ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

العودة   ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام > .: سـاحـة التعليم عن بعد (الانتساب):. > ملتقى طلاب التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل > تربية خاصة > ارشيف التربية الخاصة
التسجيل الكويزاتإضافة كويزمواعيد التسجيل التعليمـــات المجموعات  

ارشيف التربية الخاصة ارشيف الفصول الجامعية الماضية لتخصص تربية خاصة التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل

 
 
أدوات الموضوع
قديم 2010- 4- 24   #11
zeoonah
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
 
الصورة الرمزية zeoonah
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 34604
تاريخ التسجيل: Wed Sep 2009
المشاركات: 1,043
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 1340
مؤشر المستوى: 71
zeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud of
بيانات الطالب:
الكلية: جامعة فيصل-كلية التربية
الدراسة: انتظام
التخصص: تربية خاصة ،،
المستوى: المستوى الثالث
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
zeoonah غير متواجد حالياً
رد: التذوق الأدبي (محتوى فقط )

المحاضرة الثَّامنةُ
حَسَّانُ بنُ ثَابتٍ ” بينَ الواقع والأدبِ ”
س : مَنْ هُوَ ” حسَّانُ بنُ ثابتٍ ” ؟
ج : هُوَ أَبو الوليدِ حسَّانُ بنُ ثابتٍ بنِ المنذرِ الأنصاريّ الخزرجيّ النَّجَّاريّ 0
س : أينَ يقف حسَّانُ بنُ ثابتٍ من سُلَّمِ الشِّعر ؟
ج : هو أَشعرُ شعراء النَّبيِّ والمسلمينَ آنذاكَ 0
س : ومَا الكُنيةُ الَّتي كُنِيَ بها في الإسلامِ ؟
ج : كُنِيَ ” حسَّانُ بنُ ثابتٍ ” في إسلامِهِ بـــ ” أبي عبد الرَّحمنِ ” 0
س : ماذا عن بني النَّجَّارِ في السِّياق الإنسانيِّ والتَّاريخيِّ ؟
ج : بَنُو النَّجَّارِ هم أخوالُ النَّبيِّ الكريمِ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” ، لأَنَّ أُمَّ جَدِّهِ عبدِ المُطَّلِب منهم ، ؛ ولذلكَ كانَ لِحَسَّانَ صِلة قرابةٍ َ بالنَّبِيِّ ” صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ ” ، فوقَ صلةِ مدحِه لَهُ وذودِهِ عنهُ بشِعرِهِ 0
س : مَتَى وُلِدَ ” حسَّانُ بنُ ثابتٍ ” وَأينَ ؟
ج : وُلِدَ ” حسَّانُ بنُ ثابتٍ ” بالمدينةِ المُنَوَّرةِ قبلَ الهِجرةِ بنحوِ ستينَ عامًا ، ونشأَ بها، وأدركَ بعضَ وقائعِ قومِه ” الخزرجِ ” معَ ” الأوْسِ ” ؛ فكانَ شَاعِرَهُم 0
س : مَنْ شاعِرُ ” الأوْسِِ ” الَّذي كانَ يقارِعُهُ الشِّعرَ آنذاكَ ؟
ج : شاعِرُ ” الأوْسِِ ” الَّذي كانَ يقارِعُهُ الشِّعرَ آنذاكَ هو ” قيسُ بنُ الخطيم ” الأوْسِيِّ 0
س : مَا الَّذي كانَ بينَ ” حسَّانِ بنِ ثابتٍ ” و“ قيسِ بنِ الخطيم ” ؟
ج : كانت بينَ الشَّاعرينِ المذكورينِ ” حسانَ ” و “ قيسٍ ” مناقضةٌ وملاحاةٌ وَلَّدَتَا داخلَ ” حسَّانَ ” الفخرَ والحماسة قولاً لا فعلاً 0
س : ما الَّذي أقدمَ عليهِ ” حسَّان بن ثابتٍ ” بعدَ إحساسِهِ بالقُدرةِ على صوغ الشِّعرِ الجيِّدِ ؟
ج : لَمَّا أَحسَّ ” حسَّانُ ” بقدرتِهِ على صوغِ الشِّعرِ الجَيِّدِ ، ورأَى فحولَ الشُّعراءِ الجاهليِّينَ في زمانِهِ – كالنَّابغةِ والأعشَى والحُطيئةِ – يتكسَّبون بالشِّعرِ ويحترفونَ المَــــــدْحَ ، راحَ يَرُوضُ مدائحَهُ على ملوكِ العَرَبِ 0
س : إلى مَنْ وُجِّهَ مَدْحُ ” حسَّانِ بنِ ثابتٍ ” في جاهليَّتِه ؟
ج : لَقَدْ وَجَّهَ ” حسَّانُ بنُ ثابتٍ ” مَدْحَهُ إلى ” آلِ جفنة ” ملوكِ ” غَسَّانَ ” بشَرقيِّ الشَّامِ ، وهم - كما تقول بعضُ الرِّواياتِ التَّاريخيَّةِ من الأزدِ أيضًا ، إذ كان يقصدُهُم بمدائحهِ عامًا ويقعدُ عنهم عامًا 0 وقيلَ : إنَّهم جعلوا له راتبًا سنويًّا يصلُ إليهِ ، وربَّما اِنتجعَ ” النُّعمانَ بنَ المنذرِ ” ، ملكَ الحيرة آنذاك فمدَحَهُ 0
س : مَنْ الَّذي حكمَ بينَ ” حَسَّانِ بنِ ثابتٍ ” و ” النَّابغةِ ” ؟
ج : الَّذي حكمَ بينَ الشَّاعِرَيْنِ هو ” جَبَلَةُ ” النَّاقدُ الرَّاوي ؛ وذلكَ حينما تلاقَيَا معًا ( حسَّان والنَّابغة ) عندَ ” جبلةَ ” هـــــذا ؛ فأنشدَهُ ” حسَّانُ ” لاميَّتَهُ المشهورةَ في حضورِ ” النَّابغةِ ” ، ففضَّلها ” جبلةُ ” على شعر ” النَّابغة ” 0
س : مَتى أسلَم ” حسَّانُ بنُ ثابتٍ ” ؟
ج : أسلمَ ” حسَّانُ ” حينما هاجرَ الرَّســــولُ الكريمُ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ ” إلى المدينة ، ومن حينِها لم يعدَم من لسَـــانِهِ نُصرةُ النَّبيِّ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” ، إذ لم يستطِعْ نصرتَه بسيفِهِ 0
س : مَنْ هم شعراء قريشٍ الَّذينَ هجوا النَّبيَّ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” في جاهليَّتِهِم ؟
ج : شُعراءُ قريشٍ الَّذينَ هجوا النَّبيَّ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” قبل إسلامِهِم هم : عبدُاللهِ بنُ الزِّبَعْرَى ، وأبو سفيان بنُ الحارثِ بنِ عبد المُطَّلِب ، وعمرو بنُ العاصِ 0
س : من هم شُعراءُ الأنصارِ الَّذين اِستنصرهم النَّبيُّ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” لِلرَّدِّ على شعراءِ قريشٍ الهاجينَ ؟
ج : شُعراءُ الأنصارِ الذَّائِدُونَ عنِ النَّبيِّ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” هم : عبدُ اللهِ بنُ رواحةَ ، وكعبُ بنُ مالكٍ ، وحسَّانُ بنُ ثابتٍ ، والأخيرُ أشعرُهُم 0
س : ما ردُّ ” حسَّانَ ” حينما خاطبهُ الرَّسُولُ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ” في هجاءِ قريشٍ ، كيفَ تهجوهم وأنا منهم ؟
ج : قالَ الرَّسولُ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” حينما أقدَمَ ” حسَّانُ ” على هجاءِ شعراءِ قريشٍ : كيفَ تهجوهم وأنا منهم ؟ فقالَ حسَّانُ : أَسِلُّكَ منهم كما تُسَلُّ الشَّعرةُ من العجينِ، فردَّ النبيُّ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” : اِيت أبا بكرٍ فهو أعلمُ بالقومِ 0
س : ما هِيَ الخدمةُ الَّتي قدَّمها أبو بكرٍ الصِّدِّيق لحسَّان بنِ ثابتٍ حينما أقدمَ على هجاء شعراءِ قريشٍ ؟
ج : تمثَّلتِ الخدمةُ هنا في أنَّه أطلَعَهُ سيِّدُنا أبو بكرِ الصِّدِّيقُ على مخازيهم ، وما يُتَّهمونَ بِهِ في نسبهِم ؛ فهجاهم أوجعَ هجاء عليهمٍ في جاهليَّتِم ولم يمسّ رسولَ اللهِ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” من هجاءِ حسَّانٍ لهم شيءٌ 0
س : كيف عاشَ ” حسَّانُ بنُ ثابتٍ ” شَطرَ حياتِهِ الأخيرَ ؟
ج : بقيَ ” حسَّانُ بنُ ثابتٍ ” شطرَ حياتِهِ في الإسلامِ يعيشُ زمنَ النَّبيِّ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” وينالُ من عطاياهُ المعنوية والماديَّة على حدٍّ سواء 0
س : ما أبرزُ ما قدَّمه النَّبيُّ ” صلَّى اللهُ عليهَ وسلَّمَ ” لِحسَّان ؟
ج :أبرزُ ما قدَّمه النَّبيُّ ” صلَّى اللهُ عليهَ وسلَّمَ ” لِحسَّان هو أنَّه وهبَ له ” سيرينَ ” أختَ ” مارية ” القبطيَّةِ أم إبراهيمَ ولدِ النَّبيِّ ” صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ” وهما معًا من الهدايا الَّتي أهداها المقَوقَسُ للنَّبيِّ ” صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ” ؛ فأولدها ” حسَّانُ ” اِبنَهَ ” عبد الرَّحمن ” الَّذي كُنِيَ به 0
س: ما اِسمُ البناءِ الَّذي كان يقيمُ فيه ”حسَّان بن ثابتِ” في المدينةِ ؟
ج : كان لـ ” حسَّانِ بن ثابتٍ ” أُطُمٌ ( أي بناءٌ عالٍ ) يسكُنُهُ بالمدينةِ يُسمَّى ” فارعًا ” 0
س : ما مِقدارُ ما كان يفرضُه له الخلفاءُ الرَّاشِدونَ من العطاءِ بعدَ وفاةِ النَّبِيِّ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” ؟
ج : كان يفرضُ الخلفاءُ الرَّاشدونَ ” لِحسَّانَ ” ما كان يُفْرَضُ لِكبارِ الصَّحابةِ المقيمينَ في المدينةِ 0
س : ” يقولون : لقدْ عُمِّرَ ” حسَّانُ بنُ ثابتٍ ” طويلاً ، كم كان عمرُهُ ، ومتى تُوفِّيَ ؟
ح : عُمِّرَ ” حسَّانُ ينُ ثابتٍ ” عمرًا طويلاً حتَّى كُفَّ بَصَرُه في حياتِهِ ، وعاشَ قرابةَ مائةً وعشرينَ عامًا وماتَ سنـ 64ــــة في زمنِ ” معاوية بنِ أبي سفيلنَ ” 0
س : هلْ كان لِـ ” حسَّانٍِ بنِ ثابتٍ ” أصولٌ شعريَّةٌ ؟
ج : نعم ، كانَ آلُ ” حسَّانِ بنِ ثابتٍ ” من أعرقِ بيوتِ العربِ في صوغِ الشِّعرِ، فكانَ أبوهُ وجَدُّهُ شاعرينِ،وكانَ ابنُهُ ” عبد الرَّحمن ” وحفيدُهُ ” سعيدُ بنُ عبدِ الرحمن ” شاعرينِ ، وكان ” حسَّانُ ” أشعرَ أهلِ بيتِهِ 0
س : ما الَّذي فُضِّلَ بِه ” حسَّانُ بنُ ثابتٍ ” على سائرِ الشُّعراء ؟
ج : فُضِّلَ ” حسَّانُ بنُ ثابتٍ ” على سائرِ الشُّعراء بثلاثِ خصالٍ هي :
1 – كان شاعرَ الأنصارِ في الجاهليَّةِ 0
2 – كان شاعرَ النَّبيِّ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” إبَّانَ عهدِ النُبوَّة 0
3 – كانَ شاعرَ اليمنِ كُلِّها في الإسلامِ 0
س : ما الَّذي أجمعتْ عليهِ العربُ تجاهَ ” حسَّانِ بنِ ثابتٍ ” ؟
ج : أجمعتِ العربُ على أنَّ ” حسَّانَ بنَ ثابتٍ ” أَشعرُ أهلِ المَدَرِ ، وهم أهلُ المدينةِ ومَكَّةِ والطَّائفِ وأهلِ قرى البَحرينِ من عبد قيسٍ 0
س : بِمَ وُصِفَ شِعرُهُ في الجاهليَّةِ ، مَثِّلْ ( مَثِّلِي ) لما تقول ؟
ج : كانَ أجزَل شعرِهِ وأقواهُ وأحصفَه ما قالهُ في شبيبتِهِ وكهولتِه في الجاهليَّةِ 0 مثالُ ذلك :
أ - ما ناقضَ به ” قيسَ بنَ الخطيمِ ” في وقائعِ الأوسِ والخزرَجَ 0
ب – ما مدحَ به ” آلَ جفنةَ ” و ” آلَ النُعمانِ بنِ المنذرِ ” 0
س : كم كانَ عمرُ ” حسَّانَ ” حينما أسلَمَ ، وهلْ أَثَّرَ ذلك في شِعرِهِ ؟
ج : لَمَّا أسلمَ ” حسَّانُ بنُ ثابتٍ ” كانَ قد مضى سِتُّونَ عامًا ( نصفُ عمرِهِ ) ، لَكنَّها لم تُطْفِئ من شُعلةِ شعرهِ شيئًا 0
س : هل دعا الرَّسولُ لِـ ” حسَّانَ ” وما الَّذي دعاه لَهُ وبهِ ؟
ج : نعم ، حيثُ وجدَ فيه الرَّسولُ الكريمُ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ”
بقيَّةً من النِّكايةِ بأعدائِهِ ، أبقاها فيهِ اِنطباعه على الهجاءِ منذ شَبِّهِ ، وقد دعا النَّبيُّ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” اللهَ أن يؤيِّـــــــــــــدُ فيه ( أي في حسَّانَ ) البقيَّةَ الباقيةَ بـ ” روحِ القُدسِ ” 0
س : ما حكمةُ دعاءِ الرَّسولِ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ ” بتأييدِ اللهِ له ؟
ج : حكمةُ دعاءِ الرَّسولِ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ ” بتأييدِ اللهِ له في الهجاءِ - وهو سبابُ - أنَّ الهجاءَ كانَ عندَ العربِ من أقوى الأسبابِ الَّتي تكسْر شوكةِ عدُوّهم وتدخل الغمِّ والذُّلِّ على نُفوسهم ، فهي سلاحٌ من أقوى الأسلحةِ في توهينِ العدوِّ ودحضِهِ وكف أذاه 0
س : ما الَّذي كان يقولهُ الرَّسولُ “ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ” إذا سمع هجاءَ ” حسَّانَ ” لإعدائِهِ ؟
ج : كانَ الرَّسول ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” إذا سَمِعَ هجاءَ ” حسَّانِ ” في أعدائِهِ يقول : ” لَهَذَا أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ وَقْعِ النَّبْلِ ” 0
س : هلْ بقِيَ شِعرُ ” حَسَّانَ ” قَوِيًّا حصيفًا بعدَ دُخولهِ الإسلامَ ؟
ج : يرى بعضُ العارفينَ من النُّقَّادِ المنصفينَ أنَّ شعرَهُ في الإسلامِ كانَ لا يزالُ كعهدِهِ في غلواءِ شبابِِهِ ، حصيفًا رصينًا في بعضِ المَواقفِ ، منها :
1 - هِجاؤُهُ المشركينَ ،
2 – عندَ هياجهِ بمعارضَةِ شعرِ المشركين من قريشٍ وغيرِها 0
3 – في فخرِهِ وحماسَتِهِ 0
س : ما الَّذي يراهُ العارفون في لينِ شعرِ ” حسَّانَ “ وضعفه مَثِّلْ ( مَثِّلي) بالشَّاهِدِ الدَّالِّ على ذلكَ ؟
ج : يرى هؤلاءِ العارفونَ أنَّ كثيرًا مِمَّا وُجِدَ من شعرِهِ ليِّنًا ضعيفًا لم تكن نسبتُهُ إليهِ صحيحةً ، وإنَّما هو مِمَّا وضعَهُ المُتَكَثِّرونَ من الشِّعرِ من رواةِ المغازي والسِّيرِ 0
- مثالُ ذلكَ :
قالَ الأصمعِيُّ مَرَّةً : ” حَسَّانُ ” أحدُ فحولِ الشُّعراءِ ، فقالَ أبو حاتِمٍ : تأتي لَهُ أشعارٌ لَيِّنَةٌ ، فقالَ الأصمَعِيُّ : تنسبُ لَهُ أشياءُ لا تصِحُّ عَنْهُ 0
س : مَا اسبابُ لِينِ شعرِ ” حسَّانَ ” في الإسلامِ ؟
ج : يمكنُ تعليلُ ذلك لأسبابٍ عِدَّةٍ ، منها :
1 – أنَّ سببَ لينه فيما يتعلَّقُ بعقائدِ الإسلامِ اِنبهارُهُ بما قالَهُ القرآنُ الكريمُ ، ونطقَ بِهِ أبلغُ العربِ بل الإنسانيَّةِ جمعاءَ ، ذلكَ النَّبيُّ الكريم ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” من خطبِهِ ومواعظِهِ وأحاديثِهِ في هذه الأغراضِ 0
2 – أنَّ الأصمعيَّ يعلِّلُ لِينَ شعرِ ” حسَّانَ ” في غيرِ الهِجاءِ ، وقُوَّتُهُ في الهجاءِ بأنَّ الشِّعرَ نَكِدٌ يَقْوَى فِي الشَّرِّ ، ويضعُفُ في الخيرِ ،وهو تعليق مقبولٌ في جملتِه إن لم يشبْه علائقُ الخير والشَّرِّ 0
3 – أنَّ لِينََ شعر ” حسَّانَ ” الإسلاميِّ علَّلَهُ ” حسَّانُ ” نفسُهُ ، فيما رُوِيَ عَنْهُ ، فقد قيلَ لَهُ : لاَنَ شِعرُكَ أو هرِِمَ في الإسلامِ يا أبا الحُسامِ ، فأجابَ قائلاً : إنَّ الإسلامَ يحجِزُ عنِ الكَذِبِ ، والشِّعرُ يُزَيِّنُهُ الكَذِبُ 0
4 – أنَّ كثيرًا من شعرِ“ حسانَ ” الإسلاميِّ قالَه بعدَما بلَغَت منهُ السِّنُّ، والشِّعرُ صورةٌ من صورِ النَّفسِ الإنسانيَّةِ،يشيخُ إذا شاختْ 0
5 – أنَّ كثيرًا من شعرِ ” حسَّانَ ” الإسلاميِّ قالَه اِرتجالاً عندَ وقوعِ الحوادثِ الدَّاعيةِ إليْهِ 0
س : اِستعرضْ (اِستعرِضِي ) في إيجازٍ أغراضَ ” حسَّانَ ” الشِّعريَّةَ ؟
ج : قالَ ” حسَّانُ ” الشِّعرَ في أكثرِ أغراضِهِ ، وأبرزُهَا : الهجاءُ ،والمدحُ ، والفخرُ ، والحكمةُ 0
س : ماذا عن مدحِ ” حسَّانَ ” الشِّعريِّ في الإسلامِ ؟
ج : إِنَّ مدحَهُ الشِّعريَّ في الإسلامِ قَلَّما أتي فيه بقصائدَ مُطوَّلَةٍ مُستقِلَّةٍ بالمدحِ وحدَهُ ، على غرارِ ما صنعَ ” كعبُ بنُ زهيرٍ ” في لامِيَّتِهِ المشهورةِ ، وإنَّما يأتي بمدحِهِ النَّبيِّ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” متَّصِلاً بهجائِهِ أَعداءَهُ من قريشٍ ؛ فيعيِّرُ المَهْجُوَّ بمعاداتِهِ النَّبيِّ الَّذي أتى بكذا وكذا وكذا ، وصفته كذا وكذا وكذا 0
س : ماذا عن هجاء ” حسَّانَ ” في الجاهليَّةِ والإسلامِ ؟
ج : أوَّلاً : هجاؤُهُ في الجاهليِّةِ :
- إنَّ هجاءَ ” حسَّان ” في الجاهلِيَّةِ عبارةٌ عن مناقَضَةٍ لـ ” قيسِ بنِ الخطيمِ ” ، ولم يكنِ الذَّمُّ فيها بينَ الشَّاعرينِ متناولاً معايبَـــــــهما الشَّخصيَّةَ،بل معايبَ القبيلتَيْنِِ ( الأوسِ والخزرَجِ ) حقًّا وباطلاً 0
- ثانيًا : هِجاؤُهُ في الإسلامِ :
لم يكن هجاءُ ” حسَّانَ ” آنذاكَ متناولاً قريشًا كلَّها ، بل المشركينَ منها بعامَّةٍ ، وأشدَّهم على الرَّسولِ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” بخاصَّةٍ ، من مثلِ : أبي جهلٍ ، وأبي لَهَبٍ ، وأبي سُفيانَ ، وهم من أقرَبِ قريشٍ نسبًا إليْهِ ، فكانَ هِجاؤُهُ لإحدهِم ليسَ بالطَّعنِ في أصلِ نسبِهِ وذمِّ عشيرتِهِ ، بل في نفي نسبِهِ عن نسبِهِم وأنَّهُ دَعِيٌّ فيهم أو لصِيقٌ بهم،ثُمَّ يستعرضُ صفاتِهم الْخَلْقِيَّةَ و الْخُلُقِيَّةَ؛ فيصفهم بالُّلؤْمِ وقطعِ الأرحامِ وخفَّةِ الحِلْمِ والجهلِ والبُخلِ والجبنِ والهُروبِ 0
س : ماذا عن فخرِ ” حسَّانَ ” الشِّعريِّ ؟
ج : فخرُ ” حسَّانَ ” كثيرٌ ، إذ نجدُهُ تارةً يذكرُ مآثِرَ قومِهِ ” الأنصارِ ” إذا دخلَ في هجاءِ قريشٍ أو ثقيفٍ ، أو هُذَيلٍ ؛ فيذكُرُ تنكيلَهم بقريشٍ في وقعة ” بدرٍ ” ، وتارةً أخرى يذكُرُ مآثِرَ الخزرجِ أو رهطِهِ ” بني النَّجَّارِ ” ؛ وذلك إذا لاحى ” قيسَ بنَ الخطيمِ ” شاعــــــــر الأوس في الجاهليَّةِ 0
س : ماذا عن فخرِهِ بنفسِهِ وذاتِهِ ؟
ج : إذا فخرَ ” حسَّانُ ” بنفسِهِ فَخَرَ بفصاحَةِ لسانِهِ وسيرورةِ شعرِهِ ، وإذا غلى مِرْجَلَ حماسَتِهِ نسيَ نفسَهُ ؛ فَادَّعى شجاعَتَهُ وإقدامَهُ 0
س : وماذا عن حكمتِهِ الشِّعريَّةِ وضربِهِ المثلَ ؟
ج : أمَّا عن حكمتِهِ وضربهِ المثلَ ؛ فذلك كان غريزةً فيهَ منذُ الجاهليَّةِ ، وزادَهُما الإسلامُ رونقًا وصوابًا ، وقلَّما تخلو قصيدةٌ من قصائدِهِ من حكمةٍ أو مثَلٍ أو موعظةٍ حسنَةٍ 0
س : وماذا عن نسيبِ ” حسَّانَ ” وغزلِه ؟
ج : كانَ له نسيبٌ وغزلٌ ، ولم يكن هذا أو ذاكَ ناشئًاِ من عشقٍ أو غرامٍ ، بل من محاكاتِهِ للشُّعراءِ في تقديمِهِم النسيبَ علي أغراضِهم،وكانَ يهتفُ في نسيبِهِ باِسمِ ” عَمْرَةَ ” واِسمِ ” شعْثَاءَ ” وكلتاهما زوجٌ له فيما يروى ، ويقالُ : إنَّهُ طلَّقَ الأولى 0
س : وماذا عن رثاءِ ” حسَّانَ ” ؟
ج : لحسَّانَ رثاءٌ قويٌّ يشجو القلبَ ويذرف العَبَراتِ ، فمنه القصائدُ المطوَّلَةُ الَّتي رثى بها النَّبيَّ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ” ـــــــــ
وقصائدُ متوسِّطةٌ ، وأخرى قصيرةٌ ، رثى بها بعضَ الخُلفاء ونفرًا من الصَّحابةِ الكرامِ 0
 
قديم 2010- 4- 30   #12
zeoonah
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
 
الصورة الرمزية zeoonah
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 34604
تاريخ التسجيل: Wed Sep 2009
المشاركات: 1,043
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 1340
مؤشر المستوى: 71
zeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud of
بيانات الطالب:
الكلية: جامعة فيصل-كلية التربية
الدراسة: انتظام
التخصص: تربية خاصة ،،
المستوى: المستوى الثالث
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
zeoonah غير متواجد حالياً
رد: التذوق الأدبي (محتوى فقط )


التعديل الأخير تم بواسطة zeoonah ; 2010- 4- 30 الساعة 04:52 PM
 
قديم 2010- 5- 19   #13
zeoonah
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
 
الصورة الرمزية zeoonah
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 34604
تاريخ التسجيل: Wed Sep 2009
المشاركات: 1,043
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 1340
مؤشر المستوى: 71
zeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud of
بيانات الطالب:
الكلية: جامعة فيصل-كلية التربية
الدراسة: انتظام
التخصص: تربية خاصة ،،
المستوى: المستوى الثالث
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
zeoonah غير متواجد حالياً
رد: التذوق الأدبي (محتوى فقط )

[align=center]
المحاضرة التاسعة
حسَّانُ بنُ ثَابتٍ وَالنَّصُّ الشِّعْرِيُّ الذَّائِدُ
أَوَّلاً : النََّصُّ الشِّعريُّ
- يقولُ حسانُ بن ثابتٍ مفتخرًا ومُهدِّدًا :
1 – تَظَلُّ جِيَـــــــادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ تُلَطِّمُــــــــهُنَّ بِالْخُمْرِ النِّسَاءُ
2 – فَإمَّا تُعْرِضُوا عَنَّا اِعْتَمَرْنَا وَكَانَ الفَتْحُ وَاِنْكَشَفَ الْغِـطَاءُ
3 – وَإِلاَّ فَاصْبِرُوا لِجِـــلاَدِ يَوْمٍ يُعِزُّ اللهُ فِيــــهِ مَنْ يَشَـــــــاءُ
4 – أَلاَ أَبْلِـــــغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنِّي فَأَنْتَ مُجَـــوَّفٌ نَخْبٌ هَـــــوَاءُ
5 – بِأَنَّ سُيُوفَــــنَا تَرَكَتْكَ عَبْدًا وَعَبْـــدُ الدَّارِ سَادَتْـــهَا الإِمَاءُ
6 – هَجَوْتَ مُحمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ وَعِنْــدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَـــــزَاءُ
7 – أَتَهْجُــوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِــــــــــدَاءُ
8 – فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِـي لَعِرْضُ مُحَمَّدٍ مِنْــكُمْ وَقــــــاءُ
9 – لِِسَانِي صَارِمٌ لاَ عيبَ فِيـهِ وَبَحْـــري لاَ تُكَـــــــدِّرُهُ الدِّلاَءُ
- ثانيًا : معاني الكلمات :
- جيادنا : خيولنا 0 – متمطِّرات : مسرعات 0 – تلطِّمُهنَّ : تضربنَ على الوجوهِ بأثوابهنَّ 0 – الخُمُرُ : بضمِّ الخاءِ والميم : جمع خِمار ، وهو ما تغطِّي به المرأةُ رأسَهَا 0 – تُعرضوا : تبعدوا 0 – اِعتمرنا : أدينا العُمرةَ 0 – الفتحُ : فتحُ مكَّةَ والظَّفرُ بالأعداءِ 0 – الغطاءُ : المستورُ 0 – الجِلادُ : التَّضاربُ بالسُّيوفِ 0 – المجوَّفُ : الجبانُ الَّذي لا قلب لَهُ ، وكأنَّه خالي الجوفِ من القلبِ ، وهواء : مثلُهُ 0 – هجوتَ : الهجاءُ ضدُّ المدحِ ، ومعناهُ : السَّبُّ والقذفُ 0 – النَّخبُ : يقالُ : جاءَ في نخبِ أصحابِهِ أي في خيارهم 0 – الإماءُ : جمعُ أمَةٍ ، والأمَة : ضدّ الحُرَّةَ ـــــ
،( أي :العبدةُ ) 0 – الوقاءُ : الحفظُُ 0 – عبدُ الدَّارِ : بطنٌ من بطونِ قريشٍ 0 بحري : شعري 0
الصَّارمُ : السَّيف القاطعُ 0 تكدِّرهُ : تعكِّرهُ ، والكدرُ أو التَّكَدُّرُ : ضدّ الصَّفو 0 – الدِّلاءُ : جمعُ دلوٍ ، وهي الأوعيةُ الَّتي يُستَقى بها الماءُ ، وهي جمع كثرةٍ ، أمَّا جمع القلَّةِ منها فهو : ” أَدْلُ ” 0
- ثالثًا : فكرةُ النَّصِّ :
تقوم فكرةُ هذا النَّصِّ الشِّعريِّ على معركةٍ حاميـــــــــــةِ الوَغَى بين المسلمين وكُفَّارِ قريشٍ ، واِنتصار المسلمينَ بقيادةِ النَّبيِّ ( صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمّ )، وقد مهَّدَ الشَّاعرُ لهذه الفكرةِ ، من بدءِ القصيدةِ بإطلالةٍ جاهليَّةٍ ، حيثُ الوقوفُ على الأطلالِ ، أوعلى الأقلِّ تشكيل صورة الطَّلل الجاهلي ” دِيَارِ بَنِي اَلْحَسْحَاسِِ ” ، الَّتي تُعفِّيــــها الرَّوامسُ ( الرِّيَاحُ ) واِنتهاءً بعمليَّةِ الفتحِ ( فتحِ مكَّة) ، واِفتــــداء الشِّاعر بوالدِهِ وجَدِّهِ وعرضه ، بل وعرضهم جميعًا لِعرضِ محمَّدٍ ( صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ) 0
- رابعًا : المضمون :
يتشكَّلُ المضمونُ الرَّئيسُ من معركة ، بل رحلةِ المسلمين لفتح مكَّةَ والدِّفاع عن دينهم ونبيِّهم ( صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ) ، يتخلَّلُ هذا المضمون الرئيس جملةٌ من المضامين الفرعيَّة المُجتزئةِ منها على سبيل المثالِ : دفاع نساء المشركين وكفَّار قريشٍ وهروب رجالهم وفرسانهم من ساحة المعركةِ ، وإعراض المشركين حتَّى يتمَّ الفتحُ وينكشفَ المستورُ ، والرسالة الهاجية لأولئك الكفَّار وعلى رأسهم ” أبو سفيان ” 0 تلك الرِّسالة الَّتي تردُّ بقوَّةٍ وقسوةٍ على هجاء الأخير للنَّبيِّ الكريم ( صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ) ، وأخيرًا رسالة الشَّاعرِ العائليَّة المُفَدِّيَة للنبيِّ بكلِّ شيء،من أبيه وجدِّه ونفسه 0
- خامسًا : الأبعادُ الُّلُغويَّةُ والفنِّيَّةُ والجماليَّةُ :
1 – الألفاظُ :
يبدو للنَّاظرِ من الوهلةِ الأولى إلى هذا النَّصِّ أنَّهُ لا يلحظُ غرابةً في ألفاظِهِ ،إذ إِنَّ مُعجمَ الشَّاعرِ الُّلغويَّ يحملُ ألفاظًا دالَّة مُيسَّرةً ،تتـــــــــوازى تمامًا مع السِّياقِ الاجتماعيِّ ” الإسلاميِّ ” الجديد المُستنيرِ ، لأنَّنا إذا نظرنا إلى تلك المفرداتِ الَّلَفظيَّةِ نظرةً متأنيةً، نجدُها لا تُستَغلقُ على القارئِ أو المُتلقِّي ، إذ نلحظُها تتناسبُ ولغَةَ القُرآنِ ، بل جاءَ بعضُها لابسًا ثوبَ بعضِ الآياتِ القُرآنيَّةِ المجيدة،مثل قوله هنا : ” يُعِزُّ اللهُ فِيهَا مَنْ يَشَاءُ ” و ” وشَرُّكُمَا لخيرِكُمَا الفِداءُ ” 0
2 – المعاني :
يشيرُ بعضُ النُّقَّادِ إلى أنَّ المعاني في هذا النَّصِّ الشِّعريِّ جاءت قويَّةً أو بالأحرى فيها شيءٌ من القُوَّةِ، وإِنِ اِبتعدت عنِ التَّعَمَُقِ أو الإيحاءِ المعنويِّ ، ففيها جانبٌ معنويٌّ من معاني الحربِ ، حيثُ نلحظُ الجيادَ المُتمطِّرات والنِّساء المختمرات المُتلطِّمات ، وفيها جانبٌ ثانٍٍ من معاني الفتحِ والنَّصرِ ، حيث الاعتمارُ والفتحُ وكشف المستورِ ، وفيها جانبٌ ثالثٌ من معاني الهجاءِ ، لأبي سُفيانَ تحديدًا ، حيثُ يصفُه بالجبن والخوفِ والهُروبِ ، وفيها جانبٌ معنويٌّ رابعٌ من معاني الدِّفاعِ ، حيثً الذَّودُ عن النبيِّ بالمال والنَّفسِ والعرضِ ، بل بلسانٍ شِعريٍّ قاطعٍ بتَّارٍ 0
3 – الأسلوبُ :
يبدو الأسلوبُ في هذا النَّصِّ الشِّعريِّ قويًّا ، وبخاصَّةٍ في وصفِ الأطلالِ وتصويرِ الخيلِ ، ثُمَّ يَأْخذُ في الِّلِينِ بعضَ الشّيءِ ؛ وذلك حينما يتَّجهُ الشَّاعرُ إلى الحديثِ عن الاعتمار والاصطبار والجلاد والفتح واِنكشاف الغطاءِ والمستور، والشَّرّ والخير والافتداء 0 على أنَّ بعضَ غير المنصفينَ من النُّقَّادِ والمُستشرقينَ صيَّروا ذلك الِّلِينَ الُّلُغويَّ ” الأسلوبيَّ ” ضعفًا أو هبوطًا أسلوبيًّا 0 وذلك لغطٌ كبيرٌ ؛ لأنَّ الحياةَ في صدر الإسلامِ قد لانت لِينًا ملحوظًا جملةً وتفصيلاً ، وكانَ لزامًا أن يُلازمها في ذلك الِّلِينِ أسلوبُها الُّلُغويُّ ، وإلاَّ لن يكونَ هناكَ توافقٌ بينهما أو حراكٌ 0
4 – الموسيقى الشِّعريَّةُ :
إنَّ هذا النَّصَّ الشِّعريَّ من النُّصوصِ المشهودة والمشهورةِ ، فقد مُثِّلَ بِهِ في كثيرٍ من السِّياقاتِ والمناهجِ الدِّراسيَّةِ الجامعيّةِ وغيرها ، مِمَّا أَكسبَهُ ذيوعًا وشُهرةً قويَّينِ – إِنَّ هذا النَّصَّ الشِّعريَّ يستقي تفعيلَتَهُ من بحرِ ” الوافرِ ” الشِّعرِيِّ ( مُفَاعَلَتُنْ - مُفَاعَلَتُنْ - ” مُفَاعَلْ ” أو فَعُولُنْ )، وهذا البحرُ من أيسرِ البحور الشِّعريَّةِ تذوُّقًا ، وأقربها إلى النَّفسِ اِلتصاقًا ، يأتي ذلك من دلالةِ مُسَمَّاهُ ” الوافر ” ، حيثُ تتوفَّرُ فيه النَّغمةُ الموسيقِيَّةُ المتراقصةُ ، وهو بنغمتِهِ تلكَ يتناسب وسياقَ القصيدةِ الَّذي جاءَ بحركيَّةِ الحربِ بين المسلمينَ والكُفَّار ، واِنتصار المسلمينَ في خاتمةِ الأمرِ وفتحهم لِمكَّةَ 0
تابعُ الموسيقى الشِّعريَّةِ : ( القافيةُ ) :
أَمَّا عن القافيةِ – قافية ذلك النَّصِّ – ، أو بالأحــــــرَى رويِّها ، فقد جاءَ ذلك الرَّوِيُّ بالهمزةِ المضمومةِ،وهو بهذه الحركة ” الضَّمَّةِ ” يزيدُ من حركيَّةِ وثراء البعد الموسيقيِّ المُختتم للبيت الشِّعريِّ من جهةٍ ، إذِ الضَّمُّ يمتدُّ بالنَّغمةِ الموسيقيَّةِ مسافةً زمنيَّةً أطــــــــــول ، ومساحةً مكانيَّةً أرحب ، كما يزيـــدُ من القوَّة بل الثَّراءِ الدِّلاليِّ ” المعنويِّ ” من جهةٍ أخرى ، لأنَّهُ بحركَتِهِ تلك ” الضَّمَّةِ ” يضمُّ مَكَّةَ وأهلَهَا إلى السِّياقِ الإسلاميِّ بفضلِ هذا الرَّويِّ المَضمومِ 0
5 – الصُّورةُ الشِّعريَّةُ البيانيَّةُ :
أ – الصُّورةُ التَّشبيهيَّةُ :
- التَّشبيهُ الأوَّلُ : يجيءُ هذا التَّشبيهُ مُمَثَّلاً في ” التَّشبيهِ البليغِ ” ، إذ ورد في البيت الرَّابعِ على النَّحوِ الآتي : ” فأنتَ مُجَوَّفٌ نَخْبٌ هَوَاءُ ” ، فجعل الشَّاعرُ المُشَبَّهَ ” أَبا سُفْيانَ ” مَرَّةً واحدةً ، وكَرَّرّ بل عَدَّدَ المُشبَّهَ بِهِ ” مُجَوَّفٌ نَخْبٌ هَوَاءُ ” ، بما يعني أنَّهُ شبَّهَهُ بالوعاءِ الفارغِ الَّذي لا يمتلئُ سوى بالهواءِ ، كما أنَّهُ لا قلبَ لَهُ في جوفِهِ ، وتكرارُ المُشبَّهِ بِهِ هنا يزيدُ من حركيَّةِ الدِّلالَةِ السَّلبيَّةِ ” لِأبي سُفْيَانَ ” المتعدَّدة الَّذي تطاولَ بها في هجائِهِ لسيِّدِنَا محمَّدٍ ” صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ ” 0
- التَّشبيهُ الثَّاني :
يجيءُ هذا التَّشبيهُ بليغًا أيضًا عبرَ البيتِ الثَّامنِ ، نتمثَّلُه في قولِ الشَّاعرِ ” وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وَقَاءُ ” ، حيث شبَّهَ عِرضَهُ هنا بالوَقاءِ الَّذي يذودُ بِهِ عَنِ النَّبيِّ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ”،وهذا الوقاءُ – وإنْ لم يَكُنْ حاملاً رمزًا ماديًّا – يحملُ شيئًا أبعدَ أَثرًا ، وأقوى حمايةً ، يتمثَّلُ في العِرْضِ النَّقيِّ ، والسَّريرةِ السَّمْحاءِ ، والدَّينِ القَيِّمِ 0
