كان هناك استاذ...

[البريئة2]

ذات مرة.. كان هناك استاذ!

كانت هناك استاذة اسمها فاطمة ، مثال للتواضع والاخلاص والتفاني ، تراها باكرا تعبر اروقة المدرسة بنشاط و اقبال الى طالباتها ويديها مثقلتان بالاكياس الممتلئة والوسائل التي حضرتها لتجعل من الدرس اكثر سهولة ومتعة
كانت تستمتع بعملها وتعطي كل ما بوسعها من اجل طالباتها
بينما كان غيرها من المدرسات لا يعطون نصفه الا بوجود مشرفة كانت غاية في حسن التعامل والاخلاق والاخلاص
ولصعوبة المادة وطبيعتها كانت تعطي حصصا اضافية للتقوية وتراجع معنا وتضع اسئلة وتستقبل الاسئلة المتكررة منا
لكنها وللاسف لم تكن تجدردا على هذا سوى التذمر المستمر والاتهامات الظالمة الناقمة
وكان عليها ان تحتمل التعليقات السمجة والتصرفات الوقحة التي تصدر اثناء الشرح وتكتم غيظها الا انها قد لا تحتمل ذلك احيانا فتبكي امامنا!
و كنت اتالم!
كان الموقف صعبا بالنسبة لي ان تبكي افضل معلمة بسببنا!
لم اكن اجرؤ على فعل شئ فقد كنت مجرد طالبة
هكذا مضت سنتين وهي تدرسنا ولم نتغير ولم تتغير هي
الى ان حدث ما قصم ظهر البعير !!
تاخرت احداهن عن الحصة فسالتها عن السبب كاي مغلمة تؤدي عملها فكان رد الطالبة وقحا وفظا استنكرت المعلمة ردها فردت الطالبة بمزيد من التطاول ووصل الامر الى عن رفعت يدها وهددتها بالضرب
خيم على الفصل الهدوء والدهشة وكان غريبا ان يصل الجراة بطالبة ان تشتم و تهدد المعلمة بالضرب حتى ان زميلات لها حاولو تهدئتها واقناعها بالسكوت
لم يتدخل احد اكثر من هذا واعتبروا ان الامر لا يعنيهم برغم انه حصل امام الجميع
طبعا وصل الامر بينهما الى الادارة
لم تفعل الادارة ما يشفي الغليل والطالبة لم تعتذر
لكن بعد هذا الموقف كانت الاستاذة فاطمة تدخل علينا لتلقي الدرس وتخرج لم اعد اشعر انها بذات الحماس وبرغم انها لم تقصر معن
بالتاكيد كانت تشعر بمرارة وغصة كرامتها التي هدرت امامنا كلما دخلت علينا ، لم تعد كما كانت

وكان لسان حالها يقول لن ترغمون على تحملي فقط لتنته هذه السنة بخيرها و شرها و اعدكم اني لن اريكم وجهي ان استطعت !

هكذا ترون اني حرمت من افضل معلماتي على الاطلاق والى الابد! لكني لازلت اتذكرها وادعوا لها فكلماتها لاتزال ترن فكلماتها لازالت ترن في أذني وصورتها لا تزال تترائي أمام ناظري وهي تخط ( بالطبشور) على (السبورة ) لتوضح لنا مثال هذا اوذاك
كنت اسمع همسات هنا وهناك تصفها بالحساسية لكن ان كانت جريمة الحساسية تجلب معها الصدق والاخلاص والتواضع فهي نعمت التهمة وليكن الجميع حساسا!
جربت مرة ان اقف ذات المكان الذي شغله دكتور غسان والمعلمة امل وكان امامي طالبات علي ان ادرسهم ربما لم اكن بذات كفائتهما لقلة خبرتي لكني كنت متحمسة واحب عملي وكنت احضر الدرس وانا افكر كيف اجهل من الدرس اكثر سهولة وتشويقا ولاني كنت طالبة مثلهم وعانيت ما عانيت لم اكن استعمل الشدة كثيرا بدلا عن الرفق ولا التعالي بدلا عن الاحترام والتقدير مراعاة لهم ولوضعهم لكنهم وللاسف لم يكونوا بافضل دفعة في المدرسة على الاطلاق ! لم استطع اكمال المشوار معهم !
لا تحدثوني عن الصبر و انني الاكبر والقدوة

لا يمكنك ان تعطي طالبات يشعرونك طوال الوقت انك تظلمهم ولا يكفون عن التذمر والتبرم منك
لا يمكنني كبشر يحترم نفسه ان يقبل عملا عليه ان يتلقى من خلاله الاهانات طوال الوقت ممن هم اصغر منه سنا ولا يفعل شيئا سوى ان ياكل تبنا ويصمت !
قد تقولون ان العيب فيني ربما لكني اؤكد لكم اني لست بذلك السوء !
جربت ان ادرس غيرهم واعرف استطعت ان احبهم وهم يحبوني برغم كل شئ !
هكذا باستطاعتي ان اعرف كيف يشعر دكتور غسان والاستاذة امل ومن هو مثلهما برغم اني لم اجد ماواجداه بل ماوجده دكتور غسان من بعض طلابه !
ليقول بهده الجميع وبصوت واحد كان هناك استاذ!

اخيرا ارجوا ان لايكون هناك المزيد ممن هم ضحايا اخلاصهم !