فتحت الباب بقوة ورمت نفسها على سريرها وانفجرت باكية لماذا هم كذلك ! ماذا أفعل؟ لمن أشكوا ؟ أين أذهب بنفسي لماذا لا أحد يفهمني لا أريد شيئاً من هذه الحياة لا أريد ذلك القصر الكبير والأثاث الفخم لا أريد أن تلبى طلباتي لا أريد جمال ظاهري أو سعادة ظاهرة لا أريد إلا شخص يفهمني.. عقل يستوعبني.. قلب يرحمني.. صعب أن أجد في هذه الدنيا إنسان له قلب وعقل حقيقيان , دائما يتركوني لوحدي فلا يأذنوا لي بالذهاب ولا يسموا لأحد أن يزورني ............................... رفعت رأسها قليلاً وجففت دمعها ثم نظرت إلى المرآة ..كم تغير وجهها إنه مثير للشفقة وجه في عنفوان الشباب يعلوه الاكتئاب.. تحيط بت الهموم كما تحيط بالسماء الغيوم فتحجب بريقه كما تحجب الغيوم شمس السماء بل ما أشبهه بالسماء عند الغروب ولولا نضارة الشباب التي تخفي العيوب لنفرت منه القلوب تسألت إلى منى سأبقى وحيدة لماذا لا أحد يسمعني هل لأني مازلت في نظرهم صغيرة ولو كنت البنت الوحيدة لديهم ولو كنت أصغر إخوتي ولكني الآن لم أعد صغيرة
فهذه أمي لا أكاد أراها وهي غارقة في عملها حتى بعد الدوام يطلبها المستوصف لأمور هامة لحالات طارئة وهي من دون أن يطلبوها لا تحب أن تجلس في البيت فلديها سهرات مع صديقاتها ورحلات ترفيهية أحاول أن أتحدث إليها لكنها مشغولة , وأبي أبي يحل كل يوم مشاكل الناس ويقضي وقته مع قضاياهم ولم يحاول ولو لمرة واحدة أن يحل مشاكلي كرهت مهنة المحاماة الجميع لا يهمه إلا نفسه يتركوني وحيدة في المنزل ويحسبونني سعيدة وماذا أريد أكثر من ذلك كل شيء متوفر لي من التلفاز بقنواته والكمبيوتر وألعابه والنت ومضاره وجميع الوسائل الترفيهية وأنا كرهت كل شيء حولي وكرهت نفسي ...كرهت ضوضاء التلفاز والإذاعات أسمع كل يوم أصوات كثيرة ولا أسمع صوتي أبدا ولو تحدثت لا أحد يسمعني أترك كل هذه المغريات وأجلس وحيدة في غرفتي أحاول أن أسمع صوتي فيتردد صداه شيء ثقيل على مسامعي يخترق الصمت الأبدي الذي يخيم على هذا المكان منذ زمن
وفي المساء ولما أحست بحركة خارج الغرفة أسرعت لترى من آتى لعل الحياة تعود إلى المنزل ولو لم تعد إلها لعلها ترى إنان أمامها بدل الأشباح التي تلاحقها
أسرعت الخطى وكأن الأمل شع في داخلها استقبلت أباها -أبي اشتقت إليك ولكن لم يتغير عبوسه نظر إليها نظرة تعبر عن تعبه تمالكت نفسها وهي ترمقه بعينيها وهو متوجهة إلى غرفته لا شك أن رأسك ملء بالمشاكل ولا شك بأن لا وقت لديك لتسمعني ولكن تبعته - أبي أريد أن........................................ قاطعها قائلاً مصروفك في الدرج هناك نكصت على عقبيها القهقرى تلفتت حولها ما أجمل البيت وما أوسعه وكأني لاشيء في رحابه ولكني أراه كالسجن بل هو سجني أنا وهل سيسعني البيت إذا لم يسعني قلب أبي وأمي وبعد ساعة أحست بحركة هاقد أتت أمي لله الحمد فليس وجهها عبوس مثل أبي لا شك أنه قد استمتعت مع صديقاتها - ماما أحبك كثيراً - وأنا يا حبيبتي - اجلسي قليلا أريد أن أتحدث معك - تتحدثين معي أنا - أجل يا ماما الست ابنتك - طبعا هيا قولي ما تردين قوله عند ذلك رن جرس الهاتف الذي قلما يرن تسألت من يتصل في هذا المساء إذا يريدون أبي أو أمي لماذا لم يتصلوا على الخلوي الخاص بهم أسرعت رفعت السماعة - نعم أمي موجودة تفضلي - سأحضر حالاً مع السلامة وتضع الهاتف وتقول معتذرة سأتحدث معك لاحقاً إذا كان يهمك التحدث وتخرج وتغلق الباب عند ذلك انهار كياني لم تقوى رجلاي على حملي كتمت بكائي فتحول إلى صخرة ملتهبة وقفت في حلقي خنقتني استطعت بلعها في صعوبة فسقطت لتشعل براكين الألم في قلبي أسرعت إلى غرفتي وأجهشت بالبكاء عدت إلى وحدتي إلى ألمي إلى عذابي إلى الصمت الأبدي لا أحد يسمعني لا أحد يعلم بي إحباط في داخلي يسري ودموع ساخنة تحفر وجهي أنين يخترق صمتي وفراغ سكن نفسي برودة في أوصالي حياة مغلقة أقاسي ضمور في مواهبي وأفكاري أنتظر أمل مهدد بالتلاشي أشتكي لقلمي و أوراقي إذا كانت الثقافة والدراسات العليا قد فعلت ذلك بحالي فلا فضل لمتعلم على إنسان عادي وإذا كان حب جمع المال فالمال ذاهب وآتي وكل شيء في الحياة فاني فلا تحطموني فالزجاج إذا تحطم يستحيل تكوينه ثاني ونفسي مثله وتتحطم بثواني ولكن نفس الإنسان أعظم من أن تقاس بميزاني . تمت