ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

العودة   ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام > .: سـاحـة التعليم عن بعد (الانتساب):. > ملتقى طلاب التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل > كلية الأداب > اللغة الأنجليزية > E6
التسجيل الكويزاتإضافة كويزمواعيد التسجيل التعليمـــات قائمة الأعضاء   أعتبر مشاركات المنتدى مقروءة

E6 English Literature Students Level six Forum

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2013- 4- 19
الصورة الرمزية kathy
kathy
متميزة بالمستوى السابع - اللغة الانجليزية
بيانات الطالب:
الكلية: الاداب بالاحساء
الدراسة: انتساب
التخصص: انجليزي
المستوى: المستوى السابع
بيانات الموضوع:
المشاهدات: 16563
المشاركـات: 6
 
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 68281
تاريخ التسجيل: Fri Jan 2011
المشاركات: 1,687
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 6339
مؤشر المستوى: 76
kathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond repute
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
kathy غير متواجد حالياً
شخصيات رواية مزرعة الحيوانات

شخصيات الرواية

شخصيات و أحداث الرواية تسخر من الدوجمائية السياسية، المتمثلة في الرواية في "الحيوانية" (بالإنجليزية: Animalism) و كما تسخر من السلطوية و سذاجة البشر.
الخنازير

سلاسلات الخنازير التي صورت عليها الشخصيات قد تكون ذات دلالة.
ميجُر العجوزهو صاحب فكرة الثورة الأصلي، لكنه لم يعاصر تنفيذها، و طبقا لبعض التفسيرات فهو مبني على شخصية كل من كارل ماركس مؤسس الماركسية أساس الشيوعية، حيث أنه يصف المجتمع المثالي الذي تمكن للحيوانات إقامته لو أطاحوا بسيطرة البشر؛ و أيضا فلاديمر لينين من حيث أن جمجمته معروضة بتوقير للزيارة الشعبية كما فُعل بجثمان ليين. إلا أنه طبقا لكريستوفر هِتشِنز إن شخصيتا لينين و تروتسكي مدمجتان في واحدة يمثلها سنوبول، أو نه قد لا يوجد لينين على الإطلاق.(بالإنجليزية Old Major)نابليونهو الشخصية الشريرة الرئيسية في الرواية، و هو طاغية،، و هو قليل الكلام و يصرف شؤونه بعزم، و هو مبني على شخصية ستالين، و هو يراكم سلطته بالاعتماد على جراء صغيرة أخذها من أهلها ليربيها فتكبر كلابا حراسة شرسة تمثل الشرطة السرية. انفرد بالسلطة بعد إقصاء رفيقه سنوبول و استنادا إلى دعاية مضللة يطلقها سكويلر و كذلك بالإرهاب الذي تمثله الكلاب يضمن خضوع الحيوانات الأخرى. و غير تدريجيا لصالحه الوصايا التي قامت عليها الثورة. و بنهاية المسرحية نجد نابليون و رفاقه الخنازير قد تعلموا المشي منتصبين و أخذوا يصرفون كالبشر الذين كانوا قد ثاروا عليهم.يلاحظ أن فصيلة الخنزير التي صور على هيئتها نابليون لم تمثل عليها أي شخصية أخرى.كما أنه في الطبعة الفرنسية الأولى شُمِّيَ César أي "قيصر" إلا أنه في ترجمات فرنسية أخرى ظل نابليون(بالإنجيليزية: Napoleon)سنوبولخصم نابليون و الرئيس الأصلي للمزرعة بعد الانقلاب على جونز، و ربما كان إيماء إلى ليون تروتسكي، مع أنه بالنظر إلى رأي أورويل في تروتسكي فقد يكون إشارة إلى المناشفة، و هو يحوز ثقة معظم الحيوانات بأن يقود حصادا ناجحا، إلا أن نابليون يطرده من المزرعة بمعاونة كلابه مع أن سنوبول يعمل لصالح المزرعة و الحيوانات و يسعى لتحقيق حلمهم بإقامة يوتوبيا إيجالتاريّة، ثم ينشر شائعات لإظهاره بمظهر الشرير الفاسد الذي كان يخطط لتخريب حلم الحيوانات بتحسين المزرعة. و في السيرة التي كتبها برنارد كرِك عن جورج أورويل فإنه يدفع بأن سنوبول مستلهم من شخصية أندرياس نِن قائد حزب عمال الاتحاد الماركسي الذي كان وقع ضحية التطهير الشيوعي أثناء الحرب الأهلية الإسبانية.(بالإنجليزية: Snowball)سكويلرعامل قصير بدين يعمل ذراعا أيمنا لنابليون و وزير دعايته، و هو مستوحى من فياتشسلاف مولوتوف و صحيفة برافدا، و هو يُطوِّع اللغة لتبرير و تأصيل و تعظيم كل أفعال نابليون، و هو يمثل الغطاء الإعلامي الذي استخدمه ستالين لتبرير الفظائع التي ارتكبها. حرص أورويل في كل أعماله على بيان الكيفية التي يُطوِع بها السياسيون اللغة لملاءمة أغراضهم، فسكويلر يعيق المجادلات بتعقيدها و هو يربك المتحاورين، و هو يدعي أن الخنازير بحاجة إلى الرفاهيات التي ينالونها قصرا دون غيرهم ليتمكنوا من العمل لصالح الجميع. و عندما تحاصره الأسئلة و الاستنكارات فإنه يلوح بخطر عودة اليد جونز، مالك المزرعة المطاح به لتبرير ميزات الخنازير. كما أنه يستخدم الإحصائيات ليقنع الحيوانات بأن نوعية حياتهم تتحسن باضطراد، و لأن معظم الحيوانات لا يذكرون كثيرا مما كانت عليه الحياة قبل الثورة فهم يصدقونه.(بالإنجليزية: Squealer)مينيمسخنزير شاعر يكتب النشيد الوطني الثاني ثم الثالث لمزرعة الحيوان بعد تحريم أغنية "وحوش إنجلترا"، و هو يمثل المعجبين بستالين داخل و خارج الاتحاد السوفيتي مثل ماكسيم غوركي.(بالإنجليزية: Minimus)العُفوريُلمَح إلى أنهم أبناء نابليون مع أن هذا لم يُصرَّح به في الرواية و هم الجيل الأول من الخنازير المُنَشَّئين على فكرة انعدام المساواة بين الحيوانات، كما يمكن أن يكونوا معادلين للجيل الذي نشأ تحت حكم لينين.الخنازير المتمردونأربعة خنازير يتذمرون من سيطرة نابليون على المزرعة إلا أنهم سرعان ما يُعدمون، و هم يمثلون الضباط و الوزراء الشيوعيين الذين أعدموا في التطهير الكبير في الاتحاد السوفيتي قبل الحرب العالمية الثانية. في ذلك التطهير عُذِّب الضباط و الوزراء لتنتزع منهم اعترافات كاذبة اتُّخِذَت أدلة ضدهم في المحاكمات. فقد اعترف كل من الخنازير المتمردون بعلاقتهم بسنوبول المنفي مما استتبع قتلهم بيد الشرطة السرية الكلابية لنابليون. في التظهير الروسي وجهت اتهامات بالتآمر مع الغرب لقتل ستالين و إعادة اقتصاد السوق إلى روسيا، و أقرب الأمثلة إلى الخنازير المتمردين هم نيكولاي بخارين و ألكسي ركوف و جريجوري زينوڤييڤ و لف كامينيف .البشر

السيد جونزالمالك السابق للمزرعة الذي يمثل نيقولاي الثاني مَلِكُ روسيا، قيصر المخلوع الذي واجهته صعوبات مالية في الأيام السابقة على ثورة 1917. كما أن الشخصية إيماءة إلى لويس السادس عشر ملك فرنسا، كما يوجد ما يشير إلى أنه يعادلالأوتوقراطية الرأسمالية الفاشلة التي تعجز عن إدارة المزرعة و العناية بالحبوانات. يُصوَّر جونز على أنه مفرط في شرب الخمر و تثور الحيوانات عليه بعد أن يفرط في الشراب فلا يرعاهم و لا يطعمهم.محاولة جونز و عمال المزرعة استعادتها من الحيوانات تسمى معركة سقيفة البقر(بالإنجليزية: Mr. Jones)السيد فرِدركالمالك المسيطر على مزرعة بنشفيلد (بالإنجليزية Pinchfield) و هي مزرعة مجاورة مُعتنى بها على ما ينبغي، و هو يمثل أدولف هتلر و الحزب النازي عموما، فهو يشتري الخشب من الحيوانات مقابل أموال مزيفة ثم يهاجمهم لاحقا مدمرا طاحونتهم إلى أنه ينهزم في معركة الطاحونة التي يمكن أن تشير إلى معركة موسكو أو معركة ستالينغراد، كما توجد حكايات عن إساءته معاملة حيوانات مزرعته التي يمكن أن تعادل تعامل الحزب النازي مع المعارضين السياسيين.(بالإنجليزية Mr. Frederick)السيد بِلكِنغتُنالمالك الدمث الماهر لمزرعة فكسوود (بالإنجليزية Foxwood) و هي مزرعة تغشاها الأعشاب البرية كما هو موصوف في الكتاب، و هو يمثل العالم الأنجلوسكسوني، أي بريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكية و ما يدور في فلكهما، و لعبة الورق في نهاية الرواية إسقاط على مؤتمر طهران الذي امتدح فيه المؤتمرون كل منهم الآخر و هم يغشون في اللعبة، و هو مشهد ساخر لأن الخنازير متحضرة و طيبة مع البشر على عكس كل ما ناضلوا لأجله. و هو ما حدث في مؤتمر طهران حيث تحالف الاتحاد السوفيتي مع الولايات المتحدة و المملكة المتحدة و هما الدولتان الرأسماليتان اللتان ناضلت ضدهما في بداية الثورة. في نهاية اللعبة يسحب كل من نابليون و بِلكِنغتُن آسا ثم يبدآن الشجار و الصياح ممثلا لبداية التوتر بين الشرق و الغرب.(بالإنجليزية: Mr. Pilkington)السيد وِبمررجل استأجره نابليون ليقوم بدور العلاقات العامة لمزرعة الحيوان مع مجتمع البشر، و هو مبني على نحو فضفاض على شخصيات مفكرين غربيين من أمثال جورج برنارد شو، و خاصة لنكولن ستفنز الذي زار الاتحاد السوفيتي سنة 1919.(بالإنجليزية Mr. Whymper)الحافريات

الأحصنة و الحمير
بُكسرأحد الشخصيات الرئيسية و هو رمز للطبقى العاملة، البروليتاريا، مخلص و متفان و طيب و محترم و أقوى حيوانات المزرعة جسما، إلا أنه ساذج و بطيء. جهله و ثقته العمياء في قُوَّاده تقوداناه إلى مصرعه و مكسبهم، و تحديدا فإن عمله الجسدي الشاق يمثل الحركة الاستاخانوفية، و مقولته "سأعمل بكد أكبر" تستدعي شخصية يورجس رُدكَس في رواية الكاتب الأمريكي أبتن سنكلير المعنونة الدغل، و مقولته الثانية "نابليون دوما مصيب" مثال على نجاح بروباغنداسكويلر. كان أخلاق بكسر في العمل محل مديح الخنازير و ضربوا به مثالا و قدوة للحيوانات الأخرى ليحتذوا به، لكن عندما أصيب بكسر و لم يعد قادرا على العمل فإن نابليون يرسل به إلى جزار الخيول المريضة و يخدع الحيوانات الأخرى بقوله إن بكسر قد مات في سلام في مستشفى و أن عربة الإسعاف كانت عربة جزار الخيول التي لم يعد طلاؤها.(بالإنجليزية: Boxer)كلوفرالفرس رفيقة بُكسر، و هي تساعد بكسر و تعتني به عندما شُق حافره، و تلوم نفسها لنسيانها الوصايا السبع في حين أن سكويلر كان في الحقيقة قد عدلها لصالح نابليون، و هي عطوفة كما بدا عندما حَمَت صيان البط أثناء خطبة ماجُر، كما أنها انزعجت عندما أعدمت الكلابُ حيواناتٍ، و أجلتها الخيول الثلاثة التي حلت محل بُكسر. و غير كونها الأم فإنها قد تمثل السواد من سكان الإمبراطورية الروسية الذين لم يصدقوا الخطاب الماركسي إلا أنه لم يكن بيدهم ما يفعلوه.(بالإنجليزية: Clover)موليمهرة أنانية و مغرورة تحب التزين بالشرائط في معرفتها و أكل مكعبات السكر (التي تمثل الرفاهية) و أن يدللها البشر و يرعوها، و هي تمثل الطبقة العليا، البرجوازية و النبلاء الذين فرُّوا إلى الغرب بعد الثورة الروسية و تسبدوا على الروس في المهجر، لذا فهي سرعان ما غادرت المزرعة إلى أخرى و لم تذكر سوى مرة بعدها، و هي واحدة من الشخصيات القليلة التي تبقى.(الإنجليزية: Mollie)بنيَمينحمار عجوز حكيم لا يُظهر سوى القليل من العواطف و أحد معمري الحيوانات، و يبقى في نهاية الرواية. عادة ما تسأله الحيوانات عن عزوفه عن التعبير إلا أنه دوما يجيب "الحمير تعمر طويلا، و لم ير أحد منكم حمارا ميتا"، كما أن بنيَمين يمكنه القراءة مثل أي خنزير، إلا أنه قليلا ما يستعرض قدرته تلك. هو صديق مخلص لبكسر و حزن بشدة عندما أخذ بكسر بعيدا. كان بنيَمين يعلم بفساد الخنازير طوال الوقت إلا أنه لم يقل شيئا للحيوانات الآخرين، و هو يمثل المُتهكمين في المجتمع. كما يُحتمل أنه سخرية من المثقفين الذين لديهم من الحكمة ما يساعدهم على تجنب التطهير إلا أنهم لا يأخذون أي مواقف، مثل السلميين الذين كره أورويل بمسلكهم. كما يحتمل أن بنيَمين هو أورويل ذاته، فبنيَمين يمكن رؤيته على أنهم الذين عاشوا أثناء طغيان قيصر و شهدوا عقم، أو على الأقل تشككوا، في إمكانية تحقق اليوتوبيا التي يُبشِّر بها البلاشفة و من بعدهم الحكومة السوفيتية.(بالإنجليزية: Benjamin)حيوانات أخرى

مُرييلعنزة عجوز حكيمة صديقة كل حيوانات المزرعة، و هي مثل بنيمين و سنوبول، أحد الحيوانات القلائل في المزرعة الذين يمكنهم القراءة (و إن كان بصعوبة، إذ عليها أن تتهجى الكلمة أولا) و تعين كلفر على اكتشاف أن الوصايا السبع قد جرى التلاعب بها طوال الوقت. و يحتمل أنها تمثل الفئة ذاتها الذي يمثلها بنيمين، و هي تموت قرب نهاية الرواية لتقدم سنها.(بالإنجليزية: Muriel)الجراءنسل جسي و بلوبِل رباهم نابليون ليصبحوا حرسه و قد يسيرون إلى حقيقة أن ستالين أفاد في صعوده في السلطة من تعيينه كأمين عام للحزب الشيوعي على يد لينين سنة 1922، و هو الدور الذي مكنه من إنفاذ إرادته في التعيين و الترقية و الخسف بحيث يحشد مؤيديه في الحزب، و الجراء يمثلون الشرطة السرية أو جهاز المخابرات كي جي بيموسى الغرابطير عجوز يأتي من حين لآخر إلى المزرعة بحكايات عن موضع في السماء يسمى جبل السكاكر (بالإنجليزية: Sugarcandy Mountain) و هو لا يعمل، و هو يمثل الزعماء الدينيين، بخاصة الكنيسة الأرثودوكسية الروسية، و هويته الدينية يدل عليها اسمه المستوحى من شخصية الرسول التوراتي و كذلك لونه الأسود، زي رجال الكنيسة؛ أما جبل السكاكر فكناية عن الجنة. كما أنه يمثل راسبوتين بولائه لقيصر، أي السيد جونز. في عهد ما بعد ثورة الحيوانات يُحرَّم الدين، كما أنه لا يستسيغ مساواته بالحيوانات الآخرين لذا فهو يغادر المزرعة بعد الثورة، إلا أنه يعود لاحقا ليواصل التبشير بوجود جبل السكاكر. يربك الحيواناتِ سلوكُ نابليون تجاه موسى، فهو من ناحية يرفض ادعاءاته على أنها هذيان، إلا أنه يدعه يبقى في المزرعة، فيما يبدوا أنه رغبة الخنازير في أن يبقوا على أمل الحيوانات في حياة أفضل في العالم الآخر، و ربما لإبقائهم مشغولين بجبل السكاكر بدلا من الانشغال بمراقبة الخنازير و ربما التمرد عليهم، و عموما فإن موسى أحد الحيوانات القلائل الذين يتذكرون زمن الثورة، و معه كلُفر و بنيمين و الخنازير.(بالإنجليزية: Moses the Raven)الخرافيمثلون جموع البروليتاريا الذين يحركهم نابليون بالرغم من خيانته، فهم يظهرون أقل الفهم للأوضاع إلا أنهم يؤيدونه بالرغم من ذلك، و كثيرا ما ينشدون "أربعة أرجل حسن..رجلان سيِّيء" و يعتمد عليهم الخنازير لإخماد أي معارضة بالصياح و التهليل. في نهاية الرواية إحدى الوصايا السيع تُغيَّر بعد أن تتعلم الخنازير المشي على ساقين، لذا فهم يصيحون "أربعة أرجل حسن..رجلان أحسن.الجرذانيمثلون بعض الشعوب البدوية في أقصى شرق جمهوريات الاتحاد السوفيتي، من قزاخ و أوزبك و تركمان و طاجيك و قرغيزالدجاجيمثل الگولاگ، فهي تدمر بيضها بدلا من تسلميه إلى السلطات العليا، كما حدث أثناوء التجميع (collectivisation) من تخريب الگولاگ آلاتهم و قتل ماشيتهم رفضا لاستيلاء السوفيت عليها.البقريمثلون البلوريتاريا الذين تسرق حليبَهم الخنازيرُ لرفاهيتهم و لا يتشاركونه مع الآخرين.القطةيمثل المنافقين الذين يتظاهرون بالالتزام بعقيدة أو أيديولوجيا ما لأغراض ذاتية و منفعة شخصية، و هو ما يظهر وعدها الطيور بأنهم أصبحوا رفاقا و أنهم آمنون في أن يحطوا على كفِّه
قديم 2013- 4- 19   #2
kathy
متميزة بالمستوى السابع - اللغة الانجليزية
 
الصورة الرمزية kathy
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 68281
تاريخ التسجيل: Fri Jan 2011
المشاركات: 1,687
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 6339
مؤشر المستوى: 76
kathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: الاداب بالاحساء
الدراسة: انتساب
التخصص: انجليزي
المستوى: المستوى السابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
kathy غير متواجد حالياً
رد: شخصيات رواية مزرعة الحيوانات

الروايه منقووله

الفصل الأول

عاد السيد جونز، صاحب المزرعة، إلى المنزل يترنح يميناً وشمالاً بعد أن أوصد فتحات قن الدجاج، لكنه كان ثملا للغاية فنسى قفل أبواب الحظيرة. وكعادته ارتشف كأسا من البيرة وهو في طريقه إلى غرفة النوم. وهناك كانت زوجته في السرير تغط في نوم عميق.

وما كادت الأنوار في غرفته تُطفأ حتى سرى في أرجاء المزرعة دبيب خافت. فقد دار الحديث خلال ذلك النهار أن العجوز ميجر، ذكر خنزير، رأى حلما غريبا ليلة أمس، وأبدى رغبته في أن يرويه لبقية حيوانات المزرعة. اتفقت الحيوانات جميعها على اللقاء في الحظيرة الكبيرة حالما يأوي السيد جونز إلى فراشة.

كان العجوز ميجر يحظى باحترام حيوانات المزرعة على اختلاف أجناسها وألوانها، وكانت على استعداد، وعن طيب خاطر، لمنحه ساعة من وقت نومها للاستماع إلى ما يريد قوله.

في أحد جوانب الحظيرة الكبيرة وعلى منصة مرتفعة قليلا اِضْطَجَعَ العجوز ميجر على مرقده المفروش بالقش. يبلغ العجوز ميجر من العمر اثنتي عشرة سنة، وعلى الرغم من كونه سمينا ومترهل الجسد، إلا انه يتمتع بمظهر مهيب وحضور قوي.

أخذت الحيوانات تصل إلى مكان الاجتماع تباعا، واحتلت أماكنها بعد أن قامت بحركات مألوفة للقعود في أوضاع مريحة. كانت الكلاب الثلاثة: بلوبل وجسي وبنتشر أول من دخل الحظيرة، ثم تلتها الخنازير التي جلست أمام المنصة مباشرة، أما الدجاج فقد جثم على فتحات النوافذ وفعل الحمام مثله على العوارض، في حين جلست الأبقار خلف الخنازير تَجْتَرُّ الهواء بلا كلل!

بعد ذلك، وصل حصانا النقل بوكسر وكلوفر.. يمشيان سوياً على مهل. كانت كلوفر فرسا متوسطة العمر لم تحافظ على رشاقة جسدها بعد حملها الرابع، أما بوكسر فهو حيوان عظيم البنية ذو قوة تساوي قوة حصانين. وعلى الرغم من مظهره الساذج وذكائه المتواضع، إلا أن جميع حيوانات المزرعة تكن له الاحترام والتقدير لصلابة شخصيته وقوة احتماله للعمل.

وبعدهما دخلت مولي، المهرة البيضاء الجميلة.. تمشي بدلال وهي تلوك قطعة من قصب السكر، وتحرك عنقها من جانب إلى آخر لإثارة الانتباه إلى الشرائط التي تظفر عُرْفها الكث، وتبعها الحمار بنجامين: أكبر حيوانات المزرعة سناً.ً وأكثرها عصبية.. عابس الوجه.. لا يضحك إلا فيما ندر. وإذا سئل:
ـ لماذا؟
كان يرد دائما بنفس الجواب:
ـ لا أجد ما يدعو للضحك!

وعلى الرغم من طباعة الحادة، إلا أن الحمار بنجامين كان شديد الوفاء ومولعا بالحصان بوكسر. كانا يمضيان أيام الأحد معا في مزرعة الخيول يرعيان جنبا إلى جنب من دون أن يتفوها ببنت شفه.

ما كاد الحصانان يأخذان مكانيهما في الحظيرة حتى دخلها مجموعة من فراخ الإوز مزقزقا من جانب إلى آخر بحثا عن مكان آمن بعيدا عن أقدام الحيوانات الكبيرة، وما أن رأتهما الفرس كلوفر حتى صنعت من أرجلها الأربع حائطا آمنا لحمايتها، فدخلت صغار البط وسرعان ما غطت في نوم عميق استمر طوال ساعات الاجتماع.
***
عندما شعر العجوز ميجر اكتمال عدد الحضور، وقد اتخذ كل حيوان مكانه المريح، وكانوا ينتظرون حديثة بحماس تنحنح وقال:
ـ لا بد أنكم جميعا سمعتم بالحلم الغريب الذي رأيته في منامي ليلة أمس، لكن ثمة أمر مهم أود التحدث إليكم بشأنه قبل ذلك، وسآتي على قصة الحلم فيما بعد.

ثم تنحنح مرة ثانية وقال:
ـ أيها الأصدقاء.. لم يعد في العمر متسع من الوقت، ولا أظن أن الزمن سيمهلني مدة أطول بينكم قبل أن توافيني المنية، وأشعر أن من واجبي أن أترك فيكم الحكمة التي اكتسبتها من تجارب حياتي الطويلة، ويمكنني القول أني فهمت طبيعة الحياة على هذه الأرض بعد أن أمضيت الأيام الأخيرة في مربضي وحيداً أفكر في مغزاها. عن هذا الموضوع، يا أصدقائي، سأتحدث إليكم:
ـ دعونا الآن نتساءل عن معنى حياتنا هذه؟ دعونا نواجه الحقيقة؟ إن حياتنا تعيسة ومُستَغَلة وقصيرة، إننا نشقى ونعمل بجد، ونُطْعَم ما يسد الرمق ويحفظ الأرواح في الجسد ليس إلا، وحالما تنتهي الحاجة إلينا سواء بسبب العجز أو المرض نذبح بوحشية.
ثم قال وهو يهز رأسه:
ـ لا أعتقد يا أصدقاء أن هناك حيواناً يعرف للسعادة طعماً أو للرفاهية معنى.

وأضاف بعد أن تفحصت عيناه الوجوه التي غشاها الحزن أمامه:
ـ إن حياتنا بائسة، وهي ليست سوى سلسلة من العبودية والاضطهاد! هذه هي الحقيقة المرة يا أصدقاء.
ثم تساءل قائلا: "أمن أجل حياة كهذه خلقنا؟ هل حدث هذا لأن أرضنا فقيرة جدباء.. قليلة العطاء، وخيراتها لا تكفي لإطعام من يدب عليها؟! كلا يا أصدقائي كلا!

إن تراب أرضنا خصبٌ وطقس بلادنا ممطر، وأرضنا معطاءة قادرة على إنتاج كميات وافرة من الغذاء تكفي لإطعام عدد أكبر من عدد الحيوانات التي تعيش عليها، وبوسعها أن تنتج ما تحتاجه دزينة من الخيول وعشرين بقرة ومئات الخراف، ويمكن أن نعيش عليها في راحة وكرامة لا يمكن تخيلهما.

إذن لماذا تستمر هذه الأوضاع البائسة؟ ولماذا نرضى أن يسلب الإنسان نتاج عملنا ويجني ثمار تعبنا؟ ذلك، يا أصدقائي، هو الجواب عن تساؤلاتنا: الإنسان هو عدونا الوحيد.. هذا المخلوق الذي يستهلك ولا ينتج ويعيش على كد الآخرين وعرقهم! فهو لا يعطي الحليب ولا يضع البيض، ولا يستطع سحب المحراث ولا يركض بسرعة للإمساك بالأرانب، ومع ذلك فهو سيد الحيوانات يستغلها للعمل والكد ويسخرها لخدمته وراحته، وفي نهاية اليوم يرمي لها فتات طعام.. ليس حبا فيها وإنما ليبقيها حية.. قادرة على العمل في اليوم التالي.

"يا أصدقاء، إن قوتنا تحرث الأرض وروثنا يسمدها، ومع ذلك فلا أحد منا يملك أكثر من جلده". وهو ينظر إلى البقر قال:
ـ أنت أيتها الأبقار التي أراك أمامي تجترين الطعام من جوفك، كم ألف من جالونات الحليب أعطيوزت خلال العام المنصرم. أين هي.. ماذا حصل لها؟ إن كل نقطة منه ذهبت الى فم عدونا. وأنت أيها الدجاج لم تكوني أفضل حظا أيضا، وتسأل:
ـ وانتن يا دجاج كم بيضة وضعتن هذا العام؟ هل صار دجاجا؟ لا.. لقد ذهب كله الى الاسواق ليجلب المال لجونز ورجاله.

وما كاد العجوز ينطق باسم صاحب المزرعة حتى سرت همهمة خفيفة بين الحيوانات، وسرعان ما تلاشت عندما تساءل:
ـ وأنت يا كلوفر، أين أولادك الأربعة؟ كان من المفترض أن يكونوا مسرة وعون شيخوختك. لقد باع جونز كل واحد منهم قبل أن يكمل عامة الأول، ولن تكتحل عيناك برؤيتهم طوال حياتك. وماذا كانت مكافأتك على التضحية بأولادك ومقابل عملك بالحقل؟ لاشيء تماما.. لا شيء غير حصة قليلة من الطعام ومرقد قذر.

"ليس ذلك وحسب يا أصدقاء! فحتى حياتنا البائسة هذه لا يسمح لها أن تأخذ مدارها الطبيعي، فلن يفلت منا أحد من وحشية حد السكين".
وهو ينظر في عيون الخنازير التي احتشدت أمامه فاغرة أفواهها قال:
ـ وأنت أيتها الخنازير اليافعة، سوف تُنتزع أرواحكم قبل أن تكملوا عامكم الأول!

"من أجل هذا الرعب والوحشية في المعاملة، يجب أن نتحد أبقار وخنازير، ودجاج، وخراف.. وحتى الخيول والكلاب لن تكون أوفر حظا. فحياتنا متشابهة، أيها الأصدقاء، ومصيرنا واحد، فمن لم يمتْ بحد السكين سيلقى حتفه مريضا في مربضه.

وبدلا من أن ترتفع الأصوات بعد أن حبست بعض الحيوانات غضبها بانتظار أن ينهي العجوز حديثه، جاءت كلماته الأخيرة باردة لتطفئ النار التي اشتعلت داخل النفوس البائسة:
ـ أليس الأمر جلياً، يا أصدقاء، أن كل الشرور التي نعاني منها والتعاسة التي نتجرع مرارتها طوال حياتنا هي من صنع يد الإنسان؟ الإنسان أيها الأصدقاء هو مصدر شقائنا.. تخلصوا منه وحينئذ فقط سنكون أسياد أنفسنا وسيغدو نتاج عملنا لنا لا لغيرنا، وبين ليلة وضحاها ستجدون أنفسكم أحراراً وأغنياء. أعملوا ليلا ونهارا روحا وجسدا للإطاحة بالجنس البشري. هذه هي وصيتي لكم أيها الأصدقاء: الثورة على الإنسان.

أيها الأصدقاء أنا لست عرّافا ولا أضرب الودع، وليس بوسعي استشراف المستقبل. لا أعرف في الحقيقة متى ستبدأ الثورة وكيف سيكون شكلها؟! هل ستبدأ بعد أسبوع أم في غضون شهر أو سنة؟! لا أدري، ولكني على يقين تام، كرؤيتي لهذه القشة أمامي، أن الفرج آت لا محالة وأن النصر، طال الزمن أم قصر، سيكون لنا

وسيسود العدل مزرعتنا هذه، وسنصبح أحرارا وأسياد أنفسنا.
"فكروا بذلك جيدا يا أصدقاء فيما ما تبقى من حياتكم القصيرة، وأهم من ذلك كله بلغوا وصيتي هذه لمن يأتي بعدكم لكي ترفع الأجيال القادمة راية النضال حتى النصر".

وتذكروا دائما أن لا يخبو عزمكم وإصراركم على الثورة أو الموت دونها، ولا تصدقوا إذا قيل لكم أن بين الحيوان والإنسان مصالح مشتركة، وأن ازدهار أحدهما مرهون بازدهار الآخر. كلا يا أصدقاء.. كلا، هذه أكذوبة كبيرة، فالإنسان مخلوق أناني لا يحب غير نفسه. أما بينكم فأقيموا علاقات مصيرية كاملة من أجل الكفاح ضد عدوكم المشترك.

"والآن لم يبقَ لدي مما أردتُ قوله إلا القليل، وأذكركم مرة ثانية: لا تنسوا التزامكم العدواني تجاه كل وسائل معيشة الإنسان. من يمشي على رجلين فهو عدو، ومن يمشي على أربعة أو يطير فهو صديق. تذكروا أيضا، في غمار حربكم ضد الإنسان، أن لا تتشبهوا به ولا تقتبسوا رذائله حتى إذا سيطرتم عليه. لا يجب على حيوان أن يسكن منزلا أو ينام على سرير أو يرتدي ثيابا أو يشرب خمراً أو يدخن تبغا أو يلمس نقودا أو يعمل بالتجارة، فجميع عادات الإنسان سيئة، وأهم من ذلك كله أن لا يستبد حيوان بأخيه الحيوان سواء كان قويا أم ضعيفا، ذكيا أم لا.. نحن أخوة جميعنا وكلنا متساوون.

"والآن أيها الأصدقاء سأروي لكم ما شاهدته في منامي ليلة أمس، ولكن سيتعذر عليَّ وصف الحلم بتفاصيله. إنه باختصار رؤية لمستقبل الأرض خالية من جنس البشر، ولقد أعاد هذا الحلم لذاكرتي حدثا مر عليه زمن طويل.. ذكرني بأيام خلت حين كنت خنزيراً صغيرا. فقد كنت أسمع أمي وصديقاتها يترنمن بأنشودة لم يكن يَعْرِفنَ منها سوى النغم وكلماتها الثلاث الأولى. وتعلمت أن أنشد معهن تلك الكلمات غير أني لم أعد، بعد أن بلغت من العمر أرذله، أذكر شيئا منها.

"وليلة أمس راودني ذلك المشهد في منامي، وأكثر من ذلك تداعت كلمات الأغنية كلها إلى ذاكرتي، ويقيني، أيها الأصدقاء، أن الحيوانات قد أنشدت هذه الأغنية نفسها في زمن بعيد مضى".

"إنني كما تعلمون عجوز غليظ الصوت، ولكن هذا لن يحول بيني وبين التغني بها على مسامعكم لكي تسمعون لحنها وتحفظوه وستغدون قادرين على أدائها بأنفسكم. هذا النشيد، أيها الأصدقاء، يسمى "حيوانات إنجلترا".

تنحنح العجوز ميجر أكثر من مرة، وبدأ يغني. أنشد الأغنية بصوت ـ وإن كان أجشا ـ مثير للحماس:
حيوانات إنجلترا، وحيوانات أيرلندا
حيوانات كل أرض ومناخ
أصغوا إلى أخباري السـارة
عن زمن المسـتقبل الذهبي
آجلا أم عاجلا اليوم آت
ليلقى الإنسان المستبد حتفه
ولن تطأ حقول إنجلترا الخصبة غير الحيوانات
ستزول الحلقات من أنوفنا
وسنرمي السروج من على ظهورنا
وسـتصدأ المهاميز والشكائم إلى الأبد
ولن تلسـعنا السـياط القاسية بعد اليوم
وتزداد ثرواتـنا بما لا يتصـوره عقل
وسيكون القمح، والشعير، والشوفان،
والعشب، والبرسيم، والفاصوليا، والجزر ملكا لنا.

أثار غناء العجوز ميجر حماس الحيوانات المحتشدة، وما كاد ينهي كلماتها حتى أنشدتها الحيوانات كلها معه.. بطيئة الفهم منها حفظت النغم وبعض من كلماتها، بينما استطاعت الحيوانات الذكية كالخنازير والكلاب حفظ الكلمات كلها عن ظهر قلب في دقائق معدودة.

وبعد محاولات عدة، ارتفعت أصوات حيوانات المزرعة كلها متغنية بأنشودة حيوانات "إنجلترا": خارت بها الأبقار، ونبحت بها الكلاب، وثغت بها الخراف، وصهلت بها الجياد. ولشدة غبطتها تغنت بها مرات عديدة! كان بوسع الحيوانات قضاء الليل بطولة تغنى أنشودة "حيوانات إنجلترا" لو لم يقع ما كدر صفو اجتماعها وقطع عليها نشوة الغناء!

فقد استيقظ السيد جونز مذعوراً على حركة وأصوات بدت غير مألوفة له خلال تلك الساعات المتأخرة من الليل.. ظنا منه أن ثعلبا هاجم الحظيرة، فسحب بندقيته التي كانت دائما محشوة بالرصاص وموضوعة في جانب من الغرفة تحسبا لمثل هذه المواقف، وأطلق ست طلقات في الظلام باتجاه الحظيرة. وما كادت الطلقات الست تستقر في جدران المبنى، حتى سرى في أرجائه، بعد كل ذلك الصخب، هدوء مفاجئ.. هرب كل حيوان إلى مكان نومه: قفزت الطيور إلى أقنانها، وهرعت الحيوانات إلى مرابضها وجثمت بين أكوام العشب، ولم تمضِ دقائق إلا وغطت المزرعة في نوم عميق!



 
قديم 2013- 4- 19   #3
kathy
متميزة بالمستوى السابع - اللغة الانجليزية
 
الصورة الرمزية kathy
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 68281
تاريخ التسجيل: Fri Jan 2011
المشاركات: 1,687
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 6339
مؤشر المستوى: 76
kathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: الاداب بالاحساء
الدراسة: انتساب
التخصص: انجليزي
المستوى: المستوى السابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
kathy غير متواجد حالياً
رد: شخصيات رواية مزرعة الحيوانات

مزرعة الحيوان / الفصل الثاني / جورج أورويل

بعد ثلاثة أيام من ذلك الحدث ـ وكان ذلك في أوائل شهر مارس ـ داهم الموت العجوز ميجر في فراشة، فارق الحياة بسلام ودفن في جانب من بستان الفواكه. وإن مات كبير الخنازير، إلا أن ما بشر به في ذلك اللقاء ترسخ في عقول الحيوانات الذكية وأعطى حياتها بعدا جديدا ومعنى آخر لم تكن تدركه من قبل.

لا أحد يعلم متى ستنطلق شرارة الثورة التي تنبأ بها ميجر، ولم يكن ثمة ما يحمل على الاعتقاد أنها ستتحقق خلال حياة الحيوانات التي اجتمعت واستمعت للعجوز وهو يدعوها إلى حمل وصيته وتبليغها إلى الأجيال القادمة، لكن على الرغم من ذلك، كانت الحيوانات مؤمنة أن من واجبها التحضر والإعداد للثورة.

وكان من الطبيعي أن تضطلع الخنازير بمهمة توعية وتدريس بقية الحيوانات وتنظيمها. فهي، وباعتراف الجميع، أكثرها ذكاءً. وكان من بينها خنزيران يافعان لهما شأن كبير: الأول يدعى سنوبول والآخر اسمه نابولين. كان نابولين ضخم الجثة وقبيح الطلعة.. لا يجيد الكلام، ولكنه يشتهر بطرقته "الميكيافلية" في الوصول لما يريد، فالغاية عنده دائما تبرر الوسيلة. أما سنوبول فكان خنزيرا مفعما بالحيوية وأكثر نشاطا عن نابولين، وكان طليق اللسان وسريع البديهة، وله قدرة على الابتكار، ولكن شخصيته كانت أقل عمقا من نابولين.

ومن بين الخنازير التي كانت تنتظر ذبحها واحد اسمه سكويلر... سمين الجسد وذو وجه مدور وعينين لامعتين، وكان رشيق الحركة وحاد الصوت. كان سكويلر متحدثا بارعا له قدرة رهيبة على الحوار والإقناع.. مما حدا بالحيوانات الأخرى الى القول أن باستطاعة " سكويلر" تحويل الأسود إلى ابيض!

لقد عمل الثلاثة على توسيع مضامين حديث العجوز ميجر وجعلوا منها نظاما فكريا متكاملا أطلقوا عليه اسم "الحيوانية"، وأخذوا ينظمون اجتماعات سرية لشرح أسس ومبادئ الحيوانية. يبد أن لقاءاتهم الأولى اتسمت بكثير من النقاش السطحي واللامبالاة: كانت بعض الحيوانات تطرح مسألة الولاء للسيد جونز، وكانت تشير إليه بلقب "السيد"، أو تبدي ملاحظات عفوية مثل:
ـ "السيد جونز يطعمنا وسنموت جوعا إذا غاب".
وكان بعضها الآخر يسأل: "لماذا نكترث بشأن ما سيحدث بعد موتنا؟".
أو تقول:
ـ "بما أن الثورة ستتحقق في نهاية المطاف، فما الفرق بين أن نعمل من أجل حدوثها أو لا نعمل؟".

وكانت الخنازير تؤكد لها أن كل ذلك مخالف لمبادئ الحيوانية، أما أسخف الأسئلة فكانت تطرحها مولي، المهرة البيضاء، كقولها في أحد الاجتماعات:
ـ هل سيسمح لي بتعليق الأشرطة على رقبتي؟
فأجابها سنوبول:
ـ يا صديقتي إن الأشرطة التي تغرمين بها والتي تطوق رقبتك وتظفر عرفك ليست سوى شعارٍ للعبودية، فالحرية أسمى وأغنى كثيرا!

وكان من الصعوبة بمكان على الخنازير مواجهة الأكاذيب التي يلفقها الغراب موسيس.. لاسيما أنه متحدث بارع.. يجيد الإقناع ولفت الانتباه. وقد ادعى ذات مرة وجود مكان غامض يُدعى "جبل الحلوى" تنتقل إليه الحيوانات بعد مفارقة الحياة! وعلى الرغم من أن الحيوانات تكره الغراب لتقاعسه عن العمل ولبثه الأكاذيب والإشاعات، إلا أن بعضها كان يصدق وجود "جبل الحلوى".

كان بوكسر وكلوفر أكثر الحيوانات إخلاصا وانضباطا لهذه الدعوة. ومع أنهما كانا يواجهان صعوبة في التفكير إلا أنهما شديدا الثقة بالحنازير وسريعا الاستيعاب لما تقوله. كانا حريصين على حضور الاجتماعات السرية التي تعقد في الحظيرة، وكانا أول من يتغنى بأنشودة حيوانات إنجلترا التي تنتهي بها الاجتماعات عادة.
***
يبدو أن الظروف تهيأت لقيام الثورة قبل أوانها. فقد ساءت أحوال حياة السيد جونز، في السنوات الأخيرة، كثيرا. وعلى الرغم من أنه كان فلاحا قديرا، إلا أن الأمور أخذت منحى لغير صالحة.. لاسيما بعد أن فقد مبلغا من المال في دعوى قضائية.

وأخذ يسرف في الشرب على نحو أضر بصحته، وأهمل عمله. كان يمضي أياما بساعاتها جالسا على مقعده في المطبخ يعاقر الخمرة، ويقرأ الجرائد ويرمي فتات الخبز إلى الغراب موسيس بعد أن يبللها بالبيرة.. تاركا عمل المزرعة لرجاله الذين حذوا حذوه، فامتلأت الحقول بالحشائش الضارة وتداعت أسقف بعض المباني بعد أن أهمل صاحب المزرعة صيانتها، ولم تجد الحيوانات من يعتني بها، فرجاله ليسوا أفضل حالا منه، فهم لا يحركون ساكنا أيضا.

وذات مساء صيفي ذهب السيد جونز إلى حانة المدينة لتناول الخمر ولم يعد إلى المزرعة إلا في منتصف اليوم التالي. أما رجاله فقد حلبوا الأبقار في الصباح الباكر وذهبوا لصيد الأرانب من دون أن يتجشموا عناء إطعام الحيوانات. وعاد السيد جونز إلى المزرعة.. كان متعبا من شدة السكر، فنام في مقعده والجريدة على وجهه.

دخل الليل على الحيوانات من دون طعام؛ فنفدت مقاومتها، ولم تستطع على الجوع صبرا. وكان لابدّ مما ليس منه بدّ، فحطمت إحدى البقرات بقرونها باب مخزن المؤنة وتبعتها بقية الحيوانات إلى داخل المخزن وأكل كل حيوان ما استطاع أكله.

وعلى أصوات الصخب الذي أثارته الحيوانات الجائعة استيقظ السيد جونز واستدعى رجاله على وجه السرعة، وخلال دقائق دخل مع أربعة منهم المخزن وأوسعوا الحيوانات ضربا بسياطهم وركلا بأحذيتهم الثقيلة كيفما اتفق.

وكان ذلك اكثر مما تستطيع الحيوانات الجائعة تَحَمَُله. وبالإجماع، ومن دون تخطيط مسبق، صبت الحيوانات جام غضبها على مستعبديها، ووجد السيد جونز ورجاله فجأة أنفسهم وسط حيوانات هائجة تنطحهم وترفسهم وتعضهم من كل صوب وجانب، وخرج الوضع عن نطاق سيطرتهم. فقد أصابهم التمرد المفاجئ لحيوانات اعتادوا ضربها واثارة هلعها كلما حلا لهم، بالذعر والخوف، وسركان ما كفوا الدفاع عن أنفسهم وولوا الأدبار مطلقين سيقانهم للريح على الطريق المؤدية إلى البوابة الرئيسية، والحيوانات تجري خلفهم حتى أخرجتهم إلى الطريق العام وأوصدت البوابة خلفهم.

وحينئذ ـ فقط ـ أدركت الحيوانات ما حدث: لقد قامت الثورة وكُللت بالنجاح، وطرد جونز وزوجته وأصبحت المزرعة ملكا لها.

كان الحدث عظيماً، ويصعب تصديقه! وأصاب الذهول الحيوانات كافة حتى أكثر المتفائلين بسرعة قيام الثورة. وحينما استوعبت الحيوانات الثائرة حقيقة ما جرى، أسـرعت الى تفتيش أرجاء المزرعة للتأكد من لا أثر للإنسان داخل حدودها، ثم أقفلت عائدة إلى مباني المزرعة لإزالة ما تبقى من عهد جونز المقيت، فكسرت باب مخزن العدة وأخرجت شكائم اللجام، وحلقات الأنف، والأربطة، والسكاكين المرعبة التي كانت تذبح بها الخنازير وألقت بها في البئر كافة. أما السياط فقد أضرمت فيها النار وسط فرحة الحيوانات وسعادتها الغامرة. وفي غضون دقائق، اختفى كل ما يمت بصلة لعهد جونز.

وبعد ذلك قادها سنوبول إلى بيت المؤنة، وقدم لها حصة مضاعفة من الذرة، وقرصين من البسكويت لكل كلب، وأنهت الحيوانات الليلة أولى بعد قيام الثورة بإنشاد أغنية "حيوانات إنجلترا"سبع مرات، وخلدت الى مرابضها ونامت كما لم تنم من قبل.
***
استيقظت الحيوانات عند بزوغ الفجر كعادتها، وفجأة تذكرت الحدث الرائع الذي شهدته المزرعة يوم أمس، فأسرعت إلى المرعى حيث تجمعت فوق ربوة تطل على أرجاء المزرعة كلها. ووقفت، والدهشة تكتظ بها محاجر عيونها.. تحدق في أرجاء المزرعة على ضوء الصباح الصافي. نعم.. لقد تحقق الحلم، وصدقت "نبوءة" العجوز ميجر، وأصبحت المزرعة وما فيها وكل ما تراه أمامها ملكها.

وراحت الحيوانات ـ مأخوذة بنشوة الانتصار، والفرحة بما تحقق لها ـ تقفز من مكان إلى آخر.. كل يعبر حسب طريقته عن سعادته: تدحرج بعضها في التراب المبلل بالندى، وراح بعضها يقضم العشب الطري، وأخرى أخذت تستنشق رائحة الأرض الزكية، ووقفت اخرى تبتسم وتهز رأسها زهواً بما تراه!

وفي غمرة سعادتها، راحت الحيوانات تتجول في أرجاء المزرعة، وتبدي إعجابها بكل ما تراه وكأنها ترى ذلك لاول مرة.. غير مصدقة أن كل ذلك أصبح مُلكها: أكوام العشب، وبستان الفاكهة، ومراعي الخيول الخضراء، وبركة الماء!

وأقفلت عائدة إلى مباني المزرعة. دار جونز استحالت ملكها أيضا، لكنها وقفت مترددة أمام باب الدار.. كانت خائفة من الاقتراب منها! وبعد لحظات من الصمت والرهبة، قام سنوبول ونابولين بدفع الباب بأك****ما، ودخلت الحيوانات المنزل في صف واحد وفي منتهى الحذر خوفا من إفساد محتوياته.

ثم تجولت في أرجاء المنزل من غرفة إلى أخرى.. تمشى على أطراف أصابعها ويهمس بعضها للبعض الآخر، وكانت تحدق برهبة ودهشة فيما تراه من ترف عيش ونعيم حياة: أغطية الأسرة المبطنة بالريش الناعم، والمرايا الفاخرة، والأرائك الوثيرة المبطنة بوبر الخيول، والتحف النادرة من العصر الفكتوري.

وقبل أن تغادر الحيوانات دار السيد جونز اتخذت قراراً جماعيا بالحفاظ على المنزل وتحويله إلى متحف، واتفقت على ألاّ يسكنه من الحيوانات أحد، وألاّ يستخدم ما فيه من أثاث وأدوات!
***
بعد تناول الحيوانات طعام الإفطار، دعاها سنوبول ونابولين للاجتماع من جديد.
ـ يا رفاق!
بدأ سنوبول خطابه، وقال:
ـ الساعة السادسة والنصف الآن، وبانتظارنا يوم عمل طويل؛ فاليوم سنبدأ جز الحشيش، لكن قبل ذلك ثمة أمر آخر غاية في الاهمية ينبغي الانتهاء منه.

تبين أن الخنازير أمضت الأشهر الثلاثة الأخيرة تُعَلِّم أنفسها القراءة والكتابة بالاستعانة بكتاب تَهْجِئَة قديم يخص أطفال جونز وجدته في كومة النفايات. فقد أرسل نابولين أحدهم لإحضار عبوات من الصبغ الأبيض والأسود، ثم قاد الجميع إلى البوابة الرئيسية حيث وقف سنوبول وقد أمسك بحافره فرشاة كبيرة ـ وكان أفضل من يجيد الكتابة من بين الخنازير ـ ومسح اللوحة التي كتب عليها "مزرعة جونز" وخط مكانها "مزرعة الحيوان".. معلنا عن تغيير اسم المزرعة وإشهار اسمها الجديد من الآن فصاعدا.

وانتقل الجميع في أعقاب ذلك إلى مباني المزرعة، حيث أرسل سنوبول بطلب السلم، وأمر بوضعه على جدار الحظيرة الكبيرة. وصرّح سنوبول ونابولين أن الخنازير نجحت خلال دراستها في الأشهر الثلاثة الأخيرة في اختصار مبادئ الحيوانية إلى سبع وصايا، وقال أنها ستدون على جدار الحظيرة، وستغدو، منذ اليوم، قانونا يلتزم الجميع بتطبيقه وهو غير قابل للتغيير.
وبصعوبة تسلق سنوبول السلم، وتبعه سكويلر حاملا علب الأصباغ، وكتب الوصايا على الجدار بأحرف كبيرة بيضاء يمكن قراءتها من مسافة ثلاثين ياردة، وهي كالآتي:

الوصايا السبع:
1 ـ كل من يمشي على قدمين فهو عدو.
2 ـ كل من يمشي على أربع أقدام أو له أجنحه هو صديق.
3 ـ يحظر على الحيوان ارتداء الملابس.
4 ـ يحظر على الحيوان النوم على سرير.
5 ـ يحظر على الحيوان تعاطي الخمر.
6 ـ لا يجوز لحيوان قتل حيوان آخر.
7 ـ كل الحيوانات متساوية في الحقوق والواجبات.

ما أن انتهى سنوبول من كتابة الوصايا حتى قرأها على الأميين منهم بصوت مرتفع.. الذين ظلوا يهزون رؤوسهم كلما أنهى قراءة وصية منها.. بالموافقة حينا وبالاعجاب حينا آخر في حين حفظتها الحيوانات الأكثر ذكاء عن ظهر قلب.

بث سنوبول، بعد أن ألقى الفرشاة جانبا، روح التحدي في نفوس الحيوانات قائلا:
ـ والآن أيها الرفاق هلُمَّ بنا إلى حقل العُشْب لكي نجعل من مهمة حصاده بسرعة أكبر من تلك التي يعمل بها جونز ورجاله مسألة شرف!

وفي غضون ذلك، أبدت الأبقار الثلاث انزعاجها، وعبرت عن ذلك بالخوار بصوت مرتفع بعد أن صعب عليها التحرك بسبب امتلاء أضرعها بالحليب. فقد مضى عليها أربعٌ وعشرون ساعة منذ آخر مرة أفرغت أثداءها التي كانت على وشك الانفجار، فأرسلت الخنازير لجلب دلاء حفظ الحليب وتولت حلب الأبقار بنفسها، وسرعان ما امتلأت الأدلاء بالحليب.. الأمر الذي أثار اهتمام بقية الحيوانات، فسأل أحدها:
ـ ماذا سيحدث لكل هذا الحليب؟
فردت احدى الدجاجات:
ـ كان جونز يمزج شيئاً منه في طعامنا.
فصاح نابولين:
ـ لا عليكم بشأن الحليب، سنهتم بأمره.
وأضاف وهو يرمق الدجاجة بعين بعد أن تمعن في الأدلاء:
ـ المهم الآن الحصاد. هَلُمَّ يا رفاق إلى الحقل، سيتقدمكم الرفيق سنوبول، وسألحق بكم بعد دقائق معدودة.
وهكذا انتلقت الحيوانات بهمة ونشاط الى حقل العشب لبدء الحصاد، وحين عادت مساءً بعد أن يوم عمل كامل، لم تجد للحليب أثراً!
 
قديم 2013- 4- 19   #4
kathy
متميزة بالمستوى السابع - اللغة الانجليزية
 
الصورة الرمزية kathy
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 68281
تاريخ التسجيل: Fri Jan 2011
المشاركات: 1,687
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 6339
مؤشر المستوى: 76
kathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: الاداب بالاحساء
الدراسة: انتساب
التخصص: انجليزي
المستوى: المستوى السابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
kathy غير متواجد حالياً
رد: شخصيات رواية مزرعة الحيوانات

الفصل الثالث

جاءت جهود الحيوانات وعملها الشاق في الحصاد مردو طيب، فقد أعطت الحقول غلة أكبر مما توقع خير المتفائلين. وعلى الرغم من المصاعب الكثيرة التي واجهتها في استعمال الأدوات المصممة أصلا لاستخدام الإنسان، إلا أن الخنازير كانت دائما تجد الحل المناسب لكل معضلة وتزيل العقبات التي تعترض سير العمل.

ونظرا لمعرفتها بكل شبر من الأرض وطبيعة فلاحة المزرعة، ساهمت الخيول على نحو أكثر فاعلية في إنجاز العمل على أكمل وجه، والحقيقة أنها كانت أمهر من جونز ورجاله في جز العشب وتسوية التربة. وكان متوقعا أن تنأى الخنازير بنفسها عن الأعمال البدنية وتضطلع بزمام القيادة والإشراف على الآخرين لتفوقها العقلي على سائر الحيوانات وعلمها بأمور كثيرة يجهلها الآخرون!

وقد بذل بوكسر وكلوفر، خلال موسم الحصاد، جهدا إضافيا.. لاسيما على الة الجز ومعدات تقليب التراب، وعملا بإخلاص ومن دون كلل ممتثلين لأوامر الخنزير الذي كان يمشى خلفهما ويصرخ بين الفينة والأخرى: "حا يا رفيق" أو "قف يا رفيق" حسب مقتضى الحال.

أظهرت الحيوانات من دون استثناء حماسا منقطع النظير لإنجاز الحصاد قبل موعده، وسعى حتى اضعفها لتحقيق ذلك الهدف، وفي نهاية المطاف أكملت الحيوانات حصد الحقل في فتره أقل بيومين من المدة التي يستغرقها عادة جونز ورجاله وكانت الغلة أكثر من المعتاد ايضا!
* * *
سار العمل خلال فصل الصيف بانتظام ومثابرة.. شعرت خلاله الحيوانات بسعادة غامرة؛ فكل لقمة طعام تعطي آكلها مذاق الرفاهية ولذة العيش. وقد توفر الغذاء بعد طرد جونز المستبد، وغدا يفي حاجة سكان المزرعة واكثر، وعلاوة على ذلك كان للحيوانات حرية التمتع بأوقات فراغها.

كان متوقعا بسبب حداثة التجربة أن تواجه الحيوانات بعض المصاعب في ادارة عمل المزرعة وتنفيذه، ولكن بفضل حذاقة الخنازير معززة بقوة عضلات بوكسر، كانت الحيوانات تجد الحل المناسب لكل صعوبة تحول دون انجاز العمل.

غدا بوكسر محط إعجاب الجميع. لقد عُرف عنه، منذ عهد جونز، بقوة الاحتمال، بيد أنه صار بعد قيام الثورة بقوة ثلاثة خيول. وثمة أيام بدت وكأن أعمال المزرعة كلها ملقاة على كاهله.. كان يشاهد منذ الصباح وحتى المساء يسحب هنا ويدفع هناك، وكان موجوداً حيثما تستدعي الحاجة قوته الجبارة. وقد اتفق مع ديك لإيقاضة مبكرا نصف ساعة قبل الحيوانات الاخرى، وتبنى حكمة خاصة به "سأعمل بجهد أكبر".. جواباً لكل معضلة أو نكسة تواجهها الحيوانات.
* * *
لم تدخر الحيوانات جهداً في سبيل نجاح مبادئ الثورة وترسيخها، فعمل كل بحسب قدرته. فقد استطاع الدجاج والبط، على سبيل المثال، جمع خمسة "بوشلات" من الذرة التي كانت تسقط على الأرض أثناء الحصاد أو خلال نقلها الى المخازن.

ولقد تخلصت الحيوانات من عادات سيئة كانت تكثر من ممارستها إبان عهد جونز. فلا أحد يسرق أو يتذمر من طعامه، ولا يستبد حيوان بحيوان آخر أو يشعر بالغيرة منه، ولا أحد يتهاون في أداء مسؤولياته عدا المهر البيضاء مولي التي كانت آخر من يصل إلى موقع العمل وأول من ينصرف منه، كما لوحظ اختفاء القطة، التي أخذت تدور حولها الشبهات، عن الأنظار أثناء ساعات العمل، وتظهر أوقات توزيع حصص الطعام أو بعد انتهاء العمل.

بيد أن قيام الثورة وما طرأ على المزرعة من تغيير لم يبدل من سلوك الحمار بنجامين شيئا قط: ظل كما كان عليه دائما ينجز عمله ببطء وثبات.. لا يتهاون في عمل ولا يتطوع لعمل إضافي، وإذا سئل عن الثورة وما حققته فإنه لا يبدي حماسا ولا يعبر عن رأي!
* * *
يقدم الإفطار يوم الأحد ـ وهو يوم العطلة ـ متأخرا ساعة عن وقته المعتاد. وبعد تناول الإفطار تبدأ الطقوس الأسبوعية: حيث يرفع العلم أولا: وهو عبارة عن قماش أخضر رُسم عليه قرنٌ وحافرٌ.. يرمز اللون الأخضر لحقول إنجلترا، كما شرح لهم سنوبول، الذي صمم العَلَم ورسم عليه الشعار في حين يعبر القرن والحافر عن جمهورية الحيوان القادمة، وبعد رفع العلم تحتشد الحيوانات في الحظيرة للاجتماع العام الذي يجري خلاله وضع خطط عمل الأسبوع القادم.

وعلى الرغم من أن القرارات كانت تطرح للنقاش العام خلال جلسة الأحد، إلا أن الخنازير أعطت لنفسها الحق في اتخاذ ما تراه مناسبا من القرارات بعد سماع وجهات نظر الحيوانات الأخرى. وكان سنوبول ونابولين أكثر المجتمعين حضورا في تناول المسائل المطروحة وفي ابداء ووجهات نظرهما، لكن الملاحظ أنه قلما يوافق أحدهما على اقتراح يطرحه الآخر. وكعادتها في كل لقاء، تنهي الحيوانات اجتماعها بإنشاد "حيوانات إنجلترا".
* * *
اتخذت الخنازير من غرفة العدة مقراً للقيادة، وأخذت تتدرب مساءً على حرف مثل الحدادة والنجارة وبعض المهارات الأخرى الضرورية.. مستعينة بكتب عثرت عليه في بيت المزرعة.

وشغل سنوبول نفسه بتنظيم الحيوانات الأخرى في مجموعات أطلق عليها "اللجان الحيوانية"، فقد شَكَّلَ لجنة إنتاج البيض للدواجن، وجمعية الذيول النظيفة للأبقار، وجمعية تعليم الحيوانات البرية، وجمعيات أخرى مختلفة الأنشطة إلى جانب إدارة مدرسة لتعليم القراءة والكتابة.

وتبين لاحقا أن اللجان كانت غير مجدية، ولم تحقق شيئا مما كانت تستهدفه سوى تعليم القراءة والكتابة مع تفاوت مستوى التحصيل من جنس حيوان الى آخر. فقد تمكنت الخنازير من تعلم القراءة والكتابة بإتقان، وكان مستوى الكلاب متوسطا، واقتصر اهتمامها في هذا الجانب على تَعَلُّمْ قراءة الوصايا السبع.

موريل، العنزة البيضاء، كانت أفضل من الكلاب وكانت تقرأ في بعض الأمسيات قصاصات الصحف على مسامع الحيوانات الاخرى في حين أتقن الحمار بنجامين القراءة بنفس مستوى الخنازير لكنه لم يكن يبذل جهداً لممارستها اذ لا يوجد ـ حسب قوله ـ ما يستحق القراءة!

كلوفر تعلمت الحروف الأبجدية كلها وإن كان يستعصي عليها تكوين جمل كاملة، وتعذر على بوكسر تجاوز الحرف الرابع على الرغم من محاولاته المستميتة لتعلم المزيد! كان يخط الحروف التي يتعلمها بحافره الضخم على التراب ثم يقف وأذناه مشرعتان الى الخلف وعيناه على وسعهما محدقا بالحروف التي رسمها أمامه.

لم يكن بوسع الحيوانات الاخرى تجاوز الحرف الأول من الأبجدية، والأسوأ أن الغبية منها، كالخراف والدجاج والبط، عجزت عن حفظ الوصايا السبع عن ظهر قلب.. الأمر الذي دفع سنوبول ـ بعد طول تفكير ـ إلى إيجاز الوصايا السبع في شعار واحد "الخير في ذوات السيقان الأربعة والشر في ذوات الساقين".. مؤكدا أن الشعار يلخص ما نصت عليه وصايا الثورة، ويحتوي على المبادئ الأساسية لفكرة "الحيوانية"، وكل من يستوعب فحواها سيكون بمنأى عن التشبه بالإنسان.

اعترضت الطيور على ذلك باعتبار أنها ذوات ساقين، لكن سنوبول اقنعها بعكس ذلك، إذ قال: "جناح الطيور، يا رفاق، عضو من أعضاء الحركة وليس لممارسة أي مهارات أخرى، ويعد بذلك ساقا، أما العلامة المميزة للإنسان فهي يده التي ينفذ بها أعماله الشريرة كافة.

لم تفهم الطيور ما أسهب سنوبول في شرحه، لكنها تقبلت توضيحه اقتناعا منها بصواب آرائه، وأخذت الحيوانات الاقل ذكاءً. تحفظه عن ظهر قلب. ولتسهيل الأمر عليها كُتب الشعار بخط كبير على جدار الحظيرة فوق الوصايا السبع مباشرة. أما الخراف فقد نما لديها حب كبير للشعار بعد أن حفظته، فكانت تمضي ساعات تنشد "الخير في ذوات السيقان الأربعة والشر في ذوات الساقين" وهي مستلقية في الحقل تجتر الهواء من دون كلل أو ملل.

لم يعرْ نابولين جمعيات سنوبول اهتماما، بل كان يرى أن تعليم الأحداث أكثر أهمية. وفي هذه الأثناء ولدت الكلبتان جسي وبلوبل تسعة جِرَاء، وحالما فُطمت أخذها نابولين بحجة أنه سيتكفل بتربيتها وتعليمها، فخصص لها مكانا تحت سقف غرفة العدة يصعب الوصول إليه إلا بالسلم، فعاشت معزولة عن بقية أفراد المزرعة ولم يعد يُذكر من أمرها شيء!
* * *
لاحظت بعض الحيوانات، خلال الصيف، اختفاء حليب البقر من دون أسباب واضحة. لم يبدِ أحد اهتماما بالأمر، لكن اتضح لاحقا أن الحليب كان يخلط مع طعام الخنازير. وعندما بدأ موسم قطف التفاح، افترضت الحيوانات أنه سوف يُقَسم بينها بالتساوي، بيد أن الأوامر صدرت بجمع التفاح وتخزينه في غرفة العدة بعد أن استأثرت به الخنازير لنفسها. وعلى الرغم من تذمر الحيوانات الاخرى من ذلك، إلا أن الخنازير لم تعرْ ذلك اهتماما.. لاسيما أنها وَحَّدت موقفها في تلك القضية، حتى أن سنوبول ونابولين ـ اللذين قلما اتفقا ـ لم يختلفا بشأن ذلك الإجراء، وأبديا موقفا موحدا منه، وأُرسل سكويلر لإبداء الإيضاحات الضرورية وإزالة اللبس!

ـ أيها رفاق.
صرخ سكويلر، وهو يقفز من مكان لآخر. وقال:
ـ آمل ألا يظن أحدكم أن ما قمنا به كان بدافع حب الذات والترفع! فالحقيقة أن من بيننا نحن معشر الخنازير من يكره التفاح والحليب، وأنا شخصيا أحد هؤلاء. ولكن غايتنا الوحيدة هي الحفاظ على صحتنا، فقد أثبت العلماء أن التفاح والحليب يحتويان على مواد ضرورية للغاية لحياة الخنازير.
وأضاف قائلا:
ـ إن الخنازير، كما تعلمون، تضطلع بالمهام العقلية في المزرعة، فإدارة العمل وتنظيمه يعتمدان علينا.. نحن نسهر الليالي ولا ندخر جهدا من أجل راحتكم، لذلك السبب يا رفاق نشرب الحليب ونأكل التفاح.
وسأل بصوت هادئ، بعد ان تَفَحصَّ وجوه الحيوانات أمامه.. يبحث بعينيه اللامعتين عن مدى تأثير حديثه عليها:
ـ هل تعلمون، يا رفاق، ماذا سيحل بنا إن نحن تقاعسنا عن أداء مهامنا؟
وترك السؤال معلقا لبرهة قبل ان يجيب بصوت أعلى واكثر قوة:
ـ سيعود جونز.. أجل سيعود جونز.
ثم استدرك بصوت رخيم أراد به تجسيد حجم الكارثة التي ستحل بهم لو عجزت الخنازير عن القيام بواجبات القيادة:
ـ وطبعا لا أحد منكم يريد عودة جحونز.. أليس كذلك؟!

إذا كان ثمة شيء يحظى بإجماع الحيوانات على اختلاف أجناسها: فهو بغضها لجونز، وحين وُضع لها الأمر على هذا النحو، بات واضحاً ان مصلحة المزرعة تقتضي الحفاظ على صحة الخنازير. واتفقت الحيوانات من دون مزيد من النقاش على تخصيص محصول التفاح والحليب كله لطعام الخنازير فقط.


 
قديم 2013- 4- 19   #5
kathy
متميزة بالمستوى السابع - اللغة الانجليزية
 
الصورة الرمزية kathy
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 68281
تاريخ التسجيل: Fri Jan 2011
المشاركات: 1,687
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 6339
مؤشر المستوى: 76
kathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: الاداب بالاحساء
الدراسة: انتساب
التخصص: انجليزي
المستوى: المستوى السابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
kathy غير متواجد حالياً
رد: شخصيات رواية مزرعة الحيوانات

الفصل الرابع

بنهاية الصيف انتشر خبر ثورة حيوانات مزرعة جونز في أرجاء كثيرة من البلاد. أما جونز فقد أمضى الفترة منذ طرده من المزرعة مترددا على حانات الخمر.. متظلما لكل أذن تسمع. يشكو حاله وما وقع له على يد حيوانات مزرعته!

وتعاطف بعض الفلاحين مع جونز ليس حبا به وإنما طمعا في استثمار وضعه السيئ، وأخذ كل واحد منهم يفكر في أفضل السبل للاستفادة مما آل إليه حاله.

ومن حسن حظ الحيوانات، كانت المزرعتان المجاورتان مهملتان: إحداها تسمى فوكسووود، يملكها رجل كسول يدعى بيلكنجتون.. يقضي معظم أيامه في صيد السمك والقنص، والأخرى تسمى "بنتشفيلد"، صاحبها رجل قاسي الطباع يدعى فريدريك عرف عنه تورطه في قضايا قانونية واشتهر بتعنته في المساومة. ولم يكن الرجلان يكنان لبعضهما من الود شيئا، ولا كانا على وفاق قط حتى للدفاع عن مصالحهما المشتركة!

لم يأخذ الرجلان في البداية ما يجري في المزرعة على محمل الجد.. ظنا أن الحيوانات ستعجز عن إدارة شؤون المزرعة، وستموت جوعا بعد أن ينشب الخلاف بينها. وبمرور الأيام، ولم يتحقق شيئا مما توقعاه، وأصبحت المزرعة مصدر إزعاج لهما، وبدأ يتسلل إلى أنفسهما الخوف من انتشار تمرد المزرعة المجاورة بين حيواناتهم، فبذلا ما في وسعيهما لمنع وصول اخبار نجاح ثورة الحيوانات.

وأخذ الرجلان يروجان أكاذيب عن الأعمال الشريرة التي تمارس في مزرعة الحيوان، وكيف تبطش الحيوانات ويأكل بعضها البعض الآخر، ويستبيح بعضها إناث البعض الآخر!

كانت هذه الروايات، في الحقيقة، ضعيفة المضمون ولا تصدق. وعلى عكس ذلك، فقد انتشر الخبر في أرجاء الريف كله عن المزرعة العجيبة التي طرد منها مزارعٌ فاسدٌ، وتدبرت حيواناتها أمر نفسها بنجاح لا يخطر على بال. فقد دأب سنوبول ونابولين طوال الوقت على إرسال أسراب من الحمام إلى المزارع المجاورة لإخبارها بتمرد الحيوانات على الإنسان وتعليمها "أنشودة حيوانات انجلترا"!
* * *
وذات يوم من أيام شهر أكتوبر عادت مجموعة من الحمام تدور في الهواء مضطربة وحطت أمام الحظيرة الكبيرة، وأعلنت أنها شاهدت جونز ورجاله ومعهم ستة من رجال فوكسوود وبنتشفيلد قادمين في طريقهم إلى المزرعة.. يحملون العصي وعلى رأسهم جونز مسلحا ببندقية نارية. كان واضحا أنهم قادمون لاستعادة المزرعة.

بيد أن الحيوانات لم تؤخذ على حين غرة، فقد توقعت ذلك منذ مدة، وأعدت العدة للتعامل معهم والتصدي لهجومهم: فسنوبول، الذي درس كتاباً عن حملة يوليوس قيصر وجده في دار جونز، كان مؤهلا لتولي الشؤون العسكرية والتخطيط للعمليات الدفاعية. وبمجرد أن أعطى الأوامر اتخذ كل حيوان موقعه المناسب.

ما كاد جونز ورجاله يقتربون من مباني المزرعة حتى دفع سنوبول بخط هجومه الأول حيث أمر الحمام، وكان عددها خمس وثلاثين، بالإغارة على الرجال من فوق رؤوسهم؛ فأحدثت ارتباكا في صفوف المهاجمين. وفيما كان الرجال يتدبرون أمر الحمام من فوقهم، إذا بالإوز تظهر فجأة من مخبئها وراء سياج الشجر وأخذت تنقر الرجال في سيقانهم بشراسة وعنف.

لم يكن ذلك التكتيك سوى مناورة لبث الفوضى في صفوف المعتدين وتشتيت قوتهم، وكان من السهل على الرجال ضرب الإوز وإبعاده بعصيهم. وفي هذا الوقت دفع سنوبول بخط هجومه الثاني حيث اندفع على رأس مجموعة من الخراف وبنجامين وميوريل نحو جونز ورجاله، وأخذوا يرفسونهم وينطحونهم من كل جانب، بيد أن الرجال، وللمرة الثانية، تغلبوا على الحيوانات بعصيهم وأحذيتهم المصفحة بالحديد والمسامير. وفجأة وبصيحة من سنوبول، التي كانت إشارة بالانسحاب، تراجعت الحيوانات هاربة نحو البوابة ومنها إلى الساحة.

تعالت صيحات الانتصار بين الرجال، فقد ظنوا أن عدوهم يفر هاربا من أرض المعركة، فاندفعوا خلفه من دون نظام. وهذا ما كان يهدف إليه سنوبول‘ إذ ما أن أصبح الرجال وسط الساحة حتى اندفعت الخيول الثلاثة والأبقار وبقية الخنازير فجأة خلفهم وقطعت عليهم الطريق. وأعطى سنوبول إشارة الهجوم.. بدأه بنفسه حيث انطلق بسرعة نحو جونز الذي سرعان ما رفع بندقيته وأطلق النار تجاه فأصابه بخدوش طفيفة في ظهره، وأصابت رصاصة أخرى أحد الخراف فأردته قتيلا. ومن دون تردد ألقى سنوبول بثقله على رجلي جونز فأطاح به وسط كومة السماد وطارت بندقيته وسقطت في بركة الطين.

ولعل أعظم وقائع المعركة إثارة وعنفا تلك التي خاضها بوكسر: كان يقف منتصبا على قائمتيه الخلفيتين ويسدد اللكمات بحوافره الحديدية وكأنه حصان يافع. وكانت أولى لكماته من نصيب صبي الإسطبل في مزرعة فوكسوود، فأصابته في رأسه وطرحته أرضا بلا حركة.

وإزاء ما واجهوه، دخل الرعب قلوب الرجال فألقوا عصيهم وولوا الأدبار، وجرت الحيوانات كلها خلفهم.. تطاردهم في دائرة حول الساحة! لم يبق حيوان إلا وانتقم لنفسه. وبعد خمس دقائق من بدء الغزو عاد الرجال يجرون ذيال الهزيمة إلى الطريق الذي قدموا منه.

فر المهاجمون جميعا إلا صبي الإسطبل.. وحين حاول بوكسر تحريكه بحافره ولم يبد الصبي حراكا، أعلن بأسف وفاته:
ـ لقد مات الصبي.. لم أقصد قتله.
وصرخ سنوبول والدماء تسيل من خدوشه:
ـ لا مجال للعواطف أيها الرفيق! الحرب حرب.. هناك إنسان واحد جيد ـ الميت فقط.
ولكن الصبي لم يكن ميتا.. كان مغمى عليه فقط، وحالما استعاد وعيه فر هاربا.

عمت الفرحة المكان، وأخذ كل حيوان يصف مآثره البطولية بأصوات عالية، وعلى الفور نظم احتفال ارتجالي بمناسبة النصر، رُفع خلاله العلم ورددت الحيوانات نشيد "حيوانات إنجلترا" مرات عدة، ثم أقيمت مراسيم دفن مهيبة للخروف المتوفى.. اختتمها سنوبول بخطاب قصير دعا فيه الحيوانات إلى الاستعداد للموت في سبيل مزرعتها إذا اقتضت الضرورة.

استحدثت الحيوانات وساماً أطلقت عليه "وسام بطل الحيوانات" من الدرجة الأولى وخُلع على سنوبول وبوكسر على أن يلبس في أيام الآحاد والأعياد. وهو عبارة عن قطعة نحاسية عثر عليها في غرفة العدة، ومنح وسام "بطل الحيوانات" من الدرجة الثانية للخروف المتوفى.

وبعد انتهاء الاحتفال بالنصر، دخلت الحيوانات في جدل طويل حول تسمية المعركة، ولكنها اتفقت في نهاية المطاف على اطلاق اسم "معركة حظيرة البقر" حيث وقعت أحداث المعركة، واُتفق على نصب بندقية جونز، التي وجدت في الوحل قرب سارية العلم، وإطلاق النار منها مرتين في العام احتفاء بمناسبتين: عيد الثورة ويوم النصر.


 
قديم 2013- 4- 19   #6
kathy
متميزة بالمستوى السابع - اللغة الانجليزية
 
الصورة الرمزية kathy
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 68281
تاريخ التسجيل: Fri Jan 2011
المشاركات: 1,687
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 6339
مؤشر المستوى: 76
kathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: الاداب بالاحساء
الدراسة: انتساب
التخصص: انجليزي
المستوى: المستوى السابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
kathy غير متواجد حالياً
رد: شخصيات رواية مزرعة الحيوانات

لفصل الخامس

مع اقتراب فصل الشتاء، أخذت مولى تثير المزيد من المتاعب بتكاسلها الدائم وأعذارها الواهية للتهرب من أداء عملها واتصالاتها المشبوهة برجال المزارع المجاورة. وفي أحد الأيام رأتها كلوفر تتحدث مع أحد رجال مزرعة فوكسوود من وراء السياج.. وكان يداعبها ويمسح بيده على وجهها، فحذرتها، ولكن مولي نفت كل ما قالته كلوفر.

وبعد ثلاثة أيام اختفت المهرة البيضاء ولم يعرف عنها شيء. وفي وقت ما بعد ذلك قالت الحمامة أنها شاهدت مولي في الجانب الآخر من السياج.. يمتطيها أحد رجال مزرعة بيلكنجتون! ومنذئذ ذلك الوقت انقطعت أخبرها، ولم يعد يأتي أحد على ذكرها في المزرعة.
***
كان الشتاء قارصا، وغدت الأرض صلبة كالحديد؛ فتعذر على الحيوانات العمل ولم يكن في المزرعة ما يمكن القيام به، بيد أن الحيوانات استبدلت الجهد البدني بجهد ذهني، فنَظمت اجتماعات عديدة في حظيرة الخنازير التي شغلت نفسها بالتخطيط لأعمال فصل الربيع القادم.

أصبحت الخنازير الآن تضطلع بدور القيادة لما عُرف عنها من ذكاء وفطنة، فكانت تتخذ القرارات المتعلقة بشؤون المزرعة وتعرضها على الحيوانات للتصويت عليها.

وكان لهذا الوضع أن يستمر من دون عوائق لولا الخلاف المتواصل بين سنوبول ونابولين. كانا يختلفان على كل نقطة يمكن الاختلاف عليها، وحين لا يجدان ما يختلفان عليه، كانا يثيران قضايا لا لشيء غير تأكيد اختلاف وجهتي نظريهما: فإذا أقترح أحدهما تخصيص مساحة أكبر من الأرض لزراعة الشعير، سيقترح الآخر تخصيص مساحة اكبر للشوفان. وكان لكل منهما أسلوبه ومؤيدوه للحصول على التأييد الذي يتحول أحيانا إلى جدل عنيف. وغدا واضحا أن ثمة صراع خفي يدور بين الاثنين!

اشتهر سنوبول بخطبه الرائعة في الاجتماعات، وكانت تلك وسيلته للحصول على الأصوات، في حين عُرف عن نابولين قوة شخصيته لكسب أصوات المقترعين، وكان يحظى بشعبية واسعة بين الخراف، التي أخذت مؤخرا تهتف بـ"الخير في ذوات السيقان الأربعة والشر في ذوات الساقين".. مما يعرقل أحيانا سير الاجتماع. ولوحظ أيضا ميلها، وعن عمد، للثغاء خلال تطرق سنوبول للمسائل الحساسة في خطبه أو حين تشتد المناقشة وترتفع الأصوات.
***
غدا خلاف سنوبول ونابولين السمة البارزة والمشتركة لكل المناقشات التي تدور حول المشاريع المطروحة للنقاش في الاجتماعات، لكن أكثرها إثارة للجدل ومخيباً للآمال تلك التي برزت أثناء مناقشة موضوع بناء طاحونة الهواء. فقد اقترح سنوبول بناء طاحونة هواء لتشغيل مولد كهراء يزود المزرعة بالطاقة اللازمة لإنارة مرابض الحيوانات وتدفئتها، وتشغيل المنشار الكهربائي وآلة الحلب.

لم تسمع الحيوانات عن شيء مثل ذلك من قبل، فراحت تصغي بدهشة إلى سنوبول وهو يرسم لها صور الآلات العجيبة التي ستقوم بعملها في حين ترتع هي في الحقل أو تُحسن مستوياتها الفكرية بالقراءة أو النقاش.

أنهى سنوبول خلال أسابيع المخططات المطلوبة لإنشاء طاحونة الهواء مستعينا بثلاثة كتب علمية وجدها في مكتبة جونز لمعرفة التفاصيل الميكانيكية والإنشائية. واستفاد أيضا من حظيرة صغيرة لها أرضية خشبية لرسم المخططات وبناء المجسمات والتي نمت بعد فترة وجيزة، وأصبحت كومة من الأذرع والعجلات المسننة تغطي أكثر من نصف مساحة المكان. وعلى الرغم من أن الحيوانات الأخرى أظهرت جهلها بتلك المجسمات لكنها لم تخفِ اعجابها بذلك الإنجاز الرائع، وكانت تأتي مرة واحدة يوميا على الأقل لمشاهدة مجسمات المشروع.

أما نابولين فقد اتخذ موقفا معارضا من طاحونة الهواء منذ البداية، ودفع بمعارضته المزرعة بكأملها إلى انقسام حاد حول مسألة بنائها. لم ينكر سنوبول أن بناء الطاحونة يتطلب تضحيات جساماً، ويستدعي بذل جهود ضخمة لاقتلاع الأحجار وبناء الجدران وتثبيت المراوح، وسيحتاج إلى مولد كهرباء وأسلاك، لكنه لم يتطرق إلى مسألة توفير هذه المواد وادعى أنه يمكن إنجازها خلال سنة واحدة.

وزعم أن تشغيل الطاحونة سُيغني الحيوانات عن متاعب جمة، فلن تضطر للعمل سوى ثلاثة أيام في الأسبوع فقط. نابولين، من جهته، برر معارضته للطاحونة على أساس أن الحاجة تستدعي الآن زيادة إنتاج الطعام، وأكد إن بناء الطاحونة ليس سوى مضيعة للوقت ستفضي في نهاية الأمر إلى هلاك الحيوانات جوعا!

انقسمت الحيوانات على نفسها: انضوت فئة منها تحت شعار "صوت لسنوبول ولثلاثة أيام عمل في الأسبوع"، ورفعت أخرى شعار "صوت لنابولين وللعلف الكامل". بنجامين ـ الحمار ـ وحده عبر عن سخطه لهذا التحزب، ورفض الانحياز لأيٍ من الطرفين. لم يكن مقتنعا بالأسباب التي جعلت الحيوانات تختلف، " فلا الطعام سيكون وفيرا ولا أيام العمل ستقل".. بهذا أسر لنفسه، وحين سئل عن سبب موقفه من وجهتي النظر أجاب وفي نبرة صوته سخرية لم يخفها: "طاحونة أم من دون طاحونة، ستستمر الحياة كشأنها دائما مزرية".
***
خلاف الخنزيرين: سنوبول ونابولين لم يقتصر على طاحونة الهواء وحسب، فقد اختلفا أيضا حول أسلوب الدفاع عن المزرعة. فعلى الرغم من هزيمة جونز ورجاله في معركة حظيرة البقر كانت الحيوانات على يقين تام من أن الرجال سيعاودون الكرة في محاولة أخرى أكثر عزما وشراسة لاستعادة المزرعة وتنصيب جونز.. لا حباً فيه، وإنما خوفاً من انتشار فكرة التمرد إلى حيواناتهم التي أضحت أكثر عنادا من أي وقت مضى بعد أن تسرب إليها خبر ما جرى في مزرعة "جونز"!

وكعادتهما في كل اجتماع، اختلف سنوبول ونابولين حول كيفية اتخاذ التدابير اللازمة للدفاع عن المزرعة، فقد اقترح نابولين الحصول على بنادق نارية وتدريب الحيوانات على استعمالها في حين دعا سنوبول إلى تصدير الثورة إلى المزارع المجاورة، واقترح إرسال الحمام إلى المزارع الأخرى لتحريض حيواناتها على التمرد، ومن ثم إلى أي مكان بوسعها الوصول إليه.

الأول أكد وجهة نظرة بأهمية امتلاك القوة المسلحة للدفاع عن النفس لتفادي الهزيمة، وقال الثاني: لا حاجة للدفاع عن النفس إذا نجحت ثورة الحيوانات في المزارع الأخرى. وظلت الحيوانات تتابع حجة كل منهما وهو يحاول إقناعها بوجهة نظره، لكنها كانت غير قادرة على ترجيح أَحدهما على الآخر لاختيار الأسلوب الأفضل لمواجهة العدو. والحقيقة أنها كانت دائما تستحسن رأي المتحدث أثناء حديثه.
***
وأخيرا جاء اليوم الذي طرحت فيه قضية بناء الطاحونة للتصويت بعد أن أكمل سنوبول مخططاته. فقد وقف أمام الحيوانات المجتمعة في الحظيرة الكبيرة مؤكدا أهمية بناء الطاحونة على الرغم من المقاطعة التي كان يثيرها ثغاء الخراف بين الحين والآخر، ثم وقف نابولين للرد عليه، فاختصر حديثه في بضعة كلمات. قال إن بناء الطاحونة غير مجد، وكرر وصفه لها بالسذاجة، ودعا الحيوانات إلى رفض فكرة بنائها، وجلس وملامح الإخفاق تبدو عليه!

وإلى هنا كانت أصوات الحيوانات متوزعة بالتساوي تقريبا، لكن سنوبول هب واقفاً وأخذ يرسم صورة زاهية لحياة الحيوانات في المزرعة عندما ترفع الأعمال المنحطة عن كاهلها؛ فالكهرباء، كما شرح للحيوانات المجتمعة، سوف يشغل محركات الدراسة، والمحاريث، وآلات الحصاد، ومعدات تسوية الأرض إلى جانب توفير الإنارة والمياه الساخنة، وأجهزة التدفئة لكل مربض. وبعد أن أنهى سنوبول حديثه وقد رجَّحت بلاغته وقوة حجته كفة بناء الطاحونة، لم يعد ثمة شك في نتيجة التصويت.

وإذ تأكد نابولين أن الهزيمة ستكون من نصيبه، وقف وعيناه يتطاير منهما الشرر وأطلق صيحة عالية لم يسمع لها مثيل من قبل.. ارتفع على إثرها خارج الحظيرة نباح مخيف، واقتحمت الحظيرة تسعة كلاب ضخمة تطوق أعناقها ياقات نحاسية، واندفعت مباشرة نحو سنوبول الذي تفادى قبضة أسنانها في الوقت المناسب.

وتدافعت الحيوانات الخائفة الى البوابة لمشاهدة المطاردة: كان سنوبول يركض عبر المرعى المرتفع الطويل المؤدي إلى الطريق العام بأقصى سرعة ممكنة لخنزير في مثل سنه، وكانت الكلاب تجري خلفه، وفجأة انزلقت قدمه فسقط، وتأكد للحيوانات التي كانت تتابع المطاردة بعيون ملؤها الدهشة أن الكلاب انقضت عليه، لكنه سرعان ما نهض ليواصل الهرب، وبذل في اللحظة الأخيرة جهدا مضاعفا لإبعاد الكلاب عن ذيله. وحين سنحت له الفرصة لم يدخر جهدا في الانسلال داخل حفرة تحت سياج المزرعة. اختفى سنوبول ولم يشاهد له أثر منذ ذلك الوقت.

تقهقرت الحيوانات إلى داخل الحظيرة بهدوء وقد تملكها رعب شديد؛ فجثمت متراصة الأجساد وبصمت أخذ بعضها يحملق في عيون البعض الآخر بحثاً عن تفسير لما كان يحدث أمام أعيونها!

لم يتعرَّف أحد في البداية على هذه المخلوقات الغريبة الشرسة التي كادت تقضي على سنوبول، ولكن سرعان ما تضح الأمر، فبعد أن هدأَ روعها تذكرت الحيوانات الجِرَاء التي أخذها نابولين من أحضان أمهاتها وتولى رعايتها بعيدا عن الأنظار! وعلى الرغم من أن نموها لم يكتمل، إلا أن أجسامها كانت ضخمة وأشكالها متوحشة كالذئاب، ولوحظ أنها كانت تهز ذيولها لنابولين مثلما كانت الكلاب الأخرى تفعل مع جونز.
* * *
اعتلى نابولين المنصة ووقفت خلفه الكلاب التسعة، وأعلن أنه لا يرى مبرراً لمواصلة عقد اجتماعات يوم الأحد، وقال إنها مجرد مضيعة للوقت. أما المسائل المتعلقة بعمل المزرعة فستبت في أمرها لجنة مختصة من الخنازير وسيضطلع هو شخصيا برئاستها ولكن من دون مناقشتها مع الحيوانات الأخرى، وستستمر مراسيم رفع العلم وإنشاد "حيوانات إنجلترا"، وستُعطى التعليمات بشأن العمل كالعادة.

وعلى الرغم من شدة الصدمة التي خلفها طرد سنوبول في نفوس الحيوانات، إلا أن إلغاء اجتماع أيام الأحد أصاب الحيوانات بالهلع، وعندما أراد بعضها الاعتراض على القرار، لم تجد الحجة المناسبة، حتى بوكسر أبدى تذمره، وحاول جاهدا حشد أفكاره غير أن عقله لم يسعفه، ولم يستطع في النهاية التعبير عن وجهة نظره، فلاذ بالصمت.

بيد أن مجموعة من الخنازير كانت أكثر وضوحا في التعبير عن انزعاجها، حين استهجنت أربعة منها يافعة القرار، فتقدمت نحو المنصة وأعلنت بصوت عال معارضتها لإلغاء الاجتماع، ولكن الكلاب المحيطة بنابولين أطلقت فجأة زمجرة توعد أرغمت الخنازير المناوئة على السكوت والعودة ذليلة إلى أماكنها. وبعد ذلك ارتفعت أصوات الخراف تهتف "الخير في ذوات السيقان الأربعة والشر في ذوات الساقين" لمدة ربع ساعة حتى انفض الاجتماع.

وبعد أن هدأت الحيوانات واستوعبت حقيقة ما جرى، أرسل سكويلر لشرح الترتيبات الجديدة فقال:
ـ أيها الرفاق، إنني على ثقة أنكم تقدرون التضحيات إلى يبذلها الرفيق نابولين لتحمل هذا العبء الإضافي بنفسه. أرجو ألا يخطر ببال أحدكم أن الزعامة متعة بل على العكس إنها مسؤولية ثقيلة وصعبة للغاية.

وبصوت متهدج تابع حديثه:
ـ لا أحد أكثر إيمانا بمبدأ المساواة بين الحيوانات من الرفيق نابولين.. كان بوده أن يجعلكم تتدبرون شؤونكم بأنفسكم، وتتخذون ما يناسبكم من القرارات، ولكنه يخشى عليكم، فقد تتخذون قرارات خاطئة لا تصلح لكم! نفترض مثلا أنكم وافقتكم الخائن سنوبول في هذيانه لبناء الطاحونة، فإلامَ سيؤول حالٌكم؟ إنه كما تعلمون ليس سوى مجرم أراد خداعكم!
وأعترض أحد الحيوانات قائلا:
ـ لكنه قاتل بشجاعة في معركة حظيرة البقر.
ورد سكويلر:
ـ الشجاعة وحدها لا تكفي.. الولاء والطاعة أهم من ذلك. أما بالنسبة لمعركة حظيرة البقر فسيأتي الوقت المناسب للكشف عن دور سنوبول المبالغ فيه. إننا في عصر النظام يا رفاق، فالانضباط الصارم هو شعار اليوم. زلة طفيفة وسيدوس عدونا على أعناقنا، وبالتأكيد أنتم لا ترغبون في عودة جونز.

ومرة أخرى، كانت هذه الحجة كفيلة بالإجابة عن التساؤلات كافة ‘ فلا أحد من الحيوانات يحن إلى عصر العبودية والذل! ومن أجل ذلك أبدت الحيوانات استعدادها وعن طيب خاطر للتنازل عن حق المشاركة في اتخاذ القرارات. حتى بوكسر، الذي كان لديه متسع من الوقت لإعادة التفكير، عبر عن هذا التحول في الرأي قائلا: "إذا كان هذا ما يقوله الرفيق نابولين، فالرفيق نابولين دائما على حق". ومنذ ذلك الوقت اعتنق شعارا آخر "نابولين دائما على حق" إلى جانب حكمته الشهيرة ""سأعمل بجهد أكبر".
***
جاء الربيع بعد شتاء قارص شهدت خلاله المزرعة تحولات جساماً، وبدأت الحيوانات العمل في الحقل بهمة ونشاط.. كانت تجتمع كل يوم أحد الساعة العاشرة في الحظيرة لتتلقى الأوامر الأسبوعية. بيد أن طريقة جلوسها اختلفت في هذه الاجتماعات عما اعتادت عليه في المرات السابقة. فقد كان نابولين يتصدر الجلسة على منصة مرتفعة وبجانبه سكويلر، وتجلس الكلاب التسعة حولهما على شكل نصف دائرة في حين تجلس بقية الخنازير خلفهم بانتظام. أما الحيوانات الأخرى فكانت تجلس قبالتهم وسط الحظيرة. وكان نابولين يقرأ أوامر العمل بأسلوب عسكري صارم، ثم ينتهي الاجتماع بنشيد "حيوانات إنجلترا" مرة واحدة فقط.. بعده تتفرق الحيوانات كلٌ في سبيله.
***
كانت الحظيرة الصغيرة التي بنى فيها سنوبول مجسمات الطاحونة قد أغلقت بعد طرده، واعتقد الجميع أنها هُدمت، لكن نابولين فاجأ الجميع عندما أعلن، بعد ثلاثة أسابيع فقط من طرد سنوبول، أنه يجب مواصلة التخطيط لبناء طاحونة الهواء، ولم يعط سببا لتغيير رأيه غير أنه حذر الحيوانات من أن العمل الإضافي يستدعي جهدا كبيرا ومزيدا من التضحية، وربما تطلَّب تخفيض حصص الطعام أيضا.

وفي المساء جاء سكويلر، مرة أخرى، لكشف ما اكتنف الموضوع من غموض، وتوضيح ما استعصى على بعض الحيوانات فهمه، إذ قال:
ـ لم يكن الرفيق نابولين في الواقع معارضا لفكرة إنشاء طاحونة الهواء، بل على العكس كانت من بنات أفكاره وهو الذي دعا في البداية إلى إقامتها. أما المخططات التي رُسمت في الحظيرة الصغيرة فإنها سرقت من مجموعة أوراق الرفيق نابولين. فالطاحونة في الواقع هي من وحي اختراعه.
وأنبرى أحد الحيوانات متسائلا:
ـ ولكن لماذا عارض بقوة إنشاءها؟
نظر سكويلر إليه بخبث ثم نقل عينيه إلى الوجوه أمامه، ورد متباهياً:
ـ ذلك يا رفاق وجهٌ من أوجه البراعة السياسية والحنكة التي يتمتع بها الرفيق نابولين، فاعتراضه على الطاحونة ليس سوى مناورة ذكية للإطاحة بسنوبول.. ذلك المخلوق الخطير ذو التأثير السيئ.
واستطرد:
ـ والآن وقد أصبح سنوبول خارج المزرعة، ولم يعد يشكل خطراً على أحد، غدا بوسعنا متابعة تنفيذ المشروع من دون تدخله، وهذا يدعى تكتيكاً.
وأعادها عدة مرات وهو يهز ذيله ويضحك حبوراً:
ـ "تكتيك" يا رفاق "تكتيك".

هل فهمت الحيوانات التي اجتمع بها سكويلر شيئا مما كان يعنيه بتلك الكلمة؟ لا طبعا! لكن طريقته القوية للإقناع معززة بزمجرة الكلاب الثلاثة التي رافقته، كانت كفيلة بقبول إيضاحاته ـ وان لم تستوعبها الحيوانات ـ بلانقاش.




الفصل السادس

بذلت الحيوانات خلال العام الذي انقضى جهدا عظيما وشاقاً واشتغلت كالعبيد، لكنها كانت سعيدة بعملها، فلم تأسف لعطاء أو تضحية. كانت تعلم أن مردود عملها سيكون لها وسيعود بالفائدة للأجيال القادمة من بعدها، وليس لإشباع رغبات إنسان كسول لا عمل له سوى قطف ثمار كدها!

ومع أن متوسط العمل الأسبوعي ارتفع إلى ستين ساعة أسبوعيا، إلا أن نابولين طلب من الحيوانات، في شهر أغسطس، العمل بعد ظهر أيام الآحاد تطوعاً، وحذر من أنه سيصار إلى خفض حصة طعام من يعفي نفسه من ذلك العمل إلى النصف. هذا الإجراء لم يحقق الغرض منه، ومع ذلك كان من الأهمية بمكان التوقف عن مواصلة بعض أعمال المزرعة على الرغم من أن انتاج حصاد الموسم كان دون مستوى غلة العام الماضي. وغدا من السهل تكهن الحيوانات كافة بحجم المتاعب التي ستواجهها خلال الشتاء القادم.
***
بعد اتخاذ قرار بناء الطاحونة، واجهت الحيوانات مصاعب غير متوقعة. فرغم وجود مقلع حديد للحجر الجيري في المزرعة، وتوفر الرمل والإسمنت في أحد المخازن الخارجية، إلا أن قطع الصخور إلى أحجام مناسبة للبناء شكلت، في البداية، صعوبة استعصت على الحل.

فجميع المعدات الموجودة هي للاستعمال الآدمي، واستخدام العتلة والمثقاب يستدعي وقوف من يستخدمهما على رجليه الخلفيتين. وبعد أسبوع من المحاولات توصل أحدهم إلى فكرة مناسبة تقوم على الاستفادة من قوة الجاذبية الأرضية؛ فجرى بناء محجر على سفح أحد التلال لتكسير الصخور.

تفاوت عمل الحيوانات كل حسب طاقته، ولكنها اشتركت جميعها في عملية سحب الصخور الكبيرة إلى أعلى التلـة وإسقاطها ليرتطم بعضها ببعض ويتكسر إلى قطع صغيرة تستطيع الحيوانات حملها إلى موقع بناء الطاحونة. وما كاد الصيف ينتهي حتى تجمعت كمية كافية من الصخور وبدأ البناء تحت إشراف الخنازير.

كانت تلك الطريقة بطيئة ومضنية للعمل، فكثير ما كان يستغرق سحب صخرة واحدة إلى المحجر يوماً كاملاً من العمل الشاق، وأحياناً كانت لا تنكسر بعد إسقاطها من حافة المحجر. ولولا قوة بوكسر التي تكاد تساوي قوة بقية الحيوانات مجتمعة ما تحقق شيء يذكر.

كانت كلوفر تحذره، بل وتتوسل إليه ألا يلحق الأذى بنفسه بسبب ما كان يضع على عاتقه من عمل، لكنه لم يكن يصغي إلى تحذيرها ولم يعر توسلاتها اهتماماً. ويبدو أن حكمته "سأعمل بجهد أكبر" وشعاره "نابولين دائما على حق" هما الجواب الشافي لكل ما كان يعتري حياتهم من مصاعب.

وعلى الرغم من ان العمل المضني والإضافي الذي بذلته الحيوانات طوال فصل الصيف، إلا أن وضعها لم يكن أسوأ مما كان عليه، وكان الإحساس بأن كدها لم يعد يذهب لإطعام خمسة أفواه بشرية عظيما ولا يقابله شيءٌ!
***
وبمرور الصيف نفدت مؤن عديدة: كزيت الإضاءة والمسامير وبسكويت الكلاب وأحذية الخيول.. وكلها مواد لا يمكن إنتاجها في المزرعة.. فضلا عن حاجة المزرعة في المستقبل للبذور والسماد المصنع والعديد من المعدات إلى جانب آلات الطاحونة.

كيف سَتُوفر هذه المعدات والمؤن؟ لا أحد يعلم ذلك، لكن نابليون أعلن أثناء اجتماع يوم الأحد أنه قرر اعتماد سياسة جديدة: فاعتباراً من الآن فصاعدا ستدخل المزرعة في تبادل تجاري مع المزارع المجاورة. "ليس لأي غرض تجاري" برر نابولين دواعي ذلك القرار "وإنما لمجرد توفير مواد ضرورية.. والمزرعة بأشد الحاجة إليها. وأكد ذلك قائلا: "إن متطلبات الطاحونة تأتي فوق كل اعتبار".

لقد كان نابولين يعد لبيع كمية من العلف وجزء من المحصول الحالي للشعير. وإذا استدعت الحاجة، لاحقا، لمزيد من المال سيباع البيض. خاصة أنه من المواد الغذائية المطلوبة دائماً في ولينجتون، وذكَّّرَ الدجاجات أن عليها الترحيب بتلك التضحية باعتبارها مساهمة منها في بناء طاحونة الهواء".

ومرة أخرى، أبدت الحيوانات امتعاضاً بسبب غموض الأمر. "لا تعامل مع الإنسان، لا تعامل بالتجارة، لا تعامل بالمال" أليست هذه أولى قرارات الثورة بعد طرد جونز؟ أجل.. فالحيوانات جميعها تتذكر هذه اللاءات أو تعتقد في الأقل أنها تتذكرها!

رفعت الخنازير اليافعة التي اعترضت في الماضي على إلغاء الاجتماعات أصواتها محتجة، لكنها سرعان ما سكتت حين زمجرت الكلاب المحيطة بنابولين وأرغمتها على الجلوس. وكعادتها أخذت الخراف تهتف "الخير في ذوات السيقان الأربعة والشر في ذوات الساقين". وواصل نابولين حديثه بعد أن رفع حافره طالبا منها السكوت:"إن هذا لا يستدعي الاتصال بالإنسان. فقد وافق محام يدعى "ويمبر" على التوسط بين المزرعة والعالم الخارجي حيث سيزور المزرعة صباح كل يوم اثنين لتسلم التوجيهات". ثم ختم خطابه بصيحته المعتادة: "تعيش مزرعة الحيوان". وبعد التغني بـ"حيوانات إنجلترا" انصرفت الحيوانات إلى مرابضها.

وبعد الاجتماع قام سكويلر بجولته المعتادة لإقناع الحيوانات بصواب رأي نابولين، وألمح في حديثه إلى أن القرار الذي يحرم العلاقات التجارية مع الإنسان لا وجود له أصلاً وإنما هو مجرد أكاذيب من صنع خيال سنوبول.
***
في غضون ذلك، نقلت الخنازير فجأة مقر إقامتها إلى بيت المزرعة (مسكن جونز سابقاً)، وأُرسل سكويلر لإقناع الحيوانات، التي أبدت مرة أخرى استياءها، بأنَ الضرورة تحتم إقامة الخنازير، وهي العقل المدبر للمزرعة، في مكان هادئ للعمل. وليس ثمة مكان يليق بمقام "القائد" ويحفظ له كرامته أفضل من بيت المزرعة بدلاً من الزريبة القذرة التي كان يعيش فيها مع بقية الخنازير!

لوحظ في الآونة الاخيرة أن سكويلر بدأ يطلق لقب "القائد" على نابولين.

وبعد أيام آل إلى مسامع الحيوانات أن الخنازير تأكل طعامها في المطبخ وتستعمل غرف الجلوس للترفيه وأخذت تنام على الأسرة. مر الخبر على بوكسر وهو في غمرة ترديد شعاره المعهود "نابولين دائماً على حق" في حين توقفت كلوفر عن العمل حين سمعت الخبر وغشاها الذهول.. جلست تسترجع ذاكرتها إلى الأيام الأولى للثورة. أجل، إنها تتذكر قانوناً صريحاً يحظر على الحيوانات النوم على الأسرة.

ولتطمئن نفسها ذهبت إلى طرف الحظيرة لقراءة الوصايا السبع المكتوبة على الجدار, ولكن تعذر عليها قراءة أكثر من حروف منفردة، فعادت تبحث عن موريل، واصطحبتها الى حيث كتبت الوصايا، وطلبت منها قراءة الوصية الرابعة:
ـ ماذا تقول الوصية، ألا تحرم النوم على الأسرة؟!
وبصعوبة قرأت موريل الوصية: "يحظر على الحيوان النوم على سرير تفرش عليها أغطية".
يا للعجب! كلوفر لا تتذكر أن الوصية الرابعة تضمنت شيئا عن الأغطية، ولكنها موجودة على الحائط. فلِمَ العجب إذن!

وقد استطاع سكويلر، الذي صادف مروره من هناك يرافقه كلبان أو ثلاثة كلاب، توضيح المسألة ووضعها في نصابها الصحيح إذ قال:
ـ لعلكم سمعتم يا رفاق أننا معشر الخنازير ننام على أسرة بيت المزرعة؟
وفي صوته نبرة استنكار تساءل:
ـ ولِمَ لا؟ هل اعتقدتم أن ثمة قانون يحرم النوم على الأسرة؟
وأخذ يحرك رأسه من جانب لآخر قبل أن يوضح ما التبس على الحيوانات:
ـ كلا يا رفاق كلا.. فالسرير ليس سوى مكان للنوم. كومة القش في الإسطبل يمكن اعتبارها سرير، وعارضة الخشب للدجاج هي بمثابة سرير، والقانون ليس ضد الأسرة وإنما ضد الأغطية التي هي بدعة بشرية.

واستردك وهو يبتسم:
ـ لقد أزلنا الأغطية عن الأسرة وننام الآن بين البطانيات. لا شك أن الأسرة مريحة للغاية، ولكنها ليست الراحة التي تزيد عن حاجتنا، فعملنا الفكري يتطلب قدراً من الراحة، ولا أعتقد أنكم تعترضون على توفيرها لنا. فنحن الخنازير إن تعبنا لن نتمكن من أداء مهمتنا على أكمل وجه! ولا أعتقد أن أحد منكم يرغب في عودة جونز؟
وسأل وهو يتفحص بعينيه اللامعتين الوجوه أمامه:
ـ أليس هذا صحيحاً يا رفاق؟
أما وقد بدا الأمر على هذه الصور، فقد أبدت الحيوانات لسكويلر مباشرة موافقتها على هذه النقطة، ولم يأتِ أحد على مسألة نوم الخنازير على الأسرة مرة أخرى. وعندما أعلن، عصر أحد الأيام، أن الخنازير سوف تستيقظ في الصباح متأخرة ساعة واحدة عن بقية الحيوانات لم يعترض أحد على ذلك أيضاً.
***
حل شهر نوفمبر ومعه جاءت رياح جنوبية عاتية، فاضطرت الحيوانات إلى وقف أعمال البناء بسبب رطوبة الأرض واستحالة خلط الأسمنت. وفي إحدى الليالي بلغت قوة الرياح أشدها، فاهتزت لها مباني المزرعة حتى تطايرت بعض قطع قراميد من أسقفها. وعندما خرجت الحيوانات من مرابضها في صباح اليوم التالي، شاهدت سارية العلم محطمة على الأرض قطعاً، وشجرة البق في طرف البستان وقد اُقتلعت من جذورها كنبات الفجل. وفي هذه اللحظة بالذات، أطلقت حناجر الحيوانات صيحات يأس بصوت واحد من هول ما رأته، فقد أتت الريح على الطاحونة وسوت بها الأرض، وغدت أثرا بعد عين.

هرعت الحيوانات إلى موقع الطاحونة وعلى رأسها نابولين، الذي قلما كان يمشي مسرعاً، ووقفت حزينة مذهولة أمام الخسارة الفادحة غير قادرة على النطق والتفكير. فها هو شقاؤها وثمرة جهدها تذهب في مهب الريح، وها هي الصخور التي قاست الويل من أجل تكسيرها ونقلها قد تبعثرت في أرجاء المكان كله.

نابولين وحده كان يتحرك.. يذرع المكان جيئة وذهابا، وينفخ الأرض بين الحين والآخر وكان ذيله منتصبا في إشارة إلى أنه في حالة نشاط ذهني حاد، ثم توقف فجأة، وكان شيءٌ ما قد تمخض عن ذلك التفكير.
ـ أيها الرفاق..
قال بهدوء..
ـ هل تعلمون من المسؤول عن هذا؟ هل تعلمون من العدو الذي جاء ليلاً ودمر طاحونة الهواء؟
وتوقف عن ذرع المكان طولا وعرضا، ورفع خَطْمه عن الأرض الرطبة، وهدر بصوت كالرعد، قبل أن يقول:
ـ إنه سنوبول! ولا أحد سواه.. فعل ذلك بدافع الحقد والانتقام، فقد تسلل تحت جنح الظلام ودمر جهد سنة كاملة بغية إعاقة خططنا وعرقلة سير تقدمنا.

وبعد قليل:
ـ أيها الرفاق لقد ارتكب سنوبول خيانة عظمى بحق بني جنسه، وإني أعلن من هذا المكان عقوبة الإعدام بحق هذا الخائن، ومكافأة وسام الحيوان من الدرجة الثانية، ونصف بوشل من التفاح لمن يحضره أمام العدالة، وبوشلا كامل لمن يلقي القبض عليه حياً.

سرت بين الحيوانات صيحات السخط والغضب، وبدأ كل واحد منها يفكر في طريقة للقبض على سنوبول. وبعد ذلك مباشرة اكتشفت آثار أقدام خنزير على العشب بقرب الهضبة الصغيرة، فاقتفتها الحيوانات لبضع خطوات حتى اختفت في جحر داخل جنينة من الشجيرات الكثة. شم نابولين الآثار وأعلن أنها تخص سنوبول. وقال أنه ربما جاء من ناحية مزرعة فوكسوود.
ـ لا داعي للتأخير أكثر مما ينبغي لاً يا رفاق.
قال نابولين عندما انتهى من فحص آثار أقدام سنوبول، وأضاف:
ـ أمامنا عمل علينا إنجازه على أكمل وجه وفي أسرع وقت ممكن: سنبدأ هذا الصباح بإعادة بناء الطاحونة، وسوف نستمر بالعمل طوال الشتاء.. سواء كان الطقس ممطراً أم مشمساً. إلى الأمام يا رفاق، فلتحيا الطاحونة ولتحيا مزرعة الحيوان، وليعرف هذا الخائن البائس أنه لا يستطيع تحطيم عزمنا بهذه السهولة.


 
قديم 2013- 4- 19   #7
kathy
متميزة بالمستوى السابع - اللغة الانجليزية
 
الصورة الرمزية kathy
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 68281
تاريخ التسجيل: Fri Jan 2011
المشاركات: 1,687
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 6339
مؤشر المستوى: 76
kathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond reputekathy has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: الاداب بالاحساء
الدراسة: انتساب
التخصص: انجليزي
المستوى: المستوى السابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
kathy غير متواجد حالياً
رد: شخصيات رواية مزرعة الحيوانات

الفصل السابع

كان الشتاء قارصاً وقاسيا، وكان شديد الوطأة، فقد حملت العواصف معها بَرَداً فصقيعاً ثم ثلجاً، واستمر الطقس سيئاً حتى وقت متأخر من شهر فبراير. وعلى الرغم من ذلك واصلت الحيوانات بناء الطاحونة، ولم تدخر جهدا في سبيل انجاز ما نوت عليه.. وهي تعلم أنها أصبحت محط أنظار العالم الخارجي، وأن المزارعين الحاقدين سوف يرقصون فرحاً إن لم تُنجز الطاحونة في الوقت المحدد.

وقد شكك جيران المزرعة في صحة اتهام سنوبول بهدم الطاحونة، وقالوا إنها تداعت بسبب ضعف جدرانها، لكن الحيوانات لم تعترف قط ببراءة سنوبول. ومع ذلك تقرر بناء الجدران بسمك ثلاثة أقدام بدلاً من قدم ونصف كما كان في المرة السابقة.. الأمر الذي ترتب عليه أعمالاً إضافية بسبب الحاجة لجمع كميات أكبر من الصخور.

وتحملت الحيوانات وطأة العمل وشدته تحت ظروف طقس قارس، وفقدت الأمل الذي كان يمدها بالقوة، وكانت دائمة الشعور بالبرد والجوع. بوكسر وكلوفر هما الوحيدان اللذان لم يتسلل اليأس إلى قلبيهما. وعلى الرغم من أن نابولين واصل إلقاء خطبة الرائعة عن حب العمل وشرف الكد، إلا أن الحيوانات كانت تجد السُّلْوَانَ في قوة بوكسر وحكمته الخالدة "سأعمل بجهد أكبر"!

***
في شهر يناير، تعرضت المزرعة لنقص حاد في المُؤْنَة، وخُفضت حصص الذرة بنسبة كبيرة، وأعلن عن زيادة حصة البطاطا تعويضاً عن ذلك النقص. ثم تبين أن معظم مخزون البطاطا أصابه الصقيع وأصبح فاسداً لا يصلح للأكل. وأمضت الحيوانات أياماً لا تأكل سوى العشب والبنجر، وبدت المزرعة وكأنها على وشك التعرض لمجاعة ستطال الجميع ولن ينجو أحد من الموت جوعا.

كان من الأهمية بمكان إخفاء هذه الحقيقة عن العالم الخارجي.. ولاسيّما أن المزارعين أخذوا، بعد هدم الطاحونة، يروجون إشاعات وأكاذيب عن مزرعة الحيوان! فقد أشاعوا ثانية أن الحيوانات تعاني أمراضا فتاكة، وأنها في حالة قتال دائم بعد أن دفع الجوع بعضها إلى أكل لحم بعضها الآخر ووأد صغارها!

كان نابولين يدرك جيدا التداعيات السلبية التي ستترتب على انتشار الخبر ومعرفة العالم الخارجي حقيقة الوضع المعيشي في المزرعة، فقرر الاستفادة من ويمبر لإشاعة انطباعات مغايرة تدحض إشاعات جيران المزرعة!

كان اتصال الحيوانات بـ"ويمبر" خلال زياراته الأسبوعية حتى الآن معدوماً أو في أضيق الحدود. بيد أن الأمر استدعى هذه المرة التعامل معه على نحو مختلف بهدف نقل رسالة إلى الخارج تؤكد أن المزرعة ليست على وشك التعرض للمجاعة، وأن كل ما قيل وأشيع ليس سوى أكاذيب مغرضة.

وقع الاختيار على عدد من الحيوانات.. اغلبها خراف. وأوعز لها نابليون بإبداء ملاحظات على مسمع بويمبر تفيد بزيادة حصص الطعام. وبالإضافة إلى ذلك أمر نابليون بملء صناديق المؤنة الفارغة تماماً بالتراب إلى حوافها ثم جرى تغطيتها بما تبقى من الحبوب والغِلاَل.

وخلال زيارته الأسبوعية اصطحب نابولين ويمبر بذرائع مناسبة في جولة شملت مخزن المؤنة، وسَمَحَ له بإلقاء نظرة خاطفة على الصناديق؛ فوقع ويمبر فريسة الخداع وواصل نقل أخبار المزرعة إلى العالم الخارجي مؤكداً أن مزرعة الحيوان لا تعاني نقصاً في الطعام.

وعلى الرغم من ذلك، بات واضحاً في نهاية شهر يناير ضرورة توفير كميات كبيرة من الحبوب بغض النظر عن مصدرها.

وأثناء ذلك أصبح ظهور نابولين نادراً، وكان يمضي جل وقته في بيت المزرعة الذي تقوم على حراسة أبوابه كلاب ضَّواري، وإذا خرج فإنه يخرج بمظهر احتفالي مهيب.. تحيط به ستة من كلاب الحراسة الخاصة تصدر زمجرة مخيفة كزمجرة الرعد كلما حاول أحد الاقتراب منه! وأصبح يتخلف عن اجتماعات أيام الأحد، واكتفى بإصدار الأوامر من خلال أحد الخنازير.. سكويلر عادة.

***
في صباح أحد أيام الأحد أعلن سكويلر أنه ينبغي على الدجاج، الذي بدأ يضع البيض مرة أخرى، تسليم بيضها للإيفاء بتعهد أبرمه نابولين وتوسط فيه ويمبر لتوفير أربعمائة بيضة أسبوعياً. وسوف يستفاد من أسعار البيض لشراء ما يكفي من حبوب لإطعام حيوانات المزرعة حتى الصيف حين تتحسن أحوال الطقس.

أطلق الدجاج إثر سماع هذه الأوامر صيحات رهيبة، فعلى الرغم من أنها أُنذرت سلفا أنه قد يُطلب منها تقديم هذه التضحية الضرورية، إلا أنها لم تصدق أنه سيأتي يوم ستطالب فيه بالتخلي عن حقها في التكاثر، فقد أنهت للتو إعداد الاعشاش استعداداً لوضع البيض ليفقس خلال فصل الربيع. وأعلن الدجاج عن سخطه ورفضه لهذا الإجراء وعدّه جريمة بحق بني جنسه. ولأول مرة، منذ طرد جونز، شهدت المزرعة تمرداً قادته ثلاث دجاجات سوداء، وأظهر الدجاج عزماً على إحباط خطة نابولين.

عبر الدجاج عن رفضه لوضع البيض على عوارض عالية ليسقط منها على الأرض ويتهشم. ورد نابولين بحزم وقسوة على تمرد الدجاج، إذا أمر بقطع حصصها من الطعام وأعلن عقوبة الإعدام لمن يقدم ولو حبة شعير لها، وكلف الكلاب بمراقبة الحيوانات والتأكد من تنفيذ أوامره.

تمرد الدجاج لم يدم طويلاً إذ فقد القدرة على الصمود؛ فاستسلم في اليوم الخامس وعاد إلى صناديق وضع البيض بعد أن دفن تسع دجاجات نفقت جوعاً أثناء الحصار، وبذلك وفرت المزرعة كمية البيض المتفق عليها في الوقت المناسب وأخذت شاحنة صاحب البقالة تصل إلى المزرعة بانتظام أسبوعياً لاستلام البيض ونقله إلى الخارج.

***
انقطعت في هذه الفترة أخبار سنوبول ولم يعد يُذكر من أمره شيئاً سوى إشاعات تفيد باختفائه في إحدى المزرعتين المجاورتين: فوكسوود أو بينتشفيلد. وكانت علاقات نابولين مع جيرانه في هذه الفترة أفضل قليلا عما كانت عليه من قبل.. لاسيما أن ويمبر نصحه ببيع كومة من خشب الزان كانت مهملة في الساحة منذ عشر سنوات بعد أن نقل له رغبة الجارين في شرائها، إلا أن نابولين ظل مترددا بين الاثنين غير قادر على اتخاذ القرار المناسب.

ثم أن الحيوانات لاحظت أنه كلما اقترب نابولين من الاتفاق مع فريدريك، تكثر الإشاعات عن وجود سنوبول في مزرعة فوكسوود بينما يصار إلى بث أقاويل عن اختفائه في مزرعة بينتشفيلد عندما يميل الاتفاق نحو بيلكينجتون.

شهدت المزرعة، بحلول الربيع، بعض الحوادث المزعجة.. نسبت إلى سنوبول. فقد أشيع أنه أخذ يتردد على المزرعة ليلاً! مما أزعج الحيوانات كثيراً إلى حد أنها لم تستطع الخلود إلى مرابضها. كان الحديث يدور حول تسلل سنوبول كل ليلة وتحت جنح الظلام وارتكاب كثيرا من المفاسد! بعضهم اتهمه بسرق الذرة وإفساد جرار الحليب وكسر البيض، وقال آخرون إنه داس البذور وقضم لحاء أشجار الفواكه.

وجرت العادة أنه كلما تضرر شيء أو تعطل توجه أصابع الاتهام إلى سنوبول: فإذا كُسر زجاج نافذة أو سُدَّ مجرى الصرف الصحي، فمن المؤكد أن أحدا سيدعي أن سنوبول جاء أثناء الليل وفعل ذلك، وعندما فُقِدَ مفتاح بيت المؤنة كانت الحيوانات كلها مقتنعة أن سنوبول هو الذي رمى المفتاح في البئر. ومما يثير الاستغراب أن تهمة لم ترفع عن سنوبول حتى بعد العثور على المفتاح المفقود تحت كيس الحبوب. كما ادعت الأبقار كافة أن سنوبول تسلل إلى مرابضها وحلبها أثناء نومها.

قرر نابولين إجراء تحقيق شامل في أنشطة سنوبول وتولى بنفسه عملية البحث عن أدلة تؤكد التهم الموجهة للخنزير المطرود، فخرج من بيت المزرعة تحيط به كلابه لتفتيش المباني والحقول والمراعي، وتبعته بقية الحيوانات على مسافة مناسبة تليق بمكانة "القائد".

كان يقف كل بضع خطوات.. يَشُمُّ الأرض بحثاً عن آثار أقدام سنوبول مدعيا أن بوسعه معرفة رائحته بحاسة الشم، فبحث عنها في أرجاء المزرعة كافة ولم يترك زاوية إلا ودس أنفه فيها: الحظيرة وزريبة الأبقار وقفص الدجاج ومزرعة الخضروات، وفي كل منها عثر على آثار أقدام سنوبول. كان يضع أنفه على الأرض ويزفر عدة مرات، ثم يرفع رأسه عاليا ويطلق صيحة مخيفة "سنوبول كان هنا.. نعم، فأنا أستطيع شم رائحته!" وما أن كان يذكر اسم سنوبول حتى تكشر الكلاب عن أنيابها الجانبية وتصدر عواءً ترتعد له الأوصال.

تملك الرعب ذلك اليوم الحيوانات وكان خوفها شديداً، وبدا لها سنوبول كشبح لا يرى.. يحيط بها في الهواء ويتوعدها بالانتقام، وفي المساء استدعاها سكويلر للاجتماع وأخبرها، وقد طفح وجهه بخطورة الأمر، أنه يحمل لها أنباء خطيرة للغاية! وصرخ وهو ينط بعصبية من مكان الى آخر:
ـ أيها الرفاق، لقد اكتشفنا أمرا في غاية الخطورة. لقد باع سنوبول نفسه لفريدريك صاحب مزرعة بينتشفيلد، الذي يعد العدة الآن لمهاجمتنا والاستيلاء على مزرعتنا.. يعاونه في ذلك الخائن سنوبول الذي سيكون دليله عندما يبدأ الهجوم.
واستطرد:
ـ كنا نظن أن وراء تمرد سنوبول الانتقام والطموح الشخصي في تولي زعامة الثورة. هذا ما كنا نظنه، ولكن الحقيقة خلاف ذلك يا رفاق!
وبعد أن مرّ بنظره على الوجوه التي أمامه، تساءل:
ـ هل تعلمون السبب الحقيقي؟
وبعد قليل:
ـ كان سنوبول عميلاً لجونز منذ البداية! نعم كان عميله السري طوال الوقت؛ فقد أثبتت الوثائق التي كُشف النقاب عنها مؤخرا، والتي تركها خلفه، أمره وأكدت بما لا يدع مجالا للشك انه خان بني جنسه.
وأضاف:
ـ هذا أيها الرفاق يفسر كثيرا من الغموض الذي اكتنف سلوكه. أفلم نرَ بأعيننا كيف حاول، ولحسن الحظ لم يفلح، في مساعدة العدو على هزيمتنا وتحطيمنا في معركة حظيرة البقر؟!

ذهلت الحيوانات كافة لهول ما سمعت، فقد تجاوز سنوبول بعمله الخبيث هذا كثيرا تحطيم طاحونة الهواء، وتطلب الأمر بضع دقائق قبل أن تستوعبه: أخذت تتذكر ـ أو بدا لها ذلك ـ شجاعة سنوبول وإقدامه في معركة حظيرة البقر، وكيف كان يثير حماسها ويستجمع قواها ويوجهها في المعركة، ولم تهمد عزيمته للحظة حتى عندما أصيب برصاص جونز في ظهره.

صعب على الحيوانات، في البداية، تفسير الأمر، فكيف يقاتل إلى جانبها ويعرض حياته للخطر وهو عميل لجونز! وحتى بوكسر، وهو قلما يسأل، جلس بعد أن وضع حافريه الأماميات أسفل بطنه وأغمض عينيه ثم استجمع أفكاره، وقال:
ـ لا أصدق ذلك، لقد قاتل سنوبول بشجاعة في معركة حظيرة البقر وشاهدته بنفسي.
ثم تساءل بعد أن استجمع مزيدا من صور المعركة وما تلاها:
ـ ألم نقلده وسام بطل الحيوان من الدرجة الأولى فور انتهاء المعركة؟!

ـ لقد أخطأنا يا رفيق.
واستدرك سكويلر:
ـ لأننا نعلم الآن، حسب ما كشفت عنه الوثائق السرية التي عثرنا عليها، أنه حاول أن يقودنا إلى حتفنا.
ورد بوكسر:
ـ ولكنه كان مصاباً وقد شاهدناه يركض والدم ينزف من ظهره.
فصاح سكويلر قائلا:
ـ لم يكن ذلك سوى جزء من الخطة؛ فرصاصة جونز خدشت جسده ليس غير، وبوسعي تقديم البرهان على ذلك وبخط يده لو كنت تعرف القراءة. فقد كلف سنوبول بإثارة الرعب والفرار من أرض المعركة في اللحظة المناسبة بناء على إشارة من العدو، وكاد ينجح في مسعاه لولا يقظة وشجاعة قائدنا العظيم نابولين.

وصرخ وقد زادت سرعة حركة ذيله:
ـ ألا تتذكرون كيف ولى سنوبول الأدبار، وتبعته بعض الحيوانات، في اللحظة التي دخل فيها جونز ورجاله الميدان؟ ألا تذكرون كيف دخل الرفيق نابولين في مواجهة العدو حين دبّ الهلع في نفوس الحيوانات، وهو يصرخ "الموت للإنسانية" وغرز أسنانه في رجل جونز! لا بد أنكم تتذكرون ذلك يا رفاق؟

بعد أن أعاد لهم سكويلر مشاهد المعركة بالتفصيل بدا للحيوانات وكأن شيئاً مما قاله حدث بالفعل. فهي تتذكر أنها شاهدت سنوبول يهرب من أرض المعركة في اللحظة الحرجة.

بوكسر وحده ظل مضطرباًَ ومشوش التفكير، وعبر عن ذلك قائلاً:
ـ لا أعتقد أن سنوبول كان خائناً في البداية.. كان رفيقاً صادقاً في معركة الحظيرة على الرغم مما بدر منه بعد ذلك الحين.
وقاطعه سكويلر بنبرة واثقة وبطيئة للغاية:
ـ لقد أعلن قائدنا الرفيق نابولين إن سنوبول كان عميلاً لجونز منذ البداية حتى قبل التفكير في الثورة.
ـ آه، الأمر مختلف إذن! فالصدق ما يقوله الرفيق نابولين، وقائدنا العظيم دائما على حق.

وما كاد بوكسر ينهي حديثه، صرخ سكويلر وهو يثني عليه:
ـ هذه هي الروح الحقيقية يا رفاق.
وإن قال ذلك، الا أن الحيوانات لاحظت أنه رمق بوكسر بنظرة وقحة من عينيه البراقتين. وقبل أن يستدير للخروج أضاف:
ـ إني أحذر الحيوانات كافة في هذه المزرعة بأن يأخذوا الحيطة والحذر لأننا نعتقد، ولأسباب وجيهة، أن بعض عملاء سنوبول السريين مندسون بيننا في هذه اللحظات!
***
بعد أربعة أيام أمر نابولين الحيوانات بالتجمع في الساحة. وإذ أكتمل الحضور خرج عليهم من بيت المزرعة وعلى صدره وسامان جديدان ـ منح نابولين نفسه مؤخراً وسام بطل الحيوانات من الدرجة الأولى وبطل الحيوانات من الدرجة الثانية ـ ترافقه كلابه الضخمة التسعة وهي تصدر نباحا أثار القشعريرة في أوصال الحيوانات كافة؛ فجثمت مرتعدة في أمكانها.. وهي تعرف مقدماً أن أمراً جللاً وقع أو كاد!

وقف نابولين مُتَجَهِّم الوجه يحصي رعيته، ثم أطلق صوتا حاداً اندفعت على إثره الكلاب إلى الأمام وأمسكت بأربعة خنازير من آذانها وجرتها، وهي تصرخ من الألم وترتعد من الخوف، إلى تحت أقدام نابولين.

وأمام دهشت الجميع وذهولهم ألقت ثلاثة من الكلاب أجسادها على بوكسر الذي تلقف أحدها بحوافره الضخمة في الهواء وأطاحه أرضاً، فصرخ الكلب طالباً الرحمة وفر الآخران وذيل كل منهما بين فخذيه. وهو يهم بتحطيم الكلب، نظر بوكسر نحو نابولين، فتلقى منه أمراً حازماً بترك الكلب وشأنه.

كانت الخنازير الأربعة التي جرتها الكلاب هي نفسها التي عبرت عن معارضتها لإلغاء اجتماعات يوم الأحد.. وقفت تنتظر وفرائصها ترتعد وعلت وجوهها ملامح الشعور بالذنب. واذ هدأت الجلبة، دعاها نابولين للاعتراف بجرم ما اقترفت. ومن دون انتظار طويل ، شرعت الخنازير المتهمة بالاعتراف: لقد اتصلت سرا بسنوبول منذ طرده وتعاونت معه على تحطيم الطاحونة واتفقت معه على تسليم مزرعة الحيوان لفريدريك. وأضافت إن سنوبول اعترف لها بأنه يعمل لصالح جونز طوال السنوات السابقة.

وما أن اقتربت الخنازير الأربعة من إنهاء اعترافاتها حتى هجمت الكلاب عليها ومزقتها إرباً إرباً. وبصوت أجش سأل نابولين الحيوانات إذا كان لدى أحدها ما يود الاعتراف به.

تقدمت الدجاجات الثلاث اللاتي قدن محاولة العصيان في قضية البيض إلى الأمام واعترفت أن سنوبول ظهر لها في المنام وحرضها على عصيان أوامر نابولين، وكان مصيرها الذبح أيضاً. ثم أقرت وَزَّة بإخفاء ست كيزان ذرة سرا في موسم حصاد العام الماضي وأكلتها خلال الليل. واعترفت شَاةٌ بقضاء حاجتها في بركة ماء الشرب بعد أن حرضها سنوبول على ذلك، واعترفت شاتان أخريان بقتل كبش من إتباع نابولين المخلصين. ونُفذ حكم الإعدام فيهن كلهن.

وتوالت الاعترافات ومعها توالت الاعدامات؛ فذبح كل من ارتكب جرما أو أبدى اعتراضا على أوامر نابولين.. بغض النظر عن مستوى خطورتها أو ما سببته من ضرر للمزرعة والحيوانات. وتَكَدَّسَت الجثث تحت قدمي نابولين، وامتلأ الجو برائحة الدم في سابقة لم تشهد لها المزرعة مثيلاً منذ قيام الثورة وطرد جونز!
***
وحالما انتهت المحاكمة، انسحب من تبقى من الحيوانات ماعدا الكلاب والخنازير.. كلها ترتجف وفي حالة يرثى لها. بدا الأمر رهيباً وصعب التفسير، فمنذ طرد جونز وحتى اليوم لم يقتل حيوان حيواناً آخر.

وحين بلغت الحيوانات الربوة الصغيرة حيث تبنى الطاحونة التي اكتمل نصفها، جثمت معا متلاصقة بحثاً عن الدفء والأمان: كلوفر، وموريل، وبنجامين، والبقر، والخراف، وأسراب الإوز، والدجاج. بوكسر وحده ظل واقفاً يذرع المكان جيئة وذهاباً، ويحرك ذيله الطويل الأسود من جانب لآخر، ويصدر صهيلاً خافتاً.. شجيا.. تعبيراً عن حيرته، وبعد طول تفكير قال:
ـ لا أستطيع يا أصدقائي فهم ما يجري.
وهو يهز رأسه ويزفر بقوة:
ـ لا أصدق أن مثل هذه الفظاعة يمكن أن تحدث في مزرعتنا؟! إنها بعض من عيوبنا لا شك.
واستدرك:
ـ لا أرى شيئا يُصلح من شأننا غير مزيد من العمل. نعم هذا هو الحل، ومنذ اليوم سأستيقظ مبكراً قبل ساعة كاملة.
وغادر المكان متثاقلاً نحو المحجر حيث قام بجمع حملين من الحجارة وسحبهما إلى موقع الطاحونة قبل أن يأوي إلى مربضه.

***
تطل الربوة حيث ذهبت الحيوانات على منطقة واسعة من الريف، ومنها كانت تستطيع رؤية أجزاء المزرعة: المرعى الطويل الممتد إلى الطريق العام، وحقل العشب، وبركة مياه الشرب، والحقول المروية حيث تنمو سنابل القمح الغضة كثة خضراء، وأسقف مباني المزرعة الحمراء التي يتصاعد منها الدخان، والعشب الذي يلمع كالذهب تحت أشعة شمس الربيع الدافئة.

لم تبد المزرعة للحيوانات يوماً مكاناً مفضلاً للعيش مثلما بدت لها اليوم. وعندما نظرت كلوفر نحو سفوح التلال فاضت عيناها من الدمع. ولو أتيح لها التعبير عن مكنونات نفسها لقالت "هذا ليس هو الحلم الذي سعت الحيوانات إلى تحقيقه حين تعهدت قبل سنوات بالعمل على طرد البشر من المزرعة".

ولم تكن مشاهد الرعب هذه وسفك الدماء آمالاً تطلعت إليها الحيوانات في تلك الليلة التي أشعل فيها العجوز ميجر جذوة الثورة، ولو كان في ذهنها صورة للمستقبل، فستكون لمجتمع حيوانات مستقل.. متحرر من الجوع والكرباج والسوط.. يتساوى فيه الجميع ويعمل أفراده كل بحسب طاقته: مجتمع يحمي فيه القوي الضعيف ويعطف فيه الكبير على الصغير.

وبدلاً من ذلك بلغ الحال، ولأسباب تجهلها، درجة لا يستطيع أحد فيها التعبير عن رأيه، حيث تنتشر الكلاب المسعورة في كل مكان، ويرغم الحيوان على مشاهدة رفيقه الحيوان يمزق إرباً عقابا على جرائم توقع في النفس الذعر والاشمئزاز. بيد أن تفكيرها خلا من التمرد والعصيان، فهي تعلم أنها الآن مهما ساءت أحوالها، أفضل عما كانت عليه أيام جونز وأن ما جرى كان ضرورة لرد أية فرصة لعودة جنس البشر مرة ثانية. ومهما حدث ستضل مخلصة تعمل بجد وتنفذ الأوامر الصادرة لها من دون مناقشة، وتطيع القائد نابولين.

وأخيراً، وبعد أن وجدت كلوفر في خلوتها الفكرية عوضاً عن الكلمات التي اختلجت في صدرها وعجزت عن نطقها، بدأت تغنى أنشودة "حيوانات إنجلترا" وتبعتها بقية الحيوانات وأعادتها ثلاث مرات بشكل بطئ يثير الحزن. وما كادت الحيوانات تكمل غناء الأنشودة للمرة الثالثة حتى أقبل عليها سكويلر برفقة كلبين وفي جعبته شأن هام. وثم أعلن أن الرفيق نابولين أصدر مرسوما يلغي أنشودة "حيوانات إنجلترا ". وأكد ذلك قائلا:
ـ فمنذ الآن وصاعداً يمنع منعاً باتاً غناءها.

فوجئت الحيوانات، وصاحت موريل:
ـ لماذا؟
وأوضح سكويل بلهجة قاسية:
ـ كانت "حيوانات إنجلترا" أغنية الثورة. أما وقد تحققت الثورة، وترسخ وجودها اليوم بإعدام الخونة وهزيمة الأعداء في الداخل والخارج، فليس ثمة حاجة لها. لقد كانت الأنشودة تعبيراً عن تطلعنا لإقامة مجتمع أفضل في المستقبل، وها نحن حققنا حلمنا وأقمنا ذلك المجتمع.








الفصل الثامن

بعد بضعة أيام، وقد خفت مشاعر الهلع والرعب الذي أثارته الإعدامات في أنفس الحيوانات، تذكر بعضها ـ أو بدا لها كذلك ـ أن الوصية السادسة تحظر قتل حيوان على يد حيوان آخر مثله. وعلى الرغم من أن أحد لم يجرؤْ على ذكر ذلك على مرأى ومسمع الخنازير والكلاب، إلا أن الحيوانات كانت تعلم أن الإعدام، من حيث المبدأ، مخالفا لما جاء في الوصايا السبع.

وخارج الحظيرة الكبيرة، وقفت الحيوانات تنظر الى الجدار حيث كتبت الوصايا السبع، وطلبت كلوفر من بنجامين قراءة الوصية السادسة، لكن رفض كعادته بحجة أنه لا يتدخل في أمور لا تعنيه، فسألت موريل. قرأت موريل الوصية لها: "يحظر على حيوان قتل حيوان آخر من دون سبب". وهكذا تبين لها أن الكلمتين الأخيرتين سقطتا من ذاكرتها، واتضح الآن أن الوصية لم تُخرقْ لأن ثمة سبباً وجيهاً لقتل الخونة الذين تآمروا مع سنوبول.
* * *
كان عمل الحيوانات خلال ذلك العام أكثر مشقة مقارنة بالسنة الماضية حيث أن إعادة بناء الطاحونة والانتهاء منها في الوقت المحدد اتسم بصعوبة بالغة .. لاسيما وقد تضاعف سمك جدارها، هذا فضلا عن أعمال المزرعة المعتادة.

وعلى الرغم من ساعات العمل الطويلة، إلا أن الحيوانات كانت تشعر أن حصصها من الطعام لم تعد أفضل مما كانت عليه أيام جونز. ومع ذلك كان سنوبول يقرأ عليها كل يوم أحدث قائمة بأرقام تُثبت أن الإنتاج في كل صنف من أصناف الأغذية ارتفع بنسبة 200 أو 300 أو 500 بالمائة حسب مقتضى الحال. ولم يكن ثمة ما يدعو الحيوانات للشك في صحة الأرقام لاسيما وأنها لم تعد تذكر بوضوح مستويات الإنتاج وحقيقة الأوضاع قبل الثورة.

* * *
أصبح نابولين قليل الظهور الآن، ولم يعد يشاهد إلا مرة كل أسبوعين. وإذا خرج على الحيوانات فإنه لا يخرج بصحبة الكلاب وحسب وإنما يتقدمه ديك أسود يؤدي دور"المطري".. يطلق صيحة حادة تمجيداً للقائد الهمام قبل أن يصعد نابولين إِلَى المنصة.

وأشيع أنه عزل نفسه عن بقية الخنازير، داخل بيت المزرعة، وأخذ يتناول طعامه بمفرده بعد أن اتخذ لنفسه جناحاً خاصاً، ويقوم على خدمته اثنان من الكلاب. كما أعلن أن البندقية سوف تطلق كل عام لمناسبة عيد ميلاد نابولين إلى جانب المناسبتين السنويتين الأخريين.

ولم يعد يشار إلى نابولين الآن باسمه مجردا، فقد كان يُبَجَّلَُ دائماً بلقب رسمي مثل "قائدنا العظيم الرفيق نابولين". وكانت الخنازير مغرمة باختراع ألقاب مثل "والد جميع الحيوانات"، و"مرعب البشر"، و"حامي حظيرة الأغنام"، و"صديق فراخ البط" وسواها من ألقاب. ودأب سكويلر في خطبه على التحدث، والدموع تسيل على خديه عن حكمة نابولين وخصاله الحميدة وحبه الجم للحيوانات كافة.. لاسيما تلك التي لا تزال تعاني الاضطهاد وترزح تحت نير العبودية في المزارع الأخرى.

وأصبح مألوفاً أن تعزى الإنجازات كافة وكل ضربة حظ إلى نابولين. فقد تسمع دجاجة تتحدث لدجاجة أخرى قائلة: "لقد وضعت بفضل إرشادات قائدنا الرفيق نابولين خمس بيضات في ستة أيام" أو بقرتين تتبادلان الحديث وهما تشربان من البركة فتقول إحداهما للأخرى:" شكرا للرفيق نابولين ما أعذب هذا الماء".

ولقد اتخذت الخنازير مزيداً من الإجراءات الأمنية لضمان سلامة نابولين إذا تولت أربعة كلاب حراسة سريره خلال الليل.. واحد في كل زاوية. وكلف خنزير يافع يدعى "بينكي" بمهمة تذوق الطعام قبل تقديمه لنابولين لئلا يكون مسموماً.
* * *
في غضون ذلك انهمك نابولين عبر وكالة ويمبر في مفاوضات معقده مع فريدريك وبيلكينجتون لبيع كومة الخشب. كان الأول أكثرهما حماساً للحصول عليها لكنه لم يقدم سعرا مناسبا. وفي الوقت نفسه أشيع أن فريدريك ورجاله يخططون لغزو مزرعة الحيوان وتدمير الطاحونة التي أثارت غيرته، فيما لا تزال الأخبار ترد إلى المزرعة بوجود سنوبول مختبئاً في مزرعة بينتشفيلد.

أبدى نابولين أخيراً ميلا لبيع الخشب لبيكلينجتون، كما أعلن أنه بصدد إقامة علاقة منتظمة بهدف مقايضة منتجات معينة بين مزرعة الحيوان وفوكسوود.. الامر الذي عزز العلاقة الشخصية بين الاثنين، وأصبحت ودية تقريباً وإن كان اتصالهما يجري بوسطاة طرف ثالث: ويمبر.

ومع أن الحيوانات لم تثق في بيلكينجتون بوصفه من جنس البشر، إلا أنها تفضله كثيراً على فريدريك الذي تكرهه وتخشاه في الوقت نفسه. فقد وردت الأخبار خلال فصل الصيف أنه يعد لشن هجوم على المزرعة بقوة قوامها عشرون رجلاً مسلحين بالبنادق. وعلاوة على ذلك، تسربت أخبار من مزرعة بينتشفيلد تفيد أن فريدريك يسي معاملة حيواناته ويقسو عليها، وقيل أنه جلد حصانا عجوزا بالسياط حتى نفق، وقتل كلبا حرقا في الفرن، وارتكب أعمالا وحشية أخرى تقشعر لها الأبدان!

هاجت الحيوانات وغلى دمها عندما سمعت بمعاناة رفاقها، وتمنت لو يُسمح لها بالخروج كلها للهجوم على مزرعة بينتشفيلد وطرد جنس البشر منها وتحرير الحيوانات. ولكن سكويلر نصحها بالتريث وتجنب ردود الأفعال المتهورة، ودعاهم إلى طرح ثقتهم في إستراتيجية وبصيرة الرفيق نابولين.

ازداد الشعور بالغضب اتجاه فريدريك وشرح نابولين للحيوانات، عندما اجتمع بها يوم الأحد، أنه لم يفكر قط في بيع الخشب لفريدريك فهو يعتبر التعامل مع وغد مثله دون مستوى كرامته. وفي بادرة حسن نية طُلب من الحمام الذي لا يزال يُرسلُ لنشر أخبار الثورة عدم الاقتراب من مزرعة فوكسوود، وأمرت بتبديل شعارها من "الموت للبشر" إلى "الموت لفريدريك".
* * *
بحلول الخريف، وبفضل الجهود الضخمة التي بذلتها الحيوانات، اكتمل العمل في الطاحونة من دون تأخير على الرغم من المصاعب وقلة الخبرة ووسائل العمل البدائية وسوء الحظ ومؤامرات سنوبول. اكتمل إنشاء الطاحونة على أحسن وجه ولم يبق سوى تركيب الآلات التي ما يزال ويمبر يتفاوض لشرائها.

وعلى الرغم من أن بناء الطاحونة كان مرهقا للحيوانات كافة، إلا أن فرحتها بما حققته أنستها كل ما عانته، فأخذت تدور وتدور حول تحفتها التي بدت أكثر جمالا عما كانت عليه عندما أقيمت أول مرة. وعلاوة على ذلك، كانت جدرانها أسمك مرتين عن السابق، فلا شيء غير المتفجرات يستطيع تدميرها!

وعندما تذكرت الحيوانات الجهد الذي بذلته والعقبات التي تخطتها، والتحسن الكبير الذي سيطرأ على حياتها عندما تدور المراوح وتشتغل مولدات الكهرباء، أخذت تقفز حول الطاحونة، وتطلق صيحات النصر ابتهاجا بما حققته.

نابولين حضر برفقة الكلاب والديك المطري لفحص المبنى، وقدم التهاني شخصيا للحيوانات على ذلك الإنجاز الرائع، وأعلن أن اسم الطاحونة سيكون "طاحونة نابولين".

* * *
بعد يومين، استدعيت الحيوانات الى اجتماع خاص عقد في الحظيرة. وصُدمت لهول المفاجئة حين أعلن نابولين أنه باع كومة الخشب لفريدريك، وغدا ستأتي عرباته لنقلها. كانت المزرعة طوال الفترة الماضية تبدو على وفاق مع بيلكينجتون إلا أن نابولين كان في واقع الأمر يجري اتفاقا سريا مع فريدريك.

قطعت العلاقات كلها مع مزرعة فوكسوود، وطُلب من الحمام عدم التعرض لمزرعة بينتشفيلد وتغيير شعارها من "الموت لفريدريك" إلى "الموت لبيلكينجتون". وفي الوقت نفسه أكد نابولين للحيوانات أن أخبار الغزو الوشيك على المزرعة ليست صحيحة، وشكك في صدق القصص التي تروى عن وحشية فريدريك تجاه حيواناته وقال إنها مبالغ فيها، واتهم سنوبول وعملاءه بترويج هذه الإشاعات.

وبدا الآن أن سنوبول لم يكن في الحقيقة مختبئا في مزرعة بينتشفيلد، بل لم يذهب إلى هناك قط طوال حياته، فقد كان يعيش برفاهية وبحبوحة في مزرعة فوكسوود.

ابتهجت الخنازير لحنكة نابولين ودهائه. فبإظهاره المودة لبيلكينجتون أرغم فريدريك على زيادة عرضه لشراء الخشب باثنى عشر جنيها، بيد أن ذكاء نابولين، كما شـرح سكويلر، اتضح في عدم الثقة في أي منهما اذ أراد فريدريك أن يدفع ثمن الخشب بشيء يسمى "شيك"، وهي قطعة ورق تحمل تعهدا بدفع المبلغ، لكن نابولين كان أذكى منه، فأصر على دفع المبلغ نقداً باوراق من فئة الخمسة جنيهات قبل حمل الخشب. وسيستخدم المبلغ الذي دفعه فريدريك لشراء آلات الطاحونة.

عقدت الحيوانات، بعد شحن الخشب، اجتماعا خاصا آخر في الحظيرة لرؤية أوراق النقد التي دفعها فريدريك. جلس نابولين مبتسماً، مستعرضاً أوسمته على سرير من القش نصب خصيصا له على المنصة، وبجانبه صُفت النقود بعناية في صحن صيني أحضر من مطبخ بيت المزرعة في حين وقفت الحيوانات فِي طابور طويل وراحت تتقدم ببطء للوقوف أمام الاوراق.. تحدق فيها بعيون ملؤها الدهشة! بوكسر لم يكتف برؤية النقود بل مد منخريه لشمها، فتطاير الورق الرقيق في مهب نفسه.

بعد ثلاثة أيام من ذلك الاجتماع، سمعت الحيوانات صوتاً يختنق صاحبه غيضاً من سكن نابولين في أعقاب دخول ويمبر المزرعة على دراجته مسرعا، بوجه شاحب كوجوه الأموات، وتوجهه مباشرة إلى بيت المزرعة،. انتشر خبر ما حدث بسرعة كانتشار النار في الهشيم. فقد تبين أن أوراق النقد التي دفعها فريدريك مزيفة.. أي أن فريدريك حصل على الخشب مقابل لا شيء!

اجتمع نابولين بالحيوانات مباشرة، وبصوت كزمجرة الرَّعْد اصدر حكما بالموت على فريدريك، ودعى إلى غليه حيا إذا قبض عليه. وفي الوقت نفسه حذر نابولين الحيوانات، عقب هذه الخيانة، بأن تتوقع الاسوأ فقد يشن فريدريك ورجاله في أي لحظة هجومهم الذي طال انتظاره. وأمر بوضع دوريات حراسة في مداخل المزرعة كافة. كما أرسلت أربع حمامات إلى مزرعة فوكسوود تحمل رسائل استرضاء على أمل إعادة العلاقات الطبية مع بيلكينجتون.
* * *
لم يدم ترقب الحيوانات وانتظارها طويلاً، فقد وقع الهجوم في اليوم التالي: فبينما كانت الحيوانات تتناول الإفطار، جاء المكلف بالمراقبة مسرعاً بنبأ دخول فريدريك ورجاله المزرعة من البوابة الكبيرة. وبشكل عفوي اندفعت الحيوانات مسرعة لصد الغزاة، إلا أنها هذه المرة لم تحقق النصر السهل الذي أحرزته في معركة حظيرة البقر. كان عدد المهاجمين خمسة عشر رجلاً مسلحين بست بنادق أطلقوا النار منها حالما أصبحوا على بعد خمسين ياردة تقريباً من الحيوانات التي عجزت عن مواجهة الإنفجارات الرهيبة والرصاص المميت.

وعلى الرغم من جهود نابولين وبوكسر لرص الصفوف وتنظيم خط الدفاع، إلا أن الحيوانات تقهقرت إلى الخلف بعد إصابة عدد منها إصابات قاتلة ولجأت إلى مباني المزرعة وراحت تراقب المهاجمين بحذر من شقوق وعجر خشب الجدران.

سقط مرعى الخنازير بما فيه طاحونة الهواء في يد العدو. وبدت الحيوانات ضائعة وبلا حيلة.. حتى نابولين الذي أخذ يذرع المكان جئية وذهابا من دون أن يتفوه بكلمة.

واتجهت الحيوانات بنظرات رجاء وأمل نحو مزرعة فوكسوود. كانت تتمنى لو أن بيلكينجتون ورجاله يهرعون لنجدتها، فلربما استطاعت صد الهجوم وتحقيق النصر في هذه المعركة. بيد أن الأمر جرى على غير ما تشتهيه الحيوانات، ففي اللحظة التي كانت تنتظر النجدة من بيلكينجتون، عاد الحمام الذي أرسل يوم أمس يحمل قصاصة ورق منه كتب عليها بقلم الرصاص "ذاك ما تستحقون".

ظلت الحيوانات تراقب المهاجمين من داخل مبنى المزرعة، وعندما توقف فريدريك ورجاله عند الطاحونة، تقدم رجلان يحملان عتلة ومطرقة ثقيلة ووقفا إلى جانب جدار الطاحونة، وبدا للحيوانات أنهما ينويان تدميرها؛ فسرت في الحظيرة تمتمات فزع شديد.
ـ مستحيل!
صرخ نابولين، ثم قال:
ـ لقد شيدنا جدرانا سميكة لا يستطيعون هدمها في أسبوع كامل. تحلو بالشجاعة يا رفاق!

بنجامين كان يراقب تحرك الرجال بعناية فائقة، وعندما بدأ صاحبا العتلة والمطرقة حفر ثقب قرب قاعدة الطاحونة، هز خَطْمه ببطء، وقال بسخرية:
ـ هذا ما كنت أخشاه. ألا ترون ماذا يفعلون؟ سوف يسكبون في الثقب بعد لحظة أخرى مسحوقا متفجرا.

حبست الحيوانات أنفاسها وقد أصابها الرعب، وهي تنتظر سماع دوي الانفجار، وغدا محالا عليها الخروج لاستطلاع الموقف خارج المباني الذي احتمت به. وفي غضون دقائق معدودة شوهد الرجال يركضون في الاتجاهات كافة، ثم سُمع دوى هائل ارتمت على إثره الحيوانات كافة على بطونها وخبأن وجوهها ما عدا نابولين. وحينما وقفت، شاهدت سحابة ضخمة من الدخان تخيم على موقع الطاحونة.. ما لبث أن بَدَّدَها النسيم على مهل، فبدا المكان خاليا وكأن الطاحونة لم تكن موجودة قبل قليل!

وأمام هذا المشهد المروع استعادت الحيوانات شجاعتها، وفارقها الخوف الذي اعتراها قبل لحظات واستحال غضباً عارماً ضد هذا الفعل الخسيس الحقير، وانطلقت صحيات عالية تدعو للانتقام. ومن دون انتظار أوامر اضافية هبت معاً وتدافعت إلى الأمام نحو العدو، ولم تأبه، هذه المرة، للرصاص الذي انهمر عليها كوابل البرد.

وواصلت الحيوانات تقدمهـا على الرغم من استمرار الرجال في اطلاق النار مرة تلو أخرى، وحين أصبحت على مسافة قريبة منهم هرب الرجال من ساحة المعركة وهم يجرون أحذيتهم الثقيلة جرا.

أسفرت المعركة عن موت بقرة واحدة وثلاثة خراف وإوزتين، ولم يخرج حيوان من المعركة إلا وأصيب بجروح على نحو أو آخر.. حتى نابولين الذي كان يقود المعركة من الخلف خدشت رصاصة ذيله.

ولم يخرج الرجال منها سالمين أيضاً، فقد أصيب ثلاثة منهم بكسور في رؤوسهم بضربات حوافر بوكسر القوية، وبُقر بطن أحد المهاجمين، وتعاون جيسي وبلوبيل على تمزيق سروال أحدهم. وحين باغتتهم كلاب الحراسة التسعة الخاصة بنابولين، التي أوعز إليها بالالتفاف حولهم، وهي تنبح بوحشية، تملكهم رعب شديد وشعروا بخطورة الموقف، فدعاهم فريدريك إلى الفرار قبل أن تحاصرهم الحيوانات، التي طاردتهم إلى نهاية الحقل وأشبعتهم بآخر الرفسات وهم يتسلقون السياج طلباً للنجاة.

* * *
انتصرت الحيوانات، لكن لم يكن نصرا سهل المنال، ولم يكن من دون ثمن. فقد عادت الحيوانات من أرض المعركة تزحف ببطء نحو المزرعة.. منهكة والدماء تنز من أجسادها.. سال دمع بعضها وهي تشاهد جثث رفاقها وقد تناثرت على الأرض.

وحين توقفت في المكان الذي كانت تنتصب فيه ذات مرة الطاحونة، كان الحزن شديداً؛ فلم يستطع بعضها حبس دمعها. نعم.. لقد اختفت الطاحونة من الوجود وغدت أثرا بعد عين، ولم يبقَ لتعبها أي وجود غير كومة من الصخور والتراب! حتى القاعدة دمرت جزئياً تقريباً.

وحالما اقتربت الحيوانات من مباني المزرعة ظهر لها سكويلر، الذي تخلف عن المعركة من دون تفسير، وهو يثب ويحرك ذيله بسرعة أكثر من المعتاد دليلا على الغبطة والحبور! ثم سمعت الحيوانات دوي اطلاق نار من صوب بيت المزرعة.
ـ ما مناسبة إطلاق النار هذا؟
تساءل بوكسر بعد أن رفق رأسه عاليا وحرك أذنيه صوب مصدر إطلاق النار.
فرد سكويلر صارخاً:
ـ للاحتفال بانتصارنا!
وسأل بوكسر والدماء تنزف من ركبه، بعد أن فقد حدوته وشقَّ حافره واستقرت دَزينَة من الرصاص في ساقيه:
ـ أي نصـر؟
ورد سكويلر وفي صوته نبرة اندهاش:
ـ أي نصر؟.. أي سؤال هذا أيها الرفيق؟!
وتساءل مندهشاً:
ـ ألم نطرد الإنسان من ترابنا الطاهر.. مزرعة الحيوان؟
ـ ولكنهم دمروا الطاحونة، وقد أمضينا عامين في بنائها.
ـ لا يهم! سوف نبني طاحونة أخرى أو ست طاحونات إذا شئنا.
وفي صوته نبرة استخفاف، قال بصوت أعلى مما كان:
ـ يبدو أنك لا تقدر نصرنا العظيم هذا يا رفيق. لقد كان العدو يحتل هذه البقعة التي نقف عليها الآن، وبفضل قيادة الرفيق نابولين وحنكته العسكرية استعدنا كل شبر منها!
ورد بوكسر وهو يهز رأسه مستغربا:
ـ نحن استعدنا ما كنا نملك ليس إلا!
وقد فتح عينيه على وسعهما، أكد صحة حديثه، قائلا:
ـ ذلك هو نصرنا.. ذلك هو نصرنا.

وواصلت الحيوانات مشيها حتى بلغت الساحة. كان بعضها يضلَع، وكان بعضها الآخر يجر جسده جراً، ومنها من كان يئن ألما كلما خطت قدمه خطوة إلى الأمام. وبينما كان بوكسر يتخيل العمل الشاق الذي ينتظره: بناء الطاحونة من الصفر أحس بوخز الرصاص داخل ساقه لكنه ما لبث ان استعاد حماسه المعهود حتى وإن كان خيالا. بيد أنه هذه المرة وعلى خلاف عادته، خطر بباله أنه في سن الحادية عشرة، وأن عضلاته العظيمة ربما لم تعد قوية تماما مثلما كانت عليه ذات يوم.

وبدا للحيوانات وهي تشاهد العلم الأخضر مرفرفاً، وتسمع مزيدا من دوي الرصاص، وتتلقى تهاني نابولين بالنصر أنها فعلاً حققت نصرا كبيرا.. لاسيما أن الاحتفاء بالنصر لم يقتصر على الأحياء فقط، فقد نُظمت جنازة مهيبة للحيوانات التي قُتلت خلال المعركة تقدمها نابولين بنفسه. وأعطيت الحيوانات إجازة لمدة يومين للاحتفال بالنصر، وألقيت الخطب الحماسية، وقدمت تفاحة واحدة هدية لكل حيوان، ومعها أُوقِيَّة ذرة لكل طير وثلاثة أقراص بسكويت لكل كلب.

وأطلق اسم "معركة الطاحونة" على المعركة، وأستحدث نابولين وساما جديدا أطلق عليه اسم "وسام الراية الخضراء" منحه لنفسه. وفي خضم الابتهاج والاحتفال العام بهذا النصر نست الحيوانات قضية أوراق النقود المزورة.
* * *
عثرت الخنازير بعد أيام عدة على صندوق خمر "ويسكي" في علية بيت المزرعة. كان الصندوق مهملا ولم تنتبه له الخنازير حينما انتقلت للإقامة في البيت. في وقت متأخر من تلك الليلة سمعت الحيوانات أصوات غناء عاليه اختلط معها شيء من كلمات أنشودة "حيوانات إنجلترا". ثم شوهد نابولين، وكان ذلك في حوالي الساعة التاسعة والنصف، مرتديا قبعة جونز القديمة، وهو يقفز بسرعة حول الساحة، ثم سـرعان ما اختفى داخل البيت مرة ثانية. وفي الصباح خيم صمت شديد على البيت، ولم يُسمعْ لخنزير صوت ولا شوهدت لاحدهم حركة.

كانت الساعة التاسعة صباحا تقريبا عندما أطل سكويلر من بيت المزرعة.. بطيء الخطوات وقد ضعفت قواه: عيناه غائرتان وذيله يتدلى خلفه مترهلا.. وبدا واضحاً أنه مصاب بوعكة صحية. استدعى سكويلر الحيوانات وأنبأها بأنه يحمل خبرا سيئا، وقال:
ـ الرفيق نابولين يحتضر!

ارتفعت أصوات النحيب في أرجاء المزرعة وخيم الحزن على المكان والأنفس. والدمع يفيض من المآقي حزناً، تساءلت الحيوانات فيما بينها كيف ستصير حياتها في غياب القائد نابولين. وكان من الطبيعي أن توجه أصابع الاتهام إلى سنوبول، فقد انتشرت إشاعة أنه تمكن في نهاية المطاف من دس السم في طعام نابولين!

وفي الساعة الحادية عشرة خرج سكويلر على الحيوانات مرة ثانية، وأعلن أن نابولين أصدر آخر مرسوم قبل أن يفارق الحياة: قرارا حازما ينص على "عقوبة الإعدام لمن يتناول الخمر".

خبر احتضار القائد لم يدم طويلا، فبحلول المساء تحسنت صحـة نابولين، وفي صباح اليوم التالي خرج سكويلر وأخبر الحيوانات أن نابولين يتماثل للشفاء. وفي مساء اليوم نفسه عاد نابولين لمزاولة أنشطته اليومية المعتادة، وفي اليوم التالي قيل أنه أوعز إلى ويمبر بشراء بعض الكتيبات التي تشرح صناعة البيرة وتقطير الخمر.

وبعد أسبوع أصدر نابليون أمراً بقلب تربة المرعى الصغير خلف جنينة الفاكهة بعد أن فقدت خصوبتها، حيث اتجهت النية إلى تخصيصه للحيوانات المتقاعدة. وسرعان ما انتشر خبراً آخر سريعا يقول بنية نابليون زراعته شعيراً بدل العلف.

* *آ *
وفي هذا الاثناء، شهدت المزرعة حادثا غريبا لم يتسن لأحد تفسيره. ففي إحدى الليالي ـ حوالي الساعة الحادية عشرة مساء ـ سمعت الحيوانات صوتا مدويا في الساحة فخرجت تستطلع الأمر. وفي ضوء البدر وجدت الحيوانات تحت جدار الحظيرة الكبيرة، حيث كتبت الوصايا السبع، سلما انشطر إلى جزئين وأسفله استلقى سكويلر على ظهره خائفاً وبجانبه فانوس مقلوب وفرشاة وعبوة صبغ أبيض مسكوب على الأرض. وحالما تمكن سكويلر من الوقوف ومشي، وكان يتعثر في مشيته، طوقته الكلاب ورافقته إلى بيت المزرعة، ولم يتفوه بكلمة للحيوانات التي جاءت تستطلع الأمر!

عجزت الحيوانات عن إدراك سر ما يجري سوى العجوز بنجامين الذي هز رأسه دلالة على فهم ما حدث، لكنه، وكعادته دائما، لم ينطق بكلمة ولم يفصح عما استنتجه!

وبعد بضعة أيام لاحظت العنزة موريل، حين كانت تقرأ الوصايا السبع، أن هناك وصية أخرى أيضاً يبدو أن الحيوانات حفظت فحواها بطريقة خاطئة. فقد اعتقدت أن الوصية الخامسة تقضي بأنه "يحظر على الحيوانات شرب الخمر" بيد أن هناك كلمتين لا تتذكر الحيوانات وجودهما. فالوصية في الواقع تُقرأ على النحو التالي: "يحظر على الحيوانات الإسراف في شرب الخمر".























الفصل التاسع

طال الوقت اللازم لشفاء حافر بوكسر المصاب. وقد بدأت الحيوانات إعادة بناء الطاحونة مباشرة بعد انتهاء الاحتفال بالنصر غير أن بوكسر رفض أخذ إجازة ولو ليوم واحد، وعدّ إظهار وجعه شأناً يمس كرامته.. لاسيما في تلك الظروف الصعبة التي تمر بها المزرعة. وكان يبوح ليلا بمعاناته الكبيرة من الألم لكلوفر التي كانت تضمد جرح حافره بأعشاب تمضغها وتضعها على مكان الاصابة.

وبقيت تلح هي وبنجامين عليه لكي يخفف العمل ولا يرهق نفسه بما لا تطيق، ولكنه لم يكن يصغي إليهما لأنه كما يقول لا يطمح الى شيء فيما تبقى من حياته، قبل أن يبلغ سن التقاعـد، سوى أن يرى الطاحونة منتصبة.

* * *
في بداية الثورة، وحين سُنت قوانين مزرعة الحيوان، حدد سن التقاعد للخيول والخنازير في الثانية عشرة، وللبقر بالرابعة عشرة، وللكلاب في التاسعة، وللخراف في السابعة، وللدجاج والأوز في الخامسة، وجرى الاتفاق على منح معاش مجزي للحيوانات المتقاعدة.

ومع أن أياً من الحيوانات لم يُحَلْ إلى التقاعد بعد أو على وشك بلوغ سن التقاعد غير بوكسر الذي سيبلغ سن التقاعد في أواخر صيف العام القادم، إلا أن الحديث كَثُرَ في الآونة الأخير عن هذا الموضوع.

وقد أشيع إثر الاعلان عن تخصيص المرعى الصغير خلف بستان الفاكهة لزراعة الشعير أن جانبا من المرعى الكبير سوف يحاط بسياج ويُحَوَّل إلى مرعى للحيوانات المتقاعدة، وأشيع أيضا أن معاش التقاعد للخيول سيكون خمسة أرطال من الذرة يوميا وخمسة عشر رطلا من العشب في الشتاء بالإضافة إلى حبة جزر أو تفاحة واحدة في المناسبات العامة.
* * *
كان البرد شديدا هذا الشتاء مثلما كان عليه في العام الماضي، وغدت الحياة صعبة وضاعف من قسوتها شح الطعام بعد ان خُفضت حصص الأرزاق مرة ثانية باستثناء حصص الخنازير والكلاب. ومثلما فعل في المرات الماضية لم يجد سكويلر صعوبة في إقناع الحيوانات أن الضرورة تحتم تعديل الحصص. وكان دائما يشير إلى "التخفيض" بـ"التعديل".

وأكد لها، على الرغم من ذلك، أن التحسينات التي طرأت على حياتها مقارنة بأيام جونز لا تحصى ولا تعد. ثم أثبت لها بالأرقام وهو يقرأ بصوت مرتفع وسريع زيادة في مخزون الشوفان والعشب واللفت أكثر مما كان لديها من قبل، وأشار في معرض حديثه إلى انخفاض ساعات العمل الآن، وذكرها أن مياه الشرب الآن أفضل ومتوسط أعمارها أطول.

صدَّقَتْ الحيوانات كل كلمة تفوه بها سكويلر! والحقيقة هي أنها لم تعد تتذكَّرحقبة جونز أو بالكاد تتذكر شيئا عنها. وهي تعلم أن الحياة ربما تبدو قاسية وشاقة الآن، فهي غالباً جائعة وتشعر بالبرد وتمضي وقتها أما في العمل وإما نائمة، إلا أنه لا مجال للشك، مهما تدنى مستوى معيشتها، أن الحياة كانت أسوأ في الماضي، وكانت علاوة على ذلك أقِنَّة في حين هي الآن حـرة.. وهنا يتجلى الفرق، وهذا ما لم يغفل سكويلر ذكره.

* * *
أُعلن بعد شراء القرميد والخشب أن الخنازير تعتزم بناء حجرة للدرس في حديقة بيت المزرعة. وإلى أن يكتمل البناء سيتولى نابولين نفسه تدريس الخنازير اليافعة في المطبخ. كما خصص لها جانبا من حديقة بيت المزرعة لممارسة الرياضة واللعب إلا أنها مُنعت من الاختلاط بصغار الحيوانات الأخرى.

وتزامن ذلك مع سن قانون ينص على تنحي الحيوانات الأخرى جانبا عندما تلتقي على الطريق بخنزير، ومنحت الخنازير أيضاً بغض النظر عن درجتها ميزة ربط أشرطة خضراء على ذيولها في أيام الأحـد.

* * *
وعلى الرغم من أن إيراد المحصول كان هذا العام وافرا، إلا أن المزرعة ما تزال تعاني نقصاً في الأموال اللازمة لشراء مزيد من القرميد والجير لبناء حجرة الدرس. وكان لا بد من ادخار ما يكفي من مال لتوفير آلات تشغيل طاحونة الهواء، فضلاً عن شراء مؤنة الحيوانات ولوازم المزرعة. زد على ذلك زيت الإضاءة لإنارة بيت المزرعة، وتوفير السكر الذي يتناوله نابولين من دون سائر الخنازير بعد أن منعها عن تناول السكر تفاديا لزيادة وزنها!

وفي شهر فبراير جرى، مرة أخرى، تخفيض حصص الطعام التي لم يمضِ شهران على آخر تخفيض لها، ومنع استعمال الفوانيس في الحظائر بهدف توفير زيت الإضاءة. بيد أن برنامج ترشيد الأرزاق هذا لم يطل الخنازير التي كانت تعيش في الواقع حياة ترف ورخاء وانعكس ذلك على زيادة وزنها.

* * *
في مساء أحد أيام أواخر شهر فبراير فاحت من غرفة التخمير الملحقة بالمطبخ التي أهملت منذ رحيل جونز رائحة شهية ساخنة لم تشم الحيوانات مثلها من قبل. وقال أحدهم إنها رائحة طبيخ الشعير، فأخذت الحيوانات تشم الهواء جوعاً ويسَأَل بعضُها بعضاً إن كان يُعد لها هريس ساخن للعشاء. لكنها نامت تلك الليلة ولم تذق للهريس الساخن طعما.

وأعلن نهار الأحد التالي: إنه يتعين من الآن فصاعدا تخصيص الشعير كله للخنازير، وتقرر زرع الشعير في الحقل الواقع خلف بستان الفاكهة. وسرعان ما تسرب خبر مفاده أن كل خنزير يتلقى حصة قدرها ثمن غالون من البيرة يوميا في حين يقدم لنابولين نصف غالون في سلطانية الحساء من نوع "كراون ديربي".

ومهما يكن من أمر، فإن الحيوانات وإن كانت تعاني الشدة والكفاف إلا أنها في الواقع تعيش الآن حياة حرة كريمة لم تذقها من قبل.. حياة مليئة بالأناشيد ومزيد من الخطابات والمواكب. فلقد أمر نابولين بتنظيم مسيرة عفوية أسبوعياً تهدف إلى الاحتفال بنضال وانتصارات مزرعة الحيوان.

ففي الموعد المحدد، تتوقف الحيوانات عن العمل وتنتظم في موكب عسكري يدور حول سياج المزرعة تتقدمها الخنازير ثم تتبعها الخيول فالبقر، وبعدها تسير الماعز فالطيور. وتحيط الكلاب بجانبي الموكب الذي يتقدمه دائما الديك المطري!

وكان من عادة بوكسر وكلوفر في هذه المسيرة حمل راية خضراء رسم عليها شعار الحافر والقرن إضافة إلى عبارة "يحيا الرفيق نابولين". وفي ختام الموكب تلقى قصائد إطراء ومديح للقائد نابولين، ثم يخطب فيهم سكويلر شارحا، على وجه الخصوص، زيادة الإنتاج التي تحققت مؤخراً في المواد الغذائية، ويطلق الرصاص في نهاية بعض المناسبات.

وعلى الرغم من تذمر بعض الحيوانات، بعيداً عن مسامع الخنازير والكلاب، إلا أن معظمها يستمتع بهذه الاحتفالات ويُعدها تعبيرا حقيقيا عن الحرية والسيادة، وتنسى الحيوانات، ولو لبعض الوقت، أن بطونها خاوية وأرزاقها شحيحة. وفي شهر "أبريل" أُعلنت مزرعة الحيوان جمهورية. وكان من الطبيعي ان يجري اختيار رئيسا لهذه الجمهورية، فاُنتخب نابولين رئيس بالاجماع ومن دون منازع.
* * *
في منتصف الصيف، ظهر في المزرعة فجأة الغراب موسيس بعد غياب طال بضع سنوات. لم يتغير حال الغراب تماماً، فهو لا يزال كسولا، ويتحدث بنفس الحماس السابق عن جبل حلوى السكر. كان يجثم فوق غطن شجرة فاردا جناحيه الأسودين ويتحدث لكل أذن تسمع: "هناك يا رفاق". يقول ذلك بصوت جهوري، وهو يشير إلى السماء بمنقاره الكبير:
ـ هناك على الجانب الآخر من تلك السحب السوداء التي يمكنكم رؤيتها يقع جبل حلوى السكر. في تلك البلاد السعيدة ينبغي لنا نحن الحيوانات المعذبة أن ننشد الخلود السرمدي من معاناة العمل!

وأدعى الغراب أنه ذهب الى هناك وراء بينما كان محلقا في العلى قطع السكر التي تنمو على أسياج الحقول الخضراء. "أفليس من الحق والعدل وجود حياة أخرى أفضل في مكان ما من هذا العالم؟" هكذا كانت بعض الحيوانات تتساءل وهي تصغي اليه وتصدق حديثه، وتبرر اقتناعها بصواب أفكاره. فحياتها الآن ليست سوى سلسلة من الجوع والشقاء.

بيد أن موقف الخنازير من نبوءة الغراب موسيس بجبل حلوى السكر وما حمله الى الحيوانات من بُشْرَى اكتنفه الغموض، فهي تُجْمع على تكذيب روايته، لكنها في الوقت نفسه تسمح له بالبقاء في المزرعة من دون عمل وتخصص له كأساً من البيرة يوميا.
* * *
ما كاد جرح حافره يُشفى حتى انغمس بوكسر في العمل وبذل جهدا أكبر وكأنه لم يعمل من قبل. وفي الواقع عملت الحيوانات كافة، هذا العام، كالعبيد. فإلى جانب أعمال المزرعة المعتادة وإعادة بناء الطاحونة، كانت هناك غرفة الدراسة التي أقيمت للخنازير الصغيرة التي بدأ العمل في بنائها في شهر مارس.

وعلى الرغم من ساعات العمل الطويلة والطعام القليل إلا أن عزيمة بوكسر لم يصبها الوهن، ولا كان فيما يفعله أو يقوله ما يشير إلى ذبول حيويته، فقد واصل العمل دون كلل أو ملل، وإن تغير مظهره قليلاً إذ خبا لمعان جلده وانكمش فخذاه. وعلقت بعض الحيوانات على ذلك قائلة إن بوكسر سيتعافى عندما يأتي الربيع وينمو العشب؛ لكن لا الربيع غير من حالة شيئاً ولا العشب حسن حالته الصحية. بل أنها ازدادت سوءاً.

وكان إذا صعد إلى مقلع الحجارة وهو يئن تحت وطأة حمل صخرة ثقيلة يبدو وكأن لا شيء يبقيه واقفا على رجليه غير الإصرار وإرادة الاستمرار. وفي هذه الأحايين كانت شفتاه على وشك النطق بعبارته الشهيرة "سأعمل بجهد أكبر" لكن صوته يحتبس ويعجز لسانه عن النطق بها.

وفي وقت متأخر من مساء أحد أيام الصيف، سرت إشاعة مفاجأة في المزرعة بحدوث مكروه لبوكسر، ولكن سرعان ما تبين أن ما دار من حديث لم يكن إشاعة وحسب، فقد اتضح أن بوكسر خرج وحيداً لجمع وسحب حمل من الحجارة إلى الطاحونة، وبعد بضع دقائق عادت حمامتان بالخبر: لقد سقط بوكسر.. وهو يرقد على جانبه ولا يقوى على الحركة!!

هرع نصف الحيوانات تقريباً إلى الرابية حيث تبنى الطاحونة، فوجدت بوكسر مطروحاً على وجهه بين قضبان عربة النقل "كارة"، وكان عنقه ممتدا..ً لا يقوى حتى على رفع رأسه، وعيناه تلمعان والعرق يتصبب من جسده، والدم يسيل في خيط رفيع من فمه.

وقعت كلوفر على ركبتيها إلى جانبه، وصاحت وسألته:
ـ كيف حالك يا بوكسر؟
فرد عليها بصوت ضعيف:
ـ إنها رئتيَّ، لا عليك. اعتقد أنه باستطاعتكم الانتهاء من بناء الطاحونة من دوني، فهناك ما يكفي من الحجارة. ولم يبق لي، على أية حال، سوى شهر آخر قبل بلوغي سن التقاعد الذي اتطلع إليه بلهفة.. لاسيما أن بنجامين هو الآخر يقترب من سن التقاعـد. وأعتقد أنهم سيسمحون له بالتقاعـد في نفس الوقت ليكون رفيقاً لي.

وعندما طلبت كلوفر من أحدهم الذهاب فورا لاطلاع سكويلر بما حدث، هرعت الحيوانات كافة إلى بيت المزرعة لنقل خبر إصابة بوكسر. وحدها كلوفر ظلت بجانبه في حين وقف بنجامين على رأسه يهش الذباب عن وجـه من دون أن ينطق بكلمة.

وبعد ربع ساعـة ظهر سكويلر معبرا عن كامل تعاطفه واهتمامه، وقال إن الرفيق نابولين تلقى خبر وقوع مكروه لأحد أخلص العمال في المزرعة بأسى عميق، وإنه يجري اتصالات لترتيب نقل بوكسر وعلاجه في المستشفى بمدينة ويلينجدون.

شعرت الحيوانات بشيء من القلق، وأبدت انزعاجاً من فكرة نقل بوكسر إلى خارج المزرعة. فباستثناء مولى وسنوبول، لم يغادر المزرعة أحد من الحيوانات قط، ولم ترقْ لها فكرة وجود رفيق مرض تحت رحمة بني البشر، لكن سكويلر أقنعها بيسر أن الطبيب البيطري في ويلينجدون سوف يعالج حالة بوكسر بشكل أفضل مما يمكن عمله له في المزرعة.

وبعد مضي نصف ساعة تقريباً، استعاد بوكسر شيئا من عافيته، فوقف بصعوبة على قوائمه، واستطاع المشي عرجا إلى مرقده في الحظيرة حيث أعدت له كلوفر وبنجامين فراشا مريحا من القش.

وطوال اليومين التالين ظل بوكسر طريح الفراش، ولم يأتِ خلالهما أحد لعلاجه. وكانت كلوفر وبنجامين يمضيان المساء بعد ساعات العمل إلى جانبه يرعيانه ويتحدثان إليه.

وفي ظهر اليوم الثالث وصلت إلى المزرعة عربة لنقل بوكسر. كانت الحيوانات كافة تعمل في اقتلاع الأعشاب الضارة تحت إشراف احد الخنازير عندما تفاجأت ببنجامين يعدو مسرعا نحوها من ناحية مباني المزرعة وهو يصرخ بعلو صوته:
ـ أسرعوا أسرعوا! تعالوا حالا! أنهم يأخذون بوكسر بعيداً.

ومن دون انتظار إذن الخنزير المشرف على العمل، توقفت الحيوانات عن العمل وتدافعت مسرعة باتجاه مباني المزرعة. ثم أنه تأكد لها الخبر حين رأت الحيوانات وسط الساحة عربة كبيرة مقفلة يجرها حصانان وعلى جانبها كتبت بعض الكلمات.. فيما جلـس على مقعد السائق رجل خبيث المظهر يعتمر قبعة سوداء، وكان مربض بوكسر خالياً.

تجمعت الحيوانات حول العربة، وبينما كانت تودع بوكسر بكثير من الدموع وقليل من الكلمات، صرخ بنجامين في وجوهها وهو يضرب الارض بحوافره الصغيرة:
ـ أغبياء! أغبياء! ألا ترون ماذا كُتب على جانب العربة؟".
وحينئذ صمتت الحيوانات ثم ساد الهدوء عندما بدأت موريل تهجئة الكلمات المكتوبة على جانب العربة ببطء وصعوبة، لكن بنجامين لم يمهلها وقتاً إذ دفعها جانباً وقرأ وسط ذلك الصمت المطلق: "ألفريد سيموندس، جزار خيول، ويلينجدون".
ثم صرخ في وجوه الحيوانات المذهولة:
ـ ألا تفهمون معنى ذلك؟ إنهم يأخذون بوكسر إلى المجزرة!

دوت صيحات الرعب من أفواه الحيوانات كافة. وفي تلك اللحظة ضرب الرجل الجالس على الصندوق الحصانين بالكرباج؛ فانطلقت العربة مسرعة في الطريق المؤدي إلى الخارج والحيوانات تركض في إثرها وتصرخ باسم بوكسر بأعلى الأصواتت، وشقت كلوفر طريقها إلى المقدمة وقد استجمعت كل قوتها لحمل جسدها البدين على العدو واللحاق بالعربة المسرعة وهي تصرخ: "بوكسر بوكسر!".

في هذه اللحظة فقط، سمع بوكسر الصخب في الخارج فرفع رأسه الأشهب وأطل على الحيوانات من النافذة الصغيرة في مؤخرة العربة، فصاحت كلوفر بصوت مُرَوِّع: "اخرج يا بوكسر اخرج، إنهم يأخذونك إلى حتفك!". وصرخت الحيوانات خلفها بصوت واحد.. تدعو بوكسر للخروج، لكن فات الأوان، فقد انطلقت العربة بسرعة عالية لم تستطع الحيوانات مجاراتها.

لم يكن مؤكدا إذا كان بوكسر فهم ما قالته كلوفر، إذ سرعان ما اختفى وجهه من النافذة، لكن الحيوانات سمعت دوي هائل ينبعث من داخل العربة. كان بوكسر يضرب بحوافره جدران العربة محاولاً الخروج منها، لكن وآسفاه.. لقد ولى الزمن الذي كانت ضربات قليلة من حوافه الضخمة ستحيل العربة إلى ما يشبه عيدان ثقاب، فقد تلاشت الضربات بعد قليل وخرجت العربة من البوابة، ولم يشاهد بوكسر مرة ثانية.
* * *
بعد ثلاثة أيام أعلن عن وفاة بوكسر في المستشفى رغم العناية الفائقة التي يحظى بها حصان في مثل سنه، حسب قول سكويلر الذي ادعى أثناء نقل النبأ أنه كان إلى جانبه خلال ساعاته الأخيرة، وقال:
ـ لقد كانت تلك الساعات من أكثر لحظات حياتي أثراً!".
وأضاف، بعد أن رفع حافره ومسح دمعه:
ـ كنت إلى جانبه خلال الدقائق الأخيرة من حياته حين رفع رأسه بصعوبة بالغة وهمس في أذني بصوت ضعيف قائلا إن حزنه سيكون عظيما لو أنه فارق الحياة قبل بناء الطاحونة.
وتابع سكويلر حديثه بصوت مُتَهَدِّج:
ـ لا زالت كلماته الأخيرة تتردد في أذني: "إلى الأمام يا رفاق! باسم الثورة إلى الأمام.. تحيا مزرعة الحيوان ويحيا الرفيق نابولين، ونابولين دائماً على حق".

ثم ان سلوك سكويلر تغير فجأة.. صمت برهة ولوح عينيه الصغيرتين من جانب إلى آخر بنظرات ملؤها الشك والريبه قبل أن يواصل حديثه:
ـ لقد آل إلى مسمعي انتشار شائعة مغرضة وسخيفة أثناء نقل بوكسر، بعد أن لاحظت بعض الحيوانات عبارة "مجزرة الخيول" على الشاحنة التي نقلته إلى المستشفى، فتبادر إلى أذهان بعضها أن بوكسر أخذ إلى المسلخ.

"لا أصدق أن تكون بعض الحيوانات بهذه الدرجة من الغباء". وصاح ساخطا وهو يحرك ذيله بخفة وسرعة ويقفز من جانب لآخر:
ـ من المؤكد أنها تعرف قائدها المحبوب الرفيق نابولين، بأفضل من ذلك؟
ومضى موضحا:
ـ ومهما يكن من أمر، هناك توضيح غاية في السهولة. فالعربة كانت ملك صاحب مسلخ حيوانات قبل أن يشتريها طبيب المستشفى البيطري الذي تأنى في شطب اسم المسلخ من على العربة. ولعل هذا هو ما التبس على بعضكم وذهب بظنونكم مذهباً بعيداً.

شعرت الحيوانات براحة تامة عقب سماع ذلك، وتلاشت آخر ظنونها عندما استطرد سكويلر في تقديم مزيد من التفاصيل عن الساعات الأخير في حياة بوكسر، والرعاية الطبية والعلاج المُرَكَّز الذي لم يتردد الرفيق نابولين في دفع تكاليفه الباهظة، وخفت وطأت الحزن بعد أن عرفت الحيوانات أن بوكسر، في الأقل، فارق الحياة سعيداً.

حضر نابولين بذاته اجتماع صباح الأحد التالي وألقى كلمة مقتضبة في ذكر بوكسر. وأشار إلى أنه لم يكن ممكنا إحضار رفاة الرفيق الراحل لدفنه في المزرعة، لكنه أمر بإرسال إكليل كبير من زهور حديقة بيت المزرعة لوضعه على قبر بوكسر. وأنهى نابولين خطبته مذكرا الحيوانات بحكمتي بوكسر المفضلتين: "سأعمل بجهد أكبر" و"الرفيق نابولين دائما على حق". ثم طالب الحيوانات الاقتداء برفيقها الموتفى وتبني الحكمتين اللتين تعبران عن التفاني والإخلاص لمبادئ ثورة الحيوان.













الفصل العاشر

سنين مضت وتعاقبت الفصول، ومضت معها حياة الحيوانات، وجاء وقت لم يعد في المزرعة من يتذكر أيام ما قبل الثورة سوى كلوفر وبنجامين وموسيس الغراب وعدد من الخنازير.

موريل فارقت الحياة، وتوفى بلوبيل وجيسي وبنتشر أيضاً، ومات جونز وحيداً في مصحة لمعالجة مدمني الخمور في ناحية بعيدة من البلاد. وبات سنوبول في طي النسيان ولم يعد أحد يذكره أو يتذكره، وظل بوكسر في ذاكرة أصدقائه المخلصين فقط ممن بقوا على قيد الحياة، وأصبحت كلوفر عجوزا بدينة.. تصلبت مفاصلها وزاد رشح عينيها. وعلى الرغم من أنها تجاوزت سن التقاعد بعامين، إلا أنه لا هي ولا غيرها أحيل على المعاش. أما فكرة تخصيص جانب من المزرعة للحيوانات المتقاعدة فلم يعد أحد يأتي على ذكرها منذ فترة طويلة.

نابولين صار الآن خنزيراً ناضجاً ومكتمل المدارك يزن حوالي 335 رطلاً، واكتنز سكويلر شحما ولحما وغاصت عيناه في وجهه المنتفخ ولم يعد يستطيع الرؤية بهما إلا بصعوبة! وحده بنجامين الحمار لم يتغير كثيراً غير أن الشيبُ لَوَّح شعر منخاريه، وأصبح أكثر ميلا إلى الصمت منذ أن توفى صديقه بوكسر.
* * *
ازدهرت المزرعة وأصبحت أفضل تنظيما، وتوسعت بإضافة حقلين اشتراهما نابولين من بيلكينجتون، وأكتمل بناء الطاحونة في نهاية المطاف، لكنها لم تسخر لتوليد الكهرباء وإنما استخدمت لطحن القمح وأصبحت تحقق دخلاً مجزيا. وأصبح بحوزة الحيوانات آلة درّاسة ومرفاع علف علاوة على بناء مباني جديدة متعددة.

وعلى الرغم من الازدهار الذي شهدته المزرعة إلا أن الحيوانات ظلت تكدح كشأنها دائماً لبناء طاحونة هواء أخرى قيل، وللمرة الثانية، أنها ستزود بمولد كهرباء بعد اكتمالها. ولم يعد أحد يتطرق للرفاهية التي طالما تحدث عنها سنوبول: الحظائر المضاءة بالكهرباء والمزودة بالمياه الساخنة والباردة، وثلاثة أيام عمل في الأسبوع.. زد على ذلك أن نابولين شجب تلك الأفكار وعدّها مناقضة لمبادئ الحيوانية. فالسعادة الحقيقية، بحسب قوله، تكمن في جهد العمل وشظِف العيش.

وقد بدت المزرعة أكثر غِنَى غير أن الرخاء وترف العيش لم يصب حياة الحيوانات باستثناء الخنازير والكلاب. ولعل ذلك يعود جزئياً إلى كثرة عددها وليس لأن هذه المخلوقات لا تعمل على غرار غيرها من الحيوانات. فهناك من أعمال إدارة المزرعة والإشراف عليها وتنظيمها ما لا نهاية له، حسب توضيحات سكويلر المتكررة، وأكثرها ذات طبيعة يتعذر على الحيوانات فهمها.

وبالنسبة للحيوانات الأخرى، لم يطرأ على حياتها تتغير، حسب علمها، عما كانت عليه دائماً. ثم أنها ما تزال تعاني الجوع وتنام على القش وتشرب من البركة وتقاسي البرد شتاءا وأذى الذباب صيفاً.

أما من تبقى على قيد الحياة من الحيوانات، التي شاركت في الثورة، فكانت حاجتها لاستعادة صور الأيام الأولى للثورة َتَشحَذُ ذاكرتها الضعيفة، وكانت تحاول قدر ما تتيح لها قدرتها الذهنية معرفة ما إذا كانت حياتها السابقة أفضل أو أسْوَأ عما هي عليه الآن. لكنها لا تستطيع تذكر شيء، فليس لديها ما تقارن به مستوى معيشتها الحالية سوى قائمة أرقام سكويلر التي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن حياتها تتحسن شيئا فشيئا على الصُعُد كافة، وهي الآن أفضل كثيرا عنما كانت عليه!

وحده بنجامين العجوز يدعي أنه يتذكر كل صغيرة وكبيرة في حياته الطويلة، وهو لا سواه يعلم أن الحياة لم تكن قط ولن تغدو أبدا أفضل أو أسوأ: إنها سلسلة من الجوع والقسوة وخيبات الأمل، بحسب قوله: إنه قانون الحياة السرمـدي.

ومع ذلك فإن الحيوانات، سواء كبيرة السن.. تلك التي شاركت في الثورة أم صغارها أو تلك التي قدمت من مزارع تبعد عشرة أو عشرين ميلا، لم تفقد الأمل الذي طالما حلمت به. والمهم أنها لم تتخلْ قط، ولو للحظة، عن إحساسها بالفخر لانتسابها لمزرعة الحيوان: المزرعة الوحيدة في البلاد كلها.. في كامل تراب إنجلترا التي تملكها الحيوانات وتدير شؤونها.

وكانت قلوبها تزهو فخراً كلما سمعت دوي الرصاص وشاهدت الراية الخضراء ترفرف عالياً فوق السارية. وكان حديث كبار السن عن الثورة والبطولات الأولى لا ينقطع: طَرْد جونز وكتابة الوصايا السبع والمعارك الكبيرة التي انتهت بهزيمة البشر الغزاة.

ولعل حياة الحيوانات الآن شاقة وآمالها لم تحقق كلها، لكنها تدرك أنها ليست كسائر الحيوانات، فهي إن جاعت فليس لإطعام الإنسان المستبد، وإن عملت كثيراً فلنفسها. ولا أحد من المخلوقات بينها يمشي على قدمين، ولا أحد يدعو الآخر "سيدي" فكل الحيوانات سواسية.

* * *
في أحد أيام بداية الصيف، قاد سكويلر قطيع من الخِراف إلى جزء قفَر في الطرف البعيد من المزرعة حيث أمضت اليوم كله هناك ترعى تحت إشرافه. وفي المساء عاد سكويلر بمفرده إلى بيت المزرعة. ولأن الطقس كان دافئا، فقد طَلبَ من الخراف البقاء في نفس المكان حيث أمضت أسبوعاً كاملاً ولم تشاهد طواله. وظل سكويلر يتردد عليها معظم الوقت، وقيل أنه كان يعلمها أغنية جديدة تتطلب العزلة والسرية.

وفي أمسية بهية من أمسيات الريف الانجليزي، وفي أعقاب عودة الحيوانات من العمل إلى مباني المزرعة، سمعت الحيوانات صهيل فرس خائفة؛ فتوقفت عن المسير، والتفت تبحث عن مصدر الصوت الذي ازدادت حدته، فانطلقت عائدة إلى الساحة حيث كانت تقف كلوفر وقد أخذها الذهول وتملكها رعب شديد، وشاهدت الحيوانات ما أثار الهلع في نفس كلوفر: خنزيراً يمشي على قائمتيه الخلفيتين. أجل: إنه سكويلر.. كان يمشي على نحو أخرق، ولكن بتوازن تام على الرغم من أنه لم يعتد الوقوف بجسده الضخم على ذلك الوضع.

وبعد ذلك بقليل خرج من بيت المزرعة رتل طويل من الخنازير تمشي جميعا على أرجلها الخلفية.. بعضها أتقن المشي أفضل من بعضها الآخر، واستطاعت كلها أن تكمل دورة واحدة حول الساحة بنجاح. وعلى نباح الكلاب الهادر وصوت الديك المطري الحاد، ظهر نابولين بنفسه: منتصب القامة.. وقد رفع فنطيسه عاليا.. يمشي الهوينى بِتُؤَدة ورفق ويمسك سوطاً بين أصابع حافريه الأمامية، ويرمي الحيوانات المحتارة بنظرات متعجرفة، وكلابه تسير من حوله.

خيم صمت مميت على المكان، وتدافعت الحيوانات بعضها الى جنب البعض الآخر خوفا ودهشة، وأخذت تراقب رتل الخنازير الطويل يسير سيرا بطيئا حول الساحة، وقد بدا لها وكأن العالم برمته انقلب رأسا على عقب!

وحين خفت الدهشة، وتلاشى وقع ما رأته، وحانت اللحظة التي آن للحيوانات أن تبدي فيها بعض عبارات الرفض والاعتراض، على الرغم من الفزع الذي كانت تثيره زمجرة الكلاب المحيطة بنابولين، والاستكانة التي تأصلت في نفوسها طوال السنوات: فلا تذمر ولا انتقاد مهما حدث، في تلك اللحظة تماماً، ارتفع ثُغَاءُ الخراف مدويا في سماء المزرعة: "أربع أقدام جيدة، قدمان أفضل!". استمرت الخراف تغثوا خمس دقائق بلا توقف، وعندما هدأت، كانت فرصة التعبير عن الرفض قد فاتت، بعد أن غدت الخنازير داخل بيت المزرعة.

شعر بنجامين بحكة في كتفه، فحكها بأنفه، ثم أنه التفت حوله وشاهد كلوفر وعيناها مظلمتان أكثر من أي وقت مضى. ومن دون أن تتفوه بكلمة جرته بلطف من عرفه وقادته إلى جدار حظيرة البقر حيث كتبت الوصايا السبع. وظلا واقفين لدقيقة أو دقيقتين يحدقان في الجدار الملوث بالحبر والحروف البيضاء المكتوبة عليه. وأخيراً قالت كلوفر:
ـ بصري خذلني، وحتى وأنا شابة لم أكن أستطع قراءة ما كتب على الجدار، لكن يبدو لي أنه مختلف، فهل الوصايا السبع ما تزال كما كانت من قبل يا بنجامين؟". وللمرة الأولى يتخلى بنجامين عن تحفظه ويقرأ ما كتب على الجدار. ولم يكن ثمة شيء الآن سوى وصية واحدة وكانت تقرأ على النحو التالي:
"كل الحيوانات سواسية،
لكن بعض الحيوانات أكثر سواسية من غيرها".

ولم يكن غريباً ولا مفاجئا في أعقاب التحول الرهيب في سلوك الخنازير خروجها في اليوم التالي للإشراف على عمل المزرعة وفي يد كل واحد منها سوطا. ولم يعد من المستهجن مشاهدة نابولين في حديقة البيت وفي فمه غليون أو رؤية الخنازير وهي ترتدي ملابس جونز. نابولين نفسه ظهر بمعطف أسود وبنطلون قصير وحذاء جلد، في حين لبست أنثاه المفضلة فستان حرير أبيض كانت السيدة جونز ترتديه أيام الأحد.
* * *
بعد أسبوع، دخلت المزرعة ظهراً بضع عربات تحمل وفداً من أصحاب المزارع المجاورة وجهت لهم دعوة لزيارة المزرعة وتفقدها. رافقت الخنازير ضيوفها المزارعين في جولة تفقدية لمشاهدة المزرعة. وأعرب الزائرون عن إعجابهم العظيم بكل ما شاهدوه خاصة طاحونة الهواء.

وفي هذا الأثناء كلفت الحيوانات بإزالة الأعشاب الضارة وطلب منها الانهماك في العمل اثناء جولة الضيوف، إلا أنها كانت ترفع وجوهها عن الأرض كلما لاح لها طيف يتحرك على قوائمه الخلفية؛ فلم تعد تدري من يخيفها أكثر: الخنازير أم ضيوفهم البشر.

وفي المساء ارتفعت أصوات الضحك والغناء من بيت المزرعة، فضغطت خصلت الفضول وحب الاستطلاع على الحيوانات وهي تسمع الأصوات المختلطة: ما الذي يجري هناك وقد اجتمعت الحيوانات لأول مرة مع البشر على أساس الند للند؟

زحفت الحيوانات مجتمعة بهدوء إلى حديقة بيت المزرعة. واقتربت من المنزل وهي تمشي على رؤوس حوافرها، وأطلت طويلة القامة منها من خلف زجاج النوافذ تحدق فيما كان يجري في غرفة الطعام.

وهناك حول طاولة طويلة جلس ستة مزارعين ومثل عددهم من الخنازير، واحتل نابولين كرسي الشرف في صدر الطاولة. بدت الخنازير مسترخية تماما في مقاعدها الوثيرة.. مستمتعة بتجاذب أطراف الحديث ولعب الورق مع ضيوفها من بني البشر، ثم توقفت برهة لشرب الأنخاب: تَدَاوَلَتْ الأَيدي إبريقا ضخماً لملء الأقداح بالبيرة. وفي غمرة شرب الأنخاب لم يلاحظ من في الداخل الوجوه التي اعتراها الذهول خلف زجاج النوافذ!

وقف بيلكينجتون، صاحب مزرعة فوكسوود، وبيده كأسه، وأبدى رغبته في قول بضعة كلمات قبل أن يطلب من الحضور شرب الأنخاب. قال إنه من دواعي سروره وغبطته.. يشاركه هذا الشعور من حضر معه من بني جنسه، أن عصرا من الشكوك وسوء الفهم قد مضى.. عصر من الحوادث المؤسفة والأفكار الخاطئة التي كانت تَرى في وجود مزرعة تديرها الخنازير أمراَ غير طبيعي ومثيراً للقلاقل.. من شأنه أن زعزعة أوضاع المزارع المجاورة.

وقال لقد افترض مزارعون كثر، ومن دون إمعان النظر في الموضع، أن روحا من الفوضى والتمرد سوف تسود هذه المزرعة وستنتشر عدواها إلى حيواناتهم وبين عمالهم من البشر، بيد أن مخاوفهم كلها تبددت الآن بعد أن شاهد هو ومن جاء معه المزرعة وفحصوا كل شبر فيها، ووجدوا أنها لا تطبق أحدث وسائل الفلاحة فحسب، بل أنها ينبغي أن تكون مثالا للنظام والانضباط يقتدي به المزارعون كافة. وقال إن فئة الحيوانات الأدنى في مزرعة الحيوان تعمل أكثر وتأكل أقل من كل الحيوانات في البلاد!

وأكد في نهاية حديثه على أهمية إقامة علاقات ودية بين مزرعة الحيوان وجيرانها ـ بين الخنازير والبشر. فلا مجال بعد اليوم لتضارب المصالح وتضاد الغايات، فالأهداف غدت مشتركة، والمصاعب صارت واحدة. ثم أنه هنأ الخنازير مرة ثانية على نظام الحصص المنخفضة وساعات العمل الطويلة والمعاملة الصارمة التي تتبناها في إدارة شؤون مزرعة الحيوان.

ودعا، في ختام كلمته، المجتمعين إلى الوقوف والتَـأَكُّد من أن كؤوسهم مليئة، وقال: أيها السادة اشربوا معي نخب ازدهار ونجاح مزرعة الحيوان.

ساد شعور بالبهجة بين الحاضرين، وضربت الأقدام الأرض تعبيرا عن السعادة، وبلغت النشوة بنابولين أشدها فدار بنفسه حول الطاولة إلى حيث وقف بيلكينجتون ليصلصل كأسه بكأس ضيفه قبل أن يفرغه في جوفه. وحين هدأ صليل الكؤوس، أبدا نابولين، الذي ظل واقفا أثناء حديث ضيفه، رغبته بقول بضع كلمات أيضا.

وكعادة خُطََََبِ نابولين، كان حديثه قصيرا وكان مباشرا. قال إنه أيضا يشعر بالغبطة لأن عصراً من سوء الفهم أوشك على الانتهاء أو يكاد. فمنذ فترة طويلة وهم يسمعون شائعات يروج لها ـ حسب ظنه ـ أعداء حاقدون تتهمه وزملاءه الخنازير بأفكار هدامة وربما ثورية، كما اتهموا بمحاولة إشعال فتيل التمرد بين الحيوانات في المزارع المجاورة.
واستطرد قائلا:
ـ هذه اتهامات باطلة ولا أساس لها من الصحة. فلم يكن هدفنا لا الآن ولا في الماضي سوى العيش بسلام وإقامة صلات تجارية طبيعية مع جيراننا.
ومضى يقول:
ـ إن المزرعة التي أتشرف بإدارتها مشروع مشترك تملكه الخنازير بموجب سند ملكية شرعي احتفظ به شخصيا.

وقال إنه لا يعتقد أن الشكوك القديمة ما زالت تخالج الصدور؛ فالمزرعة تشهد حاليا تحولاً جذرياً سيعزز الشعور بالثقة مع جيرانها. فلعل ضيوفه لاحظوا أن العلم المرفوع على السارية لم يعد يحمل شعار "قرن وحافر"، بعد أن أزيل منه ذلك الشعار وأصبح أخضر اللون فقط! وقال إن لحيوانات المزرعة عادة سخيفة في مخاطبة بعضها بعضا بلقب "رفيق"، واعتادت أن تنظم مسيرة كل صباح يوم أحد، وهي عادة دخيلة ولا يعرف لها أصل، لذلك سيأمر بإلغاء هاتين العادتين.

وأضاف:
ـ إن لديه تحفظاً واحداً على حديث ضيفنا الودي، فقد دأب جاري العزيز طوال حديثه على الإشارة إلى المزرعة باسم "مزرعة الحيوان".
واسـتدرك وهو ينظر الى بيلكينجتون مباشرة:
ـ أنّى لك يا سيدي أن تعلم أني وفي حضوركم.. هنا والآن قررت إلغاء اسم "مزرعة الحيوان"، وأعلنُ، ولأول مرة، أن مزرعتنا هذه ستعرف من الآن فصاعداً باسم "ضيعة الخنازير".

وختم حديثه بقوله:
ـ أيها السادة أدعوكم إلى شرب النَخْب نفسه، لكن على نحو مختلف. املأوا كؤوسكم، واشربوا معي نخْبَ ازدهار ونجاح "ضيعة الخنازير".
وتعالت صيحات الابتهاج والهتاف وأفرغت الكؤوس حتى الثُّمالَةَ.

وبينما كانت الحيوانات تتابع مشهد الاحتفاء بتغيير الاسم، وهي تُحدِّق في وجوه المحتفلين بدا لها أن ثمة أمراً غريباً طرأ على مظهر الخنازير. تُرى ما الذي يبدو مختلفاً في وجوهها؟

ظلت كلوفر وهي تبحث عن إجابة لذلك السؤال تنقل عينيها المتعبتين بثقل السنين ووطأة الكد بين وجه وآخر: بعضها لها خمسة ذقون، وأخرى لها أربعة، وللبعض منها ثلاثة ذقون. بيد أن ما كان يبعث على الحيرة والدهشة هو التبدل الذي كان يطرأ على الوجوه، فقد بدت ملامح المحتفين قريبة الشبه بعضها من البعض الآخر.. لا فرق بين حيوان وإنسان!

وبعد أن هدأت صيحات شـرب الأنخاب، عادت الخنازير وضيوفها من البشر إلى الطاولة لمتابعة لعب الورق. وانكفأت الحيوانات التي تزاحمت خلف النافذة بصمت إلى حظائرها وقد أخذ منها هول ما رأت مأخذا، ولكنها ما إن ابتعدت مسافة لا تزيد على عشرين ياردة حتى توقفت، ثم اندفعت عائدة إلى البيت ونظرت من خلف النوافذ مرة أخرى. أجل.. لقد اختلف المجتمعون وكانوا على وشك النزاع: صياح وهياج.. صخب وغضب، وضرب عنيف على الطاولة، وأصوات مرتفعة تتبادل الاتهامات، وأخرى تكذبها. وبدا أن وراء ذلك الخلاف نابولين وبيلكينجتون اللذان لعبا ورقة "آس السباتي" في الوقت نفسه!

كان هناك اثنا عشر صوتا يصرخ بعضها في وجوه البعض بحدة وغضب.. وجوه كانت جميعها متشابهة. وأخذت الحيوانات تنقل نظرها من وجه خنزير إلى وجه إنسان، ومن وجه إنسان إلى وجه خنزير، ومن خنزير إلى إنسان ومن إنسان إلى خنزير مرة أخرى، ولم تعد الآن بحاجة إلى تفسير ما طرأ من تغيير على الخنازير، بعد أن أصبح من المستحيل التمييز بينها وبين البشر!



 
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سلسة دروس اللغة الانجليزية العآمة د/ عمار معآني ( المحاضرة الرابعة عشر) والأخيرة المسآفرة المستوى الأول - كلية الأداب 41 2012- 5- 17 01:18 PM


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 09:32 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه