جزء من مذاكرتي لمادة العقيدة 2
بسم الله الرحمن الرحيم
إليكم أحبتي جزء من مذاكرتي لمادة العقيدة 2 .. من أجل الوقوف على بعض ماورد فيها من فوائد جمة ، ومن أجل زيادة إيماني وإيمانكم ... أسأل الله لي ولكم ولجميع المسلمين العلم النافع والعمل الصالح والإخلاص له في القول والعمل في السر والعلن .. آمين.
وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ، من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار) .
وقال تعالى: ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم ) إلى قولـه: ( أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والله إني لأخشاكم لله وأعلمكم بحدوده ) .
وقال: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ) .
( وقال له عمر يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي قال: لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك قال: فلأنت أحب إلي من نفسي قال: الآن يا عمر ).
وهذه الأحاديث ونحوها في الصحاح ، وفيها بيان تفاضل الحب والخشية وقد قال الله تعالى :( والذين آمنوا أشد حبا لله ) .
وهذا أمر يجده الإنسان في نفسه ، فإنه قد يكون الشيء الواحد يحبه تارة أكثر مما يحبه تارة ، ويخافه تارة أكثر مما يخافه تارة ، ولهذا كان أهل المعرفة من أعظم الناس قولا بدخول الزيادة والنقصان فيه لما يجدون من ذلك في أنفسهم .
الوجه الثالث: تفاضل التصديق والعلم في القلب باعتبار الإجمال والتفصيل :
فليس تصديق من صدَّق الرسول مجملا من غير معرفة منه بتفاصيل أخباره ، كمن عرف ما أخبر به عن الله وأسمائه وصفاته والجنة والناروالأمم وصدَّقه في ذلك كله ، وليس من التزم طاعته مجملا ومات قبل أن يعرف تفصيل ما أمره به ، كمن عاش حتى عرف ذلك مفصلا وأطاعه فيه. الوجه الرابع : أن التفاضل يحصل في هذه الأمور من جهة دوام ذلك وثباته وذكره واستحضاره : كما يحصل البغض من جهة الغفلة عنه والإعراض والعلم والتصديق والحب والتعظيم وغير ذلك فما في القلب هي صفات وأعراض وأحوال تدوم وتحصل بدوام أسبابها وحصول أسبابها. والعلم وإن كان في القلب فالغفلة تنافي تحققه والعالم بالشيء في حال غفلته عنه دون العالم بالشيء في ذكره له.
الوجه الخامس: أن التفاضل يحصل من هذه الأمور من جهة الأسباب المقتضية لها :
فمن كان مستند تصديقه ومحبته أدلة توجب اليقين وتبين فساد الشبهة العارضة لم يكن بمنزلة من كان تصديقه لأسباب دون ذلك .
الوجه السادس : أن يقال: ليس فيما يقوم بالإنسان من جميع الأمور أعظم تفاضلا وتفاوتا من الإيمان فكلما تقرر إثباته من الصفات والأفعال مع تفاضله فالإيمان أعظم تفاضلا من ذلك : أي أن الإنسان لا يستطيع أن يعبر بفعله أو صفته عن أعلى درجات الإيمان ، مثال ذلك :
أن الإنسان يعلم من نفسه تفاضل الحب الذي يقوم بقلبه : سواء كان حبا لولده أو لامرأته أو لرياسته أو وطنه أو صديقه أو صورة من الصور أو خيله أو بستانه أو ذهبه أو فضته وغير ذلك من أمواله .
فكما أن الحب أوله علاقة لتعلق القلب بالمحبوب ،،، ثم صبابة لانصباب القلب نحوه ،،، ثم غرام للزومه القلب ،،،، ثم يصير عشقا إلى أن يصير تتيما- والتتيم : التعبد وتيم الله عبد الله - فيصير القلب عبدا للمحبوب مطيعا له لا يستطيع الخروج عن أمره .. جعلني الله وإياكم وجميع المسلمين ممن يكون حبهم لله وفي الله خالصاً لوجهه الكريم.
وقد آل الأمر بكثير من عشاق الصور إلى ما هــو معروف عند الناس مثل من حمله ذلك على قتل نفسه وقتل معشوقه ،أو الكفر والردة عن الإسلام ، أو أفضى به إلى الجنون وزوال العقل ، أو أوجب خروجه عن المحبوبات العظيمة من الأهل والمال والرياسة أو إمراض جسمه وأسنانه. فمن قال الحب لا يزيد ولا ينقص كان قولـه من أظهر الأقوال فسادا ، ومعلوم أن الناس يتفاضلون في حب الله أعظم من تفاضلهم في حب كل محبوب ، فهو سبحانه اتخذ إبراهيم خليلا واتخذ محمدا أيضا خليلا كما استفاض عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( لو كنت متخذا خليلا من أهل الأرض لاتخذت أبا بكر خليلا ؛ ولكن صاحبكم خليل الله ) يعني نفسه صلى الله عليه وسلم.
والخلة : أخص من مطلق المحبة ، فإن الأنبياء عليهم السلام والمؤمنين يحبون الله ويحبهم الله كما قال:
( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) الآية ، وقال تعالى:
( والذين آمنوا أشد حبا لله ) ، وفي الصحيح ( لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) .
وفي الحديث الصحيح حديث الشفاعة : ( فأخر ساجدا فأحمد ربي بمحامد يفتحها علي لا أحصيها الآن ) .
فإذا كان أفضل الخلق لا يحصي ثناء عليه ، ولا يعرف الآن محامده التي يحمده بها عند السجود للشفاعة ؛ فكيف يكون غيره عارفا بجميع محامد الله والثناء عليه ؟! .
ومن هنا نصل إلى قاعدة : أن الإيمان أعظم تفاضلا في القلب من الحب.
والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
التعديل الأخير تم بواسطة أبو أمل ; 2014- 5- 15 الساعة 09:29 AM
|