ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

العودة   ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام > ساحة طلاب وطالبات الإنتظام > ملتقى طلاب الانتظام جامعة الإمام عبدالرحمن (الدمام) > ملتقى كليات العلوم والأداب - جامعة الإمام عبدالرحمن > منتدى كلية الآداب بالدمام
التسجيل الكويزاتإضافة كويزمواعيد التسجيل التعليمـــات المجموعات  

منتدى كلية الآداب بالدمام منتدى كلية الآداب بالدمام ; مساحة للتعاون و تبادل الخبرات بين طالبات كلية الآداب بالدمام و نقل آخر الأخبار و المستجدات .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 2011- 11- 23   #91
الغَـدَقْ
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية الغَـدَقْ
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 28090
تاريخ التسجيل: Thu Jun 2009
المشاركات: 3,590
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 6210
مؤشر المستوى: 104
الغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to behold
بيانات الطالب:
الكلية: KF University
الدراسة: انتساب
التخصص: Business administration
المستوى: المستوى الثامن
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
الغَـدَقْ غير متواجد حالياً
Icon21 ملخصات حاضر العالم الاسلامي

الفصل الأولى

أهمية العالم الإسلامي ومقوماته الأساسية
عناصر المحاضرة
•مقدمة
• الموقع الجغرافي( خرائط توضيحية).
•أهمية العالم الإسلامي.
• أولاً: الموقع الإستراتيجي .
• إطلالة العالم الإسلامي على البحار والمحيطات.
• المضائق التي يشرف عليها العالم الإسلامي.
• ثانياً: الموارد الطبيعية.
•الثروات الزراعية.
• أهم الغلات الزراعية في العالم الإسلامي .


موقع العالم الإسلامي:
تضاريس العالم الإسلامي:
الوحدات السياسية للعالم الإسلامي:
خرائط إضافية توضيحية:
أهمية العالم الإسلامي:
ما أهمية العالم الإسلامي؟
يتمتع العالم الإسلامي بمميزات متعددة أكسبته أهمية كبيرة كما جعلته موطناً للصراع بين القوى العالمية المختلفة عبر العصور المختلفة , وأشهر هذه المميزات :
أولاً: الموقع الإستراتيجي:

يحتل العالم الإسلامي قلب العالم القديم ( آسيا , وأفريقيا , وأوروبا ) , ويكون جسراً أرضياً يربط هذه القارات الثلاث , ويشغل مساحات واسعة فيها , فهو يمتد من جزر الملايو شرقاً إلى الأندلس غرباً , ومن تنزانيا جنوب خط الاستواء حتى كازاكستان في الشمال , وبهذا يشكل المسلمون محيطاً اجتماعياً عظيم الامتداد , وليس العالم الإسلامي كما يصوره الجغرافيون الأوروبيون قطاعاً صحراوياً فقيراً في موارده , متخلفاً في سكانه , فهو – يقع كما يقال – في " صرة العالم " ممسكاً بأطرافه , متحكماً في محيطاته , وبحاره , وخطوط ملاحته, زاخراً بأهم الأنهار , وأخصب الأراضي , وأعظم الثروات .
هل يشرف العالم الإسلامي على مسطحات مائية؟
إطلالة الوطن العربي على البحار والمحيطات:
فالعالم الإسلامي بامتداده الجغرافي هذا يشرف على أهم الأذرع المائية , من جهة نظر الملاحة والتجارة الدولية , فالبحار الهامة التي يشرف عليها العالم الإسلامي هي :البحر المتوسط , والبحر الأحمر , والخليج العربي , وبحر العرب , والبحر الأسود وبحر الصين الجنوبي , وهذه الأذرع المائية تتصل بالمسطحات المائية العالمية الكبرى كالمحيط الأطلسي , حيث تعيش مجموعات إسلامية كبيرة على سواحل أفريقية الغربية – أي من طنجة شمالاً حتى خليج بيافراً جنوباً , وعلى ساحل المحيط الهندي يعيش المسلمون على بلدان القطاع الساحلي من شرق أفريقيا , مثل الصومال , وتنزانيا وأثيوبيا , كما أن العالم الإسلامي يطل على المحيط الهادي من خلال بعض جزر إندونيسيا والفلبين .
المضائق التي يشرف عليها العالم الإسلامي:
إن هذه الإطلالة المائية جعلت العالم الإسلامي يشرف على عدة منافذ بحرية عظيمة الأهمية هي:
1- مضيق جبل طارق الذي يتحكم في اتصال المحيط الأطلسي بالبحر المتوسط .
2- ومضيق الدردنيل والبوسفور , ويتحكمان في اتصال البحر الأسود بالبحر المتوسط .
3- وقناة السويس الإستراتيجية التي تربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط .
4-ومضيق باب المندب, وخليج عدن اللذان يتحكمان في اتصال البحر الأحمر ببحر العرب .
5-ومضيق هرمز وخليج عمان , ويتحكمان في اتصال المحيط الهندي بالخليج العربي .
6- ثم هناك مضيق ملقا وسنغافورة, ويتحكمان في اتصال المحيط الهندي ببحر الصين الجنوبي , والمحيط الهادي .
كل ذلك أكسب العالم الإسلامي أهمية إستراتيجية وعسكرية لها خطورتها في ميزان القوى العالمية , وهذا يفسر لنا تكالب الدول ذات النفوذ على العالم الإسلامي , ورغبتها في السيطرة عليه بالعمل على إثارة المشاكل فيه حتى يبقى ممزقاً , فيسهل عليها التحكم فيه , ومن تلك المشاكل زرع اليهود الصهيونيين في فلسطين , وغزو جنوب السودان وقضايا المسلمين في كشمير والفلبين وفي أثيوبيا والصومال وأرتيريا إلى آخر تلك المشاكل التي تقف عقبة في وحدة وتعاون أجزاء العالم الإسلامي , وتبقيه تحت دائرة نفوذ تلك القوى الاستعمارية .
ثانياً: الموارد الطبيعية:

يمتاز العالم الإسلامي بأهمية اقتصادية هائلة بما حباه الله من ثروات طبيعية متنوعة : زراعية , وحيوانية ومعدنية .
الثروات الزراعية:

يحوي العالم الإسلامي أراضي زراعية واسعة , وتجري فيه كثير من الأنهار الهامة , منها : نهر النيل , ونهر الكونغو ( زائير ) , ونهر النيجر في أفريقيا , ودجلة والفرات , والسند , والفنج , وسرداريا " سيحون " , وأموداريا " جيحون " , والعاصي , والليطاني , والأردن في آسيا , هذا بالإضافة إلى المياه الجوفية التي يحظى بها العالم الإسلامي .
ولاتساع العالم الإسلامي تنوع المناخ ، حيث تسود هذا العالم مختلف المناخات الاستوائية ، والمدارية، والموسمية ،والمعتدلة ، فالمناخ الاستوائي الحار الماطر طوال العام ، ذو الغابات الكثيفة يسود في الملايو، وأكثر الجزر الإندونيسية وجنوب السودان ، أما المناخ الموسمي الحار الماطر صيفا فيسود مناطق بنغلاديش ، واليمن ، وعمان ، ونيجيريا ، وساحل غينيا ، وهضبة الحبشة وهناك المناخ القاري بقسميه : الصحراوي الحار الذي يسود الصحراء الأفريقية الكبرى ، وشبة جزيرة العرب ، وجنوب إيران ، وجنوب باكستان وصحراء ثار في الهند، أما المناخ الصحراوي البارد ففي هضبة إيران ، وهضبة الأناضول ، وتركستان .. كما أن المناخ الدافئ المعتدل ( مناخ البحر المتوسط ) ، فيسود على شواطئ البحر المتوسط الجنوبية ، والشرقية ، والشمالية .
ومن أهم الغلات الزراعية في العالم الإسلامي مايأتي :

- الأرز: ويتوافر في ماليزيا , وبنغلاديش , وباكستان , ومصر , وإندونيسيا .
2- القمح: في إيران , وأفغانستان , وتركيا , وباكستان , والشام , ومصر , والعراق , والمملكة العربية السعودية , وبلدان المغرب العربي .
3- الخضروات والفواكه: وتتوافر في إقليم البحر المتوسط , والموز في الصومال وأفريقيا الغربية , والحمضيات في تركيا , وشمال أفريقيا , وبلاد الشام وبخاصة في فلسطين , والتمر في المناطق الصحراوية .
4- القطن: ويتوافر طويل التيلة منه في السودان ومصر , ومتوسط التيلة في تركيا , وباكستان, وأفغانستان , وإيران , وقصير التيلة في المغرب العربي , وباكستان , كما أن القطن يزرع في الجمهوريات الإسلامية في الإتحاد السوفيتي السابق , في تركستان , وفي أذربيجان , وداغستان غربي بحر قزوين , وتنتج هذه المنطقة وحدها أكثر من إنتاج دول العالم الإسلامي مجتمعة .
ويصل إنتاج العالم الإسلامي إلى حوالي 40% من الإنتاج العالمي للقطن .
5- الحبوب الزيتية: ومنها السمسم في السودان ومصر , وإندونيسيا , والفول السوداني في السودان ونيجيريا .
6- قصب السكر: في باكستان , بنغلادش , إندونيسيا , والسودان ومصر .
7- المطاط: من غابات الإقليم المداري , وتنتج نيجيريا وحدها 72% من إنتاج المطاط العالمي, كما تنتجه كل من إندونيسيا والملايو .**
الثروات الحيوانية:

إن تنوع مناخ العالم الإسلامي أدى إلى وجود المراعي الطبيعية الواسعة , مثل حشائش السافانا وغيرها , وتلك المراعي والأعشاب هيأت لنشأت ثروة حيوانية متنوعة داخل قطاعات العالم الإسلامي المختلفة , من ماعز , وضأن , وإبل , وخيل , وبقر .

الثروة المائية:

إن إطلالة العالم الإسلامي على البحار والمحيطات والمنافذ المائية , واحتوائه على أنهار كبيرة , وبحيرات , وبحار داخلية (كبحر قزوين) , هيأ الأسباب لتوفر ثروات مائية كبيرة ، مثل الأسماك ، والأسفنج ، واللؤلؤ، فهناك الأسماك في اندونيسيا ،وباكستان ، وتركيا،وماليزيا ، ومصر، والمملكة العربية السعودية ، والمغرب.. وهناك أيضا الأسفنج الذي بالقرب من سواحل البحر المتوسط الجنوبية ، وسواحل البحر الأحمر،أما اللؤلؤ ذو الشهرة الواسعة فيكثر في مياه الخليج العربي ، وبعض مناطق البحر الأحمر ، ويجد اللؤلؤ الآن منافسة شديدة من اللؤلؤ الصناعي.
الثروة المعدنية:

تحتوي أرضي العالم الإسلامي على معادن تعتبر ثروات طبيعية هامة ، وموارد مستغله، وبعضها غير مستغل ، ومن أهمها:
البترول والغاز الطبيعي : وتحتل دول العالم الإسلامي مركزا متفوقا في مجال إنتاجه واحتياطية الذي يقدر بأكثر من حوالي 57% من احتياطي العالم البترولي ، وأكثر من 53% من احتياطي الغاز الطبيعي ، وينتج العالم الإسلامي اليوم نحو ثلث الإنتاج العالمي من النفط ، ويساهم بأكثر من نصف النفط المعروض في الأسواق العالمية ، وأهم المناطق الإسلامية لإنتاجه هي:

1_ منطقة الخليج العربي : المملكة العربية السعودية ، الكويت ، العراق ،إيران ، قطر، البحرين, عمان، والإمارات العربية المتحدة.
2_ منطقة جنوب شرق آسيا : وهي ماليزيا ، إندونيسيا ، سلطنة بروناي.
3_ منطقة قفقاسيا بين بحر قزوين والبحر الأسود_ وتستغله روسيا.
4_ منطقة شمال أفريقيا : ليبيا والجزائر.
5_ غرب أفريقيا ، نيجيريا ، والكاميرون، وتوجو.
6_ وهناك بعض البترول في مصر ، والسودان ، واليمن.
والدول العشرة الأوائل في العالم في احتياطي البترول حسب ترتيبها هي : السعودية الكويت روسيا المكسيك إيران العراق الإمارات العربية المتحدة, الولايات المتحدة, فنزويلا ، وليبيا ويلاحظ أن من بين هذه الدول العشرة هناك ست دول إسلامية ، وهذه دلالة على ما يتمتع به العالم الإسلامي من أهمية بوجود هذه المادة في أراضية.

وأهمية البترول كمصدر من أهم مصادر الطاقة لا تحتاج إلى كثير بيان ، فبدونها لا يمكن قيام أي نوع من أنواع النشاط الاقتصادي ، سواء كان زراعيا أو صناعيا أو تجاريا ، وبدون الطاقة تتوقف وسائل النقل والمواصلات في العالم ، والبترول مادة خام لكثير من الصناعات الكيماوية والبترولية وهو فوق هذا وذاك يشكل المورد المالي الأساسي لمعظم الدول المنتجة له ، وكما قدمنا فإن العالم الإسلامي ينتج نحو ثلث الإنتاج العالمي النفطي .
معادن أخرى:

وفي العالم الإسلامي ثروات معدنية أخرى كالفوسفات الذي تصنع منه الأسمدة الزراعية , ويوجد الفوسفات في المملكة العربية السعودية , وتونس , والأردن , والسنغال , والجزائر , ومصر , وسوريا , وينتج العالم الإسلامي حوالي 21% من إنتاج الفوسفات في العالم .
وهناك الكروم الذي يستعمل في صناعة الصلب , والسبائك الحديدية يوجد في إيران , وتركيا , وباكستان , والسودان , وألبانيا , وأكثر الأقطار الإسلامية إنتاجاً للكروم هي تركيا والتي تنتج حوالي 41% من جملة إنتاج العالم الإسلامي , وتليها ألبانيا , ثم إيران وباكستان , ويبلغ إنتاج العالم الإسلامي من الكروم حوالي 19% من إنتاجه العالمي .
أما الحديد فموجود في ماليزيا , وتركيا , وإيران , والمغرب , والجزائر , وباكستان , ومصر, وغينيا , وموريتانيا , وتونس .
وإنتاج العالم الإسلامي من القصدير ( من ماليزيا , وإندونيسيا , وإيران , والمغرب العربي , وتركيا , ونيجيريا ) فيبلغ أكثر من نصف الإنتاج العالمي .
وعلى هذه الثروات المعدنية يقوم العديد من الصناعات المهمة التي تسهم في بناء ونمو اقتصاد البلاد الإسلامية , وتساعد على رفع مستوى دخل الأفراد , والنهوض بمستويات المعيشة , خاصة وأن رؤوس الأموال متوفرة في العالم الإسلامي , وبخاصة في البلدان المنتجة للبترول , وكذلك تتوفر الأيدي العاملة وبخاصة في البلدان المكتظة بالسكان مثل إندونيسيا , وبنغلاديش , وباكستان , ومصر , ونيجيريا وغيرها .
الأهمية الإستراتيجية للعالم الإسلامي :
من خلال ما سبق يتضح لنا الأهمية الإستراتيجية للعالم الإسلامي , والتي تفوق أهمية غيره من المناطق , نتيجة لما يتمتع به من خصائص هي باختصار:
1- موقعه في قلب العالم القديم ( آسيا , وأفريقيا , وأوروبا ) وتوسطه بين ذلك العالم والعالم الجديد ( أمريكا الشمالية والجنوبية , وأستراليا ) .
2- إشرافه على البحار والمحيطات العالمية الهامة .
3- توافر مواد الوقود , وكذلك الموانئ البحرية , وصفاء أجوائه معظم أيام السنة مما جعله مركزاً مهماً للمواصلات العالمية .
4- توافر وتنوع محاصيله ومنتجاته الزراعية .
5- توافر المعادن المتنوعة والضرورية كمواد خام لكافة الصناعات الخفيفة والثقيلة , أضف إلى ذلك ازدياد أهمية هذا العالم بشق قناة السويس التي سهلت اتصال الشرق بالغرب بحراً , وقلصت المسافات إلى حد بعيد .
ثالثاً: أهمية العالم الإسلامي البشرية:

سكان العالم الإسلامي مجملهم ومعظمهم مسلمون يكونون أمة الإسلام , أو الأمة الإسلامية , وهي أمة فريدة من حيث ماهيتها ومن حيث مقوماتها , وترابطها ووحدتها , فوحدتها ثابتة ومظاهرها كثيرة , ومتشابهة , ومتشعبة لا مثيل لها وهي قائمة على أسس راسخة أهم مظاهرها:
1- وحدة العقيدة : فالتوحيد ، وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هي أصل وحدة المسلمين على كافة اختلافاتهم العرقية ، واللغوية ، والسياسية وغيرها .
2- وحدة العبادة : فالهدف الأسمى بالنسبة للأمة الإسلامية هو عبادة الله الخالق القهار ، ووحدانية هذه العبادة تتجلى في الممارسة والسلوك ، فوحدة القبلة في الصلاة مظهر له وقعة في الأمة الإسلامية ، وكذلك صوم شهر رمضان في السنة وكذلك الحج في شهر معلوم ، ويوم معلوم، وبلباس واحد ومناسك واحدة ، وقفتهم في عرفة في يوم واحد.
3- وحدة التشريع : وذلك أن مصدر التشريع في الإسلام هو القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة _ والشريعة هي قانون المسلمين الأوحد .
4_ وحدة السلوك في العادات والتقاليد : وتتجلي في الأفراح والأتراح ، وفي آداب المسلمين في السلام ، وفي عونهم للمحتاج وإغاثتهم للمصابين من المسلمين وغيرهم في الكوارث والنوازل منطلقين من مبدأ " وتعاونوا على البر و التقوى " .
5 _ وحدة اللغة : فاللغة _ لغة القرآن الكريم _ هي لغة مشتركة بين جميع المسلمين ، فتعلمها واجب من أجل معرفة قواعد الإسلام وأداء عباداته .
6_ وحدة التاريخ ووحدة الآمال والهدف : فتاريخ المسلم أيا كان موقعه هو تاريخ الأمة الإسلامية .. فالتاريخ الإسلامي إلى جانب وحدة التطلع أمرين رابطان بين أفراد أمة الإسلام .
مفهوم الأمة الإسلامية:
وفي ضوء ما سبق يعرف البعض الأمة الإسلامية بأنها :
"مجموعة من الناس يعيشون على رقعة جغرافية واحدة ، ومتشابهة التضاريس،تجمع بينهم عوامل مشتركة مثل العرق والدين، واللغة ، والتاريخ ، والثقافة ،و العادات والأخلاق والمصالح المشتركة والأماني السياسية الواحدة ، وبمعنى آخر فإنها وحدة اجتماعية متماسكة لديها الانسجام والرغبة العامة في الحياة المشتركة " .
والواقع إن مثل هذا التعريف لا ينطبق تماما على الأمة الإسلامية ، لكون تلك الأمة لا تعيش على رقعة جغرافية واحدة ، وليس العرق ( الجنس ) عاملا مشتركا ، لكون الإسلام لكل الأجناس ، وعليه يمكن تعريف الأمة الإسلامية ، والتي تعتبر أكثر شمولا من مفهوم العالم الإسلامي بأنها " قطاع كبير من البشرية آمن بالله رباً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ، واتبع ما أنزل عليه وما جاء به " .
وهي أمة باقية ما بقى الإسلام , فدعوته دعوة عالمية لا تقتصر على أمة دون أمة , أو بلاد معينة , فالإسلام لكل الناس , وهو يرعى مصالح أهله وغيرهم من أهل الذمة .. والمسلمون الذين يزيد عددهم عن المليار نسمة يعيشون على أرض العالم الإسلامي التي تصل مساحتها إلى ما يقرب من ربع مساحة العالم , ويضاف إلى أولئك المسلمين ما يقرب من ربع عددهم يعيشون كأقليات مسلمة في وسط مجتمعات أخرى .**

مفهوم العالم الإسلامي:
نعني بالعالم الإسلامي الشعوب والدول ذات العقيدة الإسلامية على اختلاف بيئاتها , ومناطقها , وتباين ثقافاتها , وتعدد سلالاتها البشرية .
ويندرج تحت مفهوم العالم الإسلامي أيضاً الأقليات المسلمة التي تعيش في دول غير إسلامية .
والدول الإسلامية هي الدول التي يغلب على سكانها الإسلام كعقيدة , كأن يزيد عدد المسلمين فيها عن 50% من مجموع السكان , ويتفاوت عدد الدول الإسلامية من وقت لآخر تبعاً للظروف فمثلاً بعد تفكك الاتحاد السوفيتي زاد عدد الدول الإسلامية خمس دول , ومن ذلك أيضاً ظهور جمهورية البوسنة والهرسك في أوربا , بعد تفكك يوغسلافيا الاتحادية .

العالم الإسلامي – فقهياً:

والعالم الإسلامي – فقهياً – هو دار الإسلام , ذلك أن فقهاء المسلمين كانوا قد قسمواالعالم إلى قسمين :
1- دار الإسلام , فدار الإسلام هي الأرض التي تسودها شريعة الإسلام , وتقام فيها حدوده , وإن كان جل أهلها من غير المسلمين .
2-ودار الحرب هي الأرض التي تسود فيها شرائع غير شريعة الإسلام وإن كان جل أهلها من المسلمين .. ولما كانت شريعة الإسلام لا تطبق إلا في ديار قليلة , فإننا مضطرون الى استعمال مصطلح العالم الإسلامي في معناه الجغرافي .
وتشغل أرض العالم الإسلامي مساحة تزيد عن 25% من مساحة اليابسة في العالم , ويرجح البعض تلك المساحة بحوالي 31 مليون كم2 . وتمتد من الشرق إلى الغرب بطول حوالي ( 17000) كيلو متراً من أدريان الغربية في إندونيسيا على الرأس الأخضر مقابل السنغال في المحيط الأطلسي , كما تمتد من الشمال إلى الجنوب حوالي ( 7000 ) كم , أي من تركستان الغربية وجنوب الأورال شمالاً إلى موزمبيق جنوباً فهو على ذلك مفهوم جغرافي يشمل الدول التي تسكنها أكثرية مسلمة أو كانت تخضع للمسلمين سابقاً أو كانت ذات أغلبية مسلمة , والقائمة الموجودة الملحق توضح أسماء بلدان العالم الإسلامي , ومساحة كل بلد , وعدد سكانها بما فيهم غير المسلمين , ونسبة المسلمين حسب أحدث التقديرات .

الدول الإسلامية على الصعيد الآسيوي:
الدول الإسلامية على الصعيد الآسيوي تتمثل في :
(1) المملكة العربية السعودية . (2) الكويت . (3) قطر . (4) البحرين . (5) الإمارات العربية المتحدة . (6) اليمن . (7) إندونيسيا . (8) العراق . (9) سوريا . (10) لبنان . (11) فلسطين. (12) الأردن . (13) إيران . (14) تركيا . (15) أفغانستان . (16) باكستان . (17) بنجلادش (18) ماليزيا . (19) بروناي . (20) سلطنة عمان .
الدول الإسلامية على الصعيد الإفريقي:
والدول الإسلامية على الصعيد الإفريقي تتمثل في :
(1) مصر . (2) تشاد . (3) السودان . (4) النيجر . (5) ليبيا . (6) مالي . (7) تونس . (8)غينيا . (9) الجزائر . (10) غامبيا . (11) المغرب . (12) السنغال . (13) موريتانيا . (14) جيبوتي . (15) الصومال . (16) الجابون . (17) الكاميرون . (18) جزر القمر . (19) توغو . (20) نيجيريا . (21) غينيا بياد . (22) سيراليون . (23) أوغندا . (24) فولتا العليا . (25) ساحل العاج . (26) أفريقيا الوسطى . (27) جمهورية الصحراء .
وإلى جانب هذه الدول في آسيا وأفريقيا هناك الأقليات المسلمة في أوروبا وفي آسيا وأفريقيا , وفي العالم الجديد .
:حاضر العالم الإسلامي
يمر العالم الإسلامي اليوم بظروف عصيبة , ويقف أمام تحديات وأحداث عظيمة , وقد تكاثرت عليه الأعداء من داخله وخارجة , وتتابعت النكبات والمآسي , ولا يمكن للمسلم المخلص حيالها إلا أن يهتم بأمته , وبأمرها , ومن لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم , ونحن إذ نتعرض إلى أحوال العالم الإسلامي الحاضرة , وإلى واقعة السياسي , والاقتصادي , والاجتماعي , وإلى بعض قضاياه المعاصرة , فإنما نرمي إلى تعريف المسلم بعالمه الإسلامي الكبير , وبقضايا , وبالتحديات التي تواجه المجتمعات الإسلامية المعاصرة , وكيفية تذليلها , والتعرف على إخوانه في أقطار الأرض , وعلى مواطن قوة عالمه الإسلامي , للعمل على المحافظة عليها , ومعرفة أماكن الضعف والتغلب عليها .


ولقد مرت الأمة المسلمة في أحقاب تاريخها المختلفة بظروف عصيبة تفوق ظروفها الحاضرة حين أغار عليها المغول والتتار , ثم جاءها الصليبيون في حملاتهم المعروفة , وتكالب عليها الاستعمار الغربي بعد ذلك , وقد تجاوزت الأمة كل ذلك , وكانت تتغلب عليها دائماً حين تعود إلى أصالتها وهويتها , وتتحصن بعقيدتها ودينها .
وعدد الدول الإسلامية (65) دولة , تشكل الدول العربية الاسيوية منها (12) دولة , وبها أهم التجمعات الإسلامية , والدول الإسلامية الأخرى (53) دولة , وفي الواقع أن مفهوم العالم الإسلامي أكثر اتساعاً من مجموع الدول الإسلامية المعروفة لدينا , سواء كانت منضمة إلى منظمة المؤتمر الإسلامي , أو على طريق الانضمام بعد تفكك الاتحاد السوفيتي , أو اليوغسلافي , فمثلاً هناك دول لم تشترك بعد في منظمة المؤتمر الإسلامي , ومنها أرتيريا , أذربيجان , ألبانيا , أزبكستان , تركمانستان , طاجيكستان , قرغيزستان , كازاخستان , والبوسنة والهرسك .
كما أن هناك أقليات إسلامية في أماكن متعددة من العالم , وتقدر نسبة تلك الأقليات المسلمة بحوالي 32% من المسلمين في العالم , أي ما يزيد عن 204 مليون مسلم , وغالبيتهم يعيشون في قارة آسيا حيث يوجد المسلمون في الهند والصين والاتحاد السوفيتي السابق .

السكان وعوامل اللقاء بين المسلمين :
من الصعب إعطاء أرقام دقيقة عن عدد سكان العالم الإسلامي , والأعداد الموجودة لدينا أعداد تقريبية , وهذا يعود للأسباب الآتية :
1- غياب الإحصاءات السكانية الدقيقة التي تشمل الانتماء الديني .
2- عدم إفصاح الدول عن نتائج التعدادات السكانية خاصة انتماءات السكان الدينية ، لكون ذلك يمس التوازنات السياسية بها( احيانا) .
3- عدم توافر الوعي الإحصائي لدى السكان ، فكثيرا ما يتهرب الناس من قيد أنفسهم في بيئات التعدد خوفا من هذا الأمر أو ذاك مثل خوفهم من التجنيد ، أو من الضرائب ، أو غير ذلك من الأسباب ، وهذه كلها تؤثر على مصداقية التعداد.
4- عدم توافر الإمكانيات اللازمة للقيام بالتعداد السكاني ، كما هو الحال في بعض الدول الإسلامية ، التي تعتمد في تعدادها على التقديرات.
5- اعتماد بعض التعدادات أساس العينة ، وقد يتم استبعاد المسلمين من العينة، وخاصة إذا كانت الدولة تريد أخفاء أعداد المسلمين الحقيقية ، كما حصل في أثيوبيا عام 1970م.
6- وجود المشكلات العرقية والدينية في عدد من البلاد الإسلامية ، مما تؤثر على نتيجة التعداد وقيمته الفعلية ، إذ أن المجوعات الدينية والعرقية تضخم حجمها في التعداد ، وهذا ما حصل فعلا في نيجيريا بعد الاستقلال عام 1963م ، وفي لبنان عام 1932م عندما أجري التعداد السكاني الذي على أساسه سيحدد توزيع الوظائف الدستورية وغيرها.
7- عدم توافر إحصاءات دقيقة للأقليات المسلمة لأسباب عديدة ، كما أن عملية التحول إلى الإسلام عملية مستمرة.
ولذا أصبح من العسير التوصل إلى تعداد دقيق لسكان العالم الإسلامي، كما أننا نجد أن نسبة السكان المسلمين في مختلف دول العالم تتفاوت تفاوتا كبيرا تبعا لنوعية المصادر ، فالمصادر الأجنبية تقلل من أعدادهم ، في حين أن بعض المصادر الإسلامية تضخم في أعدادهم ، فعلى سبيل المثال قدرت المصادر الأجنبية أن نسبة المسلمين في الغابون (10%) ،في حين قدراتها المصادر الإسلامية بـــ(40%) ، وعليه فالاعتماد على الإحصاءات الرسمية والتقديرات السكانية عملية لا تخلو من بعض المخاطر.
ورغم هذه المصاعب فيمكن القول أن عدد المسلمين في العالم اليوم يزيد على ألف ومائتي مليون نسمة ، أي أنهم يزيدون عن 25% من سكان العالم ، ويتركزون في آسيا وأفريقيا ، ففي آسيا يوجد حوالي 70% من مجموع المسلمين في العالم ، وأفريقيا 26% ،وفي بقية القارات 4% ، وعدد المسلمين في الدول العربية يمثلون نحو16،2% من إجمالي عدد المسلمين ، وجل المسلمين من أهل السنة ويؤلفون حوالي 93% ، بينما يبلغ الشيعة 6% ، وهم بهذا العدد طاقة بشرية هائلة ، لو فطنت لذاتها ، وأحسن الاستفادة منها.
الانتماء العرقي والعقائدي:

على الرغم من أن المسلمين ينتمون إلى عدد من المجوعات العرقية والقومية ، كالمجوعة العربية ، والمجوعة الإيرانية ، والمجموعة الأفغانية مثلا، إلا أن العالم الإسلامي الذي يعيشون فيه يشكل وحدة متماسكة ، وكتلا متقاربة يمكن أن تتحقق فيها عوامل الوحدة الإسلامية بداية لقيام الوحدة الكبرى ،وأشهر هذه المجوعات هي:
1_ مجوعة الدول العربية أو الكتلة العربية ، ويبلغ عدد المسلمين فيها حوالي (741) مليون نسمة ، أي بنسبه 16،2% من مجوع سكان العالم الإسلامي.
2_الكتلة الإيرانية ، الأفغانية ، الباكستانية الكشميرية البنغالية ، وسكانها حوالي مئتي مليون نسمة ، أي بنسبة 22% من المسلمين في العالم .
3_ الكتلة الإندونيسية الماليزية ، وتضم دولتي إندونيسيا ، واتحاد ماليزيا ، والمسلمون فيها حوالي 321 مليون نسمة ، أي بنسبة 13،5% من مجموع سكان العالم الإسلامي.
4_ الكتلة الأفريقية ، وتشمل دول النطاق الصحراوي ، ودول شرق أفريقيا ، والمسلمون فيها حوالي 178 مليون نسمة ، أي بنسبة 19،6% من مسلمي العالم.
5_ الكتلة التركية القوقازية ، وتشمل تركيا ، والجمهوريات والولايات في مرتفعات القوقاز ، وهي :أذربيجان ،داغستان ، شاشان ، أنجوشيا ، أوستينا ، قرنشاي ، الأوديجا ، والمسلمون فيها حوالي 110 مليون نسمة ، أي بنسبة 12% من مسلمي العالم.
6_ الكتلة التركستانية ، وتسكنها العناصر المغولية التركية ، وهي مقسمة إلى :
أ_ الأقاليم التابعة للصين ، وعدد المسلمين فيها حوالي 18 مليون مسلم.
ب_ الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفيتي (السابق) ، وهي : أوزبكستان ، طاجكستان ، تركمانيا ،قزقستان ، قرغيزيا ، نتاريا ، الجوفاش ، وعدد المسلمين فيها حوالي 39 مليون مسلم .
والمسلمون في هذه الكتلة التركستانية حوالي 57 مليون مسلم ، أي حوالي 6،5% من مجوع السكان المسلمين في العالم .
عوامل الوحدة الإسلامية:

يفصل بين المسلمين اليوم الحدود السياسية ، والفرقة الاجتماعية والاقتصادية ، بسبب الاستعمار الذي أصاب العديد من دول العالم الإسلامي ، ومع ذلك فهناك عوامل كثيرة لا تزال _ إلى حد كبير _ تؤلف بينهم ، وتربط بين أقطارهم ، ومن أهمها :
1_ الدين الإسلامي: فقد جعل الإسلام من المسلمين أمة واحدة من دون الناس ، وتجتمع على كتاب الله العزيز، وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وآل وسلم ، وعلى ثوابت عقدية لا تتغير ولا تتبدل ، وكانت هي أساس المجتمع الإسلامي الذي ضم شعوبا وأمما مختلفة ، انصهرت في بوتقة الإسلامية ، وأقامت وحدتها على أساس عقيدتها الإسلامية الواحدة.

2_ اللغة العربية لغة القرآن :
كذلك تجمع بين المسلمين لغة واحدة ، هي العربية ، لغة القرآن الكريم ، فهي لغة الإسلام التي تدعوهم إلى حبها ، وتعلمها رغبة في فهم شرائع دينهم الحنيف الواردة في كتاب الله عز وجل ، وسنة نبيهم صلى الله عليه وآل وسلم ، فكانت لغة العلم والثقافية والتأليف تعلمها وكتب بها علماء المسلمين ، كما كانت لغة الحديث و التعامل ، وبذلك صارت العربية لغة المسلمين في شتى أقطارهم .
3_ التاريخ الإسلامي المشترك :ويجمع بين المسلمين بالإضافة إلى ذلك مشاعر وأهداف واحدة ، إذ أنهم تعرضوا جميعا لأوضاع متشابهة ، وتحديات تكاد تكون واحدة ، فهم يشتركون في كثير من الآمال والآلام .
أما ملايين المسلمين الذين يعيشون أقليات خارج حدود العالم الإسلامي فيعانون من مشاكل عدة ، ولكنهم ظلوا دائما يشعرون بانتمائهم إلى أمة الإسلام وبهويتهم الإسلامية ، وأنهم جزء لا يتجزأ من الكيان الإسلامي ، وتلوح في الأفق الآن تباشير تضامن بعض الدول والمنظمات الإسلامية معهم ، حيث بدأت تهتم بأمورهم ، وتعقد المؤتمرات والندوات لمناقشة ، ومحاولة إيجاد الحلول لمشاكلهم ، ومن تلك الجهود جهود منظمة المؤتمر الإسلامي ، ورابطة العالم الإسلامي ، والندوات العالمية للشباب الإسلامي ، وجهود بعض الجامعات والمؤسسات الأكاديمية .**
__________________

ضعف العالم الإسلامي

واجه الإسلامكثيراً من التحديات من أول ظهوره ، وتعرض لكثير منها – داخلية وخارجية – أثناء مسيرته ، ولكنه بقى واستمر وانتشر ، وظل ينتشر حتى يومنا هذا ، فالإسلام في الوقت الحاضر جبهة عريضة زاحفة ، وما استطاعت الأزمات والمصاعب أن تقضي عليه ، وإنما تغلب عليها كلها رغم ما أصابه وأصاب أهله من جراح ، واستمر الحال كذلك إلى أن دخل الوهن والزيغ إلى قلوب المسلمين ، فتغيرت أحوالهم وأصابهم الضعف ، وانتقل الإسلام وأهله من مواقع القيادة والريادة إلى موضع التبعية والهوان ، وكان وراء ذلك كله عوامل داخلية وخارجية ، أثرت على نقل العالم الإسلامي من ماضيه التليد إلى حاضره الأليم .
عوامل ضعف العالم الإسلامي :

هناك خلاف وجدل بين المفكرين المسلمين ، والمهتمين بأمر الأمة الإسلامية ، حول تحديد الأسباب التي أدت إلى تأخر المسلمين وضعفهم ، فقد رد أصحاب الدعوات والحركات الإصلاحية السلفية سبب تأخر المسلمين إلى ابتعادهم عن تعاليم دينهم الصحيحة ، وشيوع البدع والضلالات بينهم ، ثم إلى تشتتهم إلى فرق تصارع وتنازع بعضها بعضاً ، فتبددت طاقتهم المادية والفكرية ، وتمكن منهم عدوهم ... ويرى أصحاب هذا الرأي( الحلول) أن الرجوع بالإسلام إلى ماضيه التليد لن يكون إلا بالرجوع إلى صفاء الإسلام الأول ، وذلك لن يكون إلا بتنقية الدين من البدع والشوائب التي ألمت به ، وباعدت بين المسلمين وبين جوهر الدين الصحيح .

أما عن أصحاب الاتجاهات الحديثة في التجديد الإسلامي ، فقد أشار جمال الدين الأفغاني ، والشيخ محمد عبده أن سبب تأخر المسلمين يرجع إلى عزوفهم عن الأخذ بالمفيد من أساليب الحضارة الغربية ، وبالذات بالجانب التقني منها مع النهي والبعد في نفس الوقت عن التقليد الأعمى للغرب وحضارته ، خاصة في جوانبها الفكرية والثقافية .
أما الرأي الآخر الذي لا يمثل وجهة النظر الإسلامية الصحيحة فهو ما قال به بعض العلمانيين ممن يزعمون أنهم من مسلمين ونصارى العرب أن سبب تأخر المسلمين راجع إلى التعصب الديني ، وإلى عدم مواكبة الإسلام لروح العصر ، وغير ذلك من الترهات والأباطيل التي لا يرضاها مسلم غيور على دينه .
أما الأمير شكيب أرسلان ، الذي يمثل رأي الحادبين على مصلحة الإسلام والمسلمين فيُرجع تأخر المسلمين إلى أسباب عدة ، مثل الجهل والعلم الناقص ، وعدم الفهم الصحيح لمبادئ الإسلام ، والتخلق بأخلاقه السمحة ، ثم كذلك ضياع الإسلام بين الجامدين من علمائه ، والجاحدين عليه ... وهناك آخرون يعددون أسباباً أخرى بعضها سياسي ، مثل الانقسام السياسي لدولة الإسلام ، وبعضها أخلاقي تربوي ، مثل غياب حرية الفكر ، وتعميم المعرفة .
وكل هذه العوامل التي عددها أولئك الباحثون هي في الواقع عوامل داخلية ، ولعل معظمها ينحصر في ضعف التمسك بالعقيدة الإسلامية ، الأمر الذي أفقد المسلمين عنصر من عناصر وحدتهم وريادتهم ، وجعلهم يجهلون ثوابت عقيدتهم الإسلامية ، التي بها ساد المسلمون الأولون ، فتخلى بعض المسلمون اليوم عن الحكم بما أنزل الله ، وطبقوا الشرائع المدنية الوضعية بدلاً عن شرعهم الإسلامي ، فساد الاضطراب ، وفسدت الحياة ، فوقعت المجتمعات الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها تحت سيطرة أعداء الإسلام ، الذين عملوا على زيادة تشتت المسلمين وبث الأفكار الباطلة والهدامة بينهم ، فتصدع البنيان الإسلامي ، وتفرق المسلمون طوائف ونحلاً متفرقة متنافرة متحاربة .
1- الغزو المغولي ( التتري ) :

وما أدى إليه من تفكك الخلافة الإسلامية ، خاصة وأن تلك الخلافة كانت قد شهدت انقساماً سياسياً حاداً ، فقد شهد القرن الرابع الهجري /العاشر الميلادي , ظهور ثلاثة خلفاء في العالم الإسلامي : الخليفة العباسي في بغداد ، والخليفة الفاطمي في مصر ، والخليفة الأموي في الأندلس ، فكان أن تصدعت الوحدة الإسلامية ، فضعف العالم الإسلامي في مواجهة أعدائه ، ومن أولئك المغول والصليبين..
.. وكانت أحوال الخلافة العباسية من الضعف بمكان بحيث استطاع هولاكو الوصول إلى بغداد عاصمة دار الإسلام ، فأحدث فيها الخراب والدمار ، منهياً بذلك الخلافة العباسي في بغداد ، ثم تقدم نحو الشام ، فأحدث فيها ما فعله في العراق ، فسقطت له دمشق في عام 657 هـ ، واشتركت معه فرق نصرانية أرمنية ، وأفرنجية حباً في التشفي والانتقام من المسلمين ، فنظموا مواكب عامة ، وحملوا الصلبان ، وأخذوا يذمون الإسلام وأهله ، وأجبروا المسلمين على أن يقفوا احتراماً لمواكبهم ، وبلغ بهم الحد أن شربوا الخمر في رمضان ، ورشوه على ثياب المسلمين في الطرقات ، وهكذا ذُل الإسلام وأهله على أيدي المغول وحلفائهم النصارى حتى قيض الله للمسلمين المماليك في مصر الذين استطاعوا الوقوف أمام هذا الخطر ، وردوا المغول على أعقابهم ، فهزموا جحافلهم في معركة عين جالوت عام 658 هـ / 1260 م ، بعد أن كان المغول قد أسهموا في ضعف العالم الإسلامي وفي إنهاكه .
2- موقف اليهود من الإسلام:
فهناك عوامل تعود في أصلها إلى اليهود وموقفهم العدائي من الإسلام منذ ظهوره وحتى يومنا هذا ، وعدائهم للإسلام ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة ، بل في الجزيرة العربية كلها ، أمر تزخر به كتب السيرة والتاريخ ، فهناك مؤامراتهم ضد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ومحاولاتهم وقف الدعوة الإسلامية ، ببث الفرقة والخلاف بين المسلمين من جهة ، وبينه وبين أهل المدينة من جهة أخرى ، ثم نقضهم للعهود المبرمة معهم ، والصد عن الإسلام بشتى الوسائل .. بل إن عداءهم للإسلام وأهله استمر حتى عصرنا هذا ، وتمثل في موقفهم ودورهم في إسقاط الخلافة العثمانية ( كما يرى البعض ) ، وكذلك في الحركة الصهيونية ، وما قامت به من استلاب لأراضي فلسطين ، وتشريد أهلها ، ثم ماتقوم به من اعتداءات على الدول العربية والإسلامية المجاورة ، وعلى الحركات الإسلامية في تلك البلاد .
3- الحركة الصهيونية:
وتشكلت هذه الحركة التي تهدف إلى تجميع يهود العالم في كيان صهيوني في فلسطين استناداً على مزاعم دينية وتاريخية باطلة . وعلى استلاب الأراضي العربية لإقامة دولتها الكبرى التي تمتد من الفرات إلى النيل . تشكل تحدياً رئيسياً للإسلام والمسلمين ، لا يقل عن التحدي الصليبي الذي واجهه المسلمون ، ولا يزالوا يواجهونه حتى اليوم .
ويتمثل الخطر الصهيوني في ارتباط الصهيونية بالاستعمار . وتعاونها معهم بغرض تمزيق وحدة العرب والمسلمين ، والحيلولة دون وحدة العالم الإسلامي بالفصل بين قارتي آسيا وأفريقيا .. وكذلك محاولة إتمام الغزو الثقافي للعالم الإسلامي بتدمير كل قيمه وأنظمته وأخلاقه ، وإحلال أسلوب الإلحاد والإباحية والتسلط ، ثم بثها للفكر الماسوني المرتبط بها ، وذلك في محاولة لتدمير الدين. وللتنفيذ ما جاء في التوراة المحرفة من إقامة دولة إسرائيل الكبرى ، وفرض الهيمنة اليهودية والماسونية من أشد الأخطار التي يواجهها العالم الإسلامي اليوم ، إذ أنها تعمل في الخفاء ، وتبث سمومها بين أبناء المسلمين بأساليب ماكرة ملتوية قد لا يدركها الكثير من شباب المسلمين المثقف .
4- الحروب الصليبية:
وهي إحدى مظاهر عداء الغرب الصليبي للإسلام وأهله ، ولعلها التحدي الأكبر والذي واجهه العالم الإسلامي في القرون الوسطى ، والذي استغل ظروف الانقسام التي كان يمر بها ، فحاولت زرع كيان صليبي غريب في قلب ذلك العالم ، فكانت أول تجربة للاستعمار الغربي الحديث في الأراضي الإسلامية المقدسة ، فانتزعت بعض أراضيه وأقامت فيه ممالكها وإماراتها الصليبية ، وأدخلت ذلك الجزء من عالم الإسلام في دوامة حروب وصراع استنفذ جهوده ، وموارده الاقتصادية والبشرية ، مما أدى إلى الانهيار الذي تعرض له في أواخر القرون الوسطى .
وكانت الحروب الصليبية ( سنة 1099 م – سنة 1254 م ) في حقيقتها وسيلة لاستعمار الشرق الإسلامي والقضاء على الإسلام تحت شعار الدين ، وقد سبقها تمزق الوجود الإسلامي في الأندلس ، وتفرق حكامه ، ورجحان كافة الحكام النصارى عليهم ، وبدأت حروب الإسلام وأهله في حروب صليبية لا تقل شراسة عن الحملات الصليبية التي ستتوجه إلى الأراضي المقدسة في فلسطين ، وبدأت عمليات تفتيت المسلمين مادياً ومعنوياً بصورة بطيئة ، مع تجردهم بصورة مستمرة من مصادر قوتهم .. وتم عزل الأندلس عن قاعدته في المغرب الإسلامي ، ولكنه بالرغم من ذلك بقي يقاوم على مدى قرون عديدة ، إلى أن سقطت غرناطة آخر معاقل المسلمين عام 897 هـ / 1492 م بيد فرديناند وإيزابيلا ، فاغتصبت أرض الأندلس الإسلامية وأزيل الوجود الإسلامي منها تماماً وبشتى السبل ، وقد عانى المسلمون فيها معاناة قاسية ،
كما عانى إخوانهم في المشرق عندما تدفقت عليه جموع الصليبيين ، فاستولوا على عاصمة الأتراك السلاجقة المسلمين في نيقية سنة 491 هـ / 1097 م وكونوا في بلاد الشام ، وآسيا الصغرى ، إمارة الرها ، إمارة إنطاكية وإمارة طرابلس ، ومملكة بيت المقدس اللاتينية عام 492 هـ / 1098 م ، وضرب الصليبيون آنذاك مثالاُ للحقد على الإسلام والمسلمين ، فاتسم الغزو بروح التعصب ، والانتقام ، فقد سفكوا دماء المسلمين في الرها ، وإنطاكية ، وطرابلس ، وبيت المقدس ، ومن ذلك سفك دماء حوالي سبعين ألف مسلم أو يزيد في ساحة المسجد الأقصى من العلماء ، والطلاب والعباد ، والزهاد، وعملوا مثل ذلك في مدن المسلمين التي اجتاحوها ، ففي (( المعرة )) قتلوا جميع من كان فيها من المسلمين اللاجئين إلى الجوامع ، فأهلكوا ما يزيد عن مائة ألف إنسان في أكثر الروايات .
وهكذا استطاعت الحروب الصليبية التي استمرت قرنين في المشرق ، استنزاف جميع القوى البشرية ، والمادية في منطقة الشام ومصر ، فضعفت أوضاع المسلمين الاقتصادية ، وتناقصت الثروة ، بالإضافة إلى الخراب والدمار الذي حل بالمسلمين وبخاصة في الشام ، ومصر ، وآسيا الصغرى ، وتونس ، والأندلس ، كما أن تلك الحروب كانت مقدمة للاستعمار الأوروبي الحديث ، ولكل ما نتج عن ذلك الاستعمار من آثار سلبية في كل أنحاء العالم الإسلامي ثقافياً ، وسياسياً ، واقتصادياً ، واجتماعيا **ً .


يتبع >>
  رد مع اقتباس
قديم 2011- 11- 23   #92
الغَـدَقْ
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية الغَـدَقْ
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 28090
تاريخ التسجيل: Thu Jun 2009
المشاركات: 3,590
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 6210
مؤشر المستوى: 104
الغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to behold
بيانات الطالب:
الكلية: KF University
الدراسة: انتساب
التخصص: Business administration
المستوى: المستوى الثامن
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
الغَـدَقْ غير متواجد حالياً
Thumbs up ملخصات حاضر العالم الاسلامي


5- الاستعمار الأوروبي:
فقد بدأت حركة التوسع الأوروبي أول ما بدأت كنتيجة لحركة الكشوف الجغرافية التي بدأت في القرن الخامس عشر الميلادي ، والتي كانت ترمي إلى تطويق العالم الإسلامي اقتصادياً وعسكرياً بهدف إضعافه والسيطرة على تجارة الشرق التي كان المسلمون هم القائمون بأمرها ، وتحويل تلك التجارة – عن هذا الطريق الجديد – إلى أيدي البرتغاليين وغيرهم من الأوروبيون حرماناً للتجار المسلمين منها ، وللدول الإسلامية المستفيدة – كمصر مثلاً – من ريعها وفوائدها الاقتصادية ، بل إننا نذهب أبعد من ذلك ، فنقول إن الروح الصليبية الرامية إلى ضرب المسلمين ضربة أخيرة ، والقضاء على الإسلام قضاء مبرماً كانت بادية وواضحة في حركة الكشوف الجغرافية ، فقد كان قادة البرتغال مدفوعين بتلك الحروب الصليبية ، حيث إنهم اعتبروا أنفسهم مكلفين بالثأر للحملات الصليبية الفاشلة ،
فكان هدفهم مزدوجاً : انتزاع تجارة التوابل والبهارات من أيدي المسلمين ، وتطويق العالم الإسلامي استراتيجياً واقتصادياً كخطوة أولى نحو إضعافه ، وإحلال النصرانية محل الإسلام فيه ، وقد تمكنوا بالفعل من تحويل طريق التجارة عن بلاد الشام والبحرالمتوسط ، إلى المحيطات الكبرى : الأطلسي والهندي والهادي ، فأدى ذلك إلى إضعاف تجارة المسلمين ، وصناعتهم ، وزراعتهم ، وأخيراً إلى ضعفهم الاقتصادي والعسكري والسياسي ، الأمر الذي مهد إلى فرض الهيمنة الأوروبية عليهم ، والتي أدت في نهاية الأمر إلى مرحلة الاستعمار الأوروبي الحديث على معظم بلدان العالم الإسلامي .
وقد اتخذ هذا الاستعمار الحديث أشكالاً عدة منها الاحتلال العسكري ، والهيمنة الاقتصادية عن طريق الشركات ، والقروض والاحتكار .. إلخ ، واتخذ كذلك شكل الحماية ، والانتداب والوصاية ، ولعل أهم أنواع هذا الاستعمار الحديث والمعاصر وأدومها ، وأكثرها خطراً ، فهو الاستعمار الفكري الذي لا يزال العالم الإسلامي يعاني من ويلاته .
وقد تنافست الدول الأوربية في استعمار العالم الإسلامي , فمثلاً استعمرت بريطانيا ماليزيا , وشبه القارة الهندية , وسواحل الخليج العربي , وجنوب الجزيرة العربية , ومصر , والسودان,ثم العراق , وشرقي الأردن وفلسطين , وبعض البلدان الأفريقية التي تضم أكثريات إسلامية مثل نيجيريا , وتنزانيا , ودول أخرى مثل غانا , وأوغندة ... الخ , واستعمرت فرنسا العديد من بلدان العالم الإسلامي مثل المغرب , والجزائر , وتونس , ثم سوريا ولبنان , وموريتانيا وتشاد , ومالي , والسنغال , وغيرها , واستعمرت إيطاليا ليبيا , وجزءاً من الصومال وأرتيريا ... واستعمرت أسبانيا الريف المراكشي , والصحراء المغربية , وإقليم مورو الإسلامي في الفلبين.
وأما هولنده فاستعمرت إندونيسيا وسيطرت روسيا على تركستان الغربية , والأراضي الإسلامية في آرال , وشبة جزيرة القرم , وبلاد القفقاس ( القوقاز ) , وامتد نفوذها حتى شمالي إيران , وهكذا وقعت معظم العالم الإسلامي تحت سيطرة الاستعمار الأوروبي الإمبريالي , العسكرية , والسياسية , الاقتصادية , والثقافية , وكان لهذه السيطرة نتائج مدمرة أثرها باق معنا حتى الآن , كما له دوراً أسياسياً وفاعلاً في إضعاف الإسلام والمسلمين .
6- حركتي الاستشراق والتنصير:
وما تقومان به من هدم فكري ثقافي في أوساط المسلمين ، بهدف طمس هويتهم ، وإحداث أزمة ثقة بالنفس في أوساطهم ( وسيأتي الحديث لاحقاً عن كلا الحركتين ) .
7- دعوات الإلحاد الآتية من خارج العالم الإسلامي:
كالشيوعية مثلاً ، والتي تبث سمومها بين أفراد الأمة الإسلامية ، كالقاديانية ، والبهائية وغيرهما ، وكلها ترمي إلى هدم العقيدة الإسلامية ، ومن ثم إلى فك عرى وحدة المسلمين ، بغرض إضعافهم ، وتمهيد السبيل لسيطرة المستعمرين عليهم .
نتائج ضعف العالم الإسلامي :

لقد تكالبت كل هذه العوامل على تنوعها في إضعاف العالم الإسلامي، واتخذ هذا الضعف عدة مظاهر ، منها :
أولاً : الابتعاد عن تطبيق الشريعة الإسلامية :
بضعف العالم الإسلامي تخلى المسلمون عن دورهم الريادي في قيادة البشرية ، وتخلوا عن واجباتهم وتبعاتهم الإسلامية ، وقعدوا عن إعمال العقل ، ففترت فيهم روح الاجتهاد ، وركنوا إلى التبعية والتقليد ، وانقطعت صلتهم بماضيهم وإرثهم الإسلامي ، وشملهم الجمود ، وقلت فيهم روح التجديد والإبداع ، بل دار علماؤهم حول ذلك الماضي ، وعكفوا على نصوص الماضين ، وعلى كتبهم يعجبون بها ، ولا يتعلمون منها ، ويقفون عاجزين أمامها ، ينزلونها أحياناً منزلة العصمة والقداسة ، فماتت في الأمة روح الإبداع والابتكار ، ومواكبة العصر ، ومواجهة تحدياته .
وعندما بدأ العالم الإسلامي يفيق من غفوته ، وينفض عنه غبار الجمود منذ أواخر القرن الثاني عشر الهجري / الثامن عشر الميلادي ، نتيجة للحركات السلفية الإصلاحية ، كحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نجد ، والحركة السنوسية في ليبيا ، والحركة المهدية في السودان ، والحركات السلفية في الهند ، وحركة عثمان دان فوديو في غرب أفريقيا – في ذلك الوقت كان الاستعمار الغربي قد بدأ يمد سيطرته على عالم الإسلام ، مستعيناً بحركات التنصير ، فاشتد التحدي، ولم شعث المسلمين ، وبث الحياة من جديد في أوساطهم ، وإعادة الثقة إلى نفوسهم ، وكان نجاحها محدوداً في مناطق محدودة .
وقد بدأ الاستعمار حربه ضد الإسلام والمسلمين بإبعادهم عن تراثهم الفكري الإسلامي ، فبدأ بالشريعة الإسلامية ، فأبعدها عن كافة مناحي الحياة الفعلية ، وأخذ يشوه معالمها فكرياً ليصرف المسلمين عنها ، وقد عمل فعلاً على إلغائها تدريجياً ، واستبدالها بالقوانين الوضعية ، باستثناء قانون الأحوال الشخصية ، فعل ذلك في الهند عندما تمت له السيطرة على تلك البلاد ، وألغاها في السودان حينما قضى على الثورة المهدية في عام 1317 / 1899 م ، وكذلك فعلوا في كل مستعمراتهم الإسلامية – الآسيوية منها والأفريقية ولم يقف الحال عند هذا الحد بل امتد تآمر الاستعمار الغربي إلى طمس معالم الحكم الإسلامي في الدولة العثمانية ، وامتدت حركة استبدال الشريعة الإسلامية بقوانين وضعية أخرى إلى مصر ، وذلك منذ أن دخلها نابليون غازيا ومستعمراً في عام 1798 م ، واستمرت حركة التبديل والتحديث – كما أسموها – على عهد محمد علي وأبنائه ، واكتملت حلقات التآمر على الشريعة عندما احتل البريطانيون مصر عام 1882 م ،
وكذلك كان حال بلاد الشمال الأفريقي تحت حكم الاستعمار الفرنسي ، ففي تونس طبق القانون الوضعي المقتبس من القوانين الفرنسية عام 1333 م / 1924 م ، ولم يكن الحال في المغرب والجزائر بأسعد منه في تونس ، حيث بدأت فرنسا في تعطيل أحكام الشريعة في كلا البلدين ، وإحلال الأعراف البربرية ، والقبلية محل القوانين الشريعة الإسلامية ، كوسيلة للقضاء على الكيان المغربي ، والهوية الإسلامية في المغرب والجزائر ، وربما أخرج القبائل البربرية من الإسلام ، لأن الفرنسيين كانوا موقنين أن التخلي عن التحاكم لغير الشريعة الإسلامية هو في الواقع تخل نهائي عن الإسلام .
وهكذا أبطل العمل بالشريعة الإسلامية في معظم البلاد الإسلامية التي وقعت فريسة للهيمنة الاستعمارية ، وزج العمل بها في زاوية ضيقة هي زاوية الأحوال الشخصية ، والتي يحاول العلمانيون والمتغربون من أبناء الأمة الإسلامية إبطال العمل بها ، وقد نجحوا في ذلك في بعض البلدان الإسلامية .
ثانياً : إلغاء الخلافة العثمانية وانحلال الوحدة الإسلامية :

الدولة العثمانية هي آخر دول الإسلام الكبرى التي عرفها العالم في عصوره المتأخرة امتدت على ثلاث قارات : آسيا ، وأوروبا ، وأفريقيا ، وحمت الإسلام في وقت كان فيه الصليبيون والبرتغاليون يهددونه من جهة الجنوب الشرقي ، والروس من جهة الشمال ، كما أن الدولة العثمانية حملت راية الإسلام إلى منطقة البلقان ، وأزالت الدولة البيزنطية من الوجود حين فتحت عاصمتها القسطنطينية في عام 857 هـ / 1453 م والتي استعصت على المسلمين ما يربو على الثمانية قرون ، وهكذا جُعلت القسطنطينية عاصمة لدار الإسلام ، وحمل سلاطينها العظام الإسلام حتى أبواب فينا عاصمة إمبراطورية الهابسبرج آنذاك ، وحملوا أيضاً إلى جنوب روسيا ، وساحل بحر الأدرياتيك ، وبجهودهم عم الإسلام ما يعرف اليوم بدول أوروبا الشرقية ، بل إنهم هددوا أوروبا الغربية ذاتها حينما حاصروا فينا مرتين ، وفينا كانت هي بوابة أوروبا الغربية من ناحية الشرق ، ولو سقطت لهم لانفتح الباب أمام الإسلام ، فعم معظم أجزاء أوروبا الغربية وربما وصل حتى أًصقاع اسكتلندا الشمالية كما توقع أحد المستشرقين .
ظلت الدولة العثمانية هي القوة الحارسة للعالم الإسلامي لفترة أربعة قرون كاملة ، فقد حفظت للشمال الأفريقي إسلامه عندما وقفت ضد أطماع الصليبين الأسبان ، الذين حاولوا استعماره بعد أن قضوا على الدولة الإسلامية في الأندلس .. كما أن السلاطين العثمانيين جعلوا من البحر الأحمر بحر إسلامياً ، وحرموا على السفن النصرانية الملاحة فيه ، وذلك لإطلالته على الأماكن الإسلامية المقدسة في الحجاز ، كما أنهم حاولوا – مع الدولة المملوكية – صد الخطر البرتغالي عن ذلك البحر ، عندما بدأ البرتغاليون يبسطون نفوذهم على بعض سواحله ، في محاولاتهم الهيمنة على تجارة الشرق ( تجارة التوابل إلخ ) التي كانت في أيدي التجار المسلمين ، .
ولقد كان لجهود الدولة العثمانية تلك وغيرها من الجهود الفضل الأكبر في حفظ قلب العالم الإسلامي من الزحف الاستعماري الصليبي الأوروبي لمدة ثلاث قرون ، ظلت خلالها دعوة الإسلام تواصل انتشارها في أنحاء العالم وبخاصة في جنوب آسيا ، وجزر الهند الشرقية ، والشرق الأقصى ... ويجب أن لا ننسى هنا مواقف وجهود السلطان عبد الحميد الثاني من المطامع الصهيونية في فلسطين ، ورفضه السماح لليهود بالهجرة إلى فلسطين رغماً عن إغراءاتهم المالية له في وقت كانت الدولة .العثمانية تعاني من ضائقة اقتصادية خانقة
ومهما قيل عن الدولة العثمانية من جانب بعض الكتاب القوميين – العرب ، والعلمانيين ، السائرين في ركاب المفاهيم الغربية ، من أنها دولة استعمارية أخضعت الشعوب بالقسر والقوة ، وكبتت الحريات إلى غير ذلك من المساوئ التي يعددها أولئك المنساقون وراء كتاب الغرب ، إلا أن الثابت تاريخياً الآن هو أن تلك الدولة العثمانية ذادت عن حمى الإسلام وأسست خدمات جليلة له وللمسلمين على امتداد تاريخها ، وتكفي الإشارة إلى أنه في كنفها تحقق لجزء كبير من العالم الإسلامي وحدة إسلامية لم يشهدها في عصوره الحديثة ، فقد ظلت المنطقة من العراق شرقاً إلى مراكش غرباً تنعم بالوحدة ، والهدوء والاستقرار ، وظل المسلمون أعزاء في ديارهم تلك ، وظلت الخلافة العثمانية قوة يهابها أعداء الإسلام ، ويحسبون لها ألف حساب.
ولقد حاولت أوروبا إيقاف الخطر العثماني ، ووضع حد للفتوحات العثمانية بعقد تحالفات بين بعض دولها ، بل ومحاربة العثمانيين مرات عديدة ، إذ كانت أوروبا تخشى أن تتكرر أحداث التاريخ فيعود للمسلمين مجدهم وعزهم في ظل الخلافة العثمانية التي تجسدت فيها وحدتهم ، فظلت تعمل من أجل القضاء على الخلافة بسبل دبلوماسية أحياناً ، وحربية أحياناً أخرى.
وقد أدى هذا الصراع المستمر بين الدولة العثمانية وأعدائها الأوروبيون – إلى جانب عوامل اقتصادية وسياسية داخلية وخارجية – إلى ضعفها ، وبداية تدهورها ، الأمر الذي أدى إلى ظهور ما عرف " بالمسألة الشرقية " ، والتي كانت تعني ببساطة طرد العثمانيين من ولاياتهم الأوروبية ، كخطوة أولى في عملية تحجيم الخطر الإسلامي ، والقضاء قضاء مبرماً على الخلافة العثمانية ، والتي ما فتئت دول أوروبا تتكالب عليهما ، وتعمل على إضعافها حتى جعلت منها ما أسمته في النهاية " برجل أوروبا المريض " والذي كانت تسعى جاهدة إلى قتله ، والاستيلاء على أراضيه كلها .
ويمكن القول بأن الفترة التي أعقبت السلطان عبد الحميد وتولي الاتحاديين للحكم هي الفترة التي تمكن فيها الاستعمار ورجال الحكم العثماني ( الاتحاديين ) على العمل التدريجي لتصفية الدولة العثمانية ، فقام الاتحاديون بإتباع سياسات قومية طورانية باعدت بينهم وبين عناصر الولاء من المسلمين ، من عرب وألبان وغيرهم ، وحلت عرى الوحدة الإسلامية التي كانت تجمع شتى رعايا الدولة ، كما أنهم قاموا بإضعاف الخليفة ، فجعلوه رمزاً أشبه بأسير في أيديهم ، وكذلك مكنوا للقوى الأوروبية الطامعة في دولتهم ، وانساقوا وراء مخططاتها الرامية إلى إزالة الخلافة العثمانية مصدر وحدة المسلمين وقوتهم ، ومصدر خوف أوروبا وقلقها .
وكان بداية التآمر على الخلافة يوم أن أعلنت الجمعية الوطنية التركية في عام 1341 / 1923 م قيام الجمهورية في تركيا ، وانتخبت مصطفى كمال أول رئيس لها ، ففصلت بذلك بين السياسة وبين الخلافة ، وجعلتها رمزاً دينياً لا غير ، الأمر الذي مكن مصطفى كمال – بمساندة بعض القيادات التركية العلمانية نهائيا ً في 2 مارس 1924 م / 1342 هـ ، مقدماً بذلك أعظم هدية للغرب الأوروبي النصراني ، وقد أثار ذلك الإلغاء موجة من الاستياء الشديد عمت العالم الإسلامي كله ، في الهند ، ومصر وغيرهما ، وقد جرت بعض المحاولات لإحياء الخلافة من جديد ، ولكن الأحوال لم تكن ملائمة لإحيائها .
ويبدوا أن مصطفى كمال عندما ألغى الخلافة كان ينفذ مخططاً غربياً مرسوماً له ، نصت عليه اتفاقية لوزان 1340 هـ / 1923 م التي فرضت على تركيا شروطاً للصلح معروفة بشروط لوزان الأربع وهي :
1- قطع كل صلة لتركيا بالإسلام .
2- إلغاء الخلافة الإسلامية .
3- إخراج الخليفة العثماني من البلاد ، ومصادرة أملاكه ، وإخراج أنصار الخلافة من المسلمين المتحمسين لها ، والتعهد بإخماد كل حركة موالية للخلافة .
4- اتخاذ دستور مدني بدلاً من دستور تركيا القديم القائم على الشريعة الإسلامية .
وقد قبل مصطفى كمال هذه الشروط ، ليس مجبراً وإنما عن اعتقاد تام منه ، ونفذ بنودها تنفيذاً حرفياً وبكل إخلاص ، فعمل من بعد إلغاء الخلافة على إبعاد تركيا – بإصلاحه المزعوم – عن العالم الإسلامي ، وعن ماضيها الإسلامي ، بل إنه حارب الإسلام ذاته في تركيا وحارب المسلمين الحادبين على دينهم هناك ، فألغى التعليم الديني ، وحارب وقتل رجاله ، وألغى وزارة المحاكم الشرعية ، وغير المناهج التعليمية إلى مناهج مناهضة للدين ، وباختصار قام بعمل كل ما يجعل تركيا بلداً علمانياً محضاَ ، بعد أن كانت مقراً وكياناً للخلافة الإسلامية ، فكانت تلك إحدى الضربات القاسية التي وجهت للإسلام ، والتي لا يزال العالم الإسلامي يعاني من آثارها .
وظلت حكومة مصطفى كمال ( غير اسمه لكمال أتاتورك ) تنفذ مخططها الرامي إلى محو الإسلام من تركيا كخطوة أولى نحو إلحاقها بالغرب الأوروبي – دولة تابعة له ، سائرة في ركابه.
وتمادى بعد ذلك مصطفى كمال في حربه للإسلام ، فحدد عدد المساجد وعدد الوعاظ فيها ، وحتى خطبة الجمعة حدد لها موضوعاتها ، كأن تتعرض بالمدح والإطناب لسياسات الحكومة الزراعية والاقتصادية وغيرها ، ثم ألغى الشريعة الإسلامية وأحل محلها القانون المدني الوضعي ، واستبدل التقويم الهجري بالتقويم الميلادي ، وحتى العطلة الرسمية غيرها من يوم الجمعة إلى يوم الأحد ، وتدخل في زي الناس ولباسهم ، فأمر بلبس القبعة تشبهاً بالأوروبيين ، بدلاً عن زي الرأس العثماني ، ومضى ليستبدل أحرف اللغة العثمانية العربية بالأحرف اللاتينية ، محاولاً في كل ذلك قطع صلة تركيا بماضيها ، وبتراثها الإسلامي ، إلى الحد الذي ألغى فيه الحجاب الإسلامي ، وهكذا كانت بداية انقطاع تركيا عن عالمها الإسلامي ، واتجاهها نحو أوروبا ، ونحو علمانية مطلقة **،
__________________
أثر غيبة الخلافة :

كان لغياب الخلافة أثر بالغ في واقع الأمة السياسي ويمكن حصره فيما يلي :
أولاً : غياب دولة الإسلام الكبرى .
ثانياً : غياب الدولة التي كانت تظل المسلمين وتجمع شملهم ، وتدفع عنهم ، وتحمل دينهم إلى أراض جديدة ( الفتوحات الإسلامية).
ثالثاً : غياب الدولة التي كانت ترهب عدو الله وعدوهم ، إذ أن القوى العالمية كانت تحسب لها ألف حساب ، حتى بعد ضعفها وتهورها .
رابعاً : غياب الدولة التي عرف اليهود وتأكدوا أنه لا سبيل لهم إلى فلسطين إلا بتحطيمها ، وذلك واضح من تصريح أحد قادتهم حين قال : " إن الأفعى اليهودية لابد أن تمر بالأستانة ( اسطنبول )في طريقها إلى فلسطين " .
أضف إلى ذلك أنه – وكما أسلفنا – انفتح الباب أمام حركة " التغريب " ، وأمام إشاعة التقاليد والثقافة الغربية بغرض تحطيم الإسلام وقيمه ، والتمكين للاستعمار في شتى صوره ، وبدأت الحركات الإسلامية الإصلاحية داخل العالم الإسلامي تتعرض لضغوط وتحديات جديدة لا قبل لها بمواجهتها ، كلها ترمي إلى إضعافها ، والفت في عضدها ، ثم القضاء عليها كلية ، ذلك أن الغرب الصليبي ما كان يسمح مرة أخرى بقيام دولة الإسلام ، بل كان يخطط دائماً وبكل السبل لمحاربة كل خطوة قد تؤدي على ذلك ، سواء كانت تلك الخطوة في صورة دعوات إلى تضامن إسلامي ، أو إلى جامعة إسلامية ، أو حتى إلى دعوة تدعو إلى تطبيق جدي للشريعة الإسلامية ، وقيام دولة إسلامية .
وبسقوط الخلافة واجه الغرب الصليبي الأمة الإسلامية بالتحدي الكبير ، فنشط الاستشراق ، والتنصير ، وبدأت المحاولات الجادة لإبعاد المسلمين عن دينهم ، وعن قيمه ، وبدات الحركات والدعوات الرامية إلى التشكيك في مقدرة ذلك الدين على التكيف مع ظروف الحياة العصرية ، وغيرها من الدعوات الباطلة والتي كانت تهدف أساساً إلى هز ثقة المسلمين في أنفسهم ، وفي دينهم ، وفي هويتهم الحضارية الإسلامية حتى تسهل السيطرة عليهم فكرياً ، وسياسياً ، واقتصادياً ، فيتمكن الاستعمار من الهيمنة على بلادهم ، واستلاب خيراتها ، وإبقائهم شتاتاً – ضعيفاً ممزقاً – لا حول ولا قوة لهم .. أقناناً ، وعبيداً له ، لا يجرؤون – حتى على التفكير – من الانفكاك من قبضته .
وبانهيار الخلافة والتي هي من أعظم واجبات الدين ، انحل أمر الجماعة الإسلامية ، وأصابتها الخطوب والمصائب ، فقد عاش المسلمون في ظل الخلافة ثلاثة عشر قرناً ونصف قرن ، ورأوا فيها حامياً لعقيدتهم ، ورمزاً لوحدتهم ، وظل الخليفة في نظر المسلمين قائماً برعاية شئونهم ، ومسئولاً عن الدفاع عن ثغورهم ، وحامياً لأحكام الدين ، ومنفذاً لشرائعه ، ولذلك جاء إلغاء الخلافة العثمانية حدثاً زلزل القلوب ، وهز وجدان المسلمين ، وكان له آثار مفجعة في حياة المسلمين ، منها غياب الدولة التي حمتهم وربطت برباط الإسلام بين الترك والعرب ، ليقفوا في وجه مطامع الصهيونية التي كانت تخطط لاحتلال الأرض المقدسة فلسطين .
ومن آثار سقوط الخلافة العثمانية – كما أسلفنا – إلحاق تركيا رسمياً بدول المعسكر الأوروبي الغربي ، وقطع كل صلة لها بماضيها التاريخي ، وبعالمها الإسلامي .
ومنها قيام دويلات مدنية جديدة ذات دساتير وضعية وعلمانية في شتى أنحاء العالم الإسلامي ، تقوم على أساس قومي ، وتسعى إلى تنظيم روابطها مع جاراتها على أساس قومي متخلية تماماً عن رابطها الإسلامي .
ومنها تسلط المستعمرين المتربصين على ما تبقى من أملاك الخلافة العثمانية ، واقتسامها فيما بينهم ، فاحتل الفرنسيون سوريا ولبنان ، وكما احتل البريطانيون العراق وفلسطين والأردن ، هذا في عالم العرب ، ناهيك عن السيطرة الاستعمارية على أجزاء واسعة أخرى من عالم الإسلام .
ولعل المأساة التي عانى منها العالم الإسلامي ، ولا يزال يعاني منها حتى الآن – وكانت ثمرة مرة لسقوطه الخلافة العثمانية هي مأساة فلسطين والتي لم تستطع الصهيونية العالمية استلابها إلا بعد التآمر على السلطان العثماني ، والعمل على إسقاط الخلافة ، والخلاص من الرابطة الإسلامية ، فانفك عقد الأمة الإسلامية ،ووقعت فريسة للغزو الاستعماري السياسي والعسكري والاقتصادي والفكري ، والذي كان يخشى اتحاد المسلمين من جديد ، تحت راية الخلافة ، أو رايات التضامن الإسلامي ، أو رايات الصحوة الإسلامية التي كانت تنادي بإعادة الإسلام من جديد في حياة الأمة الإسلامية ، ومن ثم عمد الاستعمار على إبقاء المسلمين وحدات متفككة متنازعة ، لا يجمعها رابط ، ولا تجمعها هوية إسلامية مشتركة .
ولولا هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى ، لما تحقق للدول الأوروبية المتحالفة " دول الحلفاء " ، مآربها في تقسيمها الأملاك العثمانية في أوروبا وأسيا فيما بينها ، ثم فرض هيمنتها الاستعمارية عليها ، ومن بعد ذلك استعمار بلاد أخرى من بلدان العالم الإسلامي ، وكان ذلك الاستعمار هو الطامة الكبرى التي نزلت ببلاد المسلمين ، فقد كان همه الأول هو حرب الإسلام وأهله ، في دينهم ، وفكرهم ، وهويتهم ، بغرض القضاء على الإسلام قضاءاً تاماً ، فهو في نظر المستعمرين العدو الأول الذي لو عاد من جديد ، فاستعاد قوته وحيويته ، فلن تقوم للاستعمار على إقصائه عن الساحة إقصاءً تاماً ، وأن يجتهد في إضعاف المسلمين بشتى الوسائل – فيبث بينهم الأفكار الهدامة ، والدعوات التي تدعى الإسلام وهي في الواقع تعمل على هدمه من الداخل ، وينشر بينهم فكره العلماني ، فيحاول أنصاره وأعوانه من المستشرقين والمنصرين والمتغربين – التشكيك في الإسلام وفكره ، في محاولة لإضعاف العقيدة الإسلامية في نفوس المسلمين ، فتهتز ثقتهم في دينهم ، وفي ذاتيتهم .. قيسقطون فريسة وغنيمة سهلة للسيطرة الاستعمارية .
وسائل الاستعمار في إضعاف العالم الإسلامي

عاشت غالبية الدول الإسلامية فترات متفاوتة في القصر والطول تحت هيمنة الاستعمار الغربي الذي استغل ثرواتها ، وسخرها لخدمة مصالحة الاقتصادية والسياسة ، بل ربطها اقتصادياً باقتصاده ، وعلى الرغم من أن هذه المرحلة – مرحلة الاستعمار التقليدي – قد انتهت ، إلا أن العالم الإسلامي يعيش اليوم مرحلة الاستعمار الحديث ، وهو استعمار أخطر وأدهى من الاستعمار الأول ، لأنه يريد تحطيم عقيدة وهوية الأمة الإسلامية بكافة الوسائل والسبل ، ونتناول في هذا الفصل أبرز تلك الوسائل :
المخطط السياسي والاقتصادي :

ويرمي إلى السيطرة على الشعوب الإسلامية عن طريق الهيمنة السياسية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة ، فالاستعمار الحديث مثلاً يريد فرض سيطرته –عن بعد – على اقتصاد الدول الإسلامية، بإبقائها الحديث فقيرة ، معتمدة عليه دائما ، فيسهل استعبادها ، وهو يرمي أيضا إلى تعزيز سيطرته عن طريق إيقاع الفتنة والشقاق بين دول العالم الإسلامي ، باصطناع عملاء له من المسلمين لتنفيذ أغراضه ، مثل زرع التمرد على السلطة ، وبإحداث الفتنة والبلبلة في صفوف المسلمين ، وعلى العادات والتقاليد ,وأخيرا – وهذا هو الأهم – بربط دار الإسلام اقتصاديا بالدول الاستعمارية عن طريق التكتلات الاقتصادية ، واحتكار المال ، وإدخال البلاد في نطاق عملة البلد المستعمر ، ثم بتقديم المعونات الاقتصادية المشروطة للبلاد لتبقي مكبلة دائما تحت سيطرته .
أما سياسياً فقد أعطى المستعمرون للبلاد التي استعمروها بعد أن خرجوا منها ما سمي "بالاستقلال المميز " ، وذلك أنهم سلموا الحكم لفئات تعلمت في مدارس إرساليته ، وتشربت حضارته ومبادئها الغربية المادية ، فنشأت غريبة عن وسطها الإسلامي ، وبعيدة عن إرثها الحضاري الإسلامي ، علمانيين في أفكارهم ، غربيين في توجهاتهم ، محاربين لعقيدة أمتهم الإسلامية بشتى السبل ،وعندما سلم المستعمرون أولئك مراكز القيادة والتوجيه ، لم تتغير الحال كثيراً بعد هذا الاستقلال المزيف ، بل ظلت البلاد تعاني آثار الغزو الفكري ، والتسلط السياسي والاقتصادي ، وتتخبط في مسيرتها – في معظم الأقطار الإسلامية – بعيداً عن هدي دينها وشريعتها السمحة .
ووقع الصراع في كثير من البلدان الإسلامية نتيجة التبعية السياسية ، والمحاور المتنافرة التي ترتبط بها هذه البلاد ، ونتيجة للمشاكل التي زرعها المستعمرون في كل بلد من البلاد التي سيطروا عليها ، فهناك مشاكل الحدود المصطنعة والتي صارت مشاكل مزمنة بين الأقطار الإسلامية المتجاورة ، وحالت بين التعاون فيما بين تلك الأقطار ، والأمثلة لذلك كثيرة ، الصومال مع جيرانه ، العراق وإيران ، سوريا وتركيا ، الهند وباكستان ، بنغلاديش والهند ، وكشمير ، اليمن وعمان وغيرها من الأمثلة .
كما كان لهذه الأقطار أن تكتوي بنار الصراع العالمي لحساب غيرها من الدول الكبرى التي تتسابق إلى الثروات والمصالح في العالم الإسلامي ، وتعمل على أن يبقى هذا العالم مسلوب الإدارة ، مستنزف الموارد موزع الولاءات ، بعيداً عن عقيدته الصحيحة ، ومثله القويمة التي ترسم له طريق الخلاص من كل ألوان التبعية ، وتدفعه نحو بناء الأمة القوية التي تحمي استقلالها وثرواتها من كل طامع أثيم .
وكما اقتسم المستعمرون العالم الإسلامي ، ومزقوا أوصاله ، فقد شجعوا الأحزاب القومية ، والطائفية والإلحادية التي عملت على تمزيق البلاد بتناحرها وولائها للأجنبي خدمة لمصالحة ، كما أبعدوا مفهوم الجهاد وحاربوه بكل الوسائل ، وجاءت الولايات المتحدة الأمريكية لترث الاستعمار ، فمارست كل الممارسات الاستعمارية السابقة ، ولكن عن بعد ، وبذكاء ، وبأساليب حديثة ، كالدعوة إلى " العولمة " ، وإلى بسط سلطان المؤسسات المالية التي ترعاها وتهيمن عليها ، كالبنك الدولي ، وكمؤسسة النقد العالمية ، وما شاكلها من مؤسسات عالمية أمريكية ، وكانت أمريكا – المستعمر الخفي الجديد – كما كانت الدول الاستعمارية القديمة تدرك أن الخطر الأعظم عليها وعلى مخططاتها هي الوحدة الإسلامية ، ومن ثم كان همها الأول أن تعمل لمنع تلك الوحدة ، أو التضامن الإسلامي ، وتشجيع كل ما يساعد على ذلك المنع ففرزت ما من شأنه ترسيخ التبعية السياسية في مجال الحكم ، والاقتصاد والفكر .
  رد مع اقتباس
قديم 2011- 11- 23   #93
الغَـدَقْ
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية الغَـدَقْ
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 28090
تاريخ التسجيل: Thu Jun 2009
المشاركات: 3,590
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 6210
مؤشر المستوى: 104
الغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to behold
بيانات الطالب:
الكلية: KF University
الدراسة: انتساب
التخصص: Business administration
المستوى: المستوى الثامن
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
الغَـدَقْ غير متواجد حالياً
Talking ملخص حاضر العالم الاسلامي

يتبع >>


المخطط الفكري – الغزو الثقافي :

يرتكز هذا المخطط على نشر الأفكار التالية بين المسلمين في محاولة لزرع الشك في دينهم الإسلامي ، ثم في النهاية التخلي عنه كنظام متكامل للحياة ، وهذه الأفكار هي :
1- الفكر العلماني .
2- حركة التنصير .
3- حركة الاستشراق .
4- بث الفكر السياسي الغربي – كالفكرة القومية ، والاشتراكية ، والشيوعية ، وما شابه ذلك من أفكار .
وهدف الاستعمار الغربي من وراء كل هذه المخططات سياسية كانت أم اقتصادية ، أو فكرية ، هو تأكيد قبضته ، وهيمنته على أرض المسلمين ، وعلى عقولهم وقلوبهم ، ومحاولة إضعاف دينهم ، وفكرهم الإسلامي ، وتشكيكهم فيه ، حتى يبقى العالم الإسلامي خلواً من أي توجيه أو فكر أصيل ، وليبقى الباب مفتوحاً أمام الفكر الغربي العلماني ، فيتسنى للمستعمرين السيطرة على ذلك العالم وعلى أهله .
وهذا الأسلوب هو ما عرف بالغزو الفكري ، والذي يعتمد الوسائل غير العسكرية ، وغير المباشرة لإزالة مظاهر الحياة الإسلامية ، وصرف المسلمين عن التمسك بدينهم ... وسلاح هذا الغزو هو : الفكرة ، والحيلة ، والرأي ، والنظريات ، والشبهات – ثم حرب شاملة ممتدة إلى شعب حياة المسلمين كلها .
وقد أدرك الاستعمار أن هزيمة المسلمين لن تكون بالسلاح ، ولكن تكون بحربهم في عقيدتهم التي هي مكمن القوة فيهم ، وبإحداث فراغ فكري بين أبناء الأمة الإسلامية ، وباقتلاع الأمة ذاتها من جذورها الحضارية ، وذلك عن طريق إظهار تهافت ، وعدم جدوى كل ما تملكه من مقومات أمام متطلبات عصر الذرة ، وغزو الفضاء – وهذا الأسلوب هو ما يعرف اليوم بالغزو الثقافي ، والغزو الفكري ، وهو أكثر خطراً من الغزو العسكري ، إذ أنه لا يعتمد على استخدام القوة ، والمواجهة المسلحة ، ولكنه يلجأ إلى أساليب أخرى ماكرة ، وخادعة وناعمة ، ولكنها شديد الأثر والخطر ، إذ أنها غزو للعقول والقلوب ، يعمل في هدوء تام ، غالباً عن طريق بعض أبناء الأمة ممن تربوا في معاهدة ، وجامعاته الاستعمارية ، فأصبحوا خداماً لفكره ، وأداة طيعة في يده يوجهها ضد أعدائه من دعاة الفكر الإسلامي الأصيل ، محدثاً بذلك صراعاً داخلياً بين أبناء الأمة الواحدة ، وفوضى فكرية يستطيع من خلالها زرع بذور أفكاره الهدامة الرامية إلى صرف المسلمين عن التمسك بعقيدتهم ، بل والقضاء على ذاتيتهم الإسلامية المتميزة ، والتي يرى في تمسك المسلمين بها خطراً داهماً عليه .
فالقائمون على الغزو الثقافي – من مستعمرين وأتباعهم – يهدفون إلى ضرب الإسلام من الداخل عن طريق إضعاف فاعليته وعزله عن التأثير في حياة المسلمين – فهم يريدون تحييد الإسلام ، بتشويه عقائده ومثله ، ويريدون كذلك إظهار اتباعه في أبشع صور التخلف ، والهمجية ، والتطرف – وقد تعددت أساليب ذلك الغزو الثقافي ، نسوق من أبرزها ما يلي :
- العلمانية :1

ماذا تعني كلمة " علمانية " ؟ قد يظن البعض أنها كلمة مشتقة من " العلم " ، وأنها منسوبة إلى العلم – وليس هذا بصحيح ، فلا صلة للعلمانية بالعلم ، وهي كلمة نقلت من الغرب الأوروبي – موطن نشأتها – إلى البلاد الإسلامية والعربية على الأخص ، والعلمانية هي الترجمة للكلمة الإنجليزية ، والتي يشرحها القاموس الإنجليزي بقوله : العلمانية هي النظرية التي تقول إن الأخلاق والتعليم يجب ألا يكونا مبنيين على أسس دينية ، أما دائرة المعارف البريطانية فتقول عن " العلمانية " : إنها حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالدنيا وحدها ، وذلك لأنه كان لدى الناس في العصور الأوروبية الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا ، والتأمل في الآخرة ، فجاءت الدعوة إلى " العلمانية " لمقاومة هذا الاتجاه ، وظلت تلك الدعوة تتطور باستمرار خلال التاريخ الأوروبي الحديث باعتبارها حركة مضادة للدين ، ومضادة للنصرانية ، وقد جعلت دائرة المعارف البريطانية في حديثها عن الإلحاد الفلسفة العلمانية نوعاً من الإلحاد ، سمته الإلحاد العلمي .
والعلمانية تعني في لغة الغربيين وعرفهم " اللادينية " ، وهي حركة اجتماعية ذات فلسفة معينة هدفها إبعاد الدين عن الحياة كلها – الحياة الاجتماعية ، والأخلاقية ، والتعليمية ، والسياسية - ، والشائع بين الناس أنها تعني فصل الدين عن الدولة ، وهذا خطأ ، فهي – كما رأينا – تعني إبعاد الدين عن الحياة كلها ، والعلماني هو الشخص الذي لا يطبق الدين في السياسة ، ولا في شئون الحياة كافة .
وقد كان ظهور العلمانية في أوروبا في بداية القرن التاسع عشر الميلادي / الثالث عشر الهجري – أو قبل ذلك بقليل – ابتداء من ظهور " الهرطقة " والخروج على سلطان الكنيسة ، ورجال الدين النصراني ، " فالعلمانية " إذاً نبتت خارج العالم الإسلامي ، وتسربت إليه من خلال مناهج التعليم ، ومن خلال المبعوثين الذاهبين من بلدان العالم الإسلامي إلى معاهد أوروبا لتلقي العلم فيها ، وكذلك من خلال ضلالات المستشرقين ، وتضليل سبل الإعلام الغربي.
وقد حرص الاستعمار على نشر الفكر العلماني بين أبناء المسلمين عن طريق فرض نظامه التربوي الغريب عن المعتقدات والقيم الإسلامية ، وكذلك عن طريق حصر التعليم الديني وعزله عن التعليم العام ، وعن محاصرة وتمييع المناهج الإسلامية باسم التطوير والتحديث ، وهو إذ يفعل ذلك إنما يرمي إلى خلق أجيال من المتعلمين تجهل تراثها الإسلامي ، فتتنكر لشخصيتها وذاتيتها الإسلامية ، وترى أن الحضارة الأوروبية ، والعلم الأوروبي هو أساس الرقي والتطور ، وأن كل شيء دون ذلك عتيق ، قديم ولا يساير التحضر والتطور ، وهكذا استطاع الاستعمار ببثه لمثل هذا الفكر العلماني أن يبعد بعض الفئات المتعلمة – والتي كانت قد برزت إلى مواقع الصدارة في بلدانها – عن دينها ، وعن مثلها وقيمها وحضارتها الإسلامية ، وقد أصبح هؤلاء غرباء عن أمتهم الإسلامية ، فتبنوا دعوات فكرية هدامة وموالية للغرب

أشكال العلمانية:
أ- التشبث بالحضارة الغربية :
والإعجاب بها ، والأخذ بها دون وعي ، وقد تبنى هذا الاتجاه جماعة من الكتاب والأدباء المسلمين من الذين تولوا المراكز القيادية بعد زوال الخلافة العثمانية ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، لعل من أوضحها كتابات طه حسين والتي يبدي فيها إعجابه الشديد بالحضارة الغربية ، ويدعو إلى الأخذ بتلك الحضارة ، والسير في ركابها إن أريد للأمة أن تتقدم وتتطور ، وكتابه "مستقبل الثقافة في مصر " مليء بمثل هذه الآراء .. وهناك كتابات سلامة موسى ، وقاسم أمين وغيرهما مما تتبنى وتدعو إلى آراء شبيهة بآراء طه حسين المتحيزة إلى الحضارة الغربية ، بل والمفتونة بها ، والداعية بالأخذ بأسبابها كلها .
وزاد من تأثير هذا الاتجاه الموالي للغرب النصراني ، ولحضارته تقاطر البعثات إلى الدول الأوروبية من أبناء المسلمين الراغبين في استكمال تعليمهم ، فقد عاد كثير منهم وقد تطبعوا بطباع الغرب ، وتأثروا بفلسفته وفكره ، وانساقوا وراء التيار الغربي ، فأصبحوا بذلك رصيداً في حساب أعداء الإسلام ، بالسلوك ، والتربية والفكر ، وانساقوا وراء التيار بلا فهم ولا وعي ، واتخذهم الاستعمار أداة طيعة في يده ، يستغلها لإحداث الانقلاب الجذري في حياة المسلمين ، ولإحداث الفجوة والفرقة بين جمهور الأمة ، وقيادتها " العلمانية " المنقطعة عنها وعن تراثها الإسلامي .
ب- بث الدعوات والنزعات القومية والإقليمية والقبلية :
وكلها دعوات أراد بها الاستعمار محاربة الإسلام ، وتجاهل ماضي الأمة الإسلامي ، ذلك أن الإسلام حارب مثل هذه الدعوات وأقام أمته على قواعد وأسس إسلامية معلومة ، والمستعمرون يريدون من نشرهم لتلك النزعات الضيقة أن يجعلوا المسلم يفكر في وطنه قبل عقيدته ، وأن يربطه بالماضي التاريخي الغامض البعيد ، السابق على الماضي الإسلامي ، والذي يجد فيه المسلم أسس قوته ومجده ، ودعائم نهضته ، فالاستعمار لا يريد للمسلمين ذلك ، وإنما يريد إبعادهم عن ذلك الماضي ، بالدعوة إلى إحياء الحضارات القديمة ، حتى تحل محل الأخوة الإسلامية .. ومن ثم أراد الغرب تلفيق دعوة وهمية لكل قطر إسلامي ، فمصر أرادوا لها "الفرعونية " التي تقوم على إحياء ما قبل الإسلام من لغة وأدب وتراث وفرعوني ، والاعتزاز بتاريخ مصر القديم .. وقد أطلت هذه الدعوة برأسها منذ غزو نابليون لمصر في عام 1798 م واستصحابه لبعثة علمية للتنقيب عن آثار الفراعنة ، وتعميق مثل هذه الدعوة يقود إلى "الانطواء على الذات " ، ومعارضة كل دعوة ترمي إل تقرير الوحدة الإسلامية – أو حتى العربية – والتمسك بالعصبية الفرعونية التي يرى أنصارها أن المسلمين العرب غزاة دخلاء على مصر ، كاليونان ، والرومان سواء بسواء .
كما بعثوا " الفارسية " في إيران ، وسوغوا لها ضرورة إحياء التراث الفارسي القديم ، والتمسك والاعتزاز به ، وعمدوا إلى إثارة " الفينيقية " في لبنان ، و " الآشورية " و " البابلية" في العراق ، و " الكنعانية " في فلسطين ، و " البربرية " في المغرب – وهكذا، والهدف من وراء إثارة هذه النعرات الإقليمية الضيقة هو سلخ أجزاء العالم الإسلامي بعضها عن بعض ، وعزلها عن بعضها ، والتفريق بينها ، والحيلولة دون وحدتها ، والعمل على إرغام كل جزء منها على التخلي عن تاريخه وماضيه الإسلامي ، وعن لغته العربية ، وفصله عن جسم الأمة تمهيداً للانقضاض عليه واستعباده .
جـ - قطع صلة المسلمين بالقرآن الكريم – محاربة اللغة العربية :

إن هدف المستعمرين هو محاربة اللغة العربية ، لكونها لغة القرآن الكريم ، وبها تمت صياغة التراث الإسلامي عبر السنين ، وقد صاحبت انتشار الدين الإسلامي ، فحلت أينما حل ، وبها كتب المسلمون على اختلاف لغاتهم وأجناسهم وديارهم ، وهي عنصر وحدة بين المسلمين ، ولذا كان من الطبيعي أن يحاربها المستعمرون ، وأن يقفوا في طريق انتشارها ، بالتمكين للغاتهم من انجليزية ، وفرنسية وهولندية – بحيث لا تتمكن اللغة العربية من التوسع بين مسلمي العالم ، واتبعوا في ذلك عدة أساليب – منها :
أولاً : نقل كثير من لغات المسلمين التي كانت تكتب بالأحرف العربية ، من ذلك الحرف إلى الحرف اللاتيني ، فقد نقل مصطفى كمال أتاتورك في مؤتمر باكو عام 1926 م أحرف اللغة العثمانية العربية إلى الأحرف اللاتينية ، وحدث نفس الشيء بالنسبة للغة الإندونيسية ، ولغة الهوسا في نيجيريا ، واللغة السواحلية في بلدان شرق أفريقيا .
ثانياً : تشجيع اللغات المحلية واللهجات في معظم البلاد الإسلامية غير العربية لتصبح هي اللغات القومية ، مثل بعض اللغات المحلية واللهجات في القارة الأفريقية ، ومثل السنسكريتية ( الهندية القديمة)، والبنغالية في شبه القارة الهندية ، وغيرها .
ثالثاً : توسيع نطاق لغة المستعمر ، وجعلها اللغة الرسمية ، كما فعل في الهند الإسلامية ، وبنغلاديش ، وباكستان ، وفي بلدان غرب أفريقيا ، ووسطها وشرقها ..ولعل هذا الأمر أوضح ما يكون في المستعمرات الفرنسية ، وكذلك في المستعمرات البريطانية ، فلا زال أهلها من مسلمين وغيرهم حتى الآن يتحدثون ويتخاطبون بلغة مستعمريهم القدامى ،.. خاصة اللغة الفرنسية .
رابعاً : وعندما وجد الغربيون أن القضاء على اللغة العربية في حكم المستحيل عملوا على التقليل من شأنها ، فقالوا إنها لا تلبي حاجات العصر ، وأنها استنفدت أغراضها .. ومن ثم عمدوا إلى الدعوة لاستخدام اللغة العامية لغةً للتأليف والكتابة ، كما فعلوا في الجزائر ، ومصر ، وبلاد الشام ، والعراق ، وتونس ، والمغرب ، كما أن السياسة التعليمية تجاهلت اللغة العربية ، ولم تهتم بها ، ولا بمعلميها بالقدرة الذي أولته لغاتها ومعلميها من اهتمام وتشجيع – والغرض من محاربة اللغة العربية بهذه الصورة وبكل تلك القوة ، هو زرع الفرقة بين المسلمين من عرب وغيرهم ، بتفريقهم في اللغة ، والدين والثقافة ، وبعدم السماح للعربية من الانتشار بين المسلمين وما بين تراثهم الماضي ، لأنه هو الذي يربطهم ويوحد بينهم .. ، وهو الذي يعطيهم الثقة في أنفسهم ، ويعزز من صمودهم أمام مخططات الاستعمار وتحدياته .
د – توجيه التعليم وجهة إسلامية :

وذلك عن اقتباس الأنظمة والمناهج الغربية ، وإحلالها محل مناهج التعليم الإسلامية التي وجدها الاستعمار في مستعمراته الإسلامية ، والهدف من كل ذلك هو إضعاف العالم الإسلامي ، بتذويب هويته الإسلامية في الهوية الاستعمارية .. وكذلك توجيه التعليم لتخريج طائفة من المتعلمين يخدمون مصالحه ، ويعززون من سيطرته الاستعمارية في بلدان المسلمين التي استعمروها ، وأخذ يحارب الإسلام فيها ... ومن ثم ما فتئ المستعمرون يحاولون القضاء على ثقافة الإسلام وإرثه ، بالطعن فيهما ، وأثارت الشكوك والشبهات حولهما ، وذلك عن طريق إحلال الفكر العلماني محل الفكر الإسلامي في مناهج التعليم والتي أُخرج من برامجها الدين ، وتاريخ الإسلام ، وإرثه الثقافي واللغوي ، في محاولة لطمس هوية الأمة ، ولقطع صلتها بتراثها وماضيها الإسلامي .
ولا عجب أن خلت مناهج الجامعات أيضاً من علوم الإسلام ، وامتلأت بمفردات المناهج اللادينية ، كعلوم الفلسفات المادية والإلحادية ، والنظريات الغربية الرافضة للدين وعلومه ، وكذلك التركيز والاهتمام بالتراث والحضارات الوثنية ، والحضارات السابقة للإسلام – حدث ذلك في مصر ، وفي تركيا ، وإندونيسيا ، وغيرها ، والغرض من وراء كل ذلك هو محاولة القضاء على العوامل الجامعة للعالم الإسلامي ، ولا غرو إذاً أن أصبحت برامج التعليم علمانية في كل مراحله ، وتعدى الأمر المناهج إلى أسلوب التربية ، وفلسفة السلوك ، فطبق الاختلاط بين الذكور والإناث في معظم جامعات العالم الإسلامي ، وأُدخل في روع الطلاب (( عن طريق المناهج وغيرها )) أن الحضارة الغربية هي خلاصة الحضارات ، وأن الأمم لا تتقدم إلا باحتذائها ، والأخذ بها ...
هـ - طمس هوية الأمة الفكرية :

كان من أخطر الوسائل العصرية التي اعتمد عليها أعداء الإسلام " الصحافة " باعتبارها أكثر انتشاراً ، وأبعد تأثيراً ، فجاءت الصحف المحلية والأجنبية تبث في أوساط المسلمين قيماً غربية نصرانية جديدة ، تحفل بضروب الأفكار المخربة وأحاديث الجنس الفاضحة ، والصور العارية ، والقصص الرخيصة ، والبحوث والمقالات التي تتناول كثيراً من مقدسات المسلمين بالنقد والتجريح ، وتتوغل على المبادئ الإسلامية .
فظهرت مؤلفات مسلمين وغير مسلمين تتحدث عن الإلحاد ، وعن " الدارونية " والأصل الحيواني للإنسان ، بل إن بعضهم مثل " الشيخ " علي عبد الرزاق طرح قضية العلمانية لأول مرة في صميم الفكر الإسلامي في كتابه : " الإسلام وأصول الحكم " ، وخطورة هذا الكتاب أنه حاول الاستناد ولأول مرة على الفكر التاريخي الإسلامي لتبرير العلمانية ضمن إطار الإيمان الديني ، وليس من منطلق العلمانية الخالصة المنافية للدين .
كما أصدر طه حسين كتابه في الشعر الجاهلي عام 1345 هـ / 1926 م ، الذي حاول فيه إبداء الشك في الروايات الجاهلية ، وتعدى ذلك إلى محاولة نقد الروايات والنصوص الدينية بما في ذلك آيات القرآن الكريم ، وفي هذا تكمن خطورة هذا الكتاب ، وليس في مجرد تشكيكه بمصادر الشعر الجاهلي ، وهكذا استمرت أفكار الغرب المنحرفة تظهر في كتابات بعض الأدباء العرب من أمثال إسماعيل مظهر, ولطفي السيد ومنصور فهمي, وأمين الخولي وغيرهم من الكتاب تحت أقنعة البحث العلمي والموضوعية العلمية .
وكان من نتيجة شيوع مثل هذه الآراء في الفكر والأدب والصحافة التمهيد لانتشار الأفكار المادية ، ولاسيما الشيوعية ، وتغذيتها بروح الشك العام في كل شيء – سواء كان ذلك دينا أو غيره – حتى أصبح الشباب المتعلم في العالم الإسلامي فريسة للشكوك ، فانضم كثير منهم إلى المنظمات اليسارية ، أو القومية وغيرها من الأحزاب اللادينية ،وأطلت الأفكار المنحرفة في حرية تامة ، فدخل الفكر القومي ، والوطني ، والعلماني ، والمادي ، والاشتراكي ، والوجودي إلى صفوف شباب المسلمين المتعلم باسم العلم ، وحرية البحث ، والإصلاح والثورة على كل قديم ، وكان كل ذلك على حساب الرابطة الإسلامية ، فمبدأ القومية مثلا يستهدف بث العنصرية والتي تستهدف بدورها خلق الصدع ، ونشر الفرقة بين المسلمين من العرب ، والفرس ، والترك ، والهنود ، كما تهدف إلى إعلاء شأن التاريخ والولاء القومي ، والقضاء على الذاتية الإسلامية ، وكذلك الحال مع الشيوعية ، والماسونية ، والدعوات التوفيقية الداعية إلى التوفيق بين الأديان ، وبخاصة بين الإسلام والنصرانية .
وهكذا كان هدف المستعمرين ينحصر في الآتي :
1- إنشاء جيل من أبناء المسلمين يتبنى الثقافة الغربية , ليسهل عليهم الاتصال بهم , والتفاهم معه , والاعتماد عليه لتنفيذ مخططاتهم كلها علمانية وغيرها .
2- أن تخلو الأجيال المقبلة من الإسلام , ومن الثقافة الإسلامية , ومن الرغبة بالتمسك بالإسلام والدفاع عنه .
ومن ثم عمد المستعمرون إلى تغيير قيم الأمة ومثلها – أي تغيير عقيدتها وثقافتها وأخلاقها – وبمعنى آخر إبعاد المسلمين عن دينهم باسم المدنية والتقدم والتطور وهو ما عرف بحركة " التغريب " , وهي حركة بدأها المستعمرون ومؤسساتهم الاستشراقية والتنصيرية , ثم حمل مشعلها من بعدهم جماعة من المسلمين " المتغربين " , من تلاميذ المستشرقين ومن الطلاب المبتعثين إلى الخارج , ويساندهم في تنفيذ هذا المخطط بعض حكام المسلمين , وتتمثل خطة هذه الحركة ( حركة التغريب ) , في إحداث تغيير جذري في العادات , والتقاليد والأخلاق تحت قناع التطور , ومسايرة روح العصر , مستخدمة في ذلك وسائل الإعلام المختلفة , ومن مظاهر الحركة الواضحة اتخاذ الزي الأوربي , والتطبع بطباع أهل الغرب , ومحاكاتهم في القشور المظهرية لحضارتهم , ومن نتائجها التبعية السياسية , والفكرية , والاقتصادية , والتنكر للإسلام , ولمبادئه وتراثه ... والعيش غرباء في المحيط الإسلامي , وتخريب عقول المسلمين حتى يتسنى للاستعمار السيطرة الكاملة على العالم الإسلامي وعلى أهله .
  رد مع اقتباس
قديم 2011- 11- 23   #94
الغَـدَقْ
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية الغَـدَقْ
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 28090
تاريخ التسجيل: Thu Jun 2009
المشاركات: 3,590
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 6210
مؤشر المستوى: 104
الغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to behold
بيانات الطالب:
الكلية: KF University
الدراسة: انتساب
التخصص: Business administration
المستوى: المستوى الثامن
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
الغَـدَقْ غير متواجد حالياً
Talking ملخص حاضر العالم الاسلامي

يتبع >>
و- بث الدعوات الدينية الهدامة وتشجيعها :

وهذه إحدى وسائل الاستعمار في تنفيذ مخططه الفكري الرامي إلى إضعاف المسلمين ، وتشكيكهم في إسلامهم ، وهذه الوسيلة إلى جانب ما قام به المتنصرون والمستشرقين من تشويه وإضعاف للإسلام في نفوس المسلمين ، هما وسيلتان مكملتان لبعضها بعضاً ، فالصلة بينهما وثيقة ، وهدفها واحد ،وهو حرب الإسلام .
وقد عمد الاستعمار إلى إيجاد طبقة من أبناء المسلمين وتشجيعهم على تبني مذاهب إسلامية هدامة ، تخدم أهدافه ، بغرض تركيز سلطته وولايته على المسلمين ، وبعبارة أخرى عدم تحدي المستعمر في مباشرة سلطته على المسلمين ، أو معارضة إدخال مخططاته الفكرية ، ونشرها بينهم ، ولعل من أبرز المسلمين الذين تبناهم المستعمر ، وشجعهم على بث فكرهم الديني الهدام ، هو السير سيد أحمد خان ، الذي تبنى دعوة باطلة باسم الإصلاح والتقدمية .
ويمثل هذا الاتجاه المعادي للإسلام ، الدعوة " القاديانية " ، والأحمدية في الهند أيضاً ، وهناك دعوات أخرى مماثلة مثل " البابية " و " البهائية " وكلها دعوات باطلة قامت بتشجيع من الاستعمار البريطاني ، غرضها معاداة الإسلام تحت شعار الإصلاح ، خدمةً للاستعمار ، وذلك عن طريق تنفيذ مخططه الرامي إلى أضعاف المسلمين بحربهم في عقيدتهم ، وفيما يلي نتناول أبرز ملامح تلك الدعوات الباطلة :
أولاً: السيد أحمد خان :

عندما استولى الإنجليز على الهند حاربوا الإسلام هناك بشتى الوسائل ، ومنها تبنيهم ، وتشجيعهم لأحمد خان ، الذي بدأ أول ما بدأ بالمناداة بأفكار غربية ، مثل قوله بمذهب " الطبيعيين الدهريين " القائل إنه لا وجود في هذا الكون إلا للطبيعة ، وأنه ليس للكون إله حكيم ، وأن كل الأنبياء كانوا طبيعيين لا يعتقدون بالإله الواحد .
وقد استطاع أحمد خان أن يغري بضلالاته هذه بعضاً من أبناء الأغنياء الطائشين ، والسائرين في ركاب الاستعمار ، والمعجبين بفكره وحضارته ، ولم يكن غريباً أن للحكام البريطانيين غرضاً من وراء مشربه وضلاله هذا ، إذ رأوا فيه خير وسيلة لإفساد نفوس المسلمين ، فساندوه ، وشجعوه ، وساعدوه على بناء مدرسة في " عليكرة " سموها مدرسة " المحمديين " لتكون مصيدة لأبناء المسلمين فيدخلوها ، وفيها يتربون على أفكار أحمد خان الضالة .
ومضى هذا الرجل إلى أبعد من ذلك ، حيث كتب تفسيراً للقرآن الكريم ، حرف فيه ما أراد أن يحرف ، وقال فيه بآرائه الفاسدة ، كما أنه جهز بالدعوة لخلع الأديان ، بدعوى أن أوروبا لم تنهض إلا بعد أن رفضت الدين ، وتخلت عنه
ويتضح من كل ما ذكرنا أن دعوته دعوة إلحادية رغم إدعائه أنه يدافع عن الإسلام والمسلمين ، وأنه يريد أن يجد للمسلم المعاصر طريقاً يوفق فيه بين إسلامه وبين تقبله للحياة العصرية التي قامت على أثر نهضة العلم الطبيعي ... وهو كذلك يدعو إلى التعاون بين المسلمين والغربيين فيما أسماه " إنسانية الأديان " – وهي دعوة تشبه الفكرة المسماة اليوم " بالعالمية " ، وكانت من قبل تعرف بأسم " الماسونية " ، وفيها تنتقي الفوارق بين الأوطان ، والقوميات ، والأديان والمذاهب .
وكان للسيد أحمد خان نفوذ سياسي – تربوي ، فهو صحفي ، ومؤلف ، ومدرس ، وقد أثرت حركته هذه فيما بعد في ظهور فرقة ضالة أخرى هي " القاديانية ".
__________________
بث الدعوات الدينية الهدامة وتشجيعها
ثانياً: القاديانية :

