|
التاريخ ملتقى طلاب وطالبات التاريخ المستوى الثالث واعلى |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
ملخصات تاريخ الخلفاء الراشدين ..
آلسَلآمُ عَلَيكْم وَرَحَمَةُ آلله وَبَرَكآتهُ هُنآ سوف يَتمْ وَضع جَمَيعْ [الملخصات] لمقرر تاريخ الخلفاء الراشدين بالتوفيق للجميع |
2011- 4- 24 | #2 |
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
|
رد: ملخصات تاريخ الخلفاء الراشدين ..
الخليفة الأول أبو بكر الصديق 632-634م - 11-13 هـعناصر المحاضرة •التعريف بأبي بكر الصديق رضي الله عنه. • نشأته وإسلامه. •دور أبي بكر في الهجرة. •موقف أبي بكر عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. • حديث السقيفة وخلافة أبي بكر. التعريف بأبي بكر: هو أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعيد تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن النضر بن مالك. ويلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب, وأمه أم الخير سلمى بنت صخر من بني تيم مرة, فكلا أبوية من تيم, وقد اشتهروا في الجاهلية بالأدب والأمانة. كان أبو بكر رجلا مألوفا عند قومه , محببا سهلا , وكان رجلا تاجرا ذا خلق معروف وكان انسب قريش لقريش, وأعلم قريش بها وبما كان فيها من خير وشر, وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لعلمه , وتجارته . وحسن مجالسته. وكان أبو بكر يسمى في الجاهلية عبد الكعبة , وقيل عبد اللات أو عبدالعزى فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم : عبدالله , ولقب بالعتيق , قيل لان امه كانت لا يعيش لها ولد , فاستقبلت به الكعبة, وقالت هذا عتيقك من الموت , او لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بشره بأن الله أعتقه من النار. واشتهر أبو بكر بالصديق, لأنه أول من صدق النبي صلى الله عليه وسلم من الرجال, وكان يقول في كل شيء صدقت خاصة صبيحة ليلة الاسراء. أما كنيته بأبي بكر فلم تذكر الروايات سببها, ولكن بعض المتأخرين استنبط انه كني بها لأنه بكر بالإسلام قبل غيره. نشأته وإسلامه: ولد ابو بكر رضي الله عنه في السنه الثانية أو الثالثة من عام الفيل, وقد نشأ على مكارم الاخلاق, وعرف عنه أنه حرم الخمر على نفسه في الجاهلية, وعندما سئل عن سبب ذلك قال:( حفظاً لعرضي وصوناً لمروءتي). كان أبو بكر الصديق تاجرا في الجاهلية, وكان بزازاً يتاجر بالثياب, وتقول السيدة عائشة بنته: كان مال أبي بكر حين أسلم أربعين ألف دينار أنفقها في سبيل الدعوة الاسلامية وفي شراء المستضعفين من المسلمين الذين كان يعذبهم كفار قريش وعتقهم بعد ذلك. صحب أبو بكر الصديق النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة, ولما نزلت الرسالة على محمد بن عبدالله كان أبو بكر أول من آمن من الرجال. وفي هذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما دعوت أحداً الىالاسلام إلا كانت له كبوة غير أبي بكر). لم يكتف أبو بكر الصديق بقبوله بالدعوة الاسلامية, وإنما قام يدعوا لها – فقد كان داعية بحق – فأسلم بدعائه: عثمان بن عفان, والزبير بن العوام, وعبدالرحمن بن عوف, وسعد بن أبي وقاص. وطلحة بن عبيدالله, وكـان هؤلاء جميعا مـن السابقيــن الأولين الذيـن أدوا أجل الخدمات للاسلام,ومن عتقاء أبي بكر, بلال بن رباح, وعامر بن فهيرة, وأم عبيس, وذنيره, والنهديه وبنتها, وجارية بني مؤمل. وقد قال له والده أبي قحافة: يابنياني أراك تعتق رقابا ضعافاً, فلو أنك اذ فعلت ما فعلت اعتقت رجالاً جلدا يمنعونك ويقومون دونك؟ فقال أبو بكر: يا أبت, واني انما أريد وجه الله عز وجل. وقد كان رد أبي بكر على والده دليلا على صدق ايمان أبي بكر وتعاونه في دعوة الاسلام, فقد كان أبو بكر فيمن يؤذى من كفار قريش, وكان حريا به ان كان رجل دنيا أن يعمل له حراسا من عتقائه ليحموه, ولكنه لم يكن يريد أن يتميز على بقية المسلمين بشيء, فجزاه الله عن دعوة الاسلام خيراً كثيراً. وهمَّ أبو بكر بالهجرة الى الحبشة ليتخلص من أذى قريش له بعد أن سمح الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة اليها, ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول له: ( لاتعجل لعل الله يجعل لك صباحاً) فيطمع أبو بكر أن يكون هو صاحبه. دور أبي بكر في الهجرة: لقد اعتاد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر اما بكرة أو عشية, ولكنه في اليوم الذي أذن له بالهجرة جاء بيت أبي بكر بالهاجرة, وعندما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر بخبر الهجرة قال له أبو بكر: الصحبة يا رسول الله, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم, الصحبة يا أبابكر, فما كان من أبي بكر الا أن أجهش بالبكاء, وتحكي السيدة عائشة وتقول:( فوالله ما شعرت قط قبل ذلك أحداً يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذ). أما بالنسبة لدوره في الهجرة فنجد أنه قد ابتاع راحلتين ودفعهما لعبد الله بن أريقط ليرعاهما ويكون دليلهما في الهجرة, وقام ولده عبدالله بتسقط أخبار قريش وكان يأتيهما بها في الغار يومياً, وتقوم بنته أسماء بتزويدهما بالطعام في الغار يومياً, وكان دور مولاه عامر بن فهيره هو أخذ أغنامه والمرور بها على آثار أقدام عبد الله بن أبي بكر فيمحوها ويمر عليها بالأغنام فيحتلبا لبنها. وعلى الرغم مما بذله أبو بكر في سبيل الدعوة الاسلامية وفي الذود عن رائدها الا أنه كان حارسه الأمين في الغار ولم يغمض له جفن طيلة الثلاثة أيام التي قضوها فيه, وكان صاحبه ومعينه طيلة مدة الرحلة حتى قدما المدينة المنورة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لو كنت متخذاً من العباد خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلا, ولكن صحبة, وإخاء وإيمان حتى يجمع الله بيننا عنده). موقف أبي بكر عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم: كان أبو بكر خارج المدينة عندما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم, وعندما علم بخبر الوفاة قدم للمدينة, ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة وهو مسجى في ناحية البيت, فكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم اقبل عليه فقبله وقال: بأبي أنت وأمي, أما الموتة التي كتبت عليك فقد ذقتها, ثم لن تصيبك بعدها موتة أبدا, ثم خرج الى المسجد, وكان عمر يكلم الناس ويقول لهم: ( ان رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وأنه والله ما مات, ولكنه ذهب الى ربه كما ذهب موسى بن عمران, والله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم , فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنه مات). فقال أبو بكر: على رسلك ياعمر فأنصت, فأبى الا أن يتكلم, فلما رآه أبو بكر لاينصت أقبل على الناس, فلما سمع كلامه أقبلوا عليه, وتركوا عمر, فحمد الله وأثنى عليه, ثم قال: أيها الناس, انه من كان يعبد محمداً فإن محمد قد مات, ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت ثم تلا الآية الكريمة: ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين). قال الراوي: والله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تلاها أبو بكر يومئذ. كما يروى عن عمر أنه قال: فوالله ما هو الا إذ سمعتها فعقرت حتى وقعت على الارض وما تحملني رجلاي, وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات. ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم, ووصل خبره الى مكة وعامله عليها عتاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية فقام سهيل بن عمرو على باب الكعبة وصاح بهم, فاجتمعوا إليه, فقال: يا أهل مكة لا تكونوا آخر من أسلم وأول من ارتد, والله ليتمن الله هذا الأمر كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم, فلقد رأيته قائما مقامي هذا وحده وهو يقول: قولوا معي لا اله إلا الله تدن لكم العرب وتؤد اليكم العجم الجزية, والله لتنفقن كنوز كسرى وقيصر في سبيل الله , فمن بين مستهزئ ومصدق فكان ما رأيتم , والله ليكونن الباقي – فامتنع الناس من الردة, وهذا الكلام قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسر سهيل بن عمرو في بدر لعمر بن الخطاب رضي الله عنه. حديث السقيفة وخلافة أبي بكر: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمع الانصار في سقيفة بني ساعده وعليهم سعد بن عبادة الخزرجي وكان سعد مريضاً فحملوه حملا وكان مضطجعاً ومغطى بكساء وكان يقول كلامه للأنصار لابنه الذي يقوله جهراً للأنصار فمما قال: ( يامعشرالانصار إن لكم سابقة الدين وفضيلة في الاسلام ليست لقبيلة من العرب, ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لبث في قومه بضعة عشر سنه يدعوهم الى عبادة الرحمن وخلع الاوثان, فما آمن به من قومه الا قليل, والله ما كانوا يقدرون أن يمنعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعرفوا دينه, ولا يدفعوا عن انفسهم, حتى أراد الله تعالى لكم الفضيلة, وساق اليكم الكرامة,وخصكم بالنعمة, ورزقكم الايمانبه وبرسوله صلى الله عليه وسلم والمنع له ولأصحابه والإعزاز لدينه, والجهاد لأعدائه فكنتم أشد الناس على من تخلف عنه منكم, حتى استقاموا لأمر الله تعالى طوعا وكرها, ودانت بأسيافكم له العرب, وتوفاه الله وهو راض عنكم قرير العين, فشدوا أيديكم بهذا الامر, فإنكم أحق الناس وأولاهم به). فأجابوه جميعا: أن قد وفقت الرأي, وأصبت فى القول, ولن نعدوا ما رأيت توليتك هذا الامر, فأتى الخبر الى عمر وأبي بكر ففزعا من أن يحدث خلافا بين المسلمين وأسرعا الى سقيفة بني ساعدة وفي الطريق لقيا أبا عبيدة بن الجراح فاصطحباه معهما, وأراد عمر أن يبدأ الكلام الا أن أبا بكر قال لعمر على رسلك ثم قام فحمد الله وأثنى عليه وقال: ( ان الله قد بعث فينا رسولا شهيدا على امته ليعبدوه ويوحدوه, وهم يعبدون من دونه آلهة شتى من حجر وخشب, فعظم على العرب ان يتركوا دين ابائهم . فخص الله المهاجرين الاولين من قومه بتصديقة والمواساة له والصبر معه على شدة اذى قومهم لهم وتكذيبهم إياهم.... فلم يستوحشوا لقلة عددهم, فهم أول من عبد الله في هذه الارض وآمن بالله وبالرسول وهم اولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا الامر من بعده لا ينازعهم الا ظالم, وانتم يا معشر الانصار, من لاينكر فضلهم في الدين ولا سابقتهم في الاسلام, رضيكم الله انصارا لدينه ورسوله وجعل اليكم هجرته فليس بعد المهاجرين الاولين عندنا بمنزلتكم, فنحن الامراء وانتم الوزراء لا تفاوتون بمشورة ولاتقضى دونكم الامور). فقام الحباب بن المنذر فقال: يا معشر الانصار املكوا عليكم امركم, فان الناس في ظلكم ولن يجترئ مجترئ على خلافكم ولايصدرواالا عن رأيكم, وانتم اهل العز وأولوا العدد والمنعة وذوو البأس, وانما ينظر الناس ما تصنعون, ولا تختلفوا فيفسد عليكم أمركم , أبى هؤلاء الا ما سمعتم فمنا امير ومنكم امير. فقال عمر : ( هيهات لا يجتمع سيفان في غمد واحد, والله لاترضى العرب ان تؤمركم ونبيها من غيركم, ولاتمتنع العرب ان تولي امرها من كانت النبوة فيهم, ولنا بذلك الحجة الظاهرة, ومن ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته؟ الا مدل بباطل اومتجانف لاثم أو متورط في هلكه). فأخذ الحباب يبرق ويرعد, ويقول: ( يامعشر الانصار املكوا على ايديكم ولاتسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الامر, فإن أبوا عليكم فاجلوهم عن هذه البلاد وتولوا عليهم هذه الامور فأنتم والله احق بهذا الامر منهم, فإنه بأسيافكم دان الناس لهذا الدين, انا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب, انا ابو الشبل في عرينه الاسد, والله لئن شئتم لنعيدنها جذعة). فقال عمر: اذا يقتلك الله. فقال الحباب: بل اياك يقتل. وتدخل أبو عبيدة بن الجراح وقال:( يامعشر الانصار انكم أول من نصر وآزر فلا تكونوا أول من غير وبدل). وقد وقعت كلمة ابي عبيدة موقعا حسنا من نفس بشير بن سعد الانصاري فتدخل في المناقشة وقال: ( يامعشرالانصارانا والله وان كنا اولى فضيلة في جهاد المشركين وسابقة في الدين ما أردنا بهالارضى ربنا وطاعة نبينا والكدح لأنفسنا, فما ينبغي ان نستطيل على الناس بذلك ولا نبتغي به الدنيا, الا أن محمدا صلى الله عليه وسلم من قريش وقومه أولى به ... فاتقوا الله ولا تخالفوهم). فقال ابو بكر: هذا عمر وهذا أبوعبيدة, فأيهما شئتم فبايعوه,فقام عمر الى أبي بكر وقال له: أنت أفضل المهاجرين وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم – في الصلاة ,وهي افضل دين المسلمين, ابسط يدك نبايعك, فنبايع خير من أحب رسول الله منا جميعا, وبايع عمر وأبو عبيدة أبابكر , كما بايعه بشير بن سعد. ولما رأت الاوس ما صنع بشير وما تطلب الخزرج من تأمير سعد قال بعضهم لبعض, وفيهم أسيد بن حضير, وكان نقيباً – والله لئن وليتها الخزرج مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة, ولا جعلوا لكم فيها نصبياابدا, فقوموا فبايعوا ابابكر. فبايعوه, فانكسر على سعد والخزرج ما اجمعوا عليه, واقبل الناس يبايعون ابا بكر من كل جانب.وكانوا يثبون فوق سعد بن عبادة حتى وطئوه, وطلب سعد من اصحابهان يحملوه الى داره فحملوه. |
2011- 4- 24 | #3 |
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
|
رد: ملخصات تاريخ الخلفاء الراشدين ..
