ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام (https://vb.ckfu.org/index.php)
-   ملتقى الفنون الأدبية (https://vb.ckfu.org/forumdisplay.php?f=150)
-   -   أنا سر أبي (https://vb.ckfu.org/showthread.php?t=74858)

هاوووي الجنون 2010- 5- 22 12:26 AM

أنا سر أبي
 

لم تكن القرية الصغيرة تحقق أحلامهم . وآمالهم .. فانطلق ثلاثتهم .. كل منهم يبحث

عن رزقه ومستقبله ..

أخذ على عاتقه أن يكون مستقلا عن بقية زملائه ..

فاتجه إلى المدينة المنورة بحثا عن علم أو مال أو فرصة تتاح له ليخرج إلى نور

المعرفة .. واتجه زميلاه إلى جده .. والآخر إلى الطائف .. وعسى أن يتلاقوا ..

بعد ربع قرن .. خمس وعشرون عاما .. التقيا سويا .. وقررا زيارة صاحبهما

الذي داع صيته وعرفت مكانته ..

وصلا إلى بيته .. فرحب بهما بفرحة كبيرة .. وغمره إحساس يوم أن كان في

الخامسة عشر من عمره .. وقد ذهب كل منهم إلى حاله ..

كان بجانبه شابان .. كلا منهما كالبدر في طلعته .. والأسد في نظرته .. يحرسانه

أو يرفقانه ، أو يخدمانه ... قل ما شئت .. فهما لها ..

نظر إلى صاحبيه وقال : ( ابني عبد العليم ، وابني عبد الحكيم ) فا قتربا منه ..

قال له أحدهم : ( حظك في رجولك .. لابد أنها جميلة ) وقال الآخر : الله يهنيك .

والابتسامة والمحبة تصافح وجوه الزملاء الذين التقوا بعد غيبة طويلة .. يجمع

الحب تلك القلوب .. بعد الضيافة وجداه رجلا غنيا له مريدين .. ومكانا يرتاح له

زواره .. وعلما ينتفع به .. وحكمة يتميز بها في قوله وحركته ..

انفض القوم .. وجلس بين صاحبيه .. كلا منهما يذكر رحلته في الخمس وعشرين

عاما الماضية .. والجميع يشكر الله أن أعاد لقاءهم في صحة وعافية ..
وبدأ صاحبنا حكايته .. فهو المضيف ..

قال : رحلت إلى المدينة وقد أشرقت شمس يوم جديد .. وبدأ القوم يتحركون إلى

أماكن أعمالهم .. فالسوق يمتلئ بالباعة والمشترين .. حركة دءوبة .. روح متفائلة

وابتسامات متبادلة ..

سماحة في البيع .. وسماحة في الشراء .. شيء لم أتعود عليه ولم أراه في قريتنا

الصغيرة وأهلها ..

وبينما أسير متعجبا .. امتدت لي يد لتعطيني صدقة ... فرددت إليه ذلك ..

وقلت له أني لست في حاجة ... قال : يا أخي لا تردني .. تصدق بها إلى غيرك

فربما توفق أكثر مني .. وزد عليها من عندك إن أردت ..

وكان هذا درس تلقيته ..

أمسكت به .. وقلت : يا أخي أنا أتيت إليكم لأتعلم .. فهل تأخذني معك تعلمني

وأخدمك مقابل تعليمي ؟

قال لي : سآخذك إلى أهل العلم والتقى .. أما أنا فرجل عامي لا أستطيع أن أعطيك

ما لا أملك ..

حان وقت صلاة الظهر .. وذهبت معه إلى مكان غير بعيد ..

وتوضأنا ، وصلينا سويا .. ثم انطلق بي إلى بيت فيه (قوم كثيرون ) وخير كثير ..

ومائدة فيها طعام وشراب ولذائذ الفواكه .. وتركني بعد أن قال لي هذا مكانك ..

جلست ضمن من جلس .. وأكلنا من الأطايب ما لم آكله من قبل .. طعما ونوعا .

وحمدت الله تعالى وهممت بالانصراف كغيري .. ولكني توقفت لعلي أجد جوابا لما
يدور في ذهني .. وسألت عن هذا .. فقيل لي أنه الشيخ العالم الفاضل المربي .. وقد

من الله عليه مالا وعلما .. وهو ينفق من ماله وعلمه على مريديه .. وهو الرجل

المحبوب خلقا وكرما ..

إذا اختلف الناس أتوه مصالحا .. وإذا فرح الناس كان معهم .. وإذا أصابهم ما

يصيب الناس كان أول المواسين .. ذو مروءة ، وشهامة ، ونخوة ، وتواضع ،

وهيبة ، وحزم ، ورجولة ، وعطف ، وحنان لا يبخل ولا يسرف ..

إذا أقبلت عليه مع غيرك فإنك تشعر بأنك الوحيد المقرب عنده .. يجمع بين

المتضادين والخصوم .. وفي مجلسه السكنية والطمأنينة ...

حلو الحديث جميل الطلعة .. ذو ابتسامة تفرح القلوب .. لم تراه يوما حزينا أو

متألما أو شاكيا ..

( فكل شيء عنده (قدر الله ) ومشيئته ..)

أقبلت عليه بعد أن أصبحت الأخير .. وقلت : يا سيدي .. أتيت هنا لأتعلم .. فهل

تقبلني في بيتك تعلمني وأخدمك .. ومأكلي ومشربي ونومي عندك ؟ .. وقد كان ..

مكثت في هذا البيت مع أستاذي خمسة أعوام أنهل العلم والمعرفة ..

أرى الخلق الكريم .. فعلا لا قولا .. عينا لا رواية ..

أصبحت مميزا ومرافقا .. أقرأ من المكتبة التي يملكها .. وأثابر وأجتهد .. وكان لي

عنده مودة ومحبة ومنزلة خاصة .. فقد كان ودودا معي .. لا يتحرك إلا كنت رفيقه

وخادمه ...

كنا يوما نتحدث في أمر العلاقة بين النبي المصطفى r ، وأمهات المؤمنين رضي
الله عنهن .. حديثا ممتعا .. ودمعت عيناي وبكيت حتى رق لحالي .. ولم أره يوما

تسيل دموعه حتى ابتلت لحيته .. إلا في ذلك اليوم ..

حتى في بكائه لا يصدر صوتا .. يوحي لك بأنه يبكي .. فالعين تدمع والقلب حزين

ولا صوت ينبهك لذلك ..

وقد استوقفني أن هذه الحالة أصابته عندما مر على سيرة السيدة فاطمة الزهراء ابنة

النبي r والتفت إلي جادا .. بوقاره المشهود وحنانه المعهود .. وسألني : ألا تريد

أن تتزوج ؟

أجبته : بلى .. ولكن كما ترى .. وكما قال سيدنا موسى : ( ربي إني لما أنزلت إلي من خير فقير ).

قال : أذهب إلى أصحابك واخطب مني ابنتي ..

ذهبت إليهم فرحا مسرورا لمرافقتي لخطبة ابنة شيخي وأستاذي ..

ضحكوا مني جميعا ...

وعرفت منهم أنه قد أتى إلى الشيخ من هو أكثر مالا وعلما ونسبا وحسبا ومعرفة

وقربى ، ولم يزوجها أحدا منهم .. وعلمت منهم أنهم يعلمون أن لديه بنتا ..لم يرها

أحد .. لا تزور .. ولا تزار .. وفي بيت أبيها ....

وكنت أعلم أن القوم يأخذون عليه ويعيبون هذا المسلك .. وأقنعتهم باني قد استأذنت

منه في التقدم ..

ذهبنا إليه .. وزوجني منها .. على أن أبقى معه طوال حياته في خدمته ووافقت .

ودخلت من الباب الذي لا يدخله غيره .. ولا يعرف ما بداخله غير شيخي وأستاذي

فرحا مسرورا منتشيا ..وفي طريقي سجدت شكرا لخالقي العاطي الوهاب .

وطرقت الباب .. وإذا بي أمام امرأة دميمة لا تملك من الجمال شيئا ..

كانت مفاجأة غير محسوبة ..

رأت مني هذا الوجوم .. وهذه الصدمة التي أظهرها صمتي .. وتعبيرات وجهي .

بادرتني قائلة : لقد حدثني أبي عنك كثيرا .. ورأى منك وفيك ما لا يراه في غيرك.

ولقد ائتمنك على سره .. ووثق في أمانتك وعهدك ووعدك ..

قائلة : خذ هذا واذهب وتزوج .. لا تفضح أبي في سره .. فإني سر أبي.

نزلت على قلبي سكينة وطمأنينة وسادني هدوء نفس عجيب .. وحادثتها .. فإذا بي

أمتم حكمة تفوق أبيها .. وعقل راشد يهدي للقلوب الأمل .. واحترام للنفس يعطي

الثقة .. وأناقة وكرم .. ولياقة ولباقة وكأني في واحة خضراء ..

نبعها في كلماتها .. ثقافتها في دينها .. بالخير تشع روحها .. وكأني في لحن أو

تغريد طيور عادت إلى وطنها ..

لقد كانت ذكية .. ملهمة .. نفسها مطمئنة وقلبها آمن ..

فيها من حكمة بلقيس .. ومن إيمان آسيا .. ومن دعم خديجة ..

استشعرت قيمتي وكرامتي .. لقد كانت لي إلهام المستقبل .. تبعث في روح العلم العمل .

رزقني الله منها هذين الولدين وقد جاءا توأما ..

كلا منهما يشع جمالا منذ ولاته ..

سألتها : ما هذا الجمال الذي رزقنا الله ؟
قالت : لقد أخلصت الدعاء لله .. وأمعنت فكري وكل كياني لأن يرزقني الله ولدا

كريما وسيما خلوقا أمينا تقيا بارا صادقا .. تعتز بصحبته ويكون لك سندا ..

وأبا لك عند هرمك .. والكريم الأكرم رزقني اثنين . واستأذنك في أن نسميهما عبد العليم وعبد الحكيم ..

قلت : نعم الاختيار ولكن .. وقبل أن أكمل قالت : اقرأ .

( إن ربي لطيف لما يشاء .. إنه هو العليم الحكيم )

ولقد كان ..

وقد فارقتني قبل عام .. ولم يعرف حكايتي هذه غيركما .. ولو كانت على قيد الحياة لما ذكرتها ..

قال أحد ولديه : لقد كانت حنونة رقيقة .. حازمة حاسمة صادقة .. عاشقة لله ورسوله ..

كانت تتكلم وهي لنا جميعا أما وأختا وابنة وصديقة .. تفرح بنا وتسعد بسعادتنا ..

تتكلم بألحان هادئة ونغمة يطرب لها كياننا ..

كنت أعمل وأحصي ليلا ما عندي ..

قالت : لا تحصي ما عندك .. سوف يؤتيك الله كثيرا .. وأعرف كيف أتاك ..

فإن الكمية لا تغير الكيفية ..

قال الابن الآخر : رحمها الله .. لقد كنت عند قدميها في أخر يوم لها وقلت الصبر يا أمي ..

قالت : يا بني .. الصبر أقل الدرجات وأكبر منه الحمد مع الصبر ..

واكبر منهما الصبر مع الحمد مع الرضا ..

والأكبر الأكبر .. الصبر مع الحمد والرضا والطمأنينة ..
وإني صابرة حامدة راضية مطمئنة .. أوصيك بأبيك خيرا ..


قال له أحد أصحابه : لابد وان تتزوج !!

نظر إلى السماء وقال : ((إني في انتظار اللقاء))...

دمعه الشوق 2010- 6- 1 03:57 PM

رد: أنا سر أبي
 
قصه جميله :g8:

شكرا لك :119:

sιlєит ṡσυl 2010- 6- 2 06:03 AM

رد: أنا سر أبي
 
قصه رااائعه
الله يعطيك العافيه
و
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

كل المشاعر 2010- 7- 2 06:18 PM

رد: أنا سر أبي
 
يعطيك العافيه


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 01:12 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه