مر علي موقف انساني لن انساه ....!
لقطة لم استطع ان انتزعها من أحشاء مخيلتي وتلافيف الذاكرة ،
زرتُ قريب لي ، لم اجد في حياتي اصلب منه عود واقوى في المواقف الحرجة ، ..أصابه مرض عضال ، من مبادئه في الغالب انه حين يزور لا يعود وحده ، وكأنه يمهل من يزوره لفترة قبل ان يغادران معا ....!
...كنا في المجلس نزوره ذات مرة ،وكان المجلس شبه ممتلئ ، و بجانبه طفل عمره في حيز البراءة ..يحمل دمية لدب ابيض ويصر ان يقاطع والده كل مرة لكي يربط ذلك الدب بخيط اسود .، . .وكان والده يعض على كل شيء الألم والفراق والعاطفة ...!
يتركنا أبيه ويربط له الدمية ، ويعود بعد ان يغيب لدقائق وقد حل الرباط عن الدمية ليطلب ان يعيد أبيه ربط الدمية مجددا ، ويتركنا ابيه ويعيد ربط تلك الدمية ، واخذ يصرخ في وجه أبيه بان يربط الدمية من رقبتها وليس من رجلها ، وأبيه يسيل البشر والتبسم من محياه ، وكأنه يودعه !
اخذ يحل الحبل من جديد ، وكله سعادة وكأنهما لوحدهما ويربطه حيث طلب صغيره ..وبعد تلك المشاهد ..التي لا يريد الزمن ان يمحوها.. ..توفى الأب رحمة الله عليه ..بعد تلك الصورة المغروزة بأبعادها العاطفية ..بثلاثة أسابيع ....!
وحين زرنا المجلس عينه لتأدية واجب العزاء ، دخل الطفل ولكنه لم يأتِ بالدمية معه .....فأخذت اقبله وكأني عوض عن تعزيته بالكلام اعزيه بالقبل ..!
وسألته أين الدمية يــ .... ؟ فلم يجب ...وقال لي بصوت هامس ..بابا ويشر الى رجل في اخر المجلس ..!!