المحاضرة الثانية عناصر المحاضرة • البيعة العامة. • موقف علي من بيعة أبي بكر. • رأي بعض المستشرقين في بيعة أبي بكر. • إنفاذ جيش أسامة. • نتائج حملة أسامة. البيعة العامة جلس أبوبكر الصديق في اليوم التالي بمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وقام عمر بن الخطاب يعتذر للمسلمين عما بدر عنه في خطبته بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم دعا الناس لمبايعة أبي بكر قائلا:( ان الله قد جمع أمركم على خيركم, صاحب الرسول صلى الله عليه وسلم وثاني اثنين اذ هما في الغار, فقوموا فبايعوا ). فبايع الناس جميعا أبا بكر الصديق, وكان ذلك في ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة. وبعد أن تمت البيعة لأبي بكر خطب الناس خطبة قصيرة أعلن فيها منهجه في الحكم فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه أيها الناس اني قد وليت عليكم ولست بخيركم, فان أحسنت فأعينوني, وان أسأت فقوموني, الصدق أمانة, والكذب خيانة والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه, والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه, ان شاء الله تعالى لا يدع أحدكم الجهاد فانه لا يدعه قوم الا ضربهم الله بالذل, أطيعوني ما أطعت الله ورسوله, فاذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم, قوموا الى صلاتكم يرحمكم الله). موقف علي من بيعة ابي بكر: اختلفت الروايات في تحديد الموقف الذي اتخذه علي كرم الله وجهه من خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه, وهناك رواية تقول: ان عليا كان في بيته اذ أتاه من قال له ان أبا بكر قد جلس للبيعة في المسجد, فخرج في قميص ما عليه ازار ولا رداء عجلا حتى بايعه, ثم استدعى ازارة ورداءه فتجلله بجانب أبي بكر. وهناك روايات أخرى تشير الى أن عليا تخلف عن بيعة ابي بكر, وتختلف المصادر في مدة تخلفة فبعضها يجعله أربعين يوماً وفي بعضها خمسة وسبعين يوماً وفي بعضها ستة أشهر, ويعللون أسباب تأخر علي عن مبايعة أبي بكر أنه كان يرى احقيتـه في خـلافة الرسول صلـى الله عليه وسلم, وقال لأبي بكر لو احتججت عليكم بمثلما احتججتم على الانصار بأنكم أهل رسول الله وعشيرته فأنا أحق بمحمد حياً وميتا, وقيل ان بني هاشم كلهم لم يبايعوا أبا بكر حتى بايعه علي. وقيل كذلك ان أبا سفيان قال لعلي: اني لأرى عجاجةلايطفئهاالا الدم, يا آل عبد مناف فيم أبو بكر من أموركم؟ أين المستضعفان أين الأذلان: علي والعباس؟ ما بال هذا الأمر في أقل حي من قريش ثم قال لعلي: ابسط يدك أبايعك, فوالله لئن شئت لأملأنها عليه خيلاً ورجلاً. فأبى علي كرم الله وجهه عليه, فتمثل بشعر الملتمس: ولن يقيـم علــى خسف يـراد به إلا الأذلان عير الحي والوتد هذا على الخسف معكوس برمته وذا يشـــج فلا يبكــي له أحـد فزجره علي وقال: والله إنك ما أردت بهذا إلا الفتنة وانك والله طالما بغيت للإسلام شرا، لا حاجة لنا في نصيحتك، ويقال أنه أضاف:( إنا وجدنا أبا بكر لها أهلا). وبعد إيراد هذه النصوص يتأكد لنا أن علي بن أبي طالب إما أن يكون بايع أبا بكر في البيعة العامة, وإما أن يكون قد تأخر لبعض الوقت, وقد وردت رواية تقول أنه آل على نفسه ألا يخرج من بيته حتى يجمع القرآن فمكث أربعين يوما حتى جمعه، ثم خرج فبايع، ثم إنه كان يمارض زوجته فاطمة بنت رسول الله التي كانت أول الناس لحوقاً بأبيها من آل البيت وفي رواية أخرى:إن وفاتها كانت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة وسبعين يوماً، وأن ردود علي بن أبي طالب لأبي سفيان لتؤكد أن علياً كان أتقى من أن يستثارلعمل فتنة بين المسلمين. رأي بعض المستشرقين في بيعة أبي بكر زعم بعض المستشرقين مثل لامانس أن بيعة أبي بكر كانت نتيجة مؤامرة سياسية دبرها أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة في حياة الرسول واستدل على ذلك بما ياتي: 1- حضور هؤلاء الثلاثة مؤتمر السقيفة دون غيرهم من المهاجرين. 2- أن عمر كان أول من بايع أبا بكر، وأن الصديق قد عهد بها إلى عمر، ولولا أن أبا عبيدة قد توفي قبل وفاة عمر بن الخطاب لعهد بالخلافة إليه، وقد نقل عنه أنه قال: لو كان أبو عبيدة حيا لعهدت إليه . 3- أن عائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر كان لها نصيب في تلك المؤامرة فهما اللتان، أوعزتا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لْيأمر أبا بكر بالصلاة مكانه أيام مرضه، وبدهي أن تتفق الزوجتان على تقديم أبي بكر لسبقه في السن والاسلام , ولمكانة ام مؤمنين عائشة. هذه المزاعم التي ساقها لامانس وغيره من المستشرقين لا تثبت أمام الحجة والبرهان, فالمعروف أن أبا بكر عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كان خارج المدينة في منزله بالسنح, فلو كان متآمراً– والعياذ بالله – لما غادر المدينة ولبقي مترقبا حذرا ليثب على الخلافة عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ان عمر بن الخطاب أصيب بالذهول عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وبدا يخطب في الصحابة محاولا إقناعهم بأن محمدا لم يمت وإنما ذهب يناجي ربه كما ذهب موسى وانه اذا عاد ليقطعن أيدي أناس وأرجلهم زعموا أن محمداً قد مات (فكيف يكون هذا موقف عمر من موت رسول الله ويكون هو المخطط بالاشتراك مع الصحابة للانقضاض على الخلافة). إن أبا بكر وعمر سمعا بتجمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة وخرجا اليهم درءاً للفتنة، وفي الطريق قابلهما أبو عبيدة بن الجراح فاصطحباه معهما ولم يكن أبو بكر راغباً في الخلافة إنما أرغم عليها، وقبلها تحملاً للمسئولية وعلى أساس أنها تكليفاً وليست تشريفاً. وعندما أشرف أبو بكر على الموت، استشار عدول الصحابة في عمر بن الخطاب وكلهم أجمعوا على أنه أنسب لها وهو الذي يقوى على حملها، وخشي أبو بكر أن تحدث فتنة بعد وفاته كما حدثت بعد وفاة الرسول فآثر أن يقضي على الخلاف حتى لايفت من عضد الدولة. أما أن عمر بن الخطاب أراد أن يعهد بالخلافة الى أبي عبيدة, فذلك لأنه سمع رسول الله يقول فيه ( أبو عبيدة أمين هذه الامة) ولم يذكر عمر أبا عبيده وحده ولكنه ذكر صحابة آخرين وأشاد بهم وقال إنهم أولى بهذا الأمر،فهذه الموافقة لا تعني أي تدبير أو تخطيط, وبما ان المستشرقين يتحدثون بعقلية أوربية ويدركون المؤامرات التي تحاك لاحتلال المناصب فقد ظنوا أن المسلمين لا يختلفون عن غيرهم, وشتان بين هؤلاء وأولئك. والزعم الأخير بأن عائشة وحفصة اتفقتا على تقديم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ليصلي بالمسلمين, باطل من أساسه لأن عائشة لم توافق على هذا الأمر عندما طلب الرسول من صحابته أن يطلبوا من أبي بكر الصلاة بالناس, وقالت عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبا بكر رجل أسيف (أي رجل سريع الحزن والبكاء) لو وليت عمر, فكان رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنكن صويحبات يوسف), وهذا يؤكد أن السيدة عائشة لم تكن تقبل أن يتولى أبوبكر الصديق الصلاة بالناس ناهيك عن خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم. انفاذ جيش أسامة بدأ أبو بكر الصديق خلافته بإنفاذ جيش أسامة إلى الشام, حيث قتل والد أسامة- زيد بن حارثة - كما قتل جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة في المعركة السابقة, وقد حال موت النبي صلى الله عليه وسلم دون انفاذ الجيش, فأمر أبو بكر الصديق من كان في جيش أسامة فليخرج إلى معسكره بالجرف. فلما تكامل الجيش بالجرف أرسل أسامة عمر بن الخطاب، وكان معه في جيشه- الى أبي بكر يستأذنه أن يرجع بالناس ليحمي المدينة من المرتدين، وقال الأنصار الذين في جيش أسامه لعمر فإن أبى أبو بكر رجوع الجيش، فاطلب إليه أن يولي أمرنا رجلاً أقدم سناً من أسامة. ولما قدم عمر إلى أبي بكر وأخبره الخبر، قال لو خطفتني الكلاب والذئاب لأنفذته كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عمر: فإن الأنصار تطلب رجلاً أقدم سناً من أسامة. فوثب أبو بكر وكان جالساً، وأخذ بلحية عمر وقال: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأمرني أن أعزله. ثم خرج أبو بكر حتى أتى المعسكر وشيعّ الجيش وأسامة راكب وأبوبكر ماش فقال له أسامة: يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن فقال والله لا نزلت ولا أركب، وما علي أّن أغبر قدمي ساعة في سبيل الله فإن للغازي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة تكتب له، وسبعمائة درجة ترفع له، وسبعمائة سيئة تمحى عنه. وكان من وصايا أبي بكر لجيش: أسامة أوصيكم بعشر فاحفظوها علي تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا, ولا تقتلوا الطفل, ولا الشيخ ولا المرأة، ولا تغرقوا نخلا ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة, ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا للأكل. وإذا مررتم بقوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له, وإذا لقيتم أقواماً فحصوا أواسط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصايب فاخفقوهم بالسيف خفقا، فإذا غرب عليكم الطعام فاذكروا اسم الله عليه وكلوا ثم أوصى أسامة أن يفعل ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم. خرج جيش سامة يقطع البيد حتى وصل إلى مؤتة, فحارب قضاعة وأحلافهم وقضى على كل من وقفوا في وجه الاسلام, وانتقم بذلك لأبيه ولقتلى المسلمين في مؤتة, وأمن الحدود بين العرب والروم. ورجع أسامة الى المدينة بعد أربعين أو سبعين يوماً على خلاف بين المؤرخين ودخل أسامة المدينة تحيط به هالة من فخار النصر، وتجلى في تلك الحملة أصالة رأي أبي بكر الذي كان يداخله السرور كلما فكرفي إصراره على إنفاذ هذا الجيش على الرغم من معارضة الجميع له في ذلك. نتائج حملة اسامة 1- انتقم المسلمون من قتلاهم في مؤتة. 2- ردعت القبائل العربية التي كانت تفكر في الارتداد وقالت العرب لو لم تكن بهم قوة لما بعثوا هذا الجيش. 3- عاد الأمان إلى مناطق الحدود الشمالية بين المسلمين والروم, وأعادت للإسلام هيبته في تلك البقاع. |
2011- 4- 24 | #4 |
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
|
رد: ملخصات تاريخ الخلفاء الراشدين ..
المحاضرة الثالثة حروب الردة عناصر المحاضرة•ردة العرب. •موقف المسلمين من مانعي الزكاة. • قتال المرتدين • حملة خالد بن الوليد. •خالد ومسيلمة وموقعة عقرباء. • نتائج موقعة عقرباء. •فتنة البحرين . • نتائج حروب الردة. ردة العرب بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ابتلي الإِسلام بحركة الرده التي عمت الجزيرة العربية كلها ما عدا:المدينة ومكة والطائف, و يسهل علينا فهم هذا الحدث إذا أدركنا أن الاسلام لم ينتشر في أطراف الجزيرة العربية إلا بعد فتح مكة وهزيمة ثقيف, فأخذت وفود القبائل تفد إلى المدينة معلنة إسلامها في العام التاسع الهجري, والذي سُمي فيما بعد بعام الوفود، وحدثت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في عام 11هـ أي بعد عامين فقط من اسلامهم. وهؤلاء الذين ارتدوا، قد دخلوا في الاسلام إما طمعا في غنيمة وإما تجنبا لمواجهة المسلمين وصار المرتدون فريقين إما خالع للإسلام جملة وتفصيلا, وإما مانع للزكاة. بدأت الردة في أيام النبي صلى الله عليه وسلم عندما ارتد الأسود العنسي في اليمن، وطلحة بن خويلد الأسدي في بني أسد، ومسيلمة الكذاب في اليمامة. ولما قام الأسود العنسي بحركته وثب على نجران وطرد عاملها المسلم واستولى على صنعاء, وقتل عاملها شهر بن باذن,وتزوج بامرأته قسرا، ودخل أهل اليمن في طاعته رهبة أو رغبة. وعندما وصلت أخبار الأسود العنسي لرسول الله كتب إلى المسلمين في اليمن أن يعملوا على قتل الأسود غيلة أومقاومة وتم قتل الأسود, وجاء خبر مقتله للمدينة في ليلة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن أتباع الأسود العنسي عندما علموا بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم ارتدوا ثانية, فأرسل إليهم أبو بكر الصديق جيشاً لقتالهم . أما طلحة بن خويلد لما تنبأ، أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرار بن الأزور عاملاً على بني أسد وأمرهم بالقيام على من ارتد فضعف أمر طلحة حتى لم يبق إلا أخذه، فضربه بالسيف فأخطأه، فظن الناس أن السلاح لا يعمل فيه، فافتتنوا به وكثر جمعه، ومات النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك. أما مسيلمة الكذاب فقد كان من الوافدين على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدنية في وفد من أهل اليمامة, وقال وهو في المدينة: إن جعل محمد الأمر لي من بعده تبعته، وأقبل عليه الرسول وفي يده قطعة من جريد وقال له: لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها. ولن أتعدى أمر الله فيك، وان أدبرت ليعقرنك الله، ولما رجع مسيلمة الكذاب إلى اليمامة ادعى النبوة وقال:أنه أُشرك مع محمد في الأمر،وتابعه قومه عصبية، وبلغ به الحد أنه كتب إلى رسول الله :(من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، سلام عليك، أما بعد فإني أُشركت في الأمر،معك، وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريشا قوم لا يعدلون). فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:( من محمد رسول الله الى مسيلمة الكذاب: أما بعد فإن الارض لله يورثها من يشاء من عباده, والعاقبة للمتقين). أسباب الردة 1- أن الايمان لم يتغلغل في نفوس كل العرب، فالمعروف أن الاسلام انتشر في كل الجزيرة العربية بعد فتح مكة وقتال ثقيف, وسمي العام التاسع للهجرة بعام الوفود لقدوم وفود القبائل معلنة إسلامها، وبعد عام الوفود بسنتين أي في السنة الحادية عشرة للهجرة توفي النبي صلى الله عليه وسلم. 2- ترفع كل قبيلة على أن تنقاد لقبيلة أخرى، وعندما انقادت القبائل العربية للرسول صلى الله عليه وسلم, فقد فعلوا ذلك لأنه مؤيد من السماء, أما بعد موته فقد خشيت القبائل أن تستأثر قريش بالسلطة، وقد رفضت معظم القبائل الدخول في سلطان أبي بكر ظنا منها أنه لن يقدر على ملء الفراغ الذي تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرفها تيار الردة، وتتمثل هذه الحالة في البيتين التاليين للشاعر الحطيئة حينما قال: أطعنا رسول الله ما كان بيننا فيا لعباد الله مـا لأبــي بكـر أيورثها بكـراً إذا مــات بعده وتلك لعمر الله قاصمة الظهر 3- إن ما فرضه الاسلام من الزكاة على المسلمين اعتبرته بعض القبائل العربية التي لم يداخل الايمان قلوبها أتاوة, وعلى الرغم من أن الاسلام يعتبر الزكاة صدقة, إلا أن هذه القبائل أحست بالاذلال والتصاغر لأنها لم تتعود ذلك في حياتها القبلية. 4- حاولت القبائل العربية- عن طريق الردة- أن تخرج من سلطان قريش،الذي استمر في الجاهلية زمناً طويلا، وجاء نبي الاسلام منها، وبعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت الفرصة سانحة، يبدو هذا الأمر واضحاً في التفاف قبيلة أسد حول كذابهم طليحة, والتفاف حنيفة حول كذابهم مسيلمة، حتى لقد قال له طليحة النمري: (أشهد أنك لكاذب، وأن محمدا لصادق،ولكن كذاب ربيعه أحب إلينا من صادق مضر). 5- من المرتدين من كان يسعى إلى استرجاع ملك, كبني ربيعة بالبحرين فإنهم أجمعوا على الردة وقالوا: (نرد الملك في المنذر بن النعمان بن المنذر، فملكوه) وقول سجاح بنت الحارث المتنبئة لمالك بن نويرة :( أنا امرأ ة من بني يربوع فإن كان ملك فهو لكم ). 6- رغبة بعض الأعراب الذين لم يتذوقوا حلاوة الايمان في التخلص من قيود الاسلام الخُلقية والعودة إلى حياة الجاهلية الأولى ليشبعوا رغباتهم من أمور قد حرمها الاسلام على معتنقيه. 7- كانت هناك عوامل أجنبية لها أثرها، فقد كان للفرس والروم نفوذ على القبائل العربية المتاخمة لحدودهما، ولابد أنهم- لمناوأة الدين الجديد- قد قاموا بشتى أساليب الدعاية ضد هذا الدين وأوعزوا للقبائل الواقعة تحت سلطانهم بالارتداد عنه. كان السواد الأعظم ممن أسلموا بعد الفتح من الأعراب الذين مردوا على النفاق، وكانت معرفتهم للإسِلام معرفة سطحية، وقد ذكرهم الله سبحانه وتعالى في أكثر من آية قال تعالى:( قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم ) وقال تعالى: ( الاعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم ). وقد قيض الله لهذا الدين رجالاً صادقين قاموا باجتثاث أصول الفتنة وأعادوا إرساء قواعد دولة الإسلام الناشئة، وكان لحزم الخليفة أبي بكر ولقادته البواسل وللصحابة الأبرار دورهم في التعجيل بقطع دابر هذه الفتنة. موقف المسلمين من مانعي الزكاة كان المسلمون وعلى رأسهم عمر بن الخطاب يرون عدم مقاتلة مانعي الزكاة وأن يستعان بهم في قتال من خلعوا الدين جملة وتابعوا المتنبئين، واستندوا في رأيهم هذا على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: ( وأمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) فقال أبو بكر: ( والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إلا بحقها ) ثم أضاف أبو بكر : ( والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لمحمد لقاتلتهم عليه ). وصمم أبو بكر الصديق على قتال مانعي الزكاة وآزره المهاجرون والأنصار وعقد أبويكر الصديق أحد عشر لواءاً لأحد عشر أميرا، وأمرهم باستنفار كل من مروا به من المسلمين. قتال المرتدين بعد عودة أسامة بجيشه مظفراً تركه أبو بكر في المدينة ليستريح هو وجنده، وخرج أبو بكر بمن معه في المدينة لقتال المرتدين الذين أغاروا على المدينة في مضارب عبس وذبيان, فسار إليهم وهزمهم، وعاد إلى المدينة فوجد أن الجيش قد أخذ راحته، فقام بتوزيعهم لقتال المرتدين وكان توزيع الألوية كالآتي: 1- خالد بن الوليد لمحاربة طليحة بن خويلد الأسدي في بزاخة ... ثم مالك بن نويرة بالبطاح , وهو ماء لبني أسد. 2-عكرمة بن أبي جهل: وأمره بالسير نحو مسيلمة في اليمامة، ثم التوجه إلى دبا بعد الفراغ من اليمامة. 3-المهاجر بن أبي أمية, لمحاربة أتباع الاسود العنسي، ثم يمضي إلى كنده بحضرموت. 4-خالد بن سعيد بن العاص: سيره إلى مشارف الشام. 5- عمرو بن العاص: أرسله إلى قضاعة ووديعة والحارث في شمال الحجاز. 6-حذيفة بن محصن الغلفاني: وعهد إليه بأهل دبا، ثم الانضمام إلى عرفجة ابن هرثمة. 7- عرفجة بن هرثمة: وكانت وجهته مهرة. 8- شرحبيل بن حسنة: لمقاتلة مسيلمة مع عكرمة بن أبي جهل وبعدها يمضي الىقضاعة مدداً لعمرو بن العاص. 9- طريفة بن حاجز: ووجهته بني سليم ومن معهم من هوازن. 10- سويد بن مقرن : ووجهته تهامة اليمن. 11- العلاء بن الحضرمي: وأمره بالبحرين لمحاربة من ارتد بها من ربيعة. توجه الأمراء لقتال المرتدين بعد أن زودهم الخليفة أبو بكر بكتاب وجهه للمرتدين يأمرهم فيه بالرجوع الىالاسلام ويحذرهم من الردة. حملة خالد بن الوليد: توجه خالد بن الوليد إلى بزاخة لمحاربة طليحة بن خويلد الأسدي وحلفائه من بني أسد وغطفان وانتهت المعركة بهزيمة طليحة وحلفائه، وفر طليحة مع امرأته إلى الشام, وأسلم حين بلغه أن قومه أسلموا واشترك في فتوحات فارس. بقي خالد شهراً في بزاخة وفدت عليه خلاله قبائل نجد مؤدية ما عليها من الزكاة، ثم بلغ خالد أن فلول غطفان وطيء وسليم وهوازن، اجتمعوا الى ( أم زمل سلمى بنت مالك ) فحرضتهم على القتال، فزحف إليها خالد واشتبك معها وقضى على فتنتها. ثم زحف خالد نحو البطاح وبها مالك بن نويرة, وعندما أدرك مالك أنه لا قبل له بجيش خالد أمر قومه بالتفرق في رؤوس الجبال، ونزل خالد بجنده في البطاح، ولما لم يجد بها أحداً أرسل جنوده ليأسروا من يجدوه، فأسروا مالكا وبعض قومه واختلفت الروايات في إسلام قومه, فمن قال أنهم أذنوا بأذان المسلمين ومن قال أنهم لم يؤذنوا، فأمر خالد بحبسهم حتى الصباح، ولما كان ذلك في ليلة باردة فقد نادى منادي خالد ( دافئوا أسراكم) ومعنى ذلك في لغة كنانة القتل، ولما كان الحراس من بني كنانة فقد ظنوا أن خالداً أمر بقتلهم، فقتلوهم وسمع خالد الضجة فخرج وقد فرغوا منهم، فقال إذا أراد الله أمراً أصابه. وهناك روايات أخرى تزعم أن خالداً دعا اليه مالكاً ليناضره حتى يتبين أمره حقيقة خاصة بعد أن عرف موقفه من المتنبئة سجاح, وبينما هما يتناظران راجع مالك خالد وقال: ( ما أخال صاحبكم يعني النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول كذا وكذا، فقال له خالد أو ما تعده لك صاحباً؟ فقدمه وضرب عنقه وعنق أصحابه. لقد نُسجت القصص حول قتل خالد بن الوليد لمالك بن نويرة لأن خالداً بعد قتله لمالك وسبي قومه, اشترى زوجة مالك ليلى من السبي وتزوج بها مخالفاً بذلك تقاليد العرب من كراهة الزواج أيام الحروب لأنه مشغلة عن النهوض بالواجب ولكن خيال الرواة سرح بهم للدرجة التي اتهموا فيها خالداً بأنه قتل مالكاً لكي يتزوج بامرأته، وهذا أبعد مما يظنون وقد جانبوا الحق في ذلك. وقد عاتب أبو بكر الصديق خالد بن الوليد للشكوى التي وصلته من بعض الصحابة وفيهم أبوقتادة الأنصاري الذي أقسم ألا يكون في لواء خالد، فعاتب أبوبكر الصديق خالداً لأنه أخطأ في قتل بعض بني أسد دون أن يتأكد من ارتدادهم كما أخطأ في قتل مالك بن نويرة وقام بدفع دياتهم لأهلهم، وطلب عمر بن الخطاب من أبي بكر عزل خالد بن الوليد، إلا أن أبا بكر اكتفى بعتاب خالد وقال لعمر: ( هبه يا عمر تأول فأخطأ )فارفع لسانك عن خالد، فإني لا أغمد سيفاً سله الله على الكافرين. خالد ومسيلمة وموقعة عقرباء: توجه خالد بعد ذلك إلى اليمامة لقتال مسيلمة الكذاب، وقد سبق أن سير أبوبكر عكرمة بن أبي جهل وشرحبيل بن حسنه لقتال مسيلمة وأمرهما بالاجتماع معا لقتاله، ولكن عكرمة تعجل واشتبك مع مسيلمة فهُزم، فكتب إليه أبوبكر يوبخه، وكتب إلى شرحبيل أن ينتظر قدوم خالد إلا أن شرحبيل تعجل كصاحبه فهُزم مثل هزيمته. وصل المدد لجيش خالد من البدريين والذين كان أبو بكر الصديق يضن بهم وكان يقول: لا أستعمل أهل بدر، أدعهم حتى يلقوا الله بصالح أعمالهم، وإنما خالف الصديق ذلك لاستفحال أمر مسيلمة. اشتبك المسلمون بقيادة خالد بن الوليد مع بني حنيفة بقيادة مسيلمة الكذاب في عقرباء, وكانت الحرب سجالا كان النصر في بدايتها للمرتدين إلا أن خالداً صاح في جنوده وسما الإيمان في قلوب المسلمين إلى ما فوق مراتب الحياة فرد المسلمون جيش المرتدين فانهزموا وولوا شطر الحديقة فتحصنوا بها، إلا أن المسلمين اقتحموا عليهم الحديقة وأفحشوا في قتلهم، وقُتل مسيلمة الكذاب, قتله وحشي قاتل حمزة, تكفيرا لقتله حمزة وقُتل من المرتدين في الحديقة وحدها 7000 والتي أسموها حديقة الموت، وقتل 7000 أخرى أثناء المعركة و 7000 في طلب الفلول، في حين لم يقتل من أهل المدينة سوى 360 ، ومن المهاجرين 600 أو أكثر, وذكر بعضهم أن عدد من استشهد من المسلمين 1700 وقيل700 وقيل1200وكان ذلك دافعا لأي بكر الصديق لجمع القرآن الكريم. نتائج موقعة عقرباء: بما أن الكثير من الحفظة استشهدوا في موقعة عقرباء، فقد قام أبو بكر الصديق بجمع القرآن الكريم وكتابته في مصحف وقد كان من قبل ذلك محفوظاً في الصدور، وقد كان مسيلمة الكذاب محط الأنظار في اليمن والبحرين وحضرموت وعمان, وبهزيمته انكسرت شوكة المقاومة في هذه البلاد وانصاعت لأمر الله، واطمأن الخليفة أبوبكر الصديق إلى مصير الاسلام. فتنة البحرين : ارتد أهل البحرين من بني بكر وغيرهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وملكوا عليهم المنذر بن النعمان، فجاءتهم كتائب المسلمين بقيادة العلاء بن الحضرمي واستمرت المناوشات بين المسلمين والمرتدين شهراً كاملا تمكن بعدها المسلمون من هزيمة المرتدين وسبي ذراريهم وأسرهم وكان المنذر بن النعمان ملكهم من جملة الاسرى, وهكذا انتهت فتنة البحرين. نتائج حروب الردة: 1- ردعت كل من حدثته نفسه بالخروج عن الإسلام وسدت الطريق في وجه كل أثيم كذاب مدع للنبوة. 2-دخل العرب في الاسلام طوعا أو كرها، وحمد الصحابة لأبي بكر رأيه وعرفوا فضله في قتال المرتدين. 3-كانت حركة الردة تشكل أعظم خطر على الدولةالاسلامية ولو قُدر لها النجاح لأعادت العرب لجاهليتهم الأولى. 4-كانت حروب الردة بمثابة مدرسة حربية تخرج منها المسلمون, كما برز فيها قادة إسلاميون كان لهم دورهم فيما بعد في الفتوحات الاسلامية. 5- نتيجة لاستشهاد الكثيرين من حفظة القرآن الكريم فقد قام أبو بكر الصديق بمشورة عمر بن الخطاب بجمع القرآن الكريم في مصحف بعد أن كان محفوظا في الصدور. 6- بقيت الردة عاراً على المرتدين وأقصاهم الخليفة أبو بكر عن الفتوحات الاسلامية في بداية الأمر، وعندما سُُمح لهم في الاشتراك في القتال، قاتلوا بضراوة للتكفير عما بدر منهم، وقد قاتل طليحة الأسدي ببسالة في فتوحات العراق وفارس على الرغم من أنه كان متنبئا. |
2011- 4- 24 | #5 |
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
|
رد: ملخصات تاريخ الخلفاء الراشدين ..
المحاضرة الرابعة الفتوحات الاسلامية في عهد أبي بكر الصديق عناصر المحاضرة . العوامل المساعدة للفتوحات الاسلامية. . فتح العراق وفارس. . موقعة ذات السلاسل. .موقعة المزار. . موقعة الولجة. . موقعة أليس. . فتح الحيرة. . فتح الأنبار. . فتح دومة الجندل. . موقعة الفراض. الفتوحات الاسلامية بعد الانتهاء من حروب الردة, فكر الخليفة أبوبكر الصديق في الفتوحات الاسلامية وبدأ بدولتي الفرس والروم، وقد كانت هناك عوامل مساعدة للفتوحات الاسلامية ساعدت المسلمين في تحقيق أهدافهم. العوامل المساعدة للفتوحات الاسلامية: ا- استطاع الدين الإسلامي أن يوحد العرب في الجزيرة العربية بعد أن كانوا قبائل شتى، وجعلهم يتطلعون إلى خارج الجزيرة العربية بعد أن كانوا منكمشين فيها لعدة قرون، وقد ضمن لهم الاسلام الظفر بإحدى الحسنيين:فإما نصر وغنيمة في الدنيا، وإما شهادة ونعيم في الآخرة. 2- شاءت إرادة الله أن تكون الجزيرة العربية - موطن الرسالة المحمدية - قاحلة جدباء في معظمها، فجعلها ذلك مكان طرد سكاني ورغب المسلمون في الهجرة إلى خارجها في الفتوحات الاسلامية، وكانت البلاد المفتوحة: روما وفارس، والبلاد الواقعة تحت سيطرتهما: مصر والشام والعراق وفيرة الخيرات فأصبحت مكان جذب سكاني، وقد كان هذا عاملاً مساعداً للفتوحات الاسلامية. 3- لقد اعتاد العرب في جاهليتهم على حب الإغارة والاقتتال، بحثاً عن الكلأ أو مورد الماء، كما كان للعلاقات الاجتماعية أثرها في ذلك، وعندما لا يجد العربي عدواً يغير عليه فإنه كان يغير على أقرب الأقربين إليه، وعلى حد قول الشاعر الجاهلي: وأحيانا على بكر أخينا إذا لم نجد إلا أخانا وقد أكسبت هذه الحروبات الجندي العربي خشونة وشجاعة وكفاءة قتالية، وعندما وجهوا للفتوحات الإسلامية أقبلوا عليها إقبالاً شديدا. 4- رسوخ إيمان المسلمين جعلهم يقابلون أعداءهم بلا خوف ولا وجل، ويشعرون بالاستعلاء على الكافرين، ”كُنتم خَير أمَةٍ أخرِجَتْ لِلناسِ تأمرون بالمَعْرُوفِ وتنهون عَنِ المنكَر وَتُؤمنونَ بِاللهَ“ و أن الله ناصر هم ما كانوا على الحق ”ان تنصُرُوا الله ينصركم ويثبت أقدامكم“ وبهذه الروح انتصر المسلمون على أعدائهم على الرغم من تفوق الأعداء عليهم عدة وعتادا. 5- بما أن المسلمين قاموا بنشر العدالة والمساواة والرحمة بين الشعوب المفتوحة فقد وقفت هذه الشعوب مساعدة للفاتحين المسلمين ليخلصوها من ظلم الفرس والروم. 6- ضعف الدولتين البيزنطية والفارسية واضطراب الأحوال فيها كفل للمسلمين الانتصار عليهم، وعلى الرغم من ضخامة جيوشهم إلا أن جنودهم كانوا يساقون قسراً للحرب، بينما جنود المسلين كانوا يأتون بأرواح ومعنويات عالية. الفتوحات في عهد الخليفة أبي بكر: أ- فتح العراق وفارس: وجه الخليفة أبو بكر خالد بن الوليد إلى أرض الكوفة وفيها المثنى بن حارثة الشيباني، فسار إليها في المحرم سنة 12هـ وكان ذلك بعد قضائه على المرتدين في اليمامة. وأمر أبو بكر الصديق خالداً بأن يدخل العراق من أسفله كما أمر عياض بن غَنم أن يدخلها من أعلاها، ثم يستبقا إلى الحيرة فأيهما سبق على الحيرة فهو أمير صاحبه، كما كتب أبو بكر للمثنى بن حارثه يأمره ببذل الطاعة لخالد بن الوليد والانضمام إليه. نزل خالد بقريات من العراق يقال لها: بانقياوبارسوماوأليس فصالحه أهلها، فقبل منهم الجزية وكتب لهم كتابا وتعتبر هذه أول جزية وقعت بالعراق. بعدها أرسل أبوبكر الصديق مدداً لخالد بن الوليد بقيادة القعقعاع بن عمرو التميمي وبوصول هذا المدد بلغ جيش خالد بن الوليد عشرة آلاف مقاتل، وانضم إليه المثنى بن حارثه بجيوشه التي بلغت ثمانية آلاف، وقسم خالد بن الوليد هذا الجيش إلى ثلاث فرق، يقود هو أحدها، ويقود الثاني عدي بن حاتم، ويقيود الثالثة المثنى بن حارثه وقصدت هذه الفرق الثلاث الحفير. موقعة ذات السلاسل: وصل خطاب من خالد بن الوليد إلى هرمز حاكم ثغر الأبلة, وفيه: " أما بعد, فأسلم تسلم، أو اعتقد لنفسك وقومك الذمة، وأقرر بالجزية، وإلا فلا تلومن إلا نفسك, فقد جئتك بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة ". علم هرمز أن المسلمين يعسكرون بالحفير, فسار إليهم وكان جنوده مقيدين بالسلاسل لكيلا يفروا، وطلب هرمز في بداية المعركة مبارزة خالد بن الوليد وترجلا وتضاربا بالسيف, فاختلفا ضربتين واحتضنه خالد، وحملت حامية هرمز على خالد بن الوليد وغدرت، فما شغله ذلك عن قتله، وحمل القعقاع على حماة هرمز ونحاهم عن خالد, واشتدت رحى المعركة وانتصر المسلمون وانهزم الفرس وولوا الأدبار وطاردهم المسلمون حتى موقع البصرة الحالي, وعرفت تلك المعركة بذات السلاسل, لأن جنود الفرس كانوا مقرنين بالسلاسل حتى لا يفروا. أرسل خالد بن الوليد البشرى والأخماس والغنائم الى الخليفة أبي بكر, وبعث بقلنسوة هرمز والتي بلغت قيمتها مائة ألف درهم, كما أرسل بفيل طيف به في المدينة, ودهش أهلها لررؤيته ولم يكونوا رأوا فيلاً من قبل, وبلغ سهم الفارس في يوم ذات السلاسل ألف درهم, والراجل على الثلث من ذلك. موقعة المزار: أرسل امبراطور الفرس- أردشير- المدد إلى هرمز يقوده قارن, وعندما سمع قارن بهزيمة الفرس في ذات السلاسل ومقتل هرمز، عسكر في منطقة المزار و معه فلول الجيش الفارسي المنهزمة في موقعة ذات السلاسل. وعندما علم خالد بنبأ جيش الفرس، خرج إليهم، والتحم الفريقان في معركة حامية الوطيس، وقتلت الفرس مقتلة عظيمة، ويقدر الطبـري وابن الأثير عدد القتلى من جيش الفرس بثلاثين ألفاً. موقعة الولجة: قام امبراطور الفرس بالاستعانة بالعرب الذين يقعون تحت نفوذه في هذه المعركة، وتولى قيادة هؤلاء العرب الأندرزغر، كما أرسل امبراطور الفرس القائد بهمان على رأس جيش من الفرس. ولما علم خالد بهذا الجمع، ترك حامية فيما فتحه من دلتا النهرين، وتقدم لقتالهم، وقسم جنوده إلى ثلاث فرق نازلهم خالد بفرقة من الأمام بعنف حتى كاد صبرهم ينفد، وبعد ذلك هاجمتهم الفرقتان من الخلف، فانهزم الفرس والعرب المُتنضَرة بعد أن قتل منهم كثيرون، وأعطى خالد الأمان للفلاحين فصاروا أهل ذمة. موقعة أليس: غضب نصارى العراق لمصرع إخوانهم بالولجة, فاجتمعوا في مكان يقال له أليس وكتبوا إلى ملك الفرس يطلبون معونته، وطلب ملك الفرس من القائد بهمان التوجه إليهم، إلا أنه أرسل من ينوب عنه، وآثر الذهاب إلى ملك الفرس ليطلعه على أمر المسلمة. اشتبك المسلمون بقيادة خالد بن الوليد بالفرس والعرب المتنصرة، وأبدى فيه الأعداء نوعا من البسالة والاقدام، لأنهم كانوا يتوقعون قدوم بهمان بالمدد من الفرس، ولكن المسلمين حملوا عليهم حملة شعواء زلزلت أقدامهم وقتلوهم شرَّ قتلة وامتلأت أيدي المسلمين بالأسرى، ومن كثرة ما قتل من الأعداء في هذه المعركة تغير لون النهر فسميت بمعركة نهر الدم, وقد بلغ تعداد القتلى من الأعداء سبعون ألفا. فتح الحيرة: بما أن القبائل المتنصرة واصلت تهديدها لخط الرجعة بالنسبة للمسلمين, فقد قرر خالد بن الوليد فتح الحيرة عاصمة تلك المنطقة، وقد كانت الحيرة عاصمة المناذرة والذين كانوا يدورون في فلك الفرس. سار خالد لفتح الحيرة، وحمل الرجال والأثقال في السفن في نهر الفرات، وقام ابن مرزبان الحيرة ليعرقل زحف المسلمين بإرسال ماء النهر في قنوات فرعية، فرست سفن المسلمين على القاع، فتركها العرب إلى ظهور الخيل، وقبضوا على ابن المرزبان وقتلوه، ثم أطلقوا الماء إلى السفن وواصلوا زحفهم نحو الشمال . وفي الوقت الذي تلقى فيه مرزبان الحيرة نبأ مصرع ولده جاءته الأنباء بوفاة كسرى, فتحطمت أعصابه ولاذ بالفرار، ولكن أهل الحيرة واصلوا تحصينها والدفاع عنها. حاصر خالد الحيرة وصالحه أهلها على مائة ألف درهم, وقيل: على ثمانين ألفاً في كل عام على أن يكونوا عيوناً للمسلمين على أهل فارس، وأن لا يهدم لهم بيعة ولا قصراً ونزل خالد بقصر الخورنق. وكان من نتائج فتح الحيرة أن قام الأمراء التابعون لها بتقديم فروض الولاء والطاعة للمسلمين. فتح الأنبار: تقع الأنبار غربي بغداد بنحو عشرة فراسخ، تقدم خالد وحاصرها بجيوشه, وقال لرماته:" إني أرى أقواماً لا علم لهم بالحرب، فارموا عيونهم ولا توخوا غيرها ”, فرموا رشقاً واحداً ثم تابعوا ففقىء ألف عين يومئذ، فسميت بوقعة ذات العيون وطلبوا الصلح على أن يخرج قائد جنودها شيرزاد في جريدة خيل ليس معهم شيء من المتاع والأموال. أحرز خالد تلك الانتصارات وعياض بن غَنم الذي كلفه الخليفة أبوبكر بفتح العراق من أعلاها, ما زال محاصراً دومة الجندل، فكتب إليه خالد أقصر خطاب: (من خالد إلى عياض إياك أريد). فتح دومة الجندل: بما أن دومة الجندل تقع على الطريق إلى الشام, و كانت سوقاً للعرب الجاهلية, فقد اهتم بها المسلمون، وقد ارتد أهلها بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم, ولم يكد أهلها يسمعون بمسير خالد حتى دبّ الرعب في قلوبهم، وقال لهم أكيدر أحد رؤسائهم: ( أنا أعلم الناس بخالد، لا أحد أيمن طائراً منه، أطيعوني وصالحوا القوم ) ولما أبوا عليه خرج عنهم، ولكن خالد أسره وقتله لارتداده. بعد وصول خالد إلى دومة الجندل حاصرها الجيشان، جيش خالد وجيش عياض، وبدأ القتال الذي لم يستمر طويلاً، وفتح الحصن عنوة. موقعة الفراض: حاول الفرس استرداد ما انتزعه خالد لوجود خالد على أطراف البادية، إلا أن خالداً اصطدم بهم وانتصر عليهم وتَعقبهم إلى الفراض, فتحالف الفرس والروم مع متنصرة العرب، ولما بلغوا الفرات قالوا لخالد: إما أن تعبر لنا أو نعبر لكم، فطلب منهم خالد العبور اليهم, ثم دارت معركة عنيفة انتهت بهزيمة الرومان والفرس ومتنصرة العرب، وأكثر المسلمون في القتل وبلغ من قُتل في هذه المعركة وفي الطلب مائة ألف حسب رواية جمع المؤرخين، وأقام خالد في الفراض عشرة أيام, ورجع إلى الحيرة لخمس بقين من ذي القعدة لعام اثنتي عشرة للهجرة. بعدها رحل خالد عن العراق بعد أن قضى فيه ثلاثة عشر شهراً اقتطع فيه من بلاد العجم حوض الفرات من الأبلة جنوباً إلى الفراض شمالاً، وعلى الرغم من أن خالداً كان شديد الوطأة على المقاتلين، إلا أنه كان رحيماً بالفلاحين. |
2011- 4- 24 | #6 |
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
|
رد: ملخصات تاريخ الخلفاء الراشدين ..
المحاضرة الخامسة الفتوحات الاسلامية في بلاد الشام عناصر المحاضرة - فتح الشام. - تسيير الجيوش. -مسير خالد بن الوليد من العراق إلى الشام. - معركة اليرموك. ب- فتح الشام: لما قدم الخليفة أبوبكر الصديق من الحج عام 12هـ خطب في المسلمين في المسجد النبوي، فقال لهم: "... اعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عوّل أن يصرف همته إلى الشام فقبضه الله إليه.. ألا وإني عازم أن أوجه أبطال المسلمين إلى الشام بأهليهم ومالهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنبأني بذلك قبل موته، وقال:" زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها"، فما قولكم في ذلك؟ فقال عمر بن الخطّاب: ( ألا والله ما استبقنا إلى شيء من الخير قط إلا سبقتنا إليه، وقد والله أردت لقاءك بهذا الرأي لذي ذكرت..) ثم أضاف عمر: ( ابعث الرجال تتبعها الرجال، والجنود تتبعها الجنود، فإن الله عز وجل ناصر دينه، ومقر الإِسلام وأهله ومنجز ما وعد رسوله) وقال عثمان بن عفان: ( أرى أنك ناصح لأهل هذا الدين, فان رأيت رأياً فيه لهم رشد وصلاح وخير فاعزم على إمضائه، فإنك غير ضنين ولا متهم عليهم )، وأقر الحاضرون جميعاً رأي عثمان، وزادوا عليه: ( ولا نتخلف عن دعوتك وإجابتك). ففرح أبوبكر الصديق، ونزل عن المنبر وكتب الكتب، إلى ملوك اليمن وأهل مكة وإلى القبائل العربية جميعها، وكان رسوله إلى اليمن: أنس بن مالك، وبعد مدة جاءه يبشره بقدوم أهل اليمن، وقال لأبي بكر الصديق: يا خليفة رسول الله ما قرأت كتابك على أحد إلا وبادر إلى الطاعة، وأجاب دعوتك، وقد أجابوك شعثاً غبرا, وساروا اليكبالذراري والأموال والنساء والأطفال فسُر أبوبكرسروراً عظيماً. أقامت المدينة استقبالاً حافلا لأهل اليمن الذين قدموا للجهاد، ونشرت الأعلام وخرجت المدينة عن بكرة أبيها تستقبلهم، وكانت أول القبائل ظهورا من وفد اليمن قبيلة حمير، وهم بالدروع والسيوف الهندية وأمامهم ذو الكلاع الحميري ينشد بعض الأبيات الشعرية الحماسية. ثم تتابعت قبائل اليمن في هذا الاستعراض العظيم، وتتابعت القبائل العربية ملبية لدعوة الخليفة أبي بكر, ونصب لهم معسكراً خارج المدينة بالجرف. تسيير الجيوش: لما تكاملت الجيوش وفرغت من أهبتها، عقد أبوبكر الصديق الألوية لفتح الشام, فكانت أربعة ألوية وولى عليها الأمراء, وبَيَّن لكل أمير وجهته، والأمراء هم: 1- أبو عبيدة بن الجراح، ووجهته حمص. 2- عمرو بن العاص ووجهته فلسطين. 3- يزيد بن أبي سفيان ووجهته دمشق. 4- شرحبيل بن حسنة ووجهته وادي الأردن. وكلما عقد أبوبكر لواء لأمير كان يزوده بالوصايا، فأوصاهم بتقوى الله، ومشاورة جنودهم والرفق بهم والتواضع وعدم قتل الشيوخ والأطفال والنساء وأمرهم أن يعاون بعضهم بعضاً. ومن وصاياه ليزيد بن أبي سفيان: ( واني قد وليتك لأبلوك وأجربك وأخرجك فإن أحسنت رددتك إلى عملك وزدتك، وان أسأت عزلتك، فعليك بتقوى الله، فإنه يرى من باطنك مثل الذي من ظاهرك، وإن أولى الناس بالله أشدهم توليا له، وأقرب الناس من الله أشدهم تقربا إليه بعمله، وقد وليتك عمل خالد........ و اياكوعيبة الجاهلية, فإن الله يبغضها ويبغض أهلها، وإذا قدمت على جندك فأحسن صحبتهم، وابدأهم بالخير، وعدهم إياه، وإذا وعظتهم فأوجز، فإن كثير الكلام ينسي بعضه بعضاً، وأصلح نفسك يصلح لك الناس، وصل الصلوات لأوقاتها بإتمام ركوعها وسجودها والتخشع فيها، وإذا قدم عليك رسل عدوك فأكرمهم وأقلل محادثتهم حتى يخرجوا من عسكرك وهم جاهلون به، و لا ترينهم فيروا خللك، ويعلموا عملك، وأنزلهم في ثروة عسكرك، وامنع من قبلك من محادثتهم، وكن أنت المتولي لكلامهم، ولا تجعل سرك لعلانيتك فيخلط أمرك، وإذا استشرت فأصدق الحديث تصدق المشورة، ولا تخفي عن المشير خبرك فتؤتى من قبل نفسك، واسمر بالليل في أصحابك تأتك الأخبار وتنكشف عندك الأستــار، وأكــثر حرسك وبددهــم في عسكـــرك وأكثر مفاجأتــهم في محارسهم بغير علم منهم بك, فمن وجدته غفل عن محرسه فأحسن أدبه وعاقبه في غير إفراط، وأعقب بينهم بالليل، واجعل النوبة الأولى أطول من الأخيرة، فإنها أيسرها لقربها من النهار، ولا تخفف من عقوبة المستخلف، ولا تبطىء فيها، و لا تسرع إليها، ولا تخذلها مدفعا، ولا تغفل عن أهل عسكرك فتفسده، ولا تجسس عليهم فتفضحهم، ولا تكشف الناس أسرارهم، واكتف بعلانيتهم ولا تجالس العابثين، وجالس أهل الصدق والوفاء، وأصدق اللقاء، ولا تجبن فيجبن الناس، واجتنب الغلول فإنه يُقرب الفقر ويدفع النصر، وستجدون أقواماً حبسوا أنفسهم في الصوامع فدعهم وما حبسوا أنفسهم له). وهذه الوصية تؤكد لنا علم أبي بكر وحصافته، وحسن إدارته لأمور الدولة وفهمه لتعاليم الإِسلام، وتستحق أن تكون منهجاً ودستوراً يسير عليه ولاة الأمور و قادة الجيوش. توجه كل قائد من قادة الجيوش الوجهة التي وجهها له أبوبكر الصديق، والذي كان عالماً بطرق الشام وبلادها، ويبدو أن هذه المعلومات قد جمعها من أسفاره للشام أيام تجارته. عمل عمرو بن العاص بوصية أبي بكر له, وسار في طريق إيلياء حتى وصل إلى فلسطين ونزل (العربة), فلما علم هرقل بوصول كتائب المسلمين أراد أن يشغل كل طائفة منهم بطائفة من جنده الكثيف ليضعف من قوتهم، فأرسل إلى عمرو أخاه تذراق، فخرج نحوهم في تسعين ألفا، وبعث الدراقص فاستقبل شرحبيل بن حسنه، وبعث الفيقار في ستين ألفاً نحو أبي عبيدة، فهابهم المسلمون، و جميع فرق المسلمين واحداً وعشرين ألفاً سوى عكرمة في ستة آلاف، ففزعوا جميعاً بالكتب والرسل إلى عمرو، وسألوه رأيه في الأمر، فكاتبهم وراسلهم: إن الرأي الاجتماع، وذلك أن مثلنا إذا اجتمع لم يغلب من قله، وكتب القادة لأبي بكر، فكان رد أبي بكر مثل رد عمرو، فقال لهم اجتمعوا فتكونوا عسكراً واحداً، وألقوا زحوف المشركين بزحف المسلمين، فإنكم أعوان الله، واللْه ناصر من نصره وخاذل من كفره، ولن يؤتى مثلكم من قلة، وإنما يؤتى العشرة آلاف إذا أوتوا من تلقاء الذنوب، فاحترسوا من الذنوب، واجتمعوا باليرموك متساندين، وليصل كل رجل منكم بأصحابه. وكتب هرقل الى بطارقته: أن اجتمعوا لهم وأنزلوا بالروم منزلاً واسع العطن، واسع المطرد، ضيق المهرب، ففعلوا فنزلوا الواقوصة، وهي ضفة على اليرموك وصار الوادي خندقاً لهم، وهي فرجة بين جبلين لا تدرك، وإنما أراد باهان وأصحابه أن يثبت الروم ويأنسوا بالمسلمين, وترجع إليهم أفئدتهم عن طيرتها. ونزل المسلمون على طريق الروم، وليس للروم طريق إلا عليهم، فقال عمرو: أبشروا حصرت الروم، وقل ما جاء محصور بخير، وأقاموا صفراً وشهري ربيع لا يقدرون منهم على شيء من الوادي والخندق ولا تخرج خرجة إلا أغار عليهم المسلمون. مسير خالد بن الوليد من العراق إلى الشام: لما رأى المسلمون مطاولة الروم، كتبوا إلى أبي بكر الصديق، فنظر أبوبكر الصديق في أمرهم، ورأى أنه لا يستطيع أن يخرجهم من رتابة هذا الحصار وينتزع النصر من الروم انتزاعاً غير خالد بن الوليد، فكتب إليه بالعراق يأمره بالمسير إلى الشام, وأن يأخذ نصف الجيش ويترك النصف الثاني للمثنى بن حارثة. وسار خالد نحو الشام، فلما صار إلى عين التمر لقي رابطة لكسرى عليهم عقبة بن أبي الهلال النمري فضرب عنقه، ثم سار حتى لقي جمعاً لبني تغلب عليهم الهزيل بن عمران فضرب عنقه، وسبى منهم سبياً كثيراً بعث بهم إلى المدينة، وصار إلى الأنبار، فأخذ دليلاً يدله على طريق المفازة، فمر بتدمر فتحصن فأحاط بهم ففتحوا له وصالحهم، ثم مضى إلى حوران، فقاتلهم قتالاً شديداً، وقيل: ان خالداً سار في البرية والمفازة ثمانية أيام حتى وافاهم. والطريق الذي سلكه خالد بجيوشه من العراق إلى الشام هو أقصر الطرق ولكنه أخطرها، وقد تعرض هو وجنوده لمعاناة جمة من قلة المياه، ولكن خالداً الذي عودنا على الجرأة والإِقدام لم يكن بهياب للموت في سبيل نجدة المسلمين ونصرتهم. اختلفت الروايات في عدد جنود خالد بن الوليد، فابن الأثير يروي الأرقام التالية على الرغم من التباعد بينها: (800، 600، 500. 9000، 6000) ويشير الطبري إلى أن عدد جنود خالد عشرة آلاف, وهو الأقرب للصحة لأن أبا بكر الصديق طلب من خالد بن الوليد أن يقسم جيش العراق إلى نصفين فيترك نصفه مع المثنى بن حارثة ويأخذ النصف الثاني، وكان تعداد جيش العراق ثمانية عشر ألفاً. لقد كان عدد جيش المسلمين بالشام ستة وأربعين ألفاً, وكان قتالهم على التساند كل جند وأميره لا يجمعهم أحد، حتى قدم عليهم خالد من العراق. وعندما قدم خالد، قدم مدد للروم بقيادة باهان، ففرح المسلمون بمدد خالد كما فرح الروم بمدد باهان، وقدم باهان قدامه الشماسة والرهبان والقسيسين، وكان تعداد جيش الروم: أربعون ومائتا ألف، وكان منهم أربعون ألف في السلاسل حتى لا يفروا من الزحف. لما خرج الروم للقتال، أراد المسلمون الخروج متساندين فسار فيهم خالد بن الوليد، فحمد الله وأثنى عليه، وقال:( إن هذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي، أخلصوا جهادكم، وأريدوا الله بعملكم، فإن هذا يوم له ما بعده، وإن من وراءكم لو يعلم علمكم حال بينكم وبين هذا، فاعملوا فيما لم تؤمروا به بالذي ترون أنه الرأي من واليكم ومحبته ) قالوا: فهات الرأي: قال: (إن أبا بكر لم يبعثنا إلا وهو يرى أنا سنتياسر، ولو علم بالذي كان ويكون لجمعكم. إن الذي أنتم فيه أشد على المسلمين مما قد غشيهم، وأنفع للمشركين من إمدادهم, ولقد علمت أن الدنيا فرقت بينكم فالله الله، فقد أفرد كل رجل منكم ببلد من البلدان لا ينتقصه منه أن دان لأحد من أمراء الجنود، ولا يزيده عليه إن كانوا له. إن تأمير بعضكم لا ينقصكم عند الله ولا عند خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهلموا فإن هؤلاء تهيئوا، وهذا يوم له ما بعده، إن رددناهم إلى خندقهم اليوم لم نزل نردهم، وأن هزمونا لم نفلح بعدها، فهلموا فلنتعاون الامارة، فليكن عليها بعضنا اليوم والآخر غداً، والآخر بعد غد حتى يتأمر كلكم، ودعوني إليكم اليوم فأمروه) . فخرجت الروم في تعبئة لم ير الرَّاؤون مثلها قط، وخرج المسلمون في تعبئة لم تعرفها العرب من قبل ذلك، فخرجوا في ستة وثلاثين كردوساً إلى الأربعين, وجعل خالد على الميمنة: عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة، وعلى الميسرة يزيد بن أبي سفيان، وجعل أبا عبيدة في القلب، وكان القاضي: أبو الدرداء، وكان القارىء: المقداد، وهو الذي قرأ لهم سورة الأنفال, التي كانت تقرأ عند لقاء العدو حسب سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان القاص أبوسفيان بن حرب وعلى الطلائع قباث بن أثيم، وعلى الأقباضعبدالله بن مسعود. بدأ القتال، وحملت الروم حملة أزالوا المسلمين عن مواقفهم إلى المحامية, وعليهم عكرمة بن أبي جهل، فقال عكرمة:( قاتلت مع النبي صلى الله عليه وسلم في كل مو طن تم أفر اليوم) ثم نادى: ( من يبايع على الموت؟) فبايعه: الحارث بن هشام وضرار بن الأزور في أربعمائة من وجوه المسلمين وفرسانهم، فقاتلوا أمام فسطاط خالد، فقتل منهم من قتل، وجرح منهم من جرح، وتقاتل خالد وقائد القلب في جيش الروم قتالا شديداً، فقتله خالد، ثم نهد بالقلب حتى كان بين خيلهم ورجلهم، فانهزم الفرسان وتركوا الرجالة. ولما رأى المسلمون فرسان الروم يحاولون الهرب أفرجوا لهم، فتفرقوا و قتلوا الرجالة واقتحموا خندقهم، بقيادة خالد، وتقدم عمرو إلى الواقوصة حتى هوى فيها المقرنون بالسلاسل وغيرهم، وبلغ قتلى الروم في هذه المعركة مائة وعشرون ألفاً, واستشهد من المسلمين ثلاثة آلاف. وكان سهم الفارس في موقعة اليرموك ألفاً وخمسمائة، وقد قاتلت النساء في هذه الموقعة قتالا شديداً، وكانت منهم جويريه بنت أبى سفيان. وفي أثناء معركة اليرموك جاء نعي أبي بكر الصديق وتولية عمر بن الخطاب الخلافة وعزل خالد بن الوليد من القيادة، ويقال: ان الرسالة تلقاها خالد وأبقاها سراً حتى لا تؤثر على معنويات المسلمين في القتال، وهناك رأي آخر يقول بأن الرسالة استلمها أبوعبيدة, ولم يخبر خالداً بأن عمر بن الخطاب عزله حتى انتهت معركة اليرموك. وكما انتصر خالد بن الوليد على عدوه, فقد انتصر على نفسه فقبل أن يقاتل جنديا قي جيش أبي عبيدة بنفس الحماس الذي كان يقاتل به وهو قائد جيوش المسلمين. وانطلاقاً من شدة حرص الصديق رضي الله عنه على وحدة الأمة وخشيته عليها أن يصيبها التفكك من بعده رأى أن يوصي لمن يلي بعده أمر المسلمين، ومن ثم كان عهده للفاروق بأن يقوم على تدبير مصالح الرعية من بعده. يروي الواقدي أن أبا بكر لما ثقل دعا عبدالرحمن بن عوف فقال: أخبرني عن عمر بن الخطاب؟ فقال: ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني، فقال أبوبكر: وإن، فقال عبدالرحمن بن عوف هو واللَه أفضل من رأيك فيه، ثم دعا عثمان بن عفان، فقال: أخبرني عن عمر، فقال: أنت أخبرنا به. فقال علي ذلك, فقال: اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته، وأنه ليس فينا مثله، وشار معهما سعيد بن زيد وأسيد بن الحضير، وغيرهما من المهاجرين والأنصار، فقال أسيد: اعلمه الخير بعدك، يرضى للرضا ويسخط للسخط، الذي يُسر خير من الذي يعلن ولن يلي هذا الأمر أحد أقوى عليه منه. ونستنتج من ذلك أن أبا بكر الصديق كان يشاور صحابته في الأمور كما كان يهتم بالأنصار اهتمامه بالمهاجرين، وأنه لم يعهد لعمر بن الخطاب إلا بعد أن استشار عدول أمته فيه. وتحققت فطنة الصديق في اختيار عمر بن الخطاب، وأيده العلماء في ذلك حين قالوا أن أبا بكر كان أفرس ثلاثة حين استخلف عمر. وقد ترك أبو بكر الصديق رضي الله عنه عهد عمر مكتوبا وموثوقاً بخاتمه, وكان نص العهد الذي حرره عثمان بن عفان رضي الله عنه كما يلي: (بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما عهد بهأبوبكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها، وعند أول عهده بالآخرة، داخلاً فيها حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدق الكاذب، اني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا, فإن عدل فذلك ظني به وعلمي فيه، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب، والخير أردت ولا أعلم الغيب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته). فارق أبوبكر الصديق الأمة الاسلامية بعد أن حقق رغبة الرسول صلى الله عليه وسلم بالخروج بالإِسلام خارج نطاق الجزيرة العربية، وسار في منهجه على سنة ر سول الله صلى الله عليه وسلم، وتولى له القضاء عمر بن الخطاب، وتولى له الجزاء أبوعبيدة بن الجراح، وكان كاتباه: زيد بن ثابت، وعثمان بن عفان. وأما عماله فهم: عتاب بن أسيد على مكة المكرمة، وعثمان بن أبي العاصي على الطائف، والمهاجر بن أمية على صنعاء، وزياد بن لبيد على حضرموت، ويعلى بن أميه على خولان، وأبو موسى الأشعري على زبيد ، ومعاذ بن جبل على الجند، والعلاء بن الحضرمي على البحرين، وجرير بن عبدالله على نجران, وعبدالله بن ثور على جرش. |
2011- 4- 24 | #7 |
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
|
رد: ملخصات تاريخ الخلفاء الراشدين ..
المحاضرة السادسة الخليفة عمر بن الخطاب 13-23هـ / 634-644م عناصر المحاضرة •التعريف بعمر رضي الله عنه •اسلام عمر. •بيعته ومنهاجه في الحكم. •الفتوحات في العراق وفارس. •موقعة الجسر. •موقعة البويب. التعريف بعمر رضي الله عنه: هو أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي كعب, وأمه حنثمه بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم, ولد عمر رضي الله عنه لثلاث عشرة سنة بعد عام الفيل, نشأ في بيئة صالحة, وكان مثالاً في الفصاحة والبلاغة والصراحة في الحق, وكان في صغره يرعى الغنم لأبيه, ثم احترف التجارة. كان في بني عدي قوم عمر وظيفة السفارة التي أنشأها قصي بن كلاب, وانتهت الوظيفة فبل مجيء الإسلام إلى عمر بن الخطاب , فكان آخر سفير لقريش. اسلام عمر: خرج عمر بن الخطاب يوماً متوشحاً سيفه فلقيه نعيم بن عبد الله النحام وكان مسلماً فقال لعمر إلى أين؟ فأجابه عمر: انني أريد محمداً ذلك الذي سفه ديننا وسب آلهتنا فأقتله بهذا السيف. فقال له نعيم لقد غرتك نفسك بنفسك يا عمر, أو ترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمداً؟ ارجع وأصلح أهلك. فقال له عمر وأي أهلي؟ فقال له نعيم أختك فاطمة وزوجها سعيد, فقد والله أسلما وتابعا محمداً. رجع عمر إلى بيت أخته, وكان معهما خباب بن الأرت يعلمهما القرآن من صحيفة فيها سورة طه, فلما سمعوا صوت عمر اختبأ خباب في مخدع وخبأت فاطمة الصحيفة فدخل عمر وقال ما هذه الهينمة؟ قالوا: ليس هناك شيئاً. فقال لهم والله لقد تابعتما محمداً, وفتك بزوج أخته سعيد, وجاءت فاطمة تدافع عن زوجها فضربها عمر وشج وجهها حتى سال الدم عليه, فقالت له أخته: والله قد أسلمنا فافعل ما بدا لك . فرق قلب عمر عندما رأى الدم يسيل على وجه أخته, وقال لها أعطيني الصحيفة أنظر ما بها, فقالت له أخته نخشاك عليها, فقال لها لا تخافي, فطمعت أخته في إسلامه فقالت له انك نجس وعليك أن تغتسل قبل أن تقرأها. ففعل وأعطته الصحيفة وكان فيها سورة طه فقرأ فيها وكان قارئاً, ثم قال: ما أحسن هذا الكلام . وعندما سمع خباب ذلك خرج وقال: الله الله يا عمر, والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين: عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام, وآمل أن تكون دعوته قد أصابتك, فقال عمر لخباب: دلني على مكان رسول الله لأسلم فدله عليه, فذهب إلى دار الأرقم وأعلن إسلامه . وكان في إسلام عمر بن الخطاب إعزاز لدين الله فقد جهر المسلمون بعبادتهم بعد أن كانوا يؤدونها في الخفاء, وما كانوا يجهرون بصلاتهم إلا بعد إسلام عمر . وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: ما علمت أحداً من المهجرين هاجر إلا متخفياً إلا عمر بن الخطاب, فإنه لما همَّ بالهجرة تقلد سيفه وتنكب قوسه وانتضى في يده أسهماً ومضى إلى الكعبة فطاف بالبيت سبعاً متمكناً, ثم أتى المقام متمكناً, ثم وقف على الحلق واحدة واحدة وقال لهم: شاهت الوجوه لا يرغم الله إلا هذه المعاطس. من أراد أن تثكله أمه وييتم ولده وترمل زوجته فليلحق بي وراء هذا الوادي. فقال علي: فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين نصحهم وأرشدهم ومضى لوجهه. اشترك عمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل الغزوات وكان هو وأبو بكر وزيريه, وكان عمر بن الخطاب من الملهمين, يرى الرأي ويشير به فينزل القرآن موافقاً لما أشار به, حتى لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لقد كان فيمن قبلكم محدثون ملهمون, فإن يكن في أمتي أحد فإنه عمر " وموافقات عمر كثيرة ذكر معظمها ابن الجوزي, وأوصلها بعضهم إلى عشرين. كان لعمر بن الخطاب دوره في بيعة أبي بكر في سقيفة بني ساعدة, وكان مستشار أبي بكر في خلافته, كما كان قاضيه. بيعته ومنهاجه في الحكم: عهد أبو بكر الصديق لعمر بن الخطاب بالخلافة كما أسلفنا, ولما تولاها صعد المنبر وخطب في الناس خطبة موجزة فقال: "إني قائل كلمات فأمنوا عليهن, إنما مثل العرب مثل جمل أنف اتبع قائده, فلينظر قائده حيث يقوده. وأما أنا فورب الكعبة لأحملنهم على الطريق" . كان عمر رضي الله عنه شديد التحري للعدل, يجهد نفسه ومن ومعه لإيصال الحقوق إلى أصحابها, واسمعوا قوله: " ما وجدت صلاح ما ولاني الله إلا بثلاث: أداء الأمانة, والأخذ بالقوة, والحكم بما أنزل الله, وصلاح المال في ثلاث: أن يؤخذ من حق, ويعطى في حق, ويمنع من باطل" . وعاهد الناس وقال: ” لكم علي ألا أجتني شيئاً من خراجكم ولا ما أفاء الله عليكم إلا من وجهه, ولكم علي إذا وقع في يدي ألا يخرج مني إلا في حقه, ولكم علي أن أزيد عطاياكم وأرزاقكم إن شاء الله وأسدد ثغوركم ولكم علي ألا ألقيكم في المهالك .. وإذا غبتم في البعوث فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم فاتقوا الله عباد الله وأعينوني على أنفسكم بكفها عني, وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحضاري النصيحة فيما ولاني الله عن أمركم " . ولم يكن الخليفة عمر يبيح من مال المسلمين أجرا بعمله إلا ما يقيم أوده وأود أهله عند الحاجة إليه, فإن رزقه الله مايغنيه عن بيت مال كف يده عنه يقول مخاطباً رعيته: ".. ألا وإني أنزلت نفسي من مال الله, بمنزلة ولي اليتيم، إن استغنيت استعففت وإن افتقرت أكلت بالمعروف" . أما العمال فقد كان يختارهم عمر من الأمناء الزهاد المعروفين بإيثار المصلحة العامة على المصلحة الخاصة والمشهود لهم بالتعفف عن أموال المسلمين, وقد حرم الهدايا على عماله, وقبل أن يولي الولاة كان يحصي ما في أيديهم من أموال فإذا زادت بعد ولايتهم صـادر الزائد منها حيطـة وحـذرا منه, فقد شـاطر خيار الصحابة وأبطال الفتوح الإسلامية دون أن يعترض منهم معترض ومنهم عمرو بن العاص وخالد بن الوليد . فلما ظهر غنى عمرو بن العاص عامله في مصر كتب إليه: "بلغني أنه قد فشت لك فاشية من ناطق وصامت لم تكن لك حين وليت مصر" وأجاب عمرو بن العاص يعتذر برخص الأسعار في مصر رخصاً يوفر له معظم راتبه, فيتجر بما يفيض عنه, ولم يقبل الخليفة عمر ذلك القول, فكتب إلى عمرو بن العاص بألا يضيع وقته في غير رعاية المحكومين وبأن يسلم شطر ماله لمحمد بن مسلمه. الفتوحات في عهد عمر: أولاً : في العراق وفارس : تولى قيادة المسلمين في العراق بعد رحيل خالد المثنى بن حارثة الشيباني, وتوقع المثنى أن يحاول الفرس استرداد ما سلبه منهم المسلمين, فذهب إلى المدينة يطلب المدد, ووجد أبو بكر على فراش الموت وأوصى أبو بكر عمر ليرسل له مدداً فسير إليه عمر بن الخطاب بعد ولايته أبا عبيد بن مسعود الثقفي في حين أوصاه بقوله: "اسمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, وأشركهم في الأمر, ولا تجيبن مسرعاً حتى تتبين, فإنها الحرب والحرب لا يصلحها إلا الرجل المكيث الذي يعرف الفرصة والكف" . أما الفرس فقد أسندوا أمرهم إلى أميرة من البيت الساساني وجعلت رستم قائداً لقوادها. وصل أبو عبيد إلى العراق واشتبك مع الفرس وانتصرعليهم في كسكر وأجلى الفرس عن كل الأماكن التي تقدموا إليها. موقعة الجسر: ساءت أنباء هزائم الفرس رستم, فأرسل جيشاً لقتال المسلمين بقيادة بهمنجاذوية ونزل بهمن بجنوده بقس الناطق, وأقبل المسلمون بقيادة أبي عبيد ونزلوا بالمروحة ونصب جسراً على الفرات وخير بهمن المسلمين بعبور الجسر إليهم أو عبور الفرس إليهم, فاستشار أبو عبيد المسلمين فأشاروا عليه بالبقاء وأن يعبر إليهم الفرس ولكن أبا عبيد خالف مشورتهم وقال: لا يكونوا أجرأ منا على الموت, وعبر المسلمون الجسر واقتتلوا ولكن خيول المسلمين نفرت من الفيلة فترجل أبو عبيد وترجل المسلمون وبدأوا يقطعون وضن الفيلة فسقطت رجالها, وقفل من كان عليها. ولكن فيلاً وطأ أبا عبيد فأثر ذلك على معنويات المسلمين, وتوالى سبعة من ثقيف يحملـون اللـواء ويسقطـون شهداء, فلمـا رأى عبد الله بن مرشد الثقفي ما لقي أبو عبيد وخلفاؤه بادر إلى الجسر وقطعه, وقال: يا أيها الناس موتوا على ما مات عليه أمراؤكم أو تظفروا, وحاذ المشركون المسلمين إلى الجسر فتواثب بعضهم إلى الفرات فغرق الكثيرون وحمى المثنى بن حارثة ظهور المسلمين وقام المسلمون بربط الجسر وعبروا إلى الضفة الثانية وكان المثنى مثخناً بجراحه. وترجع هزيمة المسلمين في هذه المعركة لمخالفة القائد لمشورة جنوده, واجتهاد عبد الله بن مرشد الثقفي في قطع الجسر دون مشورة القائد. قدرت المصادر ما فقده المسلمون في موقعة الجسر بأربعة آلاف بين قتيل وغريق, وكان عدد قتلى الفرس ستة آلاف وكانت هذه أول هزيمة للمسلمين أمام الفرس . موقعة البويب: كتب المثنى بن حارثة إلى عمر بن الخطاب ينبئه بهزيمة المسلمين في موقعة الجسر, فاستنفر عمر المسلمين وأرسلهم بقيادة جرير بن عبد الله البجلي. وعندما وصل مدد المسلمين سار بهم المثنى إلى الحيرة, وعندما علمت بوران ملكة فارس بالخبر أعدت جيشا مؤلفاً من اثني عشر ألف مقاتل وجعلت قائدهم مهران, والتقى الجيشان في مكان يدعى البويب, وتكرر نفس مشهد يوم الجسر حيث طلب مهران من المسلمين العبور إليه أو يعبر إليهم, ولكن المثنى طلب عبور الفرس, فقدم الفرس تتقدمـهم الفيلة, وطلب المثنـى من جنوده أن يهجموا بعد التكبيرة الرابعة, فلما كبر خالط المسلمون الفرس وأبلوا بلاءً حسناً وانهزم الفرس وقتل قائدهم مهران, وسميت المعركة بيوم الأعشار لأن كل مسلم قتل يومها عشرة من الفرس. |
2011- 4- 24 | #8 |
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
|
رد: ملخصات تاريخ الخلفاء الراشدين ..
المحاضرة السابعة فتوحات العراق في عهد عمر بن الخطاب عناصر المحاضرة •موقعة القادسية 14هـ. •فتح المدائن. •موقعة جلولاء. •فتح تكريت والموصل. •تمصير الكوفة والبصرة. •فتح الأهواز. •موقعة نهاوند أو فتح الفتوح. موقعة القادسية 14هـ: نتيجة للهزائم المتكررة فقد اضطر الفرس إلى إسناد السلطة إلى إمبراطور جديد, فنصبوا يزد جرد الثالث وكان ابن إحدى وعشرين سنة وقاد جيش الفرس رستم. أعلن عمر بن الخطاب التعبئة العامة في المدينة وكتب إلى أبي عبيدة في الشام ليمدده بمدد من عنده, وأرسل عمر بن الخطاب المدد من المدينة بقيادة سعد بن أبي وقاص وكان عدد جنوده أربعة آلاف, وقبل وصول جيوش سعد توفي المثنى بن حارثة متأثراً بجراحه. كتب الخليفة عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص بأن ينزل بالمسلمين في القادسية, وقال له: انها باب فارس في الجاهلية, ووافق رأي عمر بن الخطاب وصية المثنى بن حارثة لسعد بن أبي وقاص فترحم سعد على المثنى وتزوج بزوجته ونزل سعد بن أبي وقاص بالمسلمين في القادسية, وأقام بها شهراً وتكامل جيش المسلمين حتى وصل إلى ثلاثين ألفاً. أمر إمبراطور الفرس قائده رستم بالتوجه لملاقاة المسلمين في جيش تعداده مائة وعشرون ألفاً, ومعهم ثلاثون فيلا فأقام بين الحيرة والسيلحين أربعة أشهر, وترددت الرسل بين الفريقين. أرسل سعد بن أبي وقاص المغيرة بن شعبة إلى رستم فدعاه إلى الإسلام أو الجزية أو الحرب, فلم يجبه وظن الفرس أن العرب إنما خرجوا وما أخرجهم إلا الجوع وضيق العيش. اشتبك المسلمون والفرس في قتال مرير ولكن فيلة الفرس أخافت خيول المسلمين, واشتد الأمر على قبيلة بجيلة, فأعانهم سعد بن أبي وقاص ببني أسد وأظهر طليحة بن خويلد الأسدي, ضروباً من البسالة والإقدام في ذلك اليوم, وعمل رجال تميم إلى قطع أوضان الفيلة, ولما خلت الفيلة من راكبيها شردت فتنفس المسلمون الصعداء وعرف اليوم الأول بيوم أرماث. وفي اليوم التالي وصل المدد لجيش المسلمين بقيادة هاشم بن عتبة وكان يتقدمهم القعقاع بن عمرو وعددهم عشرة آلاف, فقويت بهم فلول المسلمين وسمي ذلك اليوم بيوم أغواث لقدوم الغوث فيه للمسلمين, وبدأت المبارزة بين الفرس والمسلمين وقتل القعقاع قائدين من قادة الفرس مما فت من عضدهم, كما لجأ القعقاع إلى حيلة لطيفة حين جلل الإبل وجعل عليها البراقع وأركبها عشرة عشرة وحملها على خيل الفرس فنفرت منها, ولقيت منها ما لقيته خيول المسلمين من فيلتهم في اليوم الأول, وحمي الوطيس وتمكن المسلمون في هذا اليوم من الانتصار على الفرس. ثم أصبحوا في اليوم الثالث على مواقفهم بين الصفين من المسلمين ألف جريح وقتيل ومن المشركين عشرة آلاف, فدفن المسلمون موتاهم وأسلموا الجرحى إلى النساء ووكلوا النساء والصبيان بحفر القبور. وفي اليوم الثالث عادت الفيلة الى الظهور وبدأت تبطش بجند المسلمين, ولكن المسلمين قاموا بقطع مشافرها وفقأوا عيونها, فنفرت الفيلة واشتبك الفرس والمسلمون وأشرقت شمس اليوم التالي ولم ينفصل الجمعان, وهزم المسلمون جناحي الفرس, واشتدت وطأتهم على القلب, وانتهى القعقاع ومن معه إلى سرير رستم إلا أنهم لم يجدوه. ولكن هلال بن علبه تمكن من قتل رستم واجتز رأسه وحمله ونادى قتلت رستم فانهزم قلب المشركين. كبر المسلمون لذلك النداء وانهزم الفرس بعد مقتل قائدهم. وتعتبر موقعة القادسية من المواقع الفاصلة في التاريخ الإسلامي, فقد وجه إليها الفرس كل ما تستطيعه أمة الفرس من جنود ومعدات, ولم تقم لهم قائمة بعدها. أقام سعد بالقادسية شهرين, ثم تقدم نحو الحيرة حسب أوامر الخليفة عمر, وقام بإعادة فتحها ثم تقدم إلى المدائن. فتح المدائن: عندما علم الفرس بتقدم المسلمين نحو المدائن, هرب إمبراطورهم يزدجر إلى حلوان مع وجوه قومه, وأحرقوا الجسر الذي يربط المدينتين الغربية و الشرقية ورفعوا السفن والمعابر إلى الضفة الشرقية, وتمكن المسلمون عن طريق مخاضة دلهم عليها أهل البلاد من عبور نهر دجلة وأرغموا أصحاب السفن على حمل أثقالهم إلى الضفة الشرقية, ودخل المسلمون المدائن واستولوا على إيوان كسرى بعد أن انسحب من المدينة جنود الفرس, وجعل سعد إيوان كسرى مسجداً وصلى به أول جمعة في صفر سنة16هـ . وأصاب المسلمون من المدائن نفائس لا حصر لها, وكان نصيب الفارس اثني عشر ألف قطعة من نقود الفرس, وكان أكثر المسلمين فرساناً لأنهم ركبوا ما غنموه في معركة القادسية من الخيل, وقسم دور المدائن بين المسلمين بعد أن جلا عنها سكانها واتخذها المسلمون قاعدة لأعمالهم الحربية في العراق. موقعة جلولاء: وفي أثناء إقامة المسلمين بالمدائن بلغهم أن يزدجر حشد جيشاً ضخماً في جلولاء, ويريد به مهاجمة المسلمين فوجهه سعد إليهم هاشم بن عتبة في اثني عشر ألفاً, وعندما وصلهم وجدهم قد تخندقوا وتعاهدوا على الثبات حتى الموت وكانت الإمدادات تصل إليهم من حلوان والجبال, فعجل المسلمون بمهاجمتهم وانتصروا عليهم, وقد حدثت موقعة جلولاء عام 16هـ . فتح تكريت والموصل: تقع تكريت على الضفة اليمنى لنهر دجلة, وتقع الموصل في شمال شرقي الجزيرة اتجه المسلمون إلى الإستيلاء على ما بتلك النواحي من القرى والمدن ليأمنوا غارات الروم وزادهم رغبة في ذلك عندما علموا أن ملك الموصل قد جمع كثيرا من الفرس والعرب والروم وأنه عسكر بهم في تكريت. سير إليهم سعد خمسة آلف جندي بقيادة عبد الله المعتم, ولما علم عبد الله بقدومه اعتصموا بحصونهم فحاصرهم المسلمون أربعين يوماً, تمكن ابن المعتم أثناءها من اجتذاب العرب من صفوف الأعداء, وطلب منهم ابن المعتم أن يكبروا إذا سمعــوا تكبير المسلمين, ولمـا حــدث ذلك أثناء الهجــوم, ظـن المحاصــرون أن المسلمين قد جاؤوهم من الخلف, فاستبقوا إلى أبواب الحصن يريدون الخروج فقابلهم المسلمون بسيوفهم فحصدوهم, وسقط الحصن في أيدي المسلمين. سار ابن المعتم بعد ذلك مع حلفائه الجدد إلى نينوى فاستولى عليها, ثم إلى الموصل ففتحها ودانت بتلك الجهود جميع الأقاليم الواقعة فيما بين دجلة والفرات من المدائن إلى الموصل, وأتت بالطاعة للمسلمين . تمصير الكوفة والبصرة: بعد أن اتخذ المسلمون المدائن عاصمة لهم لا حظ عمر بن الخطاب تغيراً في وجوه من نزلوها من العرب وضعفاً في أبدانهم فكتب إلى سعد بن أبي وقاص يسأله في ذلك فرد عليه سعدا: إن الذي غيرهم وخومة البلاد, وإن العرب لا يوافقهم إلا ما وافق إبلها من البلدان, فكتب إليه عمر: أن ابعث سلمان وحذيفة رائدين فليرتادا منزلاً برياً بحرياً ليس بيني وبينكم فيه بحر ولا جسر, وأرسلهما سعد حتى إذا أتيا أرض الكوفة أعجبهما الموقع فصليا فيه ودعوا الله أن يجعله منزل خير للمسلمين, وكتب سعد إلى الخليفة عمر بذلك فوافقهما على اختيار الموقع . فارتحل سعد من المدائن حتى نزل الكوفة في المحرم سنة 17هـ وبنى بيوتها من القصب وخير الجنود بين السكن في المدائن أو السكن في الكوفة, ولما استقر المسلمون بالكوفة رجعت إليهم صحتهم . أما البصرة فقد تم تمصيرها بعد أن أرسل عمر بن الخطاب عتبة بن غزوان لإعادة فتح ثغر الأبلة وليحمي ظهر المسلمين من الفرس, ثم سار بعد فتحه للأبله حتى نزل موقع البصرة وهي إذ ذاك حجارة سود وحصى, ولذلك سميت بالبصرة ثم تولى أبو موسى الأشعري بأمر الخليفة عمر ببناء مدينة البصرة, ووزع الخطط بين الناس. تم تمصير الكــوفة والبصــرة في عام واحـد, وحلت الكوفة محـل الحيـرة, وحلت البصرة محل الأبله وقد قسم العراق بعد ذلك إلى قسمين: أعلى وقاعدته الكوفة وأميره سعد بن أبي وقاص, وأدنى قاعدته البصرة وأميره أبو موسى الأشعري, ونتيجة لحريق في الكوفة والبصرة فقد سمح لهم عمر بن الخطاب ببناء البيوت باللبن. فتح الأهواز: عندما انهزم الفرس في القادسية, فر الهرمزان, - أحد قادتهم - إلى الأهواز وتحصن بها, فوجه سعد بن أبي وقاص المدد لعتبة بن غزوان بقيادة سلمى بن اليقين وحرملة بن مريطه, فنزل أحدهم على مناذر والآخر على نهر تيرى فنصرهما الله, فلما علما الهرمزان بذلك تصدى لهما فهزمه المسلمون, وأقام الهرمزان بالأهواز واصطدم به المسلمون في الأهواز وهزموه, وكانت هذه الموقعة في عام 17هـ . موقعة نهاوند أو فتح الفتوح: فر يزدجر - إمبراطور الفرس - من حلوان إلى أصبهان عام 19هـ, ومن هناك وجه رسله في كل البلاد يطلب منهم المسير إليه وجمع جموعاً كثيفة قدرت بين ستين ألفا ومائة ألف فلما بلغ الخليفة عمر بن الخطاب ذلك سير إليهم جيشاً من ثلاثين ألف مقاتل من الكوفة والبصرة والحجاز وأمَّر عليهم النعمان بن مقرن, والتقى الجيشان على مقربة من نهاوند, كان النصر حليف المسلمين فتقدم الفرس إلى نهاوند واجتمعوا بالخنادق, فتظاهر المسلمون بالانسحاب فخرج الفرس يتبعونهم فكر عليهم كرة أفقدتهم صوابهم, وانتصر عليهم المسلمون انتصاراً ساحقاً, وكان النعمان بن مقرن قد استشهد في المعركة فتولى القيادة عوضاً عنه حذيفة بن اليمان الذي حاصر الفرس في الحصن, ولم يلبث أصحاب الحصن أن صالحوا المسلمين بالأمان وفر يزدجر إلى مرو وظل بها حتى قتل. وتعتبر موقعة نهاوند خاتمة المعارك الفاصلة في تاريخ الفتح الإسلامي لفارس ولذلك سميت بفتح الفتوح, وبعد تلك المعركة أمر عمر بن الخطاب الجيوش الإسلامية بالإنسياح في بلاد الفرس وامتد النفوذ الإسلامي إلى بلاد السند, وحدثت هذه الموقعة في عام 21هـ. |
2011- 4- 24 | #9 |
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
|
رد: ملخصات تاريخ الخلفاء الراشدين ..
المحاضرة الثامنة فتوحات الشام ومصر عناصر المحاضرة أولا: الفتوحات في بلاد الشام: •فتح دمشق. •فتح فحل. •فتح مدن الشام الشمالية. •موقعة أجنادين وفتح بيت المقدس. ثانياً: فتح مصر: •فتح العريش والفرما •فتح بلبيس وأم ذنين أولاً: الفتوحات في بلاد الشام : فتح دمشق: بعد معركة اليرموك انهار سلطان الروم وانحازت فلول الروم بقيادة باهان إلى فحل, كما أن مداد بيزنطيا أتى أهل دمشق وحمص ولم يدر أبوعبيده بأيهما يبدأ بدمشق أو بفحل فكتب إلى الخليفة عمر يستشيره, فأشار عليه بأن يبدأ بدمشق لأنها قاعدتهم بالشام, وأن يرسل جنوداً يقفون بإزاء فحل حتى لا تتقدم فرقها لتدعيم دمشق, ونفذ أبو عبيدة ما أمر به عمر فسار إلى دمشق وحاصرها بجيوشه بعد أن أصبح هو قائد القواد بأمر الخليفة عمر. جعل أبو عبيدة خالداً على باب دمشق الشرقي بقواته وأنزل عمرا باب توما وأنزل شرحبيل علــى باب الفراديس, ووضـع يزيد علــى الباب الصغير وبقــي أبوعبيده محاصرا المدينة من باب الجابية. لقد كان خالد بن الوليد يقظاً لا ينام الليل فعلم أن أهل دمشق مشغولين باحتفالات في إحدى اليالي, فصنع سلالم من الحبال, واستطاع بعض جنوده تسور السور عن طريقها, وفتحوا الباب الشرقي ودخلت فرقته, وعندما أدرك الروم أن المدينة فتحت عنوة أسرعوا إلى أبي عبيدة وبادروا إلى مصالحته وفتحوا له باب الجابية, ولم يكن أبو عبيدة يدري عن فتح خالد للمدينة عنوة ولكن أبا عبيده أمر خالداً بالكف عن أهل دمشق, وأجرى ما فتح عنوة مجرى ما فتح صلحاً, ثم استخلف على دمشق يزيد بن أبي سفيان وكلفه بالاستيلاء على الأقاليم التي تجاورها ففتح صيدا وبيروت. فتح فحل: سار أبو عبيدة إلى فحل بعد فتح دمشق وكان بها ثمانون ألفا من جيوش الروم, وقام الرومان بتفجير المياه حول المدينة فكونت أوحالاً وقصدوا بذلك إعاقة تقدم المسلمين, ولكن المسلمين أحكموا حصارهم, فخرج الروم من ثغرة في الحصن ليلا ليفاجئوا المسلمين ولكن المسلمين كانوا لهم بالمرصاد واشتبكوا معهم في موقعة رهيبة ولما شعر الرومان بالهزيمة فكروا في العودة ولكنهم ضلوا طريق الثغرة فساقهم المسلمون للوحل فتردوا فيه وأصبح الوحل الذي كرهه المسلمون معيناً لهم على النصر. فتح مدن الشام الشمالية: تقدم أبو عبيدة بجيوشه وحاصر حمص وكان البرد قارسا, ولم يسلم أهلها المدينة ظناً منهم أن المسلمين سيضطرهم البرد للتقهقر ولكن المسلمين صبروا ورابطوا وأفرغ الله عليهم الصبر وأعقبهم النصر, ويروي الطبري عن أشياخ من غسان وبلقين أن المسلمين كبروا تكبيرة زلزلت معها الروم في المدينة وتصدعت الحيطان, ففزعوا إلى رؤسائهم يدعونهم إلى المسالمة فلم يجيبوهم فكبر المسلمون التكبيرة الثانية فتهافتت منها دور كثيرة وحيطان ففزعوا إلى رؤسائهم فقالوا: ألا ترون عذاب الله فأجابوهم إلى صلح المسلمين, وصالحهم المسلمون على صلح دمشق. وانتقل هرقل إلى القسطنطينية فخلا شمال الشام لأبي عبيدة وفتح كل الأقاليم الشمالية, وعندما خرج هرقل عن سوريا ودعها قائلاً : "عليك السلام يا سوريا سلاماً لا اجتماع بعده ولا يعود إليك رومي أبداً إلا خائفاً" . موقعة أجنادين وفتح بيت المقدس: بينما كان أبو عبيدة في شمال الشام كان عمرو بن العاص يفتح فلسطين, والتقى بالقائد الروماني أرطبون في أجنادين وبعد معركة شديدة الوطأة تمكن المسلمون من إحراز النصر ضد الروم, واستولى عمرو بن العاص على يافا, ونابلس, وعسقلان, واللد, والرملة, وغزة, وقام عمرو بن العاص بحصار بيت المقدس وقدم عليه أبو عبيدة بن الجراح واشترط صفرونيوس بطريرك بيت المقدس حضور عمر بن الخطاب ليسلمه المدينة فكتب أبو عبيدة للخليفة بذلك فحضر الخليفة عمر بن الخطاب وتسلم مفاتيح مدينة بيت المقدس من البطريق صفرونيوس وكتب لهم عمر صلحاً هذا نصه: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان, أعطاهم أمانا لأنفسهم , وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم, وسقيمهاوبريئها وسائر ملتها أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها, ولا من صلبهم ولا من شيء من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم ولا يسكن بايليا معهم أحد من اليهود وعلى أهل ايلياء أن يعطوا الجزية, كما يعطي أهل المدائن, وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم, ومن أقام منهم فهو آمن وعليه مثل ما على أهل ايلياء من الجزية, ومن أحب من أهل ايلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بيعهم وصلبهم فإنهم آمنون حتى يبلغوا مأمنهم. ومن شاء سار مع الروم ومن شاء رجع إلى أهله فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم, وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية. شهد على ذلك خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعبد الرحمن بن عوف, ومعاوية بن أبي سفيان وكتب وحضر سنة خمسة عشرة. وفي هذا العهد الذي أعطاه عمر بن الخطاب لبطريق بيت المقدس لشاهد على سماحة الإسلام وتقديره لحرية الأديان والذي مازال محفوظاً إلى اليوم ويعتبر من أقدم العهود في التاريخ. ثانياً: فتح مصر : لما قدم عمر بن الخطاب الجابية قام إليه عمرو بن العاص وقال: يا أمير المؤمنين, ائذن لي أن أسير إلى مصر, وحرضه عليها وقال: إنك إن فتحتها كانت قوة للمسلمين وعوناً لهم, وهي أكثر الأرض أموالاً وأعجزها عن القتال والحرب. فتخوف عمر بن الخطاب على المسلمين, وكره ذلك, فلم يزل عمرو يعظم أمرها عند عمر بن الخطاب, ويخبرهم بحالها, ويهون عليه فتحها حتى ركن لذلك عمر, فعقد له على أربعة آلاف رجل كلهم من عك ويقال بل ثلاثة آلاف وخمسمائة. وقال له عمر: سر وأنا مستخير الله في سيرك, وسيأتيك كتابي سريعاً إن شاء الله, فإن أدركك كتابي آمرك فيه بالانصراف عن مصر قبل أن تدخلها أو شيئاً من أرضها فانصرف, وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره . فسار عمرو بن العاص من جوف الليل ولم يشعر به أحد من الناس, واستخار عمر الله , فكأنه تخوف على المسلمين في وجههم ذلك, فكتب إلى عمرو بن العاص أن ينصرف بمن معه من المسلمين. فأدرك الكتاب عمرو وهو برفح, فتخوف عمرو بن العاص إن هو أخذ الكتاب وفتحه أن يجد فيه الانصراف كما عهد إليه عمر, فلم يأخذ الكتاب من الرسول ودافعه وسار كما هو حتى نزل قرية فيما بين رفح والعريش فسأل عنها فقيل أنها من مصر, فدعا بالكتاب فقرأه على المسلمين وقال عمرو لمن معه ألستم تعلمون أن هذه القرية من مصر؟ قالوا : بلى قال : فإن أمير المؤمنين عهد إلي وأمرني, إن لحقني كتابه ولم أدخل أرض مصر, أن أرجع , ولم يلحقني كتابه حتى دخلنا أرض مصر, فسيروا وأمضوا على بركة الله. ويروي ابن الحكم الذي يعد من أهم المصادر التي كتبت بتفصيل عن فتح العرب لمصر – رواية أخرى عن فتح مصر, يقول فيها: أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص بالمسير إلى مصر حينما كان عمر في المدينة, ودخل عثمان بن عفان على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بعد كتابة خطابه هذا إلى عمرو بن العاص, فقال عثمان لعمر: يا أمير المؤمنين, ان عمرو لجريء, وفيه إقدام وحب للإمارة, وأخشى أن يخرج في غير ثقة وجماعة, فيعرض المسلمين للهلكة رجاء فرصة لا يدري تكون أم لا. فندم عمر بن الخطاب على كتابه إلى عمرو إشفاقاً مما قال عثمان, فكتب إليه , إن أدركك كتابي قبل أن تدخل مصر, فارجع إلى موضعك, وإن كنت دخلت فامض لوجهك. فتح العريش والفرما: تقدم عمرو بن العاص نحو مصر مخترقا الشريط الساحلي إلى العريش ومنها إلى الفرما, وفي الفرما قاتل الروم المسلمين قتالاً شديداً نحوا من شهر ثم فتحها الله على يديه. فتح بلبيس وأم ذنين: وبعد الفرما تحرك عمرو بن العاص إلى بلبيس فقاتل الروم شهراً حتى فتحها الله عليه ومضى إلى أم دنين, وحاصرها وأبطأ عليه الفتح فكتب إلى الخليفة عمر بن الخطاب يطلب منه المدد فأرسل إليه الخليفة عمر اثني عشر ألفاً بقيادة الزبير بن العوام, بينما يورد ابن عبد الحكم أن عدد المدد الذي أرسله عمر بقيادة الزبير هو أربعة آلاف فقط, واستطاع عمرو بن العاص أن يهزم أهل مصر في أم دنين بعد أن أرسل فرقة من خمسمائة فارس داهمتهم من الخلف بقيادة خارجة بن حذافة . تقدم عمرو بن العاص بعد فتح أم دنين حتى نزل على حصن بابليون وقد تجمع الرومان في هذا الحصن, وكان الحصن من المناعة والحصانة بحيث يصعب اقتحام أسوارها, وكان يحميه النيل من ناحية الغرب, ومحاط بخندق دائم المياه من ناحية الجنوب. قام عمرو بن العاص بحصار الحصن ولما استعصى عليه الفتح, كتب إلى الخليفة عمر بن الخطاب يطلب منه المدد, فأمده بأربعة آلاف رجل, على كل ألف منهم رجل, وكتب إليه عمر بن الخطاب: إني قد أمددتك بأربعة آلاف رجل, على كل ألف منهم رجل مقام الألف, الزبير بن العوام, والمقداد بن عمرو, وعبادة بن الصامت, ومسلمة بن مخلد, وقال عمرو بن الخطاب: إن معك اثني عشر ألفاً, ولا يغلب اثنا عشر ألفا من قلة. ولما طال الحصار على المقوقس حاكم مصر من قبل الرومان أخذ يفاوض عمرو بن العاص في شروط الصلح, فعرض عليه المسلمون أن يختار واحدة من ثلاث: الإسلام, أو الجزية, أو القتال, فاختار الجزية مكرها, وكتب إلى الإمبراطور الروماني لأخذ رأيه غير أن الإمبراطور طلب حضور المقوقس إلى القسطنطينية ليتفاوض معه, ولما سافر المقوقس أنبه الإمبراطور ولامه على تقصيره وعزله عن مصر, فواصل المسلمون حربهم ضد الرومان في مصر, وتمكن الزبير بن العوام من صنع سلالم استطاع عن طريقها هو ومعه مجموعة من المسلمين من تسور السور وكبروا تكبيرة وكبر معهم المسلمون في الخارج, فظن الرومان أن الحصن قد سقــط ففر الحــراس, وتمــكن الزبير بن العوام من افتتاح باب الحصن, ولكن الرومان أسرعوا بمصالحة عمرو بن العاص وسقط الحصن في يد المسلمين . وقد وردت رواية أخرى عند ابن عبد الحكم لفتح الحصن, تقول أن المقوقس أرسل رسلاً لعمرو بن العاص فأخرهم عنده يومين حتى خاف المقوقس أن يكون قد قتلهم, وإنما أراد عمرو بذلك أن يروا حال المسلمين, فلما عادت رسل المقوقس إليه قال لهم: كيف رأيتموهم ؟ قالوا: رأينا قوما الموت أحب إلى أحدهم من الحياة, والتواضع أحب إليه من الرفعة, ليس لأحـدهم في الدنيا رغبة ولا نهمة, وإنمـا جلوسهم علــى التراب , وأكلهم على ركبهم, وأميرهم كواحد منهم, ما يعرف رفيعهم من وضيعهم, ولا السيد منهم من العبد, وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم أحد, يغسلون أطرافهم بالماء ويتخشعون في صلاتهم. فقال عند ذلك المقوقس: لو أن هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها, وما يقوى على قتال هؤلاء أحد, ولئن لم نغتنم صلحهم اليوم وهم محصورون بهذا النيل, لم يجيبونا بعد اليوم إذ أمكنتهم الأرض وقووا على الخروج من موضعهم. بعد ذلك طلب المقوقس من عمرو بن العاص, أن يرسل إليه رسلاً من عنده حتى يتفاوض معهم على الصلح, فأرسل إليه عمرو بن العاص عشرة نفر أحدهم عبادة بن الصامت وأمره أن يكون متكلم القوم, وكان عبادة بن الصامت أسوداً. فلما ركبوا السفن إلى المقوقس, ودخلوا عليه تقدم عبادة, فهابه المقوقس لسواده, فقال: نحوا عني هذا الأسود وقدموا غيره يكلمني فقالوا جميعا: إن هذا الأسود أفضلنا رأيا وعلما وهو سيدنا وخيرنا والمقدم علينا, قال المقوقس: وكيف رضيتم أن يكون هذا الأسود أفضلكم؟ قالوا إنه وإن كان أسود فإنه أفضلنا موضعاً وأفضلنا سابقة وعقلاً ورأياً وليس ينكر السواد فينا. تقدم عبادة بعد ذلك وقال: ” قد سمعت مقالتك, وإن فيما خلفت من أصحابي ألف رجل أسود كلهم أشد سواداً منـي, وأفظـع منظراً, ولو رأيتـهم لكنت اهيبلهأـم منك لــي, وأنا قد وليت وأدبر شبابي, وإني مع ذلك وبحمد الله ما أهاب مائة رجل من عدوي لو استقبلوني جميعاً, وكذلك أصحابي ... إنما رغبتنا وهمتنا الجهاد في الله, وما يبالي أحدنا من الدنيا, أكان له قنطاراً من ذهب أم كان لا يملك إلا درهما لأن غاية أحدنا من الدنيا أكلة يسد بها جوعته لليله ونهاره, وشمله يلتحفها, فإن كان أحدنا لا يملك إلا ذلك كفاه, وإن كان له قنطار من ذهب أنفقه في طاعة الله, واقتصر على هذا الذي بيده, ويبلغه ما كان في الدنيا لأن نعيم الدنيا ليس بنعيم, ورخاءها ليس برخاء, إنما النعيم والرخاء في الآخرة, وبذلك أمرنا ربنا وأمرنا به نبينا, وعهد إلينا ألا تكون همة أحدنا من الدنيا إلا ما يمسك جوعته ويستر عورته, وتكون همته وشغله في رضاء ربه وجهاد عدوه . فلما سمع المقوقس ذلك , قال لمن حوله: هل سمعتم مثل كلام هذا الرجل قط؟ لقد هبت منظره, وإن قوله لأهيب عندي من منظره إن هذا وأصحابه أخرجهم الله لخراب الأرض, ما أظن ملكهم إلا سيغلب على الأرض كلها. بعدها استشار المقوقس أصحابه فرفضوا الشروط الثلاث التي عرضها عبادة, وقد نصحهم المقوقس أن يقبلوا الجزية , فقالوا: الموت أهون علينا من أن نكون عبيداً لهم. ولكن بعدما تمكن المسلمون من فتح الحصن, قبل الأقباط بالجزية بعد نصيحة المقوقس لهم, فاجتمعوا على عهد بينهم واصطلحوا على أن يفرض على جميع من بمصر أعلاها وأسفلـها من القبـط ديناران عـن كل نفس شريفهم و وضيعهم مـن بلغ الحلم منهم, ليس على الشيخ الفاني ولا على الصغير الذي لم يبلغ الحلم ولا على النساء شيء, وعلى أن للمسلمين عليهم النزل لجماعتهم حيث نزلوا, ومن نزل عليه ضيف من المسلمين كانت له ضيافة ثلاثة أيام, وأن لهم أرضهم وأموالهم لا يفرض لهم في شيء منها. فشرط هذا كله على القبط خاصة, وأحصوا عدد القبط يومئذ, فكان جميع من أحصي يومئذ بمصر أكثر من ستة آلاف ألف (6000000) (ستة مليون نسمة) فكانت فريضتهم يومئذ اثني عشر ألف ألف دينار (12,000,000) (اثني عشر مليون) في كل سنة. ويعد فتح المسلمين لمصر علامة بارزة من علامات الفتح الإسلامي, فقد تمكن المسلمون بجيش تعداده أربعة آلاف - في بداية الفتح قبل وصول الإمدادات - من فتح مصر وبها مائة ألف جندي روماني, ونستنتج من ذلك أن النصر في أي موقعة لا يتم بكثرة عدد الجنود, أو بقوة العتاد, وإنما بقدر إيمان المحاربين بعقيدتهم والجهاد في سبيلها, وببذل الغالي والنفيس في سبيل اقامة العدل والحق وإعلاء كلمة الله {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} . |
2011- 4- 24 | #10 |
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
|
رد: ملخصات تاريخ الخلفاء الراشدين ..
المحاضرة التاسعة خلافة عثمان بن عفان 23-35هـ عناصر المحاضرة • أولاً: استشهاد الفاروق عمر رضي الله عنه. • ثانياً: خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه. 1- التعريف بعثمان بن عفان. 2- توليه الخلافة. 3- أول قضية نظر فيها عثمان. ثالثاً: الفتوحات في عهد عثمان. 1- فتح أرمينية. 2- الفتوحات في أفريقية. 3- فتح بلاد النوبة. أولاً: استشهاد الفاروق عمر رضي الله عنه: كان عمر رضي الله عنه لا يسمح لمشرك بلغ الحلم بدخول المدينة, لما انطوت عليه قلوب هؤلاء من حنق على المسلمين, وما زال كذلك حتى كتب المغيرة بن شعبة عامله في الكوفة – يطلب منه السماح لغلام له يدعى أبا لؤلؤة فيروز بالإقامة في المدينة لينتفع المسلمون بما كان يتقنه من الصناعات فقد كان يجيد الحدادة, والنجارة, والنقاشة, وتحت إلحاح المغيرة بن شعبة أذن له عمر, بعد أن فرض عليه سيده درهمين في اليوم. خرج عمر بن الخطاب يوماً يطوف في السوق, فلقيه أبا لؤلؤة, فقال: يا أمير المؤمنين أعني على المغيرة بن شعبة, فإن علي خراجاً كثيراً, قال: كم خراجك قال: درهمان في كل يوم, قال: وأيش صناعتك؟ قال: نجار, نقاش, حداد, قال: فما أرى خراجك بكثير على ما تصنع من الأعمال, قد بلغني أنك تقول: لو أردت أن أعمل رحا تطحن بالريح لفعلت, قال نعم, قال فاعمل لي رحا, قال لئن سلمت لأعملن لكرحا يتحدث بها من بالمشرق والمغرب, ثم انصرف عنه, فقال عمر: لقد توعدني العبد آنفا. ولما كان في الغد جاء كعب الأحبار إلى عمر فقال له: يا أمير المؤمنين اعهد, فإنك ميت في ثلاثة أيام, قال: وما يدريك؟ قال أجده في التوراة, قال عمر: الله إنك لتجد عمر بن الخطاب في التوراة؟ قال اللهم لا, ولكني أجد صفتك وحليتك وإنه قد فنى أجلك, وكان عمر بن الخطاب لا يحس وجعاً ولا ألماً – فلما كان من الغد جاءه كعب الأحبار, فقال: يا أمير المؤمنين, ذهب يوم وبقي يومان, ثم جاءه بعد غد, فقال: ذهب يومان وبقي يوم وليلة, وهي لك إلى صبيحتها. وفي الصباح خرج عمر إلى الصلاة, وبعد أن استوت الصفوف كبر عمر, فدخل أبو لؤلؤة يحمل في يده خنجراً له رأسان نصابه في وسطه, فضرب عمر ست ضربات, إحداهن تحت سرته, وهي التي قتلته, وقدم عمر عبد الرحمن بن عوف فصلى بالناس وحمل إلى داره, ونادى عمر عبد الرحمن بن عوف وقال له: ادع لي عليا وعثمان والزبير وسعدا – النفر الذين توفـي رسول الله صلــى الله عليه وسلم وهو عنهم راض – وانتظروا أخاكم طلحة ثلاثا فإذا جاء وإلا فاقضوا أمركم, ثم قال: أنشدك الله يا علي أن وليت من أمور الناس شيئاً أن تحمل بني هاشم على رقاب الناس, أنشدك الله يا عثمان إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بني أبي معيط على رقاب الناس, أنشدك الله يا سعد إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل أقاربك على رقاب الناس, قوموا فتشاوروا ثم أقضوا أمركم, وليصل بالناس صهيب. وأوصى عمر بن الخطاب ابنه عبد الله أن يرجح الكفة التي فيها عبد الرحمن بن عوف إن اختلف مجلس الشورى, وطلب الاذن من السيدة عائشة أن تسمح له بأن يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر, ودخـل عليه المهـاجرون والأنصار يسلمون عليه, ودخل كعب الأحبار فلما نظر إليه عمر قال: فـأوعدني كعب ثـلاثـاً أعدهـــا ولا شـك أن القول ما قاله كعب وما بي حذاء الموت إني لميت ولكن حـذاء الذنب يتبعـه الذنب وهكذا أسدل الستار على حياة الفاروق عمر رضي الله عنه وأرضاه, والمتتبع لقصة اغتياله ليدرك أن في الأمر تدبيرا. رحم الله عمر بن الخطاب رحمة واسعة وجزاه الله كل خير فيما قدم للأمة الإسلامية من أعمال جليلة. ثانياً: خلافة عثمان بن عفان: 1- التعريف بعثمان بن عفان : هو عثمان بن عفان بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي, وأمه أروى بنت كريز, أسلم بدعوة من أبي بكر الصديق, ولما أسلم أخذه عمه الحكم بن أبي العاص فأوثقه رباطا وقال: أترغب عن ملة آبائك إلى دين محدث؟ والله لا أحلك أبدا حتى تدع ما أنت عليه من هذا الدين، فقال عثمان: والله لا أدعه أبداً ولا أفارقه، فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه. هاجر عثمان بن عفان إلى الحبشة فرارا بدينه وكانت معه زوجته رقية بنت رسول الله, كما هاجر إلى المدينة, واشترك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي كل الغزوات ما عدا غزوة بدر لأنه كـان يمارض زوجته رقية وقد أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم, وفي يوم انتصار بدر ماتت رقية, فقسم له رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمه في بدر, وزوجه من ابنته الأخرى أم كلثوم, وقد سمي بذي النورين لزواجه من بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم, واشتهر بالفقه والحياء والكرم. وقد استعان الرسول صلى الله عليه وسلم بعثمان بن عفان في كثير من شئون المسلمين, وكان سفيره لقريش في السنة السادسة للهجرة حينما حالت قريش دون دخول المسلمين إلى مكة المكرمة لأداء العمرة, ومما يؤكد حب قريش لعثمان وتقديرها له تم اختياره لهذه المهمة من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم, وحينما تأخر عثمان في مكة شاع نبأ مقتله فبايع المسلمون الرسول صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان في الحديبية. بذل عثمان بن عفان كثيرا من ماله في سبيل الإسلام وقد أعد جيش العسرة لغزوة تبوك, ويقال أنه أنفق فيها ألف دينار وحمل على تسعمائة بعير ومائة فرس, وجهز ركابا, واشترى بئر أرومه بعشرين ألف درهم, وأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من اشترى بئر أرومه فله الجنة, كما بشر عثمان بن عفان بالجنة, وهو من العشرة المبشرين بالجنة. 2- توليه الخلافة: عهد عمر بن الخطاب قبل وفاته إلى ستة, مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض وهم: عثمان وعلي وعبد الرحمن والزبير وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله, وطلب منهم أن يتشاوروا, وأن يولوا أحدهم في ظرف ثلاثة أيام, وإذا تعادلت الأصوات أن يرجح عبد الله بن عمر إحدى الكفتين, وأن يرجح الجناح الذي فيه عبد الرحمن بن عوف. اجتمع مجلس الشورى لاختيار الخليفة الجديد، وتعادلت الأصوات، فسألهم عبد الرحمن بن عوف أن يخرج نفسه من الخلافة على أن يختار منهم رجلاً فوافقوه وأعطوه مواثيقهم، وطلب منه علي أن يعطيه موثقا ليؤثر به الحق، ولا يتبع الهوى، ولا يخص ذا رحم لرحمه، ولا يألوا الامة ، فأعطاه …موثقاً، وأخذ عبد الرحمن يستشير الصحابة وعندما انقضت الأيام الثلاثة دعا الى اجتماع في المسجد، وخلا بعلي بن أبي طالب، وقال له: لنا الله عليك، إن وليت هذا الأمر، أن تسير فينا بكتاب الله، وسنة نبينه، وسيرة أبي بكر وعمر. فقال: أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه ما استطعت، فخلا بعثمان، فقال له: لنا الله عليك، إن وليت هذا الأمر أن تسير فينا بكتاب الله، وسنة نبيه وسيرة أبي بكر وعمر، فقال: لكم أن أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه، وسيرة أبي بكر وعمر، فرفع عبد الرحمن رأسه إلى سقف المسجد ويده في يد عثمان وقال: اللهم اشهد أني قد جعلت ما في عنقي من ذلك في عنق عثمان، فبايعه الناس. 3- أول قضيه نظر فيها عثمان: روي عن عبد الرحمن بن أبي بكر أنه رأى الهرمزان، وأبا لؤلؤة وجفينة يتناجون قبل مقتل عمر بن الخطاب، ولما دنا منهم قاموا فسقط بينهم خنجر تنطبق أوصافة على الخنجر الذي طعن به عمر، ولما سمع عبيد الله بن عمر بمقالة عبد الرحمن بن أبي بكر، سل سيفه وقتل جفينةوالهرمزان وابنة أبي لؤلؤة، وقام صهيب القائم مقام الخليفة عمر – فقبض على عبيد الله بن عمر وسجنه. ولما بويع عثمان دعا عبيد الله وقال: ( أشيروا عليّ في هذا الذي فتق الإسلام ما فتق ) فأشار عليّ بقتله، فقال بعض الناس: ( قتل عمر بالأمس ويقتل ابنه اليوم ؟ ). فقال عثمان أنا وليهم، وقد جعلتها دية واحتملتها في مالي، وقد روى الطبري أن عثمان رضي الله عنه مكَّن ابن الهرمزان من عبيد الله مختارا فعفا عنه. ثالثاً: الفتوحات في عهد عثمان: 1- فتح أرمينية: كتب عثمان بن عفان إلى معاوية عامله على الشام والجزيرة وثغورها، يأمره أن يوجه حبيب بن مسلمة الفهري إلى أرمينة، فنهض إليها في ستة آلاف وقيل في ثمانية آلاف من أهل الشام والجزيرة فأتى قاليقلا، وقاتل أهلها قتالا شديدا وأرغمهم على التحصن في مدينتهم، فطلبوا الأمان على الجلاء والجزية، فجلا كثيراً منهم فلحقوا ببلاد الروم، وأقام حبيب بها شهرا. بعدها قام بطريق أرمنياقس بجمع الجموع من أهل اللانوالخزر، فكتب حبيب إلى عثمان يسأله المدد، كما كتب إلى معاوية أن يمده بأقوام ممن يرغبون في الجهاد والغنيمة، فسير إليه معاوية ألفي رجل أسكنهم حبيب قاليقلا وأقطعهم بها القطائع وجعلهم مرابطة بها، ولما ورد كتاب حبيب إلى عثمان, كتب إلى سعيد بن العاصي عامله على الكوفة – يأمره بإمداد بجيش عليه سلمان الباهلي, فسار سلمان في ستة آلاف رجل من أهل الكوفة, وأقبل الروم ومن معهم فنزلوا على الفرات, وقد أبطأ على حبيب المدد فتمكن من مباغتة الروم وقتل قائدهم فانهزموا. وواصل حبيب فتوحاته في أرمينية, واستولى على دبيل وصالح بطريقها على إتاوة يؤديها له وعلى معاونة المسلمين على أعدائهم, ثم فتح النشوى وصالح أهلها كما فتح جزرانوتقليس, وصالحهم جميعا على مثل صلح دبيل. وأعان سلمان الباهلي حبيبا في فتوحات أرمينية إلا أن سلمان الباهلي اشتبك مع خاقان الخزر خلف نهر البلنجر فقتل رحمه الله في أربعة آلاف من المسلمين, فكتب حبيب إلى الخليفة عثمان بفتوحات أرمينية وبنعي سلمان الباهلي, واستشهاد سلمان الباهلي مع أربعة آلاف من جند المسلمين يؤكد لنا التضحيات الجسيمة التي قدمها المسلمون في سبيل إعلاء كلمة الله. 2- الفتوحات في أفريقية: استطاع عمرو بن العاص في خلافة عمر بن الخطاب أن يؤمن حدود مصر بفتح برقة صلحا سنة 21هـ, وبفتح طرابلس عنوة سنة 22هـ, كما بعث نافع بن عبد القيس إلى بلاد النوبة فقاتل أهلها قتالا شديدا. ولما تولى عبد الله بن سعد بن أبي السرح ولاية مصر عام 27هـ استأذن الخليفة عثمان في فتح أفريقية فأذن له بعد أن استشار الصحابة وأرسل له جيشا فيه كبار الصحابة من أمثال عبد الله بن الزبير والحسن والحسين. سار عبد الله بن سعد بن أبي السرح بالجيش إلى أفريقية وقد وصل عدده إلى عشرين ألفا مع جيوش مصـر, واستخلف عقبة بن عامــر الجهنـي فـي مصـر, وعندما وصل الجيش إلى برقة أرسل عبد الله بن سعد سرية تقدمت الجيش إلى طرابلس, ولكن أهلها تحصنوا داخل أسوارهم, فواصل المسلمون السير الى أفريقية وبعث السرايا في كل وجه فأتوه بالغنائم, والتقى جيش الروم بقيادة جريجوريوس في مائة ألف بجيوش المسلمين بقيادة عبد الله بن سعد في عشرين ألف مقاتل, وكانت طريقة عبد الله بن سعد في القتال أن يقاتل الروم كل يوم, ثم يدعهم يلجأون للراحة, ويواصل قتالهم في اليوم التالي, فأشار عليه عبد الله بن الزبير أن يقسم جيش المسلمين إلى نصفين, يقاتل بالنصف الأول طول النهار فإذا أرهق الروم وذهبوا للراحة فاجأهم النصف الثاني من جيش المسلمين وهم مرهقين وعلى غير أهبة واستعداد للحرب, ونجحت خطة عبد الله بن الزبير الذي تمكن من قتل قائدهم فانهزموا, ولما رأى رؤساء المدائن في أفريقية انتصار عبد الله بن أبي السرح طلبوا منه أن يأخذ منهم ثلاثمائة قنطار من ذهب على أن يكف عنهم ويخرج من بلادهم فقبل ذلك. 3- فتح بلاد النوبة: بدأ فتح بلاد النوبة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وولاية عمرو بن العاص على مصر, وقد استعصى فتحها على المسلمين لأنهم كانوا يرمون بالنبل وكانوا ماهرين في الرماية, وكما تذكر المصادر أنهم في موقعة واحدة فقط فقأوا مائة وخمسين عينا, لذا فضل المسلمون الصلح معهم, ولكن عمرو بن العاص رفض ذلك لم يقبل بالصلح معهم. ولما تولى عبد الله بن سعد بن أبي السرح ولاية مصر سار إليهم في عام 31هـ وقاتلهم وعقد معهم صلحا وعرفت الاتفاقية بينهم باسم اتفاقية البقط, وكانت نصوصها تتلخص في إيقاف الحرب بين الطرفين وأن يقوم المسلمون بإعطاء أهل النوبة قمحا وعدسا مقابل أن يعطيهم أهل النوبة أربعمائة رقيق سنويا, وعندما أرهق أهل النوبة عدل الاتفاق في عهد المهدي إلى دفع البقط مرة كل ثلاث سنوات واستمرت اتفاقية البقط هذه بين مصر وبلاد النوبة لمدة ستة قرون. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملخصات, الدمـام, الراشدين, تاريخ |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[ قسم التاريخ ] : عدد مواد قسم التاريخ ..؟ | نوووري | منتدى كلية الآداب بالدمام | 17 | 2016- 9- 16 01:10 PM |
ঔஐ تلخيص تاريخ الفكر الأجتماعي المحاضرة 2 بالشرح والتفصيل ஐঔ | جسور الصمت | اجتماع 3 | 7 | 2011- 3- 24 07:58 PM |
تاريخ الخلفاء الراشدين (المحاضره الثانيه ) | الباارونه | التاريخ | 1 | 2011- 3- 18 05:36 PM |
بليز ساعدوني ابي ملخصات محتويات انا من جازان | لوران | المستوى الأول - كلية الأداب | 9 | 2011- 3- 5 06:55 AM |