من أجمل ما قرأت في هذا الموضوع ..
تعليق على قرار : ( تغريم الزوج ٥٠ ألف ريال عند ضربه لزوجته ) . القوانين والأنظمة التي صدرت مؤخراً ، والتوصيات والمطالبات التي أصبحنا نسمعها اليوم ، والتي بات يروج لها الإعلام باعتبارها أداة لحماية الزوجة من تسلط الزوج أو الأطفال من قسوة الآباء ، هل يمكن فهمها بسذاجة وحسن نية ، بمعزل عن مؤتمرات المرأة العالمية ، والحركات النسوية ، واتفاقية ( السيداو ) ، أم أنها دعوات مبطّنة ، ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب ، تبطن السم وتظهر الشهد المذاب ؟!
دعوني أستعرض وإياكم بعض هذه القرارت والأنظمة كي تكتمل الصورة :
- ( قانون منع التحرش ) يطالبون به اليوم ويرحب به بعض العوام دون أن يدركوا أبعاده ، وأن الهدف منه تكريس مبدأ الاختلاط . فقد عشنا زماناً طويلاً لم نكن فيه بحاجة لمثل هذه القوانين لأن النساء كن بعيدات عن الرجال . ولأن تعاليم الإسلام تركز على الوقاية بينما قوانين الغرب تركز على العلاج .
- ( الرقم الموحّد لحماية الطفل ) يروج له في مدارس أبنائنا اليوم ، من أجل تشجيع الطفل المعنّف على تقديم شكوى ضد والديه . دون أن يدرك البعض أن لفظ ( الطفل ) لدى المنظمات الغربية التي تطالب بحقوق الطفل يشمل كل من كان دون الثامنة عشرة . أي أن ابنتك البالغة التي تدرس في المرحلة المتوسطة أوالثانوية ، وقد جرى عليها قلم التكليف ما زالت طفلة في أعرافهم ، وبناء على ذلك فإن إلزام ابنتك بالحجاب أو منعها من الخروج مع من تحب أو تزويجها في هذه المرحلة كل هذا يعتبر انتهاكاً صريحاً لحقوق الطفل .
- ( قانون منع تزويج القاصرات ) قانون مخالف لأحكام الشريعة ولكنه يطرح هذه الأيام للنقاش ويستبشر به البعض حينما يسمعون عن بعض الحالات الشاذة والنادرة التي ينفخ فيها الإعلام وتضخمها الصحافة . مع أن الإحصائيات تشير إلى أن عدد حالات زواج القاصرات في السعودية خلال ١٠ سنوات لم يتجاوز ١٠ حالات . ومن المتناقضات الغريبة أن هذه القاصر التي يخشون عليها الزواج المبكر هي نفسها القاصر التي يبتعثونها للخارج بلا محرم ، ويجبرونها على العمل المختلط مع الرجال !
- موضوع ( التثقيف الصحي ) من المصطلحات التي يروج لها في الصحافة والإعلام اليوم ، وهناك مطالبات بإدخال هذا الموضوع كمادة دراسية للطلاب والطالبات ، وهو موضوع جميل وبراق ، لكن هذا المصطلح يعرّف - كما تنص على ذلك مؤتمرات المرأة العالمية - بأنه نشر الوعي الجنسي لدى الطلاب والطالبات وكيفية تمكينهم من ممارسة العلاقات المحرمة ..
- ومن المصطلحات البراقة التي يتم تداولها اليوم مصطلح ( تمكين المرأة ) ، والذي يتم تداوله اليوم على نطاق واسع ، ويقصد به إخراج المرأة من عباءة الرجل وتخليصها من قوامته عليها ، وكسر النمط التقليدي للمرأة كزوجة ، وربة بيت ، ومربية للأبناء وتشجيعها على القيام بجميع الأدوار التي يقوم بها الرجال . بما فيها المناصب القيادية والسياسية والولايات العامة . ومن المؤسف أن تمرر هذه المصطلحات باسم الشريعة ، كما صنعت الكاتبة فوزية البكر ، حين كتبت مقالاً بعنوان : ( تمكين المرأة المسلمة: خديجة بنت خويلد نموذجاً )جعلت فيه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها نموذجاً للمرأة التي تنافس الرجال في المجال الاقتصادي ، وتثور على النمط التقليدي للمرأة . وبهذا يتم تمرير المصطلحات الغربية تحت لافتات شرعية .
- ثم يأتي هذا القانون العجيب الذي يقضي ( بتغريم الزوج الذي يضرب زوجته خمسين ألف ريال ) .. ليس لحفظ المرأة كما يظن أكثر المتفائلين ، بل حرصاً على تمكينها ومنحها المزيد من الحصانة ، ودعمها في طريقها للتحرر من قوامة الرجل .
وأخيراً .. من العبث ونحن نسمع مثل هذه الدعوات أن ننجرّ إلى نقاش فقهي ونستغرق في خلاف شرعي حول مدى مشروعية هذه التشريعات والأنظمة ونغفل عن المشهد الكلي ، والإطار العام الذي يحدد كامل الصورة . ولكن المؤلم أكثر حينما نتناول مثل هذه المواضيع بسطحية وسذاجة ، فضلاً عن تحويلها لمادة للضحك وتبادل النكات . كما رأينا ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي .
وما يدعو للتأمل أن الذين يتبادلون الضحكات اليوم ويتناقلون النكات حول هذه القوانين هم أنفسهم الذين تألموا حين شاهدوا والد المبتعثة السعودية الذي اعتقلته الشرطة الكندية لأنه حاول منع ابنته من الزواج من غير مسلم !!
القوانين التي نصفّق لها اليوم ليست سوى حلقة في سلسلة .. هي نفسها السلسلة التي قُيد بها هذا الأب المكلوم .. أمام مرأى العالم ..ولكننا للأسف نضحك أول الأمر ثم نبكي عند العواقب !