|
التاريخ ملتقى طلاب وطالبات التاريخ المستوى الثالث واعلى |
|
أدوات الموضوع |
2011- 4- 24 | #11 |
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
|
رد: ملخصات تاريخ الخلفاء الراشدين ..
المحاضرة العاشرة تابع لخلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه عناصر المحاضرة •انشاء البحرية الاسلامية. •فتح قبرص. •معركة ذات الصواري. •أهم أعمال عثمان رضي الله عنه. •الفتنة الكبرى أسبابها ونتائجها . انشاء البحرية الاسلامية: رأى معاوية بن أبي سفيان وهو أمير على الشام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب أنه لن يتمكن من القضاء على معاقل الروم في الشام إلا إذا قطع الطريق البحري الذي تأتيها الإمدادات عن طريقه من بلاد الروم, ولن يتأتى للمسلمين ذلك إلا بعمل أسطول بحري, وقد كتب معاوية إلى الخليفة عمر يستأذنه في إنشاء هذا الأسطول واستشار الخليفة عمر عمرو بن العاص في ركوب البحر, فكتب إليه عمرو بن العاص يصف له حال البحر فقال: "هو خلق كبير يركبه خلق صغير ليس إلا السماء والماء. إن ركد فلق القلوب, وإن تحرك أزاغ العقول, يزداد فيه اليقين قلة, والشك كثرة, وراكبه دود على عود, إن مال غرق وإن نجا برق ". فكتب عمر بن الخطاب إلى معاوية ينهاه عن بناء البحرية الإسلامية. و في عهد الخليفة عثمان أعاد معاوية الأمر عليه وهون له أمر البحر فوافقه عثمان, واستعان معاوية بأهل الشام الذين كانت لهم دراية في صنع السفن, كما استعان بمن تبقى من الروم والأرمن في إنشاء أسطول بحري حربي للدولة الإسلامية, وقد سار عبد الله بن أبي السرح سيرة معاوية في إنشاء أسطول بحري في مصر, وبإنشاء الأسطولين تمكن المسلمون من حماية شواطئهم من غارات الروم. فتح قبرص: بعد إنشاء الأسطول الإسلامي استأذن معاوية الخليفة عثمان في فتح قبرص وهون له أمرها, فأذن له, وقاد معاوية الأسطول الإسلامي ومعه جماعة من الصحابة فيهم أبو ذر الغفاري, وأبو الدرداء, وعبادة بن الصامت, وتمكن من فتحها وصالح أهلها على سبعة آلاف ومائتي دينار يؤدونها كل عام. معركة ذات الصواري: حز في نفوس الروم انتصار المسلمين عليهم في كل المعارك, ودخولهم الشام ومصر وأفريقية, وتبين لهم تفوقهم عليهم في حرب اليابسة, ففكروا أن يضربوهم الضربة القاضية في البحر، وحسب علمهم فإن العرب لا قبل لهم بالبحر وهم أبناء الصحارى، فأعد الامبراطورقسطنطين أسطولاً ضخما تقدره بعض المصادر بخمسمائة مركب وقاده بنفسه. تجمع أسطول المسلمين وكان عدد مراكبه مائتي مركب، وقاد أسطول المسلمين عبدالله بن سعد بن أبي سرح والي مصر والتقى الاسطولان فبدأ المسلمون رمي الروم بالنبل ولمل نفد النبل استخدموا الحجارة وعندما نفدت الحجارة ربطوا مراكبهم بمراكب الروم واستخدموا السيوف، ودارت المعركـة والتي ثبت فيها الطرفان ثباتا شديدا، واختلط الحابل بالنابل، وكان المسلمون والروم يتضاربون بالسيوف ويتواجهون بالخناجر، حتى تغير لون الدم بالساحل وطرحت الأمواج جثث الرجال ركاما. ثم نصر الله المسلمين على الكافرين، وقد جُرح قسطنطينامبراطور الروم والتجأ إلى جزيرة صقلية، وقيل أن جنوده قتلوه لأنهم اعتبروه مسئولا عن هزيمتهم. وكان من نتائج هذه المعركة أن الغلبة أصبحت للمسلمين على البر والبحر ولم يعد البحر المتوسط بحيرة رومانية, بل غدا بحيرة إسلامية وقد ساعدت الغنائم التي استولى عليها المسلمون في تلك المعركة في تدعيم الاسطول الإسلامي، وقد حدثت هذه الموقعة عام 31هـ. أهم أعمال عثمان رضي الله عنه: عمل عثمان على عمارة المسجد الحرام عام 26هـ، كما قام بعمارة المسجد النبوي عام 29هـ، وسقفه بالساج وجعله طوله مائة وستين ذراعا في مائة وخمسين ذراعا، وكان المسجد مائة في مائة ذراع، كما جعل للأرقاء نصيبا في بيت المال. ومن أهم أعماله رضي الله عنه جمعه للمسلمين على مصحف واحد وكانت المصاحف في الأمصار مختلفة لاختلاف القراءات, فجمعه على مصحف واحد, ونسخ منه نسخا جعلها في الأمصار, وأمر بحرق ما سواها، ويعرف المصحف حتى اليوم بالرسم العثماني، وقد تم هذا العمل في عام 30هـ، وقام بكتابة هذا المصحف زيد بن ثابت. أيضاً قام بمواصلة الفتوحات الإسلامية، وتم في عهده فتح قبرص ورودس وأرمينية و أجزاء من أفريقية وبلاد النوبة، كما تم إنشاء البحرية الإسلامية في الشام ومصر، وأصبحت السيطرة والغلبة للمسلمين في البر والبحر بعد أن كانت في البر فقط, وتحول البحر المتوسط إلى بحيرة إسلامية. الفتنة الكبرى أسبابها ونتائجها: للفتنة التي حدثت في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه أسباب كثيرة ويمكن تقسيمها إلى ثلاث أقسام: أ- أسباب أخذها مثيرو الفتنة على عثمان وطريقة حكمه. ب- أسباب فرضتها ظروف الدولة وطبيعة التحول الاجتماعي في هذا العصر. ج- نشاط الفئات السرية المعادية. أ- الأسباب التي أخذها مثيرو الفتنة على عثمان وطريقة حكمة: 1- قالوا أنه ضرب عمار بن ياسر حتى فتق أمعاءه، والصحيح انه أدبه ولم يفتق أمعاءه، وسبب ذلك أن عمار حمل على عباس بن عتبة بن أبي لهب وعركة. 2- قالوا ضرب عبدالله بن مسعود حتى كسر أضلعه ومنعه عطاءه وهذا لم يحدث والجائز أنه أدبه، وسبب ذلك أنه حدث خلاف بين عبدالله بن مسعود وسعد بن أبي وقاص, وقد كان ابن مسعود مسؤولا عن بيت المال وسعد واليا على الكوفة واقترض سعد مالا من بيت المال وتأخر في رد المال فعاتبه عبدالله بن مسعود وتحادا, فيبدو أن الخليفة رأى أن الحق مع سعد فحكم له. 3- قالوا أنه أتم الصلاة في السفر وكانت لا تتم. فرد عليهم ألا واني قدمت بلدا فيه أهلي، فأتممت لهذين الأمرين، أو كذلك؟ قالوا اللهم نعم. 4- قالوا: كان القرآن كتبا، فتركها واحدا. فرد عليهم: ألا وان القرآن واحد، جاء من عند واحد، وإنما أنا في ذلك تابع لهؤلاء، أكذلك؟ قالوا: نعم. 5- قالوا: أنه استعمل الأحداث. فرد عليهم بقوله: أنا لم أستعمل إلا مجتمعا محتملا مرضيا وهؤلاء أهل عملهم، فسلوهم عنهم، وقد ولى قبلي من هو أحدث منهم، وقيل في ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أ شد مما قيل لي في استعماله أسامة، أكذلك؟ قالوا: اللهم نعم. 6- وقالوا أنه أعطى ابن أبي السرح ما أفاء الله عليه. فرد عليهم بقوله: واني إنما نفلته خمس ما أفاء الله عليه من الخمس، فكان مائة ألف، وقد أنفذ مثل ذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فزعم الجند أنهم يكرهون ذلك، فرددته عليهم، وليس ذلك لهم، أكذلك؟ قالوا: نعم. 7- وقالوا: إنه يحب أهل بيته ويعطيهم. فرد عليهم بقوله: فأما حبي فإنه لم يمل معهم على جور، بل أحمل الحقوق عليهم، وإما إعطاؤهم فإني أعطيهم من مالي، ولا أستحل أموال المسلمين لنفسي ولا لأحد من الناس، ولقد كنت أعطي العطية الكبيرة الرغيبة من صلب مالي أزمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وأنا يومئذ شحيح حريص أفحيناتيت على أسنان أهل بيتي، وفنى عمري، وودعت الذي لي في أهلي، قال الملحدون ما قالوا؟ 8- قالوا : إنه نفى أبا ذر إلى الربذة. ويبدو أن سبب ذلك هو أنّ أبا ذر كان زاهدا وكان يهاجم معاوية والي عثمان بالشام وكل الأغنياء ويتلوا عليهم قوله تعالى: { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم } وكان أبو ذر زاهدا ويريد من الناس جميعهم أن يكونوا زهادا مثله، فأدى ذلك إلى تأليب الفقراء ضد الأغنياء، فقال له عثمان ( لو اعتزلت ) فخرج بإرادته إلى الربذة, والصحيح أن المال الذي يؤدى منه حق الزكاة لا يعتبر كنزا. 10- قالوا أنه جلس في المنبر على الدرجة التي كان يجلس عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر الصديق قد انحط عنها درجة وانحط عمر بن الخطاب درجة عن أبي بكر، ولو استمر الخلفاء ينحط كل واحد منهم درجه لاحتاج آخر خليفة أن يكلم الناس من قاع بئر، وهذا الذي فعله عثمان ليس فيه شيء يخرجه من اتباع السنة. 11- قالوا: انه لم يحضر بدرا، وانهزم يوم أحد، وغاب عن بيعة الرضوان، ورد على ذلك ابن عمر فقال: أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه, وأما تغيبه عن بيعة الرضوان, فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانة، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان، وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه يد عثمان فضرب بها على يده فقال: هذه لعثمان. 12- قالوا: انه امتنع عن قتل عبيدالله بن عمر بن الخطاب بالهرمزان, وقد وردت رواية في الطبري تؤكد أن عثمان بن عفان أمكن ابن الهرمزان من عبيد الله بن عمر ليقتله بأبيه ولكن ابن الهرمزان بعد أن انفرد به عفا عنه, وقد حمله الناس على أكتافهم حتى أوصلوه داره إكراما لابن الهرمزان, وهذا الموقف الذي وقفه عثمان والصحابة الأبرار لا نظير له في تاريخ الإنسانية. 15- قالوا: انه اتبع طريقة جديدة في معاقبة الناس فنفا أشخاصا من الكوفة والبصرة إلى الشام، فأخذ أولئك أينما حلوا يؤلبون الناس عليه – وهؤلاء الذين نفاهم عثمان يعتبرون من المفسدين في الأرض وكان الأولى قتلهم أو قطع أرجلهم وأيديهم من خلاف، ولكن عثمان بن عفان كان رجلا سمحا ورعا رقيقا فآثر عقوبة النفي وهي أقل العقوبات في حقهم وليته قتلهم، لأن التهاون مع أمثال هؤلاء هو الذي شجعهم ليتطاولوا عليه ويحصروه في داره ويقتلوه. ب -الأسباب التي فرضتها ظروف الدولة وطبيعة التحول الاجتماعي في ذلك العصر: 1- كان العرب قبل الإسلام قبائل متفرقة تخضع كل قبيلة لرئيس، وعندما تقل موارد القبيلة تغير على جارتها، واعتادوا على حياة السلب والنهب والاقتتال ولم يتعودوا على نظام الدولة أو الحكومة فهم أميل إلى الثورة وتأييدها والخروج عن مركزية الدولة. 2- نتيجة لتطور المجتمع الإسلامي بعد الفتوحات فقد أصبح يعج بمختلف الأجناس والأديان مع كثرة الأرقاء والسبايا، كما أن الكثيرين من أبناء الأمم الموتورة قد أعلنوا إسلامهم وأبطنوا الكفر، وأدى اختلاط العنصر العربي بهؤلاء إلى قابلية المجتمع الإسلامي للفتنة، لأن الطباع المتناقضة والميول المتوارثة من شتى الأعراق تكون طبيعة شاذة لا تستقيم على حال ويصعب قيادها. 3- منع الخليفة عمر ابن الخطاب كبار الصحابة من الخروج من المدينة للأمصار حتى لا يفتتن الناس بهم، ولكن الخليفة عثمان سمح لهم فلما خرجوا إلى الأمصار التف الناس حولهم وعظموهم فداخل بعظهم العُجب، كما أن الكثير منهم اغتنى وبدأ ينفق من ماله كثيرا مما حبب إليهم الناس، فتمنى كل مصر من الأمصار أن يتولى صاحبة وساعد ذلك في ظهور الأحزاب. 4- اضطر عثمان بن عفان إلى تجنيد الأعراب وهم الذين قال الله فيهم : {الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم } وكان معظم هؤلاء الأعراب عندما يشتركون في قتال كانوا يبغون عرض الحياة الدنيا فشكلوا طبقة من ( الرعاع ) وعندما يكون هؤلاء بيدهم السلاح فيسهل على المستغلين توجيههم إلى الفتنة وقد طالب الإمام علي الأعراب بالرجوع إلى مياههم كما طالب العبيد بالعودة إلى مواليهم ولكن السبئية ومثيري الفتن لم يستجيبوا لرأيه عند ولايته ولم يكن في مقدور الإمام علي بعد المبايعة أن يواجههم وقد قالها لطلحة والزبير عندما طالبوه في إقامة الحدود على قتلة عثمان . 5- توقفت الفتوحات في أواخر عهد الخليفة عثمان بعد أن بلغت الحواجز الطبيعية وبتوقف الجيوش انقطعت الغنائم وبقي الجنود بدون عمل, ونتيجة للفراغ ولتوفير العطاء من قبل الدولة لكل رعاياها, فقد تفرغ الناس للخوض في السياسة ولسماع الإشاعات التي ترد من الفئات المتآمرة, فوجد مثيرو الشغب أذنا صاغية. |
2011- 4- 29 | #12 |
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
|
رد: ملخصات تاريخ الخلفاء الراشدين ..
المحاضرة الحادية عشرة تابع لخلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه عناصر المحاضرة •نشاط الفئة السرية المعادية. •مراحل الفتنة. •مسير الثوار الى المدينة. •نتائج الفتنة ومقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه. جـ - نشاط الفئة السرية المعادية: لقد بدأت المؤامرة بالكيد للإسلام في أيام الخليفة عمر بن الخطاب, فأبا لؤلؤة الذي قتل الخليفة عمر كان غلاماً مجوسياً, واشترك معه في هذه المؤامرة الدنيئة الهرمزان وكان فارسياً اشتهر بالمكر والخديعة وجيء به إلى المدينة مرغماً فأعلن إسلامه وأبطن الكفر, كما اشترك معهم جفينة وكان نصرانياً من الأنبار, وهؤلاء الثلاثة هم الذين دبروا قتل عمر بن الخطاب, وعلى الرغم من مقتل هؤلاء الثلاثة فإن المؤامرات ضد الإسلام لم تنته. وفي عهد الخليفة عثمان أعلن رجل يهودي من أهل اليمن اسمه عبد الله بن سبأ, ويلقب بابن السوداء, إسلامه ولكنه كان منافقاً خادعاً ماكرا, فقام هذا الرجل ينشر تعاليمه الخبيثة بين الناس فكان يقول لمن حوله إني لأعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع, ويكذب أن محمداً يرجع, فمحمد أحق بالرجوع من عيسى " فوضع لهم الرجعة فتكلموا فيها " , ثم قال لهم: " لكل نبي وصي, وعلي وصي محمد, ولما كان محمد خاتم الأنبياء فعلي خاتم الأوصياء, ومن أظلم ممن لم يجز وصيه رسول الله, ووثب على وصيه وقد أخذ عثمان الخلافة من غير حق, وهذا وصي رسول الله فانهضوا في هذا الأمر وحركوه ". وقام ابن سبأ بنشر سمومه هذه في مصر ووجد له مشايعين, وغادر إلى الكوفة فنشر سمومه بها فطرده أميرها كذلك, فذهب إلى الشام إلا أن يقظة معاوية حالت دون رواج بضاعته فعاد أدراجه إلى مصر. وقام عبد الله بن سبأ الذي يبدوا أنه كان عضوا في جمعية سرية أو كانت هذه الجمعية بزعامته, بالكتابة إلى أنصاره في الكوفة والبصرة وكانت هذه الخطابات مزورة بتوقيعات السيدة عائشة وطلحة والزبير وعلي, وكانت هذه الخطابات مليئة بالإشاعات المغرضة في الخليفة عثمان بن عفان وفي ولاته, وكان هذا من أبرز عوامل الفتنة وكان لهذه الجمعية السرية القدح المعلى في إشعال الفتنة ومقتل عثمان, وكذلك حادثة الجمل ولولاها لتم الصلح قبل موقعة الجمل بين الإمام علي وطلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وتضافرت جهود السبأيين مع الأعراب والأرقاء والرعاع من ضعاف النفوس لتقابل في الجانب الثاني بسماحة الخليفة عثمان رضي الله عنه ورقته وورعه, والذي كان يخشى أن يريق دماء ولو بمقدار محجم دفاعا عن نفسه, بينما هؤلاء البغاة قتلوه وأراقوا دمه, وأراقوا دماء المسلمين الطاهرة. مراحل الفتنة : عندما قام عبد الله بن سبأ بالكتابة للأمصار يدعو الناس للرجعة والفتنة ويطعن في حق عثمان في الخلافة وفي ولاته وكثرت الإشاعات والكتابات المزورة بتوقيعات علي والزبير وطلحة وعائشة, أوصلوا هذه الأخبار للخليفة عثمان, وقام عثمان بجمع أصحاب المشورة, فأشاروا عليه بإرسال رجال ممن يثق بهم إلى الأمصار ليستطلع أخبار هذه الإشاعات. وقام الخليفة عثمان بإرسال الرسل للأمصار فجاؤوه ليؤكدوا أن الذي يصلهم ما هو إلا إشاعات مغرضة والأمور مستتبة في الأمصار ولكي يقطع الشك طلب عثمان ولاته في الأقاليم فحضروا إليه وهم: عبد الله بن عامر, ومعاوية, وعبد الله بن سعد, وأدخل معهم في المشورة سعيدا وعمرا, وسألهم الخليفة عثمان عن الإشاعات التي ترد إلى الناس في حقهم؟ فردوا عليه بأنك بعثت رجالا موثوقينوجاؤوك يؤكدون لك استتباب الأمور في الولايات, فلا تأخذ بهذه الإشاعات, فطلب عثمان بعد ذلك مشورتهم. فقال سعيد بن العاص: هذا أمر مصنوع, يصنع في السر, فيلقي به غير ذي معرفة فيخبر به, فيتحدث به في مجالسهم, قال: فما دواء ذلك؟ قال: طلب هؤلاء القوم ثم قتل هؤلاء. وقال عبد الله بن سعد: خذ من الناس الذي عليهم إذا أعطيتهم الذي عليهم, فإنه خير من أن تدعهم. وقال معاوية: قد وليتي فوليت قوما لا يأتيك عنهم إلا خير والرجلان أعلم بناحيتهما, قال فما الرأي؟ قال حسن الأدب قال فما ترى يا عمرو؟ قال: أرى أنك قد لنت لهم, وتراخيت عنهم وزدتهم على ما كان يصنع عمر, فأرى أن تلزم طريقة صاحبيك, فتشتد في موضع الشدة, وتلين في موضع اللين, وقد فرشتهما جميعا اللين. وقام عثمان وحمد الله وأثنى عليه وقال: كل ما أشرتم به علي قد سمعت ولكل باب أمر يؤتى منه, إن هذا الأمر الذي يخاف على هذه الأمة كائن, وقد علم الله أني لم آل الناس خيرا, ولا نفسي. وواللهانرحا الفتنة لدائرة فطوبى لعثمان إن مات ولم يحركها. كفكفوا الناس, وهبوا لهم حقوقهم واغتفروا لهم, وإذا انتهكت حقوق الله فلا تداهنوا فيها. وكان معاوية قد قال لعثمان عندما ودعه وخرج: يا أمير المؤمنين, انطلق معي إلى الشام قبل أن يهجم عليك من لا قبل لكبه, فإن أهل الشام على الأمر لم يزالوا. فقال أنا لا أبيع جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء وإن كان فيه قطع خيط عنقي, قال: فأبعث إليك جندا منهم يقيم بين ظهراني أهل المدينة لنائبة ان نابت المدينة أو اياك. قال: أنا أقتر على جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم الأرزاق وأضيق على أهل دار الهجرة. قال: والله يا أمير المؤمنين لتغتالن أو لتغزين, قال حسبي الله ونعم الوكيل. ولما رجع الأمراء كتب السبئية إلى أشياعهم من أهل الأمصار أن يتوافوا بالمدينة ليظهروا ما يريدون, وأظهروا أنهم يأمـرون بالمـعروف وعندما قدمـوا المدينة أرسل إليهم رجلين فسألاهم عن أمرهم فقالوا لهم: نريد أن نذكر له أشياء قد زرعناها في قلوب الناس, ثم نرجع إليهم فنزعم لهم أنا واجهناه بها, فلم يخرج منها ولم يتب, ثم نخرج كأننا حجاج حتى نقدم فنحيط به فنخلعه, فإن أبي قتلناه فرجع الرجلان إلى عثمان وأخبراه بالخبر, وضحك وقال: اللهم سلم هؤلاء, فإنك إن لم تسلمهم شقوا. دعا الخليفة عثمان بعد ذلك إلى صلاة جامعة وأرسل إلى الكوفيين والبصريين وحمد الله وأثنى عليه، وأخبرهم خبر القوم، وقام الرجلان اللذان افتضح أمرهم، فقالوا جميعا: اقتلهم ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من دعا نفسه أو إلى أحد وعلى الناس امام فعليه لعنة الله فا قتلوه ). فقال عثمان: بل نعفوا ونقبل ونبصرهم بجهدنا، ولا نحاد أحدا حتى يركب حدا، أو يبدي كفرا. ورد الخلية عثمان بعد ذلك على كل التهم التي ألصقت به وفندها. ويتضح مما ذكر أن المؤامرة كانت مكشوفة للخليفة عثمان وصحابته ولعامة الناس، وأجمع الصحابة على قتل مثيري الفتن والشغب، ولكن سماحة الخليفة عثمان ورقته أبت عليه إلا العفو والصفح وأنه لا يقتل إلا في الكفر الصريح أو إقامة الحدود. مسير الثوار الثاني الى المدينة: ورجع الثوار ومثيرو إلى الشغب إلى أمصارهم واتفقوا أن يعودوا للمدينة في شوال كأنهم حجاج، ولما كان شوال في سنة خمس وثلاثين خرج أهل مصر على أربع فرق وعددهم بين الستمائة والألف وأميرهم الغافقي ومعهم ابن السوداء، وخرج أهل الكوفة في أربع فرق وأميرهم عمرو بن الأصم وعددهم كعدد أهل مصر، وخرج أهل البصرة في أربع فرق وأميرهم حرقوص بن زهير وعددهم كعدد أهل مصر والكوفة, وقد كان أهل مصر يريدون عليا ويرغبون في ولايته الخلافة، وكان أهل البصرة يريدون طلحة، وأما أهل الكوفة فإنهم كانوا يريدون الزبير. ويتبين لنا في هذه المؤامرة كيف أنهم أجادوا حبك خيوطها، ولم يريدوها مؤامرة واحدة وإنما أرادوا بها سلسلة مؤامرات تتمخض عن عدة فتن فتقضي على نظام الخلافة وعلى الدولة الإسلامية، فانهم اتفقوا على إزالة الخليفة عثمان من السلطة، ولكنهم لم يكتفوا بذلك، بل جعلوا كل مصر من الأمصار يطالب بخليفة، وبعد مقتل الخليفة عثمان يتصارع الناس فيمن يلي السلطة فبعضهم يريد عليا وبعضهم يريد الزبير وبعضهم يريد طلحة، ونتيجة للاقتتال فيما بينهم تستمر الفتنة بين المسلمين فتقضي على الأخضر واليابس. خرج الثوار حتى قدموا المدينة ونزل أهل البصرة بذي خشب، ونزل أهل الكوفة بالأعوص ونزل أهل مصر بذي المروة، وذهب وفد من أهل مصر إلى علي بن أبي طالب وكان في عسكر عند أحجار الزيت فعرضوا عليه أمرهم، فصاح بهم وطردهم، وقال: لقد علم الصالحون أن جيش ذي المروة وذي خشب ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فارجعوا لا صحبكم الله. فقالوا: نعم وانصرفوا من عنده على ذلك. وأتى البصريون طلحة فعرضوا عليه فصاح بهم وطردهم، وقال: لقد علم المؤمنون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأتى البصريون طلحة وهو في جماعة أخرى فعرضوا عليه، فصاح بهم وطردهم وقال لقد علم المسلمون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فخرج القوم من عندهم وأظهروا أنهم يرجعون فتفرق أهل المدينة ولكن الثوار جاؤوا وفاجأوا أهل المدينة وأحاطوا بالخليفة عثمان، وقالوا من كف يده فهو آمن. وأتاهم الناس وكلموهم وكان فيهم علي، فقال لهم: ماردكم بعد ذهابكم ورجوعكم عن رأيكم؟ قالوا: أخذنا مع بريد كتاباً بقتلنا، وأتاهم طلحة فقال البصريون مثل ذلك، وأتاهم الزبير فقال الكوفيون مثل ذلك. فقال لهم علي: كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل البصرة بما لقي أهل مصر، وقد سرتم مراحل, ثم طويتم نحونا؟ هذا والله أمر أبرم بالمدينة. قالوا: فضعوه على حيث ما شئتم لا حاجة لنا في هذا الرجل ليعتزلنا. يتضح لنا تلفيق قصة الخطاب الذي أرسله عثمان إلى واليه بمصر عبد الله بن سعد أبي السرح لقتل الثوار, والذي اتهم به الثوار مروان بن الحكـم بعدما نفـى الخليفة عثمان القصة, وكل ما ورد يؤكد التدبير لشر مستطير. استمر الثوار يحاصرون الخليفة عثمان أربعين يوما وفي الثلاثين يوما الأولى كان يصلي بهم ويصلون خلفه ولا يمنعون أحدا منه وحاول علي بن أبي طالب وطلحة والزبير الدفاع عن الخليفة ومقاتلة القوم إلا أن الخليفة نهاهم فجعل علي ابنه الحسن في باب عثمان مدافعا عنه كما جعل الزبير ابنه عبد الله وجعل طلحة ابنه محمد في باب عثمان واستمر ثلاثتهم مع بعض الصحابة يدافعون عن الخليفة عثمان. وكتب الخليفة عثمان إلى الأمصار يستمدهم, وكان مما قاله: "قد أغار علينا أقوام بجـوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمـه وأرض الهجـرة, وثارت إليهم الأعراب فهم كالأحزاب أيام الأحزاب أو من غزانا بأحد. فمن قدر على اللحاق بنا فليلحق " . . نتائج الفتنة ومقتل الخليفة عثمان بن عفان: لاشك أن نتائج هذه الفتنة وعواقبها كانت وخيمة, ففي الجمعة التي نزل فيها المصريون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عثمان فصلى بالناس ثم قام على المنبر فقال: يا هؤلاء العدى, الله الله! فو الله إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فامحوا الخطايا بالصواب, فإن الله عز وجل لا يمحو السيئ إلا بالحسن فثار رجل وأقعده رجل آخر, وقام آخر وأقعده آخر, ثم ثار القوم, فحصبوا عثمان حتى صرع مغشيا عليه, فاحتمل وأدخل داره, ثم صلى بالناس ثلاثين يوما ثم منع من الصلاة وكان يصلي بهم الغافقي, ولزم أهل المدينة بيوتهم بعد أن نهاهم عثمان عن القتال. واشتد الحصار على عثمان ومنعوا عنه الماء و الطعام, وكان بالدار بئر ولكن ماءها غير صحي, وكان الإمام علي يرسل له الماء, وسمع الثوار بنفور أهل الأمصار, وقالوا في أنفسهم لا يخرجنا مما وقعنا فيه إلا قتل هذا الرجل, فيشتغل بذلك الناس عنا, فحاولوا الدخول على الخليفة عثمان من الباب ولكن الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير ومحمد بن طلحة ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص منعوهم, وتجالدوا بالسيوف, فناداهم عثمان: الله الله ِ!! أنتم في حل عن نصرتي, فأبوا, واتخذ عثمان القرآن عبادة في تلك الأيام يصلي وعنده المصحف, فإذا تعب جلس وهو يقرأ فيه, وقام المصريون بإحراق الباب والسقيفة, وسقطت السقيفة, وثار أهل الدار وعثمان يصلي حتى منعوهم الدخول, وكان آخر من خرج من عند الخليفة عثمان عبد الله بن الزبير وأوصاه عثمان إلى أبيه وأمره أن يأمر أهل الدار بالانصراف إلى منازلهم. وحينما أحرق الباب كان عثمان يقرأ في سورة طه, وقبل أن يصل إليه الثوار أكمل قراءة السورة, ثم عاد فجلس وقرأ:{الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} ودخل الغافقي وضرب الخليفة عثمان رضي الله عنه بحديدة معه, وضرب المصحف برجله فاستدار المصحف واستقر بين يديه وسالت عليه الدماء, وجاء سودان بن حمران ليضربه فانكبت عليه نائلة والتقت السيف بيدها فقطع أصابعها, وضرب عثمان فقتله, وقد حاول غلمان لعثمان الدفاع عنه فقتلوهم. وبلغ خبر مقتل عثمان الزبير وكان خارج المدينة فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون رحـم الله عثمان وانتصـر له, وقالوا له ان القـوم نادمـون, فقـال: دبرو دبرو ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ) وأتى الخبر طلحة فقال: رحم الله عثمان وانتصر له, وللإسلام, وقيل له ان القوم نادمون, فقال: تبا لهم وقرأ ( فلايستطيعون توصية ولا الى أهلهم يرجعون ) وأتى الخبر علي فقال: رحم الله عثمان وخلف علينا بخير وقيل ندم القوم فقرأ ( كمثل الشيطان إذا قال للإنسان اكفر ... ) . وجاء الخبر سعد بن أبي وقاص فقرأ ( الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ). ولم يكتف الثوار بقتل عثمان وكل من قاتل دونه بل نهبوا بيت المال مما يؤكد ضلالهم وفسادهم, وبلغ بهم الفجور حدا أنهم لم يسمحوا بمواراة هذا الجسد الطاهر ثلاثة أيام, وشيع بعد ذلك الخليفة عثمان إلى مثواه الأخير بالبقيع في نفر قليل من الصحابة. رحم الله عثمان بن عفان ذي النورين رحمة واسعة, وجزاه الله كل خير عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم. |
2011- 6- 8 | #13 |
أكـاديـمـي نــشـط
|
رد: ملخصات تاريخ الخلفاء الراشدين ..
شكرا
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملخصات, الدمـام, الراشدين, تاريخ |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[ قسم التاريخ ] : عدد مواد قسم التاريخ ..؟ | نوووري | منتدى كلية الآداب بالدمام | 17 | 2016- 9- 16 01:10 PM |
ঔஐ تلخيص تاريخ الفكر الأجتماعي المحاضرة 2 بالشرح والتفصيل ஐঔ | جسور الصمت | اجتماع 3 | 7 | 2011- 3- 24 07:58 PM |
تاريخ الخلفاء الراشدين (المحاضره الثانيه ) | الباارونه | التاريخ | 1 | 2011- 3- 18 05:36 PM |
بليز ساعدوني ابي ملخصات محتويات انا من جازان | لوران | المستوى الأول - كلية الأداب | 9 | 2011- 3- 5 06:55 AM |