المناقشات الأربعة الباقية من قضايا ثقافية معاصرة
المناقشة 11:
(1)) كان اليونان يقسمون المجتمع إلى طبقات اجتماعية متفاوتة في الحقوق المدنية، يونان، وهم : سكان مدينتي أثينا وإسبارطة، ولهم جميع الحقوق المدنية، وموالي ليس لهم حق في كثير من الحقوق، ورقيق محرومون من كل الحقوق، كما أن قدماء اليونان كانوا يعتقدون أنهم وحدهم كاملو الإنسانية، زودوا بقوى العقل والإرادة على حين خلقت الشعوب الأخرى ناقصة الإنسانية.
((2)) واعتز الرومان بأرومتهم، ورأوا أنهم أرقى أهل الأرض عنصراً، وأنهم أعظمهم مدنية وثقافة، وكانوا يلقبون الشعوب الخاضعة لهم بالبرابرة، وكان مبدؤهم يقوم على تقديس الشعب الروماني، وأن الشعوب الأخرى لا تستحق أن تحكم نفسها بنفسها، وحسبها خدمة العنصر الروماني الرفيع.
((3)) واعتقد الأكاسرة ملوك فارس أنه يجري في عروقهم دم إلهي، وكانت الرعية تنظر إليهم على أنهم آلهة، يعتقدون أن في طبيعتهم شيئاً علوياً مقدساً، كما كان المجتمع الفارسيطبقياً يصنف الناس على أساس النسب والحرف،بين كل طبقة وأخرى هوة واسعة، لا تصل بينهما صلة، وعلى كل فرد أن يقنع بمركزه الذي منحه إياه نسبه، فليس له أن يتخذ حرفة غير الحرفة التي خلق لها، وكان أهل فارس يقدسون قوميتهم، ويرون لها فضلاً على سائر الأجناس والأمم.
((4)) خضع المجتمع الهنديآلاف السنين لنظام اجتماعي لم يعرف التاريخ أشد قسوة منه على الإنسان، يرتكز على قاعدة المحافظة على السلالة الآرية ونجابتها، مكوناً تفاوتاً طبقياً بين أفراد المجتمع الواحد متنوعاً إلى أربع طبقات هي:
البراهمة:وهم طبقة الكهنة ورجال الدين، ويعتقد أنهم خلقوا من فم الإله.
الكشتر:وهم الجند ورجال الحرب، ويعتقد أنهم خلقوا من ساعد الإله.
الويش:وهم أهل الصناعة والتجارة والزراعة، ويعتقد أنهم خلقوا من فخذ الإله.
الشودر:وهم الطبقة الدنيا، يعملون في خدمة الطبقات السابقة، ويعتقد أنهم خلقوا من قدم الإله.
وقد منح هذا النظام الذي وضعته الكتب الدينية الهندوسية طبقة البراهمة امتيازات عجيبة، فقد جعلتهم صفوة الآلهة، وملوك الخلق، وسادة الأرض، في حين أهانت طبقة الشودر (المنبوذين)
((5)) وزعم اليهود أنهم شعب الله المختار، وأنهم أبناء الله وأحباؤه، وأن الإسرائيلي معتبر عند الله أكثر من الملائكة، وأن ما عداهم من البشر ليسوا إلا كالحيوانات، وإنما خلقوا على صفتهم حتى لا يتوحشوا من خدمتهم.
وجاءت الحركة الصهيونيةلتؤكد نظرة اليهود إلى غيرهم من الأمم، وهي نظرة ازدراء وكراهية،وتتضح هذه النظرة في استعلائهم عنصرياً، والزراية بغيرهم ممن يسمونهم: (الجوييم) أي: الأميين.
جاء في البروتوكول الحادي عشر: (إن عقل الأمم – لكونه ذا طبيعة بهيمية محضة – غير قادر على تحليل أي شيء، فضلاً عن التكهن بما قد يؤدي عليه امتداد حال من الأحوال إذا وضع في ضوء معين؛ وهذا الاختلاف التام في العقلية بيننا وبين الأميين، وهو الذي يمكن أن يرينا بسهولة آية اختيارنا من عند الله، وأننا ذوو طبيعة ممتازة فوق الطبيعة البشرية حين تقارن بالعقل الفطري البهيمي عند الأميين).
((6)) كما أن الكتاب المقدس في النصرانيةرسم صورة عريضة لحدود طاعةما يعرف بالعبيد لسادتهم واستجلاب رضاهم؛مما يوحي بنظرته للنظام الطبقيالمتبع آنذاك، ويدل كذلك على أن النصرانية اصطبغت بصبغة الرومان.
((7)) وعرف العرب في الجاهلية فكرة القومية باسم العصبية؛ فكانت القبيلة أو العشيرة هي الوحدة السياسية والاجتماعيةالتي يعيش أفرادها في إطارها، وتحت ظلها، ويخلصون الولاء لها، ويخضعون لتقاليدها، يعبر عن ذلك منطق الشاعر الجاهلي:
لا يَسأَلُونَ أخاهُم حِينَ يَندبُهُم لِلنَّائِبات على ما قالَ بُرهانا
((8)) وفي أوروبا لم تكتمل القومية إلا في القرن الثامن عشر الميلادي بعد أن فقدت الكنيسة الكاثولكية نفوذهاعلى إثر قيام حركة مارتن لوثر الإصلاحية وظهور الكنيسة البروتستانتية المتحررة؛ حيث تشكلت فكرة القومية على أساس المصالح القومية دون اعتبار للدين في تشريعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
- وظهرت اليوم آثار العنصرية في استعلاء الجنس الأبيض على الأسود في صورة مختفية وراء السياسات العنصرية وأساليب التعامل المهينة والاتفاقيات المجحفة في حق اقتصاد الشعوب الملونة والسوداء.
- وفي حالة التخلف العلمي والفقر والإهمال وانتشار الأوبئة والأمراض الفتاكة التي لا تزال تعاني منها هذه الشعوب، وتذوق مرارتها على مرأى ومسمع العالم بأسره.
-في ضوء هذه التصورات والفلسفات المتراكمة على مر العصور تطلع الإنسان إلى منهج يعالج هذه المشكلة التي عانى فيها من ظلم أخيه الإنسان واستعلائه عليه وحرمانه من حقوقه الأساسية، ومصادرته لحريته، واستغلاله لثرواته دون وجه حق أو لأسباب مكتسبة.
المناقشة12:
((1)) أصوات اللغة العربية تستغرق كل جهاز النطق عند الإنسان وتخرج من مخارج مختلفة تبدأ بما بين الشفتين في نطق حروف كالباء والميم والفاء، وتنتهي بجوف الناطق في نطق حروف المد: الألف والواو والياء التي تخرج من الصدر والحلق إلى خارج الفم.
((2)) اللغة العربية صنعت قانونها بنفسها:فإذا تكلم ذو بيان فإنك تطرب لسماعها، وتفهم بيانها، وترتاح لتبيانها.
((3)) اللغة العربية لغة مرنة:ويظهر ذلك من طواعية الألفاظ للدلالة على المعاني وطواعية العربية تتمثل أكثر ما تتمثل في ظاهرتي الترادف والاشتقاق بصفة خاصة، وفي قدرتها على استيعاب المُوَلَّد والمُعَرَّب والدخيل بصفة عامة.
((4)) قدرة العربية على الوفاء بمتطلبات العصر: ينبغي أن ننظر إلى اللغة العربية على أنها إحدى اللغات العظمى في العالم اليوم فقد استوعبت التراث العربي والإسلامي، كما استوعبت ما نقل إليها من تراث الأمم والشعوب ذات الحضارات الضاربة في القدم كالفارسية، واليونانية، والرومانية، والمصرية وغيرها.
((5)) اللغة العربية بين التعبير الأدبي والتعبير العلمي: اللغة العربية لغة مرنة طيعة. فيها الأسلوب الأدبي الإنساني ذو الدلالة الواسعة، وفيها الأسلوب العلمي ذو الدلالة المحدودة الصارمة.
((6)) اللغة العربية لغة كاملة:إن الكثير من الباحثين اللغويين يرى أنه لا توجد لغة جامدة أو قاصرة أو ((بدائية))؛ وإنما يوجد قوم ((بدائيون))أو جامدون، فاللغة أية لغة – فضلاً عن أن تكون العربية - قادرة دائماً على التطور والنمو واستنباط المفردات والتراكيب التي تلاءم الحاجات الجديدة والمخترعات الجديدة لدى أهلها. فإذا لم يكن لدى أهلها حاجة إلى اختراعات جديدة أو استعمالات جديدة فان اللغة تبقى كما هي، وعلى هذا فعدم نمو اللغة – أية لغة – ليس لقصورٍ في طبيعتها أو ذاتها، وإنما لقصورِ وجمود أهلها.
المناقشة 13
أن جميع الاكتشافات التي تكتشف اليوم من أسرار الكون قد سبقهم القرآن فكل ما تم اكتشافه لدى الغرب وجدوه مدون عندنا في القرآن من 1400 سنة فلا يوجد أي تعارض بين ديننا الإسلامي و معطيات العلم، ففي أول آيات القرآن الكريم نزلت و هي تأمر بالقراءة قال تعالى:﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإنسانَ مِنْ عَلَقٍ اقرَأ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسانَ ما لَمْ يَعْلَم﴾.
كما أن الله أقسم فيه بالقلم تعظيماً له: ﴿ن وَالقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ﴾؛وفي هذا دلالة عظيمة على احتفاء الإسلام بالقراءة والكتابة لما لهما من أهمية بالغة في تقييد العلم والمعرفة وضبطهما.
كما أن الله رفع درجات العلماء تقديراً لمكانتهم، وتعظيماً لشأنهم: ﴿ يَرفَع اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ دَرَجاتٍ﴾.
وما ذاك إلا لكون العلم نعمة إلهية يخص الله بها من يشاء من عباده:﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوْتِيَ خَيراً كَثِيراً﴾ وقال الرسول: ((العُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأنبِياءِ)).
-ومصدر العلم هو الله؛ إذ قال: ﴿الرَّحمَنُ عَلَّمَ القُرآنَ خَلَقَ الإِنسانَ عَلَّمَهُ البَيانَ﴾ .
وقال: ﴿وعلم آدم الأسماء كلها﴾.
وقال: ﴿وفوق كل ذي علم عليم﴾.
وقال: ﴿وعلم الإنسان ما لم يعلم﴾.
المناقشة 14:
(1)) التخلف الاقتصادي==> لو فحصنا سجلات المئة سنة الماضية من أعمال المصلحين والمفكرين وجهود الأمة لوجدنا فيها كثير من الوثائق والدراسات ومقالات الصحف والمؤتمرات التي تتصل بموضوع النهضة ،هذه الدراسات تعالج الاستعمار والجهل هنا، والفقر والبؤس هناك، وانعدام التنظيم واختلال الاقتصاد أو السياسةفي مناسبة أخرى، ولكن ليس فيها تحليل منهجي للمرض، أعني دراسة مرضية للمجتمع المسلم، دراسة لا تدع مجالاً للظن حول المرض الذي يتألم منه منذ قرون.
((2)) التخلف الاجتماعي==>وهناك من رأى أنها أزمة عَقَدِيَّة تستلزم إصلاح العقيدة، وأنْ لا حل إلا بتخليص العقيدة من الكلام والفلسفة، وإعادة تعليم الناس عقائد الإسلام، وإقناعهم بأن الله هو الخالق وهو المعبود الحقيقي، وأن الالتزام بعقيدة التوحيد هو الحل، فتوجه إلى صياغة علم العقيدة من جديد بأسلوب آخر.
3- التخلف الثقافي والفكري==> وهناك من رأى أنها أزمة عَقَدِيَّة تستلزم إصلاح العقيدة، وأنْ لا حل إلا بتخليص العقيدة من الكلام والفلسفة، وإعادة تعليم الناس عقائد الإسلام، وإقناعهم بأن الله هو الخالق وهو المعبود الحقيقي، وأن الالتزام بعقيدة التوحيد هو الحل،فتوجه إلى صياغة علم العقيدة من جديد بأسلوب آخر.
4- التخلف السياسي==> فهناك من رأى أن الأزمة سياسية تحتاج حلاً سياسيًا، فركز كل جهوده في التغيير والإصلاح السياسي، وانتقاد فساد الحكم، ومحاولة تغيير أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية
5-التخلف العلمي والتقني==> وقد نتج عن هذا أنهم منذ مئة عام لا يعالجون المرض، وإنما يعالجون الأعراض، وكانت النتيجة قريبة من تلك التي يحصل عليها طبيب يواجه حالة مريض بالسل، فلا يهتم بمكافحة الجراثيم، وإنما يهتم بهيجان الحمى عند المريض.