رد: مجلس استذكار مقرر الشعر العربي الحديث
المحاضرة الرابعة
مدارس الشعر في العصر الحديث
( مدرسة الديوان)
عناصر المحاضرة:
- سبب تسمية مدرسة الديوان بهذا الاسم.
- أعلام مدرسة الديوان(أعلام المدرسة-دعوتهم في تحديث الشعر العربي- أهم معالم الحداثة التي
دعوا إليها).
- خصائص شعر مدرسة الديوان).
- عباس محمود العقاد: (حياته - رأيه في الشعر- خصائص شعره).
سبب تسمية مدرسة الديوان بهذا الاسم:
سميت مدرسة الديوان بهذا الاسم لأن أعلامها قد عبَّروا عن اتجاههم في كتاب سمي
ب“الديوان”.
أعلام مدرسة الديوان:
يطلق الدارسون اصطلاح الديوانيين على الشعراء النقاد الثلاثة: عبد الرحمن شكري وعباس
محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني، وهؤلاء الثلاثة هم الذين تركوا بصمات عميقة في
تطوير عدد من عناصر الشعر العربي الحديث، وجاءوا بخيوط كثيرة من الحداثة تنظيراً وتطبيقاً.
فأعلام مدرسة الديوان هم:عبد الرحمن شكري، وإبراهيم عبد القادر المازني، وعباس محمود
العقاد
دعوتهم في تحديث الشعر العربي:
قد بنو دعوتهم على أنقاض الاتجاه الكلاسيكي عند شوقي وحافظ، فاتجه شكري في شعره إلى
التأمل الوجداني والاستنباط الذاتي.
وغلب على المازني الروح الرومانسية المتشائمة المتبرمة بالناس والحياة.
ونظم العقاد في الشعر الفلسفي والوجداني، وقد عبَّروا عن اتجاههم في الديوان
أهم معالم الحداثة التي دعوا إليها :
أولاً : تطوير مفهوم الشعر:
كان الشعر في مفهوم المحافظين صناعة متقنة، تقوم على مجموعة من القواعد والقوانين،
يحذقها أصحاب التراث الموضوعيون من نقاد ولغويين وبلاغيين، والشاعر هو القائل الفصيح
أولاً. وقد رفض الديوانيون هذا المفهوم وقدموا مفهوماً جديداً، يكون الشعر فيه إبداعًا يعبر عن
ذات الشاعر، ويصور عالمه الداخلي بكافة مناحيه، وطاقاته النفسية وملكاته الإنسانية، ويصدر
عن الشعور، ويضطرب بالعاطفة
يقول عبد الرحمن شكري عن الشعر: ((هو كلمات العواطف والخيال والذوق السليم، فأصوله
ثلاثة، فمن كان ضئيل الخيال أتى شعره قليل الشأن، ومن كان ضعيف العواطف أتى شعره ميتاً لا
حياة فيه؛ فإن حياة الشعر في الإبانة عن حركات تلك العواطف، وقوته مستخرجة من قوتها،
وجلاله من جلالها، ومن كان سقيم الذوق أتى شعره كالجنين ناقص الخلقة)).
راقت لي مقولته .gif)
وهناك تعريفات مشابهة لتعريف عبد الرحمن شكري أوردها العقاد والمازني في ثنايا نقدهم، تؤكد
التفاف الأعلام الثلاثة حوله المفهوم ذاته.
ثانياً: تطوير مضمون الشعر:
اهتم الشعراء المحافظون بالقضايا العامة أكثر من اهتمامهم بالوجدان الفردي، فلما جاء
الديوانيون عملوا- بتأثير قوي من الرومانسية الإنكليزية التي تأثروا بها- على توجيه الشعر نحو
الذات، وطلبوا من الشاعر أن يهتم باستبطان وجدانه قبل كل شيء، وأن يعبر عن إحساساته
بحرية تامة.
على الرغم من أن العقاد لم يمانع في أن يطرق الشاعر موضوعات الحياة اليومية في البيت أو
الطريق أو الدكان، فإنه اهتم اهتماماً عظيماً بالعالم الداخلي للشاعر، وجعل التعبير الصادق عن
هذا العالم الخاص مقياس الجودة المثلى للشعر.
قرر المازني أن الشعر مرآة لنفس الشاعر، فيه روحه وإحساسه وخواطره ومظاهر نفسه، سواء
أكانت جليلة أم دقيقة، شريفة أم وضيعة.
وذهب عبد الرحمن شكري المذهب نفسه، فجعل الشعر لغة العاطفة ومحركها، وهكذا وجّه
الديوانيون الشعر وجهة وجدانية، تهتم بالعاطفة قبل كل شيء وكان توجيههم هذا جديدًا على
الشعر العربي ونقده.
ثالثاً: تطوير في الشكل:
أ- الدعوة إلى وحدة عضوية للقصيدة :
بحيث تصبح- كما يقول العقاد- عملاً فنياً تاماً يكمل فيه تصور خاطر أو خواطر متجانسة، بحيث
إذا اختلف الوضع أو تخيرت النسبة أخلّ ذلك بوحدة الصنعة وأفسدها، فالقصيدة الشعرية كالجسم
الحي يقوم كل قسم منها مقام جهاز من أجهزته، ولا يغني عنه غيره في موضعه.
غير أن النقاد أخذوا على العقاد أنه لم يجاوز- في دعوته للوحدة العضوية- وحدة الموضوع، وأنه
لم يحقق في شعره أكثر من ذلك.
ب- الدعوة إلى تطوير الصورة الشعرية:
استفاد الديوانيون من التطوير الكبير الذي أحدثه الرومانسيون الغربيون، في مفهوم الصورة
الشعرية واستعمالاتها؛ فاهتموا بها اهتمامًا كبيرًا، وعدوها عنصرًا أصيلاً في البناء الشعري،
تنقل الأحاسيس وتهتم باللباب والجوهر... في العلاقة بين الأشياء، لا بالتشابه الخارجي،
وهاجموا الصورة التقليدية التي يعتمد عليها الشعراء المحافظون واتهموها بالافتعال والمبالغة،
والنمطية والتصميم، والحسية الحرفية الشكلية
ج - الدعوة إلى التحرر من القافية:
كان عبد الرحمن شكري من أوائل الشعراء الذين حاولوا التخلص من القافية الموحدة، وقد كتب
عدة قصائد لم يراع فيها وحدة الروي، كما أن العقاد تبنى الدعوة لترك القافية، وعدها إحدى
معوقات الشعر العربي عن التطور؛ قال:” ليس بين الشعر العربي وبين التفرد والنماء إلا هذا
الحائل، فإذا اتسعت القوافي لشتى المعاني والمقاصد، وانفرج مجال القول، بزغت المواهب
الشعرية على اختلافها، ورأينا بيننا شعراء الرواية، وشعراء الوصف، وشعراء التمثيل، ولا تطول
نقرة الأذن من هذه القوافي، ولاسيما في الشعر الذي يناجي الروح والخيال أكثر مما يخاطب
الحس والآذان”.
لكن العقاد تراجع عن رأيه هذا بعد ثلاثين سنة، وقرر أن انتظام القافية متعة موسيقية تخف لها
الآذان، وانقطاع القافية بين بيت وبيت شذوذ يحيد بالسمع عن طريقه الذي اطرد عليه. ودعا إلى
حلٍّ وسط يسمح بتنويع القافية في القصيدة دون أن يلغيها.
لم ينكر الديوانيون تأثرهم بالرومانسيين الغربيين شعراء ونقادًا- بل أعلنوا على الأشهاد، أنهم
تأثروا بهم واستفادوا منهم، وأخذوا أفضل ما عندهم، دون أن يحصروا أنفسهم في آثارهم. وقد
صرح العقاد عن تأثره وزميليه بالشعر الإنجليزي وغيره، ولكنه دفع بقوة شبهة التقليد، وقرر
أنهم كانوا في موقع الاختيار لا التبعية.
خصائص شعر مدرسة الديوان:
١- أن يكون الشعر إنساناً يتسع للمعاني الإنسانية وأسرار الطبيعة وخفاياها ولا ينبغي اقتصاره
على الناحية النفسية.
٢- التعمق في تناول المعنى والاستقصاء في عرض الفكرة حتى يصل الشاعر إلى أعماق الحقيقة
وجواهر الأشياء.
٣- البعد عن الصنعة وتجنب الزيف، ليكون الشعر مفعماً بالمشاعر القوية، والأحاسيس الذاتية.
٤- الدعوة إلى الشعر المرسل، وتعدد القافية في القصيدة الواحدة على غير النظام العمودي في
القصيدة التي تتوحد فيها القافية.
٥- الوحدة العضوية فالقصيدة عندهم بنية حية، ذات أجزاء متلاحمة قوية، يحكمها نظام موحد
ونسق مترابط، بحيث لو تقدم معنى أو تأخر أو حذف لاختلت القصيدة، من أساسها، أصابها
التشويه والاختلاف فهي مثل الشخص في كماله وتمام أعضائه، واتساقه.
٦- الصدق الفني في التجربة الشعورية، فلابد أن تكون القصيدة دقيقة في نقل ما في نفس
الشاعر من معاني تتصل بالفكرة، التي انفعل بها الشاعر وتأثر بها مما دفعه إلى نظمها.
عباس محمود العقاد:
حياته:
ولد العقاد بمدينة أسوان بمصرفي ٢٨ من يونيو ١٨٨٩ م وتوفي في ١٢ مارس ١٩٦٤ م، وهو
أحد المفكرين العرب في تاريخنا الفكري القديم والحديث معاً وإمام في الفكر والنقد والأدب، وكاتب
عنيد عصامي ، وشاعر قوي عميق الفكرة أسهم في شتى المجالات الفكرية والوطنية وكان له أثر
كبير في الجيل المعاصر.
رأيه في الشعر:
يرى أن الشعر هو التعبير عن النفس وترجمانها الصادق، والصورة الأمنية التي تنقل ما في
النفس من خواطر ومشاعر للكشف عن لب الحقيقة وصميم الجوهر.
خصائص شعره:
قد استطاع العقاد أن يطبق الأسس التي نادى بها في إصلاح الشعر ورقي الأدب غالباً، فنظم
شعره عليها ، فتجلت في قصائده:
الوحدة العضوية والعمق في الفكر، وخصب الخيال، وإرهاف حسه ودقة مشاعره، ونفاذ بصيرته،
وسعة اطلاعه وفلسفته وتحليله، وامتداد أفقه وشمول أدبه.
|