|
مكتبة الملتقى للكتب والإصدارات الأدبية والفكرية والفلسفيه |
|
أدوات الموضوع |
2012- 3- 13 | #31 |
صديقة مكتبة الملتقى
|
رد: مجموعة : مقالات الكاتب "فهد عامر الاحمدي" بصحيفة الرياض [ يوميا ]
ألفت سيدها لدى الباب
فهد عامر الأحمدي كل من ربّى الحمام في صغره يعرف كيف يعود إليه مهما ابتعد به مشتريه الجديد.. وكل من ربط قططه الأليفة في كيس دقيق - ورماها بعيدا عن المنزل - يفاجأ بعودتها في اليوم التالي ونومها قرب الباب.. وهذان مجرد مثالين على ارتباط الحيوانات بالمكان وموهبتهما البرية والجوية (وحتى البحرية في حال تحدثنا عن الأسماك) في العودة للموطن الأول!! ولكن؛ في حين ترتبط القطط الأليفة بالمكان (وتظل فيه حتى لو انتقل أهل الدار) يرتبط الكلب بالإنسان ويهجر المكان برفقة صاحبه أينما انتقل (ولهذا سُمي أوفى صديق للانسان).. ولأننا في السعودية نادرا ما نربي الكلاب الوفية - بعكس الحمام وربما القطط - لا ندرك كثيرا مهارتها في التعرف على أصحابها، وقدرتها على قراءة أفكارهم، وتوقع عودتهم قبل وصولهم للمنزل بوقت طويل.. وكان البرفيسور روبرت شيلدراك من جامعة كامبردج قد ألف كتابا جميلا بعنوان سبع تجارب قد تغير العالم (Seven Experiments That Could Chang the World) كان من ضمنها تنبؤ الكلاب الأليفة بقرب وصول سيدها للمنزل. فلو سافر رب البيت مثلا لفترة طويلة ثم تحرك باتجاه المنزل سيشعر به قبل وصوله بخمس او ست ساعات؛ ويتضح ذلك من خلال رغبته الملحة في الخروج والانتظار عند الباب او من توتره ودورانه حول نفسه او من إصراره على البقاء عند الباب أو المدخل!! ويقول شيلدراك انه قبل نشر الكتاب كتب عن هذه الظاهرة في مجلة Members’ Research فاستلم اكثر من مئة رسالة يؤكد اصحابها وجود هذه الموهبة في حيواناتهم. ومن الرسائل الطريفة التي وصلته رسالة من سيدة في تكساس تقول: زوجي رجل أعمال كثير السفر. وحين يقرر العودة للمنزل يتعمد عدم الاتصال بنا ظنا منه ان وصوله المفاجئ سيشكل مفاجأة جميلة للأطفال. غير ان الاطفال اصبحوا يعرفون متى سيعود من خلال تصرفات كلبهم الصغير جيتي.. واليوم لم يعد حضور زوجي يشكل مفاجأة كبيرة لنا.. بل انه الوحيد الذي لا يعلم (بأننا نعلم) متى سيعود! وهذه الموهبة جزء من الإحساس الخارق المسمى بالحاسة السادسة والتي اتضح أنها أكثر قوة في الحيوانات مما لدى الانسان.. ففي الإنسان قد تظهر هذه الحاسة بطريقة مفاجئة وغير منتظمة مما يصعب اخضاعها للدراسة. أما في الحيوانات فيمكن دراستها بسهولة نظرا لقوتها وانتظام تكرارها بحيث يمكن رصدها بسهولة!! ويبدو ان الاحاسيس الخارقة في الحيوانات تتجاوز نطاق التنبؤ بعودة سيدها الى قدرتها على التنبؤ بانفجار البراكين ووقوع الزلازل وقرب حدوث الكوارث الطبيعية (كما حدث في تسونامي سومطرة حيث هربت معظم الحيوانات الى عمق الجزيرة قبل مقدم الأمواج بوقت قصير).. أضف لهذا تملك القدرة على شم الأورام تحت الجلد وتحديد مكامن المياه تحت الأرض/ كما يمكن تدرب الكلاب على شم كل شيء تقريبا من المخدرات والقنابل الى الأورام والخلايا السرطانية.. وكما يمكن للحيوانات الأليفة العودة الى منازلها من مسافات بعيدة جدا كما يمكن للطيور الهجرة فوق المحيطات ثم العودة إلى اعشاشها بعد عام أو عامين - في حين تعود أسماك الحنكليس من المحيطات الى الأنهار كي تتزاوج في ذات الموقع التي ظهرت فيه كبيوض لأول مرة.. وهناك اليوم من يعتقد (كالبرفيسور شيلدراك) أن قدرة الكلاب على توقع عودة أصحابها أو تتبع المجرمين من مسافات بعيدة لا يعود لحاسة الشم لديها بل لقدرتها على الإحساس بتحركات الانسان وقراءة افكاره علي بعد أميال!! .. ليس هذا فحسب؛ إذ سبق وكتبت شخصيا عن موقف شخصي حدث لي مع حمام لندن جعلني أتساءل إن كانت هناك علاقة تخاطر كونية بين حيوانات العالم مجتمعة؛ فقبل أعوام طويلة سافرت الى لندن وقررت زيارة ميدان الطرف الأغر.. وهذا الميدان معروف بكثرة الحمام فيه وعدم خوفه من السياح وتسابقه لتناول الحب من أيديهم. أما بالنسبة لأخوكم في الله ما أن وضعت قدمي في الميدان حتى طار أغلب الحمام. وكان موقفا محرجا جدا حيث نظر الجميع باتجاهي فارتبكت وعدت أدراجي.. وإلى اليوم مازلت أتساءل: من أخبر الحمام في لندن أنني كنت - في المدينة - لا أرى حمامة إلا قذفتها بحجر!! |
2012- 3- 13 | #32 |
صديقة مكتبة الملتقى
|
رد: مجموعة : مقالات الكاتب "فهد عامر الاحمدي" بصحيفة الرياض [ يوميا ]
ألفت سيدها لدى الباب
فهد عامر الأحمدي كل من ربّى الحمام في صغره يعرف كيف يعود إليه مهما ابتعد به مشتريه الجديد.. وكل من ربط قططه الأليفة في كيس دقيق - ورماها بعيدا عن المنزل - يفاجأ بعودتها في اليوم التالي ونومها قرب الباب.. وهذان مجرد مثالين على ارتباط الحيوانات بالمكان وموهبتهما البرية والجوية (وحتى البحرية في حال تحدثنا عن الأسماك) في العودة للموطن الأول!! ولكن؛ في حين ترتبط القطط الأليفة بالمكان (وتظل فيه حتى لو انتقل أهل الدار) يرتبط الكلب بالإنسان ويهجر المكان برفقة صاحبه أينما انتقل (ولهذا سُمي أوفى صديق للانسان).. ولأننا في السعودية نادرا ما نربي الكلاب الوفية - بعكس الحمام وربما القطط - لا ندرك كثيرا مهارتها في التعرف على أصحابها، وقدرتها على قراءة أفكارهم، وتوقع عودتهم قبل وصولهم للمنزل بوقت طويل.. وكان البرفيسور روبرت شيلدراك من جامعة كامبردج قد ألف كتابا جميلا بعنوان سبع تجارب قد تغير العالم (Seven Experiments That Could Chang the World) كان من ضمنها تنبؤ الكلاب الأليفة بقرب وصول سيدها للمنزل. فلو سافر رب البيت مثلا لفترة طويلة ثم تحرك باتجاه المنزل سيشعر به قبل وصوله بخمس او ست ساعات؛ ويتضح ذلك من خلال رغبته الملحة في الخروج والانتظار عند الباب او من توتره ودورانه حول نفسه او من إصراره على البقاء عند الباب أو المدخل!! ويقول شيلدراك انه قبل نشر الكتاب كتب عن هذه الظاهرة في مجلة Members’ Research فاستلم اكثر من مئة رسالة يؤكد اصحابها وجود هذه الموهبة في حيواناتهم. ومن الرسائل الطريفة التي وصلته رسالة من سيدة في تكساس تقول: زوجي رجل أعمال كثير السفر. وحين يقرر العودة للمنزل يتعمد عدم الاتصال بنا ظنا منه ان وصوله المفاجئ سيشكل مفاجأة جميلة للأطفال. غير ان الاطفال اصبحوا يعرفون متى سيعود من خلال تصرفات كلبهم الصغير جيتي.. واليوم لم يعد حضور زوجي يشكل مفاجأة كبيرة لنا.. بل انه الوحيد الذي لا يعلم (بأننا نعلم) متى سيعود! وهذه الموهبة جزء من الإحساس الخارق المسمى بالحاسة السادسة والتي اتضح أنها أكثر قوة في الحيوانات مما لدى الانسان.. ففي الإنسان قد تظهر هذه الحاسة بطريقة مفاجئة وغير منتظمة مما يصعب اخضاعها للدراسة. أما في الحيوانات فيمكن دراستها بسهولة نظرا لقوتها وانتظام تكرارها بحيث يمكن رصدها بسهولة!! ويبدو ان الاحاسيس الخارقة في الحيوانات تتجاوز نطاق التنبؤ بعودة سيدها الى قدرتها على التنبؤ بانفجار البراكين ووقوع الزلازل وقرب حدوث الكوارث الطبيعية (كما حدث في تسونامي سومطرة حيث هربت معظم الحيوانات الى عمق الجزيرة قبل مقدم الأمواج بوقت قصير).. أضف لهذا تملك القدرة على شم الأورام تحت الجلد وتحديد مكامن المياه تحت الأرض/ كما يمكن تدرب الكلاب على شم كل شيء تقريبا من المخدرات والقنابل الى الأورام والخلايا السرطانية.. وكما يمكن للحيوانات الأليفة العودة الى منازلها من مسافات بعيدة جدا كما يمكن للطيور الهجرة فوق المحيطات ثم العودة إلى اعشاشها بعد عام أو عامين - في حين تعود أسماك الحنكليس من المحيطات الى الأنهار كي تتزاوج في ذات الموقع التي ظهرت فيه كبيوض لأول مرة.. وهناك اليوم من يعتقد (كالبرفيسور شيلدراك) أن قدرة الكلاب على توقع عودة أصحابها أو تتبع المجرمين من مسافات بعيدة لا يعود لحاسة الشم لديها بل لقدرتها على الإحساس بتحركات الانسان وقراءة افكاره علي بعد أميال!! .. ليس هذا فحسب؛ إذ سبق وكتبت شخصيا عن موقف شخصي حدث لي مع حمام لندن جعلني أتساءل إن كانت هناك علاقة تخاطر كونية بين حيوانات العالم مجتمعة؛ فقبل أعوام طويلة سافرت الى لندن وقررت زيارة ميدان الطرف الأغر.. وهذا الميدان معروف بكثرة الحمام فيه وعدم خوفه من السياح وتسابقه لتناول الحب من أيديهم. أما بالنسبة لأخوكم في الله ما أن وضعت قدمي في الميدان حتى طار أغلب الحمام. وكان موقفا محرجا جدا حيث نظر الجميع باتجاهي فارتبكت وعدت أدراجي.. وإلى اليوم مازلت أتساءل: من أخبر الحمام في لندن أنني كنت - في المدينة - لا أرى حمامة إلا قذفتها بحجر!! |
2012- 3- 14 | #33 |
أكـاديـمـي ذهـبـي
|
رد: مجموعة : مقالات الكاتب "فهد عامر الاحمدي" بصحيفة الرياض [ يوميا ]
^ طبعاً أصبحت من عادتي التعليقات على مقالات الأستاذ فهد , وهذا ليس من عبث بل ؛ لأننا من مدينة واحدة تربينا تحت ظروف واحدة ولا فرق بين وبينه إلا ( 9 ) سنوات !! .. تعليقي على هذا المقال : أن أغلب من عاش بالمدينة المنورة من أطفال ومراهقين ورجال قد ربى الحمام , وهناك هوس في هذه الهواية بين ذكور أهل المدينة المنورة , وأنا من ربيته عشر سنوات , كانت من أفضل عشر سنوات مرت علي في حياتي ! .. |
2012- 3- 15 | #34 |
أكـاديـمـي ذهـبـي
|
رد: مجموعة : مقالات الكاتب "فهد عامر الاحمدي" بصحيفة الرياض [ يوميا ]
موقع الخدمات السيئة كم مرة اشتريت سلعة ثم اكتشفت فيها عيبا أو مشكلة فرفض البائع ردها أو إصلاحها؟ وكم مرة تحملت عناء تحويلها للوكيل والانتظار لأيام وأسابيع دون فائدة؟ وكم مرة بحثت عن جهة تساندك فاكتشفت في النهاية أنك "قد أسمعت لو ناديت حياً"؟ الجواب (كثيييير) … وحدثت لغيرك (كثيييير)… فحين أعود بذاكرتي للوراء أتذكر مواقف كثيرة تورطت خلالها بشراء منتجات "مضروبة" عجزت عن إعادتها أو استبدالها أو إقناع البائع بتحمله "لضمان الوكيل".. وأفضل ما يمكن فعله في هذه الحالة الموافقة على الانتظار وبعثها للاستبدال أو الإصلاح رغم أنك لم تتسبب بذلك فتموت فرحتك وربما فرحة أطفالك في مهدها.. وفي حال ذهبت للوكيل ستأخذ لديه عدة أسابيع وربما عدة أشهر (في حال كنت تسكن في مدينة غير الرياض وجدة حيث المراكز الرئيسية) تعود بعدها السلعة دون إصلاح أو بعيوب إضافية.. وخلال ذلك لن تجد من يقف معك (لا وزارة التجارة ولا حماية المستهلك ولا أي جهة رسمية أو مدنية) فتزداد غيظاً ويزداد لدينا تعنت الوكلاء واستهوان الشركات العالمية.. فالأنظمة والإجراءات لدينا ضبابية ورخوة بحيث يخسر المواطن على الدوام وتدرك الشركات بمرور الأيام أن (عدم التجاوب) هو الحل الأسهل في السعودية!! واليوم أريد منك نسيان وزارة التجارة وحماية المستهلك (وكل المباني الرسمية ذات اللوحات الذهبية) واعتماد مبدأ إخبار المستهلكين ومشاركتهم في تجربتك . فمن خلال خبرتي المتواضعة اكتشفت أن الشركات لدينا لاتخشى إلا على سمعتها وانتشار خبر تعاملها السيىء لدى بقية المستهلكين.. لهذا السبب أنصحكم باللجوء للانترنت والمنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي للكتابة عن تجاربكم ونشر أي تعامل سيىء أو منتج مغشوش أو خدمه مخادعة أو رسوم خفية تقف وراءها أي شركة أو مؤسسة أو وكيل بيع... ولا يجب أن يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يجب عليك بعث نسخة مما كتبت الى قسم العلاقات العامة في الشركة ذاتها وإخبارهم صراحة أن ما كتبته عنهم ينتشر بسرعة على الانترنت وستسعى قريبا لنشره في احدى الصحف.. وفي حال كانت الشركة ذكية بما يكفي ستقول لنفسها عاجلا أم آجلا: "هذا يكفي، ربما خدعنا الرجل وكسبنا منه بضعة ريالات، ولكنه بهذه الطريقة سيمنع عنا آلاف العملاء المحتملين ويتسبب بخسارتنا لأضعاف ما أخذنا منه"… وبيني وبينك حتى لو تستعيد حقك بهذه الطريقة يكفيك شرف تنبيه عشرات العملاء غيرك ومنع الشركة من الاستفادة منهم مستقبلا!! ولأنني طبقت هذه الطريقة بنجاح أكثر من مرة (ولكن ليس في زاويتي أو صحيفتي) أدعو خبراء التصميم والبرمجة للمشاركة في إنشاء موقع الكتروني متخصص بتقييم وتصنيف المنتجات والخدمات التي تقدمها كافة الشركات.. موقع مفتوح يعزز أسلحة المواطن أمام الشركات المعنية كما هو شأنه في المجتمعات الغربية ويتيح للزوار إخبارنا بتجاربهم السلبية والإيجابية وترك تقييمهم سواء بالتعليق أو "النقاط".. والفكرة بحد ذاتها ليست جديدة كونها تستخدم من قبل بعض المواقع لتقييم مستوى الفنادق والخدمات والسلع التي تبيعها.. ولكن الفرق أن موقعنا المفترض لا يبيع شيئا بل يهتم ب(التقييم) وذكر سلبيات ومحاسن ماجربناه وتعاملنا معه. … وصدّق أو لا تصدّق؛ موقع كهذا يصب أيضا في صالح الشركات ذاتها كونه يعمل ك(ترمومتر) يقيس خدماتها ويقيم منتجاتها ويكشف تقصير وكلائها ويحسن خدمات مابعد المبيع ، ناهيك عن أن التحذير (مقدما) من خدمة معينة أفضل للشركة من إقبال الزبائن عليها ثم خسارتهم بسببها (للأبد)! … والآن ؛ راجعوا المقال جيداً لتكتشفوا أنني لم أذكر اسم أي شركة أو منتج كوني أهتم فقط بالفكرة والمبدأ… فمن يستطيع المشاركة؟ .... فهد عامر الأحمدي . جريدة الرياض 22 ربيع الآخر 1433هـ - 15 مارس 2012م - العدد 15970
|
2012- 3- 16 | #35 |
مشرفة سابقة
|
رد: مجموعة : مقالات الكاتب "فهد عامر الاحمدي" بصحيفة الرياض [ يوميا ]
تعلم قول (لا)
فهد عامر الأحمدي أول وظيفة في حياتي كانت في مدرسة ثانوية جديدة تحت التأسيس.. كانت مجرد أربعة فصول تستقر في أعلى متوسطة ضخمة.. وكنا خمسة معلمين ومديراً وفراشاً نتقاسم جميعنا غرفة واحدة.. ولأنني أصغرهم سنا - ولأننا كنا في مرحلة تأسيس ونتعامل كعائلة واحدة - كنت أقوم طواعية بمعظم الأعمال الكتابية المرهقة.. فقد كنت أنا من يتولى شؤون الغياب ومسيرات الرواتب وأوراق الطلاب وخطابات التعيين - بل وحتى ماكينة التصوير.. ولأنني كنت (طيباً) ولا أقول (لا) تراكمت علي الأعمال بالتدريج لدرجة كنت أساعد بعض المعلمين - بطيب خاطر - في تحضير دروسهم الخاصة.. لم أكن حينها جبانا أو غبيا بل كنت أؤمن بمبدأ المساعدة والتعاون وحقيقة أننا نتشارك نفس الغرفة (ونأكل نفس الفول والتميز فوق السطوح).. غير أن الموقف تغير فجأة بعد أن أرسلت لنا ادارة التعليم وكيلا جديدا لا يعرفني (ولم يشاركني طبق الفول) وعاملني كمساعد شخصي. وذات يوم - وفيما كنت أستعد لتناول الفطور مع بقية المعلمين - رمى على مكتبي مسيرات الرواتب (وكانت حينها تكتب يدويا) وطلب مني اعادة كتابتها من جديد.. فما كان مني إلا أن حملتها في الاتجاة المعاكس ورميتها فوق مكتبه قائلا: افعلها بنفسك.. ورغم أنني قلت هذه الجملة بكل ثقة وهدوء إلا أن شيئا في داخلي كان يقول لي "لقد تصرفت بطريقة خاطئة".. وحين صعدت لتناول الفطور لم أستطع كتم الخبر فأخبرت "المدير" بما حصل.. وبدل أن يلومني أو يعاتبني ضحك وقال: "من زمان وأنا أقول متى ينفجر فهد".. وحينها فقط أدركت كم ظلمت نفسي بعجزي عن قول (لا) منذ فترة طويلة.. ومن يومها توقفت عن تقديم المساعدة لمن لا يستحقها واستعمال أقوى كلمة في جميع اللغات (لا / نو / نن / نخت / هييت / فينيتو / تدا / نيفر).. والعجيب أن تعلمي لكيفية استعمال هذه الكلمة أكسبني احتراما حقيقيا أكثر من الماضي؛ فمعظمنا يعتقد أن اللطف - والمبادرة بتقديم المساعدة - كفيل بكسب ود واحترام الآخرين.. ولكن الحقيقة قد تكون عكس ذلك كون "الطيبة الدائمة" تنتهي بالاستغلال والتطاول "والمساعدة الصادقة" بالاتكالية ورمي الأعباء (في حين قد يتحول لين الجانب الى سلة غسيل يرمي فيها البعض ثيابه القذرة).. وفي المقابل حين تقول لا - بطريقة مؤدبة وابتسامة خفيفة - تثبت استقلاليتك وحرية اختيارك وهو ما يكسبك احترام الآخرين فعلا… … وبطبيعة الحال أتوقع منك تمييز الفرق بين المساعدة - كمبادرة ذاتية وعمل نبيل - وبين استمرائها واستغلالها من قبل الآخرين.. فالمساعدة بطبيعتهما حالة مؤقتة تصرف فقط للمحتاجين لها، ولكنها تتحول الى استغلال (واستهوان) إذا اتخذت طابع الديمومة والطلب الرسمي.. ولأنها عمل إضافي (لا تنال مقابله أجرا) يجب أن تتخذ قرارك بسرعة بناء على ظروف الشخص المقابل ومستوى علاقتك به وخلفية تعامله معك.. وفي حال لمست منه نفحة استغلال أو اتكالية فما عليك سوى أن تقول له بكل وضوح (لا؛ آسف، لا أستطيع مساعدتك).. وحين تفعل هذا لا تخشى خسارته - بل على العكس توقع منه احترامك كصديق تعاني بدورك من ضيق الوقت وتراكم الأعمال! .. ولكل من يجهل استعمال هذه الكلمة المفيدة أذكره بأننا (نحن) من يعلّم الآخرين طريقة معاملتنا وكيفية احترامهم لنا.. واليوم مثل كل يوم فرصة جديدة كي تقول (لا) دون أن تخشى خسارة أحد! |
2012- 3- 17 | #36 |
مشرفة سابقة
|
رد: مجموعة : مقالات الكاتب "فهد عامر الاحمدي" بصحيفة الرياض [ يوميا ]
كم يتطلب الأمرُ كي تؤجر عقلك؟
فهد عامر الأحمدي الجواب: أربعة أشخاص يفعلون الشيء الخاطئ… هذه المعادلة (الخطيرة) برزت في رأسي أثناء مشاهدتي مقلباً طريفاً أبعد ما يكون عن التداعيات الاجتماعية والايدلوجية لهذا الجواب.. ففي أحد المباني العالية - وضمن برنامج للكاميرا الخفية - يضغط أحد الأشخاص على زر المصعد فيشاهد أربعة أشخاص يقفون داخله بطريقة غريبة.. فقد رفع كل منهم يديه خلف رقبته (مثل أسرى الحرب) وانحنى بجسده إلى الأمام (كوضعية الطوارئ في الطائرة).. وللوهلة الأولى يرتبك الشخص الجديد - وقد يتردد في دخول المصعد - ولكنه في النهاية يدخل ويفعل مثلهم حتى يصل للطابق المطلوب.. والعجيب أن هذا «المقلب» يتكرر لأكثر من عشر مرات يتخذ الشخص الجديد (في ثمانية منها) هذه الوضعية الغريبة تقليداً للمتواجدين قبله!! .. وحين شاهدت هذه اللقطة تذكرت تجربة تثبت تأثير (المجموعة) والوضع (السابق) على قرارات (الفرد).. فقد اتفق عالم النفس الأمريكي سوليمون آشس مع ستة أشخاص على إخضاع شخص «سابع» لتجربة لا يعلم عنها شيئاً. وقد سلم كل منهم ورقة رسم عليها أربعة خطوط أفقية (الخط الأول يدعى x حين دعيت الثلاثة الباقية c,b,a).. وكان السؤال هو: أي خط من الثلاثة الأخيرة يساوي في الطول الخط الأول x. وكان آشس يطرح هذا السؤال أولاً على الأشخاص الستة (المتواطئين معه) قبل أن ينتهي بالشخص السابع (الذي لا يعلم شيئاً عن التجربة). ورغم أن الجواب الصحيح هو الخط a إلا انه اتفق مع «الستة» على اختيار الخط b لرصد مدى تأثر الشخص «السابع» بخيارات الموجودين قبله.. وفي النهاية اتضح أنه في ٨٦٪ من الحالات يكذّب الشخص السابع نفسه ويختار الخط الخاطئ متأثراً بأجوبة من سبقه (وكأنه يقول لنفسه: لا يعقل أن يكونوا جميعهم على خطأ وأنا الوحيد على صواب!!؟). … وهاتان التجربتان تثبتان استعدادنا الكبير لتأجير عقولنا وتقليد من سبقونا - حتى مع علمنا بشذوذ الموقف ومخالفة المنطق.. كما تظهران ندرة الشخص الذي يثق بقراراته (ويصدق عقله وحواسه) حين يتواجد ضمن مجموعة قبله تسير في الاتجاه الخاطئ.. وما أراه خطيراً بالفعل أن معظمنا يفضل أن يحظى برضا وقبول المجتمع حوله على أن يكون شاذاً أو مخالفاً للتوافق العام (وبالتالي التضحية بقناعاته وآرائه الشخصية).. وهذه التركيبة النفسية قد تفسر لماذا يعمد (أحد الإرهابيين مثلاً) إلى ارتكاب أعمال إجرامية تخالف قناعاته ومبادئه الشخصية.. كما قد تفسر تجاوزه لصوت العقل والمنطق والنصوص المحرمة للقتل والانتحار والانتقام من المدنيين.. فشخص كهذا يفضل أن يحتفظ باحترام ورضا مجموعته على أن يظهر بمظهر المخالف أو الشاذ أو «الساذج» الذي لا يفقه شيئاً!!! .. وفي الحقيقة؛ يكفيني في هذا المقال التنبيه لثلاث مسائل مهمة: - الأولى: سهولة تأجير العقل البشري لصالح وضع جماعي سابق (مهما بدا شاذاً أو مخالفاً للمنطق).. - والثانية: ضرورة الوعي بقناعاتنا الشخصية والاحتفاظ بقراراتنا المنطقية مهما تراكمت قبلنا الخيارات الخاطئة.. - أما الثالثة فهي أن تغيير رأيك وتجاهل قناعاتك قد يكونان (ثمن قبولك) في أي نظام اجتماعي عريق ومتماسك!! … وستعرف نفسك حين تتردد قدمك في دخول المصعد.. |
2012- 3- 17 | #37 |
أكـاديـمـي ذهـبـي
|
رد: مجموعة : مقالات الكاتب "فهد عامر الاحمدي" بصحيفة الرياض [ يوميا ]
قوة المسدس لا تكمن في طلقاته!! فهد عامر الأحمدي . جريدة الرياض 24 ربيع الاخرة 1433هـ الموافق 17 مارس 2012م - العدد 15972
نعم أيها السادة.. قوة المسدس لا تكمن في قوة طلقاته بل في علم الطرف الآخر بأنك تملكه وقادر على إخراجه عند الضرورة.. فالقوة الحقيقية تكمن في علم الآخرين بأنك تملكها دون أن تضطر لكشف كامل أوراقك.. فقد يكون مسدسك فارغا، وقد يكون مجرد لعبة بلاستيكية - وقد لا يكون وقتها موجودا معك - ومع هذا يشكل قوة ردع لمجرد علم الطرف الآخر بأنك تملكه وقد تستخدمه ضده. ولو تأملت جيدا أسباب قوة روسيا وأمريكا (وبقية الدول النووية) لأدركت أنها تعود الى "السمعة" التي بنتها حول امتلاكها أسلحة دمار شامل دون أن تضطر فعلا لاستعمالها.. فمجرد علمنا مثلا بامتلاك اسرائيل لأسلحة نووية يمنعنا من التفكير بمهاجمتها بالأسلحة التقليدية، ومجرد علم أمريكا بامتلاك روسيا لصواريخ عابرة للقارات منعها من مواجهتها مباشرة في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية، ومجرد امتلاك باكستان لمخالب نووية جعلها تفرض نوعا من التوازن العسكري مع الهند، وامتلاك كوريا الشمالية صواريخ بالستية منع أمريكا من نزع سلاحها بالقوة كما فعلت مع العراق وأفغانستان.. وما احتلال البلدين الأخيرين - والاعتداءات المستمرة على غزة ولبنان والأراضي المحتلة - إلا مثل حي على ضعف الأمة وسمعتها الهشة وعلم الآخر بأننا لا نخبئ أي مسدس (ولا حتى شفرة حلاقة) تحت مشالحنا.. فمهما تحدثنا، ومهما بررنا، تظل الحقيقة الأبرز هي أننا أمة تدفع ثمن ضعفها العسكري وجهلها النووي وتشرذمها السياسي. فالأمم تحترم بعضها البعض وتصل لمرحلة الاستقرار والاتفاق طالما تساوت قواها العسكرية والسياسية.. وفي المقابل تنشب المعارك الكبرى - لأسباب بسيطة وتافهة - حين يرتفع المستوى العسكري والاقتصادي لدولة ما لدرجة تبدو معها دول الجوار ضعيفة وسهلة نسبيا (ومثال ذلك ألمانيا في الحربين العالميتين).. فجميع الدول تدرك أن المواجهات الحربية باهظة ومكلفة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية؛ وما لم تكن المعركة سريعة وكاسحة (كما فعلت ألمانيا في بولندا وأمريكا في العراق) يدخل الطرفان حرب استنزاف طويلة (نتيجة تساوي قواهما العسكرية) بحيث ينهاران سويا كما حدث بين العراق وإيران، وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.. ولو راجعت التاريخ جيدا لاكتشفت أن مجرد وجود قوة كبيرة بقرب قوة صغيرة ينتهي غالبا بغزو الأولى للثانية (وهذا ما حصل بين العراق والكويت، وروسيا ولاتفيا، والصين والتيبت). وتاريخ القارة الأوروبية يثبت أن الحملات العسكرية العظيمة تظهر كخطوة تالية لتعملق وتضخم دولة عسكرية على حساب دول محيطة بها؛ فبعد الثورة الفرنسية مثلا بلغت القوة العسكرية لفرنسا حدا أغرى نابليون باكتساح معظم القارة الأوروبية. وفي الحرب العالمية الثانية وصلت القوى العسكرية في ألمانيا حدا أغراها بنقض المعاهدات الأوروبية وتوسيع حدودها على حساب بولندا وتشيكيا.. وما يحدث في عصرنا الحاضر - ضد لبنان وفلسطين - سببه تفوق إسرائيل النوعي ووجود "عامل إغراء" ضد دول الجوار.. ولو كان العرب يملكون من القوة العسكرية والشجاعة السياسية نصف ما تملكه كوريا الشمالية لما تجرأت إسرائيل على مواصلة اعتداءاتها بين الحين والآخر.. وأنا شخصيا لا ألوم المواقف المترددة للدول العربية بقدر ما ألوم عقودا طويلة من الضعف العسكري والتخلف التقني وعدم إنشاء قوة ردع مضادة (ترهبون به عدو الله وعدوكم).. وفي حين ينادي البعض بالجهاد ضد أمريكا وإسرائيل يتناسون أن جهادا بلا سلاح وقوة عسكرية موازية يصبح بمثابة انتحار جماعي وهزيمة مؤكدة أمام الأ****ي وصواريخ توماهوك.. وما تمارسه إسرائيل ضدنا باستمرار - وآخرها قصفها الأخير لغزة - ليس أزمة طارئة، ولا اعتداءات لن تتكرر لاحقا، بل ثمن طبيعي ومتوقع لضعفنا وتهاوننا وعجزنا عن مقارعة الكبار.. .. وما يوجعني أكثر؛ أن إسرائيل ليست من الكبار أصلا! .. |
2012- 3- 31 | #38 |
مشرفة سابقة
|
رد: مجموعة : مقالات الكاتب "فهد عامر الاحمدي" بصحيفة الرياض [ يوميا ]
مانعرفه وما نعجز عن تطبيقه
فهد عامر الأحمدي في أبريل الماضي حضرت مؤتمراً طبياً في مدينة مراكش المغربية ضم خيرة أطباء الجهاز الهضمي في الدول العربية . وكنت أرى معظمهم في مطعم الفندق يتناولون الفطور أو الغداء ثم مساءً حين تأخذنا الشركة المنظمة لأحد المطاعم الفاخرة .. ورغم أن المؤتمر ذاته لم يتجاوز الخمسة أيام إلا أن وزني ارتفع خلالها بمقدار 3 كيلوجرامات من فرط ما أكلنا من الكسكس والحلويات والأطعمة المغربية الفاخرة .. ومع هذا يمكن القول انني بقيت أكثرهم نحافة ورشاقة كون معظمهم كان يعاني أصلاً من البدانة قبل وصوله للمؤتمر (… المؤتمر الذي يفترض به مناقشة مخاطر السمنة ومشاكل الجهاز الهضمي) .. وكلما جمعتنا طاولة الأكل صباحا أو مساءً أتعجب من الفرق بين المعرفة وبين القدرة على تطبيق تلك المعرفة .. فهؤلاء الأطباء مثلا كانوا أدرى الناس بمشاكل السمنة ومخاطر البدانة ، ومع هذا كانوا أكثر الموجودين ضخامة وارتفاعاً في الوزن .. وكان شعوري تجاه هذه المفارقة يشبة رؤية طبيب مدخن ينصح الناس بعدم التدخين أو مدرب بدين يعلم الأطفال رياضة الجمباز … !! وفي أحد لقاءاتنا المسائية الدسمة جلس بقربي طبيب له ثقله في المجتمع أخبرني بمشروع سيحقق له ثروة كبيرة .. المشروع ببساطة هو تأليف كتاب يضم أفضل 20 ريجيماً ناجحاً سيجذب حسب رأيه قطاعاً واسعاً من فئة الأوزان الثقيلة .. ورغم انني أكرة التثبيط والمثبطين إلا أن الرجل استشارني والمستشار مؤتمن فنصحته أن يبحث عن طريقة أفضل لتحقيق الثراء ، فسألني "لماذا؟" فقلت : لأن القضية الأساسية في مسألة الريجيم ليست في عدم المعرفة (والدليل الأطباء أنفسهم) بل في عدم توفر الارادة الكافية وتعودنا على أسلوب غذائي غير سليم ! ويبدو أنني صدمته بهذا الرأي كونه خرج عن الموضوع واسهب في كلام علمي طويل عن أنواع الأغذية ودورها في السمنة والنحافة ووو … فقاطعته قائلا : أنا لم انكر دور الطعام في هذه المسألة انما قصدت ان الحمية أو الريجيم ( تعتمد أولا وقبل كل شيء ) على توفر الارادة القوية والعزيمة الصادقة وحين تتوفران لدى الانسان ستنجح معظم الحميات ولن يحتاج أي ثقيل إلى 20 نوعاً من الريجيم ! … وكان من الواضح أننا لن نتفق لأنني كنت أتحدث عن قوة العزيمة والدافع الذاتي ، في حين يتحدث هو عن الكتاب كمشروع تجاري لا يتضمن برفقته "الإرادة" والرغبة الصادقة .. ومن هذا المنظور "الاقتصادي" أعترف بأن طبيبنا العتيد يملك وجهة نظر صحيحة وسليمة ؛ فأكثر الكتب توزيعاً بعد كتب الطبخ هي كتب الحمية والريجيم (ويبدو هذا معقولاً لأن الناس تطبخ لتأكل .. ثم تعمل حمية .. كي تأكل مجددا ) !!! وحسب علمي يطبع في أمريكا وحدها (وهي أعظم أمة تعاني من السمنة) أكثر من 2000 كتاب في السنة عن هذا الموضوع .. أما صناعة الريجيم بأكملها فتقدر ب 40 بليون دولار في العام تتضمن برفقة الكتب عدداً هائلا من المجلات ودور النشر ومصانع الأغذية والألبسة وآلاف المراكز والمستشفيات ومشروبات الحمية والبرامج التلفزيونية والأجهزة الرياضية ووو … وتعود ضخامة السوق الى حقيقة ان 67% من الشعب الامريكي يعاني من السمنة المفرطة وأن 90% منهم يحاول عمل ريجيم حتى نهاية حياته !! … على أي حال دعونا الآن نختصر المقال في نقطتين رئيسيتين : الأولى : وجود فرق كبير بين ما نعرفه وما نستطيع تطبيقه (والدليل بدانة أطباء الجهاز الهضمي)! والثانية : أنه حين تتوفر الإرادة القوية يمكن (لأي حمية) تحقيق نتائج مدهشة .. |
2012- 4- 1 | #39 |
أكـاديـمـي ذهـبـي
|
رد: مجموعة : مقالات الكاتب "فهد عامر الاحمدي" بصحيفة الرياض [ يوميا ]
ماذا يحدث حين يدخل العسكر للمختبرات؟ كلما تعمقت في تاريخ المخابرات الأمريكية، كلما أدركت أن ما يدعى بــ "نظرية المؤامرة" كانت ذات يوم حقيقة واقعة.. والأمر لا يتعلق دائما بالشعوب الأخرى ( والطرف المعادي للمصالح الأمريكية ) كون قسم كبير من عمل المخابرات السري والقذر كان يتعلق بالشأن المحلي وموجها للشعب الأمريكي ذاته.. ففي مناسبات عديدة مثلا أجريت تجارب سرية على البشر لصالح الأغراض العسكرية والمخابراتية (دون تفريق بين الداخل والخارج).. وحين أفكر شخصيا في الحوادث التي قرأت أو كتبت عنها أجد أكثر من 72 حادثة أخفت فيها القيادات العسكرية حقيقة التجارب التي تجريها عن الضحايا أنفسهم.. وأول قرار حكومي رسمي بهذا الشأن يعود لعام 1931 حين أنشأ الدكتور كورنيل رودز أول مختبرات متخصصة للحرب البيولوجية والكيميائية.. وكانت أول تجربة تتم في هذه المختبرات (الموجودة حتى اليوم في ولاية ماريلاند) تعريض عدد من جنود البحرية الأمريكية لأشعة نووية بغرض دراسة تأثيرها على البشر.. ونظرا لطول القائمة سأختار واحدة أو اثنتين من التجارب المهمة في كل عقد على حدة بدءا من الثلاثينيات حتى أيامنا هذه: * ففي عقد الثلاثينيات مثلا تجاهل الجيش إصابة 200 جندي أسود بمرض السيفلس؛ فبغرض دراسة تأثير المرض على الجنود أعطي المرضى أدوية منزوعة الفعالية الأمر الذي تسبب بوفاتهم جميعا عام 1932! * وفي مطلع الأربعينيات تم حقن 400 سجين في شيكاغوا بجراثيم الملاريا بدون علمهم بغرض دراسة المرض .. وفي عام 1942 أجرت وكالة الأسلحة الكيميائية تجارب سرية على 4000 مجند لدراسة تأثير الغازات السامة على الرئتين بهدف مواكبة التفوق الياباني والنازي في هذا المجال ! * وفي عقد الخمسينيات نظمت المخابرات الامريكية مشروعين مهمين ؛ الأول يدعى "مكلترا" للبحث في انتاج عقاقير تتيح السيطرة على عقول الآخرين استمر لأحد عشر عاما .. أما المشروع الثاني فهو نشر جراثيم حقيقية فوق خليج تامبا (في عام 1955) لدراسة سرعة ومعدل الاصابة بين البشر!! * وفي عام 1968 قام عملاء المخابرات بحقن مواد كيميائية في أنابيب المياه (في واشنطن العاصمة) لدراسة الآثار المحتملة لأي عملية تخريبية من هذا النوع! * وفي عقد السبعينيات اعترف الجيش بسعيه لإيجاد أسلحة عرقية تستهدف عرقا بعينه (اعتمادا على أي تباين محتمل بين الأعراق البشرية) .. وفي عام 1978 نظمت وكالة الأغذية والعقاقير تجارب واسعة حول الفيروس الكبدي b اتضح في النهاية تركيزها على المشردين والفقراء فقط ! * وفي بداية الثمانينيات ظهر الإيدز ولاحظ الأطباء تشابه فيروس المرض hiv مع الفيروس الموجود لدى قردة التجارب الخضراء .. هذا التشابه عزز فرضية تسرب الايدز من مختبرات الجيش الأمريكي في ماريلاند خصوصا أنه كان محصورا ضد الشواذ فقط في بداية ظهوره.. * وفي عام 1994 قدم السيناتور جون روكفلر تقريرا يتضمن خمسين عاما من التجارب السرية التي قام بها الجيش الأمريكي على جنوده هو .. وبعد ذلك بعامين فقط اعترفت وزارة الدفاع بحقن جنودها بمواد كيميائية أنتجت في مختبراتها في هيوستن (وسببت ما يعرف بمتلازمة حرب الخليج)!!! * اما أول فضيحة ظهرت في القرن الواحد والعشرين فهي استعمال سلاح الجو الأمريكي عقاقير قوية تمنع الطيارين أثناء قصف أفغانستان من النوم أو فقد التركيز ( وهي قوية لدرجة حاجة الطيار إلى أخذ عقاقير مضادة بغرض النوم في الأيام التالية).. * أما آخر فضيحة فهي استعمال أمصال جديدة أثناء التحقيق مع نزلاء أبو غريب تفقد السجين قدرته على الكذب أو إخفاء الحقيقة !! بقي أن أشير الى أن هذه المعلومات تتضمن نسبة عالية من المصداقية كونها اعتمدت على اعتراف وزير الصحة الأمريكي (أمام الكونجرس عام 1977) بخصوص وجود 239 مدينة ملوثة في أمريكا بسبب التجارب التي قام بها الجيش والمخابرات الأمريكية .. كما اعتمدت أيضا على التقرير الذي قدمه الجيش الأمريكي نفسه الى الكونجرس عام 1986 واعترف فيه بامتلاكه أسلحة بيولوجية وجرثومية تم اختبارها على متطوعين من داخل وخارج البلاد! .. انتظروا عشر سنوات أخرى لتعرفوا ما فعلوه في العراق قبل خروجهم منه.. .. فهد عامر الأحمدي . جريدة الرياض 9 جمادي الأول 1433هـ الموافق 1 أبريل 2012م - العدد 15987 ..
تعليق بسيط هذا المقال يكشف لنا أن العالم الغربي لا يتواني في اي عمل حتى لو كان على حساب البشرية على حد سواء , وما فعلوه بقومهم الذي من جنسهم له أكبر دليل . وأتوقع من نظرتي الشخصية أن فيروسا( انفلونزا الطيور ) و ( انفلونزا الخنازير ) هي من صنع مختبراتهم , كما هو الحال مع فيروس ( الإيدز ) والمؤسف أن هناك من بني جنسنا من ذللوا أنفسهم ليكونوا عملاء لهم .. قد حذر البروفيسور جابر القحطاني من أخذ العقار المضاد لفيروس انفلونزا الطيور ؛ لإحتوائها على مادة الزئبق بنسبة عالية , وقد أرسل لي هذا التحذير من موقعه الذي كنت مشاركة فيه آنذاك ( هو الآن مقفل ) .. هناك كتاب بعنوان ( العالم من منظور غربي ) يكشف لنا ايضاً حقيقة هذه التجارب القذرة التي يقوم بها الجيش الأمريكي والجيوش الغربية الأخرى . .. بارك الله فيكم فواز بن ناصر |
التعديل الأخير تم بواسطة فواز بن ناصر ; 2012- 4- 1 الساعة 11:45 AM |
|
2012- 4- 2 | #40 |
مشرفة سابقة
|
رد: مجموعة : مقالات الكاتب "فهد عامر الاحمدي" بصحيفة الرياض [ يوميا ]
سياسة السرقة فهد عامر الأحمدي مرت حقب تاريخية كثيرة كانت فيها الدول "المحترمة" تسرق بعضها البعض بمعنى الكلمة.. وهذه الظاهرة يمكن تتبعها لأقدم تاريخ اخترعت فيه السياسة وتوسعت فيه الامبراطوريات على حساب الشعوب الأخرى.. فبعد اكتشاف أمريكا الجنوبية مثلا - وتغلغل إسبانيا والبرتغال فيها - صدرت الأوامر مباشرة بنهب كل ما خف وزنه وغلا ثمنه. ونتيجة لذلك أصبحت إسبانيا والبرتغال تتمتعان بمظاهر الرفاه الاقتصادي في حين كانت دول أوروبا الأخرى تعاني من ركود التجار وبطالة الأساطيل.. وأمر كهذا دعا كثيرا منها لتشجيع أعمال القرصنة على السفن الإسبانية مقابل المشاركة في المسروقات.. وبأخلاق مشابهة استطاعت روسيا في وقت لاحق سرقة الاحتياط الذهبي لإسبانيا بفضل خدعة محبوكة نفذها عملاء الشيوعية في مدريد أثناء انشغال إسبانيا بحربها الأهلية. وبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939 كانت دول البلطيق الثلاث تمتلك 24.2 طناً من الذهب تقدر قيمتها ب 270 مليون دولار. وحين نجحت موسكو في احتلال تلك الدول عام 1940 حاولت بشتى الوسائل الاستيلاء على تلك الأرصدة. وتحت الضغط سلمت السويد وسويسرا الأرصدة التي بحوزتهما إلى موسكو بينما امتنعت بريطانيا وفرنسا لأن في ذلك اعترافا ضمنيا بشرعية الاحتلال. ولكن يبدو أن بريطانيا اطمأنت إلى استقرار الوضع في الستينيات فباعت الذهب الذي بحوزتها بثمن بخس 5.8 ملايين دولار بحجة تعويض مواطنين بريطانيين فقدوا ممتلكاتهم في تلك الدول أثناء الحرب!! وبالطبع لا ننسى دور الدول الاستعمارية في السرقات الأممية.. فبريطانيا وفرنسا وهولندا أصيبت بنوبة سعار جعلتها تتنافس بشدة على إفراغ الشرق من كنوزه الرائعة.. وكانت ألمانيا من بين الدول الأوروبية القليلة التي تخلفت عن هذا المجال الأمر الذي جعل هتلر - حين أشعل الحرب العالمية الثانية - يأمر بتكوين فرق متخصصة كانت مهمتها نهب كل ما يمكن الحصول عليه من متاحف أوروبا وقصورها الفخمة.. وهكذا ما بين عامي 1941 - 1945 تراكمت في برلين كنوز وتحف لم تجتمع في غيرها من المدن خلال التاريخ! ولكن - وكما يحدث دائماً - دارت الأحداث دورة كاملة واستطاع الروس دخول برلين في سباق محموم بين الحلفاء لسرقة الكنوز.. المسروقة.. وبحكم الأسبقية نجحت الجيوش الروسية في وقت قياسي بنقل تلك النفائس الى موسكو في قطارات تجاوز طولها الميل.. ولأن تلك الكنوز لاتخص ألمانيا وحدها - ولأنها لم تظهر حتى اليوم - لم تكف الدول الأوروبية عن المطالبة بممتلكاتها الوطنية الموجوده في روسيا.. في حين تعامل الروس مع تلك المطالب "باذن من طين وأخرى من عجين"!! وفي زمن أكثر قربا لم تتحرج أمريكا من تجميد ومصادرة أرصدة ايران وليبيا بعد ثورة الخميني ضد الشاه ومقارعة القذافي للأساطيل الأمريكية إبان الثمانينيات.. أما آخر حلقة من السرقات الأممية فهو المماطلة في إعادة هذه الأموال بعد زوال القذافي وحجز اسرائيل لأموال الضرائب الفلسطينية ومنع تسليمها للسلطة الرسمية بحجة تقاربها مع حماس!! .. على أي حال أراني تحدثت حتى الآن عن الدول والحكومات "المحترمة" التي تسرق بعضها البعض.. ولكن يبقى هذا العمل "إنجازا شريفا" مقارنة بقدرة بعض الطغاة والمسؤولين المحليين على سرقة شعوب كاملة استأمنتهم على مقدراتها الوطنية.. نشر قبل 5 أيام |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
مقالات, الرياض, الكاتب, بصحيفة, يوميا, فهد عامر الاحمدي |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|