مقدمة:
قبة الصخرة التي هي موضوع هذه القصدة مبنى متقن غريب الشكل عجيب، يبلغ قطرها اثنى
عشر متراً، وكذلك ارتفاعها، وهي قائمة وسط المسجد.يقول عنها ابن بطوطة: (يحار بصر
متأملها في محاسنها، ويقصر الواقف عن تمثيلها).
وقبة الصخرة ومسجدها تقع في مدينة القدس، والقدس من أكبر مدن فلسطين، كانت قد وقعت
في أسر الصهيونية عام ١٩٦٧ م.
القصيدة:
يا قبة الصخرهْ
يا لُغْم، يا إعصار، يا سجينة خطْرهْ
على الذي يسجنها؛ غداً يصير سجنها قبرهْ
يا قبة الصخرهْ
حاشاكِ أن ترضَيْ هوانَ الأمة الحرهْ
سيهبط النصر على مرتّلِي القرآنْ
على المُصلِّين؛ وفي صوامع الرهبانْ
على الفدائيين في أودية النيرانْ
غداً، غداً، ينفجر البركانْ
ويبدأ الطوفانْ
ينتفض الشهيد في الأكفانْ
ويكسر القضبانْ
يقاتل الآسر والسّجانْ
ينتصر الإنسانْ
يرتفع الأذانْ
حراً عبيريّ الصدى من قبة الصخرهْ
يرطّب المهامة القَفْرهْ
ويعلن الصلاة والجهاد، والثورهْ
في القدس، في الجولان، في سيناءْ
في المدن العذراءْ
في الريف، في سجون إسرائيل، في الصحراءْ
في الأرض، في السماءْ
سيستحيل الماء، والتراب، والهواءْ
مَدافعاً فاغرةً، وثورةً حمراءْ
تزلزل العصابة السوداءْ
فيسقط الطغيانْ
ويُزهق الباطل والبهتانْ
ويمكرون مكرهم، ويمكر الرحمنْ.
التعريف بالشاعرة:
١٩٢٣ م ونشأت في بيت علمٍ – ٨ – ولدت الشاعرة نازك الملائكة في بغداد، العراق، في ٢٣
وأدب ، في رعاية أمها الشاعرة سلمى عبد الرزاق أم نزار الملائكة وأبيها الأديب الباحث
صادق الملائكة، فتربَّت على الدعة وهُيئتْ لها أسباب الثقافة.وقد قضت أعوام صباها مع
أسرتها.
وقد فرت الشاعرة من العراق في أواخر الخمسينات خوفاً من تفشي العنف الثوري في تلك
المرحلة.
لنازك الملائكة قصائد مشهورة، وأعمال نقدية معروفة، وقصص، وبعض نصوص السيرة
الذاتية.
مناسبة القصيدة:
تلقت الشاعرة، ذات يوم بطاقة تهنئة بعيد الفطر، عليها صورة لمسجد قبة الصخرة، فحركت
هذه البطاقة أشجان الشاعرة، وأثارت مشاعرها، ونكأت جراحها، فأنشأت قصيدة طويلة تناجي
فيها قبة الصخرة، وسنعرض لجزء منها:
اللغويات:
الإعصار: الريح الشديد.
حاشاك: معاذ الله.
الطوفان: الموت الجارف.
يرطب: يجعلها حضراء.
المهامة: مفرده(مَهْمَة) المفازة البعيدة.
يستحيل: يتغير.
المدافع الفاغرة: التي أصابتها نافذة.
الطغيان: مجاوزة الحد.
يزهق: يضمحل ومحي.
البهتان: من بهته: قال عليه ما لم يفعل.
مضمون القصيدة:
تنادي الشاعرة قبة الصخرة العزيزة الغالية، قائلة: لقد وقعت في الأسر وسجنك المعتدون.
وأقاموا حولك الأسوار، ولأنك قوية قادرة لاتستسلمين للظلم، فأنت لغم قد ينفجر في أية لحظة.
قبة الصخرة العزيزة لن تستسلم لعدوها، ولن ترضخ للظلم ، وتستكين للهوان، معاذ الله ياقبة
الصخرة أن ترضى للأمة العربية الذل تلك الأمة التي أمنت بأن النصر حليفها، صوتها يهتف
باسم الله، مرتلاً للقرآن، الذي يملأ نفوسها نوراً وحياة.
عوامل النصر في هذه الأمة موجودة متكاملة، وعمَّا قريب سوف تنفجر الثورة العارمة كما
ينفجر البركان، يحرق ويبيد، يقتحم
طوفان الثورة السدود والحدود.
ساعة انتصار الإنسان يرتفع نداء الحق حراً طليقاً من قبة الصخرة ، يشق أجواء الفضاء،
يكسر جدار الوهم، تعم الثورة العارمة الأرض العربية كلها ، حتى سجون اسرائيل ويصيب
الرعب قلوب الأعداء.
وسيسقط الطغيان ، لقد مكر هؤلاء اليهود، مكرهم السيئ ولايحيق المكر السيئ إلا
بأهله.(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
البلاغة والأساليب :
تكرار النداء (ياقبة الصخرة)فيه من المعاني: التلذذ بترديد هذا الاسم، والتأكيد لقرب قبة
الصخرة من نفس الشاعرة، وفيه تمهيد لما يأتي بعده من قول.
(سيهبط النصر): الفعل المضارع بزيادة السين في أوله يدل على المستقبل القريب.ِ
(يتفجر البركان): استعارة تصريحية حيث شبه تفجر الثورة العربية العارمة بتفجر البركان.
( العصابة السوداء): كناية عن الصهيونية الحاقدة.
الإعراب:
(حاشاك أن ترضى هوان الأمة الحرة): حاشا: فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه.(أن):
حرف مصدري ونصب.(ترضى):فعل مضارع منصوب بفتحة مقدرة على الألف.(هوان): مفعول
به منصوب ل (ترضى) وهو مضاف و(الأمة): مضاف إليه. و(الحرة): صفة للأمة مجرورة
بالكسرة الظاهرة.
(ويمكرون مكرهم):يمكرون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، واو الجماعة ضمير مبني على
السكون في محل رفع فاعل.
مكرهم: مكر: مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة، وهو مضاف، والضمير(هم): مضاف
إليه مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
الصرف:
إعصار: على وزن إفعال.
النيران: على وزن الفعلان.
الطوفان- البهتان: على وزن الفعلان.