English Literature
2016- 2- 8, 10:28 PM
وأنا أقـص شريط افتتاح صباحاتي .. بقراءة كتاب قواعد العشق الاربعون زاحمت زميلي شمس التبريزي وهو يقف على شرفته العالية ..وقال لي دون مقدمات التي نعتادها عادة في برتوكول كل مقابلة تعقب يوم جديد .. قال :
( قبل ليلة واحدة من لقائي بالرومي اجلس هنا على الشرفة في خان السكّر كان قلبي يتقد فرحاَ بعظمة الكون الذي خلقه الله على صورته ، لذلك أينما استدرنا ونظرنا ، نستطيع ان نبحث عنه وان نجده . ولكن البشر نادر ما يفعلون ذلك .)
لم اريد ان اقطع عليه خاطره .. تركته يسترسل في حياكة سجادة أفكاره ..فقط حواري معه كان ينحصر على النظرات والإيماءات كإشارة بالمتابعة وحثه على الحديث ..
توقف قليلاً وهو يرسل نظره ثاقبة في الفضاء الفسيح وكأنه يفتش في جيوب السماء عله يجد إجابة للغز الحياة ...وعاد وقال
( تذكرت الأشخاص الذين التقيت بهم :
الشحاذ والمومس والسكران . أناس يعانون من مرض مشترك وهو الانفصال عن الواحد الأحد . هذا النوع من الناس- يا حسين - الذين لا يراهم العلماء الذين يجلسون في ابراجهم العاجية . وتساءلت هل يختلف الرومي عنهم ؟ وقلت لنفسي انه إذا لم يكن مختلفاَ ، فيجب ان أكون الواسطة بينه وبين قاع المجتمع . )
وفيما نحن نقف على الشرفة الفسيحة التي نــطل من خلالها على الأفق البعيد وتفاصيل ينسجها فضول المتابعة ودقة الرصد للشاردة والواردة ..وكنتُ اقصد ان أغيب في حواره حتى لا يجعلني محور في حديثه لان ما لديه اكبر من ان يضيعه في شخص بليد مثلي ...!
والتفت بوجهه شطر لغروب والشمس تدخل تابوت العتمة تلفظ اخر انفاس ضوائها واسترسل في حديثه ...
( أخيراً غطّت المدينة في سبات عميق , وفي ذلك الوقت من الليل ، ترفض حتى الحيوانات الليلية ان تعكّر صفو الهدوء المخّيم على المنطقة . ان الإنصات الى المدينة وهي غافية يجعلني حزيناً وسعيدا في وقت واحد ، وأتساءل : ما نوع القصص التي تروى وراء الأبواب الموصدة ، وما هي القصص التي قد أعيشها لو أنني خُيّرت سلوك طريق آخر . لكني لم اختر ، بل الطريق هو الذي اختارني . )
لم أوافقه على هذا الراي ! ولكني قتلت اعتراضي بسكين الصمت وجلدت ظهر الجدل بكرباج نشوة الإنصات .. !
واسترسل مع ان البرد القارص الذي بدء يعلن اعتراضه على خلوتنا ويتسرب الى مفاصلنا ويسرق حفنة دهشتنا ..ويحرضنا على إشعال موقد التدفئة بالداخل ..!!
توجس مني خيفة ..وقرأ في تجاعيدي الف سؤال يطل ومراوغة ..فساق حكايته ..
يقول التبريزي :
( تذكّرت حكاية تقول ان درويشاً جوالاً وصل الى بلدة لا يثق أهلها بالغرباء ، فصاحوا به :" أخرج !.. فلا احد يعرفك هنا " )
فلا ادري للحظة ما الذي جعلني اعتقد حينها ان السيد التبريزي يقصدني وكأنه يقول أنت غريب هنا فاخرج عن ديارنا !
وأردف يكمل حكايته ..
( فأجاب الدرويش بهدوء ، " نعم ، لكني أعرف نفسي ، صدقوني ، كان من الممكن ان يكون الأمر أسوأ بكثير لو كان غير ذلك "
فما دمت اعرف نفسي ، فان الأمور ستسير على ما يرام . فمن يعرف نفسه ، يعرف الواحد الأحد .)
فعلمت حينها ان التبريزي لم يكن يقصدني بحديثه ..ما أقبح الشك وأحكامه المتسرعة !
استاذنته في الذهاب الى الداخل لجلب قهوة تشعل فتيل قريحته وتوفظ مداركي وتدفئنا من وعثاء السفر على الشرفة التي يزورها الصقيع ..انصرفت وقلت للخادمة حنان ان تحن علينا بفنجانين من القهوة التي تحسن أخرجها بنكهة قل مثلها مع حبتين .chocolate bar.!
عدتُ ووجدته يفتح مظلته دون ان يشركني معه او يطلب لي واحدة من الخزينة اعتقد ان قضى يومين معه لا تمنح الثقة لضيوفه ...!!
يقول :
( وبدأ رذاذ ناعم يهمي على المدينة رهيفاَ مثل وشاح حريري ، شكرت الخالق على هذه اللحظة المباركة وأسلمت نفسي بين يديه . تذكرت ان الحياة هشة وقصيرة ، وتذكرت قاعدة أخرى :
ما الحياة الا دين مؤقت ، وما هذا العالم الا تقليد هزيل للحقيقة . ( بهرني بكلامه ..!!!..وزاد حين استرسل ..!!) الأطفال فقط هم الذين يخلطون بين اللعبة والشيء الحقيقي . ومع ذلك ، فإمّا ان يفتتن البشر باللعبة ، او يكسرونها بازدراء ويرموها جانباً . في هذه الحياة تحاشى التطرف بجميع أنواعه لأنه سيحطم اتزانك الداخلي .)
أخذت أخر رشفة من قهوتي ..واخر قضمة من الكعك ... واخر جملة في حديثه ،
فكأنه يطل علينا من شرفة التاريخ من هناك حيث كانت الحكاية .. ليقول لنا نصيحة حول التطرف وما يحدثه من أضرار ومشقة على الأفراد والمجتمع على حدٍ سواء .. وقتل كل جميل في الحياة .
( قبل ليلة واحدة من لقائي بالرومي اجلس هنا على الشرفة في خان السكّر كان قلبي يتقد فرحاَ بعظمة الكون الذي خلقه الله على صورته ، لذلك أينما استدرنا ونظرنا ، نستطيع ان نبحث عنه وان نجده . ولكن البشر نادر ما يفعلون ذلك .)
لم اريد ان اقطع عليه خاطره .. تركته يسترسل في حياكة سجادة أفكاره ..فقط حواري معه كان ينحصر على النظرات والإيماءات كإشارة بالمتابعة وحثه على الحديث ..
توقف قليلاً وهو يرسل نظره ثاقبة في الفضاء الفسيح وكأنه يفتش في جيوب السماء عله يجد إجابة للغز الحياة ...وعاد وقال
( تذكرت الأشخاص الذين التقيت بهم :
الشحاذ والمومس والسكران . أناس يعانون من مرض مشترك وهو الانفصال عن الواحد الأحد . هذا النوع من الناس- يا حسين - الذين لا يراهم العلماء الذين يجلسون في ابراجهم العاجية . وتساءلت هل يختلف الرومي عنهم ؟ وقلت لنفسي انه إذا لم يكن مختلفاَ ، فيجب ان أكون الواسطة بينه وبين قاع المجتمع . )
وفيما نحن نقف على الشرفة الفسيحة التي نــطل من خلالها على الأفق البعيد وتفاصيل ينسجها فضول المتابعة ودقة الرصد للشاردة والواردة ..وكنتُ اقصد ان أغيب في حواره حتى لا يجعلني محور في حديثه لان ما لديه اكبر من ان يضيعه في شخص بليد مثلي ...!
والتفت بوجهه شطر لغروب والشمس تدخل تابوت العتمة تلفظ اخر انفاس ضوائها واسترسل في حديثه ...
( أخيراً غطّت المدينة في سبات عميق , وفي ذلك الوقت من الليل ، ترفض حتى الحيوانات الليلية ان تعكّر صفو الهدوء المخّيم على المنطقة . ان الإنصات الى المدينة وهي غافية يجعلني حزيناً وسعيدا في وقت واحد ، وأتساءل : ما نوع القصص التي تروى وراء الأبواب الموصدة ، وما هي القصص التي قد أعيشها لو أنني خُيّرت سلوك طريق آخر . لكني لم اختر ، بل الطريق هو الذي اختارني . )
لم أوافقه على هذا الراي ! ولكني قتلت اعتراضي بسكين الصمت وجلدت ظهر الجدل بكرباج نشوة الإنصات .. !
واسترسل مع ان البرد القارص الذي بدء يعلن اعتراضه على خلوتنا ويتسرب الى مفاصلنا ويسرق حفنة دهشتنا ..ويحرضنا على إشعال موقد التدفئة بالداخل ..!!
توجس مني خيفة ..وقرأ في تجاعيدي الف سؤال يطل ومراوغة ..فساق حكايته ..
يقول التبريزي :
( تذكّرت حكاية تقول ان درويشاً جوالاً وصل الى بلدة لا يثق أهلها بالغرباء ، فصاحوا به :" أخرج !.. فلا احد يعرفك هنا " )
فلا ادري للحظة ما الذي جعلني اعتقد حينها ان السيد التبريزي يقصدني وكأنه يقول أنت غريب هنا فاخرج عن ديارنا !
وأردف يكمل حكايته ..
( فأجاب الدرويش بهدوء ، " نعم ، لكني أعرف نفسي ، صدقوني ، كان من الممكن ان يكون الأمر أسوأ بكثير لو كان غير ذلك "
فما دمت اعرف نفسي ، فان الأمور ستسير على ما يرام . فمن يعرف نفسه ، يعرف الواحد الأحد .)
فعلمت حينها ان التبريزي لم يكن يقصدني بحديثه ..ما أقبح الشك وأحكامه المتسرعة !
استاذنته في الذهاب الى الداخل لجلب قهوة تشعل فتيل قريحته وتوفظ مداركي وتدفئنا من وعثاء السفر على الشرفة التي يزورها الصقيع ..انصرفت وقلت للخادمة حنان ان تحن علينا بفنجانين من القهوة التي تحسن أخرجها بنكهة قل مثلها مع حبتين .chocolate bar.!
عدتُ ووجدته يفتح مظلته دون ان يشركني معه او يطلب لي واحدة من الخزينة اعتقد ان قضى يومين معه لا تمنح الثقة لضيوفه ...!!
يقول :
( وبدأ رذاذ ناعم يهمي على المدينة رهيفاَ مثل وشاح حريري ، شكرت الخالق على هذه اللحظة المباركة وأسلمت نفسي بين يديه . تذكرت ان الحياة هشة وقصيرة ، وتذكرت قاعدة أخرى :
ما الحياة الا دين مؤقت ، وما هذا العالم الا تقليد هزيل للحقيقة . ( بهرني بكلامه ..!!!..وزاد حين استرسل ..!!) الأطفال فقط هم الذين يخلطون بين اللعبة والشيء الحقيقي . ومع ذلك ، فإمّا ان يفتتن البشر باللعبة ، او يكسرونها بازدراء ويرموها جانباً . في هذه الحياة تحاشى التطرف بجميع أنواعه لأنه سيحطم اتزانك الداخلي .)
أخذت أخر رشفة من قهوتي ..واخر قضمة من الكعك ... واخر جملة في حديثه ،
فكأنه يطل علينا من شرفة التاريخ من هناك حيث كانت الحكاية .. ليقول لنا نصيحة حول التطرف وما يحدثه من أضرار ومشقة على الأفراد والمجتمع على حدٍ سواء .. وقتل كل جميل في الحياة .