هي دعوة منسوبة إلى " ميرزا غلام أحمد القادياني " ، الذي ولد حوالي سنة 1839 م في مدينة " قاديان " إحدى مدن مقاطعة بنجاب بالهند في بيت من البيوتات التي اشتهرت بخدمة سياسة الإنجليز الاستعمارية وتحقيق مصالحهم ، فوالده كان من أخلص أصدقاء الاحتلال الإنجليزي الذي فرض سيطرته تلك الأيام على شبه القارة الهندية ويقول الميرزا غلام أحمد نفسه :
" لم تبخل عائلتي ولم تضن ، ولن تبخل ولن تضن بدماء أبنائها في خدمة مصالح الحكومة الإنجليزية أبداً " .
ومن ثم كانت حركة الميرزا غلام أحمد . موضع ثقة الحكومة البريطانية ، وقد خدموها في الهند وخارج الهند .
وقد ظهر الميرزا غلام أحمد في سنة 1880 م كأحد الدعاة إلى الإسلام والمناظرين لخصومه من غير المسلمين ، وفي ديسمبر سنة 1888 م نادى في المسلمين ودعاهم إلى مبايعته ، وكان يدعي حينذاك أنه " مجدد العصر " ، " ومأموراً من الله " ، ويظهر للناس مماثلته للمسيح ، وفي سنة 1891 م أعلن أن المسيح قد مات ، وادعى أنه هو المسيح الموعود ، والمهدي المنتظر ، وفي سنة 1900 م بدأ بعض الخواص من اتباعه يلقبونه بالنبي صراحة ، وكان هو يقول إن نبوته نبوة جزئية ، أو نبوة غير كاملة – وذلك حتى لا يثير الناس عليه ، وفي سنة 1901 م أعلن الميرزا بوجه سافر أنه النبي والرسول ، ولم يكن لدعواه تلك صورة واحدة بعينها ، ولكنها اختلفت باختلاف الظروف والأحوال ، فهو يقول في أحيان أنه نبي غير حامل للشريعة ، ثم يمضي هذا المدعي فيقول إن النبوة ختمت به ، وأنه هو المسيح الموعود ، بل وإن الوحي ينزل عليه ، ذلك أن باب الوحي – كما يدعي هذا الضال ( ميرزا احمد ) – لم يغلق إلى الآباد بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، وما دام هو نبي والوحي ينزل عليه ، فإن له أمة يبلغها كلام الله – هي الأمة القاديانية – وأن كل من لا يؤمن بما قاله الميرزا أحمد فهو كافر غارق في الكفر – على حد قوله .
وهكذا حاول القاديانيون أن يجعلوا نحلتهم ديناً له نبيه ، ومركزه وأصحابه ، وخلفاؤه ومقدساته ، وتاريخه ، ويقطعون صلة أتباع القاديانية عن تراث الإسلام ومنابعه ، حتى أنهم يطلقون على رجالهم " رضي الله عنهم " وعلى زعيمهم " عليه السلام " وعلى عائلته " أم المؤمنين " ، ويرون عنه الأحاديث بإسناد كإسناد الصحاح ، وقد أضفى هذا المتنبي الميرزا أحمد على بلده " قاديان " مركز القداسة ، وساواها بالمدينة المنورة ، فانظر مثلاً إلى قول أحد أتباعه :
" إن الذي يزور قبة المسيح الموعود البيضاء في القاديان له نصيب من البركات التي تختص بقبة النبي الخضراء في المدينة ، فما أشقى الرجل الذي يحرم نفسه من هذه البركات خلال الحج الأكبر إلى قاديان ”.
وقد تقدم القاديانيون خطوة أخرى وطبقوا على " قاديان " ما نزل من الآيات القرآنية في شأن بلد الله الحرام ،، والمسجد الأقصى المبارك ، يقول الميرزا غلام أحمد في تأويل قوله تعالى : { ومن دخله كان آمناً } أن هذه الآية تنعت المسجد الذي أسسه في قاديان ، ويقول إن المراد بالمسجد الأقصى في قوله تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله } هو مسجد قاديان .
لقد قاوم علماء الإسلام وقادة الفكر في الهند وغيرها من ديار الإسلام هذه الفتنة القاديانية ، فحاربوها بأقلامهم وعلمهم ، واعتبروها نحلة خارجة عن دائرة الإسلام ، المتنبى في قاديان – وكذلك بارك الإنجليز هذه النحلة ، وشجعوها، بل هم الذين غرسوها ورعوها ، لأنها دعوة تبث بذور الشقاق في صفوف المسلمين ، ولأنها أداة طيعة لتحقيق أغراضهم الاستعمارية ، وبرغم أن المسلمين ظلوا يعلنون بأن القاديانيين مارقين عن الإسلام ، فإن الإنجليز لم يكترثوا لتصريحات المسلمين وأصروا على اعتبار القاديانية طائفة من الطوائف الإسلامية ، وقد أخذ الاستعمار الإنجليزي بيدها وشجعها حتى استفحل أمرها وتبوأت المناصب الرئيسية في الإدارة المدينة وفي الجيش .
وقد سجلت الإدارة البريطانية في الهند نحلة القاديانية كمذهب رسمي في سنة 1900 م ، وقد استغلت النحلة هذا السند البريطاني ، فتمادت في نشر ضلالتها ، وادعاءاتها الباطلة إلى الحد الذي حدثت بينهم وبين عامة المسلمين اشتباكات ومنازعات في جميع المجالات ، ورفعوا أمرها إلى المحاكم ، والتي قضت بأن القاديانيين قوم مرتدون عن الإسلام ، والغريب في الأمر أنه لما قامت دولة باكستان بعد جلاء الإنجليز عن شبه القارة الهندية ، ظلت هذه الدولة تبسط على القاديانيين جناح عطفها وحمايتها ، تقطعهم الأراضي الواسعة ، وتسند إليهم نصيباً وافراً من المناصب الحساسة في دوائرها .. وفي وجه هذا السند اجتمع زعماء المسلمين في مدينة كراتشي عام 1953 م وطالبوا الحكومة بأن تجعل القاديانين أقلية غير مسلمة على غرار الأقليات غبر المسلمة الأخرى ، ولكن الحكومة استمرت في حمايتها لهم ، بل إن وزير خارجيتها ظفر الله خان كان من القاديانين المتحمسين لدعواهم ، فمكن لهم في السفارات والمفوضيات – وقد حاولت الحكومة قمع حركة علماء المسلمين المعارضين للحركة ، فأعلنت الحكم العرفي ، وزجت بقادتهم في السجون ، واستشهد مئات المسلمين المعارضين للحركة برصاص جنود الحكومة ، وكان من ضحايا هذا القمع الأستاذ أبو الأعلى المودودي مؤلف كتاب (( المسألة القاديانية )) الذي حكم عليه بالإعدام أولاً ، ثم استبدل الحكم بالسجن أربعة عشر عاماً مع الأشغال الشاقة ، ولم تكن جريمته إلا أنه عارض القاديانية ، وألف رسالته المذكورة التي وضح فيها أباطيل القاديانية
والدعوة القاديانية لها ومراكز في شتى أقطار الأرض ، ولا سيما في البلدان الأفريقية ، وفي البلاد الأوروبية ، وفي إيران .. وعدد مراكزهم في العالم – حسب تصريحاتهم إحدى وثلاثين مركزاً ، ومن أغرب ما يكون أن لهم مركزاً في إسرائيل – أسسوه في حيفا في ظل الحماية البريطانية ، ومن حيفا يرسلون دعاتهم للبلدان العربية ، وهم الآن ينعمون بحماية إسرائيل لهم ، وتجدر الإشارة إلى أنهم يقيمون في إسرائيل على الجواز البريطاني ، لأن باكستان لا تعترف بالكيان الإسرائيلي في فلسطين ، وموالاتهم لإسرائيل ، ثم للإنجليز دليل قاطع بأنهم غير مسلمين ، ولا بد للحكومات العربية والإسلامية وبخاصة الجامعة العربية ولجنة مقاطعة إسرائيل من التنبه لخطر القاديانيين وخطر نشاطهم الدعوي ، خاصة وأن دعاتهم الضالين عندما يشرعون في بث ضلالاتهم في أوساط المسلمين لا يظهرون إلا في مظهر دعاة الإسلام ، ودعاة البحث والتجديد لإيقاع المسلمين السذج في مصيدتهم .
وتختلف القاديانية مع الإسلام في جملة مسائل ، منها : أن عيسى عليه السلام بعد موته ، هاجر إلى كشمير في الهند لينشر تعاليم الإنجيل في البلاد ، وأنه توفي بعد أن بلغ من العمر 120 عاماً وأن قبره لم يزل موجوداً هناك .
وأيضاً في إدعائه أنه " المهدي " ، فهو " نبي " ... كما أن رأيه في الجهاد مخالف للرأي الإسلامي ، فالجهاد في رأيه وسيلة سلمية للإقناع ، فهو يبطل فرضية الجهاد ويحاول التغريب بين الإسلام والنصرانية لدرجة تكاد تدمج أحدهما في الآخر .
والخلاصة أن القاديانية ثورة على النبوة المحمدية والإسلام ، وهي أيضاً وليدة السياسة الإنجليزية التي تحاول قتل روح المقاومة الإسلامية لمخططاتها الاستعمارية ، وتفريق شمل المسلمين في الهند وغيرها من المستعمرات البريطانية ، ولذا حمى الإنجليز ميرزا غلام أحمد ، ومكنوه من نشر دعوته الرامية إلى تأسيس ديانة جديدة ، وأمة قاديانية بدلاً عن الإسلام وأمته .
ثالثا: الأحمدية :

انشقت القاديانية بعد نشأتها بقليل إلى فرقتين : الأولى القاديانية أو الأحمدية والثانية اللاهورية – أو جماعات لاهور – والفرقة الأولى تعتقد أن الميرزا غلام أحمد نبي مرسل من الله تعالى ، وأنة المسيح الموعود ، وأنة أفضل من كثير الأنبياء ، وأن أصحابه هم صحابة ورجال البعثة الثانية ،والمسلمون يسمونهم " قاديانيين " نسبة إلى مدينة " قاديان " والتي نشأت فيها الحركة وترعرعت ، وهم يسمون أنفسهم " أحمديين " نسبة إلى مؤسس الحركة غلام أحمد المتنبي الكذاب ، وذلك تضليلاً للناس ، وذراً للرماد في العيون .
أما الفرقة الثانية " اللهوريين " فيتزعهما رجلان هما خواجة كمال الدين ، ومولاي محمد علي ، وهم يرون أن الميرزا غلام أحمد مصلح ومجدد، والمسيح الموعود ، ولهذه الفرقة نشاط كبير في الخارج في آسيا وأوربا، وكل من الفرقتين تسمى نفسها بالأحمدية ،والمسلمون لايفرقون بين هاتين الفرقتين ، فكلاهما فرقتان ضالتان خارجتان عن ملة الإسلام .
رابعاً: البابية :

ظهرت الفرقة البابية في عام 1844م في إيران في وقت كانت تعصف الاضطرابات السياسية ، والفوضى الفكرية الدينية ، وفي هذا الجو المضطرب ظهر اسم علي محمد الشيرازي في عام 1844م- وقد عرف فيما بعد – بالميرزا علي – ليعلن أنه " الباب " الموصل إلى صاحب الزمان ،الإمام المنتظر الذي ينتظره الشيعة الإثني عشرية ، وأنة يريد إصلاح ما فسد من أمر الإسلام والقرآن ، ثم ما لبث أن تحول الإدعاء والزعم إلى أنه هو بعينة الإمام المنتظر ، ثم تجاوز هذا الإدعاء إلى الزعم بأنه نبي مرسل ،حيث قال "وأن الله قد أوحى إلي إن كنتم تحبون الله فاتبعوني " وقال : ولقد بعثني الله بمثل ما قد بعث به محمداً رسول الله من قبل " – ولم يقف هذا المدعي عند هذا الحد بل زعم أن الإله حل فيه ،في كتابه " البيان " .
وخلاصة هذه الدعوة المسماة بـ " البابية " أنها ناسخة للشريعة الإسلامية ، وأن الباب هو خاتم النبيين بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنه أنزل عليه كتاب أفضل من القرآن الكريم واسمه " البيان " فيه مضمون دعوته ، والذي لا يصح على الأتباع إلا قراءته دون سواه ، وأن كل من لا يؤمن بكتابة هذا كافر يستحق القتل – كما أن الباب ألغى الصلوات الخمس ، وصلاة الجمعة ، وصلاة الجماعة إلا صلاة الجنازة ، وقال إن القبلة هي البيت الذي ولد فيه بشيراز، وقال إنه أفضل الأنبياء قاطبة .
والبابيون يرون أن الأنبياء ليسوا إلا مصلحين اجتماعين جاءوا لإصلاح شئون البشر ، ويمكن أن يأتي مثلهم كثيرون ، ومن ثم أنكروا أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء ، والغريب هنا أن يدعي " الباب " أنه نبي في حين ينفي عن الأنبياء صفة النبوة . وقد هاجم علماء المسلمين هذه الدعوة الإلحادية ، واعتبروها دعوةً خارجة عن الإسلام ، وقبض حاكم شيراز على " الباب " ، وأمر بتعليقه من ساقيه وضربه حتى أعلن توبته ، ولكنه ما لبث أن عاد إلى كفره ، فقبض عليه وأعدم في عام 1265 هـ .
خامساً: البهائية :

بعد إعدام " الباب " قام بالأمر من بعده أحد أتباعه وهو الميرزا حسين علي المازندراني ، الملقب " بالبهاء " أو بهاء الله – وأخوه المسمى صبح الأزل ، وادعى " البهاء " أنه الموعود الحقيقي ، والمسيح المنتظر ، وأن " الباب " لم يكن إلا داعياً ومبشرا به ، فمثله معه كمثل يوحنا المعمداني مع المسيح عليه السلام ، وبدأً ينشر تعاليمه في طهران ، ولكنه تورط في محاولة لاغتيال شاه إيران للإفراج عنه ، فاستجابت الحكومة الإيرانية فنفته إلى العراق ، حيث تولته مجموعة من اليهود لتخطط له منهجه ، فوجهه اليهود وجهة تتصل بالماسونية حيث الدعوة إلى وحدة الأديان بالخروج على أصولها في دين جديد ، وهي دعوة تستهدف عالمية الدين الإسلامي ، وتعاليمه ، بنسخها في دين عالمي جديد .
وقد تنبهت السلطات العثمانية إلى خطر البهائيين والبابيين فنفتهم إلى الأستانة ، ثم إلى أدرنة ، وأخيراً نفي (( البهاء )) إلى عكا ، ونفي شقيقه (( صبح الأزل )) إلى قبرص ، حيث ادعى كل منهما أنه رسول مستقل ، وليس خليفة للباب ، وأن لكل منهما كتاب خاص به ناسخ للشرائع السابقة ، فللبهاء كتابه المسمى (( الأقدس )) ، ولأخيه كتابه المسمى (( ألواح )) ، ودخل الإخوان في صراع مرير بينهما ، تمكن (( البهاء )) خلاله من إبادة جماعة أخيه ، حيث صفا له المكان ، فادعى النبوة ، ثم ادعى الألوهية ، ولقب نفسه البهاء – أو بهاء الله أي وجه الله الأبهى ، حيث سانده اليهود كما قلنا ، وقد أسقط البهائيون فريضة الجهاد ، وأيدوا الدعوة الصهيونية ، واغتصابها لفلسطين ، وأيدوا الربا بإيعاز من اليهود ، وقد اتضحت صلة هذه الحركة بالاستعمار البريطاني وباليهود عندما منحته الحكومة البريطانية جنسية إنجليزية ، وأنعمت عليه بالوسام الإمبراطوري ، وبلقب (( السير)) وهذه المنح لا تقدم إلا لمن قدم خدمات جليلة للإمبراطورية البريطانية على حساب الإسلام والمسلمين ، وقد اتخذ البهاء بعد ذلك من عكا مقراً له
والدعوة البهائية مخطط كامل لهدم الإسلام ، إذ فيها :
1- تأويل القرآن الكريم على غير مفهومها ومدلولها اللغوي والشرعي.
2- قولهم إن الشريعة الإسلامية لا تصلح لهذا الزمان ، وفي هذا إقرار بالقوانين الوضعية الاستعمارية ، وبفصل الدين عن كافة شئون الحياة .
3- معارضة الجهاد ومقاومته ، وقد ارتفعت صيحتهم هذه ضد مقاومة أهل فلسطين للمخطط الصهيوني الرامي إلى استلاب أراضيهم ، كما أنهم وظفوا هذه الدعوة ضد دعوة السلطان عبد الحميد الثاني للجهاد أثناء الحرب العالمية الأولى .
4- محاربة لغة الكريم – اللغة العربية – ثم ادعاء نبوة جديدة ، ودين جديد ناسخ للإسلام وللأديان جميعاً ، هو دين البهائية .
5- إبطال الشريعة الإسلامية وأحكامها ، وبالذات في شأن المرأة ، فهم دعاة للاختلاط المطلق بين الذكور والإناث ، وإلى مساواة المرأة بالرجل مساواة مطلقة .
6- دعوة السلام العالمي التي تخدم إسرائيل واحتلالها لفلسطين ، والأراضي العربية ، ثم أيضاً دعوى الصهيونية العالمية بالسيطرة على العالم .
7- الترابط بين اليهودية – التلمودية – والبهائية ، ومتابعة اليهود في منهجهم ، والاستمداد من التراث اليهودي .
8- ادعاء البهاء للإلوهية ، ذلك أنه أدعى أولاً خلافة الباب ، ثم أدعى أنه المهدي المنتظر ، وأنه المسيح ، وأن جميع الأنبياء بشرت به , ثم أعلن في نهاية المطاف أنه إله ورب , وأنه " بهاء الله " – و" مظهر الله " , و" ومنظر الله " الذي يتجلى في طلعته جمال الذات الإلهية .
9- دعوى البهائين بعدم انقطاع الوحي والرسالة ، لأن انقطاع الوحي بعد محمد صلى الله عليه وسلم ليس له سند في منطق الواقع كما يزعمون ، ويقولون أن الرسل شخص واحد ، ورسم واحد ، وذات واحدة ، وحقيقة واحدة.
10- إيمانهم بتناسخ الأرواح ، وينكرون الثواب والعقاب كما قال به الإسلام ، كما ينكرون اليوم الآخر .
والغرض من كل هذه الدعاوى والأفكار الباطلة هي القضاء على الإسلام ، والعمل على فرقة أهله حمايةً للاستعمار الغربي – وفد أفتى علماء المسلمين بكفر البهائين وخروجهم عن الإسلام.**


2- الاستشراق :

الاستشراق – كما يعرفه أهله – هو اشتغال طائفة من الباحثين بدراسة علوم الشرق وحضارته ، وأديانه ، ولغاته وثقافته ، وأسهم تياره في صناعة التصورات الغربية عن العالم الإسلامي والعربي ، وعبر عن خلفية الصراع الحضاري – القديم والحديث – بين الغرب والشرق ، بالمستشرقين عندما درسوا الإسلام ، مبادئه ، وحضاراته وتاريخه تحت ستار ما يسمى بالبحث العلمي مثلاً ، لم يلتزم معظمهم بموضوعية البحث العلمي ، فلم يحرصوا على إظهار الحقيقة بل عمدوا إلى تشويهها بباعث من التعصب البغيض، والحقد على الإسلام وأهله ،والرغبة في طمس معالمه ، وهذا التعصب – كما يراه الكثيرون – راجع في جذوره إلى الحروب الصليبية ونزعتها العدائية للإسلام ، ومن ثم يمكن وصف الاستشراق بأنه أسلوب جديد وغريب للسيطرة على الشرق ، وإلى الهيمنة الفكرية ، والسيطرة على مقدرات المنطقة سياسياً واقتصادياً .
تبانيت وجهات نظر المفكرين في ظاهرة الاستشراق – أسبابها ودوافعها – وتعددت الآراء في تحديد فتراتها التاريخية ، بيد أن معظم المهتمين بالأمر أعادوا منطلقاتها الرئيسية إلى نزعة التعصب الديني ، وسمة الاستعلاء السياسي عند الغرب ، وأرجعها بعضهم إلى دوافع شخصية ، حين ازدهرت العلوم الإسلامية في القرن الثاني عشر الميلادي / السادس الهجري ، وانتشرت المراكز العلمية في العالم الإسلامي ، وإلى حوافز ثقافية ممن أغوتهم فكرة الاطلاع على ثقافة الغير ، والتعرف على حياتهم الاجتماعية ، والدينية والحضارية – لكن هؤلاء المستشرقين لم يكونوا على درجة واحدة من الإخلاص للعلم والمعرفة في أبحاثهم المتنوعة ، فهناك طائفة منهم أخلصت ، وكانت موضوعية في أبحاثها ، واستطاعت – على قلة عددها – أن تنصف الإسلام وتاريخه ، وحضارته من الافتراءات والمغالطات المردودة ، ولعل من أهم أولئك المستشرق ليوبولد فايس – الذي أسلم وتسمى باسم محمد أسد ، والمستشرق المبشر والذي أسلم أيضاً إبراهيم خليل أحمد – وهناك آخرون .
أما الطائفة الثانية من المستشرقين – وهي الأكثرية – فقد تعمدت الدس والتشويش ، وتقصت سلبيات المجتمعات الإسلامية ، فضخمتها محاولةً أن تجعل من التفاصيل قضايا عامة ، ملحقةً أخطاء بعض المسلمين بالدين نفسه ، بغية إضعاف مواطن القوة ، واغتنام أماكن الضعف ، ولم يترك هؤلاء منفذاً يؤمن هدفهم ، ومصلحة دولهم السياسية إلا استفادوا منه ، سواء عن طريق التأليف والنشر ، أو عن طريق الجمعيات العلمية ، والمدارس ، والجامعات ، وإقامة المؤتمرات والندوات – وهم في كل ذلك لا يريدون سوى : إيجاد دراسات تاريخية ودينية تشوه الإسلام .
إن معظم المعطيات التي بين أيدينا – من كتابات المستشرقين الأدبية ، والتاريخية ، والسياسية والدينية ، تدين حركة الاستشراق وأهدافها المشبوهة ، وتربطها بعجلة السياسة الغربية التي لم تتردد يوماً عن استخدام كل الوسائل والسبل للوصول إلى غايتها الاستعمارية ، ويمكن تلخيص أهداف حركة الاستشراق في أمرين :
الأول : التبعية للغرب ، والاستسلام لقيمه المادية الحديثة .
الثاني : بث روح التخاذل الديني بين المسلمين ، بالتشكيك في دينهم ، وتاريخهم وإرثهم الحضاري ، وذلك بالتركيز علة النواقض والسلبيات في هذه الجوانب ، وبتأويل النصوص الدينية ، وشرحها شروحا ً منافية للتعاليم الإسلامية ، مما يقوي فكرة الشكل ، ويضعف الرابطة الدينية ، ويؤدي إلى (( تغريب )) العقلية الإسلامية .
إن نظرةً سريعة إلى أعمال معظم المستشرقين تكشف بوضوح مدى محاولتهم تشويه التراث الإسلامي ، والدس على الإسلام بمختلف الأساليب ، ونشر الأباطيل حوله ، مثل القول ببشرية القرآن ، والادعاء بأنه من صنع محمد صلى الله عليه وسلم ، ودعواهم بأن الإسلام اقتباس من الأديان السابقة ، اليهودية والنصرانية ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم تأثر بتعاليم تلك الأديان ، وحرف في نصوصها ، وجعل القرآن – على حد قولهم – مضربة ، كما أنهم صوروا القرآن على أنه دين العنف والدماء للانتقاص من مكانة الجهاد ، وشككوا في قدرة الإسلام واللغة العربية في مسايرة التطور ، وقالوا إن الفقه الإسلامي مأخوذ من القانون الروماني ، وأثاروا ما يسمى بقضية تحرير المرأة – وموقف الإسلام منها ، وغير ذلك من الإدعاءات والأباطيل .
كما أن الاستشراق نال من المناهج التعليمية ، والثقافية ، والفكر في العالم الإسلامي خاصة على يد تلاميذ المستشرقين ، والغرض من ذلك خلق جيل لا يعرف دينه جيداً ، ولا يعرف حضارته إلا بصورة شائنة بسبب تلك المناهج التعليمية ، وبسبب ما بثه المستشرقون من أباطيل حول ثقافة الإسلام وفكره ، وكل هذه العوامل تضعف من فكر الأمة ، ومن ثقتها بنفسها وبعقيدتها ، فيسهل على المستعمر استعبادها .
وكما يلاحظ أن الاستشراق أصبح بعد الحروب الصليبية ذا صبغة سياسية ودينية ، وأن بعض رجاله اهتموا بدراسة بلاد الشرق وعلومه ، تحت دوافع سياسية مشوهة ، حيث ظهر أن معظم كتابات المستشرقين في الدول المستعمرة ذات أهداف مشبوهة وأحكام مسبقة ، لم تلتزم بالأمانة العلمية ، ولكن هناك بعض الأعمال الجليلة التي قام بها بعضهم ، فقد بلغ ما ألفوه في قرن ونصف القرن منذ أوائل التاسع عشر الميلادي حتى منتصف العشرين ستين ألف كتاب فيه الغث وفيه الثمين ، وفيه المتحامل ، وفيه الموضعي ، وقد لاحظ بعض الدارسين لحركة الاستشراق أن الألمان من أكثر المستشرقين دقة في التأليف ، وموضعية في استقصاء الحقائق التاريخية ، وربما يعود ذلك إلى ان ألمانيا كانت أقل الدول الأوروبية استعمارية ، وقد تجلى هذا الإخلاص في البحث والمعرفة من خلال الأعمال التي قام بها (( جوهان جاكوب رايسكه )) سنة1716 – 1774 هـ مؤسس الدراسات العربية في ألمانيا والذي تفانى في دراسة وخدمة اللغة العربية وآدابها ، وهناك آخرون أمثاله ,
ولعل الدور المطلوب حالياً من رجال الاستشراق ، بعد أن أصبحت عملية التعارف بين الشرق والغرب ممكنة وسهلة ، هو أن يقوموا على دراسة العلوم الاجتماعية والإنسانية ، والأخذ بمنجزات العصر الحديث ومكتشفاته ، والانفتاح بإخلاص وموضوعية على منجزات الشرق الإسلامي وحضارته الإسلامية العريقة .
- حركة التنصير والبعثات التنصيرية :2

التنصير هو عملية التحول إلى النصرانية سواء من الإسلام أو غيره من الديانات السماوية كاليهودية ، أو التقليدية كالوثنية وغيرها ، وللتنصير وسائله المتعددة من مدارس ، ومعاهد ، وجامعات ، ومستشفيات ، وملاجئ ، وصحافة ، وأفلام ، وإذاعة ، ودور نشر، وندوات ومؤتمرات ، وغيرهما من الأساليب والتكتيكات المدروسة والمجربة .
ودوافع حركة التنصير نابعة من العداء الذي يشعر به الغرب والكنيسة النصرانية للإسلام , ومن خوفهما منه , بسبب الاعتقاد الراسخ بأن الدين الإسلامي هو العقبة الحقيقية القائمة في طريق تقدم حركة التنصير في العالم , وفي سبيل سيطرة أوروبا على الشرق الإسلامي , فالعداوة بين الإسلام وبين الغرب مزيج من عدة دعاوي دينية وسياسية , ففي جانب الدعاوى الدينية يقول أحد دعامات حركة التنصير المدعو " زويمر " – " إن الهدف من التبشير هو تحويل المسلمين عن التمسك بدينهم " – ويقول غلادستون أحد رؤساء وزراء بريطانيا السابقين " ما دام هذا القرآن موجوداً فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق , ولا أن تكون هي نفسها في أمان " – ويقول متنصر آخر : " إن الدين الإسلامي هو العقبة القائمة في طريق تقدم التبشير بالنصرانية في أفريقيا " .
أما من جانب الدعاوى السياسية , فإن المتنصرين في نظر الاستعمار هم عيونه الذين يقومون بتمهيد السبيل له باستعمار الأمم الإسلامية , فيمدونه بما يحتاجه من معلومات عن المسلمين وعقائدهم , وآدابهم , وثقافاتهم , ويعملون على إظهار المستعمرين في غير مظهرهم الحقيقي حتى لا يتحد المسلمون في مقاومتهم له .
فالتنصير إذاً يهدف إلى تغريب أبناء الشرق المسلم , وإبعادهم عن دينهم وقيمهم وربطهم بأوروبا , وإلى تقطيع أواصر القربى بين الشعوب الإسلامية .
والذي لاشك فيه أن حركة التنصير خطر داهم على الإسلام والمسلمين لأنه تتستر وراءه مظاهر براقة خداعة , من ذلك وسائله والتي تبدو وكأنها أعمال خير , وهي ليست كذلك , فالغاية منها ليست خيراً , وإنما الوصول بالنصرانية إلى الشعوب الأخرى – المسلمة وغيرها – وإنشاء المستشفيات والمصحات والملاجئ , والأندية , والجمعيات الاجتماعية , والأندية , والمخيمات والإعلام وغيرها من الوسائل , بغرض نشر دينهم النصراني .
ومن أهم وسائل التنصير :

أ- إدخال المسلمين إلى الديانة النصرانية .
ب- فتح المؤسسات التعليمية , من رياض للأطفال , ومدارس , ومعاهد , وكليات , وجامعات في أنحاء العالم الإسلامي .
ج- تحطيم الحواجز بين المسلمين والكفار تحت ستار المساعدات الإنسانية الطبية والغذائية , وبخاصة في إندونيسيا , وبنغلاديش , وبعض البلدان الأفريقية.
د- التركيز على إفساد المرأة المسلمة , ومحاربة اللباس الشرعي ( الحجاب ) .
هـ- مراقبة العالم الإسلامي , والتجسس عليه , ورصد الحركات الإسلامية , والثابت الآن أنه لكثير من المؤسسات التنصيرية صلات مباشرة بدوائر الاستخبارات في بلادها .
و- السيطرة على العالم الإسلامي عن طريق التغيير التعليمي , والعمل الاجتماعي , بإحداث المؤسسات , وتقديم الخدمات المختلفة تحت ستار الإنسانية , وكذلك عن طريق المشروعات الاقتصادية والعمرانية .
وكنموذج لاستهداف المتنصرين للعالم الإسلامي نورد مثالاً وحداً هو استهدافهم لإندونيسيا المسلمة , ومنه سندرك حجم التآمر الذي تتعرض له بلدان المسلمين , وما يستوجبه ذلك على الأمة الإسلامية من يقظة وحذر , فالغارة التنصيرية على هذا البلد نشطة على الحد البعيد , وفي سباق مع الزمن لتحقيق أهدافها , لقد وضعوا خطة عملهم ضد إندونيسيا في مؤتمرهم الذي عقدوه في مدينة ( مالانج ) الإندونيسية في عام 1967م , حيث قرروا أنه يجب الانتهاء من تنصير جزيرة " جاوا " والتي بها حوالي 65 مليون نسمة خلال ستين عاماً , بكل السبل والوسائل , ولو عنى ذلك شراء المسلمين بالمال في ذلك البلد الفقير – ولدينا إحصائية توضح مدى الخطر الذي يهدد المسلمين في إندونيسيا , وهي :
( إحصائية لعام 1990م لمجلس كنائس إندونيسيا لطائفة البروتستانت ) والتي توضح أنه يوجد في إندونيسيا :
- 15819 كنيسة بروتستانتية .
- 6997 قسيس بروتستانتي .
- 20203 متنصر ( مبشر ) متفرغ .
إحصائية لعام 1990م للكنيسة الكاثوليكية في إندونيسيا والتي توضح :
- 10520 كنيسة كاثوليكية في إندونيسيا .
- 8730 قسيس كاثوليكي .
- 10116 متنصر ( مبشر ) متفرغ .
ليس هذا فحسب بل إن مؤسسات التنصير تملك عدداً كبيراً من السفن , والطائرات العمودية لمساعدة المتنصرين على الانتقال بين المدن والقرى , والثلاثة آلاف جزيرة التي تتكون منها إندونيسيا – كما أن المتنصرون يمتلكون عدداً كبيراً من دور النشر , والمطابع الحديثة التي تقوم بطباعة كتب الأطفال , والقصص المصورة , وطباعة الإنجيل وتوزيعه مجاناً , هذا بالإضافة إلى المكتبات العامة , وشبكة اتصالات لاسلكية حديثة لتنسيق أعمال الإرساليات ولهم وسائل إعلامهم من صحف , وإذاعات محلية في شتى أنحاء البلاد , ولهم عشرات المعاهد , والجامعات , والمستشفيات الكبرى والمتنقلة , وتكفي الإشارة أن مؤسسة تنصيرية واحدة تقوم على 180 مستشفى , 129 مستوصف للولادة , 345 صيدلية , و45 عيادة متنقلة .
كما أن مجلس الكنائس العالمي والفاتيكان يسهمون بطريقة مباشرة في أعمال التنمية في إندونيسيا تحت شعار ( من الكنيسة إلى المجتمع ), حيث أنشأوا " هيئة مجلس الكنائس " للمساهمة في أعمال التنمية كمدخل جديد للوصول إلى قطاعات من السكان لا يستطيعون الوصول إليها بالطرق التقليدية , وهناك العديد من المنظمات الأمريكية غير الحكومية العاملة في مجال التنصير والتي تحصل على دعم من بعض وكالات الأمم المتحدة , مثل منظمة الصحة العالمية , who , ومنظمة الأغذية العالمية fao , ومنظمة اليونسكو , واليونسيف إلخ , علماً بأن الدول العربية والإسلامية تسهم في ميزانيات منظمات الأمم المتحدة تلك , ومن تلك المنظمات المستفيدة من دعم الأمم المتحدة هي :
أ- مجلس الإرساليات الطبية الكاثوليكية والذي يعمل من خلال الطب والصحة والعامة .
ب- خدمات الإغاثة الكاثوليكية .
ج- صندوق الأطفال المسيحي .
د- جمعية الرحمة الدولية , وتعمل في مجال رعاية الأيتام , والأطفال اللقطاء إلخ .
هـ- المنظمة الكاثوليكية .
وهذه مجرد أمثلة لبعض المنظمات التنصيرية المدعومة دولياً والتي تعمل في جد ومثابرة في إندونيسيا .
وإلى جانب هذه المنظمات فإن هناك العديد من المدارس , والمعاهد والمستشفيات , وملاجئ الأيتام , ودور العجزة ومراكز الشباب التي تتبناها وترعاها منظمات ومؤسسات تنصيرية في هولندا – الدولة التي كانت تستعمر إندونيسيا .
ويبقى الفقر منفذاً أساسياً يتسلل منه المتنصرون إلى صفوف المسلمين , ولابد للحكومات والمنظمات الإسلامية من سد هذه الثغرة , والتنبيه لخطر حركة التنصير , والوقوف – بطرق علمية مدروسة – أمام مخططاتها الشريرة .. فهي تعمل عبر وسائل ماكرة خادعة .

4- الميراث الاستعماري:

اهتم الاستعمار بتشجيع النزعات القومية والعنصرية برغم أن الإسلام دين لكل البشر , والناس كلهم سواسية في الإسلام , وأمته أمة واحدة , دينها واحد , ورابطها واحد , وليس في الإسلام عصبية , أو قبلية , أو قومية , فقد حاربها الإسلام جميعاً حينما جعل المسلم أخا المسلم , فقال سبحانه وتعالى في سورة الحجرات :} إنما المؤمنون أخوة { .. ولما كان الاستعمار يدرك هذه الحقيقة , ويعلم أهميتها بالنسبة للمسلمين , فقد عمل على إزالتها من نفوسهم , فمثلاً أراد أن يبعث في مصر فكرة " الفرعونية " التي تقوم على إحياء التراث العمراني – تراث ما قبل الإسلام – والاعتزاز به , كما بعث " الفارسية " في إيران , وسوغ لها وللحضارات الفارسية القديمة السابقة لحضارة الإسلام , الاعتزاز بتاريخ الفرس القديم , وكذلك أثار الاستعمار دعوى " الفينيقية " في بلاد الشام لنفس الأسباب والأهداف ثم " الآشورية " في العراق , و " البربرية " في المغرب , ولكن أهل المغرب قاوموها , والغرض من كل هذه الدعوات الإقليمية الضيقة هو سلخ أجزاء العالم الإسلامي بعضها عن بعض تمهيداً لاستعمارها والسيطرة عليها .
ولما لم تنتصر هذه الدعوات الضيقة لجأ الاستعمار إلى نشر أفكار جديدة , مثل فكرة العروبة التي أراد لها أن تكون رابطة قومية للعرب مناقضة للإسلام , ثم أشعل النار بين القوميتين – العربية والتركية – وحاول التفريق بينهما , بعد أن كان الإسلام يجمع بين الأمتين على مدى العصور الإسلامية المختلفة .
وفي ظل القومية العربية انسلخ القوميون عن جسم العالم الإسلامي , ونظروا إلى قضاياه بما ينسجم ونظرتهم القومية , لا كما يمليه عليهم إسلامهم , فمثلاً سميت قضية فلسطين بالقضية العربية كأن لا علاقة للدول الإسلامية غير العربية بها , وهي في الواقع قضية إسلامية .
والغرض من إثارة كل هذه الأفكار العنصرية الضيقة سواء كانت قومية , أو وطنية , أو اشتراكية , وغيرها – هو اعتبار الدين عنصراً لا أهمية له ,
ولعل من أوضح الأمثلة على تشجيع الاستعمار للنعرات العنصرية مشكلة جنوب السودان , ومشكلة الأكراد في العراق , وتركيا وسوريا وهو ما سنتناوله بشيء من التوضيح فيما يلي :
أ- مشكلة جنوب السودان :

هي مشكلة ورثها السودان من الاستعمار البريطاني , وهي من صنع ذلك الاستعمار , الذي سعى بكل السبل إلى تعمق الفوارق العرقية , والدينية والثقافية بين شمال السودان وجنوبه بهدف فصل الجنوب عن الشمال – فعزل الجنوب إدارياً , وثقافياً ودينياً عن الشمال , وأدخل في روح الجنوبيين أنهم مستعمرون من سكان الشمال المسلمين , وأن العرب في الشمال يستغلونهم ويغمطونهم حقوقهم السياسية والاقتصادية , وأن أهل الجنوب عرقياً مختلفين عن أهل الشمال , ومن أجل تعميق هذه الأفكار وغيرها أطلق للإرساليات التنصيرية يدها في الجنوب , فمنحها كل ما تحتاجه من عون وسند , وبالمقابل حارب الإسلام هناك , ومنع انتشاره بكافة السبل , وسن القوانين لمنع اختلاط أهل الشمال بأهل الجنوب خوفاً من أن ينتشر الإسلام بينهم , وقد أدت سياسة العزل السياسي والحضاري هذه إلى المواجهة بين الشمال والجنوب , وليست الحرب الدائرة في جنوب السودان الآن – والتي تستنزف موارد البلاد كلها – حرباً بين الإسلام والنصرانية كما تصورها أجهزة الغرب الإعلامية الاستعمارية , وإنما هي نتيجة لتفاعلات الخلافات الحضارية , والثقافية والسياسية التي زرعها الاستعمار البريطاني , والمؤسسات الكنسية في أرض الجنوب , وهي أيضاً نتيجة الأباطيل التي ملأ بها الاستعمار عقول بعض الجنوبيين ممن تخرجوا في مدارس الجنوب ,
ب- المشكلة الكردية :

وهي أيضاً من صنع الاستعمار يوم أن خطط الحدود السياسية التي تفصل بين أمة تركية وأمة عربية , وأمة إيرانية – ثم فرق الأكراد ,وألحق كل مجموعة منهم بوطن من أوطان هذه الأمة الإسلامية , فمزق هويتهم , وعمق إحساسهم بالضياع والتشتت , فمواطنهم متعددة وواقعة في أرض وعرة التضاريس , بعضها في شمال العراق , وبعضها الآخر في شرق , أو جنوب شرق تركيا , وبعضها الثالث في غرب إيران , ومن ثم تولد للأكراد شعور بأنهم حبيسوا هذا الوطن المحدد تحيط بهم الأمة العربية والأمة الإيرانية , والأمة التركية من كل جانب , وأنهم سلالياً مختلفين عن هذه الأمم –
ج- المشكلات الحدودية :

وهذه من أقسى المشكلات التي ورثتها الاستعمار للحكومات الوطنية التي خلفته في حكم كثير من بلدان العالم الإسلامي , فقد قسم الاستعمار البلاد الإسلامية التي سيطر عليها إلى مناطق نفوذ , بريطانية , وفرنسية , وإيطالية إلخ , ثم قسم مناطق النفوذ تلك إلى مناطق وحدات متعددة وقد بدى ذلك واضحاً في سياسة الاستعمار الفرنسي في سوريا , حيث قسمها إلى أربع وحدات , ثم إلى وحدتين هما : سوريا ولبنان , وسياسة الاستعمار في كل ذلك هي ترسيم حدود جغرافية مصطنعة دون مراعاة لخطورة تمزيق العناصر البشرية الواحدة , وهد الاستعمار دائماً هو تمزيق العالم الإسلامي جغرافياً وسكانياً , وخلق بؤر صراع بين كل دولة وجارتها وبخاصة في المناطق ذات الثراء الاقتصادي , فمثلاً عمد إلى خلق ما يعرف بالمناطق المحايدة بين بعض الدول الخليجية وغيرها , الأمر الذي أثار صراعات حدودية بين تلك الدول ,فهناك الآن صراع بين المغرب والجزائر على بقعة من الأرض ذات ثراء معدني , ثم كانت قضية الصحراء المغربية , ثم اقتطع الاستعمار لواء الإسكندرونة السوري وألحقه بتركيا , وهناك قضية شط العرب والحدود بين إيران والعراق , وقضية كشمير بين الهند وباكستان , وبين بعض دول الخليج , بعضها مع بعض , والتي وصل بعضها إلى محكمة العدل الدولية بلاهاي .
  رد مع اقتباس
قديم 2011- 11- 23   #95
الغَـدَقْ
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية الغَـدَقْ
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 28090
تاريخ التسجيل: Thu Jun 2009
المشاركات: 3,590
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 6210
مؤشر المستوى: 104
الغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to beholdالغَـدَقْ is a splendid one to behold
بيانات الطالب:
الكلية: KF University
الدراسة: انتساب
التخصص: Business administration
المستوى: المستوى الثامن
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
الغَـدَقْ غير متواجد حالياً
Ei11 ملخص حاضر العالم الاسلامي

يتبع >> الفصل الرابع
د- سيطرة ثقافة المستعمر :

من الإستراتيجيات التي اعتمد عليها الاستعمار في تركيز هيمنته على الدول الإسلامية الواقعة تحت سيطرته , تغليب ثقافته ولغته على ثقافة ولغة تلك الدول , وخلق طبقة من متعلمي ذلك البلد – تعملوا في معاهده وعلى يديه – لتقوم بأعباء الحكم من بعده , وهذا ما عرف بتهيئة الأقليات للحكم , وبخاصة الأقليات النصرانية التي ستقوم برعاية مصالحه ( المستعمر ) على حساب مصالح أممها الإسلامية , فمثلاً تتحكم الأقليات النصرانية الحاكمة في عدد من البلاد الأفريقية ذات الكثافة المسلمة , كان ذلك في تشاد – على سبيل المثال – وحتى عهد قريب – فقد حكمت تلك البلاد فئة تقل نسبتها عن 10% من نسبة السكان المسلمين - وقد تغير هذا الوضع الآن , أما في أرتيريا , وأثيوبيا وتنزانيا مثلاً فالحكم للأقلية النصرانية التي تتحكم في رقاب الكثرة المسلمة هناك , ولعل السبب في ذلك أن الاستعمار قد عمل في تلك البلاد وغيرها على جعل الأكثرية المسلمة في حالة من الجهل , والفقر والتأخر بحيث لا تستطيع تولي المراكز القيادية في الدولة ,
هـ - إسقاط الخلافة الإسلامية في الدول العثمانية :

عمد المستعمرون بعون من الصهيونيين والعلمانيين – كما رأينا في موضع سابق– إلى إسقاط الخلافة العثمانية , لكونها نواة اتحاد المسلمين , ولكونها أساس الحكم في الإسلام , والقائمة على أمور المسلمين كلهم , وقد تعرضنا سالفاً لكيفية إسقاط الخلافة , والآثار السلبية التي ترتبت على إسقاطها .**
اتجاه مقاومة الاستعمار الغربي في القرن
الثالث عشر الهجري ( التاسع عشر الميلادي )
الصحوات الإسلامية :

لمصطلح " الصحوات الإسلامية " عدة معاني : فهو يطلق مثلاً على الحركات الإسلامية التي ظهرت في بعض بلدان العالم الإسلامي ، خاصة في القرن الثالث عشر الهجري ( التاسع عشر الميلادي ) ، التي قامت بهدف محاربة ما ساد تلك البلاد من سلوك وممارسات تتنافى مع جوهر الدين الإسلامي الحنيف ، وذلك عن طريق إعادة الدين إلى مكانته الأولى التي عاشها زمن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وزمن خلفائه الراشدين رضوان الله عليهم جميعاً ، أي الرجوع إلى دين السلف الأول الخالي من البدع والضلالات .
ولقد كانت إحدى تلك الحركات دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية في نجد ، وكذلك الدعوة السنوسية التي اتخذت من برقة بليبيا منطلقاً لها ، والثورة المهدية في السودان ، ويشمل مصطلح " الصحوات الإسلامية " إلى جانب هذه الحركات الثلاث ، فكرة " الجامعة الإسلامية" التي تزعم الدعوة إليها جمال الدين الأفغاني ، وساعده في نشرها صديقه وتلميذه المصلح الإسلامي محمد عبده ، وحمل لواءها من بعد ذلك الشيخ رشيد رضا ، صاحب مجلة " المنار" الإسلامية ، وأنصاره ممن ساروا على دربه السلفي .
واتسع مدلول مصطلح " الصحوات الإسلامية " ليشمل الحركات التحررية التي شهدتها بعض بلدان العالم الإسلامي ، الرامية للتخلص من السيطرة الاستعمارية المعادية للإسلام وأهله ، كما أصبح هذا المدلول يطلق على بعض المشروعات الوحدوية الإسلامية والعربية التي تعمل على جمع شمل المسلمين ، وتعزيز تضامنهم ، مثل منظمة المؤتمر الإسلامي ، ورابطة العالم الإسلامي ، وما تفرع عنهما من مؤسسات ثقافية ، واقتصادية ، وإعلامية .
وهناك من يرد بدايات هذه الصحوة إلى أوائل القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي – حيث كانت أفكار شيخ الإسلام ابن تيمية الذي عاش وعايش دمار التتار في العالم الإسلامي ، فدعا الى الرجوع إلى إسلام السلف الصالح الخالي من البدع والشوائب ، وإلى فتح باب الاجتهاد ، وترك طريق الفلاسفة والمتكلمين لأنها لاتتفق مع الروح السلفية.
1- الحركة السلفية في نجد :

نشأ الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي في نجد حيث انتشر المذهب الحنبلي بعد موت الإمام أحمد بن حنبل في عام 241 هـ في بلدة " العيينة " سنة 1115 هـ / 1703 م في أسرة علمية ميسورة الحال و" العيينة " قرية باليمامة غرب مدينة الرياض ، تتلمذ على أبيه ، وحفظ القرآن الكريم عندما بلغ العاشرة من عمره ، وأحاط في حلقة أبيه بكتب السلف ، وبخاصة بمؤلفات ابن تيمية، وقد تأثربها ،وكان لشخصية ابن تيمية أثر واضح في تكوين شخصيته، ثم أثر الرحلات التي قام بها في طلب العلم ، فقد زار الحجاز حاجاً وشهد هناك مظاهر كثيرة للشرك من تعظيم للقبور ، واستغاثة بالموتى ، كما أنه تأثر بما شاهده في المسجد الحرام من حلقات طلاب العلم حول مشايخ يدرسون مختلف العلوم النافعة ، وبما لاحظه من وحدة إسلامية متجلية في مشاعر الحج ، وكانت هذه الانطباعات حافزاً له لمواصلة تعليمه ، ثم زار المدينة المنورة ورجع إلى بلده العيينة ، ولكنه سرعان ما رجع مرةً أخرى إلى الحجاز لتلقي العلم على علمائه ، وهناك أدرك حاجة الأمة بعامة ، وحالة نجد والحجاز بخاصة للإصلاح ، ثم عاد إلى نجد ، وارتحل مرة أخرى إلى البصرة طلباً للعلم ، فدرس فيها الفقه والحديث على عدد من علمائها ،
وفي البصرة رأى الشيخ محمد كثيراً من الأمور التي كانت مخالفة للحق ، فاستنكر كل ذلك في مجالسه ، مما أثار عليه بعض العامة ، فأخرج من البصرة، وتوجه إلى الأحساء ، ثم إلى حريملاء ، وفيه أي " حريملاء " وضع كتابه " التوحيد الذي هو حق المولى على العبيد " وأعلن دعوته ، فحاولوا قتله ، فهجر " حريملاء " إلى بلدة " العيينة " حيث ناصره أميرها عثمان بن حمد بن عبدالله بن معمر ، فجاهر بدعوته ، وازداد أتباعه ، وظهر أمره لمساندة السلطة له ، وفي العيينة بدأ تطبيق مبادئ دعوته ، فقام هو وأتباعه بقطع الأشجار التي يتوسل بها الجهال ، وهدم القبة المبنية على قبر في الجبلية كان الناس يظنون أنه قبر زيد بن الخطاب رضي الله عنهم......
وبعد إخراج الشيخ محمد من العيينة ، ذهب إلى الدرعية ، وهناك كان إئتلافه مع أميرها محمد بن سعود ، وتعاهدهما على نشر الدعوة ، وتطبيق مبادئها ، فكان قيام الدولة السعودية الأولى على منهاج هذه الدعوة السلفية .
ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لا تنادي بمذهب جديد ، وإنما تنادي بإحياء الدين ، والدفاع عن السنة ، والوقوف في وجه الخارجين عليها ، والشيخ يجتهد برأيه..
.. وقد أقام دعوته على المبادئ التالية :
1- العودة بالإسلام إلى صفائه الأول ، وذلك بالرجوع إلى الكتاب والسنة في معالجة أمور الحياة .
2- الدعوة إلى التوحيد ، وتحرير الذات الإنسانية من الاستعباد للبشر ، فلا إله إلا الله وحده ، والخلاص من كل ما يتنافى مع التوحيد وكماله ، مثل التبرك بالأولياء ، والتمسح بالمشايخ ، والتقرب إلى الله بزيارة قبور الصالحين .
3- إنكار تأويل القرآن ، والاهتمام بظاهر النص .
4- فتح باب الجهاد ، وتحرير الفكر الإنساني من مذلة التقليد .
5- الدعوة الصادقة للإسلام بالجهاد في سبيل الله ، آمراً بالمعروف أو ائتماراً به ، ونهياً عن المنكر ، أو انتهاءً به ، ومن ثم فقد تعاهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب مع الأمير محمد بن مسعود على الحرب ، وخاض معاركها .
ومن ثم فإن أهم ما تهدف إليه دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إفراد الله سبحانه بالعبادة ، ومحاربة الشرك بجميع أنواعه ..
وقد كان لهذه الدعوة آثار واضحة في عدد من بلدان العالم الإسلامي ، وكان لأثرها أسباب ، منها :
1- أن الدعوة قامت وترعرعت وقويت في أواسط الجزيرة العربية – بعيدة عن التحديات الخطيرة التي واجهها العالم الإسلامي كله من خلال النفوذ الاستعماري الزاحف .
2- كما أن الدعوة انبعثت في الجزيرة العربية – مهد الإسلام – وأنها استهدفت كل المسلمين القادمين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي قاصدين بيت الله الحرام .
وقد حرص الاستعمار – من ثم – على وأدها والقضاء عليها ، فأوغر صدر الدولة العثمانية عليها ، وأوهمها أن فيها خطراً عليها وعلى نفوذها ، فأوعزت الدولة بدورها إلى محمد علي باشا في مصر بإسقاطها ، فجرد عليها الجيوش ، واستطاع القضاء على دولتها في الدرعية ، ولكنه لم يستطع القضاء على الدعوة وفكرها ، فاستطاعت الدعوة أن توسع مداها ، وتاثر بها دعاة سلفيون آخرون في الهند ، والعراق ، والشام ، ومصر ، والمغرب ، فكان من تلاميذها الألوسي الكبير في بغداد ، وجمال الدين القاسمي في الشام ، وخير الدين التونسي في تونس ، وأحمد بن عرفان الشهيد ، وصديق حسن خان في الهند ، وعثمان دن فوديو في أفريقيا ، وغيرهم ، وانبعثت منها حركات ودعوات أخرى ، كالسنوسية في الشمال الأفريقي ، والحركة المهدية في السودان .
- الحركة السنوسية في ليبيا :

هي إحدى التيارات الإصلاحية الإسلامية التي نشطت في أنحاء متعددة من العالم الإسلامي منذ منتصف القرن الثالث عشر الهجري / الثامن عشر – التاسع عشر الميلادي ، بهدف القضاء على البدع ، والعودة بالإسلام إلى نقائه الأول ، مؤسسها هو محمد بن علي السنوسي المولود في إحدى قرى الجزائر في عام 1202 هـ / 1788 م، والمتوفى في ليبيا عام 1276 هـ / 1859 م ، والسنوسية ليست مذهباً دينياً ، أو حركة سياسية قومية نشأت أصلاً لتحقيق أغراض سياسية ، أو مطالب قومية .
تأثر السنوسي بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إبان وجوده بمكة ، وكانت غايته هي العودة بالعقيدة الإسلامية إلى جوهرها الأصيل ، وذلك عن طريق نشر الدعاة ، الذين كان يرى أن إنشاء " الزاوية " أمر ضروري لإعدادهم ، ولبث الدعوة ، لا سيما في البيئة الصحراوية ، خاصة وان السنوسية كانت قد اتخذت من الصحراء الليبية ميداناً لنشاطها .
وتتفق السنوسية في مبادءها مع كافة المبادئ التي نادى بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، كالعودة بالإسلام إلى نقائه الأول ، والتركيز على الكتاب والسنة ، وفتح باب الإجتهاد ، وتنقية الدين مما علق به من ضلالات وبدع...
وقد استطاعت الدعوة السنوسية أن تنتشر في شمال أفريقيا ، وأجزاء من غربها ، وأن تنشر الإسلام بين القبائل الوثنية هناك عن طريق دعاتها وزواياها المنبثة في كل مكان – والسنوسية امتداداً للدعوة السلفية وإن اختلفت في وسائل نشر مبادئها ، وقد تحولت السنوسية كليةً إلى مقاومة عسكرية مسلحة عندما دخلت إيطاليا إلى إقليم طرابلس الغرب في عام 1329 هـ / 1911 م .
واستطاعت السنوسية أن تحقق عدة نجاحات منها : إصلاح المجتمع البدوي الليبي ، حيث أوجدت في الصحراء مجتمعاً متحداً ومتعاوناً ، كما أنها أوجدت سلطة دينية تولت الإشراف على الفرد والجماعة في تلك الأصقاع الصحراوية ، ونشرت العلم والمعرفة الدينية في الصحراء عن طريق زواياه المتعددة ...

3- الحركة المهدية في السودان
قامت هذه الحركة على يد مؤسسها محمد أحمد المهدي ( 1844 – 1885 م ) الذي ولد في جزيرة " لبب " جنوب مدينة دنقلة ، لأسرة قيل إنها من " الأشراف " وقد حفظ القرآن في صغره في " خلوة " القرية ، ثم تجول في أنحاء السودان طلباً للعلم ، وتعددت اتصالاته برجال الدين السودانيين ، واصحاب الطرق الصوفية ، وكان لترحاله هذا دخوله في إحدى الطرق الصوفية ثم خروجه منها ، أكبر الأثر في الدعاية له ، كرجل عابد زاهد ، يتأفف عن أكل الحرام ، وقد ساعدته هذه السمعة الطيبة على تكوين جماعة جديدة تأتمر بأمره ، وتنفذ إرشاداته ، كما أن تجواله ذاك مكنه من الاطلاع على أحوال المسلمين السيئة في شتى أنحاء السودان ،إضافة إلى ذلك فقد اطلع محمد أحمد المهدي في رحلاته تلك على أحوال البلاد السياسية السيئة ، الأمر الذي جعله يفكر في كيفية إصلاح أحوال أهل السودان الدينية والدنيوية ..
وقد اشتهر محمد أحمد بالزهد ، والورع والتقشف ، الأمر الذي دعاه إلى الانتقال ، والعيش في جزيرة نائية على النيل الأبيض – هي الجزيرة " أبا " بغرض الاختلاء والتعبد ، وربما لجمع الأتباع حوله استعداداً لبدء حركة تعمل على إصلاح أحوال المسلمين في السودان – الدينية والدنيوية –..
وكانت تعاليمه تتلخص فيما يلي :
1 – العودة بالإسلام إلى ما كان عليه في أيامه الأولى ، بالاعتماد على الكتاب والسنة .
2- التوحيد بين المذاهب السنية الأربعة ، والانفراد بمذهب اجتهادي خاص .
3- حصر الطريق الموصل إلى الله في أمور هي :
أ- صلاة الجماعة . جـ - امتثال أوامر الله ونواهيه .
ب – الجهاد في سبيل الله . د – الإكثار من كلمة التوحيد .
هـ - تلاوة القرآن . و – تلاوة الأوراد .

4- تحريم زيارة قبور الأولياء ، وتحريم الرقص والغناء ، ومنع البكاء ، وراء الميت ، وإبطال السحر ، وكتابة الحجب ، وشرب الدخان والخمر .
5- البساطة في الملبس ، والمأكل ، وحفلات الزواج .
6- القضاء على الفساد السياسي في السودان ، وبقية الأقطار الإسلامية ، والإحاطة بالنظام القائم – أي النظام العثماني ، وقد كان لهذا الموقف المعادي للدولة العثمانية أكبر الأثر في القضاء على الحركة المهدية .
وقد نجح المهدي في تحرير السودان من الحكم التركي – المصري – كحكم محمد علي وأبنائه للسودان ، واستولى على العاصمة الخرطوم في عام 1885 م ، وظلت الدولة المهدية قائمة على حكم السودان حتى قضت عليها حملة مصرية يقودها جنرال بريطاني هو " كتشنر " في عام 1899 م ، والذي استطاع بسط الحكم الثنائي في السودان في أعقاب هزيمته للحركة المهدية ، وذلك هو الحكم المسمى بالحكم الانجليزي – المصري للسودان ، والذي كان في واقع الأمر حكماً إنجليزياً محضاً للسودان ، لكون مصر ذاتها واقعة حينئذ تحت الاحتلال البريطاني منذ القضاء على ثورة عرابي في سنة 1882 م .
ثانياً : دور الأزهر والقرويين والزيتونة:

كان لهذه المؤسسات التعليمية الدينية دور في مجال الصحوات الإسلامية ، وهو دوراً كثيراً ما أغلفه وأهمله الكتاب والباحثون ، لذا سنلقي الضوء على الدور فيما يلي :
1- الجامع الأزهر :

من أقدم الجامعات الإسلامية التي عرفها العالم ، فقد ظل منذ إنشائه في عام 359 هـ بمدينة القاهرة ، سنداً وحامياً للدين الإسلامي ، ولتراثه الفكري كله ، حتى في أحلك الظروف وأصعبها عندما تعرضت مصر والأمة الإسلامية للغزوات التتارية ، والصليبية الاستعمارية التي هددت كيان الأمة الإسلامية ، كما أنه ظل منارة علم وهداية يستضاء به في كل مكان من العالم الإسلامي ...
والأزهر الآن مؤسسة تعليمية حديثة شملها التطور فأصبحت فيه كليات للطب ، والهندسة ، وبقية العلوم العصرية ، ولكنه ما زال الحصن الأمين للدين الإسلامي ، القائم على تراثه ، وتعاليمه ، والعامل على تطويرها ، وتحديثها ، ونشرها بين المسلمين .
2- جامع القرويين :

يقع في مدينة فاس بالمغرب الأقصى ، ويرجع إليه الفضل في استمرار الوجود الإسلامي في تلك الديار ، وفي حفظ اللغة العربية ، والتعاليم الإسلامية ونشرها في سائر أطراف أفريقيا الغربية ، وقد أنشئ عام 245 هـ / 859 م ، وظل يؤدي دوره كمصدر إشعاع إسلامي دون انقطاع ، ولم يتعرض إلى ما تعرض إليه الأزهر ، أو جامع الزيتونة ، وهو من أغنى المساجد الإسلامية من حيث فسحة أراضيه ، وكثرة عقاراته ..
وقد لمعت أسماء بعض من تلقوا العلم في القرويين – من أمثال – ابن العربي ، وابن بطوطة ، وان خلدون ، وغيرهم ممن أثروا تراث الأمة الإسلامي الثقافي ، وإليه كانت تلك السفارات من المشرق ، ومن الأندلس وتونس وغيرها ، كسفارة صلاح الدين الأيوبي إلى المغرب ، يحضرون مجالس علمائه ، وينهلون من فيض علمهم ، وقد كان لعلمائه مشاركتهم في أحداث بلادهم السياسية والعسكرية ، فمثلاً كانت استجابة المرابطين لنجدة الأندلس نتيجة – ضمن عوامل أخرى – لفتوى أصدرها علماء جامع القرويين ..
3- جامع الزيتونة :

أنشئ هذا الجامع في فترة مبكرة في عام 114 هـ / 732 م ، وكان له الفضل الأول في إنشاء جامع وجامعة القرويين بفاس ، حيث أمدها بالعلماء ، والمناهج والكتب – وكانت وكأنها فرع له.
ولم يلبث جامع الزيتونة أن تعثر في مسيرته في القرن الخامس الهجري على أثر تغلب عرب " بني هلال " ، وأصبح أثراً بعد عين ،الأمر الذي مكن جامع القرويين من الازدهار ، ورغماً عن نهضة جامعة الزيتونة من جديد ألا أنه عانى ثانية في القرن العاشر من تدخل الأسبان .
وجامع الزيتونة أحد المؤسسات التعليمية الإسلامية في الشمال الأفريقي ، وقد اقترن اسمه في مجال تعليم العلوم الدينية بجامع القيروان في تونس ، وجامع القرويين بفاس في المغرب الأقصى ، وبالجامع الأزهر في القاهرة .
والواقع أن بداية تأسيس مسجد الزيتونة كان في حوالي عام 80 هـ / 699 م على يد حسان بن النعمان والي أفريقية في عهد الدولة الأموية ، وقد أعاد بناءه من جديد عبيد الله الحبحاب عام 114 هـ / 732 م عندما كان والياً على المغرب ، وربما سمي " الزيتونة " ليكون منارة إسلامية يستضيئ بنوررها وعلمها المسلمون ، وكانت الدراسة فيه على نظام " الحلقات " المعروف ، حيث يتحلق الطلاب حول العلماء يتلقون عنهم المعارف الإسلامية ، مثل الفقه ، وعلوم القرآن واللغة إلخ ، وقد نظمت الدراسة فيه عام 1309 هـ / 1891 م ، فأصبح الحصول على شهادة اجتياز امتحان معين هي الشرط الأساس لأن يصبح العالم مدرساً فيه ، وأصبح الطالب المتخرج منه يمنح شهادة تسمى بشهادة " التطويع " .
ولجامع الزيتونة دور مماثل لدور الجامع الأزهر في مصر وذلك أن كليهما استطاع أن يقوم بدور فاعل في التصدي للفكر الشيعي ، وان يعيد لمذهب أهل السنة والجماعة مكانته الحاسمة الفاصلة في العالم الإسلامي سواء في المشرق أو المغرب ، ففي عهد الفاطميين حاولت هذه الدولة نشر مذهب الشيعة الإسماعيلي بين أهل المغرب ، ومحو المذهب السني ،واستمر الأمر كذلك حتى عهد حاكم تونس المعز بن باديس رابع ملوك الدولة الصنهاجية ، الذي نبذ المذهب الشيعي في عام 441 هـ / 1049 م ، وبايع الخليفة العباسي ، وأعاد تونس إلى مذهب أهل السنة والجماعة ، وقد كان لجامع الزيتونة دور رائد في تأصيل هذا المذهب ، فقد تولى علماؤه مكافحة العقائد المخالفة له ، حتى عم مذهب الإمام مالك بن أنس الديار التونسية ، وهكذا فقد كان " الزيتونة " كما كان " الأزهر " وكما كان " القرويين " مساجد كالحصون حمت العقيدة ، ودافعت عنها ، وحفظتها في أوقات الأزمات والخطوب التي ألمت بالأمة الإسلامية.


<< طبعا انتو عارفين الدكتور حاذف من الفصل الرابع الحركة السنوسيه في ليبيا وجامع القرويين

وتقدرون تلخصونه عشان المذاكرة تكون سهله وميسرة

وموفقين بنات

دعواتكم
  رد مع اقتباس
قديم 2011- 11- 24   #96
BLACK
أكـاديـمـي فـعّـال
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 24308
تاريخ التسجيل: Wed Apr 2009
المشاركات: 271
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 100
مؤشر المستوى: 66
BLACK will become famous soon enoughBLACK will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الاداب بالدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات اسلامية
المستوى: المستوى الثامن
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
BLACK غير متواجد حالياً
رد: Students of Islamic Studies level 7 المستوى السابع

بنات متى اختبار الحاضر (سنه رابعه)
ماحضرت اللقاء
اي ساعه بيكون؟؟
  رد مع اقتباس
قديم 2011- 11- 24   #97
نبراس العلم
أكـاديـمـي فـعّـال
 
الصورة الرمزية نبراس العلم
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 94159
تاريخ التسجيل: Wed Nov 2011
المشاركات: 390
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 118
مؤشر المستوى: 56
نبراس العلم will become famous soon enoughنبراس العلم will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الاداب بالدمام
الدراسة: انتظام
التخصص: لغة عربية
المستوى: المستوى الثامن
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
نبراس العلم غير متواجد حالياً
Icon28 رد: Students of Islamic Studies level 7 المستوى السابع

للي تدرس مادة حاضر العالم مع الدكتورة منيرة الهمشري شعبة يوم السبت صباحا هل الفصل الثالث محذوف للي عن العلمانية والقادينية ..الخ ؟؟؟
  رد مع اقتباس
قديم 2011- 11- 24   #98
تفاااحه
متميزة في منتدى كلية الاداب الدمـآم
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 90592
تاريخ التسجيل: Sun Oct 2011
المشاركات: 515
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 57
مؤشر المستوى: 59
تفاااحه will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كليه الاداب بالدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات اسلاميه
المستوى: المستوى الثامن
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
تفاااحه غير متواجد حالياً
رد: Students of Islamic Studies level 7 المستوى السابع

الي تسال عن امتحان الحاضر بيكون ع حد علمي 3 من شهر 1 يوم الاثنين الساعه 12 الظهر للساعه 1 بقسم التاريخ وباققي ان شاء الله اتاااكد اذا بتروحين الكليه تلاقين ورقه عند مكتب امل العرفج فيه المعلومات عن الامتحان هناك
  رد مع اقتباس
قديم 2011- 11- 24   #99
BLACK
أكـاديـمـي فـعّـال
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 24308
تاريخ التسجيل: Wed Apr 2009
المشاركات: 271
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 100
مؤشر المستوى: 66
BLACK will become famous soon enoughBLACK will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الاداب بالدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات اسلامية
المستوى: المستوى الثامن
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
BLACK غير متواجد حالياً
رد: Students of Islamic Studies level 7 المستوى السابع

يعطيك العافيه
مااقدر اداوم ليت اللي حضرت اللقاء تقولنا من وين الا وين
  رد مع اقتباس
قديم 2011- 11- 24   #100
تفاااحه
متميزة في منتدى كلية الاداب الدمـآم
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 90592
تاريخ التسجيل: Sun Oct 2011
المشاركات: 515
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 57
مؤشر المستوى: 59
تفاااحه will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كليه الاداب بالدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات اسلاميه
المستوى: المستوى الثامن
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
تفاااحه غير متواجد حالياً
رد: Students of Islamic Studies level 7 المستوى السابع

اختبار الحاضر من الفصل الاول والثاني والثالث والرابع
الاسئله بتكون مقاليه وهي عباره عن ..1.. السؤال الاول اجباري تحله الطالبه
2...السوال الثاني عباره عن سوالين تختار الطالبه حل واحد منهم
وبقولكم معلومه استنتجتها يوم اللقاء <<الدكتور يوم يوضح كيف راح يجي السوال الاول الاجباري قال مثلا يجيكم السوال من 3 فقراات عددي عوامل ضعف العالم الاسلامي ماهي عوامل وحده العالم الاسلامي وماهي مبادئ البهائيه فحسيت انها مهمه وممكن تكون من ضمن الاسئله فديتكم ربي يوفقنا جميعا
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
~/ وللختام عبقه الخاص \~ Reme منتدى كلية العلوم و الآداب بالنعيرية 5 2012- 7- 31 08:40 AM
مراجعـــة الصحه واللياقه .. من واقع المذاكــــــــره βaŷaņ المستوى الأول - كلية الأداب 1950 2011- 6- 4 08:13 PM
ناجحين ناجحين آبادي إدارة أعمال 1 106 2011- 1- 28 03:33 AM
ورشة عمل لأختبارمادة الرياضيات 1 لاكوست إدارة أعمال 1 1059 2011- 1- 16 10:22 PM


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 01:28 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه