المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحياة علي (المشاركة 7755335)

مصادر المعرفة المحاضرة 4
يختص هذا المبحث بدراسة الوسيلة أو الأداة أو المصدر الذي تتم عن طريقه تشكيل المعرفة الإنسانية، عبر تحديد مصادر المعرفة , فمنهم من ذهب إلى أن العقل هو المصدر الأول والأساسي للمعرفة (وهؤلاء هم العقليون) ومنهم من ذهب إلى أن التجربة الحسية هي المصدر الأول والأساسي للمعرفة (وهؤلاء هم التجريبيون). ومنهم من ذهب على أن الحدس والإلهام هو المصدر الأول والأساسي للمعرفة (وهؤلاء هم الحدسيون) ومنهم من جمع بينها وبين الوحي.
أولا: المذهب العقلي (Rationalism): مصدرية العقل للمعرفة عند العقليين هي :
التي (يستغني فيها العقل لتحصيل المعرفة, تفسر مصدرية العقل للمعرفة) وهذه المعرفة تنقسم عندهم إلى معرفة بديهية أو ضرورية, وإلى معرفة نظرية تحتاج إلى نظر واستدلال. وقد اتفق العقليون على أن :العقل قوة فطرية مشتركة بين بين الناس جميعا فالقول بأن (الكل أكبر من الجزء) أو (الشيء الواحد لا يمكن ان يكون موجودا وغير موجود في وقت واحد)، أو (الأكبر يحتوي الاصغر) أو (المساويان لثالث متساويان) كأن نقول (2+2=4). فهذه المبادئ وغيرها مبادئ عقلية تتصف بأنها: معارف قائمة بذاتها، سابقة للتجربة وليست نتيجة لها، تتصف بالضرورة أي لا تحتاج على برهان آخر لإثباتها، ولا تختلف هذه المعارف باختلاف الناس أو بتغير الأزمنة والأمكنة، لذلك فإن هذه المعارف هي معارف أولية قائمة بذاتها. يقوم موقف العقليين على التسليم بان للعقل مبادئ جاهزة، او طرقا فطرية هي التي تقوده إلى معرفة حقائق الاشياء. إن العقليين لا يرفضون ما تجيء به الحواس من معارف ومعلومات (غاية ما في الامر أنها معلومات لا يقطع بيقينها, فالحس على أساس نظرية العقليين، مصدر فهم للتصورات والأفكار البسيطة، ولكنه ليس السبب الوحيد, فالمذهب العقلي يوضح أن الحجر الأساس للعلم هو المعلومات العقلية الأولية
فالعقل يمتلك إزاء كافة ظواهر الوجود ومظاهره أحكاما لا تتعدى ثلاثة أحكام ممكنة، فهو (العقل) إما ان يحكم عليها بانها أكيدة وواجبة، وإما أن يحكم عليها بأنها مستحيلة وممتنعة، وإما يحكم عليها بانها ممكنة وجائزة. من اشهر الفلاسفة العقليين أفلاطون صاحب نظرية الاستذكار, أرسطو صاحب المنهج الاستدلالي في المعرفة. ديكارت الذي قال (إن العقل هو اعدل قسمة بين البشر)، ثم ليبنيتز الذي يرى أن جميع القضايا الصادقة يمكن معرفتها بواسطة الاستدلال العقلي الخالص, كانط صاحب المذهب النقدي من العقلانيين، إذ كان يميز في المعرفة بين ما هو أولي سابق على كل تجربة، ما هو بعدي مكتسب بالتجربة
ثانيا: المذهب التجريبي (Empiricism) : هو مذهب يقول إن الخبرة مصدر المعرفة وليس العقل، والتجربة بهذا المعنى نقيض الفلسفة العقلية, وبرزت التجربة على يد جون لوك، وباركلي، وديفيد هيوم، وستيوارت مل, والتجريبية أو الحسية هي: (الاسم النوعي لكل المذاهب لافلسفية التي تنفي وجود معارف أولية بوضفها مبادئ معرفية). ويقوم المذهب التجريبي في المعرفة على أساس أن التجربة هي المصدر الأول لجميع المعارف الإنسانية، وأن الحواس وحدها هي أبواب المعرفة, تبنى المعارف عند التجريبيين على الظواهر الحسية, يعتمد المذهب التجريبي على الطريقة الاستقرائية في الاستدلال والتفكير, وإذا كان العقليون اهتموا بالمعارف الرياضية التي تقوم على العقل، فقد اهتم التجريبيون بالعلوم الطبيعية التي تقوم على التجربة, فالمذهب التجريبي يتلخص في أن المعرفة الإنسانية هي معرفة بعدية، أي تأتي في مرحلة تالية أو متأخرة عن التجربة الحسية، فالعقل يستمد خبراته ومعلوماته من التجربة وحدها. ومن اشهر الفلاسفة التجريبيين جون لوك الذي حاول في كتابه (مقالة في التفكير الانساني) أن يرجع جميع التصورات والافكار على الحس. وهو (أول من طبق الاتجاه التجريبي في الفلسفة)
وكذلك جورج باركلي الذي كان يرى بان أفكارنا هي ذاتها العالم الخارجي, ديفيد هيوم الذي اعتبر ان كل المعارف هي ذات أصول حسية، حتى المعارف العقلية هي ذات أصول حسية