- التَّشبيهُ الثَّالثُ :
يَرِدُ التَّشبيهُ البليغُ للمرَّةِ الثالثةِ في ذلك النَّصِّ عبرَ البيتِ التَّاسعِ والأخيرِ ، حيث يقولُ الشَّاعرُ : ” لِساني صارمٌ لاَ عَيْبَ فيهِ ” ، إذ شبَّهَ الشَّاعرُ هنا لِسانَهُ الشِّعريَّ ” تجاوُزًا ” بالسَّيفِ القاطعِ البتَّارِ ، وهذا التَّشبيهُ يُبينُ بل يُعَمِّقُ من دلالةِ المُشبَّهِ بِهِ ؛ لأنَّهُ يجعلهُ هنا ” صارِمًا ” والصَّرامة هذه وفي سياقٍ كهذا تتوافقُ تمامًا معَ سِبَابِ ” أبي سُفانَ ” الَّلاذِعِ من جِهَةٍ ، وهجاءِ ” حسَّانَ ” القاتلِ ” لِأبي سُفيانَ ” من جِهَةٍ أخرى 0
ب – الصُّورةُ الاستعارِيَّةُ :
وَرَدَتْ الصّورةُ الاستعاريَّةُ هنا بشكلٍ لافتٍ للنَّظَرِ ، نلحظُها على النَّحو الآتي :
- الصُّورةُ الأولى : ” تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمْرِ النِّساءُ ” ، تبـــــــــدو هذه الصِّيغةُ ” صورةً اِستعارِيَّةً تصريحيَّةً ” ، حيثُ شَبَّهَ الشَّاعــــــــرُ الأَكُفَّ بالخُمْرِ ( في سياقِ الَّلَطمِ ) وَحَذَفَ المُشَبَّهَ ” الأَكُفَّ ” وجــــــــــــاءَ بالمُشَبَّهِ بِهِ
- ” الخُمر“، صَرَاحَةً ؛ لِيُدَلِّلَ على هـــــــــــولِ الواقِعَةِ الَّتي لم يملكْ معَها المُشركونَ سوى الهُروب والاختباء في الدُّورِ ودفـــــاع النِّساء عنهم وردّهنَّ للخيـــــــول بالخُمر ( أغطية الرُّؤُوس والأجساد ) 0 فهروبُ المُشركينَ من جهةٍ ، ودفاع نسائهم عنهم من جهةٍ أخرى يكشفانِ بل يُجَلِّيانِ دلالِيًّا قُوَّةَ المسلمينَ ” المُؤمنينَ ” يومَ فتحِ مكَّةَ العظيم 0
- الصُّورةُ الاستعاريَّةُ الثَّانيةُ :
تتمَثَّلُ تلكَ الصُّورة في قول الشِّاعر : ” وَبَحْرِي لاَ تُكَدِّرُهُ الدِّلاَءُ ” ، تغدو تلك الصِّيغةُ هي الأخرى ” صورةً اِستعاريَّةً تصريحيَّةً ” ، حيث شبَّه الشَّاعرُ شِعرَهُ أو نظْمَهُ أو حتَّى منزلِتَهُ الأدبيَّةَ بالبحرِ وحذفَ المُشَبَّهَ ” الشِّعر أو النَّظم أو المنزلة الأدبيَّة ” ، وجاءَ بالمُشَبَّهِ بِهِ صراحةً ” البَحْر ” ؛ لِيُدَلَّلَ على عمقِ شعرهِ وغورِهِ وسَعتِهِ وقُوَّتِهِ إذا ما عاودَ ” أبو سُفيانَ ” الكَرَّةَ في الإقدامِ على هجاءِ النَّبِيِّ ( صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ) وسبَّه 0
- الصُّورةُ الاستعاريَّةُ الثَّالثَةُ :
ترِدُ هذه الصُّورةُ في صيغةِ ” وبحري لا تُكدِّرُهُ الدِّلاَءُ ” أيضًا ،حيثُ شَبَّهَ الشِّاعرُ هنا أشعارَ ” أبي سُفيانَ ” الهاجيةَ للنَّبيِّ ( صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ) بالدِّلاَءِ الَّتي تُلْقى في البحرِ العظيمِ ، وحــــــــذفَ المُشَبَّهَ ” الأشعار الهاجية ” وصَرَّحَ بالمُشبَّهِ بِهِ ” الدِّلاءِ ” ، وذِكْرُهُ للمُشَبَّهِ بِهِ هنا إنما يُدلِّلُ على حقيقةٍ دلاليَّةٍ قويَّـــــــــــةٍ ، مُفادُها أنَّ بحرَ ” حسَّان بن ثابتٍ ” الشِّعريَّ الغائرَ العميقَ لا تُعَـــــكِّرُ صفْوَهُ دِلاءُ ” أبي سفيانَ ” هذه ، الهاجيةُ أو أيَّةُ دِلاءٍ أخــــــرى ، مَهما تعالت صيحاتُها ، وهاجت فورتُها 0
ج – الصُّورةُ الكِنائيَّةُ :
تَرِدُ الصُّورةُ الكِنائيَّةُ هنا على النَّحو الآتي :
1 – ” تَظلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ ” ـــــ كنايةٌ عنِ التَّعجُّلِ في طلبِ الِّلقاءِ 0
2 – ” تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمْرِ النِّساءُ ”ـ كنايةٌ عنِ اِختباءِ الرِّجالِ ومواجهة النِّساءِ0
3 – ” وَكَانَ الفَتْحُ وَاِنْكَشَفَ الغِطَاءُ ” ــ كنايةٌ عن الفوزِ والغلبةِ والانتصار0
4 – ” وَعَبْدُ الدَّارِ سادَتْهَا الإِمَاءُ ” ـ كنايةٌ عنِ المذلَّة الَّتي تَحصَّلت لِعبدِ الدَّارِ، من جرَّاءِ غزوةِ بدرٍ من قَبْلُ، وفتح مكَّةَ الآنَ،وسيادة الإماءِ لهم 0
5 – ” لِساني صارمٌ لا عيبَ فيهِ ” ــ كنايةٌ عن قُوَّة شِعرِهِ وصرامَتِهِ وحدَّتِهِ فضلاً عن سلامَتِهِ وصِحَّتِهِ ونَقائِهِ 0
6 – المُحَسِّنُ البديعيُّ :
- نلحظُ المحسِّنَ البديعيَّ واردًا في هذا النَّصِّ على النحوِ الآتي :
أ – الطِّباقُ :
نلحظُ ذلك الطِّباقَ واردًا في صيغةِ ” فَشَرُّكُمَا 000 لِخَيْرِكُمَا ” ، وقد تبدو تلك الصِّيغةُ معبِّرةً عن سياقِ الدُّعاءِ ، إذ يُعْنَى بِهمَا معًا أنْ يذهبَ الشَّرُّ منهما فِداءً للخير منهما ، وهذا يُقصَدُ بهِ مُجابهَةُ الخيرِ للشَّرِّ الَّذي اِستشرى من ” أبي سُفيانَ ” وغيرِه من المُشركينَ وكُفَّار قريشٍ 0
ب – الجناس التَّامُّ :
نلحظُ الجناسَ هنا واردًا في الصِّيغِ الآتيةِ :
- ” عبدًا : عبد الدَّارِ ” ــــ جعل الشَّاعرُ الَّلَفظةَ الأولى دلالةً على المذَلَّةِ والخزي والعارِ ، وصَيَّرَ الثَّانيةَ إلى عبد الدَّار ” كبطن من بطونِ قريشٍ ” اِمتدادًا ، بل تأكيدًا للمذلَّةِ الَّتي تلقَّاها ” أَبو سفيانَ ” في غزوة بدرٍ من قبلُ وستلقاها عبدُ الدَّارِ هنا في فتحِ مكَّة . إنَّ الشَّاعرَ هنا يمتدُّ بلفظةِ ” عَبْدٍ ” لِتأكيدِ قُوَّةِ المسلمينَ وضعفِ الكُفَّارِ من قريشٍ وغيرِها 0
ج – الجِناسُ النَّاقصُ :
يَأتي الجناسُ النَّاقصُ تاليًا للجناسِ التَّامِّ ، حيثُ نلحظُهُ في الصِّيغِ الآتيةِ :
” هجوتَ : أتَهْجُوهُ ” ، و ” عرضي : لِعرضِ ” ، الحقُّ أنَّ هذينِ الجناسِيْنِِ النَّاقِصَيْنِِ يبعثانِ جَرْسًا موسيقيًّا متناغمًا في سياقِ الدِّفاعِ عنِ النَّبيِّ ” صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ ” ومُهاجمةِ أعدائِه من كُفَّار قريشٍ وغيرهِم ، كما يُرْسلانِ في الوقت نفسِهِ رافدًا دلاليًّا في الهُجومِ والذَّودِ معًا،أو بالأحرى في الهِجاء والوقايةِ منه بكلِّ لوازم الشَّاعر الإنسانيَّة والماديَّة 0
7– الخبر والإنشاء :
جاءَ هذا النَّصُّ حاملاً نمطي الأسلوبِ الأدبيِّ ( الخبريَّ والإنشائيَّ ) ، أمَّا عنِ الأسلوبِ الخبريِّ ؛ فإنَّنا نلحظُهُ في البيتِ الأوَّلِ ” تظّلُّ جِيَادُنَا مُتمَطِّرَاتٍ ” ، و “ تُلطِّمُهُنَّ بِالْخُمْرِ النِّسَاءُ ” ، و الشَّطر الثَّاني من البيتِ الثَّاني ” وَكَانَ الفَتْحُ واِنْكَشَف الغِطَاءُ ” ، والشَّطر الثَّاني من البيتِ الرَّابعِ ” فَأَنتَ مُجَوَّفٌ نَخْبٌ هَوَاءُ ” ، والشَّطرِ الثَّاني من البيتِ الخامِسِ ” وعبدُ الدَّار سادتها الإماءُ ” ، والبيتِ السَّادسِ ” هجوتَ مُحَمَّدًا ” ، والبيتِ الأخيرِ ” لِسَانِي صَارِمٌ 00 وَبَحْرِي لا تُكدِّرُهُ الدَّلاَءُ ” 0 إِنَّ جملةَ هذه الصِّيغِ الإخباريَّةِ تخبرُ عن حالِ المعركةِ بينَ المسلمينَ والكُفَّار من جهةٍ ، وصراع ” أبي سفيانَ ” - شعريًّا – مع حَسَّانِ بنِ ثابتٍ من جِهةٍ أخرى 0
وبينَ الجِهتينِ تتواردُ مُقوَّماتُ المعركــــــة بدءًا من اِستعداد ” الجياد ” وتمطُّرِها ، مرورًا بالهِجاءِ ، واِنتهاءً بالإخبــــارِ عن لِسانِهِ وبحرهِ القَويَّيْنِ . ِ
- الأسلوبُ الإنشائيُّ :
- نلحظُ هذا الأسلوبَ الإنشائيَّ على النَّحوِ الآتي :
1 – ” فَإمَّا تُعْرِضُوا عَنَّا اِعْتمَرْنَا ”، تجيءُ صِيغةُ ” فَإمَّا ” مُركَّبةً من ” إِنَّ ” الشَّرطيَّةِ و“ ما ” الزَّائدَةِ ، لأنَّها اِحتاجت إلى جملتينِ كما هو واضحٌ ، وهنا يشترط الاعتمارَ دون المُعارضة ، أي المباعدة 0
2 – ” وإِلاَّ فَاصْبِرُوا لِجِلادِ يَومٍ ” يبدو هذا الأسلوب مُركَّبًا من الشَّرطِ والاستثناِءِ،لأنَّ الجملةَ هنا مكوَّنةٌ من ” إِنِ ” الشرطيَّة ، و“ لا ” النَّافية ، وهنا يقدِّم الشَّاعر فعلاً مشروطًا إِذا لم يعترض كُفَّارُ قريشٍ طريقَ المسلمين 0
3– ” أَلاَ أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنَّا ” تعدُّ ” أَلاَ ” هنا حرف تنبيـــــهٍ للهاجي
” أبي سُفيانَ ”،وقد ناسبت سِّياقَ المُراسلةِ هنا بينَ الشَّاعرِ والأخير ، لأنَّها تدعوهُ للانتباه إلى من يهجوهُ 0
4 – ” لِساني صارمٌ لا عَيْبَ فِيهِ ” ـ الجزءُ الأوَّل من تلك الصِّيغةِ أُسلوبٌ خبريٌّ ( مبتدأٌ وخبرٌ ) ، أمَّا الجزءُ الأخيرُ ( لا عَيبَ فِيهِ ) فيعدُّ أسلوبًا إنشائيًّا لأنَّهُ يعتمدُ النَّفيَ والنَّفيَ الإيجابيَّ منه بشكلٍ خاصٍّ،إذ يبعد عن شعرَه وذاتَه أيِّةَ سلبيَّةٍ أوعيب يشينُهُما0 ِ
5 – ” وَبَحْرِي لاَ تُكَدِّرُهُ الدِّلاءُ ” ــ ما قيلَ في النُّقطةِ السَّابقةِ يقالُ هنا أيضًا ، - وَإنْ تفاوتت المواضعُ – حيـــث اُستُهِلَّت بمبتدأٍ،ثُمَّ جاء الخبرُ في الفعلِ المُضارعِ المنفيِّ ”لا تُكدِّرُهُ ” 0 وهنا كذلك ينفي عن بحــرِهِ الذَّاتيِّ أو الشِّعريِّ أَيَّ مكدِّرٍ آخرَ ، حتَّى وإنْ كانَ شعر “ أبي سفيانَ ” الهاجيَ 0
- خلاصةٌ واِستنتاجٌ :
1 – يشيرُ ذلك النَّصُّ كُليَّةً – بعيدًا عن المقطع المجتزئِ – إلى حضورِ الحياتينِ الجاهليَّةِ والإسلاميَّةِ في طيَّاتِهِ ، حيثُ نجد المُؤشِّراتِ ، بل الرُّموزَ الجاهليَّةَ في صدرِ القصيدةِ ، وإن تغلَّبت الحياةُ أو السِّياقُ الإسلاميُّ في خاتمةِ الأمر 0
2 – يغدو النَّصُّ سجلاً تاريخيًّا مُهِمًّا ، حيث نلحظُهُ يقدِّمُ جملةً من المواقفِ والأحداثِ بين المسلمينَ والكُفَّارِ ، منها على سبيلِ المثالِ : ملاطمةُ النِّساء للخيلِ بخمورِهِنَّ ،وهجاء ” أبي سفيانَ “ ، ومذلَّة المُشركين في موقعةِ بدرٍ ، وأخيرًا فتح مكَّةَ وانتصار المسلمين على الكفَّار في خاتمةِ الأمر 0
3 – يشكِّلُ النَّصُّ في لُغتِهِ وأسلوبِهِ صورةً لِيِّنةً من لينِ الإسلامِ ورحمتِه 0
4 – جاءَ النَّصُّ على بَحْرِ ” الوافرِ ” المُتراقصِ ؛ ليبينَ عن حركيَّةِ المعركة أو المواجهةِ المتعدِّدةِ المتنوِّعة 0
5 – يعكسُ هذا النَّصُّ الشِّعريُّ صورةَ الحربِ قديمًا ،سواءٌ بالصُّورةِ البيانِيَّةِ المتَعدِّدةِ أو الصُّورةِ الُّلُغويَّةِ الواقِعيَّةِ الملموسةِ 0
6 – لم يكثر حسَّانُ بنُ ثابتٍ من المُحسِّناتِ البديعيَّةِ ( الَّلَفظيَّةِ أو حتَّى المعنويَّةِ ) ؛ لأنَّه كان مشغولاً بوصف وتصويرِ الموقفِ الحربيِّ ، دون الحاجةِ إلى تكلُّفِ الُّلُغةِ وزخرفَتِها 0
7 – معاني النَّصِّ بل جملةُ مضامينِهِ جاءت متناسقةً تمامًا مع السِّياقِ الاجتماعيِّ ، بل والدِّينيِّ كذلك
8 – ينطوي ذلك النَّصُّ على الأسلوبينِ ( الخبريِّ والإنشائيِّ ) ، جاء الأوَّلُ مُخبرًا – بصدقٍ وأمانةٍ – عن الأحداث وكاشفًا إِيَّاها ، ثُمَّ تبعه الثّاني مؤكِّدًا لها ومعمِّقًا أثرها 0
9 – يميلُ النَّصُّ إلى اِقتباس بعض معاني الآيات القُرآنيَّةِ وصورها0
10 – كَشَفَ النَّصُّ عن تعدُّدِ أسلحةِ المسلمين في معارِكِهِم مع الكفَّار والمشركين ، سواء تجلَّى ذلك في السِّلاح المادي( السَّيف والرُّمح ) أو المعنويِّ ( الِّلِسان والشِّعرِ )0
[/align]
 
قديم 2010- 5- 19   #14
zeoonah
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
 
الصورة الرمزية zeoonah
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 34604
تاريخ التسجيل: Wed Sep 2009
المشاركات: 1,043
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 1340
مؤشر المستوى: 71
zeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud of
بيانات الطالب:
الكلية: جامعة فيصل-كلية التربية
الدراسة: انتظام
التخصص: تربية خاصة ،،
المستوى: المستوى الثالث
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
zeoonah غير متواجد حالياً
رد: التذوق الأدبي (محتوى فقط )

[align=center]
المحاضرةُ العاشرةُ
” جرير والنَّصُ الشِّعريُّ الأمويُّ ”

س : مَنْ هو جريرٌ ؟
ج : جريرٌ : هو أبو حزرةَ جريرُ بن عَطيَّةَ بنِ الخطفَيِّ 0
س : ومَا الخطفيُّ هذا ؟
ج : هذا لقبٌ غَلَبَ على جَدِّهِ ” حذيفةَ ” ، ويعنَى بِهِ أو بها السَّير السَّريع 0
س : هل لُوحِظَ هذا الَّلقبُ في شعرِ جريرٍ ؟
ج : نعم ، لوحِظَ وجودُ هذا الَّلَفظِ في بعضِ أشعارِ جريرٍ مِمَّا يُؤَكِّدُ هذا الَّلَقبَ لِجَدِّهِ ” حُذيفةَ ” 0
س : إِلى أَيَّةِ بَطْنٍ أَو قبيلةٍ ينسبُ الشَّاعرُ جريرٌ ؟
ج : ينسبُ الشَّاعِرُ جريرٌ إِلى ” كُليبٍ ” ، وكليبٌ هذه حَيٌّ من يربوعٍ من بني تميمٍ 0
س : وأين كانت تنزلُ قبيلتُهُ أو قومُهُ ؟
ج : نزلَ قومُهُ قريةَ ” حَجْرٍ ” من قرى اليمامةِ بالجنوبِ الشَّرقيِّ من نجدٍ ، وهي المُسَمَّاةُ الآن بـ ” الرِّياض ” 0
س : ما الكُنيةُ الَّتي كُنِي بهَا جريرٌ ؟
ج : يُكْنى جريرٌ بـ ” أبي حَزْرَةَ ”( وهو ابنُهُ البِكرُ )،وابن المَراغةِ 0
س : وما المرَاغةُ هذه ؟!
ج : المراغةُ هذه من الأسماءِ القبيحة للأتانِ ، وهي كذلك لقبٌ نُبِزَت به أمُّهُ من أحد الشُّعراءِ الَّذينَ هاجوه،لأنَّ كُليبًا كانت رُعاةَ غنمٍ وحمير0
س : متى وأينَ وُلِدَ الشَّاعرُ ” جريرٌ ” ؟
ج : وُلِدَ ” جريرٌ” باليمامةِ في خلافةِ ” عثمانَ بنِ عَفَّانَ ” رضي اللهُ عنه0
س : كيفَ كانت نَشأةُ ” جريرٍ ” ؟
ج : نشأَ الشَّاعرُ ” جريرٌ ” بينَ عشيرتِهِ ” بني الخطفيِّ ” نشأةَ البدويِّ الفقيرِ، وكان يرعى على أبيه غنيماتٍ له من الضَّأْنِ والمَعزِيِّ 0
س : هل كانَ لقبيلَتِهِ أو أهلِهِ علاقةٌ بالإبداعِ الشِّعريِّ ؟
ج : كانَ أهلُ بيتهِ ” بنو الخطفيِّ ” على فقرهم يغلبُ عليهم الشِّعرُ ، ويتهاجونَ مع شعراءِ قومِهِم 0
س :هل تعرَّضَ ” جريرٌ ” لبعضِ شُعراءِ قومِهِ، وما موقفُ قومِهِ إِزاءَهُ ؟
ج : لقد ظهرَ في قوم ” جريرٍ ” شاعرٌ يُسَمَّى ” غسَّانَ السَّليطيَّ ” ، فرآهُ
” جريرٌ ” يهجو قومَهُ ، والنَّاس مُجتمعونَ عليهِ ، فَحَمِيَ ونطقَ بالشِّعرِ رجزًا هجاهُ بِهِ أفحَشَ هِجَاءٍ ، فطربَ لَهُ قومُهُ واِعتَزُّوا بِهِ 0
س : هل اِمتدَّ الهجاءُ بينَ ” جريرٍ ” واِبنِ عمومتِهِ ” غسَّانَ السَّليطي ” ؟
ج : نعم اِمتدَّ الهجاءُ بينَهُما ، ، بل تمادى ، وأصبحَ جريرٌ قويًّا عليهِ ، فأعانَ ” غسَّانَ ” شاعرٌ من بني مُجاشعٍ التَّميميِّ ، يُدْعى ” البَعِيثُ ” ، ومُجاشِعٌ هذا جَدُّ ” الفرزدق التَّميمِيِّ ” وسيِّدُ قبيلَتِهِ 0
س : وكيفَ كانَ ” الفرزدقُ ” في ذلك الحينِ ولماذا لم يشارِكْهُم الهِجاءَ ؟
ج : كانَ ” الفرزدقُ ” في ذلك الحينِ قد اُشتُهِرَ بالشِّعرِ وبَزَّ فيه الفُحُولَ ، ولم يشاركْ في ذلك الهجاءِ ؛ لأنَّهُ كانَ تائِبًا عن الهِجاءِ ،وقد قيَّدَ نفسَهُ بقيدٍ من حديد ليحافظ على دراسةِ القرآنِ وحفظِهِ 0
س : هل ظَلَّ ” الفرزدقُ ” على توبَتِهِ تلك وقيدِهِ هذا ؟
لقد آلى الفرزدقُ ألاَّ يبرحَ منزِلَه حتَّى يحفظَ القُرآن ؛فجاءته نساءُ مُجاشعٍ يَلُمْنَهُ على عُزلتِهِ وتركِه جريرًا ينهَشُ في أعراضِهِنَّ ؛ فحميَ لَهنَّ وقصَّ القيدَ ، وهجا جريرًا ، فَاحتدم بينهما الهِجَاءُ وسقط البَعيثُ 0
س : هل توقَّفَ ” جريرٌ ” عن هجائِهِ الفرزدقَ والأخطلَ ؟
ج : بقي جريرٌ يهاجي الفرزدقَ والأخطل حتَّى ماتَ الأخيرُ ( الأخطلُ ) ، وكان أكبرَهم سِنًّا 0وطالَ عمرُ الفرزدقِ وجريرٍ ؛ فغبرا طُولَ حياتِهما يتهاجيانِ حتَّى ماتَ الفرزدقُ سِنـ 110هـ ـــةَ،وماتَ بعدَهُ جريرٌ بستَّةِ أشهرٍ وكان ذلك باليمامةِ 0
س : كيف كانت أخلاقُ جريرٍ ؟
ج : لقد جمع جريرٌ في أخلاقِهِ بينَ النَّقيضينٍِ ، إذ تجيءُ أخلاقُهُ على النَّحوِ الآتي :
- أَوَّلاً : نشأَ في الباديةِ ، وشبَّ مُتخَلِّقًا بأخلاقِ أهلِها من الانتصافِ لإنفُسِهِم بِأيديهِم ، إن لم يستطيعوا فبألسنتِهِم ؛ فخرجَ مفطورًا على المبالغةِ بالسِّبابِ والمُهاجَاةِ 0
- ثانيًا : كانَ مع ميلِهِ للشَّرِّ شديدَ الفرقِ من أعوانِ السُّلطانِ 0
- ثالثًا : كانَ بخيلاً شحيحًا على غيرِ أهلِهِ وولَدِهِ ، ورُبَّما جرَّ عليه بخلُهُ مهاجاةَ بعضِ الشُّعراءِ لَهُ 0
- رابِعًا : كانَ مُوجِعَ الهجاءِ ، كثيرَ الافتراءِ على الأبرياءِ ، لا يبالي بقذفِ المُحصناتِ العفيفاتِ 0
- خامسًا : كان على تلك الصِّفاتِ دَيِّنًا ، كثيرَ الصَّلاةِ والدُّعاءِ والتسبيحِ ، عفيفًا ، كثيرَ الاستغفارِ من قذفِه المُحصناتِ ، شديدَ الاعترافِ ، بل الاعتذارِ لَهُنَّ 0
س : ماذا لو عرَّضَ شاعرٌ بقومِهِ وذويهِ ؟
ج : الحقيقةُ تشيرُ إلى أنَّ جريرًا كانَ يَصُبُّ سوطَ هجائِهِ على مَنْ يُعَرِّضُ بِهِ أو بقومِهِ في حديثٍ أو شعرٍ ؛ فكانَ مُسرِفًا في العَدَاوةِ والانتقامِ والحقد إلى أَمدٍ بعيدٍ 0
س : اِستعرِضْ ( اِستعرِضي ) طبيعةَ شاعِرِيَّة ” جريرٍ ” ؟
ج : كانَ جريرٌ يقولُ الشِّعرَ عن سليقةٍ فيَّاضَةٍ ، وطبعٍ دفَّاقٍ ، يواتيهِ متى يشاءُ ، ويُصَرِّفُهُ كيفَ شاءَ ، فلا تكلُّفٌ ، ولا حشوٌ ، ولا تعقيدٌ ، ولا اِضطرابٌ ، ولا قَلَقٌ في قافيةٍ 0
س : أَبِنْ ( أَبينِي ) الفارقَ بينَهُ وبينَ الفرزْدَقِ ؟
ج : كانَ جريرٌ بسببِ اِتِّساقِ قوافيهِ واِئْتِلافِ ألفاظِهِ ومعانيهِ كمَنْ يقفُ على ساحلٍ أو بحرٍ يغترِفُ من نميرِهِ ، ويَصُبُّهُ في قوالب أرجازِهِ وقَصيدِهِ ؛ فيخرجُهُ مُتشَكِّلاً بما تغتبطُ بِهِ نَفسُهُ ، ويعجبُ بِهِ غيرُهُ 0 - أَمَّا الفرزدَقُ : فلمْ يكُنْ كذلِكَ ، إذْ يغدو كَزًّا في لَفظِهِ ، مُتَعَمِّقًا في معانيهِ ، يتعمَّدُ الفخامةَِ والمُعاظلةَ ( أي مُداخلة الألفاظِ بعضها في بعضٍ ) رغبةً في الإدهاشِ والتَّعجيزِ 0
س : قَدِّمْ ( قَدِّمِي ) خلاصةَ ذلك الفارق بينَ الشَّاعرينِ ؟
ج : كانَ مِن نتيجَةِ هذه المفارقةِ بينَهُما أنْ أُعْجِبَ عامَّةُ النَّاسِ بشعرِ جريرٍ ؛ فسارَ على ألسنتِهِم ، أَمَّا الفرزدقُ فقد بقي شعرُهُ لا يدورُ إلاَّ على ألسنَةِ العلماءِ والخاصَّةِ ، وهم بالطَّبعِ قليلٌ عديدهم في كلِّ زمانٍ وأَيِّ مكانٍ 0
س : مَا أَرَقُّ وَأَطْبَعُ شعرِ ” جريرٍ ” ؟
ج : قِيلَ : إِنَّ أَرَقَّ شعرِ ” جريرٍ ” وأطبَعَهُ ما كَانَ في تشبيبٍ أو عتابٍ 0
س : هلْ قالَ ” جريرٌ ” الشِّعرَ في كُلِّ الأغراضِ ؟
ج : لقد قالَ ” جريرٌ ” الشِّعرَ في كثيرٍ من أغراضِهِ وفنونِهِ ، غيرَ أنَّ أغلبَ ما تناولَ شعرُهُ : النَّسيبَ والهجاءَ والفخرَ والمدحَ ، ويتخلَّلُ جملةَ هذه الأغراضِ الوَصفُ بأشكالِهِ المُختلِفَةِ والمتنوِّعَةِ والمُتَعَدِّدَةِ 0
س : بِمَ اِمتازَ نسيبُ ” جريرٌ ” ؟
ج : اِمتازَ نسيبُ ” جريرٍ ” برقَّتِهِ ، وخفَّةِ وقْعِهِ في السَّمعِ ، وقوَّةِ حركتِهِ في النَّفسِ 0
س : ما طبيعَةُ هذا النَّسيبِ ؟
ج : كانَ ” جريرٌ ” لا يخرجُ عن مذهبِ النَّسيبِ عند شعراءِ الجاهليَّة والمخضرمينَ ، ولا ينحرفُ عن جادَّةِ طريقِهِم في التَّصَوُّنِ والتَّجَمُّلِ بما لم يخرجْ بِهِ عن وصفِ شعراءِ الباديةِ أزواجَهُمْ بقسامَةِ الوجْهِ، وملاحَةِ القَدِّ ، وطيبِ الحديثِ والرَّائحَةِ ، وأثرِ فِراقِ الأحِبَّةِ في أنفُسِهِم 0
س : وكيف جاءت لغةُ هذا النَّسيبِ الشِّعريِّ ومعناهُ ؟
ج : جاءَ نسيبُ ” جريرٍ ” الشِّعريُّ في لفظٍ جَزِلٍ ، ومعنىً شريفٍ ، وفحولةٍ في العبارةِ 0
س : وماذا عن غزلِ ” جريرٍ ” الشِّعريِّ ؟
ج : جاءَ غزلُ ” جريرٍ ” قريبًا من نسيبِهِ ، فلم يكن يتأنَّثُ في غزلِهِ ؛ فيحاكي النِّساءَ في أحاديثِهِنَّ وحواراتِهِنَّ وتدلُّلِهِنَّ ، وقصِّ القصص عنهنَّ ، على نحو ما كانَ يفعلُ الأحوصُ ، وعُمَرُ بنُ أبي ربيعةَ ، وأشباهُهُما من شعراء المُترفينَ ، أو يتهافتُ فيهِ تهافُتَ قيانِ الحجازِ وخلعاء الموالي والمغنِّينَ 0
س : هل صدرَ نسيبُ ” جريرٍ ” عن عِشْقٍ وهيامٍ ؟
ج : إِنَّ نسيبَ ” جريرٍ ” – كما تُشيرُ الرِّواياتُ الأدبيَّةُ – لم يَصْدُرْ عن عِشقٍ وهيامٍ، كما صدرَ عنِ الشُّعراءُ العُشَّاقِ ، ولو عَشِقَ مثلَهم لَكانَ إِمَامَ مَذهَبِهِم 0
س : اِستعْرِضْ ( اِستَعرِضي ) مقولَةَ ” جريرٍ ” عن عشْقِهِ ؟
ج : يقولُ ” جريرٌ ” عن نفسِهِ : ” مَا عَشِقْتُ قَطُّ ، وَلَوْ عَشِقْتُ لَنَسِبْتُ نَسِيبًا تسمَعُهُ العَجُوزُ فتبكي على شبابِهَا ” 0
س : اِستعْرِضْ ( اِستَعرِضي ) أَبرزَ الأشعارِ الَّتي رَقَّ نسيبُهُ فيها ؟
ج : جاءت بعضُ المقطوعاتِ الشِّعريَّةِ لتبينَ عن رِقَّة نسيبِهِ ، منها :
- إِنَّ العُيُونَ الَّتي في طَرْفِهَا حَوَرٌ قَتَلْنَنَا ثُمَّ لَمْ يُحْيِِينَ قَتْلاَنَا
- بعضُ معاني الكلماتِ :
- طَرْفُها : جمعُها أطراف ، وهي العيونُ 0 الحَوَرُ : شِدَّةُ بياضِ بياض العينِ ، وشِدَّةُ سوادِ سوادِهَا 0

- الصُّورةُ الشِّعريَّةُ :
- تتمَثَّلُ تلك الصُّورةُ الشِّعريَّةُ في قولِ جريرٍ ” قَتَلْنَنَا ثُمَّ لَمْ يُحْيين قَتْلاَنَا ” فتلكَ صورةٌ اِستعاريَّةٌ ” مكنيَّةٌ ” حيثُ شبَّهَ ” جريرٌ ” العيونَ الَّتي في طَرْفِهَا حَوَرٌ بإِنسان قاتلٍ ، وحذف المُشَبَّهَ بِهِ ، وجاءَ بإحدَى لوازِمِه وهي القتلُ،ثُمَّ اِمتدَّ بتلكَ الصُّورةِ لينسبَ لها كذلك عدمَ إِحيائِها للقتلى 0
- وقولُهُ :
- وَدِّعْ أُمَامَــــــــةَ حَانَ مِنْكَ رَحِيلُ إِنَّ الوَدَاعَ لِمَنْ تُحٍـــبُ قَلِيلُ
- وقولُهُ :
- إِنَّ الَّذينَ غَـــــدَوْا بِلُبِّكَ غَــادَرُوا وَشَلاً بِعَيْنِكَ لاَ يَـــزَالُ مَعِينَا
- غَيَّضْنَ مِنْ عَبَرَاتِهِنَّ وَقُلْنَ لِي : مَاذَا لَقِيتَ مِنَ الْهَوَى وَلَقِينَا
- بعضُ معاني الكلماتِ :
- غَدَوا : اِنْطَلَقُوا مُصبِحينَ 0 - الُّلُبُّ : جمع ألبابٍ ، خالِصُ كُلِّ شيءِ ، والمُرادُ بِهِ هنا العقلُ 0 الوَشَلُ : جمعُ أوشالٍ ، وهو القليلُ من الدَّمعِ 0 المَعينُ : جمع مُعُناتٍ ومُعُنٍ ، وهو الماءُ الجاري 0 غيَّضْنَ : أَي حبسْنَ الدُّموعَ 0 العَبَرَاتُ : مفردُهَا : عَبْرَةٌ ، وهي الدَّمعة الجاريةُ 0
- الصُّورةُ الشِّعريَّة :
- الصُّورةُ الأولى : ” غَادَرُوا 000 وَشَلاً ” ــــــ تلكَ صورةٌ اِستعاريَّةٌ
” تَصريحيَّةٌ ” ، حيثُ شبَّهَ المكانَ أو حتَّى الإنسانَ الَّذي يُهجَرُ أو يُغََادَرُِ
بالْوَشَلِ ، وحذف المُشَبَّهَ ، وجاءَ بالمُشبَّهِ بِهِ صراحةً “ الوَشَل ” وهو الدَّمعُ القليلُ 0
- الصُّورةُ الثَّانيةُ : ” لا يزالُ مَعينًا ” ــــــــــ تلك صورةٌ اِستعاريَّةٌ
” تصريحيَّةٌ ” أخرى ، حيثُ شبَّهَ ” جريرٌ ” الوَشَلَ بعينِ الماءِ أو المَعينِ ، وذكرَ المشبَّهَ بِهِ صراحةً وهو ” المَعينُ ”0
- الصُّورةُ الثَّالثةُ : ” غيَّضْنَ مِنْ عَبَرَاتِهِنَّ ” ــــــــ تلكَ صورةٌ اِستعاريَّةٌ
” مكنيَّةٌ ” ، حيثُ شبَّهَ العَبَرَاتِ بالماءِ المُتَرَقْرِقِ ، وحذفَ المُشَبَّهَ بِهِ وجاءَ بإحدى لوازِمِهِ وهي ” الغيضُ ” 0
س : ماذا عن هجاءِ ” جريرٍ ” ؟
ج : قالَ جريرٌ الشِّعرَ في غَرَضِ ” الهجاءِ ” اِنتقامًا مِمَّنْ ظلَمَهُ أو هجاهُ ، إذ لم يبدأْ بِهِ أحدًا ،ولَكِنَّهُ كان إذا اِشتبكَ معَ أَحَدٍ فيه لا يترُكُهُ إِلاَّ مُغَلَّبًا ساقطًا 0
س : مَنِ مِنَ الشُّعراءِ يُسْتَثْنَى من هذا المَوقفِ ؟
ج : يُسْتَثْنَى من هذا الموقفِ الهِجائيِّ ابنُ قبيلَتِهِ الشَّاعـــــــــــرُ التَّميميُّ
” الفرزدقُ ” ؛ فَإِنَّ الهِجاءَ اِستمرَ بينَهُما أكثرَ من نِصفِ قرنٍ من الزَّمان ولم يكفِهما عنه إِلاَّ المَوتُ 0
س : وماذا عن أكثرِ هجائِهِ ؟
ج : كانَ أكثرُ هِجائِهِ تَهَكُّمًا واِستِهْزَاءً وتعجُّبًا من مُكابرةِ خَصمِهِ لَهُ ، ومِن تَبَذُّلِهِ بينَ النَّاسِ ، ورَميِهِ بما يُضحكُ السَّامع بألفاظٍ يفهمُهَا الخاصَّةُ والعامَّةُ على السواءِ 0
س : اِستعْرِضْ ( اِسْتَعْرِضِي ) أَشهرَ الأبياتِ الشِّعريَّةِ الهاجيةِ لجريرٍ ؟
ج : أشهرُ أبياتِ جريرٍ الهاجيةِ جاءت على النَّحوِ الآتي :
- يقولُ جريرٌ هاجيًا ” الرَّاعِيَ النُّميريَّ ” :
- فَغُضِّ الطَّـرْفَ إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ فَـلاَ كَعْبًا بَلَغْتَ وَلاَ كِــــلاَبَا
- وقولُهُ أيضًا مُتَهَكِّمًا منَ الفرزدقِ :
- زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أَنْ سَيَقْتُلَ مِرْبَعًا أَبْشِرْ بِطُولِ سَلاَمَةٍ يَا مِرْبَعُ
س : ما الَّذي أغرى ” جريرًا ” بالفرزدقِ والأخطلِ ؟
ج : الَّذي أغرى جريرًا بالفرزدقِ والأخطلِ فِسْقُ الفرزدقِ ، ونَصرانيَّةُ الأخطلِ ، وشُرْبُهُ الخمرَ ، معَ عِفَّتِهِ هو وتَدَيُّنِهِ 0
س : ماذا عن نقائضَ ” جريرٍ ” و ” الفرزدقِ ” ونتاجِهَا ؟
ج : تبدو نقائضُ ” جريرٍ ” و ” الفرزدقِ ” – كما تشيرُ الرِّواياتُ الأدبيَّةُ - متمَثِّلَةً في ردِّ كُلِّ واحدٍ منهما على الآخرِ بقصيدةٍ هاجيةٍ،فَأصبحَ لجريرٍ والفرزدقِ نقائضُ مشهورةٌ يرويها الرُّواةُ ، فدوَّنــــــــــــــوها دواوينَ اِستخرجوا منها تاريخًا جِمًّا ، وتفصيلاً لأيَّامِ العرب بينَ الجاهليَّةِ والإسلامِ 0
س : ماذا عن فخرِ ” جريرٍ ” ؟
ج : لم يستطع ” جريرٌ ” أن يفخرَ بعشيرتِهِ من كُلَيبٍ ، لأنَّهم كانوا خاملي الشَّأْنِ في الجاهليَّةِ والإسلامِ ، فقراءَ ، سييئ الحالِ ، بُخلاءَ ، وبخاصَّةٍ أبوهُ عطيَّةَ 0
س : كيف اِحتالَ ” جريرٌ ” كي يفخرَ بقبيلَتِهِ ؟
ج : لمَّا اِستشعرَ ” جريرٌ ” ضآلةَ عشيرتِهِ تلكَ اِضْطَرَّ أن يعْدِلَ عن مُفاخرة الفرزدقِ ( وآباءُ الأخيرِ من ساداتِ تميمٍ ) ، بكليبٍ إلى مُفاخرَتِهِ إلى مُفاخَرَتِهِ بِبَنِي يربوعٍ وهم قبيلتُهُ العُليا ، وفيهم شرفٌ كبيرٌ ، ونباهَةُ شَأْنٍ ، وَشِدَّةُ بَأْسٍ في الجاهليَّةِ والإسلامِ 0
س : ماذا كانَ رَدُّ فعلِ الشُّعراءِ نتيجةَ فخرِهِ بغيرِ أهلِهِ ؟
ج : راحَ الشُّعراءُ يُعَيِّرونَ “ جريرًا ” بمفاخرَتِهِ بغيرِ أهلِ بيتِهِ الأدْنِينَ ؛ فكانَ ذلك من أشدِّ هجائِهم عليهِ،غيرَ أنَّ براعتَهُ في صناعتِهِ الشِّعريَّةِ غطَّتْ على ضِعَةِ أبيهِ وَهَوانِهِ وبُخلِهِ 0
س : كيفَ هَاجَى ” جريرٌ ” الأخطَلَ ؟
ج : كانَ ” جريرٌ ” إذا هاجَى الأخطلَ سامَى قومَهُ تَغلِبَ النَّصارَى بِمُضَرٍ ، وفيهمُ النُّبُوَّةُ والخلافَةُ 0
س : ماذا عن مَدْحِ جريرٍ ، وما الَّذي ميَّزَهُ عن الأخطلِ والفرزدقِ ؟
ج : كانَ الأخطلُ والفرزدقُ وجريرٌ أسبقَ تُجَّارِ المدحِ في الإسلامِ وأَحذقَهم في اِستخراجِ أموالِ الخلفاءِ والأُمراءِ والولاة 0لكنَّ ” جريرًا ” تميَّزَ عنهما في مدحِهِ باِستجلابِ رضا النَّاسِ ، ولم يَأْنَفْ من مَدْحِ غير بني أُمَيَّةَ كما أَنِفَ الأخطلُ من قبلُ 0
س : وما درجَةُ مَدْحِهِ بالقياسِ إلى مَدْحِ الفرزدقِ والأخطلِ ؟
ج : تظهَرُ درجةُ مَدحِهِ حينما يمدحُ نجدُهُ يستقصي صفاتِ الممدوحِ ويًُطيلُ في إبرازِها، ولا يخلِطُهُ بفخرٍ ولا هَجْوِ خُصومٍ ، كما كان يفعلُ الفرزدقُ،فهو في بابِ المدحِ أعرقُ من الفرزدقِ،ويفْضُلُهُ فيه الأخطلُ

س : ماذا عن مادَّةِ معاني ” جريرٍ ” الشِّعريَّةِ ؟
ج : نشأَ ” جريرٌ ” بالباديةِ وقضى فيها أكثرَ حياتِهِ ؛ فكانت مادَّةُ معانيِهِ مُستمَدَّةً من بيئةِ البدوِ ، مُضافًا إليهَا ما جـــاءَ بِهِ الإسلامُ من الشَّعائرِ والآدابِ والعبادةِ والموعظَةِ والحكمةِ ، فكان شعرُهُ وشعرُ الفرزدقِ يمثِّلانِ الحياةَ البدويَّةَ الإسلاميَّةَ كُلَّ التَّمثيلِ ، وبذلكَ سُمِّيَا هُما ونظراؤُهما من أهلِ ذلكَ العصرِ بالإسلامِيِّينَ 0
س : لماذا سُمِّي ” جريرٌ ” وأمثالُهُ بالشُّعراءِ الإسلامِيِّينَ ؟
ج : سُمُّوا بهذا الاسمِ ؛ لأنَّهم أَوَّلُ نابتةٍ من أهلِ الأدبِ في الإسلامِ ، ولم يَكُنْ قد دخلَ على الشِّعرِ شيءٌ من علومِ الأمم العريقةِ في مجالِهَا الحضاريِّ ( كالفرسِ واليونانِ والهنودِ ) ، الَّتي اِمتزجتْ بِأفكارِ الشُّعراءِ المُحدَثينَ ، من أمثالِ ” أبي تَمَّامِ ” و“ ابن الرُّوميِّ ” و ” المتنبِّي ” و“ أبي العلاءِ المَعَرِّي ” 0
س : وَبِمَ وُصِفَتْ مَعانيهِ الشِّعريَّةُ ؟
ج : وُصفتْ معانيهِ بأَنَّها كانت فِطريَّةً قريبةَ مِنَ الخُطورِ بالبالِ ، غير بعيدةِ الغَوْرِ ، كَطَبعِ ” جريرٍ ” نفسِهِ في السَّماحةِ والِّلينِ ، على غيرِ ما كانَ عليه ” الفرزدقُ ” من التَّعمُّقِ في المعاني والإيحاء بِهَا 0
س : ماذا عن ألفاظِ ” جريرٍ ” الشِّعريَّةِ ؟
ج : يقولُ جمعٌ من النُّقَّادِ : إنَّ الَّذي جعلَ معاني ” جريرً ” الشِّعريَّةَ تَنبُلُ وتَكبُرُ في صُدورِ الرُّواةِ ، وتُوجِعُ أفئدةَ المَهجوِّينَ ، إنَّما هو قوالبُ الألفاظِ الجزلةِ الَّتي صُبَّتْ فيها فحولةُ الأساليبِ الَّتي تزمَّلت بها ، وتهويل عبارتِها واِنسجامُها ، وحُسنُ جرسِها ، وخِفَّةُ وَقْعِهَا على أسماعِ الخاصَّةِ والعامَّةِ على حَدٍّ سواء ، وتأثيرها في نفوسِ الجميعِ كُلِّيَّةً 0
الخلاصة في سُؤالٍ وإِجابَتِهِ :
س : اِستَعْرِضْ ( اِستَعْرِضِي ) شهادةَ كُلٍّ مِنَ الفرزدقِ والأخطلِ في شعر جريرٍ ؟
ج : قيلَ : اِجتمعَ الفرزدقُ والأخطلُ فتذاكرا شعر ” جريرٍ ” ؛ فَأقَرَّا أَنَّهُ أَسْيَرُ منهما شِعرًا ؛ لأنَّ شِعرَهُ يرويهِ الخواصُّ والعَوامُّ والسُّوقةُ ، وشِعرُهُما لا يرويهِ إِلاَّ حُكماءُ الرُّواةِ ، وعلماءُ الأدبِ 0
[/align]
 
قديم 2010- 5- 19   #15
zeoonah
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
 
الصورة الرمزية zeoonah
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 34604
تاريخ التسجيل: Wed Sep 2009
المشاركات: 1,043
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 1340
مؤشر المستوى: 71
zeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud of
بيانات الطالب:
الكلية: جامعة فيصل-كلية التربية
الدراسة: انتظام
التخصص: تربية خاصة ،،
المستوى: المستوى الثالث
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
zeoonah غير متواجد حالياً
رد: التذوق الأدبي (محتوى فقط )

[align=center]
المحاضرةُ الثَّانية عشرةَ
عليُّ بن الجَهِمِ يرثي الشَّاعرَ الكبيرَ ” أبَا تَمَّامٍ ”
- أوَّلاً : النَّصُّ الشِّعريُّ :
- يقولُ ”عليُّ بنُ الجَهِمِ ” في مَقطَعٍ من قصيدةٍ طويلةٍ راثيَا أُستاذَهُ وَرَفيقَ دربِهِ الشَّاعرَ الكبيرَ ” أبا تَمَّامٍ ” :
1 – غَاضَـــــــــــتْ بَدَائِعُ فِطْنَةِ الأوْهَامِ وَعَــــــــــدَتْ عَلَيْهَا نَكْبَةُ الأيَّامِ
2 – وَغَدَا الْقَرِيضُ ضَئِيلَ شَخْصٍ بَاكِيًا يَشْــــكُو رَزِيَّـــــــتَهُ إِلى الأقْلاَمِ
3 – وَتَأَوَّهَتْ غُــــــــــرَرُ الْقَوَافِي بَعْدَهُ وَرَمَى الزَّمَـانُ صَحِيحَهَا بِسُِقَامِ
4 – أَوْدَى مُثَقِّفُهَا وَرَائِــــــــــدُ صَعْبِهَا وَغَدِيــــرُ رَوِضَــتِهَا ”أَبُو تَمَّامِ ”
- ثانيًا : معاني الكلماتِ :
- غاضتْ :غاضَ الماءَ قلَّ وَنضُبَ 0 بدائع : مخترعات0الفطنة :الفهم0 الأوهام : الظُّنونُ ، وقيلَ : المَغالط 0 عدت : جاوزت 0 نكبةُ الأيَّام : جمعُها نكباتٍ وهي المَصائبُ 0 غدا : الغُدُوُّ : الإبكارُ ما بينَ صلاةِ الغَدَاةِ وطُلُوعِ الشَّمسِ 0 القريضُ : نظمُ الشِّعرِ، أو هو الشِّعرُ ذاتُهُ 0 0ضئيل : من الفعل ضَؤُلَ، وهو النَّحيفُ أو صغيرُ الجسمِ 0 رزيَّته : جمعها رزايا ، وهي المصيبةُ 0الأقلامُ : المُراد بها هنا : الشُّعراء والكُتَّابُ 0 تأَوَّهت : توجَّعت 0 غُرَرُ القوافي : أوَّلُها وأكرَمُها 0 السُِّقام :المَرَضُ ،وكذا السُّقم والسَّقَم : كالحُزْنِ والحَزَنِ أودى : أودى الرَّجُلُ :أي هلكَ فهو“ مُودٍ ”0مُثَقِّفُهَا : ثَقُف الرَّجُلُ : من بابِ ” ظَرُفَ ” أي صارَ حاذِقًا خفيفًا 0 رائضُ صعبِها : المُرَوِّضُ لصعبِها وفعلها 0- غدير : الغديرُ قطعةُ الماءِ يُغادِرُها السَّيلُ 0 - الرَّوضةُ : أرضٌ خضراءُ من البَقْل والعِنَبِ والعُشب ، تجمعُ على : رَوْضٍ ورِيَاضٍ 0
- ثالثًا : فكرةُ النَّصِّ :
- تقومُ فكرةُ النَّصِّ على الرِّثاءِ الشَّاكي الباكي من شاعرٍ مُحِبٍّ إلى شاعرٍ آخرَ مَحبوبٍ ، ينطوي هذا الرِّثاءُ على جملةِ الَّلَوازم المُكَمِّلَةِ له من جِهةٍ، والمُعمِّقةِ له من جِهةٍ أخرى، من بدء المَقطوعة إلى منتهاها ، وليسَ أدلَّ على ذلكَ من صدورِ الغيضِ، والأوهامِ، ونكبةِ الأيَّامِ، والضآلة، والبُكاءِ، والشَّكوى، والرَّزيَّة، والتَّأوُّهِ، والسُِّقامِ ،والإيداءِ ، وغيرها من تلك الَّلوازمِ الَّتي تُعَمِّقُ الإحساسَ لدى المتلقِّي بالمأساةِ الَّتي يعيشُها الشَّاعرُ ” ابنُ الجَهِمِ ” تجاهَ أستاذِهِ ورفيقِ دربِهِ الشَّاعرِ الكبيرِ والرَّائدِ البديعيِّ ” أبي تَمَّامٍ ” 0
- رابعًا : المضمونُ :
تنطوي هذه المقطوعةُ الشِّعريَّةُ على مضمونٍ رئيسٍ مُفادُهُ” الاستعذابُ “ بتلك المأساةِ ولها،وفي سياق هذا الاستعذابِ نلحظُ المضامينَ الفرعيَّة المتتابعة واحدًا بعدَ الآخَرِ ، من ذلك :غيضُ البدائعِ، وعدو نكبة الأيَّام ، وتحوُّلُ القريض إلى شخصٍ باكٍ ضعيفٍ ،وشكايته بعدَ ذلك الرَّزايا إلى الأقلامِ ( الكُتَّابِ والشُّعراءِ ) وتأَوُّه غررِ القوافي من رمي الزَّمانِ لصحيحِها بالدَّاءِ العُضالِ ، وفي الختامِ يهلك صاحبُ بل مصدرُ كلِّ ذلك ، وينأى الشِّعر بجانبِهِ بهلاكِ ذلك العلم الكبيرِ ” ابي تمَّامٍ ” 0


- خامِسًا : الألفاظ :
جاءتِ الألفاظُ – كمعجمٍ شعريٍّ – دالَّةً وقويَّةً، حيثُ اِنتقاها الشَّاعرُ انتقاءً جيِّدًا يبينُ عن حالةِ التَّوافقِ الَّتي يعيشُها الشَّاعرُ معَ لُغَتِهِ، والَّتي بدورها قادته إلى الانتقاءِ الصَّحيحِ والسَّليمِ ، نلحظُ هذا الانتقاءَ مُرتَكِزًا على المفرداتِ الدَّالَّةِ المعبِّرَةِ على النَّحو الآتي : ”غاضت، بدائع، عَدَت، نكبة، غدا، القريضِ، رزيَّتَه، وتأوَّهت، غرر، أودى، سقام، مثقِّفُها، رائضُ، غديرُ، وأخيرًا ” أبو تمَّامٍ ” 0 والحقيقةُ أنَّ هذه الألفاظَ، أوذلك المعجمَ الُّلغويَّ بَدَأَ بالغيضِ واِنتهى بالارْتِواءِ، في ظِلِّ الحدائقِ والرِّياضِ، بمعنى أنَّهُ بدَأَ بالسَّلب وانتهى بالإيجابِ ، لأنَّ الماءَ رمزُ الحياةِ والبقاء، إذا ما غابَ الماءُ غابتِ الحياةُ وإذا حضر أقبلتِ الحياةُ 0
سادسًا : المعاني :
جاءت معاني تلك المقطوعةِ قويَّةً وعميقةً ؛ قويَّةً لأنَّها اِنطوت على دلالاتِ الرِّثاءِ، إذ يتشَكَّلُ الغيضُ، وتعدو الأيَّامُ، ويشكو القريضُ، وتتأوَّه القوافي بل غُررُها كذلكَ ، ويرمي الزَّمانُ الصَّحيحَ منها بدائِه ” السُِّقامِ ” ، ويودي مُثَقِّفُها بالهلاك، ويُرَوَّضُ صعبُهَا العسيرُ 0 وعميقَةً لأنَّها جَسَّدت سياقَ الرِّثاء تمامًا، وعمَّقت آثارَهُ تراتبًا من الأدنَى إلى الأعلى ،حيث بَدأت بالغيضِ ومرَّت بالسُِّقامِ وَاِنتهت بالإيداءِ أو الهلاكِ 0 وهذا بالطَّبعِ يعكسُ فطنةِ الشَّاعرِ وقدرَتَهُ على صوغِ سياقٍ تراجيديٍّ مُحْزِنٍ ، على إثر وفاة الشَّاعرِ الكبيرِ ” أبي تمَّامِ ”0
- سابعًا : الأسلوبُ :
- النَّاظِرُ للوهلة الأولَى إلى هذه المَقطوعة الشِّعريَّة يلحظُ أنَّ أسلوبَها قد جاء في جملَتِهِ وتفصيلِهِ خبريًّا ، حيثُ اِعتمدَ في منطلقاتِهِ التَّركيبيَّة الجُمَلَ الخبريَّةَ، الَّتي تتشَكَّلُ عبرَ الأفعال الماضية والمضارعَة معًا، وإن مالت إلى الأفعالِ الماضيةِ وفقًا لسياقِ الرِّثاءِ نفسِهِ ، حيثُ يميلُ السِّياقُ في جملَتِهِ وتفصيلِهِ إلى الماضي ومآثِره بالنِّسبَةِ للمَرثِيّ 0 من هذه الجملِ الخبريَّةِ :
1- ” غَاضَتْ بَدَائِعُ فِطنةِ الأوهامِ ” 0
2 – ” وَعَدَتْ عَلَيْهَا نَكْبَةُ الأيَّامِ ” 0
3 – ” وَغَدَا القَرِيضُ ضَئيلَ شَخْصٍ بَاكِيًا ” 0
4 – ” يَشْكُو رَزِيَّتَهُ إِلَى الأقْلامِ ” 0
5 – ” وَتَأَوَّهَتْ غُرَرُ القَوَافِي بَعْدَهُ ” 0
6 – ” وَرَمَى الزَّمَانُ صَحِيحَهَا بِسُِقَامِ ” 0
7 – ” أَوْدَى مُثَقِّفُهَا وَرَائِضُ صَعْبِهَا00 وغَدِيرُ رَوْضَتِهَا أَبُو تَمَّامِ ” 0
إِنَّ هذه الجملَ السَّبع ،بلِ الثَّماني السَّابقةَ هي جملٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ بالدَّرجة الأولى ، وهي في واقع الأمر تَشملُ سبعة أشطرٍ شعريَّة ، أمَّا الشَّطرُ الثَّامنُ - المُكمِّلُ للأبياتِ الأربعَة – فهو جملةٌ اِسميَّةٌ ويَدخل هُوَ الآخرُ في عِدادِ الخبَرِ ، وهذا يشيرُ إلى أنَّ الشَّاعرَ يُريدُ الإخبارَ بجملَة أفعالِهِ الخبريَّةِ المُتنوِّعَةِ المتعدِّدَةِ عن حالِهِ مع الشَّاعرِ والعكس تماما
- ثامنًا : الفعلُ الماضي :
لقد أكثرَ الشَّاعرُ ” عليُّ بن الجَهِم “ من توظيفِ الفعلِ الماضي – بعد إيرادِهِ لَهُ – إِكثارًا لافِتًا للنَّظَرِ، يُعَبِّرُ بِقُوَّةٍ عن رؤيةٍ فنِّيَّةٍ جادَّةٍ تِجاهَ هذا الشِّاعر المرثيِّ ” أبي تَمَّامٍ ” ، إِذ إِنَّهُ في سياقِ الرِّثاءِ، والرِّثاءُ بدورِهِ يُنَقِّبُ عن محاسن المَيِّتِ، مهما كان اِسمُهُ أو شَخْصُهُ أو دورُهُ ، لأنَّ التَّنقيبَ عنها في الحاضِرِ ليسَ أمرًا منطقِيًّا ، من هنا نلحَظُهُ مُتَّكِئًا على الماضي لِيُقَدِّمَ لنا فعلاً ، بل جملَةً من الأفعالِ الماضيةِ المُؤثِّرةِ والمتنوِّعةِ ، تُشيرُ في مُجمَلِهَا – على تنوُّعِهَا الدِّلاليِّ – إلى ذكرِ فضائلِ ” أبي تَمَّامٍ ” ، نَلمسُ ذلك في قولِهِ :
” غَاضَتْ، عَدَتْ، غَدَا، تَأَوَّهَتْ، رَمَى، أََودَى ” 0
إنَّ هذه الأفعالَ السَّابقةَ في جملَتِهَا – وَإِنْ لم يَتَّصِلْ بعضُها مباشرةً إلى الشَّاعرِ -؛ فَإِنَّهَا تُلَمِّحُ من بعيدٍ إلى أثَرِهِ وتأثيرِهِ ، إِذْ قَلَّتِ البدائِعُ الشِّعريَّةُ ، ومن أجلِهِ عَدَتْ نَكْبَةُ الأيَّامِ 0000 إلى آخرِ كُلِّ ذلك من دلالاتِ الماضي الإيجابيِّ الفاعلِ لذلكَ الشَّاعر الكبيرِ المُتَوَهِّجِ ” أبِي تَمَّامِ ” 0
تاسِعًا : الفعلُ المُضارعُ :
أشرنا في النُّقطةِ السَّابقَة إلى أنَّ الفعلَ الماضيَ قد تغَلَّبَ بحدَثِهِ ” المُنقضي ” على الحاضر، وهذا يَنُمُّ عن ميلِ الشَّاعرِ ” عليِّ بنِ الجَهمِ ” للمَآثِــــــــرِ الماضيةِ – كأمرٍ بَدَهِيٍّ – للمَرْثِيِّ ” المُتَوَفَّى ” ، لَكِنَّ هذا الفعلَ ” يشكو ” يُمَثِّلُ هنا حالةَ الحاضِرِ أو سِيَاقِهِ، وسياقُهُ هنا ليسَ من المَرْثِيِّ مباشرةً – في شَخْصِهِ أو اِسمِهِ -، وإنَّما من القريضِ، الَّذي لا يَــــــــــزَالُ يبكِي الشَّاعرَ المَرثِيَّ، وبُكَاؤُهُ هنا أودَى بِهِ إلى الشَّكوى، وشَكوَى المُصيبةِ للشَّاعرِ المَادِحِ بِوْجْهٍ خَاصٍّ 0
- عاشِرًا : الصُّورةُ البيانيَّةُ :
- تَجِيءُ الصُّورةُ البيانِيَّةُ هنا متنوِّعةً إلى حَدٍّ ما، على النَّحو الآتي : الصُّورةُ الأولَى : تتجَلَّى تلك الصُّورةُ في قولِ الشَّاعرِ ” غَاضَتْ بَدَائِعُ فَطْنَةِ الأوْهَامِ ”، فتلك صورةٌ اِستعاريَّةٌ ” مكْنِيَّةٌ ” حيثُ شَبَّهَ الشَّاعرُ ” البدَائِعَ ” قصائدَ ” أبي تَمَّامٍ ” بالماءِ، وحذفَ المُشبَّهَ بِهِ، وجاءَ بِإحدَى لَوَازِمِهِ ؛ وهي الغَيضُ، أو القلَّةُ، أو الحَبسُ، وهي صورةٌ ” مَكْنِيَّةٌ ” تلتزم التَّجسيمَ؛ لأنَّ الشَّاعرَ قد جعلَ للبدَائِعِ جسمًا 0
- الصُّورةُ الثَّانيةُ : تظهرُ تلك الصُّورةُ في قولِ الشَّاعرِ ” وَعَدَتْ علَيْهَا نكْبَةُ الأيَّامِ ” ، وتلك صورةٌ اِستعاريَّةٌ ” مكنيَّّةٌ ” ، حيثُ شبّهَ الشَّاعرُ نكبةَ الأيَّامِ بِإِنسانٍ أو كائنٍ حَيٍّ ، وحذفَ المُشبَّهَ بِهِ ، وجاءَ بإحدَى لوَازِمِهِ ، وهي ” العَدْوُ ” ، وقد مالت تلك الصُّورةُ إلى ” التَّشخيصِ ”0
- الصُّورةُ الثَّالثَةُ : تبدو تلكَ الصُّورةُ في قولِ الشَّاعرِ ” وَغَدَا القَرِيضُ بَاكِيًا ”، فهذه صورةٌ اِستعارِيَّةٌ ” مكنيَّةٌ ” ثالثةٌ، حيثُ شبَّهَ الشِّاعرُ
” القريضَ ” بِإِنسانٍ يبكي وحذفَ المشبَّهَ بِِهِ، وجاء بِإِحدَى لَوَازِمِهِ، وهي البُكاءُ 0وتلتزمُ تلك الصُّورةُ عنصرَ التَّشخيضِ، لأنَّ البكاءَ – كما يقولُ علماءُ الإنسانيَّةِ - صِفةٌ من صفاتِ الكائنِ الحيِّ ، والإنسانِ منه بشكلٍ خاصٍّ 0
- الصُّورةُ الرَّابعةُ :تتشكَّلُ تلك الصُّورةُ في قولِ الشَّاعرِ ” يشكو رَزيَّتَهُ ” – يقصدُ القريضَ - ،إذ شبَّهَ الشَّاعرُ القريضَ بِإنسانٍ شَاكٍ ، وحذف المُشَبَّهَ بِهِ ، وجاءَ بِإحــــــدى لوازمِه ِ، وهي الشَّكوَى ، وتلكَ صورة ” تشخيصيَّةٌ ” 0
- الصُّورةُ الخامسَة : تظهَرُ تلك الصُّورةُ في قولِ الشَّاعرِ ” إلى الأقلامِ ”، فتلكَ صورةٌ بيانيَّةٌ ” مجازِيَّةٌ ” تغدو – تحديدًا – مجازًا مُرسلاً،علاقتهُ الجزئيَّة من جهةٍ، والسَّببيَّة من جهةٍ أخرَى، إذ راح يعبِّر بالجُزْء عن الكلِّ ، لأنَّ الأقلام رمزٌ للادباء والكُتَّابِ وجزءٌ لا يتَجَزَّأُ من كتابتِهِم 0
- الصُّورةُ السَّادسَةُ : تتشكَّلُ تلكَ الصُّورةُ في قولِ الشَّاعرِ ” وَتَأَوَّهَتْ غُرَرُ القَوَافِي بعدَهُ ” ، وتلك صورةٌ اِستعاريَّةٌ ” مَكْنِيَّةٌ ” ، حيثُ شَبَّهَ الشَّاعرُ ” غُرَرَ القَوَافِي ” بالإنسانٍ ، وحذف المُشبَّهَ بِهِ ” الإنسان ” ، وجاءَ بِإحدَى لَوَازِمِهِ وهي ” التَّأَوُّهُ ” التَّوجُّعُ ، وقد مالت تلك الصُّورةُ إلى التَّشخيصِ كذلك 0
- الصُّورةُ السَّابعَةُ : تتشَكَّلُ في قولِ الشَّاعر ” وَرَمَى الزَّمانُ صحِيحَهَا بِسُِقَامِ ”،تلك صورة استعاريَّةٌ ” مركَّبَةٌ ”،فهي أوَّلاً : استعارةٌ ” مكنيَّةٌ ” ،وهي ثانيًا : استعارةٌ ” تصريحيَّةٌ ”0 هي ” مكنيَّةٌ ” لأنَّ الشَّاعر هنا شبَّهَ الزَّمانَ بـ “ إنسانِ ” وحذف ” الإنسانَ ”، وجاءَ بإجدى لََوَازِمِهِ وهي الرَّميُ، وهي ” تصريحيَّةٌ ” لأنَّ الشَّاعرَ شَبَّهَ (المَرْمِيَّ ) أي الشَّيء الَّذي يُرْمَى بـ ” السُِّقامِ ” الدَّاءِ، وحذف المُشَبَّهَ، وذكرَ المشَبَّهِ بِهِ ” السُِّقامَ ” صراحةً 0 وتلكَ الصُّورةُ المُرَكَّبةُ مالت إلى التجسيمِ والتَّشخيصِ معًا 0
- الصُّورةُ الثَّامنةُ :تتمَثَّلُ تلكَ الصُّورةُ في قولِ الشَّاعرِ“ وغَدِيرُ رَوْضَتِهَا أَبُو تَمَّامِ ”، تلكَ صورةٌ تَشبيهِيَّةٌ ” بليغَةٌ ”، حيثُ شَبَّهَ الشَّاعرُ ” اِبنُ الجَهِمِ ” أَستاذَهُ ورَفِيقَ دَرْبِهِ ” أَبَا تَمَّامٍ ” بِغديرِ الماءِ المُتَساقطِ ، الَّذي يعلو ربوةً منيفةً، وحذفَ أداةَ التَّشبيهِ مُبالغَةً ، ووجْهُ الشِّبَهِ بينَهُمَا ” الإحياءُ ” 0 لأنَّ ” أَبَا تَمِّامٍ ” يغدو مَوردَ ماءٍ للشِّعرِ ،إذ يرويهِ برُوحِهِ وفَنِّهِ ولُغَتِهِ وإبداعِهِ المُتَفَرِّدِ 0 وأنَّ الغديرَ – كما هو معلومٌ – مَوْرِدُ ماءٍ للرَّوضَةِ ، إِذ يروي، بل يُغّذِّي نبتَها وثمارَها و عشبَهَا ويُزَيِّنُهَا كذلك 0
- أحدَ عشر : المُحسِّن البديعِيُّ :
1– الجِناسُ النَّاقصُ :
- ظهرَ ذلك ” الجِناسُ النَّاقصُ ” بِدَورِهِ في الدَّوالِّ الآتية :
- ” الأوهام : الأيَّام ”، و ” أقلام : سُِقام ”، و“ صَعبها : صحيحَها ” 0إِنَّ جملةَ هذهِ الجناساتِ ” النَّاقصةِ ” تعطي جرسًا موسيقيَّا متناغِمًا وعاليًا ، لأنَّ مُعظَمَها اِنتهى بِرَوِيِِّ ” الميمِ المَكسورة ”، وهو من الأصواتِ الشَّبيهةِ بأصواتِ الِّلينِ والمّدِّ، لِيجيءَ البعدُ الموسيقِيُّ العالي متوافِقًا مع حالةِ الانكسارِِ الَّتي يعيشُها الشَّاعرُ بوفاةِ ” أبي تَمَّامٍ ”، فكسرُ الرَّويِّ يعطي دلالةَ الانكسارِ للشَّاعرِ الرَّاثي ، وصوتُ الميمِ كصوتٍ جهوريٍّ ممتَدٍّ يعلي من حالةِ الهَياجِ بل الصُّراخِ الَّتي انتابت الشَّاعرَ على مرثِيِّهِ ” أبي تَمَّام ” 0
2 – الطِّباقُ :
يبدو الطِّباق هنا في صيغةِ واحدة ” صحيحها : سُقام ” والحقُّ أنَّ هذا الطِّياقَ وإِنْ أبــــرزَ الدِّلالَتينِ المُتقابلَتَينِ ( الصِّحَّة / المرض أو السُّقام )، لَيُبينُ عن سياقِ الرِّثاءِ إِبانَةً دالَّةً، إذ لا تتكَشَّفُ دلالةُ هذا السِّياقِ ” التِّراجيديِّ ” إلاَّ بِحضُورِ هذا الطِّباقِ ، كما أنَّهُ يُحدثُ في الوقتِ نفسِهِ جرسًا موسيقيًّا خفيفًا ومقبولاً ، يستقطبُ صوتَ أو صياحَ تلك المأساةِ 0
اِثنا عشر : صيغةُ المبالغةِ :
- لقد أكثرَ ” اِبنُ الجهِمِ ” من صيغِ المبالغة، نلمسها في قولِهِ : ” القريض، ضئيل ، صحيح ، غدير ، سُِقام ” ، يضافُ إلى كُلِّ ذلك ” فِطْنَة – ونكبة – ومَثَقِّفُهَا ” ، فضلاً عن الفعلِ الماضي المُضَعَّفِ ” تَأَوَّهَتْ ”، لِيبدُوَ كلُّ ذلك سبيلاً إلى المبالغةِ في تصويرِ المأساة وتجسيدِهَا، ومن ثَمَّ الإحساس بالصِّدقِ في توصيلِ الرِّسالة الشِّعرِيَّةِ الهادفة0
- ثلاثَةَ عشرَ : صيغُ الجمعِ :
حاولَ الشَّاعرُ ” ابنُ الجَهِمِ ” أَنْ يُعَمِّقَ الإحساسَ بِمأساتِهِ في الشَّاعر ” أبي تَمَّامٍ ”؛ لِذَا وجدناهُ يكثرُ من صيغِ الجمعِ، نلمسُ ذلك في قولِهِ :
” بَدَائع ، أوهام ، أيَّام ، أقلام ، غُرر ، قوافي ”، فكلُّ هذه الجموعِ على تنوُّعها ، تكثِرُ بل تُكبرُ من حجمِ المأساةِ ، وكأَنَّهُ هنا يُصَوِّرُها مُشركًا معهُ القارئَ أو السَّامعَ أو المتلَقِّي، ويكشف بالتَّالي لَهُ عن حجمِها أو درجتِهَا الَّتي تتكاثرُ في صيغِ الجمعِ، بل في صيغِ مُنتَهى الجُمُوعِ ، بشكلٍ خاصٍّ ، ويتزايدُ حجمُهَا وطبيعَتُهَا ودرجتُها بتزايُدِ الجمعِ نفسِهِ على المستوى الكَمِّيِّ ” العَدَدِيِّ ” مــــــــرَّةً ، وعلى المُستوى البِنائيِّ ” الَّلَفظِيِّ ” مَرَّةً أخرى 0
[/align]
 
قديم 2010- 5- 19   #16
zeoonah
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
 
الصورة الرمزية zeoonah
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 34604
تاريخ التسجيل: Wed Sep 2009
المشاركات: 1,043
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 1340
مؤشر المستوى: 71
zeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud of
بيانات الطالب:
الكلية: جامعة فيصل-كلية التربية
الدراسة: انتظام
التخصص: تربية خاصة ،،
المستوى: المستوى الثالث
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
zeoonah غير متواجد حالياً
رد: التذوق الأدبي (محتوى فقط )

[align=center]
المحاضرةُ الثَّالثة عشرة
البَارُودِي قَائِدُ مَدْرَسَةُ الإحْيَاءِ والبَعْثِ
- أوَّلاً : التَّعريفُ بالشَّاعرِ “ البارودي ”
- البارودي :
- هو محمود سامي البارودي شاعرُ مِصرَ الكبيرُ، من أصلٍ جركسيٍّ ( شَركسيٍّ )، تجري في عُروقِهِ دماءُ الأمراء من دولَةِ المماليكِ آنذاكَ0
- قائِدٌ حربيٌّ ، خاضَ المعارِكَ والحروبَ ؛ لِذا سُمِّيَ بـ ” رَبِّ السَّيفِ والقَلَمِ ” 0
- توَلَّى وزارتَيْ ” الأوقاف ” و ” الجهاديَّة ”( الحربيَّة حاليًا ) ، في عهدِ الخديو ” توفيقِ ” ، ثُمّ َترقَّى إلى رئاسَةِ الوزراءِ سنـ 1882 م ــة 0
- اِشترك – آنذاكَ – في الحركَة الوطنيَّة المُسَمَّاة بـ ” الثَّورة العرابيَّةِ ” سنـ 1882م ـة ، وَحُكَِِم عليهِ مع زُعمائِها بالنَّفي إلى ” سرنديبَ ”، ثُمَّ عادَ إلى وطنِهِ سنـ 1900م ـة 0
- ثانيًا : البارودي قائدُ مدرسةِ الإحياء :
ظلَّ جيـــلٌ من الشُّعراءِ الَّذيـــــنَ مَسَّتهم رياحُ التَّغَييرِ الحضاريِّ مسًّا خفيفًا يميـــــلونَ في مُجملِ شعرِهـم إلى الصَّنعةِ والتَّكَلُّفِ والتَّقليدِ ، حَتَّى جـــاءَ الفارسُ الشَّاعرُ ” محمود سامي البارودي ” ؛ لِيَقُودَ مدرسةَ ” الإحياءِ والبَعثِ ” ( 1838 – 1904م ) 0

- ثالثًا:البارودي والعودةُ إلى التُّراثِ العربيِّ :

- قد أحسَّ البارودي – كغيرِهِ من معاصريهِ – بالوعي بعظمةِ تراثِــــنَا العَرَبِيِّ الإسلاميِّ في مُواجَهَةِ العناصِـــرِ الوافـــــــدة الَّدَّخيلَةِ ، ورَأى الشِّعرَ الجَيِّدَ يَكمنُ فيما قبـلَ عصورِ الضَّعفِ والوهََنِ والجُمودِ تحــــتَ وَطْأَةِ المماليكِ من جِهَةٍ ، والعُثْمانيِّينَ من جِهَةٍ أخرى0فَاتَّجَهَ البارودي - بعدَ تلكَ الحالةِ الجامِدَةِ – إلى تًّراثِــهِِ العربِيِّ الإسلاميِّ مُسْتَقِيًا جملةَ مُعطياتِهِ الأدبيَّةِ ولَوَازِمِهِ الشِّعريَّةِ 0
- رابعًا : صفاتُ البارودي الأدبيَّةُ والشِّعريَّةُ :
- لقدِ اِرتَفَعَ صوتُ البارودي وحدَهُ بينَ الشُّعراءِ في النِّصفِ الثَّاني من القرنِ التَّاسِعِ عشرَ ، وقد تمَيَّزَ ذلكَ الصَّوتُ بِأَنَّهُ كَانَ :
1 – رصينًا قَوِيًّا في عبارَاتِهِ وألفاظِهِ 0
2 – متينًا في أساليبِهِ 0
3 – صافِيًا في أَخيِلَتِهِ 0
4 – شَرِيفًا في معانِيهِ 0
5 – مُشرِقًا في ديباجَتِهِ 0
6 – جَزِلاً في تراكيبِهِ 0


خامِسًا : البارودي والصُّعودُ بِالشِّعرِ :
- لَقد كانَ صنيعُ البارودي مع الشِّعرِ صنيعَ مَنْ أعَادَ الحياةَ لِمَنْ سُلِبَتْ منهُ، وردَّ النَّبضَ الحياتِيَّ لِمَنْ فقَدَهَا ؛ ذلكَ لأنَّهُ اِرتَقَى بالشِّعرِ وصَعَدَ بِهِ مِنْ قاعٍ أو حَضِيضٍ مُنْحَدِرٍ مُعَطَّنٍ إلى رَبْوةٍ عاليةٍ منيفَةٍ رائقةِ الشَّرابِ وحُلوةِ المذاقِ 0
- سادِسًا : البارودي والارتفاعُ بالكلمة والعِبارَة :
- راحَ البارودي يَرْتَقِي بالكلمةِ والعبارَةِ معًا ونقُلُهُما من الضَّعفِ والابتِذالِ إلى صِحَّةِ التَّركيبِ وقوَّتِهِ ، وصفاءِ السَّليقَة ونقائِهَا ، فضلاً عنِ العنايةِ بالأسلوبِ وَجمالِهِ 0 كما اِرتفعَ بِهِما ( الكلمةِ / العبارةِ )، كذلكَ من تَكلُّفِ البديعِ وأثقالِهِ إلى الرَّصانَةِ والتَّحرُّرِ، ومنَ التَّعقيدِ والغُموضِ إلى الوضُوحِ والإفصاح 0
- مِثالُ ذلك : يقولُ البارودي عن دورِه في إحياءِ الشِّعرِ:
- أَحْيَيْتُ أَنْفَاسَ الْقِرِيضِ بِمَنْطِقِي وَصَرَعْتُ فُرْسَانَ الْعَجَاجِ بِلَهْذَمِي
– معاني كلمات البيت : القَريضُ : الشِّعرُ 0 العّجَاجُ : الغبارُ المثارُ من المعرَكَةِ 0 الَّلَهْذَمُ : الحادُّ القاطِعُ من السُّيُوفِ 0
سابِعًا : البارودي والتَّجَدُّدُ الموضُوعيُّ :
اِبتعَدَ البارودي بموضوعاتِهِ الشِّعرِيَّةِ عنِ التِّكرارِ والجَدبِ والسَّطحِيَّةِ ،إلى التَّجَدُّدِ والتَّنَوُّعِ والتَّعَمُّقِ،والتَّعبيرِعنِ الأحاسيسِ الذَّاتيَّةِ، والحياة المعاصرةِ المُلِحَّةِ ، والقضايا القَوميَّةِ المُهِمَّة ِ، وأبرزِ أحداثِ العصر ، متنقِّلاً بالموضوعِ الشِّعريِّ من الأمـور الشَّخصِيَّةِ التَّافِهَةِ إلى الأمـــورِ العامَّةِ الهَادفةِ ، الَّتي تُقدِّمُ زادًا للإنسانِ عمومًا ، من خــــــلالِ خبرتِهِ الإنسانيَّةِ وتجربتها معَ الحياةِ مُمتزِجَةً بالعاطِفَةِ 0
- مثالُ ذلكَ : يقولُ البارودي شاكيًا منافِقِيهِ وزمانَهُم :
- أَنَا فِي زَمَانٍ غَابِرٍ وَمَعَاشِرٍ يَتَلَوَّنُـــونَ تَلَـــــــوُّنَ الْحِرْبَاءِ
المعاشِرُ : الجماعاتُ من النَّاس 0 الحِرباءُ : دُوَيْبَةٌ من فصيلَةِ الزَّوَاحِفِ تَتَلَوَّنُ حَسْبَ الحاجةِ والمَكَانِ 0
- ثامنًا : البارودي ينظمُ في موضُوعاتٍ كثيرةٍ :
- إذا نظرنا إلى شعرِ البارودي بشكلٍ عامٍّ وجدناهُ ينوِّعُ موضوعاتِه، منها على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ :
1 - وَصفُ الطَّبيعَةِ 0
2- وصف الحروبِ والمعاركِ وأهوالِهِما 0
3 – وصفُ الوَطَنِ والتَّعبير عن حُبِّهِ لَهُ 0
4 – النَّظمُ في الرِّثاء، وبِخاصَّةٍ رثاءُ والِدِهِ وزوجَتِهِ واِبنِهِ 0
5 – النَّظم في الغَزَلِ والتَّغَزُّلِ 0
- الخلاصة في تلك النُّقطةِ : أنَّ البارودي نظمَ في الموضوعاتِ السَّابقةِ وموضــــــــــوعاتٍ أخرى غيرِ تقليديَّةِ تنطلقٌ من تفاعُلِهِ معَ أحداثِ عصرِهِ وَزَمَانِهِ 0
- تاسِعًا : البارودي وتحليقُهُ بالخيالِ الشِّعريِّ :
- قلنا سابقًا : إنَّ البارودي قد اِرتقى بالكلمةِ والعبارةِ والموضوعِ واِمتَدَّ اِرتقاؤُهُ هنا بالخيالِ الشِّعريِّ، حيــــثُ لحظناهُ ينتقلُ بذلك الخيــــالِ من الضِّيقِ والسَّطحيَّةِ إلى التَّحليــــــقِ في سماواتِ الشِّعرِ على أجنحــــــة التَّصوير ، يديـــــرُ عَدَسَتَهُ التَّصويرِيَّةَ الممتدَّةَ في الآفاقِ ويعتمِد على حواسِّــــــــــهِ الواعيةِ المُدرِكَةِ ، ؛ فيجعلُ من التَّشبيهاتِ والاستعاراتِ والكناياتِ لوحاتٍ أدبيةً متحَرِّكَةً ( مرئيَّةَ و مسموعةً وملموسةً ) 0
- يقولُ البارودي معلِّقًا - شِعرًا – على تجربَتِهِ مع الخيالِ الشِّعريِّ :
- تَعَرَّضَ لِي يَوْمًا فَصَوَّرْتُ حُسْنَهُ بِبَلُورَتَيْ عَيْنَيَّ فِي صَفْحَةِ القَلْبِ
- عاشِرًا : قدرةُ البارودي المتفرِّدةُ على التَّصويرِ :
تتجلَّى قدرةُ البارودي على التَّصويرِ في مواطنَ متعدِّدةٍ من ذلك تصويره للِشعرِ الأسود ؛ وبخاصَّةِ للمرأةِ :
- تَهْتَزُّ مِنْ فَرْعِهَا الفَيْنَانِ فِي سَرَقٍ كَسَمْهَرِيٍِّ لَهُ مِنْ سَوْسَنٍ عَـذَبُ
- كَأَنَّ غُرَّتَهَا مِنْ تَحْـــــــــتِ طُرَّتِهَا فَجْرٌ بِجَانِحَةِ الظَّلْمَاءِ مُنْتَقِــــبُ
– معاني الكلماتِ :
الفَيْنانُ : الطَّويلُ 0 السَّرَقُ : الحريرُ 0 السَّمْهَرِيُّ : الرُّمحُ 0 السَّوسنُ : نَباتٌ من الرَّياحينَ 0 العَذَبُ : الأغصانُ 0 الغُرَّةُ : بياضُ الجبهةِ 0 الطُّرَّةُ : الشَّعرُ المسدولُ على الجبهةِ 0جانِحَةُ الظَّلماء : الدَّابرةُ 0 منتقِبُ : من انتقبتِ المرأةُ أي غَطَّت وَجْههَا بالنِّقابِ 0 ِ
- أحدَ عشْرَ : البارودي والعاطفةُ :
يقولُ جمعٌ من النُّقَّادِ المعاصرينَ وعلى رأسهم الدكتور شوقي ضيف ( رَحِمَهُ اللهُ رحمةً واسعةً من عندهُ سبحانَهُ وتعالى ) : إنَّ البارودي نقلَ العاطفةَ من طور البرودِ والجفافِ في العصرينِ : المملوكيِّ والعُثمانيّ إلى طورِ الحيويَّةِ والحركَةِ والذَّاتيَّةِ ، بما يعكسُ دورَهُ بل أثَرَهُ في تحريكِ العاطفة الأدبيةِ الحديثة وتفعيلِها إنسانيًّا 0
- اِثنا عشرَ : موسيقى البارودي :
- تحافظُ موسيقى البارودي الشِّعريَّةُ على الوزنِ والقافية (كموسيقى خارجيَّةٍ ) ، وموسيقاهُ الشِّعريَّةُ في جملةِ أشعارهِ المتنوِّعةِ ذاتُ رنينٍ أخَّاذٍ ، يأخذُ بالألباب والأسماع على حَدٍّ سواءُ 0 وقد نظم على جملة البُحور الشِّعريَّةِ ، ووظَّف الكثيرَ من الرَّوِيِّ الشِّعريِّ ” الحرف الأخير من البيتِ الشِّعريِّ ” توظيفًا فنِّيًّا ومتنوِّعًا 0
- ثلاثةَ عشرَ : البارودي يحاكي الُّشعراءَ الفحولَ :
- اِتَّجهَ البارودي في جملَةٍ من أشعارِهِ إلى مجاراةِ الشُّعراءِ العَربِ الفحولِ ، بدءًا من العصرِ الجاهليِّ، ومرورًا بالعصريْنِ الإسلاميِّ والأمويِّ وَاِنْتِهَاءً بالعصر العبَّاسِيِّ 0 منصرِفًا عن مُحاكاةِ ضعافِ الشُّعراءِ في العصرينِ المملوكيِّ والعثمانيِّ 0
- والخلاصةُ هنا : أنَّ البارودي يجاري الفحولَ من الشُّعراءِ القدماء بتلكَ المحاكاةِ ، لكنَّهُ في الوقتِ نفسهِ لا يُقَلِّدُهم ، وكأنَّهُ بتلكَ المحاكاةِ الجادَّةِ يتنافسُ معهم حول هذه المعاني وتلكَ الأخيلَةِ ؛ لِيَقِفَ معهم على عتبةٍ واحدةٍ معَ تفارُقِ الزَّمَنِ وتنوُّعِ البيئةِ 0
- أربعَةَ عشرَ : وسائلُ ومعطيات محاكاتِهِ :
- لقد حاكى ” البارودي ” ، بل عارضَ جمعًا من الشِّعراءِ القدامى ، على رأسهِم :
1 – اِمرؤ القيسِ 0 2 – النَّابغة الذُّبيانيُّ 0 3 – عنترة العبسيُّ 0 4– أبو تمَّامٍ 0 5 – البُحتُريُّ 0 6 – المتنبِّي 0
7 – الشِّريف الرَّضيُّ 0 8 – ابنُ زيدونَ 0 9 – ابنُ خفاجة 0 ( والأخيرانِ أندَلُسيَّان ) أمَّا عن أبرز وسائلِهِ ومعطياتِهِ ، فقد جاءت على النَّحو الآتي :
1 – نقاء ذهنِهِ 0 2 – فطرته السَّليمة 0 3 – قراءتُه المتفَحِّصة 0
4 – حفظه جيِّد الأشعارِ0 5– تتلمذه على يدي الشَّيخ المرصفيِّ0
- خمسةَ عشْرَ : التقاءُ البارودي مع الفحول شعريًّا
أ - يلتقي ” البَارودي ” مع ” أبي نُوَاسٍ ” ، حينما يقولُ :
- وَكَمْ لَيْلَةٍ أَفْنَيْتُ عُمْرَ ظَلامِهَا إِلَى أَنْ بَدَا لِلصُّبْحِ فيهِ قَتِيرُ
- يعارضُ بهذا البيتِ السَّابقِ بيتَ ” أبي نُوَاسٍ ” الَّذي يقولُ :
- وَمَا زِلْتَ تُولِيهِ النَّصِيحَةَ يَافِعَا إِلَى أَنْ بَدَا لِلْعَارِضِينَ فِيهَ قَتِيرُ
ب – يقولُ ” البارودي ” محاكيًا ” المتنبِّيَ ” :
- فَلا تَثِقْ بِوِدَادٍ قَبْلَ مَعْرِفَةٍ فَالْكُحْلُ أَشْبَهُ فِي الْعَيْنَينِ بِالْكَحَلِ
– يعارضُ ” البارودي ” هنا ” المتنبِّيَ ” في قولِهِ :
- لأنَّ حِلْمَكَ حِلْمٌ لاَ تَكَلَّفُهُ لَيسَ التَّكَحُّلُ فِي العَيْنَيْنِ بِالْكُحْلِ
- ستَّةَ عَشْرَ : أبرزُ تلاميذِ البارودي
- لقد سيطرت مدرسةُ الإحياءِ والبعثِ بريادة ” البارودي ” على الذَّوقِ الأدبيِّ قرابةَ قرنٍ من الزَّمانِ ، ولا يزال تلاميذُ البارودي ينهلونَ من معينِهَا آنذاك ، أبرزُ هؤلاء التَّلاميذ :
1 –أحمد شوقي 0 2 – حافظ إبراهيم 0 3 – إسماعيل صبري 0 4– عائشة التَّيموريَّة 0 5 – وليُّ الدِّين يَكَنْ
6 – محمَّد عبد المُطَّلِب0 7 – أحمد مُحَرَّم 0 8 – عليُّ الغَايَّاتيُّ 0
- وأعقبَ هؤلاءِ السَّابقينَ جيلُ آخر من تلاميذِ البارودي، من بينِهِم :
1 – علي الجارم 0 2 – محمَّد الأسمر 0 3 – عزيز أباظة0 4 – وصقرُ الشَّبيب، من الكويتِ 0 5 – وابنُ عُثَيمينَ ( الأب والابن ) من المملكَة العربيَّة السَّعوديَّة 0 وغيرهم كُثْرٌ من محبِّي البارودي ومدرسَتِهِ الإحيائيَّةِ 0

[/align]
 
قديم 2010- 5- 19   #17
zeoonah
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
 
الصورة الرمزية zeoonah
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 34604
تاريخ التسجيل: Wed Sep 2009
المشاركات: 1,043
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 1340
مؤشر المستوى: 71
zeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud ofzeoonah has much to be proud of
بيانات الطالب:
الكلية: جامعة فيصل-كلية التربية
الدراسة: انتظام
التخصص: تربية خاصة ،،
المستوى: المستوى الثالث
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
zeoonah غير متواجد حالياً
رد: التذوق الأدبي (محتوى فقط )

[align=center]
المحاضرةُ الرَّابعة عشرة
الشَّاعِرُ السُّعوديُّ مُحَمَّد بنُ عُثَيمِينَ شاعرُ المَلِكِ : عبدِ العزيزِ ” طَيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ ”
- أوَّلاً :مولِدُ ” ابنِ عُثَيمينَ ” وموطِنُهُ :
- وُلِد شاعرُ نَجْدٍ الكبيرُ الشَّيخُ ” مُحمَّد بنُ عبد اللهِ ابن عُثَيمينَ ” ( تصغيرُ عُثَْمانَ ) ، عام 1270 هـ ، في بلدَةِ ” السَّلْمِيَّةِ ” من أعمالِ الخَرْجِ الواقِعةِ جنـــوبَ مدينةِ ” الرِّياضِ ” ، بمسافَةِ ( 80 ) ثمانينَ كيلو مترًا 0
- ثانيًا : نَشْأَتُهُ وَمَوطِنُهُ الأصلِيُّ :
- نَشَأَ الشَّاعرُ ” اِبنُ عُثَيْمِينَ ” يَتِيمًا عنـــــدَ أخــوالِهِ 0 أَمَّا مَوطِنُهُ وموطِـــــنُ آبائِــــهِ وَأجـــدادِهِ فهُوَ ” حَوْطَةُ بَنِي تَمِيمٍ ” ، الَّتي تَبعُدُ عَنِ الرِّياضَ بما يَقــــــــربُ من مِائَةِ ( مِئَةِ ) وخمسينَ كيــــلو مِترًا من الجِهَة الجنوبيَّةِ 0
- ثالثًا : تعلُّمُهُ وَتَثَقُّفُهُ :
- تعلَّمَ الشَّاعرُ مبادئَ القراءةِ والكِتَابةِ في بلدَتِهِ ” السَّلْمِيَّةِ ”، كَمَا كانَ يتعَلَّمُ أترابُهُ وقُرَنَاؤُهُ في كُتَّابِ القريةِ، في عهدٍ عتيقٍ لا أثَرَ لوسائلِ التَّعَلُّمِ الحديثِ فيهِ 0 فلا يَتَجَاوَزُ التَّعلُّمَ آنذاكَ في الكُتَابِ تعلُّمَ مبادئَ القراءةِ والكتابةِِ بصورةٍ مبدئيَّةٍ مُغايرةٍ ، غيرَ أنَّ الشِّاعرَ أتقنَ حِفْظََ القُرآنِ في ذلكَ الكُتَّابِ ، وشَرَعَ ينطلقُ طالبًا العلمَ والتَّعَلُّمَ 0
- رابعًا : أساتِذَتُهُ :
تتلمذَ الشِّاعرُ ” ابنُ عُثَيمينَ ” على يدي مجموعةٍ من علماءِ الرِّياضِ من أئمَّةِ الدَّعوةِ ، من هـــؤلاءِ العلماءِ الشَّيخُ العلاَّمةُ الإمامُ عبدُ الَّلطيفِ ، ابنُ الشيخِ عبدِ الرَّحمن ، ابنِ الشَّيخِ حسنٍ ، ابنِ شيخِِ الإسلامِ المجدَّد ” محمَّد بن عبد الوَهابِ ”، وتتلمذ كذلك علي يدي الشَّيخِ ” عبد الله بنِ مُحَمَّد الخــــــــرجيِّ ” الَّذي تولَّى قضـاءَ ” السَّلميَّةِ ” حِقبةًً من الزَّمَنِ ، اِتَّصَلَ بِهِ ” ابنُ عُثَيمينَ ” بِهِ، وَطَلَبَ التَّعلُّمَ على يديهِ، حَتَّى أدركَ طِرَفًا صالِحًا من علمي التَّوحيدِ والفقهِ 0
- خامِسًا : اِتِّصالُهُ وعلاقتُه بالمُلوكِ والخلفاءِ :
اِِِتَّصلَ الشَّاعرُ ” اِبنُ عُثَيمينَ ” بـ ” آلِ خليفَةٍ ” بالبحَرِينِ ، وربَّما كانت صلتُهُ بِهم قبلَ صِلَتِهِ بـ ” آلِ ثانٍ ” ؛ لأنَّ أقدمَ قصائـــــدِهِ في مديـــــــحِ” آلِ خليفةَ ”، ورُبَّما كانَ أدبُهُ ومعرفَتُهُ بالأخبارِ والأشعار، مِمَّا قَرَّبَـــهُ لهؤلاء الحُكَّام 0 كما أنَّهِ اِتَّصلَ بالملكِ ” عبد العزيز“، ( طيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ ) ، منذُ فتحِ الأحساءِ ، وبهذا الاتِّصالِ الأخيرِ تَرَكَ التَّنَقُّلَ في البـــلادِ، وآثَرَ المُقَامَ بـ ” نَجْدٍ ”، يفِدُ على ” الملِكِ عَبْدِ العزيزِ ” ( رَحِمَهُ اللهُ ) كُلَّ عامٍ 0
- سادِسًا : ثقافتُهُ وعِلْمُهُ :
يذكرُ جمعٌ من الرُّواةِ والنُّقَّادِ أنَّ ” اِبنَ عُثَيمينَ ” كانَ من العلماءِ واسعي الاطِّلاعِ على علومِ الشَّريعةِ ، أَمَّا في الأدبِ والتَّاريخِ وأخبارِ العربِ وأَيَّامِهِم، فلَهُ من ذلكَ حظٌّ وافِرٌ وكبيرٌ 0
- دليلُنا على ذلكَ :
- إِنَّ أُسلوبَ قَصَائِدِهُ المملوءَةَ بالأخبارِ والإشاراتِ التَّاريخِيَّةِ، والاقتباسِ من الشِّعرِ القديمِ والأمثالِ لَدَليلٌ قَوِيٌّ وواضِحٌ على ما سُقناهُ من العنوانِ السَّابقِ 0
سابِعًا : شيخوخَتُهُ ووفاتُهُ :
يذكرُ بعضُ الباحثينَ أن الشَّاعـِــرَ ” ابنَ عُثَيْمِينَ ” عاشَ فترةَ الشَّيخوخَةِ في فَقْرٍ مُدْقِـــــــــعٍ ، وبُؤْسٍ وحرمانٍ ، بعدَ أنْ تَـرَكَ التِّجارةَ لِكِبَرِ سنِّهِ، إِذ تُوُفِّيَ سنـ 1363 هـ ( 1944م ) ، بعدَ عُمْرٍ اِقْتَــرَبَ من المائةِ ( المئةِ ) وهو قَـــــــــــويُّ الإدراكِ ، صحيحُ الإحساسِ ، لَمْ يَخْرِفْ ولَمْ يَهِنْ عَقْلُهُ 0


- ثامنًا : المدحُ والمديحُ :
أمَّا الأغراضُ الشِّعريَّةُ الَّتي طرقَها ” اِبنُ عُثَيْمِينَ ”، فَإِنَّ المدحَ أو المديحُ هو أكثَرُهَا اِستبـــــدادًا بشعرِهِ ، فلَهُ فيــــــــهِ ” سبعٌ وثلاثونَ قصيدةً ” ، و ثماني قصائدَ فقط لم يَخصًّها بالمدحِ، وأنَّ نسبةَ قصائدِ المديـحِ إلى شعرِهِ نسبةٌ عاليَةٌ 0
- تفصيلُ ذلك :
- لقد مدحَ ” ابنُ عُثَيمينَ ” في شِعْرِهِ ثلاثَ أُسَرٍ حاكمةٍ، فَمدحَ ” آلَ ثَانٍ ” و ” آلَ خليفةٍ ” ، و كانـــت بينَهُ وبينَهم أُلفةٌ ، ومُخاطَبةٌ ، وصُحبةٌ ، ومدحَ المَلِكَ ” عبدَ العزيزِ ” ( طَيَّبَ اللهُ ثَراهُ )، وأبناءَهُ الفُضـــــــلاءُ الكِرامُ 0
- تاسِعًا: مواكَبَةُ ” ابنِ عُثيمينَ ” لِغَزَوَاتِ الملك ” عبد العزبز“ وفتوحاتِهِ :
لَقَدْ واكبَ الشِّاعرُ ” ابنُ عُثَيمينَ ” ” المَلِكَ عبدَ العزيز ” في فُتُوحاتِهِ وغزواتِهِ منذُ فتحِ الأحساءِ، وتحدَّثَ عنهُ كثيرًا، إِذ وُصِفَ إقدامُهُ على الهَولِ، ومِراسِهِ بالحُرُوبِ، وهِمَّته الَّتي أعادت إلى نَجْدٍ عِزَّهَا وَمَجْدَها ، حيثُ يقولُ :
- كُنَّا نَمُرُّ عَلَى الأمْـوَاتِ نَغْبِطُهُمْ مِنْ قَبْلِهِ إِذْ تَوَلَّى الأمْرَ أَشْرَارُ
- فِالآنَ طَابَتْ بِهِ الأيَّامُ إِذْ أَخَذَتْ بِــهِ لِأهْلِ الْهُدَى وَالدِّينِ أَوْتَارُِ
- عاشِرًا: اِبنُ عُثَيْمِينَ يَمْدَحُ صَنيعَ المَلِكِ ”عبدِ العزيز ” :
ِ - يقولُ ” ابنُ عُثَمِينَ ” عن هذا الصَّنيعِ :
- لَيتَ الَّذي سَكَنَ الثَّرَى مِمَّنْ مَضُوا مِنْ أهْلِ بَدْرٍ والْبَقِيعِ المِنْوَرِ
- نَظَرُوا صَنِيعَكَ فِي المَدِينَةِ واَلَّتِي يَأْوِي إِلَيْهَا كُلُّ أَشْعَثَ أَغْبَرِ
- كَيْ يَشْهَدُوا أَنَّ الْفَضَائِلَ قُسِّمَتْ بالفَصْلِ بَيْنَ مُقَدَّمٍ وَمُؤَخَّـــرِ
– وَلْيَشْهَدِ الثَّقَلانِ مَا أوْلِيْتَهُمْ مِنْ أَمْنِهِمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفٍ أَعْسَرِ
- ظَفَرَ الْحِجَازُ مِنَ الزَّمَانِ بِغَبْطَةٍ بَعْدَ النَّبيِّ وَصَحْبِهِ لَمْ تُخْبَـرِ
- أَحَدَ عَشْرَ : ” اِبنُ عُثَيْمِينَ ” والغَزَلُ والتَّنَصُّلُ منه :
أمَّا غَزَلُ ” اِبن عُثَيمِينَ ” فهو تقليديٌّ ، خاصَّةً في وُرُودِهِ عَبْرَ مطالِعِ القصائدِ ، يعودُ فيهِ الشَّاعرُ إلى الطَّلَلِ الجَاهِلِيِّ ، لَكِنَّهُ تراجعَ عنْهُ وتنصَّلَ منهُ ، واِعتَذَرَ عن صُدُورِ ذلكَ الغَزَلِ قائلاً :
- تلكَ العُهُودُ الَّتِي مَا زِلْتُ أَذْكُرُهَا فَكَيْفَ لا والَّــذِي أَهْـــوَاهُ سُمَّارِي
- أَسْتَغْفرُ اللهَ لِكِــــنَّ النَّسِيبَ حُلًي يُكْسَى بِهَا الشِّعْرُ في بَادٍ وَفِي قَـارِ
- قَدْ أنْشَدَ المُصْطَفَى حَسَّانُ مُبْتَدِأً قَـــوْلاً تَغَلْغَلَ فِي نَجْدٍ وأَغْــــــــوَارِ
- اِثنَا عشرَ : ” ابنُ عُثَيْمينَ ” و الرِّثاءُ :
للشَّاعرِ ” اِبنِ عُثَيْمِينَ ” أشعارٌ في الرِّثاءِ، نتَخَيَّرُ منها مستهَلَّ قصيدَتِهِ الَّتي رثى بِهَا استاذَهُ وشيخَهُ ” الخَرْجِيَّ ” قائِلاً:
- إِلَى اَللهِ فِي كَشْفِ الشَّدَائِدِ نَهْرَبُ وَلَيْسَ إِلَى غَيْرِ الْمُهَيْمِنِ مَهْرَبُ


- ثلاثةَ عشرَ : هجاءُ ” اِبنِ عُثَيْمِينَ ” :
ليس لابنِ عُثَيْمِينَ شعرٌ في الهجومِ أو الهجاءِ ،أيًّا كانَ نوعُهُ : سياسيًّا أو مذهبيًّا أو شخصيًّا ، على خلافِ شعراءِ الدَّعوةِ في عصرِهِ 0 وَعَلَّلَ ذلكَ أَنَّهُ لا يهجُو أحدًا قَطُّ مَهْمَا بَلَغَ بِهِ مِنَ الإساءَةِ 0
- تأكيد رؤيتِهِ :
- إِنَّ الشِّاعرَ ” ابنَ عُثَيْمِينَ ” يقولُ في هذا السِّيَاقِ : ” إنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ الهِجَاءَ عَجْزًا ، فليسَ من العسير على من يقولُ :
” عافاكَ اللهُ ” 000 أنْ يقولَ : ” أَخْزَاكَ اللهُ 000 ” 0
- أربعَةَ عشرَ : السِّماتُ العامَّةُ لِشِعْرِهِ :
من سماتِ شعرِِ ” اِبنِ عُثَيْمِينَ ” العامَّةِ ما يأتي :
1 – لم يكن شِعْرُهُ غريبًا 0
2 – يوردُ الحكمةِ من خلالِ شعرِهِ 0
3 - يُضرَبُ المَثَلُ بشعرِهِ 0
4 – في فحوى شعرِهِ يكثِرُ الصَّلاةَ على النَّبِيِّ ( صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) 0
- ملحوظةٌ مُهِمَّةٌ : أصبحت الصَّلاةُ على النَّبيِّ لازِمَةً في شعرِهِ لا نفتقدُها ألبتَّةَ ،إذ يتمسَّكُ بها أكثرَ من سلَفِهِ ” ابن مُشَرف ” حتَّى يمكنُ الاستدلالُ بها على تمام القصيدةِ ونقصانِهَا 0
- خمسةَ عشْرَ : التَّمثيلُ بالصَّلاةِ على النَّبيِّ :
يقولُ ” ابنُ عثيْمِينَ ” متمثِّلاً الصَّلاةَ على النَّبيِّ ( صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ) :
- فاللهُ يُنْــــــــــزِلُهُ عَفْوًا وَيَرْحَمُهُ فَإِنَّهُ جَلَّ قَدْرًا أَرْحَــــــمُ الرُّحَمَا
- ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَى مَنْ فِي مُصِيبَتِهِ لَنَا الْعَزَاءُ إِذا مَا حَــادِثٌ عَظُمَا
- ستَّةَ عَشْرَ : لُغتُهُ وأسلوبُهُ الشِّعريُّ :
- إنَّ لُغةَ ” ابنِ عثَيْمينَ ” هي الُّلغةُ الَّتي دَرَجَ عليها شعراءُ الجاهليَّةِ والعصورِ التَّاليَةِ، حيثُ تبدُو فيها :
1 – الجزالةُ 0
2 – القُوَّةُ 0
3 – المَتانةُ 0
4 – قُوَّةُ التَّركيبِ 0
5 – سلامتُهُ من الأسلوبِ العلْمِيِّ لِجودةِ ثقافَتِهِ 0
6 – سلامَتُهُ من طريقَةِ النَّظَّامينَ من قبلِه كـ ” ابن سَحْمانَ ” و ” ابنِ مشرف ”، لِفُحولَتِهِ وصفَاءِ ذهْنِهِ 0
- سبعة عشرَ : موسيقى شعرِهِ :
- إنَّ موسيقى ” ابنِ عُثَيْمِينَ ” تبــدو كلاسيكيَّةً رزينةً هادئِةً ، في قُوَّةٍ وثِقَلٍ واِنسيابٍ، يختــارُ البحورَ الشِّعريَّةَ الطَّويلةَ كثيرةَ التَّفاعيــــــــلِ ، ويتخيَّرُ القافيَةَ الرَّنَّانَةَ المُقَيَّدَةَ 0
- ثمانية عشرَ : تَأَثُّرُ ” ابن عثَيْمِينَ ” بالشِّعرِ القديمِ :
تأثَّرَ الشِّاعرُ ” ابنُ عُثيمينَ ” بمدرسةِ الشِّعرِ العربيِّ القديمِ ، من زهيرِ بنِ أبي سُلمى إلى أبي تمَّامٍٍ 0 وقد حذا حذوَ الأخير في بائيَّتِهِ، حينما فتحَ الملكُ ” عبدُ العزيزِ “ – طيَّبَ اللهُ ثراهُ - الأحساءَ، وراح يستدعي من جرَّاء ذلك فتحَ ” المعتصمِ ” بجيشهِ المسلمِ الجرَّارِ ، ونظمَ على بَحْرِهِ الشِّعريِّ وروِيِّه قائلاً :
1 - العِزُّ وَالْمَجْدُ فِي الْهِنْدِيَّةِ القُضًبِ لا فِي الرَّسائلِ والتَّنميق لِلخُطَبِ
2 – فَسَارَ مِنْ نَفِسِهِ فِي جَحْفَلٍ حَرَدٍ وَسَارَ مِنْ جَيْشِهِ فِي عَسْكِر لَجِبِ
- تسعةَ عشْرَ : منزلَةُ ” ابنِ عُثَيْمِينَ ” :
يشيرُ الشَّاعرُ الكبيرُ ” الغَزَّاويُّ ” والَّذي عاصــر ” ابنَ عُثَيمِينَ ” وتسلَّم رايةَ المديحِ من بعدِهِ إلى أنَّهُ شاعـــــــرُ الجزيرةِ العربيَّةِ في زَمَانِهِ دُونَ مُنازِعٍ 0
- عشرونَ : ميزاتُ ” ابنِ عُثَيْمِينَ ” في صوغ الشِّعرِ
- لـ ” ابن عثيمين ”َ ميزتانِ في صوغِ الشِّعر :
- أُولاهُمَا : أنَّهُ أَوَّلُ مَنْ نقَلَ ريادةَ الشِّعرِ في نَجْدٍ من الشِّعرِ العامِّيِّ إلى الشِّعرِ العربيِّ الفصيحِ 0
- أُخْرَاهُمَا : أنَّ شعرَهُ يُمَثِّلُ شعرَ الفحولَةِ والسَّليقةِ، فابنُ عُثَيمينَ حينما يتخطَّى – بفكرِهِ ورؤاهُ – عصورَ الانحطاطِ ، من ” آلِ البهاء زهيرٍ ” ، وآلِ التَّخميسِ والتَّشطير والتَّكلُّفِ البديعيِّ إلى الشِّعرِ العَرَبِيِّ القديمِ في جاهليَّتِهِ وإسلامِهِ، يُعَدُّ – جينئذٍ – رائدًا في هذا المَجالِ 0
- واحدٌ وعُشرونَ : ” ابنُ عُثَيْمِينَ ” بارودي الشِّعرِ السَّعوديِّ وَرَائِدُهُ :
- يقولُ عنهُ ” ابنُ إدريسٍ ” : ” إنَّهُ بارودي الشِّعرِ في المملكَةِ ، ووجــــــــــــــــــــوهُ الشَّبهِ بينَ الشاعرينِ ( ابنِ عُثَيمينَ ، والبارودي ) واضِحةٌ جليَّةٌ فكلاهُما حملَ لواءَ التَّجديدِ في الأسلوبِ الشِّعريِّ ، وأعادَ إليهِ الرَّونقَ والرُّواءَ ، وإنِ اِختلفَتِ الظُّروفُ بينَهُمَا 0
[/align]
 
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
محتوى, الأدبي, التذوق, فقط

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حطو حل مشكلة التذوق الأدبي هنا ✶ جُمان ✶ المستوى الأول - كلية الأداب 6 2010- 2- 25 12:58 AM
رابط شامل لمنهج التذوق الأدبي .. ذاكروا منه والله ينجحكم زيد الثنيان ملتقى طلاب التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل 12 2010- 1- 31 02:31 PM
مهم .. التذوق الأدبي Scorpio.18 ملتقى طلاب التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل 4 2010- 1- 27 11:18 PM
المحذوف في التذوق الأدبي miss pc ملتقى طلاب التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل 4 2010- 1- 16 07:21 PM


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 02:35 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه