عرض مشاركة واحدة
قديم 2010- 6- 7   #12
الوردة المخملية
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية الوردة المخملية
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 39433
تاريخ التسجيل: Fri Oct 2009
العمر: 34
المشاركات: 3,524
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 3842
مؤشر المستوى: 103
الوردة المخملية has a reputation beyond reputeالوردة المخملية has a reputation beyond reputeالوردة المخملية has a reputation beyond reputeالوردة المخملية has a reputation beyond reputeالوردة المخملية has a reputation beyond reputeالوردة المخملية has a reputation beyond reputeالوردة المخملية has a reputation beyond reputeالوردة المخملية has a reputation beyond reputeالوردة المخملية has a reputation beyond reputeالوردة المخملية has a reputation beyond reputeالوردة المخملية has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الاداب بالدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: اللغة العربية
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
الوردة المخملية غير متواجد حالياً
رد: شيكو على المسن محاضرتا القصة والمقالة نزلتها د.منى الغامدي

إن كان في العالم وجود أفضلَ منه العدم فهو وجودي .
لقد كان لي قبل اليوم سبيل إلى النجاة من هذه الحياة ، أما اليوم فقد أصبحتُ أمّا فلا سبيل.
أأقتل نفسي فأقتل طفلتي ؟ أم أحيا بجانبها هذه الحياة المريرة ؟
لا أحسب أن الموت تاركي حتى يذهب بي إلى قبري ، فماذا يكون حال طفلتي من بعدي ؟
إنها ستعيش من بعدي ، و تشقى في الحياة شقائي ، لا لذنب جنته ، و لا لجريمة اجترمتها ، سوى أنني أمها . هل تعيشين أيتها الفتاة حتى تغفري لي ذنب أمومتي حينما تسمعين قصتي ، و تفهمين شكاتي ؟
لم يبقَ في يدي يا بنيَّتي من حليي إلا قليل ، سأبيعه كما بعت سابقه ، فماذا يكون شأني و شأنك بعد اليوم ؟محال أن أعود إلى أبي فأقص عليه قصتي ، لأنه لم يبق لي مما يعزيني عن شقاء العيش و بلائه إلا أن أهلي لا يعرفون شيئا عن جريمتي ، فهم يبكونني كما يبكون موتاهم الأعزاء ، و لأنْ يبكوا مماتي خير لي و لهم من أن يبكوا حياتي . و كذلك ظلت تلك البائسة المسكينة تحدث نفسها تارة ، و طفلتها أخرى ، بمثل هذا الحديث المحزن الأليم ، حتى غلبها صبرها على أمرها ، فأرسلت من جفنيها قطرات حارة من الدموع هي كل ما يملك الضعفاء العاجزون ، و يقدر عليه القانطون اليائسون. دارت الأيام دورتها ، و باعت الفتاة جميع ما تملك يدها ، و ما يحمل بدنها ، و ما تشتمل عليه غرفتها ، من حلي و ثياب ، و أثاث و رياش ، و لم يبق لها إلا قميصها الخَلْقُ و ملْأتها و برقعها ، و لم يبق لطفلتها إلا أسمال باليات تنم عن جسمها نميمة الوجه عن السريرة ، فكانت تقضي ليلها شر قضاء ، حتى إذا طار غراب الظلام عن ِ مجـْـثـَمِـه أسْبَلَتْ برقعها على وجهها ، و ائتزرت بمئزرها ، و أنشأتْ تطوف شوارع المدينة ، و تقطع طرقها ، لا تبغي مَقصِدا ، و لا تريد غاية ، سوى الفرارَ بنفسها من همها ، و همّـُها لا يزال يسايرها ، و يترسم مواقع أقدامها .
أحسب أن عجوزا من عجائز المواخير رأتها ، فألمت ببعض شأنها ، فاقتفت أثرها حتى دخلت غرفتها ، فولغت عليها ، و سألتها ما خطبها ، فأنست الفتاة عند رؤيتها ، و كذلك يأنس المصدور بنفثاته ، و البائس بشكاته ، فصرحت لها بسرها ، و ألقت إليها فخبيئة صدرها ، و لم تترك خبرا من أخبار نعيمها ، و لا حادثا من حوادث بؤسها ، لم تحدثها به ، فعرفت الفاجرة محنتها ، و رأت بعينها ذبك الماءَ من الحسن الذي يجول في أديم وجهها ، جولان الراح في زجاجتها ، و علمت أنها إن أخرتها في منزلها ، فقد أحرزت غنى الدهر ، و سعادة العمر ، و ما هو إلا أن أرسلت إليها بعض عقاربها ، و نفثت في نفسها بعض رقاها ، حتى غلبتها على أمرها ، و قادتها إلى منزلها ، و ما هي إلا عشية أو ضحاها ، حتى بلغت بها الغاية التي لا مفر لها و لا لأمثالها من بلوغها . عاشت تلك البائسة في منزلها الجديد ، عيشا أشقى من عيشها الأول في منزلها القديم ، لأنها ما كانت تستطيع أن تصل إلى لقمتها ، و هي كل ما حصلت عليه في حياتها الجديدة ، إلا إذا بذلت راحتها ، و شردت نومها ، و أحرقت دماغها بالسهر ، و أحشاءها بالشراب ، و صبرت على كل من يسوقه إليها حظها من سباع الرجال و ذئابهم ، على اختلاف طباعهم ، و تنوع أخلاقهم ، لأنها لم تر لها بدا من ذلك ، فاستسلمت استسلام اليائس الذي لم تترك له ضائقة العيش إلى الرجاء سبيلا .
و لو أن الدهر وقف معها عند هذا الحد لهان الأمر ، و لألفت الشقاء و مرنت عليه ، كما يألفه و يمرن عليه كل من سار في الطريق التي سارت فيها ، و لكنه أبى إلا أن يسقيها الكأس الأخيرة من كؤوس شقائه ، فساق إليها ذئبا من ذئاب الرجال كان ينقم عليها شأنا من شؤون شهواته و لذاته ، فزعم أنها سرقت كيسه في إحدى لياليه التي قضاها عندها ، و رفع أمرها إلى القضاء ، و استعان عليها ببعض أترابها الساقطات اللواتي كن يحسدنها ، و ينفسن عليها حسنها و بهاءها ، حتى دانها .
  رد مع اقتباس