قراءة في كتاب "بداية جديدة" عن مونية الديغوسي من موقع مشروع النهضة





"بعض الناس يولدون في ظروف صعبة و تحيط بهم تحديات من كل صوب، و مع ذلك يعبُرون الصعاب ولا ينفعون أنفسهم فقط، و لكن يتحولون لطاقة عطاء تشعّ في مجتمعاتهم وفي غيرها، وبعضهم يولدون و في فمهم ملعقة من ذهب! لكنهم يعيشون حياة فارغة من المعنى والهدف، ويغرقون في الضياع، و في المحصلة هي اختيارات الإنسان (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)..."

كلمات ساقها الدكتور "جاسم سلطان" صاحب مشروع النهضة عبر مقدمة كتابه الجديد "بداية جديدة"، وهو من سلسلة رسائل إيمانية دعوية، صادر عن مؤسسة التنمية للدراسات والاستشارات

"مشروع النهضة" يلامس في هذا الإصدار واقع الشباب، يُشخّص الداء ويطرح الدواء، متدرّجا من خلاله في عدة محطات:


1- ممكنات الإنسان:

في هذا الجزء ينقلنا إلى بعض القصص الواقعية التي يوجه عن طريقها رسالة للشباب حتى يتحرك ويطلق طاقاته الكبيرة المحتجزة داخل هذه النفس، منها قصة المليونير الكبير ورجل الأعمال الذي بدأ حياته بائعا في الطريق وواجه تحديات كثيرة للوصول إلى ما هو عليه ومما يقوله: "... كانت الحياة قاسية معي فأحيانا أتقدم حتى أعتقد أنه لاسقف للتقدم، وأحيانا تسوء الأحوال حتى أرى أني أعود لنقطة الصفر.. واصلت التقدم واليوم أتكلم عن مئات الملايين ولا زالت الحياة تعطيني أحيانا و تأخذ أحيانا ... و لكن ما أعطتني إياه حقيقة هو الجلد والقوة التي تولّدت عن شعوري بأني قادر على العمل تحت كل الظروف...تلك هي الملكة الحقيقية...أعتقد أن داخل كل منّا قوة جبارة والبعض يكتشفها والبعض يفشل في ذلك ."!
ويذكر الدكتور في هذا الشأن أن بعض الشباب يستسلم للصعاب ويعتبرها مشكلة، والبعض الآخر يرى أنها تحدٍ يجب تجاوزه، "وبين فكرة المشكلة وفكرة التحدي مسافة هائلة، ففكرة المشكلة تحتوي في داخلها عنصر اليأس وفكرة التحدي تقود لاستنفار الطاقات".

2- كثيرا:

فيه إشارة للآية الكريمة (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) الأعراف: 179،
أسئلة طرحها الكاتب، يطلب التوقف مع النفس و التعمق فيها للوصول لمعنى الآية و هي تتلخص في العبارات: من خلقني؟ لماذا خلقني وماذا يريد مني؟ ما مصيري؟ والتركيز على كلمة "كثيرا"،
هل أنت من الكثير الذين تتحدث عنهم الآية؟

3- الآليات الثلاث :

* السلوك، فقد يقلّد الشاب سلوك شاب آخر، وقد يحاول تغييره ولا يعرف الطريقة، البعض لم يفكر إطلاقا، و البعض تأتيه حالات يقظة قصيرة تتلوها ساعات غفلة طويلة، وآخر تدفعه نفسه اللّوامة للتحرك لكنه "يؤجل و يسوّف و يؤخر"

* المبررات، منها أن يقول: "كل الشباب يفعلون ذلك"، "أنا حر"، "إذا هداني الله إن شاء الله أتوب"... "راجع مبرراتك وتسويفاتك وتأكد مما تقول ...تكن من الفالحين".

وخلف كل من السلوك والمبررات هناك آلية ثالثة وهي:

* القناعات، "نظام يحكم كل تصرفاتنا وردود أفعالنا ويسيّر تصرفاتنا..." ويحتوي على جانبين، الأول هو رؤية الكون والوجود، رؤية الذات ومجموعة القيم وترتيبها داخل النفس وأولوياتها، الثاني يشمل النفس وممكّناتها في زاوية "اعرف نفسك" و يتناولها الدكتور من خلال قصة شاب تحوّل من الركّون للواقع إلى رحلة التعرف على الذات والعيش الكريم، وتحريك مكنوناته وطاقاته الداخلية، ومن هنا وجب طرح التساؤلات: "هل حانت اللحظة التي تعيد فيها النظر؟"، "هل تريد أن تعيد النظر لواقعك؟"، "هل تريد أن تزور مستقبلك وترى من تكون في الغد؟"... "مستقبلك انعكاس لأعمالك...فما تزرعه اليوم تحصده غدا...".

4– ثلاث عقبات أمامك:
* لا أستطيع! هي نتيجة للنظرة المتدنية للذات.

* ماذا أقدِّم؟ ابدأ بإصلاح نفسك، ثم تغيير البيئة من حولك، ومن ثم النظر لقدراتك ومواهبك..

* هل لذلك فائدة؟ يجيب الكاتب عن هذا التساؤل قائلا: "صلاح الأمم بصلاح أفرادها، وأنت لبنة في هذه الأمة، والفائدة ليست مقصورة عليك بل على كل المجتمع، الفائدة ستعود عليك وعلى محيطك وعلى وطنك وأمتك فلا تبخل بهذا الخير وانطلق".

5- خارطة الطريق:

لكل من ضلّ السبيل ويسعى جاهدا للبحث عن طريقة توصله للنجاح في الدنيا والآخرة، سبع خطوات كفيلة للوقوف على عتبة النجاح:

* تيقّظ: "هي لحظة استيقاظ الإنسان في داخله"، وعي وفطنة وانتباه، إزالة لقناعات خاطئة وانتقال من عدم الاستطاعة إلى: "أنا أستطيع أن أكون،..أن أغيّر،..أن أُلزم نفسي...".

* افهم: "عليك أن ترسم خطتك لتتعلم وتزيد من فهمك"، ويشير الدكتور في هذا الصدد إلى برنامج بوابة الشباب ومشروع النهضة، لمساعدة الشباب في صناعة النهضة.

* انتمي: لعالَم المهتمين بمشروع النهضة، تواصل مع الشباب من مختلف البلدان العربية والإسلامية.

* تبنّى: "فلسفة الفسيلة"، إشارة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، والفسيلة دليل الأمل المفتوح.. "التمرة"، "اتقوا النار ولو بشق تمرة"، فأي عمل مهما كان صغيرا لا يجب احتقاره، "الثوب"، فـ"حجر النهضة يحتاج أن نضعه على ثوب العمل ويحمل كلا منا طرفا منه، وبجهود الجميع يرتفع الحجر ويسهل وضعه في مكانه" وهنا أيضا إشارة لقصة نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام في رفعه للحجر الأسود.

* كُــن: "كن مشروعا، أو كوّن مشروعا، أو ادعم مشروعا".

* تواصَل: مع الشباب المهتمين بمشروع النهضة، تكوين علاقات معهم، وتبادل التشجيعات بين الطرفين.

* شارك: في المؤتمرات، الملتقيات، الدورات،..وتحمّل المسؤولية.

______
___
_

لتحميل الكتاب بالمرفق ~