:: فراش المرض ::
غريبةٌ هي الأفكار التي تزورنا ونحن على فراشِ المرض، والحياة من حولنا تستمرُّ في المسيرِ لا تبالي بآلامنا، وهي في خضم تلك الضَّوضاء تُخبرنا همسًا: أنَّ رحيلَنا من قائمتها لن يؤثر في مسيرتها، غريبةٌ هي المشاعر التي تزورنا وتحتوينا، غريبةٌ هي أنفاس الحياةِ من حولنا، وأصواتها وصورها، غريبٌ أمر المراتب كيف تتغيَّر في لحظات، ما كانت له الأولوية بالأمسِ ما عادت له أية أهميةٍ اليوم، وما كان لا يُشعر بقيمتِه أصبح هو جوهر الحياة، نتنفسُ، نتحرَّكُ، نمشي بسهولة، وبلا تركيز، نحمل ما شئنا من أشياء، نقومُ بما نريده من أعمالٍ دون أن نشعرَ بعبئها أو تعبها، وتمضي الحياةُ بنا على ذاك الحال، أحيانًا سنوات طويلة، فننسى لدوامِها أنَّها نِعمٌ مُهداة، فيغيب الشُّكر وننسى المُنعم، وإن ذكرنا شكرَه أحيانًا فغالبًا ما يكونُ باللِّسان؛ لأنَّنا لم نذقْ ألم الفَقد، كم هو مؤلمٌ أن تفقدَ النِّعم بعد امتلاكِها! في نهاية المطاف كلها دون استثناء ممتلكاتٌ مؤقتة.