|
منتدى كلية الآداب بالدمام منتدى كلية الآداب بالدمام ; مساحة للتعاون و تبادل الخبرات بين طالبات كلية الآداب بالدمام و نقل آخر الأخبار و المستجدات . |
|
أدوات الموضوع |
2012- 12- 30 | #451 |
أكـاديـمـي
|
رد: اللــهم وفقنا لما تحـب وترضى ^ المستوى الخامس ^ تفـــضــلوا
الفصل الثالث
العلاقة بين النواقض الاعتقادية وغيرها من النواقض هذا الفصل أشبه بالخاتمة أو الخلاصة لبعض ما سبق، حيث إن له تعلقاً بمجموعة من الفصول والمباحث السابقة مثل كفر الإعراض، والنفاق، وشرك النية والإرادة … الخ، وقبل البحث في العلاقة بين النواقض الاعتقادية وغيرها، لابد من التذكير بالعلاقة بين الظاهر والباطن أو بين إيمان القلب وإيمان الجوارح. 1- العلاقة بين الظاهر والباطن هناك تلازم بين الظاهر والباطن فالصلاح في أحدهما يؤثر في الآخر ولابد، وكذلك الفساد، لكن القلب هو الأصل، كما بينا في الفصل الأول. يقول الإمام ابن رجب – رحمه الله – في بيان ذلك: "صلاح حركات العبد بجوارحه، اجتنابه للمحرمات واتقاء الشبهات بحسب صلاح حركة قلبه، فإن كان قلبه سليماً ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه صلحت حركات الجوارح كلها، … وإن كان القلب فاسداً قد استولى عليه اتباع الهوى وطلب ما يحبه ولو كرهه الله، فسدت حركة الجوارح كلها، …. وحركات الجسد تابعة لحركة القلب وإرادته، فإن كانت حركته وإرادته لله وحده فقد صلح وصلحت حركات الجسد تابعة لحركة القلب وإرادته، فإن كانت حركته وإرادته لله وحده فقد صلح وصلحت حركات الجسد كله، وإن كانت حركة القلب وإرادته لغير الله فسد، وفسدت حركات الجسد بحسب فساد حركة القلب … " )[1] (، وهذا الأمر سبقت الإشارة إليه عند الكلام عن المحبة والإرادة وأنهما أصل أعمال الجوارح، وعند الكلام عن كفر الإعراض، لذلك سنختصر الكلام فيه، ونكتفي ببعض النقولات المختصرة عن شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – لأنه أطال الكلام في هذه المسألة، وبين مذهب أهل السنة في ذلك بعبارات سهلة واضحة، قال –رحمه الله -: " … وإذا قام بالقلب التصديق به والمحبة له لزم ضرورة أن يتحرك البدن بموجب ذلك من الأقوال الظاهرة، والأعمال الظاهرة، فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال هو موجب ما في القلب ولازمه، ودليله ومعلوله، كما أن يقوم بالبدن من الأقوال والأعمال له أيضاً تأثير فيما في القلب، فكل منها يؤثر في الآخر، لكن القلب هو الأصل والبدن فرع له، والفرع يستمد من أصله، والأصل يثبت ويقوى بفرعه …. ")[2](، ويقول أيضاً: " … إذا نقصت الأعمال الظاهرة الواجبة كان ذلك لنقص ما في القلب من الإيمان، فلا يتصور مع كمال الإيمان الواجب الذي في القلب إن تعدم الأعمال الظاهرة الواجبة، بل يلزم من وجود هذا كاملاً، وجود هذا كاملاً، كما يلزم من نقص هذا نقص هذا، إذا تقدير إيمان تام في القلب بلا ظاهر من قول وعمل، كتقدير موجب تام بلا موجبه، وعلة تامة بلا معلولها، وهذا ممتنع …" )[3] (. ويقول – رحمه الله -: " … العمل الظاهر لازم للعمل الباطن لا ينفك عنه، وانتفاء الظاهر دليل انتفاء الباطن …. ")[4](. ويقول: "فأصل الإيمان في القلب، وهو قول القلب وعمله، وهو إقرار بالتصديق والحب والانقياد، وما كان في القلب فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دل على عدمه أو ضعفه، ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من موجب إيمان القلب ومقتضاه، وهي تصديق لما في القلب ودليل عليه وشاهد له، وهي شعبة من مجموع الإيمان المطلق وبغض له، لكن ما في القلب هو الأصل لما على الجوارح … " )[5] (، ويقول: " … فإذا كان القلب صالحاً بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً، لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر، والعمل بالإيمان المطلق، كما قال أهل الحديث: قول باطن وظاهر، وعمل باطن وظاهر، والظاهر تابع للباطن لازم له متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد … ")[6](. نستنتج من النقل السابق أن هناك ترابطاً وثيقاً بين الباطن (قول القلب وعمله)، والظاهر (قول اللسان وأعمال الجوارح)، فإذا انتفى الظاهر دل ذلك على عدم ما في القلب، وإذا دل على نقص ما في القلب، وكذلك العكس، فكل منها يؤثر في الآخر، لكن القلب هو الأصل، وأعمال الجوارح دليل وشاهد عليه وهذا هو مقصود أهل السنة والحديث حينما يعرفون الإيمان بأنه "قول وعمل"، لا يغني أحدهما عن الآخر. 2- النواقض الاعتقادية أصل النواقض أو فساد الظاهر دليل على فساد في الباطن (أمثلة لذلك): لما كان الإيمان أصله في القلب، فكذلك الكفر والنفاق، وما يظهر من النواقض القولية والفعلية الظاهرة دليل ولازم من لوازم ما في القلب من كفر أو نفاق، ويتضح هذا من خلال ذكر الأمثلة الدالة على ذلك، وسأختصر في شرح الأمثلة: أ- سبق وأن أشرنا إلى أن الشرك بعمل الجوارح يرجع في الحقيقة إلى عمل القلب، وخاصة شرك النية والقصد، ومن ذلك الفرق بين الرياء والنفاق الأكبر، فالذي يفرق بينهما هو النية (فإن كان الباعث على العمل هو إرادة الله والدار الآخرة وسلم من الرياء في فعله وكان موافقاً للشرع فذلك العمل الصالح المقبول، وإن كان الباعث على العمل هو إرادة غير الله عز وجل والدار الآخر ولكن دخل عليه الرياء في تزيينه وتحسينه فذلك هو الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم الشرك الأصغر وفسره بالرياء العملي")[7](. ب- وكذلك الذبح والنذر للأموات ودعاؤهم من دون الله، فهذا الشرك يرجع في الحقيقة إلى ما في القلب من المحبة والتعظيم لهؤلاء، والاعتقاد بأنهم ينفعون ويضرون من دون الله ونحو ذلك، يقول شيخ الإسلام – ابن تيمية – رحمه الله -: "أصل الإشراك العملي بالله الإشراك في المحبة … " )[8] ). ويقول – أيضاً -: "فمن رغب إلى غير الله في قضاء حاجة أو تفريج كربة لزم أن يكون محباً له، ومحبته هي الأصل في ذلك")[9])، ويقول صاحب كتاب "توحيد الخلاق": "النذر لغير الله، كالنذر لإبراهيم الخليل، أو محمد النبي صلى الله عليه وسلم، أو ابن عباس رضي الله عنهما، أو الشيخ عبدالقادر، أو الخضر، أو لملك من الملائكة أو جني أو شجرة، فلا خلاف بين من يعتد به من علماء المسلمين أنه من الشرك الاعتقادي، لأن الناذر لم ينذر هذا النذر الذي لغير الله إلا لاعتقاده في المنذور له أنه يضر وينفع، ويعطي ويمنع، إما بطبعه، وإما بقوة السببية فيه، ويجلب الخير والبركة ويدفع الشر والعسرة …")[10])، ويقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن – رحمه الله -: "فكل من اتخذ نداً لله يدعوه من دون الله، ويرغب إليه ويرجوه لما يؤمله منه، من قضاء حاجاته وتفريج كرباته – كحال عباد القبور والطواغيت والأصنام – فلابد أن يعظموهم ويحبوهم لذلك... " )[11] ): إذاً ما في القلب من المحبة والتعظيم لهؤلاء (عمل القلب)، أو اعتقاد النفع والضر (قول القلب)، هو أصل شرك الدعاء والذبح والنذر ونحوه. ج- وكذلك سب الرسول صلى الله عليه وسلم وتنقيصه وعيبه، كل ذلك لا يقوله إلا من هو فاسد القلب، وكثيراً ما يصدر ذلك عن المنافقين، يقول شيخ الإسلام – رحمه الله -: "الإيمان، والنفاق أصله في القلب، وإنما الذي يظهر من القول والفعل فرع له دليل عليه، فإذا ظهر من الرجل شيء من ذلك ترتب الحكم عليه، فلما أخبر سبحانه أن الذين يلمزون النبي صلى الله عليه وسلم والذين يؤذونه من المنافقين، ثبت أن ذلك دليل على النفاق وفروع له، ومعلوم أنه إذا حصل فرع الشيء ودليله، حصل أصله المدلول عليه، فثبت أنه حيث ما وجد ذلك كان صاحبه منافقاً، سواء كان منافقاً قبل هذا القول، أو حدث له النفاق بهذا القول" )[12] ). إذاً حيثما وجد العيب واللمز دل ذلك على فساد قلب صاحبه، فهذا الفساد الظاهر دليل على فساد الباطن، لأن المؤمن مأمور بتعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وتصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر (والسب إهانة واستخفاف، والانقياد للأمر إكرام وإعزاز، ومحال أن يهين القلب، من قد انقاد له وخضع واستسلم، أو يستخف به، فإذا حصل في القلب استخفاف واستهانة، امتنع أن يكون فيه انقياد واستسلام... وهذان ضدان فمتى حصل في القلب أحدهما، انتفى الآخر، فعلم أن الاستخفاف والاستهانة به ينافي الإيمان منافاة الضد للضد" )[13] ). ت- وكذلك الإعراض عن العمل بالكلية أو انتفاء الظاهر، دليل على انتفاء الباطن من الانقياد والقبول والتسليم، وقد سبق بيان ذلك في كفر الإعراض. ه-- أيضاً الامتناع عن فعل الواجبات الظاهرة المتواترة وأعظمها الصلاة والزكاة – والاجتماع على ذلك ومقاتلة الإمام، كل ذلك يدل على أنه لم يكن في الباطن مقراً بالوجوب، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: "ولا يتصور في العادة أن رجلاً يكون مؤمناً بقلبه، مقراً بأن الله أوجب عليه الصلاة، ملتزماً لشريعة النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به، يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع، حتى يقتل، ويكون مع ذلك مؤمناً في الباطن قط لا يكون إلا كافراً، ولو قال: أنا مقر بوجوبها غير أني لا أفعلها كان هذا القول مع هذه الحال كذباً منه.." )[14] ) وهذه الحالة تختلف عن الترك كسلاً كما أشرنا سابقاً. و- كذلك من يفعل الكبائر من أكل الربا وشرب الخمر وفعل الفواحش وغير ذلك، فكل ذلك يدل على ضعف عمل القلب من الانقياد والخضوع، لكن لا يكفر بذلك إلا إذا استحل شيئاً من المحرمات المجمع عليها، فمناط التكفير هو الجحود والاستحلال القلبي، وليس الفعل. ز- ونحتم هذه الأمثلة بالحكم بغير ما أنزل الله، وسنقصر)[15]) الحديث حول بعض صوره المخرجة من الملة لارتباطها الوثيق بهذا المبحث وإليك بيان ذلك: أ- أنواع الحكم بغير ما أنزل الله: ينقسم الحكم بغير ما أنزل الله إلى قسمين: قسم مخرج من الملة، وقسم غير مخرج من الملة وخلاصة القسم غير المخرج، أن يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله وأنه لا يجوز الحكم بغيره، وعلمه في واقعة معينة، لكنه عدل عنه لهوى وشهوة مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة )[16] ). أما القسم المخرج من الملة فهو أنواع يمكن إرجاعها إلى ثلاث حالات: الحالة الأولى: الاستحلال والجحود ويدخل فيه عدة أنواع، ومنها أن يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله أحقية حكم الله ورسوله، أو يعتقد أن حكم غير الله أحسن من حكمه،إما مطلقاً، وإما بالنسبة لما استجد من الحوادث، أو يعتقد أن حكم غير الله مثل حكم الله عز وجل، أو يعتقد جواز الحكم بغير ما أنزل الله ولو اعتقد أن حكم الله عز وجل أحسن وأكمل )[17] ) وهذه الحالة سبقت الإشارة إليها عند الكلام عن كفر الجحود والاستحلال، وفي مبحث "الاعتقاد بأن بعض الناس يسعه الخروج على الشريعة" وهذه الحالة فيها مناقضة لقول القلب. الحالة الثانية: التشريع المخالف لشرع الله، ويدخل في ذلك أصحاب القوانين الوضعية. الحالة الثالثة: من أطاعهم في تشريعهم المخالف لشرع الله، مع علمه بمخالفتهم لها. وسنذكر بعض كلام أهل العلم حول حكم هاتين الحالتين، ثم نشير إلى علاقتها بالجانب الاعتقادي. أ-كلام أهل العلم في مسألة التشريع المخالف لشرع الله من المفاهيم الخاطئة المنتشرة عند بعض الناس، ظنهم أن الحاكم بغير ما أنزل الله لا يكفر حتى يصرح بالاستحلال والإنكار لحكم الله، وهذه – بلا شك – من آثار الفكر الإرجائي، حيث يحصر المرجئة الكفر بالتكذيب والجحود فقط )[18] ) ولا يكفرون المعرض والممتنع ولا من يسن تشريعاً يناقض ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وسيقتصر الحديث هنا على نقل بعض النصوص عن الأئمة فيها بيان خطورة تبديل شرع الله، أو الحكم بالقوانين. 1- قال الإم--ام أبو بكر الجصاص (*) في تفسير قوله تعالى: [فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم...] )[19] ): "وفي هذه الآية دلالة على أن من رد شيئاً من أوامر الله تعالى، أو أوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو خارج من الإسلام، سواء ردة من جهة الشك فيه، أو من جهة ترك القول والانقياد، والامتناع من التسليم، وذلك يوجب صحة ما ذهب إليه الصحابة في حكمهم بارتداد من امتنع من أداء الزكاة، وقتلهم وسبي ذراريهم، لأن الله تعالى حكم بأن من لم يسلم للنبي صلى الله عليه وسلم قضاءه وحكمه، فليس من أهل الإيمان" )[20] ) والمشرعون لو رضوا بشرع الله وحكمه وقبلوه وانقادوا له واعتقدوا أنه الأصلح والأحسن وأنه واجب الاتباع، لما اختاروا غيره، فاختيارهم أو تشريعهم ما يناقضه دليل على فساد ما في قلوبهم من الانقياد والتسليم. 2- ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: "إن من تولى عن طاعة الرسول، وأعرض عن حكمه فهو من المنافقين، وليس بمؤمن، وإن المؤمن هو الذي يقول سمعنا وأطعنا، فإذا كان النفاق يثبت ويزول الإيمان بمجرد الإعراض عن حكم الرسول وإرادة التحاكم إلى غيره مع أن هذا ترك محض، وقد يكون سببه قوة الشهوة، فكيف بالتنقص والسب ونحوه" )[21] ). فتأمل هذا الاستنباط من شيخ الإسلام حيث بين أن الإيمان يزول بمجرد الإعراض عن حكم الرسول، ولو لم يقترن ذلك بتكذيب أو استحلال، وأكد – رحمه الله – عدم اقترانه بشيء من ذلك بقوله: "مع أن هذا ترك محض، وقد يكون سببه قوة الشهوة" أي هذا الإعراض، ترك محض ربما بسبب شهوة وضعف وليس استحلالاً، فكيف بمن زاد على هذا الإعراض بسن القوانين المخالفة لشرع الله والرضى بها، وربما ألزم الناس بها، وحماها وحارب من يعارضها؟ ويقول: "والإنسان متى حلل الحرام – المجمع عليه – أو حرم الحلال – المجمع عليه – أو بدل الشرع – المجمع عليه – كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء" )[22] )، فشيخ الإسلام ساوى بين المستحل والمبدل. ويقول أيضاً: "ومن حكم بما يخالف شرع الله ورسوله، وهو يعلم ذلك، فهو من جنس التتار الذين يقدمون حكم الياسق، على حكم الله ورسوله" )[23] ). فمجرد حكمه بما يخالف شرع الله ورسوله – وهو يعلم – ولو لم يكذب ويجحد حكم الله ورسوله، يجعله شيخ الإس-لام من جنس التتار الذين غيروا وبدلوا ووضعوا القوانين المناقضة للشريعة، وحكم الأئمة بكفرهم )[24] ). ويقول: "ومعلوم بالاضطرار من دين الإسلام باتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام فهو كافر، وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب" )[25] )، ومن وضع تشريعاً يخالف حكم الله ورسوله فقد سوغ اتباع غير دين الإسلام. 3- وللإمام الحافظ ابن كثير – رحمه الله – كلام واضح وصريح حول حكم الخارجين عن الشريعة كالتتار وأمثالهم، يقول: "... فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء، وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين" )[26] ) فالإمام – رحمه الله – اعتبر مجرد الترك، كفر وحكى الإجماع على ذلك، وقال عند تفسير قوله تعالى: [أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون] )[27] )، قال: "ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيز خان، الذي وضع لهم الياسق، وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية، والملة الإسلامية )[28] )، وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعاً متبعاً، يقدمونه على الحكم بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك منهم، فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير" )[29] فهذا الفعل من التشريع والتقنين الملفق، المأخوذ من مصادر شتى، خروج عن الشريعة، واستحلال للحكم بغيرها ولو لم يصرح بذلك بلسانه، فالفعل هنا أبلغ من القول ولا يفعل ذلك من يرى وجوب الحكم بالشريعة. 4- وتكلم بعض العلماء المعاصرين، عن تحكيم القوانين، أو الشرك في الحكم، ومن أبرز من أصل الكلام في ذلك، الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله – والشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – والشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله -وسننقل بعض النصوص المختصرة عنهم حول هذه القضية، يقول الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله – عن هذه القوانين: "... هذه القوانين التي يصطنعها ناس ينتسبون للإسلام، ثم يتعلمها أبناء المسلمين، ويفخرون بذلك آباء وأبناء، ثم يجعلون مرد أمرهم إلى معتنقي هذا الياسق العصري، ويحقرون من يخالفهم في ذلك، ويسمون من يدعوهم |إلى الاستمساك بدينهم وشريعتهم رجعياً وجاحداً إلى مثل ذلك من الألفاظ البذيئة... إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس، وهي كفر بواح، لا خفاء فيه ولا مداورة" )[30] )، وقال الشيخ محمود شاكر في رده على من استدل ببعض الآثار عن السلف في عدم تكفيرهم الأمراء الذين حكموا بغير ما أنزل الله مع اعترافهم بالذنب، وتطبيق ذلك، على من يحكمون القوانين في عصرنا، قال: "وإذن، فلم يكن سؤالهم عما احتج به مبتدعه زماننا، من القضاء في الأموال والأعراض والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام، ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام بالاحتكام إلى حكم غير حكم الله في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فهذا الفعل إعراض عن حكم الله، ورغبته عن دينه، وإيثار لأحكام أهل الكفر على حكم الله سبحانه وتعالى وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل به والداعي إليه..." )[31] )، وتكلم الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – عن حالات الحكم بغير ما أنزل الله المخرجة من الملة ومما ذكر تحكيم القوانين الوضعية، وعدة من أعظمها وأشملها، وأظهرها معاندة للشرع ومكابرة لأحكامه، وقال: "... فهذه المحاكم الآن في كثير من أمصار المسلمين مهيئة مكملة، ومفتوحة الأبواب، والناس إليها أسراب إثر أسراب، يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب، ومن أحكام ذلك القانون وتلزمهم به وتقرهم عليه، وتحتمه عليهم، فأي كفر فوق هذا الكفر، وأي مناقضة للشهادة بأن محمداً رسول الله بعد هذه المناقضة....." )[32] ). وللشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله – كلام متين يبين فيه أنه لا فرق بين الإشراك في العبادة، والإشراك في الحكم، يقول في تعليقه على حديث عدي بن حاتم، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعدي: " ألم يحرم-وا عليكم ما أحل الله ويحلوا لكم ما حرم الله فتتبعوهم، قال: بلى، قال: فتلك عبادتهم" )[33] )، قال – رحمه الله -: " وهذا التفسير النبوي يقتضى أن كل من يتبع مشرعاً بما أحل وحرم مخالفاً لتشريع الله أنه عابد له متخذه ربا مشرك به كافر بالله، هو تفسير صحيح لا شك في صحته... واعلموا أيها الإخوان: أن الإشراك بالله في حكمه والإشراك به في عبادته كلها بمعنى واحد لا فرق بينهما البتة، فالذي يتبع نظاماً غير نظام الله وتشريعاً غير تشريع الله، وقانوناً مخالفاً لشرع الله من وضع البشر معرضاً عن نور السماء الذي أنزله الله على لسان رسوله، من كان يفعل هذا هو من كان يعبد الصنم ويسجد للوثن لا فرق بينهما البتة بوجه من الوجوه، فهما واحد، كلاهما مشرك بالله، هذا أشرك به في عبادته، وهذا أشرك به في حكمه، والإشراك به في عبادته والإشراك به في حكمه، كلها سواء، وقد قال الله جل وعلا في الإشراك به في عبادته: [فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً] )[34] )، وقال تعالى في الإشراك في حكمه أيضاً: [له غيب السموات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحداً] )[35] )..." )[36] ). ونختم هذه النقولات عن المعاصرين بتفصيل جيد ذكره الشيخ محمد الصالح العثيمين – حفظه الله – قال: "والحكم بغير ما أنزل الله ينقسم إلى قسمين: أحدهما: أن يستبدل هذا الحكم بحكم الله تعالى بحيث يكون عالماً بحكم الله، ولكنه يرى أن الحكم المخالف له أولى وأنفع للعباد من حكم الله، أو أنه مساو لحكم الله، أو أن العدول عن حكم الله جائز، فيجعله القانون الذي يجب التحاكم إليه، فمثل هذا كافر كفراً مخرجاً عن الملة، لأن فاعله لم يرض بالله رباً ولا بمحمد رسولاً ولا بالإسلام ديناً... الثاني: أن يستبدل بحكم الله تعالى حكماً مخالفاً في قضية معينة دون أن يجعل ذلك قانوناً يجب التحاكم إليه فله ثلاث حالات..." )[37] )، ثم فصل – حفظه الله – حالات القسم الثاني متى تكون كفراً أكبر ومتى تكون كفراً أصغر، والشاهد من كلام الشيخ، تفريقه بين الحكم في قضية معينة، وبين من يجعل ذلك قانوناً، بل بين في موضع آخر أن التشريع لا يتأتى فيه التقسيم السابق، وإنما يدخل في القسم الأول فقط، لأن هذا المشرع تشريعاً يخالف الإسلام، لا يفعل ذلك إلا لاعتقاده أنه أصلح وأنفع للعباد" يقول – حفظه الله -: "... ومن هؤلاء من يضعون للناس تشريعات تخالف التشريعات الإسلامية لتكون منهاجاً يسير الناس عليه، فإنهم لم يعوا تلك التشريعات المخالفة للشريعة الإسلامية إلا وهم يعتقدون أنها أصلح وأنفع للخلق، إذ من المعلوم بالضرورة العقلية والجبلية الفطرية، أن الإنسان لا يعدل عن منهاج إلى منهاج يخالفه إلا وهو يعتقد فضل ما عدل إليه، ونقص ما عدل عنه.." )[38] ). ب- كلام أهل العلم في مسألة طاعة المبدلين مع العلم بتبديلهم قال شيخ الإسلام في كلام له حول قوله تعالى: [اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله...] الآية )[39] ). قال: "وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً – حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، يكونون على وجهين: أحدهما: أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله، فيتبعوهم على التبديل، فيعتقدون تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله اتباعاً لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر، وقد جعله الله شرعاً – وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم – فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف الدين، واعتقد ما قاله ذلك، دون ما قاله الله ورسوله، مشركاً مثل هؤلاء. الثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحلال، وتحليل الحرام ثابتاً، لكنهم أطاعوهم في معصية الله، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصي، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب... ")[40]). ويقول الحافظ ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى: [وإن أطعتموهم إنكم لمشركون] )[41] ): "أي حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره، فقدمتم عليه قول غيره فهذا هو الشرك، كقوله تعالى: [اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله] )[42] )... ")[43]). وفصل الشيخ الشنقيطي الكلام حول متبعي القوانين الوضعية، عند تفسيره لقوله سبحانه: [ولا يشرك في حكمه أحداً] )[44] )، فقال – رحمه الله -: "ويفهم من هذه الآيات، كقوله تعالى: [ولا يشرك في حكمه أحداً]1 أن متبعي أحكام المشرعين غير ما شرعه الله، أنهم مشركون بالله، وهذا المفهوم مبين في آيات أخر، كقوله فيمن اتبع تشريع الشيطان في إباحة الميتة بدعوى أنها ذبيحة الله: [ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون] )[45] ) فصرح بأنهم مشركون بطاعتهم، وهذا الإشراك في الطاعة، واتباع التشريع المخالف لما شرعه الله تعالى، هو المراد بعبادة الشياطين في قوله تعالى: [ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن أعبدوني هذا صراط مستقيم] )[46] )... إلى أن يقول: "وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور إن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم: أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس بصيرته، وأعماه عن نور الوحي مثلهم" )[47] ). وخلاصة كلام أهل العلم حول الحكم بتشريع مخالف لشرع الله (القوانين الوضعية)، أنهم متفقون على أن ذلك كفر مخرج من الملة، ولا يجري عليه التقسيم المعروف في حالات الحاكم بغير ما أنزل الله، بخلاف الحكم بغير ما أنزل الله في قضية معينة الذي يجري عليه التقسيم المعروف – لأن التشريع ووضع قانون عام ملزم، هو في الحقيقة استحلال، ولو لم يصرح بذلك بلسانه، ففعله يدل على تسويغه اتباع غير الشريعة. علاقة كفر التشريع بالجانب الاعتقادي المتأمل في حال من يشرعون شرعاً مخالفاً لشرع الله، يحكمونه في الناس، أن فعلهم هذا لابد وأن يقترن بفساد اعتقادي، وذلك مما نبه إليه الأئمة الأعلام كما في النقول السابقة ومن ذلك: 1- أن التشريع هو في حقيقته إعراض عن حكم الله ينافي الرضى والقبول والتسليم. 2- والتشريع فيه تسويغ للخروج عن الشريعة وتجويز للحكم بغيرها في قليل أو كثير. 3- وطاعة المشرعين، هو في الحقيقة شرك في الطاعة وهو من أنواع الشرك في الألوهية، فالطاعة يجب أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى، وطاعة غيره تبع لطاعته، فلا يشرك المرء لا في العبادة ولا في الحكم والطاعة والتشريع ولا فرق بينهما. 4- حق التشريع من التحليل والتحريم والأمر والنهي من خصائص الربوبية، وهذا الحق غير ممنوح لأحد من الخلق لا فرد ولا حزب ولا برلمان ولا هيئة من الهيئات، فمصدر الحكم هو الله وحده، ولذلك بين الله سبحانه، أن طاعة المشرعين بمثابة اتخاذهم أرباباً من دون الله. 5- أن الإنسان – في الغالب – لا يعدل عن شرع الله فيختار شرعاً مخالفاً بشكل عام، إلا باعتقاد أن غيره أحسن أو أكمل أو مساو له وبذلك ندرك أن التشريع – وإن كان كفراً عملياً ظاهراً، من حيث إنه يقع بالجوارح الظاهرة، ومناط التكفير فيه هو الظاهر – إلا أنه في الحقيقة لابد وأن يرجع، أو يقترن بناقض اعتقادي من عدم الرضى والقبول لحكم الله أو تجويز الحكم بغيره، أو اعتقاد أن غيره أحسن منه ونحو ذلك. |
التعديل الأخير تم بواسطة fofo700 ; 2012- 12- 30 الساعة 01:51 PM |
|
2012- 12- 30 | #452 |
أكـاديـمـي
|
رد: اللــهم وفقنا لما تحـب وترضى ^ المستوى الخامس ^ تفـــضــلوا
جزاك ربي الجنه قولي امين
والله يفتح عليك ويوفقك ويسعدك وان شاء الله تنجحين بالمواد كلهم |
2012- 12- 30 | #453 |
أكـاديـمـي
|
رد: اللــهم وفقنا لما تحـب وترضى ^ المستوى الخامس ^ تفـــضــلوا
|
2012- 12- 30 | #454 |
أكـاديـمـي
|
رد: اللــهم وفقنا لما تحـب وترضى ^ المستوى الخامس ^ تفـــضــلوا
|
2012- 12- 30 | #455 |
أكـاديـمـي
|
رد: اللــهم وفقنا لما تحـب وترضى ^ المستوى الخامس ^ تفـــضــلوا
|
2012- 12- 30 | #456 |
أكـاديـمـي
|
رد: اللــهم وفقنا لما تحـب وترضى ^ المستوى الخامس ^ تفـــضــلوا
هذي موجوده في الكتاب تحصلينها الاساسي لي اختبرنا في اختبار الشهري
|
2012- 12- 30 | #457 |
أكـاديـمـي فـعّـال
|
رد: اللــهم وفقنا لما تحـب وترضى ^ المستوى الخامس ^ تفـــضــلوا
بنات الله يجزاكم خير
ممكن تقولون دروس العقيده من كل كتاب لان دورت في الموضوع مالقيت كل الدروس الله يرضى عليكم |
2012- 12- 30 | #458 |
أكـاديـمـي
|
رد: اللــهم وفقنا لما تحـب وترضى ^ المستوى الخامس ^ تفـــضــلوا
كتاب الطحاويه
من ص 128 الى ص127 ومن ص 359 الى ص364 الولاه والبراء حق الفوزان هذي هنا بهذا الموقع http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=114024 |
2012- 12- 30 | #459 | |
أكـاديـمـي
|
رد: اللــهم وفقنا لما تحـب وترضى ^ المستوى الخامس ^ تفـــضــلوا
اقتباس:
وهذا الكتاب الثالث دعواتك غلاي |
|
2012- 12- 30 | #460 |
أكـاديـمـي فـعّـال
|
رد: اللــهم وفقنا لما تحـب وترضى ^ المستوى الخامس ^ تفـــضــلوا
بعد الكتاب الرابع مدخل لدراسه العقيده الاسلاميه د.عثمان ضميريه
من 239_257 الله يوفقنااااا |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
المستوى, الاداب, الدمام, الخامس, اسلامية, دراسات, كلية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[ الدراسات الاسلامية ] : مواد المستوى الخامس واحسن دكاترة | عزووف | منتدى كلية الآداب بالدمام | 10 | 2012- 6- 6 04:09 AM |
توديع المستوى الخامس واستقبال المستوى السادس | ام عزوووز | اجتماع 5 | 12 | 2012- 6- 4 10:06 PM |
[ قسم جغرافيا ] : بنات الجغرافيا..بخصوص مواد المستوى الخامس | بنوتهـ جامعيهـ | منتدى كلية الآداب بالدمام | 6 | 2012- 6- 3 11:57 PM |
خطة مواد المستوى الخامس للمناقشة | خمائل الورد | الدراسات الإسلامية | 11 | 2012- 5- 28 03:06 PM |
[ طوارئ ] : تنبيه لطلاب وطالبات الطواري المستوى الخامس والرابع (( ضروري )) | TŗµSţ ¥ôµ | منتدى كليه الغد للعلوم الصحية | 9 | 2011- 11- 29 10:56 PM |