ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

العودة   ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام > .: سـاحـة التعليم عن بعد (الانتساب):. > ملتقى التعليم عن بعد جامعة الإمام عبدالرحمن (الدمام) > كلية الأداب > المستوى الأول - الدراسات الاسلامية وعلم اجتماع
التسجيل الكويزاتإضافة كويزمواعيد التسجيل التعليمـــات المجموعات  

المستوى الأول - الدراسات الاسلامية وعلم اجتماع ملتقى طلاب وطالبات كلية الأداب تخصصات الدراسات الاسلامية وعلم اجتماع التعليم عن بعد جامعة الدمام

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2012- 6- 2
الصورة الرمزية N Q
N Q
أكـاديـمـي فـضـي
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الاداب بالدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: علم اجتماع
المستوى: خريج جامعي
بيانات الموضوع:
المشاهدات: 5274
المشاركـات: 16
 
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 97874
تاريخ التسجيل: Sun Dec 2011
المشاركات: 423
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 310
مؤشر المستوى: 55
N Q N Q N Q N Q
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
N Q غير متواجد حالياً
حل التحديات للثقافه ف المناقشات ينحل

عالم الإسلام والتحديات الثقافية

الحمد لله، والصلاة والسلام على أنبياء الله جميعاً وعلى رسول الله محمد وآله وصحابته ومن اتبع هداه بإحسان، وبعد؛
ستحاول هذه الورقة تقديم صورة شمولية عامة (بانورامية) للتحديات الثقافية التي تواجه عالم الإسلام في العصر الحاضر، ويحسن - فيما أرى - البدء بتحديد معاني الألفاظ والمصطلحات الواردة في عنوان الورقة، توطئة لبيان التحديات موضوع الاهتمام.
أولاً: مفهوم التحديات
المقصود بالتحديات قوى وأوضاع طبيعية أو أمور وأوضاع اجتماعية إنسانية غير مرغوبة ومخالفة لما نعتقده أو نطمح إليه، وتشكل عوائق أمام تحقيق أهدافنا وغاياتنا على مستوى الفرد أو على مستوى الجماعة، وتهدف بعض هذه الأوضاع أو الأمور - في الوقت نفسه - إلى تحقيق الغلبة والهيمنة لها على أوضاعنا وجوانب حياتنا المختلفة، وجعلها تابعة لها.
وسوف يقتصر البحث على التحديات الاجتماعية الإنسانية التي هي من فعل الإنسان دون التحديات الطبيعية الناشئة عن الأحوال الطبيعية التي لا مدخل للإنسان في إيجادها، كتحدي الصحراء والجفاف ووجود مناخ صعب حراً أو برودة أو ما شابه ذلك.
ثانياً: مفهوم الثقافة
هذا اللفظ من أكثر المصطلحات تداولاً وشيوعاً في الكتابات المعاصرة، وكل يدعي إليه نسباً وولاية، وتتعامل الغالبية العظمى من الكتاب والمتعلمين بعامة، مع لفظ الثقافة وكأنه مصطلح معروف لكل أحد، ويرون أن الحديث في بيان دلالته فضول من القول . ومع هذا، فإن مصطلح الثقافة - كما وصفناه منذ أكثر من عقد من الزمان - مصطلح جذاب ومضلل؛ جذاب لشيوعه ودلالاته الإيجابية في أذهان الناس، واستخدامه في مقامات المدح والثناء، ولكنه مضلل لكثرة ما يطرح له من مفاهيم ودلالات مختلفة ومتعارضة أحياناً، تؤدي كثرتها إلى عدم الدقة في البحث، وإلى تضليل الباحث عن الوصول إلى الحقيقة، في بحثه لق��ايا الثقافة.
لهذا نرى ضرورة تحديد المقصود بالثقافة بعامة، ليتضح بعد ذلك المقصود بـالتحديات الثقافية، فنقول:
الثقافة (بعامة) معرفة عملية مكتسبة تنطوي على جانب معياري وتتجلى في سلوك الأفراد الواعي في تعاملهم في الحياة الاجتماعية مع الوجود (في أجزائه المختلفة). [أي التعامل مع الله (خالق كل شيء)، ومع الذات، ومع الآخر، ومع الكون الطبيعي، ومع الأفكار، ومع الوسائل والأدوات، ومع الزمن، ومع الغيب].
لا أود التفصيل في شرح هذا التعريف، لكنني أشير بإيجاز إلى بعض الأفكار التي تضمنها، فأقول:
ـ المعرفة النظرية ليست داخلة في الثقافة - وفق هذا التحديد - بل العملية منها فقط، ومعلوم أن المعرفة النظرية تختلف عن المعرفة العملية في الغاية؛ فالنظرية غايتها الوصول إلى حقائق الأشياء فحسب، أما العملية فغايتها الفعل والسلوك والتطبيق، أي العمل بكل صوره وأشكاله.
ـ والثقافة مكتسبة، وليست فطرية يولد الإنسان مزوداً بكيفية فعلها وممارستها.
ـ وفي الثقافة جانب معياري يشير إلى ما ينبغي أن يكون عليه الفعل والسلوك، وإلى الحالة الأمثل المطلوبة والمرغوبة، وإلى المعيار الذي يقاس إليه الفعل والسلوك قرباً أو بعداً، فهو - بعبارة أخرى - الجانب القيمي.
والحق أن هذا الجانب المعياري في الثقافة هو الذي يميز ثقافة عن أخرى، والمقارنة الأعمق والأدق بين الثقافات هي مقارنة بين جوانبها المعيارية.
ـ والثقافة ليس محلها الكتب أو الأذهان فحسب، بل لابد أن تظهر واضحة جلية في سلوك الفرد أو الجماعة في حياتهم وسط مجتمعاتهم، وعليه لا يكون الفرد مثقفاً بالفعل إلا إذا مارس في حياته مالديه من معرفة عملية، فتمام الثقافة ممارستها.
ـ والإنسان في الحياة يتعامل مع جميع أجزاء الوجود - المشار إليها آنفاً
- طوعاً أو كرهاً في صورة مجملة وعامة، كما يتعامل - بصورة تفصيلية - مع جانب محدد من الوجود مركزاً عليه، فيصير ذلك في الغالب مهنته؛ وعليه، فإن هناك:
ثقافة عامة تتمثل في تعامل الإنسان في الحياة مع جوانب الوجود على نحو مجمل يشمل المنطلقات والأسس والمبادئ والقواعد الكلية والضوابط؛
وثقافة خاصة، بل ثقافات خاصة، مرتبطة بالثقافة العامة، لكنها متعددة ومتنوعة بحسب تنوع جوانب الوجود الجزئية، إذ هي معرفة عملية تتعلق بالتعامل مع جزء محدد من الوجود.
أما عالم الإسلام، فالمقصود به نحسبه واضحاً، إذ يشير إلى الأقطار الإسلامية من حيث هي دول وإلى المسلمين في مختلف أقطارهم وتجمعاتهم.
وأما العصر الحاضر فيشير إلى آخر فترة أو مرحلة عاشها هذا العالم ولا يزال يعيشها، ولم يغادرها أو ينتقل منها إلى غيرها. ولا أرى أن محاولة تحديد هذه الفترة كمياً سيؤدي إلى زيادة في الدقة العلمية في سياق هذه الورقة، لذا سنكتفي بهذا الوصف الكيفي ولا نخوض في التحديد الكمي.
بعد الذي قدمنا، نستطيع الآن أن نحدد ونوضح المقصود بعبارة:
التحديات الثقافية التي تواجه عالم الإسلام في العصر الحاضر فنقول: هي أمور أو أوضاع اجتماعية إنسانية متصلة بالعالم الإسلامي في الفترة الراهنة التي يعيشها المسلمون اليوم، غير مرقوبة ومخالفة لما يعتقده أو يطمح إليه هذا العالم في تعامله مع الوجود بأجزائه المختلفة، وتمثل صعوبات أو تشكل عوائق أمام تحقيقه للحالة المثلى التي ينبغي أن يكون عليها هذا التعامل (أي الحالة المثلى المعيارية لثقافته)، وتهدف بعض هذه الأمور والأوضاع - في الوقت نفسه - إلى الهيمنة على ثقافة العالم الإسلامي بالعمل على فرض طرق التعامل مع الوجود المرتبطة بهذه الأوضاع عليه (أي فرض ثقافتها عليه).
هذه التحديات الثقافية التي تواجه العالم الإسلامي التي جرى تحديدها آنفاً، يمكن قسمتها إلى قسمين كبيرين.
ـ تحديات ثقافية داخلية، وهذه ترجع في نشأتها وتجلياتها إلى عوامل وأوضاع وأسباب قائمة في داخل العالم الإسلامي وموجودة فيه.
ـ تحديات ثقافية خارجية، وهذه ترجع في نشأتها وتجلياتها إلى ظروف وأوضاع وأسباب وفواعل قائمة وموجودة خارج العالم الإسلامي.
إذا نظرنا إلى التحديات الثقافية الداخلية، فإننا نستطيع قسمتها إلى مستويين، بينهما تداخل وترابط وتأثير وتأثر، وهما:
ـ تحديات ثقافية تواجه عالم الإسلام على مستوى الفرد، تعيقه عن تجسيد ثقافته في سلوكه ليكون في صورته المثلى أو أقرب ما يكون إليها.
ـ تحديات ثقافية تواجه عالم الإسلام على مستوى المجتمعات والأمة، تعيقها عن تجسيد ثقافتها في حياتها ليكون سلوكها الاجتماعي في صورته المثلى أو أقرب ما يكون إليها.
وهذان النوعان بينهما علاقة جدلية بالضرورة، فما هو فردي يترك أثره على الجماعة، والعكس صحيح.
أما التحديات الثقافية الخارجية التي تواجه عالم الإسلام، فيمكن تصنيفها إلى أقسام، بينها أيضاً ترابط أو تحالف في العموم، وهي:
ـ تحديات ثقافية ترجع إلى المشروع الصهيوني.
ـ تحديات ثقافية ترجع إلى المشروع الإمبريالي الأوروبي الأمريكي.
ـ تحديات ثقافية ترجع إلى ما يسمى الشرعية الدولية.
ـ تحديات ثقافية ترجع إلى العولمة.
وأود أن أبين أننا حين بدأنا بتصنيف التحديات وتقسيمها، فإننا نكون قد دخلنا إلى مجال الثقافات الخاصة- كما سبق تحديدها - تتعلق بالتعامل مع جانب جزئي محدد من الوجود، فكل هذه التحديات الثقافية التي سيرد تفصيلها هي تحديات أمام ثقافات خاصة لها جميعا مرجعيتها القيمية في الثقافة العامة للعالم الإسلامي .
انتقل الآن لبيان موجز لـ:
التحديات الثقافية على مستوى الفرد
ـ تحدي عدم تنمية استعدادات الفرد وقدراته المختلفة، ذلك أن في كيان الإنسان عناصر أربعة: الجسد والروح والعقل والوجدان (العواطف والانفعالات)، وكل عنصر من هذه العناصر له استعدادات إذا ما أحسن الاعتناء بها وصلت إلى كمالها الخاص بها، هذا التحدي قائم باستمرار وفي كل مراحل العمر، لأن بلوغ مرحلة الكمال في أي من هذه العناصر ليس مرحلة أو درجة يصل إليها الفرد، فيتوقف عندها عن السلوك والعمل، وإنما هي سلوك مستمر متواصل طيلة المدة المقسومة للفرد أن يعيشها، وهذا السلوك العملي هو ثقافة، وله جانبه المعياري الذي يمثل الحالة الأكمل المطلوبة.
إن اتخاذ كافة السبل والوسائل التي تحقق تنمية استعدادات الفرد وقدراته هو جوهر هذا التحدي الثقافي، وهو مسؤولية الأسرة أولا ثم المؤسسات التربوية في المجتمع، ثم هو أيضاً مسؤولية الفرد نفسه بعد ذلك، منذ أن يصل إلى سن الرشد والمسؤولية وحتى نهاية حياته.
ـ تحدي غياب القدوة الحسنة، ذلك أن وجود القدوة الحسنة أمر ضروري في حياة الأفراد في مختلف مراحل حياتهم، فليس الأطفال أو الشباب من يحتاجون إلى أن يكون أمامهم نماذج يقتدى بها في السلوك، وإنما الجميع وفي كل المراحل العمرية، وضرورة القدوة الحسنة في حياة الأفراد أن المرء قد يظن أن السلوك الفاضل الحسن أمر شاق وفوق طاقته إذا ما وجِّه إليه بالقول وحده، لكنه حين يرى من يمارسون هذا السلوك الحسن من أمثاله ونظرائه يسهل على نفسه القيام بمثل هذا السلوك، وحين يرى مكانة صاحب السلوك الحسن وتقدير المجتمع له يتولد عنده الدافع الداخلي للاقتداء بصاحب هذا السلوك الحسن لتصير له مثل مكانته أو قريباً منها.
لقد جعل الله سبحانه وتعالى رسله وأنبياءه قدوة حسنة للناس ورسولنا محمد عليه الصلاة والسلام قدوتنا الحسنة، وذلك في قوله تعالى : ﴿: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة﴾ .(الأحزاب/ 21)
هذا التحدي الثقافي القائم باستمرار في حياة عالم الإسلام، يحتاج في مواجهته إلى تعليم الناس سيرة رسول الله(ص) بمختلف الأساليب الممكنة بحيث تكون واضحة أمام عقولهم وكأنهم يشاهدونه عليه الصلاة والسلام.
وبطبيعة الحال هناك عظماء حقيقيون بعد رسول الله في تاريخ الأمة الإسلامية القديم والحديث، كلهم برسول الله قد اقتدى، يمكن أن يتخذوا قدوة حسنة.
واليوم لم يعد الوالدان أو الأساتذة أو المشاهير السائرين على سيرة رسول الله هم القدوة الحسنة لنا لكثرة ما يعرض على شاشات الإعلام المرئي وفي وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة من نماذج تمتدح وتقدر، لكنها في كثير من الأحيان تمثل قدوة سيئة تبعد من يقتدي بها عن ثقافته الإسلامية.
ـ تحدي التقليد الأعمى لأنواع السلوك والعادات غير الإسلامية وخصوصا الغربية، إن أنواع السلوك والعادات الغربية في التعامل مع جميع جوانب الوجود تعرض علينا صباح مساء، وتدخل إلى بيوتنا دون استئذان من خلال أجهزة الإعلام ووسائله المختلفة من قنوات فضائية وسينما وغيرها، حاملة معها الكثير من الغث والقليل من السمين، إنها تنقل إلينا صوراً للتعامل في مجالات المأكل والمشرب والملبس والمسكن والكلام والغناء والرقص وقضاء أوقات الفراغ وتعامل الأزواج فيما بينهم والأبناء مع الآباء والذكور مع الإناث وغير ذلك من جوانب التعامل، وهذا كله يترك أثراً في نفوس الأفراد بجعلهم يقلدون مثل هذه السلوكات قليلاً أو كثيراً، خصوصاً وأننا كأفراد نشعر أننا مغلوبون أمام الغرب القوي، كما أوضحه ابن خلدون حين لاحظ أن المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب.
إن التقليد تبعية، وهذا التقليد هنا هو تقليد ثقافي، خطورته أن الفرد المسلم المقلد للسلوك الغربي تقليداً أعمى يفقد هويته الثقافية الإسلامية، وتتلاشى شخصيته الخاصة به، الأمر الذي يعيق - في نهاية المطاف - عالم الإسلام عن تحقيق طموحاته وأهدافه.
ـ تحدي انتشار العادات الاستهلاكية المبالغ فيها، والمقصود هو الإسراف في جانب الأمور الكمالية التي لا تحقق تلبيتها أية منفعة أو تنمية حقيقية للإنسان، وإنما هي على العكس من ذلك تستهلك ماله وصحته ووقته بلا جدوى، وتزيد من مشكلاته، من ذلك الإسراف في المأكل والمشرب والملبس واقتناء الأجهزة والأدوات التي لا تدعو إليها حاجة سوى المباهاة والتفاخر، والتدخين والسياحة غير الهادفة وغيرها من مظاهر الترف الزائد.
إن هذا التحدي الثقافي الخاص بالتعامل مع الأمور الكمالية إذا لم يواجه فإنه يقلب سلم أولويات الفرد واهتماماته فيصرفه عن الأولويات الحقيقية لتحل محلها أولويات مزيفة أو وهمية، الأمر الذي يبعد الفرد المسلم عن تحقيق أهدافه في الحياة وعن تحقيق الغاية الكبرى التي خلق من أجلها وهي تحقيق عبادة الله وتحقيق الخلافة في الأرض باستعمارها.
ـ تحدي عدم تنظيم الوقت واستثماره، إن الوقت هو المجال الذي يمارس الإنسان فيه أفعاله المختلفة، بجانب مجال المكان، وعدم تنظيم الوقت واستثماره في إنجاز الأعمال التي لها جدوى عاجلة أو آجلة، يضيق هذا المجال، فلا يستطيع الفرد أن يقوم بواجباته في حياته ولا أن ينجز الأعمال التي تعود عليه وعلى مجتمعه بالنفع. واستثمار الوقت مطلوب من كل الأفراد في مختلف أعمارهم، لكن فئة الشباب هم أولى من ينتبه إلى هذا الأمر، لأن مرحلة الشباب هي المرحلة التي تكون فيها قوة الإنسان في أعلى درجاتها، وميله الى تضييع الوقت لإٍرضاء شهواته ورغباته في أوجه أيضاً، ولذلك نبه رسول الله(صلى الله عليه وآله و سلم) إلى هذا الأمر مذكراً كل الناس، والشباب بشكل خاص بضرورة الاستفادة من الوقت وعدم تضييعه فيما لا طائل من ورائه، يقول عليه الصلاة والسلام: «اغتنموا خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك… إلخ».
كما نبه العقلاء على مرّ العصور في أقوال حكمية على ضرورة استثمار الوقت، من ذلك قولهم: الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك، وقولهم: من علامة المقت إضاعة الوقت.
إن عدم تنظيم الوقت واستثماره في إنجاز الأعمال النافعة هو عائق أمام الفرد المسلم والمجتمع المسلم عن تحقيق أهدافه في هذه الحياة على مستوى الفرد أولاً والمجتمع ثانياً.
ـ تحدي هجرة أصحاب الكفاءات العلمية: إن هجرة أصحاب الكفاءات العلمية من العالم الإسلامي واستقرارهم في البلدان الأخرى وخصوصاً أمريكا والدول الأوروبية وكندا وأستراليا يحرم العالم الإسلامي مما يمكن أن ينجزوه خدمة لأمتهم، فهم الفئة الأكثر تأثيراً في مجال الإنجاز العلمي والتقني والثقافي، وبطبيعة الحال فإن لكل كفاءة مهاجرة أسبابها الخاصة في الهجرة، لكن الأمر الذي لا مفرّ منه هو أن هجرة هذه الكفاءات هي خسارة ونقصان في طاقات العالم الإسلامي وزيادة في طاقات بلد الهجرة، وإضعاف لثقافة الأمة بعامة.
إن على الأمة الإسلامية أن تكرم علماءها وتوفر لهم الجو والمناخ العلمي والإداري الملائم لكي يتمكنوا من تقديم ثمرات جهودهم بما ينفع أمتهم، ويساعدهم على مواجهة التحديات والمشكلات التي تواجهها وتعيقها عن النهضة.
هذه - فيما نرى - أبرز التحديات الثقافية الداخلية على مستوى الفرد، وننتقل منها إلى الحديث عن:
تحديات المجتمع
إن الناظر إلى المجتمعات الإسلامية وأحوالها سيجد العديد من التحديات الثقافية، وسنكتفي بتقديم نظرة إجمالية لأبرز هذه التحديات:
ـ تحدي ضعف الوعي بالهوية الثقافية؛ الهوية مصطلح فلسفي مشتق من السؤال: ما هو؟ أو ما هي؟ والإجابة عن هذا السؤال هي الهوية، وتكون بإيراد الصفات الأساسية الجوهرية التي تميز شيئاً ما أو موضوعاً ما عن غيره من الأشياء أو الموضوعات. وعليه تكون الهوية الثقافية للمجتمع هي جملة السمات والخصائص الجوهرية التي تظهر في سلوك الأفراد والمجتمع وتميز الفرد أو المجتمع في ذلك عن غيره من الأفراد والمجتمعات.
والهوية الثقافية للعالم الإسلامي ليست موضوعاً نظرياً، وإنما هي خصائص تتجلى في السلوك الواعي للأفراد والمجتمع.
لقد بدأ العالم الإسلامي يطرح تساؤلات عن هويته الثقافية، وهذه التساؤلات لها دلالتان: سلبية وإيجابية؛ فأما السلبية فهي شعور هذه المجتمعات بأن ملامح هويتهم الثقافية لم تعد واضحة في الأذهان، وأما الدلالة الإيجابية فهي محاولة هذه المجتمعات معرفة ملامح وخصائص هويتها الثقافية التي ينبغي أن تكون لتتمسك بها وترسخها لدى أصحابها وتربي الأجيال الناشئة عليها.
إن هذا التحدي خطير، لأن الأفراد والمجتمعات إذا لم تكن على وعي تام بهويتها الثقافية فإنها لن تكون على وعي تام بأهدافها وغاياتها، ولن تكون على وعي بالسلوك الأصوب الذي يحقق هذه الأهداف. والحق أن المسؤولية في إعادة الوعي بالهوية الثقافية للعالم الإسلامي وترسيخه هي مسؤولية المجتمع بمعظم مؤسساته إن لم نقل كافتها.
ـ التحدي التربوي، ويقصد به وجود قصور وعجز في المؤسسات التربوية في العالم الإسلامي يعيق تحقيقها للأهداف المنشودة في تجسيد ثقافته الإسلامية وترسيخها في السلوك الفردي والجماعي في أقرب صورة ممكنة للحالة المعيارية.
والتحدي التربوي يتقاطع مع غالبية التحديات الأخرى ذلك أن وظيفة التربية الأساسية هي إعداد أجيال صالحة من الناس قادرين على تحمل مسؤوليات الحياة وتحقيق أهداف مجتمعاتهم، وهذا أمر يحتاج إلى المعرفة العملية في الدرجة الأولى وإلى السلوك وفقاً لها، وعليه فالتحدي التربوي هو تحد ثقافي في جوهره، لعله أخطر التحديات جميعاً، لأن تحقيق الأهداف التربوية هو تحقيق لأهداف المجتمع، ولأن التربية هي طريق الإصلاح الطبيعي.
أمام المؤسسات التربوية تحديات عديدة، نشير إلى أبرزها:
ـ تحدي إعداد المعلم المربي الذي يملك المهارات اللازمة لمهمة التعليم، والذي يؤمن بأن عمله في مهنة التربية والتعليم هو رسالة كبرى وسامية، وليس مجرد وظيفة يتقاضى عليها راتباً نهاية كل شهر.
ـ تحدي إعداد الناشئة للحياة مزودين بالعلم وبالثقافة التي تعينهم على مواجهة الحياة، ومالكين للعادات الذهنية والعقلية الإيجابية مثل القدرة على التفكير المنطقي السليم والمنتج وعلى التفكير النقدي والتفكير الإبداعي، وآداب الحوار واحترام آراء الآخرين والقدرة على تحمل المسؤولية، بجانب توعيتهم بصورة سليمة بمشكلات مجتمعاتهم وأمتهم الأساسية، وما توجهه من تحديات، وتزويدهم بالمنهج السليم الذي يوصلهم إلى أفضل الحلول المثالية والواقعية له��.
ـ تحدي تعليم اللغة العربية، ذلك أن اللغة العربية هي لغة الدين كتاباً وسنة، والوعاء الذي حوى الثقافة الإسلامية ونقلها للأجيال المتعاقبة، وهذا التحدي يشمل العالم العربي والعالم الإسلامي غير العربي، والاعتزاز باللغة العربية وإتقانها هو أحد الأمور التي ترسخ الهوية الثقافية للعالم الإسلامي، فضلاً عن كون اللغة العربية أحد الأدوات الرئيسة في الاجتهاد الفقهي والفكري في السياق الإسلامي.
ـ تحدي عدم مواكبة التعليم للتقدم العلمي والتقني، ذلك أن التقدم الهائل والسريع في العلم النظري والعلم التطبيقي التقني يؤثر في الحياة الراهنة، ويغير في أساليب التعامل مع بعض جوانب الوجود، ولكي يعيش أبناء وطلبة العالم الإسلامي عصرهم، لابد أن يواكب التعليم هذا التقدم قدر الإمكان، الأمر الذي يستدعي مراجعة مناهج التدريس باستمرار.
ـ تحدي تعليم الدين الإسلامي بطريقة تبين للطلبة حقيقة الدين ووظيفته في الحياة، وتغرس في نفوسهم خصائصه العديدة التي منها اعتداله ووسطيته وبعده عن المقاصد المتطرفة والغلو، وأن شريعته تمتاز بالإنسانية والعقلانية والرحمة، وأن يركز في سن التعليم الإلزامي على الجوانب العملية من الدين حتى يتعودها الناشئة وتصبح في سلوكهم طبعاً وخلقاً راسخاً، وتجنيبهم (الناشئة) الخوض في المسائل الخلافية في العقيدة والشريعة.
وتأتي أهمية هذا التحدي لأن مكانة الدين في العالم الإسلامي وفي نفوس أبنائه تأتي في المقام الأول، فضلاً عن كونه المصدر الأول للثقافة الإسلامية، كما أنه المميز الأبرز للهوية الثقافية للعالم الإسلامي، فينبغي لكل ذلك أن نحسن تعليم الدين كمّا وكيفاً؛ بحيث تكون مخرجات هذا التعليم متعلمون مسلمون يتمتعون بصفات الإسلام في سلوكهم الفردي والجماعي، من وسطية ورحمة وتسامح واحترام للآخرين وعقائدهم مع العزّة والاعتزاز بالإسلام وعدم قبول الظلم والضيم والدنية، إلى آخر الأخلاق الإسلامية السامية.
ـ تحدي إصلاح الجامعات والتعليم الجامعي، يكاد يكون هناك إجماع بين أساتذة الجامعات في العالم الإسلامي على أن هناك حاجة لإصلاح الجامعات والتعليم الجامعي وتطويره لكي تحقق الجامعة أهدافها في إعداد جيل من الشباب مؤهل بالعلم النظري والعملي معاً، وعلى وعي بقيم ثقافته الإسلامية وهويته، قادر على مواجهة الحياة وخدمة أمته ومجتمعه.
وإصلاح الجامعات والتعليم الجامعي عملية مطلوبة باستمرار، لكنها أكثر إلحاحاً في الوقت الحاضر، والناظر في الجامعات نظرة شمولية يستطيع أن يلاحظ عدداً من معوقات الإصلاح، بعضها يتعلق بالأنظمة والتشريعات الإدارية والأكاديمية، وبعضها يرجع إلى أعضاء هيئة التدريس وإعدادهم ونظرتهم إلى مهنتهم، وتنمية قدراتهم وخبراتهم، وبعضها يرجع الى الخطط الدراسية للمواد الجامعية، وبعضها يتعلق بالطلبة وشؤونهم وطريقة قبولهم في الجامعات ، وبعضها يتعلق بتمويلها، وبعضها يتعلق بالبحث العلمي الذي تقوم به، وأخيراً - ولعله ليس آخراً - عوائق تتصل بعلاقة الجامعة بالمجتمع وخدمته وبمؤسساته المختلفة.
والحق أن هذا التحدي كبير، وهو من أخطر التحديات الثقافية من حيث إن معظم الذين سيقودون الأمة في المواقع المختلفة في الحياة يمرون بالجامعات.
ـ التحدي الإعلامي، والمقصود بذلك أن الإعلام بكل أدواته وأشكاله يجب أن يوجه لتوعية الناس بحقيقة أوضاعهم ومشكلاتهم والحلول المناسبة لها، وأن يساهم في استثارة همهم لكل عمل نافع ولرد أي عدوان على أمتهم وأوطانهم، وأن يقوم بدوره التربوي في نشر العلم وتعليم الثقافة النافعة المفيدة لعامة الناس، والتأكيد على قيم الأمة وترسيخها ومحبتها، وعرض الثقافة السليمة الأصلية لهذه الأمة (أي كيفية التعامل مع جوانب الوجود المختلفة)، إن قصور الإعلام عن الوفاء بهذه الغايات هو تحد ثقافي كبير أمام العالم الاسلامي وهذا التحدي يعيق بلا شك تحقيق الغاية التي تطمح إليها الأمة في جانب الثقافة، وأعني تحقيق هويتها الثقافية على أكمل صورة ممكنة، ولا نبالغ إن قلنا إن دور الإعلام في الوقت الحاضر ليس أقل من دور المؤسسات التربوية، والتحدي الكبير الذي يواجهه العالم الإسلامي في هذين المجالين (التربية والإعلام) هو غياب التنسيق فيما بينهما، فالذي يحدث بصورة ملحوظة أن هناك تعارضا بينهما من حيث النظر إلى الغايات، فقد تقوم المؤسسات التربوية بمحاربة التغريب وبيان سلبياته على هوية الأمة الثقافية، وتقوم أجهزة الإعلام بتزيين التغريب بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال الأفلام الغربية التي تعرض لنا نماذج الحياة الغربية في صورة فنية جميلة وجذابة … فتحدث الازدواجية في نفوس الناشئة بين ما تعلمه المدارس والجامعات وما تعرضه وتعلمه أجهزة الإعلام بطريقتها، وينعكس ذلك كله سلباً على الهوية الإسلامية العربية فيعيق تحقيقها في الصورة المرغوبة. إن الإعلام اليوم قوة كبيرة وسلاح له أولويته بجانب الأسلحة الأخرى في الدفاع والهجوم والغزو والمواجهة، ولا يزال استخدامه بصورة إيجابية فعالة يشكل تحدياً أمام الأمة وأمام ثقافتها هي بحاجة إلى التغلب عليه لتحقيق ثقافتها الإسلامية في أكمل صورة ممكنة وأعزها..
ـ تحدي النزاعات الداخلية، المذهبية والطائفية والعرقية والقطرية والجهوية والحزبية، وكل هذه موجودة في كل قطر من أقطار العالم الإسلامي، وإن تفاوتت درجة وحدّة هذه النزاعات، وهناك أيضاً النزاعات على الحدود بين معظم الأقطار الإسلامية المتجاورة، ولا يخفى على أحد أن كل أنواع النزاعات المشار إليها، الصغير منها والكبير، تضيّع الجهود وتهدر الطاقات وتفرق ولا توحد، وتعيق الإنجاز، وتهوّن من شأن العالم الإسلامي.
ـ التحدي السياسي، والمقصود بذلك قصور معظم الإدارات السياسية في الأمة الإسلامية عن تحقيق غاية الأمة وطموحاتها، وقد بات هذا الأمر واضحاً لأبناء هذه الأمة أكثر من بعض التحديات الأخرى، ويتضمن هذا التحدي عدداً من التحديات الفرعية، أبرزها: تحدي الديمقراطية في اختيار الحاكم واتخاذ القرارات، وبخاصة المصيرية منها، وتحدي استقلال القرار السياسي وعدم التأثر بالضغوط الخارجية، وتحدي وضع سياسات لمواجهة الأخطار الخارجية، وتحدي وضع سياسات لمعالجة المشكلات الداخلية على جميع الأصعدة، وتحدي ممارسة الحريات المختلفة، وتحدي العدالة وتكافؤ الفرص، ولعل من أهم التحديات السياسية تحدي وضع سياسات للعمل المشترك والتعاون لدفع المخاطر وجلب المصالح.. الخ. إن التحدي السياسي المتمثل في أكمل صورة ممكنة، هو أحد العقبات الرئيسة التي تواجه العالم الإسلامي، وبدون إدارات سياسية قادرة وحكيمة ومتعاونة لن تتمكن الأمة من ممارسة ثقافتها على النحو الذي تطمح إليه.
ـ التحدي الاقتصادي، والمقصود به قصور الأوضاع الاقتصادية في العالم الإسلامي عن تحقيق الغايات الاقتصادية التي يطمح إليها، الأمر الذي يبعده عن تحقيق هويته الثقافية. إن مشكلتي الفقر والبطالة تحديات اقتصادية ومثلها تدني معدل دخل الفرد، كذلك عدم تطوير وسائل الإنتاج الى الحد الكافي الملائم، وهناك قائمة تفصيلية طويلة بهذه التحديات، لكن خبراء الاقتصاد يركزون على تحديات كبرى ور ئيسة، منها: تحدي إرادة اتخاذ القرار السياسي بتحقيق التكامل الاقتصادي بين أقطار العالم الإسلامي أو بعضها على الأقل، لقد ظهرت فكرة السوق العربية المشتركة قبل فكرة السوق الأوروبية المشتركة، لكن الأخيرة أصبحت واقعاً، أما الأولى فظلت مجرد فكرة وحلم جميل أو طموح طوباوي، وهناك تحدي تنمية الموارد المختلفة ومنها البشرية هذه التي ستؤدي إلى التنمية الاقتصادية، باعتبار العنصر البشري هو الفاعل الرئيس في تنمية الموارد المختلفة ومنها البشرية، ولا ينفك التحدي الاقتصادي الداخلي عن تأثره بالتحديات الخارجية التي برزت بصورة أوضح بعد معاهدة التجارة الدولية وتطبيق العولمة.
وتكمن أهمية التحدي الاقتصادي وضرورة مواجهته في أنه ينعكس ويؤثر على التحديات الأخرى، فله انعكاساته السياسية والاجتماعية والتربوية والإعلامية، الأمر الذي ينعكس على تجسيد الهوية الثقافية للعالم الإسلامي.
ـ التحدي الاجتماعي، والمقصود به أن حركة الحياة الاجتماعية في العالم الإسلامي تنطوي على جوانب من القصور تعيق الأمة عن تجسيد هويتها الثقافية الإسلامية بصورة واضحة. هذا التحدي يتداخل مع التحديات السابقة ويتقاطع معها في أكثر من موضع، إذ كلها فعاليات ذات طابع اجتماعي، لكننا سنذكر هنا الجوانب التي لم يرد ذكرها فيما تقدم، والتي تعتبر وفقاً للممارسات العلمية الإجرائية تحديات اجتماعية، فنذكر أبرزها، بادئين بـ :
ـ التحدي في مجال القيم الاجتماعية، هذه القيم التي لها أهمية كبرى في تحقيق وتجسيد وتحديد الهوية الثقافية للأمة، فالتحدي في مجال القيم الاجتماعية يعني وجود قصور في الوعي بهذه القيم (والمقصود بطبيعة الحال القيم الإيجابية) والقصور في تحقيقها وتجسيدها بحيث تؤدي وظيفتها في حياة الناس والأمة.
هناك تحدي قيمة العلم والتعليم، وهذه من القيم الواضحة الأهمية لكن لازالت الأمة العربية مقصرة في إنجاز العلم ابتداءً، إذ نحن الآن نستورد العلم كما نستورد الأجهزة كالسيارات والهواتف وغيرها، فالبحث العلمي الأصيل ضئيل جداً، ومشاركة الأمة العربية في تقدم العلم تكاد تكون معدومة، كما انها مقصرة في مجال التعليم ونشره بين أبناء الأمة كماً وكيفاً، فضلاً عن انتشار الأمية الهجائية وغيرها…< /span>
وهناك قيمة العلم العملي التطبيقي (التكنولوجيا)، بمعنى استثمار العلم النظري في حياة الإنسان لتسهيلها وترقيتها؛ إذ لا زال الاهتمام بالعلوم النظرية هو الأكثر ممارسة في العالم الإسلامي بعامة.
وهناك قيمة التخطيط للمستقبل وتحديد الأهداف القريبة والبعيدة للأمة؛ حيث تكاد هذه أن تكون غير موجودة على مستوى الأمة، الأمر الذي يهدد هويتها الثقافية بالاضمحلال إن لم يكن بالتلاشي.
وهناك قيمة التعاون والعمل المشترك الجماعي وهي قيمة بحاجة إلى مزيد انتباه ورعاية.
وهناك قيمة التواد والتراحم والتكافل بين أبناء الأمة مثل كفالة الأيتام والأرامل والفقراء والمحتاجين والمرضى.
وهناك قيمة الاعتدال في الإنفاق والاستهلاك وعدم الانجراف وراء الإسراف، ونحن نعطي لهذه القيمة أهمية اقتصادية كبرى، والكثير من أبناء الأمة الإسلامية غافلون عنها وعن أهمية تطبيقها، الذي ينعكس على حالة الأفراد الاقتصادية، ويقلل مشكلاتهم، كما ينعكس إيجابياً على اقتصاد المجتمع بعامة.
هناك التحدي ��لمتعلق برعاية الأطفال ورعاية الشباب، فالرعاية السليمة الواعية والهادفة لهاتين الفئتين ستؤدي إلى إيجاد أمة صالحة إيجابية قادرة على مواجهة مشكلاتها وإيجاد الحلول لها، وتجسيد هويتها الثقافية.
ـ تحدي المشاركة الشعبية؛ ونخصه بالذكر منفرداً لأهميته وإن كان موجوداً بصورة غير مباشرة في التحدي الاجتماعي، والحق أن هذا باب واسع يمكن أن تدخل فيه شتى أنواع الفعاليات والأنشطة الاقتصادية والسياسية والتربوية والمتعلقة بالشباب، والمتعلقة بكفالة كل المحتاجين والضعفاء، وتلك المتصلة بالدفاع عن مصالح الأمة وحقوقها والرد على من يريد بها سوءاً. إن هذا التحدي الآن كبير، ومواجهته بتفعيل هذه المشاركة بطريقة منظمة هو المطلوب، ووسائل تحقيق هذه المشاركة الشعبية الفعالة عديدة، منها إيجاد الأحزاب الفاعلة، والجمعيات التعاونية والخيرية المختلفة والنقابات المهنية، واللجان التطوعية المتخصصة، هذا فضلا عن المشاركات ذات الطابع الفردي كالتبرع الشخصي، وتقديم صاحب الخبرة لخبرته، وغير ذلك من أوجه المشاركة العديدة. إن معظم شعوب العالم الإسلامي قد تعودت لفترة غير قصيرة على شيء من السلبية في انتظار أن تقدم لها الدولة كل ما تحتاجه، ولعله آن الأوان لفتح الباب أمام المشاركة الشعبية الفعالة في التصدي لكل ما تواجهه الأمة من تحديات. إن هذه المشاركة هي من أقوى الوسائل التي تحقق الهوية الثقافية للأمة.
ـ تحدي البحث العلمي ونقل التقنية (التكنولوجيا) وإنتاجها؛ إن مشاركة العالم الإسلامي في البحث العلمي النظري متواضعة مقارنة بالعالم الغربي والدول المتقدمة، وهذا التحدي قائم أمام الجامعات ومؤسسات ومراكز البحوث، ومعيقات البحث العلمي الأصيل تكاد تكون مشخصة في أكثر من دراسة علمية، والعالم الإسلامي بحاجة إلى تضافر جهود مؤسساته للتغلب على هذه العوائق.
ويرتبط بالبحث العلمي موضوع التقنية (التكنولوجيا) واللحاق بركبها الذي يسير بسرعة هائلة، والمطلوب أن نجد طريقاً ننقل فيه هذه التكنولوجيا وفقاً لأولويات حاجات الأمة، وأن لا يقف الأمر عند نقلها فحسب، بل المشاركة في إنتاجها. ولعل هذا من أكبر التحديات التي تواجه العالم الإسلامي اليوم. ولا شك أن دراسة تجارب بعض الدول التي نجحت في نقل التكنولوجيا وإنتاجها سيكون مفيداً مثل اليابان والدول التي أطلق عليها اسم نمور شرق آسيا.
ننتقل الآن إلى:
ـ التحديات الثقافية الخارجية التي تواجه العالم الإسلامي؛
كنا حددناها في أربعة تحديات رئيسة، وسنقدم قبل الحديث عن كل منها بقول عام نؤكد فيه أن المنطقة العربية تشكل منطقة مستهدفة من قبل الغرب بعامة ومنطقة مصالح استراتيجية بالنسبة له، كان هذا في الماضي، وهو اليوم أوضح وأشد وأشرس مما كان في الماضي، خصوصاً بعد انهيار المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفييتي وانتهاء ما كان يعرف بالحرب الباردة بينهما، وتزامن ذلك مع ظهور الصحوة الإسلامية التي شملت العالم الإسلامي والعربي، ويدل على هذا الاستهداف بصورة صارخة الوضوح احتلال أمريكا لكل من أفغانستان والعراق، حيث تحقق لها بهذا الاحتلال قدر عظيم من مصالحها الاستراتيجية . والخطر الذي يواجهه العالم الإسلامي، وخصوصاً العالم العربي، من القوى الغربية متعدد الجوانب: اقتصادي وسياسي وعسكري، والأخطر من كل ما سبق : الثقافي والحضاري، وهذا كله واضح في تصريح للسيد فيلي كلايس، سكرتير عام حلف الأطلسي، في عام 1995م، حيث قال بأن الأصولية الاسلامية «تمثل نفس التهديد الذي كانت تمثله الشيوعية للغرب..، إن حلف الأطلنطي يمكن أن يساهم في مواجهة هذا التهديد الذي يمثله المتطرفون الإسلاميون من حيث قيام الحلف بإعادة تحديد دوره بعد الحرب الباردة؛ فإن حلف الأطلنطي هو أكثر من كونه تحالفاً عسكرياً، فهو قد ألزم نفسه بالدفاع عن المبادئ الأساسية للحضارة التي ربطت أوربا الغربية بأمريكا الشمالية» (نقلاً عن: د.أحمد يوسف، ورقته في المؤتمر العام السادس لرابطة الجامعات الإسلامية، المنعقد في جامعة آل البيت/ نوفمبر 1999، نقله عن جريدة الخليج الصادر في : 8/2/1995م)
هذا القول واضح - في نظرنا - في التعبير عن أهداف الغرب في استهداف العالم الإسلامي.
نعود إلى الحديث عن التحديات الخارجية الأربعة، وأولها:
ـ تحديات الصهيونية العالمية والمشروع الصهيوني
يتمثل هذا المشروع في احتلال فلسطين، وفي أهدافه التوسعية التي تشمل جميع أجزاء الوطن العربي وعدداً غير قليل من الدول الإسلامية.
معلوم أن الصهيونية العالمية إنتاج يهودي، ابتكره اليهود ليحققوا من خلالها وبواسطتها أهدافاً مختلفة؛ بعضها كبيرة عريضة وبعيدة وبعضها الآخر أقرب منالاً، إن غاية الصهيونية القريبة والتي تحققت بعد نصف قرن من انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا عام 1897م هي استيطان أرض فلسطين وإقامة دولة لليهود فيها، ثم غايتهم الأبعد بعد ذلك هو احتلال الوطن العربي الإسلامي من النيل إلى الفرات، فإن لم يكن ذلك ممكناً بالطرق العسكرية، فإنه في نظرهم ممكن من الناحية الاقتصادية والسياسية.
في أقرب المشاهد الصهيونية إلينا نجد إسرائيل تهدد باحتلالها أرض فلسطين الهوية الثقافية الإسلامية؛ إنها لا تتحدى شعب فلسطين فحسب بل تتحدى الأمة العربية بأسرها وتتجاوزها إلى الأمة الإسلامية؛ فقوتها العسكرية تفوق ما لدى الدول العربية مجتمعة . واقتصادها يسعى لفرض نفسه على كل أسواق الدول العربية وصولاً إلى دول العالم الإسلامي، تمهيداً لفرض القرار السياسي عليها، القرار الذي سيكون ضد الهوية الثقافية الإسلامية. لقد ابتكرت الصهيونية - متحالفة مع الغرب - مصطلحات تناقض الهوية الثقافية العربية والهوية الثقافية الإسلامية معاً، وتهدف إلى محوها من الذهنية العربية والإسلامية، مثل مصطلح الشرق الأوسط، ومصطلح الشراكة الأوروبية المتوسطية، وأخيراً مصطلح الشرق الأوسط الكبير، لتدخل إسرائيل تحت مظلة هذه التسميات كطرف شرعي، وتتراجع الهوية العربية والإسلامية وتندحر.
والغريب أن عدداً غير قليل من المثقفين والإعلاميين ووسائل الإعلام ينساقون مع هذه التسميات وأن ينتبهون إلى ما تنطوي عليه من مخاطر تهدد الهوية الثقافية العربية والإسلامية في الصميم. إن خطر الصهيونية - متمثلة في أداتها ومشروعها القائم على أرض فلسطين، أعني إسرائيل - يستهدف بالفعل الإنسان العربي والمسلم، بدءاً بإنسان فلسطين، وج��داً وتاريخاً وحضارة وعقيدة وثقافة وكرامة وحرية.. إنها باختصار تستهدف الهوية الثقافية العربية والإسلامية التي تعني كل أبناء الأمة العربية والإسلامية - كما أشرنا آنفاً - والصهيونية كالغرب لا يميزون كثيراً بين العرب والمسلمين فهم عندهم سواء من حيث استهدافهم ومعاداتهم، ولا غرابة في ذلك فهم حلفاؤهم ضد الأمتين العربية والإسلامية.
سأكتفي بهذا القدر عن التحدي الصهيوني، فإن تفاصيله واضحة أمام عيوننا نشاهدها صباح مساء، لكننا نلفت النظر إلى أن تفاصيل هذا التحدي المتمثل في الجرائم الصهيونية البشعة على الشعب والأرض في فلسطين العربية المسلمة، وعلى قدس المسلمين ومسجدهم الأقصى، قد كادت أن تصبح أمراً عاديا مألوفاً، كدنا أن لا نحس معه بخطورة الأمر على أمتنا وهويتها الثقافية، إن هذه المشاهد اليومية ينبغي أن تحفزنا للعمل أكثر لمواجهة الخطر المحدق بهويتنا الثقافية العربية.
التحديات الامبريالية
معلوم أن الاستعمار حين ترك البلاد العربية كاحتلال، سرعان ما عاد ليتخذ صوراً وأشكالاً أخرى؛ استعمار اقتصادي وسياسي وفكري وثقافي، فالدول الغربية تعتبر المنطقة العربية والإسلامية منطقة مصالح استراتيجية لها؛ لموقعها الجغرافي المتوسط بين دول العالم، ولثرواتها العديدة وأهمها النفط، ولتكون سوقاً لمنتجاتها، ولتنشر فيها وبين أبنائها ثقافتها فتظل عاجزة تابعة لا تشكل خطراً عليها ولا على مصالحها، ولتجردها من أقوى أسلحتها المعنوية؛ وهو ثقافتها الإسلامية التي باتت تشكل خطراً - من وجهة نظرهم - على ثقافة الغرب العلمانية وتطرح نفسها بديلا محتملا للثقافة الغربية، فهم يتحسبون لهذا الخطر أكثر مما نتصور، تدل على ذلك حربهم المعلنة على العرب والإسلام تحت مسميات الحرب ضد الأصولية وضد الإرهاب، ومحاولاتهم السافرة للتدخل في مناهج التعليم الديني في البلاد العربية والإسلامية.
إن تحديات الدول الإمبريالية الغربية اليوم للعالم الإسلامي تكاد تشمل كل المجالات الرئيسية: الاقتصادية والسياسية والعسكرية؛
* أما التحدي الاقتصادي فيتجلى في القروض المشروطة التي تمنحها للدول الإسلامية بفوائد عالية، والقيود التي تفرضها على نشاطها الاقتصادي، والعقبات التي تضعها أمام التنمية الاقتصادية، والاتفاقيات الثنائية التي تكون عادة لصالح الدول الأقوى، كل ذلك يكرس التبعية الاقتصادية للغرب، إنهم يضغطون لدرجة إجبار بعض الدول الإسلامية على شراء السلاح الذي لم يعد مواكباً للتقدم التكنولوجي لاستنزاف ثروات هذه الدول.
* أما التحدي السياسي فبات واضحاً لا يخفى على أحد، إن أمريكا باتت تتدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في كل قرارات العالم الإسلامي السياسية ذات الشأن، ولابد في بعض الحالات من استئذانها قبل اتخاذ أي قرار سياسي هام، فأمريكا أصبحت شرطي العالم المرهوب وبخاصة عند الدول العربية.
* أما التحدي العسكري فمظاهره بارزة للعيان، فقوات التحالف الغربي بقيادة أمريكا جاهزة للتدخل لضرب أي قطر عربي يخالف سياسة أمريكا، وما حدث للعراق بعد عام 1990 من اعتداءات استمرت حتى انتهت باحتلاله عسكرياً، وضرب أفغانستان واحتلالها قبل ذلك، بأمور بعيدة عنا، وهي تجسيد لهذا التحدي العسكري السافر.
هذه التحديات لها أهدافها الخاصة بكل منها، لكن غايتها في النهاية فرض الثقافة الأمريكية التي تريدها أمريكا على العالم الإسلامي وعلى ثقافته الإسلامية، مستغلة قوتها وغطرستها التي جعلتها القطب الأوحد المتحكم في أمور هذا العالم وسياساته.
ويمكن القول: إن الغرب قد تمكن من هيمنته وفرض إرادته على أغلب دول العالم الإسلامي في المجالات السابقة، وهو الآن بصدد الهيمنة على المعقل الأخير لهذه الأمة، وآخر خطوط دفاعها، ذلك هو ثقافتها الإسلامية وجوهر عقيدتها؛ وجاءت العولمة (الأمريكية) محاولة تحطيم هذا الحصن الأخير والقضاء على هذا المعقل.
تحدي الشرعية الدولية
لقد اتخذت الدول الغربية - على رأسها أمريكا - ما يسمى الشرعية الدولية أداة ووسيلة لإحكام الهيمنة والسيطرة على دول العالم الثالث وفي مقدمتها الدول الإسلامية. والمقصود بالشرعية الدولية هنا هو استخدام المنظمات الدولية لإصدار قرارات ذات صفة دولية، تطبق - تحت شعار الشرعية الدولية - على الدول الضعيفة ومنها الدول العربية والإسلامية، وهي قرارات تحقق فقط مصالح الدول الكبرى الغربية عند التحقيق، وتبدأ هذه المنظمات بهيئة الأمم ومجلس الأمن، إلى منظمة التجارة الدولية والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة اليونسكو، إلى آخر قائمة المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، هذه المنظمات التي تشكل قراراتها ما يسمى بالشرعية الدولية هي إحدى الأدوات التي تستخدمها أمريكا بالدرجة الأولى ومعها الغرب لإحكام الهيمنة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية والفكرية على دول العالم الثالث والدول العربية والإسلامية في مقدمتها.
إن أبرز الأمثلة على تحدي الشرعية الدولية هو هذه المؤسسات الاقتصادية التي تتحكم في الاقتصاد العالمي الجديد، وهي: البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة الدولية، هذه التي أصبحت أجهزة وأدوات تعمل لصالح الدول الكبرى، وعلى رأسها أمريكا، وحتى مجلس الأمن بات يفرض العقوبات الاقتصادية على الدول الضعيفة ومنها الدول الإسلامية بسبب أو بدون سبب، أو تلوح بالتهديد بها لمن يخرج عن سياسة هذه الدول ذات النفوذ، ويمارس ثقافته في السياسة أو الاقتصاد أو في جوانب الحياة الأخرى العامة مخالفاً لما تراه أمريكا.
تحدي العولمة
يمكن القول - في ضوء ما يجري على أرض الواقع عن مظاهر العولمة - ان العولمة: هي عملية شاملة متعددة الجوانب تسعى لفرض رؤية غربية أمريكية واحدة على العالم بأسره في المجالات الاقتصادية والسياسية والإعلامية والاجتماعية والتربوية والثقافية، تستخدم فيها أمريكا جميع أدوات القوة والضغط التي تملكها والتي جعلتها في الوقت الراهن القطب الأوحد، كما تسعى إلى فرض هيمنة هذا القطب على العالم وحرمانه من استقلاله بإضعاف قدراته على الإنتاج والتنمية - وخصوصاً العالمين العربي والإسلامي - بإرغامه على التبعية له لتحقيق أهداف هذا القطب المتغطرس سلوك��اً ومصالحه الخاصة.
خرجت علينا العولمة التي تقودها أمريكا ومعها الغرب بمصطلح صراع الحضارات، وقبله كان حوار الأديان، ثم ظهر مصطلح حوار الحضارات من إيران بديلا لمصطلح صراع الحضارات، وأخيراً ظهر مصطلح تحالف الحضارات، وهو المصطلح الأقرب إلى الاتجاه الصحيح في العلاقة بين الحضارات، أطلقه رئيس وزراء إسبانيا الحالي، لكنه لم يجد صدى واسعاً. إن المشكلة لدى الغرب بعامة أنه غير مستعد للحوار الحقيقي المتكافئ، إن الحوار عنده قبول الآخرين بقيمه وثقافته وتسليمنا لهم بتخلف ثقافتنا وقيمنا، وهذا ما عبر عنه الرئيس الأمريكي الحالي «بوش» حين قال: «إما معنا أو ضدنا»؛ لقد أقفل بذلك باب الحوار بين الغرب والعرب والمسلمين تمهيداً لإكمال تفوقه وهيمنته الإقتصادية والسياسية والعسكرية بالهيمنة الثقافية، هذه التي يتحدثون عنها اليوم بصورة مباشرة سافرة غير مقنعة أو مستترة، وهم يصرحون بذلك تصريحاً لا تلميحاً، ويطالبوننا بالالتزام بقيمهم…< /span>
تمارس العولمة ضدنا غزواً ثقافياً، تريد من خلاله فرض ثقافتها علينا بقصد الهيمنة والغلبة والسيطرة، فهي تريد أن يكون تعاملنا مع أنفسنا ومع الآخرين ومع الكون ومع الله أيضاً على وفق الثقافة الأمريكية العلمانية، ومن الحق أن نقول: إن جزءاً من هذا الغزو الثقافي نستجلبه نحن بأيدينا، وتمارس العولمة علينا غزواً فكريا يتجلى فيما يصدره لنا من أفكار في شتى مجالات الفكر: الاقتصادي والاجتماعي والتربوي والسياسي والإداري محاولاً فرضها علينا في بعض الأحيان، ونحن نستورد كل ذلك أو نقبله فرحين به، لأننا غير قادرين على إنتاج الفكر في هذه المجالات، وولعاً بتقليد الغالب - كما ذكره ابن خلدون - لقد وصل الأمر بالعولمة إلى غزونا في قيمنا الثقافية، كالذي حدث في المؤتمرات الدولية العديدة: المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فينا عام 1993م، والمؤتمر العالمي للسكان في القاهرة عام 1995م، والمؤتمر العالمي حول المرأة في بكين عام 1994م، وغيرها، وكل هذه المؤتمرات التي يقودها الغرب تعرضت لجانب أو أكثر من قيم ثقافتنا العربية التي ترجع إلى ديننا الإسلامي، وتطاولت بشكل مباشر على هويتنا الثقافية العربية. لقد وصلت العولمة (الأم��يكية) بأهدافها إلى الدول الغربية الأخرى؛ لقد شكا مسؤولون في فرنسا وكندا من الغزو الثقافي الأمريكي الذي يكاد يهدد خصوصيتهم الثقافية.
وبعد، فقد رأينا ضخامة التحديات التي يواجهها العالم الإسلامي من حيث الكم والكيف معاً، ولا نرى أن نقف عند هذا الحد في بحثنا فنلقي اليأس في النفوس، وهو أسوأ التحديات التي يمكن أن تواجهها أمة من الأمم، فإذا تسلل اليأس إلى نفوسنا وعشعش فيها - لا قدر الله - فسوف تكون هويتنا الثقافية في الحضيض.
والسؤال: كيف نواجه كل هذه التحديات الثقافية؟ والجواب: إن مواجهة هذه التحديات أمر ممكن بلا شك وإن كان ليس يسيراً، وتكمن هذه المواجهة في استثمار طاقات الأمة المادية والمعنوية وفقاً لقيم الثقافة الإسلامية.
استثمار الطاقات المادية
إن العالم الإسلامي يملك من الطاقات البشرية والثروات المادية والموقع الجغرافي ما يستطيع به مواجهة كل ما ذكر من تحديات، وشرط ذلك هو توحيد الجهود وتضافرها بإخلاص، وهو أمر يستدعي اتفاقاً وتوافقاً وتخطيطاً سليماً، أما إن بقيت الطاقات والجهود جزئية قطرية جهوية فئوية ومبعثرة، فإن الأمة لن تفلح في مواجهة هذه التحديات وعلى كل قطر أن يدرك أن مصلحته الخاصة تتحقق في أعلى درجاتها بهذا الشرط وحده، وأنها لا تحقق كمصلحة وطنية بالتحالف مع من يريد الهيمنة على العالم. إن توحيد الجهود من أجل استثمار طاقات الأمة المادية في مختلف المجالات يحتاج أولاً إلى إرادة شعبية وسياسية معاً، ثم بعد ذلك وضع الخطط والبرامج التي توحد الجهود والطاقات وتحقق ما بينها من تكامل وفق أهداف وغايات واضحة هي أهداف وغايات الثقافة الإسلامية. وعلى القطاعات والمؤسسات التربوية والإعلامية أن تقوم بدورها لتسهيل تنفيذ هذه الخطط والبرامج.
إن استثمار الطاقات يعني امتلاك القوة بكل أنواعها، ويعني العزّة التي لا تكون بدون قوة، ويعني الإنتاج حتى لا تظل الأمة تحت رحمة التجارة الدولية الظالمة والمحتكرة.
استثمار الطاقات المعنوية
إن العالم الإسلامي متخلف عن الدول الكبرى اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً وفكرياً، لكنه يملك سلاحاً يفوق كل هذه القوى المادية ويأتي في مقدمتها، إنه سلاح الإيمان بالله وسلاح القيم الإنسانية العليا، قيم الحق والخير والعدل التي انبثقت من دين الإسلام، إن هذا السلاح هو خط دفاع الأمة الأخير العصي على الاجتياز الأمر الذي يظهر واضحاً وقت الأزمات والهزيمة؛ وهو أيضا أمضى أسلحتها في مواجهة الهيمنة والغطرسة والاستعلاء.
إن الإيمان بالله اعتقاد وعمل - كما هو معلوم - يشمل السلوك وفق ما يحبه الله ويرضاه، وحين يتجلى الإيمان في سلوك الأفراد والجماعة، سيكون عندها التعاون على البر والتقوى، وعلى طلب العلم والحكمة، وإعداد كل ما تستطيعه الأمة من قوة بالتخطيط السليم، وكل ما يدفع الضرر والمخاطر عنها من الداخل والخارج، وما يجلب لها المنفعة والمصلحة ويحقق لها العزَّة والمنعة.
ولدى الأمة الإسلامية سلاح يمكن به مواجهة غول العولمة في جانبها الاقتصادي الذي يهدد الهوية الثقافية والوجود معاً، وهو واحد من جوانب قوتنا المعنوية غير المستثمرة، هذا السلاح هو الاعتدال في الإنفاق والاستهلاك، وله في تراثنا العربي الإسلامي اسم آخر هو الزهد؛ وليس المقصود بالزهد الامتناع التام عن نعيم الدنيا في المأكل والمشرب ومتع الحياة وكمالياتها، وإنما الاعتدال في ذلك وعدم التهالك على متع الدنيا وزينتها. لو مارست الأمة الإسلامية خلق الزهد، لوفرت على نفسها الكثير من مليارات في شتى المجالات، نقول هذا لأن العولمة في أحد جوانبها سعي إلى ترسيخ عادات الاستهلاك وعادات الشراء بين الناس؛ من ذا الذي يجبرني أن أشتري شيئا لست بحاجة ماسة إليه؟ لقد جاء الناس يوماً إلى أحد الزهاد يشكون غلاء اللحم، فقال لهم : أرخصوه؛ قالوا: كيف؟ قال: لا تشتروه، وأنشد لهم شعراً منه قوله:
فإذا غلا شيء علي عدمته فيكون أرخص ما يكون إذا غلا
هذه أمثلة سريعة لجوانب القوة المعنوية غير المستثمرة لدينا، لو أحسن استثمارها ستعيننا في مواجهة هذه التحديات بدرجة كبيرة.
هناك جانب آخر أو قوة أخرى نملكها لكنها ليست مفعَّلة بالقدر اللازم، وتحتاج إلى تفعيل أكثر، وأعني بها المشاركة الشعبية في كل مجالات الصمود والمواجهة والرد على التحديات، وللمشاركة الشعبية اسم يعطيها بعداً تعبدياً إيمانياً، هو التعاون على البر والتقوى، هذا التعاون أو هذه المشاركة متوقعة من كل الهيئات الشعبية والأحزاب والنقابات والجمعيات والأفراد، إن الشعوب هي التي بإرادتها تقرر مصيرها، وما أصدق قول الشاعر أبي القاسم الشابي:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
إن المواجهة الشاملة التي تحصن الأمة أمام كل هذه التحديات الثقافية لابد أن تنبع من داخلها، ولا يكون ذلك إلا بالتربية وفقاً لمرجعية الثقافة الإسلامية، هذه التي تتميز بميزات الانفتاح على كل نافع، والبعد عن الانغلاق وعن كل أشكال الغلو والتطرف، فتعرف الأمة وأفرادها ثقافتها العربية وتنشأ عليها في الأسرة والمدرسة والشارع ومن خلال أجهزة الإعلام ومن خلال القوانين والتشريعات، وتبيّن خصائصها ومزاياها الإنسانية لتصبح موضوع اعتزاز ومحبة في الوقت نفسه لمن ينتمي إليها، ثم تجسيدها في سلوك الأمة أفراداً وجماعة، وهذه المسؤولية التربوية مسؤولية جماعية وفردية معاً.
إن تحقيق ذلك ليس بالأمر الهين، وهو بحاجة إلى استراتيجية واضحة على مستوى العالم الإسلامي وخطط وطنية متناسقة ومتكاملة في ضوئها، وهذا الأمر سيكون أيسر وأوجب حين يدرك كل قطر في هذه الأمة أن مصلحته الحقيقية في تعاونه وتكامله مع أشقائه الذين يشاركونه العقيدة نفسها والثقافة نفسها والآمال نفسها والمصير نفسه، والذين يواجهون معا الأخطار ذاتها.
وختاماً أقول: التحديات كبيرة، والأمل في التغلب عليها كبير، ولا ينبغي للأمة العربية أن تيأس : ﴿< span style="color: rgb(0, 176, 80);">إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون﴾ . (يوسف/ 87)
قديم 2012- 6- 2   #2
دلوعة الكون
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية دلوعة الكون
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 106037
تاريخ التسجيل: Sat Apr 2012
المشاركات: 2,671
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : -26
مؤشر المستوى: 0
دلوعة الكون can only hope to improve
بيانات الطالب:
الكلية: الأداب
الدراسة: انتساب
التخصص: علم إجتماع
المستوى: المستوى الخامس
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
دلوعة الكون غير متواجد حالياً
رد: حل التحديات للثقافه ف المناقشات ينحل

هذا تبع المناقشات صح
 
قديم 2012- 6- 2   #3
N Q
أكـاديـمـي فـضـي
 
الصورة الرمزية N Q
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 97874
تاريخ التسجيل: Sun Dec 2011
المشاركات: 423
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 310
مؤشر المستوى: 55
N Q N Q N Q N Q
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الاداب بالدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: علم اجتماع
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
N Q غير متواجد حالياً
رد: حل التحديات للثقافه ف المناقشات ينحل

يس ينحل بالمناقشات
 
قديم 2012- 6- 2   #4
دلوعة الكون
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية دلوعة الكون
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 106037
تاريخ التسجيل: Sat Apr 2012
المشاركات: 2,671
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : -26
مؤشر المستوى: 0
دلوعة الكون can only hope to improve
بيانات الطالب:
الكلية: الأداب
الدراسة: انتساب
التخصص: علم إجتماع
المستوى: المستوى الخامس
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
دلوعة الكون غير متواجد حالياً
رد: حل التحديات للثقافه ف المناقشات ينحل

طيب المناقشات محذوفه
 
قديم 2012- 6- 2   #5
N Q
أكـاديـمـي فـضـي
 
الصورة الرمزية N Q
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 97874
تاريخ التسجيل: Sun Dec 2011
المشاركات: 423
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 310
مؤشر المستوى: 55
N Q N Q N Q N Q
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الاداب بالدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: علم اجتماع
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
N Q غير متواجد حالياً
رد: حل التحديات للثقافه ف المناقشات ينحل

جربي ترسلينه ايميل وقولي له انو انت مقفل المناقشات يمكن يفتحها
بالتوفيق حبيبي
 
قديم 2012- 6- 2   #6
دلوعة الكون
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية دلوعة الكون
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 106037
تاريخ التسجيل: Sat Apr 2012
المشاركات: 2,671
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : -26
مؤشر المستوى: 0
دلوعة الكون can only hope to improve
بيانات الطالب:
الكلية: الأداب
الدراسة: انتساب
التخصص: علم إجتماع
المستوى: المستوى الخامس
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
دلوعة الكون غير متواجد حالياً
رد: حل التحديات للثقافه ف المناقشات ينحل

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة n q مشاهدة المشاركة
جربي ترسلينه ايميل وقولي له انو انت مقفل المناقشات يمكن يفتحها
بالتوفيق حبيبي
انا حلته بس أوضح للحلوين الي ما حلوالمناقشه لأني افكر عنك شي ثاني وطلع الشي الثاني أنهم يرسلونه علي الأميل وشكرا ي قلبي الحل التوضيح
 
قديم 2012- 6- 2   #7
ومآ توفيقي آلا بٱللـّہ ❤
أكـاديـمـي فـعّـال
 
الصورة الرمزية ومآ توفيقي آلا بٱللـّہ ❤
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 97663
تاريخ التسجيل: Sat Dec 2011
العمر: 30
المشاركات: 268
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 50
مؤشر المستوى: 53
ومآ توفيقي آلا بٱللـّہ ❤ will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: جآإمًمعةة آلدمًمًآإمًـ ..
الدراسة: انتساب
التخصص: درآإسـ‘آت آسلآإممًيهـ ..
المستوى: المستوى الثاني
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
ومآ توفيقي آلا بٱللـّہ ❤ غير متواجد حالياً
رد: حل التحديات للثقافه ف المناقشات ينحل

ططيب بالايميل يرسله للكل
ممافي للدكتور بس وش آسوي يصير ارسل له من نفس الايميل !! /
 
قديم 2012- 6- 2   #8
Khaled.k
Banned
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 102451
تاريخ التسجيل: Sun Feb 2012
المشاركات: 24,145
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 155799
مؤشر المستوى: 0
Khaled.k has a reputation beyond reputeKhaled.k has a reputation beyond reputeKhaled.k has a reputation beyond reputeKhaled.k has a reputation beyond reputeKhaled.k has a reputation beyond reputeKhaled.k has a reputation beyond reputeKhaled.k has a reputation beyond reputeKhaled.k has a reputation beyond reputeKhaled.k has a reputation beyond reputeKhaled.k has a reputation beyond reputeKhaled.k has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: جامعة الدمام - كلية الآداب
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات اسلامية
المستوى: المستوى السادس
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
Khaled.k غير متواجد حالياً
رد: حل التحديات للثقافه ف المناقشات ينحل

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة N Q مشاهدة المشاركة
يس ينحل بالمناقشات





يا رب أرحمنا وش المناقشات الطويلة
 
قديم 2012- 6- 3   #9
ملآمح دآفئه
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
 
الصورة الرمزية ملآمح دآفئه
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 98261
تاريخ التسجيل: Wed Dec 2011
المشاركات: 1,992
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 404
مؤشر المستوى: 70
ملآمح دآفئه is just really niceملآمح دآفئه is just really niceملآمح دآفئه is just really niceملآمح دآفئه is just really niceملآمح دآفئه is just really nice
بيانات الطالب:
الكلية: ڪليـــــة ٵلآدآب بـآلـدمــآأم
الدراسة: انتساب
التخصص: درآســآات آســلآميــه ♂♠
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
ملآمح دآفئه غير متواجد حالياً
رد: حل التحديات للثقافه ف المناقشات ينحل

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Remoo * مشاهدة المشاركة
ططيب بالايميل يرسله للكل
ممافي للدكتور بس وش آسوي يصير ارسل له من نفس الايميل !! /

عادي أرسليه من إيملك بشكل عادي
مو من البلاك بورد

بس أكتبي بالأخير أسمك الكامل وتخصصك

فديت أنا ريموة قلبي
 
قديم 2012- 6- 3   #10
SHOI*
متميزة في التعليم عن بعد _علم اجتماع
 
الصورة الرمزية SHOI*
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 109534
تاريخ التسجيل: Sun May 2012
المشاركات: 284
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 146
مؤشر المستوى: 51
SHOI* will become famous soon enoughSHOI* will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كليه الاداب
الدراسة: انتساب
التخصص: علم اجتماع وخدمه اجتماعيه
المستوى: المستوى الثامن
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
SHOI* غير متواجد حالياً
رد: حل التحديات للثقافه ف المناقشات ينحل

المنآقشآت مقفله **
و مب قآدره آرسله له آيميلل
 
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للثقافه, المناقشات, التحديات, يندم

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سؤال بخصوص الانتقال من جامعه عبدالعزيز ومعادله الساعات جافنشي80 ملتقى طلاب التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل 0 2011- 1- 12 02:23 PM


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 04:56 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه