ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

العودة   ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام > .: ساحة الطلاب والطالبات الغير أكاديمية :. > .: الـسـاحـة الـعـامـة :. > ملتقى الفنون الأدبية
التسجيل الكويزاتإضافة كويزمواعيد التسجيل التعليمـــات المجموعات  

ملتقى الفنون الأدبية شعر,نثر,خواطر,قصص,روايات وجميع الفنون الادبية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 2011- 9- 18   #11
Mo0oly.B
متميزة في ملتقى السعادة والنجاح
 
الصورة الرمزية Mo0oly.B
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 73539
تاريخ التسجيل: Thu Mar 2011
المشاركات: 8,023
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 9263
مؤشر المستوى: 144
Mo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: ~~كُلِيــة ـإلعِــلُــوــمْ ـالإِدَآآرِيـَـهــ وَ تـَخْــطِــيــطْ ~~
الدراسة: انتساب
التخصص: ~~ ـإِدَآآرَةْ ـأَعْــمَــآآآلْ ~~
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
Mo0oly.B غير متواجد حالياً
Ei28 رد: فضاء الجسد "الجنس الثالث"




لاحظت وميضاً دافئاً يتدفق من عينيها.. وبعين الرجل داخلي تفحصتها جيداً: قامة فارعة بلطف.. بشرة مشربة بحمرة.. نهدان قويان نافران كتفاحة ناضجة تصرخ لاقتطافها.. شعر قصير أشقر ناعم، تنسدل غرة منه فوق جبينها، لا تخفي حاجبيها المشدوين بأناقة وتهذيب.. عينان جريئتان لونتهما أشعة الشمس التي تملأ المحل بلون عسلي فاتح، وفم يحظى بأجمل شفتين مكتنزتين.. كأنهما على استعداد دائم للتقبيل.. سمعتها تقول:
- على فكرة: أنا دخلت المحل لمجرد النظر فقط، ولكن يبدو أن حظي سيكون مبهراً؛ فأنا أبحث منذ زمن عن صديق أو صديقة.. وها أنا أقع على الاثنين في واحد.. وهذا شيء فريد ونادر.
قلت لها وقد كنت كالغريق الذي يتشبث بقشة: أتمنى ذلك.. والآن.. ماذا تريدين ؟
- لا شيء.. أدرب نفسي على حياة جديدة.. حياة النساء!
لاحظت نظرة التعجب التي لاحت في عيني وقالت: أنا عدت منذ فترة زمنية قصيرة لأنوثتي, بعد أن كنت قد أقصيتها تماماً؛ متعاملة في شكلي ومظهري مع الرجل داخلي..
وكأني وقعت على كنز فقلت لها: هل لي أن أراك على فنجان قهوة بالخارج.
فاجأتني.. بل لطمتني عندما سألت: أليس لك منزل نلتقي فيه..
سجلت العنوان ورقم الهاتف سريعاً على ورقة حتى أتفرغ لزبونة كانت قد أوصتني على بعض الأغراض..
تناولت الورقة مني.. وقبل أن تغادر سألت: اليوم متى ستغلق المحل؟
- في العاشرة سأكون بالبيت.
- العاشرة والنصف سأكون عندك..
سألت نفسي كثيراً: كيف ستهرب من أهلها.. وتأتيني في العاشرة والنصف.. هل تعيش بمفردها في عمان.. ماذا تريد مني؟ مئات من الأسئلة حفرت أخاديد في نفسي دون ارتواء عندما كنت أشتري لي ولها سندويتشات شاورما وبيبسي.
أتت في موعدها تماماً وبنفس ملابسها، القميص الأحمر بوروده الصغيرة التي لدقة رسمها تبدو فواحة بعطرها.. بنطلون الجينز الذي التصق بنصفها الأسفل كاشفاً عن جزء كبير من أنوثتها..
لم أكن أتوقع أبداً ما حدث.. فقد خلعت القميص أولاً ليفر نهداها من أسرهما؛ إذ لم تكن ترتدي صدرية تحت القميص.. ورمت بالبنطلون جانباً ووقفت كفينوس.. تنتظر القربان من مريديها..
- أعطني بيجامتك أو أي شيء؛ لأني لن ألتف طوال الليل بملاءة السرير، ما لك واقفاً هكذا ا كأنك لم تر جسد امرأة من قبل.. كيف والثلثان منك أنثى؟
ودون سابق إنذار هجمت علي، وراحت تفك أزرار قميصي ليخرج صدري هارباً من قيده.. وضعت يدي لأخفي ما ظهر مني فأبعدتهما ووضعت يديها فوقهما وقالت:
إياك أن تخجل من كونك هكذا.. ثم نظرت إلى وهمست: كم أنت جميلة يا نداء!
لست أدري ما الذي تحرك في جسدي وأنا مستكين بين يديها، وقد أخرستني جرأتها..
- على فكرة يا نداء: إذا أحببت أن تخلع البنطلون فلتفعل..
صارعتني نفسي: كيف أكشف لها عن عاري؟ كيف أدعها ترى رايتي غير الخفاقة؟
كانت تدور في المنزل عارية تماماً وأنا أفكر في البحث عن سبيل مشرف للانسحاب..
فتحت الورق عن السندويتشات، وأفرغت البيبسي في كوبين، وأجلستني بجانبها على الكنبة، ومدت يدها لتقرصني من صدري وهي تضحك: إلى متى ستبقي مشدوها؟
أخفيت خجلي خلف ضحكة مصطنعة، وتناولت السندويتش من يدها.. وبدأت هي تتكلم فأحسست أنني أعرف تلك الفتاة منذ زمن بعيد..
رحت أطرح عليها أسئلة كثيرة، وأبحث داخل إجاباتها عن منطق يحكم تصرفاتها..
سألتها: كيف سمح لها أهلها بالخروج في هذا الوقت المتأخر؟
ألم تزل عذراء أم...؟
ضحكت بصوت عال واستمرت في تناول السندويتش والبيبسي، ثم قامت إلى الحمام تتهادي بجسدها الفائر أمامي..
عند عودتها أزاحتني قليلاً، وألصقت جسدها البركاني بجسدي النائم، وقالت:
- طبعاً أنت على استعداد لسماعي، ولكني أريد أن تحكي لي أولاً عن نفسك؛ من طأطأ لسلامو عليكم..
- قصتي طويلة ووقتنا قصير، فتكلمي عن نفسك أولاً.
- سأبيت الليل هنا معك.. ومن الممكن أن آخذ إجازة ليومين أقضيها بصحبتك.. هيا.. انثر ما في نفسك في الهواء أمامي ولا تخف شيئاً..
بدأت أروي لها قصتي منذ بدايتها، وحرارة يدها التي تلامس صدري بين الحين والآخر تشعل في حريقاً لا أدري كيف أطفئه.. كانت تبكي كلما حكيت عن قسوة والدي، وكيف أوصلني جهله لحالتي تلك.
الساعة الثانية صباحاً قلت لها: ها هي قصتي أمامك، والآن جاء دورك فقصي على قصتك.
- لقد تعبت من الجلسة على الكرسي.. فلندخل نتمدد على السرير.
أخذتني من يدي دون أن تنتظر موافقتي، وانحنت على سحاب بنطلوني محاولة فكه فرفضت بشدة أن أخلعه قائلاً إنني لم أفعلها في يوم من الأيام، حتى أمام أمي رحمها الله!
ضحكت مكركرة وقالت: أنت تخجل من كون راية الرجل فيك منكسة.. ألم أقل لك إنني أريد أنثاك لا الرجل فيك..
أيضاً رفضت.. تمددت على حافة البركان وكنت أهيم متحسراً حول شواطئ جسدها دون الجرأة على الخوض فيه..
كانت تلك أول مرة أشعر بالأنثى داخلي تتحرك دون قيد..
في السرير كنا أنثيين متماثلتين.
قالت: أنت تراني جميلة.. أليس كذلك؟
لم تنتظر إجابة وتابعت: أنا بالفعل جميلة، وسيرغب أي رجل بي عندما يراني، لكن المشكلة كانت بالنسبة لي أبي الذي ناصبني العداء منذ لحظة ولادتي وموت أمي.. لم يكن يحب البنات؛ على الرغم من كوني الوحيدة والأخيرة بعد خمسة من الصبيان.
كان والدي شديد التمسك بالتقاليد التي تفضل الذكور، وكان كثير التفاخر بصبيانه الخمسة.. لم أذكر يوماً أنه لمسني أو قبلني ولو مرة واحدة.. وعندما تزوج بعد شهر من موت أمي سلمني بلا إحساس لجدتي لأمي التي كثيراً ما كنت أسمعها تدعو عليه وعلى زوجته في صلاتها..
ولست أدري ما الذي يجعل الرجل ينقلب من الزاوية المستقيمة إلى المنفرجة بين امرأة وأخرى؛ إذ أقنعته زوجته الجديدة بأني نحس ولا بد من التخلص مني.. فتحجج لجدتي بصغر سن زوجته الجديدة، وأن عدم خبرتها وخوفه على هو الذي جعله يأمن لجدتي..
تربيت عند جدتي التي أورثتني كراهيتها لأبي وحقدها عليه.. كنت كثيراً ما أسمعها تقول: حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا ناصر.. لقد قهرت ابنتي، فعاشت معك ذليلة ضعيفة حتى ماتت! وكان حسب روايات جدتي ينهرها على كل شيء؛ حتى إنه منعها من زيارتها وهو يعلم بحبها الشديد لها، وبأنها كانت تقيم بمفردها بعد وفاة جدي..
كان هناك دائماً ما يستوجب رفضه زيارتها أي أحد.. حتى جاراتها منعها عنهن. حرمها من استقبال أي من إخوانها وأخواتها الذين كانوا يأتون للاطمئنان عليها..
كانت جدتي كثيرة التشاحن معه دفاعاً عن ابنتها، ولكنها كانت تتراجع بمجرد أن يقول لها: خذي ابنتك وارحلي بلا رجعة..
ونظراً لشدة بكاء أمي، وخوفها من أن تحرم من أولادها.. كانت تستسلم لهزيمتها من قبل هذا الرجل، متحسرة على تزويجها منه..
كنت فرعاً من غصن أمي التي أحبتها جدتي بتطرف، وحزنت كثيراً لفقدانها، فأغدقت علي من نبع حنانها، وعشت وإياها ومربيتي أم حسني، في منزلها الكبير، بعد أن تفرق أولادها وبناتها الستة في مشارق الأرض ومغاربها..
رفضت جدتي طلب أبي بأن أقضي يوم الخميس والجمعة في منزله.. وبعد حرب طاحنة بينها وبينه قررت أن تسمح لي بأن أذهب في زيارة قصيرة مرة كل أسبوع..
تعلمت أن أكتم أي أمنية لي أمام أبي وزوجه.. وكنت كلما أجتمع معهم وإخوتي أشعر بغربة سحيقة.. وبأنني طفلة بالفعل بائسة تحاسب على كل حركة تصدر منها.. بحكم تربيتي بعيدة عن إخواني لم أشعر في يوم ما بقربهم مني.. باختصار تعلمت كيف أكون اثنين مختلفين.
كدت أعتقد بأن كل الممنوعات التي في الدنيا كأنها قد سنت من أجلي.. وكنت أعجب لتلك الحرية غير المحدودة الممنوحة لإخواني في حلهم وترحالهم، وكلمة "إنتي بنت" التي تلاحقني لتحطم كل شيء جميل بداخلي..
أصبحت كما تريد جدتي وأبي وزوجة أبي وإخواني وكل العالم.. إلا أنا!
تعلمت أن أكون قاسية وقليلة الأدب على حد قول زوجة أبي لأني "تربية نسوان"!
كبرت وكبرت معي كراهيتي للرجال.. فحاولت تقليدهم.. تمنيت لو كنت رجلاً؛ ليس لحبي ذلك، بل لأنتقم من أبي الذي عانيت من معاملته القاسية لي..
كان والدي يغضب عندما يراني أقلد الأولاد في ملبسهم ومشيتهم.. وعندما أرفع صوتي فوق صوته أحيانا دفاعاً عن نفسي ضد أي اتهام..
لا شعوريّاً وجدت أنني أحمي نفسي بتقليد الرجل في كل حركاته؛ غير مدركة أن الرجال أحياناً يحتاجون أيضاً إلى حماية من الظلم الذي يقع عليهم من كل شيء..
أحببت القراءة، وأدمنت ملاحقة الكتّاب عبر نوافذهم التي يطلون منها علينا، ولكن لم تغنني القراءة وحبها عن ميولي التي بدأت تتجه فيما بعد للفتيات الضعيفات في المدرسة، والعمل على حمايتهن من بطش زميلاتهن.. كانت تجذبني الفتاة الجميلة الرقيقة التي تجد في حمايتي لها كل التقدير.. ولأول مرة أحببت ما أنا عليه، ووثقت من تأثيري الصاعق، خاصة عندما راودتني إحدى البنات عن نفسي في حمام المدرسة فعبثنا بجسدينا، وكلانا يرزح تحت وطأة توتر جهلنا المشترك..
هكذا عشقت زميلتي شفق، وأنا في الصف السادس، واستمرت علاقتي بها حتى الأول الثانوي؛ بحكم سكنها القريب من منزل جدتي التي سمحت لي ولها بالمبيت معاً في حال موافقة أهلها الذين كانوا يحبون جدتي، ويشفقون عليها، ويثقون بي أيضاً..
ثم من سيشك في علاقة فتاة بفتاة؟!
كنت وهي ندرس، حتى إذا تعبنا خلعنا ملابسنا لنكتشف أجسادنا ونخفف من ثورتها.. أتحسس صدرها، وتتحسس صدري؛ لنشعر بنشوة لا ندرك معناها.. افترقت وإياها في المرحلة الثانوية..
في المدرسة الثانوية لاحقتني سمعة البنت المسترجلة، فكانت البنات يخشين على أنفسهن مني، ومن سوء سمعتي، غير أني استطعت أن أقيم علاقة بشكل ما مع صديقتي محاسن، بعد كر مني وفر منها، حتى اقتنعت أخيراً بكلامي عن كونها أجمل البنات - رغم قبحها – فأسلمتني نفسها، وأصبحت تأتي لزيارتي كل يوم لندرس، ثم نبتهج معاً..
على الرغم من تلك العلاقات التي كنت أستمتع بها كثيراً.. كنت أحتقرها بيني وبين نفسي؛ فما أن أصبح بمفردي حتى أنخرط في البكاء والدعاء لربي أثناء صلاتي أن يمن علي بالتوبة.. تباعدت زياراتي لمنزل والدي، وأصبحت بالنسبة إليه وإلى إخواني خبراً منسيّاً.. لم يتذكروني إلا عندما ماتت جدتي رحمها الله..
حاول أبي أكثر من مرة أن يغريني بالعودة إلى المنزل معه وبيع البيت الذي سجلته جدتي باسمي، غير أنني رفضت بشدة...
ضربني أكثر من مرة، وحاول أن يعيدني بالقوة، ولكن زوجته التي استأثرت بقلبه أقنعته بتركي وترتيب زيارات مفاجئة ومداهمات لي، مع توصية شديدة اللهجة لأم حسني بالمبيت معي، وعدم تركي بمفردي..
تذكرت كيف توفيت جدتي ذات صباح ربيعي.. فبكيت وحيدة غريبة حتى عن نفسي بعد أن أفقدني موتها صوابي، ولكن رغم أحزاني كلها استطعت أن أنهي الثانوية العامة بتفوق، فالتحقت بقسم العمارة في كلية الهندسة، حسب رغبة جدتي المستنيرة التي تركت أموالها كلها لحفيدتها الشقية؛ كما كتبت في وصيتها التي اطلعت عليها بعد موتها..
قلت في نفسي: لربما ينصلح حالي، وأعود لطبيعتي إلا أن الشيطان أصر على ملازمة خطواتي، حيث بدأت أرتدي ملابس صبيانية حديثة،، وساعدني في ذلك تباعد الأوقات التي يزورني فيها والدي وإخواني..
سبقتني السمعة المقيتة للجامعة؛ إلا ان اجتهادي في دراستي جعل زميلاتي في حاجة دائمة لمساعدتي..
كنت أصطفي البنات المغتربات اللواتي أتين للدراسة، ويقمن بمفردهن، ويدرسن في كليات أخرى، ولا يعرفن عني أي شيء، فأبدأ في غزوهن، وأفكك وحدتهن بزيارات متتالية حاملة معي فطائر من صنع أم حسني، حتى إذا أسقطت إحداهن الخجل مني أخترقها بلمساتي التي تستكين لها، فتسعد بتهدئة ثورة جسدها، لنغيب مرة واثنتين وثلاثاً، كلما حلا لنا أن ترتوي إحدانا من الأخرى..
كانت مشكلتي الدائمة التي تبكيني حتى الموت: أن هؤلاء البنات في النهاية دائماً يتزوجن ويهجرنني..
تخرجت من الجامعة بتقدير جيد جدّاً، ولا أزال أحيا حياتين، واحدة أمام والدي وإخواني وأم حسني، وأخرى أمام نفسي..
تقدم عريس لخطبتي من أبي فرفضت بشدة وقلت له: أنا أنتظر تسلم العمل أولاً، كما أني لا أعرف الرجل، ولا أريد أن أعرفه.
يومها ضربني أبي ضرباً أقعدني أسبوعاً في السرير.. ومنعني من الخروج.
كنت أمعن النظر فيها، وهي ترتدي جلدها الأملس، وتعجبت كيف استطاعت أن تعطي لجسدها ثنائية غريبة بينه وبين روحها.. وتصدعت روحي لمعاناتها التي تداخلت ومعاناتي.
كانت تتكلم بهمس، وفي عينيها شلالات من الحزن تنهمر على حجري أحزاناً سوداء..
- مرت الأيام وأم حسني تطببني، وتبكي من أجلي وهي تتمتم:
- إلهي كسر إيدك يا ناصر.. فيه حد يقسى على بنته وحيدته بالشكل هادا؟!
تعافيت وتسلمت عمل في إحدى الشركات الهندسية الكبرى، تعرفت فيها على زميلة مطلقة اسمها شجون، استطاعت بلطفها أن تكسب ثقتي، وخاصة أنها سألتني أكثر من مرة: لماذا لم أتزوج رغم جمالي؟
لست أدري حتى الآن كيف رويت لها قصتي ومصيبتي وبالتفصيل الممل.. لم تقاطعني حتى انتهيت، فوجئت بها تقبلني وتحتضنني وهي تردد:
- لقد ظلمت نفسك كثيراً لأنك جميلة، وكان من الممكن أن تكون لك أسرة رائعة وزوج يحبك، ولكن ميلك غير الطبيعي الذي غذته في نفسك كراهيتك لوالدك جعلك تتناسين أنه كان من الممكن أن تصبحي إنسانة طبيعية.. اختيارك وللأسف كان اختياراً كارثيّاً كاد أن يقضي عليك.. وعلى الرغم من أنني أحترم الآخرين واختياراتهم ــ لأنهم في النهاية محاسبون عليها ــ إلا أنك كنت مخطئة.. وأقول لك صادقة إنه ما يزال هناك وقت للعودة للطريق القويم.. والله يا نهال لقد هانت على مصيبتي بعدما سمعتك..
هل تعلمين ما السبب في طلاقي؟
كان زواجي تقليديّاً.. ابن جيران لنا كان يعمل في إحدى دول الخليج، تزوجني تحت ضغط والدته وهو في الخامسة والثلاثين.. لم يسأل والدي لماذا بقي لهذا العمر بدون زواج , لأن أمه الناطق الرسمي بلسانه قالت إنه كان يكون نفسه , حتى يوفر لعروسه كل ما تشتهيه..
ومر عام بكامله بدقائقه وساعاته وأيامه يا نهال لم يلمسني زوجي، بل استقر على كنبة في الصالة ينام فوقها.. توددت له كثيراً.. تعطرت.. تزينت.. لبست أجمل ما عندي.. لم يكن أبداً يشتاق.. بل كان يضج ناهراً إياي لأبتعد عنه.. كتمت حسرتي وخيبتي داخل نفسي.. أخفيت الأمر عن كل من حولي حتى أمي، وكأن العار عاري.. كنت أتأمل نفسي في المرآة، وأعجب كيف لرجل أن يقاوم هذا الجمال.. حتى جاء يوم ضجت روحي فشكوته لأمه التي كانت تثقل علي كثيراً بسؤالها الملح عن الحمل.. بعد أن تحدثت لها قامت الدنيا ولم تقعد؛ فابنها "سيد الرجال" كما كانت تناديه.. ولأني تجرأت وهدمت صورة الرجل فيه أمامها , وحتى يداري سوءته , طلقني , وقال في ما قاله مالك في الخمر.. صدقه كل الناس من حولي.. وكان موقف أهلي من أسوأ المواقف؛ إذ أصروا على إثبات عذريتي لدي أكثر من طبيب مصحوبة بوالدي وإخواني!
لم أنس أبداً كيف انتهكت إنسانيتي حتى أحصل على (شهادة عذرية)! أقدمها للمحكمة للحصول على حقوقي من طليقي..
في مكان عملي تعرفت على زميل لي وأحببته بطهر.. تزوجنا وممدوح الصغير يملأ علينا دنيانا الآن.. إننا بالزواج نحافظ على أنفسنا ومجتمعاتنا من التحلل والانحراف.
أصبحت وشجون - بعد أن نثرنا ما كتمناه عن الآخرين أمام بعضنا - صديقتين مقربتين، وكانت كل جلساتنا وهي تحاول رأب الصدع في نفسي حتى أعود فتاة طبيعية تتزوج، وتسعد بعلاقة حقيقية غير محرمة..
كنت قد بدأت أتقبل نفسيّاً الارتداد عما أنا فيه، حتى رآني أخي ذات يوم - وهو الذي كان يجلس إلى إحداهن محتضناً يدها بيده في أحد المقاهي البعيدة عن عمان - مع صديقتي شجون وابنها كاشفة عن شعري القصير، ومرتدية قميصاً وبنطلون جينز خصره ساقط.. رأيت الهلع في عينيه وكأنه قد رأي جن، خرج له فجأة - وكانت تلك أول مرة يراني بتلك الملابس الصرعة التي أغيرها باستمرار في حمام الفندق القريب جداً من بيتنا حتى لا تراني أيضاً أم حسني، وتفتن لوالدي ولو بغلطة لسان غير مقصودة.
وقد تعود موظفو الفندق على رؤيتي أدخل الحمام، ثم أخرج منه في هيئة فتاة عصرية جميلة على آخر صيحة.. كنت في البداية أحمل ملابسي التي أبدلها في حقيبتي حتى صادقت المسؤولة عن الحمامات، بعد أن أشبعتها غزلاً، وأرضيت غرور المرأة فيها فأعطتني مفتاح خزانة من خزانات العاملات في الفندق، وطلبت ألا أخبر أحداً بالأمر..
وهكذا كنت أخرج من الفندق كواحدة من أجمل نساء الأرض المسترجلات..
عندما عدت للبيت، وبعد أن بدلت ملابسي في الأوتيل , وغطيت شعري وجدت أبي في انتظاري وإخواني الخمسة متحلقين حوله، وكأن مصيبة قد وقعت على رأسه، وفجأة وبلا إحم ولا دستور هجم على صارخاً:
- وين كنتي يا تبعة البنات؟ فضحتينا الله يفضحك.. بتفكري أنا ما بسمع اللي بيقولوه عليكي يا داشره يا شر.........؟
حاولت أن أبتعد عنه، فهجم على إخواني.. وهات يا ضرب في أنحاء جسدي، وأنا أصرخ وأستنجد بأم حسني التي كانت تنتحب بشدة وقد أبعدها أحد إخواني حتى ينتهي من تأديبي الآخرون.. تعالت صرخاتي وشتائمي:
- يا أوساخ أنا ما عملت إيشي غلط..
استفز أبي صوتي العالي، وصرخاتي، وشتائمي.. فجأة وعلى غير توقع أحسست بنصل يخترق جسدي , وسط صرخات أم حسني الهستيرية، وطرقات شديدة على باب الشقة وأصوات وهرج ومرج في الخارج، وكان آخر ما أحسست به جارنا وصديق أبي الوحيد أبو ثائر، الذي حملني وهو يردد مخاطباً والدي:
- يا أخي سيبها تنحرق، هي مش صغيرة.. بدك تدخل فيها السجن وهي ما تستاهل؟
لو كنت لحظتها في وعيي لضربت هذا الرجل حتى الموت.
حملوني إلى المستشفى..
تم حفظ المحضر عندما أقررت أنني وقعت على الأرض.. وكانت السكين هناك.. لم يهتموا بكلامي او حتى بسؤالي ؛ لأن المفهوم ضمنيّاً أنه يحق للاهل تأديب الفتاة , وقتلها ايضا من اجل الحفاظ على شرف الرجل الذى يدعي يحمي ملكيته الخاصة و, القانون هنا يغمض عينيه..
حفظ التحقيق، وتعهد الوالد بالحفاظ على حياتي..
ومن يومها وأنا أعيش برفقة خالٍ لي عاد من المهجر ليستقر في عمان بمفرده، بعد وفاة زوجته هناك.. أما والدي وإخواني فلم أسمع عنهم خبر أو أراهمو منذ سنوات..
كان خالي الطيب الرائع لا يأتي على سيرتهم حتى لا أكتئب.. وهكذا كنت أقضي ليالي طويلة باردة وحيدة ظمأى لدفء حقيقي، وحب حقيقي..
حاولت كثيراً أن أتغير , ولكن الجميع حولي كان يناديني بـ "ناهل" فأستكين للوضع حزينة، وأعمل وأقرأ في ظل خالي الرؤوف الذي اعتبرني ابنته المريضة التي يصر على علاجها , خاصة بعد أن أعلن والدي رسميّاً تبرؤه مني.
ومن أجل شجون , ومن أجل عيني خالي الكريم بدأت أتبدل بالفعل، مع العلم بأنه ما تزال بعض الشوائب في نفسي تشدني إلى عالمي.. عالم الأنثى الصاخب.
بكينا معاً، وصمتنا معاً.. وضحكنا على بكائنا.. وكأني أعرفها منذ قرون.. وكأنها تعرفني منذ الأزل..
كانت قصص اللواط , وعلاقة الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة تصيبني بالاشمئزاز والقرف..
فجأة وبلا أي إنذار سمعتها تقول:
- نداء ليش ما نتزوج؟
نظرت إليها ببلاهة ولم أرد.
قالت: على الأقل سأتزوج من ثلث رجل جميل، ولعلك تنقذني فأنت مسجل في الأوراق الرسمية كرجل، وأنا أريد الهروب والنجاة من حياتي القذرة.. فأنت إذن أكثر من يناسبني فقد سقطت في قلبي ساعة أن رأيتك.. أحببت أنوثتك ورجولتك، كما أن وجود الأنثى فيك يبهرني ويسعدني.. هذا يختصر المسافات بيني وبينك. ثم أمسكت بيدي وهمست:
- بليز يا نداء.. أنقذني..
- يا ليت يا حبيبتي أستطيع.. لمن تلجئين ؟ ومن قصدت؟ أنا يا صديقتي حطام.. وكيف وأنا أغرق بحثاً عن طوق نجاة؟! لن أنفعك.
التصقت بي، فلمست روحي بجزعها.. انسابت دموعي من أجلي وأجلها، وارتميت فوق صدرها الدافئ، علها تنقذني من عجزي عن إنقاذها..
قالت - وقد بللت دموعها وجهي المختبئ في ضلوع صدرها الشامخ الممتلئ حناناً: - أنت آخر أمل يا نداء حتى أعود إلى نفسي وأهلي؛ إن علموا بزواجي من رجل.
- على من ستضحكين وشكلي يفضحني، وصدري رمز أنوثتي يطل من تحت ملابسي الفضفاضة ليعلن عن نفسه..
رفضت وبشكل قاطع، وأنا أدرك مدى احتياجي لحب حقيقي من أنثى حقيقية.. ولكن - مع بكائها وإصرارها - وعدتها عند استقرار حالتي الصحية أن أتزوجها..
تبادلنا العناوين وأرقام الهواتف، وغادرتني مبتهجة، مع وعد منها بأن تكون من أجلي فقط، وستنظرني مهما طال الزمن..
أنا قد صحوت علـى الجراح.. تسيـل من بعضـي لبعضأنا قد صحوت وإذ أنا ملقىً بأرض غير أرضي "خليل زقطان"
بدأت بتعاطي الهرمونات الأنثوية حسبما أوصى الدكتور حاييم والدكتور أمجد.
حررت أنوثتي قليلاً، وتأقلمت معها بناءً على نصيحة مستشارتي النفسية، وبدأت بتفحص عالم النساء عن قرب أكثر.. ونفست عن مكنوناتي بطريقتي، حيث دخلت محلاًّ لبيع الملابس النسائية. ووفقاً للتوصيات النفسية اشتريت ما أحسست أنه سيناسبني كأميرة للجمال على حد تعبير نهال.. كسوت نفسي بكثير من الملابس الجميلة التي كنت أتحرك فيها داخل غرفتي..
شيئاً فشيئاً رضخت لسياسة الأمر الواقع وتغيير الهرمونات، مع التزام صارم بالمقادير الطبية المحددة من قبل الدكتور أمجد.
كان لإيقاف الهرمونات الذكرية تأثير مغاير لما للأنثوية، فقد عاد صدري للنمو.. ويوماً بعد يوم بصورة غير طبيعية؛ حتى إن بعض الصديقات وزبونات المحل بتن يحسدنني!

شو بدك يا حلوة؟ 8

ذات يوم اتصلت بي أختي سحر وقالت إنها ستأتي إلى عمان؛ لأنها دبرت لي عملاً في إحدى شركات الكمبيوتر في الخليج..
لم تعطني فرصة الاستفسار عن أي شيء..
كنت قد تغيبت عن زيارة أختي سحر لمدة زادت عن خمسة أشهر.. وعندما رأتني وزوجها بهتت من شكلي، واستهجنته كثيراً وقالت في عجب: غيرت للهرمونات الأنثوية؟
- نعم وبأمر الطبيب..
- ولكن يا حبيبي أنت ستذهب إلى الخليج.. ولن يتقبلوا شكلك هكذا.. خرج زوجها من الغرفة إلى الشارع ليتركني وهي نتحدث على راحتنا.. كم هو إنسان رائع هذا الرجل..
- عليهم تقبل عملي لا الالتفات إلى شكلي.
أصرت سحر على أن أستخدم المشد "الكورسيه" لإخفاء صدري، وطلبت مني أن أقص شعري وأطلق عنان ما تبقى من شعر على الوجه والحاجبين.
بكت سحر عندما علمت ما سببته لي الهرمونات الذكرية.. احتضنتي بحنان وقالت: رحمك الله يا أبي.. ماذا فعلت بنداء.. هذا ذنبك يمشي على الأرض.
بكيت ما شاء لي البكاء فوق صدرها..
في البداية أحسست بغصة من سيفارق عالم يحبه إلى عالم مجهول لا يعرف عنه شيئاً، ولكن عندما فكرت في الأمر وجدت أن من الضروري أن أذهب إلى حيث الحياة الرغيدة، والرواتب المرتفعة، فربما يتغير الحال، وأستطيع أن أوفر أجرة العملية..
كانت سحر قد أحضرت لي فيزا الدخول التي أرسلها زميلها السابق في الدراسة، عندما طلبت منه أن يأخذني لأعمل في شركته التي يمتلكها مناصفة مع أحد الخليجيين..
لم تمكث سحر في عمان إلا يومين أنهيت فيهما كل ما يتعلق بعملي..
ودعتها، وقبلت يدها، وسلمت على زوجها الذي ربت على كتفي هامساً:
- الله معك يا نداء.. سنشتاق إليك كثيراً..
لملمت ما تبقي مني في عمان، واتجهت إلى طائرة حملتني وروحي، مغادرة لأرض جديدة.. بعيداً عن أجزائي المبعثرة..
وفي الطائرة دار شريط ذكرياتي المرة والحلوة.. ووجوه صديقاتي اللواتي كنت أفضح أسراري أمامهن بلا خجل..
كانت النساء دوماً سر عظمتي ونجاحي.. وهن من مددن أيديهن لمساندتي..
في المطار سألني الضابط وهو يتأمل وجهي: الاسم نداء والشكل غير.. ليش؟ ودون أن يتوقف قال:
- وين ورقة الفيزا؟
- أنا آسف.. نسيت أن أعطيك إياها.. ها هي..
- أول مرة تجيين هني يا نداء..
- نعم..
- مرحبا بك..
غمز لي بعينيه وقال: حنا بالخدمة.. إذا تبين رقم تليفوني حاضرين..
شكرته وأنا أغادره.. حملت حقيبتي وخرجت لأجد مندوب الشركة يحمل لافتة عليها اسمي..
- مرحبا..
- مرحبتين.. شو بدك يا حلوة؟
- أنا نداء..
لوهلة سكت المندوب، وفتح عينيه عن آخرهما وقال:
- أنا آسف.. فكرتك رجال ..
حمل الحقيبة بصمت، ومضيت خلفه نحو السيارة.كان الوقت ظهراً وسط لهيب أغسطس.
بدت المدينة جميلة.. هادئة.. معسكر عمل، ورغم حرها فقد أحببتها مذ وطأت قدمي مطارها الذي ما يزال تحت التوسعة..
تسلمت عملي تحت نظرات تكاد تنطق عجباً من شكلي..
قررت أن أطلق العنان لأنوثتي دون اعتراض من أحد حيث لا يعرفني أحد ، رغم أن المدير الأردني زميل أختي سحر استدعاني ذات يوم وقال لي: -

VVVVV
VVV
VV
V
  رد مع اقتباس
قديم 2011- 9- 18   #12
Mo0oly.B
متميزة في ملتقى السعادة والنجاح
 
الصورة الرمزية Mo0oly.B
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 73539
تاريخ التسجيل: Thu Mar 2011
المشاركات: 8,023
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 9263
مؤشر المستوى: 144
Mo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond reputeMo0oly.B has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: ~~كُلِيــة ـإلعِــلُــوــمْ ـالإِدَآآرِيـَـهــ وَ تـَخْــطِــيــطْ ~~
الدراسة: انتساب
التخصص: ~~ ـإِدَآآرَةْ ـأَعْــمَــآآآلْ ~~
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
Mo0oly.B غير متواجد حالياً
رد: فضاء الجسد "الجنس الثالث"



- يا نداء أعرف أنك عبقري في الكمبيوتر.. وقد استطعنا أن نحقق أرباحاً كثيرة من وجودك معنا.. ولكن كفيلي وشريكي يرفض أن تستمر في العمل معنا؛ حتى لا تفتن الشباب في الشركة..
- ولكن هذا ظلم؛ فأنا لا أختلط بأحد.. ولا أتحرش بأحد.. إنما فقط أعمل وأعمل..
- والله لقد شرحت له حالتك، وأعلمته عن تقاريرك الطبية، ولكنه يأبى إلا أن تغادر.. وسيسمح لك بنقل الكفالة إن أحببت..
هزمتني الأنثى بداخلي فبكيت أمامه.. نهض من خلف مكتبه، وتقدم نحوي وربت فوق كتفي بحذر وقال:
- ليس الأمر بيدي والله يا نداء.. وأنت تعلم كم أحبك وأحب أختك سحر.. ولكن ما باليد حيلة.. وعلى كل أنا أفضل أن تبقي كفالتك علي، فهذا سييسر عليك كثيراً من الأمور، وتستطيع أن تعمل في أي مكان.. كما أني سأبعثك لأحد الأصدقاء لتعمل لديه، وشريكه الخليجي أكثر مرونة وتقبلاً لحالتك بعد أن قصصتها عليهما..
- أشكرك أستاذ.. أراك على خير..
انسحبت من أمامه مكسوراً مقهوراً يائساً.. اعتكفت في المنزل لمدة شهر أنا وصديقي الذي لا أمل صداقته "اللاب توب"، وأنيسي الوحيد هرموناتي وأدويتي البديلة، وأمراض نفسي التي لا شفاء منها..
كنت أتسلي بالانتساب لأي مجموعة أون لاين، لأصبح فاكهة كل مجموعة؛ فصورتي صورة امرأة جميلة يتهافت على مهاتفتها كل الرجال، ومن كل الأعمار.. ولكن الصوت صوت رجل.. من هنا كانت تبدأ النقاشات حول هويتي.. كفيضان يتدفق على شجرة مستكينة تدق فوق جسدها الواهن أسئلة لا تنتهي.. خاصة التي تتعلق بحالتي..
وكان أسوأ ما في تلك الأسئلة التي كانت تخترق أذني كصوت زجاج يتكسر دون أي مشاعر أو مراعاة للذوق: تلك التي تخص حالتي وعلاقاتي الجنسية..
سألوني: متي ولدت؟ وكيف عشت؟ ولم يلمسوا العذاب الذي عانيته ولا أزال من الناس حولي..
سألوني في أي مدرسة درست؟ ونسوا آلامي ونذالة الطلاب حولي..
سألوني كيف أمارس الجنس؟ ولم يسألوني عن قيمي التي تمنعني من خدش حيائي وطهارتي!
اتصلت بصديقتي نهال منقذتي.. وبكيت ما شاء لي البكاء فقابلت بكائي ببكاء خلع قلبي، وقالت بعد أن رويت ما حدث لي:
- ولماذا ترفض الذهاب للعمل الجديد؟ ربما يكون أحسن من الأول..
- بالتأكيد سيكون مثل الأول وأزفت..
- لقد تعلمت منك ألا أحكم على الآخرين إلا بالاحتكاك..
- لقد مللت النظرات المندهشة عند رؤيتي وسماع صوتي، تعبت من التحرش الدائم بي..
- نداء: هذا قدرك فلا تشك.. اذهب للشركة الأخرى التي أوصاك بها مديرك السابق..
- ومن قال لك إنني لم أذهب..
- أوكي.. وكيف المكان والعاملون فيه؟
- شوفي يا ستي: استقبلني المدير اللبناني الشاذ أصلاً استقبال الفاتحين، ووضعني على قائمة أصدقائه المقربين من أول نظرة.. وسلمني القسم الخاص بالآي تي، كما رتب لي شقة صغيرة أنيقة ذات موقع استراتيجي..
بقي على علاقته الطيبة بي حتى وصل كفيلنا الخليجي من السفر..
عندما رآني هذا الرجل المحترم وقعت في قلبه كحبة لؤلؤ انغرست في صدفتها، وخاصة أنه يعرف بقصتي كاملة، ومن هنا بدأت الصراعات؛ لأن مديري اللبناني - مع كل كفاءته في العمل - كان غيوراً جداً على صاحب الشركة! وقد لاحظ معاملته الطيبة معي فظن السوء، ومن ثم بدأ يحوك المؤمرات لاقتلاعي من الشركة؛ خاصة عندما علم أنه اصطحبني ذات يوم لحفلة مع بعض أصدقائه حيث سهرنا ليلة من ألف ليلة في فيلا رائعة امتلأت برجال من كل الأجناس، وصبايا من كل لون، وموسيقى صاخبة، وفتيات ورجال يرقصون ويتبارون مع النساء في هز الوسط؛ فشرت فيفي عبده أمامهم!فجأة انتبه الجميع لدخولنا، وعلى الرغم من ملابسي الرجالية الفضفاضة فإن الرجال الكلاب لهم نظرة أيضاً في الجمال، سكتت الموسيقي ليقدمني السيد فطيس وكأني كائن من كوكب آخر.. امتلأت العيون بالدهشة، ورحب الكل بي لأدرك أن تحت السطح الهادئ الساكن للبلد الجميل بركاناً من المعاصي على وشك الانفجار.. بعدما رأيت ما رأيت..
لم يحتك بي أحد يومها؛ احتراماً للسيد فطيس.. كان الكل لاهياً بصديقته أو صديقه، فانتبذت ركناً قصيّاً أراقب منه ما يحدث، حتى إذا كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل دخل ميشيل مدير الشركة، وقد فاحت منه رائحة الخمر، يرعد صاخباً موجهاً كلامه لي: - هيك يا نداء؟ بدك تاخده ع جاهز حبيب ألبي.. واللي خلأك ما بخليك تعيش سانيه!
بهت ووقفت أنتظر أن يوضح ما يقول لأني لم أفهم ماذا كان يعني، ولكن السيد فطيس أخذه بعيداً عني وعن الجميع..
بعدها بقليل دخل السيد فطيس وميشيل والابتسامة تعلو وجهيهما، وتوجه إلى ميشيل محتضناً إياي وهو يردد:
- سوري حبيب ألبي.. اعذرني..
وجهت حديثي للسيد فطيس:
- حصل خير .. بس ممكن أروح هلأ؟
- هيدا انت لسه زعلان حبيبي!
- لا.. ولكن ضروري أكون بالشركة بكير.. منشان عندي شغل كثير..
رد السيد فطيس مبتسماً وقال:
- ولا يهمك.. بكره خله إجازه..
أخذني ميشيل من يدي إلى الخارج موجهاً كلامه للسيد فطيس:
- دئيئة حبيب ألبي.. راجعلك.
- إنت ما بتفهم، شفت هيدا صاحب شركة الصرافه الكبري بده اياك..
- يا ميشيل: انا ما بنفع أي أحد.. وهادا الكلام قلته لك من البدايه؛ ليش بتحاول مرة تانية..
- إنت غبي؟ هيدا بده يغنيك للأبد.. وتسافر معه.. وتعمل العملية.. والحياة بدها تضحك إلك.
تركته وخرجت، فسمعت صوته يردد خلفي:
- ك............. أختك شو غبي , على شو شايف حالك..في طريق عودتي قررت قراراً نهائيّاً بأن أستقيل من الشركة، متحسراً على أجمل المواقع التي قمت بتصميمها، والذي نسبها السيد ميشيل لنفسه..
وها أنا الآن أبحث عن عمل مرة أخرى.
بعد أن خرجت من الشركة بغير عودة اتصلت بصديقتي نهال وشرحت لها ما حدث..
- ولكن من الخطأ يا نداء ألا تثبت في مكان..
- نهال يا حبيبتي: أنت تعلمين كما يعلم غيرك أنني لا أريد من حياتي إلا أن يتركني الناس أعمل فقط..
- هذا عشم إبليس في الجنة؛ فأنت بالنسبة لهم صرعة جديدة، وشيء غريب، ولا بد أن يكون احتكاك بهم وتحرش منهم..
- لا يا نهال: أنا لست معك.. هناك من يتقبلون وضعي، ويحاولون مساعدتي دون استغلالي.. ولكنهم قلة، ومن بينهم الآن سيدة فاضلة تسعى لتشغيلي في قناة فضائية جديدة للأطفال..
- واو , هادا خبر مفرح.. المهم إذا ربنا راد واشتغلت حاول أن تثبت نفسك..
- إن شاء الله.. المهم كيفك انتي؟
- أنا في انتظارك مليت على رأي الست ثومه.. وكل يوم أتخيلك معي نمارس أنوثتنا.. نسخر من الدنيا، وعيناك تحدق في أحزاني فتقتلعها من داخل نفسي لتبقي أنت الأمل الذي أبحر إليه كل يوم، لتكون قربي، تحميني من نفسي, لأهديك كل ألوان الدنيا وزهورها..
- والله صرت شاعرة يا ملعونة.. بس دايماً بتنسي إني أنا لاشيء..
- نداء بلا سخافة.. وحشتني يا نقطة ضوء ظهرت على شاشة حياتي المظلمة.
- بس نقطة؟ والله هادي إهانة.. لكن مقبولة منك يا نونو..
- كيف الصحة الآن بعد الهرمونات الأنثوية يا حلو.
- أنا ولله الحمد في انتظار السرطان كما أكد حاييم وأمجد وبعض الأطباء هنا بالخليج.
- يا رب عدوينك يا قمر.. طيب حبيبي ليش ما تتوقف، وبلاش تاخد الهرمونات لا الذكرية ولا الأنثوية، وخاصة أنو جسمك ثبت على الشكل الأنثوي؟
- من الصعب أن أتوقف.. خاصة في هذه المرحلة من العمر..
- أي مرحلة..
- الخامسة والعشرين خريفاً..
- نداء: نسيت أقول لك: بيكفي تليفون.. هادا كتير.. كلمني على الشات..
- خلص.. خليها لبكره.. أنا تعبان..
- أوكي حبيبي.. دير بالك على حالك..
إلى الجحيم يا أنا ...
بعد فترة قصيرة اجتزت امتحان القناة الجديدة للأطفال.. وقبلت للعمل كمصمم ويب ماستر..
أخذتني التجربة الجديدة.. وسلختني عن عالمي تماماً وغرقت في العمل، ولكن يا فرحة ما تمت، فبعد تجربة عام طويل يحتاج إلى مجلد آخر لكتابة ما مر بي أجبرت على الاستقالة لعدم استقرار حالتي الصحية كما قيل لي! وبعد كر وفر لأيام عديدة وأنا حبيس البيت أتأمل غربتي ووحدتي وحياتي التي بلا معني قررت الرحيل.. لا حاجة لي في دنيا من غير أمن..
كنت أتساءل دائماً.. إذا ما فكرت يوماً بالانتحار.. كيف سيكون ذلك.. يجب أن أبحث عن وسيلة غير مؤلمة..
جرعة زائدة من المخدرات.. من أين سأحصل عليها؟
رصاصة من مسدس.. سم قاتل.. حريق.. غرق.. أم ماذا؟
علي بالبحث عن طرق سهلة للموت.. ولكن هل يزيد الموت الألم أكثر؟ لا تهم الطريقة.. فلا بد أن تنجح واحدة.. المهم التنفيذ..
تداخلت الصور..
ها هو الموت ينتظرني في الأسفل..
تحدثت مع نفسي، وسألتها متى ستقرر الخلاص.. تجاهلت تشبث الأنثى داخلي بالحياة، وحتى تشبث الذكر..
الذكر؟ وأي ذكر.. الأنثى؟ أي أنثى.. والخنثى؟ وأي خنثى.. جميعهم سينالون نصيبهم مني ما عداي.. فخلصني يا رب.. وعجل بخلاصي..
انت تعلم ياربي بأني لست مسؤولا عما انا فيه .. وأظنك لن تعذبني افكر بالخلاص ؛ فأنا جئت لحكمتك التي لم أفهمها..
فقد ضاعت أيامي سدىً، وضاعت معها حقيقتي..
وهل الموت هو الحل المناسب؟
وكيف ستعوضني عن حياتي؟
وهل ستكون لي حياة أخرى؟
هل الموت هو لا مادة.. لا وجود.. لا زمن هناك ولا مكان؟
هل الموت حياه أخرى أكثر تحديداً بالنسبة لي..
أنا أدرك أن الموت بداية نهاية.. فهل هو نهاية للآلام أم بداية لها؟!
وهل هو عالم بلا ذكور وبلا إناث..
هل سيترحم على من عرفوني؟
هل سيشفقون علي؟
هل سيغير انتحاري من هذا العالم القميء الذي لا يفهم الآخر.. ولا يحترم الاختلاف؟
وما المهم في موتي؟ فلأذهب إلى الجحيم ومعي كل أمراضي النفسية..
سكان العالم سبعة مليارات .. فلينقصوا واحداً.. إلى الجحيم يا أنا..
لم تكن يا أنا يوماً سعيداً... فمم الخوف وعلام الحسرة؟
إنها نهايتي أنا.. أخطها صرخة ألم.. أكتبها علها تنقذ من بعدي بعض من كانوا مثلي، أو من سيكونون.. علها عبرة.. أو خبرة.. لمن سيتعاملون مع نفس حالتي..
يبدو أن الموت لا يزال مشغولاً؛ لأنه أقنعني بالتمهل، حتى استعرض شريط حياتي قليلاً قليلاً، قبل اختيار الميتة الميسرة..
تأملت الماضي.. وانسالت الذكريات.. وهمت أدمعي..
تذكرت أبي القاسي.. وأمي الرائقة الصافية.. وأختي سحر الحنون..
تذكرت نهال حبيبتي، تنتظر مني ارتباطاً أبديّاً ــ روحاً وجسداً ــ دون إياب مني..
تذكرت جراحاتي ومعاناتي.. وأحداثاً كثيرة مرت على حياتي..
تذكرت جهاداً صديقي..
تذكرت كل الذين عرفتهم.. والذين لم يعرفوا نصف ما عرفت..
تذكرت الكم الهائل من الكتب التي قرأت..
تذكرت كيف تعلمت الفلك.. وكتبت عنه.. وبرعت فيه..
تذكرت فنون التجميل وحكاياتها المدهشة..
تذكرت كيف كنت بارعاً في البرمجة والتصميم..
تذكرت الناس والمجتمع بمضايقاته التي أجبرتني على التحدي..
تذكرت كم كنتم يا زملاء مدرستي وجامعتي قساة.. بمنتهي القسوة..
تذكرت مشكلة المشكلات في بلادنا.. الاستغلال والاستغلال..
تذكرت - والدمع في عيني - كم كنت صيداً سميناً وسهلاً لهؤلاء المستغلين..
تذكرت كيف ربيت نفسي.. وصنعتها.. وصنتها.. وهذبتها..
تذكرت أن أحداً لم يلمسني.. وكم الاتهامات التي كيلت لي..
تذكرت كم كنت صادقاً مع نفسي والآخرين..
تذكرت بيت لحم وجروح طفولتي ومراتعها..
تذكرت خيباتنا العربية.. وكبواتنا الكثيرة.. وأنظمتنا الفاسدة..
تذكرت تقاليد قومي التي أبداً لم تنصفني..
تذكرت من هم في مثل حالتي.. وتحسرت عليهم.. في ظل عالم يكفر بحكم الله وخلقه..
تذكرت كيف يدفعهم المجتمع إلى سلوك طريق الانحراف بدلا من التميز وإثبات الذات..
تذكرت قول المسيح عليه السلام في توصيفه لنا "إنهم ينهلون من حكمة الرب التي لا نفهمها، بل هم من سيفهمونها.. فترفقوا بهم".
وتذكرت ما جاء في التلمود "إن اللعنة لا تغادر أجسادهم، فأقصوهم بعيداً حتى لا تكون فتنة".
ما يزال دمعي مصرّاً على زرع الغيوم أمام عيني لتختفي أشياء وأشياء..
ورغم كل عذاباتي كبريء صلب من أجل ذنب لم يرتكبه.. ورغم آلامي المعلقة في رقاب كل من عرفتهم.. ولمست خيرهم القليل وشرورهم الكثيرة..
أهديكم يا ناس محبتي وبحوراً هادئة، وسماء تعج بأسراب الطيور، وأفقاً يسبح فيه الأبيض والأزرق.
أهديكم تجربتي التي تعذبت بكم دون ذنب جنيته.. ووردة حمراء ندية عبقة ملتفة.. تزهو على أوراقها الغضة بأنفاس الصباح وهمس الحب..
أهديكم لحظات تلمسون فيها الأرواح المتعبة.. وتربتون عليها برفق..
أهديكم رقصة تبدأ بعد الغروب عند البوابة.. وتنتهي في الفجر على السرير..
أهديكم كلمات تتجاوز الحروف إلى المشاعر مباشرة.. صرخة رفض حرة متمردة.. وكسراً للقيد، وإعلان استقلال من الدرجة الأولى، وأمنيات باحترام عجز الآخرين.. ووعداً لي منكم بصفاء قلوبكم وتجلي مشاعركم.
بهدوء شديد تناول نداء أدويته كلها، وجلس يفرغها من حاوياتها.. أحصاها فتجاوزت المائة وخمسين حبة.. أحضر زجاجة ماء كبيرة.. أخرج رسالة كان يعتز بها كلما ضاقت به السبل.. فتحها أمام عينيه وقرأها.. نهل من كلماتها لعلها تبعث فيه أملاً خابياً.. كانت من أمه الثانية، التي احترمت الاختلاف في شخصه، ووقفت بجانبه، وآمنت به كإنسان لا يختلف عن الآخرين..
جاءت تلك الرسالة في وقت كان على وشك الانتحار, من أحد الشعراء المميزين الذين تعاطفوا مع حكايته عندما رويت أمامه, وأطلقت على اسم نداء؛ حتى لا تجرحني بذكر اسمي الحقيقي..
قبل أن يقرأها بدأ بتناول حبات الدواء، الواحدة تلو الأخرى، حتى انتهى من تناول مائة وعشرين حبة..
حاول أن يستمر.. لكن بكاءه من أجل ذاته المتصدعة الوحيدة، ودموعه التي لم تتوقف، جعلته يتوقف، لتجري عيونه فوق الأسطر، يلتهمها بنهم قبل النهاية..
رسالة محبة وسلام إلى صديقي نداء...
باسم الثقة في عدالة الله.. وحكمته.. ومحبته العظيمة، ورعايته لنا في كل وقت، وحتى آخر لحظة من حياتنا..
وباسم صداقتي الحضارية لك، ولكل البشر الأخيار الطيبيين الأقوياء بروحهم مثلك..
إسمح لي بأن أحبك بروحي، مؤمناً بروعتك وأنت تكتشف خرائطك الإبداعية, داخلك وهل يمكننا إلا أن نحب أولئك المبدعين مثلك؟
لقد أحببتك بحق، وكأنك جزء جميل مني، من روحي، هذا ما فعلته كلمات وأحاسيس تلك السيدة الرائعة الإنسانة الحنون "............ "
لقد جسدتك أمامي بكل جمالك وعذاباتك المرهفة، فأحببتك أكثر، وقررت على الفور أن أكتب لك يا نداء..
هل انتبهت مرة لاسمك المقترن بطلب العون والغوث، وهما صفتان لله عز وجل "يا معين ويا مغيث"؟ أعرفت الآن سر ما أنت فيه من اختلاف حباك الله به؟
لا تندهش من كلامي هذا، فلعل هناك حكمة عبقرية وراء هذا الاختلاف، أنا شخصيّاً أستطيع أن أدرك أن الله يريد أن يجعلك ويجعلنا نكتشفك أكثر، لأنه عز وجل لا يغلق باباً في نفوسنا وأرواحنا وأجسادنا إلا ويفتح أبواباً، وأنت يا صديقي أكثر شخص يدرك هذه الأبواب المفتوحة في روحك، لعل منها ذلك الحب الكبير الذي تكنه هذه السيدة "الأمومية الساحرة"، ولكني الآن أريد أن أشاركها هذا الحب؛ ليس تعاطفاً معك، بل إعجاباً بقدرتك على تحدي كل شيء، لتنتصر لنفسك المختلفة، ولتثبت لنا أن الاختلاف يمكن أن يحمل في أعماقه إبداعاً فذّاً لا يستطيعه العاديون من أمثالنا، وهذا ما حققته؛ ما دفعني لمحبتك، مستسمحاً إياك أن تضمني لقائمة أصدقائك؛ بل أشقائك.. الذين تشكو من قلتهم..
أخي وصديقي الطاهر المبدع القوي: نداء
أعرف تماماً أنك لن تخذل المعنى الذي يكمن وراء اسمك، فيجب أن تعلم جيداً، وبعلم اليقين - أنك تمتلك من جمال وصفاء الروح وشفافية القلب ما لا يمتلكه الكثيرون من العاديين، ومن المؤكد أن الله يحبك جداً؛ لأنه خلقك بهذه الكينونة، ولعلك تتفق معي أن الله لا يفعل شيئاً لا يحبه، لقد أحب الله الدنيا فخلقها، وأحبنا فخلقنا هكذا بكل ملامحنا وأعماقنا، ولو تأملنا كثيراً ذواتنا، ولو امتلكنا الكثير من الصبر، لاكتشفنا أنه لم يكن هناك أجمل من هذه الكيفية التي خلقنا بها.. وإذا لم نكتشفه الآن فسيساعدنا الله على معرفته فيما بعد، هذا شيء مجرب ومؤكد، لقد أحبك الله يا نداء كما أحب نبيه أيوب الصابر، وأنت صابر يا صديقي، بل كل الطيبين الشرفاء صابرون.. وسيمنحهم الله المكافأة العظمي يوماً ما..
وأخيراً أرجو أن تكرر لنفسك دائماً مقولة الإمام على رضي الله عنه: لا تدع جهل الآخرين بك يغلبك على علمك بنفسك..
ارتخت أخيراً يد نداء.. وأفلتت الرسالة لتسقط بجانبه.. وكفراشة خرجت من شرنقتها.. وفردت جناحيها للطيران في عين النور، غادر نداء دنيانا غير آسفٍ على شيء.. باحثاً عن عالم جديد.. وكينونة جديدة!

انتهى~

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 06:59 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه