مشاهدة النسخة كاملة : المستوى الخامس استذكار جماعي لمقرر اللسانيات (مقرر مقالية )
إيثاار
2014- 11- 13, 06:36 PM
مساءاتكم بداية نشق بها طريقاً لِـ (A+)
في هذه المادة المقالية
بإذن الله سأفتحها غداً
كونوا بالقُرب
لنتساعد ونمضي سأدون حصيلتي وإن رأيتم مالا أرى فأنتم دواعم
وبكم بعد الله المدد
http://im72.gulfup.com/WCrS8F.gif
إيثاار
2014- 11- 14, 01:21 PM
السلام عليكم والرحمةُ والإكرام
المحاضرةُ الأولى
في هذه المحاضرة هي تعريف للغة ومفاهيمها وتحليل كل تعريف للعلماء على حدة
اللغة لغة : مأخوذة من لغو.
وأتت في القرآن بعدة معانٍ:
قال تعالى:( وإذا مروا باللغو مروا كراما)الفرقان: 25 . اللغو هنا معناه: الباطل.
وقال تعالى:( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه)فصلت: 41 . أي: قولوا فيه كلاما غير مفيد.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من قال لصاحبه يوم الجمعة صه فقد لغا) أي: خاب وخسر.
وقال أحد العلماء:( الهمز لم يكن مستخدما في لغة قريش، وإنما هو لغة تميم). واللغة هنا بمعنى اللهجة.
- الواقع أن كلمة ( لغة) لم تستخدم في القرآن الكريم لتدل على معناها المعروف في أيامنا هذه، بل عوِض عنها بكلمة ( لسان)
فقال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) إبراهيم: 14 . أي: بلغتهم.
أما اللغة اصطلاحا :
فإن محاولة تعريفها ليست بالأمر الهين؟؟، ذلك أنها ظاهرة شديدة التعقيد، وقد اختلف العلماء في هذا الأمر اختلافا كبيرا سببه طبيعة
اللغة.
هُنا يجب التركيز أن لكل تعريف تحليل لهذا التعريف
ومن أشهر تعريفات اللغة قديما وحديثا ما يلي:
الأول : لأبي الفتح عثمان بن جنِي
يقول:” أما حدها فهي أصوات يعبر بها كلّ قوم عن أغراضهم”. وعند تحليل هذا التعريف نجد ما يلي:
1- أنه لم يعرف اللغة، بل عرف الكلام، بدليل أنه قال: إنها أصوات، والصوت مظهر فيزيائي خارجي للغة.
2- أنّ للغة وظيفة تؤديها، هي الاتصال.
3- أنّ لكلّ قوم لغة خاصة بهم.
4- أنّ اللغة ظاهرة اجتماعية، وليست فردية.
لكي لا أنسى (دققوا واربطو بالتعريف
كلمة صوت دلت على الكلام
يعبر ~أذاً وظيفة
قوم ~ظاهرة إجتماعية
كل قوم ~لغة خاصة
الثاني : تعريف ابن خلدون
يقول:”اللغة عبارة المتكلِّم عن المقصود”
تحليل:
في كلمة (عبارة) إشارة إلى الجانب الوظيفي للغة، فهي وسيلة لإيصال ما يقصد المتكلم.
الثالث :دي سوسير
يقول: هي نظام من الإشارات اللسانية المفارقة”.
تحليل :
- النظام : هو مجموعة من القواعد التي تضبِط سير عمل معين.
- الإشارات اللسانية : تعني (الدال، والمدلول).
:mh318:للربط (تذكروا الإشارات ووظيفتها)
الدال: هو تسلسل من الحروف يساوي كلمة مثل (شجرة) التي تساوي تسلسل الحروف التالية: الشين والجيم والراء والتاء
المربوطة، وهي صورة صوتية سمعية.
المدلول: هو الفكرة التي تنقش في الذهن عند سماع الكلمة.
أما الشيء الموجود في الواقع (الشجرة) فيسمى مرجعا
ملاحظة : العلاقة بين الدال والمدلول علاقة اعتباطية: ؟؟:139:
أي ليس هناك أسباب منطقية دعت إلى إطلاق دال معين ليدل على مدلول معين.
حيث عادة ما نجد هذه العلاقة المنطقية في الرمز، فنتخذ صورة الميزان رمزا للعدل، والأسد رمزا للقوة. ولا يمكن أن نتخذ
صورة الأرنب رمزا للقوة، لأن المنطق يرفض ذلك. وهذه العلاقة المنطقية بين صورة الأسد والقوة لا تتوفر بين الدال والمدلول؛
لذلك سميت العلاقة بينهما اعتباطية. والدليل على هذه الاعتباطية أن أهل كل لغة اختاروا دالا مختلفا عما اختاره أهل لغة أخرى في
الدلالة على المدلول نفسه.
.tree فتسلسل الحروف (الدال) للمدلول (شجرة) في الإنجليزية مكون من حروف كلمة
- نظام من الإشارات المفارِقة: ؟؟أي المغايرة لأنّ كل عنصر لغوي يحمل قيمة تضادية خلافية مع الآخر. مثال ذلك ( نام ) و( عام ).
فالعنصر (ع) يحمل في ذاته قيمة خلافية مع العنصر (ن) فهو يحتفظ بالفرق في المعنى بين كلمتين؛ أي أن لكل عنصر لغوي من
الإشارات اللسانية خصوصية تمكِّنه من تغيير المعنى إذا استبدل بعنصر آخر من تسلسل الأصوات التي تشكِّل دالا معينا.
الرابع: هومبولت
يقول:”اللغة جهاز عضوي حيوي يصوغ الفكر”.
تحليل :
1- معنى أنه جهاز حيوي، أي جهاز متطور وكائن حي.
2- يصوغ الفكر: أن هناك علاقة وطيدة (متينة) بين الفكر واللغة، فكل منهما يؤثر في الآخر.
~الربط نقطتين بكلمتين
1-حيوي
2-صياغة فكر
الخامس: سابير.
يقول:” اللغة ظاهرة إنسانية وغير غريزية، لتوصيل العواطف والأفكار والرغبات، بواسطة نظام من الرموز الصوتية الاصطلاحية”.
تحليل:
1- اللغة مكتسبة؛ أي أنها لا تولَد مع الإنسان، بل يكتسبها بعد الولادة.
2- اللغة نظام.
3- هي خاصة بالإنسان فقط.
4- رموز صوتية مصطلح عليها؛ أي اتفق عليها أبناء مجتمع بعينه.
الربط ~ما لون بالأخضر 4 كلمات يقابلها 4نقاط
السادس: تشومسكي.
يقول:” اللغة ملَكَة فطرِية عند المتكلمين بلغة ما، لتكوين وفهم جمل نحوية”.
تحليل:
1- الإنسان مزود بقدرة لغوية فطرية (غير مكتسبة)، تمكّنه من استخدام لغة معينة.
2- الجمل- وليست المفردات- هي محور نشاط الاتصال الإنساني أداءً وفهما.
3- اللغة وسيلة لفهم طبيعة الفعل الإنساني.
للربط 3 كلمات ملونة بالبرتقالي يقابلها 3 نقاط
إيثاار
2014- 11- 14, 07:14 PM
نسيت هذه النقطة في المُحاضرة الأولى
التعريفات السابقة تتفق فيما بينها حول بعض الحقائق الأساسية عن ماهية اللغة، ومنها:
١- اللغة نظام.
٢- للغة وظيفة اجتماعية، هي الاتصال والتعبير.
٣- اللغة أصوات إرادية.
وهذه الحقائق تصدق على لغات الأرض كلها، قديما وحديثا، ولا تخص لغة بعينها، كالعربية أو الإنجليزية. وإنما اللغة من
حيث كونها ظاهرة إنسانية عامة، فاللغة بهذا المعنى هي موضوع الدرس اللغوي اللساني.
إيثاار
2014- 11- 14, 09:17 PM
المحاضرة الثانية
نشأة اللغة
وهي من أكثر الموضوعات اللغوية إثارة للخلاف بين العلماء والدارسين قديما وحديثا،؟؟ وقد كان لعلماء العربية صولات وجولات
حاولوا من خلالها الوصول إلى تفسير مقنع لنشأة اللغة، لكن كل ما جاءوا به هم ومن أتى بعدهم من المحدثين لا يعدو أن يكون
فرضيات حاولت التفسير، بيد أن أي أنها منها في نهاية المطاف لم يصل إلى درجة اليقين والحقيقة المطلقة، والسبب ؟؟أن مسالة نشأة اللغة
أمر ضارب في أعماق التاريخ، يعود إلى بدايات الخليقة التي شهدت نشوء المجتمعات البشرية. ونتعرض هنا لأبرز النظريات التي فسرتها :
النظرية الأولى : الوحي والإلهام .. أو ما يسمى بالتوقيف كما يقول ابن فارس. ويتلخص ما جاءت به في أن الله سبحانه وتعالى لما
خلق الأشياء أَلْهم آدم عليه السلام أن يضع لها أسماء فوصعها، وقد استند أصحاب نظرية الإلهام إلى أدلة نقلية منها قوله تعالى:
( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة). فقال ابن عباس: أي علمه الأسماء كلها، وهي الأسماء التي يتعارفها الناس، من
دابة وأرض وسهل وجبل وحمار وأشباهها من الأمم وغيرها.
- فاللغة في نظر هؤلاء العلماء بمفهومها المعقد ليست من صنع الإنسان، وإنما هي من صنع الله سبحانه، وقد أوقف الإنسان الأول
عليها، أي ألهمه إياها.
- وقد دافع ابن فارس عن هذه النظرية بالقول بعدم تجدد اللغة، وأن للغة قياسا لا تشذ عنه، فليس لأحد أن يحدث فيها ما ليس
منها أو على نظامها.
- وقد شارك غير العرب في اتباع نظرية الإلهام من فلاسفة اليونان وأحبار اليهود، ومن قبيل التعصب الديني أو العرقي حاول كل
فريق اعتبار اللغة الأولى التي ألهمها الله عز وجل لآدم عليه السلام لغة قومه أو معتقده الديني، فابن فارس جعل اللغة الأولى هي
العربية، بينما رأى أحبار اليهود أنها العبرية، وهلم جرا.
- وقد رد بعض العلماء على أصحاب هذه النظرية بكون الآية ليست دليلا على صواب مذهبهم؛ لأنه من المحتمل أن يكون
المقصود من (علم) هو (أقدره على ذلك) والدليل إذا دخله الاحتمال سقط به الاستدلال.
النظرية الثانية : المواضعة والاصطلاح .. ومن المتشجعين لهذه النظرية العالم العربي ابن جني الذي يقول:( إن أصل اللغة لا بد فيه من
المواضعة، وذلك كأن يجتمع حكيمان أو ثلاثة فصاعدا، فيحتاجون إلى الإبانة عن الأشياء، فيضعوا لكل منها سمة، ولفظا يدل عليه،
ويغني عن إحضاره أما البصر).
- يرى أصحاب هذه النظرية أن الإنسان هو مصدر اللغة ومبدعها؟؟؟، لأن الحاجة هي التي دعته لأن يسمي الأشياء ويتواضع على
ذلك مع إخوانه. واستدلوا بأدلة منها:
1- أن العلاقة بين اللفظ والمعنى علاقة عرفية، لا تخضع لمنطق أوعقل.
2- أن معظم اللغات فيها مفردات من نوع (المشترك اللفظي) وهو أن تدل الكلمة الواحدة على أكثر من معنى، وكذلك
(الترادف) الذي يعني أن تجتمع أكثر من كلمة على معنى واحد.
- ومن الانتقادات التي وجِهت لهذه النظرية ؟؟أن ما تقرره يتعارض مع النواميس العامة التي تسير عليها النظم الاجتماعية، فهي نظم
لا ترتجل ارتجالا، ولا تخلق خلقا، بل تتكون بالتدريج من تلقاء نفسها، كما أن التواضع على التسمية يتوقف في كثير من مظاهره
على لغة صوتية يتفاهم بها المتواضعون، فكيف نشأت هذه اللغة الصوتية إذن؟ :g2:وهكذا يكون ما يجعله أصحاب هذه النظرية منشأ
للغة يتوقف هو نفسه على وجودها من قبل.
النظرية الثالثة : التقليد والمحاكاة ..
وخلاصتها أن الإنسان سمى الأشياء بأسماء مقتبسة من أصواتا، بمعنى أن تكون أصوات الكلمة
تقليدا مباشرا لأصوات الطبيعة الصادرة عن الحيوانات والجمادات أو الإنسان نفسه، وقد تحمس لهذا الرأي ابن جني نفسه فقال:
( وذهب بعضهم إلى أن أصل اللغات كلها إنما هو من الأصوات المسموعة، كدوي الريح، وحنين الرعد، وخرير الماء...الخ ثم
ولدت اللغات من ذلك فيما بعد). والطريقة أن الإنسان سمع هذه الأصوات، ثم رددها بلسانه، وصنع منها ألفاظا تشبه في جرسها
الأصوات الطبيعية وتدل عليها. ثم خطا في هذا الاتجاه خطوة أخرى، فحمل الألفاظ المحسوسة معاني مجردة فكانت اللغة.
- دافع عن هذه النظرية العالم الألماني (هردر). ومما قد يؤيدها ما نجده في بعض الأحيان من اشتراك في بعض الأصوات في الكلمات
وفي (whisper) التي تحاكي الطبيعة في عدة لغات؛ فإن الكلمة التي تدل على الهمس في العربية هي كلمة(همس) وفي الإنجليزية
وفي العبرية (صفصف) وفي الحبشية (فاصى) وفي التركية (سوسمك). فالعامل المشترك بين هذه اللغات جميعها (flustern) الألمانية
في تلك الكلمات هو صوت الصفير: السين أو الصاد، وهو الصوت المميز لعملية الهمس في الطبيعة.
- لكن اشتراك اللغات في الكلمات المحاكية للطبيعة على هذا النحو أمر نادر، فعلى الرغم من أن الديك في بلاد العرب وبلاد الألمان
يصيح بطريقة واحدة، إلا أننا نحاكيه بقولنا: كوكوكو، ويحاكونه بقولهم: كيكيركى.
-ومما يؤخذ على هذه النظرية أنها تحصر أساس نشأة اللغة في الملاحظة المبنية على الإحساس بما يحدث في البيئة، وتتجاهل الحاجة
الطبيعية الماسة إلى التخاطب والتفاهم والتعبير عما يجول في النفس، تلك الحاجة التي هي من أهم الدوافع إلى نشأة اللغة الإنسانية.
- كما أن النظرية لم تبين لنا كيف نشأت الكلمات الكثيرة في اللغات المختلفة؟ ولا نرى فيها محاكات لأصوات المسميات، لا
سيما في أصوات المعاني، كالحب والكره والكرم...الخ.
النظرية الرابعة : الأصوات الإنفعالية .. وتسمى أيضا بنظرية التنفيس عن النفس، وتشير إلى أن مرحلة الألفاظ قد سبقتها مرحلة
الأصوات الساذجة التلقائية التي صدرت عن الإنسان للتعبير عن ألمه وسروره، أو رضاه أو نفوره، فهذه الأصوات الساذجة تطورت
عبر الزمن حتى صارت ألفاظا.
- إذن هذه الأصوات التي هي في الأصل ردة فعل تعبيرا عن ألم أو غضب أو حاجة إلى مساعدة، أخذت تتحول تدريجيا إلى رموز
معبرة متعارف عليها لدى مجموعة بشرية تحتك ببعضها. ومن أشهر رواد هذه النظرية دارون لأنها تتناسب مع نظريته في تطور
الإنسان.
- وتمتاز هذه النظرية عن سابقتها بأنها تعزو نشأة اللغة إلى أمر ذاتي أي أنها تعتد بالشعور الوجداني للإنسان، وبالحاجة إلى التعبير
عما يجيش في صدر الإنسان من انفعالات وأحاسيس، فهذه النظرية تشرح لنا منشأ بعض الكلمات التي تعجز عنها النظرية السابقة.
- ومع هذا فإنها نظرية غامضة وقاصرة، ويأتي غموضها من كونها لا تشرح لنا السر في أن تلك الأصوات الساذجة الانفعالية
تحولت إلى أصوات وألفاظ مقطعية. أما نقصها فلأنها لا تبين منشأ الكلمات الكثيرة التي لا يمكن ردها إلى الأصوات انفعالية.
النظرية الخامسة : الاجتماعية .. يرى أصحابها أن النطق الإنساني بدأ في صورة جماعية، وذلك بصدوره عن مجموعة من الناس في
أثناء قيامهم بعمل ما تعاونوا على أدائه، فالإنسان يشعر بالراحة أثناء قيامه بعمل شاق إذا تنفّس أو تنهد بقوة وعنف، وكرر هذا
عدة مرات، فهو يخرِج من رئتيه قدرا من الهواء ويستريح لهذه العملية العضلية. وخروج الهواء بقوة يجعله يحتك بأعضاء النطق
فيصدر صوتا.
وهذه النظرية تربط بين نشأة اللغة وتكون المجتمع الإنساني، وخير مثال عليها، الأصوات التي يصدرها الرجال الذين يعملون في
البحر كقولهم: هيلا هبا.
وهذه النظرية فيها قدر كبير من الخيال.
الأخطاء المنهجية التي وقعت بها هذه النظريات:
1- أن هذه النظريات على تعددها لم تحاول أن تفسر لنا إلا ناحية واحدة من نواحي اللغة، وهي عملية إطلاق الألفاظ على
المسميات، في حين أن اللغة ليست مجرد ألفاظ، فمعرفتك بمعاني الألفاظ للغة ما، لا يعني أنك قادر على صوغ جملة واحدة صحيحة
في مقاييس هذه اللغة.
2- شغلت هذه النظريات بمصدر اللغة أكثر من عملية النشأة، فكان محور هذه النظريات هو الإجابة على السؤال الذي يقول: هل
مصدر اللغة هو الله سبحانه؟ أم الإنسان؟ أم الطبيعة؟
3- اعتمد الباحثون في استدلالام على التخيل والحدس والتخمين والافتراض النظري، فلم يتعرضوا لدراسة هذا الموضوع بشكل
علمي.
أخيرا : قررت الجمعية اللغوية بباريس عام 1878 منع تقديم أبحاث في موضوع نشأة اللغة؛ لأن البحث فيه لا يفضي إلى نتائج
مفيدة، فاضطر العلماء إلى طي المسألة برمتها، وانصرفوا إلى البحث في مسائل اللغة الأخرى المفيدة.
برأيي لم اقتنع إلا بالأولى
في حين أن المقرر برمته لم أحبذ دراسته ~ وأعلم أنه مع نفسي :tongue:
بنت السعوديه %
2014- 11- 15, 08:41 AM
جزاك الله خير
ما قصرتي ياإيثار
:(315):
إيثاار
2014- 11- 15, 06:23 PM
وجزيتِ الجنة يارفيقة :icon19:
المحاضرة الثالثة
خصائص اللغة :
للغة مجموعة من الخصائص، نسردها على النحو الآتي :
أولا : أنها علامات وإشارات ..
والعلامة هي نتاج ارتباط الدال بالمدلول، فهي ليست لفظا مجردا عن المعنى، بل هي لفظ يفهم منه معنى
عند إطلاقه، فلا يمكن الفصل بينهما،
والعلامات أنواع:
1- العلامات المعجمية: وهي التي يحملها جذر لغوي معين، مثل كلمة ( حجر ) أو ( تراب ).
2- العلامات القواعدية: وهي المتعلقة بعلم القواعد، المتمثل في النحو والصرف، مثل: أداة التعريف، تاء التأنيث، وغيرها.
والكلمة أحيانا تحمل العلامتين في آن معا مثل: كلمة (ساهر) ففيها المعنى المعجمي المأخوذ من الجذر (س ه ر) ويعني المكوث
يقظا بعد موعد النوم. وفيها صيغة اسم الفاعل التي تدل على من قام بالفعل المأخوذ من المعنى المعجمي.
والحقيقة أن العلامات القواعدية محصورة، ندرسها في علمي النحو والصرف، بينما يصعب حصر العلامات المعجمية؟؟؛ لأنها غير
محددة العدد.
وكل علامة من هذه العلامات تحمل معنى بسيطا لا يمكن تقسيمه، وتسمى العلامة في هذه الحال بالمورفيم، وهو ما سندرسه في
المستوى الثاني من مستويات الدرس اللساني، وهو المستوى الصرفي.
ثانيا : الاعتباطية ..
سبق أن تعرضنا لهذا المفهوم، عند حديثنا عن تعريف دي سوسير للغة. وزيادة في التوضيح نقول إننا إذا نظرنا
في أصوات كلمة(ضرب) في اللغة العربية، وتأملنا في سبب اختيار العرب لهذه الأصوات بالذات للتعبير عن معنى الضرب، فلن نجد
علّة منطقية من قريب أو بعيد تفسر هذا الاختيار، فكان بإمكانهم أن يستعملوا (ربض) أو أي لفظ آخر للدلالة على هذا المعنى.
يقول الجرجاني( فلو أن واضع اللغة كان قد قال (ربض) لما كان في ذلك ما يؤدي إلى فساد). فلو كان في اللفظ ما يدل على
معناه، أو في المعنى ما يقتضي أن يعبر عنه بلفظ معين، لما اختلفت اللغات، وهكذا يمكن أن نستنتج أن اختيار الدال لمدلول معين إنما
هو عمل اعتباطي عشوائي لا يخضع لمنطق. وفي هذا تخالف اللغة الرموز المعبرة، كإشارة السيف التي تدل على معنى القوة.
ثالثا : نظام ..
كان اللغويون قبل دي سوسير ينظرون إلى اللغة على أنها مجموعة من الأصوات، والأصوات عناصر مادية يمكن
سماعها ونطقها، وتتسم بخصائص فيزيائية مميزة. وهذا التعريف للغة شبيه بمن يعرف البيت بأنه أكوام من الرمال والإسمنت والطين
والخشب والزجاج، دون الالتفات إلى هيئة الرصف والترتيب. فاللغة العربية ليست أصواتها، بل الطرائق
التي ترصف بها هذه الأصوات، لتكوين كلمات وجملا مختلفة، وفقا لأغراض المتكلم وحاجاته. وهذه الطرائق هي جانب ذهني
داخلي مكانه العقل، وما الأصوات إلا مظهر من مظاهره.
رابعا : القابلية للتجزئة ..
ذكرنا فيما سلف أن اللغة علامات معجمية وقواعدية، يقوم المتكلم بترتيبها على صورة ما ليعبر عن معنى
معين، ومعنى قابلية التجزئة أن المتكلم نفسه يستطيع أن يقوم بتجزئة وتفكيك هذه العلامات وإعادة تركيبها في صور مختلفة للتعبير
عن معنى مغاير، كما يفعل الطفل بألعاب الفك إذ يرسم
أشكالا جديدة مختلفة من خلال أعادة الفك والتركيب.
خامسا: الإنتاجية ..
من أهم الخصائص التي تميز اللغة البشرية عن لغات الحيوان ما يعرف بالإنتاجية، وتعني أن المتكلمين يستطيعون
أن ينطقوا تركيبات لم يسبق لهم أن سمعوها من قبل، ويعود هذا الأمر إلى الوضع السابق للغة، وجزئيا إلى استعمال المتكلم؛ أي أن
ما تعارف عليه أهل اللغة يقتصر فقط على وضع المفردات والأنماط والمناويل التركيبية، دون القولات التي يستخدمها المتكلمون
فالمتكلمون غير مقيدين في كلامهم بما قيل سابقا؛ أي ليس عليهم أن يحفظوا كل الجمل التي قيلت قبلهم كي يصدق عليهم أنهم
يتكلمون العربية، فالمتكلم يلتزم بالمفردات ليشكل منها ما يشاء
من الجمل التي ربما تكون جديدة لم تنطق من قبل.
وقد اهتم بهذه الخصيصة النحاة التحويليون بزعامة تشومسكي، وأسسوا نظريتهم استنادا إليها، ولذلك وجدنا تشومسكي فيما
سلف يعرف اللغة على أنها مجموعة من الجمل غير المحدودة العدد. والحقيقة أن الإنتاجية لا تتوقف عند حدود قدرة الفرد المتكلم
للغة ما على أن يؤلف جملا جديدة لم يسمعها من قبل، بل تسلط الضوء أيضا على قدرة الفرد على فهم جمل لم يسمعها من قبل.
وظائف اللغة :
لا نكون مبالغين إذا قلنا إن الوظيفة الأساسية للغة هي (التعبير)، أو كما يسميها علماء اللغة المحدثون (التوصيل) وقد كان هذا
الأمر واضحا في تعريف ابن جني للغة عندما قال:( أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم) فقد نص على ذلك بقوله (يعبر).
فاللغة وسيلة التواصل بين بني الإنسان، وتكمن أهمية هذه الوظيفة في أن الإنسان كائن اجتماعي، يعيش في جماعات، ولا بد لأبناء
المجتمع الواحد من التواصل لتسيير شؤون حياتهم.
ولكن بعض العلماء رفض أن تقتصر وظيفة اللغة على التوصيل، ومن هؤلاء الدكتور السعران، الذي يرى أن اللغة تقوم بأدوار أهم
وأخطر من التعبير والتوصيل ، ومن هذه الأدوار حسب رأيه :
1- الكلام الانفرادي (المنولوج) كالقراءة بصوت عال، وتدوين بعض الملاحظات التي لا يريد الكاتب ا إلا نفسه، وتحديث
الإنسان نفسه.
2- استعمال اللغة في السلوك الجماعي، كالصلاة والدعاء وغيرها.
3- استعمال اللغة في المخاطبات الاجتماعية التي لا تستهدف غاية مثل: لغة التحيات، ولغة التأدب، والكلام عن حالة الجو.
4- استعمال اللغة أحيانا لإخفاء أفكار المتكلم، كما هو الحال في لغة السياسة.
والواقع أن كل ما ذكره الدكتور السعران لا يخرج عن إطار التوصيل والتعبير في مجمله. والحقيقة أنه إذا ما كان للغة وظيفة غير
التوصيل فهي تكمن في كونها أداة التفكير، فالإنسان إذا ما فكر استخدم اللغة، والدليل
يأتي عبر التجربة، فأي واحد منا إذا ما فكر صاغ تفكير على شكل لغة لا ينطقها.
كما أن اللغة هي وعاء الفكر والحضارة، فالإنسان منذ القدم كان يختزن ما لديه من فكر وحضارة في اللغة بمستوييها المنقول
بالتواتر (شفاهة) أو المكتوب على شكل حروف أو نقوش.
وقد لعبت اللغة دورا أساسيا في الدعوة المحمدية، إذ كانت معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما بعث إلى العرب الذين
كانوا يعتزون بفصاحتهم، فآمن كثير منهم بالقرآن الكريم لمجرد سماعه، بسبب ما يعرف بالإعجاز اللغوي فيه. فضلا عن أن اللغة
تلعب دورا في الإمتاع، فقال سيد المرسلين في مقام معين: إن من البيان لسحر.
إيثاار
2014- 11- 15, 09:09 PM
المحاضرة الرابعة
مفهوم اللسانيات :
اللسانيات علم حديث نسبيا، بل هي أحدث العلوم الإنسانية عهدا؛ فظهورها وانتشارها يؤرخ له عادة بمطلع القرن العشرين، غير
أنها على الرغم من حداثة عهدها تتبوأ مركزا مرموقا في دائرة العلوم الإنسانية؛ بفضل النجاح الكبير والسريع الذي حققته
فأصبحت مثالا يحتذى تعير مصطلحاتها ومناهجها إلى علم الاجتماع والتحليل النفسي والتاريخ ....الخ.
ولكنها ليست المقابل الوحيد له، فالناظر في كتب اللغة يجد أن كل Linguistics واللسانيات هي المقابل العربي للمصطلح الغربي
باحث يكاد يستقل بمصطلحاته الخاصة؛ مما أدى إلى شيء من الفوضى، وتسبب في إرباك الدارسين وتحميلهم قدرا أكبر من الوقت
والجهد.
فإلى جانب مصطلح اللسانيات هناك مصطلح (فقه اللغة) الذي فضله البعض لوجوده القديم في الثقافة العربية، ومصطلح (علم اللغة)
و(الألسنية) و(اللسنيات). إلا أن مصطلح اللسانيات اكتسب شهرة أكثر، وأخذ ينتشر أكثر فأكثر.
وقد عرف العلماء اللسانيات بأنها دراسة اللغة بطريقة علمية، أي وفقا للمنهج العلمي. وهذا المنهج يعتمد على مجموعة من
الإجراءات والأساليب التي تساعد على فهم ظاهرة من الظواهر، هذه الجراءات تقوم على جانبين:
الأول : جانب حسي .. وله مرحلتان.
أ- رصد الملاحظات المباشرة للظاهرة المدروسة، من أجل الوصول إلى مجموعة من الفروض.
ب- القيام بالتجارب التي من شأنها إثبات الفروض السابقة أو نقضها.
وهذا الجانب الحسي يعتمد أحيانا على أجهزة و آلات متطورة، من أجل رصد الملاحظات وإجراء التجارب.
الثاني : جانب عقلي .. يهدف إلى الوصول إلى مجموعة من القواعد والأنظمة والقوانين التي تحكم وتفسر ظاهرة لغوية معينة استنادا
إلى الملاحظة التي اعتمدت في الجانب الحسي، ولهذا الجانب مرحلتنا هما التجريد والتعميم.
تقوم عملية التجريد على استثناء الخصائص الفردية التي يختص بها عنصر معين من عناصر الظاهرة، فيبقى موضوع الدراسة العامة
(جوانب متوفرة في كل عناصر الدراسة) ومن هنا تكون القوانين والأحكام التي تصدر قوانين عامة وليست خاصة. فالدراسة إذن
تبدأ بالتجريد وتنتهي بالتعميم. وقد سميت اللسانيات بعلم اللغة العام؟؟ لأنها تدرس ظاهرة الكلام الإنساني بشكل عام، ودون
تخصيص. لذلك وصفها بعض العلماء بأنها علم ديموقراطي؛ لأنها لا تنحاز إلى لغة معينة، فهي بذلك تحقق المساواة بين لغات
الأرض، وأنه ليس هناك لغة أفضل من لغة. فالهدف الأساسي للسانيات هو فهم اللغة الإنسانية. والحقيقة أن هذا الجانب يتجلى في
تعريف دي سوسير للسانيات بأنها (دراسة اللغة في ذاتها ومن أجل ذاتها). فتحليل هذا التعريف يصل بنا إلى النقاط الآتية:
أ- اللغة التي يدرسها علم اللسانيات ليست لغة معينة، وإنما هي (اللغة) التي تتحقق في أشكال لغات كثيرة، ولهجات متعددة
وصور مختلفة من صور الكلام الإنساني.
فمع اختلاف اللغات بعضها عن بعض، إلا أن ثمّة أصولا وخصائص جوهرية تجمع ما بين هذه اللغات وصور الكلام الإنساني، وهو
أن كلا منها (لغة)، وأن كلا منها (نظام) اجتماعي معين، تتكلّمه جماعة لغوية معينة بعد أن تتلقاه عن المجتمع، وتحقق به وظائف
خاصة، ويتلقاه الجيل الحادث عن الجيل السابق ،فموضوع اللسانيات إذن لا يدرس (لغة) معينة من اللغات، بل اللغة من حيث هي
وظيفة إنسانية عامة.
ب- معنى (في ذاتها) أن اللسانيات تدرس اللغة من حيث هي لغة، كما هي وكما تظهر، فليس للباحث فيها أن يغير من طبيعتها
أو يفضل جانب من جوانبها على آخر.
ج- معنى (من أجل ذاتها) أن تدرسها لغرض الدراسة نفسها، تدرسها دراسة موضوعية تهدف إلى الكشف عن حقيقتها، وليس
لخدمة أغراض تربوية مثلا، أو أي غرض آخر.
مجالات الدرس اللساني :
يبحث علم اللسانيات في مجالات متعددة أهمها:
1- دراسة الأصوات التي تتألف منها اللغة، ويتناول ذلك تشريح الجهاز الصوتي لدى الإنسان، ومعرفة إمكانات النطق المختلفة
الكامنة فيه، ووصف أماكن النطق ومخارج الأصوات في هذا الجهاز، وتقسيم الأصوات الإنسانية إلى مجموعات. ودراسة المقاطع
الصوتية، والنبر والتنغيم في الكلام...الخ.
2- دراسة البنية، أو البحث في القواعد المتصلة بالصيغ، واشتقاق الكلمات وتصريفها، وتغيير أبنية الألفاظ للدلالة على المعاني
المختلفة. وهو ما يسمى بعلم الصرف
3- دراسة نظام الجملة، من حيث ترتيب أجزائها، وأثر كل جزء منها بالآخر، وعلاقة هذه الأجزاء ببعضها البعض، وطريقة
ربطها، وهو ما يعرف
عند العرب بعلم النحو.
4- دراسة دلالة الألفاظ، أو معاني المفردات، والعلاقة بين هذه الدلالات والمعاني المختلفة، الحقيقي منها والمجازي، والتطور الدلالي
وعوامله ونتائجه.
5- البحث في نشأة اللغة، وقد ظهرت في ذلك عدة نظريات، تعرضنا لبعضها.
6- علاقة اللغة بالمجتمع الإنساني والنفس الإنسانية، وهنا يتنازع علم اللغة علمان آخران هما: علم الاجتماع، وعلم النفس؛ فهناك
بحوث ترمي إلى بيان العلاقة بين اللغة والإنسان في الحياة الاجتماعية، وتبين اثر المجتمع وحضارته ونظمه وتاريخه وتركيبه وبيئته
الجغرافية في مختلف الظواهر الإنسانية. كما أن هناك بحوثا أخرى نفسية تدرس العلاقة بين الظواهر اللغوية والظواهر النفسية.
7- البحث في حياة اللغة وتطورها في نواحي: الأصوات والبنية والدلالة والتركيب وغير ذلك، والبحث في صراع اللغات
وانقسامها إلى لهجات، وصراع اللهجات فيما بينها، وتكون اللغة المشتركة...الخ.
والحقيقة أن هذه الموضوعات التي ذكرناها لا تشكّل كل ما تدرسه اللسانيات، كما أن أهداف علم اللسانيات من دراسة هذه
الموضوعات وغيرها متعددة، ويمكن الإشارة إلى أهمها على النحو التالي:
1- محاولة الكشف عن النظم والقواعد والقوانين التي تخضع لها اللغة بجوانبها المختلفة في مسيرتها عبر الحياة، للوقوف على مكوناتها
وأسباب وجودها، والوظائف التي تؤديها، والعلاقة فيما بينها.
2- تفسير العلاقة بين الظواهر اللغوية والظواهر الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية والدينية وغيرها.
3- إعادة توصيف الواقع اللغوي، من أجل إعداد المناهج للدارسين من الناحية اللغوية.
إيثاار
2014- 11- 15, 10:25 PM
المحاضرة الخامسة
تاريخ الدرس اللغوي القديم
لم تعرف الدراسات اللغوية ما يراد بمصطلح اللسانيات ومناهجه قبل عصر النهضة في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، حيث
خضعت العلوم والمعارف الإنسانية والطبيعية للمنهجية والتجريب.
وليس من المقبول عقلا أن ينشأ علم اللغة (اللسانيات) كاملا أو قريبا من الكمال من فراغ، بل إنه أفاد من جهود العلماء الذين
عبدوا أمامه الطريق، وقطعوا في ميدانه أشواطا قاربوا بها الوصول إلى غايته.
وفيما يلي سنتعرض إلى المراحل التي مر بها هذا العلم منذ نشأته في أحضان الحضارات القديمة، إلى ما قبل العصر الحديث.
أولا : الدرس اللغوي عند أصحاب الحضارات القديمة :
إذا كانت اللسانيات تعد المظهر الحضاري الحديث لعناية الإنسان باللغة، فإن مظهر عنايته بها في القديم قد أخذ شكل المحافظة عليها
بالتسجيل والتدوين، واصطناع الرموز الكتابية، وقد ظهرت تلك العناية أول ما ظهرت على يد المصريين القدامى، حين سجلوا
لغتهم بالنقوش على جدران المعابد، وحين عرفت قصورهم المترجمين الذي اصطحبهم سفراء الدول معهم.
ووجود معجمات لغوية صينية ذات نظام معين في جمع المادة اللغوية مظهر من مظاهر عناية الإنسانية باللغة ومفرداتها.
ثم وجود معجمات مزدوجة اللغة تجمع بين السومرية والأكادية في هذه العصور السحيقة في القدم، مظهر آخر من مظاهر عناية
الإنسان في بدء تحضره بلغته، تجلت في مقابلة مفردات لغة أخرى.
ثانيا : عند الهنود ..
يرجع تاريخ الدراسات اللغوية الهندية إلى ما قبل القرن الرابع (ق.م) الذي عاش فيه (بانيني) أعظم نحاة الهند، ومعنى هذا أن النحو
الهندي أقدم من النحو الإغريقي والروماني، بل أكثر تنوعا منه وأكثر تفوقا في نواح عدة. ولم يصبح نحوا مدونا متوارثا إلا على يد
(بانيني) الذي ألف كتابه (المثمن) ذا الثمانية أجزاء، الفريد الذ لم يعهد العالم مثله آنذاك.
ولذا يعد الهنود من أوائل الأمم التي تناولت النظر للغة بالتأمل الواعي في طبيعتها، وبالدرس المنهجي لخصائصها، فظهر عندهم أول
وصف دقيق واف مبني على الملاحظة الدقيقة لا على النظريات.
لقد كان البحث اللغوي عند الهنود وليد شعور ديني راسخ يدفعهم إلى المحافظة على كتابهم المقدس (الفيدا) ومن ثم نظروا إلى لغة
هذا الكتاب وهي السنسكريتية نظرة التقديس ووسموها بالكمال. ولم يتوقف البحث اللغوي عند الهنود حتى عايش الحضارة
الإسلامية، ولم يعرف ميدان البحث اللغوي من أهتم بلغته كالهنود إلا العرب، فقد فاق الناتج الهندي في حقل البحث اللغوي ألف مؤلّف.
ثالثا : عند اليونان ..
كان لليونان دور بارز في الدرس اللغوي، أثّر في محيط الدرس اللغوي الغربي الكلاسيكي فيما بعد. وقد اتسم بسمتين هما :
أ-الغموض: يحوط تاريخ الفكر اليوناني القديم، ومن ثم الغربي الكلاسيكي، بوجه عام غموض وجدل. ويرجع هذا بشكل أساسي
إلى حقيقة أن معظم المصادر الأصلية قد اختفت.
ب- تأثّره بالفلسفة؟ كان النحو الإغريقي منذ البداية جزءا من الفلسفة، فقد كان جزءا من بحثهم العام في طبيعة العالم حولهم
وفي مؤسساتهم الاجتماعية.
ومن القضايا التي عالجها اليونان قضية القول عن اللغة، فقد تساءلوا عن ماهيتها، وأصلها، وعن ماهية الكلمة، وهل هناك علاقة
طبيعية بين الكلمة والشيء الذي ترمز إليه، هل تعلُّق الكلمات بالمعاني تعلق بالطبع أم تعلق بالاصطلاح؟
وقد ظهرت عندهم ما سمية بمدرسة الإسكندرية، التي ظلت بحوثها اللغوية ذات تأثير بالغ في البحوث اللغوية إلى زمن طويل.
رابعا : عند العرب ..
ارتبط تاريخ البحث اللغوي عند العرب بظهور الإسلام، فقد كانت نشأة جميع العلوم اللغوية العربية أثرا من آثار الإسلام، فلم
يعرف عن العرب في تاريخهم أية دراسات أو مجهودات لغوية، تناولت دراسة اللغة نحوها وصرفها ومعجمها إلا عندما تصدى
المسلمون لدراسة القرآن الكريم بهدف فهمه ومعرفة أسراره اللغوية. فضبطوا اللغة وتعرفوا على متنها ومفرداتها بصورة علمية، كما
ضبطوا القواعد النحوية والصرفية والدلالية، لا سيما بعد دخول غير العرب في الإسلام، وانتشار اللحن؛ فخاف ألو الأمر والعماء
على القرآن الكريم من أن يصيبه شيء من ذلك. وقد شجعهم على ذلك أيضا اتساع رقعة الدولة الإسلامية، ورغبة غير العرب من
المسلمين في تعلّم العربية بوصفها وسيلة للعبادة. إضافة إلى ما سبق فإن نشأة العلوم العربية كانت أثرا من آثار نضج العقلية العربية
لاحتكاكها بالحضارات الأخرى، والاستفادة منها. اعتمد علماء العربية في دراستهم للغة العربية على مصادر أساسية منها: القرآن
الكريم، الحديث الشريف، الشعر الجاهلي، الأمثال، كلام العرب الموثوق بهم. فجمعوا المادة سماعا من أفواه العرب ا ُ لخلَّص، في
بواديهم وصحاريهم، فكان منهجهم قريب من المنهج الوصفي الحديث عند الغربيين، فدرسوا المجالات الآتية:
1- الأصوات: وكانت أول مادة لغوية صوتية للعربية قد درست في مقدمة كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، وتضم نحو
مائة وسبعين مصطلحا في مجال علم الأصوات. كما ضمت المقدمة نصوصا علمية تؤسس لعلم الأصوات النطقي. وقد تبعه في ذلك
تلميذه سيبويه في كتابه (الكتاب) فوصف فيه الأصوات وصفا دقيقا. واستمر الأمر عند من جاء بعدهم من العلماء.
2- النحو : كان شيوع اللحن من بين الأسباب التي دعت إلى نشأة علم النحو العربي، وترى أغلب الروايات أن أول من رسم
للناس النحو هو أبو الأسود الدؤلي. فنشأت المدارس النحوية ومنها:
أ- البصرة : هي أول مدرسة نحوية عرفها الدرس اللغوي العربي، ومن أبرز شيوخها سيبويه تلميذ الخليل بن أحمد المؤسس الحقيقي
لعلم النحو.
ب- الكوفة : نشأت هذه المدرسة متأخرة عن البصرة، ومن أهم أعلامها الكسائي.
3- المعجم : ارتبطت نشأة المعاجم العربية بالبحث في معاني الألفاظ الغريبة في القرآن الكريم، وقد انقسمت المعاجم العربية قسمين
: فهناك معاجم الألفاظ ومن أبرزها معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، وهناك معاجم المعاني ومن أبرزها فقه اللغة للثعالبي.
خامسا : عند الغربيين قبل العصر الحديث ..
ظلت البحوث اللغوية في أوروبا حتى أواخر القرن الثامن عشر
محصورة في دائرة البنية والتنظيم في شكليهما التعليمي، لا تتجاوز ذلك إلا في أضيق الحدود، وفي شكل استطرادي وصور سطحية
باهته لا عمق فيها ولا وضوح، مع بعد عن المنهجية العلمية اللازمة للبحث.
وفي هذه الفترة نجد بحوثا متناثرة في الأصوات وأصول الكلمات قام بها أفراد أو هيئات، كما كان البحث مقصورا على الإغريقية
واللاتينية، وبعض اللغات الأوروبية الأخرى، دون أن يكون للمستويات اللغوية الأخرى نصيب من البحث.
إيثاار
2014- 11- 21, 08:13 PM
المحاضرة السادسة
نشأة اللسانيات
العام 1786 استهلّ أول نوع من الأنواع الأربعة للتقدم المفاجئ المهم بشكل حقيقي في التطور الحديث لعلم اللغة،
حيث إن وليم جونز قرأ ورقته الشهيرة في الجمعية الملكية الآسيوية في كلكتا، التي أثبت فيها القرابة التاريخية للسنسكريتية الهندية مع اللاتينية
واليونانية واللغات الجرمانية. هنا كانت بداية علم اللغة التاريخي.
كان لدراسة الأوروبيين اللغوية للسنسكريتية أثر مزدوج، فقد
شكّلت مقارنة السنسكريتية باللغات الأوروبية المرحلة الأولى في التطور المنهجي~ لعلم اللغة المقارن وعلم اللغة التاريخي،
كما أصبح الأوروبيون على اتصال بالكتابات السنسكريتية وبتراث العلم اللغوي في الهند، الذي تطور بشكل مستقل، ويتم الاعتراف بمزاياه في
الوقت نفسه، وكان تأثيره في كثير من فروع علم اللغة الأوروبي عميقا وباقيا.
ورغم كل شيء فإن التفكير اللغوي في القرن الثامن
عشر كان متجها بحماسة للمسائل التاريخية، وأصل اللغة أي اللسان الأول والأصلي للإنسان.
القرن التاسع عشر كان عصر الدراسات التاريخية والمقارنة للغات، وخاصة اللغات الهندأوروبية، وهذا لا يعني أنه تم تجاهل كل
الجوانب الأخرى لعلم اللغة. لكن المسألة هي أن هذا القرن قد شهد تطور المفاهيم النظرية والمنهجية الحديثة لعلم اللغة التاريخي
والمقارن، كما أن التركيز الأكبر للجهود العلمية والمقدرة العلمية في اللسانيات كان مكرسا لهذا الجانب من الموضوع أكثر من غيره
من الجوانب.
يضاف إلى ذلك أن الدراسات المقارنة قبل هذا القرن كانت موجودة غير أنها مبعثرة وغير متصلة.
في العام 1808 نشر شليجل بحثا أكد فيه على أهمية دراسة التركيبات الداخلية للغات (الصرف) لأنها تبرز علاقاتها الوراثية، ويبدو
أن مصطلح (القواعد المقارنة) الذي ظل يستعمل كثيرا عنوانا للسانيات المقارنة والتاريخية قد وضعه شليجل.
في الربع الأخير من القرن التاسع عشر توجهه الجدل اللغوي الرئيسي نحو مذهب القواعديين الجدد الشبان، وهذه الجماعة حاولت
تأسيس عملها في علم اللغة التاريخي المقارن في إطار العلوم الطبيعية كالجيولوجيا.
ونشر أساس نظريتهم بشكل مختصر في عام1878 الذي يرى أن كل تغييرات الأصوات تحدث بوصفها عملية مكانيكية، حسب قوانين لا تسمح بأي استثناء داخل نفس
اللهجة، وفي إطار فترة معينة من الزمن. وركزوا على اللغات الحية وعلى الأخص اللهجات، فهي ميدان حيوي للبحث العلمي فيما
يمكن أن تلقيه من ضوء على التغير اللغوي.
أعطى القواعديون الجدد وزنا أكبر لدراسة الكلمات اُلمقْترضة والاقتراض اللغوي،
بوصفه ملمحا عاما لتاريخ اللغات.
ومن الأخطاء التي سجلَت على هذه الدراسات المقارنة بشكل عام أن علماءها لم يتساءلوا أثناء
قيامهم بأبحاثهم التي اقتصرت على اللغات الهندأوروبية عن مغزى ما كانوا يقومون به من مقارنات بين اللغات، وعن مدلول ما
كانوا يكتشفونه من علاقات، فلقد كانت دراستهم دراسة نحوية مقارنة ليس إلا، بدلا من أن تكون دراسة تاريخية. فصحيح أن
المقارنة هي الشرط الضروري لكل عملية ترقى إلى إعادة بناء اللغات تاريخيا، لكن اعتماد المقارنة وحدها أمر غير كاف
لاستخلاص النتائج النهائية.
ومما زاد في إعاقة هؤلاء المقارنين عن الظفر بمثل هذه الاستنتاجات النهائية أنهم كانوا يعتبرون تطور لغتين من اللغات مثلما يعتبر
عالم الطبيعة نمو نبتتين من النباتات.
نشأة اللسانيات الوصفية الحديثة :
وبالانتقال إلى القرن العشرين نجد أن الفرق الأساسي والأكثر وضوحا بينه وبين القرن التاسع عشر، هو النهوض السريع لعلم اللغة
الوصفي، في مقابل علم اللغة التاريخي. ويرى معظم الباحثين أن الشخصية الرئيسية في تغيير مواقف القرن التاسع عشر إلى مواقف
القرن العشرين على نحو مهم هي اللغوي السويسري فردينان دي سوسير، الذي عرِف أولا في المجتمع العلمي من خلال مساهمة
مهمة في علم اللغة الهندأوروبي المقارن بعد دراسته في ليبزج مع أعضاء مدرسة القواعديين الجدد. ومع أن سوسير قد نشر القليل
بنفسه إلا ان محاضراته في علم اللغة في أوائل القرن العشرين قد أثّرت كثيرا في بعض تلاميذه في باريس وجنيف، حتى أنهم نشروها
عام 1916 تحت عنوان (محاضرات في علم اللغة العام) وهذا بقدر ما أمكنهم إعادة بنائها، نقلا عن كراسات محاضراتهم
ومحاضرات آخرين، ومواد معينة كانت باقية بخط دي سوسير نفسه، ففي تاريخ اللسانيات يعرف دي سوسير ويدرس من خلال ما
ذكره عنه تلاميذه.
صاغ دي سوسير وأوضح ما اعتبره اللغويون السابقون أمرا مفروغا منه، أو تجاهلوه، وهما البعدان الأساسيان الضروريان للدراسة
اللغوية.
البعد الأول : هو الدراسة التزامنية التي تعالَج فيها اللغات بوصفها أنظمة اتصال تامة في ذاتها في أي زمن بعيد.
البعد الثاني : هو الدراسة التعاقبية (التاريخية) التي تعالَج فيها تاريخيا عوامل التغيير التي تخضع لها اللغات في مسيرة الزمن.
وقد كان إنجازا لسوسير أن يميز بين هذين البعدين أو المحورين لعلم اللغة: البعد التزامني أو الوصفي، والبعد التعاقبي أو التاريخي
وكل منهما يستخدم مناهجه ومبادئه الخاصة به، فيجب أن ينظر إلى ما جاء به في هذا الجانب على أنه عامل أساسي في تطور
الدراسات اللغوية الوصفية في القرن العشرين.ولكن من المنصف أن نقول إن تاريخ اللسانيات الوصفية الحديثة يذكر لنا أن
اللسانيات الوصفية كانت قد نودي بها بشكل مستقل من قبلِ ثلاثة من الرواد، في ثلاثة أماكن مختلفة؛ في سويسرا على يد دي
سوسير، وفي أمريكا على يد فرانس بواس، وفي تشيكوسلوفاكيا على يد ماثيسيوس. ففي الوقت الذي كان فيه دي سوسير يلقي
محاضراته في جامعة جنيف حول اللسانيات الوصفية عام 1911 ، ظهرت مذكرات فرانس بواس في العام نفسه منشورة في كتابه
(دليل اللغات النهدية الأمريكية) الذي ضمن مقدمته ملخصا جيدا للمنهج الوصفي في دراسة اللغة. كما اتفق أن ظهرت في العام
نفسه دعوة ماثيسيوس الأولى لدراسة اللغة بطريقة غير تاريخية.
1816 شهدت تحولا بدراسة اللغة إلى اللسانيات الحديثة التي تعتمد على - وفي الختام نستطيع أن نقول إن السنوات ما بين 1786
1916 شهدت تحولا في اللسانيات الحديثة إلى الدراسة الوصفية. فالتاريخ الثاني يؤرخ لظهور علم - المقارنة، والسنوات 1876
اللسانيات الحديثة الوصفية على وجه الخصوص.
إيثاار
2014- 11- 21, 09:11 PM
المحاضرة السابعة
فروع اللسانيات
اللسانيات الوصفية :
تهتم اللسانيات الوصفية بالدراسة العلمية للغة واحدة أو لهجة واحدة محكومة بزمان ومكان معينين، وتشمل هذه الدراسة الجوانب
الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية.
ومن أهم المبادئ التي تنادي بها هو التفريق ما بين الدراسة التاريخية (الدياكرونيك) والدراسة الوصفية (السنكرونيك) فمن أهم ما
يميز اللسانيات الحديثة هو النظرة الوصفية، التي تعتمد على الملاحظة المباشرة للظواهر اللغوية الموجودة بالفعل، بالإضافة إلى التفريق
بين اللغة والكلام، وتحديد مستوى معين من مستويات الدراسة اللغوية للغة أو اللهجة موضع الدراسة.
كان اهتمام اللسانيات الوصفية باللغة المنطوقة عظيما، فاللغة الكلامية تعكس دفء الواقع وصدق الحقيقة، بكل ما تحمله من
مميزات وخصائص.
محاور الدراسة الوصفية :
تتم الدراسة الوصفية وفق ثلاثة محاور أساسية هي:
المحور الأول: الزمان .. ويقصد به أنه يجب تحديد الفترة الزمانية التي تدرس فيها الظاهرة اللغوية المعينة، لأن اللغة تتغير بمرور الزمن
نتيجة لعوامل كثيرة ومعقدة. فدراسة لغة الصحافة في إحدى الدول العربية يجب أن تحدد بفترة زمنية معينة، لأن لغة الصحافة شأنها
شأن لغة الخطاب العربي تتغير من حين إلى آخر، وصحيح أن التغيير قد يكون بطيئا، ولا يمكن ملاحظته بسهولة، لكنه موجود في
جميع مستويات اللغة، وخاصة في الدلالة.
المحور الثاني: المكان .. يجب تحديد المكان الذي تقيم فيه الجماعة اللغوية التي تدرس لغتها، لأن اللغة تتغير بتغير المكان، ويلاحظ ذلك
جليا في العربية المعاصرة في الوطن العربي، إذ نجد في كل بلد عربي لهجة خاصة تباين بقية اللهجات العربية الأخرى. وحتى في
الوطن الواحد نجد لهجات مختلفة حسب الموقع الجغرافي.
المحور الثالث: المستوى .. ويقصد به الوسيلة والمجال والموضوع. فالوسيلة: تعني هل اللغة موضع الدراسة منطوقة أم مكتوبة؟ أما المجال
فيقصد به مجال اللغة هل هو شعر أم نثر. والموضوع يعني موضوع الدراسة.
ويرى باحثون أن لظهور المنهج الوصفي دورا مهما في تحول الدراسات اللغوية الحديثة من الدراسات اللغوية الفلسفية، التي تعتمد
على الخيال والتصور والتأمل، وعلى الحدس والتخمين، وعلى التدليل والقياس المنطقيين، كما هو شأن الفلسفة، إلى الدراسات
الواقعية التي تصف الواقع اللغوي، من خلال الاستعمالات اللغوية، بكل دقة وأمانة.
فيما يخص اللغة العربية واللسانيات الوصفية، فقد وضع علماؤنا قواعدهم وجمعوا مفرداتها على أساس اللغة المنطوقة، وكان مبدؤهم
أخذ اللغة سماعا عن الرواة ذوي الصدق والأمانة، كما أنهم كانوا يخرجون إلى البادية ليسمعوا العربية من أفواه الأعراب، مشترطين
الفصاحة فيما يأخذنوه.
اللسانيات التاريخية :
يهدف علم اللغة التاريخي إلى دراسة اللغة في مكان محدد، في مراحل زمنية مختلفة؛ لبيان التغيرات التي لحقتها في أثناء تلك المراحل.
وتدخل دراسة اللغة تاريخيا من جوانبها الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية في صميم اللسانيات التاريخية؛
ومعنى هذا أن دراسة
تطور النظام الصوتي للعربية الفصحى هي دراسة تاريخية، وتطور الأبنية الصرفية ووسائل تكوين المفردات في العربية، على مدى
القرون مما يدخل في الدراسة الصرفية التاريخية. وتطور الجملة الشرطية أو جملة الاستفهام في العربية الفصحى مما يدخل في
الدراسات النحوية التاريخية. والمعاجم التاريخية التي يسجل كل منها تاريخ حياة كل كلمة من كلمات اللغة، من أقدم نص جاءت
به، متتبعا تطور دلالتها على مر التاريخ، تعد أيضا من اللسانيات التاريخية.
وتعتمد الدراسة التاريخية على الدراسة الوصفية، وقد
كان المنهج التاريخي يغلب على طابع البحوث اللغوية في أوروبا في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر لأسباب أهمّها، مراقبة
التطور الدلالي للكلمات والأساليب.
يقوم البحث التاريخي على الرغبة في إعادة هيكلة الظاهرة اللغوية عبر العصور، من خلال ما تبقى من آثارها، فإن كان ثمّة مساحة
للاستنتاج فينبغي أن يكون استنتاجا من خلال النصوص والوثائق التاريخية لتصور الحلقات المفقودة. وعلى هذا فإن الباحث التاريخي
في اللغة يشبه عالم الآثار، الذي يهتدي بتصور ما ُفقد من قطعة أثرية في ضوء ما عثر عليه منها، وبما يتناسب وحجم الفرغ
الموجود، سعيا لتكوين هيكل الظاهرة من السياق التاريخي العام.
ومن المشكلات التي تعترض الباحث في اللسانيات التاريخية أنه لا تتوفّر له مادة لغوية منطوقة، لمرحلة لغوية سابقة على المرحلة
المعاصرة، فلم تخترع وسائل التسجيل إلا حديثا، ومن ثمّ فليس أمامه إلا أن يلجأ إلى الكتابة، وهي وسيلة عاجزة لا تمثل المنطوق
تمثيلا صحيحا؛ ولهذا يجب على الباحث عند دراسته لهذه المادة المكتوبة على الأحجار والصخور أو الطين أو المسجلة في أوراق
البردي...الخ أن يحتاط في الاحتجاج بها، وأن يدعم استنتاجه بشواهد أخرى، مثل ملاحظات العلماء، أو الكلمات التي تقترضها
اللغة المدروسة من اللغات الأخرى.
وهناك مجالات أخرى لعلم اللغة التاريخي منها:
1- قضية انتشار لغة من اللغات، والظروف التي مهدت لذلك، وأثر ذلك في بنية اللغة.
2- ارتباط اللغة بوظيفتها أو بوظائفها المختلفة في الجماعة اللغوية، يؤثّر بالضرورة في حياة اللغة، فهناك فرق كبير بين أن تكون
اللغة لغة جماعة محددة، أو أن تكون اللغة الرسمية في دولة عظمى، أو أن تكون لغة حضارة دولية.
3- دراسة مستويات الاستخدام اللغوي المختلفة في حياة كل لغة، وأثر ذلك في بنيتها وأهميته الحضارية، ومكانتها بين اللغات، مما
يدخل في إطار اللسانيات التاريخية.
ومن أهم النتائج التي يمكن الحصول عليها بواسطة اللسانيات التاريخية ما يلي :
أ- رصد مظاهر التغيير والتطور الذي أصاب اللغة في مسيرتها الزمنية الطويلة.
ب- الكشف عن القوانين اللغوية التي تطّرد في أمر اللغة، على اختلاف عصورها التاريخية، وعن الاتجاهات التي تميل إليها اللغة،
كالميل إلى الإيجاز والاختصار، والاطناب والتطويل.
إيثاار
2014- 11- 21, 10:48 PM
المحاضرة الثامنة
فروع اللسانيات
اللسانيات المقارنة :
موضوع اللسانيات المقارنة هو دراسة الظواهر اللغوية المشتركة (الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية) بين للغات التي بينها علاقة
قرابة (التي تنتمي إلى أصل لغوي واحد) تهدف الوصول إلى إعادة بناء هيكل هذا الأصل المشترك. يقسم اللغويون منذ القرن التاسع
عشر اللغات المختلفة إلى مجموعات وأسرات، منها أسرة اللغات السامية التي تضم اللغة العربية والعبرية والحبشية والآرامية
والأكادية. وأسرة اللغات الحامية، وأسرة اللغات الهندية الأوروبية، وتضم بذلك عددا كبيرا من اللغات التي عرفتها وتعرفها الهند
وإيران وأوروبا. وداخل هذه الأسر الكبيرة للغات جعل العلماء أقساما، فاللغات الهندية الأوروبية لها فروع منها : الجرماني
والسلافي والإيراني والهندي، ثمّ بينوا اللغات التي تنتمي إلى كل فرع. وقد تطورت البحوث المقارنة التي درست اللغات العربية
والعبرية والفينيقية والأكادية، فوجد لعلماء بين هذه اللغات وجوه شبه قوية، جعلتهم يدعون أنها تنتمي إلى أصل مشترك واحد هو
اللغة السامية. ولا تنحصر العلاقة بين اللغات في القرابة، كتلك التي ظهرت بين اللغات السامية، أو الهندية الأوروبية، إنما تتعداها
إلى الصلات الثقافية، التي تنشأ نتيجة اتصالات واقعية بين مجموعات بشرية، حيث نجد بين العربية والفارسية صلة ثقافية مشتركة،
تبدو فيما اقترضته كل لغة من الأخرى، من ألفاظ تتصل بثقافتيهما أي العرب والفرس. وليس بين العربية والفارسية قرابة لغوية،
ذلك أن العربية لغة سامية، والفرسية لغة هند وأوروبية.
وتوجد كذلك العلاقات البنيوية والشكلية، فقد تكون بين لغات ليس بينها علاقات قرابة أو علاقات ثقافية، من ذلك ما لاحظه
اللغويون من وجوه شبه قوية بين الإجليزية والصينية، لإيثارهما طريقة مشتركة في بناء الكلمات، ولاحظوا أيضا وجوه شبه قوية بين
العربية والسنسكريتية، لإيثارهما منهجا مشتركا في تصريف الكلمات.
اللسانيات التقابلية :
يقصد باللسانيات التقابلية إجراء دراسة يقارن فيها الباحث بين لغتين أو لهجتين أو أكثر، مبينا عناصر التشابه أو الاختلاف بينهما.
ويهدف التقابل اللغوي إلى التنبؤ بالصعوبات التي يمكن أن يواجهها الدارسون عند تعلمهم لغة أجنبية.
فدارس اللغة العربية من غير الناطقين بها يتوقع أن يجد صعوبة في نطق بعض أصوات الحلق، والأصوات المفخمة؛ لذا يحاول التقابل
اللغوي أن يركز في تدريسه للغة الأجنبية على ما اختلفت فيه اللغتان، في جميع المستويات اللغوية، الصوتية والصرفية والنحوية
والدلالية والثقافية، وأن يتجاوز ما تتشابه فيه اللغتان.
ويبنى التقابل اللغوي على افتراضين اثنين :
أولا : التداخل اللغوي .. ويقصد به أنّ تداخلا لغويا يحدث بين لغته الأم واللغة المنشودة أثناء عملية التعلم، ويؤثّر هذا التداخل سلبا
على عملية التعلم.
ثانيا : نقل الخبرة .. وهو أن ينقل متعلم اللغة الأجنبية خبرته في تعلّم لغته الأم إلى تعلّم اللغة المنشودة أو الهدف، ويرى الباحثون أن
ذلك يؤثّر سلبا في تعلّم اللغة.
نقد اللسانيات التقابلية :
تعرضت اللسانيات التقابلية لغير قليل من النقد والتعديل على النحو التالي:
_ يقرر بعض اللغويين أن الأخطاء التي يتوقعها اللغوي، ربما لا ترجع كلها إلى تداخل اللغة الأم.
_ من الصعوبة بمكان حصر كل المشكلات لكل أشكال العلاقة بين لغتين، ذلك أن الباحث لا يستطيع أن يقابل بين اللغتين في
جوانبهما جميعا (الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية)
_ الدراسة التقابيلة مبنية على افتراض أن ما تلتقي عنده اللغتان لا يمثّل صعوبة عند الدارس، وهذا الافتراض قد يصدق مرة، ولكنه
قد لا يصدق في كثير من المرات.
اللسانيات التطبيقية :
يتفق علماء اللغة المحدثون على تقسيم اللسانيات الحديثة إلى قسمين هما: اللسانيات النظرية، واللسانيات التطبيقية.
تهتم اللسانيات النظرية بدراسة الظاهرة اللغوية بجوانبها المختلفة: الشكلية والوظيفية والتنبؤ، تهدف تطوير مناهج علمية، تتوصل إلى
عموميات تنتظم اللغويات جميعا.
أما اللسانيات التطبيقية، فهي قطاع جديد من قطاعات اللسانيات الحديثة ظهر بعد الحرب العالمية الثانية، وأصبحت له مقرراته
المتميزة ومؤسساته المعنية التي تتجاوز الجهود القديمة الجزئية المبعثرة، لتجعل من هذا القطاع الجديد مجالا واسعا للبحث والتدريب
والتعلّم والتطبيق، ويحاول الإفادة من معطيات علم اللسانيات النظرية، وتوظيف أسسه المعرفية في مجالات تطبيقية متعددة، أهمها
تعليم اللغات القومية لأبنائها، تعليم اللغات الحية لغير الناطقين بها.
ومن ثمّ فإن اللسانيات النظرية تقدم ثمرة جهدها في الوصف اللغوي، ليقوم عالم اللغة باختيار المنحى التطبيقي الملائم لكل بنية من
البنى الموصوفة، وبذا ينطلق من مادة الوصف ومجال التطبيق، ليحيل النظري إلى عملي، وفق منهج علمي دقيق، مضبوط بضوابط
الاستفادة من المعارف التي توصلت إليها اللسانيات (النظرية) عن طبيعة » : العلم ومحدداته.
يعرف (كوردر) اللسانيات التطبيقية بأنها
.« اللغة، استفادة تهدف إلى تحسين كفاءة الأداء في بعض المهام العلمية، التي تمثل ركنا أساسيا فيها
وهو ما شرحناه سابقا مما تقدمه اللسانيات النظرية من مساهمة في حل المشكلات اللغوية،
وسنوضح أهم مجالاته فيما يلي من الحديث.
تشير أكثر المصادر إلى أن ولادة اللسانيات التطبيقية كانت في عام 1946 ، حين صار موضوعا مستقلا في معهد تعليم اللغة
الإنجليزية في جامعة (متشيغان)، وكان ذلك المعهد مختصا في تعليم اللغة الإنجليزية، تحت إشراف العالمين (تشازلر فريز وروبرت
لادو)، وقد تأسس الاتحاد الدولي لعلم اللغة التطبيقي عام 1964 . غرض هذا العلم هو المساعدة في حل مشكلة لغوية معينة، مثل:
تعدد اللهجات في المجتمع الواحد، وهي مشكلة يمكن التعامل معها بالتخطيط اللغوي. ومشكلة التواصل مع أفراد ثقافات أخرى
وهو ما يمكن التغلب عليه بتعليم اللغات الأجنبية.
مصادر اللسانيات التطبيقية تستمدها من أربع جهات :
اللسانيات النظرية، علم اللغة النفسي، علم اللغة الاجتماعي، علوم التربية.
فاللسانيات النظرية تقدم وصفا علميا للغة، وفق منهج استقرائي واستنباطي، يسهم في الإجابة على مجموعة من الأسئلة من مثل:
1- ماذا ندرس عن اللغة الأجنبية؟
2- ما الأنماط المناسبة في حالة الترجمة؟
3- ما المفردات التي يجب أن يتضمنها المعجم؟
أما علم اللغة النفسي فيهتم بدراسة الظاهرة اللغوية بوصفها ظاهرة سلوكية وإدراكية، ويهتم بتقديم درس للسلوك اللغوي عند الفرد
متمثلا في منطلقين أساسيين هما: الاكتساب والأداء.
واللسانيات الاجتماعية تتناول الظاهرة اللغوية بوصفها ظاهرة اجتماعية عامة تهدف إلى تحقيق التواصل بين أفراد المجتمع اللغوي
الواحد.
وتتكفل علوم التربية بالإجابة عن الأسئلة مثل: كيف نُعلّم؟ كيف نختار الطريقة المناسبة في التعليم؟
ومن تطبيقات اللسانيات التطبيقية :
1- تصميم المقررات العامة : يتطلب تصميم المقررات أولا تحديد الهدف من البرنامج الذي يراد تصميمه، فالأهداف تختلف من فئة
إلى أخرى، كالمرحلة الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية. وهو ما يؤدي إلى تحديد المحتوى المنشود الخاص ببنية اللغة، وتحديد المهارات
اللغوية المنشودة ، ومن ثم تحديد الطريقة المناسبة. ولذلك تتناول البحوث في اللسانيات التطبيقية كل هذه الاتجاهات، من حيث
تعرف الأهداف وتحديد المحتوى اللغوي، وهذا كله يتم على أساس بحوث ميدانية، من أجل تلبية الحاجات الفعلية، لا لمجدرد تلبية
حاجات المؤلفين وتصوراتهم المنفصلة عن حاجات المجتمع.
2- التخطيط اللغوي : و يطلق عليه: السياسة اللغوية، وهو توجه الدولة المعاصرة إلى جعل التواصل بين البشر ميسورا، وجعل
الوسائل الإعلامية والتعليمية المختلفة يتكامل عملها في إطار خطة لغوية واحدة. وهو عمل منهجي يهدف إلى إحداث تغيير في
النظام اللغوي، أو الاستعمال اللغوي، كموضوع الفصحى والعامية أو إحداث نظام لغوي عالمي أو قومي، أو وطني مشترك، وهو
يتجه في الأساس إلى حل مشكلة لغوية قائمة، فيستقصي البدائل الممكنة لحلها، ثم يختار أحد هذه البدائل اختيارا مقصودا عن وعي
وبينة.
3- تعليم اللغة لأغراض خاصة : وهي كتدريس اللغة لأصحاب المهن الذين يحتاجون اللغة للتواصل مع الآخرين، وذلك مثل: تدريس
اللغة للدبلوماسيين، أو المسؤولين عن السياحة.
4- الاختبارات اللغوية : وهي الاختبارات الخاصة بالمهارات اللغوية، فيصمم الاختبار ليقيس مهارة الكلام والاستماع القراءة
والكتابة.
5- الترجمة : تحاول اللسانيات التطبيقية تذليل بعض الصعوبات التي تواجه عملية الترجمة كتعدد معاني اللفظة الواحدة بتعدد
السياقات.
6- أمراض الكلام : ومثاله ما نجده عند بعض الأطفال الذين يصابون بعدد من العيوب النطقية، فتحاول اللسانيات التطبيقية المساهمة
في علاج مثل هذه العيوب.
إيثاار
2014- 11- 22, 12:57 AM
المحاضرة التاسعة
مستويات تحليل البنية اللغوية
المستوى الصوتي (النظام الصوتي) :
اللغة الإنسانية هي عبارة عن أصوات تكون نظاما خاصا هو النظام الصوتي، ويتناول علم الأصوات الحديث والمعاصر دراسة هذا
النظام من خلال فرعين أساسيين هما:
أولا : الفوناتيك .. وهو علم يدرس أصوات اللغة وهي منعزلة بعيدة عن البنية اللغوية، إذ يحدد علماء الأصوات طبيعة الصوت
اللغوي، ومصدره، وكيف يحدث، ومواضع نطق الأصوات المختلفة، والصفات النطقية والسمعية المصاحبة لها، ويتفرع هذا العلم
إلى فروع ثابتة معروفة من أهمها:
1- علم الأصوات النطقي: وهو العلم الذي يدرس حركات أعضاء النطق من أجل إنتاج الأصوات اللغوية، أو هو الذي يعالج عملية
إنتاج الأصوات الكلامية، وطريقة هذا الإنتاج، وتصنيف الأصوات اللغوية وفق معايير ثابتة. وهذا الفرع من أقدم فروع علم
الأصوات.
2- علم الأصوات الأكوستيكي : وهو العلم الذي يهتم بدراسة الخصائص المادية أو الفيزيائية لأصوات الكلام أثناء انتقالها في الهواء من
المتكلم إلى السامع، وهو علم أحدث من علم الأصوات النطقي. وقد كان لتقدم العلوم الطبيعية بفروعها المختلفة فضل في رفد
علماء اللغة والأصوات بكثير من خواص الأصوات الطبيعية. وقد تطور الأمر إلى أن أسس علماء اللغة فرعا سموه علم الأصوات
الفيزيائي، وظيفته دراسة التركيب الطبيعي للأصوات اللغوية، من حيث الذبذبات والموجات الصوتية، وأنواعها، وسرعة انتشارها
في الهواء، والترددات الصوتية وغير ذلك. ومعنى ذلك أن ميدان هذا العلم هو دراسة تلك المرحلة الواقعة بين فم المتكلم وأذن
السامع، أي مرحلة انتقال الصوت في الهواء.
3- علم الأصوات السمعي : وهو الذي يدرس ما يحدث في الأذن عندما يصل الصوت اللغوي إليها وتستقبله، إذ يبدأ السامع في فك
شيفرة الكلام، وهذا النوع هو أحدث فروع علم الأصوات. وهو ذو جانبين:
أ- جانب عضوي فسيولوجي (حسي) وهو الذي ينظر في الذبذبات الصوتية التي تستقبلها الأذن، وفي آلية الجهاز السمعي ووظائفه
عند استقبال هذه الذبذبات. وهي دراسة تقع في مجال علم وظائف أعضاء السمع.
ب- جانب نفسي: ويعنى بتأثير هذه الذبذبات ووقعها على أعضاء السمع، وعملية إدراك السامع للأصوات، وكيفية هذا الإدراك
وهي مرحلة نفسية خالصة.
ونعود ونؤكّد على أن فروع علم الأصوات (الفوناتيكي) المختلفة لا تقترب من بعيد أو قريب لعلاقة الصوت بالمعنى أو وظيفة
الصوت في البنية اللغوية، وإنما هي دراسة مجردة لأصوات الكلام.
ثانيا : الفنولوجيا .. ويسمى أيضا (علم وظائف الأصوات) لأنه يدرس الصوت اللغوي وهو داخل البنية اللغوية، من حيث وظيفته
وتوزيعه وعلاقة ذلك بالمعنى، والقوانين العامة التي تحكم ذلك. لقد وجد العلماء أن الإنسان لا يستخدم الأصوات اللغوية استخداما
عشوائيا، كمناغاة الأطفال، وإنما يستخدم هذه الأصوات في صورة قوالب منظمة، وعلى الرغم من أن الإنسان يستطيع أن يصدر
عددا ضخما من الأصوات، إلا أن أية لغة إنسانية لا تستعمل إلا عددا محدودا منها، هي التي تكون النظام الصوتي لهذه اللغة
ودراسة هذا النظام هو ما يقوم به التحليل الفونولوجي، الذي على العكس من الفوناتيك- تعامل مع الأصوات من خلال وجودها
في سياق صوتي أو لغوي كالكلمة مثلا، وهذا لا يعني أن العلمين منفصلان تماما، لأن التحليل الفونولوجي لأية لغة لا بد له من
التحرك بصورة مستمرة بين التحليل الفوناتيكي والتحليل الفونولوجي. نضرب على ما سبق مثالا هو صوت (ن) فهو بحكم
الفوناتيك، صوت سني مجهور أغن، وهذا الوصف ينظر إلى النون من حيث هي وحدة صوتية قائمة بذاتها، منعزلة غير متصلة
بغيرها من الأصوات. في المقابل ثمّة دراجات أو تنوعات في العربية وغيرها للأصوات، ففي العربية نجد أن (ن) في كلمة (نهر) من
الناحية الصوتية الخاصة، أي من حيث تكوينها النطقي غير (ن) في كلمة (منك) و(عنك). وقد أدرك العلماء هذا الفرق، فسموا
النون في (منك) (عنك) النون الخفيفة. خلاصة الكلام هي أن ما نسميه صوتا واحدا، قد يتردد بنفسه أكثر من مرة في كلمة من
الكلمات، ولكنه ينطق في كل مرة بصورة مختلفة، ولكن رغم هذه الاختلافات في التكوين لهذا الصوت الواحد، إلا أنها متطابقة من
حيث الوظيفة اللغوية التي تؤديها.
فالنون صوت واحد بوصفها ليست تاء أو ياء، أي بوصفها ذات وظيفة لغوية واحدة، تتمثل في أنها قادرة على تغيير المعنى مثل:
(تاب) و(ناب) فالفرق في المعنى بين الكلمتين راجع ألى وجود التاء في الأولى والنون في الثانية، لذلك ومن هذه الناحية يشكّل كل
منهما صوتا واحدا لا عدة أصوات.
أما أفراد النون وصورها المختلفة، فلها خصائص نطقية تميز بالنطق والسمع، إذ إن نونا قد تختلف في نطقها عن نون أخرى، لكن
هذه النونات جميعها ذات وظيفة لغوية واحدة، فلا يتغير المعنى بإحلال إحداهما مكان الأخرى، وكل هذه النونات تعامل كما لو
كانت شيئا واحدا وتسمى باسم واحد هو النون، وهذه النون هي ما نقصده بمصطلح فونيم النون، الذي يشمل صور النطق لهذا
الصوت جميعها.
أما الصور المختلفة والتنوعات لنطق صوت واحد، كالنونات السابقة، التي لا تؤدي إلى تغيير المعنى عند إحلال إحداهما مكان
الأخرى فيسمى كل واحد منها ألفون. أما الصوت بصورته الخام بصرف النظر عن كونه لغويا أو غير لغوي فيسمى فون.
المستوى الصرفي (المورفولوجي) :
عرف علماء العربية القدماء (الصرف) بأنه العلم بأصول يعرف بها أحوال أبنية الكلمة التي ليست بإعراب أو بناء، والمقصود
بالأحوال هنا التغيرات التي تطرأ على الكلمة، من حيث تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة مثل: اسم الفاعل واسم المفعول
والتثنية والجمع والصحة والاعتلال والزيادة والحذف إلى غير ذلك. أما علم الصرف كمستوى من مستويات الدرس اللساني
فالمصطلح الأساسي فيه، الذي يتصل بصيغة الكلمة ووظيفتها كما في الصرف العربي هو المورفيم. وعلى الرغم من وجود بعض
الخلافات بين المدارس اللغوية الحديثة في تعريف المورفيم، غير أنها تتفق جميعا في النظر إليه على أساس أنه أصغر وحدة لغوية تحمل
معنى أو وظيفة نحوية. وقد وصل علماء اللغة إلى هذا التحديد للمورفيم من خلال بحثهم في مفهوم الكلمة، ووضع تعريف لها، فقد
نظروا إلى الكلمة في صور مختلفة تصلح لأن تدرج تحت مصطلح كلمة، فنظروا مثلا إلى الأمثلة الآتية:
رجل – رجال – رجالات
مسلم – مسلمون – مسلمات
يعلم – يعلمون – يعلمونني - سيعلمونني
ثمّ سألوا أنفسهم: هل من الجائز أن تندرج كل هذه الوحدات تحت مصطلح كلمة؟ ثمّ هل هي من نوع واحد ومستوى واحد؟
فكانوا بذلك يبحثون عن أصغر وحدة لغوية ذات معنى مستقل، فلم يوصلهم مصطلح كلمة إلى ما يريدون. فكلمة (رجال) لها
دلالتان: الأولى: معنى الرجولة. والثانية: الجمع الذي أتت به إضافة (ا) إلى (رجل) هذا الأمر دفع العلماء إلى نبذ المفهوم التقليدي
لعدم دقّته في الدلالة على الوظائف الصرفية والنحوية. ثم قسموا المورفيمات ثلاثة أقسام:
1- المورفيم الحر : وهو ما يمكن استعماله بحرية كوجوده مستقلا في اللغة، مثل: رجل، مسلم، ريم، تحت.
2- المورفيم المقيد : أي الذي لا يمكن استخدامه منفردا، بل يجب أن يتصل بمورفيم آخر، سواء من المورفيمات الحرة أو المقيدة
ومن أمثلته في العربية : الألف والتاء في الدلالة على المؤنث، والواو والنون في جمع المذكّر، التاء المربوطة في التأنيث.
3- المورفيم الصفري : وهو ما يدلّ عدم وجوده على وجود مورفيم محذوف أو مستتر أو مقدر، ومن أمثلته: الصيغة الصرفية
(الوزن) والضمير المستتر، والإسناد في الجملة، وحركات الإعراب المقدرة.وللمورفيمات وظائف لغوية تؤديها، ومن هذه الوظائف
التي يمكن أن نلاحظها في اللغة العربية:
أولا : الوظائف الصرفية . وهي المعاني والدلالات المستفادة من مورفيم الصيغة أو الوزن، ففي كلمة (كاتب) مورفيمان هما:
أ-مورفيم الجذر: الذي يتمثّل في جذر الكلمة( ك ت ب).
ب- مورفيم الصيغة: وهي هنا صيغة اسم الفاعل، وهو مورفيم صفري. فمورفيم الصيغة هنا هو الوظيفة الصرفية التي تميز كل
مورفيم جاء على هذا الوزن في العربية عن غيره من المورفيمات التي جاءت على صيغة أخرى كصيغة اسم المفعول (مكتوب).
ومن ذلك أيضا المورفيمات التي تصنف كأسماء، فوظيفتها أنها تدل على المسمى ولا تدل على الزمن.
ثانيا : الوظائف النحوية .. وتظهر عند دخول المورفيمات بأنواعها في وحدة لغوية أكبر، وهي الجملة، والمقصود هنا المعاني النحوية
التي تحددها المورفيمات في الجملة، وهي قسمان:
أ- الوظائف النحوية العامة: وهي المعاني المستفادة من الجمل بشكل عام، كدلالتها على الخبر والإسناد والإثبات والنفي والتأكيد
والشرط. ويتم هذا خلال مورفيمات لها بنية، أو خلال مورفيمات لا بنية لها (غير تركيبية) كالنبر والتنغيم والفواصل، فجملة مثل
جملة الاستفهام، لا يدرك معناها الوظيفي إلا باستخدام المورفيم الخاص بذلك مثل (أين، هل، متى)، وهذه المورفيمات لها بنية. أما
التنغيم الذي يجعل هو أيضا الجملة تدل على الاستفهام فهو لا يظهر إلا في النطق؛ لذلك تسمى مورفيمات غير تركيبية، أي ليس
لها بنية.
ب- الوظائف النحوية الخاصة: وتظهر عندما يقع مورفيم معين في باب من أبواب النحو، إذ يقوم هذا المورفيم بالوظائف النحوية
لهذا الباب، ومن أمثلة ذلك: وظيفة الفاعلية، أو المفعولية..الخ. من أبواب النحو. فالاسم عندما يقع فاعلا يؤدي وظيفة نحوية إضافة
إلى وظيفته الصرفية كمورفيم
سلين14
2014- 11- 23, 11:32 PM
جزاك الله الجنة عزيزتي إيثار..
غاليتي من يعطيكم المادة..؟
أنا طالبة انتساب فهل نفس الدكتور اللي يعطي الانتظام يعطينا أو كيف الوضع بالضبط..؟
إيثاار
2014- 11- 23, 11:41 PM
أهلاً بك يارفيقة اللغة
أنا معكم منتسبة ولست منتظمة
والدكتور اسمه /سميح مقداد
سرآب..!
2014- 11- 25, 03:59 PM
مخي معلق هالماده ابد ماهضمها يارب تيسيرك .؟
حبيبتي اييثار ممكن اسئله واجوبه انا اعرف اذاكر كذا سؤال وابحث عن الاجابه واحفظها :(:(
زعيم الليل
2014- 11- 25, 04:09 PM
مخي معلق هالماده ابد ماهضمها يارب تيسيرك .؟
حبيبتي اييثار ممكن اسئله واجوبه انا اعرف اذاكر كذا سؤال وابحث عن الاجابه واحفظها :(:(
:007:
المشكلة ان المادة ماتعتمد على سؤال وجواب وبالأصح (الدكتور) وليست المادة والدليل عندك بالمناقشات .
الله يعديها على خير
إيثاار
2014- 11- 25, 09:25 PM
مخي معلق هالماده ابد ماهضمها يارب تيسيرك .؟
حبيبتي اييثار ممكن اسئله واجوبه انا اعرف اذاكر كذا سؤال وابحث عن الاجابه واحفظها :(:(
:verycute:
ومن سمعك :icon120:
مشكلة المادة أنها لاتعتمد حقيقة واضحة بل تعتمد كلها على الدراسات وبين احتمال أنها صحيحة أو خاطئة
ومشتتة بشكل غير طبيعي
وكذلك وخالقي ياسراب بالكاد أجد الوقت واعتمد على التلوين في مواضع الأسئلة المحتملة
إيثاار
2014- 11- 30, 01:03 AM
المحاضرة العاشرة
مستويات تحليل البنية اللغوية
أنظمة اللغة مترابطة، وعملية الفصل بينها تكون لغرض الدراسة فقط، ويعدّ النحو لبُّ هذه الأنظمة، فهو محصلتها النهائية، إذ يصل بين الأصوات (المادة المنطوقة) والدلالات (المعاني). وعلى الرغم من احتفاظ كل لغة بطريقتها الخاصة في كل هذه الأنظمة، ورغم وجود قواعد نحوية خاصة بكل لغة، إلا أن العلماء انشغلوا بفكرة النحو الشامل، أو النحو الكلي، وهو الوصول إلى القواعد النحوية العامة التي توجد في جميع اللغات، وهذا في النهاية لا يغني عن وجود قواعد نحوية خاصة بكل لغة، وهو ما يلاحظه المترجمون، فالنقل من لغة إلى أخرى يتبيّن الخلاف بين اللغات
في طرق نظم الكلام وصياغته، فنعبّر بالعربية عن قوّة الحق بقولنا:(الحق قوّة). ويعبّر عنها الإنجليز بقولهم:(Right is might) فيُؤتى بالفعل المساعد (المورفيم) (is) لكي يتم الإسناد بين الاسمين، فالعربية استغنت عن هذا المورفيم بمورفيم صفري يدلّ على عملية الإسناد. والإنسان يكتسب طريقة أهله في تأليف الجمل وتركيبها منذ الطفولة، فيستخدمها بطريقة لا شعورية. بينما نراه يتعثر ويخطئ عندما يحاول التكلم بلغة أخرى، فيبذل جهدا شعوريا في تأليف الجمل.
والعلم الذي يعنى بدراسة وتحليل ووصف النظام الذي يضبط عملية تركيب الجمل ونظم الكلام هو النحو، فهو يبحث في نظم
التراكيب وما يرتبط بها من خواص.
والحقيقة أن محاولة الكشف عن هاذ النظام شغلت العلماء قديما وحديثا، لكن ما يجب تأكيده هو أن قواعد اللغة التي يستنبطها عالِم اللغة ليست هي اللغة ذاتها، لأن اللغة شيء وقواعدها شيء آخر، فالقواعد هي تصور عالِم اللغة لما يجري داخل اللغة، وهو عمل علمي تجريدي، ومن هنا فتصوّره للغة ليس بالضرورة أن يكون التصوّر الوحيد لما يجري داخل اللغة، فقد تتعدد التصوّرات في شكل نماذج متعددة لتحليل اللغة الواحدة، طِبقا للنظريات والمبادئ التي يطبقها عالِم اللغة، ومن الأمثلة على ذلك النموذج الذي نعرفه في النحو العربي.
ونُمثّل على النماذج اللسانية الحديثة في دراسة النظام النحوي للغة، بما قدّمه بلومفيلد عالِم اللغة الأمريكي عام 1933. فقد نبذ بلومفيلد
المبادئ العقلية في التحليل ونادى بإحلال المذهب الشكلي الآلي الذي به تتحقق الموضوعية، بمعنى الاستعاضة عن التعريفات القديمة للعناصر اللغوية التي كان يدور حولها الفكر اللغوي، مثل الكلمة والاسم والفعل والحرف، بدراسة سلوك هذه العناصر داخل البنية اللغوية، كما تتمثل في الفونيمات والمورفيمات، وذلك من خلال المواضع والمواقع التي تحتلها هذه العناصر في الحديث اللغوي، ورأى أن هذه الوحدات هي وحداة محدودة ومحصورة، ولكنها ذات قدرات توزيعية غير محدودة.
وقد اختلف مفهوم الجملة عنده عن المفهوم الشائع في الدراسات اللغوية التقليدية، فقد رأى أن الجملة في جميع اللغات عبارة عن
طبقات يتركّب بعضها فوق بعض، ومهمة التحليل اللغوي أن يبيّن لنا هذه الطبقات من حيث سلوكها وتوزيعها فقط، ومعنى هذا أن الجملة لم تعد ذلك البناء الطولي الذي يتركّب من عناصر لغوية بعضها بجوار بعض، وإنما طبقات تركب بعضها فوق بعض. ويتمثّل ذلك في منهج التحليل إلى المكونات المباشرة، ومن أشهر صوره التحليل الشجري، الذي يرسم صورة بيانية لشبكة العلاقات بين العناصر اللغوية المكوّنة للجملة. وسنمثّل على ذلك من خلال عرض نموذج أثناء تسجل هذه المحاضرة.
المستوى الدلالي
إن المستويات الثلاثة السابقة: الأصوات والمورفيمات والجمل هي الهياكل والقوالب التي تجسّد صرح اللغة، ولكن هذه الهياكل أو القوالب لا يمكن أن تكون وسيلة للتواصل والتفاهم بين أفراد المجتمع. وبعبارة أخرى لا تكون لغة إلا إذا كان لها معنى، فليست اللغة مجرّد ضوضاء منظّمة، أيْ موضوعة في قوالب فحسب، إن لها معنى، فالمعنى هو الأساس الذي يقوم عليه التفاهم بين أفراد المجتمع، وما هذه القوالب إلا سفيرة لهذا المعنى، أيْ مجرّد وسيلة له. ومن ثمّ كان المعنى هو المشكلة الجوهرية في اللسانيات، فقال فيرث: إن المهمّة الأساسية للسانيات الوصفية هي توضيح المعنى.
والدراسة العلمية للمعنى تسمّى علم الدلالة، أما دراسة المعنى بصورة عامة فهي قديمة جدا في الشرق والغرب، وإنما التاريخ للبداية هنا مرتبط بكون برايل نقل دراسة المعنى إلى الحقل العلمي المنهجي.
ويعاني علم الدلالة كثيرا، نظرا إلى أن موضوعه لم يحدد تماما، كما أن مصطلحاته لم تحدد بدقة، ومن ثمّ لم يتمكّن أحد من أن يقدم نظرية شاملة ومرضية للدلالة، ويرجع ذلك في الحقيقة إلى أن طبيعة الموضوع تستعصي على البحث العلمي المجرّد، وإذ يتعيّن على الدراسة العلمية أن تكون تجريبية، ويكون ممكنا
اختبار البيانات وتحققها بشكل ما، وإذا كان من السهل تطبيق ذلك على الأصوات، فلسوء الحظ ليس ثمّة طريقة سهلة مشابهة لوصف الدلالة، ذلك أن المعنى قضية نفسية، بمعنى أن كل شيء يمرّ داخل النفس، ويصعُب إن لم يستحيل تطبيق المنهج التجريبي على الأمور النفسية، كما أن المعاني كالرمال المتحركة، غير مستقرّة، لأنها تعتمد على المتكلمين والسامعين والسياق.
من هنا جاء تركيز كثير من العلماء في هذا القرن على الشكل، وعلى رأسهم بلومفيلد، وظل الأمر كذلك حتى جاء تشومسكي.
وقد كان ما تعرضنا له سابقا من تصور دي سوسير الثنائي للدلالة القائم على أساس الدال والمدلول، أساسا للدراسات اللسانية
الدلالية فيما بعد، فقد قام عالمان هما (أوجدن وريتشاردز) بتوجه نقد لما قدّمه سوسير بسبب إهماله للأشياء التي تمثّلها الكلمات (المرجع)، مما أبعده عن منهج التحقيق العلمي، وقدما التصور البديل المتمثل في مثلّث الدلالة السكولاستي، الذي أضافا إليه الشيء (المسمى) فأصبحت الدلالة كيانا من ثلاثة أبعاد هي : المدلول والدال و المسمى.
إن مثلث الدلالة هذا يمكن أن يحلل إلى ثلاث علاقات ثنائية، اثنتان أساسيتان، والثالثة ثانوية. فأما العلاقتان الأساسيتان، فعلاقة المدلول بالدال، وعلاقة المدلول بالمسمى، والعلاقة الثانوية غير المباشرة فهي القائمة بين الدال والشيء في العلَم الخارجي.
وقد قسمت اللسانيات الحديثة المعاني قسمين هما:
1- المعنى المعجمي 2- المعنى البنيوي أو القواعدي.
فأقسام الكلام الرئيسية مثل (الأسماء والأفعال والصفات) لها معنى معجمي مُثبت في المعجم، وأما الضمائر والأدوات والحروف فهي ذات معنى بنيوي أو قواعدي، لكن لا يعني ذلك أن الكلمات ذات المعنى المعجمي ليس لها معان بنيوية أو قواعدية، بل هي ذات معنى معجمي وآخر قواعدي.
والمعاني المعجمية للكلمات في أيْ لغة ذاتية، أيْ هي خاصة باللغة التي تنتمي إليها، ولذلك كان لكل لغة بنيتها الدلالية الخاصة بها. من هنا فقد ركّزت اللسانيات البنيوية على المعنى القواعدي
البنيوي وأهملت المنعى المعجمي، فالكلمات القواعدية في أيّ لغة تنتمي إلى مجموعة مقفلة من المفردات، قليلة العدد وثابتة في المعنى والوظيفة، بينما تنتمي الكلمات المعجمية إلى مجموعات مفتوحة، وذات عضوية كبيرة غير محدودة، فهو معرّضة للزيادة باستمرار تلبية لحاجات الاتصال للجماعة اللغوية.
نظريات المعنى:
لقد تعددت المنطلقات إلى دراسة المعنى وتنوعت، واختلاف المنطلقات والاتجاهات أدى بالضرورة إلى ظهور نظريات مختلفة للمعنى، بعضها فلسفي وبعضها لساني، نمثّل على كل نوع بنظرية:
أولا : النظريات الفلسفية:
1- نظرية الإشارة 2- التحقق 3- شروط الصدق 4- الاستعمال 5-الفكرة.
نظرية الإشارة:
تعدّ واحدة من أقدم نظريات المعنى، وأكثرها جاذبية، ترى أن معنى كلمة ما هو الشيء الذي تسميه أو تدل عليه، فتنظر إلى الكلمات وكذلك الجمل على أساس أنها مثل الرمز، والرمز يعني شيئا آخر غيره، فالدخان يعني النار، والقلب المُختَرَق بسهم ويقطر دما يعني الحب، وكذلك الكلمات والجمل تشير إلى ما وراء أنفسها وذواتها، إنها تعني الشيء الذي تفيد التفكير فيه.
فلو سأل سائل: ما التفاحة؟ وهو في بستان تفاح، يُجَاب: هل ترى ذلك الثمر على تلك الشجرة؟ إنه التفاح، وهذا يعني أننا عرفنا معنى كلمة (تفاح) بالإشارة إلى ما تمثّله في العالَم الخارجي.
ومن النقد الذي وُجِّه لهذه النظرية، أن معرفة معنى كلمة يتطلب أو يتوقف على معرفة معاني الكلمات الأخرى المرتبطة بها ككلمات (ثمرة، شجرة، ...الخ) في المثال السابق، وهذا يتطلّب إلماما جيدا باللغة المعنية لكي تستخدم التعريف الإشاري.
كما أنها تصلح فقط للأشياء الموجودة في الحقيقة في العلَم الخارجي، فالوجود المادي أساسي للإشارة، فكيف نشير إلى المعاني المعنوية كالحب والكرم والجمال.
ثانيا: النظريات اللسانية:
1- السياقية (سياق الحال) 2- السلوكية 3- النزوعية 4- الذهنية.
النظرية السياقية:
يُقصد بها النظرية الفيرثية للمعنى لأنها طُوِّرت من قبل فيرث زعيم مدرسة لندن اللغوية، ومعاني الكلمات بناء على هذه النظرية يعتمد في تقديره على السياق. قال فندريس:» الذي يعيّن قيمة الكلمة هو السياق، وهو الذي يفرض قيمة واحدة بعينها على الكلمة على الرغم من المعاني المتنوعة التي بوسعها أن تدل عليها، والسياق أيضا هو الذي يخلّص الكلمة من الدلالات الماضية
ولقد سبق لغويو العرب إلى هذا الفهم، فقالوا: لكل مقام مقال.
لقد حققت هذه النظرية بعض المنجزات وأسهمت بنصيب لا بأس به في معالجة قضية المعنى، ولقد فجّرت ثورة في طرق التحليل الأدبي، ومكّنت الدراسة التاريخية للمعنى من الاستناد إلى أسس أكثر ثباتا، ووصفت مقاييس لشرح الكلمات، ولو قُدِّر لهذه النظرية أن تُطَبَّق بحكمة وعناية، لشكلت القاعدة الصلبة وحجر الأساس لعلم المعنى.
لكن مشكلة هذه النظرية أنها لا تصلح للتعامل إلا مع أبسط استعمالات اللغة، التي يمكن أن تلاحظ فيها الحال، وتعتمد عليه في تحديد المعنى، فإذا فقد المترابط القابل للملاحظة، عجزت عن العمل
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2025, Ahmed Alfaifi