|
اجتماع 3 طلاب وطالبات المستوى الثالث التعليم عن بعد علم اجتماع جامعة الملك فيصل |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
معليش للكل ممكن مساعدة
ممكن المساعدة فى مادة الاخلاق الاسلامية من المحاضرة التاسعة حتى الاخيره وكذلك مادة الانتر نت من السابعة حتى الاخيرة واذا فيه ملزمه كاملة لهم شاكر كريم التعاون كذلك اذا فيه محذوف فى الملازم اللى عندنا ماهو مع الشكر
|
2011- 1- 2 | #2 |
متميزه بملتقى المواضيع العامة
|
رد: معليش للكل ممكن مساعدة
الاخلاق الاسلامية وآداب المهنة_منالمحاضرة الـ 11 الى المحاضرة الـ 14
المحاضرة الحاديةعشرة تابع : طريقة خدمة الجماعة : أخصائي خدمة الجماعة : - الاعتبارات التيتؤثر في دور الأخصائي الاجتماعي: - واجبات أخصائي خدمة الجماعة: لعوامل التي تؤثر عمل أخصائي خدمةالجماعة: بعضالعوامل التي تؤثر على مدى تأدية أخصائي الجماعة لمسئولياتهودوره. أ - العوامل الشخصية. ب – العوامل الخارجية. ج - المهارات التي يجب على الأخصائياكتسابها. مهارات أخصائي خدمة الجماعة : - المهارة في استخدام وظيفةالمؤسسة. - المهارة في تقدير المشاعر وحسن استخدامها. - المهارة في استخدام العلاقاتالجماعية. شروط يجب على الأخصائي معرفتها في العلاقات الجماعية : • إن تكون مهنية بمعنى. • إلاتقوم على أساس مالي فلا يستدين الأخصائي من عضوالجماعة0 • إن تتصف بالاستمرارية حتى وان انقطعتلفترة معينة. • إن تقوم على أساس الثقة المتبادلة بينالأخصائي وأعضاء الجماعة0 • إن تقوم كذلك على أساسالاحترام المتبادل. • أن تقوم على أساس الحريةالمتبادلة سواء من جانب الأخصائي أو أعضاءالجماعة0 ثالثاً : طريقة تنظيم المجتمع مقدمة: - مع ظهور مهنةالخدمة الاجتماعية ظهرت الطريقة الثالثة وهي طريقة تنظيم المجتمع ، وقد بدأت ببعضصور النشاط لتنسيق عمل الهيئات التي تقدم العون المادي للمحتاجين. وفي سنة 1882بدأت أول محاولة لتنفيذ فكرة التمويل المشترك لتنسيق جهود الهيئات في جمع المالاللازم ثم اتفاقه على أغراض تلك الهيئات بدلا من بعثرة الجهود. - أول عمل علمي منظمما قام بهلندمان سنة 1921حيث أصدر كتابا ضمنه بعضالأسس والقواعد التي ينبغي مراعاتها للقيام بمهمة تنظيمالمجتمع. - ثم أعقبه ستاينرفوضع كتابا قيما في أصول تنظيم المجمع ، ثم اخذ تنظيم المجتمع يتطور ويتسع مداه إلىأن أصبح مادة تدرس في مدارس الخدمة الاجتماعية0 _______________________________________ المحاضرة الثانيةعشرة الأمانةالمهنية تعريفالأمانةالمهنية: الأمانة لغة:عكس الخيانة , وتفيدالأمن والاطمئنان وعدم الخوف. وتطلق أيضاً على كل ما عهد به إلى الإنسانمن حقوق أوواجبات أو حاجاتللآخرين , فيطالب بالحفاظ عليها وإيصالها إلى ذويها سالمة. قالتعالى: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَىأَهْلِهَا). وقال أيضاً: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَوَالرَّسُولَوَتَخُونُواأَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ). والأمانة المهنية تعني فيالاصطلاح:الحفاظ على المهنة بحفظ عهدها وعدمالخيانة فيها. وتتمثلفي أصول ثلاثة هي: 1.ما يخصحقيقةالمهنة: وذلك بالحفاظعلى خصوصية العلاقةبين أطرافالمهنة بحسب طبيعة المهنة, مما يعرف عند الناس بأنه نقض للعهد, وإفشاءلأسرارها. 2.مايخص التصرف فيالمهنة: وذلك من خلالالحفاظعلى مصالح المهنةالحقيقية, لا مصالحه الشخصية على حساب المهنة. فلا يسرف فيالإنفاق فيما يستلزم الإنفاق, ولا يستغل مهنته أومنصبه ليقدم مصالحه الشخصية علىمصالح المهنة. 3. مايخص وسيلةالمهنة: سواءٌ فيالوصول إليها أوفي أدائها, فيجب أن تكون مشروعة لأن الغاية لا تبرر الوسيلة, وللوسائل حكمالمقاصد, فلا كذب ولا غش ولا نفاق ولا غيبة ولانميمة. شروط الأمانةالمهنية: من خلال تعريف المهنة يمكن وضع أهم الشروط التي يجبتوافرها لتحقيقالأمانةالمهنية, وتلخيصها في الآتي: الشرطالأول: أن يحافظجميعالأطراف على أسرار المهنةمما يعد إفشاؤه نقضاً للعهد. فمثلاً الطبيب يطالببالحفاظ على نوعين منالأسرار: أ- ما يتعلق بجهة عمله كالمستشفىفلا يفشيأسرارها. ب-ما يتعلق بالمريضووضعه الصحي مما يعد سراً فلا يفشيه. وعليه فلايدخل في أسرار المهنة: أ-ما لا علاقة لهبالمهنة كأن يعترفالمريض أمامالطبيب بأنه قد ارتكب جريمة أو جناية في حق آخرين, أو اعتدىعليهم. ب ـما لا يعد سراً بين الناس ولا يعد الكشف عنه نقضاًللعهد, كأن يذكر اسمالمريض أومهنته أو مكان إقامته. جـما يعد سراً ولكنإفشاؤه في تلك الحالة مطلوبلجهة محددة لتعلق مصالحهم بالكشف عنها, وذلك كما لو أقد طرف على خطبة منآخر, فأجروا فحوصات طبية, فتم إجراؤها فيجب هنا الكشف عنحقيقة الوضع للأطراف, ولا يجوزإخفاؤها. والمستشفىتحتفظبنوعين منالأسرار: أـما يتعلق بالطبيبمن حيث أجرته أو الجزاءاتالإدارية الواقعة عليه مثلاً. بـما يتعلق بالمريضمما يعد كشفه نقضاً للعهد, ومضراً به. والمريض يحتفظ أيضاًبنوعين من الأسرار: أـما يتعلقبالمستشفى أو الجهة الطبية من معاملةخاصة كتخفيض الأجر مثلاً ومراعاة ظروفه الخاصة. ب ـمايتعلقبالطبيب كأن يكون قدعامله بصورة مخصوصة مثل السماح له بمراجعته خارج أوقات الدوامالرسمي, أو مراجعته في بيته ... أو غير ذلك مما يعدالكشف عنه مزعجاًللطبيب. الشرطالثاني: أن يلتزم أصحاب الشأن فيالمهنة الرشد فيالتصرف من غيرإسراف أو استغلال. فمثلاً الطبيبلايستغل ما وضع تحت تصرفه منالأجهزة في سبيل معالجة أصحابه وقرابته من غير إذن صاحب العمل , كما أنه لا يسرف في استعمال الأدوات الطبيةالتي وضعت تحتتصرفه. والمستشفى لاتستغل الطبيب في طلبه خارج أوقاتدوامه في سبيل مصالحها, أو الكشف على مرضى غير مدرجين فيقائمةعمله. والمريض لا يستغل فرصة وجوده مع الطبيب في السؤالعن أعراض مرضية يعاني منها بعض من يخصونه. وهكذا. الشرطالثالث: أن يلتزم أصحاب الشأن فيالمهنة السبل المشروعة التي تحفظ شرف الوسيلةلشرف المقصد , فلا مجال للكذب ولا للنفاقولاللغشولاالغيبة ولاالنميمة. التوجيهالفقهي لخلقالأمانة المهنية: ماذكرناهسابقاً في الطهارةالمهنية وما بعدها يتكرر هنا ومن ثمَّ فلا داعي لإعادته مرةأخرى. بمعنى أن الحد الأدنى من الأمانة المهنيةضرورية وقد تم التنصيص عليه من خلالالقوانين والعقود, فإذا نحن هنا سنتناول ما وراء ذلك. كما أن الأمانة المهنية تختلف من مهنة إلى أخرى, وكذلك لا شأن لنابماوراءالمهنة . أدلةالأمانةالمهنية: يدل لخلق الأمانة المهنية آياتعديدة من كتاب الله وأحاديث نبوية كثيرة نذكر بعضها فيمايأتي: فالتعالى: [إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِإِلَى أَهْلِهَا], وقال أيضاً: [يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوااللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْتَعْلَمُونَ]. فهذهالآيات تأمربالحفاظ على الأمانات وأدائها على وجهها المطلوب, والأمانة المهنيةجزءمنها. وفي هذا أيضاً ما وردعن النبي صلى الله عليه وسلم في صفات المنافقين: (وإذاأؤتمن خان). قالتعالى: [وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّإِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِوَأَظْهَرَهُ اللهُعَلَيْهِعَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَابِهِقَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَهَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ] وفي هذا مايدل على أنه ما كان ينبغي لهن الإفضاء بالسر الذيأسره النبي صلى الله عليه وسلملبعض أزواجه. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أد الأمانة إلى منائتمنك ولا تخنمن خانك) وقالأيضاً : (مَنْ حَدَّثَ فِي مَجْلِسٍ بِحَدِيثٍ فَالْتَفَتَفَهِيَأَمَانَةٌ). أي أنه لا يجوز نقل كلامالآخرين, وإفشاءه, حتى وإن لم يطلبوا كتمانهاصراحة, أو يقولوا هذه أمانة, بل يكفي أن يفهم منهمذلك بمجرد الإشارة والإيماءكالالتفاتة التي تومئ إلى أن صاحبها يريد أن يخفي الخبر عن الآخرين, ولايريد أنيسمعه غير من يتحدثإليه. قال تعالى: [وَلَاتَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْوَلَا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ ... وَلَا تَجَسَّسُواوَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا] وقال تعالى: [وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍكَذِبٍ] فهذه الآيات تنهى عن صفات خلقية ذميمة من مثل الكذب والغشوالغيبة واللمزوهي كلهامتعارضة مع خلق الأمانة التي يجب التحلي بها, ومنها الأمانةالمهنية. مظاهر الأمانةالمهنية عندالفقهاء: ذكر الفقهاءكثيراً من الأحكامالفقهية ذاتالعلاقة بخصال الأمانة الخلقية نشير هنا إلى بعض منها: أ-استغلال المهنة بالغلول وقبولالهدايا: والمقصودباستغلال المهنة, الانتفاعالشخصي منها بما يعد تهمة, أو مظنة تهمة. والغلول يعنيأخذشيء من مال الغنيمة أو غيره من الأموال المشتركة قبل أن يقسم. وسمي غلولاًلأنفاعله يخفيه في متاعهخيانة. وهو ناقض للأمانة. قال تعالى: [وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّأَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّيَوْمَ القِيَامَةِ] وقال صلىالله عليه وسلم: (من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخْيطاً فما فوقه, كان غلولاًيأتي به يومالقيامة). وقال صلى الله عليهوسلم: (هدايا العمال غلول). أي ما يقدم إلى موظفي الدولةأو من في حكمهم من الهداياوالأموال بسبب أعمالهم أو مهنهم محرمة, وخيانة للأمانة, واستغلال للمهنةأو الوظيفةفي سبيل مصالحهالشخصية. ب-الغشفيالمهنة بالتصريةوالنجش :الغش في المهنةيعنيالتدليس في أدائها بمايوهم السلامة, وادعاء كثرة راغبيها لإغراء الآخرين فيها, أورفع الأجر عليهم. والأصل الفقهي الذي يتأسس عليهالتدليس والخداع في المهنة هو التصرية. والأصل الفقهيالذييتأسس عليه الادعاء بكثرة الطالبين للمهنة هو النجش. أما التصرية : فهي ترك اللبن في ضرع الدابة حتى يزداد فيتوهم الراغبفيالشراء أنها كثيرة اللبن, فيقدم على شرائها. ولا خلاف في تحريم هذا العمل لما فيهمن الخداع والغش , والإخلال بالأمانة المهنية , وقدوردت الأحاديث في النهي عن الغشبصورة عامة, وعن التصرية بشكل خاص, فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تصرواالإبلوالغنم ...). ويلحق بهذا كل عمل منشأنه خداع الآخرين , وإغرائهم بشراء السلعة معكونها على خلاف ذلك في حقيقتها , كأن يستخدم أصباغأو ألوان خادعة تخفي حقيقة وضعالسلعة , أو نكهات تخفي حقيقة الطعم الأصلي , أو أنواع من زيوت المحركاتلإخفاء وضعمحرك السيارة ساعةمن الزمن حتى يتم بيعها, وهكذا. وأما النجش : فهو إبداء الرغبة في شراءسلعة لإغراء غيره, وإغلاء الثمنعليه , من غير أن يكون لديه نية حقيقية في الشراء. وهو حرام أيضاً لمافيه من خداعوتغرير للآخرين, وقد وردت الأحاديث النبوية الشريفة في النهي عنه, منها قوله صلىالله عليه وسلم: (ولا تناجشوا). ويلحق بذلك مايشبهه من حيث استثارة الناس, وإغرائهمبالشراء. ج- السفهفيالمهنة: ونعني به التبذير في إنفاق المال وإسرافه, وهو ضد الرشد الذي هو إصلاح المال وتنميته والمحافظة عليه. فمن صورالسفه مثلاً أنيستهلك الممرضأضعاف المطلوب من الشاش والمراهم في معالجة جرح مريض مثلاً , أويستهلك أضعاف ما يحتاج من الوقود للسيارة, أوالأسلاك لتمديدات كهربائية ونحو ذلك. وقد طالب الشرعبالحجر على السفيه. فقالتعالى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَأَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْفِيهَاوَاكْسُوهُمْ وَقُولُوالَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا). ولا شك أنالنهي عن هذه التصرفات (الغلول والرشوة والتصرية والنجشوالإسراف) من شأنها أن تؤسس لخلق الأمانةالمهنية. _______________________________ المحاضرةالثالثةعشرة المحبةالمهنية تعريفالمحبةالمهنية: المحبة تعني الميل والودوالإيثار قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَآَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آَبَاءَكُمْوَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الكُفْرَ عَلَىالإِيمَانِ] أي؛ إناختارواوآثروا وقدموا الكفر على الإيمان. وللحبأنواع متعددةمنها: • حب عقيدةوإيمان: وهو حب الله ورسولهكما قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجدحلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مماسواهما, وأن يحب المرء لا يحبهإلا لله, وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذففيالنار). • حب فطرةوطبع: كحب الولد والمالكما قال تعالى: [زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّالشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَوَالقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِوَالخَيْلِالمُسَوَّمَةِوَالأَنْعَامِ وَالحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَاوَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُالمَآَبِ) • حب تقديروإعجاب: كحب الصالحينوحب أهل الفضل والعلمكقولهتعالى: [وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْقَبْلِهِمْيُحِبُّونَ مَنْهَاجَرَ إِلَيْهِمْ] وكقوله صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّإنِّيأسْألُكَ حُبَّكَ،وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَالعَمَلَ الَّذِي يُبَلِّغُنِيحُبَّكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أحَبَّ إلَيَّمِنْ نَفْسِي، وأهْلِي، وَمِنَالماءِ البارِدِ). • حب مصلحةومنفعة:كقوله ابن مسعود رضيالله عنه: " جبلت القلوب على حب من أحسن إليهاوبغض من أساء إليها" وكقول الشاعر أبي الفتح البستيفي قصيدته عنوانالحِكم: أحسن إلى الناس تستعبدقلوبهم *** فطالمااستعبدالإنسان إحسان • حبشماتة: وهو حب الشرللأعداء, أو حب الرذائل, ومن ذلك ما جاء في القرآن الكريم: [إِنَّالَّذِينَ يُحِبُّونَأَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْعَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِوَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَاتَعْلَمُونَ) وما يتعلق ببحثنا هو النوعالرابع, أي؛ الحب المبني على المصلحة والمنفعة. والمحبة المهنية تعني الميل تجاه المهنة لتحقيقأصول المحبة الثلاثة: 1 - التوادد بالدوام ومراعاة آداب الياقة في علاقاتالمهنة. 2- والتراحم بالإحسان إلى زملاءالمهنةوالمنتفعينمنها. 3- والتعاطف من خلالالإيثارلمصلحةالمهنة. وهذهالأصول الثلاثة جمعهاالرسولصلى الله عليه وسلم في قوله: (مثلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهموتعاطفهممَثَلُ الجسد إذااشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى(. فهذهالأصل الثلاثة هي جسور المحبة التي تجعلمن الجماعة كأنها شخص واحد, ومن الشخص الواحد ومهنتهشيئاًواحداً. فإذا تحقق هذاالاتحاد أمكن القول بأنخلقالمهنة متحقق. شروطالمحبةالمهنية: • تحققخلق المحبةالمهنية إذا توافرت الشروط التالية: • تقديم المهنة على سائرالمصالحالحياتية الأخرىولا شك أن هذا من إتقانالعملالذي يحبه الله, ومن الإخلاص له والتفاني فيه. • الانتصارللمهنةوالدفاع عنها وعنالعاملين معه وذلكبالمفهوم الذينبه إليه الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: (انْصُرْ أَخَاكَظَالِمًا ، أَوْ مَظْلُومًا. قَالُوا : يَا رَسُولَاللهِ ، هَذَا نَصْرُهُمَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا ؟ قَالَ : تَمْنَعُهُمِنَالظُّلْمِ( • إفشاء السلام لنشر المحبة بينالناس وخصوصاً زملاء المهنةالواحدة. قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا تدخلونالجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنون حتى تحابوا أولا أدلكم علىشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلامبينكم). • طلاقة الوجهبشكلدائم لقوله صلىالله عليه وسلم: (تبسمك فيوجهأخيك صدقة) وقوله صلى الله عليه وسلم: (كل معروف صدقة, ومن المعروف أنتلقىأخاك بوجهطلق). • الاعتناءبالنظافةالشخصية واختيارالزي المناسب لطبيعةالمهنةالأمر الذي يجعله محبوباً لدى زملائه قال تعالى: [يَا بَنِي آَدَمَخُذُوازِينَتَكُمْ عِنْدَكُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُلَا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ). • إكرام ذويالهيئات لقوله صلى اللهعليه وسلم: (أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلاالحدود) • إراحة العاملين في المواصلات والمواعيدوالإقامة قال صلى الله عليه وسلم: إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْكَانَأَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِفَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّايَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ،فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْفَأَعِينُوهُم(. • الإحسان للآخرينبصورةدائمة لقولهتعالى: [هَلْ جَزَاءُالإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ). • الإيثاروتقديم مصالحالآخرين لقولهتعالى: [وَيُؤْثِرُونَ عَلَىأَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ( التوجيه الفقهي لخلق المحبةالمهنية: المحبة خلقراقٍ ويمكن تلمسه فيالمهنالراجحة, والأصل أن الإنسان يختار من المهن ما يحبه ويركن إليه, غيرأنكثيراً من الناس اليوم لميعودوا يتجهون إلى ما يحبونه من المهن, بل إلى الأكثردخلاً, مما أثر سلباً على خلق المحبةالمهنية. وما ذكرناه سابقاً فيالطهارة المهنية وما بعدها يتكرر هنا ومن ثمَّ فلاداعي لإعادته مرة أخرى. بمعنى أن الحد الأدنى منالمحبة المهنية ضرورية وقد تمالتنصيص عليه من خلال القوانين والعقود, فإذاً نحن هنا سنتناول ماوراءذلك. كما أن المحبة المهنية تختلف من مهنة إلىأخرى, وكذلك لا شأن لنا بما وراءالمهنة . الأدلة في الحث علىالمحبة المهنية: يدل لخلقالمحبة المهنية آيات عديدة من كتاب الله وأحاديث نبوية كثيرةنذكر بعضها فيما يأتي: قوله تعالى: [وَالَّذِينَتَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْهَاجَرَإِلَيْهِمْ وَلَايَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُواوَيُؤْثِرُونَعَلَىأَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّنَفْسِهِفَأُولَئِكَ هُمُالمُفْلِحُونَ] فقد امتدح الله الأنصار لاتصافهم بخلق المحبةوالإيثار, فعلى الرغم من أن الله قدم ذكر المهاجرينعلى ذكرهم, وأعطاهم من الفضل والشرف أكثر مما أعطى الأنصار, فإنهم لم يتأثروا بذلك, ولم تستطع دوافع الغيرةوالأنانية التأثير على نفوسهم الطيبة الزكية, فسجل الله لهم تلك الصفةالخلقيةالراقية. قوله تعالى: [إِنَّ اللهَ مَعَالَّذِينَاتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ] فالآية تثني علىالمحسنين, والإحسان من خلق المحبة المهنية. عن أنس بن مالكرضيالله عنه قال كنا يوما جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: (يطلععليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة). قال: فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته منماء وضوئه قد علق نعليه في يده بشماله فسلم فلما كان من الغد قال النبيصلى اللهعليه و سلم مثل ذلكفطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى فلما كان اليوم الثالث قالصلى الله عليه و سلم مثل مقالته فطلع ذلك الرجل علىمثل حاله الأولى فلما قام النبيصلى الله عليه و سلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال إني لاحيت أبيفأقسمت أنلا أدخل عليه ثلاثافإن رأيت أن تؤويني إليك ثلاثا حتى تمضي الثلاثة الأيام فعلتقال نعم قال أنس فكان عبد الله يحدث أنه بات معهثلاث ليال فلم يره يقوم من الليلشيئا غير أنه إذا تعار أو قال انقلب على فراشه ذكر الله عز و جل وكبرحتى يقوملصلاة الفجر قال عبدالله بن عمرو غيره أني لم أسمعه إلا خيرا فلما مضت الثلاثالليالي كدت أن أحتقر عمله قلت يا عبد الله لم يكنبيني وبين والدي غضب ولا هجرولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لك ثلاث مرات يطلع عليكمالآن رجلمن أهل الجنة فطلعتأنت الثلاث مرات فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي بك فلمأرك تعمل كثير عمل فماالذي بلغ بك ما قال رسولالله صلى الله عليه و سلم قال ما هوإلا ما رأيت فلما وليت دعاني فقال ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد فينفسي علىمسلم غشا ولا أحسد علىخير أعطاه الله عز و جل إياه قال عبد الله قلت هي التي بلغتبك وهي التي لا نطيق). فهذا الرجل لم يقد مزيداً من العبادات بمعناهاالخاص من مثلالصلاة والصيامونحوها, بل سلامة الصدر من الغش والحسد ونحوه, وهذه من أخلاقالمحبةالمهنية. مظاهرالمحبةالمهنية: ذكر الفقهاء كثيراً من الأحكامالفقهية ذات العلاقة بخصال المحبة الخلقية نشير هنا إلىبعضمنها: استئذان المرؤوس منالرئيس في المهنة: اتفق الفقهاءعلى أنالاستئذان من الرئيس فيالمهنة مطلوب, ولا شك أن ذلك من خلق اللياقة المهنية, ومنشأنه أن يحقق وينمي المحبة بين الرئيس ومرؤوسيه, وأن عدم الاستئذان وتجاهل المسؤولنوع من الكبر, ويؤدي إلى التنافر والتباغض, ومن فقد وجدنا الإسلام يعلمالمسلمينهذا الخلق الرفيع فيأكثر من موضع, من ذلك قول الله تعالى في الحث على الاستئذانبصفة عامة: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَاتَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَبُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَاذَلِكُمْ خَيْرٌلَكُمْلَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ]. وفي الحث على الاستئذان من الرئيس خاصة يقولالله تعالى: [إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَآَمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِوَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُواحَتَّىيَسْتَأْذِنُوهُ, إِنَّالَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَيُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ, فَإِذَااسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْفَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّاللهَ غَفُورٌرَحِيمٌ] ودلالةالآية على أدب الاستئذان واضحة جلية, لا نظنها تحتاج توضيحاًأكثرأوتعليقاً. إفشاءالسلامورده: أجمع الفقهاء على أن إلقاء السلاممندوب إليه شرعاً, وأما رده فواجب, لعموم قول اللهسبحانه: [وَإِذَا حُيِّيتُمْبِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا] فقد طالبتالآية بالردوجوباً, وعلقت ذلكعلى حال إلقاء السلام, ولم توجب الإلقاء, كما أن الأحاديثالشريفة دلت على سنية إلقاءالسلام. من مثل قوله عليهالصلاة والسلام: (أولا أدلكمعلى شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم). ولا شك أن إفشاءالسلام عموماًمن عوامل زرعالمحبة بين الناس, فكان مطلوباً شرعاً. الإحسان إلى زميلالمهنة: والإحسانيتحقق من خلال خلقالإيثاروالرحمة, والأصل في ذلك قول الله تبارك وتعالى: [وَاعْبُدُوا اللهَوَلَاتُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًاوَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي القُرْبَىوَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِيالقُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِوَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْأَيْمَانُكُمْ إِنَّاللهَ لَايُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا] , والجار ذي القربى من كانبينهوبينك قرابة نسبية, وقيلزوجية. والجار الجنبهو الذي لا تربطهما ببعضهما صلةقرابة, وقيل: الرفيق في السفر, أو الجار الكافر. وزميل المهنة لا يقل منزلةعنالجار الجنب بحال منالأحوال. يقول الغزالي رحمه الله: "جملة حق الجار أن يبدأهبالسلام, ولا يطيل معه الكلام, ولا يكثر عن حالهالسؤال, ويعوده في المرض, ويعزيهفي المصيبة, ويقوم معه في العزاء, ويهنئه في الفرح, ويظهر الشركة فيالسرور معه, ويصفح عن زلاته, ولا يتطلع منالسطح إلى عوراته, ولا يضايقه في وضع الجذع علىجداره, ولا في مصب الماء في ميزابه, ولا في مطرحالتراب في فنائه, ولا يضيق طرقهإلى الدار, ولا يتبعه النظر فيما يحمله إلى داره, ويستر ما ينكشف له منعوراته, وينعشه من صرعته إذا نابته نائبة, ولا يغفل عنملاحظة داره عند غيبته, ولا يسمععليه كلاما, ويغض بصره عن حرمته, ولا يديم النظر إلى خادمته, ويتلطفبولده فيكلمته, ويرشده إلى مايجهله من أمر دينه ودنياه, هذا إلى جملة الحقوق التي ذكرناهالعامة المسلمين". وقد وردت نصوص كثيرة من الشرعفي بيان حق الجار نكتف بذكر بعض يسير منها: قولهصلى الله عليهوسلم: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) وقولهصلىالله عليه وسلم: والله لايؤمن , والله لا يؤمن, والله لا يؤمن. قالوا من يا رسولالله؟ قال: (من لا يؤمن جارهبوائقه(. وبهذايتضح لنا بشكلجلي حق الجوار في الإسلام, ويلحق به زميل المهنة كما أسلفنا, فيعاملبمقتضى خلق الإيثار الذيهو من خصال المحبة المهنية. ______________________________________ المحاضرة الرابعة عشرة(هذه المحاضرة للقراءة فقط ليس داخلة فيالاختبار) نماذج منمواثيق الشرف (أو المهنة) ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم: مقدمة : تعد مهنة التعليم رسالة رفيعة الشأن عالية المنزلة تحظى باهتمامالجميع، لما لها من تأثير عظيم في حاضر الأمة ومستقبلها، ويتجلى سمو هذه المهنةورفعتها في مضمونها الأخلاقي الذي يحدد مسارها المسلكي، ونتائجها التربويةوالتعليمية، وعائدها على الفرد والمجتمع والإنسانية جمعاء. وبديهي أن تستمد الأمموالمجتمعات أخلاقيات المهنة من قيمها ومقوماتها، ونحن بفضل الله نستمد أخلاقيات هذهالمهنة من عقيدتنا الإسلامية المقررة في القرآن الكريم والسنة المطهرة، ورسول اللهصلى الله عليه وسلم قدوتنا ومعلمنا في هذا الشأن {لقد كان لكم في رسول الله أسوةحسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ... }الآية. إن هذا الميثاقيتضمن ما يشعر به كل معلم أنه يتعين عليه مراعاته في أدائه لرسالته، وقيامه بعملهقبل أبنائه الطلاب وزملائه العاملين في الميدان التربوي، وقبل الوطن بوجه عام،والأمة التي ينتمي إليها بوجه أعم والإنسانية جمعاء، فالمعلم الناجح هو الذي يأسرقلوب طلابه بلطفه، وحسن خلقه، وحبه لهم، وحنوه عليهم وينال إعجابهم واحترامهمبتمكنه من مادته التي يعلمها، وببراعة إيصالها إليهم, والمعلم المحب لعمله يخلص له،ويجد المتعة فيه، وتهون عليه الصعاب والطالب يحب معلمه ويحترمه لما يجد فيه من قدوةحسنة، وعلم راسخ وحكمة ورفق، ورسولنا المعلم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلميقول: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلاشانه). وبحب الطالب للمعلميحب المادة ويستسهل صعبها ويتألق فيها فينظر المعلم كيف يدخل إلى قلوب أبنائه ليؤديالمسؤولية العظيمة الملقاة على عاتقه, ومعلوم أن فاقد الشيء لا يعطيه، فالجاهل لايستطيع أن ينفع العلم، والضعيف لا يقدر أن يعين بقوة، وأنى للمعلم أن يرقى بالمتعلموأنّى للمربي إذا لم يكن رصيده من القوة في العلم والأمانة والخلق ما يسعالمتعلمين. ومن هنا فالمعلم في المملكة العربية السعودية ينتمي إلى بلد شرفها اللهبأنها منطلق رسالة الإسلام، كما شرفها بخدمة الحرمين الشريفين، لذا عليه أن يمثلالمسلم الذي يعبد الله على بصيرة بعيداً عن الغلو أو التطرف أو الجفاء أو الانحلالوأن يكون لطلابه قدوة حسنة يتأسون به، مهتدياً بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم فيالوسطية، التي دعا إليها الدين الحنيف في قول الله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطاًلتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً}. المادة الأولى : • يقصد بالمصطلحات الآتية المعاني الموضحة قرين كلمنها . • أخلاقيات مهنةالتعليم: السجايا الحميدة والسلوكيات الفاضلة التي يتعين أن يتحلى بها العاملون فيحقل التعليم العام فكراً وسلوكاً أمام الله ثم أمام ولاة الأمر وأمام أنفسهموالآخرين، وترتب عليهم واجبات أخلاقية. • المعلم:المعلم والمعلمة والقائمون والقائمات على العملية التربويةمن مشرفين ومشرفات ومديرين ومديرات ومرشدين ومرشدات ونحوهم. • الطالب:الطالب والطالبة في مدارس التعليم العاموما في مستواها . المادةالثانية : أهداف الميثاق : يهدف الميثاق إلى تعزيز انتماء المعلم لرسالته ومهنته، والارتقاء بهاوالإسهام في تطوير المجتمع الذي يعيش فيه وتقدمه، وتحبيبه لطلابه وشدهم إليه،والإفادة منه وذلك من خلال الآتي: 1- توعية المعلم بأهمية المهنة ودورها في بناء مستقبلوطنه. 2- الإسهام في تعزيزمكانة المعلم العلمية والاجتماعية. 3- حفز المعلم على أن يتمثل قيم مهنته وأخلاقها سلوكاً فيحياته. المادة الثالثة : رسالة التعليم: 1. التعليمرسالة تستمد أخلاقياتها من هدي شريعتنا ومبادئ حضارتنا، وتوجب على القائمين بهاأداء حق الانتماء إليها إخلاصاً في العمل، وصدقاً مع النفس والناس، وعطاءً مستمراًلنشر العلم وفضائله. 2. المعلم صاحب رسالة يستشعر عظمتها ويؤمن بأهميتها، ويؤدي حقها بمهنيةعالية. 3. اعتزاز المعلمبمهنته وإدراكه المستمر لرسالته يدعوانه إلى الحرص على نقاء السيرة وطهارة السريرة، حفاظاً على شرف مهنة التعليم. المادة الرابعة : المعلم وأداؤه المهني: 1. المعلم مثال للمسلم المعتز بدينه المتأسي برسولالله صلى الله عليه وسلم في جميع اقواله ، وسطياً في تعاملاتهوأحكامه. 2. المعلم يدرك أنالنمو المهني واجب أساس، والثقافة الذاتية المستمرة منهج في حياته، يطور نفسه وينميمعارفه منتفعاً بكل جديد في مجال تخصصه، وفنون التدريسومهاراته. 3. يدرك المعلمأن الاستقامة والصدق، والأمانة، والحلم، والحزم، والانضباط، والتسامح، وحسن المظهر،وبشاشة الوجه، سمات رئيسة في تكوين شخصيته. 4. المعلم يدرك أن الرقيب الحقيقي على سلوكه، بعدالله سبحانه وتعالى، هو ضمير يقظ وحسن ناقد، وأن الرقابة الخارجية مهما تنوعتأساليبها لا ترقى إلى الرقابة الذاتية، لذلك يسعى المعلم بكل وسيلة متاحة إلى بثهذه الروح بين طلابه ومجتمعه، ويضرب المثل والقدوة في التمسكبها. 5. يسهم المعلم فيترسيخ مفهوم المواطنة لدى الطلاب، وغرس أهمية مبدأ الاعتدال والتسامح والتعايشبعيداً عن الغلو والتطرف. المادة الخامسة : المعلم وطلابه : 1. العلاقة بين المعلم وطلابه، والمعلمة وطالباتهالحمتها الرغبة في نفعهم، وسداها الشفقة عليهم والبر بهم، أساسها المودة الحانية،وحارسها الحزم الضروري، وهدفها تحقيق خيريّ الدنيا والآخرة للجيل المأمول للنهضةوالتقدم. 2. المعلم قدوةلطلابه خاصة، وللمجتمع عامة، وهو حريص على أن يكون أثره في الناس حميداً باقياً،لذلك فهو يستمسك بالقيم الأخلاقية، والمثل العليا ويدعو إليها وينشرها بين طلابهوالناس كافة، ويعمل على شيوعها واحترامها ما استطاع إلى ذلكسبيلاً. 3. يحسن المعلمالظن بطلابه ويعلمهم أن يكونوا كذلك في حياتهم العامة والخاصة ليلتمسوا العذرلغيرهم قبل التماس الخطأ ويروا عيوب أنفسهم قبل رؤية عيوبالآخرين. 4. المعلم أحرصالناس على نفع طلابه، يبذل جهده كله في تعليمهم، وتربيتهم، وتوجيههم، يدلهم علىطريق الخير ويرغبهم فيه ويبين لهم الشر ويذودهم عنه، في رعاية متكاملة لنموهمدينياً وعلمياً وخلقياً ونفسياً واجتماعياً وصحياً. 5. 5- المعلم يعدل بين طلابه في عطائه وتعاملهورقابته وتقويمه لأدائهم، ويصون كرامتهم ويعي حقوقهم، ويستثمر أوقاتهم بكل مفيد وهوبذلك لا يسمح باتخاذ دروسه ساحة لغير ما يعنى بتعليمه، في مجالتخصصه. 6. 6- المعلم أنموذجللحكمة والرفق، يمارسها ويأمر بهما، ويتجنب العنف وينهي عنه ويعوّد طلابه علىالتفكير السليم والحوار البناء، وحسن الاستماع إلى آراء الآخرين والتسامح مع الناسوالتخلق بخلق الإسلام غي الحوار، ونشر مبدأ الشورى. 7. 7- يعي المعلم أن الطالب ينفر من المدرسة التييستخدم فيها العقاب البدني والنفسي، لذا فإن المربي القدير يتجنبهما، وينهي عنهما. 8. 8- يسعى المعلم لإكسابالطالب المهارات العقلية والعلمية، التي تنمي لديه التفكير العلمي الناقد، وحبالتعلم الذاتي المستمر وممارسته . المادة السادسة : المعلم والمجتمع : 1. يعزز المعلم لدى الطلاب الإحساس بالانتماء لدينهووطنه، كما ينمي لديهم أهمية التفاعل الإيجابي مع الثقافات الأخرى، فالحكمة ضالةالمؤمن أنّى وجدها فهو أحق الناس بها. 2. المعلم أمين على كيان الوطن ووحدته وتعاون أبنائه، يعمل جاهداًلتسود المحبة المثمرة والاحترام الصادق بين الموطنين جميعاً وبينهم وبين ولي الأمرمنهم، تحقيقاً لأمن الوطن واستقراره، وتمكيناً لنمائه وازدهاره، وحرصاً على سمعتهومكانته بين المجتمعات الإنسانية الراقية. 3. المعلم موضع تقدير المجتمع، واحترامه، وثقته، وهو لذلك حريص علىأن يكون في مستوى هذه الثقاة، وذلك التقدير والاحترام، ويحرص على إلا يؤثر عنه إلاما يؤكد ثقة المجتمع به واحترامه له. 4. المعلم عضو مؤثر في مجتمعه، تعلق عليه الآمال في التقدم المعرفيوالارتقاء العلمي والإبداع الفكري والإسهام الحضاري ونشر هذه الشمائل الحميدة بينطلابه. 5. المعلم صورةصادقة للمثقف المنتمي إلى دينه ووطنه، الأمر الذي يلزمه توسيع نطاق ثقافته، وتنويعمصادرها، ليكون قادراً علة تكوين رأي ناضج مبني على العلم والمعرفة والخبرة الواسعةيعين به طلابه على سعة الأفق ورؤية وجهات النظر المتباينة باعتبارها مكونات ثقافيةتتكامل وتتعاون في بناء الحضارة الإنسانية. المادة السابعة : المعلم والمجتمع المدرسي : 1. الثقة المتبادلةوالعمل بروح الفريق الواحد هي أساس العلاقة بين المعلم وزملائه، وبين المعلمينوالإدارة التربوية. 2. يدركالمعلم أن احترام قواعد السلوك الوظيفي والالتزام بالأنظمة والتعليمات وتنفيذهاوالمشاركة الإيجابية في نشاطات المدرسة وفعالياتها المختلفة، أركان أساسية في تحقيقأهداف المؤسسة التعليمية . المادة الثامنة : المعلم والأسرة: 1. المعلم شريك الوالدين في التربية والتنشئة فهوحريص على توطيد أواصر الثقة بين البيت والمدرسة. 2. المعلم يعي أن التشاور مع الأسرة بشأن كل أمريهممستقبل الطلاب أو يؤثر في مسيرتهم العلمية، وفي كل تغير يطرأ على سلوكهم، أمر بالغالنفع والأهمية. 3. يؤديالعاملون في مهنة التعليم واجباتهم كافة ويصبغون سلوكهم كله بروح المبادئ التيتضمنتها هذه الأخلاقيات ويعملون على نشرها وترسيخها وتأصيلها والالتزام بها بينزملائهم وفي المجتمع بوجه عام. تابع كنموذج ثاني: أخلاقيات المهنة في علم النفس / الميثاق الأخلاقي للأخصائيالنفسي: تمهيد : لكل مهنة - من المهنالهامة فى المجتمع - أخلاقيات ومواثيق وقواعد ومبادئ تحكم قواعد العمل والسلوكفيها، وشروطه، وما ينبغى التزامه من جانب المتخصصين فيها، والممارسين لنشاطها. وهذالميثاق الأخلاقى يعتبر دستورا تعاهديا بين المتخصصين، يلتزمون وفقا له بالسلوكالهادف إلى أداء مهنى عال، يترفع عن الأخطاء، والتجاوزات الضارة بالمهنة، أومشتغليها، أو بالإنسان الذى تستهدفه هذه الخدمة النفسية. ويكتسب هذا الدستور قوته واحترامه من قوة الإلتزامالأدبى والإجماع الصادق على أهمية تنظيم هذه المهنةمن جانب العاملينفيها. ونقصد بالعاملين فىالخدمة النفسية، والذين سوف يشار إليهم فى هذا الميثاق بـ " الأخصائى النفسى " مايلى : الحاصلون على البكالوريوس، أو الدبلوم، أو الماجستير، أو الدكتوراة فى علمالنفس، ويعملون فى تخصصهم ، وعلى جميع من ينطبق عليهم هذا الإصطلاح التمسك بهذاالميثاق، وتوعية الآخرين به. نظرا لأن عمل الأخصائى النفسى متشعب ومتنوع، فيجب أخذ ما ورد فى هذاالميثاق كوحدة متكاملة يضاف بعضها إلى بعض، كما أن تخصيص مجالات معينة فى هذاالميثاق، يعنى الإلتزام بها من جانب الأخصائى حين يمارس نشاطا، يندرج تحت هذهالمجالات. ويوصي هذاالميثاق بضرورة توعية طالب علم النفس، قبل التخرج فى الجامعة، ببنود هذا الميثاقومبادئه. كما نوصى أصحابالمهن والهيئات، التى تقدم خدمات معاونة للخدمة النفسية؛ كالأطباء النفسين،والاخصائيين الاجتماعيين، والمعلمين، وغيرهم، أو ممن يشاركون فى تقديم الخدماتالنفسية، بإحترام مبادئ هذا الميثاق وروحه كأساس لإستمرار التعاون بينهم وبينالأخصائيين النفسييين. مبادئ عامة: 1/1الاخصائى النفسى يكون مظهره العام معتدلا، بعيدا عن المظهريةوالإبهار، محترما فى مظهره، ملتزما بحميد السلوك والآداب. 1/2 يلتزم الاخصائى النفسى بصالح العميل(1) ورفاهيته، ويتحاشى كل ما يتسبب، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فى الإضراربه. 1/3 يسعى الاخصائىالنفسى إلى إفادة المجتمع، ومراعاة الصالح العام، والشرائع السماوية، والدستور،والقانون. 1/4 على الاخصائىالنفسى أن يكون متحررا من كل أشكال وأنواع التعصب الدينى أو الطائفى، وأشكال التعصبالأخرى؛ سواء للجنس، أو السن، أو العرق، أو اللون. 1/5 يحترم الاخصائى النفسى فى عمله حقوق الآخرين فىاعتناق القيم والإتجاهات والآراء التى تختلف عما يعتنقه، ولايتورط فى أية تفرقة علىأساسها. 1/6 يقيم الاخصائىالنفسى علاقة موضوعية متوازنة مع العميل، أساسها الصدق وعدم الخداع، ولايسعى للكسب،أو الإستفادة من العميل بصورة مادية أو معنوية إلا فى حدود الأجر المتفق عليه، علىأن يكون هذا الأجر معقولا ومتفقا مع القانون والأعراف السائدة، متجنبا شبهةالإستغلال أو الإبتزاز. 1/7 لايقيم الاخصائى النفسى علاقات شخصية - خاصة مع العميل - يشوبها الإستغلال الجنسى،أو المادى، أو النفعى، أو الأنانى. 1/8 على الاخصائى النفسى مصارحة العميل بحدود وإمكانيات النشاطالمهنى دون مبالغة أو خداع. 1/9 لايستخدم الاخصائى النفسى أدوات فنية، أو طرقاً أو أساليب مهنيةلايجيدها، أو لايطمئن إلى صلاحيتها للإستخدام. 1/10 لايستخدم الأخصائى النفسى أدوات أو أجهزةتسجيل إلا بعد استئذان العميل (2) وبموافقته. 1/11 الاخصائى النفسى مؤتمن على ما يقدم له منأسرار خاصة وبيانات شخصية، وهو مسئول عن تأمينها ضد إطلاع الغير، فيما عدا مايقتضيه الموقف ولصالح العميل (كما هو الحال فى إرشاد الآباء، وعلاج الأطفال،ومناقشة الحالات مع الفريق الكلينيكى أو مع رؤسائهالمتخصصين). 1/12 عند قيامالاخصائى النفسى بتكليف أحد مساعديه أو مرؤسيه بالتعامل مع العميل نيابة عنه، يتحملهذا الاخصائى المسئولية كاملة عن عمل هؤلاء المساعدين. 1/13 يوثق الاخصائى النفسى عمله المهنى بأقصى قدرمن الدقة، وبشكل يكفل لأى اخصائى آخر استكماله فى حالة العجز عن الإستمرار فىالمهمة لأى سبب من الأسباب. 1/14 لا يجوز نشر الحالات التى يدرسها الاخصائى النفسى، أو يبحثها،أو يعالجها، أو يوجهها، مقرونة بما يمكن الآخرين من كشف أصحابها (كأسمائهم و / أوأوصافهم) منعا للتسبب فى أى حرج لهم، أو استغلال البيانات المنشورةضدهم. 1/15 عندما يعجزالعميل عن الوفاء بالتزاماته، فعلى الاخصائى النفسى اتباع الطرق الإنسانية فىالمطالبة بهذه الالتزامات، وتوجيه العميل إلى جهات قد تقدم الخدمة فى الحدود التىتسمح بها ظروف العميل وإمكانياته. 1/16 يقوم الاخصائى النفسى بعمليات التقويم، أو التشخيص، أو التدخلالعلاجى فى اطار العلاقة المهنية فقط، وتعتمد تقاريره على أدلة تدعم صحتها؛كالمقاييس والمقابلات، على ألا يقدم هذه التقارير إلا للجهات المعنية بالعلاج، وعداذلك لابد أن يكون بأمر قضائى صريح. 1/17 يسعى الاخصائى النفسى لأن تكون تصرفاته وأقوله فى اتجاه ما يرفعمن قيمة المهنةالنفسية فى نظر الاخرين، ويكسبها احترام المجتمع وتقديره، وينأى بهاعن الابتذال والتجريح. نبه الدكتور في بداية المحاضرة الرابعة عشر الا ان هذه المحاضرة ليستداخلة في الاختبار وانما هي معينة فقط (للقراءة ) منقـــــــول |
2011- 1- 2 | #3 |
متميزه بملتقى المواضيع العامة
|
رد: معليش للكل ممكن مساعدة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مراجعة شاملة لمادة الأخلاق الإسلامية وآداب المهنة ((المستوى الثالث)) من المحاضرة الأولى وحتى العاشرة اختر الإجابة الصحيحة (سؤال وثلاث إجابات) ـــ ( الإجابة الصحيحة باللون الأزرق وتحتها خط ) 1 – ما جُبِل عليه الإنسان من الطَّبع , ويمثل صورة الإنسان الباطنة، التي هي نفسه التي بين جنبيه وأوصافها ومعانيها المختصَّة بها. كما يمثل صورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها , التعريف اللغوي لـ : - الخُلُق - الإلزام - المِهنَة 2 - حالٌ للنفس راسخةٌ تصدر عنها الأفعال من خيرٍ أو شرٍ من غير حاجةٍ إلى فِكرٍ و رَوِيَّةٍ ,التعريف الاصطلاحي لـ : - الإلزام - المِهنَة - الخُلُق 3 - جُبِلَ الإنسانُ عليها أي هي هبة ومنحة من الله تعالى, وليس للإنسان أي دور في اكتسابها , نسميها أخلاق: - أخلاق فطرية - أخلاق مكتسبة - لاشي مما ذكر 4 - يسعى الإنسان في تحصيلها بالتدريب والممارسة العملية, ومن خلال مجاهدته لنفسه , نسميها أخلاق : - أخلاق فطرية - أخلاق مكتسبة - لاشي مما ذكر 5 - الأدب والفضيلة وتنتج عنه أقوال وأفعال جميلة عقلا وشرعا , نسمي هذا الخلق بـ: - خلق حسن - خلق سيئ - لا شي مما ذكر 6 - سوء الأدب والرذيلة وتنتج عنه أقوال وأفعال قبيحة عقلا وشرعا , نسمي هذا الخلق بـ: - خلق حسن - خلق سيئ - لا شي مما ذكر 7 - بلغ من عناية الإسلام بالأخلاق أن الله سبحانه حين أثنى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلمفي القرآن الكريم اختار الثناء عليه من جهة أخلاقه ليُعلمنا أنه لا أبلغ ولا أرفع من هذه الصفة , في قوله تعالى: - قال تعالى:{وإنك لعلى خلق عظيم}. - قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة} - قال تعالى:{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} 8 – جعل الرسول صلى الله عليه وسلم الغاية والهدف من رسالته إتمام البناء الأخلاقي الذي بدأه من سبقه من الأنبياء والمرسلين , كما في الحديث الشريف : - قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) - قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق) - قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من آذى ذمياً فقد آذاني) 9 – الصلاة وهي العبادة الأهم في حياة المسلم، لها وظيفة سامية في تكوين الوازع الذاتي، وتربية الضمير الديني على الابتعاد عن الرذائل , وهي من العبادات الإسلامية الكبرى ذات أهداف أخلاقية جلية منصوص عليها في كتاب الله : - قال تعالى:{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} - قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} - قال تعالى: {وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} 10 - الزكاة وهي العبادة التي تلي الصلاة في الأهمية, وسيلة لتطهير وتزكية النفس, وهما من الأهمية بمكان في عالم الأخلاق , وهي من العبادات الإسلامية الكبرى ذات أهداف أخلاقية جلية منصوص عليها في كتاب الله : - قال تعالى:{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} - قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} - قال تعالى: {وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} 11 - من العبادات الإسلامية الكبرى ذات أهداف أخلاقية جلية منصوص عليها في كتاب الله , مثل تدريب النفس على الكف عن شهواتها، وإدخال صاحبها في سلك المتقين, وهي جماع الأخلاق الإسلامية. قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}: - الحج - الصيام - الاستهلاك أو الإنفاق 12 – من العبادات الإسلامية الكبرى ذات أهداف أخلاقية جلية منصوص عليها في كتاب الله , مثل تدريب المسلم على التطهر والتجرد والترفع عن زخارف الحياة, وضبط الجوارح. قال تعالى: {الحج أشهر معلومات، فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} : - الحج - الصيام - الاستهلاك أو الإنفاق 13 - في مجال المال والاقتصاد كان للأخلاق حضورها في ميدان الإنتاج : - أمر الإسلام بالاعتدال والتوسط, والابتعاد عن الترف, والتبذير والإسراف والتقتير - يجب أن تكون السلعة المنتجة نافعة مفيدة, وأما ما كان ضاراً بالناس أو مؤذياً لهم فلا يجوز إنتاجه - يحرم الإسلام الاحتكار والغش وكتمان العيب, وإنفاق السلعة بالحلف الكاذب, واستغلال حاجة الآخرين 14 – في مجال المال والاقتصاد كان للأخلاق حضورها في ميدان التداول : - أمر الإسلام بالاعتدال والتوسط, والابتعاد عن الترف, والتبذير والإسراف والتقتير - يجب أن تكون السلعة المنتجة نافعة مفيدة, وأما ما كان ضاراً بالناس أو مؤذياً لهم فلا يجوز إنتاجه - يحرم الإسلام الاحتكار والغش وكتمان العيب, وإنفاق السلعة بالحلف الكاذب, واستغلال حاجة الآخرين 15 - في مجال المال والاقتصاد كان للأخلاق حضورها في ميدان الاستهلاك : - أمر الإسلام بالاعتدال والتوسط, والابتعاد عن الترف, والتبذير والإسراف والتقتير - يجب أن تكون السلعة المنتجة نافعة مفيدة, وأما ما كان ضاراً بالناس أو مؤذياً لهم فلا يجوز إنتاجه - يحرم الإسلام الاحتكار والغش وكتمان العيب, وإنفاق السلعة بالحلف الكاذب, واستغلال حاجة الآخرين 16 – من أركان الأساس ألاعتقادي للأخلاق الإسلامية : - الإيمان بوجود الله تعالى - وجود الحياة بعد الموت - جميع ما ذكر 17 - إن الله عز وجل منذ أن خلق الإنسان فوق هذه الأرض عرَّفه بنفسه, وعرفه بطريق الخير والشر, وطريق الحق والباطل, من خلال رسالات أوحى بها إلى من اختارهم من أنبيائه ورسله. قال تعالى: [أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ, وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ, وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ] : - ركن من أركان الأساس ألاعتقادي للأخلاق الإسلامية - من أسس الأخلاق في الإسلام - جميع ما ذكر 18 – هناك نظرية متطرفة تدعو الإنسان إلى محاربة الطبيعة, وعدم الاستسلام لها, مهما جابهته ضغوطات الحياة ومهما كانت شدتها؛ وذلك لأن سعادة الإنسان وسموه الروحي وخلاصه من آلام الحياة -في نظرهم- إنما تتم بمحاربة الطبيعة والتسامي على واقعها : - دعوات روحية - دعوات للطبيعيين - لا شي مما ذكر 19 - هناك نظرية متطرفة للذين أخلدوا إلى الأرض, وقدموا الطاعة لدواعيها ومتطلباتها؛ لأن الحياة معها -في نظرهم- هي الحياة السليمة التي تصل بالإنسان إلى السعادة : - دعوات روحية - دعوات للطبيعيين - لا شي مما ذكر 20 – موقف الإسلام نحو الطبيعة : - أن يكون الإنسان سيداً على الطبيعة, فيسخر مواردها في عمران الأرض, ونفع العباد - التأقلم والانسجام مع الطبيعة ومع الواقع , وعدم التصادم معها - جميع ما ذكر 21 – من القوانين الأساسية للحياة البشرية , قانون المحافظة على الحياة , حيث اعتبره الإسلام بـ : - كل سلوك من شأنه أن يحافظ على الحياة وينميها, سلوكاً أخلاقياً. وكل سلوك يضاد الحياة يعد سلوكاً غير أخلاقي - كل سلوك من شأنه أن يؤدي إلى إبقاء النوع وتحسينه سلوكاً أخلاقياً راقياً - كل سلوك من شأنه أن يؤدي إلى السعادة والإقبال على الحياة بمحبة وانشراح وينمي العقل ويحافظ عليه سلوكاً أخلاقياً راقياً 22 - من القوانين الأساسية للحياة البشرية , قانون تكاثر النوع الإنساني , حيث اعتبره الإسلام بـ : - كل سلوك من شأنه أن يحافظ على الحياة وينميها, سلوكاً أخلاقياً. وكل سلوك يضاد الحياة يعد سلوكاً غير أخلاقي - كل سلوك من شأنه أن يؤدي إلى إبقاء النوع وتحسينه سلوكاً أخلاقياً راقياً - كل سلوك من شأنه أن يؤدي إلى السعادة والإقبال على الحياة بمحبة وانشراح وينمي العقل ويحافظ عليه سلوكاً أخلاقياً راقياً 23 - من القوانين الأساسية للحياة البشرية , قانون الارتقاء العقلي والروحي , حيث اعتبره الإسلام بـ : - كل سلوك من شأنه أن يحافظ على الحياة وينميها, سلوكاً أخلاقياً. وكل سلوك يضاد الحياة يعد سلوكاً غير أخلاقي - كل سلوك من شأنه أن يؤدي إلى إبقاء النوع وتحسينه سلوكاً أخلاقياً راقياً - كل سلوك من شأنه أن يؤدي إلى السعادة والإقبال على الحياة بمحبة وانشراح وينمي العقل ويحافظ عليه سلوكاً أخلاقياً راقياً 24 – من خصائص الأخلاق الإسلامية : - أنها مرتبطة بالعقيدة ارتباطاً قوياً وعميقاً - الشمول , حيث تشمل جميع المجالات, فهناك خلق مع الله ومع رسله عليهم السلامومع المسلمين وغير المسلمين - جميع ما ذكر 25 – الثبات يعتبر من خصائص الأخلاق الإسلامية , وهو من الفضائل الأساسية للمجتمع من صدق ووفاء وأمانة وعفة وإيثار مرتبطة بنظام الشريعة العامة، وهي أمور لا يستغني عنها مجتمع كريم، مهما تطورت الحياة، وتقدم العلم بل تظل قيماً فاضلة ثابتة ومن أمثلته في قوله تعالى : - قال الله تعالى: [تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] - قال الله تعالى : [وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ] - قال الله تعالى: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا } 26 - السبب الذي يجعل أخلاق الإسلام ثابتة : - كونها نابعة عن الدين - ارتباطها بالفطرة البشرية التي تتصف بالثبات ويرثها الأحفاد عن الآباء والأجداد - جميع ما ذكر 27 - الدعوات المثالية التي نادى بها بعض الفلاسفة من أمثال أفلاطون في كتابه الجمهورية الفاضلة , نجدها : - واقعية أي أنها عملية وقابلة للتطبيق - لا يستعصي على أحد من الناس تطبيقها وتجسيدها في حياته - مستعصية على التطبيق 28 – الأخلاق الإسلامية وسطاً بين طرفين متضادين , ولكن نجد أولئك الذين يتنكرون لهذه الحياة الدنيوية ومتعها, ويرون أن السعي يجب أن يكون للآخرة فقط : - جاء الإسلام ليقرر الانسجام والتوافق بين الحياتين, وأن الدنيا مزرعة للآخرة - العدل هو التوسط المحمود في كل شيء - رغبتهم في التحلي بالفضائل 29 – من أمثلة الوسطية , حيث تأتي بين رذيلتين هما: الخِبُّ والبَلَه,والخب: إفراطٌ وزيادة من جهة الاتصاف بالمكر والحيلة وسوء الظن. والبله: تفريط ونقصان عن الاعتدال, وسذاجة وسفه. - السخاء - الحكمة - الشجاعة 30 - من أمثلة الوسطية , حيث أنه يأتي بين رذيلتين, هما: الإسراف والتقتير - السخاء - الحكمة - الشجاعة 31 - من أمثلة الوسطية , حيث انه وسطٌ بين رذيلتي التهور والجبن - السخاء منــــقول |
2011- 1- 2 | #4 |
متميزه بملتقى المواضيع العامة
|
رد: معليش للكل ممكن مساعدة
[ مقرر الأخلاق الإسلامية وآداب المهنة / للدكتور عبد الله الديرشوي التمهيدية : ذو شقين : أولهما في الأخلاق عامة . وثانيهما في أخلاق المهنة . عناصر المحاضرة : مقدمة عامة عن أهمية مقرر الأخلاق وآداب المهنة : أهداف المقرر : 1/ مفردات المقرر وخطته التدريسية . 2/ مراجع المقرر ومصادره . مقدمة عامة عن أهمية مقرر الأخلاق وآداب المهنة : 1/ أهمية الأخلاق مقرراً دراسياً . 2/ أهمية المهنة وضرورتها في الحياة . 3/ أهمية الآداب ومدى اهتمام الإسلام بها . أهداف المقرر : نهدف من دراسة هذا المقرر مايلي : 1/ الوقوف على تعريف الأخلاق في اصطلاح العلماء , وذكر أسسها وخصائصها في الإسلام . 2/ تحديد وسائل التربية الأخلاقية في الإسلام . 3/ الوقوف على أهمية المهنة وضرورتها في الحياة . 4/ معرفة أخلاق المهنة في الإسلام . 5/ الشعور بالمسؤولية الأخلاقية . خطة تدريس المقرر : سيتم توزيع المقرر على أربع عشرة محاضرة هي : 1/ تعريف الخلق وطبيعته وأقسامه ومكانته . 2/ أسس الأخلاق في الإسلام . 3/ خصائص الأخلاق الإسلامية . 4/ وسائل اكتساب الأخلاق . 5/ المسؤولية عن السلوك الأخلاقي . 6/ نماذج من أخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم . 7/ تعريفات أخلاق المهنة والحاجة إلى دراستها . 8/ أخلاقيات العلم والتعلم . 9/ أخلاقيات العمل التجاري والمهن الخدمية . 10/ خلق الطهارة والاستقامة المهنية . 11/ خلق التعاون المهني . 12/ خلق المحبة المهنية . 13 دراسة لنماذج لمواثيق بعض المهن المعاصرة . مراجع المقرر ومصادره : _الأخلاق الإسلامية وأسسها للشيخ عبد الرحمن حنبكه , من مطبوعات دار القلم , دمشق _المهنة وأخلاقها للدكتور سعد الدين مسعد هلالي , من مطبوعات جامعة الكويت لعام 1427 هـ _2006 م . أخلاقيات المهنة في الحضارة الإسلامية للدكتور موفق سالم نوري , من مطبوعات دار أبن كثير ,دمشق 1430 هـ _2009 م . _التربية المهنية بين الفكر التربوي الإسلامي والفكر التربوي الحديث للدكتور خالد أبو شعيرة . من مطبوعات دار جرير في عمان _ الأردن 1427 هـ _ 2006 م . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المحاضرة الأولى تعريفالخُلُقوطبيعته ومكانته في الإسلام أولاً- تعريف الخُلُق: الخُلُق لغة: بضم الخاء واللام الطبع والسجية. أي ما جُبِل عليه الإنسان من الطَّبع. وجمعه أخلاقٌ. وهو - أي الخُلُق – يمثل صورة الإنسان الباطنة، التي هي نفسه التي بين جنبيه وأوصافها ومعانيها المختصَّة بها. كما أن الخَلْق يمثل صورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها(). واصطلاحاً: حالٌ للنفس راسخةٌ تصدر عنها الأفعال من خيرٍ أو شرٍ من غير حاجةٍ إلى فِكرٍ و رَوِيَّةٍ.() وبهذا المعنى ورد قول الله سبحانه في مدح نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {وإنك لععلى خُلُقٍ عظيم}. وقد يطلق الخُلُق على نفس المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على الوجه الأكمل. وبهذا المعنى ورد قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق). () مادة خلق. باب القاف, فصل الخاء. لسان العرب, القاموس المحيط. () إحياء علوم الدين للغزالي: 3/53؛ المعجم الوسيط مادة (خلق): 1/ 252. شرح التعريف وتوضيحه: أما التعريف الأخير فواضح لا لبس فيه, إذ إن الصدق والسخاء والرحمة والعدل وحب الخير للناس كلها أخلاق حميدة, وفضائل مسلَّمة, يسعى عقلاء الناس للتحلي بها, وتربية أبنائهم عليها. وأما التعريف الأول فهو الذي يكتنفه بعض الغموض, ويحتاج إلى توضيح, فنقول: يُقصد بـ (الحال) : الهيئة والصفة للنفس الإنسانية. و (راسخة) : أي ثابتة بعمق. وهو ما يعني أن الأفعال تتكرر من صاحبها على نسق واحد حتى تصبح عادة مستقرة لديه. ومن ثمَّ كان مَنْ ينفق المال مرة أو مرتين أو ثلاث مرات على المحتاجين لا يوصف بخلق السخاء والجود, بل لابد من تكرره منه بحيث يصبح عادة له. () مادة خلق. باب القاف, فصل الخاء. لسان العرب, القاموس المحيط. () إحياء علوم الدين للغزالي: 3/53؛ المعجم الوسيط مادة (خلق): 1/ 252. () إحياء علوم الدين: 3/53. و (من غير حاجةٍ إلى فِكرٍ و رَوِيَّةٍ) : أي من غير تكلف أو مجاهدة نفس , بل بسهولة ويسر وبطريقة تلقائية. يقول الإمام الغزالي رحمه الله: "الخَلْق والخُلُق عبارتان مستعملتان معاً, يقال: فلانٌ حسنُ الخُلُق والخَلْق. أي: حسن الباطن والظاهر. فيراد بالخَلْق الصورة الظاهرة, ويراد بالخُلُق الصورة الباطنة. وذلك لأن الإنسان مركبٌ من جسدٍ مدرك بالبصر, ومن روحٍ ونفسٍ مدركٍ بالبصيرة. ولكل واحد منهما هيئةٌ وصورةٌ: إما قبيحةٌ, وإما جميلةٌ. فالنفس المدركة بالبصيرة أعظم قدراً من الجسد المدرك بالبصر, ولذلك عظم الله أمره بإضافته إليه, إذ قال تعالى: {إني خالقٌ بشراً من طين, فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} فنبه على أن الجسد منسوب إلى الطين, والروح إلى رب العالمين, والمراد بالروح والنفس في هذا المقام واحد"(). () إحياء علوم الدين: 3/53. ثانياً- موضوع علم الأخلاق: يبحث علم الأخلاق في الأحكامالقيميةالمتعلقة بالأعمال التي توصف بالخير أو الشر, أو توصفبالحسن أو القبح, وهذا ما يميز الأخلاق عن الغرائز والدوافع؛ لأن الغرائز والدوافعهي الحاجات التي فطر الله الإنسان عليها كحاجته للأكل والشرب والنكاح والنوم... وهي أشياء لا تستوجب لصاحبها مدحاً ولا ذماً, ولا ثواباً ولا عقاباً, فإن مُدحالإنسان أو ذُم على شيء من ذلك, كان المقصود ليس نفس الفعل, وإنما طريقة صاحبه فيتلبية تلك الحاجة, أو إشباع تلك الرغبة. فمن يأكل لا يمدح ولا يذم على فعله ذاك, وإنما يمدح إن أكل مما يليه وبهدوءٍ, ومضغ الطعام جيداً, وبدأ باسم الله, وانتهىبحمد الله, فهذا يحمد على فعله هذا, بخلاف من أكل بشراهة, وأدخل اللقمة علىاللقمة, وجالت يده في القصعة ... فإنه يذم على فعله ذاك. ثالثاً- أقسام الخلق: يمكن تقسيم الخلق إلى قسمين اثنين باعتبارين مختلفين: أولهما باعتبار الفطرة والاكتساب: وبهذا الاعتبار ينقسم الخلق إلى: أخلاق فطرية: جُبِلَ الإنسانُ عليها أي هي هبة ومنحة من الله تعالى, وليس للإنسان أي دور في اكتسابها. مثال ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأشج عبد القيس المنذر بن عائذ وكان وافد عبد القيس وقائدهم ورئيسهم - وعبد القيس قبيلة- ( إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم, والأناة ) فقال: أشيءٌ جُبِلتُ عليه, أم شيءٌ حدث لي؟ فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (بل شيء جبلت عليه). فقال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحبه الله ورسوله". () قال النووي: الحلم هو العقل. والأناة هي التثبت وترك العجلة. وسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك له ما جاء في حديث الوفد أنهم لما وصلوا إلى المدينة بادروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأقام الأشج عند رحالهم فجمعها وعقل ناقته ولبس أحسن ثيابه ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقربه النبي صلى الله عليه وسلم وأجلسه إلى جانبه () () أبو داود الأدب (5225)، أحمد (4/206). () تحفة الأحوذي:6/128. أخلاق مكتسبة: يسعى الإنسان في تحصيلها بالتدريب والممارسة العملية, ومن خلال مجاهدته لنفسه. ومنه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في الصحيح: ( العلم بالتعلم, والحلم بالتحلم). ثانيهما باعتبار القبول وعدمه شرعاً: وبهذا الاعتبار ينقسم الخلق إلى: 1 - خلق حسن: وهو الأدب والفضيلة وتنتج عنه أقوال وأفعال جميلة عقلا وشرعا. 2 - خلق سيئ: وهو سوء الأدب والرذيلة وتنتج عنه أقوال وأفعال قبيحة عقلا وشرعا. ولقد جاءت دعوته r إلى فضائل الأخلاق، فقد أسامة بن شريك قال: (كنا جلوساً عند النبي r كأنما على رؤوسنا الطير، ما يتكلم منا متكلم، إذ جاءه أناس فقالوا: من أحب عباد الله تعالى؟ قال: (أحسنهم خلقاً) وحسن الخلق من أكثر الوسائل وأفضلها إيصالا للمرء للفوز بمحبة رسول الله r والظفر بقربه يوم القيامة حيث يقول: ( إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً) () . () الترمذي البر والصلة (2018). رابعاً: مكانة الأخلاق في الإسلام يقسم كثير من الباحثين المعاصرين ماجاءبهالإسلام من تشريعات وأحكام إلى شعب أربعة هي: عقائد, وعبادات, ومعاملات, وأخلاق. وربما قسمها بعضهم إلى ثلاث شعب فدمجوا بين العباداتوالمعاملات, فقالوا: عقيدة, وشريعة, وأخلاق. وهذا التقسيم إنما يصح بالنظر إلىالجهة الغالبة في تلك القضايا والمسائل التي تناولتها نصوصالشرع, وإلا فعند التأمل وإنعام النظر نجد أن هذه الشعب الثلاثأو الأربع لا تنفك عن بعضها, وأنها متداخلة متعاضدة كالبنيان يشد بعضها بعضاً. فالأخلاق التي يرد ذكرها في آخر الشعب لا تنفك عن العقيدة والعبادات والمعاملات, وهي في نفس درجاتها ومستوياتها من الأهمية والطلب. بل إنها تمثل جوهر رسالةالإسلام ولب شريعتها، بكل ماتحمله كلمةالأخلاق من عمق وشمول. وبيان ذلك من وجوه : حث الإسلام على الفضائل وحذر من الرذائل في نصوص لا تحصى من القرآن والسنة, ووصل فيها إلى أعلى درجات الإلزام، ورتب عليها أعظم مراتب الجزاء، ثواباً وعقاباً، في الدنيا والآخرة. فالصدق يهدي إلى البر, والبر يهدي إلى الجنة, والكذب يهدي إلى الفجور, والفجور يهدي إلى النار. وامرأة دخلت النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها, ولا هي دعتها تأكل من خشاش الأرض. وبغي دخلت الجنة في كلب سقته. والمرء يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم لا يفطر, والقائم لا يفتر. ... بلغ من عناية الإسلام بالأخلاق أن الله سبحانه حين أثنى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم اختار الثناء عليه من جهة أخلاقه ليُعلمنا أنه لا أبلغ ولا أرفع من هذه الصفة. فقال تعالى:{وإنك لعلى خلق عظيم}. جعل الرسول صلى الله عليه وسلم الغاية والهدف من رسالته إتمام البناء الأخلاقي الذي بدأه من سبقه من الأنبياء والمرسلين, فقال فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه: (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)(). () المسند: 2/381 رقم 8939 ؛ شعب الإيمان للبيهقي: 6/230 رقم 7978. قال الهيثمي: "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح, ورواه البزار إلا أنه قال: لأتمم مكارم الأخلاق. ورجاله كذلك غير محمد بن رزق الله الكلوداني وهو ثقة". انظر مجمع الزوائد: 8/188 و 9/15. وانظر أيضاً المقاصد الحسنة للسخاوي:180. في باب العقائد نجد أن الإسلام يضفي على التوحيد صبغة خُلُقية، فيعتبره من باب "العدل" وهو فضيلة خلقية، كما يعتبر الشرك من باب "الظلم" وهو رذيلة خلقية, فيقول سبحانه: {إن الشرك لظلم عظيم} وذاك لأنه وضعٌ للعبادة في غير موضعها، وتوجه بها إلى من لا يستحقها. بل اعتبر القرآن الكريم الكفر بكل أنواعه ظلما، فقال تعالى: {والكافرون هم الظالمون}. والعبادات الإسلامية الكبرى ذات أهداف أخلاقية جلية منصوص عليها في كتاب الله: فالصلاة وهي العبادة الأهم في حياة المسلم، لها وظيفة سامية في تكوين الوازع الذاتي، وتربية الضمير الديني على الابتعاد عن الرذائل. قال تعالى: {وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} وهي كذلك تعين المسلم على مواجهة متاعب الحياة. قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة}. والزكاة وهي العبادة التي تلي الصلاة في الأهمية, وسيلة لتطهير وتزكية النفس, وهما من الأهمية بمكان في عالم الأخلاق. قال تعالى:{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}. والصيام إنما يقصد به تدريب النفس على الكف عن شهواتها، وإدخال صاحبها في سلك المتقين, وهي جماع الأخلاق الإسلامية. قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} والحج تدريب للمسلم على التطهر والتجرد والترفع عن زخارف الحياة, وضبط الجوارح. قال تعالى: {الحج أشهر معلومات، فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}. وفي مجال المال والاقتصاد كان للأخلاق حضورها سواءٌ في ميدان الإنتاج أم التداول أم التوزيع أم الاستهلاك. ففي مجال الإنتاج يجب أن تكون السلعة المنتجة نافعة مفيدة, وأما ما كان ضاراً بالناس أو مؤذياً لهم فلا يجوز إنتاجه مهما كان سيجلب لصاحبه من أرباحٍ ماديةٍ. قال تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر، قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}. وفي مجال التبادل يحرم الإسلام الاحتكار والغش وكتمان العيب, وإنفاق السلعة بالحلف الكاذب, واستغلال حاجة الآخرين أو استغلال بساطتهم أو طيشهم لخداعهم ففي الحديث الصحيح: "لا يحتكر إلا خاطئ" أي آثم. وفيه أيضاً: "من غش فليس منا". وفيه: "الحلف الكاذب منفقة للسلعة ممحقة للبركة. والتملك، لا يجوز للمسلم أن يتملك ثروة من طريق خبيث، ولا يحل له أن يأخذ ما ليس له بحق لا بالعدوان ولا بالحيلة.كما لا يحل للمسلم الملك بطريق خبيث، لا يحل له تنمية ملكه بطريق خبيث كذلك.لهذا حرم الله الربا والميسر، وأكل أموال الناس بالباطل، والظلم بكل صوره، والضرر والضرار بكل ألوانه. وفى مجال التوزيع أمر بالعدل بين الأولاد في العطية من الوالدين, كما وضع نظاماً دقيقاً في توزيع الميراث, والصدقات المفروضة, والغنائم والفيء والخراج والجزية وعطايا بيت المال. فقال صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) وفي مجال الاستهلاك والإنفاق أمر الإسلام بالاعتدال والتوسط, والابتعاد عن الترف, والتبذير والإسراف والتقتير. قال تعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً}. وقال أيضاً: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا، إنه لا يحب المسرفين}. ومن هذا الباب تحريمه لاستعمال أواني الذهب والفضة مطلقاً، وكذا تحريمه لبس الذهب والحرير على الرجال. وفي مجال السياسة ربط الإسلام السياسة بالأخلاق، فرفض كل الأساليب القذرة للوصول إلى الغايات مهما كانت تلك الغايات نبيلة, ورفض مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" وجعله سياسته مبنية على الصدق والرحمة والعدل والإنصاف والمساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات والعقوبات، وفرض احترام الاتفاقات، والوفاء fالعهود. قال تعالى: {وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء} وقال جل شأنه: {وبعهد الله أوفوا ..} وقال أيضاً {ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}. وفي مجال الحرب لم تنفصل سياسة الإسلام عن الأخلاق, بل بقيت كما في السلم مبنية على العدل والرحمة والصدق والوفاء. قال تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} , وقال جل في علاه: {ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام، أن تعتدوا، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب}. وجعل الغاية من الحرب إعلاء كلمة الله, والانتصار للحق والخير. قال تعالى: {الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت، فقاتلوا أولياء الشيطان} وقال جل جلاله: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين}. وفي السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوصي أصحابه إذا توجهوا للقتال بقوله: "اغزوا باسم الله، وفي سبيل الله، وقاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً) وكذلك كان الخلفاء الراشدون المهديون من بعده يوصون قوادهم: "ألا يقتلوا شيخا، ولا صبيا، ولا امرأة، وألا يقطعوا شجرا، ولا يهدموا بناءً". وهكذا فما من مجال من مجالات الحياة يعيشها المسلم بمعزل عن القيم الأخلاقية والضوابط السلوكية, وما هذا الذي ذكرناه إلا غيض من فيض. والحمد لله رب العالمين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المحاضرة الثانية أسسالأخلاق في الإسلام يقومالنظام الأخلاقي في الإسلام على ثلاثة أسس هي: الأساسالاعتقادي, والأساس الواقعي والعلمي, ومراعاة الطبيعة الإنسانية. أولاً - الأساس الاعتقادي: يتمثل الأساس الاعتقادي للأخلاق الإسلامية في ثلاثة أركان هي: الركن الأول: الإيمان بوجود الله تعالى الذي خلق الكون وخلق الإنسان وخلق الموت والحياة وهو بكل شيء من الماضي والحاضر والمستقبل عليم, حتى إنه ليعلم ما يدور في خلجات الأنفس من خير أو شر كما قال تعالى: [وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ] {ق:16} الركن الثاني: إن الله عز وجل منذ أن خلق الإنسان فوقهذه الأرض عرَّفه بنفسه, وعرفه بطريق الخير والشر, وطريق الحق والباطل, من خلالرسالات أوحىبهاإلى من اختارهم من أنبيائه ورسله. قالتعالى: [أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ, وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ, وَهَدَيْنَاهُالنَّجْدَيْنِ] {البلد:8-10} وقال سبحانه: [وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا, فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا] {الشمس:8}, ثم إن الله سبحانه قد خلق فيالإنسان قدرة لإدراك تلك الحقائق, ونصب دلائل على جميع ذلك في هذه الطبيعة يدركهامن تأمل فيها وبحث عنها في ثنايا هذا الكون, قال تعالى: [سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَافِي الآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ] {فصِّلت:53} وبناء على ذلك كلفهم الله سبحانه باتباع الحق والخير, واجتناب الشروالباطل, كما بين واجباتهم تجاه خالقهم, وتجاه المخلوقات الأخرى, وبين لهمالمحرمات التي يجب عليهم اجتنابها. الركن الثالث: هو وجود الحياة بعد الموت, وهذه الحياة إما نعيم وإما جحيم. فالأولى يكافأ بها من اتبع الحق, وفعل الخير واجتنب الشر وما حرمه الله تعالى عليه, والثانية يجازى بها من اتبع الباطل وارتكب ما حرم الله. وهذه وتلك تكون بعد حساب دقيق يقوم به الخالق يوم القيامة, كما قال سبحانه: [إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي المَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ]{يس:12} وقال جل جلاله: [فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ, وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ]{الزَّلزلة:7-8}. إذن فهذه الحياة ميدان عمل واختبار للإنسان لمن يريد الخير, ولمن يريد الشر, قال تعالى: [الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا]{الملك:2}, والحياة الأخرى للحساب والجزاء, قال تعالى: [وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ] {الأنبياء:47}, وقال أيضاً: [اليَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ اليَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الحِسَابِ] {غافر:17} وهذا الأساس بهذا المفهوم في غاية الأهمية في الاتجاه الأخلاقي في الإسلام, وهو السند الذي يُعتمدُ عليه في إقامة النظام الخلقي, وفي عملية الالتزام به. فبدون هذا الأساس تفقد الأخلاق قدسيتها وتأثيرها الكبير في الإنسان, ولا يمكن أن تطبق تطبيقاً عملياً دقيقاً في السر والعلن, إلا إذا اتخذ هذا الأساس في قلوب البشر مكاناً, وآمنوا به إيماناً صادقاً. وليس هذا أساس للسلوك الأخلاقي فحسب, بل كذلك للحياة, إذ لا معنى للحياة –في الحقيقة- دون وجود هذا الأساس ودون الاعتماد عليه. إن الذي يقرأ كتابات الوجوديين وأمثالهم من الملاحدة الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر يجد أنهم يعانون من قلق وحيرة واضطراب في أعماق قلوبهم, ثم يسعون إلى تعميمه على البشر كلهم بدعوى أنه من مستلزمات الوجود الإنساني, وأن طبيعة الحياة تقتضيه. وهو ادعاءٌ باطلٌ, بدليل أن غيرهم ممن ليس على شاكلتهم لا يعاني من تلك الظاهرة, ولعله ناتج عن انعدام الإيمان لديهم. والسر فيه أن في طبيعة الحياة الإنسانية جانباً لا يملؤه إلا الإيمان, فمن انعدم لديه الإيمان عانى من الفراغ في هذا الجانب, فأحس بالقلق والاضطراب, وهو ما يدفعهم إما إلى الانتحار والتخلص من الحياة بطريق مباشر, أو الوقوع في شرك المخدرات أو المسكرات, ليقتل نفسه بطريق غير مباشر. والأمر الذي يؤكد صحة هذا التفسير هو أن هؤلاء الناس لا يعانون فقراً أو حرماناً أو مرضاً, بل هم أغنياء أصحاء, وإنما يعانون من فقدان الطمأنينة التي تجلبها العقيدة الصحيحة والإيمان القويم. إن اعتماد الأخلاق على أساس من العقيدة يضفي عليها طابعاً مميزاً من القداسة, وتدفع بالإنسان إلى فعل الخير, والابتعاد عن الشر, وتجعله صاحب ضمير حي, وقد اعترف بهذا الدكتور ألكسيس كاريل حيث يقول: "الفكرة المجردة لا تصبح عاملاً فعالاً إلا إذا تضمنت عنصراً دينياً, وهذا هو السبب في أن الأخلاق الدينية أقوى من الأخلاق المدنية إلى حد تستحيل معه المقارنة, ولذلك لا يتحمس الإنسان في الخضوع لقواعد السلوك القائم على المنطق إلا إذا نظر إلى قوانين الحياة على أنها أوامر منزلة من الذات الإلهية". ثانياً - الأساس الواقعي والعلمي: إذاكان الإسلام قد دعا إلى المثالية والسمو الروحي, وذم الذين أخلدوا إلى الأرضوشهواتها, فإن دعوته إلى المثالية كانت واقعية وكانت وسطاً بين نظرتين متطرفتينهما: أولهما: دعوات روحية تدعو الإنسان إلى محاربة الطبيعة, وعدم الاستسلام لها, مهما جابهته ضغوطات الحياة ومهما كانت شدتها؛ وذلك لأن سعادة الإنسان وسموه الروحي وخلاصه من آلام الحياة -في نظرهم- إنما تتم بمحاربة الطبيعة والتسامي على واقعها. ثانيهما: دعوات للطبيعيين الذين أخلدوا إلى الأرض, وقدموا الطاعة لدواعيها ومتطلباتها؛ لأن الحياة معها -في نظرهم- هي الحياة السليمة التي تصل بالإنسان إلى السعادة. فجاء موقف الإسلام نحو الطبيعة واقعياً وسطاً معتدلاً بين هاتين النظرتين, وقد تجلى ذلك في: 1- دعوته إلى الاستعلاء على الطبيعة وعدم الاستسلام لها؛ وذلك بدعوته الإنسان إلى أن يكون سيداً على الطبيعة, فيسخر مواردها في عمران الأرض, ونفع العباد, كما قال تعالى: [هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا] {هود:61} وأن يكون كذلك سيداً على نفسه, فيضبط ميوله ورغباته ويوجهها وفقاً للمثل العليا التي جاء بها الإسلام. 2- دعوته إلى التأقلم والانسجام مع الطبيعة ومع الواقع, وعدم التصادم معها, وذلك عن طريق اتخاذ قواعد للسلوك تنسجم تمام الانسجام مع القوانين الأساسية للحياة البشرية, وهي القوانين الثلاثة التالية: قانون المحافظة على الحياة, وقانون تكاثر النوع الإنساني, وقانون الارتقاء العقلي والروحي, وفي هذه القوانين يتجلى الأساس العلمي الذي أقام الإسلام نظامه الأخلاقي عليه. ففيما يتعلق بالقانون الأول – الذي هو المحافظة علىالحياة- فإن الإسلام اعتبر كل سلوك من شأنه أن يحافظ على الحياة وينميها, سلوكاًأخلاقياً. وكل سلوكيضادالحياة أو يعوقها بصورة من الصور يعدسلوكاً غير أخلاقي. فمن هنا كان القتل حراماً أخلاقياً, وكذا تهديد الآخرينوإخافتهم, والتحاسد والتباغض والتدابر. وكان من الواجب احترام الناس والمحافظة علىأرواحهم وأعراضهم ودمائهم, والسعي لنفعهم. وفيمايتعلق بالقانون الثاني – الذي هو تكاثر النوع- فإن الإسلام اعتبر كل سلوك من شأنهأن يؤدي إلى إبقاء النوع وتحسينه سلوكاً أخلاقياً راقياً. فشرع الزواج وحث عليه, ونهى عن التبتل أو الرهبانية كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: جاءثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلىالله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهمتقالُّوها. فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وماتأخر. قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولاأفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله صلى الله عليهوسلم إليهم، فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكمله، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني).() كما حث على حسن اختيار الزوجة, فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (تخيروا لنطفكم، وانكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم).() وحث الآباء على تزويج بناتهم من أناس صالحين, فقال صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلاَّ تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفساد).() ثم إن الإسلام حرم كل سلوك من شأنه أن يعوق استمرار التناسل؛ لأنه يعد منعاً لاستمرار النوع, ومن ثمَّ فقد حرم الإسلام الخِصاء, كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: "كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء، فقلنا: يا رسول الله، ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك".() فالإسلام يعد الخروج على القوانين الطبيعية والأخلاقية تعدياً وخروجاً عن جادة الحياة المستقيمة. وفيما يتعلق بالقانون الثالث – الذي هو الارتقاء العقلي والروحي- فإن الإسلام اعتبر كل سلوك من شأنه أن يؤدي إلى السعادة والإقبال على الحياة بمحبة وانشراح وينمي العقل ويحافظ عليه سلوكاً أخلاقياً راقياً, وكل سلوك يضاد ذلك كأن يجعل الإنسان يعيش في عزلة من الناس متشائماً قلقاً, أو يضر بعقله ويجعله مريضاً أو متخلفاً مستسلماً للجهل والخرافات سلوكاً غير أخلاقي. ومن ثم فقد وجدناه يحث على العلم وصلة الرحم ومحبة الآخرين والرحمة بهم, والرضا بقضاء الله وقدره, كما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)() أو قوله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيراً له)() أو في تحريمه للانتحار, أو تعاطي المسكرات أو المخدرات أو ما من شأنه أن يضر بصحة الإنسان البدنية أو بعقله فقالتعالى: [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌوَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا] {البقرة:219} وقوله سبحانه: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُوَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُلَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ , إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُالعَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِاللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ] {المائدة:90-91}. ومثلها منالنصوص كثير جداً. ثالثاً – مراعاة الطبيعة الإنسانية: وهذا الأساس مهم في الدراسات الأخلاقية, وذلك لوجود ارتباط وثيق بين السلوك وطبيعة الإنسان, ولتوقف نجاح النظام الأخلاقي على مدى انسجامه مع واقع هذه الطبيعة. فالإسلام ينظر إلى الإنسان على أنه روح وجسد, وعقل وقلب ومشاعر وعواطف, وأن هناك صراعاً بين طبيعة الإنسان وتكوينه المادي الذي يميل إلى الأرض والتراب الذي خلق منه, فيستجيب للأهواء والشهوات وينساق لها, وروحه العلوية التي هي من نفخ الإله, وتدعو إلى السمو والرقي والمثالية. والمطلوب هو التنسيق بين هاتين الطبيعتين في الإنسان, وتوجيهه إلى السلوك الذي يليق به بصفته أشرف مخلوق على ظهر الأرض, وصاحب رسالة خُلِق من أجلها في هذه الدنيا. والمرجع في هذا التنسيق هو رب العالمين تبارك وتعالى. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المحاضرة الثالثة خصائص الأخلاق الإسلامية/ تمتاز الأخلاق الإسلامية بجملة من الخصائص تميزها عن غيرها من الأنظمة الأخلاقية, وتعطيها وجودها وطابعها المتفرد والمستقل, وهي: الانبثاق عن عقيدة الإسلام: أي أنها مرتبطة بالعقيدة ارتباطاً قوياً وعميقاً بحيث يستحيل الفصل بينهما, وما أكثر النصوص التي تربط بين الإيمان وحسن الخُلُق. حتى إنها لتجعل الإيمان, هو نفسه حسن الخُلُق, كيف لا؛ وحسن الخلق يقتضي شُكر المنْعِم (الإله), والاعتراف بفضله, والثناء عليه, والوقوف عند حدوده بامتثال أوامره, واجتناب نواهيه. وأي عقوق أعظم من أن يتمرد الإنسان على خالقه ومولاه, ويتنكر لجميله, ويخالف أمره ونهيه, كما هو الشأن في الكفار والمنافقين. يقول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى: "حسن الخلق هو الإيمان, وسوء الخلق هو النفاق, وقد ذكر الله تعالى صفات المؤمنين والمنافقين في كتابه, وهي بجملتها ثمرة حُسْن الخلق, وسوء الخلق, فلنورد جملة من ذلك لتعلم آية حسن الخلق. قال الله تعالى:[قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ, الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ, وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ, وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ, وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ...] {المؤمنون:1- 5}, وقال تعالى: [وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا...]{الفرقان:63}.. من أشكل عليه حاله فليعرض نفسه على هذه الآيات, فوجود جميع هذه الصفات علامة حسن الخلق, وفقد جميعها علامة سوء الخلق, ووجود بعضها دون بعض يدل على البعض دون البعض, فليشتغل بتحصيل ما فقده, وحفظ ما وجده. وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن بصفات كثيرة, وأشار بجميعها إلى محاسن الأخلاق, فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (من كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فلا يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أو لِيَصْمُتْ). وقال: (لَا يُؤْمِنُ أحدكم حتى يُحِبَّ لِأَخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ). وقال: (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً). ويقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى: "الإيمان قوة عاصمة عن الدنايا, دافعة إلى المكرمات ومن ثمَّ فإن الله عندما يدعو عباده إلى خير أو ينفرهم من شر, يجعل ذلك مقتضى الإيمان المستقر في قلوبهم. وما أكثر ما يقول في كتابه: " يا أيها الذين آمنوا " ثم يذكر بعدُ ما يُكلفهم به, مثل قوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ] {التوبة:119} [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا] {الأحزاب:70} .. وقد وضح صاحب الرسالة صلى الله عليه وآله وسلم أن الإيمان القوي, يلد الخلق القوي حتماً, وأن انهيار الأخلاق مرده إلى ضعف الإيمان, أو فقدانه, بحسب تفاقم الشر أو تفاهته.. فالرجل الصفيق الوجه, المعوج السلوك الذي يقترف الرذائل غير آبه لأحد, يقول رسول الإسلام في وصف حاله: "الحياء والإيمان قرناء جميعاً فإذا رفع أحدهما رفع الآخر"!. • والرجل الذي ينكب جيرانه ويرميهم بالسوء, يحكم الدين عليه حكما قاسياً فيقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم : (والله لَا يُؤْمِنُ والله لَا يُؤْمِنُ والله لَا يُؤْمِنُ قِيلَ وَمَنْ يا رَسُولَ اللَّهِ قال الذي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بوائقه). وتجد الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يعلم أتباعه الإعراض عن اللغو, ومجانبة الثرثرة والهذر يقول: (وَمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أو لِيَصْمُتْ). وهكذا يمضى في غرس الفضائل وتعهدها حتى تؤتى ثمارها, معتمداً على صدق الإيمان وكماله..". • إذاً فالدين هو منبت الأخلاق, وهو مصدر الرقابة عليها, وهو المقوِّم لها إذا انحرفت, وهما متلازمان لإقامة كل مدنية فاضلة خيرة في مصلحة الإنسان. الشمول / حيث تشمل جميع المجالات, فهناك خلق مع الله ومع رسله عليهم السلام, قال تعالى: [إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ] {النور:51} وقال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] {الحجرات:1}, وهناك خلق مع المسلمين يقول صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخ المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره.. كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه) وخلق مع غير المسلم, قال تعالى: [لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ] {الممتحنة:8} وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (من آذى ذمياً فقد آذاني) وهناك خلق الكبير والصغير (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا) وخلق مع الحاكم [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ] {النساء:59} ومع الوالدين والأبناء والبنات والزوج والقرابة, ومع الضيف والمعلم والصديق, ومع البهائم والجماد, . يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى: "قد تكون لكل دين شعائر خاصة به, تعتبر سمات مميزة له. ولا شك أن في الإسلام طاعات معينة, ألزم بها أتباعه, وتعتبر فيما بينهم أموراً مقررة لا صلة لغيرهم بها, غير أن التعاليم الخُلُقية ليست من هذا القبيل؛ فالمسلم مكلف أن يلقى أهل الأرض قاطبة بفضائل لا ترقى إليها شبهة, فالصدق واجب على المسلم مع المسلم وغيره, والسماحة والوفاء والمروءة والتعاون والكرم.. الخ. وقد أمر القرآن الكريم ألا نتورط مع اليهود أو النصارى في مجادلات تهيج الخصومات ولا تجدي الأديان شيئاً. قال الله تعالى: [وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ]{العنكبوت:46}. واستغرب من أتباع موسى وعيسى أن يشتبكوا مع المسلمين في منازعات من هذا النوع الحاد:[قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ] {البقرة:139}. وحدث أن يهودياً كان له دَيْنٌ على النبي, فجاء يتقاضاه قائلاً : إنكم يا بني عبد المطلب قوم مُطل!! فرأى عمر بن الخطاب أن يُؤدب هذا المتطاول على مقام الرسول, وهَمَّ بسيفه يبغي قتله. لكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أسكت عمر قائلاً: (أنا وهو أولى منك بغير هذا, تأمره بحُسن التقاضي, وتأمرني بحُسن الأداء), وقد أمر الإسلام بالعدل ولو مع فاجر أو كافر. قال عليه الصلاة والسلام: "دعوة المظلوم مُستجابة, وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه) ... وبهذه النصوص, مَنع الإسلام أبناءه أن يقترفوا أية إساءة نحو مخالفيهم في الدين. ومن آيات حسن الخلق مع أهل الأديان الأخرى ما ورد عن ابن عمر: أنه ذبحت له شاة في أهله ? فلما جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودي؟ أهديتم لجارنا اليهودي؟. سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه).. • أما من الناحية العامة, فقد قرر الإسلام أن بقاء الأمم وازدهار حضارتها, واستدامة منعتها, إنما يُكفل لها إذا ضمنت حياة الأخلاق فيها, فإذا سقطت الخلق سقطت الدولة معه. • وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا • ويؤكد هذه الحقيقة حديث الرسول لقومه وعشيرته, فقد رشحتهم مكانتهم في جزيرة العرب لسيادتها, وتولي مقاليد الحكم بها. ولكن النبي أفهمهم ألا دوام لملكهم إلا بالخُلُق وحده. فعن أنس بن مالك قال: "كنا في بيت فيه نفر من المهاجرين والأنصار? فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فجعل كل رجل يوسع رجاء أن يجلس إلى جنبه.. ثم قام إلى الباب فأخذ بعضادتيه, فقال: (الأُمَرَاءُ من قُرَيْشٍ ثَلاَثاً ما فَعَلُوا ثَلاَثاً ما حَكَمُوا فَعَدَلُوا وَاسْتُرْحِمُوا فَرَحِمُوا وَعَاهَدُوا فَوَفَوْا فَمَنْ لم يَفْعَلْ ذلك منهم فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ). هذا الحديث حاسم في أنه لا مكانة لأمة ولا لدولة ولا لأسرة إلا بمقدار ما تمثل في العالم من صفات عالية, وما تحقق من أهداف كريمة. فلو أن حكماً حمل طابع الإسلام والقرآن, ثم نظر الناس إليه فوجدوه لا يعدل في قضية, ولا يرحم في حاجة, ولا يوفي في معاهدة, فهو باسم الإسلام والقرآن قد انسلخ عن مقوماته الفاضلة, وأصبح أهلاً لأن يلعن في فجاج الأرض وآفاق السماء. ومن أقوال الإمام ابن تيمية: "إن الله يقيم الدولة العادلة, وإن كانت كافرة, ولا يقيم الدولة الظالمة, وإن كانت مسلمة" . إن الخلق في منابع الإسلام الأولى من كتاب وسنة هو الدين كله, وهو الدنيا كلها, فإن نقصت أمة حظاً من رفعة في صلتها بالله, أو في مكانتها بين الناس, فبقدر نقصان فضائلها وانهزام خلقها". الثبات • ويقصد بالثبات أن الفضائل الأساسية للمجتمع من صدق ووفاء وأمانة وعفة وإيثار مرتبطة بنظام الشريعة العامة، وهي أمور لا يستغني عنها مجتمع كريم، مهما تطورت الحياة، وتقدم العلم بل تظل قيماً فاضلة ثابتة. • إن الأخلاق في الإسلام لا تتغير ولا تتطور تبعا للظروف الاجتماعية والأحوال الاقتصادية، بل هي حواجز متينة ضد الفوضى والظلم والشر، كما قال الله تعالى:[تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] {البقرة:229}. • وأما السبب الذي يجعل أخلاق الإسلام ثابتة فهو: • ارتباطها بالفطرة البشرية التي تتصف بالثبات ويرثها الأحفاد عن الآباء والأجداد (كل مولود يولد على الفطرة) فالخلق فطرة. • وكونها نابعة عن الدين، وإذا كان الدين يصلح لجميع الناس، ويهدف إلى الخير المطلق، لأنه من الله سبحانه وتعالى، وقد راعى فيه الخير العام. قال تعالى: [أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ] {الملك:14} فكذلك الأخلاق الإسلامية. • ويترتب على خاصية الثبات هذه أن الأخلاق مختلفة عن التقاليد؛ لأن التقاليد تتغير بين الفينة والأخرى, بتغير مبررات وجودها، وليس كذلك الأخلاق، لأنها تقوم على أسس ثابتة كالحق والعدل والخير. • كما أن الثبات في الأخلاق من شأنه أن يبعث الطمأنينة في حياة الفرد، وفي حياة المجتمع, بخلاف من ينظر إلى الأخلاق على أنها تتطور وتتبدل بتبدل الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, فإن من شأنها أن تجعل الإنسان يعيش من غير قيم عليا, وفي اضطراب وقلق. الجمع بين الواقعية والمثالية: فأما كونها واقعية فتعني أنها عملية وقابلة للتطبيق, ولا يستعصي على أحد من الناس تطبيقها وتجسيدها في حياته, ولكنها في ذات الوقت مثالية أيضاً. بمعنى أن من الناس من تتوق نفسه إلى معالي الأمور, و لا يرضى لنفسه بأن يكون كسائر الناس, ولا يشبع ذلك نهمه ورغبته في التسامي بخلقه, ورغبته في التحلي بالفضائل, ولكن ليس كل الناس يطيق ذلك, فجاء الإسلام وراعى بتشريعه استعدادات هذا وذاك, ولم يحمل الناس على ما لا يطيقون, وما يمكن أن تمله نفوسهم وتتقاصر عنه, فشرع العدل وذلك بأن يصل كل ذي حق إلى حقه, ولكن دعاه في الوقت ذاته إلى الإحسان وهي مرتبة أعلى من العدل فيها التضحية والصفح والتجاوز, فقال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ] {المائدة:8} وقال أيضاً:[وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ] {الشُّورى:40} [وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ] {النحل:126}. وهذا يختلف عن الدعوات المثالية التي نادى بها بعض الفلاسفة من أمثال أفلاطون في كتابه الجمهورية الفاضلة, وكذلك النصارى في الوصايا التي نسبوها إلى نبي الله عيسى عليه السلام, وهي مستعصية على التطبيق, ولا تستقيم معها حياة الإنسان, وسرعان ما يملها, وتسأم نفسه من فعله لما فيها من تكلف شديد. قال عليه الصلاة والسلام: (عَلَيْكُمْ مَا تُطِيقُونَ مِنْ الْأَعْمَالِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا). وفي معناه قوله تعالى: [فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ] {التغابن:16}. الوسطية / وتعني كون الأخلاق الإسلامية وسطاً بين طرفين متضادين, وهذه الوسطية والاعتدال جلية في جوانب الدين الإسلامي كله؛ ففي نظرته إلى تكوين الإنسان كان وسطاً بين: • غلاة المثاليين الذين يعتبرون الإنسان روحاً علوية محبوسةً في الجسد ويجب عليه أن يتحرر منه. • غلاة الواقعيين الذين يعتبرون الإنسان جسداً فقط ويتنكرون للروح ومتطلباته. • فجاء الإسلام وقرر أن الإنسان مخلوق مركب من عقل وشهوة, وفيه استعداد للتقوى والفجور, وقد بين الله له طريق الخير وطريق الشر بوساطة أنبيائه ورسله, ثم ترك له حرية , فقال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} (7-10) سورة الشمس. • وفي نظرة الإسلام إلى الحياة كان وسطاً بين طرفين متقابلين هما: • من يرى أن الحياة هي هذه الدنيا التي نعيشها فقط. • وأولئك الذين يتنكرون لهذه الحياة الدنيوية ومتعها, ويرون أن السعي يجب أن يكون للآخرة فقط. • فجاء الإسلام ليقرر الانسجام والتوافق بين الحياتين, وأن الدنيا مزرعة للآخرة, ويجب للإنسان أن يعمل لها ويسعى في عمارتها لأنها تمثل جزءاً من المهمة التي خلق الله عز وجل البشر من أجلها. قال تعالى: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا } (61) سورة هود, أي طلب منكم عمارتها, وقال أيضاً: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ } (32) سورة الأعراف. • وفي دعوته إلى التحلي بالفضائل الخلقية كان وسطاً لا يقبل الزيادة ولا النقصان, فعلى سبيل المثال لا الحصر, حث على: • الحكمة واعتبرها فضيلة, قال تعالى: [يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا] {البقرة:269} ولكنها تأتي بين رذيلتين هما: الخِبُّ والبَلَه. والخب: إفراطٌ وزيادة من جهة الاتصاف بالمكر والحيلة وسوء الظن. والبله: تفريط ونقصان عن الاعتدال, وسذاجة وسفه. • والسخاء واعتبره خلقاً كريماً, لكنه بين أنه يأتي بين رذيلتين, هما: الإسراف والتقتير, قال تعالى: [وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا] {الإسراء:29} وقال: [وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا] {الفرقان:67}. • والشجاعة وهي وسطٌ بين رذيلتي التهور والجبن. فالتهور زيادة عن الاعتدال، ويقدم بها الإنسان على الأمور المحظورة، التي يجب في العقل الإحجام عنها, قال تعالى: [وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ] {البقرة:195} . والجبن نقصان عن الاعتدال, قال تعالى في وصف المنافقين: [رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ] {التوبة:87} • والعفة وهي وسط بين رذيلتي الشره والخمود. فالشره هو إفراط الشهوة إلى المبالغة في اللذات. والخمود هو خمود الشهوة عن الانبعاث إلى ما يقتضي العقل نيله وتحصيله. • والحياء وهو وسط بين رذيلتي الوقاحة وصفاقة الوجه من جهة, والخور والمهانة من جهة أخرى. • والتواضع وهو وسط بين رذيلتي الكبر والعلو من جهة, والذلة والحقارة من جهة أخرى. • والعدل هو التوسط المحمود في كل شيء, بأن يعطي كل ذي حق حقه, من غير غبن وتغابن. والغبن إفراط أي أن يأخذ ما ليس له، والتغابن تفريط, أي أن يعطي في المعاملة ما ليس عليه حمد وأجر. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المحاضرة الرابعة وسائل اكتساب الأخلاق المقدمة : ذكرنا فيما تقدم أن هناك أخلاقاً فطرية, بمعنى أن بعض الناس تشمله العناية الإلهية فيولد سليم الفطرة, كامل العقل, حسن الخُلق, عالِماً مؤدَّباً بغير معلِّمٍ أو مؤدِّبٍ كما هو الحال في الأنبياء والرسل الكرام عليهم السلام الذين اصطفاهم الله واختارهم, وجعلهم بفضله قدوات صالحة تمثل قمة الكمال البشري. وهناك من يمُنُّ الله عليه ببعض الصفات الخلقية الحميدة كما في حديث أشج عبد القيس حين أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال "إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله, الحلم والأناة". وحين سأله أهما من كسبه أم جبله الله عليهما؟ قال: "بل الله جبلك عليهما".() فإذا ما استثنينا هذه الحالات فإن الصفات الخلقية الحميدة تحتاج إلى وسائل لاكتسابها والاتصاف بها, ومن أهم هذه الوسائل: التدريب العملي والرياضة النفسية: وذلك من خلال مجاهدة النفس, وحملها على الأعمال التي يقتضيها الخُلق المطلوب. فمن أراد مثلاً أن يُحَصِّلَ لنفسه خُلُق الجود, فطريقه أن يتكلف تعاطي فعل الجواد, وهو بذل المال, فلا يزال يطالب نفسه, ويواظب عليه تكلفاً, مجاهداً نفسه فيه حتى يصير ذلك طبعاً له, ويتيسر عليه, فيصير به جواداً. وكذا من أراد أن يُحَصِّلَ لنفسه خُلُق التواضع وقد غلب عليه الكِبْر, فطريقه أن يواظب على أفعال المتواضعين مدة مديدة, وهو فيها مجاهد نفسه, ومتكلف إلى أن يصير ذلك خلقاً له وطبعاً, فيتيسر عليه. وجميع الأخلاق المحمودة شرعاً تحصل بهذا الطريق, وغايته أن يصير الفعل الصادر منه لذيذاً. فالسخي: هو الذي يَسْتلِّذ بذلَ المال الذي يبذله, دون الذي يبذله عن كراهة. و المتواضع: هو الذي يَسْتلِّذ التواضع. وفي هذا المعنى جاء قول النبي صلى الله عليه وآله سلم: (وجعلت قرة عيني في الصلاة), ويجب أن يكون هذا الاستلذاذ للطاعة واستكراه المعصية على الدوام وفي جملة العمر, وكلما كان العمر أطول, كانت الفضيلة أرسخ وأكمل, ولذلك لما سئل صلى الله عليه وآله وسلم: أي الناس خير؟ قال: (من طال عمره, وحسن عمله), وهو ما كان يجعل الأنبياء والصالحين من العباد يكرهون الموت, فإن الدنيا مزرعة الآخرة, وكلما كانت العبادات أكثر بطول العمر, كان الثواب أجزل, والنفس أزكى وأطهر, والأخلاق أقوى وأرسخ. فإذن يمكن اكتساب الأخلاق الجميلة بالرياضة, بتكلف الأفعال الصادرة عنها ابتداءً لتصير طبعاً انتهاءً, وهذا من أثر العلاقة بين القلب والجوارح. أي النفس والبدن. فإن كل صفة تظهر في القلب يفيض أثرها على الجوارح حتى لا تتحرك إلا على وفقها, وكل فعل يجري على الجوارح فإنه قد يرتفع منه أثر إلى القلب, والأمر فيه دور. ويعرف ذلك بمثال؛ وهو: أن من أراد أن يصير حاذقاً في الكتابة (خطاطاً) فلا طريق له إلا أن يتعاطى بجارحة اليد ما يتعاطاه الكاتب الحاذق, ويواظب عليه مدة طويلة, يحاكي الخط الحسن, فإن فعل الكاتب هو الخط الحسن, فيتشبه بالكاتب تكلفاً ثم لا يزال يواظب عليه, حتى يصير صفة راسخة في نفسه, فيصدر منه في الآخر الخط الحسن طبعاً, كما كان يصدر منه في الابتداء تكلفاً. وكذلك من أراد أن يصير فقيه النفس, فلا طريق له إلا أن يتعاطى أفعال الفقهاء, وهو التكرار للفقه, حتى تنعطف منه على قلبه صفة الفقه, فيصير فقيه النفس. وكذلك من أراد أن يصير سخياً عفيف النفس حليماً متواضعاً فيلزمه أن يتعاطى أفعال هؤلاء تكلفاً حتى يصير ذلك طبعاً له فلا علاج له إلا ذلك. وقد أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذه الحقيقة فقال: (مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ،وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ). أي أن من درب نفسه وحملها على ما يريد, وجد الاستجابة له بإذن الله. فالبداية من العبد, ثم يأتيه التوفيق من الله تعالى. فكما أن البدن في الابتداء لا يخلق كاملاً, وإنما يكمل ويقوى بالنشوء والتربية بالغذاء, فكذلك النفس تخلق ناقصة, قابلة للكمال. وإنما تكمل بالتربية وتهذيب الأخلاق, والتغذية بالعلم. البيئة الصالحة والجليس الصالح: وذلك بمشاهدة أرباب الفعال الجميلة ومصاحبتهم, وهم قرناء الخير وإخوان الصلاح, إذ الطبع يسرق من الطبع الشرَّ والخيرَ جميعاً. قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: (مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً). رواه البخاري ومسلم. قال النووي: "في الحديث تمثيله صلى الله عليه وآله وسلم الجليس الصالح بحامل المسك، والجليس السوء بنافخ الكير، وفيه فضيلة مجالسة الصالحين وأهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق والورع والعلم والأدب، والنهي عن مجالسة أهل الشر وأهل البدع ومن يغتاب الناس أو يكثر فُجْرُه وبطالته ونحو ذلك من الأنواع المذمومة". وقال الشيخ ناصر السعدي رحمه الله: "اشتمل هذا الحديث على الحث على اختيار الأصحاب الصالحين، والتحذير من ضدهم, ومثل النبي صلى الله عليه وسلم بهذين المثالين، مبيناً أن الجليس الصالح: جميع أحوالك معه, وأنت في مغنم وخير، كحامل المسك الذي تنتفع بما معه من المسك: إما بهبة، أو بعوض. وأقل ذلك: مدة جلوسك معه، وأنت قرير النفس برائحة المسك فالخير الذي يصيبه العبد من جليسه الصالح أبلغ وأفضل من المسك الأذفر، فإنه إما أن يعلمك ما ينفعك في دينك ودنياك، أو يهدي لك نصيحة، أو يحذرك من الإقامة على ما يضرك. فيحثك على طاعة الله, وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ويبصرك بعيوب نفسك، ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها بقوله وفعله وحاله. فإن الإنسان مجبول على الاقتداء بصاحبه وجليسه، والطباع والأرواح جنود مجندة، يقود بعضها بعضاً إلى الخير، أو إلى ضده. وأما مصاحبة الأشرار: فإنها بضد جميع ما ذكرنا، وهم مضرة من جميع الوجوه على من صَاحَبَهُمْ، وشر على من خالطهم. فكم هلك بسببهم أقوام. وكم قادوا أصحابهم إلى المهالك من حيث يشعرون، ومن حيث لا يشعرون. ولهذا كان من أعظم نعم الله على العبد المؤمن: أن يوفقه لصحبة الأخيار. ومن عقوبته لعبده: أن يبتليه بصحبة الأشرار. صحبة الأخيار توصل العبد إلى أعلى عليين، وصحبة الأشرار توصله إلى أسفل سافلين. صحبة الأخيار توجب له العلوم النافعة، والأخلاق الفاضلة، والأعمال الصالحة. وصحبة الأشرار: تحرمه ذلك أجمع: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا , يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا , لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا } إن أقل ما تستفيده من الجليس الصالح - وهي فائدة لا يستهان بها - أن تنكف بسببه عن السيئات والمعاصي، رعاية للصحبة، ومنافسة في الخير، وترفعاً عن الشر، وأن يحفظك في حضرتك ومغيبك، وأن تنفعك محبته ودعاؤه في حال حياتك وبعد مماتك، وأن يدافع عنك بسبب اتصاله بك، ومحبته لك. وتلك أمور لا تباشر أنت مدافعتها، كما أنه قد يصلك بأشخاص وأعمال ينفعك اتصالك بهم. وفوائد الأصحاب الصالحين لا تعد ولا تحصى. وحسب المرء أن يعتبر بقرينه، وأن يكون على دين خليله. وفي حديث آخر بين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أثر البيئة الفاسدة والبيئة الصالحة على المرء, فقَالَ: (كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ. فَقَالَ: لا. فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ. فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ، انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا؛ فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ، وَلا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلائِكَةُ الْعَذَابِ، فَقَالَتْ: مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ. وَقَالَتْ: مَلائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَط. فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَه. ُ فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ) قال النووي: "قال العلماء: في هذا استحباب مفارقة التائب المواضع التي أصاب بها الذنوب، والأخدان المساعدين له على ذلك ومقاطعتهم ما داموا على حالهم، وأن يستبدل بهم صحبة أهل الخير والصلاح والعلماء والمتعبدين الورعين، ومن يقتدى بهم وينتفَع بصحبتهم" وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ) الإنسان بطبعه يميل إلى التقليد, وهذا أمر واقعٌ مشاهد في دنيا الناس, فإذا نظرت إلى كثير من الكافرين وجدت أن كفرهم كان تقليداً لآبائهم وكبرائهم, [وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ] {البقرة:170}. وإذا كان هذا الأمر مشاهداً ومسلَّماً في حياة الناس, إذاً فليتخذ الإنسان العاقل من أكمل الخَلْق إيماناً وأخلاقاً القدوة في حياته, وهو رسول الله الذي ارتضاه الله لنا قدوة, وأمرنا بالتأسي به, فقال تعالى: [لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا] {الأحزاب:21}. فهو خير قدوة يقتدي بها الأفراد ، وخصوصاً الطامحون لبلوغ الكمال الإنساني في السلوك. ولئن انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه فإن الله قد حفظ لنا سنته، وبقيت سيرته خالدة شاهدة على سمو روحه وكمال نفسه ورفعة أخلاقه ، فما على من أراد التأسي به إلا مطالعتها والعمل بما كان عليه صلى الله عليه وآله وسلم. • إن المسلم إذا أُبرزت أمامه القدوات الطيبة, والنماذج الراقية, فإنه يسارع إلى تقليدها والتأسي بها. وإنه مطالب بالتأسي بالنماذج الطيبة المرضية عند الله تعالى، وقد وجدنا القرآن يقول للرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن تحدث عن بعض الأنبياء والمرسلين. [أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ] {الأنعام:90} • وهذه القدوة الصالحة لها تأثير عجيب في اكتساب الفضائل لأسباب متعددة.. منها: • كون هذه القدوة محل تقدير وإعجاب كبير من الناس، مما يولد في الفرد المحروم من أسباب هذا المجد حوافز قوية تدفعه إلى تقليد هذه القدوة الصالحة ومحاكاتها في أخلاقها وسلوكها، مما يحولها مع الوقت إلى خلق مكتسب. • وجود القدوات الصالحة والنماذج الحسنة يعطي الآخرين قناعة بأن بلوغ هذه الفضائل أمر ممكن فيدفع إلى محاولة التخلق بمثل أخلاقه. • أن النفس البشرية تتأثر بالأمور العملية أكثر بكثير من تأثرها بالأمور النظرية ؛ولهذا وجدنا أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها تشير على النبي أن يبدأ بحلق رأسه بعد صلح الحديبية في وقت امتنع فيه كثير من المسلمين عن الحلق فلما رأوا رسول الله حلق تسابقوا إلى الحلق تأسيا به صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا أيضا أثر عن بعض السلف قوله:إن فعل رجل في ألف رجل أبلغ من قول ألف رجل في رجل. • إن من واجب المصلحين والدعاة المربين : أن يبرزوا للناس وخصوصاً للشباب والنشء النماذج الصالحة أسلافنا, من صحابة رسول الله وتابعيهم بإحسان, فيبرزوا سير العلماء الربانيين, والزهاد الأتقياء العابدين, والقادة الأفذاذ الفاتحين, والمربين الناجحين المؤثرين لتتحرك الهمم نحو التأسي بهم, والسير على نهجهم. • ونعني بذلك المجتمع المسلم, بما يشكله من رقابة على سلوك الأفراد, وإلزامهم بفضائل الأخلاق. • وذلك أن الفرد يعيش مع الناس داخل هذا المجتمع, يحتاجهم في شؤون حياته, ولا يستغني عنهم, ويحتاج منهم التقدير والاحترام, فإذا ما أقدم على تصرف سيء فسيجد من يحاسبه على سلوكه ذاك, وسيشعره بأنه أقدم على سلوك غير مقبول, ومن ثم فإن عليه أن لا يعاوده. ويوماً بعد يوم, ومع هذه الرقابة من المجتمع والضغط الذي يشكله على سلوكه, فإنه سيهجر هذا التصرف السيئ وسيبدله بتصرف آخر مقبولاً ويجلب له الرضا والاحترام والتقدير ممن حوله. والفرق بين هذا وبين ما سبق من تأثير البيئة الصالحة, هو أن البيئة: هي تلك المجموعة من الناس الذين يعيش معهم بشكل مباشر كل يوم, وبصورة مستمرة. هنا فالضغط الاجتماعي: يعني ما هو أعم. إنه المجتمع بكل طبقاته وأطيافه وفئاته. فهناك رقابة من المجتمع على وسائل الإعلام المختلفة من جرائد ومجلات وكتب وإذاعات وخطب ومقالات ومواعظ وحوارات, فيقوم مستمعوه وقراؤه, بمحاسبته على أقواله وتصرفاته المخالفة للفضائل الخلقية. فالمسؤولية اجتماعية, وفي بيان ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (إِنَّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ يَا هَذَا اتَّقِّ اللَّهَ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَكَ ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الْغَدِ فَلاَ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ ثُمَّ قَالَ (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) ثُمَّ قَالَ كَلاَّ وَاللَّهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا) رواه أبو داود والبيهقي وغيرهما. ويؤيد الحديث الآخر: (مَثَلُ القَائِمِ في حُدُودِ اللهِ وَالوَاقعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَومٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَصَارَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا ، وَكَانَ الَّذِينَ في أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقهُمْ ، فَقَالُوا : لَوْ أنَّا خَرَقْنَا في نَصِيبِنَا خَرْقاً وَلَمْ نُؤذِ مَنْ فَوقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أرَادُوا هَلَكُوا جَميعاً، وَإنْ أخَذُوا عَلَى أيدِيهِمْ نَجَوا وَنَجَوْا جَميعاً) رواه البخاري. ومعنى (القَائِم في حُدُودِ اللهِ تَعَالَى): المنكر للوقوع فيها، والقائم في دفعِها وإزالتِها، وَالمُرادُ بالحُدُودِ: مَا نَهَى الله عَنْهُ. ومعنى: اسْتَهَمُوا: اقْتَرَعُوا ونعني بها السلطة الحاكمة بما تملكه من قوة ردع, وأجهزة رقابة, وفي بيان أثر هذه الرقابة من الدولة يقول الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه: (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن). أي أن الله يدفع بالسلطان أناساً عن اقتراف المنكر, وذلك خوفاً من عقوبته, لأن القرآن الكريم لا يدفعهم ولا يؤثر فيهم, فقلوبهم ميتة, وإيمانهم ضعيف, وعقولهم معطلة, وما يردعهم هو خوف العقوبة فقط. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المحاضرةالخامسة المسؤولية عن السلوك الأخلاقي في هذاالمبحث سنتعرض لمسائل ثلاثة مرتبطة ببعضها ارتباط العلة بالمعلول. وهي على الترتيب: الإلزام, ثم المسؤولية, ثم الجزاء. بمعنى أن الإلزام يكون أولاً, ثمتتبعه المسؤولية, ثم يتبعهما الجزاء أخيراً. أولاً – الإلزام: تعريفه:يمكن تعريف الإلزام في باب الأخلاق بأنه: تكليفٌ بتشريع خُلُقي.() أو بعبارة أوضح: أمرٌ صادرٌ من الشرع للمكلفِ بامتثال خُلُقٍ محمودٍ, أواجتنابِ خُلُقٍ مذموم. والمقصود بالمكلف هو الشخص: البالغالعاقل. مصادر الإلزام الخلقي: يذهب عامة المسلمين إلى أن مصدر الإلزام الخلقي –كغيره من الأحكام الشرعية- إنما هو نصوص الشريعة من كتابٍ وسنةٍ. قال تعالى: [رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِحُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ]{النساء:165}, وقال أيضاً: [وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَحَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا]{الإسراء:15}, فالآيتان تدلان بوضوح على أنه لا محاسبة, ولا عقاب قبل إرسال الرسل, وإقامة الحجة من الله تعالى على العباد. وما اتباعنا للرسول صلى الله عليه وسلم, إلا لامتثال أمره سبحانه, حيثقال: [وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا] {الحشر:7}, وقال أيضاً: [قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْافَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الكَافِرِينَ] {آلعمران:32}. وإذا كانمصدر الإلزام هو الشرع, فإن هناك أموراً تعين على تحقيق الالتزام في حياة الناس, وهي متفرعة عن الشرع, ومنضبطة به, وتتمثل في عوامل خارجية كالمجتمع والسلطةالحاكمة, وعوامل داخلية كالإيمان والعقل والفطرة والضمير الخلقي.() وفيما يلي بيانموجز بكل واحدة منها: الإيمان بالله: إن كثيراً من الممارسات الخلقية الحميدةلا تقوم إلا على أساس الإيمان بالله واليوم الآخر, كما في مقابلة الإساءة بالإحسان, والصبر على الظلم مع القدرة على الرد, والإنفاق على الأيتام والمحتاجين من غيرانتظار الجزاء منهم, والتضحية بالمال مع شدة الحاجة إليه, كما قال تعالى: [وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً, إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَاشُكُوراً] {الإنسان:8-9}. يقول ابن القيم رحمه الله: " الإيمان هو روح الأعمال, وهوالباعث عليها والآمر بأحسنها والناهي عن أقبحها, وعلى قدر قوة الإيمان يكون أمرهونهيه لصاحبه, وائتمار صاحبه وانتهاؤه". • العقل:وذلكأن الإنسان إذا رأى أن عاقبة فعله ستكون نافعة مفيدة أقدم عليه, وإذا رأى أنهاستكون ضارة أو أليمة أحجم عنه. قال تعالى مخبراً عن أهل النار: [وَقَالُوا لَوْكُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ] {الملك:10}. يقول ابن القيم رحمه الله: " أما العقل فقد وضع الله سبحانه في العقول والفطراستحسان الصدق والعدل والإحسان والبر والعفة والشجاعة ومكارم الأخلاق وأداءالأمانات وصلة الأرحام ونصيحة الخلق والوفاء بالعهد وحفظ الجوار ونصر المظلوموالإعانة على نوائب الحق وقرى الضيف وحمل الكل ونحو ذلك ووضع في العقول والفطراستقباح أضداد ذلك ونسبة هذا الاستحسان والاستقباح إلى العقول والفطر كنسبة استحسانشرب الماء البارد عند الظمأ وأكل الطعام اللذيذ النافع عند الجوع ولبس ما يدفئه عندالبرد فكما لا يمكنه أن يدفع عن نفسه وطبعه استحسان ذلك ونفعه فكذلك لا يدفع عننفسه وفطرته استحسان صفات الكمال ونفعها واستقباح أضدادها ومن قال : إن ذلك لا يعلمبالعقل ولا بالفطرة وإنما عرف بمجرد السمع فقولهباطل". الفطرة:فالإنسان بفطرته السليمة يهتدي إلى الأخلاق الحميدة, ويرتاح لها, قال تعالى: [فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَعَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ] {الرُّوم:30}, ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانهوينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء) ثم يقولأبو هريرة رضي الله عنه واقرؤوا إن شئتم: { فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله}. يقول ابن القيم: "الله سبحانه قد أنعم على عباده من جملة إحسانهونعمه ... أن خلقهم في أصل النشأة على الفطرة السليمة. فكل مولود يولد على الفطرةحتى يكون أبواه هما اللذان يخرجانه عنها كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلموشبه ذلك بخروج البهيمة صحيحة سالمة حتى يجدعهاصاحبها". المجتمع:فقد أمر الله سبحانه جماعة المسلمين أن يراقبوا سلوك الأفراد داخل المجتمع, وأنيأخذوا على يد الشارد منهم عن جادة الحق, ويعاقبوا المنحرف. قال تعالى: [وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَانَكَالًا مِنَ اللهِ] {المائدة:38}, وقال تعالى: [الزَّانِيَةُ وَالزَّانِيفَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَارَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ] {النور:2}, ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه, وذلك أضعف الإيمان).() فالأمة كلهامكلفة بأن تراقب أفعال الناس وتصرفاتهم, فتأمر بالمعروف, وتنهى عن المنكر, وتأخذعلى يد الظالم والعابث, وإلا نال جميع أبنائها شؤم المعصية. قال تعالى محذراً منذلك: [وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً] {الأنفال:25}. ولي الأمر (أو السلطان) :فإن من واجبه حمل الناس على الالتزام بحدود الشرع الحنيف, والتحليبالأخلاق الفاضلة, والابتعاد عن السلوكيات المنحرفة والمحرمة. فمهمته الرئيسة فيحكمه هي "حراسة الدين, وسياسة الدنيا" وعليه أن يستعين في سبيل تحقيق ذلك بالأعوانالصالحين, فإن في الناس من لا يردعه إلا الخوف منالعقوبة. 3- خصائصالإلزام الخُلُقي: يمتاز الإلزام الخلقي في الإسلام بجملة من الخصائصأهمها: الإلزام بقدر الاستطاعة, [لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا] {البقرة:286}, فلاتكليف إلا بقدر الطاقة والاستطاعة, وهذا مبدأ يقتضيه العدل الإلهي, كما يقتضيهالخلق القويم. اليسر في التطبيق, [يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ] {البقرة:185}, إذ لم يشرع لنا من التكاليف ما من شأنه أن يوقعنا في الحرجوالمشقة. مراعاة الأحوال الاستثنائية, كما في إعفاء العجزة والضعفاء والمرضى عنالجهاد, [لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىالمَرِيضِ حَرَجٌ] {الفتح:17} والرخصة للمكره على الكفر, بالتلفظ بلسانه بما هو كفرمع بقاء قلبه مطمئناً بالإيمان, [مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِإِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَبِالكُفْرِ صَدْراً] {النحل:106} . ثانياً: المسؤولية: تعريفها: هي "التزام الشخص بما يصدر عنه قولاً أو عملاً".() أو هي: "تحمل الشخص نتيجة التزاماته وقراراته واختياراته العملية من الناحية الإيجابيةوالسلبية أمام اللّه".() شروطها: تتمثل الشروط الضرورية لمسئولياتنا أمام اللّهثم أمام أنفسنا فيما يلي: أن يكون أهلاً لتحمل المسؤولية (أي بالغاً عاقلاً) فلوكان مجنوناً أو صغيراً دون البلوغ لحديث (رفع القلم عن ثلاث: عن المجنون حتى يفيق, وعن الصبي حتى يحتلم, وعن النائم حتى يستيقظ). أن يكون العمل نابعاً من إرادته, وإلا فلو كان العمل لا إرادياً كما في الخطأ أو في حالة النائم, أو كان صاحبهمكرهاً لم يتحمل مسؤولية تصرفه. لحديث: ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهواعليه). النية, إذالمسؤولية الحقيقية عند الله إنما هي على النية والقصد دون ظاهر السلوك, أي أن تتجهالنية من الشخص إلى العمل, وأن يعمل حقيقة. وهذا هو المطلوب من الإنسان, وبه ينتهيمجال الفعل الأخلاقي، وأما النتائج والمعطيات فلسنا مسؤولين عنها, بل أمرها بيداللّه تعالى.يقول النبي صلى الله عليه وسلم في بيان هذه الحقيقة: (إنما الأعمالبالنيات, وإنما لكل امرئ ما نوى), ويؤكد قول الله تعالى: [لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُبِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ] {البقرة:225} هذه الحقيقة. وعليه فإن الإنسان غير مسؤول عن أعماله اللاإرادية, لأنهلا مسؤولية من غير إرادة، كما أنه غير مسؤول عن فعله الذي وقع خطأ منه, لعدم توافرنية الشر لديه, وفي بيان ذلك يقول الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيماأَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْقُلُوبُكُمْ}. العلم بالعمل, وبما يؤدي إليه من خير أو شر, أو إمكانيةالعلم حتى وإن قصر ولم يتعلم, قال تعالى: [وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىنَبْعَثَ رَسُولًا] {الإسراء:15}. و لا يعني هذا عدم مؤاخذة الإنسان بما يجهل, بلالمقصود أنه لا يؤاخذ حتى تقوم عليه الحجة, فإذا أمكنه التعلم, ثم قصر ولم يتعلم, فإنه لا يُعذر بجهله. كون العمل مستطاع الفعل والترك, [لَا يُكَلِّفُ اللهُنَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا] {البقرة:286}. خصائصالمسؤولية:تتسمالمسؤولية في الإسلام بأنها ذات طابع شخصي، بمعنى أن الإنسان مسؤول عن تصرفاته فقط, دون غيره, وهناك آيات كثيرة من كتاب الله تؤكد هذه الحقيقة منها: {مَنِ اهْتَدىفَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلاتَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى}, ومنها: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ماسَعى}. وعلى تصرفاته من الأقوال والأفعال يأتي الثواب والعقاب. إلا أن هذه المسئولية الفردية لا تمنع الفرد أن يكون مسؤولاً عن انحرافمسلك أبنائه أو أقرانه، أو من له ولاية عليه, والمسؤولية هنا ليس من أجل الفعل, بلمن أجل التقصير في واجبه فيما وكل إليه (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته), أولتقاعسه عن واجبه الذي فرضه عليه الشرع, قال تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلىالخير ويأمرون بالمعروف وينهمون عن المنكر}. أنواعالمسئولية: المسئولية الأخلاقية المحضة:وتعني الالتزام الذاتي من الإنسان نفسه علىالإتيان بشيء أو الانتهاء عن فعل شيء. المسئوليةالاجتماعية:وتعنيالالتزام تجاه الآخرين وما يفرضه المجتمع منقواعد. المسئولية الدينية:وتعني الالتزام أمام اللّهتعالى. ثالثاً - الجزاء: تعريفه:هوالأثر المترتب على الفعل الإنساني؛ ظاهراً أو باطناً، في الدنيا أو فيالآخرة. أنواعه: للجزاء ثلاثة أنواع هي:الجزاء الأخلاقي, والجزاء الشرعي, والجزاءالإلهي. الجزاء الأخلاقي:ويعني ما يلاحظه الإنسان من نفسه جراء إقدامه على عمل طبقا لما يعرفهمن الأحكام والتشريعات والقواعد ويحس بها، كالرضا في حالة النجاح، والألم في حالةالإخفاق. يقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: (من سرته حسنته وساءته سيئتهفذلك المؤمن). حديث صحيح. ففي هذا الحديث ترجمة وتحديد للإيمان الخلقي. الجزاء الشرعي:ونعني به العقوبات التي أقرتها الشريعة الإسلامية لأولئك الذين يتعدونحدود اللّه، فيظلمون بذلك أنفسهم، ويظلمون غيرهم. والغاية من هذا الجزاء الشرعيمعاقبة المجرم وردعه, وكذا ردع الآخرين ممن يمكن أن تسول له نفسه ارتكاب مثل تلكالجرائم. وهذه العقوبات على نوعين: حدود:وهي جزاءات حددها الشرع كحد الزنا، والسرقة،والقذف... . وتعزيرات: أي عقوبات تأديبية يفرضها القاضي على جناية أو معصية لم يحددالشرع فيها عقوبة. ج - الجزاءالإلهي:إذا كانالنوعان السابقان من الجزاء يقعان في الدنيا، فإن الجزاء الإلهي له طبيعتهوامتداداته من الدنيا وإلى الحياة الآخرة. في حالة الطاعة والامتثال له فيالدنيا الرضا من الله والتوفيق والحفظ وتيسير الأمور والنصر والعزة , وهناك آياتكثيرة تؤكد هذا منها: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} ومنها { إن تنصروا اللهينصركم}. وفي حالة المعصية والاستمرار عليها وعدم التوبة منها له في الدنيا ضنكالعيش والمصائب والسخط من الله, قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةًكانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍفَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِبِما كانُوا يَصْنَعُونَ}, وقال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةضنكا}. وفي الحياة الأخرى للمؤمن الجنة والرضا, قال تعالى: { إن الذين آمنواوعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً..} وقال تعالى: { إن الذين آمنواوعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً}. وللكافر والمنافق نار جهنم والسخط منالله, قال تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَفِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ البَرِيَّةِ] {البيِّنة:6 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ منقـــــــول |
2011- 1- 2 | #5 |
فريق تطوير الملتقى
|
رد: معليش للكل ممكن مساعدة
هلا بك اخوي
الاخلاق مو معاي وتفضل الانترنت كامل رفعته لك برابط http://www.4shared.com/file/xc2JH4Pb/__online.html وحياك ربي مووفق |
2011- 1- 2 | #6 |
متميزه بملتقى المواضيع العامة
|
رد: معليش للكل ممكن مساعدة
السلام عليكم عند سماعي للمحاضرة المباشرة لدكتور المادة قال ان المحاضرة 14 ليست داخلة الاختبار وراح تكون الاسئلة من الشرائح الموجودة في المحاضرات المسجلة على البلاك بورد مع تمنياتي للجميع التوفيق .. منقـــــــول |
2011- 1- 2 | #7 |
أكـاديـمـي نــشـط
|
الاخت عبير الصمت شكرا
الاخت عبير الصمت سالت سوال فى المنتدى من سطرين اثنين وتفاجات بحجم ردك والارهاق الذى اصابك للرد على هذا السوال وحجم المبذول الذى وفر على الشى الكثير ولست وحدى فالمستفيدين من الزملاء من جهدك كثير وهذا يدل على حسن تواصلك وروح التعاون المميز الذى تبدينه والتفاني للزملاء الواضح لو ضم المنتدى من هم على شاكللتك _مع ان الموجودين بهم بركه_ لاصبح واحة اكاديمتن تزخر بالاضافة الى دكاترتة المواد دكاتره مثلك فى التعاون وبذل الجهد واثار الاخر وذللك لما تقضينه من جهد فى المساعده لا اقول الا شكرا جزيلا
|
2011- 1- 2 | #8 |
أكـاديـمـي نــشـط
|
رد: معليش للكل ممكن مساعدة
الاخت بنااااااااااااااااااااااس ما قصرتى وجزاك الله على حهد وحرصك
|
2011- 1- 3 | #9 |
أكـاديـمـي فـضـي
|
رد: معليش للكل ممكن مساعدة
مشكور الله يحفظك
|
2011- 1- 3 | #10 |
:: مراقبة عام سابقاً ::
جامعة الملك فيصل |
رد: معليش للكل ممكن مساعدة
المحاضرة الثامنة مفهوم المهنة:المِهنَة لغة:بكسر الميم وفتحها, والفتح أشهر. وتطلق على بذل النفس في الخدمة والحذق فيها. وبهذا المعنى ورد قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ما على أَحَدِكم لو اشترى ثَوْبَيْن ليوم جمعته سوى ثَوْبَي مَهْنَته). أي سوى ثوبي الخدمة والعمل, إذ إن ثوب الخدمة والعمل يكون مبتذلاً ولا يصان, ولا تتم المحافظة على نظافته. وبهذا المعنى أيضاً ما ورد عَنْ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها, حين سئلت عن مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ فقَالَتْ: "كَانَ يَكُونُ فِي مَهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ, فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ". وفي حديث آخر قالت: "كان يفعل ما يفعل أحدكم في مهنة أهله, يخصف نعله, ويخيط ثوبه, ويرقع دلوه". وتطلق المهنة في اللغة أيضاً على الحذق والمهارة في العمل أو الحرفة التي يمتهنها صاحبها. والمهنة في الاصطلاح المعاصر تطلق على: الحرفة التي تشتمل على مجموعة من المعـارف العقلية ومجموعة من الممارسـات والخبرات التدريبية, يؤديها الفرد من خلال ممارسته للعمل. أو هي: عمل يحتاج إلى معارف عقلية وخبرة ميدانية. كالطب, والهندسة, والتدريس, والمحاسبة. مرادفات لفظ المهنة:هناك ألفاظ قريبة في معناها من المهنة وربما التبست بها, وهي: الحرفة: الحِرفة لغةً: بالكسر؛ الصنعة أو وسيلة الكسب التي يَرْتزق منها المرء بصفة مستمرة, من زراعة أو صناعة أو تجارة, وتحتاج إلى تدريب قصير. وسميت بذلك لأنه مُنْحرِف إليها. ويقال حِرْفَتُهُ أنْ يفعل كذا: أي؛ دأبه وديدنه. والاحتراف: هو الاكتساب. وليس لها معنى اصطلاحي خارج عن المعنى اللغوي. وغالباً ما تستعمل في الأعمال اليدوية سواء كانت بآلة أو بغير آلة. من ذلك ما ورد أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما استُخْلِف, وكان تاجراً, فأراد أن يخرج لتجارته, فقال له عمر: إلى أين؟ قال: أحترف لأهلي. قال: ومن لمصالح المسلمين وإدارة شؤونهم. ارجع ويُصرف لك من بيت المال حاجتك, فرجع فجعلوا له ألفين. فقال: زيدوني فإن لي عيالاً, وقد شغلتموني عن التجارة, فزادوه خمسمائة. وقال أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه "لَقَدْ عَلِمَ قَوْمِي أَنَّ حِرْفَتِي لَمْ تَكُنْ تَعْجِزُ عَنْ مَئُونَةِ أَهْلِي, وَشُغِلْتُ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ, فَسَيَأْكُلُ آلُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ, وَيَحتَرِفُ –أي أبو بكر- لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ". فعمل أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه كان في التجارة, وقد سماه حرفة. العمل:العمل لغةً: يُطلق على المهنة، وعلى الفعل. والفارق بينه وبين المهنة أو الحرفة: أن العمل قد يكون من الإنسان أو الحيوان والحرفة لا تكون إلا من الإنسان. فالثور الذي يحرث الأرض يعمل, والطائر الذي يبني لنفسه عشاً يعمل, ولكن لا يُقال إنه محترفٌ أو ذو مهنة. العمل قد يكون ذهنياً, وقد يكون بدنياً, وأما الحرفة فالغالب أنها تُطلق على الأعمال اليدوية. العمل يستعمل للمرة الواحدة ولأكثر, ولا يحتاج إلى التدريب, بخلاف المهنة أو الحرفة فلا بد فيها من التدريب والاستمرارية. الصنعة:الصنعة لغة: ترتيب العمل وإحْكامه على النحو الذي تعلمه, وبما يوصل إلى المقصود منه. فيقال للنجار صانع, ولا يقال للتاجر صانع؛ لان النجار قد سبق علمه بما يريد عمله من سرير أو باب وبالأسباب التي توصل إلى المقصود منه, والتاجر لا يعلم إذا اتجر أنه سيصل إلى ما يريده من الربح أو لا. فالعمل لا يقتضي العلم بما يعمل له, بخلاف الصنعة فإن. الفرق بين الصنعة والعمل: العمل يُطلق على ما يصدر من الإنسان أو الحيوان, بينما لا تُطلق الصنعة إلا على ما صدر من الإنسان فحسب. العمل يُطلق على ما يكون بقصد وعلم, والصنعة لا تُطلق إلا على ما كان بإجادة, وفيه معنى الحرفة. فالصنعة أخص والعمل أعم. وكل صنعةٍ عملٌ، وليس كل عملٍ صنعةً. الوظيفة:الوظيفة لغةً: ما يقدَّر من عمل أو طعام أو رزق في زمن معيَّن، وتأتي أيضاً بمعنى الخدمة المعيَّنة. وفي الاصطلاح المعاصر: تطلق على وحدة من وحدات العمل, تتكون من عدة أنشطة مجتمعة مع بعضها في المضمون والشكل, ويمكن أن يقوم بها موظف واحد أو أكثر. كالمحاسبة في شركة مثلاً فإنها وظيفة, تحتوي على مجموعة من الأنشطة من جمع للبيانات والفواتير, وتصنيفها وإدخالها في الحاسوب, وجمعها, وإجراء المقابلة والمقاصة بين الوارد والصادر ثم إخراج النتيجة النهائية لليوم, ثم للشهر, ثم للسنة, وهكذا... وقد يكون للشركة محاسب واحد أو مجموعة من المحاسبين. خصائص المهنة:للمهنة جملة من الخصائص أهمها:
قوله تعالى عن نبيه داود عليه السلام: [وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ] {الأنبياء:80} واللبوس: الدروع. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما أكل أحدٌ طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده, وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده). ويقول: (ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طيرٌ أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة). فهذه النصوص تدل على مدى حث الشريعة على العمل. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "كان آدم عليه السلام حراثاً (زراعاً), وكان إدريس خياطاً, وكان نوح نجاراً, وكان هود تاجراً, وكان إبراهيم راعياً (وورد بزازاً أي تاجراً يبيع الملابس), وكان داود زراداً (أي حداداً), وكان سليمان خواصاً, وكان موسى (راعياً) أجيراً, وكان عيسى سياحاً, وعمل محمد صلى الله عليه وسلم في التجارة والرعي كما أخبر عن نفسه صلى الله عليه وسلم". ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إني لأرى الرجل فيعجبني، فأقول: هل له حرفة؟ فإن قالوا: لا؛ سقط من عيني". وفي هذا القدر كفاية, إذ ليس الغرض الحصر والاستقصاء. تعريف أخلاق المهنة:تعني أخلاق المهنة تلك التوجيهات النابعة من القيم والمبادئ التي يؤمن بها أفراد المجتمع, والتي ينبغي للشخص أن يتحلى بها أثناء ممارسته للمهنة. الفرق بين أخلاق المهنة وأنظمتها: عرفنا آنفاً أخلاق المهنة, وأما أنظمتها فهي تلك القوانين والتشريعات التي تحدد وتنظم عمل الممارسين للمهنة. أي أن أخلاق المهنة تهتم بما ينبغي فعله، وأما أنظمة المهنة فتهتم بما يجب فعله. وعليه فإن من يخالف الأخلاق يستحق اللوم والعتاب, وأما من يخالف الأنظمة فإنه يستحق العقوبة أيضاً مضافاً إلى اللوم والعتاب. مصادر أخلاق المهنة: إن مصدر أخلاق المهنة عندنا نحن المسلمين إنما هو ديننا الحنيف. فالدين بما يدعو إليه من مكارم الأخلاق، وإتقان العمل, ومراقبة الله عز وجل في كل شأن، هو مصدر الأحكام والأخلاق. وهو المصدر لكل شيء مستحسن في الحياة, وهو المرشد والموجه. قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ] {الأنفال:24} [مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] {النحل:97} [قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ, يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] {المائدة:15-16}, فهذه الآيات وغيرها كثير, تؤكد أن الحياة السعيدة الهانئة الطيبة إنما هي في اتباع شرع الله, وليس غيره, ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). وإذا كانت هناك آداب وأخلاقيات للمهنة مستوحاة من الأعراف, أو مما لدى الأمم الأخرى, فإنه لا مانع منها, ما دامت لا تتعارض مع ما جاء به الشرع؛ لأن الشرع قد أذن بذلك. مدى الحاجة إلى دراسة أخلاق المهنة:لكل مهنة أخلاق وآداب عامة تحددها القوانين واللوائح الخاصة بها, ومن خلال مراعاتها تتم المحافظة على المهنة ومكانتها. وكثيراً ما تجمع هذه الآداب والأخلاق في وثيقة واحدة, يطلق عليها ميثاق الشرف المهني. ومن المعلوم أن مجموع المهن في المجتمع هي الأداة المنفذة لأهداف وتطلعات أبنائه, فإذا فقد العاملون فيها الآداب والأخلاق, كان ذلك نذير شؤم عليهم, ودليلاً على قرب نهايتهم, إذ كما قال الشاعر: وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا وتزداد أهمية أخلاق المهنة في عصرنا الحالي, نظراً لاتساع سلطان العلم وما رافقه من تقنيات معاصرة بشكل مذهل, ولتضاعف مجالات العمل أضعافاً كثيرة عن العصور السابقة, وقد رأينا كيف أن العلم استغل استغلالاً سيئاً من قبل بعض المجتمعات, فأصبح وسيلة للإفساد والتدمير والعبث بمصير البشرية والبشر, فمن القنابل النووية إلى الهيدروجينية, إلى الصواريخ العابرة للقارات, إلى غزو الفضاء من خلال الأقمار التجسسية, إلى التلاعب بالجينات الوراثية والاستنساخ ... وهكذا. وقد شعر كثيرون من رجال العلم والفكر في العالم بخطورة الأمر, فدعوا إلى وضع ميثاق شرف أخلاقي لكل مهنة, من شأنه أن يحمي سمعتها, ويحافظ عليها من الانحراف والاستغلال. صفات الميثاق الأخلاقي: لكي يحقق الميثاق الأخلاقي أهدافه يجب أن يتصف بما يلي:
المحاضرة التاسعة التمهيد:للمهنة عناصر أربعة هي: العامل ورب العمل والمستفيد والمجتمع. ويُقصد بأخلاق المهنة هنا تلك الصفات التي تنشد الكمال في هذه العناصر الأربعة. ولما كانت ممارسة المهنة تتم في إطار التزام قانوني أو تعاقدي فإنه غالباً ما يشتمل هذا القانون أو العقد على بعض الخصال باعتبارها التزاماً واجباً. ومن ثمَّ فإننا سنستبعد هذه الخصال عن محل البحث. كما سنستبعد الأخلاق العامة كبر الوالدين والإحسان للجار بل سنقتصر على ما له صلة بكمال المهنة كما أسلفنا. وسنجمع هذه الأخلاق (أخلاق المهنة) في خمس مجموعات هي: الطهارة المهنية, الاستقامة المهنية, التعاون المهني, الأمانة المهنية, المحبة المهنية. الطهارة المهنية الطهارة لغة: مصدر يدلّ على النقاء والنظافة وزوال الدنس والتنزه. والطّهارة في الاصطلاح: لا تخرج عن المعنى اللغوي. وهي على ضربين: طهارة حسية, وطهارة معنوية. الطهارة الحسية: وتتحقق برفع الحدث أو إزالة النجس أو ما في معناهما وعلى صورتهما. الطهارة المعنوية: وتتحقق بترك الذّنب وتنقية النّفس من العيوب. ويدخل تحت هذا الضرب الأخير أيضاً الطهارة المهنية. أي؛ تطهيرها وتنزيهها عن النقائص. ويتحقق ذلك من خلال المحافظة على أمرين: 1 - السمعة الطيبة: وذلك من خلال التنزه والتطهر للمهنة من قبل من يقدمها. 2 - جودة الأداء: وذلك من خلال تنزيه المهنة نفسها عن العيوب والنواقص. شروط الطهارة المهنية:يشترط في المهنة لتتصف بالطهارة أن تتوافر فيها ما يأتي: 1- أن يكون كل من العامل ورب العمل صاحب صفحة بيضاء في سجل المهنة, ويحرص على استمرارها كذلك (شهادة حسن سلوك). فلو عرف عن قاض قبوله للهدية تلوثت صفحته المهنية, ولو عرف عن طبيب تتبعه لعورات النساء تلوثت صفحته المهنية ... وهكذا الموظف الذي يرتشي, والتاجر الغشاش. 2- أن يلتزم كل من طرفي المهنة العامل ورب العمل بالقواعد المنظمة لممارستها, فرب العمل يحصل على ترخيص مزاولة المهنة قبل ممارستها, ولا يتعاقد مع غير المستوفين لشروط التعيين (من مثل السن القانونية والمؤهل الدراسي وغيرها) وإلا تلوثت صفحته المهنية. والعامل يكون حاصلاً على المؤهل الدراسي في المهن التي تشترطه كالطب والصيدلة مثلاً. 3- أن يكون لدى العامل خبرة كافية في الأعمال التي يستلزم ممارستها تلك الخبرة كالعمليات الجراحية مثلاً فلا يقوم بها إلا ممارس, وكالمناقصات أو المزايدات الكبيرة فلا يقوم بها عامل مبتدئ, وكإنتاج المصنوعات التي تحتاج إلى تقنية عالية فلا يشرف عليها إلا خبير. 4- أن يشتهر عن صاحب المهنة (سواء أكان عاملاً أو رب عمل) الحرص على الإتقان وعدم إجازة المنتج إلا في درجة عالية من الجودة. فإذا افتقد أي شرط من هذه الشروط كان ذلك مسَّاً بخلق الطهارة المهنية. التوجيه الفقهي لخلق الطهارة المهنية:لا تقوم مهنة معتبرة بغير طهارة, ومن ثَمَّ كان الحد الأدنى من هذه الطهارة ضرورة لازمة, لعدم قيام المهنة إلا به. وهو ما استلزم مع مرور الزمن وتطور الأحوال صدور القوانين المنظمة للمهن, كما تطلَّب وضع صيغٍ للعقود تتضمن نصوصاً في شكل بنود إلزامية مباشرة, أو غير مباشرة كالإحالة إلى عرف ونحوه, فتحولت تلك الصفات الأخلاقية الحميدة من كونها أخلاقاً كريمة إلى التزام يوجب مخالفته مساءلة قضائية بعد أن تم النص عليها. ولما كان من غير الممكن الإحاطة بخصال الطهارة المهنية من خلال تلك القوانين والعقود, كان الحد الزائد عن الواجب هو المراد بخصال الطهارة المهنية, وهو الذي يدخل في أخلاق وآداب المهنة, ويترتب على الإخلال بها المساءلة الأخلاقية دون القضائية. وهنا يجب علينا أن ننبه لأمرين : أولهما- لكل مهنة ما يناسبها من أخلاق الطهارة المهنية, فما هو مطلوب لمهنة القضاء قد يختلف عن ما هو مطلوب لمهنة الطب أو الصيدلة أو التجارة وهكذا. وما يلزم للقاضي للحفاظ على سمعته الطيبة, يختلف عن الذي يلزم للطبيب, أو للتاجر, ويقال الشيء نفسه عن آداب ممارسة المهنة. ثانيهما- المقصود هنا ما يؤثر على سمعة المهنة وطهارتها, وليس الأوجه التي لا شأن لها بالمهنة كسمعته بين أهله أو لدى جيرانه مثلاً. أدلة الطهارة المهنية: يدل لخلق الطهارة المهنية آيات عديدة من كتاب الله وأحاديث كثيرة من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, منها: 1- قول الله تعالى: {صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} {النمل:88} والإتقان والجودة معنى من معاني الطهارة المهنية. ومنها قوله تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام, وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد}, ومنها: { وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً, وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} وغيرها كثير. 2- قوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه). وهذا في معنى الآية السابقة من حيث الدلالة على طلب الإتقان في العمل, وجودة الأداء. وقوله عليه الصلاة والسلام: (مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير...). فيه الدلالة على أهمية السمعة الطيبة والسلوك القويم, وهو من معاني الطهارة المهنية كما تقدم, وقوله عليه الصلاة والسلام: (من غش فليس منا). مظاهر الطهارة المهنية عند الفقهاء:تكلم الفقهاء عن الطهارة المهنية التي تعني السمعة الطيبة, والسيرة الحميدة, وجودة الأداء والإتقان. ولنأخذ أمثلة من باب القضاء على سبيل التمثيل والبيان وليس الحصر: - قال الفقهاء ببطلان تولية الفاسق القضاء مع وجود العادل للحفاظ على سمعة القضاء وسمعة القاضي, ولتحقيق جودة الأداء في الحكم, ولا يخفى أنهما من خصال الطهارة المهنية. - وقال الفقهاء يحرم تولية الجاهل القضاء مع وجود العالم للحفاظ على جودة الأداء وهي من خصال الطهارة المهنية. - ومثلهما ما ذهبوا إليه من كراهة تولية المفضول القضاء مع وجود الفاضل (أو الأفضل) للحفاظ على جودة الأداء أيضاً. ومثل هذه المسائل نجدها أيضاً في باب الإمامة في الصلاة, وفي الولاية في النكاح, وفي الولاية على المال للقصر (من مجانين وسفهاء ويتامى), وفي ناظر الوقف, وفي ولاية الحسبة وغيرها. ومن هذا الباب ما نجده من طلب جهات التعاقد شهادة حسن السلوك من الطالب والمدرس والموظف, ومنه ما نجده في بعض المواثيق من النص على أنه يفصل من العمل من يرتكب ما يخل بالآداب العامة في مكان الوظيفة, كسرقة مثلاً, أو جريمة تمس الشرف أو الأخلاق أو الأمانة من غير حاجة إلى إعلان. وهكذا. المحاضرة العاشرة معنى الاستقامة :الاستقامة لغة: مشتقة من القيام, وتعني الثبات والدوام والملازمة والاستمرار على الشيء, كما أنها تفيد معنى الاعتدال والاستواء. فمن الأول قوله تعالى: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ المَسْجِدِ الحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ} {التوبة:7}, أي: فما استمر وثبت أولئك المشركون معكم على العهد, فاستمروا أنتم معهم واثبتوا. ومن الثاني قول النبي صلى الله عليه وسلم للمأمومين خلفه في صلاة الجماعة: (أقيموا صفوفكم). أي اعتدلوا واستووا ولا تختلفوا. والاستقامة المهنية في معناها الاصطلاحي : تعني الاعتدال والاستواء في أداء المهنة من جهة, ومن جهة أخرى ملازمة المهنة والوفاء بمصالحها من الطاعة والمشورة والصدق. شروط الاستقامة المهنية:لكي تتحقق الاستقامة المهنية (أي الاعتدال والاستقرار والوفاء بمصالحها) لابد من توافر الشروط التالية: 1- أن يحرص كل طرف منهما (العامل ورب العمل) على الآخر. ففي الحديث القدسي يروي النبي عليه الصلاة والسلام عن ربه: (أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه, فإذا خانه خرجت من بينهما). 2- مطاوعة الزملاء في العمل. ففي الحديث أن النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، بعث أَبَا مُوسى الأشعري وَمُعَاذ ابن جبل إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ لهما: (يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا ولا تختلفا). 3- طاعة الرؤساء في المهنة. قال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ] {النساء:59}. 4- عدم التغيب عن العمل إلا في حالات الضرورة لأن الله تعالى أمر بالوفاء بالعقود, وهو من مقتضى الوفاء بالعقود. قال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ] {المائدة:1} . 5- الالتزام بمنهج الشورى في الوظائف التي تصنع السياسات المهنية وتضع الخطط, وعدم الاستبداد بالرأي لقول الله تعالى مخاطبا نبيه: [وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ] {آل عمران:159}, فإذا كا ن النبي وهو المسدد بالوحي مطالباً بالشورى فكيف بغيره. 6- الالتزام بالصدق لقول الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ] {التوبة:119} . التوجيه الفقهي لخلق الاستقامة المهنية: • ما أسلفناه في حديثنا عن الطهارة المهنية من ضرورة توافر الحد الأدنى منها يقال هنا أيضاً وفي كل خصال أخلاق المهنة, فالحد الأدنى لا بد منه, وقد نصت القوانين والعقود عليه, فخرج من مجرد خصال أخلاقيات إلى واجبات ملزمة يترتب على الإخلال بها مسؤولية قضائية, غير أن القوانين والعقود لا تستطيع أن تفي بكل خصال الاستقامة المهنية, لأن العقود تستحدث باستمرار والوقائع تتجدد دائماً, فكان الناس بحاجة إلى المزيد من هذا الخلق, بحيث يتحقق المقصد من هذا الخلق. • وننبه هنا أيضاً إلى ما أسلفناه في خلق الطهارة المهنية من أن: 1- الاستقامة المهنية تختلف في بعض جوانبها من مهنة إلى أخرى, أي أن الاستقامة المهنية المطلوبة من القاضي تختلف في بعض جوانبها عن المطلوبة من الطبيب أو التاجر أو المدرس. 2- كما أننا لا نبحث هنا إلا في الاستقامة ذات العلاقة بالمهنة وما يؤثر فيها, ولا شأن لنا بعلاقاته الأسرية أو الاجتماعية. أدلة الاستقامة المهنية:دلت آيات وأحاديث كثيرة على طلب هذا الخلق من المسلم من ذلك: قوله تعالى: [فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ] {هود:112} فالآية تطلب الاتصاف بهذا الخلق صراحة من الرسول وممن معه من المؤمنين, وهي عامة, ويدخل فيها الاستقامة المهنية لأنها فرع عنها. وفي هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم لسُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حين جاء إليه يقول: يَا رَسُولَ اللهِ ، قُلْ لِي فِي الإِسْلامِ قَوْلا لا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ قَالَ : قُلْ : (آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ). قوله تعالى في صفات عباد الرحمن: [وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا] {الفرقان:67} أي اعتدلوا من غير إفراط ولا تفريط, وهذا من خلق الاستقامة. قوله تعالى: : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ] {التوبة:119} , وكذا ما ورد في طاعة ولاة الأمر والتزام منهج الشورى وقد تقدمت تلك الآيات, كما أنها جميعاً قد تأكدت بالأحاديث الواردة في معناها والتي تدل على طلب هذه الخصال الخلقية. ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم (ما خاب من استخار ولا ندم من استشار) (وعليكم بالسمع والطاعة وإن أُمِّرَ عليكم عبد حبشي ..) وغيرها كثير. مظاهر الاستقامة المهنية عند الفقهاء:تكلم الفقهاء عن مظاهر الاستقامة من خلال ذكرهم للفروع الفقهية وتناولهم لأحكامها, وفيما يلي ذكر لبعض هذه المظاهر: 1- الغبن في المعاوضات المالية: والغبن يعني الخديعة, ويترتب عليه عدم التعادل في التزامات الطرفين حيث يتم استغلال أحدهما للآخر نتيجة لاسترساله وعدم معرفته بأصول المعاملة وقواعدها. وقد حرم الإسلام هذا السلوك لمنافاته للعدل فقال صلى الله عليه وسلم (غبن المسترسل حرام), وورد في بعض الروايات: (ربا). وحين أخبره شخص أنه يغبن في بيعه فقال: (إذا بايعت فقُلْ لَا خِلَابَةَ) أي لا خديعة. أي اشتريت منك بشرط أن لا تكون قد خدعتني, فإذا تبين أنك قد خدعتني فلي الخيار في إبطال البيع إلى ثلاثة أيام. 2-التطفيف في المكيال والميزان: ويعني التلاعب بها ببخسها وأكل أموال الآخرين بغير حق وهو ظلمٌ وينافي العدل الذي أمر الله به. قال تعالى: {إن الله يأمر بالعدل} وقال تعالى: { ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون إذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون}. فالتطفيف ينافي خلق الاستقامة المهنية التي من خصالها العدل والمساواة. 3- الالتزام في المهنة: أجمع الفقهاء على وجوب الالتزام بأداء المهنة على وجهها المعروف في صور المعاوضات, وعدم الإخلال بمتطلباتها لقولة تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ] {المائدة:1} . ولا يخفى ما لهذا من أثر طيب وإيجابي على تحقيق الثبوت والدوام والاستقرار للمعاملات, وهي من خصال خلق الاستقامة المهنية. 4- الشورى في المهنة: والشورى مراجعة الآخرين من أهل الاختصاص والخبرة لأخذ رأيهم في الموضوع الذي ينظر فيه للعمل بموجبها. وهي من خصال خلق الاستقامة المهنية, ومطلوبة لقوله تعالى : {وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله}. ولقوله نعالى في صفات المؤمنين: {وأمرهم شورى بينهم} وقد رأينا صوراً كثيرة من ذلك في سيرة الرسول وخلفائه الراشدين. منقول |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
للكل, ممكن, معليش |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|