ومما ينبغي أن يُعلم أن حكم تعلم الفقه ومعرفة أحكام الحلال والحرام يختلف باختلاف الأحوال؛ فقد يكون أحيانًا فرض عينٍ، وأحيانًا فرض كفاية، وأحيانًا نافلة ومستحبًا.
1- فيكون تعلُّمُ الفقه فرضَ عينٍ فيما أوجبه الله تعالى على كل مسلم مُكَلَّف؛ وذلك لأن العلمَ طريقُ العمل، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والمسلمُ لن يستطيع أداء ما أوجبه الله تعالى عليه إلا إذا عَلِمَه وعَلِمَ صفة أدائه الموافقة لمراد الله تعالى. وذلك مثل: أحكام الطهارة والصلاة والصوم وغيرها مما يجب على كل مسلم بعينه، ويدخل في ذلك تعلُّم ما يتعلق ببعض الناس دون بعض في العبادات والمعاملات؛ كأحكام الزكاة للأغنياء، والحج لمن استطاع، وأحكام البيع لمن يشتغل به، وأحكام الزواج لمن أراد التزوج، وأحكام الطلاق لمن أراد أن يطلِّق، وأحكام العِدَّة لمن فارقها زوجُها، ويدخل فيما تعلمه فرض عين: العلم بما يَحِلُّ وما يَحْرُمُ من المأكولات والمشروبات والملبوسات، فتعلَّمُ أحكام كل ذلك فرض عين ليتمَّ العملُ بموجبه.
2- ويكون تعلُّم الفقه فرض كفاية فيما زاد على ما سبق من العلم، بحيث يجب أن يوجد في الأُمَّة من يتخصص في علم الفقه، لتعلُّمه وتعليمه، وتحصيل ما لا بد منه لإقامة الدين؛ وذلك عملاً بقول الله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} [التوبة:122].
3- ويكون تعلُّم الفقه نافلة ومستحبًا على مَن أراد التبحُّر في دقائق علم الفقه فيما فوق القدْر الذي يحصل به فرض الكفاية.