسكرتارية والمحاسبة وما في حكمها، فهذه وظائف يمكن أن يعوض فيها الموظف نقصه بالتدريب والخبرة، والخطأ فيها لا يؤدي إلى ضرر مباشر فلن يمسخ أجيالا، ولن يهدم أنفسا، ولن يشوه عقولا. أما وظيفة المعلم فلها خاصية فريدة والخطأ فيها فادح، ومهمة المعلم لا تقتصر على إلقاء معلومة فالكل يستطيع أن يفعل ذلك، بل تتعداه إلى تقويم السلوك وتهذيب الأفكار وتعزيز الانتماء وهذه مهام لا يتقنها الكثيرون وتحتاج بالفعل إلى خصائص مميزة، لذا يجب أن تكون حكرا على المبدعين الموهوبين. يجب أن نحتفي بوظيفة المعلم فهي ليست كبقية الوظائف ولكنها أخذت صبغة الوظيفة من أجل التصنيف وتحديد الأجر. إنها رسالة الأنبياء ومهمة الحكماء ووظيفة الأتقياء.
وهذا لا يعني أن الخريجين المنتسبين سيئون، وليس بالضرورة أنهم غير أكفاء، وليس بالضرورة أنهم غير جادين، ولكنهم غير مناسبين ألبتة لأن يكونوا معلمين، فهناك مهارات فردية تحتاج إليها وظيفة المعلم سبق وبينتها، إضافة إلى أن الآلية التي تلقوا بها المؤهل يشوبها كثير من الغموض والريبة، فجلهم هجروا الدراسة منذ فترة طويلة ثم عادوا إلى تلقي التعليم ولكن بعد أن أصبحوا مثقلين بالأعباء الوظيفية والعائلية والاجتماعية، فخصصوا للتعليم فضلة أوقاتهم من أجل الظفر بورقة (شهادة) يحصل عليها الطالب المنتسب في نهاية المدة تسمح له بأن ينتفع بها، ونحن لا ننكر عليه ذلك، فله كامل الحق في الإفادة واستثمار مؤهله ولكن ليس في المهن الأساسية ومنها التعليم.
إذا أردنا أن نحل مشكلاتنا، فعلينا أن نكون عقلانيين ولنبتعد قليلا عن العاطفة. بالله عليكم ماذا سيقدم الخريج المنتسب للطلاب في المدارس إذا كان لا يعرف شكل قاعة الدرس، فهو لم يدخلها إلا لأداء الامتحان وقد يؤديه عن بعد وهو في مكتبه أو مستلقيا على أريكته؟ ماذا سيقدم الخريج المنتسب للبيئة المدرسية إذا كان لم يتعرف على قيمها ويتشرب أخلاقياتها ولم يتشبع بثقافتها؟ ماذا ترون سيقدم الخريج المنتسب للطلاب إذا كان لا يعرف من التعليم إلا أن يأتي في بداية العام إلى الجامعات ــ التي تقدم هذه الخدمة ــ ويجمع ما تيسر له من اختبارات سابقة ثم يعود إلى مدينته في أقصى الشمال أو في الجنوب، وفي نهاية الفصل يضع فضلة ما في ذهنه من فتات المعلومات في ورقة الإجابة؟ ما السلوك التربوي الذي اكتسبه؟ وما المدرسة التربوية التي ينتمي إليها؟ وما القدوات التي ثبتت في ذهنه؟ فهو لم يتتلمذ على أيدي أساتذة، بل يتحين الفرصة لكسب الدرجات من أي مكان وبأي طريقة. الوضع ليس وضع وظيفة بل ما بعد الوظيفة وما قد يسببه غير المؤهلين من كوارث تهدم أجيالا.
لا نريد أن نصنع كذبة ثم نصدقها، فنحن نعلم أن الجامعات التي تقدم خدمة الانتساب للمواطنين تقدمها لموظف في إحدى الوزارات يحتاج إلى مؤهل جامعي من أجل الترقية، أو ربة بيت يصعب عليها الانتظام والاحتكاك بالبيئة الجامعية، فتقدم بعض مؤسسات التعليم العالي خدمة التعليم عن طريق الانتساب لها، وهذه من الوظائف الأساسية للجامعات التي يطلق عليها وظيفة خدمة المجتمع. ولكل من حصل على مؤهل جامعي عن طريق الانتساب الحق في التنقل من عمل إلى آخر ومن بيئة إلى أخرى ويمكنهم أيضا (المنتسبون) هجر وظائفهم والاستفادة من المؤهل الجديد في القطاعات المختلفة، إلا أن هناك وظائف يفترض ألا يسمح لهم بمزاولتها، وفي مقدمتها الوظائف التعليمية.
وأنا هنا لا أنتقص منهم، وأنا متأكد أن التربية والتعليم ليست أيضا ضدهم ولكن المنطق يقول هذا، والعقل يقول هذا، وذوو الألباب يقولون هذا، فعلينا ألا نجاريهم في دعواهم ونتبنى وجهة نظرهم، وأنا لا أقول ذلك من فراغ، فأنا على مقربة مما يحدث في برامج الانتساب في الجامعات. كما ينبغي علينا ألا نحمل التربية والتعليم أكثر مما تحتمل ولندعها تدير برامجها بالطريقة التي تراها، وألا نملي عليها ما نريد فنحدد لها معلميها وموظفيها ونزج بها في معالجة مشكلات البطالة، مما سيؤدي حتما إلى ولوج غير المؤهلين إلى مدارسها، ثم بعد ذلك ننتقد مخرجاتها.
ونحن نقدر لطلابنا اجتهادهم ومثابرتهم وتمكنهم من الحصول على مؤهلات جامعية وما فوق الجامعية وهم على رأس أعمالهم، إلا أن المطالبة بوظائف وإرغام الوزارات المعنية على قبولهم ليس من حقهم، فالمؤهل شيء والوظيفة شيء آخر، وليس معنى أنك تحمل مؤهلا أن لك الحق في التنقل بين وظائف الدولة. وكلامي هذا ليس مقتصرا على خريجي الانتساب، بل أعني جميع المؤهلات التي لم تأخذ الحد والكم والوقت الكافي، ويطالب حاملوها بوظائف تمس حياة وعقول وسلوك الناس، مثل وظائف المعلمين والأطباء والقضاة.
أنا مع التربية والتعليم فيما ذهبت إليه من رفض خريجي الانتساب وعدم تمكينهم من وظيفة معلم، فقد يُقبل من يحمل مؤهلا جامعيا عن طريق الانتساب في الأعمال الإدارية والسكرتارية والمحاسبة وما في حكمها، فهذه وظائف يمكن أن يعوض فيها الموظف نقصه بالتدريب والخبرة، والخطأ فيها لا يؤدي إلى ضرر مباشر فلن يمسخ أجيالا، ولن يهدم أنفسا، ولن يشوه عقولا. أما وظيفة المعلم فلها خاصية فريدة والخطأ فيها فادح، ومهمة المعلم لا تقتصر على إلقاء معلومة فالكل يستطيع أن يفعل ذلك، بل تتعداه إلى تقويم السلوك وتهذيب الأفكار وتعزيز الانتماء وهذه مهام لا يتقنها الكثيرون وتحتاج بالفعل إلى خصائص مميزة، لذا يجب أن تكون حكرا على المبدعين الموهوبين. يجب أن نحتفي بوظيفة المعلم فهي ليست كبقية الوظائف ولكنها أخذت صبغة الوظيفة من أجل التصنيف وتحديد الأجر. إنها رسالة الأنبياء ومهمة الحكماء ووظيفة الأتقياء.
وهذا لا يعني أن الخريجين المنتسبين سيئون، وليس بالضرورة أنهم غير أكفاء، وليس بالضرورة أنهم غير جادين، ولكنهم غير مناسبين ألبتة لأن يكونوا معلمين، فهناك مهارات فردية تحتاج إليها وظيفة المعلم سبق وبينتها، إضافة إلى أن الآلية التي تلقوا بها المؤهل يشوبها كثير من الغموض والريبة، فجلهم هجروا الدراسة منذ فترة طويلة ثم عادوا إلى تلقي التعليم ولكن بعد أن أصبحوا مثقلين بالأعباء الوظيفية والعائلية والاجتماعية، فخصصوا للتعليم فضلة أوقاتهم من أجل الظفر بورقة (شهادة) يحصل عليها الطالب المنتسب في نهاية المدة تسمح له بأن ينتفع بها، ونحن لا ننكر عليه ذلك، فله كامل الحق في الإفادة واستثمار مؤهله ولكن ليس في المهن الأساسية ومنها التعليم.
إذا أردنا أن نحل مشكلاتنا، فعلينا أن نكون عقلانيين ولنبتعد قليلا عن العاطفة. بالله عليكم ماذا سيقدم الخريج المنتسب للطلاب في المدارس إذا كان لا يعرف شكل قاعة الدرس، فهو لم يدخلها إلا لأداء الامتحان وقد يؤديه عن بعد وهو في مكتبه أو مستلقيا على أريكته؟ ماذا سيقدم الخريج المنتسب للبيئة المدرسية إذا كان لم يتعرف على قيمها ويتشرب أخلاقياتها ولم يتشبع بثقافتها؟ ماذا ترون سيقدم الخريج المنتسب للطلاب إذا كان لا يعرف من التعليم إلا أن يأتي في بداية العام إلى الجامعات ــ التي تقدم هذه الخدمة ــ ويجمع ما تيسر له من اختبارات سابقة ثم يعود إلى مدينته في أقصى الشمال أو في الجنوب، وفي نهاية الفصل يضع فضلة ما في ذهنه من فتات المعلومات في ورقة الإجابة؟ ما السلوك التربوي الذي اكتسبه؟ وما المدرسة التربوية التي ينتمي إليها؟ وما القدوات التي ثبتت في ذهنه؟ فهو لم يتتلمذ على أيدي أساتذة، بل يتحين الفرصة لكسب الدرجات من أي مكان وبأي طريقة. الوضع ليس وضع وظيفة بل ما بعد الوظيفة وما قد يسببه غير المؤهلين من كوارث تهدم أجيالا.
لا نريد أن نصنع كذبة ثم نصدقها، فنحن نعلم أن الجامعات التي تقدم خدمة الانتساب للمواطنين تقدمها لموظف في إحدى الوزارات يحتاج إلى مؤهل جامعي من أجل الترقية، أو ربة بيت يصعب عليها الانتظام والاحتكاك بالبيئة الجامعية، فتقدم بعض مؤسسات التعليم العالي خدمة التعليم عن طريق الانتساب لها، وهذه من الوظائف الأساسية للجامعات التي يطلق عليها وظيفة خدمة المجتمع. ولكل من حصل على مؤهل جامعي عن طريق الانتساب الحق في التنقل من عمل إلى آخر ومن بيئة إلى أخرى ويمكنهم أيضا (المنتسبون) هجر وظائفهم والاستفادة من المؤهل الجديد في القطاعات المختلفة، إلا أن هناك وظائف يفترض ألا يسمح لهم بمزاولتها، وفي مقدمتها الوظائف التعليمية.
وأنا هنا لا أنتقص منهم، وأنا متأكد أن التربية والتعليم ليست أيضا ضدهم ولكن المنطق يقول هذا، والعقل يقول هذا، وذوو الألباب يقولون هذا، فعلينا ألا نجاريهم في دعواهم ونتبنى وجهة نظرهم، وأنا لا أقول ذلك من فراغ، فأنا على مقربة مما يحدث في برامج الانتساب في الجامعات. كما ينبغي علينا ألا نحمل التربية والتعليم أكثر مما تحتمل ولندعها تدير برامجها بالطريقة التي تراها، وألا نملي عليها ما نريد فنحدد لها معلميها وموظفيها ونزج بها في معالجة مشكلات البطالة، مما سيؤدي حتما إلى ولوج غير المؤهلين إلى مدارسها، ثم بعد ذلك ننتقد مخرجاتها.