|
ملتقى المواضيع العامة منتدى المواضيع العامة والنقاش الهادف |
|
أدوات الموضوع |
2012- 10- 23 | #21 |
صديق الملتقى
|
رد: شخصيــــــــات رائعه مرت في حياتنـــــا وحياة آباءنا وأجدادنــــا ,,
د– توحيد المملكة (من مفهوم القبيلة والعشيرة والمنطقة إلى مفهوم الوحدة الاندماجية):
لم يلبث ابن سعود أن ضم إلى دولته "تهامة عسير" بتاريخ 24 ربيع الثاني عام 1345هـ/ 21 تشرين الأول أكتوبر عام 1926م، ثم ألغى، بعد ذلك، لقبه كسلطان واصبح يدعى"ملك الحجاز ونجد وملحقاتها" اعتباراً من تاريخ 25 رجب عام 1345هـ/ 9 كانون الثاني يناير عام 1927م، ثم أصدر، بتاريخ 21 جماد الأول عام 1351هـ / 22 أيلول سبتمبر عام 1932م مرسوماً ملكياً وحّدت، بموجبه، المملكتان الحجازية والنجدية، وملحقاتهما، واتخذت المملكة اسمها النهائي وهو "المملكة العربية السعودية"(39). لم يكن سهلاً، على البدوي الذي اشتهر بتعصبه لقبيلته أن يتخلى عن هذه "العصبية" القبلية، ويندمج طائعاً مختاراً في عصبية قومية دينية جامعة، هي "المملكة"، ومن هنا، نستطيع أن نتبين كم كان الملك عبدالعزيز ذا هيبة وسطوة، وحنكة ودراية بأهل البلاد لا تضاهى، وكم كان ذا طموح قومي وحدوي متميز عن باقي طموحات أولئك الزعماء من سادة القبائل المنتشرة في مختلف أرجاء الجزيرة، لكي يقرر ويستطيع أن يدمج كل الكيانات القبلية التي كانت قائمة في نجد والأحساء وعسير وشمّر والحجاز ويوحدها وحدةً اندماجيةً لا اتحادية ولا شبه اتحادية، في كيان واحد هو "المملكة العربية السعودية"، وإذا كنا نلاحظ أن الملك عبدالعزيز قد بدّل اسم المملكة ثلاث مرات: استبدل، أولاً، "بسلطان نجد وملحقاتها" اسماً جديداً هو "ملك الحجاز ونجد وملحقاتها"، وذلك عندما ضم إليه الحجاز (ونرى هنا انه كان منسجماً مع تواضعه الجمّ عندما استبدل باسم "السلطان" اسماً أقل وقعاً وبهرجةً وتعالياً، هو اسم "الملك")، ثم لاحظ ثانياً، أن ذكر اسمي "الحجاز ونجد وملحقاتها" لا يزال يتضمن تمييزاً غير منسجم مع فكره الوحدوي، فقرر أن يستبدل باسم "ملك الحجاز ونجد وملحقاتها" اسماً لا يطاله أي ظنٍ بالتجزئة، أية تجزئة، فكان الاسم النهائي للمملكة، وهو "المملكة العربية السعودية" ، حيث اختفى من هذا الاسم كل ما يمت إلى القبلية أو المناطقية أو العشائرية بصلةٍ، أو ما يذكّر بماضي الصراع الذي كان قائماً بين مختلف القبائل والعشائر في تلك المناطق، فكانت وحدتها في أحضان المملكة وحدة اندماجية لغةً وديناً وقوميةً، ومصيراً مشتركاً، ومصالح وأهدافاً مشتركة. ولا نكون مبالغين إذا قلنا أن الملك عبدالعزيز كان عروبياً وحدوياً في الفكر والممارسة، وقد عبر عن عروبته في مجالات عديدة، وفي مناسبات مختلفة، منها انه رفض أن يقدم أية معونة للدولة العثمانية، عندما طلبت منه مساعدتها في قتال الإدريسي الذي خرج عليها، وكتب إليها كتاباً يقول فيه إنه عربي :"ولا يحارب إلا من أجل دولة العرب"(40). وكتب إليه والي البصرة، سليمان شفيق كمالي باشا، وكان، أيضاً، حاكماً عسكرياً في عسير (عام 1326–1331هـ/ 1908– 1912م)، يسأله عن "رأيه في أمراء العرب" فكان جوابه: "إنكم لم تحسنوا إلى العرب، ولا عاملتموهم، على الأقل بالعدل، وأنا اعلم أن استشارتكم إياي إنما هي وسيلة استطلاع لتعلموا ما انطوت عليه مقاصدي، وهاكم رأيي"، ثم يبدي رأيه، للوالي، بكل صراحة وجرأة ووضوح، فيقول له: "إنكم لمسؤولون عما في العرب من انشقاق، فقد اكتفيتم بأن تحكموا، وما تمكنتم حتى من ذلك. قد فاتكم أن الراعي مسؤول عن رعيته و…أن صاحب السيادة لا يستقيم أمره إلا بالعدل والإحسان ، وأن العرب لا ينامون على الضيم ولا يبالون إذا خسروا كل ما ليديهم وسَلمَت كرامتهم، أردتم أن تحكموا العرب فتقضوا إربكم منهم فلم تتوفقوا إلى شيء من هذا أو ذاك، لم تنفعوهم ولا نفعتم أنفسكم". هذا هو ابن سعود، لا يساوم في قناعاته وإن جرّت عليه الوبال، حتى ولو كان ذلك في مواجهة الدولة العثمانية الحاكمة. وكان الملك عبدالعزيز ذا رأي سديد بالوحدة العربية، ولم يكن العرب ليُذلوا أو يهانوا لو عملوا برأيه، فقد كان يرى أن على البلاد العربية: - إما أن تكون "كتلة سياسية واحدة، يرأسها حاكم واحد". - وإما أن "تقسموها إلى ولايات، فتحددوا حدودها، وتقيموا على رأس كل ولاية رجلاً ذا كفاية من كل الوجوه، وتربطوها بعضها ببعض بما هو عامٌ ومشتركٌ من المصالح والمؤسسات"(42). وهكذا نراه يدعو، منذ نحو قرن من زماننا هذا، إلى دولة "الوحدة العربية" أو إلى "ولايات متحدة عربية" لا فرق، وهو ما قصّر عنه زعماء العرب منذ ذلك الحين إلى اليوم. ويشرح ابن سعود، بشيء من التفصيل، اقتراحه الثاني" الولايات المتحدة العربية"، فيقول: "ينبغي أن تكون هذه الولايات مستقلة استقلالاً إدارياً، وتكونوا أنتم (مخاطباً الوالي العثماني) المشارفين عليها، فإذا تم ذلك فعلى كل أمير عربي أو رئيس ولاية أن يتعهد بأن يعاضد زملاءه، ويكون وإياهم يداً واحدة على كل من تجاوز حدوده، أو أخلّ بما هو متفق عليه بيننا وبينكم"، ثم يستمر في مخاطبة والي البصرة (جواباً على سؤاله) فيقول له: "هذه هي الطريقة التي تستقيم فيها مصالحكم ومصالح العرب، ويكون فيها الضربة القاضية على أعدائكم". ولكن أولي الأمر في الآستانة، لم يروا رأيه، بل "سفّهوه قائلين: يريد ابن سعود أن يجمع كلمة العرب بواسطتنا ، ولخير نفســه"(43). وكان الملك عبدالعزيز لا يفتأ يدعو القادة العرب إلى وحدة الرأي والموقف، فهو عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، كتب إلى أمراء العرب يحضهم على الاتحاد والتضامن لمواجهة ما ينتظر العرب من أهوال، ومما جاء في كتابه إلى هؤلاء الأمراء: "قد علمتم– ولا شك – بوقوع الحرب، فأرى أن نجتمع للمذاكرة علناً، لنتفق وننقذ العرب من أهوالها، ونتحالف ودولة من الدول لصيانة حقوقنا وتعزيز مصالحنا"(44)، ولكن أمراء العرب لم يكونوا على مستوى المهمة القومية التي حمل ابن سعود لواء الدعوة إليها وتحقيقها آنذاك، وهي وحدة العرب وتضامنهم. ولهذا، فإن عملية توحيد المملكة لم تمر دون صعوبات، بل واجهتها مشاكل كبيرة ناتجة عن عملية الدمج ومقاومةٌ لها، ورغم أن عملية دمج الحجاز بنجدٍ وباقي أجزاء المملكة استمرت نحو عشر سنوات، فإن الملك استطاع تجاوزها بحنكته وحكمته، وحاول ممثلو الطبقة الإريستوقراطية الحجازية، من وجهاء محليين وعلماء وتجار، أن ينشئوا "مجلساً تأسيسياً" مستقلاً عن نجد، بحيث لا يجمع بين نجد والحجاز سوى شخص الملك، كما انهم اقترحوا إنشاء "حكومة إسلامية" في الحجاز لها دستورها الخاص بها، والذي يستمد أحكامه من الكتاب والسنة، على أن تستمد كل من نجد والحجاز قوانينها ونظمها الداخليـــة والإداريـــة من ظروفها الخاصة، وأدرك الملك خطورة هذه المبادرة ومـــا يمكن أن تحمله من خطوات مدمرة للوحدة بين مختلف أجزاء المملكة بحجة "الظروف الخاصة" بكل جزء، فعمد إلى إصدار مرسوم ملكي عام 1344هـ/1926م شكل بموجبه، "مجالس استشارية" في كل من "مكة والمدينة وجدة وينبع والطائف" من مــدن الحجـــاز، ثم اتخذت هذه المجالس – فيما بعد – شكل "المجالس البلدية" ثم ألفت – أخيراً – ما سمي "بمجلس الشورى" وكان يضم 13 شخصاً(45). وكانت الخطوة التالية التي قام بها الملك – في هذا السبيل – هو سعيه لاعتراف الدول الإسلامية بملكه. ولكي يضفي المزيد من الشرعية على ولايته عمد إلى الدعوة لعقد "مؤتمر إسلامي" في مكة المكرمة، في شهر ذي الحجة عام 1344هـ / حزيران يونيو 1926م، بمناسبة موسم الحج، وقد دعا إليه غالبية الملوك والرؤساء في الدول الإسلامية، وذلك بعد أن وجّه إليهم رسائل يتعهد فيها بأنه "سيرعى الأماكن المقدسة، ويعمل على تهيئة ظروف أفضل للحجاج". واجتمع في مكة – بهذه المناسبة – نحو 69 مندوباً عن مختلف البلدان الإسلامية، حيث اعترفوا – في مؤتمرهم – بابن سعود "حامياً للحرمين" ، كما طالبوا بإعادة "العقبة ومعان" إلى الحجاز، معترفين بسلطة الملك عبدالعزيز على كامل أراضي مملكته(46). وهكذا قامت "المملكة العربية السعودية" الموحدة التي تضم 80% من أراضي الجزيرة العربية وأكثرية السكان فيها، أما الملك فإنه حرصاً منه على أن لا يبقى أي أثر يشير إلى عهد التجزئة القبلية في الجزيرة أقدم على تغيير الأسماء (مثل نجد والحجاز وتهامة والأحساء الخ...) واستبدل بها أسماء جغرافية لا علاقة لها بذلك الماضي القبلي، فأصبحت الأقسام الإدارية للملكة تعرف بالإمارات والمناطق (الشرقية والشمالية والحدودية الخ...) (47). هذه المملكة التي عبر ابن سعود عن تمسكه المطلق بكل ذرة من ترابها حين قال : "لن نرضى بأي مساس بحقوقنا، ولو كان ذلك بمقدار حبة رمل، نحن لا نطالب بأكثر مما يعود لأسلافنا"(48). |
2012- 10- 23 | #22 |
صديق الملتقى
|
رد: شخصيــــــــات رائعه مرت في حياتنـــــا وحياة آباءنا وأجدادنــــا ,,
هـ– من المجتمع البدوي إلى المجتمع المدني، نقلة نوعية:
الظاهرة المهمة التي شغلت الحكم، في عهد الملك عبدالعزيز، هي ظاهرة الرفض، ونعني بذلك: 1- رفض المجتمع البدوي للمجتمع المدني (أو الحضري). 2- رفض المجتمع الديني للتطور العلمي. وقد عالج الملك هاتين الظاهرتين بأسلوب حكيم وشجاع وحازم. 1– معالجة رفض المجتمع البدوي للمجتمع المدني: يصف المفكر العربي "أحمد أمين" حال "جزيرة العرب" قبل عهد الملك عبدالعزيز، بأنهــا : " أشبه بشيءٍ بحالتهــا في الجاهلية، كل قبيلة تسكن موضعاً يرأسها أمير منها، هذا أمير في الأحساء، وهذا أمير في عسير وهؤلاء أمراء في نجد الخ... ولا علاقة بين الأمير والأمير إلا علاقة الخصومة غالباً، ثم تتوزعها – أيضاً– الخصومة بين البدو والحـــضر"(49). وبالفعل، ما أن تسلم ابن سعود زمام الملك في السعودية حتى بادر إلى معالجة هذا الوضع، وكان البدو – وهم المجتمع الأكثر عدداً في المملكة – يرفضون – في غالبيتهم – الانتقال إلى الحضر، ذلك انهم "لا يثبتون، ولا يطيعون، ولا يخلصون" لأنهم "لا يملكون شيئاً من الأرض، ولا يسكنون بيوتا ثابتة"، فعمد إلى تشجيعهم على الانتقال "من البادية إلى المدينة" وذلك عن طريق تمليكهم أرضاً ومساعدتهم في إقامة المنازل(50)، وهو ما سمي "بالهُجَر"* (جمع هجرة، أي الرحيل من موضع للاستقرار في موضع آخــــر، وفي الــــحال الذي نحن بصدده "كل مدينة أو قرية جديدة في نجد بناها البدو الذين تدّينوا وتحضّروا فهجروا إليها من الجهالة إلى الدين ومن البداوة إلى الحضر هي هجـــرة")(51). ويحدد الريحاني أسباب "الهُجَر" بثلاثة : "تعليم البدو الدين، ونفعهم بأرض يحرثونها، والاستيلاء عليها"(52) مما يدفعهم إلى التشبث بها والدفاع عنها، ولكننا نميل إلى تعريف "الهجرة" في هذه الحال بأنها انتقال البدوي من حال البداوة وعدم الاستقرار إلى حال الحَضَر والاستقرار في مدن وقرى، وأن أهدافها تنحصر في تمليك البدوي الأرض لكي يعتاد الزراعة والصناعة الحرفية فيستقر، ثم يتعلم أصول دينه، ليكون أكثر تمسكاً بأرضه ومعتقداته، واكثر استعدادا للدفاع عنها. كان البدو يعانون من الجفاف – حيث لا ينبت الكلأ – مما يضطرهم للترحال الدائم سعياً وراء الخصب والمرعى لإشباع ماشيتهم وأسَرهم، فعمد الملك عبدالعزيز إلى منحهم "النقود والحبوب والأدوات الزراعية ومواد بناء المساجد والمدارس ، كما بعث المطاوعة لتعليمهم"، ثم "زود المحاربين بالسلاح والذخيرة للدفاع عن الدين"(53). وكان أهم شروطه "للانتماء إلى الهجرة" هو "التخلي عن عادات والتزامات نمط الحياة العشائرية"(54) ، ولكن البدوي لم يكن يتقيد بهذا الشرط، إذ كانت الهجرة – بعكس ذلك – تتم "على أساس قبلي" ، حيـــث كانت كل قبيلة تهاجر إلى موقع وتستقـــر فيـــه – بكاملها – مع زعمائها وشيوخها، مما أدى إلى احتفاظ هذه القبائل بالهيكلية التنظيمية والتراتبية التي كانت تتبعها في بداوتها، وهو ما لم يكن الملك ليبتغيه (55)، لذا، حاول أن يقسّم كل قبيلة إلى عدد من "الهجرات" حسب حجمها، فقرر – مثــــلاً – تقسيم قبيلة "العجمان" إلى "زهاء عشرين هجرة صغيرة مبعثرة في المناطق الداخليــة من نجد" إلا أن هذه القبيلة رفضت ذلك، وأصرت على أن تقيم مجتمعة في الأحســـاء(56). وكانت الضرورات الاقتصادية هي التي تسّهل – في غالب الأحيان – انتقال البدو إلى الحضر عن طريق استقرارهم في "هُجَر" معينة، وكان البدو الذين ينتقلون إلى "الهُجَر" وإن حافظوا على الهيكلية التراتبية لقبائلهم، يهتمون بأمور ثلاثة: الزراعة، وتعلّم الدين، والتدرّب على السلاح لضرورات الدفاع، وكان هؤلاء يؤدون الخدمة العسكرية في ثلاث فئات: - فئة المجاهدين الذين يظلون في حالة تأهب واستعداد للقتال في سبيل الله، وهؤلاء مسلحون دائما، ولديهم مطاياهم وذخيرتهم. - فئة الاحتياطيين والرديف، وهم الذين يظلون على أهبة الاستعداد للدخول في الحرب عند الضرورة، وهم يلون المجاهدين في الترتيب، إلا انهم يعتبرون "جهاداً مثنى" لأنهم "يلبون الدعوة الثانية" للجهاد، حيث يأتي كل واحد منهم "بمجاهد آخر يردفه ذلوله". - وفئة القاعدين الذين "يظلون في القرى، عندما تنشب الحرب" لكي يقوموا بأعمال الزراعة والتجارة ، إلا أنه يمكن تجنيدهم، عندما تدعو الحاجة، بقرار من الإمام، باعتبار أن الإمام – وحده – له الحق بالدعوة إلى "الجهاد والجهاد مثنى"(57). إلا أن الريحاني يصف البدو بأنهم "سيف في يد الأمير اليوم، وخنجر في ظهره غداً، مجاهدون إذا ما قيل غنائم، متمارضون إذا ما قيل الجهاد"(58). وهذا ما سعى الملك عبدالعزيز إلى تغييره، في نفسية البدوي وتقاليده، وقد نجح في ذلك أيما نجاح، إذ انتقل البدوي من مغامر يسعى لتحقيق مصالحه الذاتية، إلى مواطن يدافع عن دينه ، ويؤمن بأن له وطناً، وان عليه أن يعززه ويحميه ويدافع عنه، وربما يموت في سبيله. وقد استخدم ابن سعود، لكي يحقق هذا التغيير لدى البدوي، الأسلوب التالي: - اعتمد "المطاوعة" لكي يعلموا البدو أصول الدين الحنيف مع ما يوجبه من فرائض وواجبات، كالصلاة والصوم والحج والزكاة ، وكان البدو يقومون بتعلّم دينهم وتأدية فريضة الصلاة في مساجد قراهم. - من خلال ذلك، تعلم البدو "الشريعة والنظام، وطاعة الحكم، واحترام حياة الأنام"، وهو ما لم يكونوا يقيمون له وزناً قبل ذلك. كان الملك يختار، لإقامة "الهُجَر" ، مكاناً يتوافر الماء فيه، فتقوم القبيلة، أو فخذ من القبيلة، بحفر البئر وبناء المسجد (الذي هو جامع القرية ومدرستها) ، ثم تبنى المساكن بسرعة، ويساعد الملك – مالياً – في التكاليف، وكان "الجمل" أحد أهم أسباب عدم استقرار البدوي