
2020- 6- 22
|
 |
:: المراقب العام :: الساحة العامة
|
|
|
|
غدا أجمل.. أم غدا أسوأ
هناك شعار للتفاؤل نسمعه كثيرا هو " القادم أجمل " أو " غدا أجمل"
لكننا نشعر في دواخلنا أن الأمور عكس ذلك، والقادم أسوأ غالبا
وأمور الحياة كلها تتجه من سيء إلى أسوأ
وأن الزمن القديم أفضل من الجديد والماضي أفضل من الحاضر والحاضر أفضل من المستقبل
نرى الوظائف أقل والأخلاق أسوا والتدين قليل وكلفة الحياة أكثر والازدحام لا يطاق وكل ذلك يسوء مع الأيام ونراه بأعيننا
هذا صحيح إلى حد ما، لكنها نصف الحقيقة
معروف أن الإنسان ينتبه أكثر للأمور السيئة
حتى في تعاملنا مع من حولنا، مقتصدون في كلمات الشكر والمديح
لا نتفاعل مع الفعل الجميل الذي يفعله الطفل مثلا بنفس تفاعلنا مع العمل السيء الذي يقوم به
لو جاء بدرجة ممتازة فغالبا سيحصل عى ابتسامة فقط توحي له أنه نجا من العقاب، أما لو جاء بدرجة سيئة فله الويل والثبور وعظائم الأمور
لذلك يلجأ الطفل للفت النظر بالأعمال السيئة لأنه يعرف أنها الأسهل ونتائجها أقوى في لفت الانتباه
هذا المعتقد - أن القادم أسوأ - موجود أيضا في عالم التجارة، وبقوة
لدرحة أنه لو ثبت عكسه قد تنهار شركات
تكون طبيعة التجارة والاستثمار مبنية على أساس أن الأسعار إما في ارتفاع أو استقرار، لكنها ليست في اتجاه الهبوط
لو حصل الهبوط لتدهور حال التاجر
سوف يلجأ لإتلاف المحاصيل الزراعية مثلا لكي لا يزداد المعروض وتنخفض الأسعار أكثر مما يريد
مثلا لو رهنت ذهب عند تاجر، قيمة الذهب 10 آلاف، والتاجر أعطاني 8 آلاف وقال لي ترجعهم 10 علشان أرجع لك الذهب
لو فرضنا إني أخذت الفلوس وما رجعتهم، هنا التاجر ربح ألفين، وأنا خسرت ألفين
لكن لو فرضنا أن قيمة الذهب نزلت من 10 إلى 7 آلاف، هنا أقول للتاجر الذهب حلال عليك وأصير في هذي الحالة أنا ربحت ألف والتاجر خسر ألف
فمسألة الرهن تعتمد اعتماد كبير على استقرار وارتفاع الأسعار وإلا أفلس التاجر
وحسب ما قرأت أن أزمة الرهن العقاري في أمريكا قبل عدة سنوات حصلت لهذا السبب، لدرحة بعض البيوت صارت تبدأ مزاداتها بـ 1000 دولار وتعرضت البنوك لأزمات كبيرة
طيب هل الأوضاع الاقتصادية أيضا من سيء لأسوأ
مو شرط، هي تسوء الأوضاع ويحصل تضخم وارتفاع أسعار وارتفاع تكاليف معيشة لكن تصل الأمور إلى حد وتتوقف وقد تتراجع أيضا لأنها مستحيل تواصل ذلك
لأن الارتفاع هدفه زيادة الربح، فالتاجر راح يرفع مادام هناك إمكانية للدفع، وإلا اضطر لتخفيض الأسعار لأنه هو بعد يبي يعيش
ولو كانت الأوضاع الاقتصادية في استياء منذ فجر التاريخ لانقرض الإنسان منذ آلاف السنين، لكنها موجات يرفعها جشع الإنسان ويخفضها الواقع والمنطق
هل أخلاق الإنسان تزداد سوء أيضا، أبدا، الفاسدون موجودون منذ القدم
ما يحصل هو أن الإنسان يسخر عقله للخير والشر، فتظهر أشكال جديدة للشر وبالمقابل أشكال جديدة للخير
الكثير سمع عن قصص الأولين ومافيها من ظلم بين الإخوان والأهل في قصص المواريث والزواج وغيرها، الأول الكل يقول عيب ندخل أحد بيننا ومن هذا الكلام فتحصل فجائع تتذكرها الأجيال، يا ما ملايين طارت على عوائل بسبب الاحترام اللي من طرف واحد وجشع من طرف مقابل.
الآن هذه القصص فرصة حصولها أقل لأن القانون حاضر بشكل أكبر بين الناس, والناس واعية وتفهم أكثر
لكن الإنسان يستطيع التكيف واختراع طرق جديدة للنصب والاحتيال والظلم
خلاصة القول أن الأمور ليست دائمة الاتجاه نحو الأسوأ وليست دائما الاتجاه نحو الأفضل
ما يحصل أن الإنسان يوجد طرق جديدة للعيش فتظهر مشاكل جديدة
ويحسب أنه خبر الحياة فإذا بها تفاجئه وتصيبه في مقتل وترفع غيره درجات، ومصائب قوم عند قوم فوائدُ
في الماضي كانت الأم أحيانا تنجب 10 مرات على أمل أن يعيش منهم ثلاثة أو أربعة
كان الناس يموتون من أمراض تعتبر الآن أمراض عادية وعلاجها متوفر في كل مكان
كانت الحياة قاسية وصعبة وتوفير لقمة العيش أمر صعب
كان السفر عبارة عن مخاطرة بالحياة وبالمال والأهل
وحتى وأنت في دارك أنت عرضة للسلب والنهب ولم تكن حوادث نادرة
الجهل منتشر بين الناس بشكل كبير والمتعلم قليل
وغير ذلك الكثير
لذلك فلنستشعر النعمة والخير ونطلب من الكريم الذي لا تنفذ خزائنه ونسأله أن يكون القادم أجمل، وإن كان هناك أسوأ أن يخففه علينا ويتبعه بالأجمل
أسأل الله لي ولكم الخير كله، ما علمناه وما لم نعلم
|