المحاضرة السابعة
التغني بالحرية في شعر خليل مطران
امن العربي الجاهلي بحريته منذ القدم,الحرية والسلطة القبلية,الأسلام يحارب الطغاة, الخلفاء الراشدون و اقامة العدل والمساواة تحول المجتمع في عصر بني امية الى ما يشبه النطم الملكية المستبده ضعف الاتراك ومجيء الحملة الفرنسية الى مصر..
رافعه الطهطهاوي والدستور الفرنسي, الاستعمار في مطلع ق 19 ولد مطران في لبنان وقد كانت واقعة تحت سيطرة الطغيان العثماني المتمثل في شخصية الخليفة عبد الحميد الذي قضى على الحركات الوطنية وكبت الحريات.
احس مطران ببؤس وطنه وجرى التغني بالحرية شعرا على لسانه.
علم الحاكم بذلك وهاجموا داره ولكنهم لم يجدو وثائق تدينه. اطلقوا سراحه بعد ان سجنوه فترة بعدها ارسله اهله لاكمال دراسته بباريس فكر في الهجرة الى امريكا ولكنه تراجع وفضل الهجرة الى مصر واضطر الى استخدام الرمز في شعره خوفا من المحتل الباطش اثر ان يواجه الاستبداد ولكن من خلال حجاب او ستار وقد اتخذ من ذلك التاريخ ذلك الحجاب الذي يؤمنه على نفسه فهو في الظاهر يتكلم في التاريخ وفي الباطن انما يتكلم عن حرية الشعوب المسلوبة وما ينبغي ان تتسلح به للمواقمة.
في مطلع القرن 19 انتصرت فرنسا على المانيا سنه1806 وفي سنة 1870 ثارت ألمانيا لنفسها ودخلت جيوشها باريس.
أعد مطران من هذين التاريخين عنوانا لقصيدته التاريخية الأولى استطاع بشاعريته الفذه ان يحول التاريخ الى نسيج شعري رائع تكلم عن أثر الهزيمة في نفس الالمان وهو يعني انكسار وطنه وذله امام العثمانيين يقول:
وأقام أصحاب البلاد ماتما وكسو عن القتلى ثياب حداد
ناحت عرائسهم على ازواجها والامهات بكت على الاولاد
واشتد حزنهم ولم يك مجديا من بعد فقد أحبة وبلاد
ولا يترك مطران انتصار الفرنسيين الظالم على الالمان فلا بد للظلم من يوم يندب فيه نفسه ويبكيها وقد حدث ذلك عندما ثأر منه الالمان فاذا حاضرتهم باريس ترتعد فرائسها ومطران بذلك يرمز الى ضرورة سقوط كل ظلم امام الاحرار الثائرين بقول:
يا خجلة الاحرار من موتاهم يثوون حيث المالكون أعادي
فاستعصموا بالصبر ثم تكاتفوا وتحرروا من رق الاستعباد
وتأهبو للثأر والاحقاد في أكبادهم كالبيض في الاغماد
حتى اذا اشتدوا وضاق عدوهم ذرعا بهم أصلوه حرب جهاد
واستفتحوا باريس فاستوفوا بها أوتارهم وشفوا صدى الاكباد
ويستقر مطران في مصر بعيدا عن طغيان العثمانيين ولكنه يستمر في استخدام الرمز وكان الحاكم العثماني في لبنان قد قضى على مدحت باشا وهو مصلح وطني وما تزال ذكرى هذه المأساة تعتمل في نفس مطران فلجأ الى نفس وسيلة التاريخ واتخذ من حادثة قتل كسرى لوزيره العادل بزرجمهر وسيلة للتعبير عن عواطفه يقول:
سجدوا لكسرى اذ بدا اجلالا كسجودهم للشمس اذ تلالا
يامه الفرس العريقة في العلا ماذا احل بك الاسود سخالا
كنتم كبارا في الحروب أعزة واليوم بتم صاغرين ضئالا
ثم لا يلبث أن يقول:
ما كان كسرى اذ طغى في قومه الا لما خلقوا به فعالا
هم حكموه فاستبد تحكما وهم ارادوا ام يصول فصالا
والجهل داء وقد تقادم عهده في العالمين ولا يزال عضلا
ومطران في هذا المقطع يقول صراحة ان الشعب مسؤل عن طغيان الحاكم يقول:
لو كان في تلك النعاج مقاوم لك لم تجئ ما جئته استفحالا
ما كانت الحسناء ترفع سترها لو أن في هذه الجموع رجالا
وهي سخرية مرة وتهكم عنيف من تلك الشعوب المستسلمة.
ويظل مطران الى حاله الى سنة 1908 حين يكتب النصر للمقاومة وتقضي على الحكم العثماني المستبد عندها فقط يفك مطران عقدة نفسه ويحل حبسة لسانه فلا يستعين بالتاريخ ولا يختفي وراء هو يهتف من أعماقه للحرية يقول:
حييت خير تحية يا أخت شمس البرية
حييت يا حرية
الشمس للأشباح و أنت للأرواح
كالشمس يا حرية
انت النعيم و أحلى انت الحياة وأغلى
للخلق يا حرية
كوني لنا عهد سعد وعصر فخر ومجد
يدوم يا حرية
ويسترسل ويصور حركة الانقلاب ودعاتها من جماعة تركيا الفتا وما بذلوا من تضحيات حتى اذكوا روح الثورة في الجيش يقول:
يا عيد ذكر من تناسى اننا لم نك من ابقة العبدى
كنا على اصفاد احرار سوى ان الرزايا الزمتنا حدا
وكل شعب كاسر قيوده بالحق ما اعتدى ولا تعدى
وعلى نحو ما عبر مطران عن احتلال العثمانيين لبلاده نجده يعبر عن ظلم المستعمر الانجليزي والبربر فاتخذها ستر للحديث عن مفاسد الانجليز في مصر يقول:
بين اللذين يقاتلون وبيننا قربى النقم
من يستحبه عدونا فله بنا صلة الرحم
ويستعين بتاريخ أثنا حين نزلها الرومان الطغاة للتعبير عن ماربه يقول:
تالله ما غلبونا حيث باسلنا قضى قتيلا ونالوا من نواصينا
لكنهم غلبونا حين ملكهم أزمة البشر شادينا وراضينا
ورغم انه دائما لا يصرح بمقصده الا اننا نجده حين صدر قانون المطبوعات الذي يكمم الافواه ويصادر الحريات يصرخ قائلا:
شردوا أخيارها برا وبحرا واقتلو أحرارها حرا فحرا
كسروا الاقلام هل تكسيرها يمنع الايادي ان تنقش صخرا
قطعوا الايدي هل تقطيعها يمنع الاعين ان تنظر شزرا
أطفؤا الأعين هل أطفاؤها يمنع الأنفاس أن تصعد زفرا
أخمدوا الأنفاس وهذا جهدكم وبه منجاتنا منكم فشكرا
ومن أروع قصائده عتاب وأستصراخ التي والتي يستشيط فيها غاضبا للعرب جميعا يقول:
أني لأسمع من حزب الحياة بكم نصرالأمتنا سحقا لمن ظلموا
نعم لتنصرعلى الباغين امتنا لا بالدعاء ولكن نصرها بكم
كما يستعين بسيرة نيرون الطاغية الذي سولت له نفسه حرق روما ليرمز بها الى الحرب العالمية الأولى يقول:
أي شيء كان نيرون الذي عبدوه كان فظ الطبع غرا
منحوه من قواهم ما به صار طاغوت عليهم أو أضرا
انما يبطش ذو الأمر اذا لم يخف بطش الأولى ولوه أمرا
على ان طريقة مطران هذه أتاحت لشعرنا العربي الحديث أن يثبت قدرته على التعبير القصصي غير أنه لم يحاول صنع ملاحم كبيرة حيث كان كل همه تصوير طغيان المستعمرين وبغيهم على العرب.