ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

العودة   ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام > .: سـاحـة التعليم عن بعد (الانتساب):. > ملتقى طلاب التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل > كلية الأداب > علم اجتماع > اجتماع 7
التسجيل الكويزاتإضافة كويزمواعيد التسجيل التعليمـــات المجموعات  

اجتماع 7 طلاب وطالبات المستويات السابع تخصص التعليم عن بعد علم اجتماع جامعة الملك فيصل

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2015- 5- 10
راع الشعلا
أكـاديـمـي
بيانات الطالب:
الكلية: ثانوي
بيانات الموضوع:
المشاهدات: 3881
المشاركـات: 1
 
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 50218
تاريخ التسجيل: Tue Mar 2010
العمر: 34
المشاركات: 14
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 569
مؤشر المستوى: 0
راع الشعلا will become famous soon enoughراع الشعلا will become famous soon enoughراع الشعلا will become famous soon enoughراع الشعلا will become famous soon enoughراع الشعلا will become famous soon enoughراع الشعلا will become famous soon enough
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
راع الشعلا غير متواجد حالياً
محتوى التغير الاجتماعي

ماهية التغير االجتماعي
مقدمة :
يعتبر التغير االجتماعي Social Change ظاهرة اجتماعية مستمرة و مالزمة للمجتمعات منذ القديم ، سواء كانت تلك
المجتمعات رعوية أم زراعية أم نامية أم متقدمة أم رسمالية أم اشتراكية... الخ.
و
التغير االجتماعي الذي يحدث في المجتمعات اليوم لم يعد كله تلقائيا دون توجيه واع ، و إنما هو تغير مقصود و إرادي
يتم وفق خطط مدروسة ، بل وتستحدث له مناهج و وسائل من أجل تحقيق التنمية بوجه عام .
كما أن المجتمع بطبيعته متغّير ، حيث يأخذ من الجيل السابق جوانب ثقافية و يضيف عليها تمشيا مع واقعه االجتماعي ، و
متطلباته المستجدة.
ولكل تغير اجتماعي ) مدى وسرعة و اتجاها ( و بداية و نهاية ، غير أن كل ذلك يتوقف على طبيعة المجتمع .
وقد تنبه المفكرون إلى ظاهرة التغير و اعتبرها بعضهم ) حقيقة الوجود ( إال ان نظرتهم كانت عامة لم تتنبه إلى القوانين
التي تحكم هذا التغير، وهذا بخالف نظرة
و تفكير علماء هذا الزمن ) العصر الحديث ( في التغير االجتماعي حيث يحاولون توجيه التغير و التحكم فيه خاصة بعد
الحربين العالميتين .
تعريف التغير االجتماعي :
يعني التغير االختالف بين الحالتين القديمة و الحالة الجديدة أو اختالف الشيء عما كان عليه خالل فترة محددة من الزمن
) بداية و نهاية ( و حينما تضاف كلمة ) االجتماعي ( يقصد به : التغير الذي يحدث داخل المجتمع أو التبدل والتحول
الذي يطرأ جوانب المجتمع أو على البناء االجتماعي خالل فترة من الزمن .
و يعتبر التغير في ثقافة المجتمع نوعا من التغير االجتماعي ، سواء كان ذلك التغير في جانبي الثقافة : المادي أو الفكري .
و يشمل التغير االجتماعي العديد من جوانب المجتمع : كأنماط العالقة بين األفراد و الجماعات و اختالف الوظائف و
األدوار االجتماعية وفي األنظمة و القيم و العادات....الخ
تعريف التغير االجتماعي عند بعض العلماء :
يكاد يجمع العديد من العلماء ) جيرث ، ميلز ، جنزبيرج ، جي روشيه ، عاطف غيث .. الخ ( على أن التغير االجتماعي
هو : التحول الذي يصيب البناء االجتماعي في كله او في أي من أجزائه في األدوار والنظم والوظائف االجتماعية أو في
الوحدات المكونة له في فترة محددة من الزمن و يمكن مالحظته.
صفات التغير االجتماعي عند ) جي روشيه (:
1. التغير االجتماعي ظاهرة عامة ، تؤثر في أسلوب حياة أفراد المجتمع و أفكارهم.
2. التغير االجتماعي يصيب البناء االجتماعي بشكل عميق.
3. يكون التغير االجتماعي محددا بالزمن ، بمعنى ان له بداية و نهاية من أجل المقارنة بين الحالتين.
4. يتصف التغير االجتماعي باالستمرارية و ذلك من أجل إدراكه و فهمه و معرفة أبعاده .
5. التغير االجتماعي قد يكون اتجاهه إيجابيا أو سلبيا



أمثلة من التغيرات االجتماعية في المجتمع : ) التغير من النمط اإلقطاعي في المجتمع إلى النمط الرأسمالي أو االشتراكي و
األخالق المرتبطة بكل منهم التغير من النظام الديكتاتوري إلى الديموقراطي أو الملكي أو في شكل األسرة من ممتدة إلى
نووية أو من وحدانية الزوجة إلى تعدد الزوجات ، التغير في األدوار االجتماعية و مراكز األشخاص في مؤسسات
المجتمع ، التغير في أساليب الحياة القديمة إلى أشكال حديثة ولها العديد من األمثلة التي تتضح بالمالحظة و المقارنة في
حالتين سابقة و حالية (.
مصادر التغير االجتماعي : للتغير االجتماعي مصدرين هما :
1. المصدر الداخلي : الذي يكون نابعا من داخل النسق االجتماعي و اطار المجتمع نفسه ، أي أنه يكون نتيجة
للتفاعالت التي تتم داخل المجتمع .
2. المصدر الخارجي : الذي يأتي من خارج المجتمع نتيجة اتصال المجتمع بغيره من المجتمعات األخرى.
آليات التغير االجتماعي :
بطبيعة الحال سواء أكان مصدر التغير االجتماعي من داخل المجتمع أم كان من خارجه فإن ذلك يقوم على آليات
محددة هي:
1. االختراع و االكتشاف : فابتكار أشياء جديدة لم تكن موجودة من قبل ، كالكهرباء و السيارة أو إعادة تحسين كفاءة
مخترعات قديمة كتحسين االلة البخارية و صناعة القطارات و الطائرات ، تؤدي إلى تغيرات ثقافية تتراكم و تؤدي إلى
تغيرات اجتماعية.
كذلك األمر بالنسبة لالكتشافات التي تعني معرفة أشياء كانت موجودة أصال ، كاكتشاف القارة األمريكية و راس الرجاء
الصالح أو عناصر جديدة في الطبيعة... الخ ، ان االكتشافات و االختراعات هي تعبير عن حاجة إنسانية واجتماعية في
المقام األول .
2. الذكاء و البيئة الثقافية : فاالختراعات و االكتشافات تتطلب قدرا مرتفعا من الذكاء ، وقد يكون الذكاء موروثا أو مكتسبا
و تلعب البيئة الثقافية و االجتماعية دورا حاسما في تنمية الذكاء أو في تراجعه.
3. االنتشــار : لن يكتب للمخترعات النجاح ما لم تنتشر عند أفراد كثيرين من المجتمع و االنتشار يعني قبول التجديد من
قبل أفراد المجتمع . و عملية القبول ال يمكن أن تأتي فجأة و إنما عبر مراحل معينة تتوقف سرعتها على ثقافة المجتمع و
مدى فرض االنتشار أم تركة إراديا.
مصطلحات التغير االجتماعي:
يعتبر مصطلح التغير االجتماعي مصطلحا حديثا نسبيا بوصفة دراسة علمية ، و لكنه من حيث االهتمام به و مالحظته قديم
قدم اإلنسانية.
وقد كان يعني معاني عدة و مختلطا مع مصطلحات أخرى كـ : التقدم و التطور و النمو و التنمية..، حتى القرن )22م(
بحيث أصبح ذلك الخلط غير جائز فقد قامت دراسات علمية ، بحثت في ماهية التغير و عوامله و اتجاهاته.

اذا تحدثنا عن سبب الخلط الحاصل قديما في مصطلحات التغير االجتماعي فهو بسبب أن الدراسات القديمة قائمة على
التفكير الفلسفي ) غير العلمي ( ولكنها شكلت إطارا مرجعيا و أرضية انطلقت منها الدراسات العلمية الراهنة.
وقد أخذت الدراسات االجتماعية في التغير مسارا علميا بعد أن وضع ) وليم أو جبرن ( كتابه المعروف بالتغير االجتماعي
وذلك عام 1922م . و بعد ذلك تتابعت الدراسات العلمية في مجال التغير االجتماعي .
لقد كانت نظرة العلماء للتغير االجتماعي حتى القرن)18م( نظرة تشاؤمية مبنية على الخوف من المستقبل ، و أن حالة
المجتمعات في القديم أفضل من الحالة الراهنة. و بعدها أصبحت نظرة العلماء للتغير االجتماعي نظرة علمية متفائلة .
وكما قال سان سيمون ) أن العصر الذهبي أمامنا وليس خلفنا (
و سنقوم في التالي بالتع ّرف على بعض أشهر مصطلحات التغير االجتماعي :
ا Social Progres في البداية باعتباره مرادفا لمصطلح ُ أوال : التقدم االجتماعي : ستخدم مصطلح التقدم االجتماعي
التغير االجتماعي . وقد اتضح ذلك في كتابات علماء كأوجست كونت و كوندرسيه و تيرجو وغيرهم .
و التقدم : يعني حركة تسير نحو األهداف المنشودة و المقبولة أو األهداف الموضوعية التي تنشد خيرا أو تنتهي إلى نفع.
و ينطوي التقدم على مراحل ارتقائية ، أي أن كل مرحلة تكون أفضل من سابقتها. وهو يشير إلى انتقال المجتمع إلى مرحلة
أفضل من حيث الثقافة و القدرة اإلنتاجية و السيطرة على الطبيعة.
و يعرف التقدم بأنه : العملية التي تأخذ شكال محددا و اتجاها واحدا و يتضمن توجيها واعيا مقصودا مخططا لعملية التغير.
هذا و تجدر اإلشارة إلى أن مفهوم التقدم هو مفهوم ) نسبي ( أي أنه يختلف من مجتمع آلخر ومن ثقافة إلى أخرى . فما
يعتبر تقدما اجتماعيا في مجتمع قد يكون تخلفا في مجتمع اخر ، خاصة فيما يتعلق بالجانب المعنوي من التغير االجتماعي
. ففكرة التقدم تتغير بتبدل األحوال و األزمنة ، وهي تحمل معن ًى قيميا .
وقد بين ) ويل ديورنت ( ان اإلنسانية خالل تقدمها االرتقائي مرت بمراحل هي: ] النطق ، النار ، استئناس الحيوان ،
الزراعة ، التنظيم االجتماعي ، األخالق ، اآلالت و الصناعة ، العلوم ، التربية .... الخ [.
و تاريخيا تعتبر فكرة ) التقدم ( تعود إلى عصور قديمة جدا ، ولم تصبح موضوعا للبحث إال في القرن )17م( مع ظهور
الثورة الصناعية ، و تجمع المعرفة اإلنسانية و تراكمها.
و تج ِمع تعريفات التقدم على أنه تطور في الجوانب المادية و الفكرية في المجتمع و يحمل ، معنى قيميا و معياريا.
ثانيا: التطور االجتماعي : ويعني التطور االجتماعي Social Evolution النمو البطيء المتدرج الذي يؤدي إلى
تحوالت منتظمة و متالحقة ، تمر بمراحل مختلفة ترتبط فيها كل مرحلة الحقة بالمرحلة السابقة ، دون طفرات في التقدم و
التطور.
وقد استخدم مفهوم التطور االجتماعي بشكل واسع في العلوم االجتماعية ، وفي علم االجتماع بشكل خاص بعد ان وضع
) داروين ( كتابه المعروف بأصل األنواع مبينا فيه أصول نظريته التطورية البيولوجية للكائنات الحية.


كما استخدم مفهوم التطور كل من هربرت سبنسر و تايلور. وقد رفض العديد من العلماء تماثل التطور بين الكائنات الحية و
التطور االجتماعي كـ ) وليم أوجبرن و جوردون تشايلد و جوليان ستيورد ( مؤكدين على ان التطور البيولوجي في
الكائنات الحية هو : حتمي و يسير في خط مستقيم ال يمكن تخطيطه أو تسريعه أو تهدئته في حين التطور االجتماعي أيضا
حتمي ولكنه مخطط و سريع أو هادئ أو شامل أو جزئي ... الخ .
ثالثا: النمو االجتماعي : يعني مصطلح النمو : عملية النضج التدريجي و المستمر للكائن الحي و زيادة حجمه الكلي أو
أجزاؤه في سلسلة من المراحل الطبيعية ، ويتضمن ذلك النمو تغيرا كميا و كيفيا و غايته عملية النمو ذاتها.
و يتضمن مصطلح النمو كافة أشكال النمو سواء في الكفاية ام في التعقيد ام في القيمة و ينطبق ذلك على األفراد و
الجماعات.
و يختلف النمو عن التنمية في كونه تلقائيا بينما التنمية عملية إرادية مخططه. و يقترب مفهوم النمو من مفهوم التطور إال
انه ال يتطابق معه و عندما تضاف إلى مصطلح النمو كلمة اجتماعي Social Croissance يقصد به النمو الذي يتعلق
بالمجتمع
وقد استخدم مصطلح النمو بمعان عدة في الفكر الحديث ، فيقال أحيانا مجتمعات نامية و مجتمعات اقل نموا أو اكثر نموا.
وهناك شبه اتفاق في كم النمو ولكن هناك اختالف في كيف النمو حيث يأخذ بعدا قيميا معياريا.
وفي هذا الصدد فمفهوم النمو ال يعبر إال عن تغير في إيجابي أو تقدم مع المحافظة على جوهر البناء بشكل عام . أما الجزء
اآلخر من التغير وهو ) النكوص ( أو التخلف ال يشير اليه المفهوم .
لذا فعلماء االجتماع يميلون إلى استخدام ) النمو ( في الجانب االقتصادي الذي يمكن قياسه بدقة ، كالنمو في متوسط دخل
الفرد.
وهناك من العلماء من جعل النمو ينطبق تماما على الكائن الحي و المجتمعات بنفس المفهوم ، وهذا خلط ال يمكن قبوله في
هذا العصر.
الفرق بين النمو االجتماعي و التغير االجتماعي :
1. النمو زيادة ثابتة نسبيا و مستمرة وفي جانب واحد من جوانب الحياة . بينما التغير االجتماعي فهو اشمل فقد يكون في
البناء االجتماعي أو في وحداته أو في األدوار و النظام ...الخ
2. النمو االجتماعي فقط إيجابي و ثابت ، بينما التغير االجتماعي قد يكون إيجابيا تقدميا وقد يكون تأخرا أو نكوصا . لذا
فالتغير اشمل .
3. النمو االجتماعي بطئ و تدريجي و التغير قد يكون سريعا وفي شكل قفزات إلى األمام أو إلى الخلف .
4. النمو االجتماعي يغلب عليه التغير الكمي و التغير االجتماعي يغلب عليه التغير الكيفي .
5. النمو عملية تلقائية ال دخل لإلنسان بها ، بخالف التغير فهو عملية مخططة هادفة إرادية .
6. يسير النمو في خط مستقيم ، لذا يمكن التنبؤ بما سيؤول اليه. في حين ان التغير ال يكون في خط مستقيم دوما وقد
يكون نكوصا و تأخرا .
و عليه فالتغير االجتماعي أشمل و يعبر عن ديناميكية المجتمع ، أما النمو فيدخل غالبا في الدراسات االقتصادية في
المجتمع


الدراسة االجتماعية للتغير االجتماعي
رابعا: التنمية االجتماعية : تع ّرف التنمية االجتماعية Social Developpment بأنها : الجهود التي تبذل إلحداث
سلسلة من التغيرات الوظيفية و الهيكلية الالزمة لنمو المجتمع ، وذلك بزيادة قدرة افراده على استغالل الطاقة المتاحة الى
اقصى حد ممكن ، لتحقيق قدر من الحرية و الرفاهية لهوالء االفراد بأسرع من معدل النمو الطبيعي .
و تعرف بأنها : العملية التي يتم بموجبها اشباع حاجات االفراد عن طريق التعبئة المثلى لجهودهم.
و تشمل : تحقيق مستويات أعلى للدخل القومي و دخول االفراد و الرفع من مستوى معيشتهم في نواحي عديدة كالتعليم و
الصحة و األسرة و تحقيق الرفاهية االجتماعية بشكل عام.
وال يمكن الفصل بين التنمية االجتماعية و التنمية االقتصادية للترابط الوثيق بينهما.
ما لعالقة بين التنمية االجتماعية و التغير االجتماعي:
1. أن مفهوم التنمية االجتماعية هو أقرب المفاهيم السابقة ) التقدم ، التطور ، النمو ( الى التغير االجتماعي.
2. أن المفهوم الحديث للتغير االجتماعي يتطابق مع مفهوم التنمية االجتماعية ، وذلك الرجوع لمضامين المفهومين . و
يزيد عليه بأن التغير االجتماعي هو أشمل وقد يكون سلبا و إيجابا.
ملحوظات عامة على مصطلحات التغير االجتماعي :
1. أن المفاهيم االربعة ) التقدم ، التطور ، النمو ، التنمية ( كانت تستخدم في وقت سابق كمترادفات للتغير االجتماعي.
2. شاع استخدام أي من المفاهيم السابقة حسب مراحل تاريخية و علمية كانت سائدة.
3. لم يبدأ التفريق بين تلك المفاهيم إال في بداية القرن )22م( بعد كتاب وليم أو جبرن » التغير االجتماعي «.
4. مفاهيم ) التقدم ، التطور ، النمو ( تحمل بعدا قيميا أخالقيا ، فيحين أن مفهوم التغير االجتماعي مفهوم موضوعي
يصف الواقع االجتماعي كما هو، وليس كما يجب ان يكون .
الدراسة االجتماعية للتغير االجتماعي :
)22م( بأسلوب علمي، و اتضح أيضا أن أن المفكرين اهتموا بدراسة التغير االجتماعي مع بداية القرن
ذكرنا قبالً
السابقين كانت دراستهم للتغير االجتماعي كان بأسلوب يغلب عليه التصور التاريخي الفلسفي ، و كانت النظريات تصاغ
في ضوء مفاهيم التطور و التقّدم كما جاء عند ) سبنسر و ابن خلدون و كونت (.
لقد أثبت علماء االنثروبولوجيا أهمية الدراسة النظرية للتغير في المجتمع ، وذلك عندما رأوا أن المجتمعات البدائية ليست
ثابتة كما كان ُيعتقُد من قبل ، بل هي في تغير مستمر. أي أن التغير حقيقة مالزمة للمجتمعات ، و تختلف تلك المجتمعات
فقط في سرعة التغير و عمقه و اتجاهه ، وفي العوامل المؤدية إليه وقد بّين عالم االجتماع ) أوجست كونت ( أن
موضوع علم االجتماع أنما هو التغير االجتماعي في المجتمع ، و ق ّسم حالتي المجتمع الى :
1( الديناميكا االجتماعية : حالة تغير و حراك وحركة المجتمع .
2( االستاتيكا االجتماعية : حالة ثبات و استقرار المجتمع ) وهي حالة افتراضية (
و تعتبر النهضة العلمية التي حدثت بسبب االختراعات و التوسع في القوانين و النظريات من االسباب الرئيسية في تطور
و تعميق دراسات التغير االجتماعي و االهتمام بها من جانب العلماء ، و ذلك من أجل الكشف عن المزيد من القوانين و
النظريات التي تحكم الظاهرة االجتماعية المتغيرة و المجتمع

وقد تزايد االهتمام بالتغير االجتماعي في العصر الحديث عندما ظهرت الحاجة الى توجيه التغير لمصلحة الفرد و الجماعة
و المجتمع . فتم العمل على ادراك عوامل التغير و التحكم بها و تخطيطه ، لمواجهة و معالجة االنحراف و التفكك
االجتماعي و السيطرة على الظواهر االجتماعية.
و تتخذ الدراسات العلمية الحديثة و المستمرة للتغير ، تتخذ مداخل متنوعة في معالجة التغير االجتماعي ، منها : مدخل
التحليل البنائي التاريخي و مدخل التحليل الوظيفي و التحليل االمبيريقي ، وغيرها
صعوبة دراسة التغير االجتماعي :
تأتي صعوبة دراسة التغير االجتماعي من كون المجتمعات االنسانية ال تسير على و تيرة واحدة في تغيرها ، وال بطريقة
متشابهة مع بعضها ، فلكل مجتمع ظروفه الخاصة التي تميزه عن غيره من المجتمعات االخرى ، تلك الظروف التي
تتعلق بنظامه االجتماعي ، و بثقافته بوجه عام. فهناك المجتمع الزراعي و الصناعي و البدوي و االشتراكي و الرأسمالي
.... الخ ، و سرعة التغير و اتجاهه و عمقه تختلف باختالف ماسبق.
كما أن العوامل التي تؤدي الى تغير المجتمعات عديدة ، منها العامل : ) الديموجرافي و االيكولوجي و التكنولوجي و
االقتصادي ... الخ .
و تأتي صعوبة دراسة التغير االجتماعي من مظهرين :
1. طبيعة الظاهرة االجتماعية المدروسة.
2. موقف الباحث - الدارس - من الظاهرة المدروسة.
و صعوبة دراسة الظاهرة االجتماعية يعود لألسباب التالية:
1. تعقّد الظاهرة االجتماعية : لتأثيرها وتأثرها بظواهر أخرى سياسية و اقتصادية...الخ ، باإلضافة الى ترابط الظاهرة
االجتماعية مع غيرها بشكل شديد فال يفصل بينهما بسهولة.
2. صعوبة اخضاع الظاهرة االجتماعية للقياس الدقيق : وذلك ألنها متعلقة بمجتمع بشري متغير و متباين العواطف و
الميول و الدوافع و االستجابات للمؤثرات الخارجية.
3. صعوبة اعادة اجراء التجربة مرة اخرى و الحصول على نفس النتيجة : الن الظاهرة قد تكون تغيرت و تبدلت مما
يصعب من أمر الوصول لقوانين و نظريات تحكمها.
4. صعوبة حصر مجمل الفروض التي تعلل تغير الظاهرة االجتماعية : و صعوبة الفصل بين تلك الفروض ، معرفة أيها
هو االساسي او الثانوي .
و صعوبة دراسة الظاهرة االجتماعية بسبب موقف الباحث – الدارس - منها هو بسبب :
1. موقع الباحث من الظاهرة المدروسة : فالنظرة إليها تختلف من باحث آلخر ، بسبب موقع الباحث المالحظ ، كما أن
هناك نسبية في المكان و الزمان تؤثر على حكم الباحث للظاهرة.
2. أيديولوجية الباحث التي تجعله يعطي أحكاما تتماشى مع أفكاره : بينما يجب على الباحث التزود بوسائل البحث العلمي
، كالموضوعية ، و أن يتجرد من عاطفته ، وعن إعطاء األحكام المسبقة ، كل ذلك من أجل ادراك الظاهرة و تقديم

تفسير عملية التغير االجتماعي :
تميل الحياة االجتماعية و المواقف اليومية الى أن تكون نمطية متفق عليها حتى تدخل التجديدات في اطار الحياة
االجتماعية و الثقافية ، فحينها يحدث نوع من االضطراب و الخلل في توازن النظام االجتماعي ، ثم قد يحدث بعض
التغيرات االجتماعية.
و هناك من يرى أن المواقف االجتماعية تتكون نتيجة ألربعة عوامل اساسية في كل تغير اجتماعي ، وهي : ) البيئة
الطبيعية و الجماعات االنسانية و الثقافة السائدة و المظاهر النفسية لألفراد ( .
لذا فالتغير في أي من تلك العوامل السابقة ، قد يستدعي تغيرات توافقية في االنساق المرتبطة بالسلوك االجتماعي .
و يرى ) هربرت ليونبرجر ( أن هناك سلسلة من المراحل يمر بها الفرد قبل أن يأخذ بالنمط المتغير)الجديد( وهي :
1/ مرحلة االحساس : عند أول سماع أو معرفة بالموضوع الجديد.
2/ مرحلة االهتمام : وتكون بتجميع المعلومات حول الموضوع الجديد ، بغرض معرفة فائدته.
3/ مرحلة التقييم : أي اختبار المعلومات عن الموضوع الجديد و تفسيرها و معرفة مدى مالئمتها من أجل االخذ بها.
4/ مرحلة المحاولة : أي اختبار وتجريب الفكرة و دراسة كيفية تطبيقها.
5/ مرحلة التبني : أي قبول الموضوع الجديد و اعتماده ليأخذ مكانه في النمط السائد.

و يرى عاطف غيث أنه يمكن مالحظة أربع مراحل في عملية التغير المضطردة هي :
أ- انتشار سمة أو عنصر جديد في المجتمع ، سواء كان اختراعا داخل الثقافة الواحدة أو مستعارا من ثقافة أخر بسبب
االنتشار.
ب - حدوث خلخلة في السمات القديمة من قِبل السمات الجديدة أو صراع من أجل البقاء
حيث يبدأ العنصر الجديد بأخذ مكانه بجانب العنصر القديم ، و يؤدي وظيفة ملحوظة إلى أن يتغير بعد حين.
ج- يثير انتشار العناصر الجديدة تغيرات توافقية في السمات المتصلة به ، فتنظم عناصر الثقافة القائمة نفسها لمواجهة
العنصر الجديد أو امتصاصه.
د- يأخذ العنصر الجديد مكانه في النسق الثقافي ، ما لم يتعرض إلى خلخلة جديدة من عناصر ثقافية جديدة أخرى.
و يرى ) جورج ميردوك ( أن االختراعات هي اساس التغير الثقافي بوجه عام ، فعند اختراع فكرة أو آلة ما ، فتسري في
فذلك يحتاج وقتا حتى يثبت االختراع الجديد كفاءته ، وذلك من خالل مراحل معينة. ً المجتمع ) االنتشار (
و هناك من يرى أن للنمط الثقافي المتغير أربع خصائص هي :
1. الشكل : الذي يمكن أن يالحظ و يُدرس فيه ومن خالله التغير االجتماعي.
2. المعنى : أي أن له ارتباطات ذاتية و عاطفية في الثقافة نفسها.
3. االستعمال : أن يكون استعمال النمط الثقافي يمكن مالحظته من الخارج .
4. الوظيفة : أن يؤدي عمال)دورا معيناً( ، و يكون مترابطا مع االجزاء االخرى ، و يستدل على ذلك من خالل االطار العام.



التغير بين المجتمع الريفي و الحضري
التغير االجتماعي و التغير الثقافي
التغير االجتماعي قديما و حديثا
التغير بين المجتمع الريفي و الحضري :
يختلف التغير االجتماعي و الثقافي عموما باختالف المجتمعات ) طبيعة المجتمع ( زمانا و مكانا و ثقافة ، و تختلف
سرعة التغير و اتجاهه وعمقه و شموله... الخ حسب طبعة المجتمع.
فالمجتمع الزراعي تختلف طبيعته عن المجتمع الحضري و يختلفان عن المجتمع البدوي ، كما يختلف المجتمع الرأسمالي
عن االشتراكي ...وهكذا.
كما أن التغير االجتماعي في المجتمع الواحد قد تختلف وال تكون بنفس القدر ، و االتجاه و السرعة و المجاالت...، و ذلك
الن المجتمع يضم )غالبا ( بيئات و طبيعة مختلفة اجتماعيا.
* مظاهر االختالف بين المجتمعين الريفي و الحضري التي تؤدي إلى تفاوت التغير االجتماعي بينهما :
1- العزلة النسبية في الحياة الريفية مقارنة بالحياة الحضرية : فالريفيون يعيشون في عزلة اجتماعية و ربما جغرافية
) قديما أوضح ( مما يجعلهم يلبون حاجات األفراد .. اجتماعيا و تربويا و اقتصاديا .. الخ ، كما أن تماثلهم ثقافيا و عملهم
و إنتاجهم المتشابه ، و سيطرة أعراف و عادات موحدة على سلوكهم ، يؤدي إلى صعوبة تغيرهم اجتماعيا بوجه عام.
أما في الحياة الحضرية فاألسرة تكون أكثر تعقيدا ، فالعالقات االجتماعية و االقتصادية و السياسية ، مما يتطلب توافقا في
عالقات ذلك المجتمع ) وليس تبعّية كسابقه الريفي ( باإلضافة إلى طبيعة المراكز الحضرية حيث تكون مركزا للتغير
االجتماعي و تقبله ، نتيجة تعدد أنماط التفاعالت و العالقات بين األفراد .
2- بدائية تقسيم العمل والتخصص في المجتمع الريفي : فالعمل الزراعي وما يتعلق به يمثل القيمة العليا في الريف ،
باإلضافة إلى أن تقسيم العمل و التخصص يكون بنا ًء على اختالف السن و النوع ) ذكر ، أنثى (، كما أن طبيعة العمل
الزراعي في الريف ال تستدعي التجديد الشامل ، بل الثبات النسبي أو في مجال محدود في حين أن المجتمع الحضري
يكون تقسيم العمل فيه واسعا و التخصص متنوعا ، وعليه فالتغيرات تكون عديدة و واسعة خاصة في المجتمع الحضري
الصناعي
3- عدم تنوع الوسائل التكنولوجية لدى المجتمع الريفي : حيث يكتفي بوسائل بسيطة و محدودة تفي بمتطلبات حياته ،
كالمحراث الخشبي الذي يستخدم من اآلف السنين دون تغيير. باإلضافة إلى عدم إقبال الريفيين على الكماليات. أما في
المجتمع الحضري يؤدي تنوع التكنولوجيا و استخداماتها إلى تراكمات ثقافية متعددة تع ّجل بعملية التغير االجتماعي في
كافة المجاالت.
4- الثبات النسبي للبناء االجتماعي في المجتمع الريفي : و يتضح ذلك جليا في صعوبة الحراك االجتماعي ، و ثبات
القيم و العادات المتبعة ، األمر الذي يؤدي إلى إعاقة عملية التغير. بينما المجتمع الحضري يتصف بديناميكية تغير البناء
االجتماعي ، و بسرعة عملية التكيف مع عملية التغير. فشكل األسرة و حجمها و عالقاتها و وظائفها تختلف بين
المجتمعين الريفي ) أسرة ممتدة ( و الحضري ) أسرة نووية ( كما أن شخصية الريفي تذوب في شخصية أسرته نتيجة
للضغوط القوية على األفراد ، و ضعف االتصال الخارجي و قوة التماسك مما يؤدي إلى صعوبة عملية التغير االجتماعي

اختالف األسرتين الريفية و الحضرية شكال ) بنا ًء و وظيفة ( :
أوال: من حيث البناء : 1- األسرة الريفية غالبا ممتدة و الحضرية نووية.
2- العالقات في األسرة الحضرية ديمقراطية و فردية و الريفية عالقاتها على العكس من ذلك .
3- األسرة الريفية منعزلة عن العالم الخارجي و مكتفية ذاتيا بعكس األسرة الحضرية.
ثانيا: من حيث الوظيفة : 1- األسرة الريفية توفر احتياجاتها ذاتيا ، بينما الحضرية تعتمد على المؤسسات الخارجية في
ذلك. 2- تختلف األسرتان الريفية و الحضرية في أسلوب التنشئة االجتماعية تبعا لمستوى التعليم و القيم ..الخ .
عالقة التغير االجتماعي بالتغير الثقافي :
عرفنا فيما سبق أن التغير االجتماعي هو تبّدل يحدث في بنية النسق االجتماعي و وظيفته أو هو التغير الذي يصيب البناء
االجتماعي و القيم و العادات و األدوار و العالقات .. الخ ، في فترة زمنية محددة .
إذا كان ما سبق هو تعريف التغير االجتماعي. ) فما هو التغير الثقافي ؟ وهل هناك تطابق بين التغيرين ؟ أم هما منفصالن
؟ أم أن أحدهما يشمل اآلخر ؟ ( أسئلة نحاول االجابة عليها لتتضح العالقة بين التغير االجتماعي و التغير الثقافي . وهذا
يتطلب التالي :
تعريف مفهوم الثقافة : يعتبر مفهوم الثقافة من المفاهيم التي تعددت النظرة إليها و خاصة عند علماء األنثروبولوجيا و
االجتماع ، ومن أهم تعريفات الثقافة هو تعريف )تايلور( عام 1871م .
الثقافة هي : ) ذلك الكل المركب الذي يشتمل على المعرفة و الفن و األدب و األخالق و القانون و العادات و التقاليد و
األعراف و القدرات األخرى التي يكتسبها الفرد بوصفه عضوا في المجتمع (
لقد ظل التعريف السابق للثقافة )32( سنة تقريبا هو الوحيد ، إال انه اآلن يوجد المئات من التعريفات للثقافة ، وذلك
ألهميتها ، و سعة موضوعها ، و تداخل العناصر المكونة للثقافة.
و يعرفها ) كليرنس كيز ( بأنها : كل ما هو موجود لدى المجتمع من تراكمات و تغيرات اجتماعية و مادية و خبرات و
أدوات و رموز ، وما إلى ذلك.
و يعرفها ) جون نورد ( بأنها : مجموع إنجازات اإلنسان و استعماالته منذ فجر العصر الحجري.
ّمة ، تنشأ من تفاعل األفراد في المجتمع ، و
ومن المعلوم أن من أهم صفات الثقافة : أنها ظاهرة إنسانية ، تراكمية ، متعل
تنتقل من جيل إلى آخر. و عليه فالصلة بين المجتمع و الثقافة شديدة الصلة بحيث ال يمكن وجود أحدهما دون اآلخر.
و السائد عن العلماء أن الثقافة لها وجهين أو مكونين : مادي Material و المادي Unmaterial وال يمكن الفصل بين
هذين الجانبين إال للدراسة فقط
و بالتالي فإن التغير الثقافي يعني : التغير و التحول في أي من جانبي الثقافة ) المادي أو الغير مادي (.

و التغير االجتماعي يرى البعض من العلماء أنه في الغالب تغير المادي )أي فكري(، وعليه فالتغير الثقافي يشمل التغير
االجتماعي ، ويمكن القول بان كل تغير اجتماعي هو تغير ثقافي وليس العكس . فالبناء االجتماعي و الوظيفة و العالقات
و القيم و العالقات هي جوانب المادية في المجتمع ، وهي جزء من مكون الثقافة ) مادي وال مادي (.
ولكن ال يمكن الفصل بين التغير الثقافي و التغير االجتماعي ، فكالهما يتأثر باآلخر و يؤثر فيه.
التغير االجتماعي قديما و حديثا :
يختلف التغير االجتماعي من مجتمع آلخر ، نتيجة لالختالف الثقافي بين المجتمعات ، كما أن التغير االجتماعي يختلف في
المجتمع الواحد قديما و حديثا ، و يمكن معرفة ذلك بتتبع مسيرة أية مجتمع .
عوامل اختالف التغير االجتماعي قديما و حديثا :
1- الثورة الصناعية : فقد غيرت األوضاع االجتماعية ، من أنظمة و عادات و قيم اجتماعية ، فظهرت أوضاعا جديدة
في مجاالت و نظم اجتماعية عديدة ، كقيمة الوقت و قيمة العمل و البناء األسري و السياسي و االقتصادي... الخ.
فاالختراعات التكنولوجية المتواصلة أدت إلى تغير اجتماعي مستمر و سريع ، فانتقلت المجتمعات من البساطة إلى
التعقيد و التخصص الدقيق ، خاصة في الدول الصناعية ، و ظهرت البطالة و الصراع الطبقي و السياسي و زادت الهوة
) الفجوة ( بين المجتمعات ، فهناك ) مجتمعات نامية و صناعية ( و دول عالم أول و ثاني و ثالث ، بسبب التكنولوجيا.

2- االتصال الواسع بين المجتمعات المعاصرة : نتيجة للتقدم في وسائل االتصال و المواصالت ، مما زاد من سرعة
عملية االنتشار الثقافي و الى سرعة التغير االجتماعي بوجه عام ، فزادت ظاهرة الهجرة بين المجتمعات ، و تقاربت
أغلب أنماط الحياة و التغير بين المجتمعات ، فتشابهت الدول الصناعية مع بعضها ، وكذا النامية مع بعضها.
و بوجه عام يتميز التغير االجتماعي قديما عنه حديثا في جوانب عدة ، منها :
أ- أصبح التغير االجتماعي اليوم أسرع و أعمق : بسبب الثورة التكنولوجية و وسائل االتصال و أعمق بحيث يصل و
يطال فئات و مجاالت عديدة في المجتمع .
ب- الترابط بين التغيرات الحالية زماما و مكانا : فالتغير الذي يحدث في مجتمع يتردد صداه و تبنيه في مجتمعات أخرى
و يصبح موضة ، بخالف التغير قديما الذي يحدث بصورة منفصلة و متقطعة هادئة بسبب عزلة المجتمعات جغرافيا و
ثقافيا.
ج- أصبح التغير االجتماعي اليوم متوقعا في كل ظاهرة : بمعنى أنه ال توجد ظاهرة في المجتمعات الحديثة بمعزل عن
احتمال التغير بها ، وذلك بسبب زوال العديد من معوقات التغير االجتماعي .
د- أن التغير اليوم ذو طابع إرادي مخطط هادف مقصود في أغلبه : فالمجتمعات اليوم تخطط التغير من أجل إحداث
التنمية االجتماعية ، بينما قديما كان التغير ذو طابع عشوائي و تلقائي


النظريات الكالسيكية في التغير االجتماعي )1(
مقدمة :
لقد أثبتت الدراسات االجتماعية و األنثروبولوجية منها على وجه الخصوص ، أن ليس هناك مجتمعات في حالة استاتيكية "
ثابتة " و إنما هناك مجتمعات في ديناميكية " تغيرية " مستمرة ، و حتى المجتمعات البدائية منها ، أي ان كل المجتمعات
في تغير مستمر و االختالف في عمومه بين المجتمعات يرجع إلى مدى التغير و سرعة العوامل المؤدية إليه.
و إن كل دراسة في علم االجتماع هي دراسة تغيرية قبل كل شيء و دراسة المجتمع في حالة الثبات من باب الفرضية ، ألن
المجتمعات في تغير مستمر منذ القديم و إلى اليوم ، ولما كان التغير إما أن يكون ضارا و إما أن يكون نافعا ، لذا قامت
المجتمعات في توجيه التغير نحو النفع و الفائدة ، وذلك من خالل التوجيه السليم عن طريق التخطيط العلمي الدقيق ، فلم
يعد التغير اليوم تلقائيا و إنما أصبح التغير موجها نحو فائدة المجتمع في إطار التنمية االجتماعية الشاملة .
وعلى ضوء ذلك ، فإن التراث السوسيولوجي مهتم بتفسيرات مقولة التغير االجتماعي بالرجوع إلى العوامل المؤدية إليه .
هل يتم نتيجة لعامل واحد كالعامل التكنولوجي أو األيكولوجي أو االقتصادي إلى غير ذلك ؟ أو نتيجة لعدة عوامل ؟ وما هي
العوامل األساسية منها و الثانوية في التغير ؟ ثم هل يرد على صورة واحدة أو على عدة صور ؟ إلى غير ذلك من هذه التساؤالت.
وفي اإلجابة عن هذه المسائل تعددت النظريات و اختلفت االجتهادات عبر العصور.
و نتيجة لذلك اختلفت المداخل في دراسة التغير االجتماعي . و يمكن تمييز مدخلين رئيسيين هما :
1- المدخل الفلسفي ) غير السوسويولوجي ( : أو غير العلمي : و الذي ينظر إلى التغير بوصفه وحدة واحدة في
المجتمعات كافة ، وقد ساد هذا االتجاه عند مفكري القرن الثامن و التاسع عشر .
2- المدخل السوسويولوجي ) العلمي الواقعي (: الذي يضم نظريات مختلفة متباينة في نظرتها للتغير االجتماعي ، و لكنها
مبنية على النظرة العلمية الواعية.
و بوجه عام ، يمكن تقسيم نظريات التغير االجتماعي إلى قسمين :
1. النظريات الكالسيكية ) الفلسفية ( 2. النظريات الحديثة ) السوسويولوجية ( .
و تندرج تحتهما عدة أنواع من النظريات ، كما يوضح الشكل التالي : مخطط نظريات التغير االجتماعي

النظريات الكالسيكية ) الفلسفية ( :
مقدمة :
هي مجموعة نظريات تحاول تفسير التغير االجتماعي و تحليل مقولة االجتماعي ، بناء على فروض و تصورات فلسفية في
تفسيرها لظاهرة التغير ، فهي ال تقوم على البحث العلمي و اإلمبريقي ، و إنما دراستها عبارة عن ) دراسة أرائكية (
تنظر إلى التغير االجتماعي نظرة عامة و واحدة في المجتمعات كافة ، وال تعطي أهمية الختالف المكان أو الزمان ، و
تقدم أحكاما عامة و شاملة ، أي أنها تتحدث عن اإلنسانية و تغيرها ككل في الوقت الذي تدرس فيه مجتمعات جزئية.
وقد القت هذه النظريات رواجا واسعا عند كثير من مفكري التغير االجتماعي نظرا لسهولتها و عموميتها ، ومع ذلك تعتبر
مقدمة الزمة ، و إطارا مرجعيا للنظريات الالحقة ) النظريات السوسيولوجية ( األمر الذي أدى توجه النظريات
السوسيولوجية في الوقت الراهن وجهة علمية منطقية.
و كما تبين فإن هذه النظريات تضم مجموعة مفاهيم مختلفة ترى أن التغير يأتي على صورة واحدة.
وقد جاءت هذه النظريات في البداية من قبل فالسفة التاريخ ، ثم من قبل علماء االجتماع في القرنين ) 19-18م (
أمثال : أوجست كونت و كندرسيه و ابن خلدون وغيرهم .
وكان بعضهم يرى التغير بأنه تقدم خطي ، ومنهم من يراه بأنه يسير على شكل دورة و آخر يصفه بالتطور ، وهكذا .....
و تقسم هذه النظريات إلى ثالثة أنواع :
1- نظريات التقدم االجتماعي . 2- نظريات الدورة االجتماعية . 3- نظريات التطور االجتماعي .
و يمكن توضيحها على النحو اآلتي :
•أوال - نظريات التقدم االجتماعي :
تقوم نظرية التقدم االجتماعي على أنه يسير في خط متصاعد ، أي أن التغير يكون ارتقائيا و يسير المجتمع وفق مراحل
محددة ، وكل مرحلة جديدة يصلها المجتمع تكون أفضل من سابقتها ، فالمجتمعات في تقدم باستمرار و المالحظ أن هذه
النظرية تعمم هذا التقدم على المجتمعات كافة ، ومن ممثلي هذا االتجاه : جان جاك روسو Rousseau و كندرسه
Condercet و أوجست كونت A.cont وغيرهم .
: )1778-1712 (J.J Rousseau :روسو جاك نظرية -1
لقد جاءت أهم أفكاره في نظريته عن التقدم االجتماعي في كتابه المعروف ) بالعقد االجتماعي Social contract ( وقد
عرفت نظريته بنظرية العقد االجتماعي و التي من خاللها نستطيع تلمس تطور الحياة اإلنسانية في أربع مراحل .
المرحلة األولى : وهي مرحلة الحياة الفطرية : وكان اإلنسان خاضعا للنظام الطبيعي ، و متمتعا بحرية تامة " فاإلنسان قد
ولد حرا ولكنه مكبل باألغالل في كل مكان ... (.
المرحلة الثانية : وهي مرحلة الملكية الفردية و اإلنتاج اليدوي في مجال الزراعة : مما دعا اإلنسان لالستقرار و تشكيل
أسرة ، فأخذت العادات و التقاليد االجتماعية بالتبلور و أصبحت تأخذ العادات صفة الجبر.

المرحلة الثالثة : وهي مرحلة عدم المساواة : وفيها زاد التنافس و الصراع بين األفراد و الجماعات و أصبحت السيطرة
لألقوى وقد دعا هذا التضارب في المصالح الى التفكير في التعاقد و تكوين مجتمع سياسي خاضعا لسلطة عليا )هي الدولة(
و الحاكم .
المرحلة الرابعة : وهي المرحلة التعاقدية : لقد تم فيها التعاقد بين األفراد و قيام التنظيم السياسي المنظم و اختيار حاكم
يحكم بإرادتهم و المالحظ أن ) روسو ( في تصوراته هذه ، كان يبين كيفية قيام النظام السياسي و تكوين الدولة التي هي
بطبيعة الحال تشكل جانبا مهما في مجال التغير االجتماعي
وقد وجهت لنظرية روسو عدة انتقادات منها :
1. أن نظريته خيالية وغير واقعية . فالتاريخ لم يسجل متى بدأ الناس في التعاقد أي أنها تفتقر الى سند تاريخي .
1. أن فكرة التعاقد غير متصورة أصال الستحالة موافقة األفراد جميعا في اختيار حاكمهم .
2. تبقى الفكرة خيالية و افتراض قابل للنفي و اإلثبات إلى أن تقوم دراسة علمية تثبت صحتها.
ومع ذلك فإن نظريته لها أهميتها ، فقد نبهت المفكرين إلى فكرة التقدم كما أنها ساهمت في إرساء فكرة الديموقراطية الحديثة
، حيث اعتبر كتاب " العقد االجتماعي " " إنجيل الثورة الفرنسية "
(1794- 1743) Antonine Condercet : كوندرسه انطونيان نظرية -2
شرح كوندرسة مسيرة تقدم اإلنسانية في كتابه الشهير ) شكل تاريخي لتقدم العقل البشري ( عام 1774م موضحا تقدم
اإلنسانية في خط مستقيم صاعد نحو األفضل و الكمال ، من خال ل مراحل محددة ، و يعتقد أن الثقافة و التربية و التعليم
هي القاعدة األساسية في تحقيق التقدم و النهوض بالمجتمع مع االهتمام بدراسة المواضيع األخالقية و الطبيعية ، و يرى
أن التاريخ هو اكتشاف وتطبيق قوانين التقدم االجتماعي و كان ذو نظرة تفاؤلية لمراحل تقدم اإلنسانية.
و التقدم عند ) كوندرسه ( عبارة عن تجميع للمعارف العلمية و تطبيقها ، وهي تساعد على التعجيل بتحسين مستوى
اإلنسانية ، وما دامت االكتشافات مستمرة فإن صفة الكمال للجنس البشري ستبلغ حدا كبيرا.
وقد قسم تاريخ الحضارة إلى )12( مراحل ، كل مرحلة تمثل فترة محددة في تقدم اإلنسانية ، وقد قطعت منها اإلنسانية إلى
نهاية القرن )18م( تسع مراحل ، و عاشرها "مرحلة اآلمال " أي مستقبل اإلنسانية و تتلخص المراحل على النحو التالي :
مراحل نظرية ) كوندرسه (:
1. المرحلة الطبيعية : وهي المرحلة التي عاشتها اإلنسانية في البداية و تقوم على الصناعات البدائية .
2. مرحلة الرعي و استئناس الحيوان .
3. مرحلة الزراعة : وفيها بدأ اإلنسان يستقر و يتأمل في مظاهر الحياة .
4. مرحلة الحضارة اليونانية : وقد ظهرت فيها المدينة عند اليونان كوحدة سياسية ، وقد وصلوا الى الرقي الحضاري
و تطبيق الديموقراطية

5. مرحلة الحضارة الرومانية : وقد ظهرت فكرة اإلمبراطورية و النزعة الرومانية العملية ، و فكرة الوحدة القانونية
التي فرضها الرومان على الشعوب الواقعة تحت سيطرتهم .
6. مرحلة العصور الوسطى المسيحية : وهي تبتدئ من انهيار اإلمبراطورية الرومانية عام 476م و تنتهي بقيام
الحروب الصليبية ، وقد بين فيها حدة الصراع بين السلطتين ) الزمنية و الدينية ( و أثر ذلك على مظاهر الحركة
الفكرية في أوروبا.
7. مرحلة اإلقطاع ) النصف الثاني من العصور الوسطى ( وقد ظهر فيها االستبداد من جانب الحكام و المحاربين و
رجال الدين و ظهور طبقة غنية على حساب الطبقة الكادحة.
8. مرحلة اختراع الطباعة : وتمتد من القرن الخامس عشر حتى بداية القرن السابع عشر ، وقد تميزت هذه المرحلة
بالنهضة الفكرية نتيجة الختراع الطباعة التي سهلت انتشار الكتب و األفكار عموما ، وقد انتشرت الحركات النقدية
و الفلسفية ، و صاحب ذلك قيام حركة اإلصالح الديني التي ساهمت بتدعيم الديموقراطية و انتشار اآلراء
االشتراكية الخيالية التي أدت في النهاية إلى قيام الحركات االجتماعية ضد استبداد الحكام و الكنيسة.
9. مرحلة الثورة الفرنسية : و يعتبرها كوندرسه عصر الحرية و إعالن حقوق اإلنسان و استحداث أساليب جديدة في
الشؤون اإلنسانية و النظم االجتماعية.
12. مرحلة اآلمال أو مستقبل اإلنسانية : و يستدل عليها كوندرسه من دراسة الماضي و الحاضر لإلنسانية ، لهذا يمكن
التنبؤ بما ستؤول إليه هذه اإلنسانية ، و يتحقق تطور و ارتقاء ذاتي للفرد و تعم فيها المساواة بين األمم ، وفي هذه
المرحلة تكون اإلنسانية قد حققت افضل مراحل التقدم بتحقيق الغايات التي تسعى اليها .
و يالحظ من تقسيم كوندرسه بأنه تأريخ اجتماعي للمجتمعات األوروبية بصفة خاصة محاوال تعميم ما حدث في أوروبا
على العالم باسره ، وقد انفرد دون غيره من فالسفة التاريخ ببحثه في مستقبل اإلنسانية و استقراء ما ستكون عليه ، وقد
كان متفائال في نظرته لهذا المستقبل .
و يؤخذ عليه التقسيم التعسفي لتعدد المراحل و ترتيبها ، ولهذا بقيت نظريته في إطار التصور الفلسفي .
: )1587-1771( Augusta Comte :كونت أوجست نظرية -3
يعتبر أوجست كونت أصحاب نظرية التقدم الخطي من حيث اتجاه التغير وفي تفسيره للتغير يعتبر من فالسفة التاريخ ...
لقد عاش الفوضى و االضطراب العام الذي صاحب الثورة الفرنسية . فاراد ان يصلح المجتمع الفرنسي و ان إصالحه و
تنظيمه ليست مساله سهله كما الحظها بعض المصلحين في عصره و إنما تتطلب وضع فلسفه جديده للقضاء على هذه الفوضى
وقد بين ان الفوضى هذه ناتجه عن االضطراب العقلي وهو نتيجة للفوضى في التفكير في معالجه الظواهر االجتماعية و
يؤكد ان المجتمع كي يستقر و يتقدم بحاجه الى اتفاق عقلي و توصل الى ان المجتمع إال صالح له إال بتوحيد التفكير في
معالجه الظواهر االجتماعية بالمنهج نفسه الذي تعالج به الظواهر الطبيعية ، و التوصل الى قوانين تخضع لها الظواهر
االجتماعية.
ومن خالل دراسته للديناميكا االجتماعية أو ) حالة تغير المجتمع ( و لالستاتيكا االجتماعية أو ) حالة ثبات المجتمع ( فقد
توصل الى قانون الحاالت الثالث الذي دعاه باالكتشاف العظيم سنه 1822 ، و نظريته في تقدم اإلنسانية و تعكس هاتان
النظريتان مفهومه للتغير االجتماعي بوجهه عام

أوال- قانون الحاالت الثالث..
يرى كونت ان التفكير اإلنساني في المعرفة قد مر في ثالث مراحل ) حاالت ( وهي : -
1( الحالة الدينية ) الثيولوجية ( :
وهي المرحلة التي كانت تفسر فيها الظواهر المختلفة بعلل أوليه ، و تقوم على أسلوب الفهم الديني ، و تتشخص بصفه عامه
في اإلله ، وفي األنظمة التي تتوافق مع هذه العقلية ، حيث يكون للجماعات الدينية التفوق فيها و تقسم المرحلة الالهوتية
الى ثالث مراحل هي ) الوثنية ، تعدد اآللهة ، التوحيد (
2( الحالة الفلسفية ) الميتافيزيقية ( :
و تمتد من سنة )1822-1322م ( و يسميها بعصر » الثورات الغربية « و يكون تفكير اإلنسانية و تصوراتها أقل تشخيصا
، و تستبدل العلل األولية ، بعلل أكثر عمومية لها طابع الميتافيزيقية ، و يسيطر على عقول الناس مذهب فلسفي كالحرية
المطلقة و الخير و الفضيلة..الخ
3( الحالة العلمية ) الوضعية (:
و تمتد من ) 1822م - الى ما ال نهاية ( وفيها تفسر الظواهر بعلل تقوم على المنهج العلمي المبني على المالحظة و
التجربة و المقارنة التاريخية و االبتعاد عن العلل المجردة ، ولذ فقد عدَل الفكر اإلنساني عن البحث في مسألة أصل
الظواهر ألنها مسائل ميتافيزيقية.
وقد اعتبر » كونت « المرحلتين السابقتين تمهيدا للمرحلة العلمية التي تعتبر أرقى منهما. وهي ستؤدي الى إسعاد البشرية.
وقد شّبه » كونت « :
المرحلة الالهوتية : بمرحلة طفولة الفكر البشري .
و المرحلة الميتافيزيقية : بمرحلة الشباب و المراهقة .
و المرحلة الوضعية : بمرحلة الرجولة و االكتمال .
وعلى ذلك يعتبر » كونت « من المدرسة الحيوية و االتجاه العضوي بشكل خاص . نقـــد


النظريات الكالسيكية في التغير االجتماعي )2(
ثانيا - التقدم االجتماعي : عند » أوجست كونت « :
و يرى » كونت « ان التطور االرتقائي الذي شهدته اإلنسانية يبدو في مظهرين هما :
1- تقدم الحالة االجتماعية : حيث التحسن المستمر ، وذلك بفضل ما تستطيع كشفه من قوانين الظواهر االجتماعية ،
فكلما توصلنا الى قانون علمي امكننا ذلك من السيطرة على مجموعة من الظواهر التي تخضع له. و بذلك يزداد تحكم
اإلنسان بالحياة االجتماعية و استطاع التنبؤ بسير الظواهر و بمستقبلها و التقدم االرتقائي في هذه المرحلة يكون سريعا
واضح النتائج ، خاصة في الجانب المادي .
2- تقدم الطبيعة البشرية : فقد التقدم االرتقائي في النواحي الطبيعية ) فقد تقدم علم البيولوجيا مما تقدم معه الطب و
تحسنت الصحة العامة ( و النواحي العقلية ) حيث زادت قدرات اإلنسان و مداركه و ذكاؤه ( و النواحي األخالقية ) فقد
ارتقت و جدانياته و مقاييسه الجمالية و الذوقية و آدابه بعامة (.
تقييم آراء » كونت « و انتقاداتها :
انطلق كونت في نظريته االجتماعية الخاصة بالتقدم االجتماعي من أنه ظاهرة ملحوظة في جميع جوانب المجتمع ، و تم
ببطء و مشقة و تعرض الضطرابات عديدة ، تغلبت البشرية عليها و ستتقدم البشرية أكثر.
ير ِج » كونت « تطور المجتمع و الظواهر االجتماعية الى تطور التفكير البشري ، في حين أن تطور المجتمع أ - ع
عوامله عديدة و تطور التفكير هو نتيجة لتطور المجتمع .
ب - كان » كونت « يخلط بين مفهومي التقدم و التطور االجتماعيين ، فهما ليسا مترادفين.
ج - كان » كونت « يرى أن كل مرحلة من المراحل الثالث تقوم بعد انتهاء سابقتها في حين أن االنتهاء التام غير
متصور.
د - ليس بالضرورة أن ينتقل التفكير اإلنساني بنفس الترتيب الذي ذكره ، فقد يتم االنتقال من المرحلة األولى الى الثالثة و
ربما يرجع من احدها ، وقد توجد المراحل الثالث و تتعايش مع بعضها في مجتمع واحد ) وهذ ما يسمى باالستقراء
الناقص( حيث ينطبق ما ذكره من مراحل على المجتمعات األوربية فقط.
هـ - تصور » كونت « أن تطور اإلنسانية المضطرد نحو التقدم في حين أن المجتمعات يصيبها التخلف أحيانا.
بالرغم من من هذه االنتقادات إال أن أفكار » كونت « قد أثرت بشكل واضح في كثير من المفكرين : كدوركايم و
سوركين و سبنسر وفي النظرية االجتماعية بشكل عام .
ثانياً: نظريات الدورة االجتماعية :
تُج ِمع نظريات الدورة االجتماعية على أن عملية التغير االجتماعي تسير بشكل دائري ثم تنتهي حيث بدأت ، وهي ترى أن
الحياة االجتماعية تسير في حركة منتظمة ، ولذلك فإن تغير المجتمعات يشبه إلى حد كبير في انتظامه و دوراته نمو الكائن
الحي و نهايته ، إال أنها ترى أن المجتمعات تعيد الدورة من جديد مع اختالف نسبي في تعليل هذه الدورات و بدايتها و نهايتها.

يربط القائلون بهذه النظرية بين التغير االجتماعي و دورة الحياة للكائنات العضوية و يقولون بوجود تطابق بين دورة
حياة الفرد و دورة حياة الجماعة أو الدولة أو الحضارة .
وقد جاءت في هذا المجال نظريات عديدة لكبار المفكرين و المؤرخين من أمثال ) ابن خلدون و شبنجلر و فيكو وغيرهم (
و تقوم هذه النظريات على أساس أن التغير يتجه صعودا تعود ً و هبوطاً ، حيث تبدأ الدورة من نقطة معينة في دورة
بالمجتمع إلى نقطة مشابهة للتي بدأ منها ، و يمكن ِذكر ثالث نظريات في هذا المجال هي :
1- النظرية الدائرية العامة : التي ترى أن الثقافة ألي مجتمع تمر في دائرة تبدأ بالميالد و تسير نحو النضج و االكتمال ثم
تتجه إلى الشيخوخة و لتعود مرة للرقي و التقدم و تخلق لنفسها ثقافة و تستعيد مجدها وقوتها. و يمثل هذه النظرية العامة
أبن خلدون
2- النظرية الدائرية الجزئية : التي تهتم بدراسة ظاهرة اجتماعية معينة في المجتمع إلثبات أنها تسير في اتجاه دائري و
منتهية إلى النقطة التي بدأت منها ، فالملكية مثالً القبلية لألراضي الزراعية ، وهي تعود األن إلى ملكية الدولة بدأت بملكية
لألراضي الزراعية و مشاريع اإلنتاج ، ) كما هو سائد في المجتمعات االشتراكية ( و يمثل االتجاه المفكر شبنجلر .
3- النظرية الدائرية اللولبية : التي ترى أن الظواهر االجتماعية تسير على شكل دائري ولكن في إطار لولبي بحيث ال
تعود إلى النقطة التي كانت قد بدأت منها ، و إنما إلى نقطة قريبة منها. و يمثل هذا االتجاه المفكر اإليطالي فيكو .
وهذه النظريات الثالث ال ترى في عملية التغير االجتماعي على المدى البعيد أي جديد وهي بهذا تكون ذات نظرة
تشاؤمية على عكس نظريات التقدم السابقة ذات النظرة التفاؤلية.
ويمكن عرض آراء مفكري هذه النظريات و تحليلها على النحو التالي :
•نظرية أبن خلدون )1441 – 1322( :
عرف ابن خلدون بدراساته العلمية و بفلسفة التاريخ وقد عرض من خالل ذلك حقيقة المجتمع اإلنساني و العالقة المتبادلة
بين الفرد و المجتمع و صاحب نظرية في علم االجتماع و بين أن ظواهر االجتماع ال تسير مصادفة و إنما تخضع
لقوانين اجتماعية
و ينظر ابن خلدون إلى المجتمع اإلنساني نظرة تحليلية و حاول أن يتتبع المجتمع بالدراسة و التحليل منذ نشأته حتى فساده
و تردده بين الضعف و القوة و النهوض و السقوط و يستقصي من خالل ذلك أحوال المجتمع و عناصر تكوينه و تنظيمه
من الفرد و الجماعة إلى السلطان و الدولة وما تقتضيه سالمة المجتمع وما يؤذن بفساده و انحالله.
و يرى » ابن خلدون « أن التاريخ البشري يسير وفق خطة معينة فحوادث مرتبطة بعضها ببعض و أن المجتمع البشري
شأنه شأن الفرد الذي يمر بمراحل منذ والدته و حتى وفاته وكذلك يحدث للدول و أن مسيرة المجتمع تغيرية دائرية تبدأ
و تنتهي في النقطة التي كانت قد بدأت منها و أن هذه الظاهرة ) دورة المجتمع ( مستقلة عن اإلرادة اإلنسانية .
وقد أسهب ابن خلدون في تحديد أسباب التعاقب المنظم لدورة الظواهر العمرانية ) االجتماعية (.
و بين أن النظم و الظواهر العمرانية ) االجتماعية ( تتغير في أثناء تطورها وفي ذلك يقول ) ومن الغلط الخفي الذهول
عن تبدل األحوال من األمم و األجيال بتبدل العصور و مرور األيام ، وذلك ألن أحوال األمم وعوائدهم و نحلهم ال تدوم
على وتيرة واحدة و منهاج مستقر ، و إنما هو اختالف على األيام و األزمنة و انتقال من حال إلى حال ، وكما يكون
ذلك من األشخاص و األوقات و األمصار فكذلك يقع في اإلفاق و األقطار و األزمنة و الدول (.

ولقد أولى ابن خلدون الناحية التطورية للمجتمع عناية كبيرة و العوامل التي تؤثر فيه وقد توصل من دراسته للمجتمع إلى
" قانون األطوار الثالثة " األجيال الثالثة وهي :
1. طور النشأة و التكوين .
2. طور النضج و االكتمال .
3. طور الهرم و الشيخوخة .
و تأتي هذه األطوار متعاقبة على غرار تطور الفرد الذي يمر بمراحل محددة منذ والدته و حتى وفاته فأعمار الدول تشبه
أعمار األشخاص و يؤكد أن كل طور يستغرق أربعين سنه فيكون عمر الدولة مائة وعشرون سنة. وفي هذا يقول : ) إن
الدولة في الغالب ال تعدو أعمار ثالثة أجيال و الجيل هو عمر شخص واحد من العمر الوسط ، فيكون أربعين الذي هو
انتهاء النمو و النشوة إلى غايته ( و بعد فناء المجتمع يقوم على أنقاضه مجتمع ، جديد يمر في األطوار نفسها التي
يمر بها المجتمع السابق وهذا يعني أن التغير االجتماعي مستمر وفي حركة دائمة ال تنقطع ، وقد عمم ابن خلدون
نظريته على المجتمعات كافة وليس على المجتمع اإلسالمي وحده.
وفي خالل األجيال الثالثة السابقة يمر المجتمع بخمس مراحل هي: ) مرحلة البداوة ، مرحلة الملك ، مرحلة الترف و
النعيم ، مرحلة الضعف و االستكانة ، ثم مرحلة الفناء (.
وقد درس ابن خلدون خصائص كل مرحلة فرأى أن العصبية تكون دعامة المجتمع القبلي كما أنه درس العوامل
الديناميكية التي تؤدي بالمجتمع القبلي إلى التطور
وهذه العوامل هي : ) العصبية ، الفضيلة ، الدعوة الدينية (.
و قام بدراسة المجتمع المتحضر وهو المجتمع الذي يصل إلى النضج من حيث التنظيم االجتماعي و السياسي و انفراد
السلطان بالمجد و السلطة ثم الركون إلى الدعة.
و تعرض إلى عوامل فساد المجتمع معلأل ذلك باالنهيار االقتصادي و الضعف الديني و توصل إلى قانون اجتماعي ) إن
أي أن اإلصالح ال يجدي شيئا رمت الدولة و بالتالي ال بد أن تقوم على أنقاضها ً الهرم إذا نزل بدولة ال يرتفع ( متى ه
دولة أخرى وهذه مسلمة ابن خلدون ، و يعلل أسباب الهرم بعوامل أساسية منها ) ضعف العصبية ، الخراب المادي
الذي يحل بها (.
و رأى من دراسته للتقدم االجتماعي أن المراحل التطورية يصاحبها تطور ملحوظ في أحوال المعيشة و متطلبات الحياة
االجتماعية ، وقد أشار إلى العوامل التي تساعد في سرعة التقدم وهي عوامل : ) البيئة – و كثافة المكان - ثم عدالة
الدولة ( و بين أن الدعائم التي تقوم عليها الدولة أربعة )العصبية و الفضيلة ، و دعوة دينية أو مبدأ سياسي ، ثم ضعف
الدولة السابقة ( من أجل قيام دولة جديدة على أنقاضها ، وقد أسهب في شرح دعائم قيام الدولة بشكل علمي .
و أشار إلى أن الحضارة تحدث جانباً سلبياً ، ألنها تدعو إلى االسترخاء و الخمول بمعنى أنها تحمل نقيضين ، أي تحمل
) عوامل الرقي ، و عوامل الفناء (.
وقد أكد أن الحضارة نهاية العمران البشري وقد وضح ذلك في نظريته المتعلقة بمراحل تطور الدولة و اختالف أحوالها و
: ُخلق أهلها باختالف هذه المراحل الخمس وهي

•المرحلة األولى : وهي مرحلة النشأة – البداوة : و االستيالء على الملك ، و يقتصر فيها على الضروري في أحوالهم ،
وهي تتميز بخشونة العيش و توحش األفراد ، و تتميز بوجود العصبية القبلية وهي األساس الذي يقوم عليه االجتماع
اإلنساني و يعني بالعصبية : الشعور الذي يحس به الفرد تجاه من يربطه و إياه من نسب أو ما تقتضيه عوامل الجوار أو
الحلف أو الوالء من ضرورة الدفاع عنه ضد الظلم وهي أساس التغلب و التماسك بين األفراد ومن هذه الناحية فهي تشبه
األحزاب السياسية في المجتمعات المعاصرة اليوم و تؤدي إلى تماسك أفرادها و تعاضدهم وهي التي تقرر قوة الدولة و
استمرار سلطانها.
•المرحلة الثانية - وهي حالة الملك و االستبداد : وفيها ينتقل المجتمع من حالة البداوة الى حالة الحضارة ، و تبدأ العصبية
بالضعف لدى الحكام ، و يحدث في هذه المرحلة ما يسميه علماء االجتماع بتركز السلطة أو ) االنفراد بالحكم ( من قبل فرد
في هذه المرحلة
أو أسرة أو فئة بعد أن كانت شائعة ، و عموما . ً ال تزول العصبية تماماً
•المرحلة الثالثة – وهي مرحلة الترف و النعيم : وكما يسميها أبن خلدون ) بطور الفراغ و الدعة وفيها ينسى األفراد حياة
البداوة و يفقدون فيها العصبية تماما ( و يستفيدون من الدولة أكثر مما يفيدون ، و تشبه ً ويركن الحكام إلى الدعة و الترف
هذه المرحلة حكومة الطغيان و االستبداد عند أفالطون ، و يؤدي النعيم بالدولة الى الفناء.
•المرحلة الرابعة – مرحلة القنوع و المسالمة و تقليد للحكام السابقين : و يبدأ الضعف يدب في الدولة.
•المرحلة الخامسة _و يظهر فيها الضعف و االستكانة : ثم االنهيار و زوال الدولة فتؤول الى االضمحالل ، و ان
اإلصالح في هذه الحالة ال يجدي شيئا ، ويقول ابن خلدون في ذلك.. ) اذا نزل الهرم بدوله فانه ال يرتفع ( و بالتالي تأتي
دوله جديده و تقضي عليها ، وهكذا دواليك . و يرى ابن خلدون ان تلك المراحل طبيعية ألنها تناسب و طبائع األشياء . وقد
استدل على ذلك من استقرائه لتاريخ الدول اإلسالمية المتعاقبة.
•الخالصة :
يتبين من مجمل عرض أفكار ابن خلدون في التغير االجتماعي ، و نظرية في التقدم االجتماعي بوجهه خاص ، انه
صاحب نظريته اصليه في علم االجتماع ، وقد توصل الى قوانين عديده في التغير مؤكدا على آليته و نتائجه وكانت صادقه
الى حد بعيد للمجتمعات اإلسالمية التي قام بدراستها ، وهي تعكس بصدق األوضاع االجتماعية التي كانت سائدة في
عصره ، و خاصه بالنسبة ألهمية العصبية ، و تطور المجتمع ، و الدولة من ناحيه عامه ، وان نظريته تقدم المجتمع في
مراحلها المختلفة تعكس حتميه قانونيه في التطور التاريخي ، ان الحضارة هي نهاية العمران ، وبعدها يبدا المجتمع دوره
جديده .


تابع النظريات الكالسيكية في التغير االجتماعي )3(
فيكو: Vico :
يعتبر فيكو من المؤسسين األوائل لفلسفة التاريخ من خالل نشره لكتابه ) مبادئ علم جديد ( عام 1725 ، و صاحب نظرية
التقدم الدائري اللولبي : التي ترى أن التطور االجتماعي ال يسير في خط مستقيم أو على شكل دورات مغلقة ينتهي فيها
التاريخ الى النقطة التي بدأ منها. و إنما يسير التاريخ في شكل لولبي بحيث تعلو كل دورة و تفوق الدورة التاريخية السابقة.
وقد صاغ ) فيكو ( قانونا عاما لتطور المجتمعات اإلنسانية من خالل تحليله للبعد التاريخي ، كما عالج في كتابه تاريخ
تطور المجتمعات اإلنسانية فقسمها الى ثالث مراحل متعاقبة هي :
1- المرحلة الدينية : و تتميز بالطبيعة التأليهية لألشياء ، و أن كل فعل وقول مستمد من اآللهة ، و أن حياة المجتمع تعتمد
على مقوالت دينية في مختلف مجاالتها.
2- مرحلة البطولة : و يبدو فيها تعظيم الشرف و المغامرة و ظهور الطبقة السياسية الحاكمة ، و أن الحق فيها لألقوى ، و
مثال ذلك سيادة األسرة األبوية لدى الرومان حيث األب هو المتصرف في أعضاء أسرته. و ازدهرت في تلك المرحلة
الفنون و الفلسفة و اآلداب .
3- مرحلة اإلنسانية : و تتميز بالحرية السياسية و المساواة و سيادة الحقوق المدنية ، انتشار األنظمة الديموقراطية.
ملحوظات على نظرية فيكو :
-يرى أن تقدم اإلنسانية حتمي ، مع حتمية مرورها بالمراحل الثالث .
-نظرته للتاريخ المجتمعات كانت نظرة كلية كغيره من فالسفة التاريخ .
-اعتمد على االستقراء الناقص ، حيث حاول تعميم تطور الحضارة األوربية على كل المجتمعات .
-تأثر بشكل كبير بنظرية أوجست كونت ، حيث تتطابق معها .
ثالثا: نظريات التطور االجتماعي :
تعتبر ضمن النظريات غير االجتماعية )غير العلمية( في نظرتها للتغير االجتماعي ، ألنها تشبه المجتمع بالكائن العضوي
في تطوره و تأثرت نظريات التطور االجتماعي بأفكار ) داروين ( في كتابه أصل األنواع ، وذلك النصف الثاني من
القرن التاسع عشر ، فهي باألساس نظريات بيولوجية حاولت تفسير الحالة االجتماعية و النظم االجتماعية.
وقد قدم )داروين( بعض المبادئ العامة في نظريته عن النشؤ و االرتقاء منها : مبدأ الصراع من أجل الوجود ، و مبدأ البقاء
لألصلح ، و مبدأ االنتخاب الطبيعي ..
ومن أبرز الممثلين لالتجاه التطوري في علم االجتماع العالم اإلنجليزي :
- هربرت سبنسر: 1143-1524م :
يعتبر ) سبنسر ( من أهم علماء االجتماع في القرن )19م(. و تشابهت نظريته االجتماعية بنظرية ) داروين ( البيولوجية ،
حيث اعتبر أن كل من الكائن الحي و المجتمع يتطوران من التجانس الى الالتجانس وصوال للتكامل.
و يرى )سبنسر( أن األفعال تسير وفق قانون )االتصال النسبي( أي أنها مرتبطة ببعضها ، و أن التخصص هو غاية كل
تطور و ارتقاء و أخذ هذه الفكرة من الكائن العضوي ، فالمجتمع كالجسم ، و األفراد كأعضاء الجسم في الكائن الحي .
فالمجتمع بأفراده في البداية يكونون متجانسين و االختالفات بينهم غير واضحة كماً و كيفاً ، ولكن عند زيادة السكان
ينقسمون و يتعقد المجتمع ، و يختفي التجانس بينهم.

وقد أدرك )سبنسر( االختالف في العالقة بين أجزاء الكائن الحي و أجزاء المجتمع ، فاألول عالقتهم مباشرة في حين عالقة
أعضاء المجتمع خارجية تخضع للعادات و التقاليد و اللغة ... الخ.
و يرى )سبنسر( أن الظواهر االجتماعية تتأثر بنوعين من العوامل :
-داخلية : خاصة بالفرد كتكوينه العضوي و الوجداني .. الخ.
-خارجية : تتعلق بالبيئة الجغرافية التي تؤثر في األفراد من حيث النشاط . أي أنها تؤثر في النهاية في الظواهر االجتماعية.
و يرى )سبنسر( أن تطور نظام األسرة الى نظام القبيلة و المدينة و الدولة ، هو دليل على تطور و ارتقاء المجتمع اإلنساني
. لكن نظرة ) سبنسر ( التشاؤمية تفترض أن بعد كل تطور و نشؤ فناء و انحالل و يحدث ذلك في دورة كاملة.
كما يرى ) سبنسر( تشابها بين المجتمع و الكائن العضوي في عدة مجاالت منها :
1- هناك اتفاق بينهما في عملية النمو التدريجي .
2- كلما زاد حجم المجتمع و الكائن العضوي ازداد البنيان تعقيدا و تركيبا و بالتالي تزداد الوظائف تخصصا .
و يضرب أمثلة للتدليل على فكرته ، فرئيس القبيلة كان يقوم بوظائف عديدة منها : الحكم و التشريع و يدعم العادات و
التقاليد وغير ذلك. في حين اذا ازداد حجم القبيلة و تحولها الى مجتمع أو دولة ، تتوزع تلك الوظائف التي كان يقوم بها
على أعضاء عديدين من أجل القيام بتك الوظائف على خير وجه.
أي أن التخصص قد زاد وتعقد من أجل كمال مسيرة المجتمعات.
و يعتقد )سبنسر( أن عملية الصراع من أجل البقاء جعلت كثيرا من المجتمعات تتحد مع بعضها ، مما جعلها متكاملة و
متطورة ، و يمكن مالحظة ذلك في المجتمعات المعاصرة التي تتكتل مع بعضها تحقيقا للتوازن و االنسجام الذي يقود
الى ظهور التصنيع كدليل على االنسجام بين المتكتلين مع بعضهم.
تقييم أراء سبنسر:
-قّدم سبنسر نظرية عضوية متكاملة لتطور المجتمع ، لها مكانتها في التنظير االجتماعي.
-أن مبدأ تشبيه المجتمع بالكائن العضوي مبدأ غير علمي لالختالف الكبير بينهما في الطبائع و القوانين.
-فناء المجتمعات ليس واردا كالكائن العضوي ، فهي تتخلف لكن ال تفنى في المنظور القريب.
-البقاء لألقوى ان جاز تطبيقه على الكائن الحي ، فذلك غير وارد تماما على المجتمعات التي تتخلف ثم تقوى ثم
تتخلف...وهكذا.
ما سبق من نقد لم يقلل من أهمية نظرية )سبنسر( في تفسير تطور المجتمع
تقييم عام للنظريات الكالسيكية :
-كانت نظرتها للتغير االجتماعي نظرة عامة و شاملة دون تمييز لالختالف الثقافي بين المجتمعات. فيمكن القول بأنها
دراسة فلسفية للحياة االجتماعية بمظاهرها المختلفة.
-لم تقم النظريات الكالسيكية على الدراسة العلمية التجريبية.
-تقوم على مبدأ االستقراء الناقص : أي تعميم مسيرة مجتمع من المجتمعات تعميما مطلقا على مسيرة كل المجتمعات
البشرية . فأوروبا لها تجربتها و ظروفها التي تختلف عن مسيرة مجتمعات أخرى .
لكن ما سبق من نقد للنظريات الكالسيكية في تفسير التغير االجتماعي ال يقلل منها كجهود فكرية اجتماعية أسهمت ظهور
النظرية االجتماعية المعاصرة التي تفسر التغير االجتماعي.


النظريات العاملية في التغير االجتماعي
مقدمة :
إن ما يقصد بالنظريات العاملية ، هي تلك النظريات التي تفسر التغير االجتماعي في ضوء عامل واحد من عوامل التغير ،
كالعامل التكنولوجي أو العامل االقتصادي أو العامل األيكولوجي ... الخ.
وهي نظريات حديثة نسبيا مقارنة بالنظريات السابقة ، و نظرا لكونها تبني أفكارها في الغالب على تجارب علمية و إمبريقية
) ميدانية ( ، لهذا اعتبرت نظريات سوسيولوجية )علمية ( تمييزا لها عن النظريات الفلسفية السابقة.
و بطبيعة الحال فإن هذه النظريات السوسيولوجية ليست واحدة في إطارها العام أو في معالجتها للتغير االجتماعي ، كما أنها
تتفاوت من حيث الواقعية في التحليل و التفاوت في درجة التأثير على الظواهر االجتماعية .
غير أنه هناك اختالف بين آراء القائلين بهذه العوامل و اتفاق في حتمية التغير و لزوميته تلك الحتمية التي تقصر التغير على
عامل واحد فقط ، األمر الذي عرضها الى كثير من االنتقادات العلمية وقد ذهب ولبرت مور W. Moor الى استبعاد
نظرية العامل الواحد في إحداث التغير االجتماعي وفي نظره – ال بد من الرجوع الى اكثر من عامل واحد في ذلك ، وهذه
قضية سنأتي عليها في التقييم العام لتلك العوامل .
و النظريات العاملية هي :
1- نظرية العامل التكنولوجي .
2- نظرية العامل الديموغرافي .
3- نظرية العامل األيكولوجي .
4- نظرية العامل االقتصادي .
5- نظرية العامل الثقافي و أنواعها .
نظرية العامل التكنولوجي :
ينظر الى تحديد مفهوم التكنولوجيا نظرات متعددة تختلف باختالف تخصص الباحثين ، ولهذا جاءت تعاريف عديدة منها :
التكنولوجيا : هي الوسائل التقنية التي يستخدمها الناس في وقت معين من أجل التكيف مع الوسط الذي يعيشون فيه.
التكنولوجيا : يرى ويليام أجبرن بأنها : دراسة التقنيات و األفكار التي تغطي المواضيع المادية أي أنها تشمل الجوانب
المادية للثقافة
و هناك من يربط بين التكنولوجيا و العلوم التي تدرس في المعاهد الفنية و الكليات العلمية ، مثل الهندسة و الميكانيكا و
الكهرباء إي أنها ترتبط بالتطبيق أكثر من ارتباطها بالناحية النظرية. وال شك ان في ذلك صعوبة في التمييز الواضح بين
هذين العنصرين نظرا لالرتباط السببي بين النظرية و التطبيق .
و يرى كثير من األفراد بأن التكنولوجيا هي فن استعماالت اآلالت – التقنيات – أي االمتالك العلمي الستعمالها و األهمية
المترتبة عليها أو هي اآلالت و فن استعمالها

العالقة بين التكنولوجيا و المجتمع :
ارتباطاً ترتبط التكنولوجيا بالمجتمع وثيقا فهي انعكاس لثقافته المادية و الفكرية و تعبير صادق عن تقدم المجتمع الحضاري
هذا من ناحية االرتباط أما من ناحية التأثير فالعالقة جدلية بينهما حيث يؤثر كل منهما في اآلخر .
و تشمل التكنولوجيا العلم التطبيقي الذي يؤدي إلى صناعة األشياء المادية و القائلون بالعامل التكنولوجي – النظرية
التكنولوجية – يرجعون التغيرات االجتماعية إلى التكنولوجيا و منهم وليام أوجبرن .
وفي الواقع ال يهتم ) علم االجتماع ( بالتكنولوجيا اهتماماً مجرداً و إنما يهتم بها لألثار التي تتركها في المجتمع أو بمعنى آخر
ألهمية وظيفتها االجتماعية ، فصناعة السيارة مثالً كآلة تقع في دائرة غير دائرة العلوم االجتماعية ولكن ) معناها (أي
آثارها و استعمالها يقع في دائرة العلوم االجتماعية فآثار السيارة واضحة في حياة الناس وما يتعلق بوظيفتها في المجتمع من
حيث االتصال و تكوين العالقات بين األفراد وغير ذلك جهاز الهاتف و المذياع و الكهرباء الخ إن وظيفة المخترعات
المادية هي خدمة الحياة االجتماعية أي إن جوهر التكنولوجيا اجتماعي .
و بطبيعة الحال ال نتصور أن التكنولوجيا بوصفها آالت هي علم اجتماع و إنما هي علوم طبيعية وهي في نهاية األمر ثقافة
مادية إال أن معناها اجتماعي و أن العالقة بين المجتمع و التكنولوجيا متبادلة فالحاجة االجتماعية تتطلب اختراع آالت
في حياة المجتمع فإنتاج التكنولوجيا و وظيفتها تتعلق بحياة المجتمع عامة
بدورها تحدث تأثيرا . ً
ومن الوجهة االجتماعية فان ) معنى ( التكنولوجيا هو الذي يؤثر في تغير المجتمع و التكنولوجيا في األوجه التالية :
- يؤدي الموقف االجتماعي ) الحاجة االجتماعية ( إلى االختراع المادي الذي يستعمل في المجتمع .
- يؤثر االختراع التكنولوجي في حياة المجتمع من خالل استعماله .
- و بفعل عامل االنتشار تؤثر التكنولوجيا في مجتمعات لم تساهم في عملية اختراع أو االكتشاف كما أنها ال تترك اآلثار
نفسها في المجتمعات كافة بفعل االختالف الثقافي فيما بينها.
و يتبين من ذلك أن العالقة جدلية بين المجتمع و التكنولوجيا .
التكنولوجيا و التغير االجتماعي :
ترى النظرية التكنولوجية أن التغير االجتماعي سببه العامل التكنولوجي أي أن التكنولوجيا هي علة التغير في المجتمع ، و
ُتر ِجع كل التغيرات االجتماعية إلى أسباب تكنولوجية . و تتوقف طريقة إحداث التغيرات التكنولوجية للتغير االجتماعي على
فهم الطبيعة العلية التي هي في الواقع عبارة عن عملية اضطراديه أي أن التأثير التكنولوجي ال يتوقف عند إحداث األثر
األول بل إن التأثير مؤديا إلى آثار مصاحبة أو مشتقة على هيئة سلسلة مترابطة الحلقات ولهذا فإن للعامل التكنولوجي أثراً
في التاريخ االجتماعي للمجتمعات و يؤدي إلى تقدمها
مهما . ً
إن وطأة االختراعات تؤدي إلى تأثيرات تنتشر في اتجاهات مختلفة تشبه الموجات المائية الناتجة عن التقاء حجر في الماء
فتتشكل دوائر متصلة وهكذا يكون تأثير التكنولوجيا في الحياة االجتماعية تأثيرا . ً متواص ًال

تأتي التكنولوجيا استجابة لحاجات األفراد من أجل تحقيق أهدافه بأقل جهد ممكن و بأقل التكاليف ، وهي تنتج لإلنسان
ظروفاً مناسبة من أجل راحته و سعادته فالوسائل الفنية المستعملة في الزراعة قد أدت إلى زيادة اإلنتاج و تحسين
اإلنتاجية و الى تحسين تربية طرق تربية الماشية ، فازداد المردود كما و كيفا حسين في االقتصاد ً ، و صاحب ذلك ت
الزراعي و تغير إيجابي في الحياة الفردية بوجه عام .
وقد تغيرت العالقة بين الزراعة و الصناعة و زادت الهجرة الريفية و الهجرة الزراعية و انتعشت الحياة في المدن بشكل
ملموس و بذلك نستطيع القول أن التغير التكنولوجي أصاب النظام الفردي و النظام االجتماعي عامة .
لقد أدى التقدم في وسائل االتصال الى تغيرات اجتماعية بعيدة المدى و لعل التغيرات التي تشهدها المدينة الحديثة هي نتيجة
التكنولوجيا وقد بين وليام أوجبيران بوضوح حين قام بدراسة تأثير المذياع على الحياة االجتماعية وقد ذهب الى أن
التكنولوجيا أدت الى تغير في العادات و المؤسسات االجتماعية بشكل واسع .
و ترى النظرية التكنولوجية أن أي اكتشاف أو اختراع تقني يؤدي مباشرة الى تغيرات اجتماعية و اقتصادية و سياسية
و ثقافية فاكتشاف الطاقة الذرية أدى الى تغيرات عميقة في حياة المجتمعات فعلى سبيل المثال أدت الى حدوث تغييرات في
االستراتيجية العسكرية و الى قيام عالقات دولية جديدة .
كما أن السيارة أدت الى تغيرات اجتماعية مهمة منها تشكيل مؤسسات اجتماعية مثل التأمين و مدارس السياقة و إدارة
شرطة المرور و نظامه .
وقد ساهمت التكنولوجيا في تكوين اتجاهات عدة داخل المجتمع ومن هذه االتجاهات :
1- التخصص في العمل حيث تقوم التكنولوجيا بوظائف متعددة و تصل الى إنجاز عملها بكفاءة كبيرة و توجد وظائف عديدة
وهي تعمل على إبراز ظاهرة التخصص في العمل و تبدو هذه الظاهرة بوضوح كلما تقدم المجتمع في الصناعة و تؤدي الى
ظهور أنظمة قانونية وغير ذلك و للتكنولوجيا آثار في الحياة االجتماعية و العمالية .
2- و تكتسب االختراعات التكنولوجية أهمية بالغة في حياة المجتمعات ألهميتها ، وقد روى أحد المؤرخين انه في سنة
اختراع ) جيمس واط ( اآللة البخارية وقد كان لهذا االختراع تأثير
1772م اعلن استقالل أمريكا وفي ذلك الوقت تقريباً
أوسع من إعالن االستقالل أي أن صدى االختراعات و االكتشافات ينتشر بسرعة كبيرة.
3. إيجاد الظاهرة اإلمبريالية الناتجة عن الثورة الصناعية التي أدت الى فائض في اإلنتاج الصناعي األمر الذي أدى بالدول
الصناعية الى القيام بالبحث عن أسواق جديدة لتصريف هذا الفائض و تشكيل الشركات المتعددة الجنسيات و الى استيطان ما
يعرف بالعالم القديم و استعماره في نهاية األمر و ترتب على ذلك إنشاء ظاهرة التبعية حتى بعد االستقالل التي تعاني منها
معظم الدول النامية اليوم .
4. التغير في مجال القيم االجتماعية لقد صاحب تغيرات اجتماعية عديدة المتغيرات التكنولوجية في مجال القيم االجتماعية
مثال قيمة الوقت و قيمة المرأة وقيمة العمل وغير ذلك لقد جاءت قيم جديدة لتتالءم و العمل الصناعي و تزداد التغيرات
االجتماعية بزيادة التراكمات المادية و انتشارها وان عمل اإلنسان يؤدي الى تغيره و يرى هيجل ) أن اإلنسان وهو يعمل
على تغيير الطبيعة المحيطة به يغير من طبيعته الخاصة (.
وال يعني ذلك ان التغيرات في المجتمع وليدة التكنولوجيا و إنما هناك من المؤثرات على الحياة االجتماعية ما يناظر أثر
التكنولوجيا إن لم يزد عليه في بعض األحيان مثل أثر االقتصاد و الديموغرافيا كما سيوضح فيما بعد.


5. ظهور أهمية المجتمعات الصناعية و سرعة تقدمها مقارنة بالمجتمعات األخرى ان زيادة التغير تقترن بمدى التراكمات
التكنولوجية الحادثة في المجتمعات الصناعية و هذا ما يفسر لنا سرعة التغير في المجتمعات الصناعية دون غيرها وفي
مجال التغير االجتماعي كمعلول لعلة ) التكنولوجيا ( يمكن وضع السؤالين التاليين : كيف يؤدي التكنولوجيا الى التغير
االجتماعي ؟ وما النتائج المترتبة على ذلك ؟
نستطيع أن نلمس اإلجابة على هذين السؤالين لدى القائلين بالنظرية التكنولوجية على النحو التالي :
تبني أفكار التكنولوجيا على القسمة الثنائية للثقافة لدى منظري هذا االتجاه أمثال وليام أوجبرن و نمكوف و ممفورد وغيرهم .
يحدث تراكم مجال الثقافة المادية نتيجة لعاملي االختراع و االكتشاف بشكل اسرع من الجانب الالمادي للثقافة في فترة من
الزمن األمر الذي يؤدي الى تخلف الجانب الالمادي عن مزامنة ) مجاراة ( الجانب المادي وهذا األخير يشكل في النهاية
قوى دافعة لتغير الجانب الالمادي .
و يصطلح ) أوجبرن ( على تخلف الجانب الالمادي عن الجانب المادي بالهوة الثقافية ) Cultural lag ( أو التخلف الثقافي .
و يترتب على نظرية أوجبرن مالحظتان هما :
• إن التغيرات المادية اسرع في تراكمها من التغيرات الالمادية .
•إن التغيرات المادية تصبح سبب في تغير الثقافة الالمادية. و ترجع عملية تخلف الالماديات عن الماديات في التغير الى
عدة اسباب وهي :
1- الميل للمحافظة على القديم فكل الثقافات تحاول أن تبقى على تراثها الفكري خوفا من التجديد .
2- الجهل بحقيقة التجديد و االختراع و عدم معرفة طريقة استخدامه مما يؤدي بالتالي الى رفضه في النهاية .
3- النزعة المحافظة لدى كبار السن و جمود العادات و التقاليد هذه عقبات أمام التغير الالمادي في حين أن الماديات ال
تعترضها مثل هذه العقبات و حينما يحدث التغير المادي نتيجة لالختراع أو اكتشاف فان التغير الالمادي يأتي بعده
بمدة من الزمن .
ومن العلماء الذين يقولون بالنظرية التكنولوجية العالم نمكوف الذي درس اثر التكنولوجيا في األسرة و احداث التغيرات
االجتماعية فيها .
وقد بين أن الثورة الصناعية هي المسؤولة عن التغيرات التي حدثت لألسرة فانتقال اإلنتاج من البيت الى المصنع ساعد ذلك
على نشأة المدن الصناعية و أصبحت ذات أنماط اجتماعية متميزة من الثقافة هي ثقافة المجتمع الحضري الحديث وقد ترتب
على الثورة الصناعية التغيرات الجوهرية التي أصابت مختلف النظم و المؤسسات داخل المجتمع .
وقد أدت الثورة الصناعية الى تقليص حجم األسرة فأصبحت صغيرة نووية و اقل استقرارا من األسرة في المجتمع الزراعي .
و يرى نمكوف أن العالقة بين التغير التكنولوجي و التغير األسري في العمليات التالية :
1- أدت الصناعة الى تخفيض أو إنهاء اإلنتاج المنزلي األمر الذي نجم عنه إلغاء الوظيفة التي كانت لألب في رئاسة العمل
الزراعي و اليدوي عموما


النظريات العاملية في التغير االجتماعي
مقدمة :
نظرية العامل الديموغرافي : يقصد بالديموغرافيا مجموعة العناصر المتعلقة بالهيكل السكاني من حيث الزيادة أو النقصان
ومن حيث الكثافة أو التخلخل و كذلك التوزيع حسب الهرم السكاني وما الى ذلك.
وقد بدأ االهتمام بالمسألة الديموغرافية مع بداية الثورة الصناعية األمر الذي أدى إلى زيادة الطلب على األيدي العاملة لكون
العمال يشكلون العامل المهم في العملية اإلنتاجية ، و ألن كل عملية إنتاجية تتوقف الى حد ما على عدد المشاركون فيها
وعلى العالقات و المتغيرات االجتماعية لهؤالء المشاركون ، فالظواهر االجتماعية تتأثر بعدد األفراد الذين يأخذون بها .
و تتأثر الحركة السكانية بعاملين هما : )عامل المواليد و عامل الوفيات و الهجرة ( و تؤكد الدراسات السكانية الحديثة على
وجود عالقة بين السكان و قضايا التخلف و التقدم ، أي بمسألة التغير االجتماعي عموماً من خالل العالقة بين البناء
الديموغرافي و البناء االقتصادي بوجه عام و استغالل موارد المجتمع و معدالت التنمية الشاملة و نرتبط الحركة السكانية
بالحركة االقتصادية أي ال نستطيع فهم اتجاه النمو السكاني بمنأى عن البناء االقتصادي .
وقد أكد ) دور كايم ( في تحليله للعامل الديموغرافي و التغير االجتماعي على أن تقسيم العمل قد احدث تغييرات جذرية و
باالنتقال من التضامن اآللي الى التضامن العضوي ، و يعود ذلك الى الخصائص السكانية للمجتمعات من حيث الحجم و
توزيعهم المكاني و طبيعة العمل الذي يقومون به من زراعة أو صيد و الوسائل المستخدمة فيه و كل التخصصات تؤدي
الى التكامل و يؤكد على ان تقسيم العمل و تعدده و يرتبط بحجم السكان و كثافتهم األمر الى التقدم االجتماعي و بمعنى ان
التقدم االجتماعي يرتبط بمدى كثافة السكان و حجمهم .
و يذهب دوركايم في تحليالته لزيادة السكان ان الكثافة الديموغرافية ليست سببا في تقسيم العمل فحسب و إنما تؤدي الى
الكثافة األخالقية التي تكشف في النهاية عن مدى حضارة المجتمع ، و تحدد السبب الرئيسي للتقدم وفي تقسيم العمل
المرتبط بالحضارة ، و ترتبط العالقات االجتماعية ارتباطا شديدا بعدد األفراد المشاركين فيها ومن خالل هذه النظرة فان
الحضارة تظهر ليس باعتبارها هدفا و إنما بوصفها مجاال يمارس من خالله األفراد وظائفهم االجتماعية .
وقد توصل الى عالقتين سببيتين :
1- ان نمو الكثافة السكانية يصاحبه نمو العمل و الكثافة األخالقية ) الحضارة (.
2- ان تقسيم العمل و الكثافة األخالقية تؤديان بالضرورة الى التقدم االقتصادي و االجتماعي و الثقافي .
و يترتب على ذلك ان الكثافة السكانية التأثير الواسع في عملية التغير االجتماعي و خطط التنمية بوجه عام و يؤيده في ذلك
) جورج بلندي ( في ان العامل الديموغرافي يحدد المجاالت االقتصادية و تتحدد بموجب ذلك المالمح االجتماعية و الثقافة
للسكان و يؤكد على العالقة التبادلية بين العوامل الديموغرافية و االقتصادية و االجتماعية و ينتهي الى ان الخصائص
السكانية تحدد القدرة على التنمية و توجيه التغير االجتماعي وقد ظهرت نظريات عديدة تربط بين البناء الديموغرافي و
البناءات االقتصادية و االجتماعية و الثقافية للمجتمع منها :
نظرية ) دبلداي ( : التي تربط بين النمو السكاني و بين البناء الطبقي للمجتمع من خالل تطبيق القانون العام للوراثة لدى
الكائنات الحية و مؤداه اذا تعرض احد األنواع الحية لالنقراض فان الطبيعة تعمل على زيادة عدد أفراده حفاظا على النوع
من خطر االنقراض وفي األثناء تطبيق هذا القانون على المجتمع وجد ) دبلداي ( أن خطر االنقراض يتوافر لدى أبناء
الطبقات الدنيا للمجتمع بسبب معاناتها من انخفاض الدخل و سوء التغذية و انخفاض مستوى الرعاية الصحية و الثقافية أما
الطبقات العليا فال تتعرض لهذا الخطر وهذا ما يفسر لديه ارتفاع نسبة الخصوبة و التوالد بين أبناء الطبقات و انخفاضها
بين أبناء الطبقات العليا.

الحقيقة أن نظرية ) دبلداي ( أهملت التفرقة بين معدالت الخصوبة و بين معدالت الزيادة السكانية ألنها أهملت عامل
الوفيات ناهيك أن التوزيع الطبيعي للزيادة السكانية ال ينطبق على الواقع في كل األحوال و الظروف .
وهناك من يربط بين معدالت التوالد و بين الحراك االجتماعي الرأسي داخل المجتمع على اعتبار أنه مظهر من مظاهر
التغير االجتماعي ومن هؤالء ) ديمونت ( حيث يفترض أن اإلنسان يسعى لتقلد المركز االجتماعي العالي ، وفي سبيل ذلك
يكون على استعداد لتكوين عائلة كبيرة الحجم ، وفي المجتمعات التي ال توجد فيها عقبات أمام الفرد تحول دون التنقل
الرأسي الطبقي ، يقل االتجاه نحو تكوين أسر كبيرة الحجم .
و نتيجة لسيادة روح الديموقراطية في فرنسا ، و عدم وجود عقبات أمام التنقل الطبقي ، فإن معدالت المواليد منخفضة لديها
على عكس ما هو سائد في الهند ذات النسق الطائفي المتحجر الذي يحول دون التنقل الطبقي االجتماعي .
و يتبين من مجمل اآلراء السابقة ، أن العامل الديموغرافي يقف وراء التغيرات االجتماعية السائدة في المجتمع ، بمعنى أن
الديموغرافيا تستطيع تفسير مقولة التغير االجتماعي .
وفي الحقيقة ، إن للعامل الديموغرافي أهمية في التأثير على التغير االجتماعي لكنه ال يعتبر عامال أساسيا منفردا في توجيه
التغير االجتماعي إيجابا أو سلبا .
بداللة االختالف في التغير بين الدول ذات العدد السكاني المتكافئ ، و تشابه التغير في دول مختلفة الكثافة السكانية و الوضع
الديموغرافي بوجه عام .
لذا يمكن القول : أن العامل الديموغرافي عنصر مهم في التغير االجتماعي ، ولكن ال يمكن إرجاع جميع التغيرات
االجتماعية جميعها له.
نظرية العامل اإليكولوجي :
تستعمل كلمة إيكولوجيا مرادفا للبيئة الطبيعية و الجغرافية التي يعيش فيها اإلنسان ، و تركز الدراسات اإليكولوجية على
دراسة اآلثار المباشرة للبيئة على الحضارة المادية و الفكرية للشعوب ذات الوسائل التكنولوجية البسيطة .
و يندرج تحت مفهوم اإليكولوجيا العديد من األنواع :-
•اإليكولوجيا البشرية : التي تهتم بدراسة العالقة بين اإلنسان و بيئته ، و أسباب التوزيع المكاني و الزماني لألشخاص و
الجماعات و الخدمات في ظل ظروف معينة و متغيرة الى جانب دراسة العوامل المرتبطة بتغير نماذج هذه التوزيعات.
•اإليكولوجيا االجتماعية : و تهتم بتوزيع الجماعات الضرورية و تشكيلها الستغالل الموارد الطبيعية مع العناية بالعالقات
غير المباشرة التي تنتج عن هذه التجمعات.
وهناك اإليكولوجيا الحضرية وغيرها... الخ .
و القائلون بالعامل اإليكولوجي يفسرون التغير االجتماعي على أساس ظروف خارجية مفروضة على المجتمع ناتجة عن
البيئة الجغرافية . وقد ربط العالم ) بيرجس ( بين الظواهر االجتماعية و المناطق الطبيعية في المدينة ، مؤكدا على أن
المناطق المتخلفة في المدينة تعتبر مكانا طبيعيا للجريمة و األمراض و الفساد .. الخ .

تحاول الدراسات اإليكولوجية الكشف عن شواهد عديدة في وجود فروق جوهرية بين سكان األرياف و سكان المدن . بل
عن فروق جوهرية داخل المدن نفسها ، كما فعل علماء مثل ) بارك وشومبار ( وغيرهما.
كما اهتم العالم العربي ابن خلدون بتأثير البيئة الطبيعية على العمران البشري في أكثر من موضع في مقدمته الشهيرة ،
وكان يفسر كثرة السكان وقلتهم بالعوامل المناخية ، فزيادة السكان ترتبط باعتدال المناخ و العكس صحيح . كما ربط ابن
خلدون بين الهواء و أخالق البشر ، كما أن طبيعة الظواهر االجتماعية و النفسية للسكان و إنتاجهم تتأثر بالعوامل البيئية ،
بذلك يكون ابن خلدون من ممثلي نظرية العامل اإليكولوجي في التغير االجتماعي .
و خالصة القول أن نظرية العامل التكنولوجي ترجع التغيرات االجتماعية الى العوامل البيئية المختلفة التي تؤثر في النشاط
و الحياة االجتماعية و الثقافية عموما ، و أن هناك عالقة بين النظام اإليكولوجية و النظم االجتماعية األخرى ، وهي عالقة
سببية تأثيرية.
و يمكن القول بأن قصر ظاهرة التغير االجتماعي على العامل البيئي فقط فيه مبالغة شديدة ، وال تقدم تفسيرا لظاهرة التغير
االجتماعي ، وذلك لألسباب التالية :
1. أن تأثير البيئة يكون قويا كلما كان المجتمع بسيطا ال يستخدم التكنولوجيا بشكل كبير.
2. أن التأثر متبادل بين البيئة الطبيعية و الظواهر االجتماعية.
3. أنه البد لوجود عوامل أخرى ال تتعلق بالبيئة الطبيعية فقط ، و ذلك لتفسير التغيرات االجتماعية.
4. توجد نظما اجتماعية متشابهة في المجتمعات بالرغم من تفاوت البيئة بينهما و العكس .
وعليه : فبالرغم من أهمية العامل اإليكولوجي إال أنه ال يفسر التغير االجتماعي لوحده .
نظرية العامل االقتصادي :
تعتمد النظرية االقتصادية في تفسيرها لعملية التغير االجتماعي على البناء االقتصادي للمجتمع و تأثره على العالقات
االجتماعية التي تنشأ بين األفراد و الجماعات ، أي تأثير النواحي المادية على المجاالت االجتماعية ، حيث أن النشاط
االقتصادي يتحكم في حياة المجتمع السياسية و الفكرية وليس العكس .
و تعرف النظرية االقتصادية بالنظرية الماركسية في أدبيات التغير االجتماعي ، وهي تتبنى مقولة الحتمية االقتصادية : التي
ترى أن العامل االقتصادي هو المحدد األساسي لبناء المجتمع و تطوره و يتكون أساسا من الوسائل التكنولوجية و يحدد
النظام االجتماعي و العالقات في المجتمع .
و تعتبر نظرية العامل االقتصادي في التغير االجتماعي أن للمجتمع بناءان :
1. بناء تحتي : وهو االقتصاد الذي يؤثر في البناء الفوقي الذي يتكون من بقية نظم المجتمع و يشكلها.
2. بناء فوقي : و يتكون من األنظمة السياسي و األخالقي و القانوني .. ، أي البناء االجتماعي عموما.
و يرى ) بوتومور ( أن النظرية االقتصادية ) الماركسية ( في التغير االجتماعي تعطي اهتماما كبيرا لعنصرين من
عناصر الحياة االجتماعية ، وهما : نمو التكنولوجيا ) قوى اإلنتاج ( و العالقات بين الطبقات االجتماعية. و أنه في كل
مرحلة من تطور قوى اإلنتاج ، يسود أسلوب معين لإلنتاج و طبيعة محددة للعالقات االجتماعية يسود فيها صراع بين
الطبقة المسيطرة التي تملك وسائل اإلنتاج و بين الطبقة العاملة.



النظريات العاملية في التغير االجتماعي
نظريات العامل الثقافي :
تختلف المجتمعات عن بعضها باختالف الثقافة التي تميز بين الشعوب ، كما أن الثقافة تختلف النظرة اليها ، و تتعد تعاريفها
فاألفكار و القيم و األيديولوجيا وغيرها تعتبر من ميكانيزمات التغير االجتماعي عند القائلين بهذه النظرية ، ولما كانت
النظرية تنشر لذا ، تعتبر سببا في تغير مجاالت عديدة في المجتمع وفي غيره من المجتمعات األخرى ، فحينما يتبنى
مجتمع قيما معينة فإنها تؤثر في نظر أفراده نحو العالقات االجتماعية القائمة بينهم ، وفي اتجاهاتهم بشكل عام .
ولقد أدت كثير من الحركات الفكرية الى تغيرات اجتماعية واسعة مثل حركة النهضة األوروبية و فلسفة الثورة الفرنسية
وغيرها من الحركات االجتماعية و السياسية و الدينية .
كما أن الثقافة تعتبر عامال للمنافسة االجتماعية بما ينتج عنها من صراع فكري بين الفئات المختلفة في المجتمع مما يؤدي
بالتالي الى حدوث تغير اجتماعي جديد.
و تنطوي تحت اطار العامل الثقافي اتجاهات عديدة يجمعها خيط واحد وهو قولها : أن العناصر الثقافي تتفاعل مع بعضها
مؤدية الى التغير الثقافي ، ولكنها تختلف حول الطريقة المؤدية اليه ، غير أن الثقافة حقال محوريا بينها .
و يمكن حصر االتجاهات القائلة بالعامل الثقافي في التغير في ثالثة اتجاهات رئيسية هي :
-نظرية االنتشار الثقافي .
-نظرية االرتباط الثقافي .
-نظرية الصراع الثقافي .
وهي تركز على آليات التغير الثقافي و مصادرة ، وهل هي داخلية أم خارجية ؟ وكيف يكون ذلك ؟
و سنعرض آراء هذه النظريات المتشابهة المختلفة على النحو التالي :
أوال : نظرية االنتشار الثقافي :
تنطلق النظرية االنتشارية من أن التغير الثقافي يرجع الى عامل االنتشار ، فاالنتشار عملية تنتشر بموجبها سمات ثقافية من
منطقة الى أخرى و الى أن تعم تلك السمات أنحاء العالم ، ال ن من سمات الثقافة االنتشار .
و تميز هذه النظرية بين انتقال التراث و انتشاره ، فيعني األول : االنتقال الثقافي عبر األجيال ) من جيل الى آخر ( داخل
المجتمع ، أما الثاني فهو يعني : انتقال سمات ثقافية من مجتمع الى آخر ، و بمعنى آخر أن التراث يعمل وفق عامل
الزمن ، بينما االنتشار يعمل وفق عامل المكان .
و ترجع هذه النظرية التغيرات التي تحدث في مجتمع ، انمار تأتي نتيجة استعارة سمات ثقافية من مجتمع ثان ، أي أن
التغيرات الثقافية ترجع في مصدرها الى ثقافة أخرى .

انطالقا من ذلك تبني النظرية أفكارها على عامل االنتشار وهو كل الحاالت ال يعني انتقال األفراد و إنما انتقال السمات ً
الثقافية.

وقد جاء مصطلح االنتشار الثقافي في كتابات علماء األنثروبولوجيا حيث ذهب تايلور في كتابة ) الثقافة البدائية ( الى أن
فكرة االنتشار الثقافي جاءت لتكشف عن سر التشابه لكثير من السمات و العناصر القافية في مجتمعات متباعدة عن
بعضها مرجعا ذلك التشابه الى انتشار و انتقالها من مصدر واحد أو من عدد المصادر نتيجة لالتصال الثقافي بين تلك
المجتمعات وقد تكون هجرة العنصر الثقافي كاملة أو جزئية.
و تعتمد عملية االنتشار على عامل االختراع الذي يعتبر أصل الثقافة الجديدة و يؤدي في النهاية الى استمرارية بناء
الثقافة و حفظها من الفناء و أما آليات االنتشار فهي متعددة منها : الهجرة و االستعمار و الثورة وغيرها . وال تخلو
عملية االنتشار من وجود عوائق األمر الذي يؤدي الى مقاومة الثقافة المستعمرة و إبطاء عملية التغير عموما .
و يبدو ذلك بوضوح حينما تترسخ عناصر ثقافية في مجتمع فانه في هذه الحالة يصعب إحالل عناصر جديدة لتأخذ مكانا
في النسق القائم .
وفي كل الحاالت يمكن مالحظة العناصر المعوقة لالنتشار ، وهي تركز على انتقال الثقافة سواء عن طريق النقل أم الغزو
أم االستعارة متتبعة انتقال العناصر الثقافية عبر المكان و ترى ان الهجرة تؤدي الى انتقال وحدات ثقافية كبيرة ، و أما
االستعارة فتؤدي الى انتقال وحدات ثقافية بسيطة ال تحدث في البداية تغيرا يذكر في المجتمع الجديد .
و نظرا لسعة مجال االنتشار الثقافي و تعدد آلياته فقد وجدت مدارس مختلفة في أنحاء العالم و يمكن تمييز ثالث مدارس
هي:
1- المدرسة األلمانية النمساوية : بزعامة جرايبنر وهي تبين وجود سبع أو ثماني نماذج ثقافية اصليه في العالم ذات طابع
منسجم و مستقل ثم انتشرت في أرجاء العالم بفعل عامل االنتشار و كان انتشار كل ثقافة أما جزئيا أو كليا و تنظر الى
دراسة الحياة البدائية باعتبارها مفتاحا لفهم االتصال بين الثقافات المعاصرة .
2- المدرسة اإلنجليزية : بزعامة اليوت سميث وبري ، وهي تقول بمصدر واحد للثقافة وهي الحضارة المصرية التي عمت
العالم الى ان جاءت الحضارة اليونانية وحلت مكانها .
3- المدرسة األمريكية : بزعامة ) الفرد كروبير و بواس ( وهي تهتم باآلثار المترتبة على عملية االنتشار الثقافي في
المجتمعات ، وقد حاولت هذه المدرسة تالفي النقص و األخطاء التي وقعت فيها المدرستان السابقتان من حيث انطالقهما
من بداية تجريبية متواضعة ومن فروض منتقاة ....
تقييم :
يتبين من كل ما سبق أن النظرية االنتشارية تؤكد على االنتشار الثقافي بوصفه عام ًال للتغير االجتماعي ، و أدت الى
االهتمام من جديد بتاريخ الثقافة و دراسة الروابط الثقافية بين المجتمعات.
إن هذه النظرية رغم أهميتها العلمية إال أنها ال تخلو من النواقص التالية :
أوالً: ان التركيز على العامل الخارجي في عملية التغير االجتماعي ينفي العوامل الداخلية التي تؤدي الى التغير و إلغاء
لفاعلية المجتمع وآليات التغير فيه و يحرم المجتمع من االبتكار و االكتشاف ، وهذا ينافي الحقيقة الواقعية حيث أن القيم
السائدة و األيدولوجيات و كل عناصر الثقافة تتفاعل و تؤدي بالتالي الى التغير.

ثانيا : لدى االنتشاريين ً
في الوقت الذي يكون مهمالً
إن عامل اإلرادة في التعبير عام ًال مهما . ً
ثالثا : ومن جهة أخرى لم يفسر االنتشاريون كيف ولماذا تنتشر السمات الثقافية من مجتمع دون آخر والى مجتمع دون آخر ً
؟ األمر الذي كان مهمالً عندهم كما أنهم لم يفسروا أسباب انتشار الثقافة.
ولم ينتبه االنتشاريون الى عملية الثقافة ، وهي عملية معقدة في الوقت ال ، وفي
ذي ذهبوا فيه إلى االنتقال يكون ميكانيكياً
ذلك تبسيط لعملية االنتقال و االستقبال الثقافي . كما أن النتائج التي توصلوا اليها ال تخدم نظرية عامة في التغير الثقافي .
ثانيا: نظرية االرتباط الثقافي :
ت وامل داخلية بالمجتمع ، وهذا على عكس ما ذهبت اليه نظرية ُرجع نظرية االرتباط الثقافي التغير االجتماعي الى ع
االنتشار الثقافي . كما أنها ترى أن التغير االجتماعي يأتي من العناصر الكائنة في المجتمع وليس من خارجه.
و يمثل هذا االتجاه العالِم ) سوروكين ( في كتابه ) الديناميات الثقافية و االجتماعية ( و يتفق سوروكين مع المؤرخين في أن
هناك جوانب فريدة غير متكررة في التغير االجتماعي.
و يرى ) سوروكين ( أن االتجاه العام للتغير االجتماعي يأخذ شكل التقدم المضطرد حتى يصل الى حد معين ، ثم يحدث
جمود ، ثم نكوص الى حد معين ثم يرتد التغير الثقافي الى االتجاه المضاد اإليجابي .
وتقوم نظرية ) سوروكين ( في االرتباط الثقافي على مبدأين أساسيين هما :
1- مبدأ التغير الداخلي الموروث : و يقوم على حتمية التغير في المجتمع و أن كل المجتمعات في تغير مستمر ، حتى ولو
بدت ثابتة من الخارج. و أن التغير يتم في شكل حلقات متصلة مترابطة تتأثر و تؤثر .
و يؤكد أن تغير النظام االجتماعي إنما يكون نتيجة لسلسلة من التغيرات التراكمية الموروثة التي تحدد مستقبل التغير.
2- مبدأ الحدية في التغير : و يقوم على حدية العالقة السببية بين المتغيرات المترابطة في تحديد عملية التغير ، وفي اطار
الممكنات المختلفة للمتباينات األساسية لألنظمة االجتماعية . فالنظام االقتصادي يتغير في ضوء المتباينات التالية : الصيد
، الرعي ، الزراعة ، التجارة ، الصناعة. فهذه المتباينات تتكرر عبر العصور دون أن تسير سيرا مستقيما و يقرر
سوروكين : أن الثقافة ال تفنى ، و إنما تتحول أو تمتص لكنها ال تفنى .
تقييم نظرية االرتباط الثقافي ) لسوروكين ( : أنه بسط من عملية التغير الثقافي و قصرها في عامل واحد من ) داخل
الثقافة ( ذاتها ، وهذا فيه إهمال لعامل مهم في التغير الثقافي إال وهو عامل االنتشار الذي هو من أهم خصائص الثقافة.
ثالثا : نظرية الصراع الثقافي : ) المتناقضات الثقافية ( :
تضم نظرية الصراع اتجاهات عديدة في تفسير التغير االجتماعي ، منها : االتجاه الماركسي الكالسيكي و الحديث و
اتجاهات أخرى و يجمعها ) كون التناقض يؤدي الى الصراع الذي هو سبب التغير االجتماعي (.
و الصراع عملية اجتماعية ، توجد بأوجه مختلفة في الحياة االجتماعية و أن المتناقضات الثقافية تنبع من داخل المجتمع و
أن إزالتها يؤدي الى تغيرات اجتماعية فيه.



يكون حسم الصراع الثقافي : بإنهاء جانب من العناصر الثقافية لحساب عناصر أخرى و استبدالها بعناصر جديدة و إما
بتنمية العنصر الغالب في الثقافة. وفي كلتا الحالتين يحدث التغير في ثقافة المجتمع.
و للصراع أنواع عدة منها : الصراع السياسي و الطبقي و العرقي و الديني و الصناعي . وهناك الصراع على مراكز
القوة المختلفة لالستئثار بالسلطة أو الثروة أو المركز االجتماعي .
و تفسر نظرية الصراع الثقافي التغير االجتماعي بالرجوع للمتناقضات الثقافية داخل المجتمع ، و كلما زادت المتناقضات
أدى الى زيادة حدة الصراع ، و بالتالي حدة التغير االجتماعي ، كما تذهب الى ذلك النظرية الماركسية .
و يؤكد ) رالف درندورف ( أن هناك بعض االختالفات بين أنواع الصراع االجتماعي ، فهناك صراعات ذات منشأ
خارجي تكون مفروضة على المجتمع ، كالحروب و صراعات ذات منشأ داخلي ، كالصراع الذي بين األحزاب السياسية
و الذي بين نقابات العمال و أرباب العمل ، ولكل منها تحليله السوسيولوجي ، وله أهميته المتباينة في إحداث التغير
االجتماعي .
وتر نظرية التناقضات الثقافية أن التوتر يزول بعد زوال علته المسببة له ، أي أن النظام يعود الى حالة التوازن ، لكن
سرعان ما تظهر حالة من التناقضات تؤدي الى الصراع ، وهكذا.... ، و التغير االجتماعي يفسر بموجب طبيعة
التناقضات الكائنة في المجتمع .
تقييم نظرية الصراع الثقافي :
-أهملت وظيفة النسق السياسي و الموقف العسكري و المنجزات التكنولوجية في إحداث التغير.
-ال يمكن أن نرجع كل التغيرات االجتماعية في المجتمع الى عامل واحد وهو حالة الصراع بين مختلف الفئات االجتماعية.
-هناك العديد من المجتمعات فيها تناقضات ثقافية ولم تؤدي الى صراع و تغير سلبي.


النظريات المعاصرة في التغير االجتماعي
مقدمة :
قد استعرضنا في المحاضرات السابقة النظريات الكالسيكية و النظريات العاملية التي تفسر التغير االجتماعي ، و فيما يلي
سنستعرض النظريات المعاصرة في التغير االجتماعي .
و النظريات المعاصرة عديدة و متباينة يصعب استعراضها في هذا المقام ، و سيتم االقتصار على استعراض نظريتين
معاصرتين في تفسير التغير االجتماعين هما :
- النظرية الوظيفية - النظرية التحديثية
و سيكون ذلك بعرض األفكار الجوهرية لكال النظريتين و مناقشتها و تقييم كل منها.
أوالً : النظرية الوظيفية :
تحتل النظرية الوظيفية أهمية كبيرة في التحليل السوسيولوجي المعاصر ، و االتجاه الوظيفي هو اتجاه قديم حديث ، حيث
ظهر في كتابات قدماء علماء االجتماع و األنثروبولوجيا .
و النظرية الوظيفية ليست اتجاها واحدا محددا ، بل تتشعب في اتجاهات عديدة تجمعها صفات عامة.
ما هي الوظيفية ؟ :
مصطلح الوظيفية من المصطلحات التي دار حولها الجدل بين علماء االجتماع و األنثروبولوجيا ، نتيجة لتعدد استخدامها
في مواقف متباينة وفي علوم مختلفة .
و استخدمت الوظيفة في الرياضيات ، وفي الفلسفة التي تأثرت بالداروينية في أواخر القرن )19( ، و غالبا ما تشير
) الوظيفة ( الى اإلسهام الذي يقدمه الجزء للكل و الى ضرورة تكامل األجزاء و تساندها في اطار الكل ... الخ
و التحليل الوظيفي : يشير الى دراسة الظواهر االجتماعية ، باعتبارها عمليات أو آثار لبناءات اجتماعية معينة كأنساق
القرابة أو الطبقة .. الخ .
ومن اشهر من استخدم مفهوم الوظيفية ) ميرتون ( فقصد بها اآلثار أو النتائج التي يمكن مالحظتها و التي تؤدي الى
تحقيق التكيف و التوافق في نسق معين . كما ميز ميرتون بين مفهومين مهمين ، هما : الوظيفة الظاهرة و الوظيفة
الكامنة .
و تهتم الوظيفية بدراسة مسائل ثالث : ) بناء النسق االجتماعي و وظيفته و نموه و تطوره (.
الخالصة : أن الوظيفية تشير الى التأكيد على تكامل األجزاء في الكل والتساند فيما بينها ، و أن كل جزء يؤدي وظيفة
خاصة ال يكون غيره قادرا على القيام بها . و يشبه ذلك الى حد بعيد قيام أعضاء الكائن العضوي بوظائف خاصة بكل
عضو ، وهي متساندة و ضرورية من أجل أن يقوم الكل بعمله و يحفظ استمراره و وجوده . وكذلك المجتمع الذي يقوم
األفراد فيه بوظائف محددة و ضرورية متساندة من أجل بناء المجتمع في نهاية األمر


الوظيفية و التغير االجتماعي :
تنظر الوظيفية الى ظاهرة التغير االجتماعي نظرات متباينة إال أنها محدودة ، وهي تقول بالتغير المحدود و البطيء في المجتمع .
و يبدي ) ميرتون ( الى أهمية دراسة المعوقات الوظيفية التي تحد من تكيف النسق االجتماعي) النظام أو المجتمع ( أو توافقه.
فالتفرقة العنصرية قد تكون معوقا وظيفيا في المجتمع الذي يرفع شعار الحرية و المساواة .
و يذهب أغلب الوظيفيين الى أن هناك عوامل متعددة ترتبط فيما بينها ارتباطا وظيفيا تسهم في تشكيل المجتمع و تسهم في
تغيره أيضا.
و ترى النظرية الوظيفية : ان التغير االجتماعي يطرأ على البناء االجتماعي ، ثم يتبعه تغير وظيفي من أجل تحقيق وجود
النسق االجتماعي ذاته . بينما ال ترى العكس ، أي أن تغير الوظائف االجتماعية ال يتبعه تغير في البناء االجتماعي .
كما و أن آلية التغير االجتماعي تأتي من عوامل خارجية عن المجتمع ، ومن عوامل داخلية فيه و يختلف الوظيفيون في
هذه الفكرة.
و تذهب النظرية الوظيفية الى أن التغير االجتماعي يكون تدريجيا وليس فجائيا ، وقد تؤدي العوامل المؤثرة في المجتمع
الى تدعيم النسق ) المجتمع ( و تقويته بدال من تغييره. و كمثال على ذلك فعند انتشار األفكار العلمانية المختلفة في
المجتمع ، يقوم النسق) النظام ( الديني بتدعيم نفسه كردة فعل من أجل المحافظة على بقائه و يمكن مالحظة ذلك في حال
و أوضاع المجتمعات العربية في مقاومة األفكار العلمانية و اإللحادية القادمة من الخارج ، حيث يقوم النظام الديني
بتعظيم دوره في الحياة االجتماعية ، و نشر ارتداء الحجاب لدى المرأة المسلمة في أماكن العمل و التعليم وفي المجتمع
عامة .
و تمشيا مع فكرة التوازن في المجتمع ، ترى النظرية الوظيفية أن التغير السريع و الجذري هو ظاهرة شاذة ، ألنها ترى
بالتغير البطيء و التدريجي .
نقد النظرية الوظيفية :
وجهت للنظرية الوظيفية العديد من االنتقادات من أهمها :
1. تعتبر النظرية الوظيفية غير كافية لتفسير عملية التغير االجتماعي .
2. هناك غموض في المصطلحات المستخدمة في التحليل الوظيفي و تباين في معانيها لدى الوظيفيون أنفسهم .
3. يؤخذ على النظرية الوظيفية من الناحية األيديولوجية أنها ذات اتجاه محافظ ، يحاول اإلبقاء على النظام القائم .
4. تعتبر الوظيفية التغير االجتماعي ظاهرة مرضية خاصة اذا كان سريعا و مفاجئا ، بينما ترى ان التوازن و االستقرار في
المجتمع هو ظاهرة سوية ، و يعبر ذلك عن نظرة تشاؤمية للتغير وفيها خوف من المستقبل .
ما سبق من نقد ال يقلل من أهمية الوظيفية لتفسير الثبات االجتماعي


النظريات المعاصرة في التغير االجتماعي
النظرية التحديثية
النظريات التحديثية في التغير االجتماعي

سميت بهذا االسم ألنها تحاول تجنب االنتقادات التي وجهت للنظريات التطورية الكالسيكية السابقة ، خاصة في مماثلتها بين
تطور المجتمع و بين تطور الكائن العضوي ، وفي نظرتها الخيالية للتغير االجتماعي.
في حين أن النظريات التحديثية حاولت النزول للواقع االجتماعي ، و فحصه بتأمل ، مسترشدة بنماذج من المجتمعات الغربية
المتقدمة ، مفسرة أسباب و عوارض التغير االجتماعي فيها.
و تعتبر النظريات التحديثية المتغير التكنولوجي عامال أساسيا في التحديث و التغير االجتماعي عامة و خاصة أهم مظاهره
وهو ) التصنيع ( الذي يؤدي الى زيادة اإلنتاج على االستهالك ، وما يتبعه من ظواهر اجتماعية كالدقة و المواظبة و
االنتظام و تغير القيم و العادات و الدوافع الشخصية.
و ألنه بسبب التصنيع وما يحدثه من تغير ، فالواجب دراسة التحديث بكل أبعاده.
مفهوم التحديث :
ن عديدة لدى المفكرين االجتماعيين
للتحديث معا ، وفقا الختالف تخصصاتهم ، و اهتم به علماء األنثروبولوجيا لدراسة
التمايز بين مجتمعات تقليدية و أخرى حديثة ظهر فيها مهن جديدة .
و اهتم به علماء االجتماع لدراسة صور التفكك بسبب التحديث : كالتوترات و انحراف األحداث و الصراع الطبقي ...الخ .
تعريف التحديث:
هو األخذ باألسباب المؤدية الى تغير المجتمع الى حالة أفضل مما كان عليه عن طريق الوسائل التكنولوجية الحديثة. لذا فهو
عملية تغيير مخططة ، ترتقي باإلنتاج وتحسينه اعتمادا على العلم الحديث المبني على الواقعية .
و يرتبط التحديث ) بمفهوم التغريب ( أو بدول الغرب كونها مجتمعات تمتاز بسرعة التغير ، و تقبل األفكار الجديدة ، و
استخدام التقنية و العلمانية الفكرية و الديموقراطية و مبدأ الربحية .
أي أنه يشير الى محاولة القضاء على جوانب التخلف عن طريق إحداث تغييرات جوهرية هامة في الجوانب االجتماعية و
االقتصادية و الثقافية في المجتمع من خالل ما توصل اليه العلم الحديث .
خصائص التحديث ) المجتمعات الحديثة ( : ) الحركية ، التمايز ، العقالنية ، التصنيع ( :
1. الحركية : تعني سهولة تنقل األشخاص و المعلومات و األحوال في المجتمع مع السرعة في ذلك دون حواجز تذكر ،
وهذه سمة المجتمعات الحديثة التي يتغير فيها البناء االجتماعي و الوظيفة االجتماعية .
2. التمايز : و يعني التباين بين أفراد المجتمع نتيجة لتقسيم العمل و اختالف مؤهالتهم و كفاءتهم ، حيث يرتبط العمل
بالمؤهل . وهذا ال يعني أن البلدان النامية تخلو تماما من التمايز ، بل أنه موجود ويقوم في كثير منه على االنتماءات
العائلية و الطائفية و العرقية

العقالنية : و تختلف معنيها باختالف تخصصات العلماء في االقتصاد و الفلسفة و علم االجتماع ، لكن يمكن القول بانها
تعني : التطبيق األمثل للمعرفة العلمية عن طريق تحكيم العقل في التطبيق ، و االبتعاد عن الخرافات و األوهام ، من
اجل الوصول الى األهداف المقررة .
4. التصنيع : وهو منهج وعملية سياسية تتبنى التصنيع كوسيلة للتنمية ، و يتضمن التحول من النشاط الزراعي التقليدي الى
النشاط الصناعي و بناء مؤسسات صناعية تعتمد عليها التنمية ، بحيث يزيد اإلنتاج على االستهالك .
األسس العامة للنظريات التحديثية :
ترتكز النظريات التحديثية على بعض المفاهيم القديمة التي جاءت في النظرية التطورية الكالسيكية ، مثل مفهوم التطور عند
سبنسر ، و تقسيم العمل عند دوركايم ، و تقوم على مفاهيم النظرية الوظيفية التي تهدف الى التوازن و إيجاد المجتمع
المثالي ) المجتمع الغربي الصناعي (
و تهتم النظريات التحديثية بغائية التغير االجتماعي ، متخذة المجتمعات المتقدمة في مظهرها ) التكنو اقتصادي ( نموذجا
تسعى المجتمعات النامية الوصول اليه ، بعد أن تستكمل تغيير أبنيتها األخرى بالتزامن كالبناء الثقافي و االجتماعي...الخ .
) تغريب المؤسسات (.
و نخلص الى أن المهتمين بنظرية التحديث من علماء أو خبراء األمم المتحدة ، ينصحون المجتمعات النامية بالسير على
النهج التنموي الغربي تجنبا للمشكالت التي مروا بها أثناء عملية التحديث ، و نقل النماذج الغربية لإلسراع في عملية
التحديث . وهذا فيه تجاهل للخصوصيات الثقافية للمجتمعات النامية .
أبرز الممثلين للنظريات التحديثية : ) سملسر ، و مور ، و روستو (:
أوال : نظرية سملسر :
و ترتكز نظريته على التنمية االقتصادية و على التمايز ) تقسيم العمل ( كركن أساسي لعملية التحديث .
و يرى سملسر أنه ال بد في مسيرة تحديث المجتمع من بعض التحوالت في المجتمع في مجاالت عدة في نفس الوقت أو
بعضها متوالي ، ومنها : -
1. في مجال التكنولوجيا : يتم التحول الى استخدام التقنية المبنية على المعرفة العلمية.
2. في مجال الزراعة : يتم التحول من االكتفاء الذاتي الى اإلنتاج الزراعي التجاري و تسويقه.
3. في مجال الصناعة : يتم التحول من استخدام الطاقة البشرية و الحيوانية الى طاقة اآلالت .
4. في المجال الديموغرافي : يتحول السكان من القرية الى الحضر و المدن الصناعية .
وقد تنبه سملسر الى حقيقة اختالف النتائج االجتماعية للعمليات السابقة من مجتمع آلخر ، لكن في نهاية األمر سيتغير
البناء االجتماعي . و سيبدو ذلك في المظاهر التالية :
-) التمايز البنائي ( : حيث تقوم وحدات اجتماعية متخصصة و مستقلة في العائلة و االقتصاد و الدين و التكوين الطبقي

التكامل البنائي ( : أي تكامل النشاطات المتمايزة نتيجة لتقسيم العمل و التخصص الدقيق ، ثم يحدث تمايزا بنائيا جديدا
، يليه تكامل بنائي آخر .
-) االضطرابات االجتماعية ( : بسبب تحول المجتمع و اختالفه عن حالته السابقة ، كالعنف و التعصب السياسي و
الحركات الدينية ، و وقوف بعض أبنية المجتمع ضد بعض ، و صراع القوى في المجتمع .
و يؤكد سملسر أن هناك خمسة عوامل حاسمة في تشكيل و تعديل االضطرابات االجتماعية وهي :
) 1- تهدئة سرعة التغير للتحديث . 2- أن تكون حركات االحتجاج على التحديث علمانية تزداد بزيادة التحديث .
3- تمكين المجموعات المتضاربة الى أجهزة الحكم . 4- تجاوز المصالح الضيقة و أسباب االنقسام .
5- تحجيم التدخالت األجنبية لصالح بعض المجموعات المتصارعة (
ثانيا: نظرية ولبرت مور :
يعتبر ولبرت مور من الممثلين األساسيين للنظرية التحديثية ، و يربط بين التحديث و التصنيع و التالزم بينهما .
و يرى أن المجتمعات التقليدية لن تصل للتحديث إال بأخذ نمط الثقافة الغربية في المجاالت المادية و الفكرية. و يؤكد على
التمايز في هذا السياق .
وقد أوضح ) مور ( كسابقه بعض الشروط الالزمة للتحول الى التصنيع ومن أهمها :
) 1- تغير القيم 2- تغير المؤسسات 3- تغير التنظيم 4- تغير الدافعية (
و يرى ولبرت مور أن من نتائج األخذ بالتصنيع على أية مجتمع التالي :
1. التنظيم االقتصادي : يعتمد على التخصص ، و الطاقة اآللية ، توسع التحضر مقابل الريف .
2. البناء الديموغرافي : االنفجار السكاني ، و الحراك الجغرافي الواسع للسكان .
3. البناء االجتماعي : يشهد اضطرابات و تحوالت سياسية تتعلق بالديموقراطية ، و اجتماعية تتعلق بالتماسك و بشكل
األسرة ، لذا يجب إعادة التوازن للمجتمع .
ثالثا : والت روستو:
تتلخص رؤيته للتحديث في عملية النمو االقتصادي ، وهي مبنية على فكرة المراحل التاريخية المتعاقبة ، وهي خمس مراحل :
1. مرحلة المجتمع التقليدي : و تتميز بانخفاض إنتاجية الفرد بسبب استخدام وسائل إنتاج بدائية و هيمنة القطاع الزراعي و
عدم توفر التكنو لوجيا و عدم تطبيق العلم الحديث و شيوع قيم تقاوم النمو و صراع طبقي و سياسي


2. مرحلة التهيؤ لالنطالق : و تختفي فيها أغلب مظاهر المرحلة السابقة ، و تزيد االستثمارات في النقل و التجارة و ظهور
المؤسسات المالية و ظهور بعض الصناعات التحويلية مع وجود صراع بين قيم تدعو لالنطالق وقيم تدعو للتقليدية مع
استمرار زيادة السكان .
3. مرحلة االنطالق : و تظهر سمات المجتمع الحديث اجتماعيا و اقتصاديا و سياسيا ، و تغيب القوى المقاومة للتحديث و
يزيد اإلنتاج و االستثمارات و الصناعات التحويلية و ظهور جهاز سياسي ـ اجتماعي يوسع من اتجاهات التحديث و
يستغل إمكانات االنطالق.
4. مرحلة االتجاه نحو النضج : حيث يرتفع الدخل القومي متجاوزا معدل زيادة السكان ، و تتناقص أهمية بعض القطاعات
االقتصادية ، و يزيد اإلنتاج و تتنوع الصناعات الحديثة .
5. مرحلة االستهالك الوفير : أو االستهالك الجماهيري ، حيث يزيد اإلنتاج و يتنوع و تزيد القدرة الشرائية للمواطنين
بحيث يستهلكون الكماليات و يتحقق لهم الرفاه االجتماعي و تنتشر الخدمات التعليمية و الصحية و الترفيهية و الضمان
االجتماعي .
نقد نظرية روستو :
-كان حتميا في مراحلة و ترتيبها و اتجاهها .
-اعتمد على االستقراء الناقص ) للمجتمعات األوربية ( لتعميم نظريته .
-بسط من عملية التحديث ، و تجاهل دور االستعمار في تخلف بعض المجتمعات التقليدية .
-تعتبر نظرية أيديولوجية تجعل من النمط الغربي ثقافيا و اقتصاديا هو النمط المنشود .
لكن رغم ذلك النقد فنظرية روستو شهرة عالمية يتردد صداها حتى اليوم .
تقييم عام للنظريات التحديثية :
-ترى بأن عملية التحديث تتلخص في نقل نموذج المجتمعات الغربية ثقافيا و اجتماعيا و اقتصاديا و تكنولوجيا الى
المجتمعات النامية من أجل تحديثها . أي ما يطلق عليه ) التغريب (.
- ال تعتبر من النظريات الكبرى العامة في التغير االجتماعي .
- رسمت طريقا واحدا للتحديث وهو األخذ بالنمط الغربي ، وهذا سيؤدي الى التبعية الدائمة من البلدان النامية للبلدان
المتقدمة .
-تجاهلت االختالف الثقافي بين المجتمعات ، و التفاوت في مواردها وتنوعها التي تحدد متى ؟ و كيف ؟ تتم التغير
االجتماعي


ولذلك تكون عملية التغير غير مرغوبة و تجد مقاومة لدى أفراد المجتمع وهذه العوائق مختلفة و عديدة ، ويمكن تقسيمها
الى أربعة أقسام هي :
* العوائق االجتماعية . * العوائق االقتصادية .
* العوائق اإليكولوجية . * العوائق السياسية .
كما أن لكل قسم من هذه األقسام تندرج تحته جملة من المتغيرات الفرعية متفاوتة في تأثيرها في عملية التغير االجتماعي .
أوال : العوائق االجتماعية :
هناك عوائق اجتماعية عددية تقف أمام التغير االجتماعي و تظهر بوضوح لدى المجتمعات التقليدية أكثر منها في المجتمعات
الحديثة و أهم العوائق االجتماعية ما يلي :
الثقافة التقليدية : يرتبط التغير االجتماعي الى حد كبير بثقافة المجتمع السائدة ، فالثقافة التقليدية القائمة على العادات و
التقاليد و القيم بوجه عام ، ال تساعد على حدوث عملية التغير االجتماعي بيسر فالعادات و التقاليد التي تميل الى الثبات تقاوم
التغير و كل تجديد سواء كان ماديا ام معنويا ، وكلما سادت هذه الثقافة و انتشرت كلما كانت المقاومة اشد و أقوى.
فاأليديولوجية المحافظة التي تتبنى فلسفة تقديس القديم على أنه " ليس باإلمكان أفضل مما كان " تؤدي الى مقاومة كل جديد
، و تسود مثل هذه المعتقدات خاصة عند كبار السن الذين عايشوا أوضاعا مختلفة عن األوضاع الحالية مما يؤدي الى
الجهل بالتجديد و التحديث عامة و قديما قيل : " من جهل شيئا عاداه "
وقد بين ) وليام أوجبرن ( أن النزعة المحافظة عند كبار السن و الميل للمحافظة على القديم و استاتيكية – ثبات – العادات
و التقاليد كلها متغيرات تقاوم التجديد المادي و التغير بوجه عام. مثال : جوع الهندوس بسبب تقديسهم األبقار ، و كتعطيل
دور المرأة في المجتمع من شأنه أن يعيق عملية التغير االجتماعي ففي المجتمعات ذات الثقافة التقليدية ترتفع نسبة األمية
لدى النساء حيث تصل إلى أكثر من 92% األمر الذي يحد من فاعلية المرأة و تهميشها في عملية التنمية االجتماعية ومن
الجدير بالذكر أن المرأة في المجتمعات العربية من الفئة المضطهدة باإلضافة إلى فئة األطفال و الفقراء على حد تعبير هشام
شرابي .
طبيعة البناء الطبقي : لطبيعة البناء الطبقي في المجتمع األثر الكبير في قبول أو رفض التغير االجتماعي فالنظام الصارم
نتيجة لالنغالق الطبقي فالنظام الطب
للطبقات االجتماعية يعيق عملية التغير االجتماعي ألن التفاعل فيها يكون محدودا قي ً
المغلق يحد من درجة التغير كما هو في الهند و الباكستان ، حيث أن النظام يحدد نوع المهنة التي تكون مفروضة على فئات
معينة في المجتمع فنظام الطبقات في الهند Caste يحدد المهن التي يجب أن يتبعها أفرادها و تنتقل بفعل عامل الوراثة
وليس بموجب الكفاءة و يكون الميل نحو تعزيز الطرق القديمة التقليدية و االلتزام بها أي أن التماسك الطبقي يحد من عملية
التنقل االجتماعي الذي يكاد يعم في المجتمعات النامية اليوم


الميل للمحافظة على االمتيازات : تظهر المقاومة للتغير من قبل األفراد الذين يخشون على زوال مصالحهم تلك المصالح
التي قد تكون في المكانة االجتماعية أو االمتيازات االقتصادية أو االجتماعية أو غير . ذلك لهذا حينما يشعر أولئك األفراد
بأن امتيازاتهم مهددة بالزوال نتيجة للتجديد ، سرعان ما تقوم المعارضة ، و أمثلة ذلك عديدة في المجتمعات ) كالطبقة
الرأسمالية و األحزاب السياسية و العمال اليدويين....الخ .
و تظهر المقاومة بوضوح في ميادين عديدة في أنماط الحياة المختلفة السياسية و االقتصادية و العلمية ، و غالباً ما تكون
هذه المقاومة نتيجة الجهل و الخوف على المصالح المستقرة و بطبيعة الحال تكون المقاومة قوية كلما تعرضت تلك المصالح
إلى تغيير كبير .
ثانيا : العوائق االقتصادية :
تأتي مقاومة التغير نتيجة للعوامل االقتصادية المختلفة ، فالمجتمعات تختلف فيما بينها حسب تنوع هذه العوامل و بالتالي
تختلف درجة التغير االجتماعي .
فالتجديدات التكنولوجية المستمرة تؤدي الى التغير السريع كما هو حادث في المجتمعات الصناعية المتقدمة و كذلك فإن
نشاط حركة االختراعات العلمية المستمرة من شأنه أن يؤدي الى سرعة التغير ، و هناك متغيرات عديدة تتعلق بالموارد
االقتصادية المتاحة ، و بالقدرة الشرائية للمواطنين وغير ذلك ، وهي عوامل تلعب دورا مؤثرا في عملية التغير االجتماعي
ومن اهم هذه العوامل :
1. ركود حركة االختراعات و االكتشافات العلمية : وذلك نتيجة النعدام روح االبتكار و التجديد وتعود الى عوامل فرعية
كثيرة منها : ) انخفاض المستوى العلمي و المستوى االجتماعي بوجه عام ، و عدم وجود الحاجة الملحة الدافعة لالختراع(
مع مالحظة ان الشعور بالحاجة وحده ال يكفي لالختراع ، إذ ال بد من توفر المستوى العلمي و التكنولوجي ، فهناك
مجتمعات في أ ّمس الحاجة الى اكتشاف ثرواتها من معادن و بترول وغير ذلك ، إال أن قصور المستوى التكنولوجي يحول
دون االنتفاع بهذه الثروات الطبيعية وغيرها من أجل تحقيق التغير المطلوب نحو التقدم و التنمية ولهذا ال دب من تور
الشروط التكنولوجية ، باإلضافة الى المناخ الثقافي المالئم ، لكي يصبح االختراع ممكنا .
ومن البديهي أن شروط االختراع تتطلب وجود الشخص القادر و اإلمكانات الالزمة ، و البيئة االجتماعية المالئمة ، فأي
اختراع جديد ال يجد طريقة في المجتمع ، لن يؤدي الى الهدف الذي قام من أجله ، ولهذا فالذكاء لدى المخترع ال يكفي
وحده ما لم يتوفر له المناخ االجتماعي المالئم . و الدليل على ذلك أنه تسود أحيانا معتقدات مختلفة داخل المجتمع تمنع
انتشار االختراع أو االكتشاف الجديد ، وقد بين ) نمكوف ( أن االختراعات تعتمد على :
-القدرة العقلية .
-الحاجة لالختراع .
-المعرفة القائمة.
ولهذا فإن القبول االجتماعي يعتمد على طبيعة االختراع من حيث المالئمة و التكلفة ، وعلى مكانة المخترع و ثقافة الفرد
المستقبل لالختراع ، كل ذلك له أكبر األثر في انتشار االختراع الذي يؤدي بدوره الى التغير االجتماعي .
ولذلك فإن إتاحة الفرصة أمام أصحاب المواهب و رعايتهم و توجيههم يؤدي لتحقيق االكتشافات و االختراعات العلمية
المتنوعة و أن توفير األدوات و المواد الالزمة مع معامل مخبرية و أدوات تكنولوجية وغير ذلك ، من شأنه أن يشجع
البحث العلمي مما يزيد في االختراعات و يعمق فائدتها لدى المجمع



إن نقص اإلمكانات االقتصادية الالزمة يحول دون تقدم االختراعات و بالتالي إعاقة عملية االختراعات :
2. التكلفة المالية : في كثير من الحاالت يرغب األفراد في امتالك المخترعات التكنولوجية إال ان ارتفاع تكلفتها المالية
يحول دون تحقيق ذلك أي ان توفر الرغبة ال يكفي ، ما لم تتوفر القدرة المالية التي تسمح باالقتناء .
إن كثيرا من األفراد يرغبون في اقتناء اآلالت الكهربائية و الوسائل المادية الحديثة ، غير أن عدم وجود القدرة المادية يمنع
من تحقيق تلك الرغبات .
و يرتبط الموقف تجاه التجديد بمدى الفائدة االقتصادية المتوقعة منه ، من ناحية عامة ، فكلما تحققت فائدة اعلى كلما كان
اإلقبال أعم و أشمل ،، وقد أشار ) روجرز ( بأن قبول التجديد ) التغير ( لدى الريفين يتم إذا تحققت فائدة تتجاوز 12 %
أما دون ذلك فال يؤخذ بالتجديد من ناحية عامة .
3. محدودية المصادر االقتصادية : بحيث يعيق ذلك عملية التغير االجتماعي ، فالمجتمعات التي ال تتوفر فيها الثروة المعدنية
الو البترولية أو الطبيعية ، ال تحدث فيها تغيرات اجتماعية كبيرة ، بسبب قلة التراكم الرأسمالي و انخفاض معدل
االستثمار بها.
ما سبق هو بخالف الوضع في المجتمعات الصناعية المتقدمة ، ذات الموارد االقتصادية العالية التي تقود عملية التغير
االجتماعي و تجعله في غاية السهولة.
وقد وصف ) ج.البرتيني ( االقتصاد المتخلف بثالث خصائص :
-أنه اقتصاد تقليدي : من حيث اآلالت و قلة اإلنتاج .
-أنه اقتصاد تابع : بمعنى أنه يعتمد على االستيراد من الخارج ، بسبب عدم كفاية إنتاجه .
-يتميز باقتصاد الشركات المتعددة الجنسيات التي تخدم مصالحها الخاصة ، و تصدير أرباحها الى خارج البلد النامي .. الخ.
وعموما يؤدي نقص الموارد االقتصادية الى محدودية عملية التغير االجتماعي .
ثالثاً : العوائق اإليكولوجية :
للبيئة الطبيعية ) اإليكولوجيا ( تأثير واضح على المجتمعات سواء أكان إيجابيا أم سلبيا ، فالبيئة الطبيعية من مناخ و سهول
و جبال و انهار و حرارة و برودة ...الخ ، تؤثر في تكوين حضارة المجتمعات. فالحضارات البابلية و اآلشورية و
الفراعنة قامت حول المناطق الغنية ، خاصة حول ضفاف نهر النيل أو في الهالل الخصيب . فكان ليسر الحياة و غناها
األثر الكبير في إقامة الحضارات السابقة وغيرها.
وعلى العكس فقد كان شح الموارد الطبيعية دور في إعاقة عملية التغير االجتماعي ، و بناء حضارة كبيرة ، فالعزلة
الطبيعية التي تعيشها المجتمعات نتيجة إلحاطتها بالصحراء أو بمناطق جبلية وعرة المسالك ، أعاق ذلك من اتصال
المجتمع بغيره من المجتمعات األخرى .
فللعزلة و وعورة الطرق و الطبيعة باإلضافة الى عوامل اقتصادية و سياسية في المقام الثاني دور في اختالف بعض
المجتمعات المتجاورة في التغير االجتماعي و الحضارة


بدأت تأثير وطأة الطبيعة على تغير بعض المجتمعات خاصة بعد ثورة المواصالت و التقدم التكنولوجي وغيره .
و تلعب العوائق االقتصادية مع عوامل أخرى دورا في تكوين االنغالق الطبقي ، و الى ثبات العادات و التقاليد ، و ركود
حركة االختراعات و التجديد وما الى ذلك .
و انطالقا مما سبق تكون عملية التغير االجتماعي بطيئة و غير واعية ، و بالمقابل فإن سهولة اتصال المجتمع بغيره من
المجتمعات األخرى ، يؤدي الى تفاعل اجتماعي واسع ، وهذا ما يطلق عليه عملية ) االنتشار الثقافي (.
رابعاً : العوائق السياسية :
سلبيا . و يمكن ً تعيش المجتمعات أوضاعا سياسية متباينة ، بحيث تؤثر تلك األوضاع في عملية التغير االجتماعي إيجابيا و
تقسيم العوائق السياسية الى قسمين: ) عوائق سياسية داخلية و عوائق سياسية خارجية (.
أوالً : العوائق السياسية الداخلية: ومنها :
1. ضعف األيديولوجيا التنموية : تخضع عملية التغير للسياسة الداخلية للدولة لأليديولوجيا التي تتبناها الدولة .
فاأليديولوجيا غير الواضحة أو المترددة ، تنعكس على السياسة و النهج التنموي للدولة ، فخطط التنمية تصاغ في اطار
أيديولوجي سياسي ، إعدادا و تطبيقا و اشرفا.
وعدم أخذ بعض السياسات بالتخطيط التنموي و االجتماعي ، يؤدي الى بطء التغير ، وذلك لقصور ادراك بعض
السياسيين لعماية التنمية أو لعدم وضوح األيديولوجيا التنموية لديهم .
2. تعدد القوميات و األقليات داخل المجتمع : حيث أن أي تغير اجتماعي قد يتعرض مع مصالح بعض القوميات أو األقليات
في المجتمع ، مما يجعلهم يعارضون فكرة التغير ، في حين أن المجتمعات المتجانسة تكون عملية التغير فيها أفضل و
أسهل ، بسبب تقبل عملية التغير االجتماعي .
3. عدم االستقرار السياسي : بحيث يؤدي الى صرف جهود الدول الى إعادة استتباب األمن ، و تنمية المجتمع كما أن عدم
االستقرار السياسي يؤدي الى هجرة العقول المبدعة نحو الخارج ، مما يحرم بلدانهم من جهودهم أو قد تكون داخل
َّطلة
بلدانهم لكن كقوى مع ال تسهم في تحقيق التغير االجتماعي .
ثانياً: العوائق السياسية الخارجية : وهي في الغالب مفروضة من خارج المجتمع ومنها :
1. السياسة اإلمبريالية ) االستعمارية (: من المعلوم أن القوى االستعمارية تحارب كل تغير إيجابي قيد يحدث في البلدان
التي تستعمرها ، كما أن تلك القوى االستعمارية تفرض سياسة تتالءم مع وجودها ، وهي سياسات تناقض مصالح
الشعوب المقهورة ، هذا فضال عن فرض ثقافتها و حضارتها و العمل على تفرقة أبناء المجتمع و إثارة الحروب الداخلية
األمر الذي يعيق عملية التغير االجتماعي .
2. الحروب الخارجية : فالحروب الخارجية تستنزف موارد مادية هائلة يكون المجتمع في حاجة ماسة إليها من أجل إحداث
التنمية . باإلضافة الى تدمير الحروب الموارد البشرية و المادية ، مما يدخل البدان المتحاربة في مشاكل اجتماعية و
اقتصادية ، تشغلها عن النهوض بمستوى معيشة أفرادها ، و تقود تلك البلدان الى التخلف في نهاية األمر


التغير االجتماعي في المجتمع السعودي

يعتبر التغير سمه من سمات الحياة و ظاهرة طبيعية و عملية مستمرة و دائمة تحدث في جميع المجتمعات اإلنسانية في كل
زمان و مكان و المجتمع السعودي جزء مهم من المجتمع الدولي يؤثر فيه و يتأثر به ، وله صالت مباشرة و قوية مع
العالم الخارجي فرضتها العالقات التجارية و االقتصادية و اإلعالمية و العلمية ، وقد انفتح المجتمع السعودي على المجتمع
العالمي انفتاحا التطورات في حياة المجتمع سواء على صعيد العالقات ً كبيراً الدولي و ، فحدثت بعض التغيرات و
االجتماعية أو على مستوى األسرة أو السكن أو سلوك األفراد و تحولهم إلى سلوك استهالكي تفاخري و مظهري ، و
يمكن أن نرصد بعض هذه التغيرات كما يأتي :
أوال : التغيرات االجتماعية :
- في مجال التنظيم االجتماعي : يرى بعض الباحثين بأن التنظيم االجتماعي بمجتمع شبة الجزيرة كان يقوم قديماً على
التنظيم القائم على النظام القبلي العشائري ، وكذلك على العادات القبلية التي تحكم أنماط السلوك االجتماعي لألفراد ثم
أصبح ) بعد قيام الدولة السعودية ( الوالء للدولة من قبل األفراد ، و صارت المعايير التي تحكم العالقات بين األفراد
تنطلق من المصلحة العامة للدولة و المجتمع في ظل الشريعة اإلسالمية .
- مجال دور المرأة في المجتمع : طرأ على دور المرأة في المجتمع السعودي تغيرا واضحا ، فقد كان دورها قاصراً على
األعمال المنزلية و إنجاب األطفال و تربيتهم ومع التطور الحضاري و التقدم االقتصادي ، و نتيجة التغير في المفاهيم
الثقافية تحول دور المرأة إلى اإلسهام في اإلنتاج و الخدمات ، و خرجت لتعمل في بعض المؤسسات التعليمية و الصحية
في النظام األسري .
و االجتماعية و أحدث ذلك تغيراً
ومن نتائج خروج المرأة إلى ميدان العمل وانشغال األب في أداء مسؤولياته وفي أعماله التجارية وغيرها صارت االسرة
غير متماسكة اجتماعيا ، و تقلصت سلطة األب و دخل إلى محيط األسرة ) الخدم و السائقون ( الذين أصبحوا بشكل أو ً
بآخر يؤثرون في سير الحياة اليومية – فقد بدأت بعض األسر السعودية تستخدم هذه العمالة الوافدة بدافع الحاجة
للمساعدة في تصريف شؤون األسرة أو نوعا من الوجاهة االجتماعية .
- في مجال االعمال التجارية و الصناعية و الزراعية : فنتيجة لالزدهار االقتصادي وما طرأ على المجتمع السعودي من
طفرة اقتصادية غيرت بعض المفاهيم االجتماعية و بعض أنماط السلوك االجتماعي اتجه الناس نحو األعمال االقتصادية
و التجارية و الصناعية و الزراعية و شهدت المملكة والدة العديد من المؤسسات االقتصادية و التجارية و الصناعية و
الزراعية التي أدت إلى مزيد من الحاجة إلى األيدي الفنية العاملة و الخبراء و المهندسين و األطباء األمر الذي أتاح
استقدام مئات األلوف من األسر األجنبية لتعيش بين ظهراني األسر السعودية ولقد أوجد ذلك فرصة نادرة قد ال تحدث في
أي مجتمع آخر للتفاعل بين األسر السعودية و األسر األجنبية .
- في مجال السفر و السياحة : من التغيرات االجتماعية ازدياد حركة السفر إلى داخل و خارج البالد و انفتحت األسرة
السعودية على المجتمعات الغربية و الشرقية على حد سواء فاكتسبت بذلك بعض السلوكيات و العادات التي قد ال يتفق و
المبادئ اإلسالمية مثل حفالت أعياد الميالد و غيرها .
ثانياً : التغيرات في مجال التعليم :
مجال التعليم الحكومي : بذلت حكومة المملكة العربية السعودية جهودا كبيرة للنهوض بقطاع التعليم ، ففي السابق لم يكن
للتعلـيم الرسمي وجود يذكر ، عـالوة على تفشي األمية بشكل خطير يكاد ال يكون له نظير في أي مكان آخر ، ولم يكن
سكان المملكة الذين حصلوا في ذلك الوقت على قسط من التعليم الرسمي الحديث ي ّعدون بضع مئات ، ومع بداية


أما التعليم الجامعي فقد انطلقت إشارته األولى بكلية الشريعة في مكة المكرمة ثم كلية الشريعة في الرياض ثم كلية اللغة
العربية في الرياض ، وفي عام 1957م بإنشاء جامعة الملك سعود ، ثم تزايد االهتمام بالتعليم العالي في المملكة العربية
السعودية و قفز قفزات هائلة ، بلغت ذروتها في العام 1432هـ ، و كان من أبرز مظاهرها : زيادة عدد الجامعات و زيادة
أعداد الطالب و الطالبات .
وال شك أن هذا التطور السريع في مجال التعليم كانت له آثار كبيرة في حياة المجتمع بعد ذلك و أدى إلى حدوث عدد من
التغيرات منها :
- برزت على السطح ظاهرة الهجرة إلى المدن ، فانسحبت نسبة كبيرة من العاملين في قطاعات الزراعة و الرعي إلى
العمل الوظيفي و اإلداري والمهني في المدن و المصانع الكبرى .
في أوضاع المرأة سواء في نظر المجتمع أو في نظرتها لنفسها ، فأصبحت المرأة بعد
- أحدث التعليم تغيراً ملحوظاً
التعليم قوة عصرية و قوة اقتصادية عن طريق نزولها إلى ميدان العمل و تزايد قدرتها على اإلسهام في ميزانية األسرة
.
- كما أن التعليم قد أفاد المجتمع السعودي من ناحية قدرته على التعامل المباشر مع مستحدثات العصر في مجاالت العمل
و اإلنتاج و التقنية .
ثالثاً : التغيرات االقتصادية بعد اكتشاف البـترول :
بكميات كبيرة أمكن التمييز بين مرحلتين من مراحل
مع اكتشاف البترول في المملكة العربية السعودية و إنتاجه اقتصادياً
التطور في المملكة العربية السعودية ؛ مرحلة ما قبل البترول و مرحلة ما بعد البترول ، لقد كان الكتشاف البترول و
أو سياسياً
أو اقتصادياً
آثار مهمة جداً سواء اجتماعياً
إنتاجه اقتصاديا ، و يمكننا القول دون مبالغة : إن التعليم و ظهور ً
البترول كانا وراء هذه االنطالقة التنموية الكبيرة في أرجاء المملكة العربية السعودية ، لقد كانت التنمية االقتصادية و
االجتماعية هما الركيزة التي اعتمدت عليها حكومات المملكة المتتابعة منذ ظهور الدولة السعودية على يد مؤسسها األول
الملك عبد العزيز يرحمه هللا إلى وقتنا الحاضر .
المملكة من مجرد اقتصاد يعتمد في نسبة كبيرة جدا المنتجات الداخلية ً لقد تطور اقتصاد من موارده على بعض الرسوم و
إلى اقتصاد بترولي قوي قادر على منح التنمية االقتصادية دفعة قوية تعمل على التقدم في جميع المجاالت من خالل
خطط علمية للتنمية ، و الواقع أن عائد البترول كان أساس التنمية في المملكة العربية السعودية ، بل إن ميزانيات خطط
التنمية التي كانت تعتمدها الحكومة السعودية خالل المراحل السابقة كانت تتناسب طرديا عوائد البترول خالل مراحل ً مع
الخطط .
بعض الجوانب السلبية للثروة البترولية :
هجرة األيدي العاملة و السكان من الريف إلى المدينة ، و زيادة االزدحام في المدن ، و ارتفاع االستهالك الترفي
)التفاخري( و زيادة االعتماد على االستيراد من الخارج ، و بروز ظاهرة العمالة الوافدة ، بما قد يكون لها من آثار جانبية
قد تضر بمستقبل البالد لو لم تتدارك بتوفير عمالة وطنية مدربة و االعتماد على أبناء البالد الموجودين بها بصفة دائمة.


بعض الجوانب اإليجابية للثروة البترولية :
- زيادة األهمية النسبية إلى منطقة الخليج مما جعلها منطقة مهمة في نظر عدد من دول العالم الذي يعتمد في اقتصاده
على البترول .
- زيادة الرفاهية لجميع فئات المجتمع و دعم االستقرار االجتماعي في مواجهة التغيرات االجتماعية السريعة .
- عوائد البترول مّكنت الحكومة السعودية من االنطالق بسرعة و بقوة لتحقيق التنمية االقتصادية ، و توسيع القاعدة
اإلنتاجية عن طريق تحويل االقتصاد من معتمد على البترول فقط إلى معتمد على موارد أخرى .
رابعاً: البناء المهني و الحراك االجتماعي :
- تغيرت التركيبة المهنية بشكل جذري ألبناء البالد .
- إتاحة الفرصة لكثير من أبناء البالد من التقدم في السلم الوظيفي نحو المراكز العليا .
- تغير نمط اإلنتاج الزراعي .
- ظهرت فئات و شرائح اجتماعية جديدة في المجتمع .
- تغيرات في شبكة العالقات االجتماعية و ظهور بعض القيم و المفاهيم الجديدة و اندثرت بعض العادات و القيم التقليدية
خامساً : تغير النظام القرابي :
- أصبحت كثير من وظائف القبيلة أو العشيرة جزء من مهام الدولة.
- تقلصت دائرة النظام القرابي .
- تقلص شكل األسرة الممتدة البسيطة و برزت األسر الزواجية .
- انتشرت ظاهرة الزواج بين السكان من مختلف مناطق المملكة .
سادسا : النسق الترويحي :
-يقضي الشباب السعودي أوقات الفراغ في لعب كرة القدم و مشاهدة التلفاز والرحالت البرية .
-أما الفتاة السعودية تنتهج سياسة تضييع الوقت باستخدام الهاتف أو مشاهدة التلفاز أو للخروج لألسواق بشكل متكرر
بدون حاجة .
-أما المسنون فإنهم يعانون من الفراغ ، و أنه يوجد مكان واحد بالمملكة للترويح عن المسنين هو مركز األمير سلمان
االجتماعي بمدينة الرياض

التعديل الأخير تم بواسطة راع الشعلا ; 2015- 5- 10 الساعة 03:27 PM
قديم 2015- 5- 10   #2
تايلور
أكـاديـمـي نــشـط
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 231452
تاريخ التسجيل: Sun May 2015
العمر: 39
المشاركات: 101
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 543
مؤشر المستوى: 40
تايلور will become famous soon enoughتايلور will become famous soon enoughتايلور will become famous soon enoughتايلور will become famous soon enoughتايلور will become famous soon enoughتايلور will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: علم اجتماع
الدراسة: انتساب
التخصص: علم اجتماع
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
تايلور غير متواجد حالياً
رد: محتوى التغير الاجتماعي

يعطيك العافيه

العالم رايحين للاختبار
 
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[ مذاكرة جماعية ] : التجمع لماده التغير الاجتماعي يوم الاحد 1436/7/21 نادر511 اجتماع 7 463 2015- 5- 10 05:29 PM
التغير الأجتماعي * ... *`•.¸.•´ * *. * Turning point اجتماع 7 14 2015- 5- 7 07:10 AM
[ اعاقه عقلية ] : طلب محتوى التخلف العقلي ل عمر حمادة بريق الندى تربية خاصة 5 4 2014- 12- 28 07:10 PM
[ كويز ] : حل أسئلة اختبار ( التغير الاجتماعي الــ70 سؤال ) الفصل الاول لعام 1434هـ المتلالئه اجتماع 7 51 2014- 12- 21 03:10 PM
[ كويز ] : اسئلة اختبار التغير الاجتماعي الفصل الثاني 1434 / 1435 هـ تيتشر ريماز اجتماع 7 41 2014- 12- 21 12:36 PM


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 06:39 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه