|
المستوى الأول - الدراسات الاسلامية وعلم اجتماع ملتقى طلاب وطالبات كلية الأداب تخصصات الدراسات الاسلامية وعلم اجتماع التعليم عن بعد جامعة الدمام |
|
أدوات الموضوع |
2012- 5- 4 | #481 |
متميزة التعليم عن بعد جامعة الدمام علم الاجتماع
|
رد: تجمع مقرر الثقافه الإسلاميه للشعبتين 1 و 2
بنات من جاب فل مارك بالاختبار النصفي + الواجب 2 + مناقشه التحديات ؟؟
|
التعديل الأخير تم بواسطة ♧ ραяis ; 2012- 5- 4 الساعة 04:08 PM |
|
2012- 5- 4 | #482 |
أكـاديـمـي مـشـارك
|
رد: تجمع مقرر الثقافه الإسلاميه للشعبتين 1 و 2
|
2012- 5- 4 | #483 |
متميزة التعليم عن بعد جامعة الدمام علم الاجتماع
|
رد: تجمع مقرر الثقافه الإسلاميه للشعبتين 1 و 2
اها
الله يسامحه |
2012- 5- 4 | #484 |
أكـاديـمـي مـشـارك
|
رد: تجمع مقرر الثقافه الإسلاميه للشعبتين 1 و 2
|
التعديل الأخير تم بواسطة دلوعة الكون ; 2012- 5- 4 الساعة 04:13 PM |
|
2012- 5- 4 | #485 |
متميزة التعليم عن بعد جامعة الدمام علم الاجتماع
|
رد: تجمع مقرر الثقافه الإسلاميه للشعبتين 1 و 2
ما أهم التحديات التي تواجه الثقافة الإسلامية حسب رأيك؟
اختبرت وجبت ٤ ونص |
2012- 5- 4 | #486 |
Banned
|
رد: تجمع مقرر الثقافه الإسلاميه للشعبتين 1 و 2
|
2012- 5- 4 | #487 |
أكـاديـمـي مـشـارك
|
رد: تجمع مقرر الثقافه الإسلاميه للشعبتين 1 و 2
باريس خذي الحل وجبت فية فل مارك سويلة نسخ
عالم الإسلام والتحديات الثقافية الحمد لله، والصلاة والسلام على أنبياء الله جميعاً وعلى رسول الله محمد وآلهوصحابته ومن اتبع هداه بإحسان، وبعد؛ستحاول هذه الورقة تقديم صورة شمولية عامة (بانورامية) للتحديات الثقافية التيتواجه عالم الإسلام في العصر الحاضر، ويحسن - فيما أرى - البدء بتحديد معانيالألفاظ والمصطلحات الواردة في عنوان الورقة، توطئة لبيان التحديات موضوع الاهتمام. أولاً: مفهوم التحديات المقصود بالتحديات قوى وأوضاع طبيعية أو أمور وأوضاع اجتماعية إنسانية غيرمرغوبة ومخالفة لما نعتقده أو نطمح إليه، وتشكل عوائق أمام تحقيق أهدافنا وغاياتناعلى مستوى الفرد أو على مستوى الجماعة، وتهدف بعض هذهالأوضاع أو الأمور - في الوقت نفسه - إلى تحقيق الغلبة والهيمنة لها علىأوضاعنا وجوانب حياتنا المختلفة، وجعلها تابعة لها. وسوف يقتصر البحث على التحديات الاجتماعية الإنسانية التي هي من فعل الإنسان دونالتحديات الطبيعية الناشئة عن الأحوال الطبيعية التي لا مدخل للإنسان في إيجادها،كتحدي الصحراء والجفاف ووجود مناخ صعب حراً أو برودة أو ما شابه ذلك. ثانياً: مفهوم الثقافة هذا اللفظ من أكثر المصطلحات تداولاً وشيوعاً في الكتابات المعاصرة، وكل يدعيإليه نسباً وولاية، وتتعامل الغالبية العظمى من الكتاب والمتعلمين بعامة، مع لفظالثقافة وكأنه مصطلح مع��وف لكل أحد، ويرون أن الحديث في بيان دلالته فضول من القول . ومع هذا، فإن مصطلح الثقافة - كما وصفناه منذ أكثر من عقد من الزمان - مصطلح جذابومضلل؛ جذاب لشيوعه ودلالاته الإيجابية في أذهان الناس، واستخدامه في مقامات المدحوالثناء، ولكنه مضلل لكثرة ما يطرح له من مفاهيم ودلالات مختلفة ومتعارضة أحياناً،تؤدي كثرتها إلى عدم الدقة في البحث، وإلى تضليل الباحث عن الوصول إلى الحقيقة، فيبحثه لقضايا الثقافة. لهذا نرى ضرورة تحديد المقصود بالثقافة بعامة، ليتضح بعد ذلك المقصود بـالتحدياتالثقافية، فنقول: الثقافة (بعامة) معرفة عملية مكتسبة تنطوي على جانب معياري وتتجلى في سلوكالأفراد الواعي في تعاملهم في الحياة الاجتماعية مع الوجود (فيأجزائه المختلفة). [أي التعامل مع الله (خالق كل شيء)، ومع الذات، ومعالآخر، ومع الكون الطبيعي، ومع الأفكار، ومع الوسائل والأدوات، ومع الزمن، ومعالغيب]. لا أود التفصيل في شرح هذا التعريف، لكنني أشير بإيجاز إلى بعض الأفكار التيتضمنها، فأقول: ـ المعرفة النظرية ليست داخلة في الثقافة - وفق هذا التحديد - بل العملية منهافقط، ومعلوم أن المعرفة النظرية تختلف عن المعرفة العملية في الغاية؛ فالنظريةغايتها الوصول إلى حقائق الأشياء فحسب، أما العملية فغايتها الفعل والسلوكوالتطبيق، أي العمل بكل صوره وأشكاله. ـ والثقافة مكتسبة، وليست فطرية يولد الإنسان مزوداً بكيفية فعلها وممارستها. ـ وفي الثقافة جانب معياري يشير إلى ما ينبغي أن يكون عليه الفعل والسلوك، وإلىالحالة الأمثل المطلوبة والمرغوبة، وإلى المعيار الذي يقاس إليه الفعل والسلوكقرباً أو بعداً، فهو - بعبارة أخرى - الجانب القيمي. والحق أن هذا الجانب المعياري في الثقافة هو الذي يميز ثقافة عن أخرى، والمقارنةالأعمق والأدق بين الثقافات هي مقارنة بين جوانبها المعيارية. ـ والثقافة ليس محلها الكتب أو الأذهان فحسب، بل لابد أن تظهر واضحة جلية فيسلوك الفرد أو الجماعة في حياتهم وسط مجتمعاتهم، وعليه لا يكون الفرد مثقفاً بالفعلإلا إذا مارس في حياته مالديه من معرفة عملية، فتمام الثقافة ممارستها. ـ والإنسان في الحياة يتعامل مع جميع أجزاء الوجود - المشار إليها آنفاً - طوعاً أو كرهاً في صورة مجملة وعامة، كما يتعامل - بصورة تفصيلية - مع جانبمحدد من الوجود مركزاً عليه، فيصير ذلك في الغالب مهنته؛ وعليه، فإن هناك: ثقافة عامة تتمثل في تعامل الإنسان في الحياة مع جوانب الوجود على نحو مجمل يشملالمنطلقات والأسس والمبادئ والقواعد الكلية والضوابط؛ وثقافة خاصة، بل ثقافات خاصة، مرتبطة بالثقافة العامة، لكنها متعددة ومتنوعةبحسب تنوع جوانب الوجود الجزئية، إذ هي معرفة عملية تتعلق بالتعامل مع جزء محدد منالوجود. أما عالم الإسلام، فالمقصود به نحسبه واضحاً، إذ يشير إلى الأقطار الإسلامية منحيث هي دول وإلى المسلمين في مختلف أقطارهم وتجمعاتهم. وأما العصر الحاضر فيشير إلى آخر فترة أو مرحلة عاشها هذا العالم ولا يزاليعيشها، ولم يغادرها أو ينتقل منها إلى غيرها. ولا أرى أن محاولة تحديد هذه الفترةكمياً سيؤدي إلى زيادة في الدقة العلمية في سياق هذه الورقة، لذا سنكتفي بهذا الوصفالكيفي ولا نخوض في التحديد الكمي. بعد الذي قدمنا، نستطيع الآن أن نحدد ونوضح المقصود بعبارة: التحديات الثقافية التي تواجه عالم الإسلام في العصر الحاضر فنقول: هي أمور أوأوضاع اجتماعية إنسانية متصلة بالعالم الإسلامي في الفترة الراهنة التي يعيشهاالمسلمون اليوم، غير مرقوبة ومخالفة لما يعتقده أو يطمح إليه هذا العالم في تعاملهمع الوجود بأجزائه المختلفة، وتمثل صعوبات أو تشكل عوائق أمام تحقيقه للحالة المثلىالتي ينبغي أن يكون عليها هذا التعامل (أي الحالة المثلى المعيارية لثقافته)، وتهدفبعض هذه الأمور والأوضاع - في الوقتنفسه - إلى الهيمنة على ثقافة العالم الإسلامي بالعمل على فرض طرق التعامل معالوجود المرتبطة بهذه الأوضاع عليه (أي فرض ثقافتها عليه). هذه التحديات الثقافية التي تواجه العالم الإسلامي التي جرى تحديدها آنفاً، يمكنقسمتها إلى قسمين كبيرين. ـ تحديات ثقافية داخلية، وهذه ترجع في نشأتها وتجلياتها إلى عوامل وأوضاع وأسبابقائمة في داخل العالم الإسلامي وموجودة فيه. ـ تحديات ثقافية خارجية، وهذه ترجع في نشأتها وتجلياتها إلى ظروف وأوضاع وأسبابوفواعل قائمة وموجودة خارج العالم الإسلامي. إذا نظرنا إلى التحديات الثقافية الداخلية، فإننا نستطيع قسمتها إلى مستويين،بينهما تداخل وترابط وتأثير وتأثر، وهما: ـ تحديات ثقافية تواجه عالم الإسلام على مستوى الفرد، تعيقه عن تجسيد ثقافته فيسلوكه ليكون في صورته المثلى أو أقرب ما يكون إليها. ـ تحديات ثقافية تواجه عالم الإسلام على مستوى المجتمعات والأمة، تعيقها عنتجسيد ثقافتها في حياتها ليكون سلوكها الاجتماعي في صورته المثلى أو أقرب ما يكونإليها. وهذان النوعان بينهما علاقة جدلية بالضرورة، فما هو فردي يترك أثره على الجماعة،والعكس صحيح. أما التحديات الثقافية الخارجية التي تواجه عالم الإسلام، فيمكن تصنيفها إلىأقسام، بينها أيضاً ترابط أو تحالف في العموم، وهي: ـ تحديات ثقافية ترجع إلى المشروع الصهيوني. ـ تحديات ثقافية ترجع إلى المشروع الإمبريالي الأوروبي الأمريكي. ـ تحديات ثقافية ترجع إلى ما يسمى الشرعية الدولية. ـ تحديات ثقافية ترجع إلى العولمة. وأود أن أبين أننا حين بدأنا بتصنيف التحديات وتقسيمها، فإننا نكون قد دخلنا إلىمجال الثقافات الخاصة- كما سبق تحديدها - تتعلق بالتعامل مع جانب جزئي محدد منالوجود، فكل هذه التحديات الثقافية التي سيرد تفصيلها هي تحديات أمام ثقافات خاصةلها جميعا مرجعيتها القيمية في الثقافة العامة للعالم الإسلامي . انتقل الآن لبيان موجز لـ: التحديات الثقافية على مستوى الفرد ـ تحدي عدم تنمية استعدادات الفرد وقدراته المختلفة، ذلك أن في كيان الإنسانعناصر أربعة: الجسد والروح والعقل والوجدان (العواطف والانفعالات)، وكل عنصر من هذهالعناصر له استعدادات إذا ما أحسن الاعتناء بها وصلت إلى كمالها الخاص بها، هذاالتحدي قائم باستمرار وفي كل مراحل العمر، لأن بلوغ مرحلة الكمال في أي من هذهالعناصر ليس مرحلة أو درجة يصل إليها الفرد، فيتوقف عندها عن السلوك والعمل، وإنماهي سلوك مستمر متواصل طيلة المدة المقسومة للفرد أن يعيشها، وهذا السلوك العملي هوثقافة، وله جانبه المعياري الذي يمثل الحالة الأكمل المطلوبة. إن اتخاذ كافة السبل والوسائل التي تحقق تنمية استعدادات الفرد وقدراته هو جوهرهذا التحدي الثقافي، وهو مسؤولية الأسرة أولا ثم المؤسسات التربوية في المجتمع، ثمهو أيضاً مسؤولية الفرد نفسه بعد ذلك، منذ أنيصل إلى سن الرشد والمسؤولية وحتى نهاية حياته. ـ تحدي غياب القدوة الحسنة، ذلك أن وجود القدوة الحسنة أمر ضروري في حياةالأفراد في مختلف مراحل حياتهم، فليس الأطفال أو الشباب من يحتاجون إلى أن يكونأمامهم نماذج يقتدى بها في السلوك، وإنما الجميع وفي كل المراحل العمرية، وضرورةالقدوة الحسنة في حياة الأفراد أن المرء قد يظن أن السلوك الفاضل الحسن أمر شاقوفوق طاقته إذا ما وجِّه إليه بالقول وحده، لكنه حين يرى من يمارسون هذا السلوكالحسن من أمثاله ونظرائه يسهل على نفسه القيام بمثل هذا السلوك، وحين يرى مكانةصاحب السلوك الحسن وتقدير المجتمع له يتولد عنده الدافع الداخلي للاقتداء بصاحب هذاالسلوك الحسن لتصير له مثل مكانته أو قريباً منها. لقد جعل الله سبحانه وتعالى رسله وأنبياءه قدوة حسنة للناس ورسولنا محمد عليهالصلاة والسلام قدوتنا الحسنة، وذلك في قوله تعالى : ﴿ لقد كانلكم في رسول الله أسوة حسنة﴾.(الأحزاب/ 21) هذا التحدي الثقافي القائم باستمرار في حياة عالم الإسلام، يحتاج في مواجهته إلىتعليم الناس سيرة رسول الله(ص) بمختلف الأساليب الممكنة بحيث تكون واضحة أمامعقولهم وكأنهم يشاهدونه عليه الصلاة والسلام. وبطبيعة الحال هناك عظماء حقيقيون بعد رسول الله في تاريخ الأمة الإسلاميةالقديم والحديث، كلهم برسول الله قد اقتدى، يمكن أن يتخذوا قدوة حسنة. واليوم لم يعد الوالدان أو الأساتذة أو المشاهير السائرين على سيرة رسول الله همالقدوة الحسنة لنا لكثرة ما يعرض على شاشات الإعلام المرئي وفي وسائلالإعلام المسموعة والمقروءة من نماذج تمتدح وتقدر، لكنها في كثير من الأحيانتمثل قدوة سيئة تبعد من يقتدي بها عن ثقافته الإسلامية. ـ تحدي التقليد الأعمى لأنواع السلوك والعادات غير الإسلامية وخصوصا الغربية، إنأنواع السلوك والعادات الغربية في التعامل مع جميع جوانب الوجود تعرض علينا صباحمساء، وتدخل إلى بيوتنا دون استئذان من خلال أجهزة الإعلام ووسائله المختلفة منقنوات فضائية وسينما وغيرها، حاملة معها الكثير من الغث والقليل من السمين، إنهاتنقل إلينا صوراً للتعامل في مجالات المأكل والمشرب والملبس والمسكن والكلاموالغناء والرقص وقضاء أوقات الفراغ وتعامل الأزواج فيما بينهم والأبناء مع الآباءوالذكور مع الإناث وغير ذلك من جوانب التعامل، وهذا كله يترك أثراً في نفوس الأفرادبجعلهم يقلدون مثل هذه السلوكات قليلاً أو كثيراً، خصوصاً وأننا كأفراد نشعر أننامغلوبون أمام الغرب القوي، كما أوضحه ابن خلدون حين لاحظ أن المغلوب مولع أبداًبالاقتداء بالغالب. إن التقليد تبعية، وهذا التقليد هنا هو تقليد ثقافي، خطورته أن الفرد المسلمالمقلد للسلوك الغربي تقليداً أعمى يفقد هويته الثقافية الإسلامية، وتتلاشى شخصيتهالخاصة به، الأمر الذي يعيق - في نهاية المطاف - عالم الإسلام عن تحقيق طموحاتهوأهدافه. ـ تحدي انتشار العادات الاستهلاكية المبالغ فيها، والمقصود هو الإسراف في جانبالأمور الكمالية التي لا تحقق تلبيتها أية منفعة أو تنمية حقيقية للإنسان، وإنما هيعلى العكس من ذلك تستهلك ماله وصحته ووقته بلا جدوى، وتزيد من مشكلاته، من ذلكالإسراف في المأكل والمشرب والملبس واقتناء الأجهزةوالأدوات التي لا تدعو إليها حاجة سوى المباهاة والتفاخر، والتدخين والسياحة غيرالهادفة وغيرها من مظاهر الترف الزائد. إن هذا التحدي الثقافي الخاص بالتعامل مع الأمور الكمالية إذا لم يواجه فإنهيقلب سلم أولويات الفرد واهتماماته فيصرفه عن الأولويات الحقيقية لتحل محلهاأولويات مزيفة أو وهمية، الأمر الذي يبعد الفرد المسلم عن تحقيق أهدافه في الحياةوعن تحقيق الغاية الكبرى التي خلق من أجلها وهي تحقيق عبادة الله وتحقيق الخلافة فيالأرض باستعمارها. ـ تحدي عدم تنظيم الوقت واستثماره، إن الوقت هو المجال الذي يمارس الإنسان فيهأفعاله المختلفة، بجانب مجال المكان، وعدم تنظيم الوقت واستثماره في إنجاز الأعمالالتي لها جدوى عاجلة أو آجلة، يضيق هذا المجال، فلا يستطيع الفرد أن يقوم بواجباتهفي حياته ولا أن ينجز الأعمال التي تعود عليه وعلى مجتمعه بالنفع. واستثمار الوقتمطلوب من كل الأفراد في مختلف أعمارهم، لكن فئة الشباب هم أولى من ينتبه إلى هذاالأمر، لأن مرحلة الشباب هي المرحلة التي تكون فيها قوة الإنسان في أعلى درجاتها،وميله الى تضييع الوقت لإٍرضاء شهواته ورغباته في أوجه أيضاً، ولذلك نبه رسولالله(صلى الله عليه وآله و سلم) إلى هذا الأمر مذكراً كل الناس، والشباب بشكل خاص بضرورة الاستفادة منالوقت وعدم تضييعه فيما لا طائل من ورائه، يقول عليه الصلاة والسلام: «اغتنمواخمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك… إلخ». كما نبه العقلاء على مرّ العصور في أقوال حكمية على ضرورة استثمار الوقت، من ذلكقولهم: الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك، وقولهم: من علامة المقت إضاعة الوقت. إن عدم تنظيم الوقت واستثماره في إنجاز الأعمال النافعة هو عائق أمام الفردالمسلم والمجتمع المسلم عن تحقيق أهدافه في هذه الحياة على مستوى الفرد أولاًوالمجتمع ثانياً. ـ تحدي هجرة أصحاب الكفاءات العلمية: إن هجرة أصحاب الكفاءات العلمية من العالمالإسلامي واستقرارهم في البلدان الأخرى وخصوصاً أمريكا والدول الأوروبية وكنداوأستراليا يحرم العالم الإسلامي مما يمكن أن ينجزوه خدمة لأمتهم، فهم الفئة الأكثرتأثيراً في مجال الإنجاز العلمي والتقني والثقافي، وبطبيعة الحال فإن لكل كفاءةمهاجرة أسبابها الخاصة في الهجرة، لكن الأمر الذي لا مفرّ منه هو أن هجرة هذهالكفاءات هي خسارة ونقصان في طاقات العالم الإسلامي وزيادة في طاقات بلد الهجرة،وإضعاف لثقافة الأمة بعامة. إن على الأمة الإسلامية أن تكرم علماءها وتوفر لهم الجو والمناخ العلمي والإداريالملائم لكي يتمكنوا من تقديم ثمرات جهودهم بما ينفع أمتهم، ويساعدهم على مواجهةالتحديات والمشكلات التي تواجهها وتعيقها عن النهضة. هذه - فيما نرى - أبرز التحديات الثقافية الداخلية على مستوى الفرد، وننتقل منهاإلى الحديث عن: تحديات المجتمع إن الناظر إلى المجتمعات الإسلامية وأحوالها سيجد العديد من التحديات الثقافية،وسنكتفي بتقديم نظرة إجمالية لأبرز هذه التحديات: ـ تحدي ضعف الوعي بالهوية الثقافية؛ الهوية مصطلح فلسفي مشتق منالسؤال: ما هو؟ أو ما هي؟ والإجابة عن هذا السؤال هي الهوية، وتكون بإيرادالصفات الأساسية الجوهرية التي تميز شيئاً ما أو موضوعاً ما عن غيره من الأشياء أوالموضوعات. وعليه تكون الهوية الثقافية للمجتمع هي جملة السمات والخصائص الجوهريةالتي تظهر في سلوك الأفراد والمجتمع وتميز الفرد أو المجتمع في ذلك عن غيره منالأفراد والمجتمعات. والهوية الثقافية للعالم الإسلامي ليست موضوعاً نظرياً، وإنما هي خصائص تتجلى فيالسلوك الواعي للأفراد والمجتمع. لقد بدأ العالم الإسلامي يطرح تساؤلات عن هويته الثقافية، وهذه التساؤلات لهادلالتان: سلبية وإيجابية؛ فأما السلبية فهي شعور هذه المجتمعات بأن ملامح هويتهمالثقافية لم تعد واضحة في الأذهان، وأما الدلالة الإيجابية فهي محاولة هذهالمجتمعات معرفة ملامح وخصائص هويتها الثقافية التي ينبغي أن تكون لتتمسك بهاوترسخها لدى أصحابها وتربي الأجيال الناشئة عليها. إن هذا التحدي خطير، لأن الأفراد والمجتمعات إذا لم تكن على وعي تام بهويتهاالثقافية فإنها لن تكون على وعي تام بأهدافها وغاياتها، ولن تكون على وعي بالسلوكالأصوب الذي يحقق هذه الأهداف. والحق أن المسؤولية في إعادة الوعي بالهوية الثقافيةللعالم الإسلامي وترسيخه هي مسؤولية المجتمع بمعظم مؤسساته إن لم نقل كافتها. ـ التحدي التربوي، ويقصد به وجود قصور وعجز في المؤسسات التربوية في العالمالإسلامي يعيق تحقيقها للأهداف المنشودة في تجسيد ثقافته الإسلامية وترسيخها فيالسلوك الفردي والجماعي في أقرب صورة ممكنة للحالة المعيارية. والتحدي التربوي يتقاطع مع غالبية التحديات الأخرى ذلك أن وظيفة التربيةالأساسية هي إعداد أجيال صالحة من الناس قادرين على تحمل مسؤوليات الحياة وتحقيقأهداف مجتمعاتهم، وهذا أمر يحتاج إلى المعرفة العملية في الدرجة الأولى وإلى السلوكوفقاً لها، وعليه فالتحدي التربوي هو تحد ثقافي في جوهره، لعله أخطر التحدياتجميعاً، لأن تحقيق الأهداف التربوية هو تحقيق لأهداف المجتمع، ولأن التربية هي طريقالإصلاح الطبيعي. أمام المؤسسات التربوية تحديات عديدة، نشير إلى أبرزها: ـ تحدي إعداد المعلم المربي الذي يملك المهارات اللازمة لمهمة التعليم، والذييؤمن بأن عمله في مهنة التربية والتعليم هو رسالة كبرى وسامية، وليس مجرد وظيفةيتقاضى عليها راتباً نهاية كل شهر. ـ تحدي إعداد الناشئة للحياة مزودين بالعلم وبالثقافة التي تعينهم على مواجهةالحياة، ومالكين للعادات الذهنية والعقلية الإيجابية مثل القدرة على التفكيرالمنطقي السليم والمنتج وعلى التفكير النقدي والتفكير الإبداعي، وآداب الحوارواحترام آراء الآخرين والقدرة على تحمل المسؤولية، بجانب توعيتهم بصورة سليمةبمشكلات مجتمعاتهم وأمتهم الأساسية، وما توجهه من تحديات، وتزويدهم بالمنهج السليمالذي يوصلهم إلى أفضل الحلول المثالية والواقعية لها. ـ تحدي تعليم اللغة العربية، ذلك أن اللغة العربية هي لغة الدين كتاباً وسنة،والوعاء الذي حوى الثقافة الإسلامية ونقلها للأجيال المتعاقبة، وهذا التحدي يشملالعالم العربي والعالم الإسلامي غير العربي، والاعتزاز باللغةالعربية وإتقانها هو أحد الأمور التي ترسخ الهوية الثقافية للعالم الإسلامي،فضلاً عن كون اللغة العربية أحد الأدوات الرئيسة في الاجتهاد الفقهي والفكري فيالسياق الإسلامي. ـ تحدي عدم مواكبة التعليم للتقدم العلمي والتقني، ذلك أن التقدم الهائل والسريعفي العلم النظري والعلم التطبيقي التقني يؤثر في الحياة الراهنة، ويغير في أساليبالتعامل مع بعض جوانب الوجود، ولكي يعيش أبناء وطلبة العالم الإسلامي عصرهم، لابدأن يواكب التعليم هذا التقدم قدر الإمكان، الأمر الذي يستدعي مراجعة ��ناهج التدريسباستمرار. ـ تحدي تعليم الدين الإسلامي بطريقة تبين للطلبة حقيقة الدين ووظيفته في الحياة،وتغرس في نفوسهم خصائصه العديدة التي منها اعتداله ووسطيته وبعده عن المقاصدالمتطرفة والغلو، وأن شريعته تمتاز بالإنسانية والعقلانية والرحمة، وأن يركز في سنالتعليم الإلزامي على الجوانب العملية من الدين حتى يتعودها الناشئة وتصبح فيسلوكهم طبعاً وخلقاً راسخاً، وتجنيبهم (الناشئة) الخوض في المسائل الخلافية فيالعقيدة والشريعة. وتأتي أهمية هذا التحدي لأن مكانة الدين في العالم الإسلامي وفي نفوس أبنائهتأتي في المقام الأول، فضلاً عن كونه المصدر الأول للثقافة الإسلامية، كما أنهالمميز الأبرز للهوية الثقافية للعالم الإسلامي، فينبغي لكل ذلك أن نحسن تعليمالدين كمّا وكيفاً؛ بحيث تكون مخرجات هذا التعليم متعلمون مسلمون يتمتعون بصفاتالإسلام في سلوكهم الفردي والجماعي، من وسطية ورحمة وتسامح واحترام للآخرينوعقائدهم مع العزّة والاعتزاز بالإسلام وعدم قبول الظلم والضيم والدنية، إلى آخرالأخلاق الإسلامية السامية. ـ تحدي إصلاح الجامعات والتعليم الجامعي، يكاد يكون هناك إجماع بين أساتذةالجامعات في العالم الإسلامي على أن هناك حاجة لإصلاح الجامعات والتعليم الجامعيوتطويره لكي تحقق الجامعة أهدافها في إعداد جيل من الشباب مؤهل بالعلم النظريوالعملي معاً، وعلى وعي بقيم ثقافته الإسلامية وهويته، قادر على مواجهة الحياةوخدمة أمته ومجتمعه. وإصلاح الجامعات والتعليم الجامعي عملية مطلوبة باستمرار، لكنها أكثر إلحاحاً فيالوقت الحاضر، والناظر في الجامعات نظرة شمولية يستطيع أن يلاحظ عدداً من معوقاتالإصلاح، بعضها يتعلق بالأنظمة والتشريعات الإدارية والأكاديمية، وبعضها يرجع إلىأعضاء هيئة التدريس وإعدادهم ونظرتهم إلى مهنتهم، وتنمية قدراتهم وخبراتهم، وبعضهايرجع الى الخطط الدراسية للمواد الجامعية، وبعضها يتعلق بالطلبة وشؤونهم وطريقةقبولهم في الجامعات ، وبعضها يتعلق بتمويلها، وبعضها يتعلق بالبحث العلمي الذي تقومبه، وأخيراً - ولعله ليس آخراً - عوائق تتصل بعلاقة الجامعة بالمجتمع وخدمتهوبمؤسساته المختلفة. والحق أن هذا التحدي كبير، وهو من أخطر التحديات الثقافية من حيث إن معظم الذينسيقودون الأمة في المواقع المختلفة في الحياة يمرون بالجامعات. ـ التحدي الإعلامي، والمقصود بذلك أن الإعلام بكل أدواته وأشكاله يجب أن يوجهلتوعية الناس بحقيقة أوضاعهم ومشكلاتهم والحلول المناسبة لها، وأن يساهم في استثارةهمهم لكل عمل نافع ولرد أي عدوان على أمتهم وأوطانهم، وأن يقوم بدوره التربوي فينشر العلم وتعليم الثقافة النافعة المفيدة لعامة الناس، والتأكيد على قيم الأمةوترسيخها ومحبتها، وعرض الثقافة السليمةالأصلية لهذه الأمة (أي كيفية التعامل مع جوانب الوجود المختلفة)، إن قصورالإعلام عن الوفاء بهذه الغايات هو تحد ثقافي كبير أمام العالم الاسلامي وهذاالتحدي يعيق بلا شك تحقيق الغاية التي تطمح إليها الأمة في جانب الثقافة، وأعنيتحقيق هويتها الثقافية على أكمل صورة ممكنة، ولا نبالغ إن قلنا إن دور الإعلام فيالوقت الحاضر ليس أقل من دور المؤسسات التربوية، والتحدي الكبير الذي يواجهه العالمالإسلامي في هذين المجالين (التربية والإعلام) هو غياب التنسيق فيما بينهما، فالذييحدث بصورة ملحوظة أن هناك تعارضا بينهما من حيث النظر إلى الغايات، فقد تقومالمؤسسات التربوية بمحاربة التغريب وبيان سلبياته على هوية الأمة الثقافية، وتقومأجهزة الإعلام بتزيين التغريب بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال الأفلام الغربيةالتي تعرض لنا نماذج الحياة الغربية في صورة فنية جميلة وجذابة … فتحدث الازدواجيةفي نفوس الناشئة بين ما تعلمه المدارس والجامعات وما تعرضه وتعلمه أجهزة الإعلامبطريقتها، وينعكس ذلك كله سلباً على الهوية الإسلامية العربية فيعيق تحقيقها فيالصورة المرغوبة. إن الإعلام اليوم قوة كبيرة وسلاح له أولويته بجانب الأسلحةالأخرى في الدفاع والهجوم والغزو والمواجهة، ولا يزال استخدامه بصورة إيجابية فعالةيشكل تحدياً أمام الأمة وأمام ثقافتها هي بحاجة إلى التغلب عليه لتحقيق ثقافتهاالإسلامية في أكمل صورة ممكنة وأعزها.. ـ تحدي النزاعات الداخلية، المذهبية والطائفية والعرقية والقطرية والجهويةوالحزبية، وكل هذه موجودة في كل قطر من أقطار العالم الإسلامي، وإن تفاوتت درجةوحدّة هذه النزاعات، وهناك أيضاً النزاعات على الحدود بين معظم الأقطار الإسلاميةالمتجاورة، ولا يخفى على أحد أن كلأنواع النزاعات المشار إليها، الصغير منها والكبير، تضيّع الجهود وتهدر الطاقاتوتفرق ولا توحد، وتعيق الإنجاز، وتهوّن من شأن العالم الإسلامي. ـ التحدي السياسي، والمقصود بذلك قصور معظم الإدارات السياسية في الأمةالإسلامية عن تحقيق غاية الأمة وطموحاتها، وقد بات هذا الأمر واضحاً لأبناء هذهالأمة أكثر من بعض التحديات الأخرى، ويتضمن هذا التحدي عدداً من التحديات الفرعية،أبرزها: تحدي الديمقراطية في اختيار الحاكم واتخاذ القرارات، وبخاصة المصيرية منها،وتحدي استقلال القرار السياسي وعدم التأثر بالضغوط الخارجية، وتحدي وضع سياساتلمواجهة الأخطار الخارجية، وتحدي وضع سياسات لمعالجة المشكلات الداخلية على جميعالأصعدة، وتحدي ممارسة الحريات المختلفة، وتحدي العدالة وتكافؤ الفرص، ولعل من أهمالتحديات السياسية تحدي وضع سياسات للعمل المشترك والتعاون لدفع المخاطر وجلبالمصالح.. الخ. إن التحدي السياسي المتمثل في أكمل صورة ممكنة، هو أحد العقباتالرئيسة التي تواجه العالم الإسلامي، وبدون إدارات سياسية قادرة وحكيمة ومتعاونة لنتتمكن الأمة من ممارسة ثقافتها على النحو الذي تطمح إليه. ـ التحدي الاقتصادي، والمقصود به قصور الأوضاع الاقتصادية في العالم الإسلامي عنتحقيق الغايات الاقتصادية التي يطمح إليها، الأمر الذي يبعده عن تحقيق هويتهالثقافية. إن مشكلتي الفقر والبطالة تحديات اقتصادية ومثلها تدني معدل دخل الفرد،كذلك عدم تطوير وسائل الإنتاج الى الحد الكافي الملائم، وهناك قائمة تفصيلية طويلةبهذه التحديات، لكن خبراء الاقتصاد يركزون على تحديات كبرى ور ئيسة، منها: تحديإرادة اتخاذ القرار السياسيبتحقيق التكامل الاقتصادي بين أقطار العالم الإسلامي أو بعضها على الأقل، لقدظهرت فكرة السوق العربية المشتركة قبل فكرة السوق الأوروبية المشتركة، لكن الأخيرةأصبحت واقعاً، أما الأولى فظلت مجرد فكرة وحلم جميل أو طموح طوباوي، وهناك تحديتنمية الموارد المختلفة ومنها البشرية هذه التي ستؤدي إلى التنمية الاقتصادية،باعتبار العنصر البشري هو الفاعل الرئيس في تنمية الموارد المختلفة ومنها البشرية،ولا ينفك التحدي الاقتصادي الداخلي عن تأثره بالتحديات الخارجية التي برزت بصورةأوضح بعد معاهدة التجارة الدولية وتطبيق العولمة. وتكمن أهمية التحدي الاقتصادي وضرورة مواجهته في أنه ينعكس ويؤثر على التحدياتالأخرى، فله انعكاساته السياسية والاجتماعية والتربوية والإعلامية، الأمر الذيينعكس على تجسيد الهوية الثقافية للعالم الإسلامي. ـ التحدي الاجتماعي، والمقصود به أن حركة الحياة الاجتماعية في العالم الإسلاميتنطوي على جوانب من القصور تعيق الأمة عن تجسيد هويتها الثقافية الإسلامية بصورةواضحة. هذا التحدي يتداخل مع التحديات السابقة ويتقاطع معها في أكثر من موضع، إذكلها فعاليات ذات طابع اجتماعي، لكننا سنذكر هنا الجوانب التي لم يرد ذكرها فيماتقدم، والتي تعتبر وفقاً للممارسات العلمية الإجرائية تحديات اجتماعية، فنذكرأبرزها، بادئين بـ : ـ التحدي في مجال القيم الاجتماعية، هذه القيم التي لها أهمية كبرى في تحقيقوتجسيد وتحديد الهوية الثقافية للأمة، فالتحدي في مجال القيم الاجتماعية يعني وجودقصور في الوعي بهذه القيم (والمقصود بطبيعة الحال القيم الإيجابية) والقصور فيتحقيقها وتجسيدها بحيث تؤدي وظيفتها فيحياة الناس والأمة. هناك تحدي قيمة العلم والتعليم، وهذه من القيم الواضحة الأهمية لكن لازالت الأمةالعربية مقصرة في إنجاز العلم ابتداءً، إذ نحن الآن نستورد العلم كما نستوردالأجهزة كالسيارات والهواتف وغيرها، فالبحث العلمي الأصيل ضئيل جداً، ومشاركة الأمةالعربية في تقدم العلم تكاد تكون معدومة، كما انها مقصرة في مجال التعليم ونشره بينأبناء الأمة كماً وكيفاً، فضلاً عن انتشار الأمية الهجائية وغيرها… وهناك قيمة العلم العملي التطبيقي (التكنولوجيا)، بمعنى استثمار العلم النظري فيحياة الإنسان لتسهيلها وترقيتها؛ إذ لا زال الاهتمام بالعلوم النظرية هو الأكثرممارسة في العالم الإسلامي بعامة. وهناك قيمة التخطيط للمستقبل وتحديد الأهداف القريبة والبعيدة للأمة؛ حيث تكادهذه أنتكون غير موجودة على مستوى الأمة، الأمر الذي يهدد هويتها الثقافيةبالاضمحلال إن لم يكن بالتلاشي. وهناك قيمة التعاون والعمل المشترك الجماعي وهي قيمة بحاجة إلى مزيد انتباهورعاية. وهناك قيمة التواد والتراحم والتكافل بين أبناء الأمة مثل كفالة الأيتاموالأرامل والفقراء والمحتاجين والمرضى. وهناك قيمة الاعتدال في الإنفاق والاستهلاك وعدم الانجراف وراء الإسراف، ونحننعطي لهذه القيمة أهمية اقتصادية كبرى، والكثير من أبناء الأمة الإسلامية غافلونعنها وعن أهمية تطبيقها، الذي ينعكس على حالة الأفراد الاقتصادية، ويقلل مشكلاتهم،كما ينعكس إيجابياً على اقتصاد المجتمعبعامة. هناك التحدي المتعلق برعاية الأطفال ورعاية الشباب، فالرعاية السليمة الواعيةوالهادفة لهاتين الفئتين ستؤدي إلى إيجاد أمة صالحة إيجابية قادرة على مواجهةمشكلاتها وإيجاد الحلول لها، وتجسيد هويتها الثقافية. ـ تحدي المشاركة الشعبية؛ ونخصه بالذكر منفرداً لأهميته وإن كان موجوداً بصورةغير مباشرة في التحدي الاجتماعي، والحق أن هذا باب واسع يمكن أن تدخل فيه شتى أنواعالفعاليات والأنشطة الاقتصادية والسياسية والتربوية والمتعلقة بالشباب، والمتعلقةبكفالة كل المحتاجين والضعفاء، وتلك المتصلة بالدفاع عن مصالح الأمة وحقوقها والردعلى من يريد بها سوءاً. إن هذا التحدي الآن كبير، ومواجهته بتفعيل هذه المشاركةبطريقة منظمة هو المطلوب، ووسائل تحقيق هذه المشاركة الشعبية الفعالة عديدة، منهاإيجاد الأحزاب الفاعلة، والجمعيات التعاونية والخيرية المختلفة والنقابات المهنية،واللجان التطوعية المتخصصة، هذا فضلا عن المشاركات ذات الطابع الفردي كالتبرعالشخصي، وتقديم صاحب الخبرة لخبرته، وغير ذلك من أوجه المشاركة العديدة. إن معظمشعوب العالم الإسلامي قد تعودت لفترة غير قصيرة على شيء من السلبية في انتظار أنتقدم لها الدولة كل ما تحتاجه، ولعله آن الأوان لفتح الباب أمام المشاركة الشعبيةالفعالة في التصدي لكل ما تواجهه الأمة من تحديات. إن هذه المشاركة هي من أقوىالوسائل التي تحقق الهوية الثقافية للأمة. ـ تحدي البحث العلمي ونقل التقنية (التكنولوجيا) وإنتاجها؛ إن مشاركة العالمالإسلامي في البحث العلمي النظري متواضعة مقارنة بالعالم الغربيوالدول المتقدمة، وهذا التحدي قائم أمام الجامعات ومؤسسات ومراكز البحوث،ومعيقات البحث العلمي الأصيل تكاد تكون مشخصة في أكثر من دراسة علمية، والعالمالإسلامي بحاجة إلى تضافر جهود مؤسساته للتغلب على هذه العوائق. ويرتبط بالبحث العلمي موضوع التقنية (التكنولوجيا) واللحاق بركبها الذي يسيربسرعة هائلة، والمطلوب أن نجد طريقاً ننقل فيه هذه التكنولوجيا وفقاً لأولوياتحاجات الأمة، وأن لا يقف الأمر عند نقلها فحسب، بل المشاركة في إنتاجها. ولعل هذامن أكبر التحديات التي تواجه العالم الإسلامي اليوم. ولا شك أن دراسة تجارب بعضالدول التي نجحت في نقل التكنولوجيا وإنتاجها سيكون مفيداً مثل اليابان والدول التيأطلق عليها اسم نمور شرق آسيا. ننتقل الآن إلى: ـ التحديات الثقافية الخارجية التي تواجه العالم الإسلامي؛ كنا حددناها في أربعة تحديات رئيسة، وسنقدم قبل الحديث عن كل منها بقول عام نؤكدفيه أن المنطقة العربية تشكل منطقة مستهدفة من قبل الغرب بعامة ومنطقة مصالحاستراتيجية بالنسبة له، كان هذا في الماضي، وهو اليوم أوضح وأشد وأشرس مما كان فيالماضي، خصوصاً بعد انهيار المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفييتي وانتهاء ما كانيعرف بالحرب الباردة بينهما، وتزامن ذلك مع ظهور الصحوة الإسلامية التي شملت العالمالإسلامي والعربي، ويدل على هذا الاستهداف بصورة صارخة الوضوح احتلال أمريكا لكل منأفغانستان والعراق، حيث تحقق لها بهذا الاحتلال قدر عظيم من مصالحها الاستراتيجية . والخطر الذي يواجهه العالم الإسلامي، وخصوصاً العالم العربي،من القوى الغربية متعدد الجوانب: اقتصادي وسياسي وعسكري، والأخطر من كل ما سبق : الثقافي والحضاري، وهذا كله واضح في تصريح للسيد فيلي كلايس، سكرتير عام حلفالأطلسي، في عام 1995م، حيث قال بأن الأصولية الاسلامية «تمثل نفس التهديد الذيكانت تمثله الشيوعية للغرب..، إن حلف الأطلنطي يمكن أن يساهم في مواجهة هذا التهديدالذي يمثله المتطرفون الإسلاميون من حيث قيام الحلف بإعادة تحديد دوره بعد الحربالباردة؛ فإن حلف الأطلنطي هو أكثر من كونه تحالفاً عسكرياً، فهو قد ألزم نفسهبالدفاع عن المبادئ الأساسية للحضارة التي ربطت أوربا الغربية بأمريكا الشمالية»(نقلاً عن: د.أحمد يوسف، ورقته في المؤتمر العام السادس لرابطة الجامعات الإسلامية،المنعقد في جامعة آل البيت/ نوفمبر 1999، نقله عن جريدة الخليج الصادر في : 8/2/1995م) هذا القول واضح - في نظرنا - في التعبير عن أهداف الغرب في استهداف العالمالإسلامي. نعود إلى الحديث عن التحديات الخارجية الأربعة، وأولها: ـ تحديات الصهيونية العالمية والمشروع الصهيوني يتمثل هذا المشروع في احتلال فلسطين، وفي أهدافه التوسعية التي تشمل جميع أجزاءالوطن العربي وعدداً غير قليل من الدول الإسلامية. معلوم أن الصهيونية العالمية إنتاج يهودي، ابتكره اليهود ليحققوا من خلالهاوبواسطتها أهدافاً مختلفة؛ بعضها كبيرة عريضة وبعيدة وبعضها الآخر أقرب منالاً، إنغاية الصهيونية القريبة والتي تحققت بعد نصف قرن من انعقاد المؤتمر الصهيوني الأولفي بازل بسويسرا عام 1897م هي استيطان أرضفلسطين وإقامة دولة لليهود فيها، ثم غايتهم الأبعد بعد ذلك هو احتلال الوطنالعربي الإسلامي من النيل إلى الفرات، فإن لم يكن ذلك ممكناً بالطرق العسكرية، فإنهفي نظرهم ممكن من الناحية الاقتصادية والسياسية. في أقرب المشاهد الصهيونية إلينا نجد إسرائيل تهدد باحتلالها أرض فلسطين الهويةالثقافية الإسلامية؛ إنها لا تتحدى شعب فلسطين فحسب بل تتحدى الأمة العربية بأسرهاوتتجاوزها إلى الأمة الإسلامية؛ فقوتها العسكرية تفوق ما لدى الدول العربية مجتمعة . واقتصادها يسعى لفرض نفسه على كل أسواق الدول العربية وصولاً إلى دول العالمالإسلامي، تمهيداً لفرض القرار السياسي عليها، القرار الذي سيكون ضد الهويةالثقافية الإسلامية. لقد ابتكرت الصهيونية - متحالفة مع الغرب - مصطلحات تناقضالهوية الثقافية العربية والهوية الثقافية الإسلامية معاً، وتهدف إلى محوها منالذهنية العربية والإسلامية، مثل مصطلح الشرق الأوسط، ومصطلح الشراكة الأوروبيةالمتوسطية، وأخيراً مصطلح الشرق الأوسط الكبير، لتدخل إسرائيل تحت مظلة هذهالتسميات كطرف شرعي، وتتراجع الهوية العربية والإسلامية وتندحر. والغريب أن عدداً غير قليل من المثقفين والإعلاميين ووسائل الإعلام ينساقون معهذه التسميات وأن ينتبهون إلى ما تنطوي عليه من مخاطر تهدد الهوية الثقافية العربيةوالإسلامية في الصميم. إن خطر الصهيونية - متمثلة في أداتها ومشروعها القائم علىأرض فلسطين، أعني إسرائيل - يستهدف بالفعل الإنسان العربي والمسلم، بدءاً بإنسانفلسطين، وجوداً وتاريخاً وحضارة وعقيدة وثقافة وكرامة وحرية.. إنها باختصار تستهدفالهوية الثقافية العربية والإسلامية التي تعني كل أبناء الأمة العربية والإسلامية - كما أشرناآنفاً - والصهيونية كالغرب لا يميزون كثيراً بين العرب والمسلمين فهم عندهمسواء من حيث استهدافهم ومعاداتهم، ولا غرابة في ذلك فهم حلفاؤهم ضد الأمتين العربيةوالإسلامية. سأكتفي بهذا القدر عن التحدي الصهيوني، فإن تفاصيله واضحة أمام عيوننا نشاهدهاصباح مساء، لكننا نلفت النظر إلى أن تفاصيل هذا التحدي المتمثل في الجرائمالصهيونية البشعة على الشعب والأرض في فلسطين العربية المسلمة، وعلى قدس المسلمينومسجدهم الأقصى، قد كادت أن تصبح أمراً عاديا مألوفاً، كدنا أن لا نحس معه بخطورةالأمر على أمتنا وهويتها الثقافية، إن هذه المشاهد اليومية ينبغي أن تحفزنا للعملأكثر لمواجهة الخطر المحدق بهويتنا الثقافية العربية. التحديات الامبريالية معلوم أن الاستعمار حين ترك البلاد العربية كاحتلال، سرعان ما عاد ليتخذ صوراًوأشكالاً أخرى؛ استعمار اقتصادي وسياسي وفكري وثقافي، فالدول الغربية تعتبر المنطقةالعربية والإسلامية منطقة مصالح استراتيجية لها؛ لموقعها الجغرافي المتوسط بين دولالعالم، ولثرواتها العديدة وأهمها النفط، ولتكون سوقاً لمنتجاتها، ولتنشر فيها وبينأبنائها ثقافتها فتظل عاجزة تابعة لا تشكل خطراً عليها ولا على مصالحها، ولتجردهامن أقوى أسلحتها المعنوية؛ وهو ثقافتها الإسلامية التي باتت تشكل خطراً - من وجهةنظرهم - على ثقافة الغرب العلمانية وتطرح نفسها بديلا محتملا للثقافة الغربية، فهميتحسبون لهذا الخطر أكثر مما نتصور، تدل على ذلك حربهم المعلنة على العربوالإسلام تحت مسميات الحرب ضد الأصولية وضد الإرهاب، ومحاولاتهم السافرة للتدخلفي مناهج التعليم الديني في البلاد العربية والإسلامية. إن تحديات الدول الإمبريالية الغربية اليوم للعالم الإسلامي تكاد تشمل كلالمجالات الرئيسية: الاقتصادية والسياسية والعسكرية؛ * أما التحدي الاقتصادي فيتجلى في القروض المشروطة التي تمنحها للدول الإسلاميةبفوائد عالية، والقيود الت�� تفرضها على نشاطها الاقتصادي، والعقبات التي تضعها أمامالتنمية الاقتصادية، والاتفاقيات الثنائية التي تكون عادة لصالح الدول الأقوى، كلذلك يكرس التبعية الاقتصادية للغرب، إنهم يضغطون لدرجة إجبار بعض الدول الإسلاميةعلى شراء السلاح الذي لم يعد مواكباً للتقدم التكنولوجي لاستنزاف ثروات هذه الدول. * أما التحدي السياسي فبات واضحاً لا يخفى على أحد، إن أمريكا باتت تتدخل بصورةمباشرة أو غير مباشرة في كل قرارات العالم الإسلامي السياسية ذات الشأن، ولابد فيبعض الحالات من استئذانها قبل اتخاذ أي قرار سياسي هام، فأمريكا أصبحت شرطي العالمالمرهوب وبخاصة عند الدول العربية. * أما التحدي العسكري فمظاهره بارزة للعيان، فقوات التحالف الغربي بقيادة أمريكاجاهزة للتدخل لضرب أي قطر عربي يخالف سياسة أمريكا، وما حدث للعراق بعد عام 1990 مناعتداءات استمرت حتى انتهت باحتلاله عسكرياً، وضرب أفغانستان واحتلالها قبل ذلك،بأمور بعيدة عنا، وهي تجسيد لهذا التحدي العسكري السافر. هذه التحديات لها أهدافها الخاصة بكل منها، لكن غايتها في النهاية فرضالثقافة الأمريكية التي تريدها أمريكا على العالم الإسلامي وعلى ثقافتهالإسلامية، مستغلة قوتها وغطرستها التي جعلتها القطب الأوحد المتحكم في أمور هذاالعالم وسياساته. ويمكن القول: إن الغرب قد تمكن من هيمنته وفرض إرادته على أغلب دول العالمالإسلامي في المجالات السابقة، وهو الآن بصدد الهيمنة على المعقل الأخير لهذهالأمة، وآخر خطوط دفاعها، ذلك هو ثقافتها الإسلامية وجوهر عقيدتها؛ وجاءت العولمة(الأمريكية) محاولة تحطيم هذا الحصن الأخير والقضاء على هذا المعقل. تحدي الشرعية الدولية لقد اتخذت الدول الغربية - على رأسها أمريكا - ما يسمى الشرعية الدولية أداةووسيلة لإحكام الهيمنة والسيطرة على دول العالم الثالث وفي مقدمتها الدولالإسلامية. والمقصود بالشرعية الدولية هنا هو استخدام المنظمات الدولية لإصدارقرارات ذات صفة دولية، تطبق - تحت شعار الشرعية الدولية - على الدول الضعيفة ومنهاالدول العربية والإسلامية، وهي قرارات تحقق فقط مصالح الدول الكبرى الغربية عندالتحقيق، وتبدأ هذه المنظمات بهيئة الأمم ومجلس الأمن، إلى منظمة التجارة الدوليةوالبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة اليونسكو، إلى آخر قائمة المنظماتالدولية التابعة للأمم المتحدة، هذه المنظمات التي تشكل قراراتها ما يسمى بالشرعيةالدولية هي إحدى الأدوات التي تستخدمها أمريكا بالدرجة الأولى ومعها الغرب لإحكامالهيمنة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية والفكرية على دول العالمالثالث والدول العربية والإسلامية في مقدمتها. إن أبرز الأمثلة على تحدي الشرعية الدولية هو هذه المؤسسات الاقتصادية التيتتحكم في الاقتصاد العالمي الجديد، وهي: البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمةالتجارة الدولية، هذه التي أصبحت أجهزة وأدوات تعمل لصالح الدول الكبرى، وعلى رأسهاأمريكا، وحتى مجلس الأمن بات يفرض العقوبات الاقتصادية على الدول الضعيفة ومنهاالدول الإسلامية بسبب أو بدون سبب، أو تلوح بالتهديد بها لمن يخرج عن سياسة هذهالدول ذات النفوذ، ويمارس ثقافته في السياسة أو الاقتصاد أو في جوانب الحياة الأخرىالعامة مخالفاً لما تراه أمريكا. تحدي العولمة يمكن القول - في ضوء ما يجري على أرض الواقع عن مظاهر العولمة - ان العولمة: هيعملية شاملة متعددة الجوانب تسعى لفرض رؤية غربية أمريكية واحدة على العالم بأسرهفي المجالات الاقتصادية والسياسية والإعلامية والاجتماعية والتربوية والثقافية،تستخدم فيها أمريكا جميع أدوات القوة والضغط التي تملكها والتي جعلتها في الوقتالراهن القطب الأوحد، كما تسعى إلى فرض هيمنة هذا القطب على العالم وحرمانه مناستقلاله بإضعاف قدراته على الإنتاج والتنمية - وخصوصاً العالمين العربي والإسلامي - بإرغامه على التبعية له لتحقيق أهداف هذا القطب المتغطرس سلوكياً ومصالحه الخاصة. خرجت علينا العولمة التي تقودها أمريكا ومعها الغرب بمصطلح صراع الحضارات، وقبلهكان حوار الأديان، ثم ظهر مصطلح حوار الحضارات منإيران بديلا لمصطلح صراع الحضارات، وأخيراً ظهر مصطلح تحالف الحضارات، وهوالمصطلح الأقرب إلى الاتجاه الصحيح في العلاقة بين الحضارات، أطلقه رئيس وزراءإسبانيا الحالي، لكنه لم يجد صدى واسعاً. إن المشكلة لدى الغرب بعامة أنه غير مستعدللحوار الحقيقي المتكافئ، إن الحوار عنده قبول الآخرين بقيمه وثقافته وتسليمنا لهمبتخلف ثقافتنا وقيمنا، وهذا ما عبر عنه الرئيس الأمريكي الحالي «بوش» حين قال: «إمامعنا أو ضدنا»؛ لقد أقفل بذلك باب الحوار بين الغرب والعرب والمسلمين تمهيداًلإكمال تفوقه وهيمنته الإقتصادية والسياسية والعسكرية بالهيمنة الثقافية، هذه التييتحدثون عنها اليوم بصورة مباشرة سافرة غير مقنعة أو مستترة، وهم يصرحون بذلكتصريحاً لا تلميحاً، ويطالبوننا بالالتزام بقيمهم… تمارس العولمة ضدنا غزواً ثقافياً، تريد من خلاله فرض ثقافتها علينا بقصدالهيمنة والغلبة والسيطرة، فهي تريد أن يكون تعاملنا مع أنفسنا ومع الآخرين ومعالكون ومع الله أيضاً على وفق الثقافة الأمريكية العلمانية، ومن الحق أن نقول: إنجزءاً من هذا الغزو الثقافي نستجلبه نحن بأيدينا، وتمارس العولمة علينا غزواً فكريايتجلى فيما يصدره لنا من أفكار في شتى مجالات الفكر: الاقتصادي والاجتماعي والتربويوالسياسي والإداري محاولاً فرضها علينا في بعض الأحيان، ونحن نستورد كل ذلك أونقبله فرحين به، لأننا غير قادرين على إنتاج الفكر في هذه المجالات، وولعاً بتقليدالغالب - كما ذكره ابن خلدون - لقد وصل الأمر بالعولمة إلى غزونا في قيمناالثقافية، كالذي حدث في المؤتمرات الدولية العديدة: المؤتمر العالمي لحقوق الإنسانفي فينا عام 1993م، والمؤتمر العالمي للسكان في القاهرة عام 1995م، والمؤتمرالعالميحول المرأة في بكين عام 1994م، وغيرها، وكل هذه المؤتمرات التي يقودها الغربتعرضت لجانب أو أكثر من قيم ثقافتنا العربية التي ترجع إلى ديننا الإسلامي، وتطاولتبشكل مباشر على هويتنا الثقافية العربية. لقد وصلت العولمة (الأمريكية) بأهدافهاإلى الدول الغربية الأخرى؛ لقد شكا مسؤولون في فرنسا وكندا من الغزو الثقافيالأمريكي الذي يكاد يهدد خصوصيتهم الثقافية. وبعد، فقد رأينا ضخامة التحديات التي يواجهها العالم الإسلامي من حيث الكموالكيف معاً، ولا نرى أن نقف عند هذا الحد في بحثنا فنلقي اليأس في النفوس، وهوأسوأ التحديات التي يمكن أن تواجهها أمة من الأمم، فإذا تسلل اليأس إلى نفوسناوعشعش فيها - لا قدر الله - فسوف تكون هويتنا الثقافية في الحضيض. والسؤال: كيف نواجه كل هذه التحديات الثقافية؟ والجواب: إن مواجهة هذه التحدياتأمر ممكن بلا شك وإن كان ليس يسيراً، وتكمن هذه المواجهة في استثمار طاقات الأمةالمادية والمعنوية وفقاً لقيم الثقافة الإسلامية. استثمار الطاقات المادية إن العالم الإسلامي يملك من الطاقات البشرية والثروات المادية والموقع الجغرافيما يستطيع به مواجهة كل ما ذكر من تحديات، وشرط ذلك هو توحيد الجهود وتضافرهابإخلاص، وهو أمر يستدعي اتفاقاً وتوافقاً وتخطيطاً سليماً، أما إن بقيت الطاقاتوالجهود جزئية قطرية جهوية فئوية ومبعثرة، فإن الأمة لن تفلح في مواجهة هذهالتحديات وعلى كل قطر أن يدرك أنمصلحته الخاصة تتحقق في أعلى درجاتها بهذا الشرط وحده، وأنها لا تحقق كمصلحةوطنية بالتحالف مع من يريد الهيمنة على العالم. إن توحيد الجهود من أجل استثمارطاقات الأمة المادية في مختلف المجالات يحتاج أولاً إلى إرادة شعبية وسياسية معاً،ثم بعد ذلك وضع الخطط والبرامج التي توحد الجهود والطاقات وتحقق ما بينها من تكاملوفق أهداف وغايات واضحة هي أهداف وغايات الثقافة الإسلامية. وعلى القطاعاتوالمؤسسات التربوية والإعلامية أن تقوم بدورها لتسهيل تنفيذ هذه الخطط والبرامج. إن استثمار الطاقات يعني امتلاك القوة بكل أنواعها، ويعني العزّة التي لا تكونبدون قوة، ويعني الإنتاج حتى لا تظل الأمة تحت رحمة التجارة الدولية الظالمةوالمحتكرة. استثمار الطاقات المعنوية إن العالم الإسلامي متخلف عن الدول الكبرى اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً وفكرياً،لكنه يملك سلاحاً يفوق كل هذه القوى المادية ويأتي في مقدمتها، إنه سلاح الإيمانبالله وسلاح القيم الإنسانية العليا، قيم الحق والخير والعدل التي انبثقت من دينالإسلام، إن هذا السلاح هو خط دفاع الأمة الأخير العصي على الاجتياز الأمر الذييظهر واضحاً وقت الأزمات والهزيمة؛ وهو أيضا أمضى أسلحتها في مواجهة الهيمنةوالغطرسة والاستعلاء. إن الإيمان بالله اعتقاد وعمل - كما هو معلوم - يشمل السلوك وفق ما يحبه اللهويرضاه، وحين يتجلى الإيمان في سلوك الأفراد والجماعة، سيكون عندها التعاون علىالبر والتقوى، وعلى طلب العلم والحكمة، وإعداد كل ما تستطيعهالأمة من قوة بالتخطيط السليم، وكل ما يدفع الضرر والمخاطر عنها من الداخلوالخارج، وما يجلب لها المنفعة والمصلحة ويحقق لها العزَّة والمنعة. ولدى الأمة الإسلامية سلاح يمكن به مواجهة غول العولمة في جانبها الاقتصادي الذييهدد الهوية الثقافية والوجود معاً، وهو واحد من جوانب قوتنا المعنوية غيرالمستثمرة، هذا السلاح هو الاعتدال في الإنفاق والاستهلاك، وله في تراثنا العربيالإسلامي اسم آخر هو الزهد؛ وليس المقصود بالزهد الامتناع التام عن نعيم الدنيا فيالمأكل والمشرب ومتع الحياة وكمالياتها، وإنما الاعتدال في ذلك وعدم التهالك علىمتع الدنيا وزينتها. لو مارست الأمة الإسلامية خلق الزهد، لوفرت على نفسها الكثيرمن مليارات في شتى المجالات، نقول هذا لأن العولمة في أحد جوانبها سعي إلى ترسيخعادات الاستهلاك وعادات الشراء بين الناس؛ من ذا الذي يجبرني أن أشتري شيئا لستبحاجة ماسة إليه؟ لقد جاء الناس يوماً إلى أحد الزهاد يشكون غلاء اللحم، فقال لهم : أرخصوه؛ قالوا: كيف؟ قال: لا تشتروه، وأنشد لهم شعراً منه قوله: فإذا غلا شيء علي عدمته فيكون أرخص ما يكون إذا غلا هذه أمثلة سريعة لجوانب القوة المعنوية غير المستثمرة لدينا، لو أحسن استثمارهاستعيننا في مواجهة هذه التحديات بدرجة كبيرة. هناك جانب آخر أو قوة أخرى نملكها لكنها ليست مفعَّلة بالقدر اللازم، وتحتاج إلىتفعيل أكثر، وأعني بها المشاركة الشعبية في كل مجالات الصمود والمواجهة والرد علىالتحديات، وللمشاركة الشعبية اسم يعطيها بعداً تعبدياً إيمانياً، هو التعاون علىالبر والتقوى، هذا التعاون أو هذه المشاركة متوقعة من كل الهيئات الشعبية والأحزابوالنقابات والجمعيات والأفراد، إنالشعوب هي التي بإرادتها تقرر مصيرها، وما أصدق قول الشاعر أبي القاسم الشابي: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أنيستجيب القدر إن تحقيق ذلك ليس بالأمر الهين، وهو بحاجة إلى استراتيجية واضحة على مستوىالعالم الإسلامي وخطط وطنية متناسقة ومتكاملة في ضوئها، وهذا الأمر سيكون أيسروأوجب حين يدرك كل قطر في هذه الأمة أن مصلحته الحقيقية في تعاونه وتكامله معأشقائه الذين يشاركونه العقيدة نفسها والثقافة نفسها والآمال نفسها والمصير نفسه،والذين يواجهون معا الأخطار ذاتها. وختاماً أقول: التحديات كبيرة، والأمل في التغلب عليها كبير، ولا ينبغي للأمةالعربية أن تيأس : ﴿إنه لا ييأس من روح الله إلا القومالكافرون﴾. (يوسف/ 87) |
2012- 5- 4 | #488 |
أكـاديـمـي مـشـارك
|
رد: تجمع مقرر الثقافه الإسلاميه للشعبتين 1 و 2
|
2012- 5- 4 | #489 |
Banned
|
رد: تجمع مقرر الثقافه الإسلاميه للشعبتين 1 و 2
في جواب أقل من هذا ومختصر موجود في المناقشات
|
2012- 5- 4 | #490 |
أكـاديـمـي مـشـارك
|
رد: تجمع مقرر الثقافه الإسلاميه للشعبتين 1 و 2
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
للشعبتين, الثقافه, الإسلاميه, تجمع, وطالبات, طلاب |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مجوهرات وشنط اصلية 100% من امريكا | غرام1 | ملتقى طلاب التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل | 3 | 2011- 11- 27 12:22 AM |
مجوهرات وشنط اصلية 100% من امريكا | غرام1 | قسم المحذوفات و المواضيع المكررة | 0 | 2011- 11- 27 12:06 AM |
احد عنده نحو وورد من 1 الى 14؟ جزاه الله خير ياليت يكون مرفق | sweet eyes | المستوى الأول - كلية الأداب | 11 | 2011- 1- 3 01:03 PM |