لا بأس عليهم ،
و لا بأس عليك .
هم ضيوفه ، وهو أكرم الأكرمين يداه مبسوطتان سبحانه و تعالى ،
هم عباده و أماؤه ، و هو ربهم الرحمن على العرش استوى ما ممن مسك لخزائن رحمته التي وسعت كل شيء.
فمن أماتهم كما أحياهم هو ربهم الذي يحبهم أكثر من أنفسهم و من أمهاتهم ومن الخلائق أجمعين،
و ربهم هو ذاته ربك الرحمن ...
فكذلك عليك من رحمته و حبه المثل ما دمت مقبلاً إليه كما نحسبك بمشيئته وفضله ومنته وحوله وقوته
... غير مدبر .
لامفر من أشجان قد تلج الصدر فتثقله ، وتدفع المقل
كي تذرف شيئاً من مرارتها للحظتها كما فعلت مدامع الرسول صلى الله عليه وسلم على ولده إبراهيم.
بيد أن ...
إطالة البقاء مع البكاء و الكآبة ربما ..
هو قليل من جهل و ضعف في النفس البشرية التي جبلت على ذلك،و قد يمده الشيطان بالزاد ليطول أمد الحزن حتى اليأس " إنما يريد الشيطان ليحزن الذين آمنوا ".
و إنما كذلك " المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف " ، و " أنا عند حسن ظني عبدي بي "،
و ذلك قد يطالنا جميعاً لا مفر.
أرى و الله أعلم لغاية نفسية ...
أن يترك مكان سكناهم سلفاً ولو بمنفعة البيع فيها أفضل من الإيجار ،
و أن يتصدق بممتلكاتهم من ملبس و مقتنيات و ما إلى ذلك ،
و إن اعتاد بعض الناس الاحتفاظ بشيء منهم لأجل الذكرى ، فإنني أجد ذلك من نهج الغرب و لم أجده في ديننا أو في فعل أحد من السلف ، و أنه ربما مدعاة لضعف نفس المؤمن و حبسه في أطياف ماضِ لا تقدم و لا تؤخر ،
فالأرجح حينها بالطبع للمؤمن الوفي الذي لا ينسى أهله و خلانه و أخوته في الإسلام:
أن يعهد بصدقة جارية دائمة لهم جميعاً ،
فإن لم يستطع فعهد دائم مع النفس بدعاء لهم مرة في اليوم أو كل جمعة ويشترط مالم يسهو أو يعرضه عارض،
و غيرها الكثير ... هي " أبواب الخير كثيرة " كي لا ينقطع عملهم و زادهم من هذه الدنيا،
و كي يبقوا على قيد الحياة في قبورهم ، فإنما الحياة هي الإيمان... أحياء الأبدان كنا أم أمواتها .
و قفة :
تخيل أن حول أذنك شيطان يهمس " ابكي ، احزن ، ايأس ...فما أنت راج بعد يومك هذا ؟" ،
ثم استشعر خطاب محبك أكثر من نفسك الرحمن هو جل في علاه يقول :
"وَرَحْمَتي وَسِعَتْ كُلَّ شَيء".
"وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" .
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ
وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157 ".
أسأل الله لك عمراً مديداً في طاعته سبحانه ، و أن يشرح صدرك و ييسر أمرك و يرزقك من فضله من العلم و التمكين و النجاح في الدنيا ، كي ترفع به دين الله و أمة محمد صلى الله عليه وسلم، و كي يسخرك فيجعلك
سبباً لبقاء حياتهم أي أعمالهم .
و أحسبك و لا أزكيك على الله أهلاً لذلك بلا أدنى ريب .