في موقع محدد، فهو يمتطيه ويجوب الأرض بواسطته طلباً للرزق "حلالاً أو غزواً" ،لذا، أجبر البدو – في الهُجر – على بيع إبلهم. وربما كان بيع الإبل سبباً في اندفاع البدو إلى إتباع طريقة الإخوان (وهم فئة شديدة التدين سيأتي الحديث عنها لاحقاً) ، حيث يلزمون منازلهم ومساجدهم يتعبدون الله، "فغدت بيوتهم مناسك، وقد نزلوها ابتغاء لوجه الله، وهجروا البادية حقيقة إلى الله والتوحيد، فاصبحوا عالة على صاحب البلاد"(59). ولم يكن ذلك ليرضي الملك، إلا انه لم يلبث أن وجد الوسيلة الناجعة لتلافي تلك الآفة، وذلك بواسطة "العلماء" أنفسهم، الذين لقنوا "هؤلاء" تاريخ أسلافهم العرب والمسلمين وسيرهم في الفتوح والجهاد، وقاموا بالمهمة خير قيام، إذ عمدوا إلى محاربة البطالة التي تفشت في "الهُجَر" بحثّ سكانها على الاقتداء بالسلف الصالح "وأن الزراعة والتجارة والصناعة لا تنافي الدين، وأن المؤمن الغني خير من المؤمن الفقير"(60). وهكذا استطاع العلماء أن يحبّبوا "العمل والمال"إلى أولئك الذين تشبّهوا بالإخوان وقلدوهم، فصاروا مثلهم "إخواناً، يتعصبون بالعصابة البيضاء التي تميزهم عن الناس"، وبدأ هؤلاء يتخلون عن كسلهم وبلادتهم وخمولهم، ويحرثون الأرض ويزرعونها، ويتاجرون، فانتعشت القرى، ونشطت فيها الزراعة والتجارة ، وبدأ البدوي يتحول، في "هُجَره"، إلى مواطن صالح يعمل لكسب عيشه وتربية عياله، ويسهر على راحة أهله وأبناء بلده ووطنه، ويحمل السلاح ذوداً عن هؤلاء جميعاً(61). وهكذا أضعفت الهجرة غريزة "الغزو" عند العرب حتى أزالتها نهائياً، وأحلت محلها الكسب الحلال من تجارة أو زراعة، وبدأت المملكة تجد – بذلك – طريقها الصحيح نحو التوحد القائم على المواطنة وليس على القبلية. إلى هنا، وتظل الهجرة محصورة في الاستقرار بالقرى (الهُجَر) وفي الزراعة والتجارة، وتعلّم الدين وتأدية الفرائض الإسلامية، والاستعداد للدفاع عن الأرض والأسرة والوطن، ويحدثنا الريحاني انه قال – مرة – للملك عبدالعزيز : " ستكون الهجرة الثانية من الجهل إلى العلم إن شاء الله، فتؤسس المدارس ويتعلم الإخوان شيئا من العلوم التي من شأنها أن تحسّن الصناعة والتجارة والزراعة في البلاد" فأجابه الملك: "كل شيءٍ يجيء في وقته"(62). ويتحدث الملك – في أحد مجالسه – عن هؤلاء البدو الذين تحضروا في "الهُجَر" فيقول: "يجيئوننا في السلم فنعطيهم كل ما يحتاجون إليه من كسوة ورزق ومال. ولكنهم في أيام الحرب لا يطلبون منا شيئاً، في أيام الحرب، يتمنطق الواحد منهم ببيت الخرطوش، ويبادر إلى البندقية، ثم يركب الذلول إلى الحرب ومعه شيء من المال والتمر القليل عندنا يقوم مقام الكثير عند غيرنا... كنا نمشي ثلاثة أيام بدون طعام، يأخذ الواحد منا تمرةً، من حين إلى حين، يرطّب بها فمه... نعم، كانت الحاضرة أثبت قدماً وأشد بأساً من البادية، أما الآن، فالبادية المتحضرون، أهل الهُجَر هم في القتال أثبت من الحاضرة وأسبـــق إلى الاستشهـــاد" (63). ويحصي الريحاني، في الملحق الذي أثبته بآخر كتابـــه" نجد وملحقاته" عدد "الهُجِر" عام 1344هـ /1926م، 72 هجرة موزعة على 12 قبيلة فيها 76500 مجاهد(64). |
التعديل الأخير تم بواسطة ليثاوي الرياض ; 2012- 10- 23 الساعة 08:50 PM |
|
2012- 10- 23 | #23 |
صديق الملتقى
|
رد: شخصيــــــــات رائعه مرت في حياتنـــــا وحياة آباءنا وأجدادنــــا ,,
2– معالجة رفض بعض فئات المجتمع للتطور العلمي:
يذكر "العقاد"، في حديث له مع الملك عبد العزيز، أن الملك قال: "إن بعض المسلمين – مع الأسف – لم يجدوا طريقة للتقدم – في نظرهم – إلا بتقليد الأوروبيين، ولكنهم لم يقلدوهم فيما ينفع بما كان سبب قوتهم ومنعتهم، بل قلّدوهم فيما لا يسوغه دينهم من الأمور الأخرى. فقد مضى عشرات السنين على الذين يدعون الناس – في السر والعلن، بالقول والعمل – لتقليد الأوروبيين، ولكن، من منهم عمل – إلى اليوم– إبرة أو صنع طيارة أو اخترع بندقية أو مدفعاً؟ لقد قلدوهم فيما يخالف أمور دينهم، واكتفوا من تقليد الأوروبيين بذلك" (65) .و يظل هذا القول، للملك الحكيم عبدالعزيز صالحاً إلى يومنا هذا. لقد كان عبدالعزيز يطمح إلى توحيد الجزيرة – فعلاً – إلا انه وجد نفسه أمام مشكلة ربما كانت مستعصية الحل، وقد خبرها – بل عانى منها – في حروبه، ذلك أن المجتمع النجدي الذي يعتمد عبد العزيز عليه كان مكوناً من فئتين: فهو إما مجتمع زراعي أو تجاري يهتم بالحرف والتجارات الصغيرة، ولا يتفاعل مع طموحات ابن سعود، لأنه يظل مرتبطاً بزراعته وتجارته، وإما مجتمع بدوي قبلي يوالي زعماءه وشيوخه، لذا، فهو لا يوالي عبدالعزيز إلا إذا والاه أولئك الشيوخ والزعماء، وهو مجتمع يرى مصالحه فوق أية مصلحة ولو كانت مصلحة الأمير ، وكان عبدالعزيز قد عالج هذه المشكلة – منذ البدء – بتشكيل قوات من "الإخوان" تدين بالولاء له، وهي قوات "شبه عسكرية" تتمتع – في الوقت نفسه – بتنظيم الحضر وإخلاصهم، وقدرة البدو وحركتهم"(66)، ثم استكمل هذه المعالجة، وقد بدت له ناجحة فعلاً، بعلاج أكثر فعالية واستمراراً، وهو إقامة "الهُجَر" التي أضحت أشبه بمعسكرات تؤمن لعبدالعزيز العدد الذي يحتاجه لشن حرب في أي وقت. تدعو حركة الإخوان إلى التقيد بأصول الدين والالتزام الصارم بفرائضه الأساسية، كما كانت تفرض على "الإخوان" أن يساعد بعضهم بعضا، وان يخضعوا للإمام، ولا يتعاملــوا مع الأوروبيين وما ينتجونـــه من صناعات(67)، لذا كانوا يحرّمون – على المسلمين – استعمال كل الأدوات والآلات التي اخترعها الأوربيون مثل السيارة والطائرة والهاتف والتلغراف وغيرها، وكان – الإخوان عصب – الهُجَر، والأساس الذي قامت عليه، كما كانوا يشكلوا جيش الملك وقوته المسلحة والضاربة، وقد اعتمد عليهم في أكثر فتوحه في الجزيرة، خصوصاً أن هذه الحركة بدأت في "نجد" ، ومنها انطلقت – مع عبد العزيز – في فتوحه، إلى سائر أنحاء الجزيرة ، ولما استقر الأمر للإخوان في "الهُجر" وأكره البدو على بيع جمالهم، وهي الوسائل الأساسية التي كانوا يستخدمونها للتنقل والترحال وطلب الرزق، انحازت غالبيتهم إلى الإخوان وانخرطت في صفوفهم، إلى درجة أنها تركت الشأن الأساسي الذي أقيمت "الهُجر" لأجله، مما دعا الملك إلى تكليف الإخوان أمر هداية هؤلاء –كما سبق أن أشرنا– ، ولكن بعض الإخوان تسرب إليهم الغلو وتصرفوا في أمور الدين على هواهم، فأخذوا "يكفّرون، ويقتلون" ويعتبرون البدوي مشركاً يطيع الشيطان، بينما هم مؤمنون يطيعون الله، مما اضطر العلماء إلى عقد مؤتمر في الرياض (1337هـ / 1919م) لبحث هذه الأزمة، واتخذو، لأجل ذلك، قرارات مهمة هي: 1- عدم إطلاق تسمية "كافر" على أهل البادية المؤمنين بدينهم. 2- عدم التمييز بين البدوي (لابس الكوفية والعقال) والحضري، إذا كان معتقدهما واحداً. 3- عدم التمييز بين الحضر الأوائل والمهاجرين الآخرين. 4- عدم التمييز بين ذبيحة البدو وبين ذبيحة الحضر الأولين والمهاجرين. 5- لا يحق للمهاجر أن يرغم غير المهاجر على الهجرة أو أن يضربه أو يتهدده. 6- لا يحق لأحد أن يكفّر أحداً من غير أمر واضح وصريح من "ولي الأمر أو الحاكم الشرعي". وقد تضمن هذه القرارات منشورٌ صدر عن "الإمام والعلماء" دعا إلى التقيد بأحكام الإسلام وفقاً لما رآه الأئمة الأربعة (المالكي والشافعي والحنبلي والحنفي) في مذاهبهم، كما صدر "أمر سلطاني" في الموضوع نفسه، مبني على فتوى العلماء هذه(68). ورغم أن الملك أصدر أمراً سلطانياً "مبنياً على فتوى العلماء" فقد كان عليه أن يعالج حالتين صعبتين هما: 1- القوة التي يتمتع بها بعض المتشددين، ويتمسكون – من خلالها – بتحريم كل ما هو اختراع أوروبي، باعتباره بدعة "لا يرضى عنها الدين"، مثل السيارات والطائرات والتلغراف والهاتف وغيرها (إلى درجة انهم أحرقوا سيارات كان ابن سعود قد استوردها ، بحجة أنها من عمل الشيطان، ومن صنع أهل الشرك). 2- توفير ما تتطلبه المملكة و"نظام الحكم" فيها من وسائل المدنية الحديثة التي لا غنى لأية دولة عنها. واختار الملك، للتوفيق بين هاتين الحالتين، "طريقاً وسطاً وشاقاً"، بحيث بدأ بنشر "التعليم المدني" متلازماً مع "التعليم الديني" كما سمح باستيراد السيارات والطائرات والتلغراف وغيرها من الآلات(69)، محققاً، بذلك، انتصاراً مهماً على المتدينين المتزمتين، وواضعاً المملكة على الطريق الصحيح للتقدم والتطور العلمي . |
2012- 10- 23 | #24 |
صديق الملتقى
|
رد: شخصيــــــــات رائعه مرت في حياتنـــــا وحياة آباءنا وأجدادنــــا ,,
ثانياً: تخطيط الحدود مع دول الجوار :
بدأت عمليات تخطيط الحدود بين نجد وجيرانها أولاً، ثم بين المملكة وجيرانها أخيراً، وفيما يلي ذكر للمؤتمرات والاتفاقيات التي عقدت لهذه الغاية: 1- مؤتمر المحمّرة بين العراق ونجد (عقد في المحمرة بتاريخ 8 رمضان عام 1340هـ/ 5 أيــار مايــو عام 1922م): على إثر النزاعات المتتالية بين قبائل كل من العراق ونجد، طالب المندوب السامي البريطاني في العراق "السير بيرسي كوكس" بإجراء مفاوضات مع نجد لتخطيط الحدود، فأرسل السلطان عبدالعزيز ( سلطان نجد وملحقاتها ) ممثلين عنه إلى المؤتمر الذي تقرر أن يعقد بين الفريقين في المحمّرة، وقد طالب الوفد النجدي – في هذا المؤتمر – بأن تخطط الحدود وفقاً "لتقسيم الديار التقليدي للبدو والرحّل"، وقد وقّعت معاهدة المحمّرة في التاريخ المذكور ، وقضت بما يلي: أ – تتبع "قبائل المنتفق والظفير والعمارات، التي هي فخذ من قبيلة عنزة" للعراق. ب– تتبع "قبائل شمّر" لنجد. ولكن السلطان عبد العزيز رفض إبرام هذه الوثيقة وطالب بأن تتبع قبيلة الظفير لنجد، لأنها احتمت به ورفضت تبعيتها للعراق(70). 2- مؤتمر العقــير بين العراق ونجد (عقد في العقير في شهر ربيع الثاني عام 1341هـ/ تشرين الثاني نوفمبر عام 1922م): بعد مؤتمر "المحمّرة" بشهر واحد ( في شوال عام 1340 هـ/ حزيران يونيو عام 1922م) بدأ عبد العزيز حملته التوسعية باتجاه شرق الأردن، فاستولى على الجوف وتيماء وتبوك، وبدأ مهدداً عمان ذاتها، مما أدى إلى إثارة القلق لدى البريطانيين الذين سارع مندوبهم السامي في العراق "السير بيرسي كوكس" إلى ترتيب لقاء مع سلطان نجد، لبحث المشاكل العالقة بين بلاده وبريطانيا(71)، (وكانت بريطانيا تفرض انتدابها على العراق والأردن) . إلا أن "الريحاني" يذكر، على لسان السلطان عبدالعزيز نفسه، أنه (أي عبدالعزيز) دعا السير كوكس إلى لقاء في العقير لبحث أمرين: أولهما أمر الشريف حسين (شريف مكة) وأولاده، والثاني أطماع تركيا (الحديثة) بالموصل(72). وقد حضر هذا المؤتمر عن الجانب العراقي: الشيخ فهد الهذّال شيخ العمارات، وصبيح بك نشأت رئيس الوفد، والمندوب السامي البريطاني بالعراق (كوكس) ، كما حضرها "الميجور مور" البريطاني عن الكويت. واستمر المؤتمر ستة أيام، حيث انتهى بعقد "بروتوكولي" العقير اللذين وقعا في 13 ربيع الثاني عام 1341هـ /2 كانون الأول ديسمبر عام 1922م، وقد ألحقت "معاهدة المحمّرة" بهذين البروتوكولين(73). وقد نص "البروتوكول الأول" على تخطيط الحدود بين العراق ونجد، مع حدود المنطقة المحايدة (وهي المناطق التي يحق للقبائل ، في كلا الجانبين، رعي ماشيتها فيها) ، وقد تمشت هذه الحدود مع الحدود التقليديـــة للقبائل في كلا البلديــن، وأما "البروتوكول الثاني" فقد نص على حق أيــة قبيلةٍ – في أي من البلدين – على أن تكون "تحت رعاية" حكومة البلد الآخــر(74). ويلاحظ الريحاني – بذكاء – الخطة البريطانية القائمة على المكر والدهاء، فيقول: "نأخذ من ابن سعود لنعطي العراق، ونأخذ من شرق الأردن لنعطي ابن سعود، ونأخذ من الحجاز (العقبة) لنعطي شرق الأردن، وممن نأخذ لنرضي الحجاز؟"(75). 3- اتفاقية بحرة بين العراق ونجد (في 14 ربيع الثاني عام 1344 هـ/ أول كانون الأول ديسمبر عام 1925م): لم تكن هذه الاتفاقية لتخطيط الحدود بين العراق ونجد، وإنما لتثبيت الحدود بينهما وفقاً لما نصت عليه معاهدتا المحمّرة والعقير، ثم لوضع الترتيبات اللازمة لمنع أي خرق لهاتين المعاهدتين من قِبَل القبائل – من كلا البلدين – على جانبي الحدود. وقد وقع هذه الاتفاقية كل من السلطان عبدالعزيز (سلطان نجد) والسير جلبرت كلايتون (المندوب السامي البريطاني في العراق) ، وأهم ما تضمنته هذه الاتفاقية هو: عدم الاعتداء على الحدود بين الدولتين وعدم تجاوزها لأي سبب إلا بترخيص، وتأليف محكمة خاصة لحل النزاعات الناتجة عن ذلك، وعدم تفاوض أي من الدولتين مع زعماء عشائر الدولة الأخرى "في الأمور الرسمية أو السياسية"، وعدم نشر راياتٍ لزعماء العشائر من دولة في أراضي الدولة الأخرى، إذا كان لهم "صفة رسمية" أو إذا كانوا قادة "لقوات مسلحة"، والتعهد بأن تقوم الدولتان بالتفاوض خلال سنة من تصديق هذه الاتفاقية لعقد معاهدة بينهما تتعلق بتسليم المجرمين(76). 4- اتفاقيــة حدّاء بين شرق الأردن ونجد (15 ربيع الثاني عام 1344 هـ/ 2 تشرين الثاني نوفمبر عام 1925م). عقدت هذه الاتفاقية بين بريطانيا – صراحة – بالنيابة عن شرق الأردن، وبين السلطان عبدالعزيز سلطان نجد، وقد وقعها عن بريطانيا السير جلبرت كلايتون، المندوب المفوض عن الحكومة البريطانية، وعن نجد السلطان نفسه، وكانت غايتها "تعيين الحدود بين نجد وشرق الأردن، وتسوية بعض المسائل المتعلقة بذلك" وقد تضمنت – في معظم موادها – ما تضمنته "اتفاقية بحرة" بين العراق ونجد، مع "الخصوصيات" التالية: - تعهدٌ من حكومتي نجد وشرق الأردن بأن تمنحا "حرية المرور لجميع المسافرين والحجاج" على أن يخضع هؤلاء "للقوانين الخاصة بالسفر والحج المرعية في نجد وشرق الأردن" ، مع تعهدٍ من كل منهما بأن تُعلم إحداهما الأخرى بما تضعه من قوانين بهذا الصدد (المادة 12). - تعهدٌ من الحكومة البريطانية بأن "تضمن حرية المرور" لتجار نجد الذين يقصدون سوريا – ذهاباً وإياباً – للتجارة، وغير ذلك من الأحكام المتعلقة بالضرائب الجمركية وسواها (المادة13). - بقاء هذه الاتفاقية "ما دامت حكومة صاحبة الجلالة البريطانية مكلفة الانتداب في شرق الأردن" (المادة 14). وقــــد وقعـــت هذه الاتفاقيـــة بين الفريقين بتاريخ 15 ربيـــع الثاني عام 1344هـ / 2 تشرين الثاني نوفمبر عام 1925م(77). 5- معاهـــدة الصداقة الإسلاميـة والأخوة العربية، بين اليمن ونجد، ( في 5 صفر 1353 هـ/ 20 أيار مايو 1934 م). على أثر الحرب التي نشبت بين المملكة العربية السعودية واليمن – بسبب صراعهما على عسير، وفي 30 محرم عام 1353 هـ/ 15 أيار مايو عام 1934 م – وقع الأمير فيصل بن عبدالعزيز (قائد الحملة السعودية على اليمن)، مع عبدالله الوزير (أحد مساعدي الإمام يحي إمام اليمن)، هدنة لوقف القتال بين الدولتين، تمهيداً لعقد صلح بينهما. ثم أبرمت الدولتان، فيما بينهما، معاهدة سميت "معاهدة الصداقة الإسلامية والاخوة العربية"نشرتها "الصحف الرسمية" في كل من مكة المكرمة والقاهرة ودمشق وصنعاء بتاريخ 10 ربيع الأول عام 1353 هـ / 23 حزيران مايو عام 1934م). وقد تضمنت هذه المعاهدة (المؤلفة من 23 مادة): - التأكيد على أن الشعبين – اليمني والسعودي – من أمة واحدة. - اعتراف كل من البلدين "باستقلال الآخر وسيادته"، وإقامة "علاقات سليمة وودية " بينهما. - تخلي إمام اليمن عن مطالبته بعسير (إمارة الأدارسة) وانسحاب السعودية من الأراضي اليمنية التي احتلتها. - تخطيط الحدود. - إلزام إمام اليمن بدفع 100 ألف جنيه إسترليني ذهبي للسعودية كتعويض. - توقيع عهد تحكيم بين الدولتين. وقد أنجز تخطيط الحدود بين اليمن والسعودية، وفقاً لهذه المعاهدة، عام 1355هـ / 1936م (78). وهكذا، فإنه لم يمض على قيام "المملكة العربية السعودية" سبع سنوات حتى كان الملك عبدالعزيز قد حقق حلمه باعتراف معظم الدول العربية والإسلامية، ودول العالم به، كما أكد استقلال مملكته وسيادتها عن طريق تخطيط حدودها النهائية بينها وبين جيرانها: العراق والأردن والكويت واليمن. ثالثا: اتخاذ الشريعة الإسلامية دستوراً ونظاماً للمملكة: ما إن استتب الحكم للملك عبدالعزيز، في الحجاز، عام 1345هـ/ 1926م، حتى أذاع على الناس بتاريخ 8 جماد الثاني 1344هـ/ 24 كانون الأول ديسمبر عام 1925م "بلاغاً عاماً" يمكن اعتباره "بياناً حكومياً" أو "برنامج عمل" مستقبلي، وقد جاء فيه: - إعلان العفو العام "عن جميع الجرائم السياسية في البلاد" وأما باقي الجرائم "فقد أحلنا أمرها للقضاء الشرعي، لينظر فيها بما تقتضيه المصلحة الشرعية في العفو". - وفيما يتعلق بحقوق الرعية وواجباتها: "إن لكم علينا حقوقاً ، ولنا عليكم حقوقاً، فمن حقوقكم علينا النصح لكم في الباطن والظاهر، واحترام دمائكم وأعراضكم وأموالكم إلا بحق الشريعة، وحقنا عليكم المناصحة، والمسلم مرآة أخيه، فمن رأى منكم منكراً في أمر دينه أو دنياه فليناصحنا فيه، فإن كان في الدين، فالمرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله e ، وإن كان في أمر الدنيا، فالعدل مبذول، إن شاء الله، للجميع على السواء". - وفيما يتعلق بالمحافظة على الأمن: "إن البلاد لا يصلحها غير الأمن والسكون"، وعلى هذا، فقد دعا الجميع إلى "أن يخلدوا للراحة والطمأنينة"، وحذر المفسدين "من نزعات الشياطين" و "إفساد الأمن في الديار" لأنه لا يراعي "في هذا الباب، كبيراً ولا صغيراً، وليحذر كل إنسان أن تكون العبرة فيه لغيره. - وأما بشأن "مستقبل البلاد" فهو قد دعا إلى "مؤتمر يشترك المسلمون جميعاً فيه، مع أهل الحجاز لينظروا في مستقبل الحجاز ومصالحه"(79). وكان الملك عبدالعزيز يرى أن دستور المملكة هو "القرآن الكريم"، لذا، فهو كان يتقيد في كل القوانين والأنظمة التي يسنها لها، بأحكام الشريعة الإسلامية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية، أو من قضاء أصحاب الرسول e وسيرهم، ومن "نهج أهل العدل والعقل والسيرة الحسنة من سلف الأمة"(80). وكان الملك يرى أن مهمة العلماء هي التمسك بالشريعة لأنهم هم المؤتمنون عليها، وأن الذين يتولون السلطة السياسية مكلفون تنفيذ أحكامها، أما الملك – أو الأمير – وهو الإمام – فعلى الجميع أن يتقيدوا بأوامره وتوجيهاته، فهو يعتبر – بصفتيه الدينية والزمنية – المشرف على التطبيق السليم لأحكام الشرع، والذي يتولى تنفيذ الأحكام القضائية، وتوفير الأمن للرعية، وضمان عمل الخدمات العامة، كما يتولى إصدار التوجيهات الاجتماعية والاقتصادية... في إطار الشريعة الإسلامية(81). التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية : وضمن هذا الإطار لمفهوم الحكم أصدر الملك عبدالعزيز، في 16 صفر عام 1345هـ /27 آب أغسطس 1926م، أول نظام للحكم في المملكة، وقد تولت صياغته "جمعية عمومية" ونشر في الجريدة الرسمية بمكة المكرمة في 21 صفر /31 آب، وهو ما سمي "بالتعليمات الأساسية للمملكة الحجازية"، وما يمكن تسميته "بالنظام الأساسي للمملكة الحجازية"، ومن أهم ما تضمنته هذه "التعليمات أو "النظام ما يلي: – اعتبار المملكة الحجازية مرتبطة "بعضها ببعض، ارتباطاً لا يقبل التجزئة ولا الانفصال بوجه من الوجوه". – اعتبار المملكة دولة ملكية، شورية، إسلامية، مستقلة، في داخليتها وخارجيتها. – يدير الملك عبدالعزيز المملكة، وهو مقيد بأحكام الشرع الحنيف. – يجب أن تتلاءم كل الأحكام والأنظمة، في المملكة ، مع كتاب الله وسنة رسوله، وما كان عليه الصحابة والسلف الصالح (82). وهكذا فقد حلّ الشرع الحنيف محل العرف والتقليد بين القبائل في المملكة، إلا أن هذا "النظام" لم يطبق إلا في الحجاز، حتى بعد توحيد نجد والحجاز باسم "المملكة العربية السعودية" عام 1351هـ /1932م. ومما تضمنه "النظام الأساسي" ، إنشــاء ست مديريات أساسية يديـــر الملك – بواسطتها – شؤون المملكة، وهي: الشرعية والداخلية والخارجية والمالية والعسكرية والمعارف العمومية ، كما تضمن "ديواناً للمحاسبة" ، وقد صدر نظام خاص بهذا الديوان عام 1346هـ / 1927م (83). وفي 19 شعبان عام 1350هـ/ 29 كانون أول ديسمبر عام 1931م، صدر نظام خاص "بمجلس الوكلاء"، وهو أشبه "بمجلس للوزراء" ، وكان يتألف من وكلاء الخارجية والمالية والعسكرية ومن رئيس مجلس الشورى (أي وكيل نائب الملك)، ويتولى نائب الملك رئاسة هذا المجلس(84). إلا أن مجلس الوكلاء تغير، في الأشهر الأخيرة من حياة الملك عبدالعزيز، حيث صدر في أواخر شهر محرم عام 1373هـ / 9 تشرين الأول أكتوبر عام 1953م مرسوم ملكي قضى بتشكيل "مجلس للوزراء" برئاسة ولي العهد (الأمير سعود بن عبدالعزيز) وعضوية القائد الأعلى للقوات المسلحة وجميع الوكلاء (الذين كانوا في مجلس الوكلاء) (85). |
2012- 10- 23 | #25 |
صديق الملتقى
|
رد: شخصيــــــــات رائعه مرت في حياتنـــــا وحياة آباءنا وأجدادنــــا ,,
مجلس الشورى : وبما أن "الشورى" هي أساس الحكم في الإسلام، عملاً بقوله تعالى :{ öNèdãøBr&ur 3“u‘qä© öNæhuZ÷t/ } [الشورى 42/38] فقد كان تأسيس "مجلس الشورى" هو أهم ما تضمنه هذا القانون (في القسم الرابع منه)، وقد تألف هذا المجلس من : نائب الملك ومستشاريه، ومن ستة أعيان يعينهم الملك، وكان يرأس المجلس نائب الملك نفســه. إلا أن نظامــــاً جديداً لمجلس الشــــورى لم يلبث أن صدر، بعد عام فقط 9 محرم 1346هـ/ 9 تموز يوليو 1927م، ثم عُدّل هذا النظام عام 1347هـ/ 1928م، حيث شُكل المجلس من : نائب الملك (وهو الرئيس) ووكيلين للرئيس، يعيّن الملك أحدهما وينتخب المجلس الثاني، وعدد من الأعضاء ، ثم وُسعت صلاحيات هذا المجلس عام 1369 هـ /1950 م، وزيد عدد أعضائه حتى بلغ 13 عضواً مع نائبين للرئيس.
وكان هذا المجلس يتمتع بصلاحيات واسعة كمعالجة قضايا الميزانية العائدة للدولة وللبلديات، وتنفيذات المشاريع العمرانية والاقتصادية ، وسن القوانين والأنظمة ، واستخدام الموظفين المحليين و الأجانب، وشؤون الحج، وهي جميعها صلاحيات تشريعية واستشارية ، إلا أن تشكيل الملك لمجلس الشورى لم يمنعه من اختيار مستشارين خاصين له من أقطار عربية مختلفة، من سوريا ومصر وليبيا ولبنان وفلسطين والعراق، ومن إخوانه ومن القبائل (86). ويحدثنا "العقاد" عن "مجلس الشورى" في نظام الملك عبد العزيز، وكيف كان الملك يبتغيه، فيقول انه لم يكن يريده مجلساً وهمياً ، وإنما يريده "مجلساً حقيقياً يجتمع فيه رجال حقيقيون يعملون جهدهم في تحري المصلحة العامة"، وانه كان يقول: "أريد حقائق، أريد رجالاً يعملون، فإذا اجتمع أولئك المنتخبون وأشكل عليّ أمر من الأمور رجعت إليهم في حله، وعملت بمشورتهم ، وتكون ذمتي بريئة من المسؤولية". وكانت صلاحيات هذا المجلس تشمل – كما يذكر العقاد – الشؤون الخاصة بالبلدية، والمحاكم الشرعية ، والأوقاف ، وتعميم التعليم ، وحفظ الأمن ، وترقية التجارة ، وحل المشكلات الداخلية التي ترجع إلى العرف ولا تخالف أصلاً من أصول الشريعة". وكان الملك هو الذي يعين أعضاء هذا المجلس، "وهو الذي يدعوه أو يأمر بحلّه إذا شاء". وأما الشروط المطلوبة في العضو فهي: "أن يكون حسن السمعة، وان يكون من ذوي المعرفة والخبرة، وان لا تقل سنه عن 25 سنة". ويحق للمجلس أن يخالف قرارات الحكومة، ويمكن للحكومة أن تعيد إلى المجلس القرارات المرفوضة منه ، مشفوعة بالملاحظات التي تراها الحكومة كافية لإقناعه، فإذا أصر المجلس على رأيه وأصرت الحكومة على رأيها ، فالمرجع – إذن – إلى جلالة الملك يفصل بما يراه. ويحق للرئيس أن يراجع الملك في شأن القرارات التي ترفع إليه ويمر عليها شهران دون أن تحظى بتوقيعه.(87). ومن أبـــرز الأنظمـــة التي تطبق أحكام الشريعــة الإسلاميــة تطبيقاً صادقاً وأمينا هي: 1- النظام القضائي (القضاء الشرعي) . 2- النظام التشريعي . 1- النظام القضائي: قبل توحيد نجد والحجاز وقيام المملكة – وفي أثناء الحكم العثماني – كان القضاء في الجزيرة العربية منوطاً في الحواضر بالقضاة الشرعيين الذين يتبعون – في أحكامهم – الفقه الإسلامي (وفقاً لمذهب السنة ) ، كما كان منوطاً ، في العشائر ، بمشايخ القبائل (أو العارفة) الذين هم كقضاة الحواضر، إلا أن أحكامهم مبنية على مزيج من عادات ا لعشائر وتقاليدها، ومن أحكام الشرع نفسه(88). بعد ضم الحجاز أصدر الملك عبد العزيز بتاريخ 12 صفر عام 1346 هـ /12 آب أغسطس عام 1927م مرسوماً ملكياً بإنشاء "المحاكم الشرعية في الحجاز" وهي تصنف كما يلي : المحاكم العادية وهي: - المحاكم المستعجلة : وتتألف من قاض منفرد، وتقوم في مكة والمدينة والطائف، وتنظر – بصورة مستعجلة – في القضايا الجنائية ، وقضايا التعزير، وكذلك قضايا الحدود التي لا قطع فيها ولا قتل، وفي القضايا المالية أو الحقوقية التي تتعلق بمبالغ مالية من 300 ريال وما فوق. - المحاكم الكبرى: وكانت تتألف من أربعة قضاةُ ، وتقوم في مكة والمدينة والرياض (وتقوم محاكم أصغر منها، مؤلفة من قاضيين، وتقوم في جدة والظفير والطائف) ، وتنظر في القضايا التي تخرج عن اختصاص المحاكم المستعجلة، وهي قضايا "الزواج والطلاق وسائر الأحوال الشخصية" وقضايا العقار، وإقامة الأوصياء، وكذلك في قضايا "الحدود" الشرعية "ودعاوى القصاص" وغيرها. - محاكم الملحقات : وهي محاكم شرعية تقوم في الملحقات وتنظر في القضايا التي تنظر بها المحاكم المستعجلة والكبرى . - القضاة الشرعيون المنفردون: الذين يقيمون في جوار المدن وينظرون في القضايا البسيطة التي "لا تستدعي ما يقضي بتشكيل محكمة مستقلة". - وتخضع هذه المحاكم للقوانين الصادرة عام 1357هـ /1938م (نظام تركيز مسؤوليات القضاء الشرعي) ، وعام 1372هـ/1953م (النظام الجديد لتركيز مسؤوليات القضاء الشرعي)، وعام 1372هـ/1952م ( ترتيب المحاكم و اختصاصها ومرجعها وتفتيشها)، وعام 1352هـ/1933م، وعام 1369هـ/ 1949م (قراران من مجلس الشورى يتعلقان بتعديل المبالغ المالية التي يدخل الحكم فيها في اختصاص المحاكم المستعجلة) ، وعام 1350هـ/1931م ( نظام سير المحاكمات في المحاكم المشار إليها) ، وعام 1355هـ / 1936م (نظام المرافعات الشرعية) ، وعام 1372هـ/1952م (تنظيم الأعمال الإدارية في الدوائر الشرعية)(89). - هيئة المراقبة (أو محكمة التمييز): وقد شكلت هذه الهيئة عام 1346هـ/ 1927م، وهي تتألف من خمسة قضاة، وتقوم في مكة المكرمة، وتتولى "الإشراف على جميع المحاكم الشرعية وتفتيشها" والتدقيق في أحكامها وإبرام ما يرفع إليها من هذه الأحكام أو نقضها. - المحاكم الخاصة : وهي : - المجلس التجاري: أنشئ في جدة عام 1345هـ/ 1926م، وينظر في القضايا التجارية والبحرية . - مجلس إدارة ينبع : ويقوم بوظيفة المحكمة التجارية . - وبيوت المال : وتتولى "تحرير التركات وتصفيتها وحصرها وتقسيمها ، والنظر في مصالح القاصرين" وغير ذلك. - وقضاء النواحي الصغيرة: المتعلقة بشؤون البادية . - وكتابة العدل: وقد أحدثت وظيفة "كاتب العدل" عام 1347هـ/ 1928م (90). 2- النظام التشريعي: يشبّه الدكتور "صبحي المحمصاني" حكم الملك عبد العزيز بحكم "الخلفاء الراشدين، حكماً زمنياً ودينياً في آن" (91)، خصوصاً أنه قام على أساس "الفقه الإسلامي الحنبلي" وأشتهر بمحافظته على أحكام الشريعة الإسلامية الأصلية ومذهب السلف الصالح، ومحاربته للبدع والأهواء والآراء(92). ومن مآثر الملك عبدالعزيز أنه في عام 1345هـ/1927م، وحّد النظام القضائي على المذهب الحنبلي الذي أصبح "المذهب الرسمي في القضاء ( في فرع المعاملات في المملكة)، ومن المعروف أن هذا المذهب، بعد مضي زمن طويل على وضعه على يد ابن حنبل، قد جدد وانتشر على يد أئمة كبار سابقين أمثال ابن تيميّة وابن القيم وابن عبدالوهاب، وقد أصدرت "الهيئة القضائية" في "مملكة الحجاز" في 7 محرم عام 1347هـ / 26 حزيران يونيو عام 1928م قراراً قضت بموجبه العمل في القضاء بالقول المفتى به من مذهب الإمام أحمد بن حنبل"، وعيّنت الكتب المعتمدة في المذاهب . وتُتبع هذه الكتب في الإجراءات الرسمية وفي فروع المعاملات، أما العبادات فلكل سعودي، أو غير سعودي، أن يتبع مذهبه الخاص"(93). وهكذا، فقد سنّ الملك عبد العزيز – في مطلع إنشاء المملكة – أنظمة مدنية تستند إلى أحكام الشرع الحنيف وتتقيد به، ولا يزال ما سنّه الملك المؤسس هو المعمول به في المملكة، دون الخروج عليه، إلا في تفاصيل لا تتعارض مع الشرع الإسلامي ، بل تماشي التطور الحضاري. ففي خطاب ألقاه الأمير فيصل بن عبد العزيز بتاريخ 8 رجب عام 1383هـ / 25 تشرين الثاني نوفمبر عام 1963م قال : "نحن لا نؤمن لا بالاشتراكية ولا بالشيوعية ولا بأي مذهب خارج الإسلام، نحن لا نؤمن إلا بالإسلام". وفي تصريح للأمير فهد بن عبد العزيز (النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء في ذلك الحين) إلى جريدة "لوموند" الفرنسية، بتاريخ 15 شوال عام 1394 هـ/ 16 تشرين الثاني نوفمبر عام 1974م قال: "يقوم النظام السياسي للمملكة العربية السعودية على العقيدة الإسلامية التي ترسم القوانين والدساتير والقواعد، فالإسلام يضمن ممارسة الديمقراطية ، وينقض الجمود ويستبعد التقليد"(94). وفي تصريح آخر (للأمير فهد) إلى جريدة "نيوزويك" الأميركية بتاريخ 22 صفر 1399هـ /22 كانون الثاني– يناير 1979م قال: "إن السعودية تلتزم بدستورها وهو القرآن الكريم، والشريعة الإسلامية تنفّذ فيها نصاً وروحاً"(95). لقد اعتمد الملك عبد العزيز الشريعة الإسلامية كأساس للبناء السياسي والاجتماعي للمملكة، ثم سعى إلى الملاءمة بين النظام السياسي الإسلامي القائم على الشورى، حيث الإسلام دين ودولة، وبين النظام السياسي العصري القائم على الديموقراطية ، كما عرفها الإسلام – لا كما طرحها الغرب – فأقام نظاماً جنح به إلى العصرية دون التخلي عن الانتماء الديني والاجتماعي والقومي للمملكة . رابعا : السياسة الداخلية : لا يمكننا أن نفقه السياسة الداخلية للملك عبد العزيز إلا إذا حللنا تلك السياسة في كل ناحية من نواحي الحياة العامة في المملكة على حدة، وهذا ما سوف نعمد إليه. لقد حرص الملك عبد العزيز – في بداية عهده – على أن يسوس المملكة بنفسه، حيث كان يمارس كامل صلاحياته كملك فلا يتعالى عن الاهتمام بأقل المسائل أهمية، فيحكم بالعدل بين الأفراد أو بين القبائل، ويملي نصوص المذكرات الدبلوماسية، ويستقبل – شخصياً – الزائرين الأجانب(96). ولكن هموم الملك ومشاغله ما لبثت أن أصبحت اكثر من أن يستوعبها وقته بمفرده، فعمد – منذ أن انتقلت العاصمة إلى الرياض – إلى تأسيس "شُعب" هي أشبه بالدوائر الحكومية، حيث كان يوكل إلى القيّمين عليها قضاء حاجات الناس حسب توجيهاته وأوامره ، فأنشأ في البلاط سبع عشرة إدارة وشعبة هي: - المجلس الخاص، ويتألف من "رَبع الملك" أو جماعته . - والديوان الملكي، والحرس الملكي ، والخاصة الملكية . - و13 شُعبة ( السياسية، والبرقيات، والإعطيات، والخزينة الخاصة، والخيل، والسيارات، والصحة، والبادية، والضيافة، والجهاد ، والمستودعات ، والجيش، والإذاعة)(97). ومع ذلك، فهو لم يتنازل عن صفاته وألقابه المحببة إليه، والتي تقرّبه من أهله، وهم جميع قبائل المملكة، فكان "سلطاناً، أو ملكاً، أو أميراً" بالنسبة إلى الحضر، وكان "شيخ المشايخ" بالنسبة إلى البدو، إلا انه كان، في كل الحالات "الإمام" الذي يحمي الإسلام، ويتزعم المتدينين، ويرأس "دولة الموحّدين"(98). وكانت سلطة الملك تتمتع، في السياسة الداخلية للبلاد– كما في السياسة الخارجية – بالسيادة والاستقلالية المطلقتين، فهو الآمر الناهي، سواء على صعيد القبيلة أم على صعيد الدولة، مستمداً سلطته هذه من مصدرين: شخصيته الآسرة وديموقراطيته في آن، وشجاعته المقرونة بصفاته الأبوية وتواضعه الجم، وقدرته الفائقة على المزج بين هذه الصفات جميعها، وبين ما ورثه من زعامة قبلية، كسليل لأسرة سعودية حاكمة منذ زمن طويل، ومن زعامة دينية تستند إلى تيار توحيدي ، أخذ ابن سعود على عاتقه مهمة تثبيت جذوره في المملكة ، وحمايته والدفاع عنه، ومن ثم تطويره وفقاً لتطور العصر. أما على صعيد السياسة الخارجية، فقد كان ابن سعود يسعى، دائماً، إلى التميّز باستقلالية تاريخية ونوعية عن القوى العالمية والإقليمية التي ظل على تماشٍ معها، وهي قوى كانت تحاول – باستمرار – فرض سيطرتها على المنطقة بأسرها، وقد نجح في أن يفرض على هذه القوى – بهيبته وصدقيته وحنكته – قدراً من سيادة مملكته واستقلالها، وهو ما لم يتوافر للعديد، بل لمعظم دول هذه المنطقة وبلدانها، في وقت كان الاستعمار الغربي الشرس يكشر عن أنيابه لكي ينهش في جثة "الرجل الميت"، ونعني "الدولة العثمانية" فيمزقها شر تمزيق. لذا، استطاع الملك – في مجال السياسة الداخلية – أن يسير بخطى واسعة في مجال تطوير المملكة وإعمارها، غير عابئ بالعقبات التي كانت توضع في طريقه من الخارج، وبالمعارضة التي كانت تبرز في الداخل من جراء التشدد الديني، محاولة وقف مسيرته هذه وتعطيلها؛ وهكذا نراه – بعد إعلان "المملكة العربية السعودية" في عام 1351هـ/1932م يُلزم مجلس الوكلاء (الوزراء) الذي شُكل قبل عام فقط، على وضع نظام أساسي للمملكة، ثم يشرع في تنظيم الدولة وتوزيع المسؤوليات ، فيقسم المملكة إلى أقاليم أو مقاطعات "هي أساس التنظيم الإداري في المملكة"، ثم يقسم كل مقاطعة إلى عدد من الإمارات، ويضع على رأس كل مقاطعة أو إمارةٍ أميراً يرتبط به مباشرة (ما عدا نجد التي تحكم من الرياض مباشرة) مع "قوة من رجال الشرطة وعدد من الموظفين"، ومدير للمال، و"عدد من العلماء والقضاة"(99). وقد عدد "الزركلي" مقاطعات المملكة أيام الملك عبد العزيز، وهي: الحجاز، ونجد، والأحساء، والظهران والدمام (سلخت عن الأحساء)، والشمال (تبوك وملحقاتها)، والجنوب ( المناطق التهاميـــة المنحدرة من جبال عسير)، وعسير السراة، والقصيم، وجبل شمّر، وكانت هذه المقاطعات، أو الأقاليم "أساس التنظيم الإداري في المملكة" في عهد الملك عبدالعزيـز(100). وإذا اعتبرنـــــا أن "مجلس الوكلاء" الذي أســـــسه الملك عبد العزيـــــز عام 1350هـ/ 1931م (والذي سبق أن تحدثنا عنه) هو بمثابة "مجلس للوزراء" فتكون المملكة العربية السعودية قد عرفت نظام الوزارة منذ تأسيسها ( بل قبل تسمية المملكة باسمها الأخير)، حيث تأسست وزارات : الخارجية والداخلية والمال والصحة والدفاع 1350–1373 هـ/1931–1953م (101). وعين الملك نجله الثاني (الأمير فيصلاً) رئيساً لمجلس الوكلاء حين تأسيسه ، بالإضافة إلى أنه أوكل إليه "مديرية الشؤون الخارجية" التي نص عليها "قانون الحجاز الأساسي" الذي صدر عام 1345 هـ/1926م، وكان الأمير فيصل – إذن – بمثابة أول رئيس للحكومة في "مملكة الحجاز". ويعدد "الزركلي" الوزارات التي أنشئت في عهد الملك عبد العزيز، بصفة رسمية، كالآتي: - وزارة الخارجية : وقد بدأت بشكل مكتب للشؤون الخارجية بمكة المكرمة أنشئ عند دخول الملك جدة، عام 1345 هـ/1926م. وفي رجب عام 1349هـ/ تشرين الثاني/نوفمبر عام 1930م صدر أمر ملكي بتحويل المكتب إلى وزارة، فكانت "وزارة الخارجية" أول وزارة تنشأ في المملكة بصفة رسمية. - وزارة المالية : وقد بدأت بشكل "إدارات" صغيرة موزعة في أنحاء المملكة لجباية الزكاة، ثم أنشئت في ربيع الثاني عام 1346هـ/ تشرين الأول/أكتوبر عام 1927م مؤسسة باسم "مديرية المالية العامة" وهدفها ربط "الإدارات" "الصغيرة بعضها ببعض، وكانت مكة المكرمة مقرّ هذه المديرية، ثم جعلت المديرية وكالة 1348هـ/1929م، ثم وزارة (عام 1351هـ/ 1932م)(102). - وزارة الدفاع : أنشئت في ربيع الآخر عام 1365 هـ /آذار–مارس 1946م وكان الأمير منصور بن عبد العزيز أول وزير لها(103). - وزارتا الداخلية والصحة: أنشئتا بمرسوم ملكي صدر بتاريخ 2 رمضان عام 1370 هـ /7 حزيران–يونيو عام 1951 م ، وعين الأمير عبدالله الفيصل وزيراً لهما معاً. |
2012- 10- 23 | #26 |
صديق الملتقى
|
رد: شخصيــــــــات رائعه مرت في حياتنـــــا وحياة آباءنا وأجدادنــــا ,,
- مجلس الوزراء: وفي العام الأخير من حياته، رأى الملك عبد العزيز أن يكون للوزراء "مجلس وزاري" فأصدر مرسوماً ملكياً بتشكيل هذا المجلس، وافتتحه بنفسه بتاريخ 3 ذي الحجة عام 1372 هـ /20 تموز–يوليو عام 1953م ، ثم أصدر مرسوماً بأن يتــــولى ولي العهد (الأمير سعـــود بن عبد العزيز) رئاسته (بتاريخ 3 صفر عام 1373 هـ– 11 تشرين الأول/أكتوبر عام 1953م)(104).
فيكون قد أنشئ، في عهد الملك عبد العزيز 1349–1373هـ/ 1930–1953م، خمس وزارات (هي الخارجية والمال والدفاع والداخلية والصحة) ومجلس للوزراء. إلا أن الإنجازات الداخلية للملك عبد العزيز لم تتوقف عند إنشاء الوزارات، فهو قد نقل المملكة، كما سبق أن ذكرنا في مواضع سابقة، من البداوة إلى الحضر، ومن التخلف إلى التطور، وفيما يلي لمحة عن بعض إنجازاته ، على الصعيد الداخلي: 1- الأمن والأمان: يظل الأمن والأمان في المملكة العربية السعودية – منذ عهد الملك عبد العزيز – نموذجاً من نماذج السلامة العامة، سواء للمواطنين القاطنين في المملكة أم للأجانب والغرباء الوافدين إليها، زائرين أم مقيمين، وبالإضافة إلى الأحكام القضائية الشرعية الصارمة التي تعاقب مرتكبي المخالفات والجنح والجرائم إذا ثبتت إدانتهم ، وإلى التشدد في الأحكام التي تصدر على مرتكبي الجرائم الشائنة والتي تفرض فيها عقوبات الحدود الشرعية (مثل قطع اليد للسارق والجلد للزاني والإعدام للقاتل الخ...) فإن المملكة قد جندت – للسهر على الأمن في البلاد – أجهزة جيدة التدريب، متطورة، وقادرة على حفظ الأمن في البلاد بشكل ممتاز، ومن هذه الأجهزة: مديرية الشرطة أو الأمن العام: التي تأسست "كمديرية عامة للشرطة" بمكة المكرمة، عام 1344هـ/1925م ، ثم دعيت "مديرية الأمن العام"، وهي مؤلفة من قوات من "المشاة، وجنود المرور، والخيالة، والآليات، وشرطة حماية الأخلاق"، بقيادة "مدير الأمن العام". وقد تشعبت هذه المديرية إلى مكاتب متعددة المهمات والوظائف (إدارة وتفتيش ومحاسبة، ومراقبة الأجانب، ومرور، وتجنيد مركزي)، وكان في مكة (العاصمة) مديرية للشرطة، كما كان فيها "مجلس تأديبي" ومصلحة للمطافئ والإنقاذ. وقد انتشرت أجهزة الأمن العام (والشرطة) في مختلف مناطق المملكة، وأنشئت في مكة المكرمــــة عام 1355 هـ (1936م) مدرسة للشرطة تخرج منها، حتى عام 1367هـ/ 1948م 82 ضابطاً ومساعداً(105). 2- الدفاع والطيران الحربي: استخدم الملك عبدالعزيز نوعين من المقاتلين في أثناء حروبه لتوحيد نجد والحجاز وعسير والأحساء، هما: - الجهاد ، أو المجاهــــدون، وهم مقاتلـــــون من حضر نجد من القبائــــل الموالية لآل سعود. - والإخوان ، وهم من قبائل البدو الموالية لهم كذلك، إلا انهم تركوا البادية، فيما بعد، إلى "الهُجَر" وكانت "هجرهم" أشبه بثكنات عسكرية، وقد سبق أن تحدثنا عنهم. وفي عام 1349 هـ/1930م، وبعد أن استقر الملك لعبدالعزيز، أمر بإنشاء الجيش النظامي، وفيما يلي تطور هذا الجيش: - عام 1349 هـ/1930م، بدأ جيش ابن سعود بفوجين: واحد من المدفعية وآخر من الرشاشين، بالإضافة إلى مقاتلي الجهاد والإخوان. - عام 1354هـ / 1935م، أنشئت ثلاثة أسلحة: المشاة، والمدفعية، والفرسان، ونظمت منها تشكيلات من الألوية والكتائب ووزعت على مختلف المناطق، وألغيت القوات غير النظامية (باستثناء الجهاد)، كما أُنشئت "وكالة الدفاع" وكان مقرها الطائف، و "مديرية الأمور العسكرية". - عام 1359هـ /1940م ، ألغيت "مديرية الأمور العسكرية" ، وأنشئت بدلاً منها "رئاسة الأركان الحربية". - عام 1365هـ / 1946م ، أنشئت وزارة الدفاع . وقد أنشئت في وزارة الدفـــاع مدرسة للطيران، كان مركزهـــا الطائف، وكانــت هذه المدرســــة نواة "وزارة الطيران" التي أنشئت عام 1381هـ/1961م وقرنت بوزارة الدفــــاع(106). 3- التنمية: لقد كان للتنمية البشرية والاقتصادية والعمرانية النصيب الأكبر من اهتمامات الملك عبد العزيز طوال فترة حكمه، فهو قد حارب البداوة بالتحضر، والتخلف بالتطور، والتشتت بالتوحد، والخرافات والشعوذات بالعلم، والتعصب الديني المتزمت بالإدراك والوعي لحقيقة الدين، وسنحاول أن نلم ببعض التفاصيل الأساسية التي ساعدت على التنمية في المملكة، بفضل اهتمامات الملك عبدالعزيز: أ التنمية البشرية: وتبرز في تطوير وسائل العناية بالصحة البشرية، وتطوير التعليم، وفي الاهتمام بالعمل والعمال (هذا بالإضافة إلى ما سبق أن ذكرناه عن اهتمامه بالإنسان في جوانب أخرى من حياته). - ففيما يتعلق بالصحة البشرية، وهي من أبرز ما اهتم به الملك عبد العزيز، إذ اعتمد في البدء على خبرات أطباء أجانب وعرب، أسسوا ما يمكن تسميته "بالتنظيم الصحي" في المملكة. وفي عام 1343هـ /1925م ، أنشأ "مصلحة الصحة العامة" وجعل لها فروعاً في جدة والمدينة والرياض والأحساء، وفي منطقة عسير، وكذلك في المناطق النائية من المملكة حيث مـــدت خطوط أنابيـــب البترول، وحيث كثر العمـــال. وأنشـــأ –كذلك– إدارة صحية خاصة بمكة المكرمة، وإدارة للحجر الصحي في جدة، بحيث تشرف هذه الإدارة على جميع المحاجر الصحية المنتشرة في موانئ المملكة، كما وضعت ترتيبات خاصة لتسهيل أمور الحجاج في موسم الحج، فيما يتعلق بالرقابة الصحية عليهم. وما إن أشرف عام 1368هـ /1949م ، حتى كان في المملكة 11 مستشفى و 25 مستوصفاً و 34 مركزاً صحياً حكومياً، ما عدا المراكز الصحية الأهلية(107). - وفيما يتعلق بالشــأن التعليمي، بدأ الملك الاهتمــام به منذ عام 1344هـ/1926م حيث أنشأ "إدارة المعارف العامة"، وبسبب افتقار هذه المدارس للمعلمين، فقد أنشأ، في مكة معهداً لتنشئة المعلمين وتدريبهم (المعهد العلمي السعودي) بحيث أصبح هذا المعهد يخرج المعلمين للمدارس الابتدائية والإعدادية في المملكة، ولم يكتف بذلك، بل عمد إلى إيفاد البعثات العلمية إلى الخارج، بدءاً من عام 1346هـ/1927م. ثم أنشأ عام 1354هـ/1935م، معهداً لتحضير هذه البعثات ، وإعداد المرشحين لدخول الجامعات خارج المملكة ، واهتم الملك – كذلك – بالتعليم الأهلي، اهتمامه بالتعليم الرسمي، فصار يختار "المطاوعة" أو "المرشدين" من المتعلمين (في الهُجَر أو المدن القريبة منها)، ويوكل إليهم أمر التعليم، كلٌ في قبيلته أو هُجره، حيث يقوم الواحد منهم بدور المعلم والواعظ والمرشد وخطيب المسجد في الوقت نفسه. وصرف اهتماماً خاصاً بتعليم أبناء العشائر، فأنشأ مدارس خاصة بهم، كما أنشأ مدارس خاصة بالأيتام، وظل الأمر على هذه الحال إلى أن أنشئت "إدارة المعارف" التي أصبحت تهتم بهذه الأمور، ثم أصبحت هذه الإدارة وزارة بعد وفاة الملك عبدالعزيز (أنشئت وزارة المعارف عام 1373هـ /1953م (108). ومما يجدر ذكره أن الملك عبد العزيز جعل التعليم في المملكة إلزامياً ، وذلك بعد أن تلقى شكاوى من إدارة المعارف أن الأهالي يرفضون إرسال أبنائهم إلى المدارس (109). - وفيما يتعلق بالعمل والعمال، فقد صدر أول نظام للعمل والعمال، في المملكة، في عهد الملك عبد العزيز، عام 1366هـ/1947م، وجاء هذا النظام متقدماً، –بل عصرياً– حيث حددت فيه حقوق العامل ورب العمل، كما حددت أيام العمل وساعاته، وشروط العقد وفسخه، وتعويضات العمل، وأيام التعطيل الرسمية، ثم أنشئ مكتبٌ خاصٌ بشؤون العمل والعمال، وقد حول هذا المكتب – فيما بعد – إلى "مصلحة للعمل والعمال"، وكانت هذه المصلحة هي النواة التي قامت عليها "وزارة العمل والشـــؤون الاجتماعيــة" فيما بعد ( أنشئت بعد وفاة الملك عبد العزيز عام 1380هـ/1960م (110). |
2012- 10- 23 | #27 |
صديق الملتقى
|
رد: شخصيــــــــات رائعه مرت في حياتنـــــا وحياة آباءنا وأجدادنــــا ,,
ب التنمية الاقتصادية: وتبرز في حقول المال والزراعة والنفط.
- ففي حقل المال، وضعت أول ميزانية للدولة عام 1353هـ(1934م)، حيث أوردت أبواباً خاصة بالواردات والنفقات، وقد كلفت كل إدارة من إدارات المملكة وضع الميزانية الخاصة بها للعام القادم، بحيث اشتملت "الميزانية العامة للمملكة" على الميزانيات الخاصة بالإدارات الرسمية كافة، وتحال "الميزانية العامة"، بعد وضعها من قبل "وزارة المالية"، إلى "مجلس الشورى" الذي يصادق عليها، بعد التدقيق بأرقامها، ويحيلها – بدوره– إلى "مجلس الوكلاء" (أو إلى مجلس الوزراء بعد إنشائه)، الذي يحيلها ، بدوره، بعد المصادقة عليها، إلى الديوان الملكي لتصديقها وصدور مرسوم ملكي بها. ومن دلائل تطور الأوضاع المالية في المملكة نحو الأفضل أن ميزانية المملكة لعام 1367هـ/1948م، قد تضاعفت نحو خمس عشرة مرة بالنسبة إلى ميزانيتها لعام 1353هـ/1934م، مما يدل على أن المملكة كانت تسير، في طريق التطور التنموي، بخطوات واسعة وسريعة(111). هذا وقد أنشئت"وكالة نقدية" في إطار النقطة الرابعة، حاولت، بدورها، أن تبرمج الواردات والنفقات بصورة علمية، وظل من الصعب التمييز بين "القطــاع العام" وملكية الأســـرة المالكة ، إلى أن اصــــدر أول قانون للجمارك عـام 1372هـ/1953م، ونشرت أول موازنة للدولة في العام التالي1373هـ/1954م (112). - وفي حقل الزراعة: كان من الصعب على المملكة أن تتقدم بسرعة، في هذا الحقل، وذلك بسبب حاجتها الماسة إلى المياه، خصوصاً أن معظم أراضيها ليست خصبة ولا يمكن أن تكون مروية بسهولة. وكان لا بد للملك من أن يبتكر وسائل لتحسين الحالة الزراعية في البلاد، فاستقدم مهندسين زراعيين من الخارج، من مصر وسوريا والعراق، ومن الولايات المتحدة الأميركية، وقد استطاعت هذه "البعثات" الزراعية إيجاد الوسائل الناجعة لتحسين الأحوال الزراعية في المملكة، وذلك بعد استغلال مناطق القطيف والهفوف وواحات يبرين (في الأحساء) ومزارع الخرج (في نجد)، وواديي نجران وطَريب (في عسير)، ومناطق أخرى في عسير وتهامـــة وعلى طول حدود اليمن، وقد ازدهــرت – في هذه المناطق – أنواع مختلفة من المزروعات، مثل :النخيل والحبوب والخضار والفواكه على أنواعها. وفي عام 1367هـ /1948م، أنشئت "مديرية" خاصة بالزراعة، وقد قامت هذه المديرية بأعمال مهمة في المجال الزراعي (توفير آلات للري وحفارات ارتوازية وجرارات للحراثة وتوفير أشجار مثمرة مختلفة الأنواع، وقروض للمزارعين)، وكانت ميزانيتها عام 1369هـ/1950م ، اكثر من 30 مليون ريال سعودي أعطت منها قروضاً للمزارعين نحو مليون و 116 ألف ريال. وبعد نحو شهر من وفاة الملك عبد العزيز عام 1373هـ/ 1953م، أنشئت "وزارة الزراعة" في المملكة، وكانت نواتها "مصلحة الزراعة" التي تحدثنا عنها(113). - وفي حقل النفط، لعب النفط دوراً مهماً ورئيسياً في مختلف أوجه الحياة في المملكة العربية السعودية وخصوصاً بعد عام 1365هـ /1945م، حيث أصبح يستخرج بكميات صناعية كبيرة، بل يمكن القول إن النهضة التي شهدتها المملكة، في عهد الملك عبدالعزيز وبعده لم تكن ممكنة لولا عاملين هامين: العقل الحاكم في المملكة أولاً، مصحوباً بمادة "الإرادة" الصلبة التي انتهجها الحكم السعودي منذ تأسيس المملكة ، وقدم الملك عبد العزيز نموذجاً رائعاً لها، وتوافر مادة "النفط" في المملكة ثانيا، وليس العكس، إذ انه، لولا العقل السعودي والإرادة السعودية لما وفّر البترول ما توافر للمملكة من نهضة وتطور وتقدم. وإذا كان القدر لم يتح للملك عبدالعزيز أن يشهد تدفق النفط من بلاده إلى العالم بشكل وافر، وبالتالي تدفق ثروة العالم إلى بلاده، فإنه هو من شق طريق هذه الثروة لكي تصل – عبره – إلى كل مواطن في المملكة ، بل إلى كل بلدٍ عربي في الوطن العربي الكبير، والى كل بلد مسلم في العالم الإسلامي المترامي الأطراف. فقد دعا إحدى الشركات الأجنبية للتنقيب عن النفط في بلاده عام 1354هـ /1935م، واستطاعت هذه الشركة أن تحقق أمل الملك وحلمه الطموح في البدء بإنتاج النفط في المملكة، في عهده، بعد ثلاث سنوات فقط 1357هـ/1938م، واستمر النفط– وكذلك الغاز– في التدفق بعد ذلك، موفراً للمملكة مداخيل لا بأس بها، ساعدت الملك على تحقيق أحلامه الطموحة في التنمية، ولكن طموح الملك لم يتوقف عند هذا الحد، بل إنه سعى لكشف النفط في أعماق البحار في المياه الإقليمية للمملكة، واستعان – لذلك – بشركة تنقيب أخرى استطاعت أن تكتشف مخزوناً هائلاً من النفط تحت الماء في البحر بين الكويت والمملكة، ولكن القدر لم يمهل الملك عبد العزيز لكي يرى هذه الثروة تتدفق، ويرى الأنابيب تحملها إلى مختلف أنحاء العالم لكي تزيد ثروة المملكة أضعافاً (114). جـ– التنمية العمرانية: ليس صعباً على أي باحث أن يتحدث – لساعات طويلة – عن التنمية العمرانية التي عرفتها المملكة في عهد الملك عبدالعزيز، فقد عرفت المملكة في عهـده، الطائرات (الحربية والتجاريــــة) والمطارات ، بدءاً من عام 1348هـ /1929م، واهتم الملك بإيفاد البعثات العديدة من شباب المملكة لتعلم الطيران في بلدان مختلفة، كما أنشئت شركة الخطوط الجوية السعودية التي أمنت خطوطاً لها إلى مختلف بلدان العالم،(115). ويمكن القول – مثل ذلك – عن امتلاك المملكة للسيارة والهاتف السلكي واللاسلكي ، وغير ذلك من الآلات العصرية الحديثة، رغم المعارضة الشديدة التي لقيها الملك عبد العزيز من بعض العلماء لرغبته في تعميم هذه الآلات، ويمكن القول إن الملك قد خاض معركة ضارية مع هؤلاء حتى تمكن من نشرها في المملكة(116). ورغم أن عهد الملك عبد العزيز لم يكن يتمتع بالثروة المالية التي تتمتع بها المملكة اليوم، فهو قد استطاع – بحق – أن يقوم بإنشاءات وإصلاحات وأعمال عمرانية مهمة لا تزال آثارها بارزة إلى يومنا هذا، وساعد على ذلك اضطرار الشركة الأجنبية المكلفة استخراج النفط (أرامكو) إلى أن "تبني المستشفيات والمدارس، وتشق الطرقات، وتقيم مراكز التدريب والتنقيب عن المياه، والشروع بأبحاث زراعية"(117) ، ففي عهده أنشئ الخط الحديدي بين الدمام والرياض عام 1369هـ/ 1950م، ورصفت الطريق بين مكة وجدة، ثم بين مكة وعرفات، ثم أصلح سور جدة وأقيم فيها ميناء لخفر السواحل، وأصلح مرفأها ، وقد ساعد كل ذلك على قيام نهضة عمرانية في المدينة. وفي عهده عام 1367هـ/ 1948م زُوّدت العاصمة (الرياض) بالكهرباء، فكانت أول مدينة في المملكة تضاء بالكهرباء . وقد شجع كل ذلك أصحاب الاستثمارات على إنشاء المباني الكبرى في المدن الكبرى، وخصوصاً الرياض وجدة والطائف، والمدينة المنورة التي أنشأ الملك طريقاً معبدة بينها وبين جدة، ثم عمد إلى إصلاح المسجد النبوي فيها وتوسيعه، كما انه شيد مدناً حديثة كمدينة الظهران، ومدينة صناعية في ميناء "رأس تنورة" حيث أقيمت "محطة ضخمة لتكرير الزيت، ومحطة أخرى لتوليد الكهرباء" وأنشئ رصيف في ميناء المدينة لنقل الزيت إلى الخارج عام 1369هـ/1950م(118). ولكن لا بد من القول إن النهضة العمرانية، في المملكة، انطلقت في عصر متأخر عن عصر الملك عبد العزيز، إذ أن أجهزة الدولة لم تكن قد تمكنت – بعد – من أن تعدّ نفسها للدخول في هذا المضمار. إلا أن ما لا يمكن إغفاله، في الحديث عن السياسة الداخلية للملك عبد العزيز، هو ما تميزت به هذه السياسة من عدلٍ وحزم وهيبة وحلم، وفيما يلي نماذج من ذلك: - ففي مجال العدل، يروي "التويجري" إن "إبراهيم بن عرفج" أمير منطقة سدير، ومقر إقامته "المجمعة"، كان "رجلاً صلباً ومهيباً وصامتاً قليل الكلام، حاد الطبع، لايساوم على واجبه ولا يتساهل فيه"، وقد وصل إلى سمع الملك شكاوى عديدة بحقه، فقرر إرسال لجنة للتحقيق في هذه الشكاوى، ولكنه عدل عن قراره عندما سمع، من رجل يثق بصدقه ورأيه، أن ما قيل في ابن عرفج قليل من كثير، وانه لم يقبل نصح ذلك الرجل للعودة عن بطشه وغيه، فدعا الملك – عندها – أحد خاصته ويدعى "ماجد بن خثيله" وقال له: "توجه إلى المجمعة حالاً ومعك هؤلاء (جماعة من خاصة الملك)، وبعد صلاة الجمعة، ادخل به (بابن عرفج) إلى الأسواق، وناد عليه أهالي المجمعة: كل من له مظلمة عند هذا الرجل فليتقدم، واستمع منهم، وإذا ثبت عندك انه ظالم، كما قيل لي، فأبقه في الأسر، واضربه أمام الناس، ثم أرم به في السجن، وحكّم الشرع بينه وبين المظلومين... ثم أرسل أميراً بدله". وقام ابن خثيلة بالمهمة، كما أمره الملك، فتبين له أن ما قيل عن ابن عرفج باطل من أساسه "فعاد به إلى الرياض، وأدرك الملك عبد العزيز أن ما قيل غير صحيح، فعيّن ابن عرفج أميراً في الدوادمي رداً لكرامته"(120). أفلا يذكرنا ذلك بما روي عن الخليفة عمر رضي الله عنه عندما نمي إليه أن خالد بن الوليد رضي الله عنه – وكان أميراً على جند قنسرين بالشام – قد أسرف في العطاء "للأشعث بن قيس" إذ أعطاه "عشرة آلاف درهم" ،كما أسرف في العطاء لآخرين في قنسرين "من ذوي الناس وذوي الشرف وذوي اللسان" ، فكبر ذلك عند الخليفة، وكتب إلى أبي عبيدة يأمره أن "أقم خالداً واعقله بعمامته، وانزع عنه قلنسوته، حتى يعلمكم من أين أجاز الأشعث ؟ هل من مال الله أم من ماله أم من إصابة أصابها؟". ونفذ أبو عبيدة (رضي الله عنه) أمر الخليفة، فجمع الناس ودعا خالداً إليه وقال له : "يا خالد، أمن مالك أجزت الأشعث أم من إصابة أصبتها؟" فلم يجبه خالد، وأبوعبيدة يعيد السؤال مرة بعد مرة، وخالد لا يجيب، فوثب بلال، مؤذن النبي e ، إلى خالد وقال له: "إن أمير المؤمنين أمر فيك كذا وكذا" ثم أخذ عمامته وفكها وعقله بها وخالد لا يمنعه، فلما انتهى سأله: "ما تقول؟ أمن مالك أم من إصابة؟" فقال خالد: "لا بل من مالي"، فأطلقه بلال وعمّمه بيده وقال: "نسمع ونطيع لولاتنا، ونفخّم ونخدم موالينا"، ثم قوسم خالد على ماله، كما أمر الخليفة، حتى بقيت نعلاه(121). وروى "العقاد" أن أحد المقاولين جاء يشكو إلى الملك ابناً له (للملك) أشاد عمارة على جزء من أرضٍ له بدون وجه حق، فما كان من الملك إلا أن أمر بما يلي: "يخيّر الشاكي بين هدم عمارة الأمير حتى يسترد أرضه من تحتها، أو ينال أربعة أمثال ثمن القطعة مع التعويض المناسب من مال ولدنا الذي اعتدى على أرضه"، ووافق الرجل على قبول الثمن والتعويض (122). - وفي مجال الحزم، كتب "عبد الله بن فيصل الفرحان" (أمير مقاطعة القصيم في عهد الملك عبدالعزيز، وهو من الأسرة السعودية) إلى "الإخوان علي بن هديب ، وكافة الإخوان وأهل القوارة" (والقوارة هي بلد ابن هديب) ، إن الملك قد أمره بالتنبيه عليهم، بصدد "ذواهب المسلمين" (والذواهب: الإبل الضالة) ما يلي : أولاً: الطرايح (أي بيع الإبل الضالة التي أضاعها أصحابها من أصحابها الذين أضاعوها بثمن)، ممنوعة، ومن أخذ ريالاً نكلناه عنه مائة ريال، مع التأديب الصارم. ثانياً: الإنسان الذي يرى بعيراً يمشي بالخلاء ما له حق يعارضه، بل يتركه، فإذا ساقه أو مشى به فهو المسؤول عنه حتى يؤديه لأحد طوارف (مسؤولي) جلالة الملك. ثالثاً: من وجد ضوايع مع أباعره يؤديها إلى أحد الطوارف ، ويأخذ ورقة عليها إن شاء الله. رابعاً: الإنسان الذي يعارض إبلاً ويعرفها أنها لجماعته أو لأحد جيرانه من المسلمين ، ويريد أن يسوقها لهم، فهذا هو العمل الطيب، ونحن ممتنون له، ويُشِهد على تسليمها من في الخلاء أو مع دبشه. خامساً: من أخذت معه الذاهبة (الضالة) ثلاثة أيام وهو ما نبه بها أو سلّمها لراعيها أو جاء بها لنا أو لأحد الطوارف، فهذا مستحق للتأديب. والذاهبة تلزمه، ولا أحد يحطّ الأمر هذا وراء ظهره. سادساً: من ورد عليه هملٌ (دابة ضائعة) وطرده عن الماء ولا أسقاه وهلك بسببه، فنحن نؤدبه ونأخذ منه مقابله. سابعاً: كل إنسان معروف إذا رأى أو سمع أن عند أحد من جيرانه وطورافه شيئا من الذهيب (الإبل الضالة) ولا أخذها منه، ولا جاء به لنا أو لأحد من الطوارف نؤدبه الأدب الصارم إن شاء الله يكون هذا معلوماً والسلام". 28 ربيع الثاني 1357 هـ /1938م |
2012- 10- 23 | #28 |
صديق الملتقى
|
رد: شخصيــــــــات رائعه مرت في حياتنـــــا وحياة آباءنا وأجدادنــــا ,,
ختم أمير المنطقة (123).
- وفي مجال الهيبة، يروي "الريحاني" إنه مرّ في "النفوذ" بجمل "باركٍ تحت حمله"، ولما سأل عن صاحبه أجيب انه ذهب ليأتي بجملٍ آخر يحمل البضاعة، وأنه لو مات الجمل وبقيت هذه البضاعة على قارعة الطريق عشرة أيام لما مسّتها يد بشرٍ حتى يعود صاحبها. ويعلّق "الريحاني" على ذلك بقوله: "كيف تمكن ابن سعود من إقامة مثل هذا الأمن وتوطيده في بلاده؟" ويجيب، بنفسه، على تساؤله هذا، بقوله: "بأمرين، أولهما: الشرع، وثانيهما: الإرادة والوجدان في تنفيذ أحكام الشرع تنفيذاً لا يعرف التردد ولا التمييز، ولا الرأفة ولا المحاباة"(124). وتلك هي الصفات التي أعطت عبدالعزيز هيبة الحاكم الحازم والعادل. - وفي مجال الحلم : عندما ضم الملك عبد العزيز مدينة "المجمعة" وهي عاصمة "سدير" وكان عليها من قِبَل ابن رشيد "عبدالله بن عسكر" (وكان ولاؤه لابن رشيد، إلا أنه كان بعيد النظر فلم تصدر عنه مواقف متهورة ضد أحد) ، كتب إليه الملك كتابا جاء فيه: "من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل إلى جناب الأخ عبدالله بن إبراهيم بن عسكر سلمه الله تعالى آمين. "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام "وفي الوقت الحاضر، والربع طلبوا منا الأمان، وأعطيناهم ذلك من الرأس (وجها لوجه)، وأعطينا جميع أهل المجمعة، حاضرهم وغائبهم، وأمنّاهم على أموالهم ورقابهم وعن جميع ما يغثّ (يزعج) خواطرهم، وعلى جميع الفائتات (الذنوب السابقات) أرفعها (أهمها) رقاب الرجاجيل (دماء الرجال) وأصغرها الكلمة، إنه دمدوم وجرف مهدوم اليوم (أي أخطاء انمحت وانتهت، ولم يعد لها اليوم من أثر) على جميع ما لنا من الحقوق الفائتة، وجميع ما لأهل نجد، بدوياً وحضرياً، إلا معاملات الناس (أي أملاكهم) فيما بينهم، التي ليست في أمور الحكام، ولا دخلت في مواد الحرب مثل بيع وشراء وأخذ وعطاءٍ يمضي فيه الشرع. عليك الأمان أنت، أعني عبدالله بن عسكر، خصوصاً على رقبتك ومالك ومن تبعك ومن آويت، وعلى أنك ما ترى ما يغث خاطرك، ولا ينقص في حقك، وتأتي ظالماً وتعود سالماً، إن بغيت خدمتنا نحطك في أعز طوارفنا، فإن ما بغيتها فبهواك الذي تشتهي، وأنا معطيكم على ما ذكرت من مبدأ الخط إلى آخره عهد الله وأمان الله. والخاين عليه ألف لعنة من الله، والله خير كاف ووكيل، وصلى الله على محمد وصحبه وسلم. 1326 هـ /1908 م ختم الملك عبد العزيز (125). بهذه السياسة العادلة والحازمة والحليمة والحكيمة حكم الملك عبد العزيز، فاستطاع كسب ولاء خصومه وأنصاره على السواء، وقدم للتاريخ العربي والإسلامي – بل للتاريخ العالمي – نموذج الحاكم المميز، المتخلّق بأخلاق الرجال العظام. وإذا كانت السياسة الداخلية للملك عبد العزيز، بكل جوانبها التي سبق أن تحدثنا عنها: الأمنية والدفاعية، والتربوية والتعليمية، والبشرية والمالية والاقتصادية والعمرانية، قد أثمرت ثماراً طيبة، وقدمت للمجتمع (البدوي والحضري في المملكة على حد سواء) نموذجاً للحكم اقتدى به الخلف الصالح للملك العادل عبد العزيز، فإن ما حصّن به الملك عبدالعزيز حكمه – من عدلٍ وحزم وحلم وهيبة – أفاض على هذه السياسة ما جعل منها مدرسة يقتدى بها، ليس في الوطن العربي والعالم الإسلامي فحسب ، بل في الكون كله، لا ممالةً في ذلك ولا مبالغة. خامسا: السياسة الخارجية : لقد كان اهتمام الملك عبد العزيز بالسياسة الخارجية بمقدار اهتمامه بالسياسة الداخلية لبلاده، إن لم يكن يزيد عليها، في مرحلة من المراحل. وقد انحصرت الشؤون الخارجية في عهده باثنين هما: شخص الملك، وابنه الأمير فيصل. ومن طبيعة الملك، وهو القائم على رأس الهرم، أن يكون القابض على زمام كل الأمور في المملكة، وعلى رأسها: الشؤون الخارجية. وقد بدأ ابن سعود يهتم باكراً جداً بهذه الشؤون، ففي عام 1337هـ/ 1919م، كانت أولى اهتماماته بالسياسة الخارجية، حيث فوض ابنه الأمير فيصلا (ولم يكن قد تجاوز الثالثة عشرة) في القضايا الخارجية وذلك بعد أن عينه ممثلاً له في مؤتمر السلم بباريس، وظل فيصل على اهتمامه بهذه القضايا حتى عيّن، رسمياً، وزيراً للخارجية عام 1349هـ/1930م، عند إنشاء هذه الوزارة، حيث بقي فيصل، محتفظاً بحقيبة الخارجية حتى وفاة والده عام 1373هـ /1953م. لقد تميزت السياسة الخارجية للمملكة، في عهد مؤسسها الملك عبد العزيز بالاستقلالية والجدية، وباحترام القوانين الدولية العامة، مع المحافظة على شخصيته المملكة الحضارية والثقافية والدينية، ومع انتمائها الإسلامي والقومي، وكان لشخصية الملك – الجادة والمستقيمة – تأثير كبير في النهج السياسي الذي اختطته المملكة تجاه دول الجوار (الدول العربية) والدول الإسلامية ودول العالم، الأمر الذي أكسبها مكانة مميزة ومرموقة. بدأت السياسة الخارجية، في المملكة، باعتبارها جزءاً من الاهتمامات الخاصة بالملك نفسه، حيث احتفظ لنفسه بكل القضايا الخارجية، بما فيها المراسلات الدبلوماسية العادية، إلى أن فوض أمر هذه القضايا إلى الأمير فيصل، مع استمراره – هو – في الإشراف عليها عن قرب، حتى أمكن القول إنه ظل – أي الملك – الوزير الأصيل للخارجية، بينما كان الأمير فيصل الوزير الوكيل، ولكن ذلك لم يمنع من أن يكون لفيصل قدر كبير من حرية التصرف وتحمل المسؤولية، إلى درجة يمكن القول – معها – إن السياسة الخارجية للمملكة قد انطبعت – في عهد الملك عبد العزيز بالذات – بطابع الوزير الدائم للخارجية ( الأمير فيصل بن عبدالعزيز ). والذي زاد من تأثير الأمير فيصل على السياسة الخارجية لبلاده أن الملك كان قد قرر – باكرا – الانفتاح على العالم الخارجي، وربما كان ذلك بحكم الصلات التي يجب أن تقوم مع العالمين العربي والإسلامي، باعتبار أن "جزيرة العرب" هي مهد العروبة والإسلام معاً، وأن صلات القربى والدين (الانتماء القومي من جهة، والانتماء الديني من جهة أخرى) هي التي يجب أن تحكم العلاقة بينها وبين هذين العالمين، وكان فيصل قد اتخذ مقراً له في جدة، حيث سهولة الاتصال بالخارج، (بسبب كونها مرفأ على البحر من جهة، وبسبب تعذر استقبال الأجانب في مكة العاصمة، من جهة أخرى)، بينما ظل الملك مقيما في العاصمة، مما منح الأمير فيصلاً الكثير من الحرية في التعاطي مع السياسة الخارجية. وإذا كنا نقول إن السياسة الخارجية للمملكة، في عهد الملك عبد العزيز، قد طبعها ابنه الأمير فيصل بطابع فيه شيء من الخصوصية، فذلك لسببين: الأول: أن الشؤون الخارجية ظلت في عهدة الأمير فيصل طوال عهد والده الملك عبد العزيز (ومع استمرار إشراف الوالد ورقابته وتوجيهه) أي منذ عام 1337هـ /1919م، وحتى عام 1373هـ /1953م ، دون انقطاع تقريباً ، حتى اقترن اسم فيصل – في هذه الفترة وما بعدها – بالسياسة الخارجية لبلاده. والثاني: اتبع الأمير فيصل في سياسته لخارجية بلاده أسلوباً مميزاً، منطقياً وواقعياً، هو أسلوب التعاطي الشخصي المباشر مع الآخرين إيماناً منه بالقاعدة المثالية: خير أسلوب للتعرف على الآخر هو التماسّ به مباشرة، وهكذا فقد أكثر الأمير فيصل من الرحلات إلى الخارج للقيام بمهمات دبلوماسية معينة، واعتمد الاتصال الشخصي المباشر مع المسؤولين في مختلف الدول لكي يستطيع أن يقيّم سياسات تلك الدول من جهـــة، ولكي يحلّ ما يطرأ من مشاكل بين بـــلاده وتلك الدول من جهة أخرى، وكان – كوالده – يرفض أن ينوب عنه أحد في إدارة الشأن الخارجي للمملكة، وكان يقود بنفسه سياستها الخارجية، معتمداً على الرحلات، والاتصال مع الخارج ما أمكن، فكان "الرئيس التقليدي لوفد بلاده في الجامعة العربية وفي الأمم المتحدة، وكان يستقبل – شخصياً، في مكتبه بجدة، ثم بالرياض– كل سفراء الدول الأجنبية وموفديها ، وكان على اتصال دائم مع مبعوثي المملكة في الخارج"(126). سبق أن قلنا إن النواة الأساسية لوزارة الخارجية قامت بعد ضم الحجاز ،وجدة مباشرة، عام 1345هـ/1926م، وكان مقرهــــا مكة المكرمــــة، وكان الأمير فيصــــل –باعتباره نائباً لوالده (ملك الحجاز) – هو المشرف على هذا المكتب ( أو مديرية الشؤون الخارجية)، الذي تسّلمه أحد المقربين من الملك شخصياً "الدملوجي" ثم خلفه "فؤاد حمزة" ، وقد قسم هذا المكتب إلى أربعة أقسام: حقوقي ، وسياسي، وإداري، وقنصلي، إلا أن تقسيم العمل في المكتب أدى إلى توزعه عملياً، بين الملك (القسمان الحقوقي والسياسي)، وبين الأمير فيصل (القسمان الإداري والقنصلي)، ولكن المرسوم الذي صدر عام 1349هـ/1930م، والذي قضى بإنشاء وزارة الخارجية، نص على أن "يستمر الملك مسؤولاً عن الوزارة، وان تظل وظائف الوزير محدودة مبدئياً"(127). وكان إنشاء الوزارة مناسبة ملائمة لانطلاق السياسة الخارجية للملك، بصورة نشيطة وفعالة، وففي عام 1351هـ/1932م استقر في المملكة العديد من البعثات الدبلوماسية العربية والإسلامية والأجنبية، إلا أن المملكة – الناشئة حديثاً – لم يكن بإمكانها إقامة تبادل دبلوماسي مع جميع الدول التي بادرت إلى إيفاد بعثات، من قبلها إلى أراضي المملكة، مما اقتضى أن يقوم وزير الخارجية بنفسه، بزيارات إلى تلك الدول (بالإضافة إلى أن الدافع الأساسي لهذه الزيارات كان رغبة الأمير الوزير بالتواصل مع مسؤولي تلك الدول، كما سبق أن قدمنا)، فزار كلاً من إيطاليا وسويسرا وفرنسا وإنكلترا وهولندا وألمانيا وبولونيا والاتحاد السوفيتي وتركيا وإيران والعراق والكويت، وفي عــــام 1356هـ/1937م، لم يكن للمملـــكة – في بلـــــدان العالم بأسره – سوى 3 مفوضيات (في لندن وبغداد والقاهرة، وقنصليتين (في السويس ودمشق)، إلا أنه، منذ عام 1366هـ/1947م، صار لها شبكة كبيرة من البعثات في الخارج (في الدول العربية والإسلامية، وفي أوروبا الغربية وأميركا الشمالية) مما اقتضى توسيع وزارة الخارجية لكي تشمل 16 مديرية "في تنظيم داخلي مزدوج: وظيفي (الدوائر الإدارية، القنصلية، الخ...) وجغرافي (الدوائر العربية، الإسلامية، إلخ...)(128). إلا أن ما يجب التأكيد عليه، هو أن سلطة الوزير لم تكن مطلقة في وزارته، بل كانت مقيدة بسلطة الملك الذي كان يهتم بالسياسة الخارجية إلى حد بعيد، وخصوصاً مع الدول العربية والإسلامية، ومع الدول الأجنبية ذات التأثير الفعال في السياسة الدولية، بحيث لم يكن يترك للوزير سوى هامش ضيق جداً لصنع القرار، وإن ترك له هامشاً واسعاً للتأثير فيه أو للمناورة. وكما سبق أن ذكرنا، كان الأمير الوزير يعمل بموجب التوكيل المعطى له من قبل والده الملك، إلا انه كان باستطاعة الملك أن يسحب هذا التوكيل متى شاء، وعلى هذا، فقد كان باستطاعته أن يتدخل – متى شاء – في الميدان الذي هو من اختصاص الوزير نفســه، كأن "يأمــر سفيره في القاهرة بالرد على حملـــة صحفية ضــد الوهابية" عام 1356هـ/1937م. أو أن يملي على فيصل – حرفياً – ما يجب أن يصرح به في مؤتمر لندن، حول فلسطين" عام 1357هـ/ 1938م أو أن يملي على موفده في الجامعة العربية موقفه من القضايا المطروحة، أو أن يقوم – هو نفسه – بالمهمات الكبرى في السياسة الخارجية، والتي تستوجب قيامه بها، كأن يدعو إلى عقد مؤتمر قمة عربية لحكام جزيرة العرب، وذلك للنظر في إمكان اتخاذ موقف موحد من قبلهم تجاه معسكَري الحرب العالمية الأولى عام 1334هـ/ 1916م ، أو أن يلتقي بالرئيس الأميركي "روزفلت" في البحر الأحمر عام 1356هـ/ 1937م أو أن يلتقي بالملك فاروق، ملك مصر عام 1365هـ/ 1946م (129). 1– العلاقات مع الدول العربية والإسلامية: انصرف الملك عبد العزيز – منذ أول عهده بالملك – إلى تسوية أوضاع بلاده وتأمين الاعتراف بها، وذلك مع الدول العربية المجاورة أولاً، ثم مع باقي الدول العربية والإسلامية، ثم مع دول العالم، فعقد مع الدول العربية المجاورة اتفاقيات ومعاهدات (سبق أن تحدثنا عنها)، وكانت تهدف إلى تسوية حدود بلاده مع هذه الدول من جهة، وخلق أجواء من السلم والأمن والصداقة، بل التحالف بينه وبين تلك الدول من جهة أخرى، وهكذا استطاع الملك عبد العزيز، أن يؤمن، بواسطة هذه الاتفاقيات والمعاهدات : - اعتراف البلدان العربية المجاورة بحدود بلاده، مما أكسبها اعترافاً عربياً. - تأمين جو من الأمن والسلامة العامة بينه وبين هذه البلدان، وكان ذلك ضرورياً لكي يتفرّغ إلى عملية البناء ، على مختلف الصعد، والتي كان قد أعدّها للمملكة. وفي عام 1370هـ/1951م، كانت المملكة قد أقامت علاقات دبلوماسية مع عدد من الدول العربيــة والإسلامية هي: تركيــا عام 12344هـ/1926م، وإيران عام 1348هـ/1929م، ومصر عام 1355هـ/1936م ومع سوريا ولبنان والعراق وتركيا وإيران وباكستان وأفغانستان والأردن وإندونيسيا (130). وكانت المشاعر القومية والإسلامية تطغى – عند الملك عبد العزيز – على غيرها من المشاعر، حتى الوطنية منها (المتعلقة بالمملكة) ومن ذلك موقفه الرافض لطلب المندوب الســـــامي البريطاني بأن تشمل الحماية البريطانية لمملكته – وفقاً لمعاهدة دارين عام 1334هـ/ أواخر عام 1915م، والتي ألغيت بعد ذلك – حمايتها من حكومات الحجاز والشرق العربي والعراق، وقد أجاب الملك على ذلك، بغضب، قائلاً: "نحن في غنى عن الحمايات إذا كان المعتدي علينا من العرب" . بالإضافة إلى استضافته أول مؤتمر قمة إسلامية في هذا القرن، في مكة المكرمة عام 1344هـ /1926م ، بمناسبة موسم الحج. أما موقفه من الوحدة العربية فقد سبق أن تحدثنا عنه، ونضيف إلى ذلك انه ما من شك في أن الملك عبد العزيز كان يطمح إلى تحقيق وحدة الأمة العربية، بدءاً بوحدة كامل الجزيرة، إلا أن ظروفاً (داخلية وخارجية) منعته من تحقيق هذا الطموح، ولكن تلك الوحدة ظلت هاجسه الأول (كما سبق أن بينّا عندما تحدثنا عن توحيده للمملكة). ويقول التويجري في ذلك: " كان المعتقد الديني للملك عبد العزيز "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"، وكان معتقده السياسي "توحيد شبه الجزيرة العربية" ، ومساعدة الإخوة العرب الذين يصارعون في تلك الحقبة الظلم والجور من اجل حريتهم وعروبتهم وأوطانهم"(131). ويحدثنا التويجري عن أن الملك بدأ ذات يوم منزعجاً من مناسبة ما، وعندما سأله جلساؤه المقربون منه عن سبب انزعاجه قال (ما معناه): "نحن عرب مسلمون، والعروبة والإسلام جسد وروح، فلا عروبة إلا بالإسلام، وليس أحق بمناصرة الإسلام والتضحية في سبيله وحمله إلى الناس إلا الإنسان المسلم، ووطننا العربي والإسلامي، كما هو معلوم ومرئي، قسّمته الأيدي الآثمة وبددته، ووزعت الفتن بين الأخ وأخيه، أنا لا أهل لي غير العرب والمسلمين، ولا وطن لي إلا وطنهم، ولا عزّ إلا بعزّهم، ولا حرية إلا بحريتهم. أفهموا هذا عني، قضيتي الأولى هي قضية فلسطين أخشى ما أخشاه أن تكون ضحيةً لخلافات عربية ودسائس أجنبية". ثم قال : "ويلي منك وويلي عليك ، الإنكليز أوجدوا من حول القضية الفلسطينية ومن حولي عروشاً وملوكاً والعالم المحيط بنا، إنه عالم قوي وماكر، يختزن في ذاكرته ثارات عند العرب والمسلمين، إنه يعادي ديننا وتاريخنا". ثم يقول، في مكان آخر: "لو قلت لكم إن هناك ذرة واحدة في جسدي لا تدعوني إلى قتال اليهود لكنت أكذب. لو ذهبت كل أمــــلاكي ، وتوقف نسلي، لكان أسهل عليّ من أن أرى موطئ قدم لليهود في فلسطــــين" (132). لا نعتقد أن أي تعريف آخر بالملك عبد العزيز وبتعلقه بقضايا العرب والمسلمين ، وخصوصاً قضية فلسطين، يمكن أن يكون أوضح من هذا التعريف. هذا بالإضافة إلى مطالباته المستمرة بضرورة إنشاء تحالف عسكري بين الدول العربية يحميها بالسلاح" وهي مسألة أثارها الملك في وجه أول أمين عام لجامعة الدول العربية في شهر صفر عام 1364هـ/ يناير عام 1945م، عندما حمل إليه مسّودة مشروع إنشاء الجامعة لتوقيعه، وخشيته المستمرة من تصاعد الضغط اليهودي على فلسطين، وهي مسألة أثارها الملك في وجه الضباط الأميركيين الملحقين بالمفوضية الأميركية في المملكة، عند استقباله لهم(133). وكما رفض الملك – بكل إصرار – الموافقة على طلب السير ونستون تشرشل منه إقناع العرب المعتدلين بحلٍ وسط مع الصهيونية، معتبراً ذلك خيانة لرسول الله ولكل المسلمين المؤمنين، وان إقدامه على هذا العمل يفقده شرفه ويدمر روحه(134)، وقد سبق أن أشرنا إلى رفضه دعوة بريطانيا للاشتراك في الثورة ضد الإمبراطورية العثمانية ، ضارباً عرض الحائط بكل ما قدمته من إغراءات ووعود ، بدءاً بوعده "بمُلك" العرب وصولاً إلى وعده بخلافة المسلمين(135). وكانت إنكلترا قد أوفدت "الكابتن شكسيبر" قبل (بيرسي كوكس) إلى الملك عبدالعزيز لكي يقنعه بإعلان الثورة على العثمانيين، كما فعل الشريف حسين، إلا أن الملك ظل على الحياد ، فلم يتعرض للشريف في الحجاز، ولا للقوة العثمانية في عسير واليمن، ولم يعترض مسير الرسل من الشمال إلى اليمن لنقل الأموال والمخابرات عن طريق بلاده"(136). |
2012- 10- 23 | #29 |
صديق الملتقى
|
رد: شخصيــــــــات رائعه مرت في حياتنـــــا وحياة آباءنا وأجدادنــــا ,,
2– العلاقات مع العالم الغربي:
كانت أول دولة أجنبية أقامت المملكة العربية السعودية معها علاقات دبلوماسية هي إنكلترا، ففي عام 1334هـ /1915م ، وقعت أول معاهدة بين "سلطان نجد" عبدالعزيز وبين إنكلــــترا ، وكانت هذه المعاهـــــدة (وهي معاهدة "دارين" أو القطيف" النافذة لمدة 7 سنوات فقط)، تقيّد عبد العزيز بحماية بريطانية تصبح – إذا ما طبقت – أشبه بوصاية على قراراته، لذا – فهو لم يتقيد بها – وتابع حروبه لضم الأحساء وعسير والحجاز. وفي ذي القعدة عام 1345هـ/ مايو عام 1927م عقدت بين الملك عبد العزيز وإنكلترا معاهدة صداقة وحسن تفاهم ، ألغت المعاهدة السابقة واعترفت بالاستقلال التام والمطلق لمملكة ابن سعود، وذلك دون أن تنص على أي امتيازات خاصة لبريطانيا، فاعتبرت هذه المعاهدة نجاحاً مهماً للدبلوماسية السعودية(137). ولكن ضم الحجاز إلى مُلك عبد العزيز عقّد العلاقات الدولية بين المملكة الجديدة والدول التي كان لديها علاقات ديبلوماسية مع الحكم الشريفي في الحجاز، خصوصاً أن القناصل الأجانب، الذين كانوا في جدّة، كانوا يجهلون بمن يجب أن يتصلوا بعد تغيّر الحكم في البلاد، كما أن الحجاج المسلمين الآتين من البلدان الإسلامية كانوا بحاجة لأن يعرضوا على حاكم الحجازعدداً من القضايا الحساسة، كل ذلك أضطر الملك عبدالعزيز إلى أن ينشئ "مديرية للشؤون الخارجية" ثم وزارة للخارجية – كما أسلفنا – لكي تتولى التعامل مع الحجاج والبعثات الدبلوماسية (138). وفي عام 1344هـ /1926م، أقامت المملكة العربية السعودية علاقات ديبلوماسية مع كل من الاتحاد السوفيتي وإنكلترا وهولندا وفرنسا، ثم مع ألمانيا في عام 1347هـ /1928م، ثم مع بولندا في عام 1348هـ /1929م ، ثم مع الولايات المتحدة الأميركية في عام 1350هـ /1931م ، ثم مع إيطاليا في عام 1351هـ /1932م ومع الهند. وفي عام 1369هـ /1950م، كان في المملكة سفارتان: لبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية ، بينما كان لباقي الدول – التي أقامت علاقات معها – بعثات دبلوماسية فقط، ولم تقم المملكة علاقات دبلوماسية مع الدول الشيوعية والاشتراكية، أما البعثة الدبلوماسية السوفيتية فقد أقفلت وانسحب أعضاؤها من المملكة خلال عامي 1356–1357هـ /1937–1938م، دون أن تقطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين رسميا، وان تكن قد جمدت "عقوداً طويلة من السنين"(139). أما سياسة الملك عبد العزيز تجاه الدول الأجنبية وخصوصاً الكبرى منها، فقد كانت سياسة الحياد بين هذه الدول، وإن هو اقترب من إحداها دون الأخرى، فذلك لحسابات دقيقة تضع – في أولوياتها – مصلحة المملكة والعرب والمسلمين ، وكانت علاقاته مع هذه الدول قائمة على أساس الاحترام المتبادل، وعلى أساس احترام القوانين الدولية والوطنية المرعية الإجراء، مع المحافظة على الشخصية التاريخية، والحضارية والثقافية والدينية للمملكة، وعلى انتمائها القومي والإسلامي. لقد عرفت جزيرة العرب – في عهد الملك عبد العزيز – أول وحدة حقيقية ربما تكون– بصرف النظر عن الطريقة التي حققت بها، بل باعتبار ما حققته من نتائج– نموذجاً لأية وحدة يمكن أن تقوم مستقبلاً بين الأقطار العربية. ويبدو لنا أن النموذج الذي قدمه الملك عبد العزيز في حكمه التأسيسي للمملكة، استمر – بعده – أسلوباً ونهجاً وممارسةً، مما جعل المملكة بعد أقل من نصف قرن من غيابه، في مرتبة القيادة بين الدول العربية والإسلامية، تطوراً وتمسكاً بالعقيدتين الأساسيتين اللتين انطلقتا – أصلاً – من جزيرة العرب: العروبة والإسلام. الهوامش (1) جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، 1/510–511 ، وانظر: فؤاد حمزة، قلب جزيرة العرب، ص 133. (2) أليكسي فاسيلييف، تاريخ العربية السعودية (معرّب) ص 66–68، وانظر: Volney, Vogage en Egypte ET en Syrie, pp. 207–208 (3) عبد الرحمن بن خلدون، تاريخه (كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر...). 1/ 214. وقد عاش ابن خلدون في القرن الهجري الثامن (القرن الميلادي الرابع عشر). (4) فؤاد حمزة، المصدر السابق، ص 334.وأمين الريحاني، نجد وملحقاته، ص 110، وذكرها "الزركلي، ص 14" عام 1289 هـ. (5) يذكر "عبد العزيز التويجري" أن الدولة السعودية الأولى قد قامت على يد الإمام محمد بن سعود (عام 1139هـ/ 1726م)، وانتهت بعد انتهاء حكم الإمام عبدالله بن سعود (عام 1229هـ/1814م). وأن الدولة السعودية الثانية قامت على يد الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود (عام 1236 هـ/1820م) وانتهت بعد انتهاء حكم الإمام عبدالله بن فيصل ابن تركي، واستيلاء محمد بن رشيد على نجد (1288هـ/1871م)، وأن الدولة السعودية الثالثة بدأت مع عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل (1319 هـ/ 1902م) (انظر: التويجري، لسراة الليل هتف الصباح، ص 100–101)، بينما يخالف فؤاد حمزة التويجري في تقسيم عهود حكم آل سعود في جزيرة العرب، فيقسمها إلى أربعة أدوار بدلاً من ثلاثة (أنظر: فؤاد حمزة، المصدر السابق، ص 334). وانظر كذلك ( أمين الريحاني، نجد وملحقاته، ص 59–60، وخير الدين الزركلي، الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز، ص 9–28). ولملاءمة التواريخ الهجرية مع التواريخ الميلادية، راجع كتاب: التوفيقات الإلهامية في مقارنة التواريخ الهجرية بالتواريخ الإفرنكية والقبطية، المجلد الثاني، للواء محمد مختار باشا. (*) هناك خلاف حول مولد الملك عبدالعزيز، فبعض الروايات تذكر أنه ولد سنة 1293هـ. انظر: الزركلي، شبه الجزيرة ، ط1 ، ص: 56 ، العثيمين ، تاريخ المملكة، ط2، ص :45، طلال بن عبدالعزيز، صور من حياة الملك عبدالعزيز، الرياض، 1402هـ، ص : 26. (6) هكذا وردت عند أمين الريحاني (نجد وملحقاته ص 122) وربما تكون "حرض" وهي في الأحساء بالمنطقة الشرقية (حمد الجاسر، المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية، 1/430). (7) أمين الريحاني، نجد وملحقاته ص 121 – 123 . (8) فؤاد حمزه ، المصدر السابق، ص 369، وانظر: فاسيلييف، المرجع السابق، ص 274. ويذكر الضابط الإنكليزي"النقيب أرمسترونغ “Captain H. C. Armstrong الذي زار الملك عبد العزيز، ثم نشر كتابه "ابن سعود ، سيد الجزيرة العربية “Lord of Arabia, Ibn Saud، أن الشيخ مباركاً "أرسل ابن سعود، مع فرقة صغيرة، وكلفه مهمة استنهاض البلاد على ابن رشيد والقيام بهجوم تضليلي ضده، وأن ابن سعود اجتاز مسافة كبيرة من الصحراء بسير شاق، حيث انضم إليه الرجال بأعداد كبيرة، وما أن وصل إلى الرياض حتى كان لديه قوات مهمة"، وان "خيانة" بعض الحلفاء هي التي هزمت الشيخ مباركاً في "الصريف" Armstrong, le maitre de l’Arabie, Ibn) (Séoud pp 41–42. (9) أمين الريحاني، المصدر السابق، ص 123، وفؤاد حمزه، المصدر السابق ، ص 369–370 وإليكسي فاسيلييف، المرجع السابق، ص 275. وتقع واحة يبرين (أو جيرين) بين الأحساء والرياض. (10) Armstrong , op, cit , p 43 . (11) اليكسي فاسيلييف، المرجع السابق، ص 276، وفؤاد حمزه، المصدر السابق، ص 269–270. وأمين الريحاني ، المصدر السابق، ص 123–126، وانظر:Armstrong, op. cit. pp 51 – 56. (12) أمين الريحاني ، المصدر السابق ، ص. 127 . (13) فاسيلييف ، المرجع السابق، ص 276. (14) الريحاني ، المصدر السابق، ص 128 . وانظر: حمد الجاسر، المرجع السابق، 1/467 (حَلَبان). (15) حمزة، المصدر السابق، ص 370 – 374. (16) فاسيلييف، المرجع السابق، ص 281. (17) المرجع نفسه، وراجع، للتوفيق بين الأشهر الهجرية والأشهر الميلادية: محمد مختار باشا، التوفيقات الإلهامية في مقارنة التواريخ الهجرية بالسنين الإفرنجية والقبطية (جزءان). (18) فاسيلييف، المرجع السابق، ص 283 – 285. (19) المرجع نفسه ، 293 . (20) الريحاني، المصدر السابق، ص 129. (21) وذلك وفقاً لتقارير هذه القنصلية عام 1321 هـ /1903 م ( فاسيلييف، المرجع السابق، ص 300). (22) المرجع نفسه . (23) المرجع نفسه ، 300 – 301. (24) الريحاني، المصدر السابق، ص 146. (25) المرجع نفسه ، 208. (26) فاسيلييف، المرجع السابق، ص 331 – 333، و : حمزة ، المصدر السابق ، ص 384–386، وانظر: Armstrong, op, cit, pp 164–168. (27) تعتبر "حرملة" حصناً منيعاً يصعب الوصول إليه لأنه يقع في جبال لا يعرف المنافذَ إليها غير أهلها (الريحاني، المصدر السابق، ص 302) لذا، ترك حسن بن عائض عاصمة "أبها" وتحصن مع رجاله "بحرملة" أملاً أن لا يستطيع رجال ابن سعود الوصول إليه. (28) حمزة، المصدر السابق، ص 389–390، والريحاني، المصدر السابق، ص 302–303، ويذكر الريحاني، أن حسن بن عائض تسلم حكم عسير من المتصرف سليمان شفيق كمالي باشا، (المرجع نفسه ، 300). (29) خير الدين الزركلي، الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز، ص 67، ويذكر الزركلي أن قائد الحامية على "أبها" كان "عبد العزيز بن إبراهيم " (المرجع نفسه). (30) عباس محمود العقاد، مع عاهل الجزيرة العربية ، ص 32–33. (31) الريحاني، المصدر السابق، ص 327. وانظر أسباباً أخرى عند : حمزة، المصدر السابق، ص 390–391. (32) حمزة، المرجع نفسه ، 391–392. (33) Armstrong, op, cit, p 176. (34) فاسيلييف، المرجع السابق، ص 337. (35) المرجع نفسه ، 338. (36) حمزة، المصدر السابق، ص 393. (37) المرجع نفسه ، والريحاني، المصدر السابق، ص 336 – 337. (38) المرجع نفسه ، 394. (39) المرجع نفسه . (40) الريحاني، المصدر السابق، ص 201. (41) المرجع نفسه ، 202. (42) المرجع نفسه ، 202–203. (43) المصدر السابق ، 203. وكان ذلك كله جواب ابن سعود على سؤال والي البصرة "سليمان شفيق كمال باشا" له عن رأيه في أمراء العرب. ويذكر الريحاني في كتابه "ملوك العرب" أنه في حديث له مع الملك ليلة 3 جماد الثاني عام 1341 هـ /1923م، وفي منزلــه بالقصر، أعطى الملك رأيه في الوحدة العربية، وقد لخصه الريحاني كما يلي: 1– هو يبغي الوحدة العربية ويساعد من سعى بإخلاص في تحقيقها، فيحضر اجتماعاً يعقد لهذه الغاية، ويقبل الزعامة والبيعة ملكاً على البلاد العربية بكاملها، لاعتقاده أنه أهل لها ويستطيع تعزيزها. "2– وإذا بايع العرب غيره فهو يقبل بذلك، ولا يتحول عن فكرته، بل يستمر في خدمة القضية العربية بما يستطيع. 3– وإذا لم تتحقق الوحدة، وكان ائتلاف أو حلف عربي بين أمراء العرب لتعزيز شؤونهم معنوياً وسياسياً، ولضمانة مصالحهم الاقتصادية المشتركة، فهو ينضم إليهم. 4– وإذا لم تكن الوحدة ولا الحلف ، فهو على سياسته، يحالف دولة تكون المصالح مشتركة بينها وبينه. 5– وفي كل حالٍ، هو رجل سلمٍ في بلاده، لا يبغي الاعتداء على أحد، ولكنه يأبى أن يعتدي عليه أحد". ويقول الريحاني إنه كتب هذه البنود وقدمها للملك للاطلاع عليها، فقرأها الملك مادةً مادةً، "ثم أخذ القلم وضرب على المادة الثانية قائلاً (للريحاني): "أسأت فهمنا فيها، نحن لا نقول كلمة ينقلها عنا الأستاذ الريحاني ولا نثبت عليها، ولكن هذا لا يكون". ثم تابع مشيراً إلى المادة الثانية: "نحن نعرف أنفسنا، ولا نقبل الرئاسة في غيرنا" ( ملوك العرب، 2/95–96). (44) الريحاني، نجد وملحقاته، ص 218. (45) فاسيلييف، المرجع السابق، ص 348. وانظر: غسان سلامه، السياسة الخارجية السعودية منذ عام 1945، ص 40 – 41. (46) فاسيلييف، المصدر السابق ، 348–349. وكانت الهند قد أرسلت وفداً إلى الحجاز للاطلاع على أوضاع الأماكن المقدسة، وأعلنت – بعد ذلك – رغبتها في أن توضع هذه الأماكن تحت إشراف لجنة تمثل جميع البلدان الإسلامية، إلا أن المؤتمر أفشل هذه المحاولة. (47) غسان سلامه، المرجع السابق، ص 40–41، وخير الدين الزركلي، الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز، ص 231. ويقدر الزركلي مساحة المملكة ب 927 ألف ميل مربع، وعدد سكانها، في عهد عبد العزيز، بما يراوح بين 5 و 6 ملايين نسمة، (الزركلي المصدر السابق 231 و 234). وانظر: للتقسيمات الإدارية للمملكة اليوم ، حمد الجاسر، المعجم الجغرافي، 1/21. (48) غسان سلامه، المرجع السابق، ص 495. (49) احمد أمين، زعماء الإصلاح في العصر الحديث ، ص 17–18. (50) الريحاني ، نجد وملحقاته، ص260 – 261. (51) الريحاني، ملوك العرب، 2/92 حاشية (1) ويفسّر الريحاني (الهجرة) لغوياً، تفسيراً أوسع، إذ يقول : "الهجرة في القاموس، ترك الوطن الذي بين الكفار، والانتقال إلى دار الإسلام" (مقتبساً هذا التعريف من هجرة الرسول e من مكة، وكانت مشركة، إلى المدينة)، ثم يستطرد: "أما وطن البدو ، فالبادية مهد الشرك، والهجرة منها، إذن، هي الهجرة إلى الله والتوحيد" (نجد وملحقاته : 261) ونحن لا نوافقه في ذلك، لأن البدو لم يكونوا مشركين وإن كان بعضهم غير متدينين . (52) الريحاني ، نجد وملحقاته، 261. (53) فاسيلييف، المرجع السابق، ص 297. (54) المرجع نفسه . (55) المرجع نفسه . (56) المرجع نفسه ، 329. (57) المرجع نفسه ، 298. والريحاني ، نجد وملحقاته ، ص 264. (58) الريحاني ، نجد وملحقاته ، ص 260. (59) المصدر السابق ،ص 262، وحمزة، المصدر السابق، ص 379. وكانت الهجرة الأولى عام 1330هـ/ 1912م، على الآبار الأرطاوية، بين الزلفي والكويت (المرجع نفسه) . (60) الريحاني، نجد وملحقاته، ص 262. (61) المرجع نفسه ، ص. 262 – 263. (62) المرجع نفسه ، ص. 263– 264. (63) المرجع نفسه ، ص. 264. (64) المرجع نفسه ،ص 454– 456 ، ويقدر "غسان سلامه" عدد الهُجَر بما يراوح بين 150 و 200 هجرة (المرجع السابق، ص 44) . (65) عباس محمود العقاد ، مع عاهل الجزيرة العربية، ص 15–16. (66) سلامة، المرجع السابق، ص 43– 44. (67) فاسيلييف، المرجع السابق، ص 295–296. (68) الريحاني، نجد وملحقاته ، ص 265–266، وانظر نص فتوى العلماء والأمر السلطاني في ملحق الكتاب ، ص 433–436. (69) احمد أمين، المرجع السابق، ص 20–21، وفي صفر عام 1348هـ/تموز يوليو عام 1929م اشترى الملك 200 سيارة لاستخدامها ضد "العجمان" الذين تمردوا عليه، وعقد اتفاقاً لشراء 4 طائرات، كما وضع خطة لإقامة شبكة محطات إذاعية (فاسيلييف، المرجع السابق، ص 367). (70) فاسيلييف، المرجع السابق، ص 334. (71) المصدر السابق ، ص 335. (72) الريحاني، نجد وملحقاته ص 309. (73) المصدر السابق ، ص 308، وفاسيلييف، المرجع السابق، ص 335. (74) فاسيلييف، نفس الصفحة، وقد نص البروتوكول الأول (مادة 3) على عدم جواز استخدام الآبار الموجودة في المنطقة المحايدة، لأغراض حربية من قبل أي من الطرفين (الريحاني ، نجد وملحقاته، ص 439 حاشية 1 ) . وانظر: الأحداث اليومية لمؤتمر العقير عند الريحاني في (المرجع نفسه ، ص. 310–315). (75) المرجع نفسه ، ص 315 ، وانظر: لتفاصيل مؤتمر العقــــير ( الريحاني ، ملوك العــــرب، 2/61–62). (76) انظر تفاصيل هذه الاتفاقية عند الريحاني (نجد وملحقاته، ص 437–440) (77) انظر تفاصيل هذه الاتفاقية عند الريحاني (المصدر السابق ، ص 441–445). (78) فاسيلييف، المرجع السابق، ص 375 – 376. (79) خير الدين الزركلي، المصدر السابق، ص 89 – 90 . (80) المرجع نفسه ، ص 90. (81) فاسيلييف ، المرجع السابق، ص 382 – 383 . (82) الزركلي ، المصدر السابق، ص 90–91،و قد كانت مكة العاصمة الدينية للمملكة، بينما كانت الرياض عاصمتها السياسية، حيث كان الملك يقيم فيها مع الأسرة السعودية، وقد أصبحت الرياض، بعد وفاة الملك عبد العزيز عام 1373 هـ/1953م مقر الدوائر الرسمية للحكومة (المصدر السابق ، ص. 232). (83) صبحي المحمصاني، الأوضاع التشريعية في البلاد العربية، ص 348 – 349، وانظر: فاسيلييف، المرجع السابق، ص 389. وقد أمر الملك عبد العزيز بوضع "نظام أساسي جديد" للمملكة، إلا أن هذا النظام لم يصدر في عهده. (84) المحمصاني ، المصدر السابق ، ص 349. (85) المصدر السابق ، ص 350، إلا أن الملك عبد العزيز توفي بعد ذلك بشهر واحد، حيث تولى الأمير سعود بن عبد العزيز الملك، واصدر نظاماً جديداً لمجلس الوزراء في شهر رجب من العام نفسه / 17 آذار مارس 1954م. (المصدر السابق : الموضع نفسه) . (86) م. ن. ص. 348 – 349. وفي عام 1382 هـ (1962م) كان عدد أعضاء مجلس الشورى، 12 عضوا، عدا وكيلي رئيس المجلس، الذي هو نائب الملك (م.ن.ص. 349) وانظر: فاسيلييف ، المرجع السابق، ص 348 ، وص 390، والزركلي، المرجع السابق، ص 162. وقد سمى "التويجري" المستشارين الخاصين بالملك ، وكان قد اختارهم من مختلف الأقطار العربية ومن الإخوان والقبائل (انظر التويجري، المصدر السابق، ص 612 – 613). (87) العقاد، مع عاهل الجزيرة العربية ، ص 70 – 71. (88) المحمصاني، المرجع السابق، ص 354، والزركلي المصدر السابق ص 100. (89) المحمصاني، المصدر السابق، ص 354– 357، والزركلي، المصدر السابق، ص. 102–103. (90) المحمصاني، المصدر السابق ، ص. 358 – 361. (91) المصدر السابق ، ص. 363. (92) المصدر السابق . (93) المرجع نفسه ، ص. 365–366، ومن هذه الكتب: شرح المنتهى، وشرح الإقناع، وشرح الزاد، وشرح الدليل، وغيرها ( م. ن. ص 365). (94) غسان سلامه، المرجع السابق، ص 62. (95) المرجع نفسه ، ص. 88 ، حاشية (30). (96) المرجع نفسه ، ص. 58. (97) الزركلي، المصدر السابق، ص 92. وهناك شعب لم يذكرها الزركلي مثل "شعبتي الزكاة والخزانة العامة، وشعبة التلاوات والمؤذنين". ولكن بعض هذه الشعب كان يظهر ويختفي وفقاً للحاجة إليه (فاسيلييف المرجع السابق، ص 387). (98) فاسيلييف، المرجع السابق، ص 382. (99) الزركلي، المصدر السابق، ص 237، والمحمصاني، المرجع السابق، ص 352 – 353. (100) الزركلي ، المصدر السابق، ص 234 – 237 . (101) المحمصاني ، المرجع السابق ، ص 352 . (102) الزركلي ، المصدر السابق ، ص 94 – 95 . (103) المرجع نفسه ، ص. 201 – 202 . (104) المرجع نفسه ، ص. 314 – 315 . (105) المرجع نفسه ، ص. 104 – 105، وانظر: فاسيلييف، المرجع السابق، ص 392. (106) المرجع نفسه ، ص. 201 – 204 ، ويرى بعض المؤرخين أن القوات المسلحة النجدية كانت من أربع فئات: أهل العارض، وهم الحرس الملكي، والحضر، أي حضر نجد، والإخوان, والبدو (انظر، بتفصيل أوسع، فاسيلييف، المرجع السابق، ص 404 – 408 ) . (107) الزركلي ، المرجع نفسه ، ص. 97 – 98. (108) تولاها الأمير فهد بن عبد العزيز حتى عام 1380 هـ/ 1960م (المرجع نفسه ، ص. 171–175) وانظر: بتفصيل أوسع، فاسيليف، المرجع السابق، ص 408–411. (109) التويجري، المصدر السابق، ص 622. (110) الزركلي، المصدر السابق، ص 358 – 360. (111) المرجع نفسه ، ص. 205. (112) غسان سلامه، المرجع السابق، ص 116 – 117 . (113) الزركلي ، المصدر السابق، ص 317 – 320. (114) المرجع نفسه ، ص. 148 – 152. (115) المرجع نفسه ، ص. 203 – 204. (116) المرجع نفسه ، ص. 99، وانظر : في مجال معاناة الملك لإدخال الآلات العصرية الحديثة، ومواجهته مع الإخوان لأجل ذلك: أحمد أمين، المرجع السابق، ص 20 – 21، والتويجري، المصدر السابق، ص 202 – 203. (117) سلامه، المرجع السابق، ص 59. (118) المرجع نفسه ، ص. 225 – 231. (119) لم يبدأ تنظيم عمل الجهاز الحكومي في المملكة إلا عام 1378هـ (1958م) (سلامة، المرجع السابق، ص 60). (120) التويجري، المصدر السابق، ص 665 – 666. ويروي "العقاد" عن الملك عبد العزيز أنه سجن أحد أبنائه بسبب تخلفه عن صلاة الجمعة، وقد سجنه مع خدمه كي لا يتخلفوا عنها مرة أخرى (مع عاهل الجزيرة العربية ، ص 30 – 31). (121) ياسين سويد، معارك خالد بن الوليد، ص 643 – 644. (122) العقاد ، مع عاهل الجزيرة العربية ، ص 64 – 65. (123) التويجري، المصدر السابق ، ص 643 – 644. (124) الريحاني، ملوك العرب ، جـ 2: 72. (125) التويجري، المصدر السابق ، ص 659 – 660. (126) سلامة، المرجع السابق، ص 76. (127) المرجع نفسه ، ص 77. (128) المرجع نفسه . وانظر: ص 88–89 (الهوامش : 36 – 40 ) . (129) المرجع نفسه ، ص. 78 – 79. (130) الزركلي، المصدر السابق، ص 96، و:فاسيلييف، المرجع السابق، ص 391 . (131) التويجري، المصدر السابق، ص 100. (132) المرجع نفسه ، ص 582 – 584. (133) المرجع نفسه ، ص. 588 – 589. (134) المرجع نفسه ، ص. 591، وانظر موقف الملك من قضية فلسطين، بالتفصيل، ومداولاته ومراسلاته، بشأنها، مع روزفلت وتشمبرلين وتشرشل وترومن والسير بولارد (موفد بريطاني إلى الملك) عند: الزركلي ، المصدر السابق، ص 251 – 302. وانظر: كذلك، محمد حسنين هيكل، المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل، الكتاب الأول، ص 190 – 194. (135) العقاد ، المصدر السابق، ص 32 – 33. (136) حمزه، المصدر السابق، ص 380. (137) فاسيلييف، المرجع السابق، ص 360 – 361. (138) المرجع نفسه ، ص. 390 – 391. (139) المرجع نفسه ، ص. 391. المصادر والمراجع أولاً– باللغة العربية: § احمد أمين، زعماء الإصلاح في العصر الحديث، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1965م. § أليكسي فاسيلييف A. Vassiliev ، تاريخ العربية السعودية (معرّب) ، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت 1995م. § أمين الريحاني، ملوك العرب، المطبعة العلمية ليوسف صادر، بيروت، ط2، 1929م. § أمين الريحاني، نجد وملحقاته، دار الريحاني للطباعة والنشر، بيروت ، ط3، 1964م. § جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، دار العلم للملايين ومكتبة النهضة، ط2، بيروت، 1976م. § حمد الجاسر، المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية (3 أجزاء) منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر، الرياض، (د.ت). § خير الدين الزركلي، الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز، دار العلم للملايين ، بيروت، ط8، 1996م. § صبحي المحمصاني، الأوضاع التشريعية في الدول العربية، ماضيها وحاضرها، دار العلم للملايين، بيروت، ط 2، 1962م. § عباس محمود العقاد، مع عاهل الجزيرة العربية، المكتبة العصرية، بيروت – صيدا ، (د.ت). § عبد الرحمن بن خلدون، تاريخه (كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر)، مكتبة المدرسة ودار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر، ط3، بيروت، 1967م. § عبد العزيز بن عبدالمحسن التويجري، لسراة الليل هتف الصباح، الملك عبد العزيز، دراسة وثائقيــة، دار رياض نجيب الريس، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، تشرين الأول/أكتوبر 1997م. § غسان سلامه، السياسة الخارجية السعودية منذ عام 1945م، دراسة في العلاقات الدولية، معهد الإنماء العربي، بيروت، 1980م. § فؤاد حمزة، قلب جزيرة العرب، مكتبة النصر الحديثة، الرياض، ط2، 1388هـ/1968م. § محمد حسنين هيكل، المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل، الكتاب الأول دار الشروق، الطبعة الخامسة، 1996م. § محمد مختار باشا (اللواء)، التوفيقات الإلهامية في مقارنة التواريخ الهجرية بالسنين الإفرنجية والقبطية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت ، 1400هـ/ 1980م . § ياسين سويد، معارك خالد بن الوليد، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت، الطبعة الرابعة، 1989م. ثانياً– باللغة الفرنسية: § Captain H.C. Armstrong, Le Maître de l’Arabie, Ibn Séoud, (Traduit de l’Anglais par: G. ET P. F. Caillé), Ed. Payot. Paris, 1935. ( النقيب آرمسترونغ : سيد الجزيرة العربية ، ابن سعود ، ودار النشر "بايو"، باريس 1935) . § Volney (Constantin – François chassebeuf), voyage en Egypte ET en Syrie, Ed. Mauton ET cie, Paris, 1959. (فولني، رحلة في مصر وسوريا ، دار النشر: "موتون" وشركاه، باريس 1959م). |
2012- 10- 23 | #30 |
متميزه بملتقى المواضيع العامة
|
رد: شخصيــــــــات رائعه مرت في حياتنـــــا وحياة آباءنا وأجدادنــــا ,,
موضوووع جميل ورائع
كصاحبته.. لقد جاهد – طيب الله ثراه – لأكثر من ثلاثين عاما في سبيل توحيد جزيرة العرب بعد أن ظلت سنين طويلة مسرحا للفوضى والاضطرابات، تعصف بها القلاقل والفتن والعصبيات القبلية ، ويتفشى فيها الجهل والفقر والمرض، وكانت عبارة عن إمارات صغيرة وقبائل متفرقة يقاتل بعضها بعضا لأبسط الأسباب حتى الحج إلى بيت الله الحرام أبرز معالم الجزيرة، وأظهر أشكال صلتها بالعالم الإسلامي، كان أمرا محفوفا بالمخاطر لكثرة اللصوص وقطاع الطرق الذين كانوا لا يراعون حرمة هذه الفريضة، فجاء الملك عبدالعزيز رافعا راية الجهاد لإنقاذ البلاد وتخليص العباد من تلك الأوضاع القاسية من خلال بيان العقيدة الصحيحة، ومحاربة الفتن والخزعبلات والبدع التي سيطرت على عقول الناس، ونبذ الجهل والحروب والخلافات المدمرة التي كانت متفشية عند كثير من الناس، فأعلن أمام شعبه أنه إنما جاهد لإعلاء كلمة الله وتطبيق شرعه كما جاء في كتابه العظيم وسنة رسوله الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) فوضع بذلك قاعدة الحكم التي سارت عليها البلاد منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا. الله يرحم الملك عبد االعزيز مشكوووووووووره حبيبتي على الموضوع الاكثر من رائع سلمت يدنيك يااحلى بوسي بهالكووووووووون |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|