ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

العودة   ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام > .: سـاحـة التعليم عن بعد (الانتساب):. > ملتقى طلاب التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل > كلية الأداب > اللغة العربية
التسجيل الكويزاتإضافة كويزمواعيد التسجيل التعليمـــات قائمة الأعضاء   أعتبر مشاركات المنتدى مقروءة

اللغة العربية ملتقى طلاب وطالبات تخصص اللغة العربية - التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2017- 7- 4
د. سمير إسماعيل
أكـاديـمـي
بيانات الطالب:
الكلية: أستاذ دكتور جامعي
الدراسة: غير طالب
التخصص: تخصص فقه مقارن
المستوى: دكتوراه
بيانات الموضوع:
المشاهدات: 6884
المشاركـات: 0
 
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 293851
تاريخ التسجيل: Tue Jul 2017
المشاركات: 1
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 50
مؤشر المستوى: 0
د. سمير إسماعيل will become famous soon enough
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
د. سمير إسماعيل غير متواجد حالياً
النون الساكنة والتنوين - أ.د. سمير إسماعيل حامد

النون الساكنة والتنوين
من كتاب (الوافي في علم التجويد)
للعالِم الشيخ الأستاذ الدكتور
سمير إسماعيل بن حامد بن حسن بن إسماعيل
حفظه الله

تعريف النون الساكنة:- هى النون الخالية من أى حركة ضم أو فتح أو كسر، الثابتة لفظاً (نطقاً وقراءة) وخطاً (رسماً وكتابة) ووصلاً (فى حالة وصل أو درج القراءة) ووقفاً (فى حالة الوقف أو قطع القراءة). وتكون في إسم أو فعل أو حرف. وتكون متوسطة (وسط الكلمة) أو متطرفة (نهاية الكلمة). وتكون أصلية من نفس بِنْيَة الكلمة، مثل: أَنْعَمَ (النِّسَاء 69و72 والمَائِدَة23 ومَرْيَم58 والأَحْزَاب37). وتكون زائدة عن أصل وبِنْيَة الكلمة، مثل: فَانفَلَقَ (الشُّعَرَاء63) أصل الفعل فلق علىٰ وزن فعل. فالنون المقصودة هنا ليست متحركة، مثل: نَعْبُدُ (الفَاتِحَة5 والبَقَرَة133 والشُّعَرَاء71)، وليست المشددة، مثل: النُّور(وردت 24مرة في القرآن المجيد أولها البَقَرَة257 وآخرها الطَّلاَق11)، ولا المتحركة بحركة عارضة للتخلص من التقاء ساكنين، مثل: مَنِ ارْتَضَى (الجِنّ27)، ولا الساكنة سكوناً عارضاً للوقف عليها، مثل: تَعْلَمُونَ (وردت 56مرة أولها البَقَرَة22 وآخرها التَّكَاثُر5).
تعريف التنوين:- هو ظاهرة لغوية عربية تستعملها العرب بنون ساكنة زائدة لغير توكيد، تلحق آخر الإسم لفظاً (نطقاً وقراءة) ووصلاً (فى حالة استمرار القراءة)، وتفارقه خطاً (كتابة ورسماً) ووقفاً (عند وقف القراءة وتركها). تقول نونته، أى جعلت آخره نوناً. ولا تجتمع أبداً (ال التعريف) بداية الكلمة، مع تنوين في نهايتها. فالتنوين هو نون زائدة ساكنة غير أصلية، ولم تتحرك لالتقاء ساكنين، مثل: فَتِيلاً انظُرْ(النِّسَاء 49و50) التى تحركت لالتقاء ساكنين عند وصل كلمتى فَتِيلاً انظُرْ وهذا التنوين غير نون التوكيد الخفيفة التى تلحق بالأفعال، ووردت في القرآن الكريم مرتان فقط لا ثالث لهما، هما:- وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (يُوسُف32)، لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (العَلَق15)، فهى نون ساكنة شبيهة بالتنوين، وليست تنويناً، وإن اشتبهت به في إبدالها أَلِفا عند الوقف عليها، وذلك لاتصالها بالفعل. والتنوين يلحق آخر الأسماء لفظاً ووصلاً، وليس خطاً ووقفاً. فالوقف علىٰ التنوين المرفوع والمكسور يكون بالسكون. والوقف علىٰ التنوين المفتوح يكون بالألف عِوَضاً عن التنوين المفتوح. علامة التنوين:- مضاعفة الحركة ضمة أو فتحة أو كسرة مرتين بدلاً من مرة واحدة. فتكون ضمتين بدلاً من ضمة واحدة، أو فتحتين بدلاً من فتحة واحدة، أو كسرتين بدلاً من كسرة واحدة.
حُكم التنوين في حالة الوقف:- يُبدل التنوين الفَتْحتان ألفاً. أما التنوين الضمتان أو الكسرتان فيحذف نهائياً ويوقف بالسكون.
الفرق بين النون الساكنة والتنوين:- (خمسة فروق)
أولاً:- النون الساكنة حرف أصلى من أحرف الهجاء، مثل: أَنْعَمَ (النِّسَاء 69و72 والمَائِدَة23 ومَرْيَم58 والأَحْزَاب37). وقد تكون من الحروف الزائدة مثل: فَانفَلَقَ (الشُّعَرَاء63). أما التنوين فلا يكون إلا زائداً عن بِنْيَة الكلمة.
ثانياً:- النون الساكنة ثابتة في اللفظ (النطق أو القراءة) وفى الخط (الرسم أو الكتابة). أما التنوين فثابت في اللفظ (النطق أو القراءة) دون إثباته في الخط (الرسم أو الكتابة). فالنون نهاية التنوين غير مكتوبة علىٰ الرغم من نطقها.
ثالثاً:- النون الساكنة ثابتة في الوصل (عند استمرار ودرج القراءة) وفى الوقف (عند وقف القارىء عليها). أما التنوين فثابت في الوصل دون الوقف.
رابعاً:- النون الساكنة تكون متوسطة (وسط الكلمة) وتكون متطرفة (نهاية الكلمة). أما التنوين فلا يكون إلا متطرفاً، ولا يمكن أن يأتى تنوين وسط كلمة أبداً.
خامساً وأخيراً:- النون الساكنة توجد في إسم أو فعل أو حرف. أما التنوين فلا يوجد إلا في إسم، ماعدا فقط نون التوكيد الخفيفة التى لم تقع إلا في موضعين فقط في القرآن الكريم، وهما: وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (يُوسُف32)، لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (العَلَق15) .

أحكام النون الساكنة والتنوين
للنون الساكنة والتنوين أربعة أحكام عند الأكثرين . وهى:- الإظهار الحلقى، الإدغام، القلب أو الإقلاب، الإخفاء الحقيقى. وجعلها البعض ثلاثة أحكام فقط، حيث أسقط القلب وأدخله في الإخفاء. وجعلها البعض الآخر خمسة علىٰ أساس أن الإدغام بغُنَّة حُكم، والإدغام بغير غُنَّة حُكم آخر. وهذا الخلاف لفظى فقط. فعلى كونها أربعة أحوال، للإظهار ستة أحرف، وللإدغام ستة أيضاً (أربعة أحرف بغُنَّة وحرفان بدونها) وللقلب حرف واحد، وللإخفاء خمسة عشر حرفاً. ولذلك أشار بعضهم بقوله:-
عند حروف الحلق يظهـران * وعنـد يرملــون يدغمـــــان
بغُنَّــــــة في غـــيـر را ولام * وليس في الكلمة من إدغـام
وعند حــــرف الباء يقلبـــان * ميمـا وعند البـاقى يخفيـان
ولنا أن نتساءل لماذا نقول أحكام النون الساكنة ونقول أحكام الميم الساكنة (فيما يلى إن شاء الله تعالىٰ)، ولا نقول ذلك في باقى الحروف عند سكونها أيضاً؟ فمثلاً لا نقول أحكام الباء الساكنة، ولا نقول أحكام الدال الساكنة، ولا نقول أحكام السين الساكنة، وهكذا كل الحروف؟ نعتقد أن الجواب عن ذلك أنه في حَرْفَى النون والميم بالذات وفقط غُنَّة يختلف وضوحها في الإدغام والإخفاء والقلب أكثر وأشد وضوحاً منها في الإظهار. ولا غُنَّة إطلاقاً في أى حرف آخر مهما كانت حركته ومهما كانت حالته، وحتى لو وجد حُكم إدغام أحيانا في المتماثلين والمتجانسين والمتقاربين من الحروف غير النون والميم، فلا يوجد إدغام بغُنَّة أبداً إلا فقط في حَرْفَى الميم والنون، والذى يُسَمَّىٰ كل منهما حرف غُنَّة أو حرف أغن، لما يتميزان به من غُنَّة عن غيرهما من الحروف العربية.

الإظهار الحلقــــــــى
تعريفــــــه:- الإظهار لغة البيان والإيضاح. واصطلاحا هو إخراج الحرف المظهر من مخرجه بدون غُنَّة، والمراد بالحرف المظهر، هو النون الساكنة سكون حى والتنوين، الواقعتين قبل أحرف الإظهار .
وحروف الإظهار ستة حروف، هى:- الهُمَزَة والهاء والعين والحاء المهملتان أو المغفلتان والغين والخاء المعجمتان. ودائماً هذه الحروف الستة مجردة (غير مشددة) في هذا الإظهار الحلقى. (أما الأَلِف فلا يكون ما قبلها إلا متحركا فلذلك خرجت عن نظائرها). وقد جمع بعضهم هذه الحروف الستة في أول حرف من كل كلمة في عبارة: إن غاب عنى حبيبى همنى خبره، أو عبارة: أما هيام حالى علا خلا غرامى، أو عبارة: ألا هاج حُكم عم خياله غفلا، أو عبارة: إن هب حُكم عاد خوفى غادياً. وقد جمعها بعضهم الآخر في أوائل كلمات نصف بيت شعر مرتباً علىٰ ترتيب المخارج، فقال: أخى هاك علما حازه غير خاسر، أو أوائل حروف كلمات هذا البيت:-
همز وهاء ثم حاء عينهـا * وخاء وغين يا أخى تأملا
أو أوائل حروف كلمات هذا البيت:-
فهمز وهاء ثم عين وحاؤها * فغين وخاء ثم كن متأملا
فإذا وقع حرف من هذه الحروف الستة بعد النون الساكنة سواء في كلمة أم في كلمتين، أو بعد التنوين ولا يكون إلا في كلمتين، وجب الإظهار، ويُسَمَّى إظهارا حلقيا. ووجه تسميته إظهارا، فلظهور النون الساكنة سكون حى والتنوين، عند ملاقاة أحد هذه الحروف الستة. وأما تسميته حلقيا، فلأن حروفه الستة تخرج من الحلق. وعلامة الإظهار في المصحف الشريف، هى:- وضع علامة سكون حى (وهى رأس حاء صغيرة أو رأس خاء صغيرة مهملة أو مغلقة) فوق النون، أو شرطتين متوازيتين متساويتين متراكبتين فوق بعض، مبطوحتين (تنوين متراكب) أسفل التنوين المجرور(=)، أو فوق التنوين المفتوح (=)، أو ضمتين متراكبتين فوق بعض (تنوين متراكب) فوق التنوين المضموم( ٌ). ومن أمثلة الإظهار الحلقى:-
حرف الإظهار مثاله مع النون في كلمة واحدة مثاله مع النون في كلمتين مثاله مع التنوين (ودائما في كلمتين) كيفية نطق التنوين
ء وَيَنْأَوْنَ
(الأَنْعَام26) مَن أَعْطَى
(اللَّيْل5) كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ
(الأَنْعَام 92و155 وإبْرَاهِيم1 وصٓ29) كتابُنْ أنزلنه
هــ وَيَنْهَوْنَ
(وردت 7مرات أولها آلِ عِمْرَان 104 وآخرها هُود116) مَنْ هَاجَرَ
(الحَشْر9) جُرُفٍ هَارٍ
(التَّوْيَة109) جرفِنْ هار
ع الأَنْعَام
(وردت 26مرة أولها آلِ عِمْرَان 14 وآخرها مُحَمّد 12) مِنْ عَلَقٍ
(العَلَق2) وَاسِعٌ عَلِيمٌ
(وردت 7مرات أولها البَقَرَة115 وآخرها النُّور32) واسعُنْ عليم
ح يَنْحِتُونَ
(الْحِجْر82) مَنْ حَادَّ اللَّهَ
(المُجَادلَة22) عَزِيزٌ حَكِيمٌ
(وردت 12مرة أولها البَقَرَة209 وآخرها لُقْمَان27) عزيزُنْ حكيم
غ فَسَيُنْغِضُونَ
(الإِسْرَاء51) مِنْ غِسْلِينٍ
(الحَاقَّة36) قَوْلاً غَيْرَ
(البَقَرَة59 والأَعْرَاف162) قولَنْ غير
خ الْمُنْخَنِقَةُ
(المَائِدَة3) مَنْ خَشِيَ
(قٓ33) لَطِيفٌ خَبِيرٌ
(الحَجّ63
ولُقْمَان16) لطيفُنْ خبير

وسبب الإظهار الحلقى:- هو ضرورة إظهار النون الساكنة سكون حى والتنوين، عند ملاقاة أحد الحروف الستة الحلقية (الهُمَزَة والهاء والعين والحاء والغين والخاء). وذلك بسبب تباعد المخرجين. فالنون والتنوين يخرجان من طرف اللسان، بينما حروف الإظهار الستة تخرج من الحلق. ولا يوجد أى تقارب أوتجانس يستوجب إدغاما أو إخفاءاً، لذلك لا مفر من الإظهار. ثم لما كانت النون والتنوين سهلتين لا يحتاجان في إخراجهما إلىٰ كلفة، وحروف الحلق أشد الحروف كلفة، وعلاجاً في الإخراج، حصل بينهما وبينهن تباين لم يحسن معه الإخفاء، كما لم يحسن الإدغام لتباعد المخارج، فوجب الإظهار ، الذى يعتبر أنه الأصل، ولا يكون العدول عنه إلا إلىٰ الأسهل كإدغام أو إخفاء. فالقاعدة العامة أن الأصل في الحروف الإظهار علىٰ ما هى عليه من حركة أو سكون أو شد أو مد أو ما إلىٰ ذلك من مخرجها بكامل صفاتها (مثل إثبات همزة القطع أو إسقاط همزة الوصل)، إلا ما جاء به الشرع أو حُكمت به اللغة. وحقيقة الإظهار الحلقى أن تنطق بالنون الساكنة سكون حى أو التنوين نطقاً واضحاً من غير غُنَّة، ثم تنطق بحرف الإظهار من غير فصل ولا سكت بينها . ومراتب الإظهار الحلقى ثلاثة:-
1- أعلاها عند الهُمَزَة والهاء (من أقصى الحلق عند الصدر). فهو أعلى الإظهار، أبعد ما يكون عن طرف اللسان مخرج النون والتنوين.
2- أوسطها عند العين والحاء المُهْمَلَتين (بدون نقط) من وسط الحلق، فهو وسط الإظهار.
3- أدناها عند الغين والخاء المعجمة الموحدة الفوقية (فوقها نقطة واحدة) من أدنىٰ الحلق، مباشرة عند اللهاة، فهو أدنىٰ الإظهار أقرب ما يكون لطرف اللسان مخرج النون والتنوين.

الإدغــــــام
تعريفــــــه: لغة هو إدخال الشئ في الشئ. وجاءت كلمة إدغام من إدخال (أى إدغام) اللجام في فم الفرس. واصطلاحاً في حالة اختلاف الحرفين أو اتحادهما:-
1- فى حالة اختلاف الحرفين: الإدغام هو تحويل الحرف المدغم (الأول) لفظاً إلىٰ جنس الحرف المدغم فيه (الثاني) صفة ومخرجاً، ثم النطق بهما حرفاً واحداً مشدداً، أو هو دمج أو إدخال حرف ساكن في حرف متحرك والنطق بالحرفين حرفاً واحداً مشدداً بحيث يصيران حرفا واحدا يرتفع اللسان عنهما ارتفاعة واحدة.
2- في حالة تماثل أو اتحاد الحرفين: الإدغام هو النطق بالحرفين حرفا واحدا مشددا. ولا يكون الإدغام إلا في كلمتين (أو بين كلمتين) .
أسباب الإدغام:- ثلاثة: التماثل والتجانس والتقارب.
التماثل:- هو اتحاد الحرفين مخرجا وصفة، مثل: باءين، تاءين، حاءين، دالين، وهكذا.
التجانس:- هو اتفاق الحرفين مخرجا وإختلافهما صفة، مثل:- الدال مع التاء، والتاء مع الدال أو الطاء، والذال مع الظاء، والثاء مع الدال، والباء مع الميم.
التقارب:- هو تقارب الحرفين مخرجا وصفة مثل: الذال والزاى، أو مخرجا لا صفة، مثل: الدال والسين، أو صفة لا مخرجا، مثل: الذال والزاى، أو مخرجا لا صفة، مثل: الدال والسين، أو صفة لامخرجا، مثل: الذال والجيم. وقد أشار بعضهم إلىٰ بيان هذه الثلاثة: التماثل والتجانس والتقارب، فقال:-
الاتفــــــاق مخـــرجـــــا وصفـــــــة * تماثـل في نحـــو باءين أتــى
والخلف في الأوصاف دون المخـرج * تجانس في الطاء والتاء يجيى
والقـرب في المخرج أو في الصفــــة * أو فيهـمــا تقــارب فاســتثبـت
كالــــدال مع سيــن أو شين أو كـــرا * واللام قد زال الجـدال والمـرا
وإن الحرفين إن تماثلا وأولهما ساكن ففيه عمل واحد هو الإدغام، أو متحرك ففيه عملان إسكان وإدغام. وإن لم يتماثلا – بأن تقاربا أو تجانسا– والأول ساكن فعملان قلب أو إدغام، أو متحرك فثلاثة أعمال إسكان وقلب وإدغام. وعلى مذهب الخليل بن أحمد الفراهيدى وابن الجزرى وأكثر القراء والنحويين، الذى يعتبر أن مخارج الحروف سبعة عشر، ومذهب سيبويه وَمَن تبعه كالشاطبى، الذى يعتبر أن مخارج الحروف ستة عشر، التماثل بالنسبة للنون، والتجانس بالنسبة للميم، والتقارب بالنسبة لبقية حروف الإدغام (الياء والواو واللام والراء). أما علىٰ مذهب قطرب والجرمى والفَرَّاء الذى يعتبر مخارج الحروف أربعة عشر: فالتجانس مع اللام والراء، حيث يعتبر اللام والنون والراء من مخرج واحد وهو طرف اللسان . قال الإمام أبى عمرو عثمان بن سعيد الدانى الأندلسى (371هـ أو 372هـ- 444هـ) في كتابِهِ التحديد في الإتقان والتجويد ص112: "والحال الثانية للنون الساكنة والتنوين: أن يكونا مدغمين، وذلك في خمسة أحرف، يجمعها قولك (لم يرو) اللام والراء والياء والواو والميم، نحو قوله: ومن لم يتب (49/11)، خيرا لهم (3/110)، من ربهم (2/5)، من أنصار ربنا (3/192)، ومن يقل (21/29)، وبرق يجعلون (2/19)، من وال (13/11)، يومئذ واهية (69/16)، من مال الله (24/33)، نار مؤصدة (90/20)، وما أشبه. قال أبو عمرو: والقراء يزيدون حرفاً سادساً وهو النون، نحو: من نور (24/40)، يومئذ ناعمة (88/8). ولا معنىٰ لذكرها معهن، لأنها إذا التقت بمثلها لم يكن غير إدغامها كسائر المثلين. وإنما أدغمت النون والتنوين في هذه الحروف للقرب الذى بينهما وبينهن والتشاكل والمشابهة، فإدغما في الراء واللام لقرب مخرجهما من مخرجهما، علىٰ طرف اللسان، وقد قيل إنهن من مخرج واحد. وأدغما في الميم للمشاركة التى بينهما وبينها للمؤاخاة التى بين الواو والميم في المخرج، إذا كانا يخرجان من بين الشفتين، وأيضا فإن المد الذى في الواو بمثابة الغُنَّة التى في الميم. وأدغما في الياء لمؤاخاتها الواو في المد واللِين، ولقربها أيضاً من الراء، لأنه لا يخرج من طرف اللسان أقرب إلىٰ الراء من الياء، ولذلك يجعل الألثغ الراءَ ياءً. قال أبو عمرو: فأما الراء واللام فيدغم النون والتنوين فيهما بغير غُنَّة. هذا المأخوذ به في الأداء، فينقلبان من جنسهما قلباً صحيحاً، ويدغمان إدغاماً تاماً ويصير مخرجهما من مخرجهما وذلك باب الإدغام. وأما الياء والواو فيدغمان فيهما وتبقى غنتهما، هذا مذهب الجماعة من القُرَّاء غير حمزة، فإنه اختلف عنه في ذلك، وإذا بقيت غنتهما لم ينقلبا قلبا صحيحا، ولا أدغما إدغاما تاما، وإنما يتمكن ذلك فيهما إذا ذهبت تلك الغُنَّة بالقلب الصحيح "أ.هـ. وقال الإمام عبد الوهاب بن مُحَمّد القرطبى (403هـ- 461هـ أو 462هـ) في كتابِهِ المُوضح في التجويد ص145: "ووجه الإدغام بغير غُنَّة أن الإدغام في المتقاربين يوجب قلب النون إلىٰ جنس الحرف الذى أُدغمت فيه، فتنقلب مع الراء راء، ومع اللام لاما، ومع الواو واوا، ومع الياء ياء. وهذه الحروف لا غُنَّة فيها فلم يجب مع ذلك إبقاء غُنَّة كسائر الحروف المتقاربة، وأما مَنْ أدغم بغُنَّة فلأن الحرف إذا كان له مزية علىٰ الحرف امتنع إدغامه فيه. والنون لها غُنَّة في نفسها سواء كانت من الفمأو من الأنف، لأن الغُنَّة صوت من الخيشوم يتبع الحرف، وإن كان خروجه من الفم، فاجتمع فيها لمقاربتها لهذه الحروف ومزيتها عليها بالغُنَّة، فجذبها كل واحد منهما إلىٰ حُكمه، فأدغمت للمقاربة وبقيت الغُنَّة لحفظ المزية التى يمنع ذهاب الإدغام، وكأنهم كرهوا ذهاب الغُنَّة، حتى لا يكون لها أثر البتة وهو يجدون سبيلا إلىٰ الإتيان بها. وأما إذا أدغمت في مثلها أو في الميم فإنك غير محتاج إلىٰ غُنَّة، لأن في كل واحدة من الميم والنون غُنَّة، فإن الميم وإن كان مخرجها من الشفتين فالغُنَّة تابعة لها، فاُستغنى عنها معهما".أ.هـ.
فائدة الإدغام:- فائدة الإدغام التخفيف لأن المدغم والمدغم فيه، يُنْطَق بهما حرفا واحدا مشددا، في حالة وصل واستمرار القراءة فقط.
موانع الإدغام:- منها ما هو متفق عليه، ومنها ما هو مختلف فيه:- فالمتفق عليه كون الحرف الأول منونا أومشددا أو تاء ضمير:- فالتنوين حاجز قوى يمنع التقاء حرفين. والمشدد أصله حرفان متماثلان أولهما ساكن وثانيها متحرك، ولا يجوز إدغام حرفين في حرف، حتى لا ينعدم أحد الحرفين. وتاء الضمير (متكلما أو مخاطبا) توجب الإظهار، لأن ما قبلها ساكن، وفى إدغامها جمع ما بين ساكنين وهذا غير جائز. وإذا أُدغمت إلتبس الأمر بين ضمير المخبر وضمير المخاطب. ومن موانع الإدغام المختلف فيها، الجزم، نحو:- في المثلين: يَبْتَغِ غَيْرَ (آلِ عِمْرَان85)، يَخْلُ لَكُمْ (يُوسُف9)، وفى المتجانسين: وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ (النِّسَاء102)، وفى المتقاربين: وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً (البَقَرَة247).
وتنقسم الحروف الهجائية التسعة والعشرين بالنسبة لهذا الموضوع، أربعة أقسام:
القسم الأول:- لا يدغم في شئ، وهو سبعة أحرف، هى: الهُمَزَة والألف والخاء المعجمة الموحدة الفوقية والطاء المُهْمَلَة أو المُغْفَلَة والظاء المعجمة الموحدة والصاد المُهْمَلَة أو المُغْفَلَة والزاى المعجمة الموحدة. فهذه السبعة بمعزل عن التماثل، إلا الأربعة الأخيرة باعتبار الإدغام فيها.
القسم الثاني:- لا يدغم إلا في مثله، وهوستة أحرف، هى: الهاء والعين المُهْمَلَة والغين المعجمة الموحدة والياء المثناة التحتية والفاء المعجمة الموحدة والواو.
القسم الثالث:- لا يدغم إلا في مجانسه أو مقاربه، لأنه لم يلق مثله، وهو خمسة أحرف، وهى: الجيم الموحدة التحتية والشين المثلثة والضاد المعجمة الموحدة والدال المُهْمَلَة أو المُغْفَلَة والذال المعجمة الموحدة.
القسم الرابع:- يدغم في مثله ومجانسه ومقاربه، وهو أحد عشر حرفا، هى: الحاء المُهْمَلَة أو المُغْفَلَة والقاف المعجمة المثناه الفوقية والكاف واللام والنون الموحدة الفوقية والراء المُهْمَلَة أو المُغْفَلَة والباء الموحدة التحتية والتاء المثناه الفوقية والتاء المثلثة والسين المُهْمَلَة أو المُغْفَلَة والميم.

أقسام الإدغام:- ينقسم إلىٰ قسمين:- القسم الأول:- إدغام ناقص بغُنَّة. والقسم الثاني:- إدغام كامل بغير غُنَّة .
يقول الدكتور غانم قدورى الحمد في كتابِهِ الدراسات الصوتية عند علماء التجويد ص374: "أن أكثر علماء التجويد يذهبون إلىٰ أن النون الساكنة والتنوين يدغمان في ستة أحرف، تجتمع في (يرملون). وأنهما عند هذه الحروف علىٰ قسمين، قسم يدغمان فيه بغُنَّة، وهو حروف (يومن)، ولا يلتفت علماء التجويد إلىٰ رواية بعض القُراء إدغام الواو والياء بلا غُنَّة. وقسم يدغمان فيه بلا غُنَّة، أي إدغاما كاملا، وهو الراء واللام، وهم لا يلتفتون أيضاً إلىٰ مذهب بعض النحاة والقراء في جواز إدغامهما في اللام والراء بغُنَّة." أ.هـ.
وهذان القسمان معا ستة حروف يجمعها لفظ: ولنمير، أو لفظ يرمُلُون (بضم الميم واللام)، أى يمشون بسرعة، وأبطأ من الجري . ودائماً يكون بتشديد حروف النون والميم واللام والراء، بينما يكون بتجريد حَرْفَى الياء والواو، من التشديد:-

القسم الأول: الإدغام الناقص بغُنَّة:- في أربعة حروف، مجموعة في كلمة: (ينمو) أو (يونم) أو (نيمو) أو (ونيم) أو (منوى). وهى الياء والنون والميم والواو. فإذا وقع حرف منها بعد النون الساكنة سكون ميت، بشرط أن تكون النون في آخر الكلمة الأولى، وحرف الإدغام في أول الكلمة التالية، أو بعد التنوين ولا يكون إلا من كلمتين، أو بعد نون ملحقة بالتنوين في قوله تعالىٰٰ: وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (يُوسُف32)، لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (العَلَق15)، وجب الإدغام مع الغُنَّة، إلا في موضعين فقط، وهما يسٓ وَالْقُرْآنِ (يسٓ 1و2)، ن وَالقَلَم (القَلَم1) فالحُكم فيهما الإظهار، علىٰ خلاف القاعدة، مراعة للرواية عن الإمام حفص بطريقة الشاطبية التى رُسمت المصاحف عليها. وفى رواية أخرى أن الحكم فيها الإدغام، كالقاعدة نفسها. وأما إذا وقع حرف الإدغام بعد النون الساكنة سكون حى في كلمة واحدة، وجب الإظهار، ويُسَمَّى إظهارا مطلقا أوشاذا، لعدم تقيده بحلقى أو شفوى أو قمرى، ولا يكون ذلك إلا عند الياء والواو فقط (وغير معلوم وقوع نون ساكنة، قبل لام، أو قبل راء). ودائما يكون حَرْفَى الياء والواو مجردين (غير مشددين) عندما يقع أحدهما بعد النون الساكنة سكون حى في الكلمة نفسها. ولم يقعا في القرآن الكريم كله إلا في أربعة مواضع فقط، ولاخامس لها ، وهى: 1- قِنْوَانٌ (الأَنْعَام99) 2- صِنْوَانٌ (الرَّعْد4) 3- بُنيَانٌ (الصَّف4)، ومثلها: بُنْيَانًا (الكَهْف21 والصَّافَّات97)، بُنْيَانَهُ (التَّوْبَة109)، بُنْيَانُهُمُ (التَّوْبَة110 والنَّحْل26) 4- دُّنْيَا (وردت 115مرة في القرآن الكريم أولها البَقَرَة85 وآخرها الأَعْلَى16). وسبب ظهور النون عند الياء والواو في الكلمة نفسها (فى الإظهار المطلق أو الشاذ): المحافظة علىٰ وضوح المعنى، فلو أدغمت لصار خفيا، ولئلا تلتبس بالمضاعف، وهو ما تكرر أحد أصوله (كصوّان وديّا)، فلو أدغم لن يظهر الفرق بين ما أصله النون وما أصله التضعيف، فلا يعلم هل هو من (الدّنى والصّنو)، أو من (الدىّ والصوّ). فأبقيت النون مظهرة محافظة علىٰ ذلك. ولذلك أشار الإمام القاسم بن فِيره (بكسر الفاء بعدها ياء مثناة تحتية ساكنة ثم راء مشددة مضمومة بعدها هاء) بن خلف بن أحمد الشاطبى الرعينى الأندلسى (538هـ- 590هـ)، فقال في متنه المسمى حرز الأمانى ووجه التهانى المعروف بمتن الشاطبية، في باب أحكام النون الساكنة والتنوين:-
288- وعِنْدَهُماَ للْكُلّ أَظْهِر بِكِلْمَةٍ * مَخَاَفَةَ أَشْبَاهِ المُضَاعَفِ أَثقَلَاَ
وأما في يسٓ وَالْقُرْآنِ (يسٓ 1و2)، ن وَالقَلَم (القَلَم1)، فسبب الإظهار فيهما (براوية الإمام حفص بطريق الشاطبية) مراعاة للانفصال الحكمى، لأن النون فيهما (وإن اتصلت بما بعدها لفظا في حالة الوصل) فهى منفصلة حُكما. وذلك لأن كلا من يس، ن، إسم للسورة التى تبدأ بها. والنون فيهما حرف هجاء لا حرف مبنى. وما كان كذلك فحقه الفصل عما بعده، فيظهر في الوصل كظهوره في الوقف. وأما طسم أول سورة الشُّعَرَاء وأول سورة القَصَص، فإن رواية الإمام حفص فيها: إدغام النون في الميم، وكان حقها الإظهار لاجتماع النون والميم في كلمة واحدة. وقال بعض العلماء: وجه الإدغام فى: طسم، هو مراعاة للاتصال اللفظى ليأتى معه التخفيف بالإدغام، ولعدم صحة الوقف عليها لأنها جزء من كلمة، والوقف لا يكون إلا علىٰ تمام الكلمة. وفى قوله تعالىٰ: مَالِيهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ (الحَاقَّة 28و29)، يجوز في الهاء الإظهار، ويكون بالسكت علىٰ الهاء الأولى (آخر كلمة مَالِيهْ) سكتة يسيرة دون تنفس، ويجوز أيضاً الإدغام. ولكن لا يجوز الإدغام في الواو المدية في الواو بعدها، ولا في الياء المدية في الياء بعدها، بل يظهران بمقدار حركتين، مثل: آمَنُواْ وَعَمِلُواْ (وردت 51مرة أولها البَقَرَة25 وآخرها العَصْر3)، الَّذِي يُوَسْوِسُ (النَّاس5). وإذا وقعت النون بعد اللام الساكنة، مثل: قُلْ نَعَمْ (الصَّافَّات18)، فلا إدغام مع كونهما متجانسين، للحفاظ علىٰ المعنى. كما ينبغى الاحتراس من إدغام اللام في التاء، في مثل: فَالْتَقَمَهُ (الصَّافَّات142)، أو الغين في القاف، في مثل: لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا (آلِ عِمْرَان8)، لأنهما شديدى التقارب. ومن أمثلة الإدغام بغُنَّة:-
حرف الإدغام مع النون كيفية نُطق النون مع التنوين كيفية نُطق التنوين
ي وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ
(النِّسَاء 13و69 والنُّور52 والأَحْزَاب71 والفَتْح17) وميـــ يطع الله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
(الْقِياَمَة 22و24 وعَبَسَ 38و40 والغَاشِيَة 2و8) وجوهن– وجوهيـــ يومئذ
ن لَن نَّدْخُلَهَا
(المَائِدَة 22و24) لنـــ ندخلها أبدا أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ
(الإِنسَان2) أمشاجن– أمشاجنـــ نبتليه
م مِن مَّاء دَافِقٍ
(الطَّارِق6) مم ماء دافق صُحُفًا مُّطَهَّرَةً
(البَيّنَة2) صحفن– صحفهم مطهرة
و مِن وَالٍ
(الرَّعْد11) مووال وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ
(البَلَد3) ووالدن– ووالدووماولد

القسم الثاني من أقسام الإدغام: هو الإدغام الكامل بغير غُنَّة:- وله حرفان اثنان فقط هما اللام والراء. فإذا وقع حرف اللام أو حرف الراء بعد النون الساكنة سكون ميت من كلمتين (ولم تجتمع أبدا النون الساكنة مع حرف لام أو حرف راء في كلمة واحدة في كل القرآن المجيد)، أو بعد التنوين ولا يكون إلا من كلمتين، وجب الإدغام بغير غُنَّة. فيبدل كل من النون الساكنة والتنوين لاماً ساكنة عند اللام، وراء ساكنة عند الراء، ويدغم فيما بعده إدغاما تاما، لجميع القراء. وهذا من طريقى الشاطبية والتيسير. وقُرِئ للأئمة نافع وأبى جعفر وابن كثير وأبى عمرو ويعقوب وابن عامر وحفص، بإدغامهما (النون الساكنة والتنوين) بغُنَّة عند الحرفين المذكورين (اللام والراء) من طريق الطيبة. وهذا الإدغام في غير نون: مَنْ رَاقٍ (الْقِياَمَة27). فعلى الرغم من مجئ راء بعد نون ساكنة، إلا أنها مظهرة، لما فيها من وجوب السكت المانع من الإدغام. ووجه إدغامهما قرب مخرجهما لأنهما من حروف طرف اللسان، أو كونهما من مخرج واحد علىٰ مذهب قطرب والجرمى والفَرَّاء. وكل منهما يستلزم الإدغام. وأيضا لو لم يدغما فيهما لحصل الثقل لاجتماع المتقاربين والمتجانسين. فبالإدغام تحصل الخفة لأنهما يصيران في حُكم حرف واحد. ووجه حذف حرف الغُنَّة، المبالغة في التخفيف، لأن بقائها يورث ثقلا. وإذا وقعت النون الساكنة قبل اللام أو الراء، في كلمة واحدة، لكانت مظهرة، لئلا يلتبس بالمضاعف، ولم يقع ذلك الفرض في القرآن العظيم. ومن أمثلة الإدغام بغير غُنَّة:-
حرف الإدغام مع النون كيفية نُطق النون مع التنوين كيفية نُطق التنوين
ل مِّن لَّدُنَّا
(وردت 6مرات أولها النِّسَاء67 وآخرها القَصَص57) مِلَدُنا مَالًا لُّبَدًا
(البَلَد6) مَالَنْ– مَالَلُبَدَاَ
ر مِّن رَّبِّهِمْ
(وردت 14مرة أولها البَقَرَة5 وآخرها النَّجْم23) مِرَبِهم غَفُورٌ رَّحِيمٌ
(وردت 42مرة أولها البَقَرَة173 وآخرها المُزَّمِّل20) غَفُورُنْ– غَفُورُ رَحِيم



كيفية الإدغام من حيث الكمال والنقصان:-
الإدغام الكامل بغير غُنَّة:- هو ذهاب الحرف وصفته معا، ويكون عند اللام والراء فقط، لكمال التشديد فيهما.
الإدغام الناقص بغُنَّة:- هو ذهاب ذات الحرف وإبقاء صفته وهى الغُنَّة التى تكون مانعة من كمال التشديد، عند حروف الياء والنون والميم والواو. ويذهب رأى إلىٰ أن الإدغام الكامل، يكون عند أربعة أحرف، هى اللام والراء والنون والميم. واحتج أصحاب هذا الرأى بأن الغُنَّة الموجودة عند ملاقاة النون والميم، ليست غُنَّة النون الساكنة أو التنوين، وإنما هى غُنَّة النون والميم المدغم فيهما، لأن الغُنَّة صفة ملازمة لهما. وعلى هذا الرأى جرى العمل في ضبط المصاحف المنتشرة حاليا، بوضع شَدَة فوق هذه الحروف الأربعة (اللام والرا والنون والميم)، عند ملاقاتها للنون الساكنة أو التنوين. وأما حَرْفَى الواو والياء، فضبطهما يكون بتعريتهما من الشَدة. وعلامة الإدغام في المصحف الشريف:- النون الساكنة سكون ميت (العارية نهائيا من السكون ومن أى حركة)، والتنوين فتحتين أو كسرتين، تكونان متتابعتين متلاحقتين متتاليتين وراء بعض (=)، أو تنوين ضمتين متتابعتين متلاحقتين متتاليتين وراء بعض ( ٌ ).


أنواع السكــــــــون
للسكون ثلاثة أنواع:- حى وميت ومحض مجرد خالص من الإشارة:-
1- السكون الحى:- يقع علىٰ أي حرف، ما عدا حروف المد الثلاثة (ا. و.ى) ويُسَمَّى حى، لظهور صوت الحرف الساكن عند النطق به. وعلامته في المصحف الشريف، رأس حاء صغيرة أو رأس خاء صغيرة مُغْفَلَة أو مُهْمَلَة (بدون نقطة) فوق الحرف الساكن سكون حى.
2- السكون الميت:- يكون في أى حرف عارِ نهائياً من السكون ومن أى حركة، فلا علامة له في المصحف الشريف. ويُسَمَّى ميت لأنه صوت مندرج ومستتر في صوت حرف آخر، لحمله عليه.
3- السكون المحض والمجرد الخالص من الإشارة:- وهو نوعان:- حقيقى مع الإشمام، ومجازى مع الروم. لهذا قيل: إن الروم إشارة بالتصريح، أما الإشمام فهو إشارة بالتلميح .

السكون الحى والسكون الميت:
توصف حروف المد الثلاثة: الأَلِف والواو والياء، بأنها أصوات ساكنة، وأنها مسبوقة بحركات من جنسها، فالألف قبلها فتحة، والواو قبلها ضمة، والياء قبلها كسرة، وهى تجتمع في هذه الكلمة (نُوحيْهَا). وهذا هو موقف علماء العربية وعلماء التجويد من هذه الأصوات علىٰ السواء .
والسكون عبارة عن خلو العضو من الحركات عند النطق بالحروف، أو سلب الحركة وعدمها من النطق . ولكن نجد لدى بعض علماء التجويد اتجاهاً متميزاً في معالجة السكون، وذلك بتقسيمه إلىٰ حي وميت. وكان بن الطحان (ت حوالى 560هـ) أقدم من تحدث عن هذا الاتجاه، مما اطلعت عليه من مصادر علم التجويد. ولم يتابعه في ذلك إلا القسطلانى (ت923هـ) الذى تحدث عن الموضوع حديثاً موجزاً.
قال بن الطحان: "وأما حد السكون نوعان حى وميت. فالحى هو الذى يتهيأ له العضو ويأخذه فيسمع قرعه به، مثل: حُكْم وغَيْر، فأنت تجد الكاف والياء ظاهرتى الجسم والقرع، لإعمال العضو فيهما كما يعمل في المحرك مثل حَكَم و(مَيلَ) . والمتحرك حى فكذلك السكون الذى يوجد فيه أخذ العضو إياه حى أيضاً.
والسكون الميت لا يكون إلا في حروف المد واللِين الثلاثة، في الأَلِف الثابتة السكون، وفى الواو بعد الضم، وفى الياء بعد الكسرة. فأما الأَلِف فشهرتها بعدم حُكمها من أن ينقطع لها في الفم جزء تتحيز إليه ظاهرة. وأما الواو والياء فإنهما ما وقعتا بعد حركتهما فإن سكونهما ميّت، وذلك أنه غير جار علىٰ عضو ولا حاصل في حيّز، إنما يصير الفم لصوتيهما كالأُنبوب. وهما إذا انفتح ما قبلهما كسائر الحروف، وسكونهما حى (لسكونهما) .
إلا أن السكون الحى يتفاضل بمقتضى طبع الحرف من القوة وتمكنه منها كما أنه في الوقف أدنى منه في الوصل، كما أنه في الوقف (أتم) حياة منه في الوصل.
فحد السكون الحى هو أن تكمل ضديته لنقيضه، وهو الحركة، فواجب علىٰ القارئ أن يعتمد عليه اعتماداً يظهر صيغته، ويبرز حليته. فإن وصله بغيره بيّنه بما يحقق له من صفاته القائمة بذاته من غير قطع مسرف ولا فصل متعسف سوى ما تحكم به طبيعته من احتباس العضو لإظهار قرعه. فإن وقف عليه بيّنه أيضاً بما يجب له من صفاته القائمة بذاته المعنية علىٰ حياته، الشاهدة للقارئ بالإحسان والإجادة والإتقان في تفريقه بين المهموس والمجهور، وبين المهموس الرخو وبين المهموس الشديد، وبين المجهور الرخو وبين المجهور الشديد وبين الشديد (الأصلى) وبين الشديد الفرعى، وبين صوتى النون مشددة ومخففة مع التعيين وإظهار للطنين وفى الياء والواو الحيتين توقيف من الأداء، كذلك السكون الميت حده مقيد بالأداء من شرع القراء" .
وقد نقلت هذا النص علىٰ طوله، مع ما فيه من غموض في إمكانية قراءة بعض الكلمات، لأنه نص عزيز يعرض فكرة جديدة متميزة، إذ يتضح من هذا النص أن وجه التقابل بين السكون الحى والسكون الميت ليس قائماً علىٰ أساس قابلية السكون الحى للحركة وعدم قابلية السكون الميت لها، كما هو المتبادر إلىٰ الذهن، وإنما هو قائم علىٰ أساس طبيعة مخرج الصوت في أثناء مرور النفس به. فجميع الأصوات الجامدة سكونها حى، لعمل أعضاء آلة النطق في مخارجها، إما بسد مجرى النفس بالكلية ثم إطلاقه، وذلك في الأصوات الشديدة، وإما بتضيق مجرى النفس عند مخرج الصوت، وذلك في الأصوات الرخوة. أما حروف المد فسكونها ميّت لأن أعضاء آلة النطق لا تعترض مجرى النفس عند إنتاجها بسد ولا تضييق، وإنما تكون (كالأُنبوب)، كما يقول بن الطحان.
ويلخص القسطلانى فكرة تقسيم السكون إلىٰ حى وميّت، من غير أن يخرج علىٰ أصل الفكرة، ومن غير أن يضيف إليها شيئاً جديداً، وذلك حيث قال: "وأما السكون فنوعان: حى وميت. فالثاني الأَلِف وأختاها، لأنهن لا حيّز ولا مقطع لهن محقق، فإن انفتح ما قبل الواو والياء فسكونهما حى، لأخذ اللسان الياء، والشفتين الواو، كسائر الحروف، فكما تجد الجيم التى هى أخت الياء في مخرجها قد أخذها اللسان، في قولك: رميت ، كذلك تجد الواو قد أخذتها الشفتان في قولك: عفوت" .
وإنه لأَمر عجب أَلاَّ نجد نصوصاً أخرى تتعلق بفكرة تقسيم السكون إلىٰ حى وميّت، وإنى أتوقع ألا يكون بن الطحان هو أول من شرح هذه الفكرة، كما أن القسطلانى ليس الوحيد الذى تحدث عنها بعد بن الطحان، وأعجب من ذلك أن سيبويه تحدث عن قضية أعتقد أنها هى أصل تلك الفكرة لدى علماء التجويد، ولكن أحداً لم يشر إليها ولا تحدث عنها بعد سيبويه من القدماء ولا المحدثين، بقدر ما اطلعت عليه من المصادر.
يذهب سيبويه إلىٰ تقسيم الأَلِف والواو والياء إلىٰ حية وميتة. وهو يريد بالحية (المتحركة)، وبالميتة (الساكنة)، ومن ثم كانت الأَلِف ميتة لأنها لا يفارقها السكون، قال: "وإنما جسروا علىٰ حذف الأَلِف لأنها ميتة لا يدخلها جر ولا رفع ولا نصب" . وقال سيبويه عن الواو في جدول: "وذلك لأن هذه الواو حية" ، وقال عن حروف المد: "وإنما كانت هذه الأحرف الثلاثة الزوائد: الياء والواو والألف وما بعدها بمنزلة زيادة واحدة لسكونها وضعفها، فجعلت وما بعدها بمنزلة حرف واحد، إذ كانت ميتة خفية" .
وقال سيبويه أيضاً: "وسألته عن واو عجوز وألف رسالة وياء صحيفة، لأى شئ هُمْزِنَ في الجمع، ولم يَكُنَّ بمنزلة معاون ومعايش إذا قلت: صحائف ورسائل وعجائز؟ فقال: لأنى إذا جمعت معاون ونحوها، فإنما أجمع ما أصله الحركة فهو بمنزلة ما حركت كجدول. وهذه الحروف لما لم يكن أصلها التحريك وكانت ميتة لا يدخلها الحركة علىٰ حال، وقد وقعت بعد ألف، لم تكن أقوى حالاً مما أصله متحرك.... فهذه الأحرف الميتة التى ليس أصلها الحركة أجدر أن تغيّر إذا همزت ما أصله الحركة" .
ويتضح من هذه النصوص أن سيبويه يستخدم مصطلح (الحروف الحية) للدلالة علىٰ الواو والياء إذا تحركتا، ومصطلح (الحروف الميتة) علىٰ الأَلِف والياء والواو الساكنة. ويفهم من النص الأخير أن الخليل بن أحمد استخدم مصطلح (الحروف الميتة)، ولا أستبعد أن يكون سيبويه أخذ الفكرة عن الخليل.
ويبدو لى أن فكرة بن الطحان في تقسيم السكون إلىٰ حىّ وميت تعتمد علىٰ فكرة سيبويه في تقسيم الحروف الثلاثة إلىٰ حية ميتة، وإن كان هناك اختلاف يسير بينهما يتمثل في أن سيبويه يستخدم مصطلح (الحية) للدلالة علىٰ الواو والياء إذا تحركتا، بينما يستخدم بن الطحان مصطلح (الحى) للدلالة علىٰ سكون الواو والياء إذا انفتح ما قبلها وكذلك علىٰ سائر الحروف الجامدة الأخرى إذا كانت ساكنة. ولا يزال هذا الموضوع بحاجة إلىٰ نصوص أخرى، يمكن من خلالها تتبع تطور فكرة الحى والميت في الحروف من لدن سيبويه إلىٰ بن الطحان.
وكان بعض دراسى الأصوات العربية من المحدثين قد أخذوا علىٰ علماء العربية قولهم إن حروف المد ساكنة وأنها مسبوقة بحركات تجانسها، علىٰ أساس أن حروف المد هى من الناحية الصوتية حركات طويلة فلا يمكن أن توصف بأنها ساكنة ولا أن تكون مسبوقة بحركات من جنسها. وفسروا ذلك بقولهم: إن علماء العربية انخدعوا بطريقة الكتابة العربية التى تضع حركة قبل حروف المد وسكوناً فوقها لاعتبارات كتابية لا صوتية محضة .
وإذا نظرنا إلىٰ هذه القضية من وجهة نظر الكتابة وجدنا ما يسوغ رسم علامات الحركات قبل حروف المد مع وضع علامة السكون عليها في مثل (بَاْع– نَبِيْع– نَقُـوْل) وذلك لأن رموز الأَلِف والياء والواو تمثل في الكتابة ستة أصوات، فرمز الأَلِف يمثل الهُمَزَة في مثل (أَخَذَ) وحرف المد في مثل (قَالَ)، ورمز الواو يمثل حرف المد في مثل (نَقُوْلُ) والواو الجامدة في مثل (حَوْض)، ورمز الياء يمثل حرف المد في مثل (نَبِيْعُ) والياء الجامدة في مثل (بَيْت)، فرسم تلك العلامات أعنى الحركات قبل حروف المد والسكون فوقها بمثابة علامات تمييزية لتحديد دلالة تلك الرموز.
ومن علماء التجويد من فرق بين سكون حروف المد وبين سكون غيرها من الحروف، وسَمَّى سكون حروف المد سكوناً ميتاً، وسَمَّى سكون غيرها من الحروف سكوناً حياً. ويفهم من كلام بن الطحان السابق أنه يقصد بوصف حروف المد بأنها ساكنة أكثر من كون السكون سلب الحركة، فهو يريد بالسكون الميت اتساع مخارجها للصوت حتى يصير الفم لأصواتها كالأنبوب.
ويرى بعض المحدثين من دراسى الأصوات العربية أن ذكر الحركات فوق الحرف السابق لحروف المد يمكن أن يجد مسوغاً في أن هذه الحركات تمثل أوائل حروف المد التالية لها ويُؤْذِنَّ بتمامها .
ولا يزال موضوع وجود حركات قبل حروف المد بحاجة إلىٰ تحقق، وإن من التسرع القول بأن علماء العربية أخطأوا حين قالوا إن حروف المد مسبوقة بحركات تجانسها، فهناك ظواهر لغوية وصوتية تؤيد وجهة نظر علماء العربية، فالفعل (أَدْعُوْ) مثلاً ينتهى بحرف مد (ضمة طويلة)، وفى نظر الدارسين المحدثين أننا لا نحتاج إلىٰ أى علامة كتابية توضع علىٰ العين أو الواو، بينما يجب في مذهب علماء العربية أن توضع ضمة علىٰ العين وسكون علىٰ الواو (أَدْعُوْ)، وإذا جاء هذا الفعل في مثل هذا السياق (لن أَدْعُوَ) فسوف نحتاج حينئذ إلىٰ أن نضع ضمة فوق العين وفتحة فوق الواو، ولا نستطيع أن نستغنى عن الضمة قبل الواو حينئذ والفَتْحة بعد الواو. وكذلك الحال في الفعل (نَرْمِيَ– لن نَرْمِيَ). فلزوم الحركة قبل رمز الواو والياء في الحالة الثانية للفعل يسوغ القول بوجود حركة قبل حرف المد تمثل الجزء الأول منه، بينما يمثل رمز الواو أو الياء الجزء الثاني من حرف المد باعتباره حركة طويلة مؤلفة من حركتين.
وإذا أردنا أن نلخص جهُود علماء التجويد في دراسة الأصوات الذائبة (حروف المد والحركات) فإنه يمكننا القول:
1- إنهم ميّزوا بكل وضوح بين الأصوات الجامدة والأصوات الذائبة، وأدركوا ما تتميز به الأصوات الذائبة من اتساع مخارجها قياساً بالأصوات الأُخرى.
2- حددوا الأصوات الذائبة في العربية، وهى حروف المد الثلاثة: الأَلِف والواو والياء الساكنتان المسبوقتان بحركة من جنسهما، وأدركوا العلاقة بين حروف المد والحركات وقال الجمهور منهم إن الفَتْحة من الألف، والضمة من الواو، والكسرة من الياء وتوصل بعضهم إلىٰ تحديد نسبة الحركات من حروف المد، وقالوا: إن الأَلِف مركب من فتحتين، والواو مركب من ضمتين، والياء من كسرتين.
3- وعرفوا أنواعاً أخرى من الحركات الفرعية وحروف المد هى من مظاهر النطق اللهجى أو أنها ترتبط ببعض القراءات.
4- ميز علماء التجويد بين الواو والياء الجامدتين وبينهما حين يكونان صوتين ذائبين (حَرْفَى مد).
5- حدد علماء التجويد مخارج الأصوات الذائبة (حروف المد والحركات)، وقد ميزوا بين مخرجى الواو والياء الجامدتين وبين مخارج الأصوات الذائبة الأُخرى، وربطوا بين مخارج حروف المد وبين مخارج الحركات، وتوصلوا في ذلك إلىٰ نتائج تستحق تقدير الدراسين.
6- إن مقولة علماء العربية وعلماء التجويد (حروف المد أصوات ساكنة، ومسبوقة بحركات من جنسها) لا تزال بحاجة إلىٰ بحث، ولا يمكن الجزم بتخطئتهم فيها، وهى تجد الآن ما يسوغ القول بها من عدة نواح صرفية وصوتية وكتابية .


القلب أو الإقـــــلاب
تعريفـــه: لغة هو تحويل الشئ عن وجهه. واصطلاحا هو قلب النون الساكنة سكون ميت والتنوين، ميما مخفاة بغُنَّة. فهو جعل حرف مكان حرف آخر، مع مراعاة الغُنَّة والإخفاء في الحرف الأول. أى تحويل النون الساكنة لفظا في النطق والقراءة فقط (وليس رسما أو كتابة)، إلىٰ ميم، إذا أتى بعدها حرف باء، مع إخفاء الميم وغنها .
وجاء في القصد النافع ص230 (ولا يقال إقلاب، لأن إفعال لا يأتى إلا من:- أفعل. مثل: أظهر وأخفى. ولا يقال: أقلب. فلا يقال: إقلاب."أ.هـ. ولكن في اللغة العربية يجوز أخذ إسم المصدر من المصدر أى قلب قلبا، كما يجوز العكس أخذ المصدر من إسم المصدر أى قلب إقلابا، مثل: وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (نُوح17)، فلم ترد هنا إنباتا.
ويطلق علىٰ القلب أو الإقلاب: الإخفاء الشفوى اللفظى لوجود ميمه لفظا. ولكنه بينه وبين الإخفاء الشفوى من أحكام الميم الساكنة اتفاق واختلاف: فيتفق الإخفاء الشفوى والقلب في المخرج (الشفتين) والنطق. فكل منها يختص بحرف الباء فقط، وينتهى ميم لفظا (قراءة). ويختلفان في أن الإخفاء الشفوى أوله وآخره ميم رسما (كتابة) ولفظا (قراءة). أما القلب فأوله نون رسما (كتابة) وانتهاؤه ميم لفظا (قراءة). فميم الإخفاء الشفوى أصلية، أما ميم القلب فليست أصلية بل منقلبة عن نون أو تنوين. واختلف العلماء في الإخفاء الشفوى فبعضهم قال بالإخفاء مع الغُنَّة وقال الآخرون بالإظهار. ولكن القلب لا خلاف فيه.
حرف القلب (الإقلاب):- حرف واحد فقط، هو الباء ودائما في هذا القلب، يكون هذا الحرف وهو الباء مجردا دون تشديد. فإذا وقعت الباء بعد النون الساكنة سكون ميت سواء من كلمة واحدة أم من كلمتين، أو بعد التنوين ولا يكون إلا من كلمتين أو بعد نون ملحقة بالتنوين ولا توجد إلا مرتين فقط في القرآن الكريم:- أولاهما إدغام بغُنَّة فى: وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (يُوسُف32). وثانيتهما إقلاب فى: لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (العَلَق15)، فيجب قلب النون الساكنة أو التنوين أو النون الملحقة بالتنوين، ميما، ثم إخفاء هذه الميم المنقلبة إخفاء شفويا مع الغُنَّة عليها قبل نطق الباء. وإن القلب إلىٰ ميم بالذات (وليس إلىٰ أي حرف آخر)، يرجع إلىٰ أن الميم تشبه النون والتنوين في الغُنَّة، كما تشبه الباء أنهما شفويتان من الشفة.
خطوات القلب (الإقلاب):- لكى يتحقق الإقلاب لابد أن تحدث ثلاثة أمور:- أولاً:- قلب النون الساكنة سكون ميت أو التنوين أو النون الملحقة بالتنوين، ميما خالصة لفظا (نطقا وقراءة)، وليس خطا (كتابة ورسما). ثانيا:- إخفاء هذه الميم عند الباء التالية لها مباشرة. ثالثاً:- نطق الغُنَّة مع الإخفاء. وهذه الغُنَّة هى صفة الميم المقلوبة، وليست صفة النون أو التنوين أو النون الملحقة بالتنوين.
كيفية حدوث إخفاء الميم مع الباء بعد القلب:- إن مخرج حَرْفَى الباء والميم من الشفتين. ولكى يحدث إخفاء للميم عند الباء، يجب إطباق الشفتين. وهذا في الإقلاب (من أحكام النون الساكنة والتنوين) وأيضا في الإخفاء الشفوى (من أحكام الميم الساكنة). يقول الدكتور غانم قدورى الحمد في كتابِهِ الدراسات الصوتية عند علماء التجويد ص393: "يفسر بعض المجودين المعاصرين إخفاء الميم عند الباء علىٰ نحو لا يتضح له أصل في كلام علماء التجويد الذين اطلعت علىٰ كتبهم. وهو أنهم يرون أن الإخفاء هو أن تجافى بين شفتيك حين تنطق بالميم شيئاً قليلا، ثم تطبقها عند نطق الباء بعدها. وكان الشيخ عامر السيد عثمان وهو أحد علماء القراءة في الأزهر ومحقق الجزء الأول من كتاب لطائف الإشارات لفنون القراءات للقسطلانى بالاشتراك مع الدكتور عبد الصبور شاهين، لايقبل ممن يقرأ عنده إطباق الشفتين عند نطق الميم قبل الباء ويأبى إلا نفرجهما، وذلك عند ترددى عليه للقراءة سنة 1975م وقت إقامتى في القاهرة لدراسة الماجستير. ولكنى لم أجد في كتب علم التجويد ما يؤكد هذا الاتجاه في فهم إخفاء الميم "أ.هـ.
ونوجز ما قاله فضيلة الأستاذ الشيخ سيد أحمد مُحَمّد دراز، في بحثه عن الإقلاب والإخفاء الشفوى، فيما يلى:- "لم يفرق العلماء بين الميم المنقلبة عن النون والتنوين والميم الأصلية (ص152 في المصباح للشهر زورى المتوفى 550هـ، وص22 ج1 في النشر لابن الجزرى المتوفى 833هـ) ويقول العلماء إن الواو تخالف الميم في اللين والمد، وتتجافى عنها الشفتان، بخلاف الباء فإنها توافق الميم في لزوم الشفتين (ص413 ج2 فتح الوصيد للسخاوى المتوفى643هـ. وص448 شرح كتاب التيسير للمالقى المتوفى 705هـ. وص168 في التمهيد لابن الجزرى المتوفى833هـ. وص201 جُهد المُقل للمرعشى المتوفى1150هـ). فهذا رد صريح علىٰ مَنْ قال بترك فرجة بين الشفتين. ولذلك كان القلب تجاوزا للمشقة ومنعا للحرج، وكان الإخفاء الشفوى هو التطبيق السديد. فالاتفاق علىٰ تعذر النطق بالنون التى بعدها باء، ثم يأتى مَنْ يقول بترك فرجة بين الشفتين عند تطبيق الإخفاء الشفوى. فإذا كان مستطاعا ترك فرجة بين الشفتين، فما الداعى للإقلاب من الأصل؟ وفى كتاب أحكام قراءة القرآن الكريم ص180 للشيخ محمود خليل الحصرى المت1401هـ، قال محقق هذا الكتاب مُحَمّد طلحة بلال منيار، بإطباق الشفتين بخفة ولين وعدم كزهما لأن معنىٰ إخفاء الحرف هو تقليل الاعتماد عليه. والقُرَّاء يخطئون فيه من وجهين:- الأول:- إطباق الشفتين إطباقا كاملا أى كزهما بحيث يتولد عن هذا الإطباق غُنَّة ممططة فهذا خطأ لأنه يؤدى إلىٰ إظهار الميم في حين أن المراد إخفاؤها مع الغُنَّة. والثاني:- تجافى الشفتين أو فتح الفم عند القلب وهو يؤدى إلىٰ إخفاء النون الساكنة والمراد إخفاء الميم المقلوبة عن النون. ويزعم البعض أنه لابد من ترك فرجة بين الشفتين حال أداء القلب والاخفاء الشفوى لتحقيق الإخفاء في الميم عند الباء فيقعون في خطأين: 1- ذهاب الميم بالكلية وإبدالها بنطق مبهم. 2- مد الحرف المبهم بحيث يتولد منه حرف من قبيل حركة الحرف الذى قبل النون الساكنة، مثل: مِن بَعْدِ (البَقَرَة74) تنطق خطأ مّيِن بَعْدِ، ومثل: هُم بَارِزُونَ (غَافِر16) تنطق خطأ هُوم بَرِزُونَ. والنطق الصحيح هو بإطباق الشفتين بخفة.أ.هـ. والذين يقولون بفتح الشفتين أو بعمل فرجة بينهما بأنه الأداء والتلقى وأن القراءة سُنَة متبعة يأخذها الآخر عن الأول، فإن الأداء قد حسم بما نقل عن العلماء (ص110 في الإقناع لابن الباذش المتوفى540هـ. وص413 ج2 فتح الوصيد للسخاوى المتوفى643هـ. وص448 شرح التيسير للمالقى المتوفى705هـ. وص35 تحفة نجباء العَصْر لزكريا الأنصارى المتوفى936هـ. وص32 فتح المُلْك المتعال لمُحَمّد الميهى من علماء القرن 13. وص127 نهاية القول المفيد لمُحَمّد مكي نصر الجريسي المتوفى1322هـ. وص54 منحة ذى الجلال لعلى الضباع المتوفى1376هـ). وأما عن التلقى فقد تلقينا وأمم كثيرة غيرنا بإطباق الشفتين وعدم انفراجهما. وليس ما تلقيتموه أنتم بأفضل مما تلقيناه نحن".أ.هـ.
وجه أو سبب القلب (الإقلاب):- وجه أو سبب قلب النون الساكنة والتنوين ميما عند الباء، أنه لم يحسن الإظهار لما فيه من الكلفة من أجل الاحتياج إلىٰ إخراج النون والتنوين من مخرجهما علىٰ ما يجب لهما من التصويت بالغُنَّة، فيحتاج الناطق بهما إلىٰ فتور يشبه الوقف، وإخراج الباء بعدهما من مخرجها يمنع التصويت بالغُنَّة من أجل انطباق الشفتين بها أى بالباء، ولم يحسن الإدغام للتباعد في المخرج والمخالفة في الجِنّسية حيث كانت النون حرفا أغن وكذلك التنوين، بينما الباء حرف غير أغن. وإذا لم تدغم الميم في الباء لذهاب غنتها بالإدغام مع كونها من مخرجها، فترك إدغام النون فيها مع أنه ليس من مخرجها، ولم يحسن الإخفاء كما لم يحسن الإظهار والإدغام لأنه بينهما. ولما لم يحسن وجه من هذه الأوجه، أبدل من النون والتنوين حرف يؤاخيها في الغُنَّة والجهر، ويؤاخى الباء في المخرج والجهر، وهو الميم، فأمنت الكلفة الحاصلة من إظهار النون قبل الباء. قال الإمام أبى مُحَمّد مكى بن أبى طالب القيسى (355هـ- 437هـ) في كتابِهِ الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة ص266 طبعة دار عمار بعمان بالأردن:- "والعلة في إبدال النون الساكنة والتنوين ميما عند الباء، أن الميم مؤاخية للباء، لأنها من مخرجها، ومشاركة لها في الجهر والشِدة. وهى أيضاً مؤاخية للنون في الغُنَّة والجهر. فلما وقعت قبل الباء، ولم يمكن إدغامهما فيها لبُعْد المخرجين، ولا أن تكون ظاهرة لشبهها بأخت الباء وهى الميم، أبدلت منها ميما لمؤخاتها النون والباء. ألا ترى أنهم لم يُدْغِمُوا الميم في الباء مع قرب المخرجين والمشاركة في الجهر والهمس، في نحو قوله: وهو بربهم. قال سيبويه في تعليل ذلك: لأنهم يقلبون النون ميما في قولهم: العنبر، ومن بدا لك، فلما وقع مع الباء الحرف الذى يفرون إليه من النون، لم يغيروه، وجعلوه بمنزلة النون، إذا كانا حَرْفَى غُنَّة. وقال: ولم يجعلوا النون باء، لبعدها في المخرج من الباء، وأنها ليست فيها غُنَّة، يعنى: الباء. قال: ولكنهم أبدلوا من مكانها أشبه الحروف بالنون، وهى الميم، وهذا تعليل سيبويه للنون مع الباء. فأما إدغام الباء في الميم فهو حسن. وقد قرئ في قوله:- يعذب من يشاء، و، اركب معنا، ولابد من إظهار الغُنَّة في هذا أيضاً إذا أدغمت، لأنك أبدلت من الباء ميما ساكنة، وفيها غُنَّة، فلابد من إظهارها في حال الإدغام في نفس الحرف الأول فاعلمه، ولا غُنَّة في حال الإظهار".أ.هـ. وقال العلامة ملا علىٰ بن سلطان مُحَمّد القارئ (ت1014هـ) في كتابه المنح الفكرية ص176 طبعة مؤسسة قرطبة: "ووجد القلب عسر الإتيان بالغُنَّة في النون والتنوين مع إظهارهما ثم إطباق الشفتين لأجل الباء، ولم يدغم لاختلاف نوع المخرج وقلة التناسب فتعين الإخفاء ويتوصل إليه بالقلب ميما لتشارك الباء مخرجا والنون غُنَّة. وقال سيبويه في تعليل ذلك: أى: في وجه تخصيص قلبهما ميما من بين سائر الحروف، لأنهم يقلبون النون ميما في قولهم العنبر، و، من بدا لك. فلما وقع مع الباء الحرف الذى يفرون إليه من النون لم يغيروه، وجعلوه بمنزلة النون إذا كانا حَرْفَى غُنَّة، ولم يجعلوا النون باء لبعدها في المخرج من الباء، ولأنها ليست فيها غُنَّة أى في الباء، ولكنهم أبدلوا مكانها من أشبه الحروف بالنون وهى الميم، ثم قوله: كذا متعلقات المصراع الآتى أى: وكذلك بغُنَّة".أ.هـ.
ويجب أن يحترز القارئ عند التلفظ بالقلب من كز الشفتين علىٰ الميم المقلوبة في اللفظ، لئلا يتولد من كزهما غُنَّة من الخشيوم ممططة، فليُسكِن الميم بتلطف من غير ثقل ولا تعسف .
ومن أمثلة الإقلاب:-
حرف الإقلاب مثاله مع النون من كلمة واحدة مثاله مع النون من كلمتين مثاله مع التنوين ولا يكون إلا بين كلمتين كيفية نطق التنوين
باء أَنبِئُونِي
(البَقَرَة31) وَأَمَّا مَن بَخِلَ
(اللَّيْل8) سَمِيعٌ بَصِيرٌ
(الَحجّ 61و75 ولُقْمَان28 والمُجَادلَة1) سميعُمْ بَصير

علامة القلب (الإقلاب) في المصحف الشريف:- ترك النون الساكنة سكون ميت لعلامة السكون، ووضع علامة ميم رقعة (م) فوقها. وفى التنوين وضع علامة ميم رقعة بدل الحركة الثانية في التنوين سواء أكان تنوين فتحتين (- م)، أم تنوين كسرتين (- م)، أو تنوين ضمتين (و م).


الإخفاء الحقيقـــــى
تعريفــه: لغة الستر. واصطلاحا هو النطق بالحرف بصفة بين الإظهار والإدغام، عاريا عن التشديد مع بقاء الغُنَّة في الحرف الأول، أى هو النطق بالنون الساكنة سكون ميت أو التنوين، بصفة متوسطة بين الإظهار والإدغام بدون تشديد، مع بقاء الغُنَّة في النون الساكنة سكون ميت أو التنوين. معنىٰ هذا التعريف:- إن تعريف الإخفاء يعنى أن الإخفاء، فيه شبه بالإظهار، وفيه اختلاف عنه. وأيضا فيه شبه بالإدغام، وفيه اختلاف عنه. وهذا ما يوضحه الجدول التالى:-

الحُكم الجزء اللسانى
(النون) الجزء الخيشومى
(الغُنَّة)
الإظهار موجود موجود
الإخفاء معدوم موجود
الإدغام معدوم معدوم

أى أن الإخفاء مثل الإدغام في الجزء اللسانى، ومخالف له في الجزء الخيشومى. كما وأن الإخفاء مثل الإظهار في الجزء الخيشومى، ومخالف له في الجزء اللسانى. وذلك لأن الإخفاء صفة وسط بين الإظهار والإدغام. فالإظهار إبقاء لذات الحرف وصفته معا. أما الإدغام فهو إذهابهما معا. والإخفاء إذهاب لذات الحرف وهو النون أو التنوين هنا (من اللفظ)، وإبقاء صفتهما التى هى الغُنَّة، فانتقل مخرجهما من اللسان إلىٰ الخيشوم .
حروف الإخفاء الحقيقى:- خمسة عشر حرفا، وهى الباقية من أحرف الهجاء بعد أحرف الإظهار الستة والإدغام بغُنَّة أربعة حروف والإدغام بغيرغُنَّة حرفان والقلب حرف واحد. وحروف الإخفاء الحقيقى الخمسة عشر مجموعة في أوائل كلمات هاذين البيتين مع مراعاة أن الجيم مكررة لإقامة الوزن:-
ضحكت زينب فأبدت ثنايــــــا * تركتنى سكران دون شرابى
طوقتنى ظلمــــا ملائـــــــــد ذل * جرعتنى جفونها كأس صابى
ومجموعة أيضاً في أوائل كلم هذا البيت:-
صف ذا تنا جود شخص قد سما كرما * ضع ظالما زد تقى دم طالبا فترى
وجمعها العلامة الشيخ سليمان بن حسين بن مُحَمّد الجمزورى في تحفة الأطفال في أوائل كلم هذا البيت:-
صف ذا ثنا كَم جاء شخص قد سما * دم طيبا زد في تقى ضع ظالما
كما جعلها العلامة بن القاصح مُرتبة في أوائل كلمات هذا البيت:-
تلاثم جاد رد كازاد ســــل شــــذا * صفا ضاع ظل في قرب كلا
فإذا جاء حرف من هذه الأحرف الخمسة عشر بعد النون الساكنة سكون ميت من كلمة أو كلمتين، أو بعد التنوين ولا يكون إلا في كلمتين، وجب الإخفاء، ويُسَمَّى إخفاء حقيقيا لتحقق الإخفاء فيهما أكثر من غيرهما. فالنون الساكنة سكون ميت والتنوين ذاتهما يكادان أن يكونا معدومين، ولو يبق منهما إلا الغُنَّة فقط. كما سُمّـِي حقيقيا لاتفاق العلماء علىٰ تسميته كذلك.
حجة أو سبب الإخفاء الحقيقى:- أن النون الساكنة والتنوين، لم يقرب مخرجهما. (تخرج الغُنَّة من الخيشوم) من مخارج الحروف الخمسة عشر، كقربة من مخارج حروف الإدغام فيدغما، ولم يبعد مخرجهما عن مخرج هذه الحروف الخمسة عشر، كبعده عن مخارج حروف الإظهار فيظهرا. فلما عُدِم القُرْب الموجب للإدغام، وعُدِم البُعْد الموجب للإظهار، أعطيا حُكما متوسطا بين الإدغام والإظهار، وهو الإخفاء الحقيقى. قال الإمام أبى عمرو عثمان بن سعيد الدانى الأندلسى (371هـ أو 372هـ- 444هـ) في كتابِهِ التحديد في الإتقان والتجويد ص115: "وإنما أخفيا عندهن لأنهما لم يبعدا منهن كبعدهما من حروف الحلق، فيجب الإظهار للتراخى، ولم يقربا منهن كقربهما من حروف (لم يرو) فيجب الإدغام للمزاحمة، فأخفيا فصارا عندهن لا مظهرين ولا مدغمين، وغنتهما مع ذلك باقية، ومخرجهما من الخيشوم خاصة، ولا عمل للسان فيهما، والخيشوم خرق الأنف المنجذب إلىٰ داخل الفم. وإخفاؤهما علىٰ قدر قربهما وبعدهما، فما قَرُبَا منه كانا عنده أخفى مما بَعُدَا عنه. والفرق بين المخفى والمدغم أن المخفى مخفف والمدغم مشدد، والله أعلم.أ.هـ.
كيفية الإخفاء الحقيقى:- ينطلق بالنون الساكنة سكون ميت والتنوين، غير مظهرين وغير مدغمين، بل بحالة متوسطة بينهما، عاريين عن التشديد، مع بقاء الغُنَّة فيهما. قال الإمام عبد الوهاب بن مُحَمّد القرطبى (403هـ- 461هـ أو 462هـ) في كتابِهِ الموضح في التجويد ص170: "النون والتنوين يخفيان عند خمسة عشر حرفا من حروف الفم وهى: القاف والكاف والجيم والشين والضاد والصاد والسين والزاى والطاء والدال والتاء والظاء والذال والثاء والفاء. ومعنىٰ خفائها ما قدمناه من اتصال النون بمخارج هذه الحروف واستتارها بها وزوالها عن طرف اللسان، وخروج الصوت من الأنف من غير معالجة بالفم. ولذلك إذا لفظ بها لافظ وسد أنفه بان الاختلال فيها، ولو تكلف متكلف إظهارها وأخراجها من الفم لأمكن، ولكن بعلاج، وهذا يبين بالمحنة (الامتحان أو الاختبار). فمثال إخفاء النون مع القاف قوله تعالىٰ: وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ (الأَنْعَام93)، ومع الكاف: مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ (البَقَرَة98)، ومع الجيم: مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ (النَّمْل89)، ومع الشين: وَلَئِن شِئْنَا (الإِسْرَاء86)، ومع الضاد: وَمَن ضَلَّ (يُونُس108)، ومع الصاد: مِن صَلْصَالٍ (الْحِجْر26)، ومع السين: مِن سَبِيلٍ (التَّوْبَة91)، ومع الزاى: مِّن زَوَالٍ (إبْرَاهِيم44)، ومع الطاء: عَن طَآئِفَةٍ (التَّوْبَة66)، ومع الدال: مِن دُعَاء الْخَيْرِ (فُصِّلَت49)، ومع التاء: أَن تَبَوَّءَا (يُونُس87)، ومع الظاء: مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ (سَبَإ22)، ومع الذال: مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا (صٓ8)، ومع الثاء: مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً (البَقَرَة25)، ومع الفاء: مَن فَعَلَ هَذَا (الأَنبِيَاء59).
وإنما خفيت النون مع هذه الحروف لأنها حروف الفم، والنون أيضاً لها مخرج من الفم، والإخفاء في طلب الخفة به كالإدغام في طلب الخفة به، فلما أمكن استعمال الخيشوم وحده في النون ثم استعمال الفم فيما بعده كان أخف عليهم من استعمال الفم في إخراج النون ثم عودهم إليه فيما بعدها. وهو معنىٰ قول سيبويه –رضى الله عنه– كان أخف عليهم أنه لا يستعملوا ألسنتهم إلا مرة واحدة. ولا يقع لبس في خروجها من الخيشوم، وساغ ذلك في حروف الفم دون حروف الحلق لقرب مدخل الخيشوم ومخرجه من حروف الفم دون حروف الحلق".أ.هـ.
ماذا نفعل لنطق الإخفاء الحقيقى؟ - ثلاثة أمور:- أولها: تهيئة الفم من الحرف السابق للنون الساكنة إلىٰ مخرج الحرف التالى لها. وثانيها: نطق غُنَّة كاملة من الخيشوم بنسبة 75%. وثالثهما: نطق صويت ضئيل من الفم بنسبة 25% بسبب عدم انغلاق مخرج النون انغلاقا تاما (الجزء اللسانى).

الفرق بين الإخفاء والإدغام:-
1- الإخفاء لا تشديد فيه مطلقا للحرف التالى، بخلاف الإدغام فقد يكون فيه تشديد للحرف التالى (وهو: النون أو الميم أو اللام أو الراء) وقد يكون مجردا دون تشديد الحرف التالى (وهو: الياء أو الواو).
2- إخفاء الحرف يكون عند الحرف التالى، تقول أخفيت النون عند السين، أى قبل نطق حرف الإخفاء. أما إدغامه فيكون في الحرف التالى، تقول أدغمت النون في اللام، أى في نطق الحرف المدغم فيه.
3- لا يشترط في الإخفاء أن يكون من كلمتين، فيكون في كلمة ويكون في كلمتين، عكس الإدغام لابد أن يكون بين كلمتين ولو كان في كلمة واحدة لكان إظهارا مطلقا أو شاذا كما سلف.
4- الإخفاء مع جميع حروفه الخمسة عشر فيه غُنَّة في النون الساكنة والتنوين، أما إدغام هذين النونين فقد يكون بغُنَّة إذا كان بعدهما أحد أربعة حروف مجموعة في كلمة ينمو، وقد يكون بدون غُنَّة إذا كان بعدهما لام أو راء (من طريقى الشاطبية والتيسير) وكما توضح.
مراتب الإخفاء الحقيقى:- ثلاث مراتب:-
1- أقربها مخرجا إلىٰ النون المخفاة (من الخيشوم) ثلاثة حروف، هى الحروف النطعية التى تخرج من ظهر طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا، وهى الطاء والدال والتاء. فهى أعلى وأشد مراتب الإخفاء.
2- أبعدها مخرجا إلىٰ النون المخفاة (من الخيشوم) حرفان، هما الحرفان اللهويان: القاف والكاف. فهذه المرتبة أدنى وأقل مراتب الإخفاء، لدرجة تقارب الإخفاء من الإظهار.
3- أوسطها عند الأحرف العشرة الباقية، فهى متوسطة في القرب والبعد من وإلى الخيشوم مخرج النون المدغمة والمخفاة . قال الإمام مُحَمّد بن أبى بكر المرعشى الملقب بساجقلى زاده (ت1150هـ) في كتابِهِ جُهد المُقل ص203: "الإخفاء يشبه المد لأن التلفظ بالغُنَّة الظاهرة يحتاج إلىٰ التراخى، لما قال في التمهيد: إن الغُنَّة التى في النون والتنوين أشبهت المد في الواو والياء، وكذا حفظنهاه من مشافهة شيخنا نسيج وحده في الأداء، رحمه الله تعالىٰ وجزاه عنا خيرا، لكنه كان يحذرنا عن المبالغة في التراخى. واعلم أن الإخفاء علىٰ ثلاث مراتب يتوقف بيانها علىٰ تقديم مقدمة وهى: إن الغُنَّة صفة النون الساكنة وأثرها الباقى عند إخفاء ذاتها، فمعنىٰ صغر إخفاء النون كبر أثرها الباقى. ومعنىٰ كبر إخفائها: صغر أثرها الباقى إذ ذاتها معدومة عند الإخفاء علىٰ كل حال. وحروف الإخفاء علىٰ ثلاث مراتب:أقربها مخرجا إلىٰ النون ثلاثة: الطاء والدال المهملتان والتاء المثناه الفوقية، وأبعدها: القاف والكاف، والباقى متوسطة في القرب والبعد. قال. وللإخفاء مراتب فكل حرف هو أقرب إلىٰ النون يكون الإخفاء عنده أزيد، وما قَرُبَ إلىٰ البعد يكون الإخفاء عنده دون ذلك، وتظهر فائدته في تفاوت الغُنَّة. انتهى. قوله: وما قَرُبَ إلىٰ البعد، هو المتوسط. ولم يذكر البعيد بل ذكره بن الجزرى في التمهيد، بعد القريب، لكن لم يذكر المتوسط. أقول (المرعشى): وبالجملة إن مراتب الحروف ثلاث، فإخفاؤها عند الحروف الثلاثة الأولى أزيد وغنتهما الباقية قليلة، بمعنىٰ أن زمان امتداد الغُنَّة قصير، وإخفاهما عند القاف والكاف أقل، وغنتهما الباقية كثيرة. بمعنىٰ أن زمان امتدادها طويل. وإخفاؤها عند بواقى الأحرف متوسط، فزمان غنتهما متوسط، ولم أر في مؤلف تقدير امتداد الغُنَّة في هذه المراتب"أ.هـ.
علامة الإخفاء الحقيقى في المصحف الشريف:- مثل علامة الإدغام بالضبط. فالنون الساكنة سكون ميت خالية وعارية نهائياً من السكون ومن أى حركة. وعلامات التنوين متتابعة متتالية متلاحقة وراء بعض ( ً) ( ٌ) مثل علامات تنوين الإدغام. ولكن دائما وفى جميع الأحوال في الإخفاء الحقيقى، لا يتم تشديد الحرف التالى وهو حرف الإخفاء، فدائما يكون مجردا غير مشدد. ومن أمثلة الإخفاء الحقيقى ما يلى:-
حرف الإخفاء مثاله مع النون في كلمة واحدة مثاله مع النون في كلمتين مثاله مع التنوين ودائما بين كلمتين كيفية نُطْق التنوين
ص يَنصُرْكُمْ
(آلِ عِمْرَان 160 والتَّوْبَة14 ومُحَمّد7 والمُلْك20) مِن صَلْصَالٍ (الْحِجْر 26و28 و33 والرَّحْمَٰن14) رِيحًا صَرْصَرًا
(فُصِّلَت16 والقَمَر19) ريحَن صرصرا
ذ مُنذِرٌ
(الرَّعْد7 وص 4و65 وق2ٓ والنَّازِعَات45) مَن ذَا الَّذِي
(البَقَرَة 245و255 والأَحْزَاب17 والحَدِيد11) سِرَاعًا ذَلِكَ
(ق44ٓ) سراعَن ذلك
ث مَّنثُورًا
(الفُرقَان23 والإِنسَان19) فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ
(القَارِعَة6) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ
(التَّكْوِير21) مطاعِن ثم أمن
ك يَنكُثُونَ
(الأَعْرَاف135 والزُّخْرُف50) فَمَن كَانَ
(البَقَرَة 184و196 والكَهْف110) كِرَامًا كَاتِبِينَ
(الانفِطَار11) كرامَن كاتبين
ج أَنجَيْنَاكُم
(الأَعْرَاف141 وطَـٰه80) إِن جَاءكُمْ
(الحُجُرَات6) فَصَبْرٌ جَمِيلٌ
(يُوسُف 18و83) فصبرُن جميل
ش أَنشَرَهُ
(عَبَسَ22) إِن شَاء اللَّهُ
(وردت 6مرات أولها البَقَرَة70 وآخرها الفَتْح27) رَسُولًا شَاهِدًا
(المُزَّمِّل15) رسولَن شاهدا
ق يَنقَلِبُونَ
(الشُّعَرَاء227) فَإِن قَاتَلُوكُمْ
(البَقَرَة191) كُتُبٌ قَيِّمَةٌ
(البَيّنَة3) كتبُن قيمة
س نَنسَخْ
(البَقَرَة106) مِن سُلَالَةٍ
(المُؤْمِنُون12 والسَّجْدَة8) عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ
(التَّحْرِيم5) عابداتِن سائحات
د أَندَاداً
(وردت 6مرات أولها البَقَرَة22 وآخرها فُصِّلَت9) وَمَن دَخَلَهُ
(آلِ عِمْرَان97) قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ
(الأَنْعَام99) قنوانُن دانية
ط يَنطِقُونَ
(الأَنِيَاء 63و65 والنَّمْل85 والمُرْسَلات35) مِن طَيِّبَاتِ
(وردت 5مرات أولها البَقَرَة57 وآخرها طَـٰه81) شَرَابًا طَهُورًا
(الإِنسَان21) شرابَن طهورا
ز أَنزَلْنَاهُ
(وردت 14مرة أولها الأَنْعَام92 وآخرها القَدْر1) مَن زَكَّاهَا
(الشَّمْس9) صَعِيدًا زَلَقًا
(الكَهْف40) صعيدَن زلقا
ف فَانفِرُواْ
(النِّسَاء71) مِن فَضْلِ اللّهِ
(يُوسُف38 والحَدِيد29 والمُزَّمِّل20) شَيْئًا فَرِيًّا
(مَرْيَم27) شيئَن فريا
ت مُّنتَهُونَ
(المَائِدَة91) وَإِن تَصْبِرُواْ
(آلِ عِمْرَان 120و125 و186) حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا
(النَّحْل14 وفَاطِر12) حليتَن تلبسونها
ض مَّنضُودٍ
(هُود82 والوَاقِعَة29) مِن ضَرِيعٍ
(الغَاشِيَة6) قَوْمًا ضَالِّينَ
(المُؤْمِنُون106) قومَن ضالين
ظ فَانْظُرُواْ
(وردت 5مرات أولها آلِ عِمْرَان 137 وآخرها الرُّوم42) مَن ظَلَمَ
(الكَهْف87 والنَّمْل11) قُرًى ظَاهِرَةً
(سَبَإ18) قُرَن ظاهرة

لحن شائع عند إخفاء النون:- يجب الحذر في حالة إخفاء النون من أن يشبع القارئ الضمة قبلها أو الفَتْحة أو الكسرة، حتى لا يتولد حرف مد –غير موجود أصلا– من الحركة. فيجب ألا يتولد من الضمة واو، في مثل: كُنتُمْ (وردت 199مرة أولها البَقَرَة23 وآخرها المُطَفِّفِين17) فتصبح خطأ كونتم. ويجب ألا يتولد من الفَتْحة ألف، في مثل: عَنكُم (وردت 24مرة أولها البَقَرَة52 وآخرها التَّحْرِيم8) فتقرأ خطأ عَانكُم. ويجب ألا يتولد من الكسرة ياء، في مثل: مِنكُمْ (وردت 107مرة أولها البَقَرَة65 وآخرها التَّكْوِير28) فتنطق خطأ مِينكُم. وليتحرز القارئ أيضاً من المد عند الاتيان بالغُنَّة في النون والميم اللذين لا تكون الغُنَّة إلا فيهما فقط. فمثلا: إِنَّ الَّذِينَ (وردت 84مرة أولها البَقَرَة6 وآخرها البَيّنَة7)، وَإِمَّا فِدَاءً (مُحَمّد4)، المبالغة في وضوح الغُنَّة يتولد منها حرف مد، فيصبح اللفظ خطأ: إِينَّ الَّذِينَ، وَإِيِمَّا فِدَاءً بدلا من اللفظ الصحيح: إِنَّ الَّذيِنَ، وإِماَّ فِدَآءً. وليتحرز القارئ أيضاً من إلصاق اللسان فوق الثنايا العليا عند إخفاء النون. وطريق الخلاص من ذلك، هو ابتعاد اللسان قليلا عن الثنايا العليا عند النطق بالإخفاء. وبطبيعة الحال يجب عدم ترك الغُنَّة في موضعها، ويجب عدم إظهار النون في حالة الإخفاء.

الغُنَّـــــــــــــــة
تعريفها: لغة:- هى صوت له رنين في الخيشوم. اصطلاحا هى صوت لذيذ رخيم أو طروب مركب في جسم النون والميم فقط، ويخرج هذا الصوت من الخيشوم، ولا عمل للسان فيه. وقيل إنه يشبه صوت الغزالة إذا ضاع ولدها.
محل الغُنَّة:- محل الغُنَّة في النون والميم لا في غيرهما من الحروف. والنون أغن من الميم، لأن النون آصل فيها الغُنَّة عن الميم، لقرب مخرج النون (طرف اللسان وما يحاذيه من لثة الأسنان العليا) من الخيشوم (مخرج الغُنَّة). ويلحق التنوين بالنون.
مخرج الغُنَّة:- الغُنَّة فقط تخرج من الخيشوم، الذى لا يخرج منه إلا الغُنَّة. والخيشوم هو أعلى الأنف وأقصاه من الداخل، أو هو التجويف من أعلى الحلق من الداخل حتى فتحتى الأنف من الخارج. فالغُنَّة هى الصفة الوحيدة التى تتعلق بالمخرج.
كيفية النطق بالغُنَّة:- عند إخفاء النون الساكنة سكون ميت أو التنوين في حرف من حروف الاستعلاء (خص ضغط قظ)، يجب تفخيم الغُنَّة. فمثلاً: إذا رققت الغُنَّة التى بعدها حرف صاد تأتى هذه الصاد سين. وإذا رققت الغُنَّة التى بعدها حرف ضاد، تأتى هذه الضاد دال. وإذا رققت الغُنَّة التى بعدها حرف طاء، تأتى هذه الطاء تاء. وإذا رققت الغُنَّة التى بعدها حرف ظاء، تأتى هذه الظاء ذال. وإذا رققت الغُنَّة التى بعدها حرف قاف تأتى هذه القاف كاف. وهكذا. وبعبارة أخرى، إن الغُنَّة تتبع ما بعدها تفخيماً وترقيقاً. فإذا كان ما بعدها حرف استعلاء فُخمت، مثل: يَنطِقُونَ (الأَنبِيَاء 63و65 والنَّمْل85 والمُرْسَلات35)، فَلْيَنظُرْ (الكَهْف19 والحَجّ15 وعَبَسَ24 والطَّارِق5). وإذا كان ما بعد الغُنَّة حرف إستفال رُققت، مثل مَا نَنسَخْ (البَقَرَة106)، مِن مَّاء (وردت 7مرات أولها البَقَرَة164 وآخرها الطَّارِق5). والغُنَّة في ذلك عكس الأَلِف المدية وهى الساكنة سون ميت، فإنها تتبع ما قبلها تفخيما وترقيقا. فمثلا الأَلِف المدية مفخمة في كلمة الطَّامَّةُ (النَّازِعَات34) لأنه يسبقها حرف مفخم دائما هو حرف الطاء. وأيضا الأَلِف المدية مفخمة في كلمة الصَّاخَّةُ (عَبَسَ33) لأنه يسبقها حرف الصاد وهو مفخم دائما. وذلك في حين أنه تكون الأَلِف المدية مرققة في كلمة دَآبَّةٍ (وردت 14مرة أولها البَقَرَة وآخرها الجَاثِيَة4) لأن قبلها حرف الدال وهو مرقق دائماً. كذلك كلمة الحَاقَّة (الحَاقَّة 1و 2 و3) تكون الأَلِف المدية مرققة لأن قبلها حرف الحاء المرقق دائما.
مراتب الغُنَّة أو أزمنة الغنن:- هى علىٰ المشهور خمسة، حيث تكون الغُنَّة في النون والميم المشددتين:
1- أكمل وأوضح وأطول ما تكون، وأكمل من النون والميم المدغمتين. وفى النون والميم المدغتين.
2- غُنَّة كاملة أكمل من النون والميم المخفيتين (أو الميم المقلوبة عن النون الساكنة والتنوين اللذين بعدهما باء).
3- وفى النون والميم المخفيتين والقلب غُنَّة كاملة أكمل من النون والميم الساكنتين المظهرتين.
4- حيث تكون الغُنَّة ناقصة وقليلة. وفى النون والميم الساكنتين المظهرتين أكمل من النون والميم المتحركتين بضمة أو فتحة أو كسرة.
5- حيث تكون أنقص وأقصر ما تكون. والواقع أن الغُنَّة لا تكون واضحة إلا في المراتب الثلاث الأولى وهى المشدد والمدغم والمخفى، حيث تبلغ درجة الكمال فيهن. أما في حالة الساكن المظهر والمتحرك فالثابت فيها أصلها فقط لا كمالها . ولذلك نجد أن فريقا من العلماء يرى أن مراتب الغُنَّة ثلاثة فقط هى الثلاثة الأولى فقط دون الأخيرتين. ومما هو جدير بالذكر أن الغُنَّة في المرتبة الأولى في النون والميم المشددتين، تكون سواء في كلمة واحدة أم في كلمتين، وسواء في حالة وصل ودرج القراءة أم في حالة الوقف علىٰ نون مشددة أو علىٰ ميم مشددة، فيجب غنهما غُنَّة واضحة. وهذا بخلاف باقى مراتب الغُنَّة تكون الغُنَّة في حالة وصل واستمرار القراءة فقط، ولا غُنَّة في حالة الوقف عليها.
وثمة رأى آخر يعتقد أن مراتب الغُنَّة أربعة فقط:
أولها: في النون والميم المشددتين والمدغمتين، معا في مرتبة واحدة أُولى.
وثانيها: في النون والميم المخفيتين أو في حالة الإقلاب.
وثالثهما: في النون والميم الساكنتين المظهرتين.
ورابعها أخيرا: في النون والميم المتحركتين. ولا تكون الغُنَّة واضحة إلا في المرتبتين الأولى والثانية فقط.
ضابط أزمنة الغنن:- حسب مراتب الغُنَّة المذكورة توا، وحسب مراتب القراءة أى بطئها وسرعتها: ففى التحقيق أطول وأبطأ ما تكون. وفى الحِدر أسرع وأقصر ما تكون. وفى المرتبة أو المراتب الوسط تكون بين التحقيق والحدر. ويقال إن المقصود بكمال الغُنَّة في النون والميم المشددتين والمدغمتين والميم المقلوبة عن النون والتنوين (بعدهما باء)، ونقصانها في النون والميم المظهرتين والمتحركتين، هو قوة الغُنَّة وكمال اعتمادها علىٰ الخيشوم ونقصه، وليس من حيث الزمن في مراتب الغُنَّة، لأن الفروق الزمنية قليلة يصعب تمييزها إلا الماهر في القراءة.
الحرف المشدد:- المعروف أن الحرف المشدد أصله مكون من حرفين متماثلين وأولهما ساكن وثانيهما هو نفسه لكنه متحرك لفظا (نطقا وقراءة)، ووصلا (عند استمرار ودرج القراءة)، وليس خطا (كتابة ورسما) ولا وقفا (عند الوقف عليه). فيدغم الحرف الأول الساكن في مثيله الثاني المتحرك، بحيث يصيران حرفا واحدا كالثاني مشددا وبحركة الحرف الثاني.

انتهى
من كتاب (الوافي في علم التجويد)
للعالِم الشيخ الأستاذ الدكتور
سمير إسماعيل بن حامد بن حسن بن إسماعيل
حفظه الله
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[ تجمع ] : كلمات منتقاة حول الصيام - أ.د. سمير إسماعيل بن حامد بن حسن بن إسماعيل Dr Samir Esmail اللغة العربية 1 2019- 5- 27 09:44 AM
[ تجمع ] : الوافي في علم التجويد - أ.د. سمير إسماعيل بن حامد بن حسن بن إسماعيل Dr Samir Esmail اللغة العربية 0 2017- 5- 19 02:46 PM
[ محتوى مقرر ] : رعاية الفئات الخاصه s w w a 7 اجتماع 8 4 2015- 12- 20 02:59 PM


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 05:45 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه