الموضوع: Abrar
عرض مشاركة واحدة
قديم 2016- 9- 28   #1141
Ray8ah ^_^
مُتميزة - بمدونات الأعضاء
 
الصورة الرمزية Ray8ah ^_^
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 123949
تاريخ التسجيل: Sat Oct 2012
المشاركات: 2,619
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 38116
مؤشر المستوى: 117
Ray8ah ^_^ has a reputation beyond reputeRay8ah ^_^ has a reputation beyond reputeRay8ah ^_^ has a reputation beyond reputeRay8ah ^_^ has a reputation beyond reputeRay8ah ^_^ has a reputation beyond reputeRay8ah ^_^ has a reputation beyond reputeRay8ah ^_^ has a reputation beyond reputeRay8ah ^_^ has a reputation beyond reputeRay8ah ^_^ has a reputation beyond reputeRay8ah ^_^ has a reputation beyond reputeRay8ah ^_^ has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: ___________
الدراسة: انتساب
التخصص: علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
Ray8ah ^_^ غير متواجد حالياً
رد: Abrar




[BIMG]http://b.top4top.net/p_271ko081.png[/BIMG]


لا نامت أعين الجبناء


في سكرات موته بدا واهناً بشكل لا يُصدق، كان قادراً على أن يلمح الوجوه الجزعة التي جاءت لتطمئن عليه،
لم يستطع جسده المحموم أن يبلغ به وضع القعود، فتحسس جسده بكلتا يديه وابتسم !.

إن جسده المرهق الواهي ليس فيه موضع سليم، لا يوجد شبرً واحد على حاله التي خُلق عليها،
فالنتوءات والتجاعيد التي خلفتها جروح الحروب التي خاضها تكتب تاريخاً من البسالة والإقدام لا يمكن إنكاره أبداً.

ومن وسط ابتسامته المغتصبة خرج صوته ضعيفاً وهو ينظر للجمع الملتف حوله قائلا: أليس غريباً أن أخوض أكثر من مائة معركة،
تنحت كل واحدة منها في جسمي شيئاً من ذكراها، ما بين رمية بسهم، وطعنة برمح،
وضربة بسيف، ثم ها أنا أموت على فراشي هنا بينكم، تماماً كما تموت البعير!؟.

ثم صمت لهنيهة قطعها صوت أنفاسه المتهدجة قبل أن تتحول ابتسامته المُتعبة إلى ضحكة ساخرة أتبعها قائلاً:
لا نامت إذن أعين الجبناء!.

أسلم خالد بن الوليد روحه إلى خالقها، بعدما خاض أكثر من مائة معركة ـ قبل إسلامه وبعدها ـ دون أن يهزم،
كان أنموذجاً فريداً، ورقماً صعباً في القيادة العسكرية مما دعا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
أن يعزله عن قيادة الجيش خشية أن يُفتن الناس في الرجل الذي لا يعرف الهزيمة قط!.

لكن خالد أبى أن يرحل دون أن يرسل لنا خلاصة حياة، يخبرنا من خلالها أن الجُبن لا يطيل حياة،
كما أن الشجاعة لا تخصم من عداد الأيام شيئاً..

قليلون هم من يدركون هذا الأمر، ندرة بين البشر من يعرفون أن قيمة الحياة الحقيقية تكون بصدامك معها،
بتكوين موقف تجاهها، بالهبوط إلى ميدانها وقد شمرت ساعد الجد كي تكون فيها رائداً،
مُعبراً عن ذاتك الحقيقية، لا ذاتك التي تم اختيارها لك، أو إجبارك عليها.

والمدهش حقا أنه وبعد وفاة خالد بعقد ونيف وقف قائد عظيم آخر يهتف في من حوله وقد أعياه قلة الناصر،
وخوار المنتمين إلى معسكر الحقيقة، وتشتت الناس بين متطرف، وعاجز، وصاحب هوى،
وقف علي بن أبي طالب يصرخ بلوعة تحمل هماً لا يوصف قائلا : "أيا أشباه الرجال ولا رجال (!!)
حلوم الأطفال عقول ربات الحجال، لوددت أني لم أركم و لم أعرفكم معرفة، و الله جرت ندماً و أعقبت سدماً....
قاتلكم الله. لقد ملأتم قلبي قيْحاً، وشحنتم صدري غيظاً وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان
حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع و لكن لا علم له بالحرب. و لكن لا رأي لمن لا يطاع".

وما بين سخرية خالد ولوعة علي ـ عليهما رضوان الله ـ يمكننا أن نرى جزء من أزمتنا الحقيقة،
لا في ميدان الحرب فقط، وإنما في ميدان الحياة كذلك، أزمة الركون إلى حديث النفس الخائفة، وتصديق وسوساتها.

كم شيء كان يجب أن نفعله يوماً ما لكن الخوف كان سباقاً، فوضع العراقيل،
وأهاج في أرواحنا نوازع الخشية، والرهبة، والتردد؟!.

كم موقف كان يجب أن نتخذه وقطع الخوف السبيل إليه، من خلال إطلاق نفير الجزع، والرعب، والارتياب؟!.

إن فراش الموت كثيراً ما يحمل لنا الإجابة .

فراش الموت الذي لو نطق لأخبرنا عن الندم الذي يلاقيه الراحلون من جراء حياة قوضتها سلاسل الخوف والجبن.

فراش الموت يا صاحبي، الذي لو نطق لقال لك ما ود الراحلون أن يقولوه لك.

أن تنظر في عين الخوف ..!

أن تدقق النظر في وجهه الغامض، لأنك حينها فقط ستدرك الحقيقة، حقيقة أن لا عينين للخوف يبصر بهما،
ستكتشف ـ وما أقساها من مفارقة ـ أننا نتبع وهماً أعمى يأخذنا للهاوية.

افهم هذا جيداً ..الخوف هو العاطفة الأشد تدميراً لحضورك الذهني،
ويعد المجهول هو البيئة الملائمة لنموه وتمكنه منك، ولا سبيل لديك سوى تعرية الخوف وفضحه،
بكشف زيفه وتسلطه الكاذب عليك ..

صدقني، كل ما خشيناه طوال أعمارنا السابقة كان من نسج خيالهم .. أو خيالنا!

كم شبح صنعناه وغذيناه وأطلقناه في أرواحنا ليكبر ويتضخم، ويفرض سطوته علينا ؟!

هل تعلم ما هو الشيء الأكثر مأساوية من خوفنا الدائم ورهبتنا المستمرة؟

هو أن يدفعنا الخوف لنكون غير ما نحن عليه .. يقوضنا، يمنعنا من النمو الطبيعي، والتعبير الطبيعي، والرقي والانطلاق الطبيعي؟!

ودعني أسألك: هل جربت يوماً أن تقف أمام المرآة وتنظر في عينيك وتبتسم ابتسامة رضا،
أؤكد لك أن معظم البشر لا يستطيعون ذلك! سيشعرون أن هذا الواقف أمامهم لا يعبر عنهم!
لا يعدو أكثر من شخص صُنع بشكل يرضي الناس ويحقق أملهم هم فيه،
ولا يعبر أبداً عن صفاء نفسه، وجمال روحه، ومبادئه قبل أن تتغير ويطولها الدخن.

دخن الخوف .. والتردد .. والجبن..

قرأت يوماً قصة فتى خرج للقتال مع قومه ليصد جيشاً غازياً، أعطوه سيفاً قصيراً يناسب حجمه،
فهزه بيمينه ثم بكى، وخاطب أباه قائلاً: "إنهم يستصغرون شأني ويعطوني سيفاً قصيراً!"

فضربه أبوه على كتفه وقال : "امض به إلى الأمام؛ يصير طويلاً"!.

نعم .. امض بثبات نحو أن تكون نفسك، لديك بلا شك قرار أو أكثر تود أن تقوم به،
جرب أن تمضي للأمام غير ملتفت.

ستكبر في عين نفسك يقيناً، سيكبر سيف عزيمتك، سيصير حاداً، ماضياً، صلباً كلما ضربت به وجه الخوف.

حياة واحدة يا صاحبي ستعيشها، فهل من الصواب أن تعيشها على أطراف أصابعك؟!.




- كريم الشاذلي -

التعديل الأخير تم بواسطة Ray8ah ^_^ ; 2016- 9- 28 الساعة 08:45 PM
  رد مع اقتباس