ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام (https://vb.ckfu.org/index.php)
-   E5 (https://vb.ckfu.org/forumdisplay.php?f=309)
-   -   1. نماذج اسئلة / الحضارة الاسلامية – د.محمد جودة (https://vb.ckfu.org/showthread.php?t=385654)

Rozee 2012- 11- 9 12:57 PM

1. نماذج اسئلة / الحضارة الاسلامية – د.محمد جودة
 
1 مرفق
1. نماذج اسئلة / الحضارة الاسلامية – د.محمد جودة


س : ماهو تعريف الحضارة الاسلامية ؟أ – هي دراسة مجموعة من الثقافات المتنوعة .ب – هي الجهد الذي يقدم لخدمة الانسان في كل نواحي حياته .ج – هي التقدم في المدنية والثقافة .د – هي معرفة أنواع مختلفة من حياة الشعوب .س : الدول التي تهتم بالتقدم المادي على حساب التقدم في مجال القيم والاخلاق تسمى بالدول :أ - الدول المتحضرة . ب – الدول النامية .ج – الدول المدنية .د – الدول الثقافية .س : ما هو مفهوم الحضارة ؟أ – هي ما قدمه الاسلام للبشرية من قيم ومبادئ .ب- هي معرفة أنواع متعددة من حياة الشعوب .ج هي الجهد الذي يقدم لخدمة الانسان في كل نواحي حياته .د – هي التقدم ومعرفة العلوم التكنولوجية .س : هي الحضارة التي قدمتها دولة من الدول الإسلامية لرفع شأن الإنسان وخدمته . أي من الحضارات هذه ؟أ – حضارة الدول .ب- الحضارة الاسلامية .ج – الحضارة المقتبسة .د – الحضارة اليونانية .س : من تعاليم هذه الحضارة أنها جاءت شاملة لكل نواحي حياة الانسان في كل المجالات. فما هي ؟أ – حضارة الدول .ب- الحضارة الاسلامية .ج – الحضارة المقتبسة .د – الحضارة اليونانية .س : هي حضارة قائمة بذاتها تنبعث من العقيدة الاسلامية وتستهدف إعمار الكون بشريعة الله . فما هي هذه الحضارة ؟أ – حضارة الدول .ب- الحضارة الاسلامية .ج – الحضارة المقتبسة .د – الحضارة اليونانية .س : اهتم الاسلام بالعلم وحث على طلبه . فكم مرة وردت كلمة العلم بمشتقاتها في القرآن الكريم ؟أ – (500) مرة .ب – (1000) مرة .ج – (7000) مرة .د – (15000) مرة .س : قال جل وعلا في كتابه الكريم (( وعلم آدم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة ... )) على ماذا تدل هذه الاية الكريمة ؟أ – الحث على طلب العلم .ب – فضل العلم والعلماء وتكريمهم .ج – أهمية العلم في الدين والعقيدة .د – أن العلم هو سبب التكريم والتعظيم لآدم عليه السلام .ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ ــــــــــــــس : في القرن الرابع قبل الميلاد قام الاسكندر المقدوني بمحاولة لإقامة دولة واحدة تشمل عدة أقاليم . فما هي تلك الاقاليم ؟أ – اوروبا ، الهند , الصين .ب – اوربا ، اسيا ، افريقيا .ج – افريقيا ، مصر ، اوربا.د – مصر ، العراق ، سوريا .س : في أي عام قام الاسكندر المقدوني بمحاولته لإقامة دولة واحدة .أ – 393 ق . م .ب – 363 ق . م .ج – 484 ق . م .د – 323 ق . م . .س : لم يكتف الاسكندر بالتوحيد السياسي في هذه المنطقة من العالم ، بل قام بتأسيس عدد من المدن الجديدة التي عرفت بالاسكندريات. فكم عدد هذه المدن تقريباً ؟أ - 24 مدينة .ب – 20 مدينة .ج – 27 مدينة .د – 29 مدينة .س : ما هو الهدف من وراء تأسيس الاسكندر لهذه المدن ؟أ – نشر الثقافة اليونانية .ب – السيطرة على أراضي جديدة .ج – اختلاط الثقافة اليونانية مع الحضارات الاخرى .د – الهدف الى بقاء العالم في ظلمات الجهل .س : كان الاسكندر الاكبر يؤمن بفكرة (البان هيلينزم) فما معناها ؟أ – تطبيع العالم بالطابع اليوناني .ب – نشر الحضارة اليونانية في العالم .ج – السيطرة على العلم وبقاء العالم في ظلمات الجهل.د – السيطرة على مناطق من العالم لتصبح تحت اسمه .س : متى تحول مشروع الاسكندر الاكبر من مشروع تطبيع العالم بالطابع اليوناني الى مزج الحضارة اليونانية بالحضارات الشرقية ؟أ – عندما وجد مقاومة من الحضارات الشرقية تجاه الحضارة اليونانية .ب – عندما وجد حضارات عريقة أثناء فتوحاته للشرق ..ج – عندما أراد نشر الثقافة اليونانية بالقوة في العالم .د – عندما زار مناطق الشرق ووجد ثقافات مختلفة وعريقة لديهم .س : ما هو مفهوم الحضارة الهيلينستية ؟أ – هو الحضارة اليونانية داخل بلاد اليونان .ب – هو الحضارة اليونانية خارج بلاد اليونان .ج – هو الحضارة اليونانية الخالصة داخل بلاد اليونان .د – هو الحضارة اليونانية الخالصة خارج بلاد اليونان .س : بماذا تعرف الحضارة اليونانية الخالصة في بلاد اليونان فقط ؟أ – البان هيلينستية .ب – البوذية .ج – الهليني .د – الهيلينستية.س : على أي عصر من العصور يطلق ( العصر الهلينستي ) ؟أ – العصر اليوناني.ب – الحضارة اليونانية .ج – الحركة العلمية .د – الحضارات الشرقية . س : ما اسم العصر الذي ساد اليونان قبل عصر الاسكندر ؟ أ – البان هيلينستية .ب – البوذية .ج – الهليني .د – الهيلينستية.س : ما هي أشهر المراكز الهلستينية ؟أ – سوريا .ب – الاسكندرية .ج – اسيا .د – العراق .س : من هو الملك الذي اراد نشر البوذية كدين عالمي في الارض قبل القرن الثالث الميلادي؟أ – فرعون مصر أخناتون .ب – الملك أشوكا .ج – الاسكندر الاكبر .د – فيليب الاكبر .س : في أي قرن بشر فرعون مصر أخناتون بإله العالم (آتون) ؟أ – الثالث قبل الميلاد .ب – العاشر قبل الميلاد .ج – الرابع عشر قبل الميلاد ..د – التاسع قبل الميلاد .س : في أي قرن ظهرت الزرادشتية ؟ وما المبدأين الاساسين المنادية بهما ؟أ – في القرن 3 ق.م – ومبدأها الحق والباطل .ب – القرن الثامن ق.م – ومبدأها الخير والتعاون .ج – القرن العاشر ق.م – ومبدأها نشر الهلينستية .د – القرن السابع ق.م – ومبدأها الخير والشر ..س : بماذا يؤمن الفكر اليوناني ؟أ – المحسوس والمادي .ب – الثقافة والعلم .ج – الفراغ الديني والفكري .د – تمجيد القوة العسكرية .س : أي من هذه الافكار كان يؤمن بإشاعة نظرية التفاوت بين الناس ؟أ – الفكر اليوناني .ب – الفكر الفارسي .ج – الفكر الروماني .د – الديانات الشرقية .س : ما أبرزالمجالات التي تأثرت بها الحضارة الاسلامية من الحضارة الفارسية ؟أ – الادب .ب – الفلك .ج – العلوم .د – الرياضيات .س : عن طريق من عرف المسلمون الارقام الحسابية ؟أ – الصينيون .ب – الفرس .ج – الهنود .د – اليونانيين .س : منذ متى اهتم القرآن الكريم بقضية العلم ؟أ – منذ فتح مكة .ب – منذ نزول القرآن الكريم .ج – منذ العصور اليونانية .د – منذ بداية الخلق . .س : من مؤلف كتاب ( اليتيمة ) ؟أ – د.محمد جودة.ب – ابن المقفع.ج – ابناء خالد .د – الحسن بن سهل .س : أحد هذه الكلمات تم نقلها من الادب اليوناني. فما هي ؟أ – الروبية .ب- الريال .ج – الدرهم .د – الدينار .س : بماذا اشتهرت الهند في القرن الخامس الهجري ؟أ – الادب .ب – الفلسفة .ج – علم النجوم .د – التفسير .س : ما اسم الكتاب الذي أخذه المسلمون عن الهند في علم الفلك ؟أ – سسرد.ب – السيرك .ج – السند هند .د – استنكر الجامع .س : من الذي ترجم كتاب (سسرد) المنقول عن الفارسية ؟أ – عبدالله بن علي.ب – يحي بن خالد البرمكي.ج – اسحاق بن سليمان.د – ابن دهن الهندي.س : من الذي ترجم كتاب (أسماء عقاقير الهند) الى العربية ؟أ – عبدالله بن علي.ب – يحي بن خالد البرمكي.ج – اسحاق بن سليمان.د – ابن دهن الهندي.س : بماذا نبغ أطباء الهند ؟أ – علم الفلك .ب – علم الحساب .ج – طب الاعشاب .د – علم الفيزياء .س : أي من العلوم التالية هي علوم طبيعية حيوية ؟أ – التاريخ .ب – علم النبات.ج – الجبر.د – العقيدة.س : من هو العالم العربي الذي اعتنى بعلوم الفلك والرياضيات والتنجيم ؟أ – خالد بن يحي البرمكي.ب – حنين بن اسحاق.ج – عبدالله بن المقفع.د – ثابت بن قرة الحراني. .


س : في أي مدينة استقر علماء اليونان بعدما اضطهدوا دينيا ومذهبياً ؟أ – الاسكندرية .ب – خوزستان.ج – اثينا .د – قرطبة.

هنا لقيت الاجابة الصحيحة فى الرها شمال العراق .. مش موجودة فى الخيارات !!!



س : في أي عام أغلق زينون مدرسة الرها ؟أ – 491م .ب – 489م .ج – 499م .د – 323م .س : ما اسم المدرسة التي اشتهرت في ميادين الفلسفة والطب اليوناني ؟أ – الرها .ب – نصيبين .ج – انطاكيا.د – اثينا.س : في أي عام اغلقت مدرسة أثينا الوثنية ؟أ – 528م .ب – 588م .ج – 565م .د – 579م .س : أحد هذه المدارس اشتهرت بعلوم الطب. فمن هي ؟أ – جنديسابور.ب – انطاكيا.ج – مدرسة الحران.د – الاسكندرية .س : ما اللغة العالمية التي اشتهرت في الشرق الادني قبل ظهور الاسلام ؟أ – السريانية.ب – الآشورية.ج – الآرامية.د – السنسكريتية.س : الى أي سنة تعود أقدم بردة في الاسلام ؟أ – سنة 22هـ ..ب – سنة 7 م.ج – سنة 23هـ .د – سنة 7 هـ.س : ما أشهر العلوم التي عرف بها العالم العربي جابر بن حيان الكوفي؟أ – الترجمة.ب – الكيمياء ..ج – الطب.د – الفلك.س : في أي عصر يتم نقل الكتاب من اليونانية ثم الى السريانية ثم يترجم الى العربية ؟أ – العصر الاموي.ب – العصر العباسي.ج – العصر الاغريقي.د – العصر الفارسي.س : من هو أول من أسس ( دار الحكمة ) في العصر العباسي ؟أ – ابو جعفر المنصور .ب – هارون الرشيد ..ج – ابن النديم .د – المأمون .س : في أي من المدن انشئت (دار الحكمة) ؟أ – الاسكندرية .ب – القسطنطينية.ج – جنديسابور.د – بغداد..س : ماهي أهم مراكز الترجمة عن العربية الى اللاتينية ؟أ - الاندلس .ب – الاسكندرية.ج – بغداد.د – صقلية.س : من هو أبرز المترجمين في مركز صقلية ؟أ – ابن البطريق.ب – الحجاج بن مطر.ج – ابن رشد.د – عشر فرج.س : من هو أول من ترجم القرآن الكريم الى اللاتينية ؟أ – رديرن الشستري.ب – عشر فرج.ج – ابن النديم.د – الخوارزمي.



الاسئلة منقولة من الارشيف .
والتصحيح من عندي

GLAYNZI 2012- 11- 9 01:23 PM

رد: 1. نماذج اسئلة / الحضارة الاسلامية – د.محمد جودة
 
شكراً Rozee :16:

مجهود رائع وسيكون اكثر روعة إن إستطعت تنسيقة على شكل فقرات مستقلة عمودياً.

مع تمنياتي لك بالتوفيق

kathy 2012- 11- 9 03:32 PM

رد: 1. نماذج اسئلة / الحضارة الاسلامية – د.محمد جودة
 
يعطيك العافيه :16:

al-otibi 2012- 11- 9 03:56 PM

رد: 1. نماذج اسئلة / الحضارة الاسلامية – د.محمد جودة
 
شكراً:2:

إلهامااات 2012- 11- 9 04:35 PM

رد: 1. نماذج اسئلة / الحضارة الاسلامية – د.محمد جودة
 
:16:وفقكم الله

✶ جُمان ✶ 2012- 11- 12 03:12 PM

رد: 1. نماذج اسئلة / الحضارة الاسلامية – د.محمد جودة
 
تسلم الأيادي :2:

فضيل 2012- 11- 13 02:32 AM

رد: 1. نماذج اسئلة / الحضارة الاسلامية – د.محمد جودة
 
شكراً روزي الماده هذي كلاااااام كثيررر انا ناقص العقيده و تفاصيلها الى الحاضر وتفاصيله ، thanks

جات في وقتها:17:

سعدf 2012- 12- 29 10:58 PM

رد: 1. نماذج اسئلة / الحضارة الاسلامية – د.محمد جودة
 
محتوى
الحضارة الإسلامية
التعليم عن بعد
د. محمد احمد جودة
عمل :
IbtiHAlinO

للحصول على الملزمة من الإنترنت :
ibtihalino.blogspot.com

2
IbtiHAlinO

المحاضرة التمهيدية
أهداف دراسة مقرر الحضارة الإسلامية
الحضارة الإسلامية من أهم و أعظم الحضارات التي ظهرت و أثرت في تاريخ البشرية منذ بدايتها و حتى ألان ,
وهى نموذج عالمي يقتدي به و يصلح للتطبيق في أي مكان و زمان و لذلك يجب أن يعرف الطالب عناصر هذه
الحضارة و كيف نشأت و نجحت و مدى تأثيرها و تأثرها بالحضارات الأخرى .
و ان يعرف أيضا مدى أهمية العلم في هذه الحضارة و دوره و أهم العلوم التي ظهرت فيها سواء علوم نقليه أو
علوم عقلية.
محتوى المقرر
- يبدأ المقرر بتوضيح أهمية العلم و دعم الإسلام له.
- ميادين العلوم.
- صلة الحضارات الإسلامية بالحضارات القديمة.
- أهمية الترجمة و مراكز انتقال الحضارات القديمة إلى بلاد المسلمين.
- العلوم النقلية , كعلم الطب و علم الصيدلة و علم الكيمياء و علم الفيزياء و النبات
) و يتم تناول كل علم و اهم انجازاته العلمية و اهم من تخصصوا فيه و مؤلفاتهم (.
- الفنون الإسلامية : التطبيقية مثل ) الخزف والسجاد و النسيج (.
- فنون العمارة الإسلامية و نماذجها.
- معابر الحضارة الإسلامية و أثر ذلك في الحضارة الأوروبية و العالمية.
المصادر و المراجع التعليمية
- فتحية النبراوي : الحضارة الإسلامية و النظم.
- عفاف صبره و مصطفى الحناوي : دراسات في الحضارة الإسلامية.
- تاج السر حران : الحضارة الإسلامية ) علوم و فنون (.
- حسن الباشا : دراسات في الحضارة الإسلامية.
3
IbtiHAlinO

م 1
مفهوم الحضارة
الحضارة هي الجهد الذي يُقدَّم لخدمة الإنسان في كل نواحي حياته أو هي التقدم في المدنية و الثقافة معًا , فالثقافة هي
التقدم في الأفكار النظرية مثل القانون و السياسة و الاجتماع و الأخلاق وغيرها و بالتالي يستطيع الإنسان أن يفكر
تفكيرًا سليمًا , أما المدنية فهي التقدم و الرقى في العلوم التي تقوم على التجربة و الملاحظة مثل الطب و الهندسة و
الزراعة , وغيرها.. وقد سميت بالمدنيَّة ؛ لأنها ترتبط بالمدينة و تحقق استقرار الناس فيها عن طريق امتلاك وسائل
هذا الاستقرار , فالمدنية تهدف إلى سيطرة الإنسان على الكون المحيط به و إخضاع ظروف البيئة للإنسان.
و لابد للإنسان من الثقافة و المدنية معًا ؛ لكي يستقيم فكر الأفراد و سلوكياتهم و تتحسن حياتهم , لذلك فإن الدولة التي
تهتم بالتقدم المادي على حساب التقدم في مجال القيم و الأخلاق , دولة مدنيَّة و ليست متحضرة تفتقد إلى جانب هام من
جوانب الحضارة وهو الجانب الروحي و الأخلاقي ؛ ومن هنا فإن تقدم الدول الغربية في العصر الحديث يعد مدنية و
ليس حضارة ؛ لأن الغرب اهتم بالتقدم المادي على حساب القيم و المبادئ و الأخلاق , أما الإسلام الذي كرَّم الإنسان و
أعلى من شأنه , فقد جاء بحضارة سامية , تسهم في تيسير حياة الإنسان.
مفهوم الحضارة الإسلامية:
الحضارة الإسلامية هي ما قدمه الإسلام للمجتمع البشرى من قيم و مبادئ و قواعد ترفع من شأنه و تمكنه من
التقدم في الجانب المادي و تيسِّر الحياة للإنسان.
أهمية الحضارة الإسلامية :
الفرد هو اللبنة الأولى في بناء المجتمع و إذا صلح صلح المجتمع كله و أصبح قادرًا على أن يحمل مشعل الحضارة
و يبلغها للعالم كله ومن أجل ذلك جاء الإسلام بتعاليم و مبادئ تصلح و تقوم هذا الفرد و تجعل حياته هادئة مستقرة و
أعطاه من المبادئ ما يصلح كيانه و روحه و عقله و جسده.
وبعد إصلاح الفرد يتوجه الإسلام بالخطاب إلى المجتمع الذي يتكون من الأفراد و يحثهم على الترابط و التعاون و البر
و التقوى و على كل خير ؛ لتعمير هذه الأرض و استخراج ما بها من خيرات و تسخيرها لخدمة الإنسان و سعادته.
و للحضارة الإسلامية ، ثلاثة أنواع :
-1 حضارة التاريخ )حضارة الدول( :
وهي الحضارة التي قدمتها دولة من الدول الإسلامية لرفع شأن الإنسان و خدمته و عند الحديث عن حضارة الدول
ينبغي أن نتحدث عن تاريخ الدولة التي قدمت هذه الحضارة و عن ميادين حضارتها , مثل : الزراعة و الصناعة و
التعليم و علاقة هذه الدولة الإسلامية بغيرها من الدول , وما قدمته من إنجازات في هذا الميدان .
-2 الحضارة الإسلامية الأصيلة:
وهي الحضارة التي جاء بها الإسلام لخدمة البشرية كلها و تشمل ما جاء به الإسلام من تعاليم في مجال : العقيدة
و السياسة و الاقتصاد و القضاء و التربية وغير ذلك من أمور الحياة التي تفيد الإنسان و تيسر أمور حياته.
4
IbtiHAlinO

-3 الحضارة المقتبسة :
و تسمى حضارة البعث و الإحياء وهذه الحضارة كانت خدمة من المسلمين للبشرية كلها , فقد كانت هناك حضارات
وعلوم ماتت , فأحياها المسلمون و طوروها و صبغوها بالجانب الأخلاقي الذي استمدوه من الإسلام , وقد جعل هذا
الأمر كُتاب العالم الغربي يقولون : إن الحضارة الإسلامية مقتبسة من الحضارات القديمة , وهما حضارتا اليونان و
الرومان و أن العقلية العربية قدْ بدَّلت الصورة الظاهرة لكل هذه الحضارات و ركبتها في أسلوب جديد , مما جعلها
تظهر بصورة مستقلة. ) وهنا نتحدث عن المستشرقين الذين هاجموا الحضارة الإسلامية و كل ما هو مسلم (.
وهذه فكرة خاطئة لا أساس لها من الصحة , فالحضارة الإسلامية في ذاتها و جوهرها إسلامية خالصة , وهي تختلف
عن غيرها من الحضارات اختلافًا كبيرًا , إذ إنها حضارة قائمة بذاتها , لأنها تنبعث من العقيدة الإسلامية و تستهدف
تحقيق الغاية الإسلامية , ألا وهي إعمار الكون بشريعة الله لنيل رضاه , لا مجرد تحقيق التقدم المادي , حتى لو كان
ذلك على حساب الإنسان و الدين كما هو الحال في حضارات أخرى , مع الحرص على التقدم المادي ؛ لما فيه من
مصلحة الأفراد و المجتمع الإنساني كله.
أما ما استفادته من الحضارات الأخرى فقد كان ميزة تحسب لها لا عليها , إذ تشير إلى تفتح العقل المسلم و استعداده
لتقبُّل ما لدى الآخرين , ولكن وضعه فيما يتناسب و النظام الإسلامي الخاص بشكل متكامل , ولا ينقص من الحضارة
الإسلامية استفادتها من الحضارات السابقة , فالتقدم والتطور يبدأ بآخر ما وصل إليه الآخرون , ثم تضيف الحضارة
الجديدة لتكمل ما بدأته الحضارات الأخرى.
مفهوم العلم :
تعني كلمة العلم
Science لغوي اً , إدراك الشيء بحقيقته , وهو اليقين و المعرفة و العلم يعني اصطلاح اً , مجموعة
الحقائق و الوقائع و النظريات و مناهج البحث التي تمتلئ بها المؤلفات العلمية . كما يعرف " العلم " بأنه " نسق
المعارف العلمية المتراكمة .. أو هو مجموعة المبادئ و القواعد التي تشرح بعض الظواهر و العلاقات القائمة بينها.. "
- العلم معرفة الشيء على حقيقته ولا يكون العلم إلا بعد جهد تدرك به هذه المعرفة و يطلق العلم على معان
كثيرة كالعلم بالعقائد و علم اللغات و التراجم و الأنساب و علوم الطبيعة كالرياضيات و الكيمياء و الفيزياء
أو العلوم الحديثة كالحاسب الآلي و الإنترنت و أي علم آخر يجتهد الإنسان لمعرفته.
- وقد اهتم ديننا الحنيف بالعلم أعظم اهتمام , يقول الله عز وجل في أول ما نزل: ) اقرأ باسم ربك الذي خلق ,
خلق الإنسان من علق , اقرأ و ربك الأكرم الذي علم بالقلم , علم الإنسان ما لم يعلم ( ففي هذه الآيات المحكمات
أمر للنبي صلى الله عليه وسلم و لكل فرد من أمته أن يقرأ و يتعلم أي علم يكون له و لغيره نفع في دينه و دنياه.

وظائف العلم :
يقوم العلم بوظيفة أساسية تتمثل في اكتشاف النظام السائد في هذا الكون و فهم قوانين الطبيعة و الحصول على
الطرق اللازمة للسيطرة على قوى الطبيعة و التحكم فيها و ذلك عن طريق زيادة قدرة الإنسان على تفسير الأحداث
و الظواهر و التنبؤ بها و ضبطها.
5
IbtiHAlinO

أهمية العلم و دعوة الإسلام إليه :
للعلم أهمية بالغة في الإسلام , اهتم به الإسلام كثيرا و يحث كل مسلم على طلب العلم دائما و أن يسلك طريقه لأجل
تحصيل أكبر قدر منه و العمل به و بالعلم الشرعي يهتدي الإنسان إلى أمور دينه و بدونه يضل و يشقى.
فلا يستوي عند الله الذي يعلم و الذي لا يعلم , فأهل العلم لهم مقام عظيم في شريعتنا الغراء , فهم من ورثة الأنبياء و
المرسلين : فيقول الحق في القران ما معناه ) يرفع الله الذين امنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات (. أي يرفع الذين تحلوا
بصفة الإيمان أي العلم اليقيني بأمور الدين و الذين أوتوا العلم فساوى بينهم و بين من أمن به عز وجل و بشريعته.
يقول القرطبي في هذه الآية فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن و العالم على من ليس بعالم " و قال ابن مسعود : مدح الله
العلماء في هذه الآية و المعنى : أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم ) درجات ( أي درجات في
دينهم إذا فعلوا ما أمروا به
.

و باتت الحقيقة الأولى التي ظهرت في الأرض عند نزول جبريل عليه السلام لأوَّل مرَّة على
رسول الله أن هذا الدين
الجديد ) الإسلام ( دينٌ يقوم على العلم و يرفض الضلالات و الأوهام جملةً و تفصيلاً ؛ حيث نزل الوحي أوَّل ما نزل
بخمس آيات تتحدَّث حول قضية واحدة تقريبًا , وهي قضية العلم ,
قال تعالى : } اقْرَأْ بِاسْمِ رَ بِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ
.]5- يَعْلَمْ { ]العلق: 1
إن هذا النزول الأوَّل بهذه الكيفيَّة يعد أمرا بالغ الأهمية و ملفت للنظر ؛ و ذلك من عِدَّة وجوه : لأن الله قد اختار موضوعًا
معيَّنًا من آلاف المواضيع التي يتضمَّنها القرآن الكريم و بدأ به , مع أن الرسول الذي يتنزل عليه القرآن أُمِّيٌ لا يقرأ ولا
يكتب , فكان واضحًا أن هذا الموضوع الأوَّل هو مِفتاح فَهْمِ هذا الدِّين و مفتاح فهم هذه الدنيا , بل و فهم الآخرة التي
سيئول إليها الناس كلهم . فبدا واضحا أن العلم يأتي على رأس أولويات الدين الاسلامى.
الأمر الأخر الملفت للانتباه أنه نزل يتحدَّث عن قضية لم يهتم بها العرب كثيرًا في تلك الآونة , بل كانت الخرافات و
الأباطيل هي التي تحكم حياتهم من أوَّ لها إلى آخرها , فكانوا يفتقرون إلى العلم في كل المجالات , اللهم إلا في مجال
البلاغة و الشعر , فكان هذا هو الميدان الذي تفوَّق فيه العرب و برعوا و لذلك نزل القرآن يتحدَّاهم في هذا الذي برعوا
فيه , معلنًا لهم أنه ينادي بالعلم و التفوُّق فيه في كل الجوانب , بما فيها تلك التي يجيدونها.
فليس هناك مكانٌ في هذا الدين للجهل أو الظنِّ أو الشكِّ أو الرِّيبَة.

6
IbtiHAlinO

و بالنظر إلى القران الكريم دستور الدين الاسلامى نجد أنه تكاد لا تخلو سورة من سوره من الحديث عن العلم , سواء
بطريقة مباشرة أو غير مباشرة و بإحصاء عدد المرات التي جاءت فيها كلمة ) العلم ( بمشتقاتها المختلفة في كتاب الله ؛
تجد - بلا مبالغة - قد بلغت أكثر من 077 مرَّة , أي بمعدَّل سبع مرَّاتٍ - تقريبًا - في كل سورة , مما يؤكد على أهمية العلم
كقضية رئيسية في الدين و العقيدة.
بل إن الملاحظ أن اهتمام القرآن بقضيَّة العلم لم يكن في أولى لحظات نزوله فقط و إنما كان ذلك منذ بداية خلق الإنسان
نفسه , كما حكي ذلك القرآن الكريم في آياته ؛ فالله خلق آدم و جعله خليفة في الأرض و أمر الملائكة أن تسجد له و كرَّمه
و عظَّمه و رفعه , ثم ذكر لنا و للملائكة سبب هذا التكريم و التعظيم أنه ) العلم ( ؛
فيقول الحق تعالى
: }* وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَءِ إِنْ كُ نْتُمْ صَادِ يِِنَ *
اَِلُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * اَِلَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ اَِلَ أَلَمْ
أَ لُِْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * وَ إِذْ لُِْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ

.]03-
إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ { ]البقرة: 07

و يقول الله تبارك تعالى
: ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ( سورة الزمر ) 9( فلا
يستوي الذي يعلم و الذي لا يعلم ، كما لا يستوي الحي و الميت و السميع و الأصم و البصير و الأعمى ، فالعلم نور
يهتدي به صاحبه إلى الطريق السوي و يخرج به من الظلمات إلى النور
.

وقد كان لذلك كله أثر بعيد المدى في الدولة الإسلاميَّة بعد ذلك , حيث ولَّد نشاطًا علم يًا واسعًا في مختلَف ميادين العلم و
المعرفة , نشاطًا لم يعهد له التاريخ مثيلاً , ممَّا جعله يحقِّق ازدهارًا حضار يًا عظيمًا على أيدي علماء المسلمين و يمدُّ
التراث الإنساني بذخيرة علميَّة رائعة , يظ ل العالم بأسره مدينًا لها.
7
IbtiHAlinO

م 2
حضارات ما قبل الإسلام
-
الحضارة الإسلامية : مثل غيرها من الحضارات , لم تنشأ من فراغ , ولم تظهر من العدم أو من تلقاء نفسها ,
بل سبقتها حضارات عريقة أخرى في هذه المنطقة من العالم , تواصلت معها و أثرت فيها .
- 020 ق . م ( بأول محاولة -
الحضارة اليونانية : ففي القرن الرابع قبل الميلاد , قام الاسكندر المقدوني ) 053
لإقامة دولة واحدة تشمل أقاليم من أوروبا و أسيا و أفريقيا و تمتد من مقدونيا إلى الهند .
ولم يكتف الاسكندر بهذا التوحيد السياسي , بل اتخذ وسائل أخرى لتوحيد العناصر البشرية في هذه المنطقة من العالم ,
مثل احترام جميع أديانها و الصلاة ني مختلف معابدها و تأسيس عدد كبير من المدن الجديدة التي عرفت باسم
" الإسكندريات " نسبة لاسمه و يقدر عددها بنحو 20 مدينة.
و كان هدفه من وراء ذلك أن تختلط في هذه المدن عناصر بشرية من السكان الأصليين مع الجاليات اليونانية , لينشأ من
هذا الاختلاط ثقافة جديدة , تستمد أصولها من الحضارات السابقة. فقد كان الاسكندر الأكبر يؤمن بفكرة ) البان هيلينزم (
و معناها تطبيع العالم بالطابع اليوناني و كان اليونانيون يعتقدون أنهم الوحيدون الذين لديهم حضارة , أما باقي الأمم فإنها
تعيش في ظلمات الجهل.
وعلى هذا الأساس أخذ الاسكندر الأكبر على عاتقه نقل الحضارة اليونانية إلى خارج بلاد اليونان و لكن فوجئ الاسكندر
أثناء فتوحاته للشرق أن العالم من حوله ليس كما كان يعتقد هو و باقي اليونانيين و إنما وجد حضارات أخرى عريقة
موجودة في مناطق عديدة من الشرق مثل مصر و العراق و سوريا وغيرها و بالتالي تحول مشروعه الثقافي و الحضاري
من تطبيع العالم بالطابع اليوناني إلى مزج الحضارة اليونانية بالحضارات الشرقية التي وجدها.
وقد حرص الاسكندر الأكبر على تطبيق هذه المبادرة على نفسه , ليكون قدوة لغيره حين تزوج من الأميرة روكسانا
الفارسية و أمر قواده أن يفعلوا مثله.
وهنا نود أن نشير إلى أن مصطلح الحضارة اليونانية إنما يشمل الحضارة اليونانية الخالصة و التي كانت داخل بلاد
اليونان فقط , ولكن عندما انتقلت معالم هذه الحضارة إلى خارج بلاد اليونان عن طريق الاسكندر و قواده و امتزجت
بالحضارات المختلفة الموجودة في الشرق ) منطقة الشرق الأدنى ( و أصبح لدينا ما يعرف بالحضارة الهيلينستية و
مفهومها هو الحضارة اليونانية خارج بلاد اليونان و بالطبع كان لها مراكز عديدة سواء في مصر أو سوريا أو أسيا
الصغرى أو غيرها من المدن الموجودة في الشرق الأدنى أو التي أسسها الاسكندر و قواده في تلك المنطقة.
وعلى الرغم من أن دولة الاسكندر لم تلق نجاحاً بعد وفاته , إذ تفككت إلى ممالك متفرقة بين قواده , إلا أن الحركة العلمية
التي كان ينشدها استمرت و ازدهرت من بعده , وهي التي اشتهرت باسم " العصر الهلنستي " , تمييزاً لها عن العصر
الهليني ) الحضارة اليونانية ( , الذي ساد اليونان قبل عصر الاسكندر . ومن أشهر المراكز الهلنستية الجديدة , مدينة
الإسكندرية المصرية بمكتبتها و مدرستها العلمية التي كانت مزيجا من كل الحضارات السابقة و خصوصا الحضارة
المصرية القديمة.

الحضارة الهندية :
وفي شمال الهند في حوض نهر السند , حاول الملك الهندي أشوكا
Ashoka في القرن الثالث قبل الميلاد , أن يجعل
من البوذية دينا عالميا و ينشره في مدن الأرض ولا سيما في بلاد الإغريق و الدول الهلنستية , لإقامة وحدة عالمية.
وعلى الرغم من أن عدداً كبيراً من اليونانيين اعتنقوا البوذية , إلا أن محاولته لم تلق الاستمرار و النجاح و بقيت البوذية
قاصرة على أقاليمها في الهند و الشرق الآسيوي .

8
IbtiHAlinO

و محاولة الملك أشوكا في الهند تذكرنا بمحاولة شبيهة رائدة , سبقتها بوقت طويل جائت على يد الفرعون مصر الملك
أخناتون في القرن الرابع عشر قبل الميلاد )الأسرة 11 ( , عندما بشر في نشيده المشهور بإله العالم " أتون " الذي يهتم
بكل مظاهر الطبيعة , إنسانها و حيوانها و نباتها و كأنما أراد بذلك إقامة وحدة عالمية روحية , تربط على الأقل بين
أجزاء مملكته الممتدة من الشام شمالاً إلى النوبة جنوباً .
وما يقال عن مصر و الهند و اليونان , يقال أيضاً عن الحضارة الفارسية ذات التراث الآسيوي العريق و التقاليد الملكية
القديمة و النظم الإدارية المتطورة إلى جانب المراكز الهلينية المنتشرة في أنحائها. لقد بد أ الإيرانيون حياتهم الدينية مثل
كثير من شعوب العالم , بعبادة قوى الطبيعة , ثم ظهرت " الزرادشتية " على يد مؤسسها زرادشت
zoroustre في
القرن السابع قبل الميلاد , منادية بأن الوجود قائم على مبدأين أساسيين هما : الخير ) أهورا و يسمى يزدان ( و الشر
) أهرمن ( أو النور و الظلام .
وبما أن النور مصدره الشمس و الشمس من نار , لهذا لعبت النار دوراً هاماً في هذه العقيدة , باعتبارها مصدر الإشراق
والنور والضياء فقدسوها و عبدوها و صار لهم كتاب مقدس يعرف " بالأفستا " أي المعرفة. غير أن الزرادشتية لم تلبث
مع مرور الزمن بسبب سيطرتها و تعصبها , أن وجهت بحركات دينية مضادة مثل " المانوية , على يد " ماني

Manes
" في القرن الثالث الميلاري و أتباعها لهم نزعة صوفية هدامة , تحض الناس على التقشف و عدم الزواج و
الإنتاج و يرون ان الخير في العدم المطلق و لهذا حوربت و بقيت دعوة سرية .
و إذا كانت " المانوية " دعت إلى الزهد و البعد عن النساء , فإن ديناً آخر لم يلبث أن ظهر في إيران وهو " المزدكية "
على يد صاحبه " مزدك " الذي دعا الناس إلى حل مشكلاتهم و نبذ خلافاتهم بجعل الحق في الأموال و النساء مشاعاً بينهم.
وقد نجح سعيه بين العوام و المحروم ينذ و لكنه مات قتيلاً في منتصف القرن السادس الميلادي و بقيت دعوته سرية مثل
" المانوية " و كل هذا يدل على حالة الاضطراب و الفوضى الدينية في إيران قبيل الإسلام.
وهكذا نرى مما تقدم , أنه كانت هناك في هذه المنطقة من العالم , حضارات عريقة نشأت قبل الإسلام و سادتها روابط
وصلات مختلفة , بل كانت هناك محاولات لتوحيد بعض مكوناتها و لكن لم يكتب لها النجاح و لكنها مع ذلك صبغت هذه
المنطقة بروح جديدة وهي الروح الشرقية التي أخضعت الفلسفة اليونانية لما دخلت بلادها , فأصبغت عليها ثوباً من
روحانياتها و إلهامها , وهي الروح التي جعلت علماء التاريخ و الاجتماع يدركون خصائص مشتركة بين الشرق , تخالف
تلك التي للغرب , روح ورثها الشرقي عن أسلافه و ساعدت على تكوينها بيئاتهم الطبيعية و الاجتماعية.
كما جعلت لهم مدنيات تخالف من وجوه كثيرة المدنيات الغربية . فجاءت الأديان الشرقية المختلفة من : بوذية و زرادشتية
و يهودية و نصرانية , فصبغت الحضارات الشرقية بصبغة خاصة , صبغة لا تشكل فيها مادية الأساس و الجزء الأكبر,
كما تؤمن بإله فوق العالم و ترجو جنة و تخاف نارا و ترى أن وراء هذه السعادة الدنيوية و الشهوات الجسمية , سعادة
أخرى روحية , فقد ظهر في الديانات الشرقية – و ان كان بها ديانات وثنية – جانبا روحانيا أخلاقيا لم يوجد في ديانات
الحضارات الغربية اليونانية وغيرها.

الحضارة الإسلامية :
وقد جاء الإسلام كمنهج حياة , يرسم الطريق و ينير سبل الهداية. منه انبثق الحل العلمي و الدائم لمشاكل الإنسانية التي
كانت تشكو من الفراغ الديني و الفكري و السياسي و الثقافي , فالفكر اليوناني - الإغريقي لم يؤمن إلا بالمحسوس و
المادي و الاهتمام بمتع الدنيا و مغريات الحياة و غلبت عليه النزعة الإقليمية الضيقة باعتماده على المنهج الاستنباطي أو
القياس القائم أساساً على النظر الفلسفي و الفكري المادي دون الالتفات لمنهج التجربة , فكأن الفكر اليوناني اقتصر على
المادية ثقافة و علماً و فلسفةً و شعراً ودينا.
9
IbtiHAlinO

و الفكر الروماني مجد القوة العسكرية إلى حد العبادة و التقديس و تميز بالنظرة المادية المحضة إلى الحياة , فكانت
محصلته , غلوا في تقدير الحياة و عدم الاهتمام بالدين و ضعفاً في اليقين و اضطراباً في العقيدة , فتعددت الآلهة و ترتب
على ذلك إهمال الجانب الأخلاقي و الاهتمام بالملذات و الفكر الفارسي قبل الإسلام اعتمد على تقوية السلطان و القوة
الجسدية و أمن بجريان الدم الآلي في عروق أكاسرته و أشاع بين الناس نظرية التفاوت الطبقي.
وعلى الجانب الآخر من العالم في الصين و الهند , كان الاختلال يبدو واضحا فيما يتصل بالجوانب النظرية أو الجوانب العملية
من حياة الإنسان فيطغى أحدهما على الآخر , إذ يغرق أحياناً في الروحانيات أو يطغى في الماديات فلا توازن ولا انسجام.
و بنزول الإسلام اتضحت معالم الحياة الدنيوية و الأخروية تمام الوضوح فبالإلوهية و الربوبية , تحققت العدالة و المساواة
و الكرامة و الحرية للإنسانية , فالله سبحانه و تعالى وحده هو المعبود و المسلم ينقاد و يخضع لأوامر الله سبحانه و تعالى
وحده و الله جل جلاله هو مالك كل شيء , ولم يكن الإسلام محدود المكان ولا وطني النزعة ولا مغلقاً على أهله ولا طبقي اً
و إنما كان دينا إنسانياً عام اً , واسع الأفق , يخاطب أي إنسان في أي مكان و يقيم أخوة إنسانية عامة } يا أيها الناس إنا
) خلقناكم من ذكر و أنثى وجعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم { )الحجرات آية 10
و فى الحضارة الإسلامية
كانت نظرة الإسلام للإنسان و الحياة شاملة , فقد أقر الإنسان كجسم و عقل و روح , في الجسم
, النوازع و الغرائز و العقل وسيلة لتحقيق الرغبات و النوازع و تذليل العقبات التي تعترض ذلك و الروح , مركز الأمل
و الألم و العواطف و الشعور , وكان التهذيب هو عامل التوازن بين الروحانية و المادية , فالروحانية المهذبة هي أساس
المادية المهذبة " و ابتع فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا " )القصص- أية 00 ( وفي الأثر, إن لربك
عليك حقاً , إن لجسمك عليك حقاً, فأعط كل ذي حق حقه.
و لما جاء الإسلام و انتشر في هذه الممالك الشرقية , زاد هذه الروح و قواها و عمل على توحيدها بين أفراد الدولة
الإسلامية مهما اختلفت أجناسهم و أنواعهم. و هكذا نجح الإسلام بوصفه عقيدة دينية و منهجاً للحياة و قوة موحدة , في
إقامة وحدة بشرية في رحاب الخالق , تقوم على الحرية و المساواة و التسامح و تعمل على إزالة الحواجز السياسية بين
البلاد المختلفة الممتدة في القارات الثلاث و تعطيها شكلاً موحداً . فكان المسلم يجد نفسه في كل هذه الأماكن : نفس الدين
و نفس الصلوات و القوانين , حتى أنه كان يشعر دائما بأنه في وطنه خلال رحلاته البعيدة أو أثناء عملياته التجارية خارج
بلاده. فالإسلام , كما يقول البعض , كان بمثابة جواز سفر فوق العادة , يضمن لصاحبه حرية التنقل و المرور , بل و
حسن الاستقبال في كل مكان يزوره.
و يلاحظ في هذا الصدد أن المجتمع الإسلامي في العصر الوسيط , لم يكن - كما هو الحال اليوم - ينقسم إلى قوميات ,
بل كانت هناك طبقات أفقية على طول امتداد عالم الإسلام , فهناك طبقات العلماء و التجار و المتصوفة و الجنود... الخ .
و كان أفراد كل طبقة يتعاطفون فيما بينهم مهما بعدت المسافات و اختلفت الجنسيات . فالرحالة المغربي " ابن بطوطة "
يصرح بأنه استطاع أن يجوب بلاد العالم الإسلامي و أن يجد كل ترحيب و مساعدة في الأماكن التي مر بها . ود هذا يدل
على وجود ما يصح أن يسمى أمة واحدة , لها أدب واحد و ثقافة واحدة و علم مشترك.
فالعالم الإسلامي إذن يمثل وحدة تاريخية فريدة من نوعها مهما باعدت بين أجزاء هذا العالم المسافات و فرقت بين أطرافه
المذاهب و السياسات. ذلك لأن الإسلام كنظام متكامل للأخلاق و المدنية و الاجتماع و الاقتصاد و السياسة يظل صمام
الأمان بين المسلمين أينما كانوا , فهو الذي يقيم قواعد الحضارة الأصيلة و يميز عناصر الحضارة الصالحة عن عناصرها
الرديئة , يدافع عن نظامه و يحافظ على أصوله و علي هذا الإيمان تتوقف أخلاق الأفراد و وحدة الأمة و حفظ الوجود
الحضاري للأمة الإسلامية.
فالمبادئ التي طرحها الإسلام قادرة على فرز عناصر قوية تتصدى لجميع الأنظمة السياسية و الأفكار الفلسفية التي تحاول
النيل من الإسلام. و يصمد أمام زحف النظريات المادية و الرأسمالية و الشيوعية في حين أن الديانات الأخرى لم تصمد
أمام زحف تلك النظريات فشاعت النظريات و انتشرت بين أممها و شعوبها.

10
IbtiHAlinO

م 0
الحضارات القديمة و الحضارة الإسلامية
سبقت الحضارة الاسلامية عدد من الحضارات منها ما كان قريبا فى المكان ومنها ما كان قريبا فى الزمان . وقد اتسمت
الحضارة الاسلامية بسعة الافق و استيعاب الحضارات و المختلفة و تطوريها بما يفيد البشرية كافة وليس المسلمون فقط.
ولا شك أن الحضارة الاسلامية قد تأثرت بالحضارات القديمة و كان أهم هذه التأثيرات هو :
التأثير الفارسي
:

كان التأثير الفارسي في الحضارة الإسلامية أقوى في مجال الأدب حيث كان الأدب الفارسي الشرقي اقرب
إلى ذوق العرب و أحاسيسهم من الأدب اليوناني
.

في العصر العباسي قام من يجيدون اللغتين الفارسية و العربية بترجمة الكتب الفارسية و من هؤلاء
: - عبدا لله بن المقفع - أبناء خالد - الحسن بن سهل.
و نخص بالذكر المقفع حيث ترجم تاريخ الفرس و قيمهم و عاداتهم و سير ملوكهم فضلا عن كتب أدبية منها
: - كليلة و دمنة - الأدب الكبير - الأدب الصغير - كتاب اليتيمة
لم تكن حضارة الفرس في مجال الأدب فقط فقد امتلكوا تراثا في العلوم الأخرى كالهندسة و الفلك و الجغرافيا
, لكن تأثير اليونان في العلوم العقلية كان أقوى من تأثير الفرس
.

التأثير اليوناني
:

كانت الحضارة اليونانية ذات تأثير قوي في العلوم العقلية و هذا نتج عن معتقدات اليونان أنفسهم و اهتمامهم بالعقل
و ارتفاع شانه على حساب الأعمال اليدوية أو المجال الأدبي , فنقل العرب عنهم في مجال الفلسفة عن أفلاطون و
أرسطو و في مجال الطب عن جالينوس و ابقراط
.

و أبرز مظاهر التأثير اليوناني كانت خلال العصر الهلينستي حيث امتزجت حضارة اليونان بالقسم الشرقي و اخذ
المسلمون منهم ما يتوافق مع الإسلام و نبذوا ما يتعارض معه
.

في الأدب كان محدودا و لا يزيد عن نقل بعض الكلمات مثل
:
-
القنطار - الدرهم - القسطاس - الفردوس - بالإضافة إلى بعض الحكم .

التأثير الهندي
:

عندما امتدت حركة الفتوح الإسلامية إلى الهند في أواخر القرن الأول الهجري , أي في خلافة الوليد بن عبدالملك
151 ه ( و - 63 ه ( و استؤنفت في منتصف القرن الثاني الهجري في عهد أبي جعفر المنصور ) 103 - 13 (
نشطت مرة أخرى في القرن الخامس الهجري , و ذكر في ذلك بعض المؤرخين ومنهم
:
-
الجاحظ الذى قال " اشتهر الهند بالحساب و علم النجوم و أسرار الطب " - الاصفهاني : " الهند لهم معرفة بالحساب و الخط الهندي و أسرار الطب و علاج فاحش الداء ...."

11
IbtiHAlinO

جزء كبير من ثقافة الهند و علومهم انتقل إلى فارس بحكم العلاقات التجارية بين الطرفين قبل الإسلام و من ذلك أن
كسرى انوشرو ان أرسل طبيبه برزويه إلى الهند لاستحضار كتب و مؤلفات في الطب فعاد بالكثير منها و يقال أن قصة
كليلة و دمنة انتقلت من الهند ضمن ما نقله برزويه من كتب بالإضافة إلى لعبة الشطرنج
.

عندما عكف المسلمون على ترجمة كتب الفرس إلى العربية نقلوا بين ثناياها أجزاء من ثقافة الهنود و علومهم و أحيانا قام
بعض المترجمين بنقل السنسكريتية و هي اللغة الهندية إلى العربية
: مباشرة و منهم : منكة الهندي - ابن دهن الهندي
و من العلوم التي اخذ فيها المسلمون عن الهنود: الرياضيات و الفلك و الطب
:

أ- الرياضيات
:

الأرقام الحسابية المستخدمة في العالم حاليا عرفها المسلمون عن الهنود و من المسلمين نقلت إلى الغرب , و قد عرف
المسلمون هذه الأرقام باسم راشيكات الهند
. - نقل عن الهنود الكثير من المصطلحات الرياضية مثل مصطلح الجيب في حساب المثلثات . و استفاد العالم الرياضي أبا جعفر بن موسى الخوارزمي من معارف الهنود في الرياضيات .

ب- الفلك
:

-
أمر أبو جعفر المنصور سنة 153 ه بترجمة كتاب في الفلك ألفه احد علماء الهند و هو برهمكبت و قد كان باللغة
السنسكريتية , كما أمر باستخراج زيجا من ازيجة هذا الكتاب يستخدمه العرب لدراسة حركة الكواكب و قد قام بترجمة هذا
هذا الكتاب الفزاري و أنجز الزيج المشهور الذي ينسب إليه
. كما اخذ المسلمون عن الهنود كتاب " السند هند " في الفلك .

ج- الطب
:

-
من الكتب التي ترجمت إلى العربية عن الهندية في مجال الطب : - كتاب " السيرك " و قد ترجم أولا إلى الفارسية ثم من الفارسية إلى العربية عن طريق عبدا لله بن علي . - كتاب " سسرد " نقله منكة عن الفارسية ليحيى بن خالد البرمكي .
- كتاب " أسماء عقاقير الهند " نقله منكة عن اسحق بن سليمان
. - كتاب " استنكر الجامع " نقله ابن دهن الهندي .
-
من المعروف أن أطباء الهند نبغوا في استخدام الأعشاب الطبية في مداواة الكثير من العلل و قد نقل المسلمين الكثير
عن فوائد الأعشاب عن الهنود و بعض هذه الأعشاب لم يعرفها اليونان حيث لا تنبت إلا في أقاليم الهند و شرق آسيا و
يقال أن خالد بن يحيى البرمكي جلب بعض أطباء الهند مثل
: منكة - قلبرقل - سندباد
و كان الاتصال بالحضارة الهندية مصحوبا بتعريب كثير من المصطلحات و الأسماء مثل : زنجبيل
- كافور - خيرزان - فلفل
فضلا عن ترجمة بعض القصص مثل كليلة و دمنة و السندباد كما سبقت الإشارة
.

و إذا كان المسلمون اخذوا عن الحضارات السابقة بعض العلوم فان هذا لا يقلل من شانها لان الترجمة كانت مرحلة من
مراحل الابتكار العلمي الإسلامي و هذه المراحل هي
:
.1
النقل و الترجمة. 2 . الشرح و التفسير . .3 النقد و التصحيح. 4 . الإضافة و الابتكار

12
IbtiHAlinO

ميادين العلوم :
تعددت ميادين العلوم و كذلك تعددت مفاهيمه و تعريفاته و تقسيماته.
فالكثير يقسم ميادين العلوم إلى علوم عقلية و علوم نقليه و منهم من يقسمها إلى علوم اجتماعية و إنسانية و علوم طبيعية
و علوم فكرية.
و العلوم النقلية هي العلوم التي تنقل عن الدين و ارتبطت بما نزل به الوحي كعلوم القران و الحديث و التفسير و الفقه وغيرها.
أما العلوم العقلية التي هي طبيعية للإنسان من حيث إنه ذو فكر فهي غير مختصة بملة بل يوجد النظر فيها لأهل الملل كلهم و
يستوون في مداركها و مباحثه ا و هي موجودة في النوع الإنساني منذ كان عمران الخليقة .
و مهما اختلفت المسميات و التقسيمات فأن ميادين العلم تزداد يوما بعد يوم فالفرع الواحد في أي علم يندرج تحته عدة
تخصصات و تحت كل تخصص يأتي التخصص الدقيق و هكذا نجد اتساع دائرة العلم لتشمل ميادين كثيرة ليست لها نهاية
نقف عندها و يقول الحق عز وجل ) وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ( صدق الله العظيم.
تصنيف العلوم
:

الترجمة :
اهتم العرب بالمؤلفات العلمية التي أنتجتها الحضارات الإنسانية المختلفة , حيث قاموا بترجمتها إلى العربية مما يدل
على النشاط الثقافي في الدولة العربية الإسلامية , فقد قاموا بترجمتها من مؤلفات مختلفة أهمها اليونانية و الفارسية.
وقد نشطت حركة الترجمة كثيرا في العصر العباسي خاصة في خلافة المأمون الذي اهتم ببيت الحكمة و شجع النقل
من اليونانية إلى العربية.
ومن أشهر هؤلاء المترجمين العالم العربي ثابت بن قرة الحرانى الذي اعتنى بعلوم الفلك و التنجيم و الرياضيات و كذلك
العالم العربي حنين بن إسحاق من أهل الحيرة .
و نتيجة لهذه الترجمة التي قام بها العرب فلقد برعوا في مختلف العلوم التي أخذوها عن اليونانية و أضافوا إليها إضافات
كثيرة وكما صححوا كثيرا من أخطاء علماء اليونان , فهناك الكثير من الإنجازات فى مختلف فنون العلم و المعرفة مثل
الفلسفة و الطب و الصيدلة و الكيمياء وغيرها.
13
IbtiHAlinO

م 3
حركة الترجمة قبل الإسلام
كانت هناك عدة عوامل مهدت لظهور حركة الترجمة قبل الإسلام :
فقد أدت فتوحات الاسكندر الأكبر إلى انتشار الحضارة اليونانية في غرب آسيا و مصر مما اكسب هذه المنطقة طابع خاص
أطلق عليه بعض المؤرخين اسم الحضارة الهلينستية و هي ممتدة على الفترة من وفاة الاسكندر الأكبر يونيو 020 ق.م. إلى
القرن السابع الميلادي عندما جاء الفتح العربي .
و تعد أشهر مراكز هذه الحضارة : - الإسكندرية - انطاكيا - نصيبين - جنديسابور
و قبل ظهور الإسلام نهض السريان بدور كبير في ترجمة معارف اليونان و علومهم إلى اللغة السريانية , و الذي ساعد
السريان على ذلك:
كثير من علماء اليونان تركوا بلادهم تحت تأثير الاضطهاد الدينى و المذهبية و اتجهوا شرقا حيث استقروا في مدينة
الرها شمال العراق و هناك أسسوا مدرسة انتعشت في القرن الخامس الميلادي.
361 م ( إمبراطور القسطنطينية مدرسة الرها سنة 316 م رحل علماؤها إلى نصيبين – عندما أغلق زينون ) 303
حيث أسسوا مدرسة اشتهرت في ميادين الفلسفة اليونانية و الطب اليوناني.
535 م ( مدرسة أثينا الوثنية سنة 521 م هجرها علماؤها و اتجهوا شرقا يبحثون - عندما أغلق جستنيان الأول ) 520
عن مأوى في أحضان دولة الفرس.
506 م ( مدرسة للطب . و تقع - و عندما استقر السريان في جنديسابور التابعة للفرس أقام كسرى انوشروان ) 501
جنديسابور هذه في إقليم خوزستان و قد أسسها سابور الأول لتكون معسكرا و معقلا لأسرى الروم و لذلك كانت اللغة
اليونانية معروفة فيها.
عندما استقر العلماء اليونان في جنديسابور اشتهروا بالدراسات الطبية و ذاعت شهرتهم و صار علماؤها يضعون قوانين
151 ه ( عندما مرض - العلاج و قد ظلت قائمة و مستمرة في ظل الإسلام , حتى أن الخليفة أبا جعفر المنصور ) 103
احضروا له جرجيس بن بختيشوع رئيس أطباء جنديسابور و منذ ذلك الوقت اشتهر آل بختيشوع في بلاط الخلافة ببغداد.
في وقت اشتهار مدرسة جنديسابور ظلت الإسكندرية بمصر ) تأسست 001 ق.م. ( و مدرسة انطاكيا شمال الشام
) تأسست 077 ق.م. ( تمتلك قواعد ثابتة في الفلسفة و المعارف و العلوم اليونانية.
و نجد أن الفلسفة و الفكر اليوناني اتخذ طابع مميز في الشرق في العصر الهلينستي لاصطباغه بصبغة شرقية واضحة و
من ابرز ما يمثل هذا هو مذهب الأفلاطونية المحدثة التي اشتهرت بها مدرسة الإسكندرية و الذي أسسه أفلاطون
المصري أو السكندري.
و المدارس الشرقية التي استوعبت الفكر اليوناني سرعان ما غدت مراكز إشعاع للحضارة اليونانية و اشتهرت بالفلسفة
و الطب و التشريح و الرياضيات و الفيزياء و الكيمياء و قد جاء نشاط هذه المدارس مصحوبا بنشاط في الترجمة , إذ
حرص السريان على نقل الكثير من الكتب اليونانية التي ضاعت أصولها إلى السريانية , و هي احد اللغات الآرامية. و
من أشهر مراكز السريان هو مركز مدينة الحران إلى الجنوب من الرها , و قد كانت السريانية بمثابة اللغة العالمية
للمعرفة و العلم في منطقة الشرق الأدنى و ذلك قبل ظهور الإسلام.
14
IbtiHAlinO

و كان يعيب على الترجمة السريانية أنها ترجمة حرفية مما سبب ضياع المعنى للنص المترجم في بعض الأحيان.
عندما ظهر الإسلام و فتح المسلمون فارس و العراق و الشام و مصر في القرن 0م , رؤوا ما في هذه البلاد من مدارس
تحتضن حضارة اليونان و فكرهم و لم يكونوا على جهل بهذه الثقافات جهلا تاما , لان بعض المؤثرات الثقافية من
المدارس السابقة تسربت إليهم . و بفضل ما أثاره الإسلام من حماسة للعلم و حثهم على التسامح إزاء الديانات الأخرى
أدى ذلك إلى تزود المسلمين بقسط نافع من الثقافات التي التقوا بها و لم يكن السبيل إلى معرفتها إلا بترجمتها.
نشأة حركة الترجمة في الحضارة الإسلامية:
و حركة الترجمة ترجع إلى صدر الإسلام في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم و بتكليف منه, فنُقل عن الصحابة
رضوان الله عليهم أنه قال : " من عرف لغة قوم امن شرهم " . و من أشهر من تعلم السريانية في عهد الرسول هو زيد
بن ثابت و قد تعلمها في ستين يوما و تعلم كذلك الفارسية و الرومية
.
-
أقدم بردة في الإسلام تعود إلى سنة 22 ه و عليها نص باسم عمرو بن العاص و به ثلاثة اسطر باليونانية و الترجمة
بالعربية تحتها و بالتالي الترجمة ظهرت في صدر الإسلام.

حركة الترجمة في العصر الأموي:
هناك فريق يرى أن نشأة حركة الترجمة في الحضارة الإسلامية كانت في أوائل العصر الأموي حيث ذكر في المصادر
أن خالد بن يزيد بن معاوية و الملقب بحكيم آل مروان أرسل إلى الإسكندرية في طلب بعض الكتب في الطب و علم
الكيمياء لترجمتها إلى العربية و ذلك بعدما أقصى عن الخلافة طواعية.
و يقول عنه ابن النديم : أن خالد كان يسمى حكيم آل مروان و كان فاضلا في نفسه و له محبة في العلوم , فأمر بإحضار
جماعة من فلاسفة اليونان الذين نزلوا مصر و تفصحوا بالعربية و كان هذا أول نقل في الإسلام من لغة إلى لغة
.

ابن خلكان: وصف خالد بن يزيد بقوله انه كان اعلم قريش بفنون العلم و له كلام في صنعة الكيمياء و الطب و كان متقنا
لهذين العلمين
.

و قد اتجه بعض الباحثين الأوروبيين المحدثين أن يشككوا فيما نسب إلى خالد بن يزيد من جهود في الترجمة إلى العربية
مستهدفين طمس دوره في نهضة الترجمة , و في ذلك شككوا أيضا في شخصية جابر بن حيان الكوفي ) القرن 2 ه
(

الذي يعتبر أبا لعلم الكيمياء و أيضا شككوا في قسطنطين الأفريقي الذي ينسب إليه ترجمة مؤلفات العرب في الطب إلى
اللاتينية مما مهد لظهور مدرسة سالرنو الطبية.
171 ه ( حيث - و من الخلفاء الأمويين الذين استكملوا جهود الترجمة بعد خالد بن يزيد, عمر بن عبد العزيز ) 66
اصطحب معه عند ذهابه إلى الخلافة في المدينة احد علماء مدرسة الإسكندرية بعد أن اسلم على يديه ابن ابجر و اعتمد
عليه في صناعة الطب. و قد قام الخليفة عمر بن عبدا لعزيز أيضا بنقل علماء مدرسة الإسكندرية إلى مدرسة أنطاكيا سنة
177 ه لكن هذا لا يعني أن مدرسة الإسكندرية أغلقت بل ظلت قائمة في العصر العباسي .
وقد أظهر المسلمون في بناء حضارتهم اهتماما كبيراً بحركة الترجمة و ابدوا رعاية فائقة للثقافات و العلوم المتنوعة التي
وجدوها في غرب آسيا و امتازت الحضارة الإسلامية بالنقل من الفارسية و السريانية و اليونانية و الهندية و الصينية إلى
العربية و كان بنو أمية على قسط وافر من الحكمة وبعد النظر ما جعلهم يتركون المدارس الكبرى المسيحية أو الصائبة أو
الفارسية قائمة في الإسكندرية و بيروت و حران و نصيبين و جنديسابور , فاحتفظت هذه المدارس بأمهات الكتب في
الفلسفة و العلوم و معظمها في ترجمتها من السريانية .
15
IbtiHAlinO

و سرعان ما استهوت هذه الكتب المسلمين العارفين باللغتين السريانية و اليونانية , ولم يلبث أن قام بترجمتها إلى العربية
جماعة من المسلمين و كانت طريقة السريان أن ينقلوا الكتاب اليوناني إلى لغتهم السريانية ثم يترجموه بعد ذلك من
السريانية إلى العربية.
وهكذا أصبح السريان أعظم حلقة للاتصال بين الثقافة الهيلينية و الإسلام.
حركة الترجمة في العصر العباسي :
و استمرت الحركة العلمية و حركة الترجمة إلى العربية في العصر العباسي عندما ربط المسلمون بين تراث اليونان و
علوم الفرس و الهنود و الصينيون , مما جعل اللغة العربية أداة العلم والمعرفة التي تعبر عن أقصى ما بلغته الحضارة
الإنسانية في العصور الوسطى من سمو و رفعة. وقد تمكن العرب المسلمون من ترجمة كتب أرسطو و أفلاطون
الفلسفية و جالينوس الطبية , علاوة على مجموعة من الكتب الفارسية و الهندية. وهكذا تمكن طلاب المعرفة و بناة
الحضارة من المسلمين أن يهضموا ما أنتجه اليونان في سنوات طويلة .
تطور حركة الترجمة و ازدهارها :
وقد أخذت حركة الترجمة إلى العربية تزداد قوة في العصر العباسي بفضل
:

تشجيع الخلفاء العباسيين و رعايتهم لهم وقد فتحوا بغداد أمام العلماء و أجزلوا لهم العطاء و أضفوا عليهم ضروب
التشريف و التشجيع بصرف النظر عن مللهم و عقائدهم . في حين أن حركة الترجمة في العصر الأموي كانت محاولات
فردية لا يلبث أن تذبل بزوال الأفراد
.

و أصبحت الترجمة ركنا من أركان سياسة الدولة فلم يعد جهد فردي سرعان ما يزول بزوال الأفراد سواء حكام أو غير
ذلك بل أصبح أمرا من أمور الدولة و ركنا من أركانها
.

و في حين أن الترجمة في العصر الأموي اقتصرت على الكيمياء و الفلك و الطب , نجد انه في العصر العباسي صارت
أوسع نطاقا بحيث شملت الفلسفة و المنطق و العلوم التجريبية و الكتب الأدبية.
من أمثلة اهتمام الخلفاء العباسيين بالعلماء و المترجمين
:

-
151 ه - الخليفة أبا جعفر المنصور ) 103 :( و قد عني بترجمة الكتب إلى العربية سواء من اليونانية أو الفارسية
و في تلك المرحلة نقل حنين بن إسحاق بعض كتب ابقراط و جالينوس في الطب و نقل ابن المقفع كتاب
" كليلة و دمنة " .
-
163 ه (: عندما كثر أعداد العلماء في بغداد انشأ لهم دار الحكمة لتكون بمثابة أكاديمية علمية - هارون الرشيد ) 107
يجتمع في رحابها المعلمون و المتعلمون و حرص على تزويدها بالكتب التي نقلت من آسيا الصغرى و القسطنطينية
.
-
211 ه ( : ازداد اهتماما ببيت الحكمة , فوسع من نشاطها و ضاعف العطاء للمترجمين و قام - المأمون ) 161
بإرسال البعوث إلى القسطنطينية لاستحضار ما يمكن الحصول عليه من مؤلفات يونانية في شتى ألوان المعرفة , فاخرج
المأمون لذلك جماعة منهم الحجاج بن مطر و ابن البطريق . و قد ذكر ابن النديم انه كان بين المأمون و إمبراطور
القسطنطينية مراسلات بهذا الشأن
.

16
IbtiHAlinO

الترجمة عن العربية للحضارة الغربية :
و هكذا تمكن طلاب المعرفة و بناة الحضارة من المسلمين أن يهضموا ما أنتجه اليونان وغيرهم في سنوات طويلة .
ولذ لم يعد أمام الغرب الأوربي سوى الترجمة من العربية إلى اللاتينية , و زيادة على ذلك فقد وضع علماء المسلمون
شروحاً لفلسفة أرسطو كما فعل ابن رشد و اهتم بها علماء الغرب .
أما أهم مراكز الترجمة عن العربية إلى اللاتينية فكانت مركزين , الأندلس و صقلية و الواقع أن الأندلس هو المركز
الرئيس للترجمة من العربية إلى اللاتينية , فاتجه إليه كثير من أعلام النهضة الأوربية في القرن الثاني عشر يطلبون
الارتواء من فيض الحضارة الإسلامية في مختلف العلوم و الآداب.
أما صقلية فقد أسهمت هي الأخرى في حركة النقل عن العربية في وقت بناء الأوربيين حضارتهم الحالية , و ساعد على
صقلية ذلك موقفها الاستراتيجي الجغرافي بين أوربا و إفريقيا , ثم احتفاظها بنسبة كبيرة من سكانها المسلمين في عصر
النورمان الذين خلفوا المسلمين في حكم الجزيرة. وقد ترجم في صقلية الكثير من الكتب الإسلامية , ومن أبرز مترجميها
اليهودي ) عشر فرج ( من أصل صقلي , ترجم الكثير إلى اللاتينية .
وقد نشطت حركة الترجمة عن العربية في برشلونة وليون و طليطلة و التي أسس رئيس أساقفتها مكتبة كبيرة للترجمة عن
العربية إلى اللاتينية , و قام ) رديرن الشستري ( بترجمة القرآن إلى اللاتينية لأول مرة كما ترجمت كتب كثيرة من
العربية في العلوم و الفلك و رياضيات الخوارزمي و الكيمياء و الطب .
ولا ريب أن المسلمين بتسامحهم العظيم مع الأجانب ) غير المسلمين ( أتاحوا لهذه العناصر فرصة طيبة للتتلمذ علي
أيديهم و الإفادة منهم حتى قال أحد الكتاب الأوربيين : " إن الحضارة الإسلامية تمت بسبب تسامحها إزاء العناصر
الأجنبية " .
وهكذا نرى أن الترجمة أسهمت في إثراء الحضارة الإسلامية و أشعلت شعلة لا تنطفئ لرواد الحضارة و بناتها و ذلك في
عصر الأمويين و العباسيين , كما نرى أن أساسها الذي ارتكزت عليه الحضارة العائلة ) الأوربية الحديثة ( هي الترجمة
من العربية إلى لغتهم , مما مهد الطريق أمامهم للوصول إلى موقعهم الحديث.
17
IbtiHAlinO

م 5
علم الكيمياء
تعتبر العلوم من أهم المجالات التي نالت الكثير من اهتمام علماء المسلمين و التي حققوا فيها إنجازات عظيمة و رائدة
أسهمت بدور كبير في تطور المعرفة الإنسانية ؛ فعدد كبير من المؤرخين و الباحثين الغربيين يعترفون بإسهامات العلماء
المسلمين و إضافاتهم الجديدة في مجالات عديدة كالطب و الكيمياء و الفيزياء و الفلك و الرياضيات وغيرها و يقرون
بدورهم الريادي في وضع الأسس التي يقوم عليها العلم الحديث.
لقد اعتنى المسلمون بالعلوم الطبيعية ؛ حيث قاموا بترجمة المؤلفات اليونانية و لكنهم لم يكتفوا بنقلها , بل توسعوا فيها و
أضافوا إليها إضافات هامة ؛ تعتبر أساس البحث العلمي الحديث , وقد قويت عندهم الملاحظة و حب التجربة و الاختبار.
وشأن كل العلوم التي تتقدم وتتطور مع تعاقب الأمم و الحضارات , قامت العلوم الطبيعية عند العلماء المسلمين في بدئها
على مؤلَّفات اليونان , تلك التي استند فيها اليونانيون على الفلسفة المجردة في محاولاتهم فهم الطبيعة و دون أن يكون
للتجربة دور يذكر في تلك المحاولات.. غير أن العلماء المسلمين ما لبثوا أن طوَّروا هذا الأساس و جعلوا الكثير من العلوم
تستند إلى التجربة و الاستقراء , عوضًا عن الاعتماد على الفلسفة أو التأملات و الأفكار المجرَّدة.
يع د علم الكيميا علما إسلاميا عربيا اسما و فعلا ؛ فلم تُعرَف كلمة الكيميا ولم يَردْ ذكرها فى أي لغة أو حضارة قبل
العرب, سواء عند قدماء المصريين أو الإغريق و الكيميا فى اللغات الأوربية يكتبونها
Al - Chemie و معروف أن كل
كلمة لاتينية تبدأ بالألف و اللام للتعريف أصلها عربي , ومن ذلك
Al-Cohol- algibra .
وجاء فى " لسان العرب " لابن منظور أن الكيمياء كلمة عربية مشتقة من كمى الشيء و تكماه : أي ستره و كمى الشهادة
يكميها كميا و أكماها : أي كتمها و قمعها.
وقد فسرها أبو عبد الله محمد الخوارزمي ) 010 ه ( فى كتابه " مفاتيح العلوم " بقوله : " إن اسم هذه الصنعة كيمياء ,
وهو عربي و اشتقاقه من كمي و يكمي : أي ستر و أخفى " , وهذا يتفق مع ما ذهب إليه الرازي حين سمى كتابيه في
الكيمياء " الأسرار " و " سر الأسرار ”.
وفى
التعريف الاصطلاحي فإن علم الكيمياء هو العلم الذي يُعنى بطبيعة المادة و تركيبها وما يتناولها من تغيرات ,
أي دراسة المادة و خصائصها و تركيبها و بنيتها.
لم تكن الكيمياء قبل الحضارة الإسلامية سوى محاولات فاشلة لتحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب و فضة , معتمِدة في
ذلك على العقل و الاستدلال المنطقي و استبعاد المنهج العلمي القائم على التجربة و الملاحظة.
ولقد عرف قدماء المصريين التحنيط بالمواد الكيميائية و أيضا طريقة حفظ الأغذية و الملابس و برعوا في صنع الألوان
الثابتة و كذلك كان للإغريق اجتهاد في الكيمياء , حيث و ضعوا نظرية إمكانية تحويل المعادن الخسيسة كالرصاص و
النحاس و الزئبق إلي معادن نفيسة كالذهب و الفضة و تقول هذه النظرية : إن جميع المواد على ظهر الأرض إنما نشأت
من عناصر
أربعة هي : النار و التراب و الهواء و الماء و إن لكل عنصر منها طبيعتين يشترك في أحدها مع عنصر آخر.
فالنار جافة حارة و التراب جاف بارد و الماء بارد رطب و الهواء بارد جاف وعلى ذلك فمن المحتم أنه يمكن تحويل
العناصر إلى بعضها و كان من رأي أرسطو أن جميع العناصر عندما تتفاعل في باطن الأرض و تحت ضغط معين و
حرارة فإنه ينشأ عنها الفلزات.

18
IbtiHAlinO

وفي القرن الخامس قبل الميلاد كان من تعاليم الفيلسوف الإغريقي ) ديموقريطس ( أن كل المواد تتكون من مادة واحدة
توجد على هيئة وحدات صغيرة لا تتكسر تُسمَّى الذرات , و بناء على هذه النظرية فإن الاختلاف بين المواد هو فقط بسبب
الاختلاف في حجم و شكل و موقع ذراتها.
و أثناء الثلاثمائة سنة الأولى بعد ميلاد المسيح قام العلماء و الحرفيون في مصر بتطوير و ممارسة الكيمياء و بنوا عملهم
على نظرية تح ول العناصر لأرسطو , حيث حاولوا تحويل الرصاص و الفلزات الأخرى إلى ذهب .
و تُجمع آراء الباحثين على أن جهود الإغريق في الكيمياء كانت ضئيلة و محدودة ؛ لأنهم درسوا العلوم من النواحي
النظرية و الفلسفية و كان العمل لديهم في هذا المجال مقصوراً على تحويل المعادن الرخيصة مثل الرصاص و القصدير
إلى معادن ثمينة من الذهب و الفضة , وذلك بواسطة حجر غامض يسمى "
حجر الفلاسفة ”.
و الحقيقة أن العرب هم أول من بدأ هذا العلم بداية جديدة على مبدأ التجربة و المشاهدة , وفي ذلك يقول هولميارد في كتابه
" تاريخ الكيمياء إلى عهد دالتون " : لقد حارب علماء المسلمين الألغاز الصبيانية التي كانت مدرسة الإسكندرية قد أدخلتها
على علم الكيمياء , و قاموا في هذا الميدان على أسس علمية جديدة.
و بصفة عامة فقد كانت هذه الصنعة عند قدماء المصريين و الإغريق تغلب عليها الآراء النظرية و كان يمارسها الك هان و
ال سحرة , ولا يعرف أسرارها غيرهم , وكان هناك قصور في الجانب اليوناني و تف وقٌ في الجانب المصري القديم , إلا
إنه مفقود ولا يوجد منه إلا القليل.
و ظلَّت الكيمياء على ذلك حتى ظهر علماء المسلمين الذين أَسَّسوا المنهج العلمي الدقيق و استندوا إلى التجرِبة العلميَّة و
إشراك الحس و العقل معًا في الوصول إلى الحقائق العلميَّة في هذا الحقل من العلوم بالذات , فكان أن نشأ و ابتكر علم
الكيمياء بقواعده و أصوله , وكان
جابر بن حيان أول عالم يؤسِّس و يبتكر هذا العلم الكبير, حتى بات يُعرَف هذا العلم في
أوربا ولعدَّة قرون ) بصنعة جابر (.

فجابر بن حيان
هو الذي جعل التجرِبة أساس العمل , و لذلك يُعَدُّ أوَّل مَنْ أدخل التجرِبة العلميَّة المخبريَّة في منهج البحث
العلمي الذي أرسى قواعده ؛ و تراه في ذلك يدعو إلى الاهتمام بالتجرِبة و دقَّة الملاحظة , تلك التي يقوم عليها المنهج
التجريبي , فيقول: " ومِلاكُ كمال هذه الصنعة العملُ و التجرِبة ؛ فمَن لم يعمل ولم يُجَرِّب لم يظفر بشيء أبدًا .
يقول ديورانت : " يكاد المسلمون يكونون هم الذين ابتدعوا الكيمياء بوصفها علمًا من العلوم ؛ ذلك أن المسلمين أدخلوا
الملاحظة الدقيقة و التجارب العلمية و العناية برصد نتائجها في الميدان الذي اقتصر فيه اليونان - على ما نعلم - على
الخبرة الصناعية و الفروض الغامضة ؛ فقد اخترعوا الإنبيق و سمَّوه بهذا الاسم و حللوا عددًا لا يُحصى من المواد تحليلاً
كيميائ يًا و وضعوا مؤلفات في الحجارة و ميزوا بين القلويات و الأحماض و فحصوا عن المواد التي تميل إليها و درسوا
مئات من العقاقير الطبية و ر كبوا مئات منها.
و كان علم تحوُّل المعادن إلى ذهب , الذي أخذه المسلمون من مصر هو الذي أوصلهم إلى علم الكيمياء الحق , عن طريق
مئات الكشوف التي يبينوها مصادفة و بفضل الطريقة التي جروا عليها في اشتغالهم بهذا العلم , وهي أكثر طرق العصور
الوسطى انطباقًا على الوسائل العلميَّة الصحيحة ” , بَدْء ظهور علم الكيمياء يمثله ظهور خالد بن يزيد الذي تتلمذ للراهب
الرومي مريانوس و تعلَّم منه صنعة الطبِّ و الكيمياء و الذي انتقلت معه الكيمياء من طور البدايات المترجمة عن اليونانيَّة
إلى طور الإنجازات العينيَّة و الاكتشافات الواضحة.

19
IbtiHAlinO

أبرز علماء الكيمياء المسلمين :
جابر بن حيان
:
يعد جابر مؤسِّس العلم بلا جدال كما ذكرنا من قبل و أشهر علماء المسلمين فيه , وقد ألف كتبًا كثيرة تُرجم الكثير منها
إلى اللاتينيَّة و ظلَّت المرجع الأوفى للكيمياء زُهاء ألف عام , وقد اشتملت على كثير من المركَّبات الكيميائية التي لم تكن
معروفة من قبل , وهو الأمر الذي جعل مؤلَّفاته موضع دراسة مشاهير علماء الغرب , أمثال : كوب و برثولية و
كراوس و هولميارد الذي أنصفه و وضعه في القمَّة , و بدَّد الشكوك التي أثارها حوله العلماء المغرضون , وكذا
سارتون الذي أرَّخ به لحِقبة من الزمن في تاريخ الحضارة الإسلاميَّة.

الرازي :
أما الرازي ) ت 011 ه/ 620 م ( فقد تتلمذ على كتب جابر فساهم هو الآخر بصورة عظيمة في تأسيس علم الكيمياء ,
وقد دوَّن ذلك في مقدِّمة كتابه ) سر الأسرار ( فقال: " و شرحنا في هذا الكتاب ما سطرته القدماء من الفلاسفة , مثل :
أغاثا ديموس و هرمس و أرسطوطاليس و خالد بن يزيد بن معاوية و أستاذنا جابر بن حيان , بل وفيه أبواب لم يُرَ
مثلها و كتابي هذا مشتمل على معرفة معادن ثلاثة : معرفة العقاقير و معرفة الآلات و معرفة التدابير ) التجارِب ( ”.
اختراعات المسلمين في الكيمياء
:
و بصفة عامَّة فقد كشف علماء المسلمين أهمَّ أُسُس الكيمياء و أسرارها و كان من أهمِّ اختراعاتهم فيها ماء الفضة
) حامض النيتريك ( و زيت الزاج ) حامض الكبريتيك ( و ماء الذهب ) حامض النيترو هيدرو كلوريك ( و حجر
جهنم ) نترات الفضة ( و السليماني ) كلوريد الزئبق ( و الراسب الأحمر ) أكسيد الزئبق ( و ملح البارود ) كربونات
البوتاسيوم ( و كربونات الصوديوم و الزاج الأخضر ) كبريتيد الحديد ( و اكتشفوا : الكحول و البوتاس و روح النشادر
و الزرنيخ و الإثمد و القلويات التي دخلت إلى اللغات الأوربية باسمها العربي .
وهم الذين استخدموا ذلك العلم في المعالجات الطبيَّة و صُنْعِ العقاقير , فكانوا أوَّل من نشر تركيب الأدوية و
المستحضرات المعدنيَّة و تنقية المعادن وغير ذلك من المركَّبات و المكتشفات التي تقوم عليها كثير من الصناعات
الحديثة ؛ مثل: الصابون و الورق و الحرير و الأصباغ و المفرقعات و دبغ الجلود و استخراج الروائح العطريَّة و
صنع الفولاذ و صقل المعادن وغيرها. وقد اعتمدوا في تجاربهم على عِدَّة آلات و وسائل كيميائية , مثل : الإنبيق و
الميزان الذي كان مه مًا للغاية ؛ حتى يحدِّدوا النِّسَبَ بين الموادِّ و العَلاقات الوزنيَّة.
هكذا كان للحضارة الإسلامية و علمائها الريادة في اكتشاف علم
< الكيمياء و تطويره و الاستفادة منه , فكان الأساس
الذي ارتكز عليه علماء الغرب فيما وصلوا إليه الآن في هذا العلم.

20
IbtiHAlinO

م 3
الفيزياء
أهم إنجازات المسلمين في الفيزياء :
إذا كانت العلوم الطبيعية عند العلماء المسلمين في بدئها قد قامت على مؤلفات اليونان , تلك التي استندوا فيها على
الفلسفة المجردة في محاولاتهم فهم الطبيعة , و دون أن يكون للتجربة دور يذكر في تلك المحاولات , فإن العلماء
المسلمين ما لبثوا أن طوروا هذا الأساس و جعلوا علم الفيزياء علما يستند إلى التجربة و الاستقراء , عوضا عن
الاعتماد على الفلسفة أو التأملات و الأفكار المجردة.
فقد اهتم العلماء المسلمون بعلم الصوت و بحثوا في منشئه و كيفية انتقاله , فكانوا أول من عرف أن الأصوات تنشأ عن
حركة الأجسام المحدثة لها و انتقالها في الهواء على هيئة موجات تنتشر على شكل كروي , وهم أول من قسم الأصوات
إلى أنواع و عللوا سبب اختلافها عن الحيوانات باختلاف طول أعناقها وسعة حلاقيمها و تركيب حناجرها. و كانوا أول
من علل الصدى و قالوا إنه يحدث عن انعكاس الهواء المتموج من مصادقة عالٍ كجبل أو حائط , و يمكن أن لا يقع
الحس بالانعكاس لقرب المساحة فلا يحس بتفاوت زماني الصوت و انعكاسه .
وفي علم السوائل فقد أ ل ف العلماء المسلمون فصولاً متخصصة و أحيانًا متناثرة و كيفية حساب الوزن النوعي لها ؛ إذ
ابتدعوا طرقًا عديدة لاستخراجه و توصلوا إلى معرفة كثافة بعض العناصر, وكان حسابهم دقيقًا مطابقًا - أحيانًا - لما هو
عليه الآن أو مختلفاً عنه بفارق يسير و كانت بحوثهم في الجاذبية مبتكرة و توصل بعضهم مثل البوزجاني إلى أن هناك
شيئًا من الخلل في حركة القمر يعود إلى الجاذبية و خواص الجذب , وقد كانت هذه الدراسات على بساطتها ممهدة لمن
أتى بعدهم ليكتشف قانون الجاذبية و يضع أبحاثها في إطار أكثر علمية.
كما بحثوا في الضغط الجوي ؛ و يبدو ذلك فيما قام به الخازن في ميزان الحكمة , كما أن للمسلمين بحوثًا شيقة في
الروافع , وقد تقدموا في هذا الشأن كثيرً او كانت لديهم آلات كثيرة للرفع كلها مبنية على قواعد ميكانيكية تيسر عملية
جر الأثقال , كما استخدموا موازين دقيقة جد اً , وكان الخطأ في الوزن لا يعدو أربعة أجزاء من ألف جزء من الجرام و
كتبوا في الأنابيب ال شعريَّة و مبادئها , و تعليل ارتفاع الموائع و انخفاضها مما قادهم إلى البحث في التوتر السطحي و
أسبابه , وهم الذين اخترعوا كثيرًا من الأدوات الدقيقة لحساب الزمن و الاتجاه و الكثافة و الثقل النوعي.
كما بحث المسلمون في كيفية حدوث قوس قزح و سرعة الضوء و الصوت و عرفوا أيضًا المغناطيس و استفادوا منه في
إبحارهم , ومن المحتمل أن بعض العلماء قد أجرى التجارب البدائية في المغناطيسية.
و بالجملة كانت المعلومات عن الميكانيكا و البصريات و الضوء و الصوت و خلافها من مباحث علم الطبيعة , مبعثرة
لا رابط بينها , وكانت تُبحث قبلهم من منظور يستند إلى المنهج العقلي و البحث الفلسفي وكان المغلوط فيها أكثر من
الصواب ؛ فاستنتج العلماء المسلمون نظريات جديدة و بحوثًا مبتكرة لبعض المسائل الفيزيائية التي طرحها اليونان من
جانب نظري بحت.
فتوصلوا من خلال بحثهم إلى بعض القوانين المائية و كانت لهم آراء في الجاذبية الأرضية و المرايا المحرقة و خواص
المرايا المق عرة و الثقل النوعي و انكسار الضوء و انعكاسه و علم الروافع .
يقول كاجوري في كتابه " تاريخ الفيزياء " : إن علماء العرب و المسلمين هم أول من بدأ و دافع بكل جدارة عن المنهج
التجريبي , فهذا المنهج يعد مفخرة من مفاخرهم , فهم أول من أدرك فائدته و أهميته للعلوم الطبيعية ..“.
21
IbtiHAlinO

الحساب و الجبر :
علم الحساب هو علم بقواعد تعرف بها طرق استخراج المجهولات العددية من المعلومات العددية المخصوصة من
الجمع و التفريق و التضعيف و الضرب و القسمة و المراد بالاستخراج معرفة كمياتها
.

وهو ضروري لضبط المعاملات و حفظ الأموال و قضاء الديون و قسمة المواريث و التركات.
وهو فرع من علم الرياضيات وجاء اسمه من كتاب عالم الرياضيات و الفلك و الرحالة الخوارزمي و كتابه )
الكتاب
المختصر في حساب الجبر و المقابلة
( الذي قدم العمليات الجبرية التي تنظم إيجاد حلول للمعادلات الخطية و التربيعية.

و الجبر هو
مفهوم أوسع و أشمل من الحساب أو الجبر الابتدائي فهو لا يتعامل مع الأرقام فحسب , بل يصيغ
التعاملات مع الرموز و المتغيرات و الفئات كذلك و يصيغ الجبر البديهيات و العلاقات التي بواسطتها يمكن تمثيل أي
ظاهرة في الكون. ولذا يعتبر من الأساسيات المنظمة لطرق البرهان.
علم الحساب علم سابق على ظهور الإسلام بل هو علم موغل في القدم , حيث إن لفافات البردي التي كشفت كيف
كان المصريون القدماء يجرون عمليات الحساب ترجع إلى ما قبل الميلاد بحوالي ألفي عام , كذلك عرف البابليون و
الإغريق و الهنود المتواليات الحسابية وغيرها مما يتعلق بعلم الحساب و تدل المخطوطات على أن الموروث الحسابي
الذي تناوله المسلمون ممن سبقهم قبل عهد الترجمة كان مكون من نظامين
: أحدهما سماه العرب حساب المنجمين ,
لأن استعماله كان يقتصر على الفلكيين و حساب الدرج و الدقائق
.

أما الآخر: فقد كان اسمه علم الحساب بدون تمييز ولكن حيث يلزم التمييز يسمونه حساب اليد أو الحساب الهوائي أو
حساب العقود أو حساب الروم و العرب.
بداية النهضة الإسلامية في الجبر
:
من أهم انجازات العرب إدخال الصفر في الترقيم و استعماله في المنازل الخالية من الأرقام التي كانت سائدة في
الحساب الهندي و يعد هذا النظام من المخترعات الأساسية ذات الفوائد العظيمة التي توصل إليها العقل العربي , حيث
لم تنحصر مزاياه في تسهيل الترقيم وحده , بل تعدته إلى تسهيل جميع أعمال الحساب , ولولا الصفر لما استطعنا أن
نحل كثيراً من المعادلات الرياضية من مختلف الدرجات بالسهولة التي نحلها بها الآن
..

ثم تطورت الرياضيات على يد العرب بعد ذلك فاخترعوا الكسور العشرية و الحساب الهوائي , كما يرعوا في علوم
الهندسة وحساب المثلثات بعد ذلك
.

اهتمام المسلمين بعلم الحساب و الجبر
:

و جه القرآن الكريم نظر الإنسان إلى الع د و الحساب في آيات كثيرة , فلقد وجه الله سبحانه و تعالى الإنسان إلى العد على
. } أنه حقيقة واقعة في حياة الإنسان فيقول تعالى: ]
وَإِنَّ يوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [ }الحج: 30
و يوجه الإنسان إلى عناصر الزمن التي بحسابها يصل إلى الساعات و الأيام و الشهور ثم السنين... فيقول تعالى: ]
هُوَ
الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَ دََِّرَهُ مَنَازِل لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ
[ }يونس: 5{ ويقول أيضا: ]وَجَعَلْنَا
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ
[
}الإسراء: 12 { والله عز وجل أحصى كل شيء وعدَّه بعلمه وقدرته, قال تعالى: ]إِنْ
كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا

. }65 -
آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدً . لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَ دً . وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا[ }مريم: 60

22
IbtiHAlinO

وهناك إشارات كثيرة في القرآن للحساب و العد ومنها على سبيل المثال لا الحصر قوله سبحانه تعالى: ]
وَكَفَى بِنَا
حَاسِبِينَ
] { الأنبياء: 30 { و بقوله تعالى: ] وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسَابَ ] { الإسراء: 12 { و قوله تعالى: ] فَاسْأَلِ
الْعَادِّينَ
{ المؤمنون: 110 .

و لقد اشتغل العرب بالجبر و ألفوا فيه بصورة علمية منظمة , حتى أن الكثير من علماء الغرب قالوا : )) إن العقل ليدهش
عندما يرى ما عمله العرب في الجبر .. (( و من أشهر مؤلفاتهم كتاب ) الجبر و المقابلة ( لمحمد بن موسى الخوارزمي.
وقد قسم العرب المعادلات إلى ستة أقسام و وضعوا حلولا لكل منها و استعملوا الرموز في الأعمال الرياضية و بحثوا
في نظرية ذات الحدين و أوجدوا قانونا لإيجاد مجموع الأعداد الطبيعية و عنوا بالجذور الصماء و مهدوا لاكتشاف
اللوغاريتمات .
و يعتبر الخوارزمي
أبو عبد الله محمد بن موسى هو مؤسس علم الجبر و أول من استعمل لفظ الجبر و وضع أصوله و
قوانينه هو ولد عام 202 ه و كتابه في الجبر بعنوان ) المختصر في حساب الجبر و المقابلة(.
0 وهو أ ول من استخدم الجذر ألتربيعي . , 2,
و الخوارزمي هو أول من أضاف العدد صفر إلى مجموعة الأعداد 1
أول من اخترع النسب المثلثية هو أبو جابر ألبتاني محمد بن سنان الحراني القرن التاسع الميلادي . أول من أدخل علامة
الكسر العشري و أ ول من ح ول الكسور العاد ية إلى كسور عشر ية في علم الحساب وأول من أعطي قيمة صحيحة للنسبة
التقريبية هو جمشيد بن محمود بن مسعود الملقب بغياث الدين جمشيد الكاشى ولد بمدينة كاشان و لذلك يعرف بالكاشي
في القرن التاسع الهجري و أول من ب ين طريقة إيجاد الجذر التكعيبي هو أبو الحسن علي بن أحمد النسوي.
أ ول من استعمل الرموز أو المجاهيل في علم الرياضيات هم العرب المسلمون , فاستعملوا )س( للمجهول الأول و )ص(
للثاني و )ج( للمعادلات للجذر .. وهكذا.
و أ ول رسالة عن علم الرياضيات طبعت في أوروبا كانت مأخوذة من جداول العالم المسلم أبي عبد الله البتاني , وقد طبعت
هذه الرسالة الأولى عام 1360 م في اليونان.
ومن التأثيرات الواضحة لمجهودات المسلمين في الجبر تعديلات " الطوسي " على " إقليدس " حيث اكتشف أن هناك
نقصاً في بحوث إقليدس فيما يخص قضية المتوازيات ؛ فعدل هذا النقص وكمله في كتابه " تحرير أصول إقليدس " وفي
" الرسالة الشافية للطوسي" وهما العملان اللذان كان لهما بالغ الأثر في تقدم بعض النظريات الهندسية , وقد نشر "جون
و اليس" هذه البحوث باللاتينية عام 1351 م.
ومن الإشارات العلمية على فضل حضارة المسلمين على الغرب في مجال الحساب أن " أديلار الباثي " قام بترجمة
كتاب الخوارزمي في الحساب تحت عنوان
Algoroitmi donameroindoram و ظل الحساب يُعرَف في أوروبا
باسم ) الغوريتمي ( وهو تحوير لاسم الخوارزمي.
لم يأخذ المسلمون ما تركه الأقدمون من قواعد علم الحساب و اكتفوا به , بل قاموا كعادتهم - وكما يأمرهم الإسلام –
بالاجتهاد في تطوير هذا العلم ؛ ومن ثَمَّ نشأت و تطورت تلك العلوم الرياضية.

23
IbtiHAlinO

الاحصاء :
وقد طبق المسلمون في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الإحصاء عن طريق تأسيس الدواوين حيث يتم فيها
تدوين المعلومات عن الجند و دخول بيت المال وغيرها من البيانات اللازمة للتموين و تجهيز الجيوش ... وهذه الطريقة لا
تزال تستخدم في كثير من الأمور الإحصائية الحديثة وهي بداية الإحصاء. كذلك استخدم الخليفة أبو جعفر المنصور
وسائل متطورة و عديدة لتسليح وتموين الجند إضافة إلى تبويب مدخولات بيت المال و المصروفات و الأبواب الأخرى
المتعلقة بإدارة الدولة.
ولعلَّ القاعدة القرآنية العظيمة في قوله تعالى: " و كذلك جعلنكم أمة وسطا " هي التي سار عليها المسلمون و انتهجوها
خ طًا في سياساتهم الحسابية و معاني الوسطية في اللغة الاعتدال و الاتزان و التوازن و العدل و وسطية المكان , ومن
هنا يتبين لنا المفهوم الإحصائي الأساسي الذي أسَّسه القرآن ألا وهو الوسط الحسابي و المعدل...
أما الإحصاء التطبيقي فقد أسهم فيه المسلمون عن طريق التوفير للمنحنى المفترض عن البيانات المعلومة وهذا المفهوم
العلمي الرياضي لا يزال الأساس في علم الإحصاء لإيجاد أفضل المعادلات لقياس واقعية تجربة أجريت من قبل الباحثين
في حقول المعرفة المختلفة.
وما طريقة عمر الخيام لحل المعادلات التكعيبية ذات المجهول الواحد عن طريق ما يسمى ) بحساب الخطأين ( عند
المسلمين وما يسمى حديثا بطريقة
( False Regular ) في التحليلات العددية الحديثة إلا خير دليل على أن المسلمين
اتبعوا خطوات هندسية حديثة و متطورة و سبقوا زمنهم في هذا المجال.
.......

24
IbtiHAlinO

م 0
الطب
حظي علم الطب باهتمام بالغ من المسلمين في ظل الحضارة الإسلامية و لقي تشجيعا كبيرا و عناية واسعة من خلفاء
المسلمين و سلاطينهم على مر العصور الإسلامية و تجلى ذلك في الاهتمام الكبير بهذا العلم تعليما و تعلما و تطوير هذا
العلم بمدارسه و فروعه و تشجيع المنتمين له.
وقد برع المسلمون في الانفتاح على مآثر الطب عند الأمم السابقة و بخاصة الطب اليوناني و عملوا على نقل مجموعات
كبيرة من المؤلفات الطبية اليونانية إلى اللغة العربية في مختلف فروع العلم . ولم يقفوا عند هذا الحد , بل أضافوا إليها
الكثير من بحوثهم و ابتكاراتهم و تجاربهم الشخصية , فكثرت شروحاتهم لها من واقع مشاهداتهم .
و ازدادت عناية المسلمين بهذا العلم حتى بلغ درجة عالية من التطور وسار به العلماء شوطا كبيرا , فوضعوا له أصولا
و مناهج نظرية و ألفوا فيه كتبا كثيرة في مختلف التخصصات الطبية بجانب التجارب العملية التي كانت تجرى في
المستشفيات حيث كان طلبة الطب يمرون على المرضى مع أساتذتهم و يطبقون ما درسوه نظريا بما يشاهدونه واقعا ,
مما كان له الأثر الواضح في تطور العملية التعليمية للطب عند المسلمين. وقد أدى ذلك بدوره إلى إنتاج كم هائل من
الآثار و الدراسات الطبية المبتكرة التي كان لها الأثر الواسع في إثراء الدراسات الطبية و ارتقائها حتى بلغ المسلمون
بهذا العلم موقع الريادة بين الأمم و كان لهم الفضل الكبير في تقدم الإنسانية في هذا العلم.
وكان من مظاهر تشجيع المسلمين لهذا العلم ذلك الاهتمام الكبير بإنشاء دور التعليم التي تعنى بتدريس العلوم الطبية ,
وفي اختيار الأطباء المبرزين للتدريس في هذه المراكز و الإشراف عليها حيث تعددت تلك المراكز و تنوعت. فدرس
علم الطب في المساجد و منازل العلماء وفى المجالس الطبية عامة و البيمارستانات و فوق هذا كله , تميزت الحضارة
الإسلامية بظهور مدارس أنشئت خصيصا لتدريس هذا العلم , لم يكن لها غرض آخر غير تدريس الطب يشرف عليها
أساتذة متخصصون و يدرس فيها رؤساء الطب المتميزون و يطبق فيها نظام تعليمي دقيق , مما كان له الأثر الواضح
في تطور الدراسات الطبية و ارتقائها.
و بتعدد تلك المراكز الطبية و تنوعها عند المسلمين اشتهر فيها عدد كبير من الأطباء المتميزين الذين تركوا تراثا طبيا رائعا
و دراسات رائدة أثرت هذا العلم بصورة كبيرة . ليس هذا فحسب , بل إن من هؤلاء الأطباء من بلغ بروزه في هذا العلم
درجة جعلته مقصد طلبة العلم في كل موقع سواء بالحضور إليه أو بدراسة آثاره و مؤلفاته بلغاتها العربية أو ترجمتها إلى
لغات أخرى , الأمر الذي أكد فضل علماء المسلمين في تطور الطب الحديث و أثرهم على غيرهم من الأمم في معرفة هذا
العلم و الارتقاء به , وهو أمر واضح و جلي لمعظم المشتغلين في حقل الطب و تاريخه في مختلف دول العالم.
و رغم وجود ما يعرف بالطب النبوي إلا أن المسلمين لم يقفوا عند حدود ذلك الطب النبوي ) مع إيمانهم بنفعه و بركته (
.. بل أدركوا مبكرًا أن العلوم الدنيوية - و الطب أحدها - تحتاج إلى دوام البحث و النظر و الوقوف على ما عند الأمم
الأخرى منها.. تطبيقًا لهدي الإسلام الدافع دومًا للاستزادة من كل ما هو نافع و البحث عن العلم في أي مكان فنرى أطباء
المسلمين يأخذون في التعرف على الطب اليوناني من خلال البلاد الإسلامية المفتوحة و بدأ الخلفاء يستقدمون الأطباء
الروم , الذين سرعان ما أخذ عنهم الأطباء المسلمون و نشطوا في ترجمة كل ما وقع تحت أيديهم من مؤلفات طبية و
لعل هذا يعتبر أعظم ما حدث في العصر الأموي.
وقد تميز علماء الطب المسلمون بأنهم أول من عرف التخصص ؛ فكان منهم : أطباء العيون , و يسمَّون ) الكحالين ( ,
ومنهم الجراحون و الفاصدون ) الحجامون ( و منهم المختصون فى أمراض النساء.
وكان من سمات هذا العصر ) العصر الاموى ( إنشاء المستشفيات النظامية و بروز الشخصيات الإسلامية في ميدان
علم الطب و كانت عائلة أبي الحكم الدمشقي المسيطرة على هذه المهنة في العصر الأموي , و كان من هذه الشخصيات
أيضا : تياذوق , وقد كان قريبًا من الحجاج بن يوسف الثقفي و أحمد بن إبراهيم الذي كان طبيب الخليفة الأموي يزيد بن
عبد الملك.
25
IbtiHAlinO

وما كادت عجلة الأيام تدور في العصر العباسي حتى أجاد المسلمون في كل فرع من فروع الطب و صححوا ما كان من
أخطاء العلماء السابقين تجاه نظريات بعينها , ولم يقفوا عند حد النقل و الترجمة فقط و إنما و اصلوا البحث و ص وبوا
أخطاء السابقين.. ومن ذلك ما كان من
أبي بكر الرازي )ت 010 ه ( و الذي يُعد مبتكر خيوط الجراحة المعروفة
بالقصاب , كما أنه أول من صنع مراهم الزئبق و قدم شرحا مفصلاً لأمراض الأطفال و النساء و الولادة و الأمراض
التناسلية و جراحة العيون و أمراضها.
وكان من رواد البحث التجريبي في العلوم الطبية , وقد قام بنفسه ببعض التجارب على الحيوانات كالقرود ؛ فكان يعطيها
الدواء, ويلاحظ تأثيره فيها , فإذا نجح طبقه على الإنسان.. و يعد الرازى أول من قرر أن المرض قد يكون و راثيًا.
وهو أول من استطاع أن يف رق بين النزيف الشرياني و النزيف الوريدي و استعمل الضغط بالأصابع و بالرباط في حالة
النزيف الشرياني.. و كان أول من وصف عملية استخراج الماء من العيون و نصح بأن تُبنى المستشفيات بعيدًا عن أماكن
تعفُّن المواد العضوية.
و يعتبر الرازي سباقًا في تشخيصه للجدري و الحصبة , وقد وضع لذلك كتابه الشهير ) الجدري و الحصبة ( , وفيه
وصف دقيق لأعراض هذين المرضين , وما يصحبهما من ارتفاع في درجة الحرارة.. وكان بارعًا في التمييز بينهما ,
معتبرًا ) الحمى ( ظاهرة عرضية تنشأ أسبابها من حالات مرضية كثيرة , فهي ظاهرة أو عرَض , وليست علة بذاتها ,
فإذا ما عولج الداء الذي تصحبه الحرارة علاجًا شافيًا انتفت أسباب تلك الحمى.
كما تطور عند المسلمين طب العيون ) الكحالة ( , و كانوا سباقين فيه فيه أحد؛ فلا اليونان من قبلهم , ولا الللاتين
المعاصرون لهم , ولا الذين أتوا من بعدهم بقرون بلغوا فيه شأوهم؛ فقد كانت مؤلفاتهم فيه الحجة الأولى خلال قرون
طوال , ولا عجب أن كثيرين من المؤلفين كادوا يعتبرون طب العيون طبًا عربيًا , و يقرر المؤرخون أن علي بن عيسى
الكحال ) ت 377 ه ( كان أعظم طبيب عيون في القرون الوسطى برمتها.. و مؤلفه ) التذكرة ( أعظم مؤلفاته.
عملاق آخر يعتبر من أعظم الجراحين في التاريخ إن لم يكن أعظمهم على الإطلاق وهو أبو القاسم الزهراوي ) ت 370
ه ( الذي تمكن من اختراع أولى أدوات الجراحة كالمشرط و المقص الجراحي , كما وضع الأسس و القوانين للجراحة..
و التي من أهمها علم ربط الأوعية لمنع نزفها و اخترع خيوط الجراحة و تمكن من إيقاف النزف بالتخثير.

و دِ كان الزهراوي
هو الواضع الأول لعلم المناظير الجراحية و ذلك باختراعه و استخدامه للمحاقن و المبازل
الجراحية و التي عليها يقوم هذا العلم , و قام بالفعل بتفتيت حصوة المثانة بما يشبه المنظار في الوقت الحاضر.. إلى
جانب أنه أول مخترع و مستخدم لمنظار المهبل.

و يعتبر كتاب الزهراوي
: ) التصريف لمن عجز عن التأليف ( و الذي قام بترجمته إلى اللاتينية العالم الإيطالي
جيراردو تحت اسم
ALTASRIF ) - ( موسوعة طبية متكاملة لمؤسسي علم الجراحة بأوروبا , وهذا باعترافهم
تتألف هذه الموسوعة من 07 مجلدًا مقسمة إلى 0 أقسام: الأول في ) الطب ( و الثاني في ) الكيمياء ( و الثالث في
) الجراحة و الأدوات الجراحية (..
و يذهب مؤرخو الطب إلى أن الزهرواي كان أول من خص الجراحة بدراسة متميزة و فصلها عن سائر الأمراض
التي تعتري جسم الإنسان.
يقول عالم وظائف الأعضاء الكبير هالر: " إن جميع الجراحين الأوروبيين الذين ظهروا بعد القرن الرابع عشر قد استمدوا
علمهم و معرفتهم من هذا العالم الاسلامى الكبير.

26
IbtiHAlinO

و ظل المسلمون من بعده رواداً في الجراحة حتى القرن الخامس الهجري و استعرب تلامذة أوروبا ليتعلموا على يديه
و يعودوا لبلادهم بما تعلموه ؛ مما ب ين أهمية علم الجراحة و أهمية فصله عن الطب الباطني.
برزت كذلك شخصيات إسلامية أخرى لامعة في ميدان علم الطب من أمثال ابن سينا )ت 321 ه ( الذي استطاع أن
يقدم للإنسانية أعظم الخدمات بما توصل إليه من اكتشافات , وما يسره الله له من فتوحات طبية جليلة ؛ فقد كان أول من
اكتشف العديد من الأمراض التي ما زالت منتشرة حتى الآن , لقد اكتشف لأول مرة طفيل ) الإنكلستوما ( و سماها
الدودة المستديرة , وهو بذلك قد سبق العالِم الإيطالي " دوبيني " بنحو 677 سنة.
كما أنه أول من وصف الالتهاب السحائي , و أول من ف رق بين الشلل الناجم عن سبب داخلي في الدماغ و الشلل الناتج
عن سبب خارجي , و وصف السكتة الدماغية الناتجة عن كثرة الدم , مخالفًا بذلك ما استقر عليه أساطين الطب اليوناني
القديم . فضلا عن أنه أول من فرق بين المغص المعوي و المغص الكلوى.
كما كشف ابن سينا
- لأول مرة أيضًا - طرق العدوى لبعض الأمراض المعدية كالجدري و الحصبة و ذكر أنها تنتقل
عن طريق بعض الكائنات الحية الدقيقة في الماء و الجو . وي ظهر ابن سينا براعة كبيرة و مقدرة فائقة في علم الجراحة
؛ فقد ذكر عدة طرق لإيقاف النزيف , كما تحدث عن كيفية التعامل مع السِّهام و استخراجها من الجروح . و يعتبر ابن
سينا أول من اكتشف و وصف عضلات العين الداخلية , و أول من قال بأن مركز البصر ليس في الجسم البلوري كما
كان يُعتقد من قبل و إنما هو في العصب البصري.

كان ابن سينا
على دراية واسعة بطب الأسنان و كان واضحًا دقيقًا في تحديده للغاية و الهدف من مداواة نخور الأسنان حين
قال: " الغرض من علاج التآكل منع الزيادة على ما تآكل ؛ و ذلك بتنقية الجوهر الفاسد منه و تحليل المادة المؤدية إلى ذلك.
حفل سجل الأمجاد الحضارية الإسلامية بالعشرات بل المئات من الرواد الذين تتلمذت عليهم البشرية قرونًا طويلة و شهد
بفضلهم و سبْقهم الأعداء قبل الأصدقاء.. منهم ابن النفيس ) ت 310 ه ( الذي عارض نظرية جالينوس الذي كان يقول
بوجود ثقب بين بطيني القلب الأيمن و الأيسر , فصحح ابن النفيس هذا الخطأ , و منه اكتشف الدورة الدموية الصغرى ,
و قدم لها وصفًا دقيقًا لم يُسبقه إليها أحد.
وقد لقيت المؤلفات الطبية الإسلامية اهتماما كبيرا من الأوربيين و ترجمت إلى مختلف اللغات الأوربية و استمرت تلك
المؤلفات قرونا عدة كانت خلالها هي المصادر الأساسية التي يعتمد عليها الأوربيون في تعلم الطب سواء بأصولها
العربية أو بترجماتها. يقول رونلد كامبل في كتابه "
الطب العربي " : " لقد بقيت جامعات أوربا تستند تماما على
إسهامات علماء العرب في الطب , بل إن مقرراتهم في كليات الطب بقيت تستعمل "
القانون " لابن سينا و " الحاوي "
للرازي وغيرهما حتى نهاية القرن السادس عشر الميلادي .
كما طغى تأثير أطباء المسلمين على العالم الغربي عبر القرون اللاحقة و بالأخص خلال الفترة من القرن الخامس إلى
الثامن الهجري ) الموافق الحادي عشر إلى الرابع عشر الميلادي ( . فقد بقي علماء أوربا يتعلمون في مدارس و
جامعات الأمة الإسلامية في الأندلس و صقلية وغيرها , حتى تمكنوا من اللغة العربية. ثم قاموا بترجمة علوم المسلمين
في الطب وغيره.
و مما لا يقبل الشك أن تأثير علماء العرب و المسلمين في الطب على أطباء أوربا خلال القرن الحادي عشر الميلادي
إلى القرن الرابع عشر الميلادي , لا يحتاج إلى برهان و الجدير بالذكر أن كثيرا من المنصفين من علماء أوربا الغربية
, يعترفون بما قدمه علماء العرب و المسلمين في العلوم , كما أن النظريات و الأفكار الطبية صارت تدرس في جميع
أنحاء المعمورة و يؤكد العلماء الغربيين أن جامعات المسلمين كانت مفتوحة للطلبة الأوربيين الذين نزحوا إليها من
بلادهم لطلب العلم و كان ملوك أوربا و أمراؤها يفدون على بلاد المسلمين ليعالجوا فيها. و أول مدرسة أنشئت للطب
في أوربا هي المدرسة التي أسسها العرب في " باليرم " من إيطاليا.

27
IbtiHAlinO

م 1
بلغ المسلمون من المدنيَّة و التقدُّم و الحضارة درجة عظيمة لم يبلغها شعب من شعوب الأرض في مثل هذه الفترة
القصيرة , كما امتدَّت حضارتهم عدَّة قرون و أضاءت كل أرجاء المعمورة , ومن مظاهر هذه الحضارة إسهاماتهم في
علم الصيدلة , ذلك العلم الذي يُعَدُّ ابتكارًا من ابتكارات المسلمين.
ولقد اعترف كثير من علماء الغرب بالمكانة المرموقة التي وصل إليها المسلمون في علم الصيدلة , فهم أوَّل مَنْ أسَّس
لعلم الصيدلة بمفهومه الحديث ؛ حيث تقول الموسوعة البريطانية عن ذلك : " و الحقُّ أن كثيرًا من أسماء الأدوية و
كثيرًا من مركَّبَاتها المعروفة حتَّى يومنا هذا , وفي الحقيقة المبنى العا م للصيدلة الحديثة - فيما عدا التعديلات الكيماوية
الحديثة بطبيعة الحال - قد بدأه العر ب " .
وعندما نستعرض إسهامات المسلمين في علم الصيدلة نجد أن هناك قائمة كبيرة تحوي عشرات الصيادلة المسلمين ,
الذين كان لهم دورٌ فعَّال في تطوير وتحديث علم الصيدلة ؛ القائم على الملاحظة و التجريب و التحديث و البحث عن
كل جديد من خلال الأسفار المتعدِّدة في البلدان القريبة و البعيدة , فتوصَّلُوا إلى نباتات و أعشاب جديدة أثبتت التجارِبُ
أن لها دورً ا مميَّزًا في علاج الأمراض الصعبة و الأمراض التي لم يكن لها أدوية من قبل.
فمن علماء الصيدلة المسلمين الذين ذاع صيتهم و انتشرت مؤلَّفاتهم )علي بن العباس المجوسي ( المتوفى سنة 013 ه ,
وقد كان ابن العباس المجوسي من أشهر الأطباء و الصيادلة المسلمين في القرن الرابع الهجري ,
قال عنه القفطي : " طبيب فاضل كامل " . ومن أشهر كتبه كتاب ) الملكي ( المعروف ب ) كامل الصناعة الطبية (
وهو عبارة عن مجموعة من المقالات المهمَّة في العلوم الطبية و الدوائية ؛ حيث قسم الكتاب إلى جزأين يشتمل الأول
على عشر مقالات ؛ الأولى في الأمزجة و الطبائع و الأخلاط و الثانية و الثالثة في التشريح , ولقد كانتا المرجع الرئيسي
1107 م ( . - لعلم التشريح في بإيطاليا وفي غيرها في البلاد ما بين عامي ) 1707
أمَّا الجزء الثاني فمقصور على المداواة و طرق العلاج و الصيدلة ؛ حيث تختصُّ إحدى مقالاته بالأدوية المفردة و
امتحانها و منافعها , فيذكر الطُّرُق التي يُسْتَدَلُّ بها على قوَّة الدواء من التجربة على الأبدان و الأمراض و امتحان الدواء
من سرعة استحالتها و عُسرها , ومن سرعة جموده و عُسر جموده ومن طعمه و رائحته و لونه و معرفة قوى الأدوية
المسكنة للأوجاع و المُفتِّتَة للحصى و المُدرَّة للبول و المُدرَّة للطمث و المولِّدَة للَّبَنِ , كما تحدَّث عن الأدوية النباتية و
أنواعها ؛ من حيث الحشائش أو البذور أو الحبوب ثم الأوراق و الأنوار ) الأزهار ( ثم الثمار و الأدهان .
وقد أثنى فيليب حتِّي على كتاب ) الملكي ( بقوله: " إنه الكتاب الوحيد الذي نقله الصليبيون إلى اللغة اللاتينية وقد ظلَّ
كتابًا مدرس يًا في الشرق و الغرب إلى أن حلَّ محلَّه الكتاب الذي وضعه ابن سينا , وهذا أشبه بموسوعة طبية " .
ثم جاء الزهراوي
أبو القاسم خلف بن عباس الأندلسي ) ت 373 ه ( ليُكمل مسيرة علي بن العباس , فرغم شهرته
الواسعة في مجال الجراحة - فهو أوَّل مَنِ استعمل ربط الشرايين لمنع النزف - إلاَّ أن إسهاماته في علم الصيدلية كانت
تضاهي إسهاماته في علم الجراحة ولا تَقِلُّ عنها

؛ فقد ألَّف الزهراوي
في الأدوية كتابًا أسماه : ) مقالة في أعمار العقاقير المفردة و المُركَّبة ( و يرجع عدم تقدير
الزهراوي باعتباره صيدل يًا بارعًا إلى أن المؤلفين العرب وغيرهم لم يُعنوا إلاَّ بالجزء الخاصِّ بالجراحة و الطِّب الذي
ذكره في كتابه: ) التصريف لمن عجز عن التأليف (.
و أشهر مقالة عن الصيدلة في كتاب ) التصريف ( تلك المقالة التي تناول فيها كيفية تحضير العقاقير المعدنية و النباتية و
الحيوانية و تنقيتها.

28
IbtiHAlinO

وقد ذكر الزهراوي أسماء العقاقير بأربع لغات إلى جانب العربية ؛ هي: اليونانية و الفارسية و السريانية و البربرية ,
وهو عمل يمكن أن يُطْلَقَ عليه الآن معجم مصطلحات الصيدلة المتعدِّد اللغات , كما أورد أسماء الأدوات و الأجهزة
الكيميائية و الصيدلانية , و بدائل الأدوية المفردة و ذكر مصادرها - إن وُجِدَتْ – و أعمار الأدوية المركبة و المفردة -
أي تاريخ صلاحية الدواء - وكما فعل مَنْ سبقه أتى في النهاية على ذِكْرِ الأوزان و المكاييل و ر تبها ترتيبًا ألف بائ يًا و
كان الزهراوي أوَّل من استخدم الفحم في ترويق شراب العسل البسيط .
كما أسهم ماسويه المارديني
) ت 373 ه ( باسهامات رائدة في علم الصيدلة ؛ فقد كان يُلَقَّبُ في الأوساط العلمية
الأوربية باسم ماسويه الصغير , ومن أشهر كُتبه كتاب: ) المادة الطبية ( , وقد بلغت شهرة هذا الكتاب ح دًا كبيرًا ؛
جعلته أقدم دستور للأدوية في العالم , ولقد كان كتاب ) المادَّة الطبية ( عاملاً أساس يًا في ظهور الأدوية عند الغرب , كما
كان الأستاذ في الصيدلة في أوربا.
و بقي هذا الكتاب محافِظًا علي قيمته العلمية وعلى أثره الكبير في الطبِّ و الصيدلة في أوربا إلى أمد بعيد وصل إلى نهاية
القرن الماضي ؛ فمِنْ هذا الكتاب عَرَفَ العالم عامَّة و أوربا خاصَّة معظم الأدوية التي اخترعها الصيادلة العرب بأنفسهم ,
أو جلبوها من أقطار أخرى للاستعمال في علم المداواة و يقع كتاب ) المادة الطبية ( لماسويه الأصغر في ثلاثين جزءًا.
330 ه ( من أبرز العلماء المسلمين -
و يُعَدُّ ابن وافد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكريم , المولود في طُليطلة ) 010
في الصيدلة ؛ فقد كتب ابن وافد العديد من الكتب في مجال الأدوية المفردة , ومن أهمِّهَا كتابه المعنون باللغة اللاتينية :
(
( MINERALIBUS SIMPLICIBUS وهو كتاب ذاعت شهرته في الأوساط اللاتينية , و رغم أن الأصل العربي
لهذا الكتاب قد فُقد إلاَّ أن ترجمته اللاتينية ما زالت موجودة حتى الآن , وقد كان هذا الكتاب من أهمِّ الكتب التي عرفتها
أوربا في القرون الوسطى .

علم العقا يِر عند المسلمين
:
ممَّا تفرَّد به المسلمون في العلوم إسهاماتهم في علم العقاقير , ففي بادئ الأمر كان المسلمون لا يعرفون من الطبِّ إلاَّ
الطبَّ التجريبي , فاستعملوا العقاقير و بعض النباتات و استفادوا من خصائصها في معالجة الأمراض و الجراح , ومن
هنا كان اهتمامهم بالعقاقير و ازداد ذلك بتقدُّمهم في المعرفة و العلم و اتِّصَالهم بالفرس و الروم و الهنود , فانكبُّوا على
دراسة الأدوية مفردة كانت أو مركبة و تعرَّفوا قواها و وضعوا مواصفاتها و تحقَّقُوا منها , بل و اخترعوا عشرات
العقاقير المفردة و المركبة التي لم تكن معروفة لمن قبلهم من اليونانيين الأقدمين.
ولقد كانت دراسة الأدوية و معرفتها و التأكُّد من صحَّتها و فاعليتها حجر الأساس لدى كل مهتمٍّ بالطبِّ و العلاج و
المداواة ؛ فلا نجد مؤلَّفًا من مؤلَّفات كبار الأطباء المسلمين و غيرهم إلاَّ أَ فرَدَ فيه للأدوية المفردة و المركبة قسمًا مه مًا
خا صًا ؛ فنجد ابن سينا خصَّص لها الكتاب الثاني و الخامس في مؤلَّفِهِ ) القانون ( و خصَّص الرازي الجزء العشرين و
الحادي والعشرين في كتابه ) الحاوي ( و ابن ربن في كتابه ) فردوس الحكمة (.

ابن زهر في كتابه
) التيسير في المداواة و التدبير ( و الذي ذكر كذلك في نهايته وصايا و إرشادات في تركيب الأدوية
المركبة و استعمالها , و وصفات من الأدوية المركَّبَة التي أثبتها و كذلك بيان تحضير الأشربة و المراهم و المعاجين ,
و ابن التلميذ في كتابه ) الأقراباذين الكبير( , هذا بالإضافة إلى أن هناك كثيرًا من المؤلَّفات التي خُصِّصَتْ للأدوية فقط
مثل كتاب ) الجامع للأدوية و الأغذية ( لابن البيطار و ) الجامع لصفات أشتات النبات ( للإدريسي و كتاب ) شرح
أسماء العقاقير ( لابن ميمون و كتاب ) الأدوية المفردة ( للغافقي وغيرها من الكتب الأخرى .

29
IbtiHAlinO

كما اهتمَّ علماء المسلمين باستخلاص العقاقير المناسبة من النباتات المختلفة في طول البلاد و عرضها , فلم يكن العامل
الجغرافي أو القُطري عائقًا أو حاجزًا لهم , لذلك وجدنا الكثيرين منهم يسيحون في طول البلاد و عرضها بحثًا عن
الجديد من النباتات , ومن ثم العقاقير الجديدة , ومن هؤلاء العلماء الرُّحَّل أبي جعفر الغافقي صاحب كتاب ) الأدوية
المفردة ( الذي بحث عن كل جديد من النباتات في كل من الأندلس و المغرب العربي , وقد ذكر في هذا الكتاب كل نبات
و عقار باسمه العربي و البربري و اللاتيني ؛ ممَّا يُدلل على اتساع ثقافته في مجال النباتات و الصيدلة .
و المدهش و المثير للإعجاب ما كان يفعله بعض هؤلاء العلماء في مصنفاتهم كرشيد الدين الصُّوري ) ت 306 ه ( ,
الذي كان يصطحب معه مصوِّرًا مزوَّدًا بالأصباغ على اختلاف أنواعها , ثم يطوف مَوَاطِن النبات و يطلب من المصوِّر
أن يصوِّر له النبتة في بيئتها بألوانها الطبيعية و أن يجتهد في محاكاتها , وكان يطلب منه تصوير النبتة في أطوارها
المختلفة من أيام إنباتها و نضارتها و إزهارها و إثمارها و جفافها , فيكون التحقيق أتمَّ والمعرفة أبين , وكان هذا منهجه
في كتابه ) الأدوية المفردة ( , الذي يضمُّ إلى جانب الأدوية أوصاف و رسوم النباتات الملونة في أطوارها المختلفة و
كذلك كتابه ) التاج ( , وهذا كله يؤكِّد سبق العلماء المسلمين و استخدامهم المنهج العلمي التجريبي .
ومع هذا التقدُّم الإسلامي في التداوي بالأغذية و العقاقير المفردة و المركبة , استطاع العلماء المسلمون أن يُضيفوا الكثيرَ
من مفردات الأدوية في مادَّتهم الطبية , ولم ينقلوها عمَّن أخذوا عنهم من اليونانيين و النساطرة , فأوردوها في كتبهم
مُحلاَّة بأوصافها و قوَّة مفعولها و منافعها و فوائدها في العلاج , ومن ذلك ما ذكره الإدريسي في كتابه ) الجامع لصفات
أشتات النبات ( ؛ فقد ذكر كثيرًا من العقاقير لم يذكرها ديسقوريدس أو أغفلها , وقد بلغ ما أحصاه من هذه المفردات
حوالي 125 مفردة , أوَرَدَ ذكرها في أربعة عشر حرفًا الأولى من الحروف الأبجدية , وهو الجزء من كتابه الذي أمكن
الحصول عليه.
و أمَّا طريقة تحضير الأدوية - مفردة كانت أم مركبة- عند المسلمين فقد كانت على هيئة مستحضرات ذات أشكال
مختلفة تتوقَّف على طُرق استعمالها و تعاطيها و الغرض منها , كما كانت تُعَدُّ بغرض أن يكون مفعولها محقَّقًا مضمونًا
, وفي الوقت نفسه لا تَكْرَهُهَا النفس , بل تقبلها و تستسيغها مع سهول تعاطيها , وقد ابتدع المسلمون طُرُقًا كثيرة
استعملوها في تحضير و تنقية الأدوية و العقاقير؛ منها : التقطير و الترشيح و التحويل و التبخير و التصعيد و التذويب
) الصهر ( و التبلور و الغسل و أول مَنْ أدخل تغليف الحبوب بالذهب و الفضة هو ابن سينا , و أوَّل من حضَّر
الأقراص بالكبس في قوالب خاصَّة هو الزَّهراوي.
هكذا كان للمسلمين فضل كبير في الإسهام العلمي النظري و التطبيقي في مجال الصيدلة ؛ فقد بذلوا الجهد الكبير في
استجلاب العقاقير من الهند وغيرها , وهم الذين أَسَّسُوا علم الصيدلة و طوَّرُوه , وهم أول مَنِ اشتغل في تحضير
الأدوية و العقاقير.
.........
30
IbtiHAlinO

م 6
الجيولوجيا
الجيولوجيا هى
علم الأرض أي العلم الذي يبحث في كل شيء يختص بالأرض من حيث تركيبها و كيفية تكوينها و
الحوادث التي وقعت في نشأتها الأولى و كذلك البحث في حالة عدم الاستقرار و التغير المستمر الذي يحدث للكتلة
الصلبة للأرض نتيجة تأثير عمليات و قوى مختلقة سواء كانت هذه القوى من خارج الكتلة الصلبة للأرض
مثل ) التعرية و التجوية ( أو من داخلها ) كالزلازل و البراكين ( كما يبحث في نتائج التغيير و كلمة ) جيولوجيا (
مشتقة من اللغة اليونانية حيث أن
geo تعني " أرض " و logos تعني " سبب ".

علم الجيولوجيا في القرآن الكريم :
جاء في كثير من آيات القرآن الكريم إشارات واضحة إلى علم طبقات الأرض ) الجيولوجيا ( , ومن ذلك قول الله تعالى
:
}وَمِنَ الْجِ بالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَ غَرَابِيبُ سُودٌ
} [ فاطر: 22 [، و قوله تعالى : } وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ
،] شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ { ]الحديد: 22 [،
و قوله تعالى: }وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ ف يهَا مَعَايِشَ { ]الأعراف: 11

و غير ذلك من الآيات الكريمة التي تحدَّثت عن هذا النوع من العلوم و التي دفعت المسلمين إلى دراسته دراسة مستفيضة
.

وقد اتجه علماء المسلمين إلى التأمُّل و الاستنتاج و البحث عن الحقيقة بالطريقة العلميَّة الصحيحة , فنجحوا نجاحًا باهرًا
في تفسير الظواهر الطبيعيَّة و دراسة الصخور و الجبال و المعادن و استطاعوا أن يُعَلِّلوا كثيرًا من الظواهر الجيولوجيَّة
مثل الزلازل و البراكين و المدِّ و الجزر , و تكوُّن الجبال و الوديان و السيول و الأنهار و الجداول.
و جدير بالذكر أن الجيولوجيا عند المسلمين ارتبطت بعلوم أخرى كثيرة ساعدت في نموِّها , و كان هذا دَأْب العلماء آنذاك
؛ فلم يكن هناك التخصُّص الدقيق , بل كانت هناك المعرفة الموسوعيَّة الشاملة ؛ و لذلك فإن أعمال العلماء المسلمين في
مجال الجيولوجيا و علوم الأرض جاءت متفرِّقة و منتشرة في عدد كبير من المجلدات تحت أسماء مختلفة , فعلى سبيل
المثال نجد أن ابن سينا يتناول المعادن و المتيورولوجيا في رسالة المعادن و الآثار العلوية في كتابه ) الشفاء ( و النويري
يتناول الجيولوجيا مع المتيورولوجيا في كتابه ) نهاية الأرض ( و يعالج المسعودي في ) مروج الذهب ( قضايا جيولوجية
جنبًا إلى جنب مع قضايا جغرافية.
خطوط الطول و خطوط العرض :
يعدُّ المسلمون أول من وضع خطوط الطول و خطوط العرض على خريطة الكرة الأرضية وضعها العالم أبو علي
المراكشي ) ت 337 ه - 1232 م ( و ذلك لكي يستدل المسلمون على الساعات المتساوية في بقاع الأرض المختلفة
للصلاة.. كما وضع البيروني قاعدة حسابية لتسطيح الكرة أي نقل الخطوط و الخرائط من الكرة إلى سطح مسطح و
بالعكس. و بهذا سهل رسم الخرائط الجغرافية.
يِاس محيط الأرض:
و أول من قام بمحاولة قياس أبعاد الكرة الأرضية الخليفة العباسي العالم المأمون ) ت: 211 ه -
100 م ( فقد جاء بفريقين من علماء الفلك و الجغرافيا فريق برئاسة " سند بن علي " و فريق بقيادة " علي بن عيسى
الاسطرلابي " و اتفق معهما أن يذهبا إلى بقعتين مختلفتين على الدائرة العظمى من محيط الأرض شرقًا و غربًا , ثم
يقيسا درجة واحدة من المحيط..
وقد اختار كل فريق بقعة واسعة مسطحة و ركز في مكانٍ منها و تدًا و اتخذ النجم القطبي نقطةً ثابتةً ثم قاس الزاوية بين
الوتر و بين النجم القطبي و الأرض , ثم سار شمالاً على مكان زادت فيه تلك الزاوية و قاس كل فريق المسافة بين
الوتدين و كانوا يقيسون المسافات على الأرض بحبال يشدونها على الأوتاد..

31
IbtiHAlinO

و العجيب أن النتائج جاءت دقيقة إلى حدٍّ بعيد ؛ فقد توصَّل الفريق إلى أن محيط الأرض يساوي ) 33 ميلاً عرب يا (
وهو ما يعادل ) 303053 كم ( لمدار الأرض , وهي نتيجة مقارِبة ج دا للطول الحقيقي لمدار الأرض و الذي عُرِف
.) % حديثًا وهو حوالي ) 373777 كم ( تقريبًا. أي أن نسبة الخطأ في هذا القياس العباسي لم تصل إلى ) 2
ثم جاء " البيروني " فقام بتجربة جديدة على أساس مختلف حيث قام بقياس الانخفاض الرأسي من ) قمم الجبال ( في
الهند , فجاءت شبيهة بأرقام فلكيي المأمون فأثنى عليهم.
و يقول المستشرق " نللينو " في كتابه ) علم الفلك عند العرب ( إن قياس العرب للكرة الأرضية هو أول قياس حقيقي
أُجري كله مباشرة مع كل ما تقتضيه تلك المسافة الطويلة وهذا الفريق الكبير من العلماء و المساحين العرب فهو يعد
من أعمال العرب المأثورة و أمجادهم العلمية.
دوران الأرض حول نفسها:
في الوقت الذي كان العالم لا يتخيل فيه أن الأرض كرة لم يكن هناك من يناقش مسألة دوران الكرة حول نفسها , ولكن
ثلاثة من علماء المسلمين كانوا أول من ناقش فكرة دوران الأرض في القرن الثالث عشر الميلادي ) السابع الهجري (
وهم " علي بن عمر الكاتبي " و " قطب الدين الشيرازي " من الأندلس و " أبو الفرج علي " من سوريا.
فقد كان هؤلاء الثلاثة أول من أشار في التاريخ الإنساني إلى احتمال دوران الأرض حول نفسها أمام الشمس مرة كل يوم
و ليلة. و يقول " سارتون " في كتابه " مقدمة في تاريخ العلم ": إن أبحاث هؤلاء العلماء الثلاثة في القرن 10 لم تذهب
سدى بل كانت أحد العوامل التي أثرت على أبحاث " كوبرنيكوس " في نظريته التي أعلنها سنة 1530 م.
علم الخرائط:
لا يُنكِر أحد أن الغرب قد استفاد من جهود المسلمين في علم الجغرافيا بشكل كبير و أساسي , فقد كان
أطلس الإسلام أو الخرائط الإسلامية كانت في مقدمة مظاهر التأثير الإسلامي المباشر في الحضارة الغربية.
فقد أعتمد الغرب بشكل أساسي على مؤلَّف " الإدريسي " ) نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ( و قاموا بطباعته طبعات
كثيرة و مختلفة , حتى ظل هذا الكتاب مصدرًا أساس يا لدارسي الجغرافيا للأوروبيين على مدار أكثر من أربعة قرون
وقد صمم " الإدريسي " خريطته على الطريقة العربية في ذلك الوقت , حيث بدأ بالجنوب في أعلى الخريطة ثم انتقل
إلى الشمال في أسفلها..
21 سم ( تصل إلى نحو خمسة أمتار مربعة. وقد قام العالم الألماني × كما تتكون مخطوطة الخريطة من 07 ورقة ) 00
" كونراد ميلر " بنشر نسخة مُلَوَّنة منها سنة 1621 م , بعد أن بذل مجهودًا خار قا من أجل تجميع أجزائها المختلفة و
ترجمة الأسماء العربية إلى الألمانية.
ثم اهتمَّ المجمع العراقي بهذا الكتاب ؛ فعمل باحثوه على مراجعة و تدقيق كل النسخ الموجودة في العالم و أخرجوا خريطة
الإدريسي و طبعوها سنة 1651 م وهي بطول مترين و عرض متر واحد.
يقول " جوستاف لوبون " : " يكفي أن نشير إلى ما حققه العرب في الجغرافيا لإثبات قيمتهم العالية ؛ فالعرب هم الذين
عيَّنُوا بمعارفهم الفلكية مواقع الأماكن تعيينًا مضبوطًا في الخرائط , فصححوا بذلك أخطاء علماء اليونان.
و العرب هم الذين نشروا رحلاتهم الممتعة عن بقاع العالم التي كان يشك الأوربيون في وجودها و العرب هم الذين
وضعوا الكتب الجغرافية التي جاءت ناسخة لما تقدمها , فاعتمدت أمم الغرب عليها وحدها قرونًا كثيرة..."

32
IbtiHAlinO

و الإنجازات الكبيرة و العظيمة لعلماء الجغرافيا المسلمين لا تتجسد فقط في الجديد الذي قدَّموه للعالم ..
و إنما تتجسد هذه الإنجازات بشكل واضح كذلك في التصويب و التعديل الذي عاد به عباقرة الجغرافيين المسلمين على
التراث الجغرافي اليوناني.
فقد وقع " بطليموس " – وعلى الرغم من براعته المعروفة - في العديد من الأخطاء عند تحديد الأطوال و الأعراض :
- من ذلك أنه بالغ كثيرًا في تحديد طول البحر المتوسط..
- و بالغ في تحديد امتداد الجزء المعمور من الأرض المعروف له..
- و جعل المحيط الهندي و الهادي بحيرة و ذلك عندما وصل جنوبي آسيا بجنوبي أفريقيا.
- و بالغ في تحديد حجم جزيرة " سيلان "..
- و أخطأ في وضع بحر قزوين و الخليج العربي خطأً فاحشًا
صحح المسلمون كل هذه الأخطاء و صوبوها , ولم يأخذ الغرب هذه التعديلات إلا عنهم.. ومن هنا يتجلى دور المسلمين
في إنقاذ الدراسات الجغرافيَّة من التشوُّهات العلمية و المنهجيَّة.
وقد بدأت تلك المسيرة التصحيحية منذ عهد الخليفة " المأمون " ) ت: 211 ه - 100 م (.. فقد أسدت الخريطة التي أمر
الخليفة المأمون علماء عصره بتنفيذها إلى الحضارة الغربية فضلاً عظيمًا رغم ضعف إمكانات المسلمين من حيث
الأجهزةُ الجغرافيةُ في ذلك العصر و قام المسلمون بإدخال الكثير من التعديلات الهامة على خريطة بطليموس و حسنوها
و أضافوا إليها الكثير من التصحيحات الجوهرية.
وقد أقبل الغرب على عطاء الجغرافيين المسلمين بشغف و اهتمام بالغين ؛ فلم يكن الأوروبيون حتى بداية القرن الخامس
عشر يرجعون إلا إلى الجغرافيا الإسلامية كما يقرر " كراتشكوفسكي ".. وقد ظلت الكارتوغرافيا الأوروبية ) علم
الخرائط ( تعتمد على خارطة الإدريسي حتى قبيل القرن الخامس عشر الميلادي.
و منذ وقت الإدريسي 1157 م إلى حوالي 1357 م استمدت الجغرافيا الأوروبية أسسها من الجغرافيا الإسلامية. إلا أن
تحوُّلاً عنصر يا أصاب الفكر الأوروبي فيما بين ) 1357 م ( إلى ) 1557 م ( , فنهضت حملة ضد المسلمين لا أساس لها
من العلم و أسفرت عن تحول الجغرافيين الأوروبيين إلى جغرافيا " بطليموس " !!!.. و لما كان استمرار هذا الأمر غير
منطقي فقد اضطر العلماء ثانيةً إلى هجر بطليموس.
الزلازل
:

شغلت طبيعة الزلازل أذهان الناس منذ أقدم الأزمنة , وقد أرجع بعض فلاسفة اليونان القدماء الهِزَّات الأرضية إلى رياح
تحت خفيَّة , بينما أرجعها البعض الآخر إلى نيران في أعماق الأرض , وجاء أوَّل وصف علمي لأسباب حدوث الزلازل
على أيدي العلماء المسلمين في القرن الرابع الهجري ) العاشر الميلادي ( ؛ حيث اهتمَّ العلماء المسلمون بدراسة الزلازل
و تسجيل تواريخ حدوثها و أماكنها و أنواعها , وما تخلِّفه من دمار و درجاتِ قوَّتها و حركةِ الصخور الناتجة عنها و
مضارِّها و منافعها.
وحاول بعضهم التخفيف من أخطارها و تناول ذلك كلٌّ مِن ابن سينا في موسوعته ) الشفاء ( في الجزء الخاصِّ بالمعادن
و الآثار العلوية و إخوان الصفا في ) الرسائل ( و القزويني فى ) عجائب المخلوقات و غرائب الموجودات ( و كان لكلٍّ
منهم رأيه الواضح في هذا الصدد
.

33
IbtiHAlinO

المعادن و الأحجار الكريمة
:
عرف المسلمون المعادن و الأحجار الكريمة وعلموا خواصَّها الطبيعية و الكيميائيَّة و صنَّفوها و وصفوها وصفًا علم يا
دقيقًا , كما عرفوا أماكن وجود كلٍّ منها و اهتمُّوا بالتمييز بين جيِّدها و الرديء منها و تناولوا أيضًا تكوين الصخور
الرسوبيَّة و تكوين أسطحها و رواسب الأودية و عَلاقة البحر بالأرض و الأرض بالبحر , وما ينشأ عن هذه العَلاقة من
تكوينات صخريَّة أو عوامل تعرية
.

و يعد عطارد بن محمد الحاسب أوَّل من ألَّف كتابًا في الأحجار باللغة العربيَّة .
و أمَّا عن الصخور , فقد تحدث العلماء المسلمون عن أصلها و كيفيَّة تكوُّنها من الماء ) الصخور الرسوبية ( النار
) الصخور النارية ( , كما أوجدوا الأوزان النوعيَّة لعدد كبير من الأحجار و الفلزات امتازت بالدقة المتناهية ,
كما ركزوا في علوم الأرض على التضاريس و طبيعة الأرض و جيولوجيا المياه و علم الحفائر و الآثار العلوية
) الميتورولوجيا ( وهي العلاقة العلمية بين علم الأرض و علم المناخ.
البحار و المدُّ و الجزر
:
تناول العلماء المسلمون جيولوجيا البحار و الأنهار في مؤلَّفاتهم الجغرافية أكثر من غيرها ؛ فقد أفردوا أبوابًا في
مصنَّفاتهم الجغرافية تناولوا فيها أسماء البحار و مواقعها و البُلدان التي تطلُّ عليها و تحدَّثوا عن أماكن من اليابسة كانت
بحارًا و أنهارًا و أماكن تغطِّيها البحار كانت معمورة بالسكان فيما مضى , كما خلفوا مؤلَّفات عديدة في علم الملاحة و
ظاهرة المدِّ و الجزر التي كان يعتمد عليها ربابنة السفن في رحلاتهم البحريَّة و النهريَّة ومن بين العلماء الذين كانت لهم
آراء متفرِّدة في هذا الشأن الكندي و المسعودي و البيروني و الإدريسي و المقدسي وغيرهم.

التضاريس
:
تناول العلماء المسلمون الجيوموفولوجيا بشقَّيْها النظري و العملي , وقد توصَّلوا في ذلك إلى حقائق ت تفق مع العلم الحديث
, من ذلك أثر العامل الزمني في العمليَّات الجيوموفولوجية و أثر الدورتَيْن الصخريَّة و الفلكيَّة في تبادل اليابسة و الماء ,
و كذلك أثر كلٍّ من المياه و الرياح و المناخ عامَّة في التعرية و يُعَدُّ البيروني أفضل من تناول هذا الجانب و كانت آراء
ابن سينا في الجيوموفولوجيا أقرب الآراء للنظريات الحديثة في هذا الحقل.

المتيورولوجيا
:
عرف العلماء المسلمون أمورًا مهمَّة من هذا العلم الذي أطلقوا عليه ) علم الآثار العلوية ( و يتناول هذا العلم الجوَّ و
ظواهره و درجات الحرارة و الكثافة و الرياح و السُّ حُب , وهو ما يسمَّى بالأرصاد الجويَّة وسبق اللغويون العلماء في
ذِكْرِ الكثير من مصطلحات هذا العلم , من قبيل ذلك أنهم قسَّموا درجات الحرارة المنخفضة إلى برد و حرٍّ وقُرٍّ و
زمهرير و صقعة ) من الصقيع ( و صِرٍّ و أريز ) البرد الشديد (.
وقَسَّمُوا درجات الحرارة المرتفعة إلى حرٍّ و حرور و قيظ و هاجرة و فيْح . أمَّا الرياح فقد قسَّموها وَفق الاتجاهات التي
تهب منها أو وَفق صفاتها. كما أطلقوا على السَّحَاب أسماء تدلُّ على أجزائه و مراحل تكوينه ؛ من ذلك : الغمام و المزن
وهو الأبيض الممط و السحاب و العارض .
و الحقيقة أنه لا يستطيع أحد أن ينكر دور المسلمين في علم الجغرافيا و الجيولوجيا و أثره على النهضة العلمية التي
حدثت فى مجال تلك العلوم في العصر الحديث و رغم محاولة البعض , خاصة المستشرقين , إخفاء هذا الدور أو على
الأقل تهميشه إلا أن الآثار و النتائج و الانجازات التي خلفها هؤلاء العلماء المسلمين فرضت نفسها على الواقع العلمي و
الحضاري كما أكد ذلك أيضا العلماء الغربيين المنصفين.

34
IbtiHAlinO

م 17
علم الفلك
هو العلم الذي يختص بحساب سير الشمس و القمر و النجوم و الكواكب و المجرات و تعي ين مواقع النجوم و دراسة
أحوالها و تفسير الظواهر الكونية تفسيراً علميا.
وقد حظي علم الفلك بعناية كبيرة فى الحضارة الإسلامية , كما كانت الكثير من الآيات القرآنية تحث المسلمين على التأمل
في ملكوت الخالق عز وجل وفى الكون حولهم .
و تتجلى مظاهر العناية القرآنية بالفلك في التأكيد على التأمل و التركيز فى السماء و الكون بما يفوق التركيز على
الإنسان , فمن ذلك قوله سبحانه :
﴿ أأنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أمِ السَّمَآءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَ أَغْطَشَ لَيْلَهَا وَ أَخْرَجَ
ضُحَاهَا ﴾ }النازعات 22 29 {.
وقوله عز وجل: ﴿ لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَ الأرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ
. لا يَعْلَمُونَ ﴾ غافر: 22

كما سميت بعض سور القرآن بأسماء فلكية و ظواهر كونية مثل : القمر , النجم , الشمس , المعارج , التكوير, الانفطار ,
البروج , الانشقاق.
وقد دعت الآيات القرآنية إلى النظر في السماء و التفكر في بنائها المحكم و محتوياتها المذهلة و إلى النظر و التفكر
أيضاً في الظواهر الكونية المختلفة ؛ مثل قوله عز وجل : ﴿
أوَلَمْ يَنظُرُواْ فِى مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهَُّ مِن
شَىْءٍ وَأَنْ عَسَى أن يَكُونَ دِ ا تَِْرَبَ أَجَلُهُمْ
﴾ } الأعراف: 115 {. ﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوآ إِلَى السَّمَآءِ فَوْ هَُِمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا
وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ
﴾ } سورة ق: 3 { ﴿ إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأوْلِى
الألْبَابِ *الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ يَِِامًا وَ عُُِودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا

} ,161 ,
بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ } آل عمران: 167
و كان لهذه الآيات أبلغ الأثر في نفوس الباحثين و الفلكيين المسلمين , لدراسة علم الفلك بكافة تخصصاته و فروعه. لقد
كان للإسلام كدين و تعاليم الفضل الأكبر في النهضة الفلكية عند المسلمين فالمسلم يبدأ نهاره قبل شروق الشمس فيراقب
مطلع الفجر لكي يصلي الصبح وفي أخر نهاره يرقب الغسق ليصلي العشاء , وبين ذلك يتابع حركة الشمس في زاوية في
الأفق في الظهر ثم العصر ثم المغرب لكي يصلي كل صلاة في حينها . وهو يصوم رمضان مع هلال شهر رمضان و
يفطر حسب الشهر القمري . و إذا صلي في أي بقعة من الأرض فهو ملتزم أن يعرف اتجاه الكعبة . ثم تأتي آيات القرآن
فتأمره أن يتأمل في الفضاء الخارجي من حوله لكي يعرف
دِرة الله ومعجزة الخلق .
الفلك عند العرب بِل الإسلام :

كان للعرب في الجاهلية اهتمام فطري بالفلك .. فهو أمر حيوي لسكان الصحراء المنبسطة التي لا معالم فيها تدلهم على
الطريق سوى الاعتداد بالنجوم , وفي الشعر الجاهلي الكثير مما يدلنا على التبحر في الفلك و الاهتمام به .
و كان علم الفلك قبل الإسلام مقترنا بالتنجيم ولكن الحضارة الإسلامية نبذت التنجيم و اعتبرته مخالفًا لعقيدتها , انفصل
علم الفلك عن التنجيم و أصبحت له قواعده العلمية التي يرتكز عليها.
ولم يكن هذا الانفصال وليد الصدفة , بل وليد التجربة العلمية و القياس والاستنباط, و الحاجة الإسلامية لتحديد مواعيد
الصلاة و اتجاه القبلة , حتى أصبحت المساجد الجامعة لا تخلو من فلكي يقوم بتحديد الوقت من خلال واحدة من الآلات
الفلكية التي عرفها و ابتكرها المسلمون.
35
IbtiHAlinO

و ظهرت حاجة المسلمين إلى دراسة علم الفلك , لمعرفة أوقات الصلاة بحسب الموقع الجغرافي و الفصل الموسمي و
تحديد اتجاه المسلمين إلى الكعبة في صلواتهم و رؤية هلال رمضان و الصوم , فبرزوا في ذلك و اخترعوا حسابات و
طرقاً بديعة لم يسبقهم إليها أحد من اليونان و الهنود و الفرس.
و يعود إلى المسلمين فضل تحرير علم الفلك و تطهيره من الشعوذة و الدجل الذي واكب ظهور علم التنجيم في الأمم
السابقة و جعله علماً خالصاً يعتمد على النظر ية و البرهان , حيث أبطلت الشريعة الإسلامية التنجيم و أنكرته و كف رت
القائلين به و ر دت الحوادث كل ها إلى قدرة الله تعالى.
و إليهم يعود فضل حفظ ما أنتجه العقل اليوناني و السرياني و الفارسي و الهندي من تراث بالترجمة الدقيقة الأمينة ,
وما أعقب ذلك من تصحيح و إضافة و ابتكار و نقل ما استقر في عهدتهم من هذا العلم إلى أوروبا.
فمنذ قامت دولة الإسلام و ثبتت أركانها أقبل المسلمون على علم الفلك و أولوه اهتماما كبيرا ابتدأت المرحلة الأولى من
تلك النهضة بتجميع و ترجمة كل علوم السابقين من إغريق و فرس وهند وصين , ومن أشهر الكتب المترجمة في هذا
الميدان كتاب " السند هند " عن الهندية و كتاب " المجسطي " لبطليموس عن الإغريقية.
ثم جاءت مرحلة الإنتاج العلمي و الإبداع و الابتكار حيث تفرغ الكثير من علماء المسلمين لعلوم الفلك و نبغوا فيها ومن
هؤلاء الكندي و الفارابي و البتاني و المجريطي و البيروني و ابن الهيثم البصري و ابن باجة الأندلسي و ابن يونس
المصري و ابن رشد و القزويني و البتاني و عباس بن فرناس.
وقد بلغ اهتمام العرب بالفلك أن أصبح الهواية و التسلية لكل أسرة متعلمة تماما كما يهوى الناس اليوم مشاهدة التليفزيون
, فكان لكل أسرة مكتبة فلكية و كانوا يحرصون على مشاهدة السماء و مراقبة سير الأفلاك و القمر و زيارة المراصد
العامة في المناسبات الدينية كبداية رمضان و الأعياد و كانت بعض الأسر تتوارث هذا العلم و تأخذ لنفسها كنية فلكية
مثل الاسطرلابي و الراصد و الفلكي .
و اشتغل بالفلك و كتب عنه الأطباء أمثال الرازي و ابن سينا و الفلاسفة أمثال ابن رشد و البيروني و الفقهاء و الأدباء و
الشعراء أمثال ابن الخيام .
ومن الخلفاء أيضا من كان عالما مثل الخليفة المأمون الذي كان أول من قاس محيط الكرة الأرضية سنة 107 م و كثير
من الخلفاء كان يبني في بيته مرصداً فلكياً خاصاً به لهوايته.
وكان العلماء المسلمون يرون في علم الفلك علماً رياض ياً مبنياً على الرصد و الحساب وعلى فروض تفضي لتعليل ما
يرى من الحركات و الظواهر الفلك ية و أقاموا كثيراً من المراصد و س جلوا ما رصدوه بمقاييس على أعظم جانب من
الأهم ية , فقد رصدوا الكسوف و الخسوف و رصدوا الاعتدالين و قاسوا محيط الأرض و ق دروا أبعاد الكواكب و
الأجرام السماو ية , وصنعوا كثيراً من الآلات الفلك ية و وضعوا الأزياج الدقيقة ) حول حركات الكواكب ( و كانت
آراؤهم في الفلك هي التي م هدت للنهضة الفلك ية الكبرى.
وضع علماء الفلك المسلمين كتباً كثيرةً مشهورة في علم الفلك منهم: محمد بن جابر البتاني صاحب كتاب : ) معرفة
مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك ( و ) الزيج ( و ) شرح المقالات الأربع لبطليموس ( و علي بن عبد الرحمن بن
يونس صاحب كتاب : ) الزيج الحاكمي ( و محمد بن أحمد البيروني , صاحب كتاب: ) القانون المسعودي في الهيئة و
النجوم ( و ) التفهيم لأوائل صنعة التنجيم (.
36
IbtiHAlinO

و بلغ من اهتمام المسلمين بهذا العلم أ نهم أنشأوا مدارس لتعليمه , ففي الأندلس أقام مسلمة بن أحمد المجريطي , إمام
الرياض يين في وقته و أعلم من كان قبله لعلم الأفلاك و حركات النجوم , مدرسته المشهورة التي تخ رج منها نخبة من
علماء الفلك أمثال: أحمد بن عبد الله بن عمر المعروف بابن الص فار و أبي السمح أصبغ بن محمد بن أبي السمح و أبي
الحسن علي بن سليمان الزهراوي و عمر بن أحمد بن خلدون.
و ينسب إلى العرب و المسلمين اختراع آلات الرصد و قياس ارتفاع الكواكب و تحديد مطالع البروج و اختراع جهاز
الإسطرلاب أحد منجزات العقل الاسلامى في هذا المضمار و جعله علم اً.
وهذا العلم ) علم الإسطرلاب ( يبحث في كيف ية استعمال آلة معهودة يتو صل بها إلى معرفة كثير من الأمور النجوم ية
على أسهل طريق و أقرب مكان مبين في كتبها كارتفاع الشمس وسمت القبلة وعرض البلاد وغير ذلك و اصطرلاب
كلمة يونان ية في الأصل معناها ميزان الشمس أو مرآة النجم و مقياسه , أما آلة الاصطرلاب فهي آلة رصد قديمة لتعيين
ارتفاعات الأجرام السماوية و معرفة الوقت و الجهات الأصلية.
المراصد الإسلامية
:
ظهر المرصد الإسلامي بشكل أكثر تطورًا بعد زمن المأمون بحوالي قرن و نصف قرنى , و كان أكثر تنظيمًا من
الناحية الإدارية وعندما نشأ مرصد شرف الدولة أصبح له مدير يشرف على تدبير شؤونه و اقترن ذلك بتوسعة برنامج
الرصد بحيث صار يشمل الكواكب كافة , ولقد أمكن تحقيق هذا الجانب الأخير من تطور المراصد , ذلك أن هناك دليلاً
على أن بعض برامج الرصد قد اقتصرت على مشاهدة الكواكب السريعة فقط إلى جانب الشمس و القمر.
كانت المهمة الرئيسية للأعمال التي يضطلع بها المرصد تتمثل في إقامة جداول فلكية جديدة لكل الكواكب مبنية على
أرصاد حديثة. وكان هناك ميل واضح نحو تصنيع آلات تزداد حجمًا على مر الزمن و نزوع إلى توفير هيئة عاملة
متميزة و ذلك بموجب التقدم الذي أمكن تحقيقه في هذا الاتجاه أيضًا ومن شأن التطورات أن تعمل على تعزيز اعتقاد
مفاده أن نشأة المراصد , باعتبارها مؤسسات , ترجع في أصلها إلى الخلفاء و الملوك.
و يُعَدُّ المرصدُ الذي شيده السلطان السلجوقي ) ملك شاه ( في بغداد مرحلة أخرى من مراحل تطور العمل في المراصد
و إن لم يتوافر لدينا إلى الآن معلومات كافية حول عمل هذا المرصد , و ظل هذا المرصد يعمل لفترة تزيد على عشرين
عاماً, وهي فترة زمنية طويلة نسب يًا بالنسبة لعمر المراصد , وقد رأى الفلكيون آنذاك أنه يلزم لإنجاز عمل فلكي فترة
زمنية لا تقل عن 07 عام اً.

مرصد المراغة : و
يعد القرن السابع الهجري أهم حقبة في تاريخ المراصد الإسلامية ؛ لأن بناء مرصد المراغة تم هذا
القرن , لأنه يعد واحدًا من أهم المراصد في تاريخ الحضارة الإسلامية.
و تقع المراغة بالقرب من مدينة تبريز و بُني المرصد خارج المدينة , ولا تزال بقاياه موجودة إلى اليوم , وقد أنشأه "
مانجو " أخو " هولاكو ". كان مانجو مهتمًا بالرياضيات و الفلك , وقد عهد إلى جمال الدين بن محمد بن الزيدي
البخاري بمهمة إنشاء هذا المرصد و استعان بعدد هائل من العلماء منهم : نصير الدين الطوسي و علي بن عمر
الغزويني و مؤيد الدين العرضي وغيرهم كثير.
ظل العمل جاريًا في المرصد إلى عام 1013 م و شهد حكم سبعة سلاطين اهتموا به و برعايته.
و تكمن أهمية هذا المرصد أيضا في النشاط التعليمي الهام الذي قام به , فقد تم تعليم العديد من الطلبة في المرصد علم
الفلك و العمل على الآلات الفلكية. كما كان بالمرصد مكتبة ضخمة ضمت آلاف المخطوطات في شتى مجالات المعرفة.

37
IbtiHAlinO

بعض الانجازات و أشهر العلماء :
- اكتشف ابن الهيثم طبيعة الغلاف الجوي حول الأرض وقدر ارتفاعه 15 كيلو متر وهو الصحيح .
- وقد ابتكر المسلمون تقاويم شمسية فاقت في ضبطها و إتقانها كل التقاويم السابقة و حسبوا أيام السنة الشمسية
بأنها 035 يوماً وست ساعات و تسع دقائق و عشر ثوان فكان الخطأ في حسابهم بمقدار دقيقتين و 22 ثانية.
- وقد اكتشف ابن رشد الكلف على وجه الشمس و فسره بأنه بسبب عبور عطارد أمامها و فسر ابن الهيثم الكثير
من الظواهر الفلكية و الفضائية و الضوئية مثل الكسوف و الخسوف و الطيف و قوس قزح .
- و يعتبر عباس بن فرناس العالم الأندلسي ) المتوفى سنة 110 م ( إلى جانب أنه قدم أول فكرة للطائرة و
الطيران , فهو أول مخترع للقبة الفضائية فقد أقام في ساحة بيته قبة ضخمة جمع فيها النجوم و الأفلاك في
مواقعها و مثل الشهب و النيازك و البرق و الرعد
- العالم شرف الدين بن محمد الطوسي الذى صمم جهاز مصمم لرسم مجسم للكون ثلاثي الأبعاد طول و عرض
و ارتفاع وليس كما كان سابقاً يرسم الكون على صحيفة ثنائية الأبعاد طول و عرض فقط .
- العالم خلف بن الشكاز الأندلسي صمم صحيفة سميت باسمه ) الصفيحة الشكازية ( وهى صحيفة تعطي مقطعًا
عمود يًا للكون طرفاه القطبان بخلاف الإسطرلابات العادية التي تتخيل الضوء منطلقًا من القطب الجنوبي و
يسقط على خط الاستواء.
- 626 م ) 11 ( وهو أبو عبد الله محمد بن جابر بن سنان البتاني , رياضي و - 010 ه / 157 - البتاني ) 205
فلكي اشتهر في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي , و عرف بلقب ) بطليموس العرب (. قام البتاني
بحساب مواعيد كسوف الشمس و خسوف القمر بقدر كبير من الدقة. و حقق مواقع كثير من النجوم و صحح
بعض حركات القمر و الكواكب السيارة و صحح بطليموس في إثبات الأوج الطولي للشمس.
- و يعد البتاني أول من سخر حساب المثلثات لخدمة الفلك , فكان أسبق العلماء , كما ابتكر مفاهيم جيب التمام
, هذا الى جانب الكثير من الابتكارات و الاختراعات و أيضا المراجع و المؤلفات القيمة.
1111 م (
حامد بن الخضر أبو محمود الخجندي . عالم رياضي و فلكي - 391 ه / 111 - - الخجندي ) 111

اشتهر في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي . تمكن الخجندي من صنع بعض الآلات مثل آلة السدس
التي أطلق عليها السدس الفخري وهي آلة لقياس زوايا ارتفاع الأجرام السماوية.
-
233 م( أبو الطيب سند بن علي المنجم, عالم فلكي و رياضي اشتهر - 212 ه / 111 - سند بن علي ) 111

في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي.
تلك الانجازات وهؤلاء العلماء أثرو علم الفلك باكتشافاتهم و اختراعاتهم و مؤلفاتهم . وقد أوردنا بعض هذه
الانجازات على سبيل المثال وليس الحصر.
........
38
IbtiHAlinO

م 11
ابرز اثار الحضارة الاسلامية في الحضارة الغربية
كانت المعابر السابقة أدوات مهمة في عبور الثقافة العربية الإسلامية فعكست أثراً واضحا على جميع جوانب الحياة في
أوروبا لتشكل لها بذلك المقومات الفعلية لحضارتها الحديثة و يمكن حصر أبرز هذه المؤثرات في الجوانب التالية : -
الادارة و التنظيم :-
كان التأثير في هذا الجانب عظيم اً و سُنتطرق لأبرز هذه المؤثرات : - البناء الإداري لمؤسسات
الدولة , من حيث وجود الوزراء الذين يتبعهم عدد من المؤسسات الإدارية التي يعنى كل منها بجانب معين من الخدمات
التي تقوم بها الدولة , كالاهتمام بشؤون الزراعة أو البريد أو المنشآت الخدمية وغير ذلك .
-
النظم التعليمية : كتنظيم المؤسسات التعليمية و ضوابط العمل فيها و مبدأ شيوع التعليم في المجتمع و إتاحة
الفرصة للجميع بحيث يطبق عليه مبدأ الفرص المتكافئة .
- التشريعات , حيث استفادت التشريعات الأوروبية من نظيرتها عند المسلمين في كثير من مجالاتها و يكفي أن
نشير هنا إلى القانون التجاري و القانون المتعارف عليه في التجارة الدولية و الشاهد على ذلك العديد من
المصطلحات مثل
Mohatra ) ( المأخوذة من كلمة ) مخاطرة ( العربية , وهي التحايل على تفادي الفائدة
عن طريق البيع المزدوج و كلمة شيك
Cheque) ( من كلمة ) صك ( بالعربية وغير ذلك .
و مما يجدر ملاحظته هنا أن المسحيين الأندلسيين الذين عرفوا بالمستعربين أخذوا يستعملون في وثائقهم و عقودهم
الصيغ المتبعة في الوثائق الإسلامية و احتفظوا بهذه الطريقة في مدينة طليطلة لمدة تقارب القرنين بعد سقوطها في أيدي
1715 م . / الأسبان سنة 301

الحياة الاجتماعية :-
تأثر الأوروبيون في بعض جوانب حياتهم الاجتماعية بالمظاهر الاجتماعية الوافدة عليهم من
المشرق الإسلامي , و أبرز هذه المؤشرات يمكن حصرها في العناصر الآتية : -
- الأدب الاجتماعي : تقول المستشرقة الألمانية زيغريد هوتكه " إن عادة إهداء الزوج لزوجته قطعة من الحلي هي
عادة استوردت من الشرق , و يمارسها الناس كل يوم ولا يعرفون لها مصدراً . كذلك لو أنك كتبت لسيد أو سيدة
خطاباً وأنهيته بالمخلص فلان أو خادمك المطيع فأنت تعترف بسيادة العرب لأنك أخذت عنهم هذه الكلمات , ولم يكن
أجدادك في الغرب يعرفون شيئاً منها ..
كل ذلك من عادات العرب المسلمين الذين استطاعوا بما حملوه من تشريعات إسلامية عظيمة , ومن حس حضاري
مرهف , القضاء على شعور العداء للمرآة و جعلوا من منهجهم مثالاً يحتذي به الغرب ولا يملك الآن أن يتبرأ منه.
و أصبح الاستمتاع بالجمال والغزل جزء من حياة الأوروبيين شاءوا أم أبوا...
أما الفروسية بما تمثله من أخلاقيات المروءة و النجدة و الأثرة , فهي سلوك عربي هذبه الإسلام و تعلمه الأوروبيون بعد ذلك.
- النظافة و العناية بالمظهر مثل الاغتسال كسلوك اجتماعي و العناية بالمظهر في اللبس من حيث تناسق الألوان و
استخدام أدوات الزينة للنساء , كل ذلك مظاهر تعلمها الأوروبيون من المسلمين .

النشاط الا تِصادي :
إن مظاهر الثراء الذي شهدته بعض المدن الأوروبية و بخاصة تلك المطلة على البحر الأبيض
المتوسط أو الملاصقة للحدود الإسلامية البيزنطية أو القريبة منها , كلها تدين بثرائها للعلاقات الاقتصادية التي كانت
تربطها بالعالم الإسلامي , و يظهر الأثر الاقتصادي للعالم الإسلامي في المجالات التالية :

39
IbtiHAlinO

-
التجارة : ارتبط العالم الإسلامي بالغرب المسيحي من خلال مجالين تجاريين رئيسي يتخلصان في : -

الأول هو :
بيزنطة حيث فرض الموقع الجغرافي للعالم الإسلامي على بيزنطة علاقاتها التجارية لأنه كان يطوقها من
الشرق و الجنوب , و كل سلع آسيا أو إفريقيا كانت إما منتجاً في هذا العالم أو أنها تمر عن طريقه .
وقد أسهم هذا الوضع في أن تقوم الإمبراطورية البيزنطية بدور الوسيط بين الشرق و الغرب و أضحت مدنها القريبة من
الحدود الإسلامية أو عاصمتها القسطنطينية , مناطق عبور للتجارة الدولية و كان في العاصمة القسطنطينية , جالية
عربية من التجار السوريين الذين كان لهم فيها مسجد خاص بهم .
كانت هذه التجارة منتظمة بحيث تكفل للتجار المسلمين تصريف كامل بضائعهم مما كانت كميتها و نوعيتها . فإذا تخلت
نقابات التجار البيزنطيين المشترين عن جزء من البضائع المعروضة من قبل التجار المسلمين , فإنه كان على حاكم
المدينة أن ينقلها إلى السوق و أن يبحث لها عن تسويق مناسب .

الأمر الثاني :
كان يتكون من أقوام أوروبية كان مستواها الاقتصادي لا يزال متخلف اً و كذلك أنماطها الحضارية كواقع
أشمل , يبد أن وجود الحواضر الإسلامية الكبرى في صقلية و الأندلس و احتكاك الأوروبيين بها و بالمشرق الإسلامي
خلال الحروب الصليبية , رفع من المستوى الحضاري لتلك الشعوب فتزايد إقبالها تبعا لذلك على المنتجات المتنوعة
القادمة من العالم الإسلامي.
ومن ابرز المنتجات التي كانت تصدر من العالم الإسلامي إلى الغرب الأقمشة المصنوعة بإتقان كبير جداً من الحرير و
الأقطان و الصوف بالإضافة إلى المعاجين الطبيعية و أدوات الزينة و الملابس و الأواني بأنواعها المختلفة من الخزف
و الزجاج و المعادن و الورق بأنواعه و العطور بأنواعها بالإضافة إلى الآلات و أدوات الجراحة و الإسطرلابات
بالإضافة إلى الصناعات مثل السكر وغيره من المنتجات الصناعية .
و كان العالم الإسلامي يستورد الأحجار الكريمة و اللؤلؤ و العاج , كما كان العالم الإسلامي يستورد من الغرب
الأصواف و المعادن و الأخشاب و الرقيق .
هذه المبادلات الواسعة النطاق أسهمت في نمو الخبرات التجارية في الغرب , وما ارتبط بذلك من نمو مدن و أساطيل
تجارية كبرى و أسهمت في تزايد الثراء لدى الغرب وما تربت عنه من نهضة اقتصادية و حضارية و أبرز الأدلة
على ذلك أنه عثر في جزيرة جوتلاند السويدية وحدها أكثر من ثلاثين ألف قطعة نقدية من العملات الإسلامية , علاوة
على ما وجد في غيرها من البلاد الأوروبية .

الزراعة :
نقل العالم الإسلامي الكثير من خبراته في الزراعة إلى الغرب و يمكن حصر أهم هذه الخبرات في الجانبين التاليين :
- الأساليب الزراعية :
مثل بناء المصاطب الزراعية على سفوح الجبال وهو أسلوب نقله المسلمون إلى بلاد الأندلس قبل
أن ينتشر في أوروبا , ومن الأساليب الزراعية التي عرفها الأوربيون عن طريق المسلمين في الأندلس استخدام القنوات
الأرضية في نقل الماء .
أدخل المسلمون إلى جنوب أوروبا زراعة الأرز و القطن و قصب السكر و البرتقال و الليمون و أنواع مختلفة من الخضار
و الحبوب .

40
IbtiHAlinO

الصناعة :-
تأثرت الصناعات الأوروبية في عصر النهضة بالصناعات الإسلامية . فصناعة الرعادات ) الصورايخ (
و القنابل و المدافع و البنادق هي صناعة إسلامية , صنعها المسلمون لمواجهة الحملات الصليبية المتتابعة على
المشرق الإسلامي , وقد كتب أحد الأوربيين المرافقون لإحدى الحملات الصليبية يقول : " إنه كلما انطلقت قذيفة في
الفضاء , كان يبلغ التأثير بملك فرنسا مبلغاً كبيراً فيصيح بأعلى صوته " سيدي الحبيب احمني و شعبي من الكارثة "
وعن طريق ترجمات لاتينية وصلت أولى المعلومات عن أنواع المواد المتفجرة وعن الألعاب النارية إلى أوروبا فتلقفها
الدارسين العسكريين في أوروبا.
أما المدافع و الصواريخ و القنابل , فلقد عرفتها أوروبا عن طريق عرب الأندلس , الذين استخدموا هذه الأسلحة بفعالية
كبيرة في حروبهم قبل أن يقتبس الأوروبيون هذه الخبرات المعرفية و يأخذوا في تطويرها.
ومن الصناعات التي نقلها الأوروبيون عن العرب صناعة الورق , حيث كان التجار و الحجاج الأوروبيون يذهبون إلى
الأندلس أو إلى المشرق الإسلامي و يعودون محملين برزم من الورق الناعم و ظل الأمر على هذه الحال في أوروبا حتى
بدأت إيطاليا في صناعة الورق سنة 1037 م ثم تبعتها ألمانيا في سنة 1016 م وقد استعان الأوروبيون بصناع عرب و
مسلمين لبناء مطاحن الورق الأولى بل إنهم تعلموا من العرب جميع أنواع الطواحين مثل الطواحين المائية و الهوائية .
لقد بدأت صناعة الورق و الخشب وغير ذلك في أوروبا في شكل صناعات مقلدة للصناعات الإسلامية قبل أن تتجه إلى
10 م بدأ النساجون الأوروبيون يجتهدون في محاولاتهم - 0 ه / 12 - تبني أساليبها الخاصة في الصناعة فمنذ القرن 3
لتقليد النسيج المصنوع في العالم الإسلامي . فكانت بولندا من المراكز المهمة لصناعة النسيج المقلد للنسيج الإسلامي.
أما صناعة المعادن فى بولندا بدأت أيضا منذ القرن 3ه كما تظهر في الأواني الرومانية الطراز التي صنعت على هيئة
حيوانات كمثيلاتها الإسلامية و طوت النحاس المطعم بالميناء و كانت تصنع في ليموج بفرنسا وتعرف بالتوائم و يظهر
تأثرها الواضح بمثيلاتها المصنوعة في العالم الإسلامي وغيرها من الصناعات الأخرى في النسيج و المعادن.
و كان لانتشار التطعيم على المعادن في العالم الإسلامي أثر الكبير على أوروبا وخاصة منذ القرن 6ه / 15 م حيث
شاع هذا الأسلوب في صناعة المعادن في أوروبا و ظهر على عدد كبير الأواني و الأطباق الكبيرة و الأباريق و
الشمعدانات المصنوعة في البندقية و ربما في مدن أوروبية أخرى و على الوتيرة نفسها سار الأمر في الصناعات
الأوروبية الأخرى الخزفية و الزجاجية و الخشبية .
.........

41
IbtiHAlinO

م 12
معابر انتقال الحضارة الاسلامية الى الغرب
عوامل نهضة الحضارة الإسلامية :
تميزت تشريعات الإسلام بأنها ترتقي بالمستوى العقلي لمتلقي هذا الدين حيث نظمت جوانب الحياة المختلفة وفق قواعد
عامة تمكن من استيعاب المتغيرات الحياتية المختلفة و توجيهها بما يحافظ على المقاصد العامة للشريعة و التي تهدف
إلى الحفاظ على الدين و النفس و المال و العقل و العرض .
وقد استفادت الحضارة الإسلامية من الحضارات السابقة سواء تلك التي دخلت تحت مظلة الحضارة الإسلامية أو تواصلت
معها و احتكت بها .
فالمنطقة التي نشأت فيها الحضارة الإسلامية , هي المركز الأساسي و المجمع الرئيس لمعظم الحضارات الأساسية
القديمة فقدماء المصريين أحرزوا تقدماً ملموساً في علوم الفلك و الحساب و الطب و الصيدلة و الهندسة و الزارعة
وغيرها , كما أنهم مهروا في الرسم و النحت و العمارة و التحنيط . ولهم باع طويل في التعدين و الصناعة بأنواعها
المختلفة . وع رفت بلاد الهلال الخصيب حضارات متعددة تركت موروثاً كبيرا في الطب و الهندسة و الزراعة و
الصناعة و التنظيمات التجارية .
تضافرت العوامل السابقة مع بيئة علمية مناسبة , ففي العصر الذهبي للحضارة الإسلامية اعتنى كثير من الخلفاء و
العلماء بالحركة العلمية , وهيئوا الجو الصالح لازدهار العلم بطرق متنوعة مثل إنشاء المدارس و المكتبات وغيرها ,
و بذلوا الكثير للحصول على المؤلفات و المصنفات بأنواعها المختلفة , كما بذلوا الكثير من الأموال على العلماء الذين
سموا بمكانتهم و رفعوا من قدرهم , فقربوهم في مجالسهم . فالخليفة المأمون على سبيل المثال كان يعطى حنين بن
إسحاق وزن الكتب التي يترجمها ذهباً .
ومن بين عوامل ازدهار النهضة العلمية في العصر الإسلامي , المكتبات الضخمة التي انتشرت في العالم الإسلامي و
خاصة في العصر العباسي , ومن أمثله ذلك دار الحكمة في بغداد و كانت تضم ما يقارب المليون و نصف مليون كتاب
, و على الوتيرة نفسها كانت مكتبة دار الحكمة في القاهرة , أما مكتبة المسجد الجامع في قرطبة فيقدر عدد كتبها بثلاثة
أرباع مليون كتاب و كانت بعض المكتبات الخاصة للعلماء و الأدباء يصل فيها عدد الكتب إلى مائة ألف كتاب , وفي
كثير من بيوت المسلمين في حواضر العالم الإسلامي كان الكتاب جزءاً رئيساً من مكونات تلك البيوت .
العمل الا تِصادي
: فالعالم الإسلامي كان يضم مساحات واسعة امتدت من سمرقند إلى قرطبة في اسبانيا التي تعتبر أكثر
أهمية و بخاصة على الصعيد الاقتصادي , لما تملكه من خصائص مكانية و موروث حضاري عظيم انعكس على أوجه
النشاط الاقتصادي في الزراعة و التجارة و الصناعة , حيث تميزت المنطقة بوجود أنهار عظيمة و ارض و حقول
خصبة , تنتج أنواعا عدة من المنتجات الزراعية .
و يضاف إلى ذلك وفرة المعادن في القوقاز و أرمينية و الجزيرة العربية و شمال إفريقيا بالإضافة إلى مصادر الإنتاج
الموجودة في العالم الإسلامي. سيطر المسلمون على الطرق المؤدية إلى مناجم الذهب الرئيسية في العالم , أي إفريقيا
الجنوبية الشرقية و السودان و آسيا الوسطى , أما مراكز الصناعات الحرفية المتطورة فكانت في إيران و بلاد الرافدين و
الشام بالإضافة إلى مصر و هناك موانئ كبرى كانت تحت تصرف العالم الإسلامي بأرصفتها و دور صناعتها البحرية.

42
IbtiHAlinO

وهذه تضم ثلاث مجموعات : -
- موانئ الخليج العربي و البحر الأحمر و كان قد تم افتتاح خطوطها الملاحية على أيدي الملاحين العرب و
الفرس نحو المحيط الهندي و التي كانت تتكامل بمنظومة الأسطول الهندي على نهري دجلة و الفرات .
- موانئ السواحل الشامية و المصرية , وفي مقدمتها ميناء الإسكندرية و الذي كان يزخر بالسفن البحرية و
المراكب النيلية
- موانئ مضيقي صقلية وجبل طارق مثل تونس و سبته , يضاف إليها الأسطول النهري على نهر الوادي الكبير
الذي يخترق اشبيلية و قرطبة .
- طرق القوافل في آسيا الوسطى و فارس و الهلال الخصيب و جزيرة العرب و مصر و شمال إفريقيا .
كانت هذه المنظومة تضم شبكة من القوافل مع حيوانات النقل من إبل و جمال وغيرها و جهاز كامل من عمال مختصين
في تسيير القوافل من خفراء و مجهزي القوافل . و يدير ذلك كله مجموعات تجارية كانت لديها تقاليد عريقة في التجارة.
كل ذلك تضافر, بتوجيه من قيم الدين الإسلامي , لتحقيق نهضة اقتصادية عظيمة كان من مؤشراتها ازدهار التجارة التي
كانت تربط بين العالم الإسلامي من الداخل و بين العالم القديم في جميع أرجائه .
و ازدهرت الصناعة التي كانت تقدم منتجات متنوعة تعكس مستوى عالياً من الدقة و الجودة و الذوق الرفيع . وكذلك
كان حال الزارعة حيث نشر المسلمون الكثير من المنتجات الزراعية و إعادة توزيعها في أرجاء مختلفة من العالم
الإسلامي بالإضافة إلى تطويرهم لأساليب الزراعة ومن حيث أنماط الري و التسميد وغير ذلك . رافق ذلك نهضة
عمرانية كبيرة , شملت إنشاء عشرات المدن الجديدة في أجزاء مختلفة من العالم الإسلامي .
معابر انتقال الحضارة الإسلامية إلى الغرب :
-
البحر الأبيض المتوسط : وقد تميز بمساحة واسعة سهلت التماس الحضاري بين الشرق و الغرب و بالتالي بين
الإسلام و حضارته و بين الغرب بمكوناته الدينية و الثقافية و لذلك كانت المناطق الأقرب جغرافياً لأوروبا هي
أكثر المناطق التي استوعبت المؤثرات الحضارية الوافدة إلى أوروبا من المجال الحضاري الإسلامي .
-
جزيرة صقلية : وتعد من الشواهد المؤثرة في هذا المجال , حيث أنشأ فيها المسلمون حضارة عريقة استمرت
فترة كبيرة , قبل أن تسقط هذه الجزيرة في يد النورمان , لتتحول إلى أكبر ثروة حضارية عرفها الغرب في تلك
الأزمنة.
فنظراً لان ملوك النورمان كانوا معجبين بالحضارة الإسلامية و راغبين في الانغماس فيها و تشرب ثقافتها و معرفتها ,
فكانت دولتهم تدار بالأسلوب الذي تدار به الدولة الإسلامية من قبل رجال ينتمون للحضارة الإسلامية سواء كانوا مسلمين
أو غير مسلمين.
أما الصناعات و الحرف و العمارة والزخرفة فجميعها كانت تتم على يد مسلمي صقلية و لذلك كانت قصور ملوكهم و
مستلزماتها من أثاث وغير ذلك و ملابسهم تنتمي بمجموعها للحضارة الإسلامية .
ولم يعمل هؤلاء الملوك على ترجمة العلوم من العربية فحسب , بل حرصوا على استقطاب بعض العلماء العرب و
إكرامهم و الطلب منهم تصنيف المؤلفات العلمية .

43
IbtiHAlinO

مثل هذه السياسة الحكيمة حولت صقلية إلى نقطة نشاط حضاري قوي حيث امتزجت فيها الحضارة العربية الإسلامية مع
الثقافات الأوروبية لتسهم في خلق نهضتها الحديثة .
-
أما اسبانيا , فقد تأصلت فيها الحضارة العربية الإسلامية و حققت إنجازات حضارية عظيمة تعكس رخاء اقتصادياً فائقاً .
يقول أحد أساقفة قرطبة حينذاك " كثيرون من أبناء ديني يقرأون أشعار العرب و أساطيرهم و يدرسون ما كتبه علماء
الدين و فلاسفة المسلمين " إن كل الشباب منصرف الآن لتعلم اللغة و الأدب العربيين فهم يدفعون أموالهم في اقتناء
الكتب العربية و يتحدثون في كل مكان بأن الأدب العربي جدير بالدارسة و الاهتمام.
الكثير من العرب عملوا كمربين لأطفال الملوك الأوربيين أو كأطباء أو كتبة في بلاطهم في برشلونة وغيرها . فكانوا
حملة مشاعل الثقافة و الأدب الأندلسي و صاروا بسلوكهم و مظهرهم الحسن مثالا يحتذي به .
كما عمل الأسرى من المسلمين أيضا على نقل الحضارة العربية لأمراء شمال اسبانيا .
ولم تكن بلدان شمال اسبانيا على صله بالأندلس في الجنوب فحسب , بل كانت أيضا على صلة دائما ببلدان أوروبا سياسياً
و تجاري اً , ولم تكن جبال البرانس لتمنع تلك الصلات , ومن هنا وجدت الحضارة الإسلامية طريقها إلى الغرب .
وعندما احتل الفونس السادس طليطلة عام 1715 م ساهم معه في الاستيلاء على المدينة العربية و حصارها فرسان آلمان
وايطاليون وفرنسيون بل أن أول أسقف لها كان فرنسياً .
وظلت مدرسة المدينة التي أسسها ريموند بمجموعاتها الهائلة من الكتب العربية تجذب آلاف الأوروبيين من مختلف البلدان .
وقد حمل مشعل الحضارة العربية عبر الأندلس آلوف من الأسرى الأوروبيين الذين عادوا من قرطبة و سرقسطة وغيرها
من مراكز الثقافة الأندلسية , كما مثل التجار في ليون و جنوا و البندقية و نورمبرج دور الوسيط بين المدن الأوروبية و
المدن الأندلسية .
واحتك ملايين الحجاج من المسيحيين الأوروبيين بالتجار العرب و بالحجاج المسيحيين القادمين من شمال الأندلس كما ساهم
سيل الفرسان و التجار و رجال الدين المتدفقين سنوياً من أوروبا على أسبانيا في نقل أسس الحضارة الأندلسية إلى بلادهم .
وكان للأندلس الدور الرائد في الترجمة من العربية و خاصة طليطلة التي كانت رائدة في هذا المجال .
-
الحروب الصليبية : كانت وسيلة للتأثير الشرقي الذي أدى إلى تفتح عقول الأوروبيين و أنها كانت من العوامل
المهمة التي أدت إلى تقدم أوربا , لأن وجود المسيحيين في المشرق الإسلامي جعلهم معبراً من معابر الحضارة
العربية الإسلامية إلى أوروبا .
فالحرب المعلنة آنذاك بين المسلمين و الصليبيين لم تمنع حدوث الاتصالات السلمية على مستوى الشعب و القادة. أما
على مستوى القادة فإننا نرى أنه في سنة 532 ه / 1133 م قامت بين شاور الوزير الفاطمي و بين الصليبيين علاقات
ودية أسفرت عن إقامة مجموعة صليبية في القاهرة و الإسكندرية تقرب من عامين .
ولم تكن تخلو قصور الزعماء الصليبين من العرب . وهذا الأمر يعطينا صورة جلية عن الحياة اليومية التي كان يسودها
التفاعل بين الفريقين مما جعل الوجود الصليبي في المشرق وسيلة لنقل عادات المسلمين و علومهم و آدابهم إلى أوروبا .
فبواسطة الصليبين عرفت أوروبا الكثير عن الشرق و الصليبيون المقيمون في المشرق الإسلامي كانوا قد أصبحوا شرقيين
في طبائعهم و ثقافتهم .

44
IbtiHAlinO

و يذكر المؤرخ الفرنسى نوشيه دي شارت الذي أرخ للحملة الصليبية الأولى و الذي عبٌر عن مدى تأثر الصليبيين
بالحياة الجديدة حيث قال : " الآن صرنا نحن الذين كنا غربيين شرقيين ومن كان منا إيطالياً أو فرنسياً أصبح في هذه
البلاد جليلياً أو فلسطينياً . لقد نسينا الأماكن التي ولدنا فيها أو أكثرنا لا يعرفها بل لم يسمع بها و لكل منا بيته و أهله
كما لو أنه ورثه من أبيه أو عن شخص سواه و تزوج بعضنا من سوريات و أرمينيات.
يضاف إلى المعابر السابقة عوامل أخرى من أبرزها التجارة فالطابع الرئيس في المناخ الاقتصادي الذي تطور منه
إنتاج العالم الإسلامي كان الطلب على الاستهلاك المتنوع الناجم عن نشوء مدن ضخمة ذات حاجات كثيرة و متنوعة و
ملحة في بعض الأحيان , سواء من حيث الكمية أو النوعية , بسبب ارتفاع مستوى المعيشة في تلك المدن و بالإضافة
إلى الاستهلاك المترف الناتج عن متطلبات و مستلزمات القصور الملكية و الطبقات الغنية من السكان . وهذا يترتب
عنه زيادة كبيرة في الإنتاج الذي تحول إلى صادرات و ترتب عنه تزايد الحاجة في العالم الإسلامي للمواد الخام و التي
كان يتم استيراد بعضها من المناطق المجاورة وما وراءها من مناطق قادرة على تلبية الطلب المتزايد للمواد الخام .
علاوة على ذلك أن موقع العالم الإسلامي كان يتوسط منطقة مهمة للتجارة و النقل و التوزيع و بخاصة منتجات الشرق
الأقصى و جنوب شرق آسيا و التي كانت حاجة أوروبا في تنام مستمر لاستهلاك منتجاتها وعلى وجه الخصوص
البهارات . لذلك نمت المبادلات التجارية بين العالم الإسلامي و بيزنطة و أعماق أوروبا , مما أدي إلى نشوء
منظومات تجارية متكاملة و مراكز تجارية في جنوب أوروبا.
و كانت هناك جاليات إسلامية كبيرة , تنقل خبراتها و أدواتها وعلومها إلى الغرب . وفي المقابل كان التجار
الأوروبيون يجوبون المدن الإسلامية على سواحل البحر الأبيض المتوسط , في رحلات كانت الواحدة منها تستغرق
في بعض الأحيان ستة أشهر متواصلة . فكانت فرصة كبيرة لهم لتلقى ثقافة العالم الإسلامي و حضارته و نقلها عند
عودتهم إلى الغرب الأوروبي .
-
طلاب العلم: أيضا كان لهم دور فعال في نقل الحضارة الإسلامية حيث كانوا يفدون إلى العالم الإسلامي
لطلب العلم و تلقى المعرفة. ويكفى أن نذكر هنا ما يذكره ابن جبير أنه شاهد في عكا بعض طلاب العلم
الصليبين المقيمين في الشام و الوافدين من أوروبا , يلتحقون بالمدارس العربية , يتلقون العلوم بلغة العرب.
ومن هؤلاء الذين تعلموا في العالم العربي أولا رداف بات , الذي زار مصر و القدس في سنة 1173 م و تتلمذ على
أيدى العلماء المسلمين في الفلك و الرياضيات . و بعد عودته إلى انجلترا عُين معلماً للأمير هنري الذي أصبح فيما بعد
الملك هنري الثاني .

العلوم :
الأثر العلمي للحضارة الإسلامية على الغرب كان كبيراً جداً , و للأسف الشديد حتى الوقت الحاضر فإن هذا
الأثر لم يتم دراسته و استيعابه بدرجة كافية . ولعل من أسباب ضعف الاستيعاب ما أثبتته الدراسات الحديثة عن بواكير
المؤلفات اللاتينية التي ظهرت بعد البدايات الأولي للترجمات من العربية إلى اللاتينية في القرن الرابع للهجرى حيث
ثبت أنها إنما كانت مجرد نقول من الكتب العربية و لم يتم الإشارة إلى أصحابها بسبب عوامل العداء و الكراهية التي
كانت في الغرب لكل ما هو إسلامي .
في القرن 0 ه / 10 م بدأت تظهر مؤلفات , هي في الواقع مقلدة للكتب العربية و ليس فيها جديد , بل أنها في كثير من
الأحيان تقل في المستوى عن مصادرها العربية , وذلك من حيث درجة فهم الموضوعات و طريقة العرض و ترتيب
الموضوع و الإيجاز و ربما الأمانة , ولم يمنع ذلك من ظهور ترجمات عملت على النقل بأمانة من العلوم العربية إلى
اللاتينية , فأدى ذلك إلى أن تصبح هذه الكتب هي مفاتيح العلم في الغرب وقد تناولنا رواد كثيرون فى مختلف أفرع
العلوم.
...............

45
IbtiHAlinO

م 10
مفهوم الحضارة الإسلامية
الحضارات بِل الإسلام :
- الحضارة الإسلامية , مثل غيرها من الحضارات, لم تنشأ من فراغ , ولم تظهر من العدم أو من تلقاء نفسها ,
بل سبقتها حضارات عريقة أخرى في هذه المنطقة من العالم , تواصلت معها و أثرت فيها.
- الحضارة اليونانية : الاسكندر و فكرة البانهيلينزم
- الحضارة الهندية : حاول الملك الهندي أشوكا
Ashoka في القرن الثالث قبل الميلاد , أن يجعل من
البوذية دينا عالميا , لإقامة وحدة عالمية.

الحضارة الإسلامية
:
- سبقت الحضارة الاسلامية عدد من الحضارات منها ما كان قريبا فى المكان ومنها ما كان قريبا فى الزمان .
وقد اتسمت الحضارة الاسلامية بسعة الافق و استيعاب الحضارات و المختلفة و تطوريها بما يفيد البشرية كافة
وليس المسلمون فقط.
-
التأثير الفارسي: أقوى في مجال الأدب ) كليلة و دمنة (.
- التأثير اليوناني: ذات تأثير قوي في العلوم العقلية في مجال الفلسفة و في مجال الطب و أبرز مظاهر التأثير
اليوناني كانت خلال العصر الهلينستي .
-
التأثير الهندي: و من العلوم التي اخذ فيها المسلمون عن الهنود : الرياضيات و الفلك .
- نشأة حركة الترجمة في الحضارة الإسلامية
- حركة الترجمة في العصر الأموى
- حركة الترجمة في العصر العباسي
- تطور حركة الترجمة و ازدهارها: وقد ازدادت حركة الترجمة إلى العربية تزداد قوة في العصر العباسي بفضل
: تشجيع الخلفاء العباسيين و رعايتهم لهم و قد فتحوا بغداد أمام العلماء. .

انجازات العلماء المسلمين في ميادين العلوم
:
-
علم الكيمياء: اعتنى المسلمون بالعلوم الطبيعية ؛ حيث قاموا بترجمة المؤلفات اليونانية. يُع د علم الكيميا علما
إسلاميا عربيا اسما وفعلا.
- لم تكن الكيمياء قبل الحضارة الإسلامية سوى محاولات فاشلة لتحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب و فضة ,
معتمِدة في ذلك على العقل و الاستدلال المنطقي و استبعاد المنهج العلمي القائم على التجربة و الملاحظة.
- وتجمع آراء الباحثين على أن جهود الإغريق في الكيمياء كانت ضئيلة و محدودة ؛ لأنهم درسوا العلوم من
النواحي النظرية و الفلسفية.
- و الحقيقة أن العرب هم أول من بدأ هذا العلم بداية جديدة على مبدأ التجربة و المشاهدة.
-
فجابر بن حيان هو الذي جعل التجرِبة أساس العمل
- و كان علم تحوُّل المعادن إلى ذهب , الذي أخذه المسلمون من مصر هو الذي أوصلهم إلى علم الكيمياء الحق
-
الرازي

46
IbtiHAlinO

اختراعات المسلمين في الكيمياء
:
و بصفة عامَّة فقد كشف علماء المسلمين أهمَّ أُسُس الكيمياء و أسرارها و كان من أهمِّ اختراعاتهم فيها ماء الفضة
) حامض النيتريك ( و زيت الزاج ) حامض الكبريتيك ( و ماء الذهب ) حامض النيتر و هيدرو كلوريك ( و
حجر جهنم ) نترات الفضة ( و السليماني ) كلوريد الزئبق ( و الراسب الأحمر ) أكسيد الزئبق ( و ملح البارود )
كربونات البوتاسيوم ( و كربونات الصوديوم و الزاج الأخضر ) كبريتيد الحديد ( و اكتشفوا : الكحول و البوتاس
و روح النشادر و الزرنيخ و الإثمد و القلويات التي دخلت إلى اللغات الأوربية باسمها العربي .

إنجازات المسلمين في الفيزياء و الرياضيات :
- توصلوا من خلال بحثهم إلى بعض القوانين المائية و كانت لهم آراء في الجاذبية الأرضية و المرايا المحرقة و
خواص المرايا المق عرة و الثقل النوعي و انكسار الضوء و انعكاسه و علم الروافع .
- الخوارزمي و كتابه )
الكتاب المختصر في حساب الجبر و المقابلة ( الذي قدم العمليات الجبرية التي تنظم إيجاد
حلول للمعادلات الخطية و التربيعية.
- من أهم انجازات العرب إدخال الصفر في الترقيم.
- اهتمام المسلمين بعلم الحساب و الجبر
:

و جه القرآن الكريم نظر الإنسان إلى الع د والحساب في آيات كثيرة , فلقد وجه الله سبحانه وتعالى الإنسان إلى العد
. } على أنه حقيقة واقعة في حياة الإنسان فيقول تعالى: ] وَ إِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [ }الحج: 30
- و يعتبر الخوارزمي أبو عبد الله محمد بن موسى هو مؤسس علم الجبر و أول من استعمل لفظ الجبر ووضع
أصوله و قوانينه هو ولد عام 202 ه و كتابه في الجبر بعنوان ) المختصر في حساب الجبر و المقابلة (.
الاحصاء
:
- و قد طبق المسلمون في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الإحصاء عن طريق تأسيس الدواوين .
- و لعلَّ القاعدة القرآنية العظيمة في قوله تعالى: " وكذلك جعلنكم أمة وسطا " هي التي سار عليها المسلمون, و
انتهجوها خ طًا في سياساتهم الحسابية و معاني الوسطية في اللغة الاعتدال و الاتزان و التوازن و العدل و وسطية
المكان , ومن هنا يتبين لنا المفهوم الإحصائي الأساسي الذي أسَّسه القرآن ألا وهو الوسط الحسابي و المعدل.
.........

47
IbtiHAlinO

م 13
إنجازات المسلمين في علم الطب
- حظي علم الطب باهتمام بالغ من المسلمين في ظل الحضارة الإسلامية و لقي تشجيعا كبيرا و عناية واسعة من
خلفاء المسلمين و سلاطينهم على مر العصور الإسلامية و تجلى ذلك في الاهتمام الكبير بهذا العلم تعليما و تعلما
و تطوير هذا العلم بمدارسه و فروعه و تشجيع المنتمين له.
- تميزت الحضارة الإسلامية بظهور مدارس أنشئت خصيصا لتدريس هذا العلم , لم يكن لها غرض آخر غير
تدريس الطب يشرف عليها أساتذة متخصصون و يدرس فيها رؤساء الطب المتميزون و يطبق فيها نظام تعليمي
دقيق , مما كان له الأثر الواضح في تطور الدراسات الطبية و ارتقائها.
- و رغم وجود ما يعرف بالطب النبوي إلا أن المسلمين لم يقفوا عند حدود ذلك الطب النبوي ) مع إيمانهم بنفعه و
بركته (.. بل أدركوا مبكرًا أن العلوم الدنيوية – و الطب أحدها - تحتاج إلى دوام البحث و النظر.
- وقد تميز علماء الطب المسلمون بأنهم أول من عرف التخصص؛ فكان منهم: أطباء العيون و يسمَّون )الكحالين(
و منهم الجراحون و الفاصدون ) الحجامون ( و منهم المختصون فى أمراض النساء.
- و كان من سمات هذا العصر ) العصر الاموى ( إنشاء المستشفيات النظامية
- وما كادت عجلة الأيام تدور في العصر العباسي حتى أجاد المسلمون في كل فرع من فروع الطب و صححوا ما
كان من أخطاء العلماء السابقين تجاه نظريات بعينها.
- و يعتبر
الرازي سباقًا في تشخيصه للجدري و الحصبة.
- كما تطور عند المسلمين طب العيون ) الكحالة ( و كانوا سباقين فيه.
- و يقرر المؤرخون أن
علي بن عيسى الكحال )ت 377 ه( كان أعظم طبيب عيون في القرون الوسطى برمتها.
-
أبو القاسم الزهراوي )ت 370 ه( الذي تمكن من اختراع أولى أدوات الجراحة كالمشرط و المقص الجراحي و
يعتبر كتاب الزهراوي : ) التصريف لمن عجز عن التأليف ( موسوعة طبية متكاملة .
- برزت كذلك شخصيات إسلامية أخرى لامعة في ميدان علم الطب من أمثال ابن سينا )ت 321 ه(.
- حفل سجل الأمجاد الحضارية الإسلامية بالعشرات بل المئات من الرواد الذين تتلمذت عليهم البشرية قرونًا طويلة
و شهد بفضلهم وسبْقهم الأعداء قبل الأصدقاء
- إنجازات المسلمين في علم الصيدلة : ولقد اعترف كثير من علماء الغرب بالمكانة المرموقة التي وصل إليها
المسلمون في علم الصيدلة.
- علي بن العباس المجوسي : كتبه كانت المرجع الرئيسي لعلم التشريح في بإيطاليا وفي غيرها في البلاد ما بين
1107 م( . - عامي ) 1707
- ثم جاء الزهراوي أبو القاسم ليُكمل مسيرة علي بن العباس. فهو أوَّل مَنِ استعمل ربط الشرايين لمنع النزف.

48
IbtiHAlinO

علم العقا يِر عند المسلمين:
-
ابن زهر في كتابه )التيسير في المداواة و التدبير( و الذي ذكر كذلك في نهايته و صايا و إرشادات في
تركيب الأدوية المركبة و استعمالها و وصفات من الأدوية المركَّبَة.
- كما اهتمَّ علماء المسلمين باستخلاص العقاقير المناسبة من النباتات المختلفة في طول البلاد و عرضها.

انجازات المسلمين في علم الجيولوجيا و الجغرافيا
:

علم الجيولوجيا في القرآن الكريم
:
- وقد اتجه علماء المسلمين إلى التأمُّل و الاستنتاج و البحث عن الحقيقة بالطريقة العلميَّة الصحيحة.
- يعدُّ المسلمون أول من وضع خطوط الطول و خطوط العرض
- أول من قام بمحاولة قياس أبعاد الكرة الأرضية الخليفة العباسي العالم المأمون )ت: 211 ه- 100 م(.
- ثلاثة من علماء المسلمين كانوا أول من ناقش فكرة دوران الأرض في القرن الثالث عشر الميلادي ) السابع
الهجري ( وهم " علي بن عمر الكاتبي " و " قطب الدين الشيرازي " من الأندلس و " أبو الفرج علي " من سوريا.
- لا يُنكِر أحد أن الغرب قد استفاد من جهود المسلمين في علم الجغرافيا بشكل كبير و أساسي , فقد
كان أطلس
الإسلام أو الخرائط
الإسلامية كانت في مقدمة مظاهر التأثير الإسلامي المباشر في الحضارة الغربية.
- و الإنجازات الكبيرة و العظيمة لعلماء الجغرافيا المسلمين لا تتجسد فقط في الجديد الذي قدَّموه للعالم و إنما تتجسد
هذه الإنجازات بشكل واضح كذلك في التصويب و التعديل الذي عاد به عباقرة الجغرافيين المسلمين على التراث
الجغرافي اليوناني.

أخطاء بطلميوس :
- بالغ كثيرًا في تحديد طول البحر المتوسط..
- بالغ في تحديد امتداد الجزء المعمور من الأرض المعروف
- و جعل المحيط الهندي و الهادي بحيرة و ذلك عندما وصل جنوبي آسيا بجنوبي أفريقيا و بالغ في
تحديد حجم جزيرة " سيلان ".
- الزلازل
- الأحجار الكريمة و يعد
عطارد بن محمد الحاسب أوَّل من ألَّف كتابًا في الأحجار باللغة العربيَّة .
- البحار و المدُّ و الجزر
- التضاريس
- المتيورولوجيا

49
IbtiHAlinO

انجازات الحضارة الإسلامية في علم الفلك
:
- حظي علم الفلك بعناية كبيرة فى الحضارة الإسلامية , كما كانت الكثير من الآيات القرآنية تحث المسلمين على
التأمل في ملكوت الخالق عز وجل وفى الكون حولهم.
- الآيات القرآنية بأسماء فلكية
- وكان لهذه الآيات أبلغ الأثر في نفوس الباحثين و الفلكيين المسلمين , لدراسة علم الفلك بكافة تخصصاته و فروعه.
- الفلك عند العرب قبل الإسلام مقترنا بالتنجيم
- و يعود إلى المسلمين فضل تحرير علم الفلك و تطهيره من الشعوذة و الدجل.
- و اشتغل بالفلك و كتب عنه الأطباء أمثال الرازي و ابن سينا و الفلاسفة أمثال ابن رشد و البيروني و الفقهاء و
الأدباء و الشعراء أمثال ابن الخيام .
- و كان العلماء المسلمون يرون في علم الفلك علماً رياض ياً مبنياً على الرصد و الحساب.
- و ينسب إلى العرب و المسلمين اختراع آلات الرصد و قياس ارتفاع الكواكب و تحديد مطالع البروج و اختراع
جهاز الإسطرلاب أحد منجزات العقل الاسلامى في هذا المضمار و جعله علم اً.

بعض الانجازات و أشهر العلماء :
- اكتشف ابن الهيثم طبيعة الغلاف الجوي حول الأرض و قدر ارتفاعه 15 كيلو متر وهو الصحيح .
- وقد ابتكر المسلمون تقاويم شمسية فاقت في ضبطها و إتقانها كل التقاويم السابقة و حسبوا أيام السنة الشمسية
بأنها 035 يوماً و ست ساعات و تسع دقائق و عشر ثوان فكان الخطأ في حسابهم بمقدار دقيقتين و 22 ثانية.
- وقد اكتشف ابن رشد الكلف على وجه الشمس و فسره بأنه بسبب عبور عطارد أمامها و فسر ابن الهيثم الكثير
من الظواهر الفلكية و الفضائية و الضوئية مثل الكسوف و الخسوف و الطيف و قوس قزح .
معابر انتقال الحضارة الإسلامية إلى الغرب
:
- البحر الأبيض المتوسط
- جزيرة صقلية
- اسبانيا
- الحروب الصليبية
- يضاف إلى المعابر السابقة عوامل أخرى من أبرزها التجارة
- طلاب العلم
.........

دعواتكم : IbtiHAlinO

Rima 2012- 12- 30 11:26 AM

رد: 1. نماذج اسئلة / الحضارة الاسلامية – د.محمد جودة
 
تشكرات على المجهود الرائع
بس وين حلهم :7:


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 11:24 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه