|
المستوى الأول - كلية الأداب ملتقى طلاب وطالبات المستوى الأول جميع تخصصات كلية الآداب التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل. |
|
أدوات الموضوع |
2010- 12- 25 | #31 |
أكـاديـمـي فـضـي
|
رد: إليكم ملزمة فقه السيرة و فيها التفاصيل التي يذكرها الدكتور في المحاضرة !!
يعطييك الف الف الف الف عآآآفيه لآني كنت محتاجتهآ بقوة
|
2010- 12- 27 | #32 |
أكـاديـمـي مـشـارك
|
رد: إليكم ملزمة فقه السيرة و فيها التفاصيل التي يذكرها الدكتور في المحاضرة !!
أبو إبراهيم ،،،، noofy english نورتو صفحتي ،،،،،، الله يوفقني و إياكم ! |
2010- 12- 28 | #33 |
أكـاديـمـي
|
رد: إليكم ملزمة فقه السيرة و فيها التفاصيل التي يذكرها الدكتور في المحاضرة !!
يعطيك العافيه يعني مايحتاج ارجع لاستماع المحاضرات
|
2010- 12- 28 | #34 |
أكـاديـمـي مـشـارك
|
رد: إليكم ملزمة فقه السيرة و فيها التفاصيل التي يذكرها الدكتور في المحاضرة !!
الله يعطيك العافيه أخووي
بسس ممكن ولا عليك كلافه تسووي نسخ وتلصقهاا لي هيناا لأنها ماافتحت معي الوورد له فترره مخبط |
2010- 12- 28 | #35 |
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
|
رد: إليكم ملزمة فقه السيرة و فيها التفاصيل التي يذكرها الدكتور في المحاضرة !!
مشكورررررررررر
|
2010- 12- 28 | #36 |
أكـاديـمـي مـشـارك
|
رد: إليكم ملزمة فقه السيرة و فيها التفاصيل التي يذكرها الدكتور في المحاضرة !!
انتوو اسمعووها ودوونو ع المحتووى بترسخ ع طوول واعتقد بعدها بس يبي لكم مراجعه سريعه
شكرا اخي |
2010- 12- 28 | #37 |
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
|
رد: إليكم ملزمة فقه السيرة و فيها التفاصيل التي يذكرها الدكتور في المحاضرة !!
جزاك الله خيـر
|
2010- 12- 28 | #38 |
أكـاديـمـي مـشـارك
|
رد: إليكم ملزمة فقه السيرة و فيها التفاصيل التي يذكرها الدكتور في المحاضرة !!
|
2010- 12- 28 | #39 | |
أكـاديـمـي مـشـارك
|
رد: إليكم ملزمة فقه السيرة و فيها التفاصيل التي يذكرها الدكتور في المحاضرة !!
اقتباس:
خيتي ،،، صعب إني أنسخ و ألصق الملزمة بالكامل هنا !!! فعشان كده حولتها لملف PDF و رفعتها على الميديا فاير ! اهو ،،، http://www.mediafire.com/?wthof61hgpm171w بالتوفيق و مذاكرة ممتعة !!! |
|
2010- 12- 28 | #40 |
صديقة مكتبة الملتقى
|
رد: إليكم ملزمة فقه السيرة و فيها التفاصيل التي يذكرها الدكتور في المحاضرة !!
[align=right]جزاك الله خير اخوي احمد
وبالتوفيق وسديمو ترى احتمال ما يفتح معها دائم عندها مشاكل واياه اسمح لي بسدحها لها بس بدون صور [/align] • فقه السيرة • وصف المقرر • محتوى المقرر 1.أهمية دراسة السيرة النبوية. 2.لمحة عن حياة العرب قبل الإسلام. 3.العهد المكي ويشتمل على: • الوحي. • مراحل الدعوة. • أساليب المخالفين للدعوة. • سنة الله في الابتلاء. • الهجرة للحبشة وفوائدها. • الإسراء والمعراج ودلالتهما. 4.العهد المدني ويشتمل على: • الهجرة؛ أسبابها؛ التخطيط لها؛ أهميتها في الدعوة؛ دور الشباب فيها. • أهم الغزوات. • أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم. • وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. • مصادر السيرة النبوية • القرآن الكريم. • آيات الأحكام. • وصف مراحل الدعوة. • ذكر مراحل التشريع. • ذكر الغزوات؛ كغزوة بدر في سورة الأنفال، وغزوة أحد في سورة آل عمران. 2.كتب الأحاديث النبوية إذ هي: ذكر أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وصفاته. 3.كتب السيرة النبوية؛ مثل: • سيرة ابن هشام. • تاريخ الرسل والملوك لابن جرير الطبري. • زاد المعاد في هدي خير العباد لابن قيم الجوزية. 4.كتب الأدب والشعر؛ وهذا مصدر تكميلي. • مصادر المادة • فقه السيرة؛ لمحمد سعيد رمضان البوطي. • السيرة النبوية؛ لمحمد محمد أبو شهبة. • فقه السيرة النبوية؛ لمنير محمد غضبان. • السيرة النبوية دروس وعبر؛ لمصطفى السباعي. • أهمية دراسة السيرة النبوية 1.التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر}. 2.استنتاج العبر والعظات التي تنطق بها السيرة النبوية. 3.رد الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم. 4.بيان حرص الصحابة رضي الله عنهم على نقل كل ما يتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم. المحاضرة الثانية لمحة عن حياة العرب قبل الإسلام موقع العرب الجغرافي : هناك خلاف بين العلماء في تحديد حدود الجزيرة العربية من جهة الشمال ، فمنهم من يقول أن بلاد الشام و العراق لا تدخل من ضمن حدودها . و منهم من يرى أن الشام و العراق تدخلان في هذه الحدود . قسمت الجزيرة في السابق إلى عدة أقسام ، الأول هو الحجاز الذي فيه مكة و المدينة ، ثم تهامة التي هي بين ساحل البحر الأحمر و بين جبال السروات الواقعة في الحجاز ، ثم اليمن ثم عمان ثم البحرين أو الأحساء أو الهجر ثم نجد في الوسط أو اليمامة . لا توجد أنهار في الجزيرة ، و هي قليلة المطر و بالتالي هي قليلة المرعى ، قليلة العشب ، فيها جبال السروات ، و هناك جبال في عمان و أيضا جهة حائل هناك جبال ، و كذلك جبل طويق الذي يمتد من نجران و يمتد شمالا إلى جهة الزلفي . خصائص جزيرة العرب 1.تقع في قلب العالم، ومكة هي مركز الكرة الأرضية. قال تعالى:{ وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها}. الشورى 7 سميت بأم القرى ، لأن القرى تكون تابعة لها أو لأنها أصل القرى أو لأنها مركز كل القرى 2.حرم الإسلام؛ فهي وقف على أهل الإسلام. قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « لأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لاَ أَدَعَ إِلاَّ مُسْلِمًا ». رواه مسلم و في حديث آخر للموطأ : ( لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ) و معنى الاجتماع هو أن تكون دولة للنصارى أو لليهود في جزيرة العرب . أو أن يكون لهم استقرار دائم . إذا يجب أن تكون الجزيرة خالصة للمسلمين و لا يجب أن يكون هناك أي نفوذ أو منطقة لهم في جزيرة العرب و لذلك لا يجوز بناء المعابد و الكنائس . 3.فيها أول بيت وضع للناس. قال تعالى:{ إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين}. آل عمران 96 ورد أن النبي سئل : ما هو أول مسجد وضع في الأرض ، قال : المسجد الحرام ، قيل : ثم أي ، قال : المسجد الأقصى ، فقيل : كم بينهما ؟ فقال : 40 سنة . 4.الإسلام حين يضطهد يأوي إلى جزيرة العرب. قال صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِى جُحْرِهَا ». رواه مسلم. و معنى يأرز هو يأوي . حالة العرب الدينية قبل الإسلام من بعد موت إسماعيل ( عليه السلام ) انتشر الشرك في الجزيرة و كانت النصرانية قد حرفت و بقي القليل من الحنفاء مثل : قس بن ساعدة الإيادي و ابن نفيل 1.الشرك بالله عز وجل؛ ومن صوره: • اتخاذ الأنداد ومحبتهم كحب الله.و من تلك الأنداد : الأصنام و الكواكب و الملائكة و الصالحين و الجن . و الخلل ليس في حبهم و لكن في حبهم لهم كحبهم لله . و الند في اللغة هو النظير . قال تعالى:{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله}. البقرة 165 • الشرك في الرخاء والإخلاص في الشدة. قال تعالى:{ فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون}. العنكبوت 65 • اتخاذ الشفعاء.و ذلك كي يكونوا وسطاء بينهم و بين الله عز و جل . فيتقربون إليهم بالذبح و النذر و الحلف و غيرها من صور العبادة . و قد نفى الله هذه الشفاعة و أثبت شفاعة النبي و الصالحين بشرط أن يأذن الله لهم،الرضا عن المشفوع قال تعالى:{ والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} الشورى 2 • الاستعاذة بالجن.الاستعاذة نوع من العبادة قال تعالى : ( إياك نعبد و إياك نستعين ) ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) ( فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) قال تعالى:{ وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا}. الجن 6 2.الإلحاد في أسماء الله عز وجل؛و الإلحاد في اللغة الميل ومن صوره: • نسبة الولد لله عز وجل. قال تعالى:{ ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون} النحل 57 • نسبة الشريك لله عز وجل. قال تعالى:{ وجعلوا لله شركاء الجن} الأنعام 100 • تحريف بعض أسماء الله عز وجل. قال تعالى:{ ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه} الأعراف 180 و من صور التحريف أنهم اشتقوا اللات من الإله و العزى من العزيز 3.تحريم ما أحل الله عز وجل. قال ابن عباس : من أراد أن يعرف الجاهلية فليقرأ سورة الأنعام قال تعالى:{قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله} الأنعام 140 أولا هم قتلوا أولادهم ، قال تعالى : ( فإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت ) و كان القتل بسبب الفقر و بسبب العار و هذا متعلق بالإناث . ثانيا : حرموا ما رزقهم الله ، ذلك بأنهم حرموا ما في بطون الأنعام 4.إنكار البعث. قال تعالى:{ زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى و ربي لتبعثن} التغابن 7 حالة العرب الاجتماعية قبل الإسلام قبل الدخول فيها نوضح ما يلي : العرب ينقسمون إلى قسمين : الأول : عدنان و هو من بني إسماعيل . الثاني : قحطان و هو من ولد هود عليه السلام . بعض العلماء يرى بأن عدنان و قحطان من نسل إبراهيم و يستدلون بـ أن النبي مر على بني بياضة و هم قبيلة من الأنصار فقال : ارموا بني إسماعيل فإن أباهم كان راميا . و من الثابت تاريخيا أن الأوس و الخزرج من قحطان . و النبي من نسل إسماعيل .و قحطان من اليمن و بعد انهيار سد مأرب توزعوا في جزيرة العرب ، فالأوس و الخزرج نزلوا في يثرب و طيء نزلوا في حائل و الغساسنة في الشام و المناذرة في العراق . بينما عدنان كانوا في مكة و توزعوا بعدها في سائر الجزيرة . الزواج؛ وكان النكاح عندهم على أربعة أنواع: • الزواج المعروف. • الاستبضاع.و هو أن يقول الرجل لزوجته اذهبي إلى فلان فيجامعك لعلك أن تحملي منه ، و كان ذلك بسبب الرغبة في نجابة الولد كأن يكون الشخص المرسل إليه شجاعا أو سيدا أو كريما . • دخول العشرة على المرأة الواحدة.و كانوا يدخلون خلف بعض ، تباعا ، فإذا حملت و ولدت أوتي بهم فقالت : هذا ابنك يا فلان ، فيلحق به . • البغايا.و كن ينصبن على بيوتهم رايات . و كان مما أخذه الرسول في البيعة على النساء ( و لا يزنين ) فقالت هند بنت عتبة : أوى تزني الحرة و كان معروفا عندهم أن تموت الحرة و لا تأكل بثدييها . يراجع حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري للفائدة. بعض أخلاق العرب الحسنة 1.الصدق؛ حيث كانوا يستقبحون الكذب. قال أبو سفيان رضي الله عنه: فَوَاللَّهِ لَوْلاَ الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَىَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ. رواه البخاري. 2.الشجاعة؛ حيث كانوا يستحون من الفرار وترك القتال. قول أبي موسى الأشعري رضي الله عنه لرجل من هوازن أراد قتاله فهرب: وَجَعَلْتُ أَقُولُ لَهُ أَلاَ تَسْتَحْيِى أَلَسْتَ عَرَبِيًّا أَلاَ تَثْبُتُ فَكَفَّ. رواه مسلم. و كان ذلك في غزوة حنين ضد هوازن . و عند هزيمتهم ذهب جزء منهم إلى أوطاس فأرسل الرسول إليهم ، أبا عامر الأشعري و أبو موسى . قتل أبو عامر و فر القاتل فلحقه أبو موسى فهرب منه . 3.الكرم؛ فقد كانوا يرون البخل من أعظم النقائص. قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَيِّدكُمْ يَا بَنِي سَلَمَة( و هم قبيلة من الأنصار ) ؟ قُلْنَا: الْجَدّ بْن قَيْس عَلَى أَنَّا نُبَخِّلُهُ. قَالَ: وَأَيُّ دَاء أَدْوَى مِنْ الْبُخْل؟ بَلْ سَيِّدُكُمْ عَمْرو بْن الْجَمُوح" وَكَانَ يُولِم عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَزَوَّجَ. رواه البخاري في الأدب. و قال الرسول : ( من كان يؤمن بالله و باليوم الآخر فاليكرم ضيفه ) بعض أخلاقهم السيئة 1.الحمية والعصبية الجاهلية. و قيل جاهلة لأنه توجد حمية و عصبية مطلوبة . فمتى ما كانت الحمية في الدين كانت واجبة . قال الرسول : ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما ، فقالوا يا رسول الله علمنا كيف ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما ؟ ، قال : أن تكفه أو تحبسه عن الظلم ) ، و قد كانت من صفات الرسول أنه لم يكن يغضب و لا ينتقم لنفسه . لكن إذا انتهكت محارم الله غضب و انتقم لله . قال تعالى:{ إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية }. الفتح 26 حيث أبوا أن يكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم و قالوا ( إننا لا نعرف الرحيم ) و بدلا منها طلوبوا أن يكتب ( باسمه تعالى) ، و ذلك في صلح الحديبية .وأبوا أن يكتبوا محمد رسول الله و بدلا من ذلك قالوا : ( يكتب اسمك و اسم أبيك ) أيضا في الحديبية . وأبوا أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة معتمرا.مع أنه لم يقدم لغزو و مكة ليست حكرا على قريش .فحملتهم عصبيتهم أن يقولوا كي لا يقال أنه دخل مكة بسبب ضعفهم ، فمنعوه . 2.التحاكم إلى الآراء والأهواء. قال تعالى:{ أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون}. المائدة 50 و كل حكم لا يستند إلى القرآن أو السنة فهو جاهلي ، سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل 3.التبرج. قال تعالى:{ وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} الأحزاب 33. معنى ( و قرن ) إلزمن . و من صور التبرج قيل أن المرأة كانت تكشف بعض شعرها أو بعض صدرها أو بعض رقبتها أو أنها كانت تمشي أمام الرجال و تتمايل في مشيتها .مع أنه كان في ذلك الوقت بعض من صور التستر أو التحفظ . 4.الظن السيء بالله عز وجل عند حدوث المصيبة. قال تعالى:{ يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية} آل عمران 15 المنافقين في غزوة أحد لأنه لما قتل ما قتل من المسلمين قالوا ( أي المنافقين ) : لو جلسوا ما قتلوا . و كلمة الجاهلية ذكرت في 4 مواضع في القرآن . حالة العرب الاقتصادية قبل الإسلام إقرار المغيرة بن شعبة رضي الله عنه لرستم بسوء عيش العرب وشدة فقرهم. و ذلك قبل موقعة القادسية . 1.التجارة؛ قال تعالى:{ لإيلاف قريش إلا فهم رحلة الشتاء والصيف}. الشام في الصيف و اليمن في الشتاء . 2.الزراعة؛ وكانت في المدينة و الهجر( الأحساء ) واليمامة(الرياض و ما حولها ) واليمن. و جدير بالذكر أن قريش كانت تأنف من الزراعة و ترى بأن الزارعة نقيصة من النقائص . 3.الصناعة؛ وكانت في اليمن. السيوف و الرماح و الثياب و الجلود . 4.السلب والنهب. و هذا غالب ما كانت عليه حياة البادية عندهم .و من ذلك فكرة الصعاليك حالة العرب السياسية قبل الإسلام 1.قسم يخضع للفرس؛ في اليمن، والشمال الشرقي دولة المناذرة. اليمن و العراق كان لهم نفوذ داخلي و لكنهم كانوا يخضعون في ولائهم لكسرى . 2.قسم يتبع الروم؛ دولة الغساسنة في الشمال الغربي. 3.قسم لا يخضع لأحد وهم العرب اللقاح. فقه معرفة خصائص جزيرة العرب ومعرفة حالة العرب قبل البعثة • سبب اختيار الله لجعل هذه الأرض مبعثا لخاتم رسله. 1.بعدها عن تأثير الملوك عليها. 2.تحصينها الجغرافي من حيث موقعها وصعوبة تضاريسها. 3.توسطها لتنطلق منها الرسالة إلى أنحاء المعمورة. و لذلك الفتوحات الإسلامية لم تمتد في جهة معينة ، إنما امتدت شرقا و غربا و شمالا . • سبب اختيار العرب 1.استقلال غالبيتهم سياسيا. 2.عدم تأثر بعض فطرهم؛ الصدق والأنفة والوفاء بالعهد. 3.تعودهم على خشونة العيش.الرسالة تحتاج إلى صبر و تحمل و عناء . 4.البقاء على ما يعتقده ولو أدى إلى إزهاق روحه . كبلال و سمية و عمار و ياسر . المحاضرة الثالثة العهد المكي: مبعثه صلى الله عليه وسلم • النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة • ولادته صلى الله عليه وسلم في أشرف بيوت قريش. الرسول من بني هاشم و بنو هاشم من بني عبد مناف بن قصي و يتصل نسبه إلى مضر إلى عدنان إلى إسماعيل عليه السلام و إسماعيل هو ابن إبراهيم عليه السلام . قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِى هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِى مِنْ بَنِى هَاشِمٍ ». رواه مسلم. • عرف بالنجابة منذ صغره، وبرجحان العقل، وبالأخلاق الحسنة؛ فكان يسمى بالصادق الأمين. • صيانة الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم ورعايته على عينه فقد عصمه عن كل ما يشينه.الأنبياء لهم رعاية خاصة من الله ، قال الله تعالى لموسى : ( و لتصنع على عيني ) • أمثلة ذلك: 1.عصمه الله عز وجل عن سماع ومشاهدة ما يحدث من اللهو في أعراس الكفار. 2.لما أراد أن يرفع إزاره على رقبته لكي يحمل الحجارة سقط مغشيا عليه فأفاق وطلب منهم أن يشدوا عليه إزاره.و ذلك عندما تهدمت الكعبة بفعل السيل فتعاونت قريش في البناء و كان عمره 35 سنة . فكان يحمل الحجارة مع أعمامه . 3.كان يرعى الغنم لأهل مكة. • الفقه المستفاد مما سبق 1.أن الله عز وجل يبعث الأنبياء في شرف من قومهم؛ وذلك ادعى لقبول رسالته، وامنع لهم من أن يعتدي عليهم معتد. و لذلك قال القوم لشعيب : ( و لو لا رهطك لرجمناك ) . و أيضا حينما أرادت قريش قتله اختاروا من كل قبيلة رجلا ، حتى يتوزع الدم فلا يستطيع بنو عبد مناف أن يقاتلوا جميع هذه القبائل فيرضوا بالدية . 2.أن الداعي كلما كان على استقامة منذ صغره وفي ريعان شبابه كان ادعى لنجاح دعوته ولقبول الناس له؛ والأنبياء عليهم الصلاة والسلام أكمل الناس في هذه الخصلة.و لذلك لم تطعن قريش في نسب الرسول أو في أخلاقه بل وصفوه بأنه شاعر و ساحر و كاهن و مجنون . 3.التمرن على الصبر والحلم وحسن الرعاية؛ وذلك حاصل عن رعي الغنم. • البعثة : بعث وعمره أربعون سنة وهي سن الكمال ولها تبعث الرسل، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكُثَ بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ. رواه البخاري. • ما حاجة الخلق إلى إرسال الرسل؟. • أنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا ينال رضا الله البتة إلا على أيديهم، فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه والعين إلى نورها والروح إلى حياتها، فيجب على كل من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته. • ما الغرض من بعث النبي صلى الله عليه وسلم؟. قبل إجابة هذا السؤال نجاوب على السؤال التالي : • ما حقيقة الدين الإسلامي وطبيعته؟. 1.إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد قال تعالى:{ يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون} [البقرة: 2. هداية الناس إلى الصراط المستقيم قال تعالى:{يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم} [الأحقاف: 3.إظهاره على جميع الأديان قال تعالى:{ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} [التوبة: أي تخضع الأرض كلها لله و الخضوع يكون إما بدخول الناس في الإسلام و إما بخضوعهم بأحكامه حتى إن لم يؤمنوا به مثل الإلتزام بدفع الدية ، فالدية تعتبر خضوعا لحكم الإسلام . إذن الغرض من بعثته صلى الله عليه وسلم هو تبليغ هذا الدين وإظهاره حتى تكون كلمة الله هي العليا، قال تعالى:{ هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله} [الفتح 28] اللام في كلمة ( ليظهره ) للتعليل ، أي لكي يظهره . • الوحي 1.الرؤيا؛ فكان لا يرى رؤيا إلا تحققت في الصباح، و ذلك قبل بعثته بستة أشهر. 2.حبب للنبي صلى الله عليه وسلم الخلاء.و كان ذلك قبل مبعثه بقليل . 3.تسليم الحجر عليه، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « إِنِّى لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّى لأَعْرِفُهُ الآنَ ». رواه مسلم. و في بعض الرويات الشجر . 4.نزول الوحي عليه في غار حراء. 5.الأمر بالإنذار{ يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر}. • الفقه المستفاد مما سبق ( أي من مراحل الوحي ) 1.سبب محبته صلى الله عليه وسلم للخلاء كراهية منه لما كان عليه قومه من الضلال المبين؛ وليقوى اتصاله بالله عز وجل، وكان هذا التحنث من بقايا دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام. 2.الحكمة من تدرج الوحي ليهدأ قلبه ويستعد لما بعده. • كيفية نزول جبريل عليه السلام بالوحي • عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضى الله عنها أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ رضى الله عنه سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْىُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « أَحْيَانًا يَأْتِينِى مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ - وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَىَّ - فَيُفْصَمُ عَنِّى وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِىَ الْمَلَكُ رَجُلاً فَيُكَلِّمُنِى فَأَعِى مَا يَقُولُ ». قَالَتْ عَائِشَةُ رضى الله عنها: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْىُ فِى الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا. رواه البخاري معنى ( صلصلة ) أي صوت ، معنى ( يفصم عنه ) أي يتركه . و كثيرا ما كان الوحي يتشكل في صورة دحية الكلبي رضي الله عنه ، كما في غزوة الأحزاب ، فإن الرسول حين انتهى من الغزوة و أراد أن يضع سلاحه ، فأتاه جبريل عليه السلام فقال : ( أوضعت سلاحك ؟ فإن الملائكة لم تضع سلاحها ) قال ( إلى أين ؟ ) قال ( إلى بني قريضة ) فخرج الرسول فمر على الصحابة فقال : هل رأيتم أحدا ؟ قالوا : نعم رأينا دحية مر من عندنا فقال : ذلك جبريل . • مراتب الوحي 1.الرؤيا الصادقة. و هي من الوحي . و رؤيا الأنبياء حق . 2.ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إنّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رَوْعِي أَنّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا فَاتّقُوا اللّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطّلَبِ ». رواه ابن أبي شيبة . معنى ( أجملوا ) أي اقتصدوا . 3.أن يتمثل له الملك رجلا فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول له. 4.أن يأتيه في مثل صلصلة الجرس وكان أشده عليه فيتلبس به الملك حتى إن جبينه ليتفصد عرقا في اليوم الشديد البرد، وحتى إن راحلته لتبرك به إلى الأرض إذا كان راكبها، ولقد جاء الوحي مرة كذلك وفخذه على فخذ زيد بن ثابت رضي الله عنه فثقلت عليه حتى كادت ترضها. ( ترضها ) أي تكسرها و تحطمها . 5.أن يرى الملك في صورته التي خلق عليها فيوحي إليه ما شاء الله أن يوحيه، وهذا وقع له مرتين كما ذكر الله ذلك في سورة النجم. قال تعالى ( و قد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ) 6.ما أوحاه الله وهو فوق السموات ليلة المعراج من فرض الصلاة وغيرها. 7.كلام الله له منه إليه بلا واسطة ملك؛ كما كلم الله موسى بن عمران عليه السلام وهذا وقع في حادثة الإسراء. • متى نزل الوحي؟ • نزل يوم الاثنين لحديث: سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ قَالَ: « ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهِ ». رواه مسلم. • واختلف في الشهر: • فقيل: في ربيع الأول في اليوم الثاني عشر. و هو يوم ولادته . • وقيل: في رمضان في اليوم السابع عشر؛ لعله هو الصحيح ، قال تعالى:{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس}. [البقرة 185] • كيفية نزول القرآن الكريم 1.نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا. قال تعالى:{ إنا أنزلناه في ليلة القدر}. 2.نزل من السماء الدنيا على نبينا صلى الله عليه وسلم متفرقا بحسب الحوادث والأسباب. • الفقه المستفاد من نزول القرآن متفرقا 1.تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{ وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك} [الفرقان 32] 2.تيسير حفظه وفهمه وتبليغه للناس؛ قال تعالى:{وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا} [الإسراء 106] . (فرقناه) أي أنزلناه متفرقا ، ( على مكث ) أي على تمهل . 3.التدرج في تربية الأمة دينيا وخلقيا واجتماعيا وعلميا؛ فعَِنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضى الله عنها قالت: إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنَ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلاَمِ نَزَلَ الْحَلاَلُ وَالْحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَىْءٍ لاَ تَشْرَبُوا الْخَمْرَ، لَقَالُوا: لاَ نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا، وَلَوْ نَزَلَ لاَ تَزْنُوا. لَقَالُوا: لاَ نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا. رواه البخاري . ( ثاب ) أي : رجع . 4.مجاراة الحوادث والنوازل وإجابة السائلين؛ قال تعالى:{ ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا}. [الفرقان 33] . غزوة بدر نزلت فيها سورة الأنفال ، أحد نزلت فيها سورة آل عمران ، غزوة بني المصطلق و ما صار فيها من حادثة الإفك نزلت في أول سورة النور . و حين سئل عن الخمر و الميسر أتى الجواب ( و يسئلونك عن الخمر و الميسر قل فيهما منافع للناس و إثم كبير ) ( و يسئلونك عن الألهة قل هي مواقيت للناس ) ( و يسئلونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير ) كما سألت قريش عن قصة أصحاب الكهف و عن قصة ملك حكم الأرض . 5.بيان إعجاز القرآن الكريم على أبلغ وجه وآكده فإنه مع نزوله متفرقا فهو مترابط الأجزاء منسجم الشكل في غاية الفصاحة والبلاغة. • أول ما نزل من القرآن:{ اقرأ باسم ربك الذي خلق}. • آخر ما نزل:{واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} [البقرة 281] قيل أنه مكث بعدها 7 ليال و قيل 11 ثم توفي عليه الصلاة و السلام . المحاضرة الرابعة الدعوة مراحل الدعوة • مرحلة النبوة.نزلت عليه ( إقرأ بإسم ربك الذي خلق 1 خلق الإنسان من علق 2 اقرأ و ربك الأكرم 3 الذي علم بالقلم 4 علم الإنسان ما لم يعلم 5 ) أوحي إليه فقط و لم يؤمر بالدعوة . • إنذار عشيرته الأقربين.نزلت عليه ( و أنذر عشيرتك الأقربين ) و هم بنو هاشم و سائر بطون قريش ، فإنهم أقرب الناس إليه نسبا . و لذلك كانت دعوته في مكة لم يخرج منها إلا مرة واحدة إلى الطائف ثم هاجر بعدها إلى المدينة المنورة . • إنذار العرب قاطبة.و تمثل ذلك في عرض النبي نفسه على القبائل في مواسم الحج و بعد أن هاجر إلى المدينة المنورة عن طريق دعوته للقبائل في جزيرة العرب سواء عن طريق إرسال الدعاة أو السرايا أو عن طريق الغزوات التي كان النبي يقودها بنفسه أو إرسال الرسل . • إنذار الناس جميعا.و قد بعث النبي رحمة للعالمين ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ) ( و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) تبين الآيات أنه أرسل إلى الناس كافة بل أرسل إلى الثقلين الجن و الإنس بالهدى و النور . أدوار الدعوة 1.الدعوة السرية. 2.الدعوة الجهرية. 3.الدعوة بالحجة والبيان دون القتال. 4.الدعوة بالحجة والبيان والسيف والسنان. الداعي يجب أن يرى ما هو مناسب للقوم الذين يدعوهم و على حسب حالهم يطبق عليهم أيا من الأدوار السابقة . و هي ليست على الترتيب بل على حسب حال القوم ، تماما مثل مراتب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، لأن رأس كل معروف هو الإيمان بالله عز و جل و دعوة الناس إلى الإيمان بالله ، و رأس المنكر هو الكفر و الشرك بالله و إنكاره و دعوة الناس لفعل هذا المنكر . الدعوة السرية بعث عليه الصلاة و السلام في مجتمع قد تغلغلت فيه الجاهلية و قد ألفوا عبادة الأوثان و دعوتها فالشرك قد نما في صدورهم حتى ظنوه هو الحق ، فالنبي أول ما أمر بالإنذار في ( يا أيها المدثر قم فأنذر ) بدأ بالدعوة السرية حتى لا يتصادم مع قريش في أول دعوته و لم يكن عنده أتباع فبدأ بدعوته السرية . 1.مدتها: ثلاث سنوات.كما ذكرها ابن القيم و غيره من أهل العلم . و بدأت من قول الله ( يا أيها المدثر قم فأنذر ) 2.أول من أسلم: بدأ سرا و لذلك كان من الطبيعي أن أول من يسلم هي خديجة بنت خويلد حيث كانت معه في البيت فتعرف أخلاقه و واضح بداية إيمانها به منذ أن أتى إليها و أخبرها بما رآه في الغار فقالت : كلا و الله لا يخزيك الله أبدا ثم ذكرت بقية ما ذكرت ، فهذا دليل على كونها أول من أسلمت سواء من النساء أو الرجال ، ثم اسلم علي ابن أبي طالب ، و سبب إسلامه أنه نشأ في بيت النبوة و ذلك أن النبي قال لعمه العباس أن أبا طالب رجل فقير و ذو عيال فلو أعناه على أخذ بعض بنيه ، فأخذ العباس جعفر و أخذ النبي علي فتربى في بيته ، و لذلك لما عرض عليه الإسلام قال : "أصبر حتى أشاور أبي" فخشي النبي من ذلك فقال : اكتم علي ، و بعدها أتى إلى النبي بعد يومين أو ثلاث أيام و تشهد بشهادة الحق . و أسلم أيضا أبا بكر الصديق و سبب دعوته له أنه كان صديقا للنبي صلى الله عليه و سلم و كان مقاربا لسن النبي فإن النبي يكبره بثلاث سنوات . فسبب دعوته له أولا بسبب اطمئنانه له و ثانيا أن أبا بكر كان محببا من قبل قريش مألوفا عندهم مخالطا لهم و كان ذو مال و كانت له صداقات كثيرة في مجتمع قريش ، فكسبه في الدعوة كسب عظيم ، و لذلك لما أسلم رضي الله عنه أسلم على يده ( عثمان بن عفان ، عبد الرحمن بن عوف ، سعد بن أبي وقاص ، طلحة بن عبيد الله ، بلال بن أبي رباح ، صهيب الرومي ، خباب بن الأرد ، عمار بن ياسر و أمه و أبيه ، سعيد بن زيد و زوجه فاطمة بنت الخطاب ) فهؤلاء أول من أسلم على اختلاف أهل العلم . أول من أسلم من الرجال هو أبو بكر الصديق و من النساء خديجة بنت خويلد و من الصبيان علي بن أبي طالب و أول من أسلم من الموالي هو زيد بن حارثة و قد تبناه الرسول حتى كان يسمى زيد بن محمد حتى نزل تحريم التبني . و أول من أسلم من العبيد هو بلال . نلاحظ أنهم قريبين من الرسول إما قرابة مصاهرة كخديجة و إما قرابة نسب كعلي و إما قرابة لكون تربى في بيته كزيد بن حارثة و إما صداقة كأبي بكر . نلاحظ مما سبق أن الإنسان حين يبدأ بالدعوة يبدأ بالناس القريبين من حوله و من يجد عندهم قبول o التنوع في القبائل. حيث أننا نجد أن علي من بني هاشم و نجد أن أبا بكر من تيب و عثمان من بني أمية و عبد الرحمن بن عوف من بني زهرة و كذلك سعد بن أبي وقاص ، و نجد سعيد بن زيد من بني عدي و أبا سلمة من بني مخزوم و غيرهم كانوا متنوعين في سائر قبال قريش مما يدل أن دعوة الرسول لم تكن محصورة في قبيلة معينة أو طائفة محددة حتى لا يظن أنها بعثت لهذه الطائفة ، هذه حكمة و هنالك حكمة أخرى و هي أن التنوع هذا يعطي قوة للدعوة لأنه لو انحصر الإسلام في قبيلة معينة لنازعته سائر قبائل قريش فلم تستطع هذه القبيلة مقاومة سائر القبائل و لكن حين يكون الإسلام في كل قبيلة فإنه يكون هنالك نوع من التوازن . o التنوع في الأشخاص. فخديجة من النساء و علي الصبيان و أبو بكر من الرجال و بلال من العبيد و زيد بن حارثة من الموالي مما يدل على أن الإسلام لجميع الأجناس فلا يميز طبقة عن طبقة و لا يميز ذكر على أنثى و لا يميز أبيض على أسود و لا حر على عبد و إنما هو لجميع طبقات المجتمع ، لذلك أكثر ما يرغب في الدين الإسلامي مساواته بين الناس و الدليل على ذلك الصلاة فيقف فيها الكل صفا واحدا جنبا إلى جنب و مثل ذلك يظهر في الحج . 3.تخير رسول الله صلى الله عليه وسلم من يدعوه للإسلام. فقد كان عليه الصلاة و السلام لا يختار أي شخص لدعوته و ذلك حفاظا على نجاح الدعوة قال ابن إسحاق:“ وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر جميع ما أنعم الله به عليه وعلى العباد من النبوة سرا إلى من يطمئن إليه من أهله“. أمثلة : دعوته لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. فقد تربى في بيته و قد اطمئن له النبي أنه لن يفشو سره حتى لو لم يسلم . دعوته لأبي بكر رضي الله عنه. كان صديقا له ، صداقته للنبي جعلت النبي يطمئن إلى أنه لن يفشو سره حتى و لو لم يسلم . و كان من عادة العرب الوفاء بالعهد ، فإذا طلب منه النبي أن لا يفشو سرا فلن يفعل . قال صلى الله عليه و سلم : " ما دعوت أحدا إلا و وجدت عنده ترددا ، إلا أبا بكر " . و قد أسلم على يديه الكثير و قد دعم الدعوة بنفسه و بماله فاشترى عدد من العبيد و أعتقهم و قد قال له أبوه أبو قحافة " يا بني لو إنك اشتريت عبيدا ذا قوة حتى ينفعوك قال : إني أبتغي ما عند الله " فأنزل الله عز و جل ( و سيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى * و ما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى * و لنعطيه و لسوف يرضى ) . و لذلك قال النبي في آخر حياته : ما من أحد أسدى إلينا معروفا إلا كافأناه إلا أبا بكر فإن الله يجازيه . 4.الاجتماع في دار الأرقم بن أبي الأرقم. فقد أسلم قديما على يد النبي و هو من بني مخزوم فكانت داره مكان اجتماع المسلمين ، و كان من الضروري أن يجتمع النبي بأصحابه حتى يعلمهم القرآن و يدارسهم ، يفقههم في الدين ، يواسيهم ، يصبرهم . و في هذه الفترة لم تحدث مشاحنات بين الرسول و بين قريش لأنه كان يدعو سرا ، و لم ترى قريش في أول الدعوة أي تأثير على سيادتها و على ما يملكه كل سيد من امتيازات في مجتمع قريش . الدعوة الجهرية 1.الصدع بالدعوة.أي الجهر بالدعوة . قال تعالى:{ فأصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين} الحجر 94 دعوة الرسول تصادم دين قريش في كل شيء ، عندهم الشرك و هنا التوحيد فلا يجتمعا فلابد من وقوع المصادمة بين النبي و بين سائر قريش و هذا أمر جرت عليه سنن المرسلين . 2.بداية الظهور. و قد مرت بمرحلتين : الأولى قبل إسلام حمزة و عمر خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثمانية وثلاثون من صحابته إلى المسجد فأعلنوا دعوتهم. و ذلك أن أبا بكر طلب من النبي أن يخرجوا فقال الرسول " إني أخشى عليكم " فألح عليه الصديق فخرجوا فلما جلسوا في المسجد قام أبو بكر خطيبا يدعو الناس إلى الإيمان بالرسول فثارت قريش فضربوا الصديق و ضربوا من معه حتى أن النبي أغمي عليه فجاء بنو تيم حتى انتزعوه من قريش لأن عتبة بن ربيعة برك على صدر الصديق و أخذ يضربه بنعليه حتى أغمي عليه . فلما أفاق قال: ما فعل رسول الله ؟ فقالت أمه : " كل و أشرب فقال: و الله لا أكل شيئا و لا أشرب حتى أعلم ما صنع رسول الله ، فحمل إلى الرسول فلما اطمئن أن النبي لم يصبه شيء اطمئنت نفسه . خرج مع صحابته ومعهم حمزة وعمر رضي الله عنهما. و سبب إسلام حمزة أنه كان في بداية دعوته فتى من فتيان قريش همه الصيد فكان يخرج إلى الصيد فإذا رجع آخر النهار طاف بالبيت ثم رجع إلى بيته ، فجاء في يوم إلى البيت فأخبرته 3.المواجهة مع قريش. أ-تسفيه العقول: قال تعالى:{ ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون}. المائدة 103 البحيرة و السائبة و الوصيلة و الحام هي من بهيمة الأنعام و لم يحرم الله أكلها ، لكن الكفار حرموها على أنفسهم من تلقاء أنفسهم فعابهم الله تعالى على ذلك ، و كلمة لا يعقلون تسفيه لعقول الكفار ، لأن التحليل و التحريم من عند الله تعالى . قال تعالى:{ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون}. العنكبوت 63 و هنا تقرير منهم بتوحيد الربوبية ، ( قل الحمد لله ) أي يا محمد على هذه العقول فالذي يحي بعد الإماتة هو المستحق أن يفرد بالعبادة ، إذا كيف تقرون أنه هو من يحي الأرض و يرزق و لا توحدونه بالعبادة ، و يجب عليكم أن تتوجهوا بالدعاء إلى الله في كل ما تحتاجونه ، و لكنهم لسفاهة عقولهم عبدوا غير الله . ب-تسفيه الآباء: قال تعالى:{ وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون}. البقرة 170 أي إذا دعاهم الرسول إلى التوحيد قالوا : بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا ، و إذا ما كان آبائكم على ضلال هل تتبعونهم ؟ و لذلك أكثر ما يضل الناس بسبب تقليد الآباء أو تقليد الأشخاص الكبار ، و ينبغي على الشخص أن يجرد الحق ، فإذا كانت الدعوة صالحة يتبعها و إذا كانت فاسدة يتركها ، و لا ينظر ما عليه آبائه أو مجتمعه فإنهم لن يغنوا شيئا عند الله ، و حين بدأ الرسول بالدعوة عادته قريش كما قال عروة فإن النبي حين بدأ بالدعوة لم تتعرض له قريش ، لكن لما صادمهم و سفه عقولهم و سفه آبائهم بادؤوه بالعداوة و الإضطهاد . 4.اضطهاد قريش للمسلمين: السب. الضرب. حصل لخباب من الأرق و بلال و عمار و أبوه ياسر و أمه سمية . القتل. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كَانَ الإِسْلاَمُ قَلِيلاً فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِى دِينِهِ إِمَّا قَتَلُوهُ وَإِمَّا يُعَذِّبُوهُ حَتَّى كَثُرَ الإِسْلاَمُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ. رواه البخاري. المقصود أن قريش عادت المسلمين بالسب و الضرب و القتل و لكن النبي عصمه الله تعالى حيث منعه عمه أبو طالب ، و من كان ممن أسلم له قوم فإنهم منعوه ، و إن كان الرسول وصله السب و الشتم و الضرب و لكن لم يصل إلى القتل لأنه منعته قبيلته و على رأسهم أبو طالب ، أما المستضعفين ممن لم يكن لديهم قوم فإنهم قتلوا مثل ياسر و سمية رضي الله عنهما . 5.النهي عن القتال. o عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبي الله كنا في عز ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة، فقال: « إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم » فلما حوله إلى المدينة أمره بالقتال. رواه الحاكم في المستدرك. حين كان المسلمون قليلون في مكة كان النبي ينهاهم عن القتال ، و الفقه المستفاد من ذلك أنه لو حصل قتال لفنيت و لقضي على هذه الدعوة لأن أصحابه كانوا قلة قليلة جدا في وسط هذا المجتمع الكافر ، و من الفقه المستفاد أن الداعي في دعوته عليه أن يراعي الظروف فإن لم يكن باستطاعته أن يتواجه مع أعداءه بالقتال فإنه يلزم الدعوة بالحجة و البيان فيجادلهم و لكن لا يصل إلى قتالهم . و نستفيد شيئا آخر و هو تعويد الصحابة على الصبر ، فمن يقرأ في تاريخ العرب يجد أن العربي يثور لأتفه سبب إذا وجد في الأمر رائحة المهانة ثار و ضرب و قاتل فلما جاء الإسلام أمرهم بالصبر حتى تعتاد النفس على الصبر و يستقرء الإنسان الأمور قبل أن يرد . و لا يكون رده شهوة و هوى و تعصب للنفس ، و لكن يجب أن يكون الرد فيه خير له و لغيره . و يرد الأمور إلى ميزان العقل و الدين . 6.نشر الدعوة خارج مكة. قصة أبي ذر رضي الله عنه. رواها البخاري وغيره ملخص القصة أن أبا ذر قدم مكة فأسلم للنبي ، ثم طلب منه النبي أن يذهب إلى قومه و يدعوهم إلى الإسلام ، وذلك لسببين الأول ، خوف النبي عليه الثاني ، استغلال أبي ذر في دعوة قومه ، فإنه حين ذهب إلى قومه أسلم نصفهم و صبر حتى هاجر النبي إلى مكة فأسلم بقية قومه ، فبقاء أبي ذر في مكة لم يعدل فائدة دعوته لقومه ، و نستفيد هنا أنه ينبغى على الداعي أنه إذا استطاع أن ينشر الدعوة في خارج المحيط الذي هو فيه عن طريق الأشخاص الذين يأتون إليه يجب عليه أن يستغل هذه الدعوة و خاصة إذا كان من يرسله إليهم من قومهم . قصة الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه. رواها الحاكم في المستدرك الطفيل قدم إلى مكة و كان سيدا مطاعا في بني دوس ، فلما أتى إلى مكة حذره كبار قريش من أن يسمع من النبي ، فقال : حتى هممت أن اضع في أذني القطن حتى لا أسمع كلام النبي ، لكن يأبى الله إلا أن يلقي في قلبي الإيمان ، فلما رآه النبي قرب منه فسمع كلام النبي و سمع القرآن فآمن ثم استأذن النبي أن يذهب إلى قومه فيدعوهم ، فدعاهم و استمر في دعوتهم إلى أن فتحت خيبر فجاء إلى خيبر بنصف دوس . أساليب الدعوة كان النبي صلى الله عليه وسلم ينوع في دعوته : 1.الدعوة الجماعية. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) صَعِدَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِى: « يَا بَنِى فِهْرٍ يَا بَنِى عَدِىٍّ ». لِبُطُونِ قُرَيْشٍ حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ فَقَالَ: « أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِالْوَادِى تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِىَّ ». قَالُوا: نَعَمْ مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلاَّ صِدْقًا. قَالَ: « فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَنَزَلَتْ: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ). متفق عليه. فالنبي دعا قريش كلهم بقوله ( يا بني فهر ) و فهر هو جد قريش ، ثم جعل يعدد بطون قريش يا بني عدي يا بني تيم يا بني سهم يا بني مخزوم يا بني عبد مناف و هكذا ، حتى اجتمعوا عليه ، و نستفيد هنا أن قريش لم تكن تكذب الرسول في أمر . 2.الدعوة الفردية. روى البيهقي في الدلائل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جهل: « يا أبا الحكم هلم إلى الله عز وجل وإلى رسوله أدعوك إلى الله » قال أبو جهل: يا محمد هل أنت منته عن سب آلهتنا؟ هل تريد إلا أن نشهد أن قد بلغت، فنحن نشهد أن قد بلغت، فو الله لو أني أعلم أن ما تقول حق لاتبعتك. فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاستغل النبي لقائه بأبي جهل و هو من أشد أعداءه و مع ذلك لم تمنع العداوة من الدعوة و لم تمنعه من أن يدعوه ( بأبي الحكم ) تلطفا معه و رغبة في تليين قلبه . و قوله ( فوالله لو أني أعلم أن ما تقول حق ) ، فهو كاذب في كلامه فهو يعلم أن ما يقوله النبي هو الحق و لكن منعه الجحود الاستنكار 3.استعمال الترغيب والترهيب. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قال أَبُو طَالِبٍ للنبي صلى الله عليه وسلم وعنده قريش: يَا ابْنَ أَخِى مَا تُرِيدُ مِنْ قَوْمِكَ قَالَ: « إِنِّى أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ وَتُؤَدِّى إِلَيْهِمُ الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ ». قَالَ: كَلِمَةً وَاحِدَةً قَالَ: « كَلِمَةً وَاحِدَةً » قَالَ: « يَا عَمِّ قُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ». فَقَالُوا: إِلَهًا وَاحِدًا مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِى الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ قَالَ: فَنَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ (ص وَالْقُرْآنِ ذِى الذِّكْرِ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِى عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ) إِلَى قَوْلِهِ ( مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِى الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ ). رواه الترمذي فالنبي هنا رغبهم بالملك العظيم بحيث أن الجزيرة كلها تكون خاضعة لكم و العجم يؤودون إليكم الجزية . قال صلى الله عليه وسلم: « تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ ». رواه الإمام أحمد. ملخص القصة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يطوف بالكعبة و كان حول الكعبة صناديد قريش كأبي جهل و عتبة ابن ربيعة و عقبة بن أبي المعيض و النظر بن الحارث و الوليد بن عتبة بن ربيعة و أمية ابن خلف فمر بهم الرسول فغمزوه فسمعهم و استاء لذلك ، و مر بهم مرة أخرى فغمزوه فاستاء لذلك ، ثم مر بهم مرة ثالثة فغمزوه فقال لهم هذا الكلام ( جئتكم بالذبح ) فخافوا حتى أن أشدهم عداوة له تلطف مع و قال ( انطلق يا أبا القاسم ) 4.الصلاة عند الكعبة. نستفيد هنا أن النبي كان يدعو عمليا إلى الإسلام ، فيراه الغريب أو ترى قريش هذه الصلاة فتعجب لصلاته فيؤدي ذلك إلى الرغبة في معرفة الإسلام ، فهي دعوة عملية ، و استفاد العلماء أن افضل الصلاة الصلاة في البيوت و ذلك إذا كانت غير المكتوبة حتى يعرف صغار السن كيف تكون الصلاة فتكون دعوة لهم ، و ايضا نستفيد أننا إذا كنا في بلاد الكفار و حان وقت الصلاة أن لا نخجل من الصلاة أمامهم بل نصلي أمامهم حتى يسألوا عن هذا الدين فيكون فتح للدعوة . عن طريق عرض الصلاة و غيرها من شعائر الدين . 5.قراءة القرآن. قرأ سورة النجم علانية في المسجد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ فَسَجَدَ بِهَا فَمَا بَقِىَ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلاَّ سَجَدَ فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَاب فَرَفَعَهُ إِلَى وَجْهِهِ وَقَالَ يَكْفِينِى هَذَا، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا. رواه البخاري كان ذلك في مكة ، أما المسلمون فسجدوا طاعة لله و أما الكفار فإعجابا بالقرآن الكريم ، و هذا باب من أبواب الدعوة و هو قراءة القرآن أمام الملأ . قرأ القرآن على الوليد بن المغيرة. رواه الحاكم في المستدرك. حتى كاد الوليد أن يسلم فرق له رقة شديدة إلا أن الشقاوة غلبت عليه و قرأ الرسول على غير الوليد كالطفيل بن عمرو و ضماد فأسلم الطفيل و أسلم ضماد فالبعض كان يسلم بمجرد أن يسمع القرآن مكانه . 6.المحاورة مع قريش. o محاورة جماعية. أن قريشا اجتمعت عند غروب الشمس و أرسلوا إلى النبي يدعونه حتى يأتيهم ، فخرج النبي إليهم مسرعا رجاء إسلامهم ، فلما أتى عرضوا عليه و قالوا إن كنت تريد ملكما ملكناك و إن كنت تريد مالا أعطيناك و إن كان بك مس من جن عالجناك ، فقال : ما جئتكم أطلب ملكا و لا أطلب شرفا و لا مالا و إنما جئتكم حتى تؤمنوا بالله و رسوله فتدخلوا الجنة و تنجوا من النار . وورد أنهم طلبوا من النبي عدة أمور تنتعا أن يفجر لهم الأرض ينبوعا أو يرسل عليهم من السماء كتاب أو ينزل عليهم الملائكة أو أن يحول لهم الجبال ذهبا و غيرها من الأمور التي طلبوها تنعتا .و قد خاف الرسول عليهم من تلبية رغباتهم ، لأنه ما طلب قوم هذه الأشياء و لم يسلموا إلا أهلكهم الله عز و جل ، فصبر النبي رجاء أن يسلموا أو رجاء أن يسلم من في ظهورهم . و منهم من أسلم كعبد الله بن أبي أمية فإنه أسلم عام الفتح و كان حاضرا لهذا الاجتماع و كان ممن طلب من النبي هذه الطلبات ، فمن الله عليه فأسلم قبل الفتح . o محاورة فردية. أتى إلى النبي عتبة بن ربيعة فعرض عليه نفس ما حصل في المحاورة الجماعية فقال النبي لعتبة لما سكت : أتسمع مني ، قال : نعم ، فقال : اسمع يا أبا الوليد فقرأ عليه سورة فصلت فاستمع له حتى انتهى النبي ، فسجد النبي عند السجدة ثم قال لعتبة قد سمعت و أنت و شأنك . فأثرت هذه القراءة على عتبة حتى قال لقريش : دعوه و شأنه فإن نصره الله على العرب فأنتم أهله عزه عزكم و ملكه ملككم ، و إن كانت الأخرى فقد كفيتموه . و لكنهم لم يأخذوا بكلام عتبة و لم يؤمن عتبة لأن الله كتب عليه الشقاء . 7.تألف الكفار. قصته مع الغلام اليهودي. رواها البخاري. كان غلام يهودي يخدم الرسول ، فمرض ، فزاره الرسول في مرضه و قال له : قل لا إله إلا الله ، فنظر الغلام إلى أبيه ، فقال له : أطع أبا القاسم ، فتشهد فمات ، فقال الرسول : الحمد لله الذي أنقذه من النار . قصة المشركة صاحبة المزادتين. رواها مسلم. أن النبي أصبح ذات يوم و مع ألف و اربع مائة أو أكثر من صحابته و ليس عندهم ماء ، فطلب الرسول من بعضهم أن يبحثوا عن ماء ، فوجدوا امرأة معها مزادتين – أي قربتين – فانطلقوا بها إلى الرسول فأخذ النبي ما معها من الماء فوضعه في إناء و أدخل يديه الشريفة في الماء فدعا و سمى فنبع الماء من أصابعه فملأ هذا الجيش أوعيتهم و قربهم و شربوا ، ثم أعاد الماء إلى المزادتين كأن لم تنقصا ، ثم أمر الصحابة أن يجمعوا لها ، فجمعوا لها من العيش و التمر و غير ذلك و ملأوا لها نطعا فحمله النبي فحملوه إلى دابتها ، فانطلقت إلى قومها ، فلما وصلت قالت : يا قوم لقد رأيت عجبا ، إما أن يكون هذا الرجل أسحر الناس و إما أن يكون نبيا ، فالنبي تألف بهذه المرأة بأن أعطاها هذا الأكل لعل الله أن يهديها إلى الإسلام و كان الصحابة لا يعترضون لها و لا لأهلها بل يتركونهم ، فقالت لهم ذات يوم : إني أرى هؤلاء لا يغيرون عليكم ، فأطاعوها فأسلموا ، فكان هذا المعروف سببا في إسلامها و إسلام قومها . الأعرابي الذي أعطاه غنما. رواها مسلم. إن رجلا قدم إلى الرسول فأعطاه النبي غنما بين جبلين ، فذهب إلى قومه و قال يا قوم : أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة – أي الفقر - . عفوه عن قريش يوم الفتح. عندما قال اذهبوا فأنتم الطلقاء . فكان سببا في إسلامهم . عفوه عن الأعرابي الذي هم بقتله. متفق عليها كان النبي جالسا تحت ظل شجرة نائما و سيفه معلق فأتى إعرابي فأخذ السيف فسنه ، فقال للنبي : من يمنعك مني ، قال : الله ، فسقط السيف من يد الإعرابي فأخذه النبي فقال : من يمنعك مني ؟ ، قال : كن خير آخذ . فتركه النبي و لم يتعرض له ، و اختلفت الرويات البعض قال أنه أسلم و البعض قال لم يسلم لكنه عاهد النبي أن لا يكون مع جيش يحارب النبي . و هذا أسلوب من أساليب الدعوة أنه يعفو عمن يعتدي عليه . 8.الدعاء. الدعاء عليهم؛ قال البخاري في صحيحه في كتاب الجهاد: باب الدُّعَاءِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِالْهَزِيمَةِ وَالزَّلْزَلَةِ. إن كان الكافر يحارب المسلمين من جميع الإتجاهات فهذا يدعى عليه ، فإن كانوا لا يعادون أهل الإسلام فهؤلاء يدعى لهم لعل الله أن يهديهم إلى الإسلام . الدعاء لهم؛ قال البخاري في صحيحه في كتاب الجهاد: باب الدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ بِالْهُدَى لِيَتَأَلَّفَهُمْ. أ - قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ ». متفق عليه. فأسلموا بسبب دعوته .و هذه دعوى جماعية . ب-قَالَ صلى الله عليه وسلم:« اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ بِأَبِى جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ». رواه الترمذي. و هنا نستفيد ، الحرص على دعوة من فيه مصلحة و منفعة للمسلمين كأن يكون قويا جسديا أو ماليا أو وجيها و غير ذلك ، و ذلك بالرغم من معاداتهما لهم . المحاضرة الخامسة إنذار العرب قاطبة • رحلته إلى الطائف: o حدثت في السنة العاشرة بعد وفاة خديجة رضي الله عنها، وأبي طالب. اشتد أذى قريش للنبي ، حدثت الرحلة إلى الطائف بعد وفاتهما . o ملخص القصة. أن النبي خرج من مكة إلى الطائف و قيل معه زيد بن حارثة مولاه ، فأتى إلى الطائف و التقى بثلاث من سادة ثقيف ، فجلس إليهم و كلمهم و دعاهم إلى التوحيد ، فردوا عليه أقبح رد ، فقال أحدهم : هو يمزق ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك ، و قال الآخر : لم يجد الله أحدا غيرك حتى يرسله ، و قال الثالث : و الله لا أكلمك أبدا فإن كنت حقا رسولا فإن شأنك عظيم و إن كنت كاذبا فلا أكلم من يكذب فقال النبي : أما إذ لم تسلموا و لم تتبعوا فاكتموا عليا ، لأنه خشي أن يبلغ ذلك قريشا فيزيدوا أذاهم ، و لكنهم لم يتركوه و إنما سلطوا عليه سفهائهم فضربوا النبي و رموه بالحجارة حتى أدموا عقبيه ، فاضطروه إلى أن يلجأ إلى حائط – أي مزرعة – لعتبة و شيبة بن ربيعة ، فلما رأياه أدركتهما الرحم فأرسل إليه عنقودا من عنب فأكل منه ، فلما انتهى دعا بدعاء . ثبت هذه الرواية في الصحيح من حديث عائشة ، حين سألت عائشة : هل جاء عليك يوم أشد من أحد ؟ ، قال : حين عرضت على قومك ما عرضت ، و يقصد بذلك ما فعله في الطائف و عرضه على سادة ثقيف . فقه هذه الرحلة: 1.على الداعي إيجاد مركز جديد لدعوته. فالنبي حين اشتد عليه أذى قريش من بعد موت عمه أبي طالب لجأ إلى ثقيف ، و يوجد علاقة مصاهرة بين قريش و بين ثقيف . فحرص النبي أن يوجد مركز جديد للدعوة . 2.اختيار النبي صلى الله عليه وسلم في بدء دعوته لثقيف أن يدعو سادة ثقيف. لأن العامة تبع لسادتهم ، فإن آمن هؤلاء السادة تبعهم – في الغالب – عوامهم فحرص النبي أن يدعو السادة . و حتى موسى و هارون فقد أمرهم الله أن يدعوا فرعون ، ليس معنى ذلك أن يترك الضعفاء و لكن يركز على السادة و أصحاب النفوذ . 3.اللجوء إلى الله عز وجل. اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس؛ يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي؛ إلى من تكلني! إلى بعيد يتجهمني، أو إلى عدو ملكته أمري؛ إن لم يكن بك على غضب فلا أبالي! ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن ينزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، لا حول ولا قوة إلا بك. هذا الدعاء الذي دعا به الرسول ، و نجد فيه أنه شكا إلى الله ضعف القوة و قلة الحيلة و الهوان على الناس و لم يشكو لغيره ، و هذا من كمال توحيده صلى الله عليه و سلم ، و دعا الله بأسماءه و صفاته و بتوحيد الربوبية ، ثم ذكر من كماله أنه إنما يطلب رضا الله في هذا الأمر و يتجنب غضب الله عز و جل ، لذلك قال : فإن لم يكن بك غضب عليا فلا أبالي ثم قال : لك العتبى حتى ترضى . فالمقصود من هذا الدعاء هو رضا الله . ثم قال : لا حول و لا قوة إلا بك ، فالمرجع و القوة و الحول كله إنما يكون لله عز و جل . 4.مكافأة صاحب المعروف وإن كان كافرا. و سبب ذلك أنه حين رجع النبي من الطائف إلى مكة و خشي أن تناله قريش بأذى أو أن تمنعه من دخول مكة فيحدث بذلك اصطدام بينهم و بين المسلمين ، حينها عرض النبي على بعض الكفار الجيرة حتى يدخل مكة ، فعرض على الأخنس بن شريق فأبى ، و عرض على صهيب بن عمروا فأبى ، ثم عرض على المطعم بن عدي فأجاره ، فلبس المطعم السلاح و أبناءه كذلك فدخل النبي في جوار المطعم فدخل مكة حتى طاف بالبيت ، و قالت قريش للمطعم : لا يخفر جوارك . و لم يكن أحد يسدي إلى النبي معروفا إلا و كافأه النبي ، و حتى و إن بعد العهد ، فقد حدثت هذه القصة في السنة العاشرة للدعوة ، فبعد تقريبا 4 سنوات لم ينسى النبي معروف المطعم ، و لذلك قال النبي : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِى أُسَارَى بَدْرٍ: « لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِىٍّ حَيًّا ، ثُمَّ كَلَّمَنِى فِى هَؤُلاَءِ النَّتْنَى ، لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ ». رواه البخاري . لكن المطعم مات بعد هجرة النبي ، فمات على الشرك . و نستفيد من ذلك حرص النبي على مكافأة من أسدى إليه معروفا و الثاني حرصه على عدم الاصطدام بقريش ، فإنه لو دخل مكة و منعته قريش من الدخول فإنه سيترتب على ذلك أن المسلمين في مكة سيفزعون للنبي و سيؤدي ذلك إلى قتل المسلمين . 5.بيان رحمته وكمال شفقته على قومه وحرصه على هدايتهم. قَالَ فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَىَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِى رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِى بِأَمْرِكَ فَمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ». رواه مسلم عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على قبائل العرب فقد عرض النبي نفسه على عدة قبائل مثل : بني عامر و بني عبس و كندة و على بكر بن وائل و بني حنيفة و غيرهم . و الأوس و الخرج فأسلموا . 1.سبب العرض؛ هو الحرص على تبليغ كلمة التوحيد؛ « أَلاَ رَجَلٌ يَحْمِلُنِى إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِى أَنْ أُبَلِّغَ كَلاَمَ رَبِّى ». رواه ابن ماجه. 2.التأكيد على أن من بذل نفسه لحماية هذه الدعوة أن تكون نيته خالصة لله عز وجل فلا طمع في رئاسة أو دنيا. بعض القبائل طمعت في الرئاسة من ذلك ما يلي : قال له بنو عامر: أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من يخالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟، قال صلى الله عليه وسلم: « الأمر لله يضعه حيث يشاء ». و ورد أن كندة قامت بعرض نفس هذا الأمر على النبي . 3.لتحقيق تبليغ الدعوة يشترط في القبيلة أن تتولى حماية هذه الدعوة من جميع الناس. قوله صلى الله عليه وسلم لبني شيبان: « إنه لا يقوم بدين الله إلا من حاطه من جميع جوانبه ». و ذلك أن بني شيبان كانت قبائلهم على حدود جزيرة العرب فلهم حدود مع فارس و مع العرب في الجزيرة ، فقالو للنبي : نحميك من جهة العرب أما فارس فلا ، فقال لهم الرسول ما سبق . تنبيه: ما سبق من جوابه صلى الله عليه لبني عامر وبني شيبان يؤكد على أمر مهم وهو: أن الداعي لا يتنازل عن شيء من أمور هذا الدين. 4.أن الهداية بيد الله عز وجل فقد رفضت كل هذه القبائل هذه الدعوة ووفق الله عز وجل لها الأوس والخزرج للخير الذي ادخره لهم. و قد كان الأوس و الخزرج آخر قبيلة عرض النبي عليها الإسلام ، و هذا يدل على أن النصر من عند الله قد يأتي في وقت متأخر فيجب الصبر . إنذار الناس جميعا : و قد حدث هذا في السنة السادسة للهجرة ، حين وقع النبي الصلح بينه و بين قريش في الحديبية ، أرسل النبي كتبه إلى ملوك الأرض . قال البخاري في صحيحه: باب دُعَاءِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ إِلَى الإِسْلاَمِ وَالنُّبُوَّةِ، وَأَنْ لاَ يَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ. وروى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى كِسْرَى وَإِلَى قَيْصَرَ وَإِلَى النَّجَاشِىِّ وَإِلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِىِّ الَّذِى صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم. بينت بعض الروايات أن النبي كتب إلى ملوك اليمن و ملك عمان "ابن الجلندي " و إلى " هوذة بن علي " ملك اليمامة و إلى " المقوقس " صاحب مصر . نص رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّى أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ ( قيل الخدم و قيل الفلاحون ) وَ ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ). متفق عليه. فقه هذه الرسالة 1.عالمية هذا الدين. 2.المحافظة على الصبغة الإسلامية حيث بُدأت هذه الرسالة بالبسملة. 3.الاعتزاز باللغة العربية؛ وذلك أن هرقل لا يعرف العربية ومع ذلك كُتبت له الرسالة بالعربية. 4.صيغة السلام على الكفار. 5.عدم مخاطبته بوصفه ملكا؛ لأنه معزول بحكم الإسلام. هنا النبي صلى الله عليه و سلم سمى هرقل بعظيم الروم و ذلك أنه لا ملك إلا بالإسلام ، و الدولة الإسلامية تعترف بوجود الدول الأخرى واقعيا لا شرعيا ، فالنبي سمى هرقل بعظيم الروم و ليس ملك الروم ، لأنه لا ملك له . 6.احترام المرسل إليه والتلطف معه رجاء إسلامه حيث وصفه بـ عَظِيمِ الرُّومِ. 7.الجمع في الرسالة بين الترغيب والترهيب. 8.توضيح معنى كلمة التوحيد. 9.أن طاعة المخلوق في معصية الخالق تعتبر عبادة له. 10.الاقتصار على المطلوب وعدم الإطالة. ما حقيقة الدعوة الإسلامية؟. • الدين عند الله هو الإسلام قال تعالى:{ إن الدين عند الله الإسلام} آل عمران 19.ولهذا جعله الله عز وجل مهيمنا على الشرائع السابقة. • مقصده إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد قال تعالى{ يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم} البقرة 21. • الله عز وجل بين الغاية من إرساله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم فقال تعالى:{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله} الفتح 28 والله عز وجل بين الغاية من الجهاد فقال:{ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} الأنفال 39 ليس معنى ذلك أن يقتل كل الكفار ، لأنه لا إكراه في الدين و إنا المقصود أن يخضع هؤلاء الكفار لحكم الإسلام ، فإنهم إما أن يسلموا و إما أن يدفعوا الجزية ، و الجزية هو الخضوع لحكم الإسلام . « فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِى هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِى وَلَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمْرَهُ ». رواه البخاري المحاضرة السادسة أساليب المخالفين للدعوة أصناف المخالفين للدعوة 1.المشركين. 2.أهل الكتاب( اليهود والنصارى). وجد اليهود في المدينة ، و عقد النبي صلحا معهم لكنهم أهل غدر و خيانة فظهرت منهم الخيانة مع أنهم يعرفونه حق المعرفة ، و النصارى في نجران و الشام و بدأ أول صراع معهم في معركة مؤتة . 3.المنافقين. أظهروا الإسلام و أبطنوا الشرك حتى يحدثوا الخلل في صفوف المسلمين . ملاحظة مهم : الأمة التي بعث فيها الرسول تنقسم إلى قسمين : أمة إجابة و أمة دعوة ، أمة الدعوة هم كل من في الأرض منذ بعثة النبي ، أمة الإجابة هم من استجابوا للرسول عليه الصلاة و السلام . أساليب المخالفين للدعوة من المشركين : 1.الترغيب؛ وذلك أنهم عرضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمور: اجتمعوا حول الرسول عليه الصلاة و السلام ليعرضوا عليه ثلاثة أمور ، و ورد أن الوليد بن المغيرة و عتبة بن ربيعة عرضوا على النبي ذلك . و بعض المؤرخين يقول أنها لم تثبت . • الزواج. عرضوا عليه أن يزوجوه من أجمل نساء العرب . • المال. بحيث أنهم يجمعوا له المال بحيث يكون أكثر العرب مالا . • الرئاسة. 2.الترهيب وقد استخدموا الوسائل الآتية: • التعرض للرسول صلى الله عليه وسلم بالأذى كما في وضع سلى الجزور على ظهر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو ساجد عند الكعبة، وضع الأذى عند بيته عليه الصلاة والسلام. و ذلك أنهم اجتمعوا مرة عند الكعبة و الرسول ساجد فقال بعضهم لبعض : أيكم يذهب و يضع سلى الجزور فوق محمد ( و هو بقايا الروث و الرثة و ما يخرج من الكرش و الدم ) فانبعث أشقاهم ، و قيل أنه عقبة بن أبي معيض فأتى به و وضعه على ظهر النبي و هو ساجد و أخذوا يتضاحكون و يتمايلون و الرسول ساجد حتى اتت ابنته فاطمة فأزالت ما عليه ، ثم قام الرسول فدعا بدعوة و قال : " اللهم عليك بعتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و الوليد بن ربيعة و أبو جهل بن هشام و عقبة بن أبي معيض ، فقتوا كلهم يوم بدر . كذلك كانوا يضعون الأذى عند بيته ، كما في حمالة الحطب و هي أم جميل بنت حرب زوجة أبو لهب . كذلك ما حصل له في ثقيف و كذلك بعض أوذي من بعض قبائل العرب عندما كان يعرض نفسه عليهم في سوق عكاظ . • المقاطعة؛ حيث اجتمعت قبائل قريش على مقاطعة بني هاشم بسبب عدم تسليمهم النبي صلى الله عليه وسلم. بحيث أنهم لا يزوجونهم و لا يبيعونهم و لا يشترون منهم . حيث أنه حوصر بنو هاشم و المسلمون . فكان مع النبي المسلمون طاعة له و الكفار عصبية له و استمر ذلك حول ثلاث سنوات . حتى خافوا على أنفسهم الهلاك ، حتى أوحى الله لنبيه بأن الأرض قد أكلت الصحيفة التي كتبت فيها هذه المقاطعة . فأخبر أبو طالب قريش بذلك و اتفق معهم على إن كان ما قاله النبي كذبا فإنه سوف يسلم النبي لهم و إن كان صادقا انتهت هذه المقاطعة فلما فتحوا الكعبة وجدوا أن الأرض فعلا قد أكلت هذه الصحيفة لم يتبق فيها إلا اسم الله عز و جل . فخرج النبي و من معه من شعب أبي طالب . • محاولة القتل{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [سورة الأنفال 30] أشهرها حين أراد النبي أن يهاجر من مكة إلى يثرب . و قد ذكر الله تعالى ثلاث أنواع من أنواع الترهيب ( ليثبتوك ) أي يبقوك في مكة محبوسا ( يقتلوك ) أو ( يخرجوك ) أي من مكة إلى أي بلاد منفيا منها . 3.التنفير حيث وصفوه: • بالجنون والشعر{وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ} [الصافات 36] • السحر والكذب{وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } [ص 4] • كاهن{فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ} [الطور 29] كانوا يعلمون أن النبي بريء منها لكن العداوة هي التي حملتهم على وصفه بذلك . حين تغلب العداوة و الهوى يعمى الإنسان فلا يرى الحقيقة فيتلفظ بأي شيء حتى يبعد هذه الحقيقة الماثلة أمام عينيه . 4.التعنت في طلب المعجزات فقد طلبوا منه: • أن يسوي بلادهم ويجري فيها الأنهار. أي يزيل الجبال و يجعل مكة أرض مستوية • أن يجعل هذه الجبال ذهبا وفضة. • أن يسقط عليهم من السماء كسفا. • أن يرقى في السماء ويأتي لهم منها بكتاب. • أن يأتي بالله والملائكة قبيلا. أرادوا أن يروا الله و الملائكة معاينة أمامهم . • انظر سورة الإسراء الآيات 90-93. لمجرد الفائدة !! طلبهم للمعجزات يوحي بإفلاسهم الفكري ، ينبغي على الشخص العاقل أنه إذا دعي إلى شيء أن ينظر في الأمر فإن كانت صالحة اتبعها و إن كانت فاسدة تركها ، فالله قد أعطاهم العقل ليميزوا بين الحسن و الخبيث . و الصحابة لم يسلموا بسبب معجزات الرسول ، فقد قال عبد الله بن سلام و هو من أحبار اليهود و من كبارهم : " لما رأيته عرفت وجهه ليس بوجه كذاب " قالها بمجرد رؤيته . و كما ورد عن الطفيل بن عمرو الدوسي و هو سيد من سادات دوس ، فحين قدم مكة قالت له قريش : " لا تقرب محمدا فإنه ساحر و إنه مجنون " ، قال : " و ما زالوا بي حتى وضعت قطنة في أذني ، فلما رأيت النبي قال: ويحك ! إنك امرؤ شاعر و تعلم الجنون و تعرف السحر فما يمنعك أن تسمعني ؟ ، حتى قربت إلى الرسول فاستمعت إلى ما يقول فعلمت أن كلامه ليس بكلام ساحر و لا بكلام شاعر و ليس هو بمجنون " فآمن بالنبي بدون طلب المعجزات . 5.الأسئلة؛ حيث ورد أنهم سئلوا ثلاثة أسئلة: حيث أنهم أرسلوا ( أي كفار قريش ) طائفة منهم إلى المدينة لكي يسألوا اليهود عن النبي فلما أتوا إليهم قال لهم أحبار اليهود : اسألوهم عن ثلاثة أشياء فإن أخبركم بها فهو نبي ، اسألوه: • عن الروح. • عن أصحاب الكهف. عن فتية في غابر الزمان كان لهم شأن و كان لهم قصة . • عن ملك طواف طاف الأرض وملكها. فنزلت سورة الكهف فذكر في السورة قصة أصحاب الكهف ، و ذكر فيها قصة ذو القرنين و مسيره إلى مغرب الشمس و مشرقها و بين السدين،و في سورة الإسراء الروح و بالرغم من ذلك لم يسلموا ، لأن أسئلتهم لم تكن لغاية التأكد لكنها كانت من باب التعجيز و التعنت فقط . و إلا لا يجهلهم صدق النبي و لا يجهلهم أنه نبي و لكن استكبار و جحود . 6.الاستهزاء{وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ } [سورة الأنبياء 36] و قد ورد أن النبي أتى إلى البيت و كانوا جالسين في الحجر فطاف النبي بالبيت فلما مروا عليهم غمزوه ( أي استهزئوا به ) فتغير وجهه ، و حين مر مرة ثانية غمزوه فتغير وجهه ، فلما غمزوه في الثالثة قال : " يا معشر قريش ، تعلمون و الله لقد جئتكم بالذبح !! " يقول الراوي فسكتوا و كأن على رؤوسهم الطير فهدأوا من روع النبي و من غضبه و قالوا له : انصرف يا أبا القاسم ، لعلمهم بصدقه فلما قال " جئتكم بالذبح " خافوا من كلمته . فتلطفوا معه .لكنهم يعودون في طغيانهم . أساليب المخالفين للدعوة من كفار أهل الكتاب 1.الإسلام ثم الارتداد قال تعالى: {وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [سورة آل عمران 3] معنى ( لعلهم يرجعون ) أن أهل الكتاب عندهم علم من الكتاب فإذا أسلموا ثم ارتدوا أوقعوا في قلوب ضعفة الإيمان نوع من الشك و الحيرة فيقولون : هؤلاء هم أهل الكتاب فلماذا ارتدوا ؟ من المؤكد أن في هذا الدين نقص ، فيحملهم ذلك على ترك الإسلام . فالله قد أوضح مقصدهم من هذا الفعل . 2.جمع الأحزاب لمحاربة النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما في غزوة الخندق. فإن حيي بن الأخطب و معه كعب بن الأشرف و غيرهم من اليهود ذهبوا إلى كفار قريش في مكة و حرضوهم على قتال المسلمين و وعدوهم أن يكونوا معهم ، و ورد أن قريشا سألت اليهود " أنحن على الحق أم محمد ؟ " ، فقالوا بل أنتم . قال تعالى : ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت و الطاغوت و يقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا ) مع أن أقرب الناس إلى اليهود هم النبي و من معه لأنهم أصحاب كتاب و هؤلاء أصحاب شرك ، لكن الكفر ملة واحدة . و قد نقضت بنو قريضة العهد الذي كان بينهم و بين النبي ، فاجتمعت الأحزاب من خارج المدينة و اليهود من داخلها ، لكن الله نصرهم بالريح 3.محاولة قتله صلى الله عليه وسلم وقد قاموا بمحاولتين: • إلقاء الحجارة عليه. و ذلك أن النبي أتى إلى بني النظير يطلب منهم أن يعينوه في دية رجلين ، فجلس النبي إلى جدار ، فقال بعضهم لبعض : أيكم يصعد على سطح هذا البيت فيلقي على محمد حجارة ؟ ، فصعد رجل منهم ، لكنه أتى الوحي للنبي فأخبره بالمكيدة ، فخرج النبي ثم غزا بني النظير ثم أجلاهم . • وضع السم في طعامه. و ذلك بعد فتح خيبر ، فإنه امرأة منهم وضعت السم في شاة و سألت : أي الشاة أحب إلى النبي ، قالوا : الذراع ، فأكثرت السم في الذراع فلما نهس النبي منها نهسة دعاهم و قال يا معشر يهود أخبروني ، هل وضعتم السم في هذه الشاة ، قال : هذه الشاة تخبرني أنه قد وضع فيها سم ، ثم قال النبي : لماذا ؟ قالوا : قلنا إن كان نبيا فستخبره و إن كان كاذبا نستريح منه ، مع أنه يعلمون أنه هو النبي . 4.التعنت في الأسئلة. قَالَ يَهُودِىُّ للنبي صلى الله عليه وسلم: جِئْتُ أَسْأَلُكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « أَيَنْفَعُكَ شَىْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ » قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَىَّ فَقَالَ: « سَلْ » فَقَالَ الْيَهُودِىُّ: أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هُمْ فِى الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ » قَالَ: فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً قَالَ: « فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ » قَالَ الْيَهُودِىُّ: فَمَا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ( أي ماذا يحصلون عليه ؟ ) قَالَ: « زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ »( كبد الحوت الزيادة تكون في أطراف الكبد ، فذلك أول أكلهم ) قَالَ: فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى إِثْرِهَا قَالَ: « يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ الَّذِى كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا » ( أي أنه يكفي لكل أهل الجنة ) قَالَ: فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ قَالَ: « مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً » قَالَ: صَدَقْتَ. رواه مسلم . و مع هذا لم يؤمن ، فما فائدة هذا العلم إن لم يعمل به . 5.إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما في قصة كعب بن الأشرف وقد رواها البخاري ومسلم. فإن النبي خطب على منبره فقال : " مل لكعب ابن اشرف فإنه قد آذى الله و رسوله " فانتدب له محمد بن مسلمة و من معه من بعض الأنصار فخرجوا و فقتلوه في حصنه . و ذلك أن كعب ابن اشرف قد آذى الرسول و سبه و هجاه و تشبب بنساء المؤمنين يتغزل بهن ، فقتله محمد بن مسلمة و من معه . أساليب المخالفين للدعوة من المنافقين 1.الاستهزاء؛ قال تعالى:{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } [سورة التوبة 9] و قد حصل ذلك في غزوة تبوك فقد قالوا : " ما رأينا مثل قرآئنا هؤلاء أرغب بطونا و أجبن عند اللقاء " فأخبر النبي بذلك فدعاهم فقالوا : " إنما كنا نخوض و نلعب " فرد الله عليهم . 2.التفريق بين المؤمنين؛ قال تعالى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [سورة التوبة 107] فقد اتخذوا مسجدا ضرارا و كفرا و رغبة في التفريق بين المسلمين و أيضا ليتجمعوا فيه فيكون مقرا لهم ، لذلك أمر الرسول بإحراق هذا المسجد . 3.خذل المسلمين في الظروف الحرجة؛ كما في غزوة أحد والخندق. حدث ذلك في غزوة أحد ، فقد خرج النبي بألف رجل ، و قد رجع في منتصف الطريق عبد الله بن أبي سلول بثلاث مائة ممن تبعه ، فخذلوه في أحرج وقت . و في الخندق نجم النفاق و ظهر و قالوا أن بيوتنا عورة و قصدهم الفرار ، حيث كان النبي في حاجة كل رجل قوي للقتال 4.زعزعة استقرار الدولة الإسلامية؛ كما في حادثة الإفك، وحادثة الخلاف الذي وقع بين مهاجري وأنصاري. حادثة الإفك ملخصها هو أن عائشة فقدت عقدا لها في سفرها مع النبي و ذلك بعد الرجوع من غزوة بني المصطلق ، فذهبت لتلتمس هذا العقد فكان لها هودج ، و ظن الناس أنها في هودجها فانطقوا و لم يحسوا بعدم وجودها لأنها كانت خفيفة ، فحين رجعت عائشة لم تجد أحدا في مكان الجيش ، فجلس مكانها فأتى صفوان بن المعطل السلمي ، فوجد عائشة فأركبها معه على بعيره ثم انطلق إلى المدينة ، فحين رآهما عبد الله بن سلول خاض في حادثة الإفك ، و قد استمر ذلك شهرا كاملا حتى كاد المسلمون أن يتحاربوا . و قد أنزل الله برائتها في سورة النور . و حادثة المهاجري و الأنصاري أيضا في غزوة بني المصطلق ، فقد أتى مهاجري بخيله كي يشربه الماء ، فوقع بينه و بين الأنصاري في أيهما يكون هو المتقدم ، فصرخ المهاجري : " يا للمهاجرين " و صرخ الأنصاري : " يا للأنصار " فقال الرسول : " أ بدعوى الجاهلية و أنا بين أظهركم " فقال عبد الله بن سلول : " أوقد فعلوها و الله لإن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فأنزل الله في ذلك سورة المنافقين . موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الأساليب عدم التنازل إذا كان المقابل ترك الدعوة ولهذا كان موقفه صلى الله عليه وسلم حازما فقد قال لهم ؛لما طلبوا منه ترك الدعوة؛ « تَرَوْنَ هَذِهِ الشَّمْسَ »، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: « فَمَا أَنَا بِأَقْدَرَ أَنْ أَدَعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ تَشْتَعِلُوا مِنْهُ بِشُعْلَةٍ » رواه الطبراني. وأكد على قيامه بهذا الأمر حيث قال عليه الصلاة والسلام:« وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ عَلَى هَذَا الأَمْرِ الأَحْمَرَ وَالأَسْوَدَ حَتَّى يُظْهِرَنِي اللهُ أَوْ تَنْفَرِدَ سَالِفَتِى » رواه ابن أبي شيبة. قتل كل من ارتد عن الدين فقال عليه الصلاة والسلام: « مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ». رواه البخاري. إذا كان الأمر متعلقا بشخصه صلى الله عليه وسلم لم يلتفت إليه ولهذا قالت عَائِشَةُ رضى الله عنها: مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا. رواه البخاري و يظهر ذلك حين جاء الإعرابي إلى الرسول و أخذ يجر برداء النبي و الرداء يخنق عنق النبي و يقول الإعرابي : " اعطني من هذا المال فإنه ليس من مالك و لا من مال أبيك " فيلتفت إليه النبي و يضحك ثم يعطيه من هذا المال . بدون توبيخ بدون ضرب . بالنسبة لطلب المعجزات فإنه لا يجيبهم ( في الغالب ) لأن فيه هلاكهم فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم ادْعُ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا الصَّفَا ذَهَباً وَنُؤْمِنَ بِكَ. قَالَ « وَتَفْعَلُونَ ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ فَدَعَا فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ إِنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَيَقُولُ إِنْ شِئْتَ أَصْبَحَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَباً فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَذَّبْتُهُ عَذَاباً لاَ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ. قَالَ « بَلْ بَابُ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ » رواه الإمام أحمد، وقال تعالى:{وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا} [سورة الإسراء 59] المحاضرة السابعة سنة الله في الابتلاء المراد بالابتلاء الابتلاء: الاختبار. قوله تعالى : ( و ابتلوا اليتامى ) أي اختبروهم . بأي شيء يكون الابتلاء؟ يكون بالخير والشر قال تعالى:{ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء 35] اشد الناس بلاء عَنْ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاَءً قَالَ: « الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاَؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِى دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِىَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاَءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِى عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ». رواه الترمذي لذلك من الأنبياء من ابتلي بالفقر و منهم بالغنى و الملك مثل داوود و سليمان عليها السلام . الحكمة من الابتلاء 1.الحكمة في الابتلاء بأوامر الله عز وجل ونواهيه: o معرفة المطيع من العاصي والصادق من الكاذب قال تعالى:{ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ} [المائدة 48] ( آتاكم : من الأوامر و النواهي ) o معرفة أي العباد أحسن عملا قال تعالى:{ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك2] و لم يقل أكثركم عملا ، و العمل الحسن هو تتوافر فيه شرطان ، الأول الإخلاص ، و الثاني أن يكون على سنة النبي أي يكون خالصا صوابا . 2.الحكمة في الابتلاء بالغنى والفقر لمعرفة الغني الشاكر الحامد والفقير الصابر الراضي قال تعالى:{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ } [الأنعام 165] ( آتاكم : أي من الغنى أو الفقر و في المكانة الاجتماعية ) 3.الحكمة في الابتلاء بالمرض وسائر أنواع الألم لتكفير السيئات ورفعة الدرجات. قَالَ صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ فَمَنْ رَضِىَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ ». رواه الترمذي. قال صلى الله عليه وسلم: « مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ». رواه البخاري صور من ابتلاء الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، و كان ذلك لرفعة درجاته. 1.اليتم؛ قال تعالى:{ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى} [الضحى 6] مات أبوه و هو في بطن أمه و ماتت أمه و هو ابن 6 سنوات ثم مات جده و هو ابن 8 سنوات . 2.الفقر، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلاَلِ ثُمَّ الْهِلاَلِ ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِى شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَتْ فِى أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَارٌ. فَقُلْتُ: يَا خَالَةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ قَالَتِ: الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَلْبَانِهِمْ فَيَسْقِينَا. رواه البخاري. منائح : أي غنم . أي أنهم يشربون من لبنها . و الفقر كان باختياره و حتى لما أتت الفتوحات و فتحت خيبر و غنم الغنائم لم يتغير حاله عما كان فيه لأنه زاهد في هذه الدنيا لذلك كان يقول : ( مالي و الدنيا إنما مثلي و مثل هذه الدنيا كمثل راكب استراح تحت ظل شجرة ثم ذهب و تركها ) لذلك كانت سقوف بيوته تنالها الأيدي . 3.الغنى، قال صلى الله عليه وسلم: « عَرَضَ عَلَىَّ رَبِّى لِيَجْعَلَ لِى بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذَهَبًا قُلْتُ لاَ يَا رَبِّ وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْمًا وَأَجُوعُ يَوْمًا فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ وَإِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُكَ وَحَمِدْتُكَ ». رواه الترمذي 4.المرض، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوعَكُ فَمَسِسْتُهُ بِيَدِى فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « أَجَلْ إِنِّى أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ ». قَالَ: فَقُلْتُ ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « أَجَلْ ». رواه مسلم و مرضه ليس كمرض سائر الناس و ذلك لأن أجره مضاعف . 5.إصابته بالجراح، حيث أصيب في يوم أحد، وأصيب أصبعه في بعض غزواته فقال صلى الله عليه وسلم: « هَلْ أَنْتِ إِلاَّ إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ ». رواه البخاري. 6.وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها. 7.وفاة أولاده في حياته؛ إلا فاطمة رضي الله عنها. فقد رزق بالقاسم و به كان يكنى و رزق بعبد الله و زينب و أم كلثوم و رقية و فاطمة و بإبراهيم . و قد بقيت فاطمة بعد وفاة الرسول بستة أشهر حتى توفاها الله عز و جل و ذلك رفعة لدرجة فاطمة رضي الله عنها ، فقد الرسول أبناءه في حياته و فقدت فاطمة أبيها في حياتها و ذلك كانت سيدة نساء العالمين . 8.مقتل بعض أهل بيته، حيث قتل عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف و هو ابن عم الرسول فإنه يلتقي معه في جده عبد مناف و كان ذلك في بدر حين بارز ربيعة و مات و خده ملتصقة بقدم النبي ،و قتل حمزة بن عبد المطلب أسد الله في أحد حيث بقرت بطنه و قعطت آذانه و جذر أنفه فوقف الرسول عليه و لم ير منظرا أبشع من هذا المنظر حتى أنه أقسم لإن الله أمكنه من قريش ليمثلن بسبعين منهم فأنزل الله عز و جل ( و إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم و لإن صبرتم لهو خير لكم ) فصبر عليه الصلاة و السلام ، و مقتل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في معركة مؤتة ، فإن جفعر قدم من هجرته إلى الحبشة في السنة السابعة إلى النبي و بعد مقدمه بستة أشهر أرسله النبي إلى مؤتة و هو جيش مؤلف من ثلاثة آلاف مقاتل كان أميره زيد بن حارثة ، فقال النبي إن قتل زيد فأميركم جفعر و إن قتل جعفر فأميركم عبد الله بن رواحة و إن قتل عبد الله فاختاروا لأنفسكم فانطلق الجيش حتى وصل إلى مؤتة في الأردن فالتقوا مع 150 ألف من مقاتلي الروم و من معهم من العرب فأخذ الراية زيد فقتل ثم جعفر ثم عبد الله بن رواحة ثم اتفق من حضر من المسلمين على دفع الراية إلى خالد بن الوليد فانحاز بالمسلمين . 9.مقتل بعض أصحابه، كما في غزوة أحد 70 قتيل ، وغزوة بئر معونة 70 قتيل ، و في غزوة بدر 24 قتيل . و بئر معونة هي أن أناس من الكفار أتوا إلى النبي فذكروا أن فيهم إسلاما ، فطلبوا من الرسول إن يرسل إليهم أناس يعلمونهم ، فارسل إليهم النبي من أصحابه أناسا يقال لهم القراء كانوا في الليل يقرأون القرآن و في النهار يحططبون فيبيعون الحطب و يتصدقون . فغدر بهم هؤلاء و قتلوهم عن بكرة أبيهم . 10.النصر، كما في غزوة بدر وفتح مكة. و لم يحمله هذا النصر إلا على شكر الله و حمده لذلك حين دخل مكة ورد أنه كان مطأطأ رأسه تواضعا لله عز و جل و شكرا له . 11.الهزيمة، كما في غزوة أحد. 12.تكذيب قومه له. فلم يؤمن به إلا 100 أو أقل بقليل أو أكثر بقليل . فالهداية على نوعين الأولى : هداية دلالة و إرشاد و هذه خاصة بالأنبياء و هداية توفيق و هذه بيد الله . ( إنك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء ) هداية توفيق ، و قال في هداية الإرشاد ( و إنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) فمهمة الداعي هو إبلاغ الرسالة . فالداعي عليه أن يركز على الرسالة و على تبليغها للناس و لا يجزع و لا يقنط إن لم يؤمن به أحد . 13. اتهم في عرضه ، فقد اتهمت عائشة فأنزل الله براءتها من فوق سبع سموات . الفقه المستفاد من ذلك 1.أن الحياة الحقيقية هي الآخرة، والدنيا إنما هي دار امتحان واختبار. و هي دار عمل و ليست دار جزاء و الآخرة دار جزاء و ليس عمل . 2.ما يصيب العبد في هذه الدار من خير أو شر ليس دليلا على نجاحه في الآخرة، وإنما هذه أمور يراد بها الاختبار والامتحان. 3.المعيار الذي يقاس به نجاح العبد في هذه الدنيا وبالتالي فوزه بنعيم الآخرة هو طاعته لله عز وجل. 4.النظر الصحيح للأمور إنما يكون بالنظر لعاقبته، فالغنى مثلا وإن كان خيرا في ظاهره فإن كانت عاقبته النار في الآخرة فهو إذا ليس بخير، والفقر وإن كان ظاهره الشر فإن كانت عاقبته النعيم في الآخرة فهو إذا ليس بشر. و لذلك ورد في الحديث أن النبي قال : ( يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ صبغة واحدة في النار فيقال له : يا ابن آدم هل مر بك نعيم قط ، قال : لا يا رب ، و يؤتى بأشقى أهل الأرض من أهل الجنة فيصبغ صبغة واحدة في الجنة ، فيقال له : يا ابن آدم هل بك بؤس قط ، فيقول : لا يا رب .) المحاضرة الثامنة الهجرة إلى الحبشة الإسراء والمعراج بيانات عن الهجرة إلى الحبشة أسباب الهجرة. 1. تضييق قريش على من آمن. انقسم أتباع الرسول إلى قسمين : الأول : لديهم مناعة من قومهم فمنوعهم قومهم ، الثاني : من كان ضعيفا و لم يستطع أن يحمي نفسه و لم يمنعوه قومه ، و منهم عبيد لا يملكون من أمرهم شيئا و بعضهم قد قتل كسمية و ياسر بن عمار . 2. خوف الفتنة في دينهم. منهم من كانت تمر عليه حشرة فيقولون له أهذا ربك فيقول نعم و ذلك من شدة العذاب و منهم عمار بن ياسر فقد أصابه من العذاب حتى ذهب إلى الرسول و قال له : لقد ساموني من العذاب حتى أعطيتهم ما يرضونه ، فقال : كيف تجد قلبك ، قال : مطمئن بالإيمان ، قال : فإن عادوا فعد . و نزل في ذلك قوله تعالى ( إلا من أكره و قلبه مطمئن بالإيمان ) . و منهم أمثال بلال لم يعطهم ما يبغونه فقد كان يقول : أحد أحد ، فالصحابة يتفاوتون في القوة . 3. عدم القدرة على القيام بشعائر الدين دون خوف ووجل. سبب اختيار الحبشة: العدل الذي تميز بها النجاشي؛ قال صلى الله عليه وسلم:( إِنَّ بِالْحَبَشَةِ مَلِكًا لَا يُظْلَم عِنْده أَحَد، فَلَوْ خَرَجْتُمْ إِلَيْهِ حَتَّى يَجْعَل اللَّه لَكُمْ فَرَجًا). كم مرة وقعت الهجرة إلى الحبشة؟. وقعت مرتان: الأولى: وقعت في شهر رجب من السنة الخامسة من البعثة. عدد المهاجرين: أحد عشر رجلا وأربع نسوة. الثانية: لعلها وقعت في السنة السادسة أو العاشرة من البعثة. عدد المهاجرين: اثنين وثمانين رجلا، وثماني عشرة امرأة. و الصبيان كان عددهم كثير فيها . موقف قريش من هذه الهجرة خرجوا في آثار من هاجر في الهجرة الأولى حتى وصلوا إلى البحر فلم يدركوا أحدا منهم. و في الهجرة الثانية : أرسلوا وفدا إلى الحبشة محملا بالهدايا إلى النجاشي وبطارقته ( و هم الوزراء و علماء الدين النصراني ) وطلبوا منه أن يسلمهم هؤلاء المهاجرين. قيل: إن قريشا أرسلت وفدين: الأول: أرسلت عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد، وكان هذا قبل الهجرة. الثاني: أرسلت عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة وكان هذا بعد وقعة بدر. و الأرجح أنها أرسلت وفدا واحدا . موقف المهاجرين تجاه وفد قريش الصراحة والوضوح ويتضح ذلك في أمرين: الأول: بيان عقيدتهم بوضوح؛ وهي أن الله أرسل رسولا منهم ليخرجهم من عبادة المخلوقات إلى عبادة الخالق ويأمرهم بصلة الأرحام وبالصدق والعفاف. كما قال في ذلك متحدثهم جعفر بن أبي طالب : " إن الله أرسل رسولا منهم يعرفونه و يعرفون نسبه و هدف الرسول هو إخراجهم من عبادة المخلوقات إلى عبادة الخالق و كان يأمرهم بصلة الأرحام و الصدق و العفاف و ينهاهم عن الفواحش و عن قطع الأرحام و عن القتل بغير الحق " الثاني: بيان عقيدتهم بصراحة في عيسى عليه السلام وأنه عبد شرفه الله بالرسالة، وتلوا على النجاشي وبطارقته صدر سورة مريم. و حين سمعوا السورة بكوا و قال النجاشي : " إن عيسى بن مريم هو كما أخبرتم عبد أرسله الله عز و جل " الرفض التام لكل ما يمس عقيدتهم؛ حيث رفضوا السجود للنجاشي. فحين سئلوا عن سبب عدم سجودهم قالوا : إنا لا نسجد إلا لله عز و جل . موقف النجاشي من وفد قريش رفض الاستجابة لطلبهم في عدم سماعه لكلام المهاجرين. آمن بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه اتضح له أنه النبي الذي بشر به عيسى عليه السلام. رد هدايا وفد قريش ورفض أن يسلمهم المهاجرين. تعهد للمهاجرين بأن يكونوا في مأمن في بلاده من أن يمسهم سوء. و لذلك قال لهم : " من مسكم غرم " فعاش المهاجرين في بلاده في أمان . عودة المهاجرين العودة الأولى: قبل الهجرة حيث بلغهم أن قريشا أسلمت. و سبب ذلك أن النبي قد تلا سورة النجم حتى بلغ آخرها فسجد النبي و سجد من معه من المسلمين بل و جميع من سمع تلك الآيات من الكفار . فشاع أن قريشا قد أسلمت . فوصلت تلك الإشاعة إلى الحبشة فعادوا و حين اقتربوا من مكة أدركوا أن قريشا لم تسلم فبعضهم رجع و خرج من مكة بعض المؤمنين فلحقوا بهم و كانت تلك هي الهجرة الثانية . العودة الثانية: في السنة السابعة بعد الهجرة. و ذلك أن النبي أرسل عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي و طلب منه أن يرسل المهارجين إليه فركبوا في سفينتين جعفر بن أبي طالب و من معه من المهاجرين فقدموا على الرسول في خيبر فقال النبي : " لا أعلم أنا بأي شيء أشد فرحا أبفتح خيبر أم بعودة جعفر " أو كما قال عليه الصلاة و السلام . الفقه المستفاد من هذه الحادثة 1. الفرار بالدين؛ إذا خاف المؤمن الفتنة في دينه. سواء الفتنة بالمال أو الجنس أو العذاب أو غير ذلك . 2. أن الوطن الحقيقي للمؤمن هو المكان الذي يستطيع أن يظهر فيه دينه. 3. الاعتزاز بالدين؛ ويتضح هذا في بيان المهاجرين لعقيدتهم وخصوصا في عيسى عليه السلام رغم مخالفتها للعقيدة السائدة في الحبشة. 4. أن حلاوة الإيمان إذا ذاقها القلب هان عليه كل شيء في سبيل بقاء هذه الحلاوة. الإسراء والمعراج 1. وقعت في ربيع الأول قبل الهجرة إلى المدينة بسنة. 2. وقعت في ذي القعدة قبل الهجرة إلى المدينة بستة عشر شهرا. و القول بأنها حدثت في رجب فذلك غير صحيح كقول ابن القيم في الزاد ، و ابن كثير في البداية و النهاية . فقد ذكروا بأنه ورد حديث و هو إما ضعيف و إما موضوع في أنها وقعت في رجب . والإسراء كان بجسده صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت القدس قال تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الإسراء 1] ثم عرج به إلى السماء.الإسراء يكون ليلا ، و كلمة العبد تتضمن الروح و الجسد . بعض أحداث الإسراء والمعراج ركب على البراق من مكة إلى المقدس. و البراق دابة يقع حافرها عند منتهى البصر . صلى في بيت المقدس ركعتين. عرج به إلى السماء حتى وصل إلى سدرة المنتهى. فقد قابل في السماء الأولى آدم عليه السلام و قال له : مرحبا بالإبن الصالح و بالنبي الصالح ، ثم وجد في الثانية يحي و عيسى فقالا له : مرحبا بالأخ الصالح و النبي الصلاح ، و في الثالثة يوسف ، الرابعة إدريس ، الخامسة هارون السادسة موسى ، السابعة إبراهيم عليهم الصلاة و السلام . حتى وصل إلى سدرة المنتهى فوقف في مكان لم يبلغ نبي مرسل و لا ملك مقرب فكلمه الله عز و جل هناك . فرضت عليه الصلاة. رد إلى بيت المقدس فصلى بالأنبياء صلاة الفجر. رجع إلى مكة. الحكمة من الإسراء والمعراج 1. تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وتثبيتا لفؤاده . قيل أن الرحلة وقعت بعد تعرض النبي للأذى في شعب أبي طالب و تعرض لسفهاء الطائف فآذوه . 2. بلاء وفتنة للكافرين. 3. تمحيصا للمؤمنين. 4. معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم. 5. عبرة لأولي الألباب وإظهارا لمقدرة الله عز وجل وبيانا لعظيم سلطانه. موقف المؤمنين والكفار من هذه الحادثة o موقف المؤمنين: التصديق التام للرسول صلى اله عليه وسلم؛ ولهذا لما قالت قريش لأبي بكر: إن صاحبك يزعم أنه ذهب إلى بيت المقدس ورجع إلى مكة في ليلة، فقال:“ لئن قال ذلك لقد صدق، إني لأصدقه بما هو أبعد من ذلك أصدقه في خبر السماء في غدوة أو روحة“، فلذلك سمي أبو بكر بالصديق. رواه الحاكم في المستدرك. o موقف الكفار: التكذيب والسخرية، مع ظهور علامات صدق النبي صلى الله عليه وسلم. الفقه المستفاد من هذه الحادثة العظيمة 1. فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم ويتضح ذلك في أمرين: وصوله في المعراج إلى مكان لم يصل إليه ملك مقرب ولا نبي مرسل. إمامته للأنبياء عليهم الصلاة والسلام. 2. أن المؤمن يجب عليه أن يصدق ما جاء عن طريق الشرع؛ حتى ولو تحير به عقله. 3. أهمية الصلاة حيث فرضت من فوق سبع سموات، وجعلها الله خمسين صلاة ثم خففت إلى خمس، فهي خمس في العمل وخمسون في الأجر. 4. الصلاة هي الصلة الروحية بين العبد وربه؛ ولهذا ينبغي للمؤمن في صلاته أن ترتقي روحه وتعرج إلى السماء، وترتفع عن حطام الدنيا. المحاضرة التاسعة الهجرة للمدينة أسبابها 1.تعنت قريش واستكبارها ووقوف سادتها ضد الدعوة؛ كما قال تعالى:{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام 33] 2.محاربتها للدعوة ومحاولة القضاء عليها؛ كما حصل في حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين ومن ناصرهم من قومه في شعب أبي طالب. 3.محاولة إيجاد أرض وبيئة جديدة للدعوة؛ حيث ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف من أجل ذلك وعرض نفسه على القبائل قائلا لهم: « أَلاَ رَجُلٌ يَحْمِلُنِى إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِى أَنْ أُبَلِّغَ كَلاَمَ رَبِّى ». رواه الترمذي 4.ما رآه صلى الله عليه وسلم في منامه: « أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لاَبَتَيْنِ ». رواه البخاري. لابتين : أي حرتين ، و هي المدينة . 5.إسلام الأوس والخزرج؛ وقد هيأ الله عز وجل لإسلامهم أسبابا منها: معاشرتهم لليهود. أول من سكنوا يثرب هم اليهود و ذلك بعدما دمر بختنصر دولتهم و نزلت طائفة منهم خيبر ، و بعد انهيار سد مأرب نزحت بعض القبائل القحطانية من اليمن و تفرقت في الجزيرة فنزل الأوس و الخزرج في يثرب . و كانت الغلبة في البداية لليهود و لكن بعدما كثر الأوس و الخزرج صارت الغلبة للأوس و الخزرج ، و بعدها أصبحوا يقولون لهم أن نبيا سوف يبعث لنا و حينها سوف نقتلكم قتل عاد و إرم . فحين عرفوا أن الرسول هو النبي الذي تتوعدهم به اليهود بادروا بالإسلام . يوم بعاث؛ قالت عائشة رضي الله عنها: كَانَ يَوْمُ بُعَاثَ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ، وَجُرِّحُوا، فَقَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فِى دُخُولِهِمْ فِى الإِسْلاَمِ. رواه البخاري. يوم بعاث هو يوم من الأيام المشهورة التي كانت بين الأوس و الخزرج ، و هذا اليوم هو يوم حرب و قتال و قد استمر القتال بين الأوس و الخزرج ما يقارب مئة سنة ، أول أيامهم كان يسمى بيوم سمير ثم تتابعت الأيام بينهم بكان آخر يوم هو يوم بعاث و هو أعظم الأوس و الخزرج حيث اجتمع فيها الأوس كلهم و اجتمع الخزرج كلهم و حالفتهم اليهود ، جزء منهم ناصر الأوس و جزء منهم ناصر الخزرج فألتقوا و كانت وقعة عظيمة قتلت فيها سروات أي سادتهم فقد أصيبوا و سئموا الحرب فهذا سبب هيأه الله عز و جل لأنهم قالوا للنبي إننا كنا في افتراق و عسى الله أن يجمعنا بك . التخطيط فيها. قد قدم وفد مكون من 6 أشخاص و آمنوا بالرسول و أسلموا و بعدها فشا الإسلام في يثرب و إثرها وقعت مبايعتين و قد حدثت في السنة العاشرة للبعثة : 1.المبايعة التي تمت بين النبي صلى الله عليه وسلم والأوس والخزرج، وقد حدثت مرتين: الأولى: وتمت عند العقبة وعدد المبايعين اثنا عشر رجلا، وبنود هذه البيعة سلمية حيث قال لهم صلى الله عليه وسلم: « تُبَايِعُونِى عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ وَلاَ تَعْصُوا فِى مَعْرُوفٍ ». رواه البخاري و ذلك في السنة الحادية عشر ، و قد ارسل النبي معهم مصعب بن عمير و في رواية أخرى أن النبي أرسل أيضا ابنه مكتوم . الثانية:و قد حضرها عمه العباس بن عبد المطلب رغم أنه كان على الشرك إلا أنه آثر حضور تلك البيعة من أجل أن يطمئن على النبي ، فقد تكلم في ذلك اليوم متحدثا إلى الأوس و الخزرج قائلا : " إن محمدا في عزة و منعة من قومه و قد أبى إلا الإنحياز إليكم فإن كنتم أنتم ناصروه و إن كنتم لا تريدون نصره فدعوه من الآن " ، و قد حدثت في السنة الثانية عشرة للهجرة ، وتمت أيضا عند العقبة وعدد المبايعين ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان واشتملت هذه البيعة على ما يلي: السمع والطاعة. النفقة في العسر والميسر. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم إذا قدم المدينة وأن يمنعوه مما يمنعوا به نسائهم وأنفسهم وأبنائهم. فقالوا للرسول : " نعم بايعناك فنحن أهل حرب ورثناها كابر عن كابر " فقال الهيثم بن تيهان : " يا رسول الله إن بيننا و بين اليهود حبالا و إنا قاطعوها فإن عصيت إن نحن فعلنا ذلك و أظهرك الله أن ترجع و تدعنا " فرد قائلا : " بل أنا معكم الهدم الهدم و الدم و الدم " ، فقال البراء بن معرور رضي الله عنه : " بايعنا يا رسول فإنا أهل حرب ورثناها كابرا عن كابر " فبسط الرسول يده للمبايعة فأعترض العباس بن نضرة و قال : " يا معشر الخزرج أتدرون على ماذا تبايعون هذا الرجل ؟ تبايعونه على أن تقتل سادتكم و أن ترميكم العرب بقوس واحد و أن تنهك أموالكم ، فإن أنتم أصابكم قتل في سادتكم و نقص في أموالكم فمن الآن دعوا البيعة فوالله هي الخزي و الندامة إن فعلتموها ، و إن أنتم وفيتم بها فهو الشرف لكم " فقالوا : " و الله لا نتدعها " ثم قالوا للرسول : " ما لنا إن نحن بها ؟ " ، قال : " لكم الجة " ،،، 2.أمر المسلمين بمكة بالهجرة إلى المدينة. 3.اختيار الرفيق المصاحب له في هذه الهجرة. 4.اختيار الدليل الأمين. و هو عبد الله بن ريقد و كان على الشرك إلا أن النبي وثق به لأمانته . 5.انتظار أمر الله عز وجل له بالهجرة. 6.خروجه من بيته ظهرا مستخفيا. و قد خرج من بيته ظهرا لأنه وقت راحة فالناس في بيوتهم و مستخفيا حتى لا تشعر به قريش فأتى إلى بيت الصديق في وقت لم يكن يأتيه فيه ، لأنه كان يأتيهم إما في أول النهار أو في آخره . فدخل النبي إلى الصديق و قال : " أخرج من كان ها هنا " و ذلك من أجل إبقاء الأمر سرا بينهما ، فرد قائلا : " يا رسول إنما هم أهلك " ، و لم يكن معه في البيت إلا عائشة و أسماء ، فقال النبي : " الهجرة " ، فقال " الصحبة يا رسول الله " قال : " نعم " ، و قد أعد الصديق راحلتين لهذه الهجرة و قال للنبي : " يا رسول الله لك إحداهما " فقال : " بالثمن " ، فخرجوا من بيت الصديق . 7.أمر علي رضي الله عنه بالمبيت في فراشه. 8.الانطلاق إلى غار ثور والمكث فيه ثلاثة أيام. 9.أمر عبد الله بن أبي بكر بمخالطة قريش في النهار ونقل أخبارهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر. 10. أمر عامر بن فهيرة بأن يسرح بالغنم بالليل عند الغار حتى يحلب لهما ويطمس آثار عبد الله بن أبي بكر. 11. بعد ثلاثة أيام في الغار انطلق الركب المبارك صوب المدينة سالكا طريقا وعرا لم يسلك من قبل. و هما في الطريق نزل في خيمة أم معبد و قد حدث في خيمة أم معبد أن النبي لما نزل عندها و كانت أم معبد امرأة تجلس بفناء بيتها فتقري الضيوف حين يمرون بها فحين مر الرسول و معه ركبه قال : هل عندك من قرى ؟ قالت : لا و الله ما عندنا من قرى ، فقد اصابهم الفقر و الجفاف ، فوجد النبي في تلك الخيمة شاة حائل أي بلغت من السن الكبر لا يرجى فيها لحمل فضلا أن يرجى فيها حليب ، فقال النبي : " ما شأن هذه الشاة يا أم معبد ؟ " قالت : " قد حبسها الهزال عن أن تخرج إلى المرعى " فقال : " هل تأذنين لي في حلبها ؟ " قالت : " احبلها إن وجدت بها حلاب " فطلب النبي إناء ثم سم و برك فامتلأ ضرعها فحلب فسقى أم معبد ثم سقى من معه من أصحابه فشرب هو ثم حلب مرة ثانية فملأ الإناء ثم انطلق صوب المدينة . فجاء أبو معبد و معه غنمه عجاف فلما وجد الحليب استنكر ذلك و قال : " ما شأن هذا الحليب ؟ " فقالت : جاء رجل مبارك ففعل كده و كده ، فقال : " صفيه لي " فوصفته بوصف بليغ و دقيق ، فقال هذا صاحب قريش الذي تبحث عنه قريش فاستمر النبي في طريقه إلى حتى وصل إلى المدينة و كانت قباء أول مكان وصله ، و مكث فيها بضعة عشرة ليلة و أسس فيها مسجد قباء . أهميتها في الدعوة 1.وقع التمييز فيها بين الحق والباطل، وبين أولياء الله وأولياء الشيطان. 2.الانتقال من الجهاد بالحجة فقط إلى الجهاد بالسنان – أي آلات الحرب - فاجتمع في المدينة الجهاد باللسان والجهاد بالسنان. 3.وجود مكونات الدولة التي تتبنى الدعوة وتدافع عنها وتنشرها ممثلة بالمدينة المنورة يقودها النبي صلى الله عليه وسلم. 4.خلال عشر سنوات؛ وهي مدة إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة؛ دانت جزيرة العرب للإسلام ودخلت الناس فيه أفواجا. 5.إظهار شعائر الإسلام من بناء المساجد ورفع الأذان وتطبيق الزكاة وإقامة الحدود ورفع لواء الجهاد. 6.بيان حكم الإسلام في تعامله مع مخالفيه؛ حيث انقسم الكفار لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة إلى أربعة أقسام: أهل حرب. أهل صلح. أهل ذمة. أهل نفاق. يراجع في تفصيل ذلك إلى كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد. دور الشباب فيها 1.دور علي رضي الله عنه. 2.دور أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما. 3.دور عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما. 4.دور عامر بن فهيرة رضي الله عنه. الفقه المستفاد من الهجرة 1.معية الله الخاصة لنبيه صلى الله عليه وسلم وتتمثل في الأمور الآتية: • لما خرج من بيته وكان محاصرا بكفار قريش. • في الغار لما نسجت العنكبوت على فم الغار. • ما حصل لسراقة بن مالك لما تبعهم يريد أسرهم والإمساك بهم. 2.بيان عظيم ثقة النبي صلى الله عليه وسلم بربه ويتضح ذلك من خلال صورتين: في الغار حيث قال للصديق: « مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا ». رواه البخاري. في الطريق حيث كان صلى الله عليه وسلم لا يلتفت. 3.وجوب الأخذ بالأسباب المادية وأنه لا ينافي التوكل. 4.الحرص على قضاء الأمور بالكتمان؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: « استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ». 5.أن ساقي القوم آخرهم؛ كما في قصة أم معبد. 6.وجوب الهجرة من بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين؛ قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً} [النساء 97] و قد وصل إلى المدينة المنورة في يوم الإثنين من شهر ربيع الأول . المحاضرة العاشرة الرسول صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة فعل الأنصار حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة • كانوا يخرجون كل يوم حتى وقت الظهيرة لانتظار النبي صلى الله عليه وسلم. و في يوم انتظروا حتى غربت الشمس فرجعوا و كان يهودي على أطم من آطام المدينة فرأى النبي و من معه فصاح يا بني قيلة هذا جدكم . قيلة هي جدة الأنصار و جدكم أي حظكم . • لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم استقبله أهلها استقبالا عظيما: الرجال لبسوا السلاح وأحاطوا بالرسول صلى الله عليه وسلم. النساء كن فوق البيوت ينظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. الصبيان والجواري ينادون: يا محمد يا رسول الله يا محمد يا رسول الله. و لم يثبت أنهم أنشدوا بأبيات " طلع البدر علينا " . • يقول الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رضى الله عنهما: مَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَىْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري. • ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه: فَلَمَّا دَنَوْا ( أي النبي و صاحبه أبا بكر و عامر بن فهيرة و دليلهم ) مِنَ الْمَدِينَةِ نَزَلاَ الْحَرَّةَ وَبَعَثَا إِلَى الأَنْصَارِ فَجَاءُوا فَقَالُوا: قُومَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ. قَالَ – أي أنس - فَشَهِدْتُهُ يَوْمَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَمَا رَأَيْتُ يَوْماً قَطُّ كَانَ أَحْسَنَ وَلاَ أَضْوَأَ مِنْ يَوْمٍ دَخَلَ عَلَيْنَا فِيهِ وَشَهِدْتُهُ يَوْمَ مَاتَ فَمَا رَأَيْتُ يَوْماً كَانَ أَقْبَحَ وَلاَ أَظْلَمَ مِنْ يَوْمِ مَاتَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم. رواه الإمام أحمد. • كانت كل قبيلة من الأنصار تدعوه للنزول عندها وتقول: هلم إلى العُدة والعدد والمنعة. و ذلك أن قبائل الأنصار كانت كل قبيلة محلها واحد فكانت كالقرى بينهم فواصل لكن النبي كان يقول لهم دعوها - أي الناقة - فإنها مأمورة و لذلك ترك النبي السبيل لناقته و أرخى لها الخطام فكانت تسير حتى بركت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم في مكان مسجده عند دار أبي أيوب الأنصاري فمكث عنده سبعة أشهر حتى بني مسجدة و حجره . بناء مسجد قباء • أول ما قدم الرسول إلى المدينة نزل بقباء و هي منازل بني عمرو بن عوف من الأوس . • أسس مسجد قباء وهو أول مسجد أسس بعد النبوة ، و لذلك يقول الله تعالى : ( لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ) لا تقم فيه : أي مسجد ضرار ، و الثاني هو مسجد قباء . • مكث في قباء أربع عشرة ليلة. • عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِى مَسْجِدَ قُبَاءٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا فَيُصَلِّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ. رواه مسلم. و لذلك يستحب لمن أقام في المدينة أو زارها أن يذهب كل سبت لمسجد قباء ، لأن بعض الروايات ذكرت أن النبي كان يصلي فيه يوم السبت ، ثم ارتحل الرسول من قباء إلى المدينة . بناء المسجد النبوي • كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لزعماء الأنصار إذا اخذوا خطام نافته ودعوه للنزول عندهم:« دعوها فإنها مأمورة» حتى بركت في مكان مسجده. • كان في المسجد نخل وقبور مشركين وخرب، وكان ملكا لغلامين يتيمين من الأنصار. • اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما الأرض فأمر بتسويتها وبالقبور فنبشت وبالنخل فقطع. و جعل سقف المسجد من جريد فكان إذا نزل المطر خر عليهم السقف . • عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه في بناء المسجد وهم ينشدون : اللهم إنه لا خير إلا خير الآخرة فانصر الأنصار والمهاجرا . فرض الأذان في بداية كان المسلمون يجتمعون للصلاة من غير داع يدعوهم فقال بعضهم بأن يستخدموا الناقوس فكره الرسول ذلك و قال بعضهم نشعل نارا فكرهه أيضا ، حتى هموا بالناقوس كالنصارى . • رأى عبد الله بن زيد رضي الله عنه في منامه رجلا يهتف بالأذان فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: « إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقُمْ مَعَ بِلاَلٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ ». رواه أبو داود. و نستفيد من ذلك أنه يجب أن يكون المؤذن حسن و قوي الصوت . تحويل القبلة إلى المسجد الحرام • بعد ستة عشر شهرا من مقدمه صلى الله عليه وسلم أمره الله عز وجل بتحويل القبلة إلى البيت الحرام قال تعالى:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة 144] كان هناك رجل صلى مع النبي و القبلة إلى الكعبة فذهب إلى قباء فوجد الناس يصلون إلى المسجد الأقصى فقال : إنها قد حولت القبلة إلى المسجد الحرام ، فتحولوا و هم في مكانهم إلى المسجد الحرام ، فلم يناقشوا بل قالوا : سمعنا و أطعنا . • موقف الناس من هذا الحدث: 1.المسلمون قالوا: سمعنا وأطعنا. 2.المشركون قالوا: كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا. 3.اليهود قالوا: خالف الأنبياء قبله. 4.المنافقون قالوا: ما يدري محمد أين يتوجه. الوثيقة بين سكان المدينة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار؛ وتقوم على: 1.المناصرة. قوله تعالى : ( المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض ) و الولاية تقتضي النصرة. 2.المواساة. فقد ورد أن سعدا بن ربيع آخى الرسول بينه و بين عبد الرحمن بن عوف فهم سعد و أراد أن يقاسم عبد الرحمن في ماله و أن يطلق إحدى زوجتيه فتزوجها الآخر ، لكن عبد الرحمن قال : دلوني على السوق . و قد خصص النصارى بعضا من نخيلهم للمهاجرين حتى قال للمهاجرين لقد ذهب القوم بالأجر . 3.النصيحة. 4.التوارث و هو أن المهاجري يرث الأنصاري دون الأهل ، وهذا نسخ بقوله تعالى:{ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [سورة الأنفال 75] الوثيقة بين المسلمين واليهود؛ وأهم بنودها: 1.عدم تعاون اليهود مع أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم. 2.ليس لهم أن يجيروا ويحموا قوافل وأموال قريش. 3.أن يقاتلوا مع المسلمين إذا هاجمهم عدو في المدينة. 4.لا يخرج أحد منهم من المدينة إلا بإذن النبي صلى الله عليه وسلم. 5.التحاكم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. في الأمور الخاصة مثل الزواج يكون التحاكم بينهم هم ، و لكن في الأمور العامة يتحاكمون إلى الرسول . مدى التزام اليهود بهذه الوثيقة. كان هنالك يهود في غير المدينة مثل : خيبر و فدك و تيماء . 1.يهود بنو قينقاع نقضوا العهد في السنة الثانية من الهجرة بعد غزوة بدر. و ذلك في السنة الثانية للهجرة ، فبعد أن رجع الرسول من هذه الغزوة : o أظهروا الحسد والبغي وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم على وجه التحدي: لاَ يَغُرَّنَّكَ مِنْ نَفْسِكَ أَنَّكَ قَتَلْتَ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا أَغْمَارًا لاَ يَعْرِفُونَ الْقِتَالَ إِنَّكَ لَوْ قَاتَلْتَنَا لَعَرَفْتَ أَنَّا نَحْنُ النَّاسُ وَأَنَّكَ لَمْ تَلْقَ مِثْلَنَا. رواه أبو داود. و من ضمن البنود أن يلتزموا بحكم النبي و أن يعاونوا النبي ، أما أن يتحدوه و يهددوه بالقتال فهذا نقض للعهد . o قاموا بالتحرش بامرأة مسلمة في سوقهم. o حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأجلاهم عن المدينة. 2.يهود بنو النضير نقضوا العهد في السنة الرابعة من الهجرة بعد غزوة أحد. o هموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك بإلقاء الحجارة عليه. و ذلك أن النبي قدم إليهم ليعينوه في دية عامرين قتلهما عمرو بن أمية الضمري و كان عندهما كتاب أمان من النبي فألتزم النبي بدفع الدية إلى أهلهما ، فخرج إلى بني النضير على إعانته لدفع الدية فكان جالس تحت حائط فتآمروا على إلقاء الحجارة عليه ، و لكن النبي علم ذلك عن طريق الوحي و خرج من عندهم . o حاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأجلاهم عن المدينة وفيهم نزلت سورة الحشر. ( سبح لله ما في السموات و ما في الأرض و هو العزيز الحكيم *هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا ) 3.يهود بنو قريظة نقضوا العهد في السنة الخامسة أثناء غزوة الخندق. o اتفقوا مع الأحزاب على حرب النبي صلى الله عليه وسلم. o حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم فنزلوا على حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه فأمر بقتل مقاتلتهم وسبي نسائهم وذراريهم. رواه البخاري. الجهاد في سبيل الله عز وجل الإذن بالقتال دون الفرض عليهم؛ قال تعالى:{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحـج 39] فرض عليهم القتال بعد ذلك لمن قاتلهم دون من لم يقاتلهم؛ قال تعالى: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة 190] فرض عليهم قتال المشركين كافة؛ قال تعالى: { وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة 36] و قد فرض عليهم قتال أهل الكتاب ، قال تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الآخر و لا يحرمون ما حرم الله و رسوله و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون ) الفقه المستفاد من هذه المرحلة 1.أهمية المسجد في المجتمع المسلم؛ ولذا حرص النبي صلى الله عليه وسلم على بنائه أول ما قدم، فأسس مسجد قباء، ثم أسس مسجده. وذلك للصلاة فيه و كي يتفقد المسلمون بعضهم بعضا و لعقد الأمور الهامة في المجتمع و لتدريس القرآن و العلوم الشرعية . و المسجد شعيرة من شعائر الدين الظاهرة 2.ضبط النبي صلى الله عليه وسلم للأمور الداخلية؛ وذلك لضمان استقرار الوضع في المدينة. و يظهر ذلك من خلال وثائقه سواء مع المسلمين أو اليهود . 3.اليهود قوم بهت لا عهد لهم ولا ميثاق فقد خانوا العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فمن ظن أنهم يلتزمون بعهد فهو يخادع نفسه. 4.القضاء على كل ما يهدد وحدة الدولة المسلمة؛ وذلك بإجلاء اليهود أو قتلهم لما حصل منهم ما يهدد استقرار الوضع بالمدينة. 5.تأمين الحماية الخارجية للمدينة بقتال كل من يحاول الاعتداء عليها. و هذا واضح من فرض الجهاد ، لأن الجهاد دفاع و طلب . الدفاع و هو أن نرد العدو الذي قدم إلينا ليقاتلنا أما الطلب فهو الفتوحات الإسلامية و الذي يكون من باب نشر الدين . و حكم الجهاد فرض كفاية بالنسبة للطلب أما الدفاع فهو فرض عين على أهل البلد الذي هاجمه الأعداء . 6.نشر الدعوة؛ وذلك بتبليغها للناس عن طريق الحجة باللسان، وعن طريق الجهاد بالسنان حتى يكون الدين كله لله. المحاضرة الحادية عشر غزوة بدر الكبرى الفهرس • عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم. • سبب غزوة بدر الكبرى. • موقف الرسول صلى الله عليه وسلم. • موقف عير قريش. • موقف قريش. • سير المعركة. • الفقه المستفاد من هذه الغزوة. عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم • عدد غزواته صلى الله عليه وسلم التي شارك فيها إحدى وعشرون غزوة. • غزوة الأبواء؛ هي أول غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم. و تسمى غزوة بدر الصغرى و كان القصد منها هو التعرض لعير قريش التي كانت متجهة من مكة إلى الشام ، إلا أن أبا سفيان استطاع أن يغير مسارها و يفر بها في أمان . و التي حينما رجعت من الشام كانت السبب في إلتقاء المسلمين في معركة بدر الكبرى . • غزوة تبوك؛ هي آخر غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم. و ذكر المؤرخون أن هرقل هم بغزو ، المدينة و قال بعضهم أنها كانت من أجل الإنتقام لمقتل زيد بن حارثة و جعفر بن أبي طالب و عبد الله بن رواحة الذين قتلوا في مؤتة في السنة السابعة للهجرة ، و بعض المؤرخون يقولون كإبن كثير أن النبي كان قصده هو نشر الإسلام فإنه لما دانت له جزيرة العرب أراد أن ينشر الدعوة خارج المدينة . • قاتل النبي صلى الله عليه وسلم في ثمان غزوات: بدر وأحد والأحزاب والمصطلق وخيبر ومكة وحنين والطائف. سبب غزوة بدر الكبرى • وقعت هذه الغزوة في يوم الجمعة السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة. • سببها: طلب عير لقريش القادمة من الشام فيها أموال عظيمة لقريش يقودها أبو سفيان ومعه ثلاثة وأربعون شخصا لحماية هذه القافلة. موقف الرسول صلى الله عليه وسلم • خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعا مبادرا القافلة ومعه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا معهم سبعون بعيرا وفرسان اثنان. و حين خرج لم يتجهز بالشكل المطلوب لخوض معركة مع جيش و إنما كانوا يريدون العير . و لم يعب الرسول أحدا من المتخلفين عن الغزوة لأنه خرج مسرعا لكي يبادر العير و لم يظن أنه يلاقي قتال . • لما خرج من المدينة علم بخروج قريش لحماية القافلة، فاستشار الصحابة رضي الله عنهم. فتكلم أبو بكر فأحسن و تكلم عمر فأحسن ثم تكلم المقداد و قال : " يا رسول الله و الله لا نقول لك كما قالت اليهود لموسى ( اذهب أنت و ربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ) و لكن نقول اذهب أنت و ربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون " ثم قال الرسول : أشيروا عليَ أيها الناس ، و قصد هنا الأنصار ، و ذلك لأن البنود في بيعة العقبة كانت تقول بأن الأنصار يقومون بالدفاع عن الرسول ممن يهاجمه في المدينة ، فخشي أن تظن الأنصار أن ليس عليها أن تقاتل معه عدوا خارج المدينة ، فقال سعد بن معاذ : كأنك تريدنا يا رسول الله ، قال : نعم ، قال : إنا آمنا بك و اتبعناك و صدقناك فسر بنا فوالله لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا وراءك ما تخلف رجل واحد منا ، صل حبال من شئت و اقطع حبال من شئت و خذ من أموالنا ما شئت و دع من أموالنا ما شئت فوالله ما أخذت من أموالنا أحب مما تركت . فلما سمع الرسول ذلك أثنى عليهم ثم قال : " سيروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين – أي إما العير التي يرأسها أبو سفيان أو النفير الذين خرجوا من مكة يريدون حماية قافلتهم - . • بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته بالنصر والغنيمة. • سار الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر. • جمعهم الله عز وجل في بدر مع عدوهم من غير ميعاد. فالرسول لم يرد القتال و لا حتى قريش ، فالرسول يقصد العير و قريش تريد حمايتها . قال تعالى : ( إذ أنتم بالعدوة الدنيا و هم بالعدوة القصوى و الركب أسفل منكم و لو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ) موقف عير قريش ( أبو سفيان ) • علم أبو سفيان بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم مريدا العير التي معه. • استأجر رجلا لينذر قريشا ويحضهم على إدراك أموالهم. و هو ضمضم الغفاري فأنذرهم فخرجوا . • غير طريق القافلة فاستطاع النجاة بها. لأنه اتجه إلى ساحل البحر الأحمر فنجا بالقافلة . • أرسل إلى قريش يخبرهم بنجاته ويأمرهم بالرجوع إلى مكة. موقف قريش • خرجوا مسرعين، واستنفروا ما حولهم من القبائل. • خرجت كل قبائل قريش ما عدا بني عدي. و قيل أن سبب ذلك هو أنهم لم يكن لهم شيء من الأموال على القافلة . • خرجوا من ديارهم كما قال تعالى:{ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [الأنفال 47] البطر : الكبر و الإستعلاء . • اقبلوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:بِحَدّهِمْ وَحَدِيدِهِمْ تُحَادّ الله وَتُحَادّ رَسُولَه. • خافوا من بني كنانة لما بينهم من الثأر فتبدى لهم الشيطان في صورة سراقة بن مالك و هو سيد من أسياد بني كنانة وقال: إني جار لكم . أي أحميكم من بني كنانة أن يغزوكم . • هموا بالرجوع لما علموا بنجاة العير لكن ردهم أبو جهل فساقهم إلى مصارعهم، إلا ما كان من بني زهرة فإنهم رجعوا كلهم. فإن الأخنس بن شريق من بني ثقيف قال لهم : لا حاجة لكم بالقتال و قد نجى الله صاحبكم و عيركم فارجعوا . فرجعوا و لم يطيعوا أبا جهل . و بعدها أصبح الأخنس عندهم مطاعا ميمون الرأي . • وصلوا إلى بدر فالتقوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين. سير المعركة • أخبر الله عز وجل بمنازلهم فقال:{إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة الأنفال 42] • نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بدرا قبل قريش فبنوا لهم حياضا وملئت بالمياه. و أول ما نزل الرسول نزل في أول مياه بدر فقال له الحباب بن المنذر : أترى يا رسول الله منزلك هذا ، أهو منزل أنزلك الله فلا نتقدم و لا نتأخر ؟ أم هو الحرب و المكيدة ؟ ، قال : بل الحرب و المكيدة . فقال : هذا ليس بمنزل فارتحل حتى تكون في آخر مياه بدر مما يلي قريش و نغور ما عداها من الآبار و نبني لنا حوض فنملؤه بالمياه فتكون قريش من غير ماء . فأعجب الرسول برأي الحباب بن المنذر و أخذ به . • بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وسعدا والزبير يلتمسون الأخبار فجاءوا بعبدين لقريش فاخبرا النبي صلى الله عليه وسلم بعدد قريش . و ذلك حين سألهم كم عددهم ؟ قالوا لا نعلم ، فسأل : كم ينحرون ؟ قالوا ، عشر جزائر ، أي عشرة من الإبل . فقال الرسول القوم ما بين 900 إلى 1000 ، و ذلك لأن النبي جعل الجزورة تكفي المائة . • أنزل الله عز وجل تلك الليلة مطرا على الفريقين: فكان على المؤمنين سكينة طهر به القلوب وأذهب رجز الشيطان وربط به على القلوب وثبت به الأقدام. وكان على الكافرين وابلا شديدا منعهم من التقدم. • رتب النبي صلى الله عليه وسلم صحابته للقتال فصفهم صفوفا، وأمرهم أن لا يقاتلوا حتى يأمرهم بذلك. و كان ذلك من غير المعتاد عند العرب ، فقد كانوا يعتمدون في القتال على الكر و الفر . • أمر النبي صلى الله عليه وسلم صحابته باستخدام النبال إذا اقترب العدو منهم حتى لا تضيع عليهم نبالهم. • بنى الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا يشرف منه على سير المعركة. و جعلوا عنده من يحمي النبي . • مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش يدعوا ربه ويتضرع إليه {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال 9] و قتال الملائكة لم يكن إلا في يوم بدر فقط . و قد نزلت في غزوة حنين و لكن ليس للقتال إنما لتخويف الكفار فحسب . • وقع الاختلاف في صفوف الكفار حيث حاول بعضهم تجنب القتال لكن افشل أبو جهل تلك المحاولة. و ذلك أن قريشا أمرت عمير بن وهب أن يحرز لهم كم عدد المسلمين ، فركب فرسه فطاف ثم رجع فقال : المسلمون ثلاث مائة و بضعة عشر رجلا ، لكن أرى المطايا تحمل المنايا _ أي أن العير التي يحملها المسلمون تحمل الملايا أي الموت – فوالله لا يموت أحدا منهم حتى يقتل رجلا منكم ، فإن قتلوا مننا عددهم فلا خير في العيش بعد أن يقتل مننا هذا العدد ، فذهب حكيم بن حزام بن خويلد رضي الله عنه إلى عتبة و كان هو سيد قريش و أكبر رجل فيها فقال له : يا أبا الوليد هل لك في أن تتحمل دية حليفك الحظ بن الحضرمي فترجع بالناس ، قال : نعم ، لكن اذهب إلى أبي الحكم فأعلمه بذلك فإني أخاف أن يفسد علينا ، لكن أبا جهل – أبا الحكم – أبى عليهم ذلك فأمر ابن الحضرمي أن يصرخ في الناس ، فصرخ في الناس واعمراه ، أخوه عمرو هو الذي قتل من قبل المسلمين قبل بدر ، فحمي الناس و بدأ القتال . • بدأت المعركة بالمبارزة فقد خرج عتبة بن ربيعة و أخوه شيبة و ابنه الوليد فطلبوا من المسلمين المبارزة ، فخرج إليهم عبد الله بن رواحة ، و معوذ بن عفراه فلما خرجوا قال الكفار : نريد بني عمنا . فأمر النبي عبيدة بن الحارث و حمزة بن عبد المطلب و علي بن أبي طالب فخرجوا ، فبارز عبيدة ربيعة ، و حمزة بارز شيبة ، و علي بارز الوليد . فقتل شيبة و الوليد ، و اختلف عبيدة و ربيعة فقد قتل كل منهما الآخر ، فخرج علي فكر على عتبة فقتله ، فحمل عبيدة إلى النبي و مات شهيدا . • زحف الفريقان بعضهم إلى بعض{وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الاُمُورُ} [الأنفال 44] • بعض صور القتال. • نصر الله جنده فأنزل سكينته عليهم فغشيهم النعاس، وقاتلت معهم الملائكة فقتل من المشركين سبعون وأسر سبعون. و فر الباقون إلى مكة . • استشهد من المسلمين أربعة عشر شهيدا. الفقه المستفاد من هذه الغزوة 1.تواضع النبي صلى الله عليه وسلم ومواساته لصحابته حيث كان يتعاقب معهم ركوب البعير. 2.جواز التجسس على الأعداء؛ حيث بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين يتحسسان له عن أخبار العير، وخرج كذلك هو بنفسه يلتمس الأخبار. 3.المشاورة. 4.الحرص على معرفة قوات العدو. 5.اختيار المكان المناسب للمعركة. 6.وضع الخطة المناسبة للمعركة حيث أمر بالصفوف وبين لهم وقت استخدام النبال. 7.دعاء الله عز وجل والتضرع إليه والإلحاح في الدعاء. 8.الطاعة للقائد وعدم الاختلاف من أهم أسباب النصر{وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال 46] 9.مباشرة القائد للقتال بنفسه من عوامل النصر حيث يقتدي به اتباعه؛ قال علي رضي الله عنه: لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَنَحْنُ نَلُوذُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَقْرَبُنَا إِلَى الْعَدُوِّ وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَأْساً. رواه الإمام أحمد. 10. حكم أسرى الكفار أنه يخير الإمام فيهم بين: القتل فقتل النبي صلى الله عليه وسلم النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط ، و سبب القتل هو شدة عداوتهما للرسول . المن بفداء. و هذا عام في كل الأسرى إلا أبا عزة الجمحي فإن الرسول قد أطلقه من غير فداء . المن بدون فداء. « لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِىٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِى فِى هَؤُلاَءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ » . رواه البخاري 11. الإحسان إلى الأسرى ؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: « اسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا ». 12. الله عز وجل يجعل الأمور في الغالب تجري وفق السنن الكونية؛ إذ لو شاء لأهلك قريشا بملك من الملائكة، لكن قضى وحكم أن يكون الأمر جاريا على السنة الكونية الطبيعية ليكون: أشفى للمؤمنين. وأذهب لغيظ قلوبهم. وحتى لا يتكلوا على هذه الإرادة بل يأخذوا بالأسباب الطبيعية التي هيأها الله عز وجل لعباده. 13. يوم بدر هو يوم الفرقان؛ التقى فيه الأقارب فحارب بعضهم بعضا لأن العقيدة فرقت بين الحق والباطل فالرابط الذي يربط المسلمين بعضهم ببعض هو رابط العقيدة. المحاضرة الثانية عشر غزوة أحد الفهرس • سبب الغزوة. • استعداد قريش لهذه المعركة. • موقف الرسول صلى الله عليه وسلم. • سير المعركة. • الفقه المستفاد من هذه المعركة. سبب الغزوة 1.ثأر قريش لقتلاها في موقعة بدر. حيث أنه وصل عدد القتلى إلى 70 قتيلا من سادات قريش 2.تأمين الطريق التجاري. 3.استعادة قريش لمكانتها عند العرب. استعداد قريش لهذه المعركة o خصصت القافلة التجارية التي نجت يوم بدر لتجهيز الجيش. حيث أنهم خصصوا أرباحهم من تلك القافلة لتجهيز جيش لمحاربة الرسول صلى الله عليه و سلم . o استنفرت ما حولها من القبائل. o بلغ جيشها ثلاثة آلاف مقاتل ومعهم مائتا فارس وسبعمائة دارع أي الذي لبس الدرع و الذي لا يلبس الدرع يسمى حاسر . o خرج معهم بعض النسوة حتى يشجعوا الجيش ويكون مدعاة لهم على عدم الفرار و هي عادة عند العرب . موقف الرسول صلى الله عليه وسلم • شاور أصحابه في البقاء في المدينة والتحصن بها وعدم ملاقاة جيش قريش وكان هذا رأيه ورأي بعض الصحابة. • أشار عليه غالبية الصحابة بالخروج لملاقاة جيش قريش. • أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي الغالبية فدخل منزله ولبس سلاحه وتجهز للخروج. • رأى الصحابة كأنهم اكرهوا النبي صلى الله عليه وسلم على الخروج فندموا على ذلك. • بين النبي صلى الله عليه وسلم لهم عزمه على الخروج. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « رَأَيْتُ – أي في منامي- كَأَنِّى فِى دِرْعٍ حَصِينَةٍ وَرَأَيْتُ بَقَراً مُنَحَّرَةً فَأَوَّلْتُ أَنَّ الدِّرْعَ الْحَصِينَةَ الْمَدِينَةُ وَأَنَّ الْبَقَرَ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ ». قَالَ فَقَالَ لأَصْحَابِهِ « لَوْ أَنَّا أَقَمْنَا بِالْمَدِينَةِ فَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنَا فِيهَا قَاتَلْنَاهُمْ ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا دُخِلَ عَلَيْنَا فِيهَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ فَكَيْفَ يُدْخَلُ عَلَيْنَا فِيهَا فِى الإِسْلاَمِ، قَالَ فَلَبِسَ لأْمَتَهُ قَالَ فَقَالَتِ الأَنْصَارُ َرَدَدْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْيَهُ فَجَاءُوا فَقَالُوا يَا نَبِىَّ اللَّهِ شَأْنَكَ إِذاً. فَقَالَ « إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِىٍّ إِذَا لَبِسَ لأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ ». رواه الإمام أحمد. سير المعركة اختار الرسول طريقا بحيث أنه لا يقابل قريشا حتى يصل إلى أحد ، لأنه يريد أن يصل إلى جبل أحد حتى يختار لنفسه المواقع الإستراتيجية ، فطلب من الصحابة أن يدلوه على طريق يؤدي إلى أحد بدون مقابلة قريش .و الرسول في كل معركة يدرس المكان و يخطط للقتال بناء على المكان الذي سيقاتل فيه . وقعت المعركة في يوم السبت الخامس عشر من شوال في السنة الثالثة من الهجرة. نزل الكفار عند أحد. خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة بعد أن لبس درعين ومعه ألف من المسلمين معهم فرسان ومائة دارع. في أثناء الطريق رجع رأس المنافقين عبد الله بن أبي سلول بثلث الجيش مدعيا أنه لا قتال، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطعه في البقاء في المدينة. استعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشه فرد صغار السن، منهم ابن عمر رضي الله عنهما. نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أحد جاعلا ظهره على أحد وجعل على جبل عينين المقابل لأحد خمسين من الرماة بقيادة عبد الله بن جبير لحماية المسلمين من خيول المشركين أن تلتف عليهم من خلف الجبل. شدد على الرماة بلزوم مكانهم وقال لهم: « إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلاَ تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلاَ تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ ». رواه البخاري بدأت المعركة بهجوم قوي من المسلمين فقتلوا سبعة من حملة لواء المشركين فسقط لواء المشركين وانهزموا فولوا مدبرين. و كان آخر من حمل لواء المشركين عبد من عبيد بني الدار ، فقتل و هو حامل اللواء . خالف الرماة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلوا من الجبل وقد حذرهم قائدهم عبد الله بن جبير وذكرهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يطيعوه وبقي على الجبل عشرة من الرماة. انتبه خالد بن الوليد وكان على خيل المشركين لنزول الرماة فالتف حول الجبل فأتى المسلمين من خلفهم. رجع المشركون لما رأوا صنيع خالد فأحاطوا بالمسلمين من الأمام والخلف. اضطربت صفوف المسلمين وشاع فيهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل. دخل الوهن في بعض المسلمين ففر بعضهم وترك بعضهم القتال وبقيت طائفة منهم تقاتل. و قد ذكر بأنه أحد المهاجرين مر على أحد الأنصار و هو يتشحط في دمه فقال : هل شعرت أن محمدا قد قتل ؟ قال : فإن كان قد قتل فقاتلوا على ما كان عليه النبي . أفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أصحابه فقاتلوا دونه فقتل بعضهم دون رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبقي معه طلحة بن عبيد الله و سبعة من الأنصار فهجم عليهم المشركون فدافع هؤلاء السبعة حتى قتلوا جميعهم ثم قاتل طلحة فدافع عن النبي دفاعا مستميتا حتى ضرب بـما فوق 20 ضربة و قد شلت أصابعه ، ثم إن النبي دعا المسلمين . فكان أول من أقدم هو أبو بكر ثم أبو عبيدة ، و أول من عرفه هو كعب بن مالك فصرخ في الناس : هذا رسول الله ، فأمره الرسول أن يخفض صوته حتى لا يشعر به الكفار . رجع بقية المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأوه سالما. أصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكسرت رباعيته ودخلت حلقتين من المغفر في وجنته. قتل من المسلمين سبعون ومثل ببعضهم. و من ضمنهم حمزة بن عبد المطلب ( أسد الله و رسوله ) فقد قتله وحشي بن حرب . فمثل به فجذع أنفه و قطعت أذناه و بقر بطنه ، فرآه النبي و حلف لإن الله أمكنه من قريش ليمثلن بـ 70 منهم . فنزل قوله تعالى : ( و إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به و لئن صبرتم لهو خير لكم ) فقال بل نصبر ثم نهى عن المثلى ، فالمثلى محرمة في الإسلام حتى على الأعداء ، فلا يجوز أن يمثل بهم . قتل من المشركين اثنان وعشرون رجلا. دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهداء في أرض المعركة ولم يغسلهم ولم يكفنهم ولم يصل عليهم. و ذلك لعظم أجرهم . صورة لمعركة أحد الفقه المستفاد من هذه المعركة 1-بيان ما عليه الصحابة رضي الله عنهم من الشجاعة والإقدام حيث عزموا على الخروج لملاقاة عدوهم. 2-عدم التردد في المضي في الأمر إذا عزم عليه الإنسان؛ لأن في التردد يكون الهوان والعجز والكسل. 3-رد صغار السن ومنعهم من المشاركة في القتال إلا إذا وصلوا سن البلوغ. 4-التخطيط الجيد للمعركة، ولبس الدرع للوقاية من الضربات، كلها أسباب يجب على العبد فعلها. 5-جواز الاختيال و التبختر في الحرب. و لذلك رفع الرسول سيفا فقال : من يأخذه بحقه ؟ فقال أبو دجانة : أنا آخذه بحقه يا رسول الله ، فأخذه أبو دجانة ثم أخرج عصابة له حمراء فعصب به رأسه فأخذ يختال بين الصفين ، فقال الرسول : إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن . 6-أن العبد إنما يجزى بحسب نيته؛ فمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو الشهيد المستحق لثواب الشهداء؛ كما في قصة الأصيرم. الأصيرم كان من بني عبد الأشهل من الأوس و لم يسلم فلما وقعت معركة أحد قذف الله في قلبه الإسلام فأخذ سيفه و لبس درعه و خرج إلى ساحة القتال فقتل هناك ، و بعد نهاية المعركة طاف بنو عبد الأشهل ينظرون في قتلاهم فوجدوا الأصيرم ، فقالوا : ما حملك على القتال ، أهو حدبا على قومك أم غضبا على الله و رسوله ؟ ، قال : بل غضبا على الله و رسوله ، فأخبر النبي بذلك ، فقال : هو من أهل الجنة ، و لذلك قال أبو هريرة : " دخل الجنة و لم يسجد لله سجدة واحدة " 7-أن الذنوب يغفرها الله جميعا حتى وإن كانت من الكبائر مثل الفرار يوم الزحف؛ قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران 155] 8-أن الهداية بيد الله عز وجل وليست بيد أحد سواه؛ ولهذا لما قال صلى الله عليه وسلم: « كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ ». أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران 128] رواه مسلم. 9-الله عز وجل يكرم بعض أوليائه بأن يجدوا ريح الجنة وهم في الدنيا؛ كما في قصة أنس بن النضر رضي الله عنه. قال أنس للنبي : لقد غبت عن أول قتال قاتلت فيه أعداء الله لإن الله أشهدني قتالا ليرن الله ما أصنع ، فلما كان يوم أحد و انهزم المسلمون في أول النهار ، قال أنس : اللهم إني أبرأ منك مما يصنع هؤلاء – أي المشركون – و أعتذر إليك مما يصنع هؤلاء – أي المسلمون – ثم حمل على الأعداء فاستقبله سعد بن معاذ فقال يا سعد إني لأجد ريح الجنة دون أحد . فقاتل حتى قتل فوجد عليه 90 ضربة لم تعرفه إلا أخته ببنانه . 10.جواز الإيثار بالقرب حيث آثر أبو بكر رضي الله عنه أبا عبيدة رضي الله عنه وقدمه لنزع حلقتي المغفر من وجنة الرسول صلى الله عليه وسلم. و ذلك أنه جاء أبو بكر إلى النبي لينزع عنه حلقتي المغفر فحلف أبو عبيدة أنه لا ينزعها إلا هو ، فترك أبو بكر ذلك لأبي عبيدة. 11. شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم حيث صمد في أرض المعركة مع جراحه وقلة أصحابه وشدة طلب أعدائه له. 12. شهداء المعركة لا يصلى عليهم ولا يغسلون ولا يكفنون وإنما يدفنون في ثيابهم. كما أخبر عنهم الرسول أنهم يبعثون يوم القيامة ينزفون فاللون لون الدم و الريح ريح المسك . 13. ما حصل للمسلمين في معركة أحد له حكم عديدة منها: تمييز المؤمنين من المنافقين قال تعالى: {مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران 179] الله يعلم و يميز الخبيث من الطيب و لكن المقصود هو التمييز بالنسبة للمسلمين ، فحين أنهزموا تكلم بعض المنافقين فعرفوا على حقيقتهم فحذرهم المسلمون بعد ذلك . بيان شؤم المعصية فما حصل لهم إنما هو بسبب عصيانهم لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران 152] تحسونهم : أي تقتلونهم ، عصيتم : عصيان الرماة لأمر النبي . 14. حمد الله والثناء عليه في كل حال وعلى جميع الأحوال. فحين انتهاء المعركة أثنى الرسول على الله و حمده رغم المصيبة التي وقعت وقتئذ . و للإستزادة ننصح بقراءة كتاب زاد العباد في هدي خير العباد لابن القيم . المحاضرة الثالثة عشر فتح مكة الفهرس • سبب الفتح. • موقف قريش. • موقف النبي صلى الله عليه وسلم. • نتائج هذا الفتح. • الفقه المستفاد من فتح مكة. سبب الفتح خرج النبي في السنة السادسة من المدينة يريد العمرة و معه ألف و 400 من المسلمين فلما بلغ الحديبية و هي ماء بالقرب من مكة بركت ناقته القصواء ، و منعته من قريش من دخول مكة فوقع بينهم صلح و من بنود هذا الصلح أن يعتمر النبي في السنة السابعة و يرجع في هذه السنة و لا يرجع مكة و من بنود الصلح الحرب بين المسلمين و بين الكفار هدنة لمدة 10 سنوات . • من بنود الصلح الذي وقع عام الحديبية في السنة السادسة أن من أحب أن يدخل في عقد النبي صلى الله عليه وسلم فله ذلك، فدخلت فيه خزاعة، ودخلت بنو بكر في عهد قريش. و كان هنالك ثأر بين خزاعة و بنو بكر ، و حدث أن خزاعة قتلت رجل من بكر ثم قامت بكر فقتلت رجل من خزاعة ثم قامت خزاعة فقتلت 3 من سادة بني بكر في عرفة فلما جاء الإسلام شغل الناس بدعوة النبي و بالحروب التي وقعت بين المسلمين و بين قريش حتى وقع الصلح الذي بين النبي و بين قريش في السنة السادسة من الهجرة . • قام بنو بكر خلال فترة الهدنة بالغدر حيث هاجموا خزاعة وقتلوا منهم مقتلة. استغلت بنو بكر هذه الهدنة فغزت خزاعة و بيتوهم بالليل فقتلوا منهم مقتلة و وقع بينهم حرب ، حتى اظطرت خزاعة فدخلت الحرم و دخل مكة فوقف القتال ، لكنه قتل منهم ما يقارب 30 رجلا من خزاعة . • استنصرت خزاعة بالنبي صلى الله عليه وسلم وناشدوه الحلف الذي بينهم. خرج عمرو بن سالم إلى النبي فأتى إلى النبي في المدينة و ناشده الحلف الذي بينهم و استنصره فقال له النبي : نصرت . و فعلة بنو بكر يعتبر نقضا للعهد لأن بني بكر داخلة في صلح قريش و خزاعة داخلة في صلح النبي . موقف قريش ساعدت قريش بني بكر على غدرها بخزاعة فأعانتها بالسلاح والرجال. فبعض رجال قريش قاتلوا مع بني بكر . حاولت قريش إصلاح خطئها فأرسلت أبا سفيان ليعتذر ويجدد العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم. لم يستطع أبو سفيان أن يعمل شيئا أو يحصل على نتيجة مع مخاطبته للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم. حين قدم أبو سفيان إلى مكة دخل على أم حبيبة و هي زوج النبي فأراد أن يجلس على الفراش فطوت عنه الفراش فقال : " لما يا بني ؟ " ، فقالت : " إنك رجل مشرك نجس و هذا فراش رسول الله فخشيت أن تنجسه إذا جلست عليه " و يدل ذلك على عظم إيمان أم حبيبة و أنها لا تؤثر أحدا على النبي حتى و لو كان أبوها . ثم كلم النبي فلم يرد عليه شيئا ، و كلم أبو بكر فلم يرد شيئا و حين كلم عمر ، قال عمر : أنا أخاطب فيك رسول الله و الله لو لم أجد إلا الذرة لجاهدتكم به " ثم كلم علي ، فقال علي : " إني لا أجير أحدا على النبي " و كلم فاطمة ، فقالت له : " نحو ما قال له علي " ثم قال لعلي : " أشر علياَ " فقال : " أشير عليك أن تجير بين الناس فأنت سيد بني كنانة " فقال " أوى يغني عني ذلك شيء " قال : " لا أراه يغني عنك شيئا ، لكن افعله " ، فجاء إلى المسجد فصرخ بأعلى صوته : " إني قد أجرت بين الناس فركب بعيره و انطلق إلى مكة " . و لم تتحقق أي نتيجة مما أرادته قريش . لم تتيقن قريش ماذا ستكون ردة فعل الرسول ، هل هو باق على العهد أم لا ، هل سيغزوها أم لا . لذلك : أعمى الله عز وجل عن قريش أخبار المسلمين حتى باغتهم الجيش الإسلامي في ديارهم. موقف النبي صلى الله عليه وسلم o قال النبي صلى الله عليه وسلم لموفد خزاعة عمرو بن سالم:« نُصِرْتَ يَا عَمْرُو بْنَ سَالِمٍ ». و كذلك قال النبي لبديل بن ورقاء الخزاعي لما جاءه و أخبره بما فعلته قريش مع حلفائها . o أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتجهز واستنفر ما حوله من القبائل من سليم و مزين و جهينة و أسلم و غفار و غيرها من القبائل . ولم يعلمهم بوجهته في أول الأمر ثم اخبرهم لما توجه تلقاء مكة. و لذلك دخل أبو بكر على عائشة فرآه تجهز جهاز النبي فقال : " إلى أين يا بني " قالت : " لا أعلم أمرني النبي بالتجهز و لا أعلم إلى أين " o خرج النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان من السنة الثامنة من الهجرة، ومعه كل المهاجرين والأنصار لم يتخلف منهم أحد وبلغ تعداد جيشه عشرة آلاف مقاتل. حيث أنه يبلغ عدد المهاجرين و الأنصار 4 آلاف ، و 6 آلاف من سائر القبائل المحيطة بالمدينة ، و هذا أكبر جيش اجتمع للنبي . o قال النبي صلى الله عليه وسلم: « اللّهُمّ خُذْ الْعُيُونَ وَالْأَخْبَارَ عَنْ قُرَيْشٍ حَتّى نَبْغَتَهَا فِي بِلَادِهَا ». احتاط النبي أن يباغت قريش في مكة حتى تكون أمام الأمر الواقع فلا تستطيع القتال فتستسلم ، و هذا ما أراده النبي ، لأنه كان حريصا على حفظ الدماء و لتعظيم مكة o خرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم حتى بلغ كديدا فأفطر وأفطر الناس معه، وكديد على مسافة 86 كيلا من مكة. o عسكر النبي صلى الله عليه وسلم بمر الظهران وأمر المسلمين فأوقدوا عشرة آلاف نار. و الحكمة في ذلك أنه إذا رأى أحدا من الأعداء كل تلك النيران شعروا بكثرة المسلمين فيوقع الرعب في قلوب . o خرج أبو سفيان وحكيم بن حزام من قريش وبديل بن ورقاء الخزاعي يتحسسون الأخبار. فرأوا نيران المسلمين ، فقال أبو سفيان لمن معه : " لم أر مثل هذا اليوم نيرانا " فقال بديل : " هذه خزاعة " فقال أبو سفيان : " خزاعة أذل و أقل من ذلك " o خرج العباس بن عبد المطلب من معسكر المسلمين على بغلة النبي صلى الله عليه وسلم يتحسس لعله يجد راعيا أو أحدا ليخبر قريش فيخرجوا لطلب الأمان قبل أن يباغتهم جيش المسلمين. o التقى العباس بأبي سفيان فحمله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمنه وأسلم أبو سفيان، وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الأمان لقريش: « مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِى سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى السِّلاَحَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ ». رواه مسلم. o أمر النبي صلى الله عليه وسلم العباس أن يحبس أبا سفيان حتى تمر عليه كتائب الجيش فيعلم قوة المسلمين وأنه لا طاقة لقريش في قتالهم. o دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وعلى رأسه المغفر وقد قسم جيشه ثلاثة أقسام وأمر كل قسم أن يدخل مكة من جهة. فقسم مع خالد بن الوليد و قسم مع أبي عبيدة بن الجراح و قسم مع الزبير بن العوام . و أمرهم أن لا يقاتلوا أحدا إلا إذا قاتلهم و لم يكن قتال إلى جهة خالد بن الوليد ، لأن بعضا من قريش منهم صهيل بن عمرو و عكرمة بن أبي جهل و صفوان بن أمية قد جمعوا لهم جمعا فأرادوا أن يحاربوا لكنه قتل منهم مايقارب 12 رجلا ففروا و تركوا ساحة القتال . o دخل النبي صلى الله عليه وسلم متواضعا خاشعا لله يردد سورة الفتح. فأعطى الأمان للكل إلا عكرمة بن أبي جهل و منهم بن خطل و عبد الله بن أبي سحل و قال إن وجدتموهم متعلقين على استار الكعبة فاقتلوهم ، بعضهم استطاع أن يحصل على الأمان من النبي مثل عكرمة و عبد الله بن أبي سحل ، أما بن خطل فقد قتل و هو متعلق في أستار الكعببة . و دخل الرسول و هو يردد قوله تعالى ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) و قد نزلت بعد صلح الحديبية ، لذلك قال عمر للنبي : " أوى فتح هو " قال : " نعم " ، و هو بالفعل فتح لأن النبي خرج من المدينة عام الحديبية من مكة المدينة إلى مكة و معه 1400 مقاتل و خرج عام فتح مكة و معه 10 آلاف مقاتل ، مما يدل على تعاظم الإسلام بين فترة الحديبية و فتح مكة . o دَخَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ فِى يَدِهِ وَجَعَلَ يَقُولُ ( جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إن الباطل كان زهوقا ) الآيَةَ. رواه البخاري. o عفا النبي صلى الله عليه وسلم عن قريش وقال لهم: « يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ مَا تَرَوْنَ أَنّي فَاعِلٌ بِكُمْ؟ » قَالُوا: خَيْرًا أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ قَالَ: « فَإِنّي أَقُولُ لَكُمْ كَمَا قَالَ يُوسُفُ لِإِخْوَتِهِ { لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ } اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطّلَقَاءُ ». نتائج هذا الفتح 1.تطهير البيت الحرام من الأصنام. 2.القضاء على الأصنام الموجودة في جزيرة العرب: أرسل خالد بن الوليد لهدم العزى. فسار خالد بثلاثين فارسا فهدمها فرجع إلى النبي فقال له النبي : " هل رأيت شيئا ؟ " قال : " لا " ، قال : " فارجع فإنك لم تهدمها " فرجع خالد و هم متغيض فلما أقبل على العزة خرجت إليه امرأة عجوز ناشرة شعرها فتجللها خالد فضربها بالسيف فقطها نصفين ، فرجع إلى النبي فأخبره فقال : " تلك العزة و لن تعبد في جزيرة العرب " أرسل سعد بن زيد الأشهلي لهدم مناة. و كان تعظمها الأوس و الخزرج في الجاهلية و غسان . أرسل عمرو بن العاص لهدم سواع. 3.دخل الناس في دين الله أفواجا. 4.علامة على قرب أجل النبي صلى الله عليه وسلم. روى البخاري في صحيحه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما أنهُ قَالَ في قوله تعالى:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً } هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) فَتْحُ مَكَّةَ فَذَاكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) لذلك ذكرت عائشة رضي الله عنها أنه كان من أكثر دعاء النبي في أيامه الأخيرة ( استغفرك اللهم و أتوب إليك " و قد توفي الرسول بعد فتح مكة بسنتين . الفقه المستفاد من فتح مكة 1.كان صلح الحديبية مقدمة لهذا الفتح العظيم؛ حيث أمن الناس فكلم بعضهم بعضا، فدخل كثير من الناس في الإسلام، ومن سنة الله عز وجل أن يقدم بين يدي الأمور العظيمة مقدمات تكون كالمدخل لها، فكان هذا الصلح مدخلا لفتح مكة. 2.الدولة الإسلامية إذا دخل في عهدها أحد فحاربتهم دولة فعلى دولة الإسلام أن تدافع عنهم وتقاتل من حاربهم. 3.إذا وقع عهد بين دولة الإسلام ودولة الكفر فنقض بعضهم العهد اعتبرت الدولة كلها ناقضة للعهد وجاز لدولة الإسلام محاربتها. 4.جواز الصلح مع الكفار، وهل يجوز أن يكون أكثر من عشر سنين؟ خلاف بين الفقهاء. 5.أن رسول الكفار لا يقتل؛ ولهذا لم يقتل النبي صلى الله عليه السلام أبا سفيان لما قدم المدينة ليجدد العهد مع أنهم قد نقضوا العهد. 6.جواز قتل الجاسوس؛ ولهذا قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة حاطب بن بلتعة،: دَعْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فلم ينكر النبي عليه الصلاة والسلام على عمر قوله لكن قال له: « إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ ». رواه مسلم. 7.أن الرجل إذا نسب المسلم إلى النفاق والكفر متأولا وغضبا لله ورسوله ودينه فإنه لا يكفر بذلك ولا يأثم به. 8.أن الكبيرة العظيمة مما دون الشرك قد تُكفَّرُ بالحسنة الكبيرة الماحية؛ كما في قصة حاطب فشهوده بدرا كفر تجسسه. 9.استحباب إظهار قوة المسلمين وكثرتهم واستعراض قوتهم حتى يرهبهم الأعداء. 10. أن مكة المكرمة فتحت عنوة وليست صلحا. 11. جواز دخول مكة دون إحرام. 12. جواز الفطر والصوم للمسافر؛ حيث صام النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلغ كديدا ثم أفطر. 13. إقرار أمان النساء وجوارهن؛ حيث أجارت أم هانئ رجلين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ ». رواه البخاري و هي زوجة علي بن أبي طالب ، و النبي أهدر دم الرجلين فهم علي بقتلهم فذهبت أم هانئ إلى الرسول . المحاضرة الرابعة عشر أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم الفهرس • وصف القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم. • نماذج من خلقه صلى الله عليه وسلم. • وفاته صلى الله عليه وسلم. وصف القرآن لخلق النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم 4] ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: كان خُلُقُ نَبِىِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ. رواه مسلم قال تعالى: { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة 128] • معنى:{ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}أي يهتم وينشغل باله لأي أمر يكون فيه مشقة وتعب على أمته. قال تعالى: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ} [آل عمران 159] o سئلت عَائِشَةُ رضي الله عنها عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَلاَ صَخَّابًا فِى الأَسْوَاقِ وَلاَ يَجْزِى بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ. رواه الترمذي الفحش هو مجاوزة الحد في القول و الفعل ، و لا صخابا : أي ليس الذي يرفع أصواته في الأسواق و لا يتكلم بصوت مرتفع ، و إذا ما اعتدى عليه أحد فإنه لا يقابله بنفس السيئة و لكنه يعفو و يصفح . o عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا. رواه البخاري. نماذج من خلقه صلى الله عليه وسلم 1.الحياء؛ وهو خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق. و هو النظر إلى نعمة إلى من جانب و ينظر من جانب آخر إلى تقصيره في شكر هذه النعمة فيتولد بينهما مرتبة تسمى الحياء . كان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها. كان صلى الله عليه وسلم إذا رأى شيئا يكرهه عُرف ذلك في وجهه. و قد ورد أنه رجع من سفر فدخل على عائشة فوجدها قد علقت على سهوة قراب فيه صورة فتغير وجه النبي فعرفت عائشة الكراهة في وجهه . كان صلى الله عليه وسلم لا يقابل شخصا بما يكرهه. فإنه حين يعلم أن أحدا فعل أمرا لا يقول ما بال فلان يفعل كذه بل يقول ما بال أقوام يفعلون كذه . 2.التواضع: كان ينهى أصحابه أن يقوموا له إذا رأوه، أو دخل عليهم. كان يمشي مع العبد حتى يقضي له حاجته. كان يقف مع المرأة حتى يقضي لها حاجتها. و قد ورد في بعض الروايات أن امرأة كانت في عقلها شيء – أي نقص – فأتت إلى النبي تطلب منه شيئا فقال لها يا فلانة انظري أي الطرق شئت فقفي لي ، فوقفت له ، فأتاها النبي حتى قضى حاجتها . كانت الجارية تأخذ بيده الشريفة فتذهب به حيث شاءت . إذا مر على الصبيان سلم عليهم. إذا دخل بيته كان في مهنة أهله يحلب الشاة ويخدم نفسه ويضحك معهم ويبتسم. و كان أول ما يدخل بيته يتسوك . يمازح أصحابه فلا يقول إلا حقاً. ورد أن رجلا من أهل البادية كان يقدم على النبي فكان إذا أراد أن يخرج إلى باديته جهزه النبي و كان هذا الرجل إذا قدم المدينة أعطى النبي هدية فرآه النبي ذات يوم و هو في السوق يبيع متاعا له فالتزمه النبي من خلفه فلم يشعر به الرجل فقال أرسلني و هو لا يعرفه فرفع رأسه فرأى النبي فجعل يلصق ظهره بصدر النبي رجاء بركة النبي ، فقال النبي : " من يشتري مني هذا العبد " فقال يا رسول الله : " إذن تجدني كاسدا " قال : " لكنك عند الهل عظيم " و ورد أن رجلا قدم إلى النبي و قال له : " احملني " فقال : " إنا حاملوك على ولد الناقة " قال : " و ماذا يغني عني ولد الناقة ؟ " قال : " و هل يلد الإبل إلا النوق " ورد أنه أتت إلى النبي امرأة عجوز فقالت : " يا رسول الله ادعو الله أن يدخلني الجنة " فقالت : " إنك لا تدخليها " فولت و هي تبكي ، فقال ردوها " فقال إنك لا تدخليها على هيئتك هذه و إنما يجعلك الله كواعب أترابا " 3.الجود والكرم: مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ لاَ. كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ. كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. جَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِى عَطَاءً لاَ يَخْشَى الْفَاقَةَ. قالت عنه خديجة رضي الله عنها: إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِى الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. 4.الحلم واحتمال الأذى والعفو مع المقدرة والصبر على الأذى: كان صلى الله عليه وسلم أبعد الناس غضبا وأسرعهم رِضىً. مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ، إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا. ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهْوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِى فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ». جاءه رجل وهو نائم فرفع عليه السيف فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى، فقال عليه الصلاة والسلام: « اللَّهُ ». فسقط السيف من يد الرجل فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعاقبه وعفا عنه. عفوه عن اليهودية التي وضعت السم في الشاة. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ نَجْرَانِىٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِىٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِى مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ قَالَ: « إِنِّى لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً ». و قد جاءه رجل و هو يقسم غنائم حنين فقال له : " اعدل " فقال : " ويحك ! إن لم أعدل أنا فمن يعدل ؟ " فقال له أحد الصحابة : " يا رسول الله دعني أضرب عنقه " فقال لا . عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: خَدَمْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِى أُفٍّ قَطُّ وَمَا قَالَ لِشَىْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَهُ وَلاَ لِشَىْءٍ تَرَكْتُهُ لِمَ تَرَكْتَهُ. وفاته صلى الله عليه وسلم • قال تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [الزمر 30] • عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكُثَ بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ. رواه البخاري • عَنْ أَبِى سَعِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: « عَبْدٌ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ ». فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَبَكَى فَقَالَ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمُخَيَّرُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ. رواه مسلم. • أَسَرَّ النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابنته فاطمة رضي الله عنها: « إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِى الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَنِى الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِى وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِى لَحَاقًا بِى ». فَبَكِيت فَقَالَ: « أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِى سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . فَضَحِكْت. رواه البخاري. المعارضة : هي أن يقرأ الرسول القرآن على جبريل عليه السلام • لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ قَالَ: « مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ». رواه البخاري. نستفيد من هذا الحديث أمرين ، الأول : أهمية الصلاة و لذلك استخلف النبي و اهتم بها لأنه في آخر حياته و لم يقو على النهوض للخروج للصلاة جماعة ، و الثانية : مزية الصديق لأن النبي قال : " يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله " فكان أبو بكر أقرأهم لكتاب الله و هو خيرهم . و لذلك قال بعض الصحابة اختاره – أي النبي اختار الصديق – لديننا أفلا نختاره لدنيانا . • بدأ المرض به صلى الله عليه وسلم في يوم السبت الثاني والعشرين من صفر وتوفي في يوم الاثنين العاشر من ربيع الأول من السنة الحادية عشر من هجرته. رواه البيهقي • عَنْ أَنَس بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّى لَهُمْ فِى وَجَعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الاِثْنَيْنِ - وَهُمْ صُفُوفٌ فِى الصَّلاَةِ - كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتْرَ الْحُجْرَةِ فَنَظَرَ إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ. ثُمَّ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَاحِكًا قَالَ فَبُهِتْنَا وَنَحْنُ فِى الصَّلاَةِ مِنْ فَرَحٍ بِخُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَارِجٌ لِلصَّلاَةِ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ أَنْ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ - قَالَ - ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَرْخَى السِّتْرَ - قَالَ - فَتُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ. رواه مسلم • آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ قَالَ: « قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ لاَ يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ ». رواه الإمام مالك • عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِى مَرَضِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ: « الصَّلاَةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ». فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى مَا يَفِيضَ بِهَا لِسَانُهُ. رواه ابن ماجه • عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِى وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَصَرَهُ فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَقَصَمْتُهُ وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَنَّ بِهِ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَنَّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَهُ أَوْ إِصْبَعَهُ ثُمَّ قَالَ:« فِى الرَّفِيقِ الأَعْلَى ». ثَلاَثًا ثُمَّ قَضَى، وَكَانَتْ تَقُولُ مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِى وَذَاقِنَتِى. متفق عليه • غُسِّل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء وتولى غسله: علي بن أبي طالب والعباس والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد رضي الله عنهم. رواه الإمام أحمد. • عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِى ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. رواه البخاري. سحولية: ثياب بيض قطنية منسوبة إلى سحول بلد باليمن. • عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم أدخل الرجال فصلوا عليه بغير إمام أرسالا حتى فرغوا، ثم أدخلوا النساء فصلين عليه، ثم أدخل الصبيان فصلوا عليه، ثم أدخل العبيد فصلوا عليه أرسالا لم يؤمهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد. رواه البيهقي في الدلائل. أرسالا : بمعنى جماعات متفرقة . • دفن ليلة الأربعاء حيث قبض عليه الصلاة والسلام ولم يكن قبره مشرفا بل كان بارتفاع شبر إلى ذراع تقريبا . تمت بحمد الله |
التعديل الأخير تم بواسطة بيان باراس ; 2010- 12- 28 الساعة 03:30 PM |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
للشآب, المحاضرة, التي, التفاصيل, الدكتور, الشجرة, يذكرها, فيها, فقه, إليكم |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كل المواد الا التحرير نداء للجميع.. | hgusg ldld | قسم المحذوفات و المواضيع المكررة | 20 | 2010- 12- 22 04:21 PM |