ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام (https://vb.ckfu.org/index.php)
-   ملتقى المواضيع العامة (https://vb.ckfu.org/forumdisplay.php?f=3)
-   -   نظرتُنَا و الدنَيَا (https://vb.ckfu.org/showthread.php?t=638460)

صالح الثرباني 2014- 12- 17 01:30 AM

نظرتُنَا و الدنَيَا
 
صالح الثرباني




نمتطي صهوة النقد فمرة نقع دون أي سبب, ومرة نسير ولكن على حصباء عفراء, لا نكاد نستقر عليها للحظةٍ واحدةٍ, من شدةِ وعرها, نستنجد بعنانِ النقد ألاذع الأقذع بأبشع صوره, فنعرض ذاكَ وتلك, حتى إذا ضاقت الأرض بما رحبت, نوجه سيرتنا إلى الدنَيَا لنقول لها, بكل سهولةٍ, أنتِ ذات الوجه الأسود القاتم, ذلكَ الظّلام الذي خيم على أفراحِنَا ومسراتِنَا, ذلك السجن الموحش المقزز, تلك الغربة المؤلمة.

لماذا الدنَيَا

عِندما نصَطدم في المُوصَداتِ العَارضةُ لنَا في طُرُقاتِنَا, ونخسر في مقامرةٍ عبارة لنا, ونفارق أحبابًا كانوا وربما لا زالوا, وتعتصرنا الآهات والمتاعب, وتضربنا الهموم والأحزان, ويفارقنا الأُنس والجمال, حتى نرى وكأن الطبيعة الخضراءَ, وافرةُ الظلال والثمار, بهية المنظر, طاولة نستعرض عليها, ما تبقى لنا من الأفكارِ تجاه ما لا يتوافق مع رغباتنا وأهواءنا, ونصارع شبح النفس الذي أسر أفراحنا, ونجعل منه ذلك الملك الذي تربع على عرش أفكارنا, يسيرها حيث يشاء وإلى أنّ يشاء, ومع ذلك نطعن في الدنَيَا, نتذرّع بأوهامنا لتأليب النوايا ضدها, نتهمها بما لا طاقة لها به, نحمّلها فوق ما تحتمل, حتى إذا جاء الفرج وغاب الحزن وزانة الأنفس, كسينها ذلكَ الثوب الأبيض, ونظرنا لها نظرةً مشرقةً, لا يعترضها غمار قسوة, ولا يشوبها أي شائبة, ولكن سرعان ما يتلاش ذلك الثوب الأبيض, وتلك النظرة البراقة, للنتقل إلى حيث كنا نطعن في من كسينه ثوبًا جميلًا رائعًا, وكأن القدر تسيره بيدها, وكأن المسبب في تنغيص حياتنا هي, وإليها كل مبتغى, وفي الأصل هي بريئة, لم يكن لها يدٌ ولو قيد إنملة في تنغصِ حياتنا, فقد خُلقت مأمورة لهدف رضيهُ خالقها لها, ولم تكن يومًا شبحٌ يسلب الراحة من القلوبِ, ولم تكن يومًا داء عضال يفتك بالأرواح, ويجنح بالعقول من طريقِ السوي إلى حيث المهالك, بل هي مثلُنا خُلقت من أجلِ هدف, وكُلً يطمح إلى بلُغ هدفه, دون أنّ نتهم بعضنا البعض, فهي كطفلة بريئة لا تستنكر عيبًا ولا تستجلب خيرًا, ولكنها نظرتنا تجاهها, هي من سبب لنا ذلك الاحتقان, حتى شَعرنَا بسوء الحياة وضيق المُقام, فكل ما على هذا الكون من الجماليات والقبيحات, يستحال أنّ نَعرفَ مضمونها, ما لم يكن هناك رؤية نظرية يتبعها رؤية عملية وأخرى جمالية, فالأشياء المتعارف عليها, بطبيعة الحال رائعةٌ وجميلةٌ في ذاتِها, باختلاف أنواعها وألوانها, وباختلاف أهواء الآخَرين, وما يحدد تلك المشاعر والأحاسيس هي نظرتنا تجاه الأشياء, قبيحُها وجميلُها, وما يحدد هذه النظرة باعتبار الرؤية النظرية الرّاحة النّفسية, فلن ترى شيءً جميلًا, إذا كان صدرك ضيقًا حرجًا كأنما يَصّعّد فِي السّماء, إنما لن ترى سواء مشاعركَ وأحاسيسكَ تجاه الشيء ذاته, ولن تكسب إلا نتاج تلك النظرة المتشائمة القاتمة التي تكبح جماليات الحياة من حولكِ, لتضع لكَ مأدبة واسعة, تظل تسبح في أحضانها, حتى تقضي على السوادِ الأعظم فيكَ, من راحةٍ وسكينةٍ كنت قد سعيت في طلبِها, ولكنكَ أفسدتها بطريقتكَ, حتى كدت أنّ تقتل نفسكَ من شدةِ الهموم والأحزان, التي تجرجرها أفكاركَ السوداوية, وفي الأصل الأمر لا يحتاج منكَ سواء تأنِ في التفكير وعدم التسرع في اتخاذِ القرار, والنظر من الزاوية المشرقة للأشياء, هذا يكون أفضل للنفس وأزكى للروح.

إنّ نظرة التفاؤل من شأنِها أنّ تلبسكَ ثوبًا الطمأنينة والراحة, وتكسبكَ ثقةً بالنفس, وتجعل الأشياء من حولِكَ رائعةً جذابةً, وتفتح لكَ آفاقًا من التفكير في سماءٍ صافية, وتُعيد توازكَ النفسي والاجتماعي, فالراحة النفسية تنبعث من النفس أولًا, لا من الأشياء الخارجة, وما يعطينا المعنى الأصلي لها هي نظرتنا تجاهها, فكن ذا نظرة مشرقة جميلة للأشياء من حولِكَ, ودع الدنَيَا فلن تعطيكَ شيءً ولن تأخذ منكَ شيء, فقط اجعلها طريقًا لكَ إلى حيث بلٌغِ هدفكَ, وأجعل التفاؤل أمامكَ لكيلا تَشَعر بوحشةِ الطريق, والابتسامة ظلُكَ كي تجد فِي نفسكَ قوةً تفتح باب الأمل, وأجعل الأمل صديقكَ لكيلا تستاء من طولِ المسير.

"وكن مع الله يكن الله معكَ" .


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 11:21 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه